مساعد الطيار
مستشار
- إنضم
- 15/04/2003
- المشاركات
- 1,698
- مستوى التفاعل
- 5
- النقاط
- 38
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على خير البريات ، وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد منَّ الله ـ بكرمه وفضله ـ عليَّ بإلقاء دروس في تاريخ التفسير ، وقد وقفت فيه على نهاية خلافة الراشدين ، وقد اجتهد الطلبة بإعداد ملخصات ، فاخترت أحدها ، واضفت إليه بعض ما فاته من خلال ملخصات زملائه ، وكذا أضفت لها النصوص التي أشار إليها ، ولم يكتبها كاملة .
وإني لأهتبل هذه الفرصة لأشكر هؤلاء الطلاب الذين حرصوا على الحضور ، وأفادوني في هذه الدروس بحضورهم ومناقشاتهم العلمية المفيدة ، وإني لأسأل الله أن يوفقني وإياهم لما يحب ويرضى .
وإليكم هذا التلخيص :
.....................................
تمهيد :
في هذا البحث الفكرة العامة في هذا البحث هى إظهار الجانب التاريخي فيما يتعلق بتاريخ تفسير القران وهو طويل جدا ً ولكن سنحاول إبراز المنطقة التي نقول عنها مجازا ًمنطقة مظلمة في عدم وضوحها لا في نفسها وذاتها وهي مرحلة بدايات التفسير فإن كثير من طلاب العلم يجهل هذه المنطقة منطقة بدايات التفسير
نحتاج إلى معرفة كيف كان التفسير قبل عصر الإمام محمد بن جرير الطبري
بداية من العصر النبوي حتى عصر إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري
المقصود الأعظم هو فترة ما قبل عصر ابن جرير حتى العصر النبوي
وسوف نجد إن شاء الله معلومات جديدة ولكنها ليست مبتكرة وإنما هى موجودة في بطون الكتب وتحتاج إلى اقتناص وترتيب فقط وذلك لعدم انتباه كثير من المتخصصين إلي هذه الفترة ، ولاعتمادهم على ما كتبه بعض المعاصرين في مراحل تدوين التفسير ، دون التنبه لما فيها من ملاحظات علمية .
إن تاريخ التفسير لو كتب بطريقة تحليلية من فترة نزول القرآن إلى عهد بن جرير لخرجت فوائد كثيرة من خلال نصوص التراجم ونصوص التفسير المنقولة عن أصحاب هذه الفترة الزمنية ، وهذا الموضوع يحتاج إلى أكثر من رسالة علمية .
نبذة تعريفية عن مفهوم علم التفسير
إن المتأمل والدارس لعلم تاريخ التفسير ، ينبغي أن يتفطن بادئ ذي بدئ لأمور هامة تتعلق بالموضوع ، من حيث المعنى العام والمعنى اللفظي ، ولعلنا نتطرق في خطوط عريضة ـ لتلك الأمور وهي على النحو التالي :
ينبغي أن نتتبع المصطلح لعلم تاريخ التفسير كيف سار منذ الزمن الأول إلى يومنا هذا ، لأننا إذا قلنا علم تاريخ التفسير فماذا نقصد بالتفسير وما مفهومه وماهيته .
المرحلة المقصودة بتاريخ علم التفسير هي عصور المنطقة المظلمة ( من جهة العلم والجهل بها ) وليس في ذاتها ، أعني مرحلة ما قبل الإمام ابن جرير الطبري ، حيث كانت المناهج واضحة وجلية بعده .
تعريف التفسير :
الأولين مزجوا بين علوم القرآن وعلوم التفسير ، واتفقوا على أن التفسير هو فهم المعاني واختلفوا بعد ذلك فبعضهم يدخل أحكام القرآن وحكمه كما ذكر الزركشي عن بعضهم ، وكابن أبي حيان يدخل القرآءآت والبلاغة وغيرها ، والضابط في التمييز بين علوم التفسير وعلوم القرآن { هو بيان وفهم المعاني } ثم اختلفوا في الزيادات .
وموضوعنا هو { تاريخ بيان فهم معاني القرآن } الذي نعني به تاريخ التفسير ومنشأ الخلاف ، هل علوم القرآن والعلوم الإضافية ، هل هي من مادة كتب التفسير ، أم من التفسير نفسه ، وهنا يقال أن جميع الزيادات والإضافات في علوم القرآن التي دخلت في علم التفسير ليست من ماهية التفسير ، إنما هي من مادة كتب التفسير .
وهنا ثمة أمر ينبغي أن ننبه عليه ، وهو إذا كانت تلك العلوم لها أثر في فهم المعنى فإننا ندخلها ضمن علم التفسير ، ومثال ذلك ، ما روي عن خالد بن معدان في قوله تعالى { لابثين فيها } أنها منسوخة بقوله { فذوقوا فلن نزيدكم } فإننا نعد هذا الضرب من علم التفسير لأن له أثرًا في فهم المعنى ، ، فالنسخ هنا يدخل في مراد السلف ، ويُحمل على مصطلحات المتأخرين ، وهو من بيان المجمل ، بخلاف آية الصدقة في سورة المجادلة ، ليس لها علاقة أو أثر في فهم المعنى ، وإنما لها أثر في الحكم ، أي في تطبيق هذا الأمر ، وإلا فمعناها مفهوم ، والقول بالنسخ لم يؤثر على معنى الآية وتفسيرها ، فلذلك عددنا النسخ في هذه الآية من علوم القرآن ( العلوم الإضافية ) .
كذلك من ما ينبغي أن ننبه عليه ، أمرين مهمين .
1ـ أن بعض العلوم قد سبقت الكتابة في تاريخه أو مناهجه أو مسائله ، وهذا السبق أثر في الكلام على تاريخ التفسير ، وذلك حينما جاء المعاصرون ليكتبوا عن تاريخ التفسير استفادوا من الذين كتبوا في تاريخ الحديث والفقه وأصوله ..... الخ . فطبقوا ما يقال في تاريخ علم ما على التفسير ، وجعلوا المسألة فيهما متوافقه ، مع أن البون بين العلمين شاسع فيها ، مثاله : المدرسة العراقية ، والمدرسة المكية ـ مع التحفظ على كلمة مدرسة ـ ، بينهما بون شاسع في المنهج ، فالمعلوم عن من كتب في مناهج تلك المدارس من المفسرين المتأخرين قد تأثر بتاريخ فن آخر ، فجعل مدرسة العراق (عقلية ) وجعل المدرسة المكية ( أثرية ) ، والمتأمل حقيقة يعلم منهج ابن عباس ( المكي ) تربية تلاميذه على الاجتهاد ، ، فكثُر المفسرون من تلاميذه ، وكان منهج ابن مسعود ( العراق ) قائمًا على تربية تلاميذه على الاتباع والاقتداء ، فقلَّ كلام تلاميذه في التفسير ، وكثُر نقلهم عنه .
2ـ علاقة علم الحديث بعلم التفسير :
كان المفسرون من الرواة عمومًا ، فهم يروون سنة نبوية ، وغزوة ، وحدثًا في السيرة ، وتفسيرًا ... إلخ ، ولم يكن المتقدمون قد أفردوا للمفسرين تراجم خاصة لهذا السبب ، وقد كان المتقدمون من علماء الحديث البصيرين بنقد الرجال يفرقون بين الرواة في هذه المجالات ، وإن لم يخصوهم بكتب خاصة ، ولم يقع التخليط في هذا الأمر إلا متأخرًا ، لذا نجد في تقويم المحدثين لبعض القراء من جهة الحديث ما يختلف عن تقويمهم من جهة القراءة ، وهم يدركون الفرق بين هذين العلمين ، مع أنهما يفتقران للنقل ، ومن أقوالهم في ذلك : قول ابن حجر في تقريب التهذيب ـ في ترجمة الراوي حفص ـ قال : (حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر البزاز الكوفي الغاضري بمعجمتين وهو حفص بن أبي داود القارئ صاحب عاصم ويقال له حفيص متروك الحديث مع إمامته في القراءة من الثامنة مات سنة ثمانين وله تسعون ) .
وهنا ثمة أفكار هامة تتعلق بالمقدمة أيضا ، ألخصها في الآتي :
أنواع معلومات القرآن :
1ـ جزء من القرآن مرتبط بالأحكام الفقهية .
2ـ أخبار عامة .
3ـ أخبار معاصرة للقرآن .
4ـ أخبار سابقة ولاحقة .
ومجمل القول أن القرآن ينقسم إلى : قسمين ، أحكام ، أخبار .
الأخبار تنقسم إلى أقسام : 1ـ أخبار تدرك معانيها وحقائقها .
2ـ أخبار غيبية لا تدرك حقائقها وإن عرف معناها مثاله { الرحمن على العرش استوى ) ندرك المعنى لكن لا ندرك حقيقته .
أما الأحكام الشرعية فتُدرَك حقائقها ومعانيها .
الوجوه التي يعرف بها تأويل القرآن :
بنى على ذلك ابن عباس الوجوه التي ذكرها في أنواع التفسير :
1ـ وجه تعرفه العرب من كلامها .
2ـ تفسير لا يعذر أحد بجهالته .
3ـ تفسير يعلمه العلماء .
4ـ تفسير لا يعلمه إلا الله ، ( وهذه من الغيبيات )
وعملُ المفسرين في الأقسام الثلاثة الأولى ؛ لأنها مرتبطة بـ(المعاني ) .
وأما القسم الرابع ، فإنه مما يختص به الله تعالى ، وقد دخل في تأويله بعض المبتدعة والجهلة ، فادعوا معرفتهم لبعض هذه الحقائق ، كادعاء بعضهم معرفة بعض الغيوب من خلال بعض الآيات .
ومما يستأنس به في هذا الباب ، ما ذكر الطبري في مقدمته في أنواع التأويل :.
1ـ ما لا يعلمه إلا الله .
2ـ يعلم من جهة النبي صلى الله عليه وسلم .
3ـ يعلمه كل ذي علم باللسان ، بشرط ألا تخرج عن أقوال السلف .
الوصول إلى فهم القرآن ، لا يخرج من حالين :
1ـ حال النقل ، 2ـ حال الاجتهاد .
فحال النقل أنواع :
أـ نوع لا يمكن أن يدخله رأي ، وهو البيان القرآني عن القرآن مباشرة ، مثل : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون* الذين آمنوا وكانوا يتقون) ، ( والسماء والطارق * وما أدراك ما الطارق * النجم الثاقب ) الخ .
ب/ تفسير نبوي مباشر ، مثاله: لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الظلم في قوله : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ، فسره بقوله ( إن الشرك لظلم عظيم ) .
ج / أسباب النزول الصريحة الصحيحة .
د / النص الذي لا يحتمل إلا قولاً واحدًا ، مثل : ( قل هو الله أحد ..........) الخ
وهنا لا بد أن نقرر هذه الحقيقة المهمة ، أن علم التفسير من حيث الأغلب قائم على الرأي والاجتهاد ، والدليل على ذلك استقراء تفسير السلف ، ولعل هذه المقدمة مهدت لنا الطريق في الشروع في بيان أولى محطات تاريخ التفسير المعني بيانه وهي مرحلة العهد النبوي .
العهد النبوي
كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين الأول لفهم القرآن يدلنا على ذلك قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقد بين لهم ما يحتاجون لبيانه وهو التفسير المجمل فيما يتعلق بالأحكام العامة ، أما تفسير القرآن وبيان معانيه لفظة لفظة فلم يكن ذلك من منهجه صلى الله عليه وسلم .
وأنواع التفسير في العهد النبوي :
1ـ إما بنص صريح مباشر .
2ـ نصب دلالة عليه ( جملة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن )
والنص الصريح المباشر نوعان :
أ ـ يبتدئهم هو عليه الصلاة والسلام بالتفسير ، مثاله :
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه بسنده عن النبي قال ( قيل لبني إسرائيل { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } . فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة )
البخاري : عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ « مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ » . فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ ) .
روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ . قَالَ « إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِى فَقَالَ ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ » . قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ )
بـ سؤالات الصحابة :
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ) قَالَ « مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ » . أطرافه 3199 ، 4802 ، 7424 ، 7433 - تحفة 11993
وبسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا ، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ « لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ » . طرفه 4898 - تحفة 12917 - 189/6
وبسنده عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلاَّ هَلَكَ » . قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) . قَالَ « ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ » . أطرافه 103 ، 6536 ، 6537 - تحفة 16254 ، 16232 ، 17463 ، 16231 - 208/6
التفسير النبوي الغير مباشر : يتكلم أو يفعل فعلا ً يتأول منه فهم معين ، ولا ينص على آية بعينها ،
روى البخاري بسنده عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ ، فَلَهُ أَجْرَانِ » . تحفة 16102
، وهذا يرجح أن السفرة هم الملائكة في قوله تعالى : ( بأيدي سفرة * كرام بررة ) ، إذ وقع الخلاف بين السلف هل هم الملائكة ، ويشهد له الحديث السابقة ، أم هم كتبة الوحي من الصحابة ؟
ومما ينبغي أن يلاحظ في هذا المقام ما وقع من تأوُّلات نبوية لبعض الآيات القرآنية ، ومن ذلك :
روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِى قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ، اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ » . فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ . وَهْوَ يَثِبُ فِى الدِّرْعِ ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ « ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) » . أطرافه 2915 ، 3953 ، 4877 - تحفة 6054
وبسنده عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ « سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى » . يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ . أطرافه 794 ، 817 ، 4293 ، 4967 - تحفة 17635
هل فسر الصحابة القرآن والرسول بين أ ظهرهم ؟
الجواب : نعم ، لكن مما ينبغي أن يشار إليه قبل ذلك : حرص الصحابة على تعلم معاني القرآن ، وقد ورد في ذلك عدة آثار ، منها :
ما رواه الطبري بسنده ، قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال سمعت أبي يقول : حدثنا الحسين بن واقد قال : حدثنا الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن
حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن قال : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه و سلم فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا
وأما ما وقع من الصحابة من تفسيرات ـ باجتهادهم ـ فإنهم كانوا يعرضونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يخلو الحال من أمرين :
الأول : أن يستدرك عليهم فهمهم ، ويبين لهم المعنى المراد ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري عن حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ قَالَ « إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ » . ثُمَّ قَالَ « لاَ بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ » . طرفاه 1916 ، 4509 - تحفة 9869
، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنع عديًّا من أن يفهم القرآن على ما عنده من معرفة اللسان العربي ؛ لأن فهمه من جهة اللغة صحيح ، لكنه بين له المعنى اللغوي الآخر الذي غفل عنه عديٌّ ، وهو بياض النهار وسواد الليل ، ولو كان فهم القرآن ابتداءًا غير جائز لهم لنبههم صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وذلك لم يرد مع تكرر الوقائع المشبهة لأمر عديٍّ رضي الله عنه .
الثاني : أن يقرَّ فهمه ، ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، قال : ( قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمْران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، أنه قال لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمتُ على رسول الله صلى عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: "يا عمرو صَلَّيت بأصحابك وأنت جُنُبٌ!" قال: قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلكَ، فذكرت قول الله [عز وجل] { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.
وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به. ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عنه، فذكر نحوه. وهذا، والله أعلم، أشبه بالصواب .
وقال أبو بكر بن مَرْدُوَيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البَلْخِي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عُبَيد عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جُنُب، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله، خفْتُ أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] } قال: فسكت عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) .
وهنا سؤال يطرح نفسه ، هل تلك التفسيرات الواردة معتمدة على النقل أو الرأي ؟
الجواب : على الرأي ، لكنهم كانوا يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يمكن القول بأن بداية التفسير بالرأي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس المراد بالرأي هنا الرأي المذموم .
أبرز ملامح هذا العهد النبوي يتلخص في الآتي :
أ / النبي صلى الله عليه وسلم فسر مباشرة شيء من القرآن ( وهو قليل ) .
ب ـ إذا أدخلنا تأوُّلات النبي صلى الله عليه وسلم ، وعموم سنته التي يمكن الاستفادة منها في تفسير القرآن ، فيمكن القول بأن ما فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم كثير ؛ لكن هذا قائم على قدرة المفسر على الربط بين معنى الآية والحديث .
ج / بداية فهم بعض الصحابة بعض الآيات على وجه من وجوه التأويل .
د / بداية التفسير بالرأي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
هـ ـ لم يعتن صلى الله عليه وسلم بكتابة شيء غير القرآن الكريم ؛ لذا لم يظهر تدوين للتفسير ولا لغيره إلا نزر يسير معروف في تاريخ التدوين ، وهو الصحيفة الصادقة لعبدالله بن عمرو .
************
التفسير في عهد الصحابة
ـ تمهيد :
مَنِ المرجع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير ؟
الجواب : لا يوجد مرجع واحد من الناس بحيث يكون حكمًا في فهم المعاني كما هو الحال في الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أنه لا يوجد مجموعة بعينها ـ في هذا العصر ـ تكون حجة على غيرها ، ولا على من بعدها ، وإنما كان الاجتهاد المحض وقد برز ذلك جلياً في عهد الصحابة .
من أولى من يقوم بفهم النص ؟
الجواب : هم من عاصروا التنزيل ، وشاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله ، وعرفوا أحوال من نزل عليهم القرآن ، وعاداتهم ، وهذا الوصف متحقق في الصحابة رضي الله عنهم أكثر من غيرهم .
ومن جاء بعدهم فهو ناقل عنهم هذه الأمور ، وهم مرجعه في هذه الأحوال والمشاهدات .
*********
تفسيم مراحل التفسير في عهد الصحابة
يمكن تقسيم التفسير في عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى عدة أقسام :
1ـ منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتولي أبو بكر الخلافة إلى مقتل علي رضي الله عنهم سنة ( 40 هـ ) .
2ـ من عام (41 هـ ) حين الخلاف والنزاع في خلافة معاوية إلى ( 68هـ ) موت ابن عباس رضي الله عنهم .
3ـ من ( 68 هـ ) إلى بقاء بعض الصحابة ستة (100هـ) وبروز كبار التابعين انتهى .
عهد أبو بكر رضي الله عنه : توفي ( 13هـ) ومدة خلافته سنتين ونصف .
أهم أعماله :
1ـ الانشغال بحروب الردة ، أغلب الصحابة انشغلوا معه وبعد ذلك انشغلوا ببداية الفتوح .
2ـ جمع القرآن ، وقد كلف عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت بتلك المهمة .
وفي هذا العهد لا نكاد نجد إلا تفسيرات قليلة يمكن إعادتها إليه ؛ لأنها عن أبي بكر الصديق .
بعض تفسيرات أبو بكر الصديق .
هل ما نقل عنه من العلم يوازي الذي عنده ؟
الجواب : لا ، وحتى في التفسير قليل جداً .
أبو بكر رضي الله عنه لا يدخل في محيط المتصدين للتفسير ، ولا يعني ذلك أنه ليس بعالم بالقرآن ، وإنما انشغل بأشياء أخرى مهمه في عهده ولم يلبث طويلا .
أمثلة على تفسيرا ت أبو بكر الصديق ، ورأيه في ذلك :
أ ـ روى الطبري بسنده عن الشعبي: أن أبا بكر رحمه الله قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رحمه الله قال: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر) .
ونلحظ هنا المعنى اللغوي والتكييف الفقهي .
ب/ في تفسير ( قوله وفاكهة وأبا) لما سئل عن الأب ، فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ، إذا قلت فيها برأيي .
ج/الاستدراكات : ومن أمثلة ذلك
استدراكه رضي الله عنه :على من فهم من قول الله تعالى :(يأيها الذين امنو عليكم أنفسكم ) غير المعنى المراد من الاية ، فعن قيس بن أبي حازم قال ، قال أبو بكر وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية على غير موضعها:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عَمَّهم الله بعقابه.
أبرز ملامح عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
1-بداية ظهور تعدد الأوجه في فهم القران .
2 ـ الاستدراك على القول الضعيف .
3-القول بالرأي والاجتهاد وخاصة فيم يحتاج إليه الناس من أمور شرعية
4- الذي روي عن أبي بكر وغيره ـ في هذه الفترة ـ أشياء قليلة في التفسير بسبب انشغالهم بالأسباب السالفة الذكر......
عهد عمر رضي الله عنه منذ عام 13هـ -23هـ عشر سنوات تقريبا .
في أول العهد كان الأمر على نفس ما كان عليه في العهد السابق عهد الصديق :
ثم كانت بدايات التعليم المنظم :وظهر ذلك من خلال الاتي:
1- بعث عمر رضي الله عنه بعض الصحابة إلى الأمصار أمثال :معاذ وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت (إلى الشام تحديدا)وهنا أعرض شيأ من الذي أثر عن بعضهم مما كان له أثر في مجرى التاريخ التفسيري .
قال ابن سعد : ( ... جمع القرآن في زمان النبي، صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل وعبادة بن صامت وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان زمن عمر بن الخطاب كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إن أهل الشام قد كثروا وربلوا وملؤوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم، فدعا عمر أولئك الخمسة فقال لهم: إن إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين، فأعينوني رحمكم الله بثلاثة منكم، إن أجبتم فاستهموا وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا، فقالوا: ما كنا لنتساهم، هذا شيخ كبير لأبي أيوب وأما هذا فسقيم لأبي بن كعب، فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء، فقال عمر: ابدؤوا بحمص فإنكم ستجدون الناس وجوه مختلفة، منهم من يلقن فإذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس، فإذا رضيتم منهم فليقم بها واحد وليخرج واحد إلى دمشق والآخر إلى فلسطين. وقدموا حمص فكانوا بها حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين، وأما معاذ فمات عام طاعون عمواس، وأما عبادة فصار بعد إلى فلسطين فمات بها، وأما أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتى مات ) .
وروى ابن سعد بسنده عن عامر أن مهاجر عبد الله بن مسعود كان بحمص فحدره عمر إلى الكوفة وكتب إليهم: إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي فخذوا عنه
2-المجالس العلمية العمرية .
من أمثلة ذلك ما روى الطبري بسنده عن ابن زيد في قوله:" وإذا قيلَ له اتق الله أخذته العزة بالإثم" إلى قوله:" والله رؤوف بالعباد"، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صلى السُّبْحة وفرغ، دخل مربدًا له، فأرسل إلى فتيان قد قرأوا القرآن، منهم ابن عباس وابن أخي عيينة، قال: فيأتون فيقرأون القرآن ويتدارسونه، فإذا كانت القائلة انصرف. قال فمرُّوا بهذه الآية:" وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم"،" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاءَ مرضَات الله والله رؤوفٌ بالعباد"= قال ابن زيد: وهؤلاء المجاهدون في سبيل الله= فقال ابن عباس لبعض من كان إلى جنبه: اقتتل الرجلان؟ فسمع عمر ما قال، فقال: وأيّ شيء قلت ؟ قال: لا شيء يا أمير المؤمنين! قال: ماذا قلت ؟ اقتَتل الرجلان ؟ قال فلما رأى ذلك ابن عباس قال: أرى ههنا مَنْ إذا أُمِر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم، وأرى من يَشري نفسه ابتغاءَ مرضاة الله، يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله، فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم، قال هذا: وأنا أشتري نفسي ! فقاتله، فاقتتل الرجلان! فقال عمر: لله بلادك يا بن عباس) .
كذلك من الأمثلة في ذلك مجالس عمر الخاصة (اللقاءات الخاصة ):
مجلس عمر رضي الله عنه مع أشياخ بدر والاهتمام بابن عباس وحضوره تلك المجالس فوجد بعض الصحابة في أنفسهم شيأ ،فأراد عمر أن يبين لهم مراده فسألهم عن سورة النصر روى البخاري بسنده عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِى نَفْسِهِ فَقَالَ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ . فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ - فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ - فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ . قَالَ مَا تَقُولُونَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا . وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِى أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لاَ . قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ لَهُ ، قَالَ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) . فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ . أطرافه 3627 ، 4294 ، 4430 ، 4969 - تحفة 5456 ، 10495 - 221/6
ـ السؤال عما أشكل :
وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس . أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه ، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام ، فأتى على هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } إلى آخر الآية ، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب ، فقال : يا أبا المنذر أتيت على هذه الآيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال : يا أمير المؤمنين ان هذا ليس بذاك . يقول الله { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] إنما ذلك الشرك .
ـ وإذا كان البسؤال عن المشكل قد فعله عمرر ، فهناك بحث عن مشكلات القران على جهة التعنت ، وقصته مع صبيغ في ذلك مشهورة حيث كان يسأل عن متشابه القران تعنتا ،فأدبه عمر حتى رجع عن ذلك.
ـ أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن أبيه أن صبيغا قدم على عمر فقال من أنت فقال أنا عبد الله صبيغ فسأله عمر عن أشياء فعاقبه قال أبو بكر في علمي أنه قال وحرق كتبه وكتب إلى أهل البصرة ألا تجالسوه .
ـ الدارمي أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ صَبِيغٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ صَبِيغٌ. فَأَخَذَ عُمَرُ عُرْجُوناً مِنْ تِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَضَرَبَهُ وَقَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ. فَجَعَلَ لَهُ ضَرْباً حَتَّى دَمِىَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ قَدْ ذَهَبَ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ فِى رَأْسِى. إتحاف 15810
سؤال عمر عن ما أشكل عليه
وقال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه على المنبر قال: يا أيها الناس، ما تقولون في قول الله عز وجل: " أو يأخذهم على تخوف " فسكت الناس، فقال شيخ
من بنى هذيل: هي لغتنا يا أمير المؤمنين، التخوف التنقص.
فخرج رجل فقال: يا فلان، ما فعل دينك ؟ قال: تخوفته، أي تنقصته، فرجع فأخبر عمر فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم ؟ قال نعم، قال شاعرنا أبو كبير الهذلى يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه: تخوف الرحل منها تامكا قردا * كما تخوف عود النبعة السفن فقال عمر: يا أيها الناس، عليكم بديوانكم شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعانى كلامكم.
كذلك ما جاء عنه في قوله (وفاكهةوأبا )قال :هذه الفاكهة علمناها فما الأب؟ ثم قال إن هذا لهو التكلف ....
تنزيل الآية على الواقع.
ومثاله ما روي عن عمر رضي الله عنه حين رأى جابر رضي الله عنه يحمل معه قطعة لحم ، فقال له عمر :اكلما اشتهيت أكلت ثم قرأ قوله تعالى:( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها)
كذلك لم يستجد أي شيء فيما يختص باقراء القران بل كانوا يقروؤن على حسب ماسمعوه .
أبرز ملامح التفسير عهد عمر رضي الله عنه :
1-ظهر لنا في عهده بدايات التعليم المنظم وتجلى لنا ذلك في أمور منها
أ/المجالس العمرية العامة والخاصة
ب/بعثه لبعض القراء للأمصار
2- ظهور بدايات البحث عن المشكل تعنتًا .
3- لم يدون أي شيء من التفسير إنما كان جل الاعتماد على الرواية .
4- استمرار فهم القران على وجوه.
عهد عثمان رضي الله عنه من 23هـ _ 35هـ . مدة خلافته 12سنة .
:
أهم أعماله :
1- نسخ المصاحف عام 25ه .
2- الإقراء .
ولم يكن قد تصدى للتفسير وأقواله في ذلك قليلة وذلك لانشغاله بالإقراء ثم بالخلافة
لكن بقي هنا أن نذكر بعض من اشتهر من الصحابة بالعلم في عهده وهم على سبيل المثال : ابن مسعود , وأبو الدرداء وأبي بن كعب . ولعلنا نذكر شيأ مما ورد عنهم في بعض الرو ايات التفسيرية .
ـ أبو الدرداء رضي الله عنه :توفي سنة 32ه كان ممن تلا القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رضي الله عنه متصديا للإقراء ، وقد ورد في ترجمته في سير أعلام النبلاء : (وقيل: الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقن، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما، فإذا أحكم الرجل منهم، تحول إلى أبي الدرداء يعني يعرض عليه).
ولم يتصد للتفسير ، لذا كان والوارد عنه في التفسير قليلا ، ولا يعني ذلك أنه لا يعلم التفسير ، ومن أشهر ما ورد عنه مما يتعلق بالتفسير ما رواه أبو قلابة عنه ، قال : ( وإنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهًا ) ،و يعني بها الوجوه الصحيحة المحتملة للآية .
ـ أبي بن كعب رضي الله عنه :قيل أنه توفي سنة 32ه واشتهر عنه قراءته بالمنسوخ ، روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَىٍّ ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا ) طرفه 5005 - تحفة 71 ، 10493
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن على أبي .
وحاله في القراءة أشهر من حاله في التفسير ، وإن كانت غير مستفيضة كالقراءة وقد سبق ما روي عنه أن عمر سأله عن قوله (ولم يلبسو إيمانهم بظلم) لما أشكل عليه ذلك فقال لعمر :ليس بذاك ياأمير المؤمنين .....(إن الشرك لظلم عظيم )
ـ ابن مسعود رضي الله عنه :توفي أيضا سنة 32هـ وقيل غير ذلك . ومن الجوانب المتعلقة بتاريخ التفسير :
عن مسروق، قال:( كان عبدُ الله يقرأ علينا السُّورة، ثم يحدِّثنا فيها ويفسِّرها عامَّةَ النهار) .
وؤوى الطبري بسنده عن مَسْروق، قال: قال عبد الله: ( والذي لا إله غيره، ما نزلتْ آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلتْ؟ وأينَ أنزلت؟ ولو أعلم مكانَ أحدٍ أعلمَ بكتاب الله مِنّى تنالُه المطايا لأتيته)
وكان حريصا على إيصال معاني كلام الله ، ويجتهد في تفسيره بطرائق عده ، ومنها ما رواه الطبري بسنده عن قتادة ، قال: ( ذُكر لنا أن ابن مسعود أهديت إليه سِقاية من ذهب وفضة، فأمر بأخدود فخدّ في الأرض، ثم قذف فيه من جزل حطب، ثم قذف فيه تلك السقاية، حتى إذا أزبدت وانماعت قال لغلامه: ادع من يحضُرنا من أهل الكوفة، فدعا رهطا، فلما دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا : نعم، قال: ما رأينا في الدنيا شبيها للمهل أدنى من هذا الذهب والفضة، حين أزبد وانماع).
ولو وازنا بين أبي وابن مسعود .الاثنان علمان في الإقراء لكن من جهة الروايات التفسيرية الأغلب ابن مسعود .
أبرز ملامح عهد عثمان رضي الله عنه.
1- البارزون من القراء الذين يعلمون القران ماتوا في عهده مما كان له كبير الأثر في تلك الفترة التاريخية للعلم على وجه العموم ، ومنه التفسير .
3- كان الإقراء أشهر من التفسير .
4- بدء ظهور نجم ابن عباس حيث كان عثمان يقربه ويبجله.
عهد علي بن أبي طالب : من عام 35هـ _ 40هـ .
يعتبر علي بن أبي طالب من المقرئين المتصدين (أسانيد الكوفيين ترجع إليه) وأحدالمتصدين لتفسير كلام الله سبحانه وتعالى والسبب في ذلك أن الخلافة لم تشغله مبكرا وكان متفرغا أكثر من غيره من سبقه من الخلفاء الكرام .
بعض الروايات التفسيرية المرتبطة بعلي رضي الله عنه:
أخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ والمنسوخ والبيهقي في سننه عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : مر علي بن أبي طالب برجل يقص فقال : ( أعرفت الناسخ والمنسوخ؟ قال : لا . قال : هلكت وأهلكت ) .
والناسخ عند علي رضي الله عنه يشتمل على تخصيص العام وتقييد المطلق وبيان المجمل ، ورفع الحكم الشرعي ... الخ .
وهذا تنبيه منه ـ رضي الله عنه ـ على أهمية هذه الأنواع في بيان القرآن وتفسيره ؛ لأن عدم معرفتها يؤثر على فهم المعنى .
وقد كان ـ رضي الله عنه ـ عالمًا بالقرآن ، وبالتفسير ـ على وجه الخصوص ـ فقد ورد عنه قوله : (وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن؟ فوالله لو أعلم اليوم أحداً أعلم به مني ، وإن كان من وراء البحور لأتيته . فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال : مَنْ { الذين بدلوا نعمة الله كفراً } قال : هم مشركو قريش ، أتتهم نعمة الله الايمان فبدلوا قومهم دار البوار ).
وروى عامر بن واثلة قال: شهدت على بن ابي طالب رضي الله عنه يخطب فسمعته يقول في خطبته: ( سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الا انا اعلم أبليل نزلت اما بنهار، ام في سهل نزلت ام في جبل ) .
وقدكان علي رضي الله عنه يجيب عن من يسأله في القرآن تعنتا بخلاف ماكان عليه الأمر في عهد عمر رضي الله عنه والسبب في ذلك :اختلاف الأحوال والبيئة .
ومن ذلك ما كان يسأله عبد الله بن الكواء الخارجي ، ومن أسئلته :
ـ عن عامر بن واثلة ، ذكر أن عليا قام على المنبر فقال: سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ، فقام ابن الكوّاء فقال ، من( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) ؟ قال: منافقو قريش.
ـ وعن عامر بن واثلة قال: شهدت على بن ابي طالب رضي الله عنه يخطب فسمعته يقول في خطبته: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الا انا اعلم أبليل نزلت اما بنهار، ام في سهل نزلت ام في جبل، فقام إليه ابن الكواء فقال:
يا امير المؤمنين، ما الذاريات ذروا ؟ وذكر الحديث.
ـ ومما ورد عنه من التفسير تنزيل بعض الآيات على المعاصرين له ، ومن ذلك :
ما أورده الطبري في تفسير قوله تعالى : ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً ) ، قال : (حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان بن سَلَمة، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي الطفيل، قال: سأل عبد الله بن الكوّاء عليا عن قوله( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا ) قال: أنتم يا أهل حَروراء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن أبي الصهباء البكريّ، عن عليّ بن أبي طالب، أن ابن الكوّاء سأله، عن قول الله عزّ وجلّ( هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا ) فقال عليّ: أنت وأصحابك.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، قال: قام ابن الكوّاء إلى عليّ، فقال: من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قال: ويْلُك أهل حَروراء منهم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد ابن عَشْمة ، قال: ثنا موسى بن يعقوب بن عبد الله، قال: ثنى أبو الحويرث، عن نافع بن جبير بن مطعم، قال: قال ابن الكوّاء لعليّ بن أبي طالب: ما الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا؟ قال: أنت وأصحابك.
ـ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بَزّة، قال: سمعت أبا الطفيل، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: لا يسألوني عن كتاب ناطق، ولا سنة ماضية، إلا حدّثتكم، فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات، فقال: هي الرياح.
ـ الطبري حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يحيى بن أيوب، عن أبي صخرة، عن أبي معاوية البجليّ، عن أبي الصهباء البكريّ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال وهو على المنبر: لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته، فقام ابن الكوّاء، وأراد أن يسأله عما سأل عنه صبيغٌ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال: ما الذاريات ذروا؟ قال عليّ: الرياح).
ـ وقد طبقَّ أسلوبًا من أساليب الترجيح ، وأظهر المخالفة لابن عباس ما يدل على احتمال تعدد دلالة النص القرآني ، وكان في ذلك بدايات لضوابط الترجيح أو قواعده أو قرائنه ، وذلك ما ورد عن ابن عباس ، قال : (بينما أنا في الحجر جالس إذ أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحاً فقلت : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم ، فانفتل عني فذهب عني إلى علي بن أبي طالب وهو جالس تحت سقاية زمزم ، فسأله عن العاديات ضبحاً . فقال : سألت عنها أحداً قبل؟ قال نعم . سألت عنها ابن عباس . فقال : هي الخيل حين تغير في سبيل الله . فقال : اذهب فادعه لي .
فلا وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك والله إن أول غزوة في الإِسلام لبدر ، وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف يكون العاديات ضبحاً إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة ، فإذا أدوا إلى المزدلفة أوروا إلى النيران { والمغيرات صبحاً } من المزدلفة إلى منى فذلك جمع وأما قوله : { فأثرن به نقعاً } فهو نقع الأرض حين تطؤه بخفافها وحوافرها . قال ابن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليّ .
ـومن أساليبه الدقيقة التي أثارها في تفسيره = التنبيه على ضابط قبول أخبار السابقين ، وقد ورد ذلك في سؤاله لحبر يهودي ، أورد الطبري بسنده عن عن سعيد بن المسيب قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم؟ قال : هي البحر ، فقال عليّ : ما أراه إلا صادقاً وقرأ { والبحر المسجور } { وإذا البحار سجرت } [ التكوير : 6 ] مخففة .
وإنما قبِل ما قاله اليهودي لما وجد له من شاهد من كتاب الله تعالى ، وهذا الضابط في قبول هذه الأخبار مما وقع عليه الاتفاق .
ومما ورد عنه من سؤال من له علم بكتب السابقين ، سؤاله لهلال الهجري عن الأحقاب ، فقد وأخرج عبد الرزاق والفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سالم بن أبي الجعد قال : سأل عليّ بن أبي طالب هلالاً الهجري : ما تجدون الحقب في كتاب الله؟ قال : نجده ثمانين سنة ، كل سنة منها اثنا عشر شهراً ، كل شهر ثلاثون يوماً ، كل يوم ألف سنة .
ـ وبرز في وقته خطأ بعض المسلمين في فهم القرآن وتفسيره ، وهم الخوارج ، وقد أرسل لهم ابن عمه عبد الله بن العباس ليناظرهم ، وقد بين لهم ابن عباس خطأهم في فهم القرآن .
ـ وكان مما وقع من التفسير في عصره أنه لما أرسل ابن عمه عبدالله بن العباس ليكون أميرًا على الناس في الحج = فسَّر للناس شيئًا من القرآن ، فقد أخرج الطبري وغيره عن الأعمش عن أبي وائل: استخلف علِيّ عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.
وهذا يدل على حرص الصحابة على إيصال معاني القرآن للناس ، وكان اجتماع الناس في هذا الموسم المبارك فرصة لبيان معاني القرآن كما هو ظاهر من هذه الرواية . رت )
= أبرز ملامح التفسير في عهد علي رضي الله عنه :
1- تصديه رضي الله عنه للتفسير ، و مبادرته ـ رضي الله ـ إلى توضيح بعض معاني القران لحاجة الناس لذلك .
2- بدء الآراء التفسيرية المبنية على المعتقد ، وهذا الزمن هو بداية وقوع الانحراف في التفسير .
3- الظروف والأحوال كان لها بالغ الأثر في تجرؤ بعض أهل الأهواء في السؤال عن بعض مشكلات القران
4- ظهور بداية الترجيح باعتماد الأحوال المتعلقة بالتنزيل ، وذكر شيء من الضوابط في قبول الأخبار عن السابقين .
ملخص ملامح التفسير في عهد الخلفاء الراشدين :
1 ـ كان التفسير علمًا مستقلاً قائمًا بذاته .
2 ـ كان التفسير قائمًا على الرواية ، وكان لبعض الصحابة مجالس خاصة للتفسير كعمر وابن مسعود .
3 ـ لم يظهر تدوين خاصٌ بالتفسير .
4 ـ ظهور الاجتهاد في التفسير ، وبروز القول بالرأي المحمود .
5 ـ ظهور الوجوه المتعدد للنص القرآن ، وبروز اختلاف التنوع في تفسيراتهم .
7 ـ تمازج علوم القرآن في نصوص التفسير الواردة عن الصحابة ، كالناسخ والمنسوخ والمبهمات ومشكل القرآن وغيرها .
8 ـ وقوع سؤالات من الصحابة لبعض أهل الكتاب أو من عنده علم بالكتب السابقة .
9 ـ ظهور بعض الأساليب التي يُستفاد منها في تأصيل أصول التفسير ، كالاستدراك الذي وقع من بعضهم على بعض .
10 ـ ظهور الانحراف في التفسير في آخر عهد الراشدين .
11 ـ كانت تفسيراتهم متنوعة ، وشاملة لمعلومات القرآن من المبهمات ، والغريب ، وأسباب النزول ، وغيرها ، والمقصود أن تفسيرهم كان شاملاً ، ولم يقع منهم اتفاق على التوقف عن تفسير آية ما ؛ لأن القرآن معلوم المعنى .
فقد منَّ الله ـ بكرمه وفضله ـ عليَّ بإلقاء دروس في تاريخ التفسير ، وقد وقفت فيه على نهاية خلافة الراشدين ، وقد اجتهد الطلبة بإعداد ملخصات ، فاخترت أحدها ، واضفت إليه بعض ما فاته من خلال ملخصات زملائه ، وكذا أضفت لها النصوص التي أشار إليها ، ولم يكتبها كاملة .
وإني لأهتبل هذه الفرصة لأشكر هؤلاء الطلاب الذين حرصوا على الحضور ، وأفادوني في هذه الدروس بحضورهم ومناقشاتهم العلمية المفيدة ، وإني لأسأل الله أن يوفقني وإياهم لما يحب ويرضى .
وإليكم هذا التلخيص :
.....................................
تمهيد :
في هذا البحث الفكرة العامة في هذا البحث هى إظهار الجانب التاريخي فيما يتعلق بتاريخ تفسير القران وهو طويل جدا ً ولكن سنحاول إبراز المنطقة التي نقول عنها مجازا ًمنطقة مظلمة في عدم وضوحها لا في نفسها وذاتها وهي مرحلة بدايات التفسير فإن كثير من طلاب العلم يجهل هذه المنطقة منطقة بدايات التفسير
نحتاج إلى معرفة كيف كان التفسير قبل عصر الإمام محمد بن جرير الطبري
بداية من العصر النبوي حتى عصر إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري
المقصود الأعظم هو فترة ما قبل عصر ابن جرير حتى العصر النبوي
وسوف نجد إن شاء الله معلومات جديدة ولكنها ليست مبتكرة وإنما هى موجودة في بطون الكتب وتحتاج إلى اقتناص وترتيب فقط وذلك لعدم انتباه كثير من المتخصصين إلي هذه الفترة ، ولاعتمادهم على ما كتبه بعض المعاصرين في مراحل تدوين التفسير ، دون التنبه لما فيها من ملاحظات علمية .
إن تاريخ التفسير لو كتب بطريقة تحليلية من فترة نزول القرآن إلى عهد بن جرير لخرجت فوائد كثيرة من خلال نصوص التراجم ونصوص التفسير المنقولة عن أصحاب هذه الفترة الزمنية ، وهذا الموضوع يحتاج إلى أكثر من رسالة علمية .
نبذة تعريفية عن مفهوم علم التفسير
إن المتأمل والدارس لعلم تاريخ التفسير ، ينبغي أن يتفطن بادئ ذي بدئ لأمور هامة تتعلق بالموضوع ، من حيث المعنى العام والمعنى اللفظي ، ولعلنا نتطرق في خطوط عريضة ـ لتلك الأمور وهي على النحو التالي :
ينبغي أن نتتبع المصطلح لعلم تاريخ التفسير كيف سار منذ الزمن الأول إلى يومنا هذا ، لأننا إذا قلنا علم تاريخ التفسير فماذا نقصد بالتفسير وما مفهومه وماهيته .
المرحلة المقصودة بتاريخ علم التفسير هي عصور المنطقة المظلمة ( من جهة العلم والجهل بها ) وليس في ذاتها ، أعني مرحلة ما قبل الإمام ابن جرير الطبري ، حيث كانت المناهج واضحة وجلية بعده .
تعريف التفسير :
الأولين مزجوا بين علوم القرآن وعلوم التفسير ، واتفقوا على أن التفسير هو فهم المعاني واختلفوا بعد ذلك فبعضهم يدخل أحكام القرآن وحكمه كما ذكر الزركشي عن بعضهم ، وكابن أبي حيان يدخل القرآءآت والبلاغة وغيرها ، والضابط في التمييز بين علوم التفسير وعلوم القرآن { هو بيان وفهم المعاني } ثم اختلفوا في الزيادات .
وموضوعنا هو { تاريخ بيان فهم معاني القرآن } الذي نعني به تاريخ التفسير ومنشأ الخلاف ، هل علوم القرآن والعلوم الإضافية ، هل هي من مادة كتب التفسير ، أم من التفسير نفسه ، وهنا يقال أن جميع الزيادات والإضافات في علوم القرآن التي دخلت في علم التفسير ليست من ماهية التفسير ، إنما هي من مادة كتب التفسير .
وهنا ثمة أمر ينبغي أن ننبه عليه ، وهو إذا كانت تلك العلوم لها أثر في فهم المعنى فإننا ندخلها ضمن علم التفسير ، ومثال ذلك ، ما روي عن خالد بن معدان في قوله تعالى { لابثين فيها } أنها منسوخة بقوله { فذوقوا فلن نزيدكم } فإننا نعد هذا الضرب من علم التفسير لأن له أثرًا في فهم المعنى ، ، فالنسخ هنا يدخل في مراد السلف ، ويُحمل على مصطلحات المتأخرين ، وهو من بيان المجمل ، بخلاف آية الصدقة في سورة المجادلة ، ليس لها علاقة أو أثر في فهم المعنى ، وإنما لها أثر في الحكم ، أي في تطبيق هذا الأمر ، وإلا فمعناها مفهوم ، والقول بالنسخ لم يؤثر على معنى الآية وتفسيرها ، فلذلك عددنا النسخ في هذه الآية من علوم القرآن ( العلوم الإضافية ) .
كذلك من ما ينبغي أن ننبه عليه ، أمرين مهمين .
1ـ أن بعض العلوم قد سبقت الكتابة في تاريخه أو مناهجه أو مسائله ، وهذا السبق أثر في الكلام على تاريخ التفسير ، وذلك حينما جاء المعاصرون ليكتبوا عن تاريخ التفسير استفادوا من الذين كتبوا في تاريخ الحديث والفقه وأصوله ..... الخ . فطبقوا ما يقال في تاريخ علم ما على التفسير ، وجعلوا المسألة فيهما متوافقه ، مع أن البون بين العلمين شاسع فيها ، مثاله : المدرسة العراقية ، والمدرسة المكية ـ مع التحفظ على كلمة مدرسة ـ ، بينهما بون شاسع في المنهج ، فالمعلوم عن من كتب في مناهج تلك المدارس من المفسرين المتأخرين قد تأثر بتاريخ فن آخر ، فجعل مدرسة العراق (عقلية ) وجعل المدرسة المكية ( أثرية ) ، والمتأمل حقيقة يعلم منهج ابن عباس ( المكي ) تربية تلاميذه على الاجتهاد ، ، فكثُر المفسرون من تلاميذه ، وكان منهج ابن مسعود ( العراق ) قائمًا على تربية تلاميذه على الاتباع والاقتداء ، فقلَّ كلام تلاميذه في التفسير ، وكثُر نقلهم عنه .
2ـ علاقة علم الحديث بعلم التفسير :
كان المفسرون من الرواة عمومًا ، فهم يروون سنة نبوية ، وغزوة ، وحدثًا في السيرة ، وتفسيرًا ... إلخ ، ولم يكن المتقدمون قد أفردوا للمفسرين تراجم خاصة لهذا السبب ، وقد كان المتقدمون من علماء الحديث البصيرين بنقد الرجال يفرقون بين الرواة في هذه المجالات ، وإن لم يخصوهم بكتب خاصة ، ولم يقع التخليط في هذا الأمر إلا متأخرًا ، لذا نجد في تقويم المحدثين لبعض القراء من جهة الحديث ما يختلف عن تقويمهم من جهة القراءة ، وهم يدركون الفرق بين هذين العلمين ، مع أنهما يفتقران للنقل ، ومن أقوالهم في ذلك : قول ابن حجر في تقريب التهذيب ـ في ترجمة الراوي حفص ـ قال : (حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر البزاز الكوفي الغاضري بمعجمتين وهو حفص بن أبي داود القارئ صاحب عاصم ويقال له حفيص متروك الحديث مع إمامته في القراءة من الثامنة مات سنة ثمانين وله تسعون ) .
وهنا ثمة أفكار هامة تتعلق بالمقدمة أيضا ، ألخصها في الآتي :
أنواع معلومات القرآن :
1ـ جزء من القرآن مرتبط بالأحكام الفقهية .
2ـ أخبار عامة .
3ـ أخبار معاصرة للقرآن .
4ـ أخبار سابقة ولاحقة .
ومجمل القول أن القرآن ينقسم إلى : قسمين ، أحكام ، أخبار .
الأخبار تنقسم إلى أقسام : 1ـ أخبار تدرك معانيها وحقائقها .
2ـ أخبار غيبية لا تدرك حقائقها وإن عرف معناها مثاله { الرحمن على العرش استوى ) ندرك المعنى لكن لا ندرك حقيقته .
أما الأحكام الشرعية فتُدرَك حقائقها ومعانيها .
الوجوه التي يعرف بها تأويل القرآن :
بنى على ذلك ابن عباس الوجوه التي ذكرها في أنواع التفسير :
1ـ وجه تعرفه العرب من كلامها .
2ـ تفسير لا يعذر أحد بجهالته .
3ـ تفسير يعلمه العلماء .
4ـ تفسير لا يعلمه إلا الله ، ( وهذه من الغيبيات )
وعملُ المفسرين في الأقسام الثلاثة الأولى ؛ لأنها مرتبطة بـ(المعاني ) .
وأما القسم الرابع ، فإنه مما يختص به الله تعالى ، وقد دخل في تأويله بعض المبتدعة والجهلة ، فادعوا معرفتهم لبعض هذه الحقائق ، كادعاء بعضهم معرفة بعض الغيوب من خلال بعض الآيات .
ومما يستأنس به في هذا الباب ، ما ذكر الطبري في مقدمته في أنواع التأويل :.
1ـ ما لا يعلمه إلا الله .
2ـ يعلم من جهة النبي صلى الله عليه وسلم .
3ـ يعلمه كل ذي علم باللسان ، بشرط ألا تخرج عن أقوال السلف .
الوصول إلى فهم القرآن ، لا يخرج من حالين :
1ـ حال النقل ، 2ـ حال الاجتهاد .
فحال النقل أنواع :
أـ نوع لا يمكن أن يدخله رأي ، وهو البيان القرآني عن القرآن مباشرة ، مثل : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون* الذين آمنوا وكانوا يتقون) ، ( والسماء والطارق * وما أدراك ما الطارق * النجم الثاقب ) الخ .
ب/ تفسير نبوي مباشر ، مثاله: لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الظلم في قوله : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ، فسره بقوله ( إن الشرك لظلم عظيم ) .
ج / أسباب النزول الصريحة الصحيحة .
د / النص الذي لا يحتمل إلا قولاً واحدًا ، مثل : ( قل هو الله أحد ..........) الخ
وهنا لا بد أن نقرر هذه الحقيقة المهمة ، أن علم التفسير من حيث الأغلب قائم على الرأي والاجتهاد ، والدليل على ذلك استقراء تفسير السلف ، ولعل هذه المقدمة مهدت لنا الطريق في الشروع في بيان أولى محطات تاريخ التفسير المعني بيانه وهي مرحلة العهد النبوي .
العهد النبوي
كان النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين الأول لفهم القرآن يدلنا على ذلك قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وقد بين لهم ما يحتاجون لبيانه وهو التفسير المجمل فيما يتعلق بالأحكام العامة ، أما تفسير القرآن وبيان معانيه لفظة لفظة فلم يكن ذلك من منهجه صلى الله عليه وسلم .
وأنواع التفسير في العهد النبوي :
1ـ إما بنص صريح مباشر .
2ـ نصب دلالة عليه ( جملة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن )
والنص الصريح المباشر نوعان :
أ ـ يبتدئهم هو عليه الصلاة والسلام بالتفسير ، مثاله :
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه بسنده عن النبي قال ( قيل لبني إسرائيل { ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } . فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة )
البخاري : عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فَمَرَّ بِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَانِى فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ « مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِىَ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ » . فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ ) .
روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّى عَلَيْهِ وَهْوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ . قَالَ « إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِى فَقَالَ ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ » . قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ )
بـ سؤالات الصحابة :
روى البخاري في كتاب التفسير من صحيحه عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ) قَالَ « مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ » . أطرافه 3199 ، 4802 ، 7424 ، 7433 - تحفة 11993
وبسنده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا ، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ ، وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ « لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ - أَوْ رَجُلٌ - مِنْ هَؤُلاَءِ » . طرفه 4898 - تحفة 12917 - 189/6
وبسنده عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلاَّ هَلَكَ » . قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاءَكَ ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) . قَالَ « ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ » . أطرافه 103 ، 6536 ، 6537 - تحفة 16254 ، 16232 ، 17463 ، 16231 - 208/6
التفسير النبوي الغير مباشر : يتكلم أو يفعل فعلا ً يتأول منه فهم معين ، ولا ينص على آية بعينها ،
روى البخاري بسنده عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ ، فَلَهُ أَجْرَانِ » . تحفة 16102
، وهذا يرجح أن السفرة هم الملائكة في قوله تعالى : ( بأيدي سفرة * كرام بررة ) ، إذ وقع الخلاف بين السلف هل هم الملائكة ، ويشهد له الحديث السابقة ، أم هم كتبة الوحي من الصحابة ؟
ومما ينبغي أن يلاحظ في هذا المقام ما وقع من تأوُّلات نبوية لبعض الآيات القرآنية ، ومن ذلك :
روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهْوَ فِى قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ، اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ » . فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ . وَهْوَ يَثِبُ فِى الدِّرْعِ ، فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ « ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) » . أطرافه 2915 ، 3953 ، 4877 - تحفة 6054
وبسنده عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ « سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى » . يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ . أطرافه 794 ، 817 ، 4293 ، 4967 - تحفة 17635
هل فسر الصحابة القرآن والرسول بين أ ظهرهم ؟
الجواب : نعم ، لكن مما ينبغي أن يشار إليه قبل ذلك : حرص الصحابة على تعلم معاني القرآن ، وقد ورد في ذلك عدة آثار ، منها :
ما رواه الطبري بسنده ، قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال سمعت أبي يقول : حدثنا الحسين بن واقد قال : حدثنا الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن
حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن قال : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه و سلم فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا
وأما ما وقع من الصحابة من تفسيرات ـ باجتهادهم ـ فإنهم كانوا يعرضونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يخلو الحال من أمرين :
الأول : أن يستدرك عليهم فهمهم ، ويبين لهم المعنى المراد ، ومن ذلك :
ما رواه البخاري عن حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ قَالَ « إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ » . ثُمَّ قَالَ « لاَ بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ » . طرفاه 1916 ، 4509 - تحفة 9869
، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنع عديًّا من أن يفهم القرآن على ما عنده من معرفة اللسان العربي ؛ لأن فهمه من جهة اللغة صحيح ، لكنه بين له المعنى اللغوي الآخر الذي غفل عنه عديٌّ ، وهو بياض النهار وسواد الليل ، ولو كان فهم القرآن ابتداءًا غير جائز لهم لنبههم صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وذلك لم يرد مع تكرر الوقائع المشبهة لأمر عديٍّ رضي الله عنه .
الثاني : أن يقرَّ فهمه ، ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، قال : ( قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمْران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير، عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، أنه قال لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمتُ على رسول الله صلى عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: "يا عمرو صَلَّيت بأصحابك وأنت جُنُبٌ!" قال: قلت يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلكَ، فذكرت قول الله [عز وجل] { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فتيممت ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا.
وهكذا رواه أبو داود من حديث يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به. ورواه أيضا عن محمد بن أبي سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عنه، فذكر نحوه. وهذا، والله أعلم، أشبه بالصواب .
وقال أبو بكر بن مَرْدُوَيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حامد البَلْخِي، حدثنا محمد بن صالح بن سهل البلخي، حدثنا عُبَيد عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جُنُب، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له، فدعاه فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله، خفْتُ أن يقتلني البرد، وقد قال الله تعالى: { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] } قال: فسكت عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) .
وهنا سؤال يطرح نفسه ، هل تلك التفسيرات الواردة معتمدة على النقل أو الرأي ؟
الجواب : على الرأي ، لكنهم كانوا يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يمكن القول بأن بداية التفسير بالرأي كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس المراد بالرأي هنا الرأي المذموم .
أبرز ملامح هذا العهد النبوي يتلخص في الآتي :
أ / النبي صلى الله عليه وسلم فسر مباشرة شيء من القرآن ( وهو قليل ) .
ب ـ إذا أدخلنا تأوُّلات النبي صلى الله عليه وسلم ، وعموم سنته التي يمكن الاستفادة منها في تفسير القرآن ، فيمكن القول بأن ما فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم كثير ؛ لكن هذا قائم على قدرة المفسر على الربط بين معنى الآية والحديث .
ج / بداية فهم بعض الصحابة بعض الآيات على وجه من وجوه التأويل .
د / بداية التفسير بالرأي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
هـ ـ لم يعتن صلى الله عليه وسلم بكتابة شيء غير القرآن الكريم ؛ لذا لم يظهر تدوين للتفسير ولا لغيره إلا نزر يسير معروف في تاريخ التدوين ، وهو الصحيفة الصادقة لعبدالله بن عمرو .
************
التفسير في عهد الصحابة
ـ تمهيد :
مَنِ المرجع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير ؟
الجواب : لا يوجد مرجع واحد من الناس بحيث يكون حكمًا في فهم المعاني كما هو الحال في الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما أنه لا يوجد مجموعة بعينها ـ في هذا العصر ـ تكون حجة على غيرها ، ولا على من بعدها ، وإنما كان الاجتهاد المحض وقد برز ذلك جلياً في عهد الصحابة .
من أولى من يقوم بفهم النص ؟
الجواب : هم من عاصروا التنزيل ، وشاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله ، وعرفوا أحوال من نزل عليهم القرآن ، وعاداتهم ، وهذا الوصف متحقق في الصحابة رضي الله عنهم أكثر من غيرهم .
ومن جاء بعدهم فهو ناقل عنهم هذه الأمور ، وهم مرجعه في هذه الأحوال والمشاهدات .
*********
تفسيم مراحل التفسير في عهد الصحابة
يمكن تقسيم التفسير في عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى عدة أقسام :
1ـ منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتولي أبو بكر الخلافة إلى مقتل علي رضي الله عنهم سنة ( 40 هـ ) .
2ـ من عام (41 هـ ) حين الخلاف والنزاع في خلافة معاوية إلى ( 68هـ ) موت ابن عباس رضي الله عنهم .
3ـ من ( 68 هـ ) إلى بقاء بعض الصحابة ستة (100هـ) وبروز كبار التابعين انتهى .
عهد أبو بكر رضي الله عنه : توفي ( 13هـ) ومدة خلافته سنتين ونصف .
أهم أعماله :
1ـ الانشغال بحروب الردة ، أغلب الصحابة انشغلوا معه وبعد ذلك انشغلوا ببداية الفتوح .
2ـ جمع القرآن ، وقد كلف عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت بتلك المهمة .
وفي هذا العهد لا نكاد نجد إلا تفسيرات قليلة يمكن إعادتها إليه ؛ لأنها عن أبي بكر الصديق .
بعض تفسيرات أبو بكر الصديق .
هل ما نقل عنه من العلم يوازي الذي عنده ؟
الجواب : لا ، وحتى في التفسير قليل جداً .
أبو بكر رضي الله عنه لا يدخل في محيط المتصدين للتفسير ، ولا يعني ذلك أنه ليس بعالم بالقرآن ، وإنما انشغل بأشياء أخرى مهمه في عهده ولم يلبث طويلا .
أمثلة على تفسيرا ت أبو بكر الصديق ، ورأيه في ذلك :
أ ـ روى الطبري بسنده عن الشعبي: أن أبا بكر رحمه الله قال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابًا فمن الله: هو ما دون الولد والوالد. قال: فلما كان عمر رحمه الله قال: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر) .
ونلحظ هنا المعنى اللغوي والتكييف الفقهي .
ب/ في تفسير ( قوله وفاكهة وأبا) لما سئل عن الأب ، فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ، إذا قلت فيها برأيي .
ج/الاستدراكات : ومن أمثلة ذلك
استدراكه رضي الله عنه :على من فهم من قول الله تعالى :(يأيها الذين امنو عليكم أنفسكم ) غير المعنى المراد من الاية ، فعن قيس بن أبي حازم قال ، قال أبو بكر وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية على غير موضعها:"لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عَمَّهم الله بعقابه.
أبرز ملامح عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
1-بداية ظهور تعدد الأوجه في فهم القران .
2 ـ الاستدراك على القول الضعيف .
3-القول بالرأي والاجتهاد وخاصة فيم يحتاج إليه الناس من أمور شرعية
4- الذي روي عن أبي بكر وغيره ـ في هذه الفترة ـ أشياء قليلة في التفسير بسبب انشغالهم بالأسباب السالفة الذكر......
عهد عمر رضي الله عنه منذ عام 13هـ -23هـ عشر سنوات تقريبا .
في أول العهد كان الأمر على نفس ما كان عليه في العهد السابق عهد الصديق :
ثم كانت بدايات التعليم المنظم :وظهر ذلك من خلال الاتي:
1- بعث عمر رضي الله عنه بعض الصحابة إلى الأمصار أمثال :معاذ وأبو الدرداء وعبادة بن الصامت (إلى الشام تحديدا)وهنا أعرض شيأ من الذي أثر عن بعضهم مما كان له أثر في مجرى التاريخ التفسيري .
قال ابن سعد : ( ... جمع القرآن في زمان النبي، صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل وعبادة بن صامت وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان زمن عمر بن الخطاب كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إن أهل الشام قد كثروا وربلوا وملؤوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم، فدعا عمر أولئك الخمسة فقال لهم: إن إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين، فأعينوني رحمكم الله بثلاثة منكم، إن أجبتم فاستهموا وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا، فقالوا: ما كنا لنتساهم، هذا شيخ كبير لأبي أيوب وأما هذا فسقيم لأبي بن كعب، فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء، فقال عمر: ابدؤوا بحمص فإنكم ستجدون الناس وجوه مختلفة، منهم من يلقن فإذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس، فإذا رضيتم منهم فليقم بها واحد وليخرج واحد إلى دمشق والآخر إلى فلسطين. وقدموا حمص فكانوا بها حتى إذا رضوا من الناس أقام بها عبادة وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين، وأما معاذ فمات عام طاعون عمواس، وأما عبادة فصار بعد إلى فلسطين فمات بها، وأما أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتى مات ) .
وروى ابن سعد بسنده عن عامر أن مهاجر عبد الله بن مسعود كان بحمص فحدره عمر إلى الكوفة وكتب إليهم: إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي فخذوا عنه
2-المجالس العلمية العمرية .
من أمثلة ذلك ما روى الطبري بسنده عن ابن زيد في قوله:" وإذا قيلَ له اتق الله أخذته العزة بالإثم" إلى قوله:" والله رؤوف بالعباد"، قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا صلى السُّبْحة وفرغ، دخل مربدًا له، فأرسل إلى فتيان قد قرأوا القرآن، منهم ابن عباس وابن أخي عيينة، قال: فيأتون فيقرأون القرآن ويتدارسونه، فإذا كانت القائلة انصرف. قال فمرُّوا بهذه الآية:" وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم"،" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاءَ مرضَات الله والله رؤوفٌ بالعباد"= قال ابن زيد: وهؤلاء المجاهدون في سبيل الله= فقال ابن عباس لبعض من كان إلى جنبه: اقتتل الرجلان؟ فسمع عمر ما قال، فقال: وأيّ شيء قلت ؟ قال: لا شيء يا أمير المؤمنين! قال: ماذا قلت ؟ اقتَتل الرجلان ؟ قال فلما رأى ذلك ابن عباس قال: أرى ههنا مَنْ إذا أُمِر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم، وأرى من يَشري نفسه ابتغاءَ مرضاة الله، يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله، فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم، قال هذا: وأنا أشتري نفسي ! فقاتله، فاقتتل الرجلان! فقال عمر: لله بلادك يا بن عباس) .
كذلك من الأمثلة في ذلك مجالس عمر الخاصة (اللقاءات الخاصة ):
مجلس عمر رضي الله عنه مع أشياخ بدر والاهتمام بابن عباس وحضوره تلك المجالس فوجد بعض الصحابة في أنفسهم شيأ ،فأراد عمر أن يبين لهم مراده فسألهم عن سورة النصر روى البخاري بسنده عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِى نَفْسِهِ فَقَالَ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ . فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ - فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ - فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ . قَالَ مَا تَقُولُونَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا . وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِى أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لاَ . قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ لَهُ ، قَالَ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) . فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ . أطرافه 3627 ، 4294 ، 4430 ، 4969 - تحفة 5456 ، 10495 - 221/6
ـ السؤال عما أشكل :
وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس . أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه ، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام ، فأتى على هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } إلى آخر الآية ، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب ، فقال : يا أبا المنذر أتيت على هذه الآيه { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال : يا أمير المؤمنين ان هذا ليس بذاك . يقول الله { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] إنما ذلك الشرك .
ـ وإذا كان البسؤال عن المشكل قد فعله عمرر ، فهناك بحث عن مشكلات القران على جهة التعنت ، وقصته مع صبيغ في ذلك مشهورة حيث كان يسأل عن متشابه القران تعنتا ،فأدبه عمر حتى رجع عن ذلك.
ـ أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن أبيه أن صبيغا قدم على عمر فقال من أنت فقال أنا عبد الله صبيغ فسأله عمر عن أشياء فعاقبه قال أبو بكر في علمي أنه قال وحرق كتبه وكتب إلى أهل البصرة ألا تجالسوه .
ـ الدارمي أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ صَبِيغٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ صَبِيغٌ. فَأَخَذَ عُمَرُ عُرْجُوناً مِنْ تِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَضَرَبَهُ وَقَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ. فَجَعَلَ لَهُ ضَرْباً حَتَّى دَمِىَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ قَدْ ذَهَبَ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ فِى رَأْسِى. إتحاف 15810
سؤال عمر عن ما أشكل عليه
وقال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه على المنبر قال: يا أيها الناس، ما تقولون في قول الله عز وجل: " أو يأخذهم على تخوف " فسكت الناس، فقال شيخ
من بنى هذيل: هي لغتنا يا أمير المؤمنين، التخوف التنقص.
فخرج رجل فقال: يا فلان، ما فعل دينك ؟ قال: تخوفته، أي تنقصته، فرجع فأخبر عمر فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم ؟ قال نعم، قال شاعرنا أبو كبير الهذلى يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد تمكه واكتنازه: تخوف الرحل منها تامكا قردا * كما تخوف عود النبعة السفن فقال عمر: يا أيها الناس، عليكم بديوانكم شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعانى كلامكم.
كذلك ما جاء عنه في قوله (وفاكهةوأبا )قال :هذه الفاكهة علمناها فما الأب؟ ثم قال إن هذا لهو التكلف ....
تنزيل الآية على الواقع.
ومثاله ما روي عن عمر رضي الله عنه حين رأى جابر رضي الله عنه يحمل معه قطعة لحم ، فقال له عمر :اكلما اشتهيت أكلت ثم قرأ قوله تعالى:( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها)
كذلك لم يستجد أي شيء فيما يختص باقراء القران بل كانوا يقروؤن على حسب ماسمعوه .
أبرز ملامح التفسير عهد عمر رضي الله عنه :
1-ظهر لنا في عهده بدايات التعليم المنظم وتجلى لنا ذلك في أمور منها
أ/المجالس العمرية العامة والخاصة
ب/بعثه لبعض القراء للأمصار
2- ظهور بدايات البحث عن المشكل تعنتًا .
3- لم يدون أي شيء من التفسير إنما كان جل الاعتماد على الرواية .
4- استمرار فهم القران على وجوه.
عهد عثمان رضي الله عنه من 23هـ _ 35هـ . مدة خلافته 12سنة .
:
أهم أعماله :
1- نسخ المصاحف عام 25ه .
2- الإقراء .
ولم يكن قد تصدى للتفسير وأقواله في ذلك قليلة وذلك لانشغاله بالإقراء ثم بالخلافة
لكن بقي هنا أن نذكر بعض من اشتهر من الصحابة بالعلم في عهده وهم على سبيل المثال : ابن مسعود , وأبو الدرداء وأبي بن كعب . ولعلنا نذكر شيأ مما ورد عنهم في بعض الرو ايات التفسيرية .
ـ أبو الدرداء رضي الله عنه :توفي سنة 32ه كان ممن تلا القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رضي الله عنه متصديا للإقراء ، وقد ورد في ترجمته في سير أعلام النبلاء : (وقيل: الذين في حلقة إقراء أبي الدرداء كانوا أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقن، وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما، فإذا أحكم الرجل منهم، تحول إلى أبي الدرداء يعني يعرض عليه).
ولم يتصد للتفسير ، لذا كان والوارد عنه في التفسير قليلا ، ولا يعني ذلك أنه لا يعلم التفسير ، ومن أشهر ما ورد عنه مما يتعلق بالتفسير ما رواه أبو قلابة عنه ، قال : ( وإنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهًا ) ،و يعني بها الوجوه الصحيحة المحتملة للآية .
ـ أبي بن كعب رضي الله عنه :قيل أنه توفي سنة 32ه واشتهر عنه قراءته بالمنسوخ ، روى البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَىٍّ ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا ) طرفه 5005 - تحفة 71 ، 10493
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن على أبي .
وحاله في القراءة أشهر من حاله في التفسير ، وإن كانت غير مستفيضة كالقراءة وقد سبق ما روي عنه أن عمر سأله عن قوله (ولم يلبسو إيمانهم بظلم) لما أشكل عليه ذلك فقال لعمر :ليس بذاك ياأمير المؤمنين .....(إن الشرك لظلم عظيم )
ـ ابن مسعود رضي الله عنه :توفي أيضا سنة 32هـ وقيل غير ذلك . ومن الجوانب المتعلقة بتاريخ التفسير :
عن مسروق، قال:( كان عبدُ الله يقرأ علينا السُّورة، ثم يحدِّثنا فيها ويفسِّرها عامَّةَ النهار) .
وؤوى الطبري بسنده عن مَسْروق، قال: قال عبد الله: ( والذي لا إله غيره، ما نزلتْ آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلتْ؟ وأينَ أنزلت؟ ولو أعلم مكانَ أحدٍ أعلمَ بكتاب الله مِنّى تنالُه المطايا لأتيته)
وكان حريصا على إيصال معاني كلام الله ، ويجتهد في تفسيره بطرائق عده ، ومنها ما رواه الطبري بسنده عن قتادة ، قال: ( ذُكر لنا أن ابن مسعود أهديت إليه سِقاية من ذهب وفضة، فأمر بأخدود فخدّ في الأرض، ثم قذف فيه من جزل حطب، ثم قذف فيه تلك السقاية، حتى إذا أزبدت وانماعت قال لغلامه: ادع من يحضُرنا من أهل الكوفة، فدعا رهطا، فلما دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا : نعم، قال: ما رأينا في الدنيا شبيها للمهل أدنى من هذا الذهب والفضة، حين أزبد وانماع).
ولو وازنا بين أبي وابن مسعود .الاثنان علمان في الإقراء لكن من جهة الروايات التفسيرية الأغلب ابن مسعود .
أبرز ملامح عهد عثمان رضي الله عنه.
1- البارزون من القراء الذين يعلمون القران ماتوا في عهده مما كان له كبير الأثر في تلك الفترة التاريخية للعلم على وجه العموم ، ومنه التفسير .
3- كان الإقراء أشهر من التفسير .
4- بدء ظهور نجم ابن عباس حيث كان عثمان يقربه ويبجله.
عهد علي بن أبي طالب : من عام 35هـ _ 40هـ .
يعتبر علي بن أبي طالب من المقرئين المتصدين (أسانيد الكوفيين ترجع إليه) وأحدالمتصدين لتفسير كلام الله سبحانه وتعالى والسبب في ذلك أن الخلافة لم تشغله مبكرا وكان متفرغا أكثر من غيره من سبقه من الخلفاء الكرام .
بعض الروايات التفسيرية المرتبطة بعلي رضي الله عنه:
أخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ والمنسوخ والبيهقي في سننه عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : مر علي بن أبي طالب برجل يقص فقال : ( أعرفت الناسخ والمنسوخ؟ قال : لا . قال : هلكت وأهلكت ) .
والناسخ عند علي رضي الله عنه يشتمل على تخصيص العام وتقييد المطلق وبيان المجمل ، ورفع الحكم الشرعي ... الخ .
وهذا تنبيه منه ـ رضي الله عنه ـ على أهمية هذه الأنواع في بيان القرآن وتفسيره ؛ لأن عدم معرفتها يؤثر على فهم المعنى .
وقد كان ـ رضي الله عنه ـ عالمًا بالقرآن ، وبالتفسير ـ على وجه الخصوص ـ فقد ورد عنه قوله : (وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن؟ فوالله لو أعلم اليوم أحداً أعلم به مني ، وإن كان من وراء البحور لأتيته . فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال : مَنْ { الذين بدلوا نعمة الله كفراً } قال : هم مشركو قريش ، أتتهم نعمة الله الايمان فبدلوا قومهم دار البوار ).
وروى عامر بن واثلة قال: شهدت على بن ابي طالب رضي الله عنه يخطب فسمعته يقول في خطبته: ( سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الا انا اعلم أبليل نزلت اما بنهار، ام في سهل نزلت ام في جبل ) .
وقدكان علي رضي الله عنه يجيب عن من يسأله في القرآن تعنتا بخلاف ماكان عليه الأمر في عهد عمر رضي الله عنه والسبب في ذلك :اختلاف الأحوال والبيئة .
ومن ذلك ما كان يسأله عبد الله بن الكواء الخارجي ، ومن أسئلته :
ـ عن عامر بن واثلة ، ذكر أن عليا قام على المنبر فقال: سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ، فقام ابن الكوّاء فقال ، من( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) ؟ قال: منافقو قريش.
ـ وعن عامر بن واثلة قال: شهدت على بن ابي طالب رضي الله عنه يخطب فسمعته يقول في خطبته: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شئ يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به، سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية الا انا اعلم أبليل نزلت اما بنهار، ام في سهل نزلت ام في جبل، فقام إليه ابن الكواء فقال:
يا امير المؤمنين، ما الذاريات ذروا ؟ وذكر الحديث.
ـ ومما ورد عنه من التفسير تنزيل بعض الآيات على المعاصرين له ، ومن ذلك :
ما أورده الطبري في تفسير قوله تعالى : ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً ) ، قال : (حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان بن سَلَمة، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي الطفيل، قال: سأل عبد الله بن الكوّاء عليا عن قوله( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا ) قال: أنتم يا أهل حَروراء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا يحيى بن أيوب، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن أبي الصهباء البكريّ، عن عليّ بن أبي طالب، أن ابن الكوّاء سأله، عن قول الله عزّ وجلّ( هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا ) فقال عليّ: أنت وأصحابك.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، قال: قام ابن الكوّاء إلى عليّ، فقال: من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قال: ويْلُك أهل حَروراء منهم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد ابن عَشْمة ، قال: ثنا موسى بن يعقوب بن عبد الله، قال: ثنى أبو الحويرث، عن نافع بن جبير بن مطعم، قال: قال ابن الكوّاء لعليّ بن أبي طالب: ما الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا؟ قال: أنت وأصحابك.
ـ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بَزّة، قال: سمعت أبا الطفيل، قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: لا يسألوني عن كتاب ناطق، ولا سنة ماضية، إلا حدّثتكم، فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات، فقال: هي الرياح.
ـ الطبري حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يحيى بن أيوب، عن أبي صخرة، عن أبي معاوية البجليّ، عن أبي الصهباء البكريّ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال وهو على المنبر: لا يسألني أحد عن آية من كتاب الله إلا أخبرته، فقام ابن الكوّاء، وأراد أن يسأله عما سأل عنه صبيغٌ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال: ما الذاريات ذروا؟ قال عليّ: الرياح).
ـ وقد طبقَّ أسلوبًا من أساليب الترجيح ، وأظهر المخالفة لابن عباس ما يدل على احتمال تعدد دلالة النص القرآني ، وكان في ذلك بدايات لضوابط الترجيح أو قواعده أو قرائنه ، وذلك ما ورد عن ابن عباس ، قال : (بينما أنا في الحجر جالس إذ أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحاً فقلت : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم ، فانفتل عني فذهب عني إلى علي بن أبي طالب وهو جالس تحت سقاية زمزم ، فسأله عن العاديات ضبحاً . فقال : سألت عنها أحداً قبل؟ قال نعم . سألت عنها ابن عباس . فقال : هي الخيل حين تغير في سبيل الله . فقال : اذهب فادعه لي .
فلا وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك والله إن أول غزوة في الإِسلام لبدر ، وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف يكون العاديات ضبحاً إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة ، فإذا أدوا إلى المزدلفة أوروا إلى النيران { والمغيرات صبحاً } من المزدلفة إلى منى فذلك جمع وأما قوله : { فأثرن به نقعاً } فهو نقع الأرض حين تطؤه بخفافها وحوافرها . قال ابن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليّ .
ـومن أساليبه الدقيقة التي أثارها في تفسيره = التنبيه على ضابط قبول أخبار السابقين ، وقد ورد ذلك في سؤاله لحبر يهودي ، أورد الطبري بسنده عن عن سعيد بن المسيب قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم؟ قال : هي البحر ، فقال عليّ : ما أراه إلا صادقاً وقرأ { والبحر المسجور } { وإذا البحار سجرت } [ التكوير : 6 ] مخففة .
وإنما قبِل ما قاله اليهودي لما وجد له من شاهد من كتاب الله تعالى ، وهذا الضابط في قبول هذه الأخبار مما وقع عليه الاتفاق .
ومما ورد عنه من سؤال من له علم بكتب السابقين ، سؤاله لهلال الهجري عن الأحقاب ، فقد وأخرج عبد الرزاق والفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سالم بن أبي الجعد قال : سأل عليّ بن أبي طالب هلالاً الهجري : ما تجدون الحقب في كتاب الله؟ قال : نجده ثمانين سنة ، كل سنة منها اثنا عشر شهراً ، كل شهر ثلاثون يوماً ، كل يوم ألف سنة .
ـ وبرز في وقته خطأ بعض المسلمين في فهم القرآن وتفسيره ، وهم الخوارج ، وقد أرسل لهم ابن عمه عبد الله بن العباس ليناظرهم ، وقد بين لهم ابن عباس خطأهم في فهم القرآن .
ـ وكان مما وقع من التفسير في عصره أنه لما أرسل ابن عمه عبدالله بن العباس ليكون أميرًا على الناس في الحج = فسَّر للناس شيئًا من القرآن ، فقد أخرج الطبري وغيره عن الأعمش عن أبي وائل: استخلف علِيّ عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا.
وهذا يدل على حرص الصحابة على إيصال معاني القرآن للناس ، وكان اجتماع الناس في هذا الموسم المبارك فرصة لبيان معاني القرآن كما هو ظاهر من هذه الرواية . رت )
= أبرز ملامح التفسير في عهد علي رضي الله عنه :
1- تصديه رضي الله عنه للتفسير ، و مبادرته ـ رضي الله ـ إلى توضيح بعض معاني القران لحاجة الناس لذلك .
2- بدء الآراء التفسيرية المبنية على المعتقد ، وهذا الزمن هو بداية وقوع الانحراف في التفسير .
3- الظروف والأحوال كان لها بالغ الأثر في تجرؤ بعض أهل الأهواء في السؤال عن بعض مشكلات القران
4- ظهور بداية الترجيح باعتماد الأحوال المتعلقة بالتنزيل ، وذكر شيء من الضوابط في قبول الأخبار عن السابقين .
ملخص ملامح التفسير في عهد الخلفاء الراشدين :
1 ـ كان التفسير علمًا مستقلاً قائمًا بذاته .
2 ـ كان التفسير قائمًا على الرواية ، وكان لبعض الصحابة مجالس خاصة للتفسير كعمر وابن مسعود .
3 ـ لم يظهر تدوين خاصٌ بالتفسير .
4 ـ ظهور الاجتهاد في التفسير ، وبروز القول بالرأي المحمود .
5 ـ ظهور الوجوه المتعدد للنص القرآن ، وبروز اختلاف التنوع في تفسيراتهم .
7 ـ تمازج علوم القرآن في نصوص التفسير الواردة عن الصحابة ، كالناسخ والمنسوخ والمبهمات ومشكل القرآن وغيرها .
8 ـ وقوع سؤالات من الصحابة لبعض أهل الكتاب أو من عنده علم بالكتب السابقة .
9 ـ ظهور بعض الأساليب التي يُستفاد منها في تأصيل أصول التفسير ، كالاستدراك الذي وقع من بعضهم على بعض .
10 ـ ظهور الانحراف في التفسير في آخر عهد الراشدين .
11 ـ كانت تفسيراتهم متنوعة ، وشاملة لمعلومات القرآن من المبهمات ، والغريب ، وأسباب النزول ، وغيرها ، والمقصود أن تفسيرهم كان شاملاً ، ولم يقع منهم اتفاق على التوقف عن تفسير آية ما ؛ لأن القرآن معلوم المعنى .