جرأة الصحفيين على تفسير القرآن : نقد لمقالة الأستاذ فهد الأحمدي في جريدة الرياض

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,322
مستوى التفاعل
131
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png

أرسل لي أحد الفضلاء على صفحتي في تويتر رابطا لمقالة الأستاذ فهد بن عامر الأحمدي - وفقه الله - في جريدة الرياض (العدد 15975) بتاريخ (الثلاثاء 27/4/1433هـ) بعنوان (إنَّ هذان لساحران) ، وهذا نص المقالة :
إن هذان لساحران

فهد عامر الأحمدي
كل من يجيد قواعد النحو يعرف أن عنوان المقال خاطئ (من حيث الإعراب) ولكنني قررت اختياره بعد بحثي في الانترنت عن إعراب جملة قرآنية صعب علي تفسيرها.. فأثناء تنقلي - من رابط لرابط وصلت إلى قس حاقد يدعى زكريا بطرس ادعى وجود أخطاء لغوية في القرآن الكريم .. ومن الأمثلة التي استشهد بها في اليوتيوب قوله تعالى: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا)..
فحسب قواعد اللغة العربية يفترض أن تكون الآية (إن هذين لساحران) وليس (إنْ هذان لساحران) كون المثنى ينصب بالياء وليس بالألف ..
فكما هو معروف (إن وأخواتها) تنصب المبتدأ وترفع الخبر وبالتالي يجب أن نقول: إن هذين لتلميذان، لا أن نرفع الاثنين ونقول : إن هذان لتلميذان..
وكان بطرس المخادع يتحدث بحماس شديد وكأنه اكتشف شيئاً جديدا، في حين أن علماء اللغة والتفسير تحدثوا منذ قرون في هذا الموضوع وأشبعوه بحثاً.. وكي أعفيكم من التفاصيل سألخص أقوال النحويين في ثلاثة أقسام رئيسية:
- القول الأول: أن هذه الآية نزلت بلغة الحارث بن كعب وزبيد وخثعم وكنانة ممن يجعلون رفع الاثنين ونصبهما وخفضهما بالألف بحيث يقولون مثلا: جاء الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وقال أحد شعرائهم:

تزوّد منا بين أذناه ضربة * دعته إلى هابي التراب عقيم

(حيث جاءت أذناه هنا بالألف رغم أنها في موضع الخفض)...
- والقول الثاني: أن حرف "إن" في الآية السابقة يأتي بمعنى (نعم) كما حكى الكسائي بأن العرب تأتي ب"إن" بمعنى نعم ، وقول سيبويه "إن" تأتي بمعنى أجل، وقول أبي محمد الخفاف "إن الحمد لله" إعرابها بالنصب ولكن العرب تجعل "إن" في معنى نعم وترفع مابعدها..
أما القسم الثالث فاعتبره بكل بساطة خطأ إملائياً غير مقصود يفترض تصحيحه.. فمن المعروف أن القرآن الكريم جمع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وكُتب برسوم إملائية مختلفة/ أو ربما خاطئة سها عنها الكُتاب.. وهذه من الأسباب التي جعلت عثمان بن عفان يحرق بقية المصاحف ويكتفي بمصحف واحد دعي بالمصحف العثماني..
... وأنا شخصيا أستبعد الرأي الثاني وأرتاح للرأي الثالث كونه الأكثر بساطة والأقرب للوقوع .. فكما قرأ ابن مسعود وابن عباس وغيرهما قوله تعالى (والشمس تجري لا مستقر لها) بدل (والشمس تجري لمستقر لها) قرأ أيضا بعض النحويين الكبار مثل ابن عمر والجرجاني وعيسى بن عمرو (إن هذين لساحران) بدل (إن هذان لساحران)!!
... ومن جهة أخرى ؛ لا أتردد في اتخاذ (القول الأول) كدليل على أن قواعد اللغة ذاتها ليست (قرآنا منزلا) بل ابتكار بشري ظهر (بعد تدوين القرآن) واعتمد على لغة قريش كأساس ..
بكلام آخر.. توجد لهجات أخرى (لقبائل عربية أصيلة عاشت زمن قريش) تخالف من حيث التركيب والإعراب قواعد النحو والصرف التي نعتمدها حاليا / والدليل قوله تعالى:(إن هذان لساحران)!!
... ولأن القرآن نزل على سبعة أحرف (ولأنه حمال أوجه كما قال علي رضي الله عنه) لا يفضل علماء النحو الاستشهاد به دائما..
وكنت قبل سنوات قد تعرفت - في حفل زفاف - على أستاذ عراقي عمل في الماضي في مجمع اللغة العربية في بغداد.. وحين أتى الحديث عن الاستشهاد بالقرآن الكريم قال شيئا صدمني في البداية ثم وجدته منطقيا في النهاية .. قال: من أسرارنا نحن علماء اللغة أننا نتحاشى الاستشهاد بالقرآن الكريم في المسائل النحوية لأننا بذلك نترك فرصة لمنافسينا للاستشهاد بآية أخرى تخالف رأينا وتقوي رأي المعارضين لنا.. والحل الأفضل - حسب رأيه - هو الاستشهاد بأبيات شعرية وحيدة لشاعر جاهلي كبير (مثل زهير أو الأعشى أو طرفة بن العبد) بحيث يعجز منافسك عن معارضتك بأبيات مخالفة لذات الشاعر/ أو في أفضل الحالات لا يجد غير الاستشهاد بشاعر أقل منه مستوى وشهرة!!
... أذكر جيدا أنه ابتلع حبة عنب كبيرة وقال: لا تخبر أحدا بسر المهنة ..

انتهت المقالة . وهذا رابطها : صحيفة الرياض

ولي مع هذه المقالة وقفات أرجو أن أوفق في التعبير عنها ، وأن تبلغ أخي الكريم الأستاذ فهد الأحمدي .
أولاً : الكلام في تفسير القرآن وفي إعراب المواضع المشكلة كهذه الآية لا يجوز لأي أحد أن يقوم به بهذه الطريقة ، وأسلوب الكاتب يدل على تواضع مستواه العلمي في جانب النحو ، وطريقة تخريج المعربين لإعراب هذه الآية ، ولستُ بحاجة إلى نقل أقوال السلف في تعظيم القول في القرآن وفي تفسيره وخطورة ذلك ، فلم يكن من المقبول ولا السائغ للكاتب ما دام بهذا المستوى العلمي في التفسير والنحو أن يتصدى لكتابة هذه المقالة مطلقاً ، ولا سيما أنني أعرف من فضل الأستاذ الأحمدي ونشاطه الصحفي ما يجعله يحترم القرآن ويحجم عن الكلام بغير علم في تفسيره ، وهذه المقالة دليل واضح جداً على القول في تفسير القرآن بغير علم ، وإنما بمجرد الرأي الذي لا يستند لدليل مقبول معتبر .​

ثانياً : قراءة (إنَّ هذانِ لَساحران) بتشديد النون في (إنَّ) ورفع (هذان) هي قراءة الجمهور من القراء ، فقد قرأ بها شعبة عن عاصم بن أبي النجود ، ونافع المدني ، وابن عامر الشامي ، وحمزة الكوفي ، والكسائي الكوفي وغيرهم من أئمة القراء . ولم يقرأ بقراءة النصب (إنَّ هذين لساحران) إلا أبو عمرو ابن العلاء البصري ، وعدد من القراء من الصحابة والتابعين . فالقراءة التي نتحدث عنها هي قراءة معظم القراء .​

والخلاف في توجيه إعراب هذه الآية على قراءة التشديد معروف ، وقد ورد في توجيهها ما يقارب سبعة أوجه من الإعراب ، ليس منها الوجه الثالث الذي نقله الكاتب عن بعض المناوئين للقرآن . وقد ذكر توجيه هذه القراءات النحويون والمفسرون وأصحاب توجيه القراءات في مؤلفاتهم ، كالإمام ابن أبي مريم في كتابه (الموضح في وجوه القراءات وعللها) 2/836، والإمام أحمد بن عبيد الله بن إدريس في كتابه (الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار)1/542
، وأبي علي الفارسي في كتابه (الحجة للقراء السبعة) 5/229 والدكتور عبدالعزيز الحربي في (توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية) ص 347

وأبرز حجج من شدد النون (إنَّ) ورفع (هذان) واحد من أربعة أمور :​

1- أنها جاءت على لغة قبيلة بني الحارث بن كعب وكنانة وغيرهم من قبائل العرب . واستشهد النحويون على ذلك بشواهد صحيحة من الشعر والنثر تؤيد ذلك .​

2- أنَّّ (إنَّ) في الآية ليست حرف تأكيد ونصب ، وإنما حرف بمعنى (نعم) ، وتكون اللام في قوله (لساحران) زائدة من حيث الإعراب ، وتكون فائدتها المعنوية للتأكيد ، واستشهدوا على صحة هذا التوجيه بشواهد شعرية مقبولة .​

3- أن الألف في (هذا) دعامة ، وليست بلام فعل ، فلما ثنيت زدت عليها نوناً ، ثم تركت الألف ثابتة على حالتها لا تزول على كل حال ، كما قالت العرب (الذي) وهو اسم موصول للمفرد ، ثم زادوا نوناً تدل على الجمع فقالوا (الذين) في رفعهم ونصبهم وخفضهم ، كما تركوا هذان في رفعه ونصبه وخفضه . ومن أجود من رأيته يوجه هذا القول العلامة اللغوي أحمد بن فارس الرازي رحمه الله (ت 395هـ) في كتابه [الصاحبي 21] حيث قال :(وذلك أن (هذا) اسم منهوك ، ونهكه أنه على حرفين أحدهما حرف علة ، وهي الألف ، و (ها) كلمة تنبيه ليست من الاسم في شيء، فلما ثني احتيج إلى ألف التثنية فلم يوصل إليها لسكون الألف الأصلية ، واحتيج إلى حذف إحداهما ، فقالوا : إن حذفنا الألف الأصلية بقي الاسم على حرف واحد ، وإن أسقطنا ألف التثنية كان في النون منها عوض ، ودلالة على معنى التثنية ، فحذفوا ألف التثنية ، فلما كانت الألف الباقية هي ألف الاسم احتاجوا إلى إعراب التثنية ، فلم يغيروا الألف عن صورتها ؛ لأن الإعراب واختلافه في التثنية والجمع فتركوها على حالها في النصب والخفض).​
وهذا توجيهٌ جَميلٌ ، وتعليل سائغٌ من عالم بلغة العرب ودقة مسالكها .

4- أن الإعراب في المفرد (هذا) لا يظهر ، فكذلك في المثنى منه (هذان) يبقى على حالة واحدة ليكون المثنى كالمفرد لأنه فرع عنه، وقد اختار هذا القول أبو العباس بن تيمية وذكر أن بناء المثنى إذا كان مفرده مبنياً أفصح من إعرابه . [الفتاوى 15/248-264 ، شذور الذهب لابن هشام النحوي 49] .​
وقد أكد هذا التوجيه الإمام النحوي ابن هشام رحمه الله فقال في كتابه [مغني اللبيب 1/58] :(هذان مبني لدلالته على معنى الإشارة ، وإن قول الأكثرين (هذين) جراً ونصباً ليس إعراباً أيضاً ... وعلى هذا فقراءة (هذان) أقيس ؛ إذ الأصل في المبني ألا تختلف صيغته مع أن فيها مناسبة لألف ساحران) .

وقد ذهب العلامة اللغوي تمام حسان رحمه الله إلى قريب مما في كلام ابن هشام ، إذ يرى أن في قراءة التشديد والرفع إهداراً للعلامة الإعرابية التي أمن اللبس فيها ؛ وذلك لأنه لا يتقدم خبر إن على اسمها إلآ إذا كان ظرفاً أو جاراً ومجروراً ، وليس قوله (لساحران) من هذا القبيل ، فعلم أن (هذان) اسم (إنّ) فجاء الترخص في الإعراب لأمن اللبس ، ولإيجاد نوع من المناسبة الصوتية بين اسم (إنَّ) وخبرها) [البيان في روائع القرآن 257] .​

ثالثاً : القول الثالث الذي ذكره الأستاذ فهد الأحمدي قول غير مقبول علمياً ، وفيه طعنٌ في حفظ القرآن ، وتهوين من شأن كتاب الوحي ، وهم أحرص الناس على تدوين القرآن بدقة متناهية ، وإخلاص منقطع النظير ، وليت الأستاذ فهد الأحمدي يقرأ في كتب جمع القرآن ورسم المصحف ليعلم حق اليقين مدى عناية العلماء برسم حروف القرآن حرفاً حرفاً وعلامةً علامةً ، وأنه ليس ثمة مجال للخطأ الإملائي بهذه السهولة. وإجماع القراء على هذه القراءة المتواترة ليس مبنياً على كتابتها بالألف في المصاحف ، فالعمدة في القراءة هو السماع والتلقي وليس الكتابة في المصحف ، والكتابة تابعة للتلقي لاالعكس ، وهذا أمرٌ معروف مجمع عليه عند علماء القراءات ورسم المصحف والتفسير وأهل العلم ، وليس من المقبول علمياً تخطي كل هؤلاء وترجيح القول الثالث بجرة قلم، وهذا علامة على الخلل المنهجي في الكلام على القرآن وتفسيره ينبغي التنبه له ، ولزوم الحذر الشديد عند الكلام عن كتاب الله، فالمسلم في غنية عن إثم الدخول في تفسير القرآن دون علم ، وليسأل أهل العلم فهم متوافرون ولله الحمد ، نسأل الله أن يعفو عنا وأن يغفر لنا جميعاً ما نقع فيه من الخطأ والزلل .​

ولا ينقضي عجبي من قول الأستاذ فهد الأحمدي :​
.. وأنا شخصيا أستبعد الرأي الثاني وأرتاح للرأي الثالث كونه الأكثر بساطة والأقرب للوقوع .. فكما قرأ ابن مسعود وابن عباس وغيرهما قوله تعالى (والشمس تجري لا مستقر لها) بدل (والشمس تجري لمستقر لها) قرأ أيضا بعض النحويين الكبار مثل ابن عمر والجرجاني وعيسى بن عمرو (إن هذين لساحران) بدل (إن هذان لساحران) !!

فهذا كلام لا علاقة له بالعلم ولا بالمنطق ، (أستبعد الرأي الثاني وأرتاح للرأي الثالث) لماذا ؟ (كونه الأكثر بساطة والأقرب للوقوع) . فليس من ضوابط الاختيار والتفضيل بين أقوال المعربين بساطة القول ، وقرب الوقوع ، وإنما يتحاكم علماء النحو والمفسرون إلى لغة العرب المسموعة ، واجتهادات النحويين الذين أفنوا أعمارهم في دراسة لغة العرب ، وليست المسألة بالتشهي والارتياح وقرب الوقوع . والقول بقرب وقوع الأخطاء الإملائية والنحوية في القراءات القرآنية المتواترة كارثة علمية لا يجوز القول بها ، ولولا حسن ظني بالكاتب لذهبت في توجيه هذا الكلام مذاهب أخرى .

وقول الكاتب :قرأ أيضا بعض النحويين الكبار مثل ابن عمر والجرجاني وعيسى بن عمرو (إن هذين لساحران) بدل (إن هذان لساحران) !! فيه خلل في النسبة . فهذه القراءة أيضاً صحيحة ومتواترة ، وهي قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري وهو أحد القراء السبعة الذين تواترت قراءتهم . فلم يقرأ بها ابن عمر الصحابي الجليل كما أفهمه من قوله (ابن عمر) إلا إذا كان يقصد أبا عمرو بن العلاء وأخطأ في النقل ، ولستُ أدري من هو الجرجاني الذي قرأ بهذه القراءة فليس مشهوراً بين القراء أحد بهذه النسبة ، وأما عيسى بن عمرو فكذلك غير معروف ، والمعروف من أئمة النحو هو عيسى بن عمر وليس ابن عمرو . وعلى كل حال فهذه مسألة سهلة ، وخطؤه فيها متوقع لعدم خبرته بأهل القراءات ولو كانوا مشهورين عندنا أهل التخصص . لكن الكلام في توجيه القراءات بهذه (السذاجة) غير مقبول في صحيفة سيارة مشهورة ، ومن كاتب صاحب عمود صحفي يومي . وأقول له : شيئا من احترام القرآن يا أخي العزيز ، واحترام أهل التخصص فيه .

رابعاً : قول الكاتب :​
ومن جهة أخرى ؛ لا أتردد في اتخاذ (القول الأول) كدليل على أن قواعد اللغة ذاتها ليست (قرآنا منزلا) بل ابتكار بشري ظهر (بعد تدوين القرآن) واعتمد على لغة قريش كأساس ..
بكلام آخر.. توجد لهجات أخرى (لقبائل عربية أصيلة عاشت زمن قريش) تخالف من حيث التركيب والإعراب قواعد النحو والصرف التي نعتمدها حاليا / والدليل قوله تعالى:(إن هذان لساحران)!!
... ولأن القرآن نزل على سبعة أحرف (ولأنه حمال أوجه كما قال علي رضي الله عنه) لا يفضل علماء النحو الاستشهاد به دائما..

هذا كلام في غاية السقوط والجهل والتعالم ، ولستُ أدري كيف أتناول الرد عليه إلا بذكره فقط بين يدي أهل العلم ، فمن الذي قال إن قواعد النحو قرآن منزل ، ولكنها ليست متاحة لكل أحد لكي يفتي فيها ، فنحن نقبل الاجتهاد في بعض القواعد من أهلها النحويين الذين يقولون بعلم وحجة وليس بكلام مرسل لا قيمة له كهذا الكلام .

ثم إن اختلاف لهجات العرب معروف ، وله بابه وكتبه وتوجيهه وفائدته ، وليس كما فهمه الكاتب بهذه السذاجة.​

وأما قوله (... ولأن القرآن نزل على سبعة أحرف (ولأنه حمال أوجه كما قال علي رضي الله عنه) لا يفضل علماء النحو الاستشهاد به دائما..) فغريب عجيب لم أسمع به من قبل على كثرة قراءتي وعنايتي الشديدة ، فمن من النحويين لا يحب الاستشهاد بالقرآن ؟ وكيف فهم من كلمة ابن عباس (القرآن ذو وجوه) هذا المعنى الغريب . والقرآن هو أوثق حجج وشواهد النحويين بجميع قراءاته المتواترة والشاذة ، ولا أعلم أحدا رد الاستشهاد بالقرآن. وأما إشارة الكاتب للأحرف السبعة في هذا السياق فهي دليل على عدم معرفته بمعناها ، فالمقالة كلها مبنية على الكلام المرسل الذي ليس له قيمة علمية.​




خامساً : وأما قول الكاتب :​
وكنت قبل سنوات قد تعرفت - في حفل زفاف - على أستاذ عراقي عمل في الماضي في مجمع اللغة العربية في بغداد.. وحين أتى الحديث عن الاستشهاد بالقرآن الكريم قال شيئا صدمني في البداية ثم وجدته منطقيا في النهاية .. قال: من أسرارنا نحن علماء اللغة أننا نتحاشى الاستشهاد بالقرآن الكريم في المسائل النحوية لأننا بذلك نترك فرصة لمنافسينا للاستشهاد بآية أخرى تخالف رأينا وتقوي رأي المعارضين لنا.. والحل الأفضل - حسب رأيه - هو الاستشهاد بأبيات شعرية وحيدة لشاعر جاهلي كبير (مثل زهير أو الأعشى أو طرفة بن العبد) بحيث يعجز منافسك عن معارضتك بأبيات مخالفة لذات الشاعر/ أو في أفضل الحالات لا يجد غير الاستشهاد بشاعر أقل منه مستوى وشهرة!!
... أذكر جيدا أنه ابتلع حبة عنب كبيرة وقال: لا تخبر أحدا بسر المهنة .

فما أرخص هذا الكلام وأهونه على العلم وأهله ، إذ كيف يستجيز الكاتب نقل مثل هذا الرأي بزعم رد استشهاد النحويين بالقرآن بناء على صاحبه آكل العنب بلا مبالاة، وكأنه يحب أن يضحك القراء في نهاية هذا المقال الخفيف في ميزان العلم والأدب مع القرآن ومع العلماء من أهل التفسير والنحو ، ويسخر منهم ومن منهجهم في بناء صرح النحو ، الذي لم يستوعب هو وصاحبه مدى الجهد الذي بذله أولئك العلماء الأفذاذ في خدمة اللغة العربية والقرآن ، ولم يتركوه لأهواء الكتاب وأشباه الكتاب .

وأخيراً فإنني أشعر بحزن شديد أن أقرأ مثل هذا الكلام لكاتب معروف كالأستاذ فهد الأحمدي في صحيفة مشهورة كالرياض، ولم أشأ أن أكتب مثل هذا الرد الذي فيه بعض الغلظة، ولكنني شعرت بغضب شديد لمدى الاستخفاف بالقرآن وبالقارئ وبالنحو وأهله ، وسوء استخدام هذه الزاوية في كتابة أمثال هذا الكلام الخالي من العلم والأدب مع القرآن ، ولذلك فإن غيرتي على القرآن والعلم هي التي دفعتني للكتابة بهذا الأسلوب وبهذه اللغة ، وألوم لوماً شديداً المسؤولين في صحيفة الرياض أن يبيحوا نشر مثل هذا الكلام في الصحيفة . فتفسير القرآن ليس كلأ مباحاً للصحفيين الذين لا يعرفون أصول التفسير وكيفية التعامل مع كتاب الله ، وقديماً قال العلماء : من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب .​

وأختم مقالتي هنا بكلام رائع نفيس نقله الإمام أحمد بن عبيد الله بن إدريس في كتابه (المختار في معاني قراءات أهل الأمصار) 1/546 الذي حققه صديقي وأخي الدكتور عبدالعزيز بن حميد الجهني وأجاد في تحقيقه ، حيث نقل هذا الإمام كلاماً رائعاً لأحد العلماء لم يسمه عن فائدة مثل الاختلاف في إعراب هذه الآية ، وكيف يظهر الله حفظ كتابه بمثل هذه المواضع المشكلة في الإعراب ، حيث قال :
قال بعض أهل العلم :(إن نزول القرآن في هذا الحرف على خلاف الوجه الأشهر في العربية له منزلةٌ من الحكمة جليلةٌ ، وموضعٌ من الصلاح عظيمٌ ، وهو من الأشياء التي قطع الله بها أطماع الملحدين وأهل الزيغ عن التطرق على كتابه بادعاء الفساد عليه من جهة النقل ودخول الزيادة والنقصان ، من قبل أن الله حرّك بذلك قلوبَ المؤمنين من عباده على التحفظ من وقوع الخطأ والزلل عليهم فيه ، وألجأهم بما أزعج به قلوبهم من هذه الأحرف إلى تصفح إعراب القرآن ، بالتفقد الشديد ، وجمع البال ، واستفراغ الذهن ، ليعرفوا ما يقع فيه مما يجري هذا المجرى ، فيتكلموا فيه ، ويُعدوا الاحتجاجَ له على من طعن على كتاب الله تعالى وما أداه إليهم نبيهم صلى الله عليه وسلم فيكون نظرُهم في ذلك وشدةُ عنايتهم يؤديهم إلى ضبطه وإعرابه وحُسنِ أدائه على المنهاج الذي أنزل عليه ، لأنه لو لم يحركْهم بمثل هذا جاز أن يتكلموا على أنه إذا كان من عند ربهم ، وكان المؤدي له نبيهم والسامعون له القوم الذين أنزل بلغتهم لم يقع فيه غلطٌ ، ولم يدخله خللٌ ، فلا يتفقدون من أجل ذلك حروفه وإعرابه، ويثقون لسلامته ، فيؤديهم ذلك مع تراخي الزمان وتطاول الأيام إلى أن يُخلّوا بأدائه ، ويفرّطوا في معرفة الأمور التي بها يضبط إعرابه ، فيؤول أمره بذلك إلى الاختلال والفساد في المعاني ، وإلى أن يذهب بهاؤه وطلاوته ورونقه وحسن ألفاظه ، ويبطل استصلاح كثير من العباد ، فأزعج الله قلوب السامعين له بما يرون فيه من مشكل الإعراب من الحروف التي صرفت عن الوجه الذي هو أشهر في لغتهم إلى تفقد جميع إعرابه ، ليقيم الحجة على جميع العباد بسلامته من الخلل في ذلك والفساد ، وبموافقته لغة القوم الذين أخبر أنه نزل بلغتهم ، وجعله قرآناً عربياً بلسانهم ، كما أزعج قلوب السامعين بما أنزل من متشابه التأويل الذي لا يقفون عليه مع سماعه دون أن يتأملوه ويفكروا في معانيه، فيعلموا أنه لا تناقض فيه ولا فساد ؛ لأنه علم جل ثناؤه أنه إذا جعل ذلك كذلك ، كان أشد لتدبرهم ، وأكثر لتأملهم، وأحرى ألا يهملوه ، ولا يعرضوا عن النظر في معانيه، والعناية بأمره، فيؤدي ذلك إلى الإخلال بعلمه، ويكون سبباً مؤدياً لتضييع المعرفة من جهة الحجج ، ودلالات العقول التي يستدرك الإيمان به ، سبحانه من لطيف ما ألطف حكمته وأصح تدبيره .
وبعد فهل رأى الناس أمةً من الأمم وأهل دين من الأديان استعلموا من ضبط كتابهم ، وما أنزل إليهم من ربهم ما استعمله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل دعوته . فإنا قرأنا التوراة والإنجيل ، وكثيراً مما في أيدي أهل الكتاب من كتب التنزيل ، فرأيناها كلها تنبئ عن نفسها ، وتهتف في أسماع السامعين لها بأن الناقلين لها قد حرفوها وأزالوها عن منهاجها ، وأدخلوا فيها كلاماً ليس من كلامهم ، ولو جهد الخلائق كلهم أن يحدثوا في القرآن كلمةً واحدة أو حرفاً واحداً من هذا الضرب لم يقدروا عليه ، فلو لم يكن في سلامة نقله إلآ هذا لكان كافياً ، ولم يرجع به المخالف إلآ خاسئاً .وإن قوماً تفقدوا مثل هذه الأحرف المعدودة ، ودعتهم نفوسهم إلى الكلام فيها ، والاحتجاج لها ، فناهيك بهم ضبطاً لما استودعوا، وحفظاً لما استحفظوا، وكيف لا يكون ذلك كذلك، والله يحفظ لهم ما استحفظهم، ويرعى لهم ما استرعاهم، وإن هذا لمن أوضح الدلالة على أنه لو اعترض عن كتابهم شيء من الأمور التي توهن نقله أو يخالف أصل ما أنزل عليه، لقالوا فيه ولتكلموا ، ولما تركوه وسكتوا . فهنيئاً لأهل التقوى بما أعزهم بالعلو في الدنيا على من خالفهم ، والفوز في الآخرة عند ربهم ، وإلى الله الرغبة في التوفيق لاتباع سبيلهم) .

وقد علق ابن عبيد الله على هذا الكلام بقوله :
(وهذا الكلام من أوضح معنى وأكثر فائدة في هذا الباب ، وذكر هذا الإنسانُ هذا الكلام على أربعة أحرف من الكتاب ، وهو هذا الحرف ، وحرف في سورة النساء وهو قوله (والمقيمي الصلاة) وحرف في سورة المائدة وهو قوله (والصابئون) ، والحرف الذي في سورة المنافقين وهو قوله (فأصدق وأكن من الصالحين) .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ.

{وَلَتَعْرِ‌فَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}. أمن فهد الأحمدي العقوبة فأساء الأدب.
 
أحسَن الله إليك أبا عبد الله , وأنا في الحقيقة لا أستغربُ هذا من مثل فهد الأحمدي , وأقول - وأنا مسؤول عما أقول - إني تابعت مقالاته فترةً طويلةً , وإنَّـهُ عوَّد قراءهُ على لفت الانتباه إلى ذاته الطُّبوليَّة وعناوينه الطُّبوليَّة وقلمه الطُّبولي بمثل هذه المفاجآت لأنَّ ما هو أقلُّ منها صوتاً لا يكفي للفت انتباه أكبر عدد ممكن , وهذه غاية الكاتب الذي قُدِّر له أن يملأ زاويته بأي كلامٍ حرصاً على أن لا تفرَغَ.
 
بارك الله فيك أبا عبد الله رد علمي محرر متقن ؛فجزاك الله خير الجزاء وأوفاه.
 
أعرف عن الأستاذ فهد الأحمدي وَلَعه بالمعرفة، وبحثه عن الإبداع والتميز، وكتاباته أفاد منها كثيرون وأنا منهم، وفيها من الطرائف والتجارب ما يستحق النشر والتداول، وهو على كل ذلك مشكور مأجور إن شاء الله.
إلا أن القاعدة عند العقلاء هي أن دخول المرء في غير ما يحسنه مَعيب، وولوجه فيما يجهله مَنقَصه.
فلكل علم أهله، ولكل مجال لغته، ومن دخل في غير فنه أتى بالعجائب!
يحكى أن أحدهم أراد أن يتكلم عن الرياضة عندما سمع جُلاسَه يتحدثون عنها، وكان لا يفقه شيئاً فيها، وكان المنتخب آنذاك قد وصل إلى نهائيات كأس العالم، وسمع صاحبنا من حوله يتحدثون، ويحللون المباريات، ويقولون: أخشى ما نخشاه منتخب كذا وكذا، وصاحبنا يسمع كلمة (المونديال) تتردد في كلامهم، وهو لا يدري معناها، فأحب أن يشارك، فما وجد إلا أن يقول: إن أخوف ما أخاف على منتخبنا هو المونديال؛ لأنه أخطر ما سيواجهه؛ وهو يظن أن المونديال اسم فريق!
فغمزه أحد رفاقه الناصحين، وكان بجانبه، وقال له: اسكت، قال: لماذا؟
قال: أخبرك بعد نهاية المجلس.
وبعد أن انفض الحاضرون، قال له صاحبه: لا تَعُدْ إلى الكلام بما لا تعرف، ولو سمع الحاضرون ما قلت لجعلوا منك أضحوكة؛ أتدري ما المونديال؟
قال: لا، قال: هي النهائيات، أو المسابقة، أو البطولة.
هذا هو مسماها، وليست اسماً لفريق.
وبعدها عرف صاحبنا قدره في هذا المجال، ولم يَعُدْ يتكلم فيه.
وآخرُ كان في مجلس، فتكلموا في الإبل، فقال: إن فلاناً أصابه بَعيرٌ بِنَكْرَةٍ. فكان من ضمن الحاضرين رجل ذو دراية بالإبل، فضحك، وقال: يا هذا! النَّكْرَةُ للحمار، وليست للبعير، قل: رَمَحَهُ.
يقول صاحبنا: بعد ذلك صرت لا أتكلم عن الإبل بحضرة أهلها والعارفين بها، بل إذا كنتُ فيهم جلست إليهم جلسةَ المتعلمِ، فلا أتعدى حدودي، بل أسألهم، وأراجعهم في مصطلحاتهم (1).
ومثل هذا القصة المعروفة عن طَرفة حين قال عبارته الشهيرة: استنوق الجمل !

ولا أشك أن مثل هذا غير غائب عن الأستاذ فهد، وهو منزّه عن تعمد الوقوع فيه، ولا أفسر مثل هذه المقالة إلا أنها خرجت عن استعجال وضيق وقت، ولكن..ليتها كانت في غير القرآن!
وأحسبه -بما نعلم من حكمته وحصافته- معيداً للنظر فيما يتخيّره للعامة، فللناس عقول وأبصار، وقد قال أحد الحكماء: "إن لابتداء الكلام فتنةً تروق، وجدةً تُعجِب، فإذا سكنت القريحة، وعدل التأمل، وصَفَت النفس فليُعد النظر، وليكن فرحه بإحسانه مساوياً لغمه بإساءته".

ـــــــــــــــــــــــ
(1) مستفادة من مقال للدكتور محمد الحمد.
 
هداه الله . ليتها في أمر دنيوي . فما لنا بد من الدفاع عن القرآن ولو من أقرب قريب لنا .
وما أراك إلا على خير عظيم يا أبا عبد الله ( د . عبد الرحمن الشهري ) حين نصرت أخاك ( أ .فهد الأحمدي ) .
جمعنا الله في دار كرامته .
 
شكر الله لك يا شيخ عبدالرحمن ونفع الله بك .. وآمل أن ترسل نسخة من ردك الشافي للجريدة كي تنشر في صفحاتها نصرةً للقرآن وأهله
 
فضيلة الشيخ عبد الرحمن الشهري جزاك الله كل خير على ردك الشافي
والاحمدي غرته الاضواء التي اصبحت تحيط به ونسى انه في النهاية حكواتي ينقل قصص من حول العالم
وهذا رد لفضيلة الشيخ صالح الفوزان على احدى شطحات الاحمدي:
« التخويف بالآيات ليس خرافة »،رد شيخنا صالح الفوزان على فهد الأحمدي
 
الذي يحز في النفس..هو أنه لو تكلم في أي علم من العلوم كالطب مثلا غيرُ المتخصص فيه، يثورون عليه ثورة البركان ..حرمة لعلومهم التي يقدسونها، بل هناك قوانين تعاقب مثل هؤلاء المتطفلين...
إلا العلم الشرعي..الصحفي يتكلم..الطبيب يتكلم...المغني يتكلم!!!!
فمتى يعرف هؤلاء قدرهم..؟؟
 
جزاك الله خيرا ..
ومشكلة الكاتب فهد الأحمدي أن هذه ليست هي الأولى من نوعها ، في الولوج باب العلم الشرعي والدخول إليه بلا استئذان !
فقد سبق له مقالة : ( من يعرف جنيا يتلبسني ؟! ) أنكر فيه دخول الجان بدن الإنسان ، وجاء بكلام أشبه مايكون بالهذيان ،
وليست المشكلة هي إنكار المسألة ، وإنما القواعد والاستدلالات المضحكة التي يستند عليها وينطلق منها ، وقد سبق له مقالة أخرى : ( لماذا يتجاوز الزمن بعض الفتاوى ؟! ) ورد عليه الشيخ صالح الفوزان - وفقه الله - جزاه الله خيرا ..
ولا تقول إلا كما قال ابن حجر : ( ومن دخل بغير فنه فهو مثقف ؛ وإن أتى بالعجائب ! ) هذه المقولة هي الصحيحة من كلام ابن حجر :)
 
لامَني بعضُ الإخوة على وصف الطبوليَّة الذي نَعَتُّ به أركان مقالات الأستاذ فهد الأحمدي (الذات - العنوان - القلم) , وحتى أكُونَ على بينةٍ مما أزعُم فأرجو أن يعودوا إلى قول الكاتب وهو يعلِّمُ مريديه فنَّ كتابة المقالة الطبولية:

(أما بخصوص أجزاء المقال ذاته فتخيَّـلْهُ كفيلم سينمائي رائع يبدأ بمقدمة مفاجئة، ويستمر بإيقاع متصاعد، وينتهي بخاتمة تعلق في الذاكرة).
وممَّا يُحمَد للأستاذ فهد التزامه الحَرفيُّ بهذه المنهجية في كل مقالاته , فوصفي له بالطبوليَّة صنوٌ لمنهجيته في الإيقاع المتصاعد وغايةُ كلا الوصفين كما يعرف أهل التزمير هي لفتُ الانتباه واستكثار الأتباع والاسئثارُ بالأسماع , سيَّما والكاتبُ يحرصُ في تعبئة حبر قلمه على ماركة (المفاجأة والإغراب) ويروج لهذه النوعية من الأحبار فيقول بكل صراحةٍ وهو يعلم فنَّ كتابة المقالة (من الحقائق المرة ان الكاتب المسالم والمتصالح مع نفسه ومجتمعه كاتب ممل لا يثير الانتباه كونه ببساطة يساير الموجود ويتحدث بما يعرفه ويتوافق عليه القراء) ونحن في المسائل والقناعات والنتائج والتصورات الشرعية منهيُّون عن هذه المنهجية ومأمورون بالتزام الجماعة وعدم القَصْـوِ عن مسايرة المألُوفات القائمة على البُرهَان , فأرجو أن يرضَى الإخوان للكاتب الكريم ما ارتضاهُ لنفسه وأهداه لغيره من هذه النعوت المترادفة في نظري (التطبيل والإيقاع).

وبعيداً عن شخصِ الكاتب وسجلِّـه الحافل بالمفاجآت اليومية فإنِّي أنقمُ على الأخ فهد الأحمدي (الذي قُدِّرَ لي أن أتابعهُ فترةً من الزمن) ملاحظةً ظهرت لي في كتاباته وهي: جعلُ الحقائق والأرقام في الغرب معياراً لاستلام أو رفض المسلَّمات الشرعية فإنَّه في المقالة التي نشر أخونا ردَّ الشيخ صالح الفوزان عليها يقول بتاريخ (29 /1 / 1432هـ) (فالإنسان البدائي مثلًا كان يعتقد أن صوت الرعد الذي يتوافق مع الصواعق يعبر عن غضب الإله وحتى يومنا هذا ما يزال من يعتقد أن صوت الكسوف والخسوف إشارتان لانتهاء الزمن واقتراب الحساب. وأنا شخصيًا تعلمت في طفولتي الخوف منهما لهذا السبب. وفي حالات كهذه كان الرعب يملأ القلوب وتسيطر الخرافة على العقول قبل أن نتعلم أن صوت الرعد ناجم عن تفريغ الشحنات الكهربائية في السحب الرعدية) وهذه القناعة ليست عيباً في حد ذاتها لأنَّ الجهل ليس عيباً في ابتدائه إنَّما العيبُ استدامتهُ.

لكنَّ أخانا بعد عشرة أشهرٍ (1 / 10 / 1432هـ) عاد إلى القناعة بأنَّ مثل هذه الاعتقادات ليست خرافةً ولا عيباً ولا تخلفاً لأنَّه وجد إحصائياتٍ أمريكيةً في مجلة Live Science وغيرها تقول: إن نسبة 44% من الأمريكان يعتقدون أن الكوارث الطبيعية المتتالية نذير بانتهاء الدنيا وإشارة لانتهاء الحياة على كوكب الأرض , وأن رقماً أكبر من هذه النسبة يؤمنون بأن الله يتحكم بالكوارث التي تحدث للبشر فوق سطح الأرض.
فقال بعد ذلك (وفي كل مرة أقرأ فيها شيئا بهذا الخصوص لا أستطيع تجاهل أحاديث نبوية كثيرة تصب في نفس المعنى وتؤكد حتمية وقوع تغيرات مناخية مرعبة في آخر الزمن) وسرَد شيئاً من هذه الأحاديث.

وهذا الخلل المعرفي في معيارية التسليم أمرٌ لا يُحسدُ عليه الكاتب فهد الأحمدي , فهل لو وُجدت دراسةٌ في Live Science أو غيرها تحملُ نسبةً كالتي أعلاهُ يقتنعُ أصحابُها بأن قراءة أبي عمرو البصري (إِنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَيْن) قراءةٌ صحيحةٌ لا مطعنَ فيها ولا مغمَزَ , سيستبدلُ قناعته الأولى بالثانية ويقول: إنه أصبحَ مرتاحاً لها بعد هذه الإحصائية ولا يسعُه تجاهلُ الارتياح لها وقربها من الواقع.!
 
أسأل الله أن يجزل لك الأجر والمثوبة شيخنا أبا عبدالله.

وأود أن أنبه إلى أن القسوة في الرد إنما هو دفاعا عن كتاب ربنا، وإن سبه أقرب الأقرباء رددنا قوله عليه.
مع أن قلوبنا تدعوا للقائل أن يهديه الله إلى الحق، أو يكفي المسلمين شره.

أسأل الله أن يهدي أخانا فهد إلى الهدى، وأن يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه،
وأن يقيه شر نفسه والشيطان، إنه سميع مجيب.
 
السلام عليكم

السلام عليكم

كتب الله اجرك وجزيت خيرا مقالة جيدة ودامغة

للاسف الكاتب هداه الله لايشعر بنفسه في خضم السطوة الاعلامية
وليست هذه باول شطحاته فقد سبق وتكلم في قضية المس من الجن


وكذلك قبل فتر حوالي ا اسبوعين تكلم ايضا بموضوع وشوش على الناس


بصلاة الجماعة وللاسف من امن العقوبة اساء الادب
 
أتمنى ألا تتحول التعليقات إلى نقاش في الأسلوب وتترك القضية الأساسية وهي شطحات الكاتب وجرأته على الكلام في كتاب الله بغير علم ، وهذه مع الأسف آفة منتشرة عند الصحفيين ولعلها نتيجة طبيعية للكتابة اليومية التي يداوم عليها بعض كتاب الأعمدة وهذه في حقيقتها استزاف عقلي يصل بالإنسان إلى درجة أن يهرف بما لا يعرف كما هو حال الكاتب في هذا المقال ، وقديما قال ابن مسعود رضي الله عنه : من أفتى عن كل ما يسأل فهو مجنون.
نقطة أخيرة أرجو أن نأخذها في الحسبان وهي ألا يثرب بعضنا على بعض في الأسلوب فكل ميسر لما خلق له. فالدين قام في مراحله الأولى بلين أبي بكر وشدة عمر وحياء عثمان وقوة علي رضي الله عنهم أجمعين وكلهم على خير وتربوا على يد الرحمة المهداة صلوات ربي وسلامه عليه.
 
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثر الله من امثالك مشرفنا العزيز الدكتور الشهري. خطأ آخر مهم يجب أن نشير اليه هو تخصيص مساحة في هذه الصحيفة ذات الشأن للرد على من لا يستحق الرد فيما رد فيه عليه من علوم النحو، وهذا اشكال كبير لأن مجرد الرد رغم ما فيه من تجاوزات وأخطاء أتيت لها من كل جانب يعتبر من انزال هذا المتنطع النصراني منزلة ليست بمنزلته إذ يقتحم باستمرار عشا ليس بعشه وهو يعلم الا ان جمهوره من الغفلة و الجاهلين و هو يعلم، و عندما يرد عليه في هذا الشأن المتعلق باللغة وعلومها فتكون قد أعميت عن تلك الحقيقة وتجاوزت توقعات هذا المتنطع.
 
قال ابن جني _ وما أجمل ما قال _ في المحتسب ( 2/298 ) :
ونعوذ بالله مما يجنيه الضعف في هذه اللغة العربية على من لا يعرفها، فإن أكثر من ضل عن القصد حتى كُب على منخريه في قعر الجحيم إنما هو لجهله بالكلام الذي خوطب به، ثم لا يكفيه عظيم ما هو عليه وفيه دون أن يجفوها، ويعرض عما يوضحه له أهلوها. نعم، ويقول: ما الحاجة إليها؟ وأين وجه الضرورة الحاملة عليها؟ نعوذ بالله من التتابع في الجهالة، والعدول عما عليه أهل الوفور والمثالة.​

 
رد الشيخ صالح الفوزان في جريدة الرياض :

قراءة القرآن توقيفية وليست مجالاً للآراء والاستحسانات



فضيلة الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان *
قرأت مقالاً للكاتب: فهد الأحمدي نشره في جريدة «الرياض» يوم الثلاثاء تاريخ ٢٧/٤/١٤٣٣ه حول قول الله في قصة تكذيب قوم فرعون لموسى وهارون عليهما السلام وقولهم: (إن هذان لساحران) بالألف في (هذان) حيث أخذ الكاتب يحوص حولها ويدور ويقول إنها مخالفة للقاعدة النحوية بزعمه حيث إن المعروف أن (إن) تنصب الاسم وترفع الخبر - قال: وقد قرأ بعض النحويين الكبار مثل ابن عمر والجرجاني وعيسى بن عمرو هذه الآية: (إن هذين لساحران بدل: (هذان لساحران).
ونقول للكاتب لا مجال للتدخل الآن في آية كتبت في المصحف العثماني وأجمع عليها الصحابة والتابعون ومن بعدهماإلى وقتنا هذا وقرأها جمع غفير من القراء منهم عاصم وغيره. وهذا التدخل يفتح باباً مغلقاً حول هذا المصحف المعتمد بيد المسلمين. قال الإمام ابن جرير: وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله: (إن هذان لساحران) فقرأته عامه قرأة الأمصار (إن هذان) بتشديد (إنَّ) وبالألف واللام في (هذان) وقالوا قرأنا ذلك كذلك اتباعاً لخط المصحف - إلى أن قال: قال أبوجعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا (أنَّ) بتشديد نونها. و(هذان) بالألف لإجماع الحجة من القرأة عليه وأنه كذلك هو في خط المصحف. ووجهه إذا قرئ كذلك مشابهة (الذين) إذ زادوا على (الذي) النون وأقر في جميع أحوال الإعراب على حالة واحدة وهي لغة بالحارث بن كعب وخثعم وزبيد ومن وليهم من قبائل اليمن.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى: (إن هذان لساحران) فإن هذا مما أشكل على كثير من الناس. فإن الذي في مصاحف المسلمين: (أن هذان) بالألف وبهذا قرأهما جماهير القراء. وأكثرهم يقرأ (إن) مشددة. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم (إن) مخففة لكن ابن كثير يشدد نون (هذان) دون حفص. والاشكال من جهة العربية على القراءة المشهورة وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم وجمهور القراء عليها وهي أصح القراءات لفظاً ومعنى - إلى أن قال الشيخ.: وأما القراءة المشهورة الموافقة لرسم المصحف يعني قراءة (إن هذان لساحران) فاحتج لها كثير من النحاة بأن هذه لغة بني الحارث بن كعب. وقد حكى ذلك غير واحد من أئمة العربية ورد الشيخ هذا القول لأن المصحف كتب بلغة قريش لا بلغة غيرهم إلى أن قال: فهذا ونحوه مما يوجب القطع بخطأ من زعم أن في المصحف لحناً أو غلطاً وإن نقل ذلك عن بعض الناس ممن ليس بحجة. فالخطأ جائز عليه (يعني القائل) بخلاف الذين نقلوا ما في المصحف وكتبوه وقرأوه فإن الغلط ممتنع عليهم في ذلك - إلى أن قال ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطاً منكراً كما قد بسط في غير هذا الموضوع فإن المصحف منقول بالتواتر وقد كتبت عدة مصاحف وكلها مكتوبة بالألف فكيف يتصور في هذا الغلط وأطال رحمه الله الكلام في ذلك فليرجع إليه من يريد المزيد. وفي هذا القدر كفاية في الرد على هذا الكاتب المذكور وغيره ممن يتطاول على كتابة القرآن في المصحف العثماني المعتمد عند المسلمين - ثم نقل الكاتب عن أستاذ عراقي أنه قال: من أسرارنا نحن علماء اللغة أننا نتحاشى الاستشهاد بالقرآن الكريم في المسائل النحوية وأن الحل الأفضل - حسب رأيه - هو الاستشهاد بأبيات شعرية جيدة لشاعر جاهلي كبير مثل زهير أو الأعشى أو طرفة بن العبد - قال الكاتب إن هذا القائل صدمه في البداية ثم وجده منطقياً في النهاية - وأقول: يا سبحان الله كيف لا يستشهد بالقرآن في المسائل النحوية والله جل وعلا يقول عن القرآن إنه (بلسان، عربي مبين) (إن جعلناه قرآن عربياً) فكيف لا يحتج به على القواعد النحوية وهي مستمدة من لغة القرآن فكيف يخضع القرآن لها وهو حاكم عليها ولا تحكم عليه؟ وهل شعر الشاعر مهما بلغ من الفصاحة والعربية أبلغ وأفصح من كلام الله المنزل بلسان عربي مبين؟! والمصحف مكتوب بلغة قريش التي هي أفصح اللغات العربية - إنه يجب على هؤلاء أن يستحوا على عقولهم وأن يراجعوا أقوالهم فإن القول يوزن به الشخص كما قال زهير:
وكائن ترى من صامت لك معجب
زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
ولم يبق إلا صورة اللحم والدم
واكتفي بهذا القدر والله الموفق للصواب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
* عضو هيئة كبار العلماء
ط¬ط±ظٹط¯ط© ط§ظ„ط±ظٹط§ط¶ : ظ‚ط±ط§ط،ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† طھظˆظ‚ظٹظپظٹط© ظˆظ„ظٹط³طھ ظ…ط¬ط§ظ„ط§ظ‹ ظ„ظ„ط¢ط±ط§ط، ظˆط§ظ„ط§ط³طھط­ط³ط§ظ†ط§طھ
 
السلام عليكم,
إنني بكل أدب و إحترام أود أن ألفت الإنتباه إلى أن الكاتب والله أعلم , قد إلتبس عليه الفرق بين إِنْ و إِنَّ بدايةً من عنوان مقاله , وإنه بعد ذلك حماسة لإثبات خطأ القس الحاقد, ركز على إعراب "هذان" فوقع في هذا المأزق.
لاحظ إنَّ في العنوان كما روي هنا :"جريدة الرياض (العدد 15975) بتاريخ (الثلاثاء 27/4/1433هـ) بعنوان (إنَّ هذان لساحران)" .

فعن مما في مصحف المدينة المنورة الذي بين أيدينا, قال الله تبارك وتعالى : قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى

ولاحظ عدم التشكيل في مقال الكاتب: (إن هذين لساحران) و السكون في إنْ هذان لساحران: " فحسب قواعد اللغة العربية يفترض أن تكون الآية (إن هذين لساحران) وليس (إنْ هذان لساحران) كون المثنى ينصب بالياء وليس بالألف .."
و لاحظ كيف خلط بين إِنْ و إِنَّ في المقال: "كل من يجيد قواعد النحو يعرف أن عنوان المقال خاطئ (من حيث الإعراب) ولكنني قررت اختياره بعد بحثي في الانترنت عن إعراب جملة قرآنية صعب علي تفسيرها.. فأثناء تنقلي - من رابط لرابط وصلت إلى قس حاقد يدعى زكريا بطرس ادعى وجود أخطاء لغوية في القرآن الكريم .. ومن الأمثلة التي استشهد بها في اليوتيوب قوله تعالى": (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا).. فحسب قواعد اللغة العربية يفترض أن تكون الآية (إن هذين لساحران) وليس (إنْ هذان لساحران) كون المثنى ينصب بالياء وليس بالألف ..

ففي الآية الكريمة: إنْ هي المخَفّفَة مِنَ الثّقيلة والمُهْمَلة, و هذا إسم إشارة للمثنى في محل رفع مبتدأ,
و اللام الفارقة, و ساحران خبر هذان, و جملة يريدان صفة لساحران.
و لنتأمل معا قول الله تبارك وتعالى:
{وَإنْ كُلاَّ لمَّا لَيُوَفَّيَنَّهُمْ} (الآية "111" من سورة التوبة "9" ).
{وَإنْ كُلُّ ذَلِكَ لما مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الآية "35" من سورة الزخرف "43").
{وَإِنْ كُلِّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُون} (الآية "32" من سورة يس "36" )،

{وَإِنْ كَانَتْ لكَبِيرةً إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله} (الآية "143" من سورة البقرة "2" )
{وإنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك} (الآية "51" من سورة القلم "68").
ونحو قولِ عاتِكَةَ بنتِ زيدٍ ترثي زوجها الزبيرَ بنَ العوَّامِ:
شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قَتَلْتَ لمُسلماً * حَلَّتْ عَلَيْه عُقُوبَةُ المُتَعَمِّدِ
ونحو ذلك قول النابغة: وإنْ مَالِكٌ لَلْمُرْتَجَى إنْ تَقَعْقَعَتْ * رَحَى الحَرْبِ أو دَارَتْ عَليَّ خُطُوبُ
ونحو ذلك قول بعضهم " إنِ الحَقُّ لاَ يَخْفَى على ذِي بَصِيرَة" .
ونحو ذلك قول بعضهم "إنْ يَزِينُك لَنَفْسُك"
 
عودة
أعلى