جلاء الأبصار في مناقشة رأي الدكتور الطيار ( في التفسير الموضوعي )

إنضم
01/03/2006
المشاركات
144
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=right]مقدمة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

جرت العادة في الناس أن يختلفوا ، فلكل منهم مشربه ، ولكل منه نمط تفكير يختلف عن الآخر ، فإن كان الإختلاف ذلك لأجل الحق فأنعم به من إختلاف، لأنه لا يؤدي إلى خلاف ، والحكمة ضالة المؤمن ، والحوار العقلي مفيد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

ولقد كانت العلوم الحديثة أكثر تعرضاً للاختلاف من القديمة ، ومن هذه العلوم الحديثة مصطلحاً القديمة عملاً "علم التفسير الموضوعي" .

ولقد درسنا على يد شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به هذه المادة ضمن مقرر كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية ، وعدنا معه حفظه الله ليدرسها إيانا في قسم الدراسات العليا بشكل أوسع وأشمل.

وبينما كان زميلي في الدراسة الأخ نايف قرموط يبحث في هذه المادة إذ وجد رأياً للدكتور مساعد الطيار حفظه الله ونفع به يناقش فيه التفسير الموضوعي من جهة التسمية والأغراض وغيرها ، في موضوعه التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى .

وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي

ولا أزعم أنني أعلم من الدكتور مساعد الطيار، فلقد تبين لي أنه متمكن في ميدان علوم القرآن بشكل خاص، وذلك رأيي فيه مما طالعت له من رسائل وكتب ، ولكننا تلامذة الشيخ عبد الكريم الدهشان قد أجمعنا رأياً يخالف رأيه،ولذلك عزمت أن أناقش الرأي لا الشخص وهذا ما تعودت عليه دوما وكان هذا البحث ولكل مجتهد نصيب .
فعزمت النية وتوكلت على الله جل جلاله ، وأسأله تعالى أن يوفقني لخير القول والعمل، وأن يغفر لي الزلل،إنه ولي ذلك وهو خير من سُئل .[/align]
[align=center]وما توفيقي إلا بالله[/align]

[align=left]الباحث
عدنان أحمد البحيصي
الطالب في قسم الدراسات العليا
قسم التفسير وعلوم القرآن[/align]
 
نشأة التفسير الموضوعي

نشأة التفسير الموضوعي

[align=center]
نشأة التفسير الموضوعي[/align]

[align=right]في البداية ينبغي لي قبل البدء في الرد على رأي الأخ الدكتور مساعد الطيار ومناقشته أن أدلل أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.
نعم لم يظهر مصطلح " التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري إلا أن لبنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله (1)
وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه، ولكن العلماء والباحثين المعاصرين أقبلوا عليه يدرسونه ويقصدونه ويتحدثون عن قواعده وأسسه وكيفيته.
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة 150هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة 224هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا(2)
وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الك ريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات(3)[/align]
[line]
(1) مصطفى مسلم مباحث في التفسير الموضوعي،دار القلم ص17
(2) مصطفى مسلم، مباحث في التفسير الموضوعي، دار القلم، دمشق، ص20.
(3) المرجع السابق، ص22.
 
المناقشة

المناقشة

[align=center]المناقشة[/align]

[align=right]قلت أخي الدكتور مساعد الطيار "فلقد كثر القول من بعض المعاصرين في التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القديم، ورأوا أن عصر التفسير التحليلي_كما يسمونه_ قد أنتهى، وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حل المشكلات والإجابة عن المعضلات وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر وهذا ضرب من القول لا براهن له ، بل هذا اللون من عرض الآيات والاستنباط منها مما يستفاد منه في المحاضرات والكلمات والتفسير على الأسلوب المعهود باق ولا يمكن إزالته والبعد عنه.
ولا أدري لماذا يذهب من يصل إلى فكرة جديدة إلى نقد السابق أو نقضه لكي يُثبِت حُسْنَ ما عنده ؟ !
لماذا لا يكون المجدِّدُ في مثل هذه العلوم بانيًا لا هادمًا ، ويكون ذاكرًا لما فعله سلفه ، مستوعبًا لما قدَّموه مستفيدًا مما طرحوه ، ولا يكون ممن يرى إمكانية ترك السابق والإتيان بما لا يمتُّ لهم بصلةٍ ؟"

أقول : بل إنه لا يمكن الإستغناء عن التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القدم عوضاً عن إزالته والبعد عنه، فلا يفهم أبداً من أنصار طريقة التفسير الموضوعي أنهم يسعون إلى إنكار الآخر، بل إنهم يؤكدون على أهمية التفسير التحليلي والاغتراف منه قبل شروع أي باحث أو مفسر في الكتابة بطريقة التفسير الموضوعي، كما أكد لنا شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله في أكثر من مرة وقبل أن يصل رأيك إلينا ، فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ألست معي في أن مجال العلم بالتفسير يسع المدارس الكثيرة المتعددة ؟ فلم لا يسع هذا المجال الطريقة الموضوعية في التفسير؟؟"
وانظر أخي حفظك الله إلى العلاقة بين التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير يتضح لك جلياً أن العلاقة علاقة تكامل لا علاقة تصادم.
(فإن التفسير مطلقاً_بصرف النظر عن مناهجه الأربعة_ غايته وهدفه واحد وهو البحث في كلام الله عز وجل والتنقيب عن معاني الوحي القرآني وبالتالي لا يمكن عملياً الفصل الحرفي والدقيق بين مناهج المفسرين أثناء عمليات الكشف عن مراد الله تعالى، فالإختلاف لا يصل إلى حد التباين والإنفصال والتضاد بل هو إختلاف تنوع وتعاضد)(1)
وحتى تتضح الصورة لديك أكثر أسمح لي أن استعرض لك ما يستفيده التفسير الموضوعي من باقي أنواع التفاسير:
(فمثلاً:يستفيد من المنهج التحليلي بأن خلاصة المعاني التحليلية تشكل مادة علمية تستعمل لتصوير معنى كلي وموضوعي
والتفسير الأجمالي هو قريب الصلة بالموضوعي من حيث أن التفسير الإجمالي بتعامل مع الأهداف والمفاهيم القرآنية الكلية، وهذت هو العمل التفسيري يملأ جزءاً لا بأس به في عمل التفسير الموضوعي وذلك في مرحلة الصياغة لمعاني النص القرآني من عناصر الموضوع الكلية.
والتفسير المقارن يغذي الباحث في التفسير الموضوعي ويعطيه لفتات هامة قيمة، سواء كانت لفتات منهجية أو علمية في مجال اللغة أو البلاغة أو موضوعات قرآنية آخرى ويستطيع الباحث من خلال هذه المقارنة أن يستفيد أقرب المعاني وأصحها لخدمة التفسير الموضوعي(2)
فلا أرى أن أنصار التفسير الموضوعي يحاولون أن ينقضوا القديم أبداً بل إنهم يفيدون منه جداً.[/align]
[line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي د.عبد الكريم الدهشان و د.عبد السلام اللوح ص 8 الطبعة الأولى 2003م
(2) نفس المرجع السابق ص 8_9
 
[align=right]قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:" لماذا يعرض بعض الباحثين فكرته التي وصل إليها بالتضخيم ، والتعميم ، وبدعوى أن سلوكها هو الذي ينفع الأمة الآن ، وهو المنقذ لها من مشكلاتها وهمومها .
إن هذه النظرة التي قد تصدر من بعض الباحثين من غير قصد يجب التنبيه عليها ، وتصحيحها ، كما يجب أن يُعلم أن تصحيحها والاستدراك عليها لا يعني التشنيع على أصحابها وإخراجهم من دائرة البحث العلمي ، لكن الأمر يرجع إلى نقطتين :
الأول : انفعالات لا يمكن أن ينفكَّ عنها الناقد حينما يرى مثل هذه الأخطاء التي صارت تسري ، ولا يرى من يقاومها ، وهذه الانفعالات ردَّةُ فعلٍ على ما يقع من تلك الأخطاء ، وكل ذلك راجع إلى الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الإنسان .
الثاني : أنَّ هذه الدعاوى كبيرة ، وهي تُلزِم غيرها ـ فضلاً عن نفس طارحها ـ ما لا يلزم ، بل قد تقام من أجل ذلك الندوات والمحاضرات ، وتكتب الكتب والمقالات ، وهي لا تستحقُّ هذا الزخم الهائل ، ولو وُضِعت في مقامها لكان أولى .
ومن العجيب أنَّ بعض الأفكار المهمة ، لا تلقى مثل هذا الاهتمام ، وذلك من سرِّ من قدر الله الذي يقف المسلم بالتسليم .
إن التوازن والاعتدال في الطرح ، وفي وضع الموضوعات في مواضعها مما يحسن أن نتناصح فيه ، وأن لا يبخل بعضنا على بعض في ذلك ؛ لأن من طبيعة البشر أنها إذا اتجهت إلى موضوع لا ترى غيره ، وقد يراه غيرك ، ويكون أولى مما أنت فيه ، وهكذا .
التفسير الموضوعي نموذجًا
رأيت بعض الباحثين يرى أن دراسة القرآن على أسلوب التفسير الموضوعي ضرورة لازمة ، ويقول ـ بعد ذكره لطريقة المفسرين السابقين ـ : ( ولما كان ذلك كذلك كان السعي إلى منهج أشمل مطلوبًا ، وأبلغ حجة ، وأبين طريقًا ؛ منهج يقضي بالتوقف عن عملية التجزئة في تفسير آيات هذا الكتاب ، والاتجاه به اتجاهًا موضوعيًا ضرورة لازمة ) .
وقال في موطن آخر : ( ... غاية الأمر أنني أدعو إلى التوقف عن التعامل التجزيئي مع القرآن الكريم ، والاتجاه إلى تفسير القرآن تفسيرًا موضوعيًا .
إنني أهدف إلى بيان أن التفسير الموضوعي للقرآن هو الأليق والأنسب والأولى بالاتباع في هذا العصر سواء في ذلك التفسير الذي يعالج وحدة الموضوع في القرآن ، أو ذلك الذي يعالج وحدة الموضوع في السورة ، وهو الأنسب للتدريس في المؤسسات والمعاهد العلمية ... )
ويقول : ( وحينما نقول : إن التفسير الموضوعي يجلي الحقائق القرآنية ، ونعلم أن هذه الحقائق هي التي تهيئ فكر المسلم وقلبه للصلاح ندرك حينئذ أهمية التفسير الموضوعي ودوره في إحداث الوثبة الحضارية ... ) .
ويقول آخر : ( ... لذا لا يمكن أن نجابه مشاكل العصر ومعطيات الحضارة إلا بأسلوب الدراسات الموضوعية للقرآن الكريم ، أو بأسلوب التفسير الموضوعي ) .
وهذه المقولات من هؤلاء الفضلاء فيها تزيُّدٌ ظاهر ، ودعوى عريضة تحتاج إلى برهان قوي ، وحجة واضحة ، ولو قيل : إن التفسير الموضوعي يمثل لبنة من لبنات معالجة شيء من القضايا والمشكلات بطريقة القرآن لكان أقرب ، لكن أن يكون هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل ، والأولى ، فذلك دونه خرط القتاد ."

أقول : فهل تجعل أخي فعل البعض حجة على الكل، ولعلك تلاحظ أخي الكريم أن ما حدث في العالم الإسلامي من خلاف كبير بسبب عدم وجود النظرة الشمولية للإسلام، فترى من الناس من يأخذ المتشابه ليؤيد مذهبه المخالف، وهذا الذي يدفع البعض إلى [/align]
 
[align=right]المناداة بالتفسير الموضوعي الشامل لآيات القرآن الكريم،وأنت تعلم أخي الكريم أن القرآن يُعمل به جملة لا أجزاءاً ، وفي اعتقادنا أنه لو عمل به على الوجه الصحيح لأنصلح حال الأمة كلها ، وفي رأيي أن القرآن كما هو كتاب هداية هو كتاب إصلاح.
ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم، حتى لا ندع للمشككين ودعاة البدع الإنتصار لبدعهم بأدلة جزئية مقتطعة من الأدلة الكلية،وإنما بجب أن ترد آيات الله لبعضها البعض حتى يفهم مراده الله منها.
ولعلك تقول : ما دليلك ؟ فأجيبك :دليلي في ذلك فعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "عندما نزل قوله تعالى :{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم }(1) فشق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه ؟ فقال إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : { إن الشرك لظلم عظيم}(2) إنما هو الشرك(3) "
ونستفيد من هذا الحديث الصحيح فوائد منها :
1. أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من استخدم التفسير الموضوعي حيث رد ما أشكل على الناس فهمه إلى ما ليس فيه إشكال، ففسر القرآن بالقرآن بنظرة شمولية لمعنى الظلم في القرآن، وهذا لون من ألوان التفسير الموضوعي.
2. أن التفسير الموضوعي أصيل في ديننا وليس مبتدع ولا محدثـ،وأنه من ناحية العمل به من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما اعتراضك أخي الكريم على كتابة الكتابات وعقد الندوات و إلقاء المحاضرات في موضوع التفسير الموضوعي فأرى أنه اعتراض في غير محله، وزعمك أن هنالك مواضيعاً أهم من ذلك ، فمن رأيي أنه لا أهم من كلام الله ، ولا أهم من بيان مراد الله من كلامه، والتفسير الموضوعي وغيره من أنواع التفاسير يبحث في كلام الله جل جلاله.

قلت أخي الدكتور مساعد الطيار: " ملحوظات على التفسير الموضوعي
أولاً : إن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات ، وليس من التفسير الذي هو بيان معني القرآن .
وبتأمُّلِ هذه الإضافة يظهر أن أمامك تفسير جديد ، أي بيان معانٍ جديدة للقرآن من طريق موضوعاته .
لكن حينما تكشف عن ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي ستجدُ أنها ترجِع إلى فوائد واستنباطات ، وليس فيها بيان معني جديدة لآيات القرآن ، وعلى هذا فنسبتها للتفسير غير دقيقة . بل الصحيح أنها ( موضوعات قرآنية ) ، وهذا العنوان أدق من تسمية هذا اللون بالتفسير الموضوعي .
وما ذكرته لك هنا أرجو أن لا تتعجَّل بردِّه قبل أن تحدِّدَ معنى التفسير ، وأن تطَّلِع على الإضافة التي أضافها من كتب في موضوع من الموضوعات باسم التفسير الموضوعي ، ولك أن تتأمل إضافته ، هل هي من باب التفسير ، أو من باب الفوائد والاستنباطات ؟
وحقيقة التفسير الموضوعي كما يأتي :
1 ـ جمع متفرق من الآيات التي تتحدث عن موضوعٍ أو لفظة أو جملة [ يخرج عن هذا دراسة موضوع من خلال سورة ]
2 ـ دراسة هذا المجموع بعد تبويبه
3 ـ استنتاج الفوائد ، واستخلاص الهدايات والعِبَر من هذا المجموع . [/align]
[line]
(1) سورة الأنعام 82
(2) سورة لقمان13
(3) صحيح البخاري، كتاب التفسير6/20، وصحيح مسلم كتاب الإيمان 1/80
 
[align=right]ثانيًا : إن التفسير الموضوعي ( بأنواعه الثلاثة ) يُدرس من خلال القرآن ، فهو بحث قرآني بحت ، ولكن الملاحظ في دراسة الموضوع من خلال القرآن أن كثيرًا من الموضوعات لا يمكن بحثها من خلال القرآن فقط ؛ لأنَّ صورة الموضوع لا تتمُّ بالنظر إلى القرآن فقط ، بل لابدَّ من إضافة السنة وآثار السلف لبيان هذا الموضوع"

أقول : أما قولك أخي الكريم أن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات وليس من التفسير الذي هو بيان كلام الله ففيه تجن واضح على التفسير الموضوعي، ودعني أسألك أيها الكريم، هل ما يستنبطه المفسر بالمنهج الموضوعي إلا بما يفهمه من مراد الله تعالى؟ فإنه إن استنبط من غير فهم لكلام الله تعالى كان بذلك قد قال الله بغير علم ، وها نحن نرى التفسير الفقهي ، أليس هو استنباط للأحكام من آيات الله تعالى ؟ أفلا يُعد تفسيراً ؟
إن التفسير الموضوعي أيها الكريم لا يبتعد أبداً عن بيان مراد الله تعالى من كلامه، وإنما هو يغوص في تلك المعاني والكلمات بصورة إجمالية، ليستخلص منها نظرة كلية وموضوعية ، إذن هو فهم عام لمعاني كلام الله تعالى وليس مجرد فوائد فقط.
والناظر لأي من كتب التفسير الموضوعي يظهر ذلك القول له جلياً واضحاً،ويتبين له أن التفسير الموضوعي هو نوع رابع وأصيل من أنواع التفسير.
ومن قال لك أخي الحبيب أن أي تفسير موضوعي يستغني عن السنة وأثار السلف؟
نعم هو يبحث في القرآن بشكل أساسي، لكنه لا يستغني ولا يمنع الإستفادة من السنة وأثار السلف.
ثم إن الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى وحيين هما "الكتاب والسنة " ، ولا مانع من وجهة نظري أن يدعم المفسر قوله في كشف معاني كلام الله من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت أخي الدكتور مساعد الطيار :" وعند تأمُّلِ بعض الموضوعات تجد أنها على ثلاثة أقسام :
الأول : قسم يمكن بحثه من خلال القرآن ؛ لغزارة مادته ، كإهلاك الأمم الكافرة من خلال القرآن .
الثاني : قسم لا يمكن بحثه من خلال القرآن لقلة مادته في القرآن ؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الأسر وأحكامه ، إذ الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعن الأسير في القرآن قليل ، وهو في السنة أكثر .
الثالث : قسم تكثر مادته في القرآن وفي السنة ، ويكون في تخصيص دراسته في القرآن فقط قصور في تصوُّرِ الموضوع بشمولية ، كموضوع العلم ، وموضوع الجهاد ، وغيرها كثير .
وقد يقول قائل : إن الغرض من دراسة الموضوع من خلال القرآن طرح طريقة القرآن فقط ؟
فالجواب : ثُمَّ ماذا ، أليس الباحث سيبني أحكامًا وفوائد ؟
فإذا كان كذلك فلابدَّ أن يحتاج إلى مصادر أخرى في بحثه ، ومن أهمها السنة النبوية ، وإلا كان بحثًا ناقصًا بلا ريب ."

أقول : أما عن الأقسام التي ذكرت، فنحن لا نزعم أصلاً أن كل الموضوعات يمكن دراستها من القرآن الكريم، بل و أنا اتفق معك أن بعض الموضوعات إذا تم دراستها من القرآن الكريم وحده كانت الدراسة قاصرة، وحينها أنا أؤيد أن تدعم الدراسة بالسنة، وإن كان ذلك الموضوع مما يكثر القول فيه من السنة فما المانع أن تكون الدراسة فيه دراسة حديثية؟
وإن كان مما يكثر القول فيه من السنة والكتاب فلما لا يكون دراسة مشتركة حديثية وقرآنية؟[/align]
 
[align=right]ولقد فعل ذلك شيخي الدكتور عبد الكريم الدهشان في كتابه "حقوق الإنسان في القرآن والسنة"، ولا شك أخي الكريم أن في الأمر سعة ويسر، فلا نمنع الإفادة من السنة لمن يفسر تفسيراً موضوعياً بحجة أن ذلك مخالف لأساسيات التفسير الموضوعي.
ولقد بين ذلك الأساتذة الكرام ذلك بقولهم ( التقيد التام بصحيح المأثور في التفسير: عند عودة الباحث إلى الأحاديث وكلام الصحابة والتابعين بإعتباره شارحاً ومفسراً للقرآن )(1)


قلت أخي الدكتور مساعد الطيار " ثالثًا : منْزلة السنة وأقوال السلف في التفسير الموضوعي :
لقد أثَّر عنوان هذا اللون ، وهو التفسير الموضوعي على التعامل مع أهم مصدرين من مصادر التفسير ، وإذا تأملت ما سطَّره منظرو التفسير الموضوعي ، وجدتهم لا يمكن أن ينفكوا عن السنة أو آثار السلف ، لكن ما مقامهما ، وكيف بتعاملون معهما ؟
أما السنة ، فقد جعلوها شارحة للقرآن ، ولا يصحُّ أن يُنشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة .
وهذا التقييد من جهة الافتراض صحيح ، لكنه سيُفقِد البحث في الموضوعات كثيرًا من الأمور المهمة بسبب الاقتصار على القرآن وحده ، ولو رحتُ أضرب لك الأمثلة في ذلك لغدت كثيرةً لا حصر لها ، ولأمثِّل لك بمثال واحدٍ يكون نبراسًا لغيره .
لو بحثت موضوع الصلاة ، وقلت ( الصلاة في القرآن ) فإنك لا تستطيع أن تتحدَّث عن موضوع مهمٍّ في الصلاة ، وهو زمن فرضية الصلوات الخمس ومكان ذلك الفرض ؛ لأنك لا تجدُ في القرآن ما يشير إلى ذلك البتة . ومن ثَمَّ فأنك لو جعلت من عناصر بحثك :
( مكان فرض الصلاة ) لكان خطأً عند أصحاب التفسير الموضوعي ؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى هذا الموضوع ، والعناوين لابدَّ أن تكون مستوحاة من الآيات لا من غيرها ."

أقول : إذاً أخي لأعيد ما قلت سابقاً لنجعل ما لا يمكن دراسته دراسة كاملة من القرآن الكريم مشتركاً مع السنة، ولو أنك أخي أجلت النظر جيداً لعلمت أن أصحاب التفسير الموضوعي قد يستطيعون أن يبحثوا في الصلاة بعنوان آخر غير الذي ذكرت ، مثلاً : "الصلاة ودلالاتها في القرآن الكريم" أو دوارنها في القرآن الكريم، فالقرآن لا يعجز أن يبحث في أي موضوع ولو في وجه واحد من وجوه وهذا من إعجازه، وأكرر قولي أن الأمر فيه سعة ويسر .
أما أنه لا يصح أن ينشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة ، فهذا القول ليس بإطلاقه وإنما يتعلق بنوع الموضوع وكنهه، فمثلاً في موضوع الجهاد قد أكتب بحثاُ يكون عنوانه " أحاديث الجهاد وعلاقتها بآيات الجهاد" ألا أكون بذلك قد أثرت موضوعاً قرآنياً بعنصر من السنة؟.


قلت أخي الدكتور مساعد الطيار :"ولقد ساق الاقتصار على دراسة الموضوع من خلال القرآن إلى خلل في التعبير يظهر من لوازمه أن الاعتماد على القرآن وحده يكفي في تصور موضوع من الموضوعات الإسلامية ، يقول أحدهم : ( إننا إذا أردنا أن نبني المجتمع المسلم ، فيجب أن نقيمه على الأسس والأصول القرآنية . وأكثر الشعوب قد انحرفت ـ من حيث لا تدري ـ عن هذه الأسس والأصول في أكثر مجالات الحياة . ولن تتحقق لها السعادة إلا برجوعها إلى تلك الأسس والأصول التي بات الناس في غفلة عنها [/align]
[line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي د.عبد السلام اللوح ، د.عبد الكريم الدهشان ص73
 
[align=right]بقصد أو بغير قصد .
فلغياب كثير من أسس القرآن وأصوله عن فهم الناس وسلوكهم آثرنا أن يكون البحث في التفسير الموضوعي مقتصرًا على القرآن الكريم فحسب ، فإنه الوسيلة الوحيدة التي تصحح المواقف والمفاهيم المتعلقة بالوجود ودور الإنسان فيه ، وما يتصل بذلك من حقائق ومبادئ ) انتهى .
إذا كان يستطيع أخذ هذه الأمور من القرآن مباشرة فأين دور السنة ؟
وهل يعني قوله هذا الناس قد فهموا أسس وأصول السنة ، فلم يحتاجوا إلى بين ذلك لهم ، وبقي عليهم بيان أسس وأصول القرآن فقط ؟!"
أقول : أما قول البعض أن الأمة يجب عليها أن تعلم أسس وأصول القرآن الكريم وترجع إليها فلا يعني ذلك أنها قد علمت أسس السنة ورجعت إليها ، لكن الحقيقة أن من يعود إلى القرآن يفهم منه أنه ينبغي له أن يلتزم بسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، عندما يقرأوا آيات كهذه { أطيعوا الله ورسوله } و {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} و {ما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وغيرها فإنها تلزمهم تباعاً بضرورة الرجوع إلى السنة والإقتباس من نورها .
وكلنا يعلم أن القرآن الكريم هو مصدر التشريع الأول، فلا غرابة أن تعود إليه الأمة أولاً وقبل كل شيء.

قلت أخي الدكتور مساعد الطيار: " ألا يمكن أن يرد على هذا الكلام : ما الفرق بين القرآنيين الذي لا يرون الأخذ بالسنة لاعتقادهم باكتفاء القرآن ببيان كل شيء ؟
إنني أقول بكل ثقة : إن من سلك في دراسة بعض الموضوعات الإسلامية الكبيرة أسلوب التفسير الموضوعي قد ألزم نفسه بما لا يلزم ، وادخلها في مضايق هو في غنى عنها ، فلماذا هذا التجزئة لمتلازمين لا ينفكان : الكتاب والسنة ؟!
أما أقوال السلف ( الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ) عندهم فهي كالسنة من جهة عدم إضافة عنوان بسبب قول من أقوالهم .
لكن الموضوع الذي لم يبينه أحد ممن اطلعت على كلامه في التفسير الموضوعي هو : كيف سيفهم معنى الآيات ؟ هل سيعتمد على مصادر التفسير المعروفة ، أو سيجتهد اجتهادًا خاصًّا خارج إطار هذه المصادر ؟
لقد جاء الحديث عن الإفادة من تفسير السلف عند أصحاب التفسير الموضوعي كلامًا مبهمًا مجملاً لا يدلُّ على الأسلوب الذي سيتعامل به هؤلاء مع أقوالهم التي لا يمكن لمفسِّر جاء بعدهم أن ينفك عنها البتة .
وقد جعلوا تفاسير السلف مادة للتوضيح لا يُستقى منها عناوين موضوعات في البحث ، وهذا فيه انفكاك من أمر لا ينفك البتة ، خصوصًا إذا كان البحث في دراسة ( لفظة أو جملة من خلال القرآن )."

أقول : قلت لك في السابق وأعيد أن المفسرين الموضوعيين لم يدعوا أنهم يستغنون عن السنة ،وأرد عليك قولك أنهم جزءوا بين متلازمين لا ينفكان الكتاب والسنة، لأنهم ما فعلوا ذلك حقيقة، بل إنهم يقرون بأهمية السنة في التفسير، ولا أعلم كاتباً في التفسير الموضوعي ينكر ضرورة الأخذ بتقييدات السنة وتخصيصاتها ، فإن كان للسنة شرح ومقام وتقيد وتخصيص وشروط ، فلا مانع من إيرادها ضمن ما يعرف بالتفسير الموضوعي.[/align]
 
[align=right]
قلت أخي الدكتور مساعد الطيار:"فمثلاً ، لو كنت تبحث في موضوع ( القنوت في القرآن ) ، وجعلت من عناوينك الرئيسة :
القنوت : الطاعة الدائمة
ثمَّ استدللت بقوله تعالى : (( كل له قانتون )) ، فإن السؤال الذي سيرد هنا : من أين استقيت عنوانك هذا ؟
فالجواب : إما أن يكون من دلالة اللغة ، وإما أن يكون من تفسير المفسرين ، وكلا المصدرين عندهم لا يُبنى منه عنوان .
ففي مثل هذه الحال ، هل يمكن الانفكاك من تفسير السلف ؟!
أعود فأقول : إن طريقة التفسير الموضوعي هذه فيه إلزامٌ بما لا يلزم .
وهناك مسألة أخرى في تفسير السلف لم يبيِّنها أصحاب التفسير الموضوعي ، وهي : كيف يتعامل مع اختلاف السلف في تفسير لفظة أو جملة من آية ؟
هل سيُعرضُ عن الاختلاف ويختار ما يراه متوجِّهًا مع بحثه ؟
هل سيناقش الاختلاف ، ثمَّ يرجِّح ما يظهر له ؟
وهل سيكون ترجيحه هذا موضوعيًا بحيث لا يكون للموضوع الذي اختاره تأثيرٌ على ترجيحه ؟
وإذا كان الاختلاف من باب اختلاف التنوع الذي تحتمل الآية فيه الأقوال هل سيستدلُّ بها في مواضع متعدِّدة بحسب ما قيل في معناها من أقوال صحيحة ؟
كل ذلك لم يُحرِّره أصحاب التفسير الموضوعي مع أنه لا يمكنهم أن ينفكَّوا عنه ، وإنما اكتفوا من تفسير السلف بأن لا يضع عنوانًا مأخوذًا من تفسيرهم ."

أقول : ومن قال أخي أننا دعاة إنسلاخ وإنفكاك من تفسير السلف؟ ، بل إننا نجعل عمدتنا قبل الشروع في التفسير الموضوعي زادنا من تفسير السلف ، وقد أوضحت لك هذه النقطة في بياني لعلاقة التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير.
أما اختلاف السلف فإن أصحاب التفسير الموضوعي على ما أعلم يوردون منها الأرجح دون إطالة وإسهاب لأن إيراد الإختلاف ليس مقصد التفسير الموضوعي.
وأنصحك أخي الكريم أن تقرأ كتاب الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي "التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق" ففيه بإذن الله إجابات على تساؤلاتك وكذلك كتاب الدكتور عبد السلام اللوح والدكتور عبد الكريم الدهشان "مباحث في التفسير الموضوعي" ففيه منهجية البحث في التفسير الموضوعي .
وحتى أسهل عليك الأمر حفظك الله سأعرض لك الخطوات العامة لمنهجية البحث في التفسير الموضوعي لسورة واحدة وهي:
الخطوات المرحلية المتدرجة التي يراها للسير في التفسير الموضوعي لسورة واحدة(1):
1- ذكر اسم السورة التوقيفي، وإذا كان لها أكثر من اسم توقيفي يذكرها، ويبين حكمة تسميتها بذلك الاسم، ويلاحظ الصلة بين اسمها التوقيفي وبين موضوعها العام.[/align]
[line]
(1) د. عبد السلام اللوح وآخرون، مباحث في التفسير الموضوعي، مكتبة الجامعة الإسلامية، غزة، ص55-56-57
 
[align=right]2- معرفة اسم السورة الاجتهادي سواء أطلقه عليها علماء سابقون، أو تمكن هو من إدراكه والربط بين اسمها الاجتهادي وبين موضوعها.
3- تحديد زمان ومكان نزول السورة، وهل هي مكية أم مدنية؟.
4- بيان جو نزول السورة، وهل نزلت في المرحلة المتقدمة أو المرحلة المتوسطة أو المتأخرة من مرحلة الدعوة الإسلامية في عهدها المكي أو المدني؟.
5- تحديد أهداف السورة الأساسية ومقاصدها الرئيسة، واستخراج هذه الأهداف والمقاصد من خلال القراءة الواعية المتدبرة لآيات السور عدة مرات، والاستدلال على كل هدف أو مقصد يسجله بمجموعة من آيات السورة.
6- التعرف على موضوع السورة الرئيس، ثم التعرف على محاور السورة وخطوطها الرئيسة وربط هذه المحاور والخطوط مع عمود السورة والاستشهاد على ذلك بآيات السورة.
7- ربط السورة بما قبلها من السور حسب ترتيب المصحف من حيث التناسب في الموضوع العام لكل منها.
8- تقسيم السور الطويلة والمتوسطة إلى أقسام وبيان مقدمة السورة وأقسامها وخاتمتها وتوزيع آياتها على الأقسام.
9- إذا لم يتيسر تقسيمها إلى أقسام، تقسم إلى وحدات أساسية وذكر موضوع كل وحدة وآياتها وبيان الصلة بين تلك الوحدات.
10- استخلاص أهم حقائق السورة والدلالات التي نقررها، والإشارة إلى أبعاد السور الواقعية وكيفية معالجتها لمشكلات الإنسان المعاصرة.
11- الإطلاع على تفسير السور في أمهات الكتب كتفاسير، ابن كثير وسيد قطب و لمعرفة تفسيرها التحليلي في هذه التفاسير.(1)
فهل في ذلك إنكار لجهد السابقين أيها الأخ الكريم ؟ أو تغافل عن السنة ؟
إن منهجية البحث في كل ألوان التفسير الموضوعي قد بينت في الكتاب "مباحث في التفسير الموضوعي" (2)[/align]
[line]
(1) نفس المرجع السابق55_56_57
(2) د.عبد السلام اللوح و د.عبد الكريم الدهشان ، الطبعة الأولى 2003م من ص 40إلى ص74
 
[align=right]قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"رابعًا : إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه ، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات ، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات .
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع ، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرًّا ."
أقول :وهكذا كل علم أخي الكريم ، فيه مجال للأخذ والرد ، واختلاف العلماء على علم لا يعني أبداً عدم أهليته ليكون علماً ، فالأحناف يستدركون كثيراً على علم الحنابلة مثلاً ، لكنهم لا ينكرون أن ما يحمله الحنابلة إنما هو علم.
وكذلك علم التفسير الموضوعي ، هو علم يستدرك عليه الكثير لكن ذلك لا يعني لنا عدم أهليته ، وكم من علم عابه الناس على مر الزمان، فلما دارت الأيام تبين للناس ذاتهم خطأ حكمهم عليه،أما عدم وضوح هذا العلم فما أنفك علماؤنا ومشايخنا يبينون لنا وللناس مفاتح هذا العلم حتى صار عند كثير منا معلوماً وواضحاً ، فعدم وضوح الشيء ليس عيباً فيه ، إنما العيب في عين الناظر،وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم،
ولا يزال المرء فينا طالباً للعلم ، يحاول أن يجلي منه ما يستطيع، فالكمال عزيز، والعلم بحر وافر واسع .
فحاول أخي الكريم أن تنظر بنظرة طالب العلم للموضوع، لا بنظرة الناقد التي نظرت، لعلك ترى الموضوع من جانب آخر.

قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"خامسًا : إن طريقة كتابة التفسير الموضوعي سواء أكان موضوعًا من خلال القرآن أم كان موضوعًا من خلال سورة غير متفقٍ عليها .
فبعضهم ينحى في الكتابة إلى الأسلوب الأدبي والخطابي ، فتراه يقلِّب عبارته ، ويبدي ويعيد في ألفاظ ينتقيها ، ويطيل الكلام في موضوع يمكن إجماله في سطر ونصف السطر .
وقد اطَّلعت على رسائل سارت على هذا الأسلوب ، فاستغربت القصد إلى هذا التطويل في العبارات لأجل إثبات قضية يمكن إثباتها وبيانها بأقل مما الحال عليه في هذه الرسائل ، حتى ظهر لي أن هذا الأسلوب مقصودٌ لذاته ، ولا تتمُّ الرسالة إلا به . وهذا ـ في الحقيقة ـ من الحشو الذي يمكن الاستغناء عنه .
وبعضهم ينحى إلى تقرير المسألة تقريرًا علميًا مباشرًا بلا حشو عبارات لا داعي لها ، وهذا هو السبيل الأمثل في العلم ، لأن الأساليب الخطابية والأدبية لا مدخل لها في إثبات المسائل العلمية ، وإنما قد توجد فيها كوجود الملح في الطعام ، فإذا زادت فسد الكلام كما يفسد بزيادة الملح الطعام ."

أقول : وهل الأقدمون إلا كذلك، فترى لكل تفسير من تفسيراتهم وجهة خاصة، وطعماً حلواً في أغلبه رغم اختلافه، أفلا يوجد من الأقدمين من طول وأسهب؟ ، ألا يوجد من قصر واختصر؟.
وأرى أخي أنك تجنيت هنا على هذه الرسائل، فلقد قرأت بعضها فوجدتها موضوعية جداً ، ولا تحمل في طياتها أي حشو ، أما أن تتهم من بحث في هذا العلم أن التطويل والإسهاب والحشو مقصود في ذاته ولا تتم الدراسة إلا به فهذا عار عن الصحة، إذ أن كثيراً من الطلاب أعادوا صياغة رسائلهم في التفسير الموضوعي، نظراً لتعليق الأساتذة المشرفين عليها.[/align]
 
[align=right]ولقد ذكر أساتذتنا من بين قواعد التفسير الموضوعي (تجنب الحشو والاستطراد في التعليق: لأن قصد الباحث في التفسير الموضوعي هو إبراز موقف القرآن الكريم من قضايا ومسائل موضوعة...)(1)
وأريد أن أطرح بين يديك رسائل منها " الشيطان خطواته وغاياته_دراسة قرآنية موضوعية " لشيخنا الأستاذ وائل بشير حفظه الله،
وهي منشورة في مكتبة مشكاة الإسلامية، فأطلب منك الإطلاع عليها، لعل منهج الشيخ يجعلك تعيد النظر في رأيك الآخير.

قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"سادسًا : من طرائف ما وقع لي فيما يتعلق بهذا الموضوع أني كنت أتحدث مع أستاذ من أساتذة الثقافة الإسلامية في كلية الشريعة بالرياض ، فقلت له : ألا يوجد موضوعات علمية قدِّمت لكم وصار بينكم وبين قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام منازعة في الموضوع ، هل هو من موضوعات الثقافة الإسلامية أو من موضوعات الدعوة الإسلامية ؟
فقال لي بل قد تكون المنازعة بين ثلاثة أقسام ، وهي قسم القرآن وقسم الثقافة وقسم الدعوة ، حينما يكون من موضوعات التفسير الموضوعي ."

أقول :فهل المنازعة في ذات الموضوع دلالة ذم؟، إني أعتبرها دلالة مدح ، لأنها تدل على قيمة الدراسات القرآنية وشموليتها لكل نواحي الحياة الإنسانية، وهذا يبرز عظمة القرآن الكريم من جهة، ويبرز أهمية التمسك به كمنهج حياة من جهة أخرى.
ولا بأس بالمنازعة والمنافسة ، خصوصاً أن إجابة الأستاذ كانت تتعلق بأقسام تتحد بعض مقاصدها وتوجهاتها.


قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"وأخيرًا أقول : إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي ، لا من جهة الاصطلاح ، ولا من جهة التنظير والتطبيق . وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع ، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة ، لكن بعد ترشيده وتسديده .
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب ، وأسأله أن يرينا ـ جميعًا ـ الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ."

أقول : بما أنك أقررت أن المسألة فيها مجال للاستدراك فلعلك تعيد النظر مرة آخرى إلى التفسير الموضوعي ،وبارك الله فيك على نصحك الطيب.[/align]
[line]
(1) مباحث في التفسير الموضوعي ص 73
 
[align=center]خاتمة[/align]

• [align=right]لا مصادمة ولا ندية بين أنواع التفسير الأربعة، بل هي مكملة لبعضها، معتمدة على بعضها البعض.

• أن كل التفاسير تبحث في موضوع واحد ألا وهو كلام الله ، وإن تعددت طرق التفسير ومدارسه.

• أن عدم وضوح الفكرة عند البعض ليس دليلاً على عدم صحتها.

• أن التفسير الموضوعي ليس مبتدعاً بل هو علم أصيل بدأه رسولنا صلى الله عليه وسلم وقد أوردت الأدلة على ذلك.

• أن التفسير الموضوعي لا يعني أبداً الإستغناء عن السنة وقد جئنا بالأدلة من تأصيل الأساتذة الكرام.[/align]


[align=center]
هذا والله أعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين[/align]
 
الاخ عدنان البحيصي.....وفقك الله تعالى.
استوقفني في مقالك قولك:
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي.....

ما كان لك أن تذكر هذا الكلام فإنه ينطوي على إيحاءات قد يحملها القاريء معان مقصودة أو غير مقصودة.....كنت تناقش الشيخ مساعدا بدون هذه المقدمات لكن الأمر الآن يختلف:
-فليس من اللائق أن يكلف شيخ تلميذه مناقشة شيخ آخر.....فقد تقرر في علم المناظرة شرط التكافؤ كما هو مبسوط في كتب آداب البحث والمناظرة....فإن اعتذر شيخك بكثرة الأعمال فلشيخنا أن يعتذر بالعذر نفسه....

وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار-لتجميع الردود على الرد.
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
بسم الله الرحمن الرحيم....والحمد لله رب العالمين....والصلاة والسلام على أشرف المرسلين....نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد عزمت متوكلا على الله وحده أن أتفحص ما كتبه الأستاذ عدنان البحيصي في شأن التفسير الموضوعي وقد تقرر عندي الكلام على مرحلتين:
مرحلة التتبع التحليلي للمقال ...ثم سأشفعها بمرحلة التركيب الموضوعي.


-قال الأستاذ-وفقه الله-: ولقد كانت العلوم الحديثة أكثر تعرضاً للاختلاف من القديمة ، ومن هذه العلوم الحديثة مصطلحاً القديمة عملاً "علم التفسير الموضوعي".


الاستاذ أطلق لقب العلم حيث لا ينبغي...فليس ثمة علم تفسير موضوعي ...بل الصواب أن يقول" المنهج" الموضوعي في التفسير ,لأن التفسير علم واحد لا تعدد فيه وهو الموسوم ب" الكشف عن مراد الله بحسب الطاقة البشرية...".فلا تعدد من هذه الحيثية وإنما التعدد في وجهة النظر التي تسمى منهجا.....فيقال المنهج البلاغي في التفسير ,والمنهج الفقهي في التفسير, والمنهج الكلامي في التفسير, والمنهج الإجتماعي في التفسير, والمنهج الحركي في التفسير....ولا تسمى كل هذه علوما كما هو مقرر في فقه العلم.
 
قال الأستاذ:
ولقد درسنا على يد شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به هذه المادة ضمن مقرر كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية ، وعدنا معه حفظه الله ليدرسها إيانا في قسم الدراسات العليا بشكل أوسع وأشمل....

هذه الفقرة لا فائدة منها-حفظك الله-فتدريس الشيخ الدكتور الدهشان –حفظه الله-لهذه المادة مرة او مرتين لا يعطي شرعية المادة وليس دليلا على نجاعة المادة أو صلاحيتها....وإن قصدت اعتراف الشيخ الدهشان وتحمسه لما يسمى بالتفسير الموضوعي فلا شك أنك تعلم أن الأمر لا يعدو اجتهاد مجتهد.....وقد علمت بلا شك أنه قد تقرر في علم الأصول وعلم البحث والمناظرة أن قول المجتهد ليس حجة على مجتهد آخر.
 
قال الأستاذ:
وبينما كان زميلي في الدراسة الأخ نايف قرموط يبحث في هذه المادة إذ وجد رأياً للدكتور مساعد الطيار حفظه الله ونفع به يناقش فيه التفسير الموضوعي من جهة التسمية والأغراض وغيرها ، في موضوعه التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى .

وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي.


هذه الفقرات لا فائدة منها مرة أخرى, إن لم تكن خالية من اللباقة-كما قلت في أول كلامي-فليس فيها دليل على صحة أو بطلان التفسير الموضوعي....ثم لعلك -حفظك الله- قد لاحظت انك أسرفت قليلا في ذكر أسماء الأعلام والأشخاص مما قد يلقي ببعض الظلال على ما ذكرته بعدذلك من عزمك على مناقشة الأفكار لا الأشخاص.
 
قال الأستاذ:
في البداية ينبغي لي قبل البدء في الرد على رأي الأخ الدكتور مساعد الطيار ومناقشته أن أدلل أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.

قلت:إن المنهج العلمي يقتضي في البداية تحرير محل النزاع على قاعدة" اثبت وانقش"
كان ينبغي تحديد "التفسير الموضوعي" موضوعه وحدوده وغاياته قبل الحكم عن وجوده أو عدمه...وقبل مناقشة الطيار أو غيره...وعلى فرض أنك ستحدده لاحقا فهذا لا يمنع من حصول الخلل المنهجي والمنطقي :ولاشك حفظك الله تعلم ان الحكم على الشيء فرع عن تصوره..
انظر مثلا إلى تبعات صنيعك :فقد تتهم بالتناقض عندما تقول: أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم، فهو ليس بدعاً من القول ولا حادثة من الأمر.
ثم تقول بعد ذلك : وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه،..
فكيف عمل به السلف وقد ظهر حديثا.....؟؟؟
ثم كيف نتصور السلف يشتغلون بمنهج ولا يتكلمون عن قواعده وخطواته وألوانه....؟؟؟
 
قال الأستاذ:
نعم لم يظهر مصطلح " التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري إلا أن لبنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله.

قلت:أين دليلك-حفظك الله-؟

قال الأستاذ-في مكان آخر-: ولعلك تقول : ما دليلك ؟ فأجيبك :دليلي في ذلك فعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم "عندما نزل قوله تعالى :{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم }(1) فشق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه ؟ فقال إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : { إن الشرك لظلم عظيم}(2) إنما هو الشرك(3) "

ومضى الأستاذ يستخلص من الحدث فوائد....لكني مضيت أسال نفسي : ما يقصد الأستاذ بالتفسير الموضوعي؟وكيف يكون في الخبر الصحيح الذي أورده لبنة أو ما يشبه اللبنة في صرح التفسير الموضوعي؟
لم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا تفسير القرآن بالقرآن...على قاعدة ما تشابه في مكان أحكم في مكان آخر وما أجمل في موضع فصل في موضع آخر.....فإن كان هذا هو التفسير الموضوعي فهو تفسير كل المسلمين الذين يحترمون كتاب ربهم.....وليس عندي أدنى ريب أن هذا هو منهج الشيخ الطيار.....فعلى من يرد الأستاذ إذن؟
لو تكلف الأستاذ عناء تعريف" علم التفسير الموضوعي" وحرر محل النزاع لما وقعنا في هذا الالتباس.
 
قال الأستاذ مستدلا بما يراه تفسيرا موضوعيا أو شبيها به:
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة 150هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة 224هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا(2).

قلت : لا زلت أنتظر تعريف التفسير الموضوعي....واشتغال اللغويين بدلالات الكلمات حسب اختلاف سياقاتها هو ديدنهم في كل زمان وفي كل مكان بين المسلمين وبين غيرهم...وجل معاجم الدنيا مبنية على هذا النحو:مادة معجمية ومعاني بحسب السياق....فكيف يكون في هذا السلوك البدهي في علم اللغة ما يدل على نشوء التفسير الموضوعي عند المسلمين..

وما ذكرته-حفظك الله-من الناسخ والمنسوخ لا يدل على شيء مما نحن فيه....-لكن أين نحن أولا لم نحدد بعد معنى التفسير الموضوعي-
الناسخ والمنسوخ علم من علوم القرآن كأسباب النزول والقراءات والخط والرسم وليس منهجا ..وهل القول بأن آية كذا نسختها آية كذا هو من التفسير الموضوعي؟هذا التفسير لازم لكل مسلم ومن جملتهم الشيخ الطيار فعلى من ترد مرة أخرى؟
لا شك أن الالتباس راجع إلى معضلة تحرير محل النزاع....فليحرر.
 
قال الأستاذ مبررا ضرورة التفسير الموضوعي:

وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الك ريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات(3)

الكلام في هذه المسالة لا يسعه المقام....وإنما يكفي أن أشير إلى مبدإ عام-يجوز للاستاذ ألا يقول به-وهو أن القرآن مهيمن على الكتب الالهية السابقة وأولى أن يكون مهيمنا على كل فكر بشري كيفما سمي ذلك الفكر علم او فلسفة أو اقتصاد.... فليس من المعقول أن يحور القرآن أو منهج السلف في القرآن ليوافق ما استجد بل ينبغي تغيير ما استجد ليوافق القرآن.....
وما ذكرته –حفظك الله- من" توجيهات الآيات الكريمة" لا يليق بهيمنة القرآن...ومآل هذا الرأي إلى القول بنسبية القرآن وفرضية القراءات المعاصرة.....ولن اناقشك هنا بل ينبغي الانتقال إلى فرع الانتصار للقرآن من هذا المنتدى المبارك.
وللمسلمين أن يتعظوا بما وقع لأهل الكتاب من النصارى خاصة فضائحهم في انعقاد مجامعهم ليغيروا العقيدة في كل قرن بسبب المستجدات....وللمسلمين أن يتعظوا من أنفسهم فقد سمعنا قبل بضعة عقود عن الاشتراكية الاسلامية واشتراكية القرآن وماركسية أبي ذر......فلا ينبغي تكرر هذا العبث.
 
اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية

اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية

الأخ الكريم أبو عبد المعز حفظك الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
كلنا أخي الكريم نطلب علما (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) رواه الترمذي
فإذا تكرمت أخي الكريم أن أضع لكم صورة ربما تلقى قبولا لديكم وفضيلة الدكتور مساعد الطيار؛ وإلا نكون كما قال الإمام الشافعي رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ
الله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رفعة الإسلام ونصرته... وبعد
أخي الكريم بداية شرف عظيم أن يكون محورنا كتاب الله عز وجل، وشرف أعظم حمل أمانة تعلم القرآن وتعلمه، مما يزيد في عبء كواهلنا لأداء رسالة الإسلام العظيم، سائلين المولى عز وجل أن يخفف عنا ثقلها، بأن يعيننا على أدائها قدر استطاعتنا وعلى الوجه الذي يرضي ربنا.
على ما أعتقد أستاذنا الكريم ومن خلال قراءة رسالتكم المعنونة "التفسير الموضوعي وجهة نظر أخرى" ؛ لقد تم الاطلاع علي ردودكم الطيبة وكذلك رسلة فضيبة الدكتور مساعد الطيار الطيبة لأضع أمامكم رد متواضع سبق أن أرسلته إلى فضيلة الدكتور مساعد الطيار الملاحظات التي أسطرها أمامكم أرجو أن يتسع صدركم لها إذا تكرمتم أخي الكريم:
• إن تطور التفسير الموضوعي قائم على الصلة بين النص والواقع.
• لا يوجد صراع بين فريقي التفسيرين التحليلي والموضوعي وخاصة أن طبيعة المسلمين القائمة على الإخلاص لله لا تستوجب ولا تستوعب هذا الصراع.
• إن للتفسير الموضوعي نشأة نبوية وجهد واضح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أن للسلف الصالح كان لهم سبق الفضل واليد الطولى في التأصيل لهذا الفن، من خلال إيجاد وحدة موضوعية لفكرة طرأت في ذهن صحابي استفسر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان منه صلى الله عليه وسلم التفسير لما أشكل عليهم رضي الله عنهم لحدث وقع. أو استفسار من تابعي لصحابي.
• وبالتالي فإن انطلاقة التفسير الموضوعي بداية كانت من التفسير التحليلي الذي كان وما زال له الفضل وهو الأساس للتفسير الموضوعي، الذي يرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير السنة بالقرآن وكذلك تفسير الصحابة للقرآن، والتابعين وعلماء الأمة. كما إن أنصار التفسير الموضوعي لم يعترضوا على من سبقوهم من مفسرين ومؤصلين للتفسير التحليلي، بل كان التفسير التحليلي منهلا ومنبعا لهم.
• من هنا ندرك نوعية العلاقة التكاملية والانسجام بين التفسير الموضوعي وبقية أنواع التفاسير الأخرى.
• إن شبهة الاسم أو تبديله لا تتوافق مع فكرة تطور العلوم وتخصصها، فمثلا كانت العلوم الإنسانية شمولية تشمل جميع العلوم، أما اليوم فعلم الطب الذي كان ضمن العلوم الإنسانية أصبح علما مستقلا بذاته بل أصبح الطب علوما تخصصية متعددة، وكذلك علم التفسير حتى بداية القرن الهجري الثالث كان مبوبا في علوم الحديث، وقس على ذلك إذا تكرمت فضيلة الدكتور.
• أي تفسير وأي علم لا بد له من فوائد واستنباطات نستخلصها، ولذلك كان لزاما التدبر والنظر لاستخلاص النتائج والعبر، فتطبيقنا لأوامر الله نابع من استفادتنا منه.
• ثم نضع بين فضيلتكم الخطوات التي يجب إتباعها للخوض في التفسير الموضوعي، والتي وضعها الدكتور صلاح الخالدي في كتابه (التفسير والتأويل في القرآن) وهي لا تخفى عليكم:
1- إعادة الكلمة إلى جذرها الثلاثي
2- نبحث في المعنى اللغوي الاشتقاقي لهذا الجذر الثلاثي في أمهات كتب اللغة.
3- ننظر في معنى الكلمة في الكتب التي تبين معاني ألفاظ القرآن وكلماته.
4- ننظر في اشتقاقات وتصريف الكلمة في القرآن ونطلع على هذه التصريفات في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
5- نتابع كل صيغة أو تصريف منها في آيات القرآن ونسجل هذه الآيات ونرتبها وننظر في دلالا وإيحاءاتها.
6- نربط بين الأصل الاشتقاقي اللغوي للكلمة الذي أخذناه من مقاييس اللغة ولسان العرب، والمفردات الكليات، ومن الاستعمال القرآني ونرى توفر المعنى اللغوي والأصل الاشتقاقي مع الآيات القرآنية وإنزال الأصل اللغوي على التصريف القرآني
7- نذهب إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين مع تسجيل المزيد من الإشارات والفوائد.
8- نطلع على تفسير الآيات التي استخدمت المصطلح القرآني في أمهات كتب التفسير لنعرف ماذا قالوا فيها.
9- تسجيل اللطائف والإشارات والحقائق، وننقل ما نراه مناسبا وما يربطها بالواقع والحاضر مع اختلاف وتنوع هذه اللطائف. ثم نستخلص بعض ما وجدناه في رحلتنا مع هذا المصطلح القرآني ونستنتج بشيء من الاستنباط ما يوافق الماضي والحاضر.

أخي ا الكريم إذا كانت هذه بدايات التفسير الموضوعي والمرتبطة بالتفسير التحليلي والمنبثقة منه إلى ارتباط وثيق بمفردات التفسير وأسسه، وبالتالي فإن مسار التفسير الموضوعي لا يخالف قواعد التفسير التي اعتمد عليها التفسير التحليلي، إذاً ما المانع أن نسمى الفوائد المستنبطة والمتعلقة بالواقع المعاصر من كتاب الله والمختصة بموضوع معين "بالتفسير الموضوعي".
 
رفقاً أخي الكريم

رفقاً أخي الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

أخي الحبيب يا أبا عبد المعز

الحقيقة يبدو لي أنك لا تعرف ما أكنه للدكتور الطيار من حب وتقدير ، وكذلك شيخي الدكتور عبد الكريم الدهشان، وإنما هو نقاش علمي وكل قول خلا قول الله ورسوله معرض للنقاش

أما أنك قلت :"ما كان لك أن تذكر هذا الكلام فإنه ينطوي على إيحاءات قد يحملها القاريء معان مقصودة أو غير مقصودة.....كنت تناقش الشيخ مساعدا بدون هذه المقدمات لكن الأمر الآن يختلف:
-فليس من اللائق أن يكلف شيخ تلميذه مناقشة شيخ آخر.....فقد تقرر في علم المناظرة شرط التكافؤ كما هو مبسوط في كتب آداب البحث والمناظرة....فإن اعتذر شيخك بكثرة الأعمال فلشيخنا أن يعتذر بالعذر نفسه....

وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار-لتجميع الردود على الرد.
والسلام عليكم ورحمة الله."

ففي ظني أنك أسأت الظن في وفي شيخي، فإن الشيخ ما تعذر بكثرة الأشغال وإنما أثناء توزيع المهام والتكاليف على الطلاب قلت له "دعني أناقش رأي الدكتور الطيار" فأجابني بالقبول وأدار النقاش قبلها وكنت اسجل ما يقوله الحاضرون، فما كتبته هنا ليس نتاج تفكيري لوحدي وإن كنت قد أضفت الكثير

أما طلبك مني أن أعرف التفسير الموضوعي فأنا متأكد أن الشيخ د.الطيار يعرفه ولا حاجة لنا بذكره، وقد أعددت رسالة موجزة أيضاً تتعلق بالتفسير الموضوعي وشارحة له سأنشرها بإذن الله تعالى

أما عن اللباقة فبارك الله فيك أن نبهتني

وللعلم شيخي الدهشان يحترم الشيخ د.الطيار جداً ويثني عليه خيراً

شكراً لك ووددت لو لم تكن بتلك الحدة
 
أخي الحبيب أبا العلاء حسن الخطيب


بارك الله فيك على جهدك وشكراً لك

ملاحظة(أخي الكريم لقد بعثت لك برسالة خاصة هلاً تكرمت وقرأتها )
 
سبحان الله يا ابا عبد المعز !! انت تدافع عن الشيخ الطيار لانك تلميذه ام لانك مقتنع بأن رأي المخالف باطل ؟!! . قليلا من التجرد غفر الله لنا ولك واياك والاندفاعيه والحماس الغير منضبط .
 
عراقي سلفي قال:
سبحان الله يا ابا عبد المعز !! انت تدافع عن الشيخ الطيار لانك تلميذه ام لانك مقتنع بأن رأي المخالف باطل ؟!! . قليلا من التجرد غفر الله لنا ولك واياك والاندفاعيه والحماس الغير منضبط .


بارك الله فيك أخي عراقي سلفي
 
(سأكمل الكلام الذي زورته في نفسي .....ثم انظر في ما جد من ردود الأستاذ وأصحابه)

قال الأستاذ يخاطب الشيخ الطيار:
فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.
ألست معي في أن مجال العلم بالتفسير يسع المدارس الكثيرة المتعددة ؟ فلم لا يسع هذا المجال الطريقة الموضوعية في التفسير؟؟

آخذ على الأستاذ أسلوبه في القطع والتعميم المخالف لحصافة المنهج العلمي:
-فالحكم على قول بأنه عار من الصحة في مثل موضوعنا هذا و صادر عن شيخ محترم شهد له الأستاذ بالتمكن في مجاله لا تفسير له إلا الحمية العاطفية, وقد كان أهل العلم من أئمتنا يقولون" رأيي صحيح يحتمل الخطأ ورأي مخالفي خطأ يحتمل الصحة."وكانوا يقولون هذا وهم يتكلمون في الدين والأحكام والشرائع ويستندون إلى آيات وأحاديث....فكيف وموضوعنا هذا مجرد اجتهاد في أمور منهجية.
-ثم إن الأستاذ يوهم القاريء أن التفسير الموضوعي مدرسة موحدة قائمة بذاتها لها رجالها وشيوخها وتلاميذهاوأن الأستاذ مفوض من قبل المعاصرين للكلام باسمهم نافيا عنهم جميعا ما نسب إليهم.....فإن كان شيخ الاستاذ وتلميذاه لا يقولون بما نسب إليهم الشيخ الطيار ...فليقف عند هذا الحد ولا حاجة إلى الكلام على لسان المعاصرين..
وقد نقل الأستاذ الباحث عن كتاب لشيخه صدر في 2003....بعنوان: مباحث في التفسير الموضوعي .وقد قرأت أنا منذ زمن طويل كتابات لافاضل من الشيعة تدعو إلى هذا المنهج الموضوعي...أذكر منهم محمد باقر الصدر الذي اقترح هذا التجديد في المنهج قبل الشيخ الدهشان...ويهمني الآن أن أعرف ما إذا كان الأستاذ يتحدث بلسان جميع المعاصرين ومنهم هؤلاء الشيعة أم يتكلم بلسان شيوخه وزملائه فقط......فإن اختار الثاني قلنا له فرق كبير من "معاصرين" و "المعاصرين"...والاستاذ حلى من تكلم عنهم ب"اللام" وسواء أقصد الاستغراق أم الجنس فالتعميم حاصل.ويخبرنا فقهاء العلم أنه في مجال الرياضيات نفسها وهي قمة التحقيق والدقة لا يمكن التعميم المطلق فثمة دائما "حالات خاصة" غير مستوعبة....فكيف وصل الموضوعيون إلى أن ينطقوا عن قلب واحد بلسان موحد.؟؟
 
قال الأستاذ:
فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة.

ثم قال بعد ذالك:
أقول : فهل تجعل أخي فعل البعض حجة على الكل، ...

قلت:الاستاذ- حفظه الله -يعري كلام الشيخ الطيار من الصحة مع اعترافه بوجود معاصرين موضوعيين متطرفين......فليحمل كلام الشيخ الطيار على أنه يستهدف هذه الفئة.....بدل القول الفج"عار من الصحة"
 
أخي الكريم أبو عبد المعز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
أخي الكريم هل أطمع منك برد على رسالتي المدونة في هذا الملتقى الطيب بأهله
المعنونة ب(اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)
ختاما لك تحياتي
 
يا أبا عبد المعز

لم تزل لي مهاجماً ولم أزل عليك صابراً وأراك تقتطع من كلامي ما تراه يسقطني، وإلا فناقشني بكل كلامي لا بأجزاء متفرقة منه لتوهم القارىء أني أتهجم على الشيخ الفاضل الدكتور مساعد الطيار

وإلا فلا نقاش بيني وبينك البتة وقد وعدني فضيلة الدكتور مساعد الطيار في رسالة خاصة له بعد أن أثنى على منهجي العلمي خيراً أن يناقشني فيه نقاشاً علمياً لا نقاشاً ذاتياً كما تفعل الآن

شكراً لك
 
أيها الأخوة الكرام :
إن منهجاً كمنهج التفسير الموضوعي حديث النشأة بالصورة الموجودة الآن , من الطبيعي أن تختلف فيه وجهات النظر , حتى يستوي على سوقه , ويكون أصلب عوداً , وهذا يتم بالمدارسة والمناقشة , ولذا أرى التركيز على البحث لا على الباحث , لنخرج برؤية جيدة حول الموضوع , وهذا ما يميز الملتقى بحمد الله .
وأخي الدكتور مساعد من أوسع الناس قلباً في تقبله لرأي المخالف , وهذا ما عهدته منه , بل لست مبالغاً إن قلت : إن تقبل الآراء المخالفة هي من شروط الباحث المحقق الذي تهمه المعلومة , وتعنيه , نفع الله بالجميع , وبارك في المسعى .
 
قال الأستاذ:
وحتى تتضح الصورة لديك أكثر أسمح لي أن استعرض لك ما يستفيده التفسير الموضوعي من باقي أنواع التفاسير:
فمثلاً:يستفيد من المنهج التحليلي بأن خلاصة المعاني التحليلية تشكل مادة علمية تستعمل لتصوير معنى كلي وموضوعي
والتفسير الأجمالي هو قريب الصلة بالموضوعي من حيث أن التفسير الإجمالي بتعامل مع الأهداف والمفاهيم القرآنية الكلية، وهذت هو العمل التفسيري يملأ جزءاً لا بأس به في عمل التفسير الموضوعي وذلك في مرحلة الصياغة لمعاني النص القرآني من عناصر الموضوع الكلية.
والتفسير المقارن يغذي الباحث في التفسير الموضوعي ويعطيه لفتات هامة قيمة، سواء كانت لفتات منهجية أو علمية في مجال اللغة أو البلاغة أو موضوعات قرآنية آخرى ويستطيع الباحث من خلال هذه المقارنة أن يستفيد أقرب المعاني وأصحها لخدمة التفسير الموضوعي(2)

أحال الأستاذ بعض هذا الكلام إلى شيخه الدهشان.....ولي وقفات:
1-هنا خلط بين الواقع والمتخيل....فلكي يبرر الأستاذ منهجا هو مجادل فيه يلتجيء إلى افتراض مناهج أخرى متخيلة ويزعم أن المنهج الموضوعي يستند عليها....فصدق عليه القول الماثور:تمسك غريق بغريق..
فما هذا التفسير الإجمالي القريب الصلة من الموضوعي؟من أسسه؟وفي أي كتب موجود هو؟
وما أسسه؟وما منطلقاته ؟
فالمعهود أن الاجمال ضد التفصيل.....ويمكن للآية الواحدة المعزولة عن غيرها أن تفسر إجمالا كما يمكن أن تفسر بتفصيل وإسهاب فأية صلة لهذا بالتفسير الموضوعي المزعوم؟
ثم ما هذا التفسير المقارن؟أين تأسس ومن أسسه؟ وما خطوطه وألوانه؟قد نعلم الأدب المقارن الذي يبحث في تشابه وتماثل الظواهر الأدبية عبر الثقافات والحضارات....وقد نعلم علم الأديان المقارن الذي موضوعه تماثل واختلاف المفاهيم والأسس العقدية بين الديانات المختلفة....لكن التفسير المقارن؟لو وجد لكان موضوعه- قياسا على الأدب وعلم الأديان- مقارنة بين تفاسير النصوص المقدسة عند الشعوب كان نقارن مثلا تفسير الطبري بتفسير الفيدا السنسكريتية أو تفسير ابن كثير بتفسير أو غسطين النصراني إلخ..فما علاقة هذا التفسير ولو في صورته الاحتمالية بالتفسير الموضوعي أو الموضوعاتي.
2-هذا التفسير الموضوعاتي-من الآن سأستخدم هذا المصطلح لعله هو المقصود عند الأستاذ والذي يعني جمع المفردات المختلفة موضعيا بسبب اتفاقها موضوعا ومقابله الأجنبيthematique
وسأتحاشي مصطلح موضوعي لأنه قد يلتبس بمفهوم الموضوعية الذي يقابل الذاتيةobjective
وهذا غير مقصود قطعا-هذه الموضوعاتية يسأل بشأنها:
-أهي ترف فكري محض....وتمرين منهجي..... أم ضرورة ؟
-إن كان الأول فلا نقاش ....فللمرء أن يلعب كما يشاء ولكن بعيدا عن كلام الله.
-وإن كان الثاني.طالبنا الأستاذ بأن يستدل على أمرين:
1-قصور أو ضعف أو عقم المناهج التفسيرية الموروثة عن السلف.....والحاجة إلى ما يعالج القصور والضعف والعقم.
2-أن المنهج الموضوعاتي أتى بالعلاج.....
ولينتبه الأستاذ إلى زمن الفعل الماضي المتحقق.....ولم أقل يأتي أو سياتي.....ومع الأسف فكلام الأستاذ عن منهجه لا يخرج عن استشرافات مستقبلية ....ولا يعتقدن الأستاذ أن مجرد الرهان كاف للإقناع وللتخلي عما هو واقعي فعلا....
وهنا أطالب الأستاذ ليس بحسن النوايا بل بنتائج:
-دلني على مسألة في القرآن حلت بالمنهج الموضوعاتي .
-أرني كتابا في التفسير الموضوعاتي اقترح تفسيرا افضل عقلا ونقلا وواقعا لمعضلة من معضلات النص القرآني في العقيدة والتشريع..
-بين مفردة من مفردات القرآن لا تفهم بمنهج السلف وتفهم بمنهجك......

قال الأستاذ:
ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم، حتى لا ندع للمشككين ودعاة البدع الإنتصار لبدعهم بأدلة جزئية مقتطعة من الأدلة الكلية،وإنما بجب أن ترد آيات الله لبعضها البعض حتى يفهم مراده الله منها.

قلت هنا مربط الفرس......والكلام على مسألة الأسماء والصفات سيطول ....سأخصص الفقرات القادمة لها بحول الله.
 
قل ما تشاء فلن أناقشك

بما أنك لا تعرف ما هو التفسير المقارن

سبحان الله
 
فضيلة الدكتور مساعد الطيار حفظك الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
كلنا أستاذنا الكريم نطلب علما (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) رواه الترمذي
فإذا تكرمت يا شيخنا الفاضل أن أضع أمامكم صورة ربما تلقى قبولا لديكم؛ وأن نكون كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ )
الله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رفعة الإسلام ونصرته... وبعد

على ما أعتقد أستاذنا الكريم ومن خلال قراءة رسالتكم المعنونة "التفسير الموضوعي وجهة نظر أخرى" ؛ أن أبدي بعض الملاحظات التي أسطرها أمامكم أرجو أن يتسع صدركم لها إذا تكرمتم :

• إن تطور التفسير الموضوعي قائم على الصلة بين النص والواقع.
• لا يوجد صراع بين فريقي التفسيرين التحليلي والموضوعي وخاصة أن طبيعة المسلمين القائمة على الإخلاص لله لا تستوجب ولا تستوعب هذا الصراع.
• إن للتفسير الموضوعي نشأة نبوية وجهد واضح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى أن للسلف الصالح كان لهم سبق الفضل واليد الطولى في التأصيل لهذا الفن، من خلال إيجاد وحدة موضوعية لفكرة طرأت في ذهن صحابي استفسر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان منه صلى الله عليه وسلم التفسير لما أشكل عليهم رضي الله عنهم لحدث وقع. أو استفسار من تابعي لصحابي.
• وبالتالي فإن انطلاقة التفسير الموضوعي بداية كانت من التفسير التحليلي الذي كان وما زال له الفضل وهو الأساس للتفسير الموضوعي، الذي يرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير السنة بالقرآن وكذلك تفسير الصحابة للقرآن، والتابعين وعلماء الأمة. كما إن أنصار التفسير الموضوعي لم يعترضوا على من سبقوهم من مفسرين ومؤصلين للتفسير التحليلي، بل كان التفسير التحليلي منهلا ومنبعا لهم.
• من هنا ندرك نوعية العلاقة التكاملية والانسجام بين التفسير الموضوعي وبقية أنواع التفاسير الأخرى.
• إن شبهة الاسم أو تبديله لا تتوافق مع فكرة تطور العلوم وتخصصها، فمثلا كانت العلوم الإنسانية شمولية تشمل جميع العلوم، أما اليوم فعلم الطب الذي كان ضمن العلوم الإنسانية أصبح علما مستقلا بذاته بل أصبح الطب علوما تخصصية متعددة، وكذلك علم التفسير حتى بداية القرن الهجري الثالث كان مبوبا في علوم الحديث، وقس على ذلك إذا تكرمت فضيلة الدكتور.
• أي تفسير وأي علم لا بد له من فوائد واستنباطات نستخلصها، ولذلك كان لزاما التدبر والنظر لاستخلاص النتائج والعبر، فتطبيقنا لأوامر الله نابع من استفادتنا منه.
• ثم نضع بين فضيلتكم الخطوات التي يجب إتباعها للخوض في التفسير الموضوعي، والتي وضعها الدكتور صلاح الخالدي في كتابه (التفسير والتأويل في القرآن) وهي لا تخفى عليكم:
1- إعادة الكلمة إلى جذرها الثلاثي
2- نبحث في المعنى اللغوي الاشتقاقي لهذا الجذر الثلاثي في أمهات كتب اللغة.
3- ننظر في معنى الكلمة في الكتب التي تبين معاني ألفاظ القرآن وكلماته.
4- ننظر في اشتقاقات وتصريف الكلمة في القرآن ونطلع على هذه التصريفات في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
5- نتابع كل صيغة أو تصريف منها في آيات القرآن ونسجل هذه الآيات ونرتبها وننظر في دلالا وإيحاءاتها.
6- نربط بين الأصل الاشتقاقي اللغوي للكلمة الذي أخذناه من مقاييس اللغة ولسان العرب، والمفردات الكليات، ومن الاستعمال القرآني ونرى توفر المعنى اللغوي والأصل الاشتقاقي مع الآيات القرآنية وإنزال الأصل اللغوي على التصريف القرآني
7- نذهب إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين مع تسجيل المزيد من الإشارات والفوائد.
8- نطلع على تفسير الآيات التي استخدمت المصطلح القرآني في أمهات كتب التفسير لنعرف ماذا قالوا فيها.
9- تسجيل اللطائف والإشارات والحقائق، وننقل ما نراه مناسبا وما يربطها بالواقع والحاضر مع اختلاف وتنوع هذه اللطائف. ثم نستخلص بعض ما وجدناه في رحلتنا مع هذا المصطلح القرآني ونستنتج بشيء من الاستنباط ما يوافق الماضي والحاضر.

شيخنا الفاضل إذا كانت هذه بدايات التفسير الموضوعي والمرتبطة بالتفسير التحليلي والمنبثقة منه إلى ارتباط وثيق بمفردات التفسير وأسسه، وبالتالي فإن مسار التفسير الموضوعي لا يخالف قواعد التفسير التي اعتمد عليها التفسير التحليلي، إذاً ما المانع أن نسمى الفوائد المستنبطة والمتعلقة بالواقع المعاصر من كتاب الله والمختصة بموضوع معين "بالتفسير الموضوعي".
أكتب رسالتي مرة أخرى علي أجد جوابا أو نتفق إنشاء الله لما يحب مولانا ويرضى
 
الأخ/ عدنان البحيصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أعتقد أنه لا داعي للمُشَادّة في النقاش مع أي أحد كائناً من كان موافقاً أم مخالفاً، وكما قال الأخ/ أحمد البريدي جزاه الله خيراً:"إن تقبل الآراء المخالفة هي من شروط الباحث المحقق الذي تهمه المعلومة , وتعنيه".
وحتى لو أنك أرسلت إلى الدكتور/ مساعد الطيار ووعدك بالنقاش، فلا ضير من نقاش إخوانك في الملتقى لعلك تجد مزيد فائدة، ولعلك تستفيد من طريقة زميلك/ حسن الخطيب.
بارك الله فيكم جميعاً، وثبتنا الله وإياكم على الحق.
 
أبوعبيدة قال:
الأخ/ عدنان البحيصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أعتقد أنه لا داعي للمُشَادّة في النقاش مع أي أحد كائناً من كان موافقاً أم مخالفاً، وكما قال الأخ/ أحمد البريدي جزاه الله خيراً:"إن تقبل الآراء المخالفة هي من شروط الباحث المحقق الذي تهمه المعلومة , وتعنيه".
وحتى لو أنك أرسلت إلى الدكتور/ مساعد الطيار ووعدك بالنقاش، فلا ضير من نقاش إخوانك في الملتقى لعلك تجد مزيد فائدة، ولعلك تستفيد من طريقة زميلك/ حسن الخطيب.
بارك الله فيكم جميعاً، وثبتنا الله وإياكم على الحق.


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أبا عبيدة

بارك الله فيك أخي الحبيب ، إني والله أتقبل الأراء المخالفة ، لكن كأراء الأخ أبا عبد المعز الذي يهاجم كل شيء كتبته ولا يدري كنه التفسير المقارن و لا التفسير الإجمالي، ففي ظني أنه يناقش بلا علم ، ثم إني والله ما تشددت لرأي ، لكن هو من تشدد لا للحق الذي يراه بل لشيخه الدكتور الطيار، الذي أحبه أنا في الله وأقدره

شكراً لك أيها الحبيب
 
ملحوظة:
أعتذر للقراء فقد زهدت في مثل هذه الردود....واكتب هذه الفقرة تحلة للقسم فقط....ووفاء بما وعدت
********************

قال تلميذ الشيخ الدهشان:
ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم،


اعلم-أيها الأستاذ الكريم- أن العقيدة في الله قد تمت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم...ماتركها لاجتهاد مجتهد حتى الصحابة أنفسهم لا يصح منهم أن يصفوا الله إلا بما وصف نفسه به أو وصفه أعلم الخلق به...فدعوى أن تفسيرا مقترحا أو مشروع تفسير –تحت أي اسم سجل-سيحل مشكلة الاسماء والصفات لا يدل إلا عن شيئين:
-جهل.
-أو تجهيل.
أما الجهل فواضح لأن التفاسير الموجودة-حسب زعمه- لم تعلم الناس شيئا عن صفات ربهم : لا تفسير ابن عباس ولا الطبري ولا الرازي ولا القرطبي .
أما التجهيل فلأن لازم قوله أن ملايين المسلمين الذين عاشوا قبل المنهج الموضوعاتي المفترض ماتوا دون أن يعتقدوا الحق الصحيح في اليد والاستواء والنزول والرحمة ....
فإن قال:عرفوا ربهم بتفسير موضوعاتي....قلنا إذن كل التفاسير الموروثة موضوعاتية فإلى أي شيء تدعو وعلى من ترد.؟؟
-وإن قال عرفوا ربهم بتفاسيرهم... قلنا لك إن كانت موضوعاتية فقد فرغنا منه توا وإن كانت غيرها فقد ثبت استغناؤهم عن غيرها....
والحق في هذه المسالة الذي لا يزيغ عنه إلا هالك أن العقيدة في الله لا علاقة لها بمناهج التفسير الحديثة...فضلا عن أن تتغير من منهج إلى آخر...وفهم الصفات الإلهية لا تتوقف على تغيير المنهج –أعني وجهة النظر-بل هي متوقفة على القواعد والضوابط التي وضعها ووضحها السلف . ...
وليقرأ معي الأستاذ هذا الفصل من كلام أبي حامد الغزالي-رحمه الله-من كتابه الجام العوام وهو من كتبه المتاخرة :
-قال أبو حامد:
التصرف الخامس:
لا يجمع بين متفرق , ولقد بعد عن التوفيق من صف كتابا في جمع الأخبار خاصة ورسم في كل باب عضوا فقال:باب في إثبات الرأس,وباب في اليد الى غير ذلك, وسماه كتاب الصفات.فإن هذه كلمات صدرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات متفرقة متباعدة اعتمادا على قرائن مختلفة تفهم السامعين معاني صحيحة, فإذا ذكرت مجموعة على خلق الانسان صار جمع تلك المتفرقات في السمع دفعة واحدة عظيمة في تأكيد الظاهر وإيهام التشبيه وصار الاشكال في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نطق بما يوهم خلاف الحق أعظم في النفس وأوقع.بل الكلمة الواحدة يتطرق إليها الاحتمال وإذا اتصل بها ثانية وثالثة ورابعة من جنس واحد صار متواليا يضعف الاحتمال بالاضافة إلى الجملة......
الى آخر كلامه غفر الله له.

نقلي لكلام الشيخ أبي حامد لا يعني الموافقة عليه.....وإنما يعنيني منه أنه اعتبر المنهج الموضوعاتي في الأسماء والصفات شرا مستطيرا يوهم التجسيم والتشبيه أكثر مما يزيله....بينا الشيخ الدهشان وتلاميذه يرون فيه حلا للمعضلة فمن نصدق : الغزالي أم الأستاذ.؟؟

وقد رأينا بعد الغزالي كيف اعتمد فخر الدين الرازي هذه الموضوعاتية ليشنع على أتباع السلف في عقيدة الاسماء والصفات...فكان يقول: أخبرونا هل لله عين واحدة أم عينان أم عيون كثيرة..وهل له جنب واحد أم جنوب كثيرة....وهل استوى وهو نازل أو نزل وهو مستو إلى غير ذلك من جمع الآيات لغرض التشنيع .....وتجد نصوصا بذلك في نقض التأسيس لتقي الدين والصواعق لشمس الدين...رحم الله الجميع.

ولا أدري من يقصد تلميذ الشيخ الدهشان بقوله:
للمشككين ودعاة البدع الإنتصار لبدعهم بأدلة جزئية مقتطعة من الأدلة الكلية،وإنما بجب أن ترد آيات الله لبعضها البعض حتى يفهم مراده الله منها.

فإن كان يقصد بدعاة البدع السائرين على نهج السلف ممن يسميهم الرازي الحشوية والنابتة والتيوس وكان مراده منهجا يرسخ التعطيل عقيدة للمسلمين فلا مرحبا بمنهجه ......وليعلم أننا فهمنا المراد من الصفات أو القدر البشري من الفهم ....ولا حاجة إلى بلبلة جديدة حسبنا ما ابتلينا به في تاريخنا الطويل..
وسبحان الله وبحمده أستغفر إليه وأتوب إليه.....
 
أخي الكريم أبا عبدالمعز وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى

طريقتك في مناقشة الأخ عدنان في البحث طريقة غير موفقة من وجهة نظري

لا من حيث الأسلوب ، ولا من حيث المضمون

ولعلك تقرأ أكثر عن التفسير الموضوعي من خلال الكتب التي أفردته بالتصنيف ؛ فقد تتبعت بعض ما قيدته في تعليقاتك هنا فظهر لي قصور واضح في معرفتك بتفاصيل هذا النوع من أنواع التفسير .

وكلام الأخ عدنان الأخير : ( ومما لا شك فيه أن بعض الموضوعات في القرآن لا يمكن لنا أن ندرسها بطريقة التفسير الموضعي للآيات، فموضوع الأسماء والصفات مثلاً يلزم لدراسته نظرة شاملة موضوعية لكل آيات الأسماء والصفات في القرآن الكريم ..) كلام صحيح لا غبار عليه ؛ فآيات الصفات التي وردت في مواضع كثيرة لا يتم فهمها على الوجه الصحيح إلا بتطبيق القاعدة القرآنية الواردة في قول الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالان متأخران بعد كل هذه الجلبة فأعذروني لأني قليل البضاعة ومع ذلك هي مزجاة
هل للتفسير الموضوعي معنى تعريفي اصطلاحي موحد بينكم؟
بناء على هذا التعريف إن وجد هل التصنيف فيه موجود عند السلف؟
ادخر رأي المتواضع بعد سماع ارائكم وأنتم ممن نستفيد منه ان شاء الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب الجنيدلله

أما المعنى الإصطلاحي للتفسيرالموضوعي فسأفصل فيه القول إن شاء الله

• أولا: تعريف التفسير الموضوعي:
لعل أشمل تعريف وقف عليه الباحث لهذا العلم مما ذكره الدكتور مصطفى مسلم بقوله: " هو علم يتناول القضايا حسب المقاصد القرآنية من خلال سورة أو أكثر" (1).
• ثانيا: نشأة علم التفسير الموضوعي:
لم يظهر مصطلح " التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري إلا أن لبنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله  (2).
وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه، ولكن العلماء والباحثين المعاصرين أقبلوا عليه يدرسونه ويقصدونه ويتحدثون عن قواعده وأسسه وكيفيته.
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة 150هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة 224هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا(1).
وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الكريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات(2).
• ثالثا: أنواع التفاسير من حيث منهج المفسرين:
أنواع التفاسير كثيرة ولكن يمكن حصرها في نوعين:
النوع الأول: التفسير الموضعي التجزيئي: وهو الذي يرجع فيه المفسر إلى موضوع واحد من القرآن الكريم، متتبعا الآيات في سورها، إما بالمأثور أو بالرأي المحمود، وإما أن يكون تحليلياً، أو إجمالياً عند الاختصار، أو مقارنا بين تفاسير مع بعضها.
النوع الثاني: التفسير الموضوعي: وهو التي يلتزم به المفسر مصطلحا أو موضوعاً أو سورة من القرآن الكريم ويقيم منها بناء متكاملاً.
• رابعا: أقسام التفسير الموضوعي:
ويمكن حصر أقسام هذا التفسير في ثلاثة أقسام:
القسم الأول: التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني: بحيث يختار الباحث لفظة أو مصطلحاً، تتكرر في القرآن كثيراً، فيتتبعها من خلال القرآن، ويأتي بمشتقاتها ويستخرج منها الدلالات واللطائف.
القسم الثاني: التفسير الموضوعي لموضوع قرآني: بحيث يختار الباحث موضوعاً من القرآن، له أبعاده الواقعية في الحياة أو العلم أو السلوك.....، مما يفيد المسلمين منه ويشكّل منه موضوعا معينا، يخرج بخلاصة تساعد على حل مشاكل المسلمين ومعالجة أمورهم.
القسم الثالث: التفسير الموضوعي للسور القرآنية: وهو أن يختار الباحث سورة من القرآن، تكون مدار بحثه – وهذا موضوع الباحث في هذا البحث – ويخرج منها بدراسة موضوعية متكاملة(1).
وهناك نوع رابع من أنواع التفسير الموضوعي وهو: [ التفسير الموضوعي للقرآن الكريم متكاملا]، بحيث تتضافر جهود عدد من الطلاب للبحث في الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم، وإخراجه في صورة واقعية وإلى حيز الوجود.
وهذه فكرة طيبة، تحتاج إلى من يتبناها ويدعّمها، ويحوطها بالعناية لتكون لبنة طيبة في هذا المجال الجديد.


أرجو أن أكون قد أجبتك
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
هذه مشاركتي الاولى وأسال الله تعالى أن يجزى الدكتور عبد الرحمن الشهري وبقية الاخوان خير الجزاء وأن يجعل ما يقدم من خير وفوائد في موازين حسناتهم.
اطلعت على الرد الذي قام به الأخ /عدنان اليحصبي وكان مما قال فيه :(ولقد درسنا على يد شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به هذه المادة ضمن مقرر كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية ، وعدنا معه حفظه الله ليدرسها إيانا في قسم الدراسات العليا بشكل أوسع وأشمل.
وبينما كان زميلي في الدراسة الأخ نايف قرموط يبحث في هذه المادة إذ وجد رأياً للدكتور مساعد الطيار حفظه الله ونفع به يناقش فيه التفسير الموضوعي من جهة التسمية والأغراض وغيرها ، في موضوعه التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى .
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي ).
وبعد ذكره لكثير من الفوائد قام الأخ /أبوعبد المعز ببعض الردود وكان مما قال وفقه الله للحق والصواب وأحسن لنا وله النيات والاعمال ( الاخ عدنان البحيصي.....وفقك الله تعالى.
استوقفني في مقالك قولك:
وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي.....
ما كان لك أن تذكر هذا الكلام فإنه ينطوي على إيحاءات قد يحملها القاريء معان مقصودة أو غير مقصودة.....كنت تناقش الشيخ مساعدا بدون هذه المقدمات لكن الأمر الآن يختلف:
-فليس من اللائق أن يكلف شيخ تلميذه مناقشة شيخ آخر.....فقد تقرر في علم المناظرة شرط التكافؤ كما هو مبسوط في كتب آداب البحث والمناظرة....فإن اعتذر شيخك بكثرة الأعمال فلشيخنا أن يعتذر بالعذر نفسه....
وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار-لتجميع الردود على الرد.
والسلام عليكم ورحمة الله. )0

أقول للأخوين وفقهم الله : الجهود التي لم أقم بمثلها ، وليس لي أن أنتقد أو أستدرك عليها وإنما من باب المناصحة والتذكير بأن هذا الملتقى المبارك إنما وضع لخدمة كتاب الله تعالى وما يتعلق به من علوم ، ولا يساورني أي شك في حرصهما على ما ينفع ويثري الملتقى ولكني في أثناء متابعتي لما كتبا _ وفقهما الله _ شعرت أن الأمر فيه جدل وحب كل واحد منهما الانتصار لشيخه - ولعلي أكون على خطأ فيما ذهبت إليه - ولكن عبارة الأخ ( أبو عبد المعز ) : وإن أصررت على المناقشة فأمهلني قليلا –أنا تلميذ الشيخ الطيار- لتجميع الردود على الرد... ما يوحي بشيء من هذا.
أقول : الملتقى فتح أبواباً من الخير والعلم ، وتواصل عن طريقه جهابذة من علماء التفسير يصعب على المتخصصين التواصل معهم ، وتلاقحت الأفكار وأنا ممن حرص ويحرص على تتبع كل ما ينشر فيه وما مشاركتي هذه إلا من باب الحرص على بقاء الملتقى بصفائه ونقائه دون أن يقترب منه أو يحوم حوله أي شائبة قد يفهم منها حب الجدل أو الانتصار للنفس او للشيخ وما أظن الشيخ مساعد الطيار أو عبد الكريم الدهشان عندما كتبا أو تكلما بما تقدم فكرا فيما فكر فيه الأخوان الفاضلان اليحصبي أو أبو عبد المعز من أخذ ورد ودفاع كل منهما عن شيخه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
 
بارك الله فيك أخي الدكتور فاضل الشهري

ونصيحتك سطرتها بماء المحبة في وجدان القلب
 
بيان البنان بين الطيار ..والدهشان

بيان البنان بين الطيار ..والدهشان

بين يدي ( الحيدة ) ..
نحن أمة آخرها يقول عن أولها : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان .. نحن أمة .. كالجسد الواحد .. إذا اشتكى منه عضو.. تداعى له سائر الجسد .. نحن نسعى جميعا .. أن نكون من صفوة متخصصة .. في علوم صفوة الكتب قاطبة .. فحري بنا .. أن نستشعر تلك الرسالة .. وما تجترح أقلامنا .. من أكغاد الشبكة .. فالرسالة علمية عالمية فذة نفاثة .. والله المستعان...
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
وبودي أن أقدم بين يدي حروفي .. ثلاث باقات أرجو أن يكنَّ لبقات ..
فالأولى والثانية .. للأخوين الفاضلين .. عدنان البحيصي ،،، وأبي عبد المعز،،
أخوان كريمان .. فحري بالعلم والمنتدى الذي تَرِدانه .. أن يسمو باللغة .. ويرتقى بالهدف .. كنتما ونعما بكما ..وجهان لعملة واحدة .. من الإقصاء .. والإسقاط .. إننا يا إخوتي نشكو غربة هي أعم و أعتى مما توافيتم عليه .. وإن كان كل يتحدث بشيخه ويجلب على الآخر بخيله ورجله .. فما أبقيتم للسوقة؟؟ .. والشوارع والرعاع؟؟ .. أكل حزب بما لديهم فرحون ؟؟ أليس الأجدر أن يكون العلم رحما بين أهله .. أوليس العلاقة أحرى أن تكون تكاملية ؟؟ عموما : لينوا بأيدي إخوانكم .. والخلاف لا يفسد للود قضية .. و:
ما مضى فات والمؤمل غيب ........ ولك الساعة التي أنت فيها .
والباقة الثالثة : .. لمحرك المنتدى.. ذي الجبين الوضاء .. أبي مجاهد .. كم وكم .. نفعت ويشاكسني قلمي نحوك .. فلا يطاوع .. غير أني كان بودي .. أن تنأى بمثل نفسك عن .. خطوط التماس .. وإن كان ولابد .. فالله يعطي على الرفق مالا يعطيه في الأخرى .. وتقبل حبي وتقديري .. ولو لم تك مشرفا .. لهان علي .. غير أن الناس ينصتون حين تتحدثون ..
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أخي القارئ الكريم بين يديك ما اجتررته بيراعي .. مما اعتقده .. فاختر له حائطا لتضربه به .. إن خالف ما قاله الأول ..
لقد أحسن الأخ عدنان في طرح مثل هذا الموضوع الحادث ( التفسير الموضوعي ) ، وأثار ما أثار من ردود فعل ، لكن لا زلنا بانتظار أراء المتخصصين ، وان تكون أراؤهم تجردة لنصل إلى المنهج الصحيح في التفسير الموضوعي ، وذلك ما ختم به الدكتور مساعد الطيار مقالته .
ومع ما قدمه الأخ عدنان من فوائد في اعتراضه هذا إلا إنه وقع فيه هناتٍ كان عنيًّا عن أن يقع منها ، لكن قدَّر الله ، وكان ما كان ، وسأكتب بعض الملاحظات التي وجدتها في هذا الرد الشاميِّ .
أولاً :
لقد كان مقصد المقال منصبًّا على الرد ، وذلك ظاهر من خلال المقال ، ومن خلال المنهجية التي نقلتها عن شيخك عبد الكريم الدهشان في قولك : (وقد تداولنا رأيه فيما بيننا مع شيخنا الدكتور عبد الكريم الدهشان حفظه الله ونفع به ثم كلفني فضيلته بتجميع الردود على هذا الرأي ) .
ومما يلاحظ أن موضوعك كان عنوانه (في الرد على رأي ...) ، ولا أدري لماذا عدَّله بعض المشرفين إلى ( مناقشة ) ؟!
والحقيقة أن قراءة أي موضوع بقصد الردَّ ، وليس المناقشة والنقد التي تبين محاسن الرأي ومساوءه لن تجعل الباحث متوازنًا ، ولا عادلاً في طرحه ، وعين الرضا ....
ولقد أوصلك هذا الأسلوب المنهجي إلى الوقوع في أخطاء منهجية ، أذكر لك منها على سبيل المثال :
نقلت قول الدكتور مساعد الطيار : ( فلقد كثر القول من بعض المعاصرين ) ، وظاهر من عبارته أنه ينتقد بعض ، وبعض تعني الجزء لا الكل ، لكنك أنت حوَّلت عبارته فقلت : ( فقولك أن المعاصرين يرون أن عهد التفسير التحليلي قد أنتهى قول عار عن الصحة( فكيف أنقلبت ( بعض المعاصرين ) إلى ( المعاصرين ) التي تدل على التعميم ؟! وأرى أن سبب ذلك منك أمران :
الأول : التسرع الظاهر في ردَّك .
الثاني : أنك بنيت مقالك على الرد ، وقصد الانتصار للتفسير الموضوعي ، فغابت عنك الدقة في الردَّ أو في التعبير .
وأقول : إن قراءة أستاذ الدراسات العليا مثل هذا الموضوع مع طلابه ، ومدارسته لهم ؛ فيها فوائد لا تخفى على طلاب الدراسات العليا ، وإني لأربأ بالدكتور عبد الكريم أن يكون أراد سلوك هذا المسلك ، وهو ( قصد الرد ) ، فلعله أراد مناقش الرأي ، وبيان ما فيه من مظان اتفاق وافتراق مع رأيه فحسب ، كذا ظني بمن هو في مثل مقامه .
كما أقول : إن وصول رأي الدكتور مساعد الطيار إلى تداوله بين المتخصصين في الدراسات العليا مطلب عنده في نظري ، فهو لم يكتبه للعامة ، بل كتبه للمتخصصين ، ولست أتوقع أن ينزعج من مخالفة رأيه ، فلا هو ولا غيره يملك وفاق الناس له ، ولا يطلب ذلك إلا جاهل . وإذا كان الأمر كذلك فلا غضاضة من مناقشة الآراء فيما بيننا ، لكن علينا التزام الأدب ، وحسن التعبير في التعامل مع أساتذتنا ، ولعلي أدلك على حسن هذا الأسلوب عند الدكتور مساعد الطيار ، فأقول : ألا ترى أنه نقل أقوال بعض من كتب في التفسير الموضوعي دون ان ينص عليهم ؟
لقد فكرت في هذا الأمر ، فوجدته لا يخلو من امرين :
الأول : ان يكون قائلوا هذه المقالة من معارف الدكتور مساعد ، فذكر أقولهم واعترض عليها محترمًا بذلك ذواتهم من أن يذكرها .
الثاني : أنه أراد أن يكون القارئ معه في النظر إلى القول ، وليس النظر إلى صاحب القول ، فكم من قول نتردد في الاعتراض عليه بسبب أنه قول فلان .
ثانيًا :
لقد كانت الشخصية المستعلية ظاهرة في الأخ الكريم عدنان ، ولا تكاد تخطؤك وأنت تقرأ في ردِّه ، فكم اعترض بأسلوبه المستعلي ، وكم ألقى من الأوامر على الدكتور مساعد الطيار ؟ ومنها :
1 ـ قال عدنان : ( وانظر أخي حفظك الله إلى العلاقة بين التفسير الموضوعي بباقي أنواع التفاسير يتضح لك جلياً أن العلاقة علاقة تكامل لا علاقة تصادم ) والكلام موجه للدكتور مساعد الطيار .
2 ـ قال عدنان : ( ومن قال لك أخي الحبيب أن أي تفسير موضوعي يستغني عن السنة وأثار السلف؟

نعم هو يبحث في القرآن بشكل أساسي، لكنه لا يستغني ولا يمنع الاستفادة من السنة وأثار السلف ) .
أقول : إذا كان هذا فهمك لعبارته ، فإنما سبب ذلك أحد أمرين :
الأول : غموض مراد الدكتور مساعد الطيار في عبارته .
الثاني : أن تكون العبارة واضحة لكنك عَمِيتَ عنها بسبب انتصارك للتفسير الموضوعي والرد على ناقديه .
والذي أفهمه من عبارة الدكتور مساعد الطيار أنه يشير إلى أمر قرَّره مثل الدكتور مصطفى مسلم في كتابه ( مباحث في التفسير الموضوعي ) ، قال : ( على الباحث أن يجعل عناوين الأبواب والفصول من المادة القرآنية والعناصر البارزة فيه .
أما السنة المشرفة فدورها في التفسير الموضوعي التوضيح والبيان والاستدلال ، وذلك حفاظًا على قرآنية الموضوع .
وكذا أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة اللغة ، فكلها مادة للشرح والتوضيح والترجيح ، ولا تشكل عناصر الموضوع الأساسية ) انظر ص 39 .
والمفهوم من قول الدكتور مصطفى مسلم أنه إذا كان في الموضوع القرآني جوانب في السنة وليست في القرآن فإن الباحث لن يتعرض لها ، ولا يمكنه أن يجعلك منها عناوين للأبواب والفصول . وكذا الحال في أقوال الصحابة والتابعين وأئمة اللغة ، فالاستفادة منهم ستكون بالقدر الذي لا يخرج الموضوع عن قرآنيته ، ولو أنك قرأت ما كتبه بعد سطور لتبين لك مراده في حديثه عن منزلة السنة وأقوال السلف في التفسير الموضوعي .
3 ـ قال الأخ الفاضل عدنان (وأنصحك أخي الكريم أن تقرأ كتاب الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي "التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق" ففيه بإذن الله إجابات على تساؤلاتك وكذلك كتاب الدكتور عبد السلام اللوح والدكتور عبد الكريم الدهشان "مباحث في التفسير الموضوعي" ففيه منهجية البحث في التفسير الموضوعي .
وحتى أسهل عليك الأمر حفظك الله سأعرض لك الخطوات العامة لمنهجية البحث في التفسير الموضوعي لسورة واحدة وهي ... )
أخي عدنان ، لا تغضب علي ، لكن يبدو أنَّك أشرت بهذه الفوقية إلى ما أربأ بك عنه فأنت طالب دراسات عليا و:
قد هيؤوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك .....
فهل ترى أن هؤلاء الأفاضل قد جاءوا بجديد في طرح موضوع التفسير الموضوعي لم يطلع عليه الدكتور مساعد الطيار ؟!
إن ما جئت به من خطوات التفسير الموضوعي من خلال سورة يدل على أنك تكتب بلا رؤية واضحة في هذه النقطة بالذات ، وذلك لأمور :
الأول : لِم لَم تطرح منهجيتهم في دراسة موضوع من خلال القرآن ، وأغلب الحديث ـ فيما أرى ـ ينصب عليه ؟!
الثاني : ليس فيما ذكرته من منهجيتهم النص على اعتماد السنة ولا اعتماد أقوال السلف التي لاحظها الدكتور مساعد الطيار .
الثالث : أنت تُعقِّب بعد نقلك لمنهجيتهم بقولك : ( فهل في ذلك إنكار لجهد السابقين أيها الأخ الكريم ؟ أو تغافل عن السنة ؟) .
وهل قال الدكتور مساعد الطيار أن أصحاب التفسير الموضوعي ينكرون جهد السابقين ؟
إن ذلك إما :وما آفة الأخبار إلا رواتها ( تقوُّلٌ منك ) ، وإما : وآفته من الفهم السقيم ( فهم سقيمٌ لكلامه ) .
4 ـ قال عدنان : (فحاول أخي الكريم أن تنظر بنظرة طالب العلم للموضوع، لا بنظرة الناقد التي نظرت، لعلك ترى الموضوع من جانب آخر ) .
عفوا ..فقد حاد بك قلمك .. والدكتور محل للثقة أن ينقد .. ويلتف حوله طلاب العلم .. هكذا عرفته .. وهكذا هو .
ولعلك وليتك تأخذ هذه العبارة بأسلوب التجريد ، وأن تنظر نظرة طالب العلم لما كتبه الدكتور الطيار لا بنظرة الناقد لعلك ترى الموضوع من جانب آخر .
5 ـ قال عدنان : (وأريد أن أطرح بين يديك رسائل منها " الشيطان خطواته وغاياته_دراسة قرآنية موضوعية " لشيخنا الأستاذ وائل بشير حفظه الله،
وهي منشورة في مكتبة مشكاة الإسلامية، فأطلب منك الإطلاع عليها، لعل منهج الشيخ يجعلك تعيد النظر في رأيك الآخير ).
بدلاً من أن تأمره وتقول : ( فأطلب من) وتدله على المكتبة ؛ ألا يحمل قاموسك شيئا من العبارات النواعم فتهديها باقات وورود،؟!! بدل من ( الطلب ) ( والطرح ) ، نحن يا أستاذي – كطلاب دراسات علياء – نحتاج إلى بحور من التربية والدين قبل أن نرد حياض العلم .. و إلا فالعلم لم يكن ينقص أعتى عاص .. وهو إبليس .
ثالثًا :
منازعات علمية في بعض القضايا أطرحها للأخ عدنان ، فأقول :
الأولى : إنك لم تحدد مصطلحاتك التي تسير عليها في هذا الردِّ ، فلا نحن تبينا منك مرادك بالتفسير من حيث هو علم ، ولا بالتفسير الموضوعي من حيث هو علم ، وأنت تحيل على غير مليء في هذه المسألة ، وكأن الأمر متفق عليه بين الباحثين ، ولا يخالف فيه إلا الدكتور مساعد الطيار ، وهذا المنهج في الرد ليس من المنهج العلمي في شيءٍ ، وأنت ذهبت توسِّع مدلول التفسير بقولك : (أما قولك أخي الكريم أن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات وليس من التفسير الذي هو بيان كلام الله ففيه تجن واضح على التفسير الموضوعي، ودعني أسألك أيها الكريم، هل ما يستنبطه المفسر بالمنهج الموضوعي لا بما يفهمه من مراد الله تعالى؟ فإنه إن استنبط من غير فهم لكلام الله تعالى كان بذلك قد قال الله بغير علم ، وها نحن نرى التفسير الفقهي ، أليس هو استنباط للأحكام من آيات الله تعالى ؟ أفلا يُعد تفسيراً ؟
إن التفسير الموضوعي أيها الكريم لا يبتعد أبداً عن بيان مراد الله تعالى من كلامه، وإنما هو يغوص في تلك المعاني والكلمات بصورة إجمالية، ليستخلص منها نظرة كلية وموضوعية ، إذن هو فهم عام لمعاني كلام الله تعالى وليس مجرد فوائد فقط.
والناظر لأي من كتب التفسير الموضوعي يظهر ذلك القول له جلياً واضحاً،ويتبين له أن التفسير الموضوعي هو نوع رابع وأصيل من أنواع التفسير ) .
يؤخذ عليك في هذا الكلام أمورٌ :
الأول : أنك لم تفهم تفريق الدكتور مساعد الطيار بين التفسير والاستنباط ، وله في ذلك تفريق يحسن أن تراجعه لتحتكم إليه في نقدك له ، وقد طلب منك في عبارته ألا تعجل عليه ، فقال الدكتور مساعد الطيارـ في الكلام الذي نقدته فيه ـ : (وما ذكرته لك هنا أرجو أن لا تتعجَّل بردِّه قبل أن تحدِّدَ معنى التفسير ، وأن تطَّلِع على الإضافة التي أضافها من كتب في موضوع من الموضوعات باسم التفسير الموضوعي ، ولك أن تتأمل إضافته ، هل هي من باب التفسير ، أو من باب الفوائد والاستنباطات ؟ ) ، لكني أراك تعجلت ، وحكمت وخطَّأت تخطئة الواثق في أن الدكتور قد خالف المعنى المعروف من تعريف التفسير .
الثاني : أنك لما أردت ان تخبرنا عن معنى التفسير عندك أخبرتنا بعكس معنى التفسير ، وذهبت إلى التفريق الذي ذكره الدكتور مساعد الطيار من حيث لا تشعر ، فهل ما كتبه القرطبي من مسائل فقهية تدخل في معنى التفسير عندك؟! فإن كانت تدخل ، فأنت تحتاج إلى إعادة نظر إلى فهم معنى التفسير ، وإن كانت لا تدخل ، فهذا يعني أنه ليس كل ما ذكر من استنباط الأحكام يدخل في معنى التفسير .
ودعني أضرب لك مثلاً : هل من استنبط من قوله تعالى : ( وامرته حمالة الحطب ) على صحة عقود أنكحة الكفار ، هل هذا تفسير ؟!
وأفيدك بأني في تخصصك نفسه ، وقد درست التفسير الموضوعي ، وخرجت بنحو ما خرج به الدكتور مساعد الطيار من حيث الجملة ، وبل هذا رأي زملاء لي لكن لم يكتب أحد في الموضوع ككتابة الدكتور مساعد الطيار ، ولا يلزم أن نتجيَّش لرأيه لكي يصلك العلم بأن من يوافق الدكتور في مجمل رأيه فلان وفلان وفلان .
ثم انظر عبارتك الإنشائية ماذا يفهم منها سوى تضخيم الفكرة (إن التفسير الموضوعي أيها الكريم لا يبتعد أبداً عن بيان مراد الله تعالى من كلامه، وإنما هو يغوص في تلك المعاني والكلمات بصورة إجمالية، ليستخلص منها نظرة كلية وموضوعية ، إذن هو فهم عام لمعاني كلام الله تعالى وليس مجرد فوائد فقط ) .
وسؤالي لك ، ماهي تلك المعاني والكلمات والكلمات التي يغوص فيها ؟! هل هي كلام الله ؟ هل هي التفسير الذي ذكره السابقون ؟ هل هي معاني جديدة فهمتها من كلام الله لم يفهما السابقون ؟
الثانية : أنك تحتج في بعض القضايا بما يوافق رأي الدكتور مساعد على أنه من باب الرد عليه ، وأنت تقرُّ بكلامه من حيث لا تشعر ، فانظر قولك : (أقول : أما عن الأقسام التي ذكرت، فنحن لا نزعم أصلاً أن كل الموضوعات يمكن دراستها من القرآن الكريم، بل و أنا اتفق معك أن بعض الموضوعات إذا تم دراستها من القرآن الكريم وحده كانت الدراسة قاصرة، وحينها أنا أؤيد أن تدعم الدراسة بالسنة، وإن كان ذلك الموضوع مما يكثر القول فيه من السنة فما المانع أن تكون الدراسة فيه دراسة حديثية؟
وإن كان مما يكثر القول فيه من السنة والكتاب فلما لا يكون دراسة مشتركة حديثية وقرآنية؟
ولقد فعل ذلك شيخي الدكتور عبد الكريم الدهشان في كتابه "حقوق الإنسان في القرآن والسنة"، ولا شك أخي الكريم أن في الأمر سعة ويسر، فلا نمنع الإفادة من السنة لمن يفسر تفسيراً موضوعياً بحجة أن ذلك مخالف لأساسيات التفسير الموضوعي.
ولقد بين ذلك الأساتذة الكرام ذلك بقولهم ( التقيد التام بصحيح المأثور في التفسير: عند عودة الباحث إلى الأحاديث وكلام الصحابة والتابعين بإعتباره شارحاً ومفسراً للقرآن )
الدكتور مساعد الطيار يثبت عجز التفسير الموضوعي عن دراسة بعض الموضوعات من خلال القرآن الكريم على أسلوب التفسير الموضوعي الذي ارتضيته أنت ونقلته عن أشياخك ، وأحلت على كتب هذا العلم ، وأنت تقرر بالمثال عجز التفسير الموضوعي عن الاستئثار ببعض المواضيع ، ثم تحتج بفعل شيخك الدهشان في موضوع حقوق الإنسان ، وهو ضدك أيضًا وليس معك .
وأما قولك (فما المانع أن تكون الدراسة فيه دراسة حديثية؟
وإن كان مما يكثر القول فيه من السنة والكتاب فلما لا يكون دراسة مشتركة حديثية وقرآنية؟ ) فإنه إسقاط لمراد من كتب في التفسير الموضوعي الذي يبحث من خلال القرآن ، أما لو كان الحديث عن عالم الشريعة الذي يعتمد على الكتاب والسنة في عناوين الموضوعات وفي الاستدلال فلا مانع ، ولو كان اعتراض الدكتور الطيار على من يبحث فيهما على أنه يبحث في ما ورد في الشريعة لضربنا برأيه عُرض الحائط ، ولكن يناقش قومًا اعتمدوا إبراز موضوعات القرآن ، وهو يقول : إن بعض الموضوعات لا يكفي فيها عرض ما في القرآن .
وأرى أن السؤال يوجه إليك ، فيقال : ما المانع من أن تتركوا فكرة التفسير الموضوعي وتجعلون بحوثكم من خلال القرآن والسنة وينتهي الإشكال ولا يكون هناك شيء اسمه التفسير الموضوعي ؟
ولاحظ أنك أعدت هذه الفكرة وهي اخذ الموضوع من خلال الكتاب والسنة مرة أخرى وقررتها بما يوافق ما يريده الدكتور مساعد الطيار فقلت : (أقول : إذاً أخي لأعيد ما قلت سابقاً لنجعل ما لا يمكن دراسته دراسة كاملة من القرآن الكريم مشتركاً مع السنة، ولو أنك أخي أجلت النظر جيداً لعلمت أن أصحاب التفسير الموضوعي قد يستطيعون أن يبحثوا في الصلاة بعنوان آخر غير الذي ذكرت ، مثلاً : "الصلاة ودلالاتها في القرآن الكريم" أو دوارنها في القرآن الكريم، فالقرآن لا يعجز أن يبحث في أي موضوع ولو في وجه واحد من وجوه وهذا من إعجازه، وأكرر قولي أن الأمر فيه سعة ويسر .
أما أنه لا يصح أن ينشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة ، فهذا القول ليس بإطلاقه وإنما يتعلق بنوع الموضوع وكنهه، فمثلاً في موضوع الجهاد قد أكتب بحثاُ يكون عنوانه " أحاديث الجهاد وعلاقتها بآيات الجهاد" ألا أكون بذلك قد أثرت موضوعاً قرآنياً بعنصر من السنة؟ ) .
وتعليقك هذا على ما ضربه الدكتور مساعد الطيار من أن موضوع الصلاة يكون بحثه قاصرًا لو بُحِث من خلال القرآن فقط ، وأنت زعمت : ( أن أصحاب التفسير الموضوعي قد يستطيعون أن يبحثوا في الصلاة بعنوان آخر غير الذي ذكرت ، مثلاً : "الصلاة ودلالاتها في القرآن الكريم" أو دوارنها في القرآن الكريم، فالقرآن لا يعجز أن يبحث في أي موضوع ولو في وجه واحد من وجوه وهذا من إعجازه، وأكرر قولي أن الأمر فيه سعة ويسر ).
أقول : هذا منك حيدة وفرار من إلزام الدكتور مساعد الطيار بوجود عناصر مهمة في الصلاة لم يتطرق إليها القرآن ، وإنما تطرقت إليها السنة فقط ، وبحثها من خلال القرآن يكون ناقصًا . وهو لم يقل لك لا يمكن بحث أي موضوع في الصلاة حتى تأتي بمقترحك لهذا الموضوع .
الثالثة : أنت تقيس مع الفارق ، ما أنت إلا كالصائل الذي يدفع عن نفسه ولو بقشة في يده ، فانظر قولك : (قلت أخي الدكتور مساعد الطيار"رابعًا : إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه ، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات ، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات .
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع ، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرًّا .
أقول :وهكذا كل علم أخي الكريم ، فيه مجال للأخذ والرد ، واختلاف العلماء على علم لا يعني أبداً عدم أهليته ليكون علماً ، فالأحناف يستدركون كثيراً على علم الحنابلة مثلاً ، لكنهم لا ينكرون أن ما يحمله الحنابلة إنما هو علم.
وكذلك علم التفسير الموضوعي ، هو علم يستدرك عليه الكثير لكن ذلك لا يعني لنا عدم أهليته ، وكم من علم عابه الناس على مر الزمان، فلما دارت الأيام تبين للناس ذاتهم خطأ حكمهم عليه،أما عدم وضوح هذا العلم فما أنفك علماؤنا ومشايخنا يبينون لنا وللناس مفاتح هذا العلم حتى صار عند كثير منا معلوماً وواضحاً ، فعدم وضوح الشيء ليس عيباً فيه ، إنما العيب في عين الناظر،وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم،
ولا يزال المرء فينا طالباً للعلم ، يحاول أن يجلي منه ما يستطيع، فالكمال عزيز، والعلم بحر وافر واسع .
فحاول أخي الكريم أن تنظر بنظرة طالب العلم للموضوع، لا بنظرة الناقد التي نظرت، لعلك ترى الموضوع من جانب آخر ) .
أقول : الذي يفهم من كلام الدكتور مساعد الطيار أن التفسير الموضوعي لا زال بحاجة إلى تحرير ، ولم يزعم أن التفسير الموضوعي ليس علمًا ، ولا أنه لا يصلح البتة ، وهذا قد قرره في آخر حديثه فقال : (إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي ، لا من جهة الاصطلاح ، ولا من جهة التنظير والتطبيق . وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع ، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة ، لكن بعد ترشيده وتسديده) وكلامه واضح جدًّا ، فهو لم يسقط التفسير الموضوعي برمته ، بل هو يدعو إلى تصحيح خلل يراه فيه ، وكونك تخالفه في وجود الخلل لا يعني أن تحمل كلامه على التعميم الذي هو من عيوب النقد ، فانظر ماذا قلت أنت :
1 ـ قولك : (واختلاف العلماء على علم لا يعني أبداً عدم أهليته ليكون علماً ، فالأحناف يستدركون كثيراً على علم الحنابلة مثلاً ، لكنهم لا ينكرون أن ما يحمله الحنابلة إنما هو علم.وكذلك علم التفسير الموضوعي ) .
هذا قياس مع الفارق ، فهل علم الحنابلة كل كالتفسير الموضوعي ، وهل يستدرك الأحناف على مسائل ، أو على علم ، وهل هناك علم اسمه ( علم الحنابلة ) ؟!
وليس أحد من طلبة العلم يجهل وجود الاستدراكات حتى تأتي وتقررها بهذه الطريقة الغريبة التي جعلت علم التفسير الموضوعي كعلم الحنابلة !
2 ـ أنت لم تكن حياديًا في نظرك لكلام الدكتور مساعد ، وأنت ترميه بالعيب في نظره العلمي ، فتقول : (فعدم وضوح الشيء ليس عيباً فيه ، إنما العيب في عين الناظر،وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم ) ، وما دام هذا نظرك في الدكتور مساعد فلا أرى انك استفدت من طرحه هذا ، بل لعلي لست أذهب بعيدا إن قلت : يبدوا أنك اعتقدت ثم كتبت على حد قول القائل :
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
الرابعة : أنت تقوم بمصادرة الأدلة بشكل عجيب ، وتتحكَّم بها في التصنيف بتحكُّم عجيب ، وتذهب إلى قضايا هي متأرجحة بينك وبين الدكتور الطيار فتجعلها لك وتحرمه منها ، وإليك الأمثلة على هذه القضايا :
1 ـ بداية حديثك عن التفسير الموضوعي ذكرت انك ستدلل على أنه معمول به منذ القدم ، فهو ليس بدعًا ولا حادثًا ، وإنما الذي تأخر هو تسميته وما خرجت إلا في القرن الرابع عشر ، وذكرت أمثلة من ذلك ، وهي : كتاب مقاتل في الأشباه والنظائر ، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ، وإذا كان هذا هو التفسير الموضوعي عندك فإما أن يكون المعاصرون ساروا على هذا المنهج ، وإما أن يكنوا خالفوه بالزيادة والمقاصد وطريقة التأليف ؟
فإن كان هذا هو التفسير الموضوعي عندك ، فتلك مصادرة واضحة ، فأنت جعلت هذا من التفسير الموضوعي ، وليس الأمر كذلك ، ولو كان هذا هو التفسير الموضوعي لما خالف فيه الدكتور مساعد الطيار ، فأنت تَحْكُمُ على هذه المؤلفات أنها تفسير موضوعي ، وهذا تحكُّمٌ واضح .
واستدللت بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للظلم بأنه الشرك ، وقلت :
( 1 ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من استخدم التفسير الموضوعي حيث رد ما أشكل على الناس فهمه إلى ما ليس فيه إشكال، ففسر القرآن بالقرآن بنظرة شمولية لمعنى الظلم في القرآن، وهذا لون من ألوان التفسير الموضوعي
2 ـ أن التفسير الموضوعي أصيل في ديننا وليس مبتدع ولا محدثـ،وأنه من ناحية العمل به من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وهذا منك تحكم ومصادرة للأدلة ، فلو كان ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو التفسير الموضوعي ، فمن مِن المسلمين يمكن ان يخالف في ذلك ؟ ولكنك بتحكمك تجعل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرًا موضوعيًا .
2 ـ لاحظ عبارتك : ( وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثًا ) هل مرادك المصطلح ، أو الكتابة فيه على هذا الأسلوب المعاصر أو ماذا ؟
وكيف تجمع بينه وبين قولك في أول حديثك أن التفسير الموضوعي كان معمولاً به منذ القدم ؟!
يبدو أن في الكلام تخليطًا يحتاج إلى إعادة ترتيب .
3 ـ إنك قلت في آخر كلامك ( إنه لا مصادمة ولا ندية بين أنواع التفسير الأربعة .... ) فهل هذه فائدة زائدة ابتداءًا ، أو هي ردٌّ على من زعم أن بينها تصادم ؟ ومن هو ؟
4 ـ قلت في معرض ردك على الدكتور مساعد الطيار ( ... أقول : فهل تجعل أخي فعل البعض حجة على الكل ) وأنت وقعت فيما أنكرت عليه ، فجعلت قول البعض ( مسلم والخالدي والدهشان واللوح ) حجة في نقدك له ، فهل استقرأت كل من كتب في التفسير الموضوعي واستوعبتهم ، حتى ظهر لك أنهم كلهم يوافقون طرحك ؟!
ويبقى حبل الود ممدودا .. ودعوة .. وعودة .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
الأخ/ صافن ...
بارك الله فيك على هذه الباقات العطرات، والتي تفوح منها رائحة المحبة والمودة للعلم وأهله، والحرص على العلم وأهله من أن يصيبهم أو تشوبهم أي شائبة، بالإضافة إلى بث روح المنافشة الهادفة، والنقد البناء، فالنقد منهج شرعي، لكن إذا دخله بعض الدخن فقد لا يجدي فائدة، فضلاً عن أنه قد يكون وبالاً على الإنسان، فلنربأ بأنفسنا جميعاً عن مثل هذه النزغات فإنها من الشيطان، وليكن رائداً دائماً وأبداً الوصول إلى الحق، متجرداً عن التعصب والهوى المذمومان، وكما ذكرت أخي الحبيب أن الدكتور مساعد الطيار حفظه الله قد ناقش الأقوال ولم يذكر القائلين، فلنَقْتَدِ بهذا الخلق الرفيع من الدكتور مساعد حفظه الله وأمثاله؛ حتى نسمو بهذا العلم إلى أعلى الدرجات.
باركم الله فيكم جميعاً وفي كل من دخل في هذا النقاش، وكان رائده الوصول إلى الحق، أخطأ أم أصاب في الطريقة، وثبتنا الله وإياكم على الإيمان ....
 
الأخ الحبيب صافن

بارك الله فيك أيها الكريم ووالله ما أردت علواً في الأرض إنما أردت عاقبة المتقين

وأقر أن كلمات زلت مني على غير قصد في حق شيخنا الدكتورمساعد الطيار ، ولقد أعتذرت له وقبل اعتذاري وكلمته والحب يملأ خافقي وكياني.

وأعلم أخي أن المناقشة التي رأيتها إنما هو أسلوبي _وهو أسلوب ليس أصيل في_ لا أسلوب شيخي الدكتور الدهشان، ولقد صحح لي الأسلوب وراجعني فيه مراجعة شديدة

وها أنا أعتذر على رؤوس الأشهاد لشيخي الدكتور الطيار إن أسأت له بحرف أو كلمة أو عبارة

بارك الله فيك أيها الحبيب
 
لا أخفي سعادتي بمثل هذه الموضوعات ، وإن اختلفت فيها وجهات النظر إلا أنها تثري الملتقى العلمي ، ونتعلم منها الكثير . وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للأخ عدنان ، وهي أمور علمية لا ينبغي له ولا لأي واحد منا أن نجد غضاضة فيها عندما يوجه لنا مثلها لأنها ثزيدنا عمقاً ومعرفة بالأسلوب الأمثل للحوار وآدابه وما ينبغي فيه من عبارات ، ولا شك أن مجال العذر للكاتب أضيق منه للمتحدث ، لما يجده الكاتب من الوقت للتنقيح والمراجعة دون المتحدث . لكن لا بأس بذلك فالملتقى ميدان رحب للتعلم والاستفادة . ولا أخفي سعادتي باعتذار الأخ عدنان البحيصي في رده الأخير للدكتور مساعد الطيار وأشكره عليه وأدعو له بالتوفيق والسداد والعلم النافع . وهذا يجعل الحوار يسير في مساره الصحيح كما تفضل الدكتور فاضل الشهري الذي يطل على الملتقى من هذه المشاركة الأولى .
وأحب أن أقول : إننا إذا تجاوزنا الملحوظات (البروتوكولية) فيما كان ينبغي للأخ عدنان أن يكتبه ، إلا أن لب الموضوع ليس فيه خلاف جوهري ، فمقال الدكتور الطيار لم يرد التفسير الموضوعي ، وإنما دعى إلى تصحيح المسار وتقويمه . وهذا لا مشاحة فيه والحمد لله. وليتنا نقف عند النقاط التي ذكرها في مقاله ونتأملها ، ونأخذ ما يسلم من النقد للعمل والتطبيق ، فميدان التفسير الموضوعي واسع ، ولا زالت الدراسات فيه في بدايتها.
 
اللهم ارحمنا فأنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فأنت علينا قادر ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا كريم .
 
تحياتي لمن تكلم قبلي ومن يتفضل بعدي وأقول:
كنت قد أعددت مشاركة بوصفي من المصنِّفين في التفسير الموضوعي ومن المحبين له، ولكون الدعوة بين الحين والآخر تكررت للمهتمين والباحثين في هذا النوع من التفسير ، ولكن بعد تدقيق وطول جهد في القراءة لكل المشاركين وجدت أن كثرة التدخلات التي وصلت إلى حد مرفوض أضاعت كثيراً من المستهدف من طرح الموضوع وإثارته علمياً.
وأستطيع تلخيص ما أراه في نقاط كالآتي:
1ـ رفض السجع كعنوان شرعه الأقدمون في وجوه من رفضوه من أبناء طبقتهم كقول الحافظ قديماً " الكاوي لدماغ السخاوي "ونحوه. والفقير يرفض هذا العناوين المسجوعه في مقامنا هذا، لما يحتويه هذا اللون من مظنة الإصرار والترصد.

2ـ التفسير الموضوعي لا يقل أهمية عن التحليلي ـ كما تفضل الإخوةـ

3ـ أن اختلاف طرق المصنِّفين في التفسير الموضوعي لا يعني بحال اختلافهم في الهدف

4ـ أخطأ من وضع خطة بعناوين بحثه في التفسير الموضوعي قبل استقراء القرآن العظيم كله، إذ أن الآيات هي التي توحي بالعناوين وتمليها على الباحث.

ـ أجزم بأننا لو لم نصنّف في التفسير الموضوعي لانحصر المستفيد من البحوث في طبقة المتخصصين فحسب، والقرآن جاء هداية للناس جميعا للمتخصص وغيره ، وغيره كأصحاب التخصصات العلمية المدنيه وسواد الناس فمن حقهم أن يتلقوا هدايات القرآن بأسلوب مفهوم لديهم سهل لا يعتمد اعتمادا كليا على الاشتقاق والتصريف والبلاغة و........ أقول هذا وقد صنفت عدداً من البحوث التحليلية.

6ـ ـ أجزم بالاتحاد التام في التفسير الموضوعي بين القرآن والسنة من جانب ، ومن جانب آخر القرآن ومبينِّه من كل علم يثري ويقنع ويبرهن ـ حسب عنوان الموضوع ـ.ومتطلبات البحث .

7ـ أرجو التفضل بالاطلاع مرة ثانية لكل من قرأ كتاب العلامة محمد عبد الله دراز "النبأ العظيم " أن ينعم النظر فيما كتبه عن الوحدة الموضوعية لسورة البقرة مثلا ليرى لونا بديعا من ألوان الإعجاز القرآني من خلال التفسير الموضوعي.


8ـ أحب أن أشير إلى أن الزميل أ.د عبد الفتاح عبد الغني له بحث ماتع في موضوع الأسير في القرآن الكريم" وهو هو عين ما قلَّت أياته ـ كما مثَّل العلامة د. مساعد ـ حفظه الله.
9ـ [size=]ـ أحيي بشدة ما تنسمناه ـ في خضم هذه الملحمة النقاشية ـ من نسيم الأدب والتواضع وترطيب الأجواء بين الإخوة ، والناس بخير ما تناصحوا .[/size]

الخامسة فجر الخميس 16/10/1429هـ 16/10/2008م
 
عودة
أعلى