تحزن كثيراً ويتقطع قلبك كمداً, حينما تسمع خطيباً بارعاً, أو داعيةً مشهوراً, أو شيخاً معروفاً عبر الإذاعات والخطب والمحاضرات, يتناول موضوع الشح والبخل أو الكفر بنعم الله, يستشهد بقصة ثعلبة بن حاطب الأنصاري الباطلة والتى ألصقت ببعض كتب التفاسير وكتب السير، اعتمد بعضهم على أنها مدونة في كتب مشهورة كتفسير ابن كثير وخطب بعض المشايخ الثقات .
أقول تحرن خاصة عند ماتسمعه يخرج هذا الصحابي الجليل (( البدري )) من دائرة الإسلام وأنه مات منافقاً ، ويتوسع بعضهم فيدخله النار تارة ويلعنه تارة أخرى .
والله المستعان .
والقصة ذكرت عند قول الله تعالى (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ....)) الآية من سورة التوبة وأنها سبب لنزول هذه الآية .
وهذا نصها :
عن أبي أمامه رضي الله عنه عن ثعلبه بن حاطب الأنصاري أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، قال: ثم قال مرة أخرى فقال أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوا الذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة لسارت, قال والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارزق ثعلبة مالاً. قال فاتخذ غنماً, فنمت كما ينمو الدود, فضاقت عليه المدينة, فتنحى عنها, فنزل وادياً من أوديتها,حتى جعل يصلي الظهروالعصر في جماعة, ويترك ما سواهما.ثم نمت وكثرت، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة, وهي تنمو كما ينمو الدود, حتى ترك الجمعة. فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة, يسألهم عن الأخبار, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل ثعلبة؟ فقالوا: يارسول الله , اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة . فأخبروه بأمره فقال: ياويح ثعلبة , ياويح ثعلبة ! ياويح ثعلبة ! وأنزل الله جل ثناؤه:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}...الآية , قال : ونزلت عليه فرائض الصدقة , فبعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلين على الصدقة : رجلا من جهينة , ورجلا من سليم , وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين, وقال لهما: ((مرا بثعلبة , وبفلان ـ رجل من بني سليم ـ فخذا صدقاتهما . فخرجا حتى لقيا ثعلبة , فسألاه الصدقة , وأقرآه كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ماهذه إلا جزية . ماهذه إلا أخت الجزية . ماأدري ماهذا ؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي . فانطلقا وسمع بهما السلمي , فنظر إلى خيار أسنان إبله . فعزلها للصدقة , ثم استقبلها بها . فلما رأوها قالوا : مايجب عليك هذا , وما نرد أن نأخذ هذا منك . قال: بلى , فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة , وإنما هي له . فأخذوها منه . فلما فرغا من صدقاتهما رجعا حتى مرا بثعلبة , فقال أروني كتابكما فنظر فيه , فقال : ماهذه إلا أخت الجزية . انطلقا حتى أرى رأيي . فانطلقا حتى أتيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما رآهما قال : ياويح ثعلبة ! قبل أن يكلمهما , ودعا للسلمي بالبركة. فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي . فأنزل الله عزوجل : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) إلى قوله : ( وبما كانوا يكذبون ) . قال : وعند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجل من أقارب ثعلبة , فسمع ذلك , فخرج حتى أتاه فقال: ويحك ياثعلبة! قد أنزل الله فيك كذا وكذا . فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسأله أن يقبل منه صدقته , فقال : إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك فجعل يحثوا على رأسه التراب , فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :هذا عملك , قد أمرتك فلم تطعني . فلما أبى أن يقبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صدقته رجع إلى منزله , فقبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ حين استخلف فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وموضعي من الأنصار , فاقبل صدقتي .فقال أبو بكر لم يقبلها منك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبى أن يقبلها , فقبض أبو بكر ولم يقبلها. فلما ولي عمررضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين , اقبل صدقتي فقال:لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر,فأنا أقبلها منك! فقبض ولم يقبلها.ثم ولي عثمان رضي الله عنه فسأله أن يقبل صدقته, فقال : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر, وأنا أقبلها منك. فلم يقبلها منه, وهلك ثعلبة في خلافة عثمان.
والذي ينبغي للمسلم أن يتقي الله في كل ما يقول ويذر . : فالقصة باطلة مردودة من عدة أوجه
أولاً :
هذه القصة لا تصح أبداً وقد ضعفها الأئمة رغم اشتهارها عند المفسرين، قال القرطبي في تفسيره : ثعلبة بدري أنصاري وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان ، فما روي عنه غير صحيح .
وقال ابن حزم في المحلى :" الأثر الذي روي أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب لا يصح، وباطل لأن ثعلبة بدري معروف ".
وقال المناوي في فيض القدير :" قال البيهقي: في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير "، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء : " أخرجه الطبراني بسند ضعيف " وقال محمد بن طاهر في تذكرة الموضوعات : " ضعيف "، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة :" ضعيف جداً " .
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف :وهذا إسناد ضعيف جداً، وضعف القصة أيضاً الذهبي في ميزان الاعتدال، والسيوطي في أسباب النزول وغيرهم.
والراجح في تفسير الآية ما ذكره ابن حجر : أن ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله ) الآية : قال هؤلاء صنف من المنافقين فلما آتاهم ذلك بخلوا فأعقبهم بذلك نفاقاً إلى يوم يلقونه ليس لهم منه توبة ولا مغفرة ولا عفو، كما أصاب إبليس حين منعه التوبة " انتهى
ثانياً :
لم يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم : رفض قبول توبة تائب ، نادم منيب ، بل إن هذا مخالف صراحة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قبول توبة العبد إذا تاب.
وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم توبة من هو أشد كفراً .
ثالثاً :
ثعلبه بن حاطب صحابي جليل بدري باتفاق أهل السير والتراجم وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( لايدخل النار أحد شهد بدراً و الحديبية )) وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر(( اعملوا من شئتم فقد غفرت لكم )) قال ابن حجر فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقاً في قلبه وينزل فيه مانزل ؟
رابعاً :
القصة تحكي أن ثعلبه بن حاطب توفي في خلافة عثمان وأقرب الأقوال – والله أعلم – أنه استشهد في أحد .
والله أعلم
أقول تحرن خاصة عند ماتسمعه يخرج هذا الصحابي الجليل (( البدري )) من دائرة الإسلام وأنه مات منافقاً ، ويتوسع بعضهم فيدخله النار تارة ويلعنه تارة أخرى .
والله المستعان .
والقصة ذكرت عند قول الله تعالى (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ....)) الآية من سورة التوبة وأنها سبب لنزول هذه الآية .
وهذا نصها :
عن أبي أمامه رضي الله عنه عن ثعلبه بن حاطب الأنصاري أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، قال: ثم قال مرة أخرى فقال أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوا الذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة لسارت, قال والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارزق ثعلبة مالاً. قال فاتخذ غنماً, فنمت كما ينمو الدود, فضاقت عليه المدينة, فتنحى عنها, فنزل وادياً من أوديتها,حتى جعل يصلي الظهروالعصر في جماعة, ويترك ما سواهما.ثم نمت وكثرت، فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة, وهي تنمو كما ينمو الدود, حتى ترك الجمعة. فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة, يسألهم عن الأخبار, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل ثعلبة؟ فقالوا: يارسول الله , اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة . فأخبروه بأمره فقال: ياويح ثعلبة , ياويح ثعلبة ! ياويح ثعلبة ! وأنزل الله جل ثناؤه:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}...الآية , قال : ونزلت عليه فرائض الصدقة , فبعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلين على الصدقة : رجلا من جهينة , ورجلا من سليم , وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين, وقال لهما: ((مرا بثعلبة , وبفلان ـ رجل من بني سليم ـ فخذا صدقاتهما . فخرجا حتى لقيا ثعلبة , فسألاه الصدقة , وأقرآه كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ماهذه إلا جزية . ماهذه إلا أخت الجزية . ماأدري ماهذا ؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي . فانطلقا وسمع بهما السلمي , فنظر إلى خيار أسنان إبله . فعزلها للصدقة , ثم استقبلها بها . فلما رأوها قالوا : مايجب عليك هذا , وما نرد أن نأخذ هذا منك . قال: بلى , فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة , وإنما هي له . فأخذوها منه . فلما فرغا من صدقاتهما رجعا حتى مرا بثعلبة , فقال أروني كتابكما فنظر فيه , فقال : ماهذه إلا أخت الجزية . انطلقا حتى أرى رأيي . فانطلقا حتى أتيا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما رآهما قال : ياويح ثعلبة ! قبل أن يكلمهما , ودعا للسلمي بالبركة. فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي . فأنزل الله عزوجل : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) إلى قوله : ( وبما كانوا يكذبون ) . قال : وعند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجل من أقارب ثعلبة , فسمع ذلك , فخرج حتى أتاه فقال: ويحك ياثعلبة! قد أنزل الله فيك كذا وكذا . فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسأله أن يقبل منه صدقته , فقال : إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك فجعل يحثوا على رأسه التراب , فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :هذا عملك , قد أمرتك فلم تطعني . فلما أبى أن يقبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صدقته رجع إلى منزله , فقبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يقبل منه شيئاً ثم أتى أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ حين استخلف فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وموضعي من الأنصار , فاقبل صدقتي .فقال أبو بكر لم يقبلها منك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبى أن يقبلها , فقبض أبو بكر ولم يقبلها. فلما ولي عمررضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين , اقبل صدقتي فقال:لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر,فأنا أقبلها منك! فقبض ولم يقبلها.ثم ولي عثمان رضي الله عنه فسأله أن يقبل صدقته, فقال : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر, وأنا أقبلها منك. فلم يقبلها منه, وهلك ثعلبة في خلافة عثمان.
والذي ينبغي للمسلم أن يتقي الله في كل ما يقول ويذر . : فالقصة باطلة مردودة من عدة أوجه
أولاً :
هذه القصة لا تصح أبداً وقد ضعفها الأئمة رغم اشتهارها عند المفسرين، قال القرطبي في تفسيره : ثعلبة بدري أنصاري وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان ، فما روي عنه غير صحيح .
وقال ابن حزم في المحلى :" الأثر الذي روي أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب لا يصح، وباطل لأن ثعلبة بدري معروف ".
وقال المناوي في فيض القدير :" قال البيهقي: في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير "، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء : " أخرجه الطبراني بسند ضعيف " وقال محمد بن طاهر في تذكرة الموضوعات : " ضعيف "، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة :" ضعيف جداً " .
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف :وهذا إسناد ضعيف جداً، وضعف القصة أيضاً الذهبي في ميزان الاعتدال، والسيوطي في أسباب النزول وغيرهم.
والراجح في تفسير الآية ما ذكره ابن حجر : أن ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله ) الآية : قال هؤلاء صنف من المنافقين فلما آتاهم ذلك بخلوا فأعقبهم بذلك نفاقاً إلى يوم يلقونه ليس لهم منه توبة ولا مغفرة ولا عفو، كما أصاب إبليس حين منعه التوبة " انتهى
ثانياً :
لم يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم : رفض قبول توبة تائب ، نادم منيب ، بل إن هذا مخالف صراحة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قبول توبة العبد إذا تاب.
وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم توبة من هو أشد كفراً .
ثالثاً :
ثعلبه بن حاطب صحابي جليل بدري باتفاق أهل السير والتراجم وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( لايدخل النار أحد شهد بدراً و الحديبية )) وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر(( اعملوا من شئتم فقد غفرت لكم )) قال ابن حجر فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقاً في قلبه وينزل فيه مانزل ؟
رابعاً :
القصة تحكي أن ثعلبه بن حاطب توفي في خلافة عثمان وأقرب الأقوال – والله أعلم – أنه استشهد في أحد .
والله أعلم