أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
[align=center][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
قصة هذا التقرير :
أثناء مدة الدراسة المنهجية لمرحلة الماجستير عام 1415هـ عرض الأستاذ الدكتور سعود الفنيسان علينا فكرة دراسة بعض تفاسير الحنابلة المتأخرة غير المشتهرة ، وقد وقع اختياري أنا والزميل الأخ عبدالله الرفاعي على كتابين في التفسير أُلفا في القرن الرابع عشر الهجري ، وهما :
كتاب : منار السبيل في الأضواء على التنزيل للشيخ محمد العثمان القاضي .
وكتاب : توفيق الرحمن في دروس القرآن للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
فكتبت بحثاً مختصراً عنهما ، وكان حكمي الذي توصلت إليه على كتاب توفيق الرحمن : أنه تفسير ليس له قيمة علمية كبيرة ، ولا يستحق أن يقدم على غيره من كتب التفسير .
وقد وافقني على هذا الحكم الأخ عبدالله الرفاعي .
وأذكر هنا - من باب الأمانة العلمية – أن فضيلة الشيخ الدكتور سعود الفنيسان لم يرتضِ هذه النتيجة ، وسأذكر ما كتبه تعليقاً على نتيجة هذا البحث في آخر البحث إن شاء الله .
ومع ذلك لم تتغير نظرتي للكتاب ، ولم أوافق شيخنا على ما ذكر .
وقد احتفظت بهذا البحث معي ، وكدت أن أنساه حتى انتشر بين طلبة العلم أن الشيخ المحقق الدكتور عبد الكريم الخضير قد أثنى على هذا التفسير في برنامج إذاعي عن مكتبة طالب العلم ؛ حتى إن طلبة العلم بدأوا يسألون عن هذا التفسير ، وبعضهم صار يوصي به ، وكان من نتيجة ذلك أن نفدت النسخ التي تباع في المكتبات .
وقد استغربت حكم الشيخ أول ما سمعته ، ودفعني هذا للنظر في هذا البحث من جديد ، وراجعت التفسير مرة أخرى ، فقد تتغير الصورة التي ظهرت لي عنه سابقاً .
وبعد مراجعتي له ، وتصفحه مرة أخرى ازددت قناعة بحمكي السابق ، ورغبت في نشر هذا التقرير حتى يطلع عليه الباحثون وطلبة العلم ، ولهم بعد ذلك الخيار في قبول ما توصلت إليه أو رده .
وحكمي هذا هو رأيي الشخصي في هذا التفسير ، وقد يخالفني غيري ، وكلٌ له وجهة نظر تخصه .
وأنا أرغب من كل من اطلع على هذا التفسير من المتخصصين أن يذكر رأيه فيه حتى نخرج بنتيجة مقبولة ، ينتفع بها طلبة العلم السائلون عن هذا الكتاب .
[align=center]كتاب : توفيق الرحمن في دروس القرآن
تأليف الشيخ : فيصل بن عبد العزيز آل مبارك[/align]
من كتب التفسير الحديثة - هذا الكتاب الذي يعد من آثار الحنابلة في التفسير ؛ وسيكون الكلام عنه من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول :التعريف بمؤلف الكتاب :
نسبـه : هو الشيخ فيصل بن عبد العزيز بن فيصل بن حمد بن مبارك من قبيلة عنيزة
مولـده: ولد في حريملاء سنة 1313هـ ثم انتقل إلي الرياض سنة 1320هـ .
تلقيه العلم وإجازته للتدريس:-
تعلم الأصول الثلاثة ، ونسب النبي صلي الله وعليه وسلم على جده لأمه الشيخ ناصر بن محمد بن ناصر - وكان فقيهاً حافظاً .
ووعى القرآن عن ظهر قلب وهو ابن ثماني عشر سنة وقرأ الحديث علي عمه الشيخ محمد بن فيصل ، وغيره من العلماء في ذلك الوقت .
ثم قرأ علي الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في التوحيد .
وقرأ النحو علي الشيخ حمد بن فارس وأخذ عنه الفقه .
وقرأ علي الشيخ عبد الله بن راشد الفرائض ، وذلك في سفره إلى اليمن .
وهؤلاء العلماء الذين أخذ عنهم العلم بعضهم في حريملاء ، وبعضهم في الرياض وبعضهم في اليمن .
وقد لزم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ، وقرأ عليه حتى أجازه في التفسير وتدريس الأمات الست ، ومذهب الإمام أحمد . وأوصاه بلزوم صحيح البخاري ومسلم .
وقد اشتغل في عدة وظائف ، حيث تولى القضاء في عدد من مدن المملكة كان آخرها توليه القضاء في مدينة الجوف .
مؤلفاته:-
له عدد من المؤلفات منها :-
1- بستان الأحبار مختصر نيل الأوتار في مجلدين.
2- مفتاح العربية علي متن الأجرومية
3- خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام
4- كلمات السداد علي متن الزاد
5- المجموعة الجليلة المحتوية علي : مختصر الكلام علي بلوغ المرام ، ومحاسن الدين علي متن الأربعين ومقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد .
وقد طبعت جميع الكتب السابقة وله مؤلفات أخرى تدل علي حبة للتأليف وطول صبره وتحمله في الكتابة والجمع والتحرير .
وقد كان متصفاَ بمكارم الأخلاق ؛ فكان متواضعا جداً ، سمحاً ذا أدب وعفة ونزاهة ، وكان محبوباً تميل إليه القلوب.
وفاته: -
توفي رحمه الله سنه 1377هـ وهو قاضى في مدينة الجوف.
فهذه نبذة موجزة عن مؤلف هذا الكتاب.([1])
المبحث الثانى : التعريف بالكتاب وطريقة تأليفه:-
كتاب ( توفيق الرحمن في دروس القرآن ) مطبوع في أربعة مجلدات .
وطريقة المؤلف في كتابه هذا ذكرها في المقدمة ؛ وذلك أنه جمع ما في كتابة هذا من كتب مختلفة ، وأغلب ما فيه نقله من تفسير ابن جرير ، وتفسير ابن كثير ، وتفسير البغوى ؛ فما نقله من هذه التفاسير بلفظة عزاه ، وما لم ينقله بلفظه فإنه لا يعزوه .
وقد بدأ كتابه هذا بمقدمة ذكر فيها بعض الفصول التي هي عبارة عن نقولات متعددة من كتب مختلفة أشار إليها.
وهذه النقولات أكثرها يتكلم عن بعض القواعد والأصول التي يحتاجها كل مفسر للقرآن ، بعضها منقول من كتاب : الفوز الكبير في أصول التفسير للدهلوي ، وأكثرها منقول من مقدمة تفسير ابن كثير .
ثم ختم هذه المقدمة بفصل جعله في فضائل القرآن ، وهو مأخوذ من كتاب فضائل القرآن لابن كثير ، ولم يتحر في جمعه للأحاديث الواردة في الفضائل الدقة في التمييز بين المقبول والمردود ؛ بل يذكر جميع الأحاديث من غير تنبيه إلي صحتها من ضعفها ، وإن كان قد يعذر بإسنادها إلي من أخرجها.
وليس للمؤلف في هذه المقدمة إلا الجمع والنقل ، إلا ما أشار إليه بقوله : ( تنبيه) ثم ذكر رأياً له في تفسير القرآن ، وهو أنه لا يحتاج إلي تفسير بعض الآيات لأنها تُعلم من خلال سياق الآيات وكلام العرب الموجودين .
وذكر بعض الحوادث الشخصية التي وقعت له أو شاهدها ، يبين من خلالها أن عامه العرب يعرف المقصود من الآيات من غير حاجة إلي سماع الآثار في ذلك .
ثم قال : ( والمقصود أن من كان لسانه عربياً ، وفطرته مستقيمة يعرف معنى القرآن بمجرد سماعه ) ([2]) .
وهذا القول عند النظر والتأمل لا ينطبق إلا علي وجه واحد من وجوه التفسير الأربعة
التي ذكرها العلماء وهي : تفسير يعلمه العرب من كلامهم ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله .([3])
فالقول والرأي الذي رآه المؤلف يمكن أن يصدق علي الوجه الأول ، وهو الذى يعرفه العرب من كلامهم من غير حاجة إلي بيان من أحد . أما الأوجه الأخرى فلابد فيها من معرفة الآثار ، ومن قال فيها برأيه فقد وقع في النهي الوارد في ذلك ، وإلا لما كان هناك حاجه إلي بيان النبي صلي الله وعليه وسلم لكثير من الآيات ولما كان هناك حاجه إلي كتب التفسير المختلفة التي اعتنت بنقل الآثار في تفسير كلام القهار.
فهذا ما يتعلق بالمقدمة وما أورده المؤلف فيها .
أما طريقته في كتابة هذا ؛ فقد قسمه إلي دروس بلغ عددها ثلاثمائة وثلاثة عشر درساً .
وراعى في تقسيمه للآيات علي هذه الدروس معاني الآيات ؛ فكل مقطع متصل ببعضه وبين آياته ارتباط فإنه يجعله درساً مستقلاً . وتتفاوت هذه الدروس في عدد الآيات التي تتكون منها .
ثم بعد ذِكره للآيات التي يحويها كل درس يقسمها إلى مقاطع ، ويبدأ في تفسير كل مقطع علي طريقة تفسير ابن كثير ، والبغوى ؛ حيث يذكر الآيات ثم يذكر معناها نقلاً عن أحد التفسيرين ، أو عنهما معاً . وينقل كذلك من تفسير ابن جرير ، ويذكر بعض الآثار التي يوردها في تفسيره .
وإذا نقل عن أحد من هؤلاء الثلاثة صرح باسمه في بداية النقل ، وإذا نقل من غيرهم قال : قال بعض المفسرين .
وهو في كل ذلك ناقل عن الأقدمين ؛ وقل أن يضيف شيئاً من عنده ، ومن عادته أنه إذا أضاف شيئاً بدأه بقوله : تنبيه .
هذا ما يتعلق بطريقة المؤلف في تأليفه هذا الكتاب .
المبحث الثالث : الكتاب ماله وما عليه : -
هذا التفسير من وجهة نظري ليس من التفاسير ذات القيمة العلمية المتميزة ؛ وذلك أنه بعد قراءتي للمجلد الأول منه واطلاعي علي بعض المواضع في المجلد الثانى تبين لي أنه لا يستحق أن يُقدم على غيره من الكتب ، وذلك أن المؤلف رحمه الله – لا يأتى بما يستحق الوقوف عليه ، ولا يحسن الاختيار عند نقله من غيره ، وإنما يذكر الآية ثم يذكر ما ذكر حولها المفسرون الذين أشار أنه ينقل عنهم ، ولا يركز على الصحيح ، بل ينقل مما يورده الذين نقل عنهم من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه ، ولا بين راجحه ومرجوحه .
والقارئ لهذا الكتاب يتبين له ذلك بوضوح وجلاء .
مميزات الكتاب وحسناته :-
الذى يستحق المدح والإشادة في هذا التفسير هو وما يلي : -
1- التقسيم الجيد للآيات عند تفسيرها ؛ فهو يقسمها إلي دروس متعددة ، وقد راعى في تقسيمه للآيات علي هذه الدروس معاني الآيات ؛ فكل مقطع متصل ببعضه ، وبين آياته ارتباط فإنه يجعله درساً مستقلاً . وتتفاوت هذه الدروس في عدد الآيات التي تتكون منها . ثم يبدأ في تفسيرها .
وهذا التقسيم يصلح للقراءة علي عامة الناس الذين يُراد إفهامها المعنى العام للآيات وما فيها من الفوائد .
2- حسن اختياره للكتب التي نقل عنها ؛ فهو ينقل عن تفاسير ابن جرير ، وابن كثير والبغوى ؛ ومعلوم أن هذه التفاسير الثلاثة تعتبر أمات كتب التفسير ، ومن أسلم كتب التفسير من البدع ، وهي كذلك تعتبر من المصادر الرئيسية والمراجع الأساسية لأهل السنة والجماعة.
وكذلك حسن اختياره للائمة الذين يذكر أقوالهم ويستشهد بها ؛ فهو غالباً لا ينقل إلا عن علماء أهل السنة مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي.([4])
3- سلامة الكتاب من تأويل المبتدعين للآيات ، واعتماده علي مذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة . ولا غرابة في ذلك فالمؤلف يعتبر من تلاميذ أئمة الدعوة السلفية في البلاد النجدية .
هذا ما ظهر لي من مميزات وحسنات لهذا الكتاب ، ولعله يوجد غيرها إلا أن هذه أبرزها .
ثانياً:- جوانب الضعف في هذا التفسير:-
1- لم يهتم المفسر في تفسيره هذا بحسن العرض والترتيب ، وإنما اكتفى بالنقل بطريقة يظهر منها العجلة ، وعدم الدقة في اختيار المنقول . وقراءة الميتدئ في هذا التفسير تشتت ذهنه ، وتوقعه في حيرة بسبب غياب الترتيب الجيد لما يورده من النقول في تفسيره للآيات .
2- أن المؤلف عندما ينقل من التفاسير السابقة لا يميز بين الصحيح والضعيف ، ولا الراجح والمرجوح - كما سبق أن أشرت الي ذلك - . وقل أن يذكر شيئاً من الترجيحات أو الحكم على الأقوال إلا في مواضع نقلها عن ابن القيم من كتابه التبيان في أقسام القرآن ؛ فقد نقل منه في المواضع التي فيها قسم ، وذكر بعض أحكام ابن القيم على بعض الأقوال في التفسير ، وخاصة في الجزء الرابع من كتابه .
3- أنه يورد بعض الأحاديث الموضوعة وبعض الإسرئيليات المخالفة للشرع .
ومن ذلك حديث ذكره في تفسير قول الله U : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (آل عمران:7)
وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم؟ فقال: » من برّت يمينه، وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن عف بطنه، وفرجه، فذلك من الراسخين في العلم « وعزاه لابن جرير . وهو حديث موضوع كما ذكر محقق الكتاب عبدالعزيز الزير آل أحمد .
وختم كتابه كذلك بحديث موضوع طويل نقله من كتاب : الأربعون حديثاً التي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على حفظها .
وعند تفسيره لقوله تعالى : ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ ( التوبة الآية 75: 76 ) ذكر قصة ثعلبة ابن حاطب ([5]) التي ذكرها كثير من المفسرين في سبب نزول هذه الآيات، ومعلوم عند المحققين من أهل العلم أنها قصة ضعيفة باطله تقدم في احد الصحابة الأخيار.([6])
وعند تفسيره لقول الله U في سورة يوسف : ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ (يوسف:24) ذكر أثراً عن السدي فيه نسبة ما لا يليق إلى يوسف عليه السلام ، ولم يعلق عليه بشيء .
فهذه بعض الأمثلة التي تدل علي عدم تحريه فيما ينقل من كتب التفسير التي قد يعذر أصحابها بذكرهم أسانيدها ، ولكن لا يعذر الناقل لها من غير تمحيص .
4 - مما يلاحظه القارىء لهذا التفسير أنه غير مرتبط بالواقع الذى يعيشه المؤلف في هذا العصر ، فهو لا يربط الآيات بالواقع ولا يستفيد من الآيات في حل مشاكل العصر ؛ وإنما ينقل أقوال الأقدمين ويكتفي بذلك من غير أى ربط لها بواقع الأمة المعاصر .
هذه بعض الملحوظات التي تلفت الانتباه عند قراءة هذا الكتاب وغيرها كثير .
وحقيقة أن الكتاب - في نظري – لم يأت فيه مؤلفه بجديد إلا أنه أضاف إلي المكتبات أربع مجلدات يمكن أن يستغنى عنها بغيرها من كتب التفسير المفيدة .
وعندما أقول ذلك فإني أعني أنه لا ينبغي لكل من جمع بعض أقوال أهل العلم وأتعب نفسه فيها أن ينشرها للناس إلا إذا كانت تستحق النشر ، وتفيد الأمة عموماً ؛ وطلبة العلم ومحبيه خصوصاً .
أما أن ينشر كل أحد ما يجمعه ؛ فهذا مما يشغل الناس وطلبة العلم عن أصولهم ومراجعهم الأصلية التي ينبغي الاهتمام بها ، والاشتغال بقراءتها.
وكتب الشيخ الدكتور سعود الفنيسان هذا التعليق على ما توصلت إليه : ( حكم قاس ومجانب للصواب . أليس الاختيار والاختصار جزءً من التأليف ؟...([7]) ثم إن هذا ليس من أدب طالب العلم مع من هو أعلم منه .
ثم إذا كان لا يستحق أن يقرأ فيه ؛ فكيف وضعت فيه هذه المميزات الحسنة ؟ إنه التناقض !!) [/align]
--------------------------------------------------------------------------------
([1] ) هذة الترجمة مأخوذة من مقدمة كتابه المجموعة الجليلة حيث ترجم له الشيخ عبد المحسن بن عثمان أبابطين ومن كتاب آثار الحنابلة في علوم القران للشيخ سعود الفنسان ص188 . وقد ترجم له محقق الكتاب عبدالعزيز الزير آل أحمد ترجمة موسعة في الطبعة الجديدة للكتاب التي صدرت عن دار العاصمة .
([2] ) انظر مقدمة تفسيره (1/9).
([3] ) للتوسع في معرفة هذة الاوجة ومدى الحاجة إلى التفسير في كل وجهاً منها انظر مقدمة تفسير الطبري رحمه الله (1/73 وما بعدها ) بحقيق احمد شاكر.
([4] ) نقل عن الشيخ ابن سعدى في كثير من المواضع وصرح باسمه في بعضها وأنظر مثلا (1/177 ) ،(1/248) وكذلك نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية في (1/255) وغيره من المواضع .
([5] ) انظر الكتاب ( 2 / 200 ) وذكر أن اسم الصحابى ثعلبة بن أبى حاطب وهو مذكور في كتب التفسير الأخرى وأسباب النزول بدون أبى وإنما ثعلبة بن حاطب
([6] ) انظر تضعيف قصة هذا الصحابى ، وبيان عدم صحة كونها سبباً لنزول هذه الآيات في تعليق أحمد شاكر علي الطبري ( 14 / 373 ) .
([7] ) هنا عبارة لم تتضح لي .
قصة هذا التقرير :
أثناء مدة الدراسة المنهجية لمرحلة الماجستير عام 1415هـ عرض الأستاذ الدكتور سعود الفنيسان علينا فكرة دراسة بعض تفاسير الحنابلة المتأخرة غير المشتهرة ، وقد وقع اختياري أنا والزميل الأخ عبدالله الرفاعي على كتابين في التفسير أُلفا في القرن الرابع عشر الهجري ، وهما :
كتاب : منار السبيل في الأضواء على التنزيل للشيخ محمد العثمان القاضي .
وكتاب : توفيق الرحمن في دروس القرآن للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
فكتبت بحثاً مختصراً عنهما ، وكان حكمي الذي توصلت إليه على كتاب توفيق الرحمن : أنه تفسير ليس له قيمة علمية كبيرة ، ولا يستحق أن يقدم على غيره من كتب التفسير .
وقد وافقني على هذا الحكم الأخ عبدالله الرفاعي .
وأذكر هنا - من باب الأمانة العلمية – أن فضيلة الشيخ الدكتور سعود الفنيسان لم يرتضِ هذه النتيجة ، وسأذكر ما كتبه تعليقاً على نتيجة هذا البحث في آخر البحث إن شاء الله .
ومع ذلك لم تتغير نظرتي للكتاب ، ولم أوافق شيخنا على ما ذكر .
وقد احتفظت بهذا البحث معي ، وكدت أن أنساه حتى انتشر بين طلبة العلم أن الشيخ المحقق الدكتور عبد الكريم الخضير قد أثنى على هذا التفسير في برنامج إذاعي عن مكتبة طالب العلم ؛ حتى إن طلبة العلم بدأوا يسألون عن هذا التفسير ، وبعضهم صار يوصي به ، وكان من نتيجة ذلك أن نفدت النسخ التي تباع في المكتبات .
وقد استغربت حكم الشيخ أول ما سمعته ، ودفعني هذا للنظر في هذا البحث من جديد ، وراجعت التفسير مرة أخرى ، فقد تتغير الصورة التي ظهرت لي عنه سابقاً .
وبعد مراجعتي له ، وتصفحه مرة أخرى ازددت قناعة بحمكي السابق ، ورغبت في نشر هذا التقرير حتى يطلع عليه الباحثون وطلبة العلم ، ولهم بعد ذلك الخيار في قبول ما توصلت إليه أو رده .
وحكمي هذا هو رأيي الشخصي في هذا التفسير ، وقد يخالفني غيري ، وكلٌ له وجهة نظر تخصه .
وأنا أرغب من كل من اطلع على هذا التفسير من المتخصصين أن يذكر رأيه فيه حتى نخرج بنتيجة مقبولة ، ينتفع بها طلبة العلم السائلون عن هذا الكتاب .
[align=center]كتاب : توفيق الرحمن في دروس القرآن
تأليف الشيخ : فيصل بن عبد العزيز آل مبارك[/align]
من كتب التفسير الحديثة - هذا الكتاب الذي يعد من آثار الحنابلة في التفسير ؛ وسيكون الكلام عنه من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول :التعريف بمؤلف الكتاب :
نسبـه : هو الشيخ فيصل بن عبد العزيز بن فيصل بن حمد بن مبارك من قبيلة عنيزة
مولـده: ولد في حريملاء سنة 1313هـ ثم انتقل إلي الرياض سنة 1320هـ .
تلقيه العلم وإجازته للتدريس:-
تعلم الأصول الثلاثة ، ونسب النبي صلي الله وعليه وسلم على جده لأمه الشيخ ناصر بن محمد بن ناصر - وكان فقيهاً حافظاً .
ووعى القرآن عن ظهر قلب وهو ابن ثماني عشر سنة وقرأ الحديث علي عمه الشيخ محمد بن فيصل ، وغيره من العلماء في ذلك الوقت .
ثم قرأ علي الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في التوحيد .
وقرأ النحو علي الشيخ حمد بن فارس وأخذ عنه الفقه .
وقرأ علي الشيخ عبد الله بن راشد الفرائض ، وذلك في سفره إلى اليمن .
وهؤلاء العلماء الذين أخذ عنهم العلم بعضهم في حريملاء ، وبعضهم في الرياض وبعضهم في اليمن .
وقد لزم الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ، وقرأ عليه حتى أجازه في التفسير وتدريس الأمات الست ، ومذهب الإمام أحمد . وأوصاه بلزوم صحيح البخاري ومسلم .
وقد اشتغل في عدة وظائف ، حيث تولى القضاء في عدد من مدن المملكة كان آخرها توليه القضاء في مدينة الجوف .
مؤلفاته:-
له عدد من المؤلفات منها :-
1- بستان الأحبار مختصر نيل الأوتار في مجلدين.
2- مفتاح العربية علي متن الأجرومية
3- خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام
4- كلمات السداد علي متن الزاد
5- المجموعة الجليلة المحتوية علي : مختصر الكلام علي بلوغ المرام ، ومحاسن الدين علي متن الأربعين ومقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد .
وقد طبعت جميع الكتب السابقة وله مؤلفات أخرى تدل علي حبة للتأليف وطول صبره وتحمله في الكتابة والجمع والتحرير .
وقد كان متصفاَ بمكارم الأخلاق ؛ فكان متواضعا جداً ، سمحاً ذا أدب وعفة ونزاهة ، وكان محبوباً تميل إليه القلوب.
وفاته: -
توفي رحمه الله سنه 1377هـ وهو قاضى في مدينة الجوف.
فهذه نبذة موجزة عن مؤلف هذا الكتاب.([1])
المبحث الثانى : التعريف بالكتاب وطريقة تأليفه:-
كتاب ( توفيق الرحمن في دروس القرآن ) مطبوع في أربعة مجلدات .
وطريقة المؤلف في كتابه هذا ذكرها في المقدمة ؛ وذلك أنه جمع ما في كتابة هذا من كتب مختلفة ، وأغلب ما فيه نقله من تفسير ابن جرير ، وتفسير ابن كثير ، وتفسير البغوى ؛ فما نقله من هذه التفاسير بلفظة عزاه ، وما لم ينقله بلفظه فإنه لا يعزوه .
وقد بدأ كتابه هذا بمقدمة ذكر فيها بعض الفصول التي هي عبارة عن نقولات متعددة من كتب مختلفة أشار إليها.
وهذه النقولات أكثرها يتكلم عن بعض القواعد والأصول التي يحتاجها كل مفسر للقرآن ، بعضها منقول من كتاب : الفوز الكبير في أصول التفسير للدهلوي ، وأكثرها منقول من مقدمة تفسير ابن كثير .
ثم ختم هذه المقدمة بفصل جعله في فضائل القرآن ، وهو مأخوذ من كتاب فضائل القرآن لابن كثير ، ولم يتحر في جمعه للأحاديث الواردة في الفضائل الدقة في التمييز بين المقبول والمردود ؛ بل يذكر جميع الأحاديث من غير تنبيه إلي صحتها من ضعفها ، وإن كان قد يعذر بإسنادها إلي من أخرجها.
وليس للمؤلف في هذه المقدمة إلا الجمع والنقل ، إلا ما أشار إليه بقوله : ( تنبيه) ثم ذكر رأياً له في تفسير القرآن ، وهو أنه لا يحتاج إلي تفسير بعض الآيات لأنها تُعلم من خلال سياق الآيات وكلام العرب الموجودين .
وذكر بعض الحوادث الشخصية التي وقعت له أو شاهدها ، يبين من خلالها أن عامه العرب يعرف المقصود من الآيات من غير حاجة إلي سماع الآثار في ذلك .
ثم قال : ( والمقصود أن من كان لسانه عربياً ، وفطرته مستقيمة يعرف معنى القرآن بمجرد سماعه ) ([2]) .
وهذا القول عند النظر والتأمل لا ينطبق إلا علي وجه واحد من وجوه التفسير الأربعة
التي ذكرها العلماء وهي : تفسير يعلمه العرب من كلامهم ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله .([3])
فالقول والرأي الذي رآه المؤلف يمكن أن يصدق علي الوجه الأول ، وهو الذى يعرفه العرب من كلامهم من غير حاجة إلي بيان من أحد . أما الأوجه الأخرى فلابد فيها من معرفة الآثار ، ومن قال فيها برأيه فقد وقع في النهي الوارد في ذلك ، وإلا لما كان هناك حاجه إلي بيان النبي صلي الله وعليه وسلم لكثير من الآيات ولما كان هناك حاجه إلي كتب التفسير المختلفة التي اعتنت بنقل الآثار في تفسير كلام القهار.
فهذا ما يتعلق بالمقدمة وما أورده المؤلف فيها .
أما طريقته في كتابة هذا ؛ فقد قسمه إلي دروس بلغ عددها ثلاثمائة وثلاثة عشر درساً .
وراعى في تقسيمه للآيات علي هذه الدروس معاني الآيات ؛ فكل مقطع متصل ببعضه وبين آياته ارتباط فإنه يجعله درساً مستقلاً . وتتفاوت هذه الدروس في عدد الآيات التي تتكون منها .
ثم بعد ذِكره للآيات التي يحويها كل درس يقسمها إلى مقاطع ، ويبدأ في تفسير كل مقطع علي طريقة تفسير ابن كثير ، والبغوى ؛ حيث يذكر الآيات ثم يذكر معناها نقلاً عن أحد التفسيرين ، أو عنهما معاً . وينقل كذلك من تفسير ابن جرير ، ويذكر بعض الآثار التي يوردها في تفسيره .
وإذا نقل عن أحد من هؤلاء الثلاثة صرح باسمه في بداية النقل ، وإذا نقل من غيرهم قال : قال بعض المفسرين .
وهو في كل ذلك ناقل عن الأقدمين ؛ وقل أن يضيف شيئاً من عنده ، ومن عادته أنه إذا أضاف شيئاً بدأه بقوله : تنبيه .
هذا ما يتعلق بطريقة المؤلف في تأليفه هذا الكتاب .
المبحث الثالث : الكتاب ماله وما عليه : -
هذا التفسير من وجهة نظري ليس من التفاسير ذات القيمة العلمية المتميزة ؛ وذلك أنه بعد قراءتي للمجلد الأول منه واطلاعي علي بعض المواضع في المجلد الثانى تبين لي أنه لا يستحق أن يُقدم على غيره من الكتب ، وذلك أن المؤلف رحمه الله – لا يأتى بما يستحق الوقوف عليه ، ولا يحسن الاختيار عند نقله من غيره ، وإنما يذكر الآية ثم يذكر ما ذكر حولها المفسرون الذين أشار أنه ينقل عنهم ، ولا يركز على الصحيح ، بل ينقل مما يورده الذين نقل عنهم من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه ، ولا بين راجحه ومرجوحه .
والقارئ لهذا الكتاب يتبين له ذلك بوضوح وجلاء .
مميزات الكتاب وحسناته :-
الذى يستحق المدح والإشادة في هذا التفسير هو وما يلي : -
1- التقسيم الجيد للآيات عند تفسيرها ؛ فهو يقسمها إلي دروس متعددة ، وقد راعى في تقسيمه للآيات علي هذه الدروس معاني الآيات ؛ فكل مقطع متصل ببعضه ، وبين آياته ارتباط فإنه يجعله درساً مستقلاً . وتتفاوت هذه الدروس في عدد الآيات التي تتكون منها . ثم يبدأ في تفسيرها .
وهذا التقسيم يصلح للقراءة علي عامة الناس الذين يُراد إفهامها المعنى العام للآيات وما فيها من الفوائد .
2- حسن اختياره للكتب التي نقل عنها ؛ فهو ينقل عن تفاسير ابن جرير ، وابن كثير والبغوى ؛ ومعلوم أن هذه التفاسير الثلاثة تعتبر أمات كتب التفسير ، ومن أسلم كتب التفسير من البدع ، وهي كذلك تعتبر من المصادر الرئيسية والمراجع الأساسية لأهل السنة والجماعة.
وكذلك حسن اختياره للائمة الذين يذكر أقوالهم ويستشهد بها ؛ فهو غالباً لا ينقل إلا عن علماء أهل السنة مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي.([4])
3- سلامة الكتاب من تأويل المبتدعين للآيات ، واعتماده علي مذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة . ولا غرابة في ذلك فالمؤلف يعتبر من تلاميذ أئمة الدعوة السلفية في البلاد النجدية .
هذا ما ظهر لي من مميزات وحسنات لهذا الكتاب ، ولعله يوجد غيرها إلا أن هذه أبرزها .
ثانياً:- جوانب الضعف في هذا التفسير:-
1- لم يهتم المفسر في تفسيره هذا بحسن العرض والترتيب ، وإنما اكتفى بالنقل بطريقة يظهر منها العجلة ، وعدم الدقة في اختيار المنقول . وقراءة الميتدئ في هذا التفسير تشتت ذهنه ، وتوقعه في حيرة بسبب غياب الترتيب الجيد لما يورده من النقول في تفسيره للآيات .
2- أن المؤلف عندما ينقل من التفاسير السابقة لا يميز بين الصحيح والضعيف ، ولا الراجح والمرجوح - كما سبق أن أشرت الي ذلك - . وقل أن يذكر شيئاً من الترجيحات أو الحكم على الأقوال إلا في مواضع نقلها عن ابن القيم من كتابه التبيان في أقسام القرآن ؛ فقد نقل منه في المواضع التي فيها قسم ، وذكر بعض أحكام ابن القيم على بعض الأقوال في التفسير ، وخاصة في الجزء الرابع من كتابه .
3- أنه يورد بعض الأحاديث الموضوعة وبعض الإسرئيليات المخالفة للشرع .
ومن ذلك حديث ذكره في تفسير قول الله U : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (آل عمران:7)
وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم؟ فقال: » من برّت يمينه، وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن عف بطنه، وفرجه، فذلك من الراسخين في العلم « وعزاه لابن جرير . وهو حديث موضوع كما ذكر محقق الكتاب عبدالعزيز الزير آل أحمد .
وختم كتابه كذلك بحديث موضوع طويل نقله من كتاب : الأربعون حديثاً التي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على حفظها .
وعند تفسيره لقوله تعالى : ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ . فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ ( التوبة الآية 75: 76 ) ذكر قصة ثعلبة ابن حاطب ([5]) التي ذكرها كثير من المفسرين في سبب نزول هذه الآيات، ومعلوم عند المحققين من أهل العلم أنها قصة ضعيفة باطله تقدم في احد الصحابة الأخيار.([6])
وعند تفسيره لقول الله U في سورة يوسف : ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ (يوسف:24) ذكر أثراً عن السدي فيه نسبة ما لا يليق إلى يوسف عليه السلام ، ولم يعلق عليه بشيء .
فهذه بعض الأمثلة التي تدل علي عدم تحريه فيما ينقل من كتب التفسير التي قد يعذر أصحابها بذكرهم أسانيدها ، ولكن لا يعذر الناقل لها من غير تمحيص .
4 - مما يلاحظه القارىء لهذا التفسير أنه غير مرتبط بالواقع الذى يعيشه المؤلف في هذا العصر ، فهو لا يربط الآيات بالواقع ولا يستفيد من الآيات في حل مشاكل العصر ؛ وإنما ينقل أقوال الأقدمين ويكتفي بذلك من غير أى ربط لها بواقع الأمة المعاصر .
هذه بعض الملحوظات التي تلفت الانتباه عند قراءة هذا الكتاب وغيرها كثير .
وحقيقة أن الكتاب - في نظري – لم يأت فيه مؤلفه بجديد إلا أنه أضاف إلي المكتبات أربع مجلدات يمكن أن يستغنى عنها بغيرها من كتب التفسير المفيدة .
وعندما أقول ذلك فإني أعني أنه لا ينبغي لكل من جمع بعض أقوال أهل العلم وأتعب نفسه فيها أن ينشرها للناس إلا إذا كانت تستحق النشر ، وتفيد الأمة عموماً ؛ وطلبة العلم ومحبيه خصوصاً .
أما أن ينشر كل أحد ما يجمعه ؛ فهذا مما يشغل الناس وطلبة العلم عن أصولهم ومراجعهم الأصلية التي ينبغي الاهتمام بها ، والاشتغال بقراءتها.
وكتب الشيخ الدكتور سعود الفنيسان هذا التعليق على ما توصلت إليه : ( حكم قاس ومجانب للصواب . أليس الاختيار والاختصار جزءً من التأليف ؟...([7]) ثم إن هذا ليس من أدب طالب العلم مع من هو أعلم منه .
ثم إذا كان لا يستحق أن يقرأ فيه ؛ فكيف وضعت فيه هذه المميزات الحسنة ؟ إنه التناقض !!) [/align]
--------------------------------------------------------------------------------
([1] ) هذة الترجمة مأخوذة من مقدمة كتابه المجموعة الجليلة حيث ترجم له الشيخ عبد المحسن بن عثمان أبابطين ومن كتاب آثار الحنابلة في علوم القران للشيخ سعود الفنسان ص188 . وقد ترجم له محقق الكتاب عبدالعزيز الزير آل أحمد ترجمة موسعة في الطبعة الجديدة للكتاب التي صدرت عن دار العاصمة .
([2] ) انظر مقدمة تفسيره (1/9).
([3] ) للتوسع في معرفة هذة الاوجة ومدى الحاجة إلى التفسير في كل وجهاً منها انظر مقدمة تفسير الطبري رحمه الله (1/73 وما بعدها ) بحقيق احمد شاكر.
([4] ) نقل عن الشيخ ابن سعدى في كثير من المواضع وصرح باسمه في بعضها وأنظر مثلا (1/177 ) ،(1/248) وكذلك نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية في (1/255) وغيره من المواضع .
([5] ) انظر الكتاب ( 2 / 200 ) وذكر أن اسم الصحابى ثعلبة بن أبى حاطب وهو مذكور في كتب التفسير الأخرى وأسباب النزول بدون أبى وإنما ثعلبة بن حاطب
([6] ) انظر تضعيف قصة هذا الصحابى ، وبيان عدم صحة كونها سبباً لنزول هذه الآيات في تعليق أحمد شاكر علي الطبري ( 14 / 373 ) .
([7] ) هنا عبارة لم تتضح لي .