أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
[align=justify][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء ، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.
1- قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين﴾: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين ، لأنها معطوفة على الرأس ، وإليه ذهب ابن جرير الطبري ، وهو مرويّ عن ابن عباس .
قال ابن العربي : اتفقت الأمة على وجوب غسلهما ، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين ، والرافضة من غيرهم ، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي : وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح ، وجعل القراءتين كالروايتين ، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
11494 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا.
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء.
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا = أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه..) انتهى كلامه بنصه.
وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
وهذا ما عزاه إليه الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: ( وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره بين قراءة النصب والجر بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين ، لأن العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق ، وهما من المغسولات بلا نزاع ، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل ، يعني الدلك باليد أو غيرها .) انتهى.
وممن بيّن خطأ نسبة القول بالتخيير إلى ابن جرير ابن قيم الجوزية؛ حيث قال في تعليقاته على تهذيب سنن أبي داوود : (وَحُكِيَ عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ مُخَيَّر بَيْن الْأَمْرَيْنِ , ... وَأَمَأ حِكَايَته عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ فَغَلَط بَيِّن , وَهَذِهِ كُتُبه وَتَفْسِيره كُلّه يُكَذِّب هَذَا النَّقْل عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الشُّبْهَة لِأَنَّ اِبْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة رَجُل آخَر مِنْ الشِّيعَة , يُوَافِقهُ فِي اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت لَهُ مُؤَلَّفَات فِي أُصُول مَذْهَب الشِّيعَة وَفُرُوعهمْ.).[/align]
حرر يوم الأربعاء 19/12/1429هـ
هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء ، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.
1- قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين﴾: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين ، لأنها معطوفة على الرأس ، وإليه ذهب ابن جرير الطبري ، وهو مرويّ عن ابن عباس .
قال ابن العربي : اتفقت الأمة على وجوب غسلهما ، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين ، والرافضة من غيرهم ، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي : وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح ، وجعل القراءتين كالروايتين ، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
11494 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا.
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء.
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا = أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه..) انتهى كلامه بنصه.
وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
وهذا ما عزاه إليه الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: ( وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره بين قراءة النصب والجر بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين ، لأن العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق ، وهما من المغسولات بلا نزاع ، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل ، يعني الدلك باليد أو غيرها .) انتهى.
وممن بيّن خطأ نسبة القول بالتخيير إلى ابن جرير ابن قيم الجوزية؛ حيث قال في تعليقاته على تهذيب سنن أبي داوود : (وَحُكِيَ عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ مُخَيَّر بَيْن الْأَمْرَيْنِ , ... وَأَمَأ حِكَايَته عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ فَغَلَط بَيِّن , وَهَذِهِ كُتُبه وَتَفْسِيره كُلّه يُكَذِّب هَذَا النَّقْل عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الشُّبْهَة لِأَنَّ اِبْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة رَجُل آخَر مِنْ الشِّيعَة , يُوَافِقهُ فِي اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت لَهُ مُؤَلَّفَات فِي أُصُول مَذْهَب الشِّيعَة وَفُرُوعهمْ.).[/align]
حرر يوم الأربعاء 19/12/1429هـ