ماذا تفهم من قوله تعالى عن عيسى عليه الصلاة والسلام: {ويُعلِّمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} [آل عمران: 48]؟
روى ابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 653، 654) عن الحسن البصري أنه قال في قوله تعالى: {ويُعلِّمه الكتاب والحكمة}: الكتاب: القرآن، والحكمة: السنة.
☆ نفهم أن القرآن الكريم سيبقى محفوظا حتى ينزل عيسى في آخر الزمان، وكذلك السنة النبوية تبقى محفوظة إلى يوم القيامة؛ لأنها المبينة للقرآن الكريم، فيُعلِّم الله سبحانه عيسى عليه الصلاة والسلام القرآن والسنة فيحكم بين الناس بالإسلام.
■ وهذه إحدى الآيات الثلاث الدالة على نزول عيسى في آخر الزمان.
_ والثانية قوله تعالى: {وإنْ مِن أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتِه ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} [النساء: 159]، قال القرطبي في تفسيره (6/ 11): "المعنى ليؤمنن به من كان حيا حين نزوله يوم القيامة، قاله قتادة وابن زيد وغيرهما واختاره الطبري. وعن الحسن في قوله تعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال: قبل موت عيسى، والله إنه لحي عند الله الآن، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون، ونحوه عن الضحاك وسعيد بن جبير".
_ والثالثة قوله تعالى: {وإنه لعِلْمٌ للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} [الزخرف: 61] قال المفسرون: أي: إن عيسى من علامات الساعة، وصحت الأحاديث في نزوله في آخر الزمان، وأنه يقتل الدجال.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا
دكتور محمد هناك خلاف بين الفقهاء فمنهم من يرى ان الرسول عيسى عليه السلام لم يمت وانما تم رفعة ومنهم من يقول انه مات قبل رفعه هل يمكنكم اثراء هذا الموضوع جزاكم الله خير
تقبل خالص التقدير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جاء في فتاوى إسلام ويب رقم الفتوى (9992).
قال تعالى راداً على من ادعى قتل المسيح عليه السلام (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً* بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء:157،158]
ففي هذه الآية بيان أن الله رفعه حياً، وسلمه من القتل.
وأجمعت الأمة -كما نقل ذلك ابن القيم في بيان تلبيس الجهمية- على أن الله رفع عيسى عليه السلام إليه إلى السماء.
أما قوله تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [آل عمران:55]
فقد قال الإمام ابن تيمية رداً على من ادعى موته ( فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت إذ لو أراد بذلك الموت، لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين، فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء، فعلم أن ليس في ذلك خاصية، وكذلك قوله: (ومطهرك من الذين كفروا) ولو كانت قد فارقت روحه جسده، لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء، أو غيره من الأنبياء.
وقد قال الله تعالى في الآية الأخرى (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه) يبين أنه رفع بدنه وروحه، كما ثبت في الصحيح أنه ينزل ببدنه وروحه، إذا لو أريد موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه بل مات…
ولهذا قال من قال من العلماء: إني متوفيك، أي قابضك أي: قابض روحك وبدنك، يقال: توفيت الحساب واستوفيته.
ولفظ التوفي لا يقتضي نفسه توفي الروح والبدن، ولا توفيهما جميعاً إلا بقرينة منفصلة، وقد يراد به توفي النوم، كقوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر:42]
انتهى محل الغرض من كلام ابن تيمية ( من مجموع الفتاوى ) 322، 323).
ومقتضى كلامه -رحمه الله- أن لفظ التوفي في الآية يراد به القبض، أي أن الله قبض عبده عيسى عليه السلام بروحه وبدنه ورفعه إلى السماء، والتوفي الذي هو بمعنى الموت هو أن يتوفى الروح فقط، بأن يفرق بينها وبين البدن، وبهذا يعلم أنه لا تعارض بين الآية المذكورة وغيرها من أدلة رفعه بل هي موافقة لها.
والله أعلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا دكتور
هناك حقيقتين نيقن بها وهي ان عيسى عليه السلام لم يتم صلبه والثانية انه رفعه الله سبحانه وتعالى اليه ، ومما تقدمت به نجد أن مسألة انه توفاه الله قبل رفعة .. تحتمل معنيين اما انه توفاه الله أي مات قبل رفعة او انها تعني انه دخل في مرحلة سبات او نوم قبل أن يتم رفعة وظل على هذا النحو وفي الحالتين لا يعني ذلك انه لان يعود في اخر الزمن لان الله قادر على احيائه او إيقاظه من سباته ويتجلى معنى توفي في قوله تعالى:
(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)، سورة المائدة)
من سياق الآية يتضح ان هناك حوار مباشر بين الله سبحانه وتعالى وبين عيسى عليه السلام في يوم القيامة وفيه يسال الله سبحانه وتعالى عيسى عليه السلام بما نسب اليه من قومة باتخاذه هو وامه اللاهين، وكان رد عيسى عليه السلام بانه لم يأمرهم ( وتعني في عهده وحياته) الا بعبادة الله كما امرة الله وبعد توفيه ورفعة صار الامر متروك لله سبحانه وتعالى في العلم والاطلاع والرقابة على حال قومة .. لان عيسى عليه السلام لم يعد مطلع على ما يفعل قومه، ولذلك صار الامر متروك لله سبحانه وتعالى في محاسبتهم، ومن ثم يتجلى رد الخالق في قوله ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم .. ) الخ وكلمة (هذا يوم) تشير الى أن الحور يكون يوم القيامة، والهدف منه اخلاء مسئولية عيسى عليه السلام بما نسب اليه من قومة.
والعلم عند الله
تقبلوا خالص التقدير
وليد الغشم