تنبيهات وتصويبات لما في كتب التفسير من الأخطاء والتصحيفات

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
[align=justify][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]

هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء ، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.

1- قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين﴾: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين ، لأنها معطوفة على الرأس ، وإليه ذهب ابن جرير الطبري ، وهو مرويّ عن ابن عباس .
قال ابن العربي : اتفقت الأمة على وجوب غسلهما ، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين ، والرافضة من غيرهم ، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي : وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح ، وجعل القراءتين كالروايتين ، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.

والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
11494 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا.
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء.
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا = أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه..) انتهى كلامه بنصه.
وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
وهذا ما عزاه إليه الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: ( وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره بين قراءة النصب والجر بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين ، لأن العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق ، وهما من المغسولات بلا نزاع ، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل ، يعني الدلك باليد أو غيرها .) انتهى.

وممن بيّن خطأ نسبة القول بالتخيير إلى ابن جرير ابن قيم الجوزية؛ حيث قال في تعليقاته على تهذيب سنن أبي داوود : (وَحُكِيَ عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ مُخَيَّر بَيْن الْأَمْرَيْنِ , ... وَأَمَأ حِكَايَته عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ فَغَلَط بَيِّن , وَهَذِهِ كُتُبه وَتَفْسِيره كُلّه يُكَذِّب هَذَا النَّقْل عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الشُّبْهَة لِأَنَّ اِبْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة رَجُل آخَر مِنْ الشِّيعَة , يُوَافِقهُ فِي اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت لَهُ مُؤَلَّفَات فِي أُصُول مَذْهَب الشِّيعَة وَفُرُوعهمْ.).[/align]


حرر يوم الأربعاء 19/12/1429هـ
 
[align=justify]2- قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى:﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة:94) : ( قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب. فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } أي: بِعِلْمِهِم بما عندهم من العلم بك، والكفر بذلك، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ } فسلوا الموت.
وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، قوله: { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } قال: قال ابن عباس: لو تمنى اليهود الموت لماتوا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِي، حدثنا عثام، سمعت الأعمش -قال: لا أظنه إلا عن المِنْهال، عن سعيد بن جبير-عن ابن عباس، قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه.
وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس.
وقال ابن جرير في تفسيره: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا. ولرأوا مقاعدهم من النار. ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا". حدثنا بذلك أبو كُرَيْب، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن يزيد الرقي أبي يزيد حدثنا فرات، عن عبد الكريم، به .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار،حدثنا سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن، قال: قول الله ما كانوا ليتمنوه بما قدمت أيديهم. قلت: أرأيتك لو أنهم أحبوا الموت حين قيل لهم: تمنوا، أتراهم كانوا ميتين؟ قال: لا والله ما كانوا ليموتوا ولو تمنوا الموت، وما كانوا ليتمنوه، وقد قال الله ما سمعت: { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }
وهذا غريب عن الحسن. ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة، وأبي العالية، والربيع بن أنس، رحمهم الله.
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الجمعة: { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجمعة: 6-8] فهم -عليهم لعائن الله-لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم، أو من المسلمين. فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون؛ لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه لكانوا أقدموا على ذلك، فلما تأخروا علم كذبهم. وهذا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة، وعتوّهم وعنادهم إلى المباهلة، فقال تعالى: { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61] فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض: والله لئن باهلتم هذا النبيّ لا يبقى منكم عين تطرف. فعند ذلك جنحوا للسلم وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فضربها عليهم. وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، أمينًا. ومثل هذا المعنى أو قريب منه قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين: { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا } [مريم: 75]، أي: من كان في الضلالة منا أو منكم، فزاده الله مما هو فيه ومَدّ له، واستدرجه...
فأما من فسر الآية على معنى: { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي: إن كنتم صادقين في دعواكم، فتمنوا الآن الموت. ولم يتعرض هؤلاء للمباهلة كما قرره طائفة من المتكلمين وغيرهم، ومال إليه ابن جرير بعد ما قارب القول الأول؛ فإنه قال: القول في تفسير قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وهذه الآية مما احتج الله به لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مُهَاجَره، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم؛ وذلك أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إلى قضية عادلة بينه وبينهم، فيما كان بينه وبينهم من الخلاف، كما أمره أن يدعو الفريق الآخر من النصارى إذا خالفوه في عيسى ابن مريم، عليه السلام، وجادلوه فيه، إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة. فقال لفريق من اليهود: إن كنتم محقين فتمنوا الموت، فإن ذلك غير ضار بكم إن كنتم محقين فيما تدعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله، بل أعطيكم أمنيتكم من الموت إذا تمنيتم، فإنما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها، والفوز بجوار الله في جناته إن كان الأمر كما تزعمون: من أن الدار الآخرة لكم خالصة دوننا. وإن لم تعطوها علم الناس أنكم المبطلون ونحن المحقون في دعوانا، وانكشف أمرنا وأمركم لهم فامتنعت اليهود من الإجابة إلى ذلك لعلمها أنها إن تمنت الموت هلكت، فذهبت دنياها وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها، كما امتنع فريق من النصارى.
فهذا الكلام منه أوله حسن، وأما آخره فيه نظر؛ وذلك أنه لا تظهر الحجة عليهم على هذا التأويل، إذ يقال: إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم أنهم يتمنوا الموت فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت، وكم من صالح لا يتمنى الموت، بل يود أن يعمر ليزداد خيرًا وترتفع درجته في الجنة...
ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا: فها أنتم تعتقدون -أيها المسلمون-أنكم أصحاب الجنة، وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت؛ فكيف تلزمونا بما لا نُلزمكم؟
وهذا كله إنما نشأ من تفسير الآية على هذا المعنى، فأما على تفسير ابن عباس فلا يلزم عليه شيء من ذلك، بل قيل لهم كلام نَصَف: إن كنتم تعتقدون أنكم أولياء الله من دون الناس، وأنكم أبناء الله وأحبّاؤه، وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم من أهل النار، فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم، واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لا محالة. فلما تيقَّنوا ذلك وعرفوا صدقه نكلوا عن المباهلة لما يعلمون من كذبهم وافترائهم وكتمانهم الحق من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعته، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويتحققونه. فعلم كل أحد باطلهم، وخزيهم، وضلالهم وعنادهم-عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة-.) انتهى كلام ابن كثير باختصار يسير.

ففي قول ابن كثير رحمه الله: (...ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة، وأبي العالية، والربيع بن أنس، رحمهم الله.) نظر من وجوه:

الأول: التصريح بنسبة هذا القول لابن عباس رضي الله عنهما ، مع أن صريح قوله في ذلك ضعيف ، وما صح عنه في معنى الآية غير صريح .
الثاني: نسبته هذا القول لكل من قتادة وأبي العالية والربيع بن أنس ، وذكر أن ابن جرير نقله عنهم ،وليس الأمر كما قال ؛ بل جعل ابن جرير قولهم قولاً آخر غير القول الذي رواه ابن اسحاق عن ابن عباس ، والأمر واضح لمن تأمله ، ولكن يبدو أن ابن كثير رحمه الله لم يتنبه لعبارة : وقال آخرون ؛ التي ذكرها ابن جرير بعد القول الذي نسب لابن عباس .
وهذا نص كلام ابن جرير: ( وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو اليهود أن يتمنوا الموت، وعلى أي وجه أمروا أن يتمنوه. فقال بعضهم: أمروا أن يتمنوه على وجه الدعاء على الفريق الكاذب منهما.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)، أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب.
* * *
وقال آخرون بما:-حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس)، وذلك أنهم قالوا:( لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) [البقرة: 111]، وقالوا:( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [المائدة: 18] فقيل لهم:(فتمنوا الموت إن كنتم صادقين).
حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: قالت اليهود:(لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، وقالوا:(نحن أبناء الله وأحباؤه) فقال الله:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)، فلم يفعلوا.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة) الآية، وذلك بأنهم قالوا:(لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، وقالوا:(نحن أبناء الله وأحباؤه). .) انتهى كلام ابن جرير.[/align]


تنبيه: القول الذي رجحه ابن كثير في تفسيره لهذه الآية لم يظهر لي رجحانه، وقد بيّنت ذلك بالتفصيل في هذا الموضوع:
دراسة ما ذهب إليه ابن القيم وابن كثير في معنى قول الله :(فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)

حرر صباح الخميس الموافق 20/12/1429هـ
 
[align=justify]3- قال الشوكاني في تفسيره لقول الله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } : ( قرأ الجمهور { أسوة } بالضم للهمزة ، وقرأ عاصم بكسرها ).انتهى

وهذا وهم، والصواب العكس.

حاء في كتاب حجة القراءات : (قرأ عاصم أُسوة حسنة بضم الألف حيث كان، وقرأ الباقون بكسر الألف. وهما لغتان).[/align]
 
[align=justify]قال ابن جرير في تفسيره : ( حدثنا المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس ، قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد ؟ فقال : الرعد: ملك. ) 1/340 الأثر رقم 434

تعجبت من قول أحمد شاكر رحمه الله : ( موسى بن سالم أبو جهضم : ثقة ، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة !!)

كيف يكون مولى لابن عباس ، وروايته عنه مرسلة ؟!

وقد أفدت من أحد المقالات عن ابن عباس وروايته عن أهل الكتاب أن أبا جهضم هذا مولى لآل عباس ، لا لابن عباس .

ثم رجعت إلى ترجمة موسى هذا ، فوجدت في طبقات ابن سعد : ( موسى بن سالم أبو جهضم

مولى بني هاشم روى عن عبد الله بن عبيد الله بن العباس وروى عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عباس أحاديث ‏.‏ )

وقال عنه ابن حجر : ( موسى بن سالم أبو جهضم مولى آل العباس، أرسل عن ابن عباس. )


وعلى هذا فما في تفسير الطبري تصحيف ظاهر ؛ فهو مولى آل العباس ، وليس مولى ابن عباس .

وقد رجعت إلى تفسير الطبري بتحقيق التركي فوجدته موافقاً لطبعة شاكر في هذا التصحيف. والله أعلم
[/align]
 
[align=justify]سورة النور مدنية بالإجماع؛ هكذا قال القرطبي في مقدمة تفسيره لهذه السورة.

جاء في تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور تنبيه على تصحيف وقع في تفسير القرطبي للآية رقم 58، وهذا نص ما أورده ابن عاشور رحمه الله:

( وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسَخِ «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ...} الْآيَةَ[النُّور: 58] فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ كَلِمَةُ «وَهِيَ مَكِّيَّةٌ» يَعْنِي الْآيَةَ. فَنَسَبَ الْخَفَاجِيُّ فِي «حَاشِيَتِهِ» عَلَى «تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ» وَتَبِعَهُ الْآلُوسِيُّ، إِلَى الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، مَعَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ؛ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ «مَدَنِيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ»؟! .
وَلَعَلَّ تَحْرِيفًا طَرَأَ عَلَى النُّسَخِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ وَأَنَّ صَوَابَ الْكَلِمَةِ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ» أَيْ غَيْرُ مَنْسُوخٍ حُكْمُهَا؛ فَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَرَكَهَا النَّاسُ» .)

تتمة: في الطبعات التي بين يدي لتفسير القرطبي - وهي طبعة الرسالة بإشراف التركي وطبعة دار الكتب المصرية ، وهما أفضل طبعات الكتاب - جاء العبارة كما ذكر ابن عاشور "وهي مكية".[/align]
 
قال القرطبي في تفسيره لسورة الدخان عند ذكره لـ"تُبع":" وقد ذكرنا بقية خبره وأوله في اللمع اللؤلئية شرح العشر بينات النبوية [ للفارابيٍ] رحمه الله ".
هكذا في طبعات تفسير القرطبي المشهورة : طبعة الرسالة بإشراف التركي وطبعة دار الكتب المصرية.

قال الشيخ مشهور حسن سلمان في ترجمته للقرطبي في كتاب "الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير" عند ذكره لمؤلفات القرطبي المخطوطة : ( وقد اضطربت الأصول ـ ما لم يقع تصحيف من الطابع ـ في اسم مؤلف أصل الكتاب "العشرينات النبوية" فنسب مرة للفاداري، ومرة للفارابي !.
قال محقق التفسير أحمد عبدالعليم البردوني: "لم نعثر عليه".) انتهى كلام الشيخ مشهور.

قال أحد الباحثين في موضوع له بعنوان: تصحيف في تفسير القرطبي يتسرب في جميع طبعاته، ويستعصي على محققيه !!! : ( وكنت أتساءل عن علاقة القرطبي بالفارابي ، ولم أجد كتابا بهذا الاسم؟ وأتساءل كذلك ما الذي جاء بالفارابي إلى الأندلس ؟ شيء محير حقيقة حتى يسر الله لي الوقوف على الحقيقة واضحة جلية ، حيث اتضح لي أنه شرح على العشرينيات النبوية ، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد يخلفتن الفازازي (627هـ)، وهي قصائد رائعة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ...حسبما يقول ابن الزبير ، فالحمد لله على ما ألهم.
وقد نسبها للفازازي المذكور ابن الزبير في صلة الصلة 3/223 وكحالة في معجم المؤلفين 2/126
قال ابن الزبير:" ونظم عشرينياته المعروفة يمدح فيها المصطفىصلى الله عليه وسلم أجاد فيها كل الإجادة ". ...
وقد طبعت في مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي مصر ثم في مطبعة الاستقامة (مع تخميس ابن مهيب) كما في معجم المطبوعات لسركيس1/1427.

وبعد،، فهذا ما أردت التنبيه عليه ، ولفت النظر إليه , والله الموفق. ) انتهى كلام الباحث.
 
ليس وهْماً من هؤلاء الأئمة ؛ فهو عيْن ما قاله الإمام الطبري - رحمه الله -

ليس وهْماً من هؤلاء الأئمة ؛ فهو عيْن ما قاله الإمام الطبري - رحمه الله -

]

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء ، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.

1- قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين﴾: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين ، لأنها معطوفة على الرأس ، وإليه ذهب ابن جرير الطبري ، وهو مرويّ عن ابن عباس .
قال ابن العربي : اتفقت الأمة على وجوب غسلهما ، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين ، والرافضة من غيرهم ، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي : وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح ، وجعل القراءتين كالروايتين ، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.

والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.

وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
...
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".* * *
[/color]

الأخ الفاضل / د . محمد القحطاني ( أبي مجاهد )
سلام الله عليكم

لم يتوهم الشوكاني و لا القرطبي و لا ابن العربي في نسبتهم القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين - في الوضوء - إلى ابن جرير الطبري ؛ لأنه قال بصواب الغسل لهما ، و بصواب المسح عليهما أيضا . و هذا ظاهرٌ من كلامه في تفسيره ، الذي تفضلتم بنقله عنه في الاقتباس أعلاه .

فأين الوهم منهم في ذلك ؟

بل ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن القراءة بالخفض - في { و أرجلكم } - أعجب القراءتين إليه أنْ يقرأ بها ، و أن القول ( بالمسح ) على الرجلين أولىَ لقرب العطف على { برءوسكم }

- و ليس المقام هنا النظر في مسألة الغسل أو المسح على الرجلين في الوضوء ، و لكن بيان صحة ما نسبه ابن العربي و القرطبي و الشوكاني لابن جرير الطبري في جواز الاقتصار على المسح .

- و وجه جمع الإمام الطبري بين القراءتين : اشتمال تعميم ( المسح ) بالماء - على الرِجليْن - لمعنى ( الغسل ) لهما .
و فيه نظر ؛ لتفرقة القرآن بينهما في تلك الآية

و الله أعلم
 
الأخ الفاضل / د . محمد القحطاني ( أبي مجاهد )
سلام الله عليكم

لم يتوهم الشوكاني و لا القرطبي و لا ابن العربي في نسبتهم القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين - في الوضوء - إلى ابن جرير الطبري ؛ لأنه قال بصواب الغسل لهما ، و بصواب المسح عليهما أيضا . و هذا ظاهرٌ من كلامه في تفسيره ، الذي تفضلتم بنقله عنه في الاقتباس أعلاه .

فأين الوهم منهم في ذلك ؟

بل ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن القراءة بالخفض - في { و أرجلكم } - أعجب القراءتين إليه أنْ يقرأ بها ، و أن القول ( بالمسح ) على الرجلين أولىَ لقرب العطف على { برءوسكم }

- و ليس المقام هنا النظر في مسألة الغسل أو المسح على الرجلين في الوضوء ، و لكن بيان صحة ما نسبه ابن العربي و القرطبي و الشوكاني لابن جرير الطبري في جواز الاقتصار على المسح .

- و وجه جمع الإمام الطبري بين القراءتين : اشتمال تعميم ( المسح ) بالماء - على الرِجليْن - لمعنى ( الغسل ) لهما .
و فيه نظر ؛ لتفرقة القرآن بينهما في تلك الآية

و الله أعلم

وعليك سلام الله ورحمته وبركاته - شيخنا الفاضل.

أرجو أن تعيد النظر فيما كتبتُ أنا - غفر الله لي - ، وفيما كتبتَ أنت - غفر الله لك-.

الأئمة : ابن العربي والقرطبي والشوكاني نسبوا إلى الإمام ابن جرير القول بجواز الاقتصار على المسح على الرجلين دون غسلهما، أو القول بالتخيير بين المسح والغسل.
ولا شك أن هذا غلط بيّن كما قال ابن القيم.

وتقبل تحيتي وشكري
 
[align=justify]قال ابن جرير في تفسيره : ( حدثنا المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس ، قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد ؟ فقال : الرعد: ملك. ) 1/340 الأثر رقم 434

تعجبت من قول أحمد شاكر رحمه الله : ( موسى بن سالم أبو جهضم : ثقة ، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة !!)

كيف يكون مولى لابن عباس ، وروايته عنه مرسلة ؟!
[/align]

جزاك الله خيرا ابا مجاهد

بخصوص موسى بن سالم
هل يستحيل أن يكون مولى لابن عباس وروايته عنه مرسله؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

...
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"،
لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
...
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *

وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
...

هذه الدعوى غير مُسَلّمَة ، بل غير صحيحة ؛ لأن الله عَزَّ و جَلَّ فَرّقَّ بيْن حُكم الغسل و حكم المسح في تلك الآية مِن القرآن ؛ قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ } .
[ المائدة:6]
فالقول بوجوب الجمع بين الغسل و المسح - في الرِجليْن - في الوضوء ؛ قولٌ بالجمع بين متغايريْن ، فَرَّق الله بينهما في ذلك الموضع ؛ فلا يصِحّ القول به ، و هو توهُمّ لكلام الإمام الطبري .

و إنما الظاهرُ من كلامه ، أنَّ ( المسح ) للرِجليْن بالماء - و هو الصواب في معنى الآية عنده - يشمل معنى الغسل ؛ قال ما نَصّه : ( والصواب من القول عندنا في ذلك ، أنَّ الله عزَّ ذِكْره أَمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء ، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم . وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ ، كان مستحقا اسم"ماسح غاسل"،
- و علَلَّ ذلك بقوله عقِبه - : لأن" غسلهما " ، إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء.
و" مسحهما "، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح". اهـ
فمسح الرجليْن بالماء - في الوضوء - هو الراجح أو الصواب عنده ، رحمه الله
و هذا أعلى مِن القول بتجويزه الاقتصار على ذلك المسح للرجلين .
و عليه ؛ فلا وَهْم في نسبة ذلك القول إليه ؛ كما حكاه الإمام ابن العربي ، و القرطبي ، و الشوكاني

* * *
فالطبري يرى أن حكم الرِِجليْن مسحهما بالماء - على وجه التعميم ، بمعنى مسح جميع الرِجْل بالماء - و أن المسح بهذا المعنى يشمل معنى الغسل .
و يؤيده قوله :
( فإذا كان"المسح" المعنيان اللذان وصفنا : من عموم الرجلين بالماء ، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحاً بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد ، أن مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى" الغسل " و"ا لمسح " ؛ تبيَّن صواب قرأة القراءتين جميعا ؛ أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحهما) . اهـ

و ليس بعد بيانه مراده هذا بيان .

و هذا الذي ذهب إليه الإمام الطبري في مسح الرجلين بخلاف مذهب جمهور العلماء في غسل الرجلين ، لا مسحهما


و لكم تقديري و محبتي
 
جاء في تفسير الشيخ الدكتور مساعد الطيار "تفسير جزء عمّ" عند تفسيره لسورة العصر: ( إن الأصل في الناس أنهم في نقص وهلكة، ويخرج من هذه الصفة من اتصف بصفات أربع : معرفة الحق ، وهو قوله : {إلا الذين آمنوا} ).

وفي هذا التفسير نظر، حيث جعل معرفة الحق تفسيراً لـ"آمنوا"، وتفسير الإيمان بمعرفة الحق فقط موافق لقول أهل الإرجاء.

والصحيح أن الإيمان هو الإقرار والتصديق المستلزم للإذعان والانقياد والطاعة. وهو اعتقاد وقول وعمل - كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

وهو هنا في الآية الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، ويراد به الاعتقاد لاقترانه بالعمل. وأما إذا أفرد فيدخل فيه العمل الصالح.

تنبيه: لا أشك في أن الشيخ مساعدالطيار - وفقه الله - لا يوافق المرجئة في مذهبهم في الإيمان. ولكنه كتب هذه العبارة - في ظني - لبيان أن الإيمان الصادق لا يكون إلا مبنياً على علم صحيح، ومعرفة للحق. قال السعدي رحمه الله: ( الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.).
 
هذا مقال له صلة بهذا الموضوع، وفيه تعقبات على تفسير السعدي رحمه الله، وكثير من هذه التعقبات يتعلق بتصحيح بعض الأحاديث والروايات أو تضعيفها، وفي بعض هذه التعقبات شيئ من النظر، مثل التعقب السابع.


التعقبات الجياد على «تفسير السعدي» لبعض الآيات
الشيخ الدكتور علي رضا




الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد :
فهذه بعض التعقبات التي قيدتها عند قراءتي لتفسير العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى قبل سنوات .... فأقول وبالله أستعين :
1- ذكر رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ، قالوا الحق وهو العلي الكبير ) ص679 – أولي النهى للإنتاج الإعلامي - : ( يحتمل أن الضمير في هذا الموضع يعود إلى المشركين ؛ لأنهم مذكورون في اللفظ ، والقاعدة في الضمائر : أن تعود إلى أقرب مذكور ، ويكون المعنى : إذا كان يوم القيامة ، وفزع عن قلوب المشركين ، أي : زال الفزع ، وسئلوا حين رجعت إليهم عقولهم ، عن حالهم في الدنيا ، وتكذيبهم للحق الذي جاءت به الرسل ، أنهم يقرون أن ما هم عليه من الكفر والشرك باطل ، وأن ما قال الله وأخبرت به الرسل هو الحق فبدا لهم ما كانوا يخفون من قبل وعلموا أن الحق لله ، واعترفوا بذنوبهم ) .​


ثم قال بعذلك بقليل : ( وهذا المعنى أظهر ، وهو الذي يدل عليه السياق ، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الملائكة ، وذلك أن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمعته الملائكة ، فصعقوا وخروا لله سجداً ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ..... ) .
قلت : ما استظهره الشيخ رحمه الله تعالى ليس بوارد ؛ بل هو غير صحيح بلا شك ؛ لأنه قد صح تفسير الآية في ( صحيح البخاري ) – الفتح – 7481 ، 4701 ، 4800 ) ، وفي ( سنن أبي داود ) برقم 3989 ، وفي ( سنن الترمذي ) برقم 3223 ، وفي ( سنن ابن ماجة ) برقم 194 ، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ... ) الحديث .
فالقرآن يفسر بعضه بعضاً ، والحديث يشرح ويبين معاني القرآن ؛ ومادام أنه قد صح عنه عليه الصلاة والسلام تفسير الآية على القول الثاني الذي لم يستظهره السعدي ؛ فإننا نقول كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى في ( تفسيره ) 6/ 502 : ( وقد اختار ابن جرير القول الأول : أن الضمير عائد على الملائكة ؛ وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه ؛ لصحة الأحاديث فيه والآثار .... ) ثم ذكرها رحمه الله تعالى .​


2- قال رحمه الله تعالى في قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) : ( وهن - على الصحيح - : السور السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، مع التوبة ......
وعلى القول بأن ( الفاتحة ) هي السبع المثاني معناه : أنها سبع آيات .... )​


قلت : هذا الأخير هو المعتمد لتفسير رسول الله عليه الصلاة والسلام به معنى ( المثاني ) ؛ فقد : أخرج البخاري في ( صحيحه ) برقم 4474 ، 4647 ، 5006 ، والنسائي ( 2/139 ) ، وابن ماجة ( 3785 ) ، وأحمد في ( المسند ) 3/450 ، 4/ 211 ، وغيرهم
من حديث أبي سعيد بن المعلى مرفوعاً : ( الحمد لله رب العالمين : هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته ) .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الفتاوى ) 14/5 : ( وهي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني ، والقرآن العظيم .... ) .
3- في قوله تعالى : ( وما فعلته عن أمري ) في سورة الكهف ص484 من تفسيره ذهب الشيخ رحمه الله تعالى إلى ما ذهب إليه الصوفية – وحاشاه أن يكون منهم – في كون الخضر عليه السلام ليس بنبي فقال :
( فإنه لا يدل على أنه – الخضر – نبي ؛ وإنما يدل على الإلهام والتحديث ، كما يكون لغيره من الأنبياء .........) !
وكان قبل ذلك قد قال : ( ومنها أن ذلك العبد الذي لقياه ، ليس نبياً ، بل عبداً صالحاً ؛ لأنه وصفه بالعبودية ، وذكر منّة الله عليه بالرحمة والعلم ، ولم يذكر رسالته ولا نبوته ، ولو كان نبياً لذكر ذلك كما ذكر غيره ) !
قلت : هذا قول مجانب ٌ للصواب ؛ فالذي عليه السلف الصالح من العلماء أن الخضر عليه السلام نبي ، بل قال بعض أكابر العلماء – كما في ( الإصابة ) لابن حجر ( 2/ 288 ) _ :
( أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً ؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم مقام النبوة في برزخ
فويق الرسول ودون الولي ) !
وهذا المشار إليه ( كما قال قائلهم ) : هو ابن عربي الملحد القائل بوحدة الوجود !!
4- ذكر في تفسير الآية ( فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) في سورة التوبة ص340 حديثاً ضعيفاً جزم بأنه من قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) !
قلت : هو ضعيف الإسناد ، والتفصيل في ( السنة ) لابن أبي عاصم بتخريج وتحقيق شيخنا الألباني رحمه الله تعالى برقم ( 15 ) .
5 - ذكر في تفسير قوله تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني )
ص339 : ( في الخروج ؛ فإني إذا خرجت فرأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن ، كما قال ذلك : الجد بن قيس ، ومقصود – قبحه الله- الرياء والنفاق بأن مقصودي حسن ؛ فإن في خروجي فتنة وتعرضاً للشر .... ) !
قلت : لم يصح سبب نزول الآية في الجد بن قيس ؛ بل هو من الأحاديث الضعيفة ؛ فإن السند مرسل كما هو في ( تفسير ابن كثير ) 4 / 101- 102 ؛ ولهذا جزم بضعفه الألباني في ( فقه السيرة ) ص426-427 .
6- في تفسير قوله تعالى : ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) ص713 قال رحمه الله : ( والقينا على كرسيه جسداً : أي شيطاناً قضى الله وقدر أن يجلس على كرسي ملكه ، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان ) .
قلت : هذا باطل ! وفيه مساسٌ بعصمة نبي الله سليمان ؛ فقد روي عن ابن عباس بسند قال عنه ابن كثير رحمه الله : ( قوي ) !
والصواب أنه ضعيف ؛ فإن فيه عنعنة الأعمش ، وهو مدلس .
فالسند ضعيف والمتن باطل ؛ ولهذا قال ابن كثير : ( ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس – إن صح عنه – من أهل الكتاب ، وفيهم من لا يعتقدون نبوة سليمان عليه السلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ؛ ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر نساء سليمان ؛ فإن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان ، بل عصمهن الله منه ؛ تشريفاً وتكريماً لنبيه صلى الله عليه وسلم .... ثم قال : وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب ، والله أعلم بالصواب ) ! ( تفسير ابن كثير ) 7/60
قلت : التفسير والتأويل فرع التصحيح ؛ فإذ لم يثبت هذا الأثر فقد كفينا تفسيره وتأويله بحمد الله تعالى .​


أما من قال بأن هذا الشيطان جلس على كرسيه أربعين يوماً فهو إسماعيل السدي : أخرجه ابن جرير في ( تفسير ) 23/ 158 موقوفاً عليه بإسناد فيه : أسباط بن نصر وهو ممن يخطيء كثيراً كما هو في ( التقريب ) .
ورواية ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه القصة لا تثبت أيضاً ؛ فابن أبي نجيح يدلس ، وقد عنعنه ! ولو لم يكن مدلساً فهناك احتمال الانقطاع بينه وبين مجاهد كما جزم بعدم سماعه منه يحيى بن القطان .
( جامع التحصيل ) ص265 للعلائي .
وعلى أي حالٍ فالمتن باطل ؛ وليس هو من الأمور التي لا نكذب ولا نصدق فيها بني إسرائيل ؛ بل هذا مما نجزم بكذبه وبطلانه ؛ لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء .
7- في تفسير قوله تعالى : ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ) من سورة ص في كتاب السعدي رحمه الله ص 711 قال : ( له تسع وتسعون نعجة : أي زوجة .... ) .
ثم قال رحمه الله ص712 : ( وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام ، لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره ، فالتعرض له من باب التكلف ، وإنما الفائدة ما قصه الله علينا من لطفه به وتوبته وإنابته ... )
قلت : لم ينبه رحمه الله على القصة المشهورة في كتب التفسير من أن ذنب داود كان من النظر أو أن خطيئته كانت من النظر !
لكنها قصة موضوعة مكذوبة ؛ فإن الذي روي في ذلك عند ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير – بإسناد لا يصح ؛ بل جزم ببطلانه شيخنا الألباني في ( الضعيفة ) برقم 313 لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء من كون سليمان حاول أن يعرض زوج امرأة الجندي للقتل ليتزوجها من بعده !!
فكان من الواجب التنبيه على بطلان ذلك في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولو بكلمة منه رحمه الله تبين للقاريء فحش وكذب تلك القصة !​


8- في ص75- طبعة مؤسسة الرسالة – عند تفسير قوله تعالى : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون ) :
ذكر رحمه الله حديث : ( أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل معلق بالعرش ) !​


قلت : لم يثبت بهذا اللفظ ؛ بل بلفظ : ( أرواحهم في جوف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل .... ) : رواه مسلم برقم ( 1887 ) ، والترمذي برقم ( 3011) ، وابن ماجة برقم ( 2801 ) ، وغيرهم .​


9- ذكر في تفسير قوله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ... ) من سورة البقرة حديث : ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) !
وهذا حديث ضعيف بالرغم من شهرته وتداوله على ألسنة الناس ؛ بل وعلى ألسنة كثير من أهل العلم !
وهو حديث معلول كما بينه شيخنا في ( إرواء الغليل ) برقم 2040 فراجعه هناك إن شئت .​


10 - ذكر في ص 955 من طبعة الرسالة قصة النمروذ البابلي !
وهي قصة لم تصح مرفوعة أو موقوفة ؛ وغاية ما هنالك آثار عن التابعين بعضها صحيح السند ، وبعضها ضعيف : ذكر ذلك الطبري في ( تفسيره ) 3 / 24 27 .​


11 – ذكر في ص 949 من طبعة الرسالة : أن من أسماء الله الحسنى : ( الهادي ، الرشيد ) .
وذكر قبل ذلك ص948 : ( الواسع ) ، ( المغني ) ،( المعطي ) ، ( المانع ) ، ( الجواد ) .​



قلت : لم يصح الحديث الذي روي في ذلك مرفوعاً ، وقد بين ذلك بالتفصيل الألباني رحمه الله في ( المشكاة ) – التحقيق الثاني – 2/ 429- 430 برقم 2228 .​


12 - ذكر رحمه الله تعالى في ص158 – طبعة الرسالة – عند تفسير قوله تعالى : ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) حديثاً لا أصل له باللفظ الذي أورده وهو : ( إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع ، له زبيبتان ...) .الحديث !
بل جزم بصحته !!
قلت : هو في ( صحيح البخاري ) برقم 1403 ، 4565، 4659 6957 بلفظ : ( من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع .... ) ، ورواه مسلم ( 990 ) بلفظ : ( والذي نفسي بيده .... ما من رجل تكون له إبل أو بقر .... ) .
13- ذكر في ص 166 - مؤسسة الرسالة - عند تفسير قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .... ) من سورة النساء حديث المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة في ميراث الجدة فقال : ( لكنه قد ثبت في السنن ، عن المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة
أن النبي الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس ) !!
قلت : هو حديث ضعيف ؛ لأن فيه انقطاعاً وإرسالاً على ما بينه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في ( الإرواء ) برقم 1680 ، فراجعه هناك إن شئت .
ثم إن هذا الحديث من رواية قبيصة بن ذؤيب ، وليس هو من مسند المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة !
14 - ذكر في ص201 – الرسالة – عند تفسير قوله تعالى
: ( ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك ) فذكر حديث : ( أن أهل بيت سرقوا في المدينة ، فلما اطلع على سرقتهم خافوا الفضيحة ، وأخذوا سرقتهم فرموها ببيت من هو بريء من ذلك ، واستعان السارق بقومه ....) الحديث .
قلت : رواه ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير 2/364 – بإسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس .
وشيخ ابن أبي حاتم : صدوق تغير .
15 – أورد في تفسير قوله تعالى : ( ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ) ص258 حديثاً فيه : أسباط بن نصر ، وهو كثير الخطأ كما في ( التقريب ) .
وفيه : أبو سعد الأزدي وهو مقبول عند ابن حجر .​


16 – أورد كغيره من المفسرين قصة ثعلبة بن حاطب المكذوبة ( ! )
متناً ، والواهية سنداً عند تفسير قوله تعالى : ( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه .... ) ص345 .
ولبيان ذلك بالتفصيل انظر مقالي التالي – لزاماً – للدفاع عن صحابي بدري رضي الله عنه :
(( ثعلبة بن حاطب والحديث المفترى ))
قد لا يعلم كثير من الناس براءة الصحابي البدري ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه من الحديث المكذوب الذي أورده - بل تتابع على إيراده - طائفة من أهل العلم - غفر الله لنا ولهم - في سبب نزول قوله تعالى : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ؛ فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون ، فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) سورة التوبة الآيات 75 – 77 0
فقد أورد الحديث ابن كثير رحمه الله في ( التفسير ) 4 / 124 - 125 وساقه من رواية الطبري في ( تفسيره ) 10 / 189 - 190 ، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق :
علي بن زيد ، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، عن ثعلبة بن حاطب - رضي الله عنه - : ( أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ادع الله أن يرزقني مالاً كثيراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ويحك يا ثعلبة ! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه 000 ) الحديث بطوله ؛ وفيه أنه عليه الصلاة والسلام دعا له ، فرزق غنماً كثيرة نمت كما ينمو الدود 0000 وأنه لما نزلت فرائض الصدقة أبى ثعلبة أن يعطيها وقال : ما هذه إلا أخت الجزية ( ! )
ثم إن ثعلبة تاب وأراد أن يتصدق ؛ فلم يقبلها منه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولم يقبلها من بعده أبو بكر رضي الله عنه ، ولم يقبلها عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حتى هلك ثعلبة في خلافة عثمان !
وهذه القصة نبه على بطلانها ابن حزم في ( المحلى ) 3 / 199 - 200 من جهة متنها ؛ فقال - وما أحسن ما قال ! –
: ( ثعلبة بدري معروف .... إلى أن قال : فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ً ؛ ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولابد ولا فسحة في ذلك ، وإن كان كافراً ؛ فلا يقر في جزيرة العرب ؛ فسقط هذا الأثر بلا شك ) .
وأما من جهة السند ؛ فهي ضعيفة جداً - إن لم تكن موضوعة - فمدار القصة على :
علي بن يزيد الألهاني ، وهو منكر الحديث جداً ، كما قال ابن حبان في ( المجروحين ) 2 / 110 ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث 0 ( تهذيب التهذيب ) 3 / 199 - 200 .
وقد كفانا أخونا الشيخ سليم الهلالي الرد في جزء ألفه في القصة ، كما ألف فيها عداب محمود الحمش كتابه ( ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه ) ، وذكرها صاحب ( قصص لا تثبت ).
وقد ذكر عداب الحمش أن النقل عن ابن عباس في سبب نزول الآية ، وكذا عن الحسن البصري كلاهما باطل عنهما ( ص64 – 67 ، 76 ) 0
والخلاصة هي أن القصة لا ريب في وضعها متناً ؛ وشدة ضعفها سنداً ، وقد كتبت في ذلك - بحمد الله تعالى - في زاويتي ( لا تكذب عليه متعمداً ) في جريدة ( المدينة ) ، ثم أثبتها في كتابي بنفس العنوان .
وقد دفعني إلى هذا البيان والتوضيح المهمين ما يلي : -
أولاً : الدفاع عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام .
ثانياً : تنبيه المسلمين الغافلين - ومنهم الأخ عداب في كتابه الآنف ذكره !! - إلى أنه لا يجوز إطلاق لفظ :
( الشهيد ) على سيد قطب الغارق في الضلال إلى أذنيه بتكفيره الأمة من قرون مضت !
وبتطاوله على مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كنبي الله وكليمه موسى عليه السلام بكلام غير لائق في حق المسلم ؛ فكيف بنبي الله موسى !! هذا مع استخفافه بل استهزائه بعثمان الذي تستحي منه الملائكة ! ورميه معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم جميعاً - بالنفاق والغش وشراء الذمم !! نسأل الله العافية من هذا الضلال المبين 0
هذا مع ما له من زلات خطيرة جداً في العقيدة ؛ نبه عليها العلماء الأجلاء ، وعلى رأسهم شيخنا ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في عدة كتب مهمة .
ثالثاً : تأكيد الحقيقة العلمية القائلة : ( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) صلى الله عليه وآله وسلم ؛ والتي قالها الإمام مالك رحمه الله تعالى ؛ فقد تتابع بعض العلماء على الاستشهاد بقصة ثعلبة ؛ ومنهم : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ؛ فقد ذكر القصة مستدلاً بها في كتابه القيم ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) - بتعليق الفقي - ص348 فقال : ( كما أن ثعلبة لما سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو له بكثرة المال ، ونهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة بعد مرة ؛ فلم ينته ، حتى دعا له ، وكان ذلك سبب شقائه في الدنيا والآخرة ) !!
وهذا لا يقلل بحال من الأحوال من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ فهو البحر لا تكدره الدلاء .
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربك إنك رءوف رحيم ) .
تنبيه : علق عبد الرحمن اللوحيق على قصة ثعلبة ؛ لكنه أشعر القراء أنها ضعيفة - فقط - سنداً ومتناً !!
والصواب أنها موضوعة متناً ضعيفة جداً سنداً .​


17 – ذكر رحمه الله في ص351 عند تفسير قوله تعالى
: ( والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين ....).
أنها نزلت في أبي عامر الراهب فذكر القصة مطولة في شأن كفره وتنصره وذهابه إلى قيصر و ....
وهذه القصة بهذا التفصيل لم تثبت سنداً ؛ بل أسانيدها ضعيفة أو مقطوعة كما هو عند الطبري في ( التفسير ) 11/ 24-26
لكن صح عن عائشة رضي الله عنها مختصراً بلفظ : ( أبو عامر الراهب انطلق إلى الشام ، فقال الذين بنوا مسجد الضرار : إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر ) . رواه الطبري بإسناد صحيح ( 11/25 ) .
18 - ذكر في ص 829 عند تفسير قوله تعالى : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) من سورة الرحمن فقال : ( وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ، فما مر بقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) إلا قالوا : ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد ) .
قلت : هذا الحديث روي من طريقين ذكرهما الحافظ ابن كثير في ( تفسيره ) 7/ 463 فهو حسن بمجموعهما ؛ وكأنه لذلك حسنه شيخنا في ( صحيح الترمذي ) برقم3291 .
هذا ما تيسر لي تعقبه على هذا التفسير القيم للعلامة السعدي رحمه الله تعالى ؛ وأسأل الله تعالى أن يتقبل عملي هذا ويجعله خالصاً لوجهه ، ولا يجعل لأحد فيه نصيباً ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .​


منقول من هنا: شبكة المنهاج الإسلامية
 
التعديل الأخير:
اِبْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة رَجُل آخَر مِنْ الشِّيعَة , يُوَافِقهُ فِي اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت لَهُ مُؤَلَّفَات فِي أُصُول مَذْهَب الشِّيعَة وَفُرُوعهمْ.).
من خيّر بين الغسل والمسح فإنه لم يصب ؛ لأنّ كليهما مأمور به . فيُجمع بينهما .
أمثلة للجمع العملي بين قراءتي النصب والخفض :
بسم الله ..
التطبيق الأول : من غسل رجليه فإنه يشرع له أن يمسح عليهما مع الغسل ؛ لأنه قد يكون هناك شيء مما يمكن أن يلصق بالرجل أحياناً من الأرض . فيزيله بالمسح
التطبيق الثاني : من غسل رجليه ، ثم أراد أن يتوضأ مرة أخرى تجديداً لا عن حدثٍ - مثلاً - فإنه يمسح . كما قال علي- رضي الله عنه – : هذا وضوء من لم يحدث .
فهنا جمعنا بين الغسل والمسح . (1) (2)
التطبيق الثالث : ومن أراد أن يمسح على الخفين فإنه يشترط أن يلبسهما على طهارة ؛ جمعاً بين الغسل والمسح .
فإن قيل : قد أحدث بعد لبسهما ، فكيف يكون حينها جامعاً للغسل والمسح ؟
فيقال : أنّ الخفّين -اللذان صارا بمنزلة الرجلين- لا يُحدِثان ، فهما على الطهارة الأولى ، ويُمسحان ؛ جمعاً بين المسح والغسل .

*وكما أفادت الآية الكريمة جواز المسح على الشعر في الوضوء ، فإنها تفيد جواز المسح على الخفين (2) . إذ لا فرق
التطبيق الرابع : من خلع خفيه - قبل انقضاء مدة يوم وليلة - وهو متوضئ عليهما ، فليغسل رجليه ؛ جمعاً بين المسح والغسل .
والله أعلم
-------------------------------------------------------------
(1) ولا فرق بين الرجلين وبقية الأعضاء ؛ فإنها تُمسح أيضاً . كما فعل علي رضي الله عنه .
(2) ولمّا كان المسح معتبراً في بعض الصور ، فإنّ هذا يشير إلى أنّ المسح على الجرح المكشوف – الذي يخاف غسله- وعلى الجبيرة ، أولى من التيمم عن أحدهما .
 
السلام عليكم
لا أظن أن الشيخ مساعد يقصد تفسير قوله تعالى : " الذين آمنوا " بمعرفة الحق فقط و لكن يريد أن " الذين آمنوا " تشهد أو تدل أو تشير إلى أحد أسباب النجاة و هو معرفة الحق .... على كل حال هذا ما فهمته من كلام الشيخ و الله أعلم
 
سورة الضحى سورة مكية بلا منازع وقد نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد احتباس الوحي مدةً عنه. وقد ذكرت الرويات التفسيرية أن من أسباب الاحتباس وجود جرو كلب للحسن والحسينرضي الله عنها في البيت الأمر الذي تنفر منه الملائكة. وقد غفلوا أن الحسن الحسين ولدا بعد الهجرة في السنة الثالثة والرابعة: وقد ترددت هذه الرواية في كثير من التفاسير. فمثلا يقول الرازي:
قال المفسرون : أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلّم. فقال المشركون : قد قلاه الله وودعه ، فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية .. واختلفوا في سبب احتباس جبريل عليه السلام ، فذكر أكثر المفسرين أن اليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف ، فقال : "سأخبركم غداً ولم يقل إن شاء الله" فاحتبس عنه الوحي ، وقال ابن زيد : السبب فيه كون جرو في بيته للحسن والحسين ، فلما نزل جبريل عليه السلام ، عاتبه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فقال : "أما علمت أنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة".
الفخر الرازي , مفاتيح الغيب من القرآن الكريم.دار إحياء التراث العربىج31-ص197

والرواية أيضا في البحر المحيط لأبي حيان
 
فإن الآية الكريمة تفيد جواز المسح على الخفين
لعل وجه الدلالة : استعمال الباء في قوله تعالى : ((برؤوسكم وأرجلِكم)) .
حيث إنها تُشعِر ببُعدٍ مّا بين الآلة الماسحة وبين الرأس والرجلين . فكانت الشعر والعمامة والخف هي المُبعِدة .
 
يشرع له أن يمسح عليهما مع الغسل ؛ لأنه قد يكون هناك شيء مما يمكن أن يلصق بالرجل أحياناً من الأرض . فيزيله بالمسح
حتى ولو تأكد عدم وجود حائل ، فإنه يشرع له المسح مع الغسل -وإن لم يكن في واجباً- .
لأن القاعدة هي : إعمال عموم النص ما لم يُنصَّ على علّيته ؛ احتراماً له.
 
استعمال الباء في قوله تعالى : ((برؤوسكم وأرجلِكم)) .
حيث إنها تُشعِر ببُعدٍ مّا بين الآلة الماسحة وبين الرأس والرجلين .
وكذلك الأذنين ؛ فإنها لاصقة بالرأس .
 
المسح على الجرح المكشوف – الذي يخاف غسله- وعلى الجبيرة ، أولى من التيمم عن أحدهما .
والدليل على ذلك قوله تعالى : ((وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ)) .
وجه الدلالة : 1- ما تحته خط
2- وأيضاً لمّا كان الماء أولى بالاستعمال في أصل الأمر ، كان هو أولى بالمسح من التراب .
 
﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين﴾
يستفاد من الآية الكريمة : أن الرجلين لا يُشملان بالمسح على خفيهما . كما هو الحال في الرأس . بل على ظاهرهما يكفي .
بدلالة النصب -أي : امسحوا أرجلَكم إلى الكعبين- .
بخلاف الباء في (رُءُوسِكُمْ) التي تفيد إلصاق اليدين بالرأس فأفاد تعميمه .
 
ولعل وجه الدلالة في قوله تعالى : ((برؤوسكم وأرجلِكم)) على جواز المسح على النعلين والخفين
هو أن النعلين قد يُطلق عليهما : أرجلٌ ، كما يستخدم البعض ذلك بقوله : أين رجولي ؟
 
يسمح بل على ظاهرهما
بدلالة التثنية في قوله سبحانه : (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) .. فلم يُستعمل الجمع كما في (الْمَرَافِقِ) .

أما في الغسل -كما في قراءة النصب- فالماء ينزل فيناسبه أن يكون المقصود بالكعبين : الأعقاب .
 
عودة
أعلى