تفسير فيض الرحمن في جزء عم

إنضم
22 مايو 2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
58
الإقامة
الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِل لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
أما بعد
فإنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ , وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ , وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
التأمل والتدبر في القرآن الكريم وأحكامه أمر به الشارع الحكيم، قال تعالى: +كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ" [ص: 29].
قال شيخ الإسلام : وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ إذَا فُهِمَ . اهـ الفتاوى 15/ 108
ودأب سلف الأمة على تعلم معاني القرآن الكريم، َقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا نَزَلَتْ وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا. الفتاوى 15/ 108
وحرصوا على الفهم، فَقَدْ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - وَهُوَ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ - فِي تَعَلُّمِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَجْلِ الْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ. الفتاوى 5/ 156
وربطوا بين الفهم والعمل ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِي : حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ - عُثْمَانُ بْنُ عفان وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - أَنَّهُمْ قَالُوا : كُنَّا إذَا تَعَلَّمْنَا مِنْ النَّبِيِّ × عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ نُجَاوِزْهَا حَتَّى نَتَعَلَّمَ مَا فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا : (( فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا )) أخرجه الطبري: 1/80
ومن هنا رغبت في إعداد سلسلة في التفسير أخذت مادتها من أبرز التفاسير المعتمدة عند أهل السنة والجماعة كالطبري، وابن كثير وغيرهم من العلماء المبرزين
وكان منهجي في إعداده كما يلي:
1. إعطاء أصول العقيدة عناية خاصة، لا سيما في توضيح معاني الأسماء والصفات، وأصول الإيمان، وما ينبغي إثباته لله عز وجل من صفات الجلال والكمال والجمال، ترسيخا لعقدية اهل السنة والجماعة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
2. توضيح اسم السورة، ودلالتها من ترغيب، أو ترهيب، أو تعظيم، أو بيان لقدرة الله سبحانه، وغالبا ما تسمى بمطعلها أو بموضوع مضمن، أو بصفة بازرة تميزها.
3. ذكر الصحيح من فضائل السور، أخذت ذلك من كتاب زاد الذاكرين، لمعد الكتب، أشرف على إخراجه الدكتور الفاضل المحقق/ بسام الغانم وفقه الله.
4. ذكر الصحيح من أسباب النزول، وقد استفدت من كتاب المحرر في أسباب النزول د خالد المزيني، ولباب النقول في أسباب النزول للسيوطي، تحقيق عبد الرازق المهدي، والاستيعاب في بيان أسباب النزول للشيخ سليم الهلالي وآخرون.
5. انتقاء الصحيح من الرويات، والبعد عن الإسرائليات، و من أبرز ما استفدت منه كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور د. حكمت ياسين ، الروايات التفسيرية في0 فتح الباري ، د عبد المجيد عبد الباري.
6. تجزئة الآيات حسب الوحدة الموضوعية لتسهيل فهم مقاصد الآيات، وإعانة للحافظ على تدبر المعنى العام للآيات، وقد استفدت من كتاب المصباح المنير من تفسير ابن كثير للعلامة المحقق المباركافوري.
7. البعد عن التطويل، تيسيرا على القارئ، قال عز وجل ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، ومن يتتبع هدي سلف الأمة رضي الله عنهم يجد أن ذلك دأبهم.
8. توجيه الضمائر لمدلولها في الغالب، كما في قوله تعالى: + أَأَنْتُمْ " أيها المنكرون للبعث + أَشَدُّ خَلْقًا" (النازعات:27 )
9. توضيح التفسير اللفظي من خلال تجزئة الآيات، كما في قوله تعالى (1)- + قُلْ " يا محمد + أَعُوذُ " أستجير + بِرَبِّ النَّاسِ "مُرَبِّيهِمْ ومُدبّر
10. عدم اعتماد النسخ في آية من كتاب الله إلا إذا صح التصريح بنسخها أو انتفى حكمها من كل وجه، لأن النسخ لا يثبت مع الاحتمال، يقول الأمام بن عبد البر: (الناسخ يحتاج إلى تاريخ أو دليل لا معارض له ) اهـ التمهيد/1/307
11. عدم الدخول في مسائل الخلافية في الغالب، والاكتفاء بالرأي الراجح، وقد يزاد شيئا من التوضيح لإبراز بعض الفوائد والتوجيهات التربوية والسلوكية.
12. مثال ذلك :
• المراد بـ (الغاشية) في قوله: ( هل أتاك حديث الغاشية":
فيها قولان: قيل: هي القيامة ، وقيل : هي النار
والراجح الأول : لموافقتها للمعنى اللغوي فكل ما أحاط بالشيء من جميع جهاته فهو غاشٍ، وهو قول: البغوي510 هـ ، والقرطبي 728 هـ، وابن جزي ( ت : 741 هـ ) وابن كثير 774 هـ، والشوكاني1250هـ ).
وأكتفى بذكر : الراجح وهو الغاشية التي تغشى الناس بأهولها.
• المراد بـ (الضريع) في قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع":
فييها ثلاثة أقوال: أنه شوك يقال له الشبرق ، وقيل أنه الزقوم ، وقيل:إنه نبات أخضر منتن، والراجح الأول: لأنه الموافق لأرباب اللغة، وهو قول : ابن جرير310 هـ و الرازي ( ت :604هـ) وابن جزي ( ت : 741 هـ ) وابن القيم ( ت : 751 هـ.
وأكتفى بذكر : الراجح وهو نبت كالشوك يُقال له الشِّبْرِق وهكذا .
13. اعتمدت عند اختيار وجه التفسير، الترتيب التالي: تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابه، ثم بأقوال التابعين، ثم بلغة العرب، فإن كان حديثا خرجته، وإن كان قول صحابي أو تابعي لا أذكر الاسم في الغالب اختصارا على القارئ مثال ذلك:
• قال مجاهد: + الْفَلَقِ " قال: الصبح. أخرجه الطبري بسنده الصحيح
• قال ابن عباس: + الْفَلَقِ " قال: الخلق. أخرجه الطبري بسنده الحسن
• قال مجاهد: +غَاسِقٍ " الليل +إِذَا وَقَبَ" دخل.أخرجه الطبري بسند صحيح(1)
• فاختصر ذلك بقول:
(1)- + قُلْ " يا محمد + أَعُوذُ " أستجير + بِرَبِّ الْفَلَقِ " برب الصبح.
(2)- + مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " جميع الشرور من الخلق أجمعين.
14. الاستفادة من تعليقات العلامة عبد الرزاق عفيفي، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ بكر أبو زيد، والشيخ ابن جبرين، والشيخ صالح الفوزان لا سيما في المسائل العقدية.
15. اختيار الراجح لدى جهور المفسرين من أهل السنة لاسيما ترجيحات الطبري ت310 هـ، والواحدي 468هـ، والبغوي510 هـ، وابن تيمية 728 هـ، وابن جزي 741 هـ، وابن القيم 751 هـ،، وابن كثير774 هـ، والشوكاني 1250هـ، والسعدي 1376 هـ وابن عاشور 1393 هـ، والشنقيطي 1393هـ عطية سالم1420هـ ، وابن عثيمين 1421 هـ وغيرهم، وغالبا ما يحالفهم الصواب في اختيارتهم لإتقانهم.
16. من خلال بحثي في جزء (عم) لاحظت ما يلي:
• أن أكثر ما ورد من فضائل السورة ضعيف، والصحيح قليل.
• أن أكثر ما ذكر من أسباب النزول ضعيف، والصحيح قليل.
• أن العبرة في غالب الأيات على عموم المعنى لا بخصوص السبب.
• لم أجد آية ثبت نسخها بدليل صحيح، انظر جدول الآيات المنسوخة، مجمع الملك فهد، وبيان الناسخ والمنسوخ للعلامة محمد الأمين الشنقيطي.
17. ومن الكتب التي استفدت منها :
• كتاب تيسير المنان المنتقى من تفسير جامع البيان للإمام الطبري، لمعد الكتاب، عاونني على إخراجه، الشيخ المحقق/ أشرف على خلف.
• بعض الكتب المعاصرة التي تميزت بالإتقان والتحرير في تفسير (جزء عم) كالتفسير الميسر إعداد نخبة من العلماء، وابن عثمين، والعدوي، والطيار.
• بعض الرسائل العلمية لا سيما المتعلقة بالترجيح ، كترجيحات بن جزي، د. طارق الفارس.
• كتاب قواعد التفسير د. خالد السبت، وقواعد الترجيح د على الحربي.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 23 لكبار هيئة العلماء بالمملكة العربية السعودية.
18. ألحقت بآخر الكتاب ملحقًا يهم كل مسلم، في مختصر فضائل الأعمال، مختصر المنهيات، الرقية الشرعية، أدعية جامعة.
19. الكمال عزيز فإن كان خيرا فمن الله عز وجل المنعم المتفضل، وإن غير ذلك فمن نفسي المقصرة عفا الله عنا ورحمنا هو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
سائلا الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به في كل وقت وحين، وأن يغفر لي ولوالدي وللؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب
 
78- سورة النبأ
النبأ: الخبر الهائل، ويعني به القرآن العظيم لعلو قدره أو البعث لعظم هول ذلك اليوم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[بِسْمِ] أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به (اللهِ) الله علم على الذات ،أي : الرب- تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه- وهو أخص أسماء الله تعالى, ويقال، إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات، ولا يسمى به غيره سبحانه، والراجح عند المحققين أنَّ لفظ الجلالة مشتق، من الإله، فالله إله بمعنى مألوه أي معبود [ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] وهما اسمان كريمان من أسمائه تعالى، يتضمنان إثبات صفة الرحمة لله تعالى، مُشْتَقَّانِ مِنَ الرَّحْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ, وَرَحْمَنُ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنْ رَحِيمٍ, يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ التي وسعت جميع الخلق، وَالرَّحِيمُ يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ الْخَاصَّةِ بِالْمُؤْمِنِينَ.
والبسملة ليست آية من سورة النبأ، ويستحب الإتيان بها .
أولاً: تهديد منكري القرآن
(1) - [ عَمَّ ] عن أي شيء [ يَتَسَاءَلُونَ ] يتساءل كفار قريش يا محمد.
(2)- ثم أخبر اللهُ نبيَّه × عن الذي يتساءلونه، فقال: [ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ] القرآن الذي ينبئ ئبالبعث.
(3) - [ الَّذِي ] صاروا [ هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ] بين مصدّق، ومكذّب.
(4) - [ كَلا ] ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون ما في القرآن من البعث، [ سَيَعْلَمُونَ ] سيعلم هؤلاء الكفار جزاء تكذيبهم بالقرآن.
(5)- ثم أكد الوعيد بقوله: [ ثُمَّ كَلا ] حقا [ سَيَعْلَمُونَ ] عاقبة تكذيبهم بالقرآن والبعث.
ثانيًا: من دلائل قدرة الله
(6) - يقول - تعالى - معدّدا نِعَمه وإحسانه إليهم: [ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ ] لكم [ مِهادًا ] بساطًا ممهدة لكم كالفراش للاستقرار والعيش حسب مصالح العباد؟ فليست بالصلبة التي لا يستطيعون حرثها، ولا يمشون عليها، وليست باللينة الرخوة التي لا ينتفعون بها.
(7)- [ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ] كالأوتاد تثبت بها الأرض كيلا تميد بكم.
(8)- [ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ] ذُكرانا وإناثا.
(9)- [ وَجَعَلْنَا ]لكم [ نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ] راحة لأبدانكم تسكنون وتهدؤون؟.
(10)- [ وَجَعَلْنَا ]لكم [ اللَّيْلَ لِبَاسًا ] ساتِرا لكم بظلمتِه كاللّباس.
(11)- [ وَجَعَلْنَا ]لكم [ النَّهَارَ مَعَاشًا ] ضياء لتنتشروا فيه لمعاشكم، أو تبتغوا فيه من فضل الله.
(12) - [ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ] سبع سموات قويات متينة البناء محكمة الخلق.
(13) - [ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا ] الشمس مصباحًأ [ وَهَّاجًا ] وقادا مضيئا.
(14) - [ وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ ] السحاب [ مَاءً ثَجَّاجًا ] منصبا بكثرة.
(15)- [ لِنُخْرِجَ بِهِ ] بالماء [ حَبًّا ] مما يقتات به الناس [ وَنَبَاتًا ] الكلأ الذي يُرْعَى، من الحشيش والزروع.
(16) - [ وَجَنَّاتٍ ] بساتين [ أَلْفَافًا ] ملتفة الأشجار مجتمعة.
ثالثًًا: صور من أهوال يوم القيامة
(17) - [ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ ] يفصل الله فيه بين الأولين والآخرين بأعمالهم، [ كَانَ مِيقَاتًا ] لما أنفذ الله لهؤلاء المكذّبين بالبعث.
(18) - [ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ] قرن ينفخ فيه، يوم الفصل [ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ] أمَمًا أو جماعات مُختلفة الأحوال، زمرًا زمرًا، كلّ أمة معها رسولها.
قال البخاري: [ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ] بسنده...، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ×: (ما بين النفختين أربعون). قالوا: أربعون يومًا؟ قال: (أبيتُ). قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: (أبيت). قالوا: أربعون سنة؟ قال: (أبيت). قال: (ثم يُنزلُ الله من السماء ماء فينبتُونَ كما ينبتُ البقلُ، ليس من الإنسان شيءٌ إلا يَبلَى، إلا عظمًا واحدا، وهو عَجْبُ الذنَب، ومنه يُرَكَّبُ الخَلْقُ يومَ القيامة) رواه البخاري/ 4935
(19) - [ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ ] وشققت السماء فصدّعت [ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ] فصارت طُرقا.ومسالك لنزول الملائكة
(20) - [ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ ] ونُسفت الجبال فاجتثت من أصولها [ فَكَانَتْ سَرَابًا] فصيرت هباء منبثا، كالسراب لا حقيقة له، يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء.
رابعًًا: جزاء الطاغين
(21) - [ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ] تترقب من يجتازها من الكافرين وترصُدهم.
اتفق أهل السنة على أن النار موجودة في الدنيا، والتعبير بالماضي في لفظ (كانت) في الآية دليل على أن النار وجدت فعلا.
(22) - [ لِلطَّاغِينَ ] الذين تجاوزوا حدود الله [ مَآبًا ] منزلا، ومرجعًأ، ومصيرا يصيرون إليه.
(23) - [ لابِثِينَ فِيهَا ]ماكثين فيها [ أَحْقَابًا ] دهورًا متعاقبة، متتابعة لا نهاية لها.
وفي الآية دليل على تخليد الكفار في النار وعدم خروجهم منها وعدم فنائها.
أما عصاة الموحدين الذين ماتوا على الإسلام، ولكن لهم معاصي لم يتوبوا منها فإنهم لا يخلدون في النار إن دخلوها بل يعذبون فيها تعذيبا مؤقتا بحسب معاصيهم، نسأل الله السلامة والعافية. اهـ فتاوى ابن باز.
(24) - [ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا ] لَا يطعمون فيها [ بَرْدًا ] يبرد حرّ السعير عنهم [ وَلا شَرَابًا ]، يرويهم من شدّة العطش.
(25) - [ إلَّا حَمِيمًا ] ماء قد بلغ غاية حرارته [ وَغَسَّاقًا ] صديد أهل النار، وقيل الزمهرير.
(26) - [ جَزَاءً وِفَاقًا ] جزاء عادلا موافقها لأعمالهم.
(27) - [ إِنَّهُمْ ] الكفار [ كَانُوا ] في الدنيا [ لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ] لَا يخافون يوم الحساب، ولا يبالون به.
(28)- [ وَكَذَّبُوا ] هؤلاء الكفار [ بِآيَاتِنَا ] بحُججِنا وأدلتنا [ كِذَّابًا ] تكذيبا.
(29) - [ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ ] كتبناه [ كِتَابًا ] كتبنا، فلا يعزُب عنا علم شيء منه.
(30) - يقال لهؤلاء الكفار: [ فَذُوقُوا ] من عذاب الله [ فَلَنْ نزيدَكُمْ إلَّا عَذَابًا ] على العذاب الذي أنتم فيه ، وقد استقر قول أهل السنة والجماعة أن النار باقية أبد الآباد وأن الكفار لا يخرجون منها، أما عصاة المؤمنين فإنهم يمكثون فيها مكثا مؤقتا ثم يخرجون.
خامسًًا: جزاء المتقين
(31)- [ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ] منتزها، ومَنجَى من النارومخلصا منها.
(32) - [ حَدَائِقَ وأعْنابًا ] بساتين من النخل والأعناب والأشجار.
(33) - [ وَكَوَاعِبَ ] نساء أهل الجنة نواهد, [ أَتْرَابًا ] في سنّ واحدة.
(34) - [ وَكَأْسًا دِهَاقًا ] ملأى متتابعة.
(35) - [ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا ] في الجنة [ لَغْوًا ] باطلا من القول، أو مأثما [ وَلا كِذَّابًا ] ولا مكاذبة.
(36) - [ جَزَاءً] ثوابًا [ مِنْ رَبِّكَ ] بأعمالهم، والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأخلاقهم وبهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، فله المحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله،ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.[ عَطاءً ] تفضلا من الله عليهم [ حِسابًا ] محاسبة لهم على أعمالهم الصالحة، أو عطاء كثيرا.
(37) - [ رَبِّ السَّمَاوَاتِ ] السبع [ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ] من الخلق [الرَّحْمَنِ ] اسم من أسمائه تعالى، يتضمن إثبات صفة الرحمة لله تعالى كما يليق بجلاله، وهي تعني، ذو الرحمة العامة الذي وسعت رحمته الخلق جميعا [لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ] لَا يقدر أحد أن يسأله، إلا من أذن له الرحمن

سادسًًا: الشفاعة لله وحده
(38) - [ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ ] جبريل عليه السلام، وقيل ملك أعظم الملائكة خلقا [ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ] منهم في الكلام
والإذن يتناول نوعين؛ من أذن له الرحمن ورضى له قولا من الشفعاء، ومن أذن له الرحمن ورضى له قولا من المشفوع له، وهى تنفع المشفوع له، فتخلصه من العذاب، وتنفع الشافع، فتقبل منه، ويكرم بقبولها، ويثاب عليه اهـ فتاوى شيخ الإسلام 14/292
[ وَقَالَ صَوَابًا ] شهد أن لا إله إله الله أو قال حقا في الدنيا وعمل به،
(39) - [ ذَلِك الْيَوْمُ ] يوم القيامة، [ الْحَقُّ ] كائن لَا شكّ فيه [ فَمَنْ شَاءَ ] من عباده، وفيها دليل أن للعبد مشيئة وقدرةً يفعل بهما ويترك ، لكنَّ مشيئته، وقدرته واقعتان بمشيئة الله وقدرته عز وجل، لأن الكون كله ملك لله تعالى، فلا يكون في ملكه إلا ما يريده جل شأنه [ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ] العمل الصالح [ مآبًا ] مرجعا له.
(40) - [ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ ] حذّرناكم أيها الناس [ عَذَابًا قَرِيبًا ] قد دنا منكم وقرُب، [ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ] المؤمن [ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ] من خير، أو شرّ، فذلك المؤمن الكيس الحذر [ وَيَقُولُ الْكَافِرُ ] الهالك المفرط العاجز من هول الحساب [ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ] فلا أعذب
 
79 - سورة النازعات

النازعات: الملائكة تنزع أرواح الكفار بشدة، تذكيرا بهول ذلك الوقت
أولاً: تقرير البعث:
(1) - [ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ] أقسم الله بالملائكة تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا.
(2) - [ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ] وأقسم بالملائكة تَسُلُّ أرواح المؤمنين برفق.
(3) - [ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ] وأقسم بالملائكة تنزل مسرعة لما أمرت به.
(4) - [ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ] وأقسم بالملائكة تسبق إلى تنفيذ أمر الله.
(5) - [ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ] وأقسم بالملائكة المدبرة ما أُمِرَت به من أمر الله، وجواب القسم محذوف تقديره : لتبعثن.
ثانياً: تقرير النفخ في الصور:
(6) - [ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ] ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى فتميت كل شيء بإذن الله.
(7) - [ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ] تتبعها الأخرى بعدها، هي النفخة الثانية، فتحي كل شيء بإذن الله.
عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: كان رسول الله × يخرج في جوف الليل فيقول: «جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه ». قال أبي: يا رسول الله، إني أصلي من الليل، أفأجعل لك ثلث صلاتي؟ قال رسول الله ×: « الشطر». قال: أفأجعل لك شطر صلاتي؟ قال رسول الله ×: «الثلثان». قال أفأجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذن يغفر الله ذنبك كله» رواه الترمذي/ 2457، وقال حديث حسن صحيح.
(8) - [ قُلُوبٌ ] الكفار [ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ] خائفة مضطربة من شدة الهول.
(9)- [ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ] أبصار أصحابها ذليلة من هول ذلك اليوم.
(10)- [ يَقُولُونَ ] هؤلاء المكذّبون بالبعث: [ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ] إلى حالنا الأولى قبل الممات أحياء كما كنا.
(11)- [ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً ] بالية.
(12)- [ قَالُوا تِلْكَ ] الرجعة [ إذًا ] الآن [ كرّة ] رجعة [ خاسرة ] خائبة.
(13)- [ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ] صيحة، ونَفخة [ وَاحِدَةٌ ] نفخة البعث.
(14)- [ فَإِذَا هُمْ ] هؤلاء المكذبون بالبعث [ بِالسَّاهِرَةِ ] أحياء على ظهر الأرض.
ثالثًا: دعوة موسى لفرعون
(15) - [ هَلْ أتَاكَ ] سمعت يا محمد [ حَدِيثُ ] خبر [مُوسَى ] بن عمران.
(16) - [ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ ] حين ناجاه ربه [ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ ] المطهر المبارك [ طُوى ] هو اسم الوادي.
(17) - [ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ] تجاوز حدّه في العدوان.
(18) - [ فَقُلْ ] له: [ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ] أن تتطهَّر من دنس الكفر والطغيان؟.
(19) - [ وَأَهْدِيَكَ ] أرشدك [ إِلَى رَبِّكَ ] إلى ما يرضي ربك [ فَتَخْشَى ] عقابه.
(20) - [ فَأَرَاهُ ] فأرى موسى فرعون [ الآيَةَ الْكُبْرَى ] العصا واليد.
(21)- [ فَكَذَّبَ ] فرعون موسى فيما أتاه من الآيات المعجزة [ وَعَصَى ]، وعصاه فيما أمره به من طاعته ربه، وخَشيته.
(22)- [ ثُمَّ أَدْبَرَ ] ولَّى مُعرضا [ يَسْعَى ] يعمل في معصية الله.
(23) - [ فَحَشَرَ ] فجمع قومه وأتباعه [ فَنَادَى ] فنادى فيهم.
(24)- [ فَقالَ ] لهم [ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى ].
(25) - [ فَأَخَذَهُ] عاقبه وانتقم منه [ اللَّهُ] الله عَلَمٌ على الربِّ- تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه- وهو أخص أسماء الله تعالى, ويقال، إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات، ولا يسمى به غيره سبحانه، ورجح كثير من المحققين أنَّ لفظ الجلالة مشتق، من الإله، أي: المعبود بحق دلالة مطابقة اهـ [ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى ] عقوبة لأمثاله من المتكبرين الظاغين.
(26) - [ إِنَّ فِي ذَلِكَ ] إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون [ لَعِبْرَةً ] عظة ومُعْتَبَرًا [ لِمَنْ يَخْشَى ] لمن يخاف اللهَ ويخشى عقابَه
رابعًًا: الإنكار على منكري البعث
(27) - [ أَأَنْتُمْ ] أيها المنكرون للبعث [ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ].
(28)- [ رَفَعَ سَمْكَهَا] رفع بنيانها بغير عمد [ فَسَوَّاهَا ] فجَعَلها مُسْتَوية الخلْق بلا عَيْب، ولا تفاوت.
(29)- [ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ] أظلم ليل السماء [ وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ] أبْرز نهارها المضيء بالشمس.
(30)- [ وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ]، بَسَطها ومدّها، وأوْسَعها لسُكنى أهلها.
(31)- [ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا ] فجَّر فيها الأنهار [ وَمَرْعَاهَا ] أنبت نَباتها.
(32)- [ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ] أثبتها في الأرض.
(33)- [ مَتَاعًا لَكُمْ] منفعة لكم [ وَلأنْعَامِكُمْ ]
خامسًًا: أحوال الناس عند البعث
(34)- [ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ] الداهية العظمى ، والقيامة الكبرى، التي تطم على كلّ هائلة من الأمور.
(35)- [ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ مَا سَعَى ] ما عمل في الدنيا من خير وشر، وذلك سعيه.
(36)- [ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ] وأظْهِرت الجحيم، وهي نار الله [ لِمَنْ يَرَى ] لأبصار الناظرين.
(37)- [ فَأَمَّا مَنْ طَغَى ] عتا على ربه، وعصاه، واستكبر عن عبادته.
(38)- [ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ] متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة.
(39)- [ فَإِنَّ الْجَحِيمَ ] نار الله التي اسمها الجحيم [ هِيَ الْمَأْوَى ] هي منزله ومأواه، ومصيره.
(40)- [ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ]مسألة ربه له عند وقوفه بين يديه، و وراقبه سبحانه، وسارع إلى ما أوجب الله [ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ] عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه.
(41)- [ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ] منزله يوم القيامة.
فالواجب على كل مسلم أن يحذر من إيثار الدنيا على الآخرة، وتقديم الهوى على الهدى وطاعة النفس والشيطان على طاعة الملك الرحمن، نسأل الله التوفيق والهداية.
وعن أبي هريرة أن رسول الله - × - سُئِل ما أكثر ما يُدخِلُ الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل ما أكثر ما يُدْخل الناسَ النار؟ فقال: الأجوفان: الفم والفرج. أخرجه أحمد، وحسنه الألباني في الصحيحة/ 977
سادسًًا: تفرد الله بعلم الساعة
عن عائشة، قالت: لم يزل النبيّ × يسأل عن الساعة، حتى أنزل الله عزّ وجل:( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا ) أخرجه الطبري 30/31. وإسناده صحيح على شرط الشيخين\ولم يخرجاه.
(42)- [ يَسْأَلُونَكَ ] يسألك يا محمد هؤلاء المكذّبون بالبعث استخفافا [ عَنِ السَّاعَةِ ] وقت قيام الساعة [ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ] متى قيامها وظهورها.
(43)- [ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ] لست في شيء من علم الساعة.
عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ × قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ » البخاري/ 4936 ومسلم / 2043
(44)- [ إِلَى رَبِّكَ] والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأخلاقهم وبهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، فله المحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله،ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.[ مُنْتَهَاهَا ] لَا يعلم وقت قيامها غيره.
(45)- [ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ] شأنك أن تحذر [ مَنْ يَخْشَاهَا ] من يخاف عقاب الله فيها.
(46)- [ كَأَنَّهُمْ ] كأن هؤلاء المكذّبين بالساعة [ يَوْمَ يَرَوْنَهَا ]يرون الساعة قد قامت من عظيم هولها [ لَمْ يَلْبَثُوا ] في الدنيا [ إلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ] إلا عشية يوم، أو ضحى تلك العشية وذلك في أعين القوم حين عاينوا الآخرة.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما الحديث الطويل المشهور « أن جبريل سأل رسول الله ×: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل! » البخاري (50) ومسلم /10. ثم أخبره بأماراتها.
 
80-سورة عبس

عبس: قطّبَ وَجْهه الشريف  وتغير ملامحه، عتابا له × لانشغاله عن ابن أم مكتوم
سبب النزول: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: أُنْزِلَتْ [عَبَسَ وَتَوَلَّى] [عبس: 1] فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى قَالَتْ: أَتَى النَّبِيَّ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرْشِدْنِي قَالَتْ: وَعِنْدَ النَّبِيِّ × رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ × يُعْرِضُ عَنْهُ ويُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ ×: يَا فُلَانُ أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا فَيَقُولُ: لَا؛ فنزلت [عبس وتولى] [عبس: 1]. رواه الترمذي، وانظر: صحيح سنن الترمذي/ 3566.
وعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي × وهو يكلم أبي بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى ) فكان النبي × بعد ذلك يكرمه. أخرجه الطبري 30/31. وسنده صحيح على شرط الشيخين.
أولاً: عتاب الله لنبيه محمد 
(1)- [ عَبَسَ ] قطّبَ وَجْهه الشريف  وتغير ملامحه [ وَتَوَلى ] وأعرَض بوجهه الشريف .
(2)- [ أَنْ ] لأن [ جَاءَهُ ] راغبًا في الخير ومقبلاً على الخير، [الأعْمَى ] هو ابن أمّ مكتوم، فانشغل عنه النبيّ × مع قوم لا رغبة بهم في الخير ولا محبة لهم في دين الإسلام فعوتب × بسببه.
(3)- [ وَمَا يُدْرِيكَ ] يا محمد [ لَعَلَّهُ ] لعلّ هذا الأعمى الذي عَبَست في وجهه [ يَزَّكَّى ] يتطهَّر بتعليمه من دنس الجهل.
(4)- [ أَوْ يَذَّكَّرُ ] أو يتذكَّر، ويتعظ [ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ] الاعتبار والاتعاظ.
(5)- [ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ] بماله.
(6)- [ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ] تتعرّض له بالإقبال عليه رجاء أن يُسلِم.
(7)- [ وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى ] يتطهَّر من كفره فيُسلم؟.
(8)- [ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ] وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا، حريصا على لقائك.
(9)- [ وَهُوَ يَخْشَى ] الله ويتقيه.
(10)- [ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ] تعرض عنه، وتشاغل بغيره
ثانيًا: من أوصاف القرآن الكريم
(11)- [ كَلا ]حقًا [ إنَّها ]السورة الكريمة وما فيها من آيات القرآن [ تَذْكِرَة ] مَوْعِظة و تذكيرٌ وعبرة.
يعتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن الكريم كلام الله حقيقة ، حروفه ومعانيه ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو كلام الله تعالى ، حيث تلي وحيث كتب ، نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا ، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القاري
(12)- [ فَمَنْ شَاءَ ] من عباد الله [ ذَكَرَهُ ] حفظ ذلك فاتعظ.
(13)- [ فِي صُحُفٍ] منتسخةٍ من اللوح المحفوظ [ مُكَرَّمَةٍ ] معظمة موقرة.
(14)- [ مَرْفُوعَةٍ] رَفيعة القَدْر و المَنزلة عنده تعالى [ مُطَهَّرَةٍ ]. من الدنس والزيادة والنقص.
(15)- [ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ] هم الملائكة سفراء بين الله ورسله بالوحي، وقيل: كتبه.
(16)- [ كِرَامٍ] كرام الخلق [ بَرَرَةٍ ] طائعين لله أو صادقين
ثالثًا: الرد على من أنكر البعث
(17)- [ قُتِلَ الإنْسَانُ ] لُعِنَ الإنسانُ الكافر، أو عذب [ مَا أكْفَرَهُ ] ما أعجب كفره، أو ما أشد كفره.
(18)- [ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ] حتى يتكبر ويتعاظم عن طاعة ربه.
(19)- [ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ] أطوارا وأحوالا، أو هيّأه لما يَصْلُح له.
(20)- [ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ] ثم يسَّره للخروج من بطن أمه إلى سبيل الخير.
(21)- [ ثُمَّ أَمَاتَهُ ] ثم قَبَضَ رُوحه، [ فَأَقْبَرَهُ ] صيره ذا قبر.
(22)- [ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ] أحياه بعد مماته.
(23)- [ كَلا ] ليس الأمر كما يقول الكافر أنه أدّى حقّ الله عليه [ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ] لم يؤدّ ما فرض عليه ربُّه من الفرائض
رابعًا: تقرير الحياة بعد الممات
(24)- [ فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ ] الكافرُ المُنكرُ [ إِلَى طَعَامِهِ ] كيف دبَّره.
(25)- [ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ ] أنزلنا الغيث إنزالا وصببناه [ صَبًّا ].
(26)- [ ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا ] ثم فتقنا الأرض فصدّعناها بالنبات.
(27)- [ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ] حبّ الزرع، كالحنطة والشعير.
(28)- [ وَعِنَبًا ] وكرم عنب [ وَقَضْبَا ] عَلفًا رَطْبًا للدّوابّ.
(29)- [ وَزَيْتُونًا ] الذي منه الزيت [ وَنَخْلا ].
(30)- [ وَحَدَائِقَ ] بَساتين محوط عليها [ غُلْبا ] عِظامًا مُتكاثفة الأشجار.
(31)- [ وَفاكِهَةً ] من ثمار الأشجار [ وَأَبًّا ] ما تأكله البهائم من العشب والنبات، أو الثمار الرطبة.
(32)- [ مَتاعا لَكُمْ ] أيها الناس الفاكهة [ وَلأنْعَامِكُمْ ] من أنعام وإبل العشب.
خامسًا: فرار الناس يوم القيامة
(33)- [ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ] اسم من أسماء القيامة.
(34)- [ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ].
(35)- [ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ].
(36)- [ وَصَاحِبَتِهِ ] زوجته [ وَبَنِيهِ ] حذرا من تَبعات لمظالم.
(37)- [ لكل امرئ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ ] يوم القيامة [ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ] أمر يُشغِله عن الناس
سادسًا: وجوه أهل الجنة وأهل النار
(38)- [ وُجُوهٌ] وجوه المؤمنين[ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ] مشرقة مضيئة.
(39)- [ ضَاحِكَةٌ ] مسرورة بما أعطاها الله [ مُسْتَبْشِرَةٌ ] لما ترجو من الزيادة.
(40)- [ وَوُجُوهٌ] وجوه الكافرين [ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ] غبار.
(41)- [ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ] تغشاها ذلة وظلمة.
(42)- [ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ ] بالله، الذين كانوا هم [ الْفَجَرَةُ ] في أعمالهم، الذين تجرؤوا على محارم الله.
 
أخي جمال
جمّل الله أيامك
و حسن أخلاقك
هذه تحفة فريدة و فائدة قيمة
شكر الله لك هذه الفائدة و عم بنفعهاعباده و جعلها في موازين حسناتك..
 
خيرا الشيخ الفاضل شافر مسفر وفقه الله جزاك الله خيرا وجعلك مباركا أينما كنت
يتابع كتاب فيض الرحمن في تفسير جزء عم
81-سورة التكوير
التكوير: إظلام الشمس وذهاب نورها يوم القيامة، تذكير بهول ذلك اليوم
أولاً: صور من أهوال يوم القيامة
(1)- [ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ] أظلمت، أو لفت وذهب ضوؤها.
تكور الشمس ويذهب نورها وتطرح هي والقمر في جهنم ؛ لأنهما قد ذهبت الحاجة إليهما بزوال هذه الدنيا.
(2)- [ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ] تناثرت وتساقطت، وتهافتت.
(3)- [ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ] سيرها الله، وأزيلتْ عن مَوَاضعها، فكانت سرابا، وهباء منبثا.
(4)- [ وَإِذَا الْعِشَارُ ] النوق الحوامل التي يَتَنافس أهلها فيها [ عُطِّلَتْ ] سيبت، وأُهملت فتركت بلا راع، من شدة الهول النازل بهم فكيف بغيرها.
(5)- [ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ] اختلطت، وجمعت، فيضي الله فيها ما يشاء.
(6)- [ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ] أوقِدَتْ فصَارتْ نارًا تَضْطرم، وقيل ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة.
(7)- [ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ] قُرنَتْ كلّ نَفس بشَكْلِها، أو جمع بين الأمثال من الناس.
(8)- [ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ] الطفلة المدفونة حية [ سُئِلَتْ ] تبكيتا لوائدها.
وكان أهل الجاهلية يفعلونه من دس البنت حية في التراب كراهية للبنات ، فيوم القيامة تسأل الموءودة على أي ذنب قتلت ؛ ليكون ذلك تهديدا لقاتلها ، فإنه إذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا . وقرئت الآية: ( وإذا الموءودة سألت ) أي : طالبت بدمها . أهـ اللجنة الدائمة رقم / 15609.
(9)- [ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ ] بأيّ ذنب.
وفي في الأية دليل علي أنه لا يجوز قتل النفس إلا بذنب منها، فلا يجوز قتل الصبي والمجنون؛ لأن القلم مرفوع عنهما، فلا ذنب لهما، والآية تقتضي ذم قتل كل من لا ذنب له من صغير وكبير . اهـ فتاوى شيخ الإسلام. 4/ 154.
(10)- [ وَإِذَا الصُّحُفُ ] صحف أعمال العباد [ نُشِرَتْ ] عرضت.
(11)- [ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ] نزعت وجُذبت.
(12)- [ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ] سعرها غضب الله، وخطايا بني آدم.
(13)- [ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ] قرّبت وأُدنيت.
(14)- [ عَلِمَتْ نَفْسٌ ] عند ذلك [ مَا أَحْضَرَتْ ] من خير، أو شرّ
ثانيًا: شرف القرآن الكريم
(15،16)- [ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ] هي [ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ] الجارية والمستترة، هي النجوم تبدوا في الليل، وتخنس في النهار.
(17)- [ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ] أقبل بظلامه.
(18)- [ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ] إذا أضاء وأقبل وظهر ضياؤه.
(19)- [ إِنَّهُ] أي : القرآن [ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ] جبريل.
(20)- [ ذِي قُوَّةٍ ] في تنفيذ ما كلف به [عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ] [التكوير: 20] العرش: سَقْفُ المخلوقات، وأعلى المخلوقات، وأعظمُها، لا يقدر قدره إِلا الله، والكرسي بالنسبة إلى العرْش كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهراني فلاةٍ من الأرض، وهو موضع قدمي الرب جل في علاه، ولا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه، فقد صح عن ابن عباس موقوفا عليه قوله: « الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى» صححه الألباني في مختصر العلو للذهبي (ص: 36) [ مَكِينٍ ] هو مكين عند ربّ العرش العظيم.
(21)- [ مُطَاعٍ ثَمَّ ] في السماء، تطيعه الملائكة [ أمِينٍ ] عند الله على وحيه
ثالثًا: فضل الرسول صلى الله عليه وسلم
(22)- [ وَمَا صَاحِبُكُمْ ] محمد أيها الناس [ بِمَجْنُونٍ ] بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ.
(23)- [ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ ] رأى محمدٌ جبريلَ × في صورته.
(24)- [ وَمَا هُوَ ] وما محمد [ عَلَى الْغَيْبِ] بتبليغ الوحي [ بِضَنِينٍ ] ببخيل، أو بمتهم.
(25)- [ وَمَا هُوَ ] وما هذا القرآن [ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ] ملعون مطرود، ولكنه كلام الله ووحيه
رابعًًا: القرآن ذِكرٌ للجن والإنس
(26)- [ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ] عن هذا القرآن وتعدلون عنه.
(27)- [ إنْ هُوَ ] ليس القرآن [ إلَّا ذِكْرٌ ] عظة [ لِلْعَالَمِينَ ] من الجنّ والإنس.
(28)- [ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ] على سبيل الحقّ.
وفيها دليل أنه سبحانه يريد الاستقامة، والهداية للناس ويحب ذلك منهم، لكنها مرتبطة بالأية التالية.
(29)- [وَمَا تَشَاءُونَ ] أيها الناس الاستقامة على الحقّ [ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ] ذلك، فكل ما يجري في هذا الكون فهو بإِرادة الله الدائرة بين الرحمة والحكمة، يهدي من يشاء برحمته، ويُضل مَن يشاء بحكمته، لا يُسأل عمَّا يفعل لكمال حكمته وسلطانه، وهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته.
 
يتابع كتاب فيض الرحمن في تفسير جزء عم

82-سورة الانفطار
الانفطار: انشقاق السماء عند قِيَام الساعة، تذكيرًا بهول ذلك اليوم
أولاً: عظم يوم القيامة
(1)- [ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ] انشقَّت عند قِيَام الساعة.
(2)- [ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ ] تساقطت مُتفرقة.
(3)- [ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ] شقّقتْ جَوانِبُها، وفُجَّر بعضها في بعض، فصارتْ بَحْرًا واحِدًا.
(4)- [ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ] أُثيرت بقلِب ترابها، فاستخرج من فيها من الموتى أحياء.
(5)- [ عَلِمَتْ نَفْسٌ ] كلّ نفس [ مَا قَدَّمَتْ ] من الأعمال [ وَأَخَّرَتْ ] وما أخرت من الأعمال.
ففي هذا اليوم تتطاير الصحف، كل أحد يأخذ صحيفة أعماله إما بيمينه أو بشماله. فيفرح أهل الخير ويهنئ بعضهم بعضا، أما الأشقياء فيتمنوا ألا يكونوا قد خلقوا، وكانوا يتمنون ألا يكونوا قد بعثوا. وألا يكون هناك حساب اهـ فتاوى عبد الرزاق عفيفي ص: 278.
ثانيًا: الوعيد للمكذّب بالبعث
(6)- [ يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ ] الكافر [ مَا غَرَّكَ] أيّ شيء خدعَك و جَرّأك، و جعلك تغترَّ [ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ] بعِصْيان ربك الجواد؟.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِكَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: « لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» ق. البخاري / 6346، مسلم/ 2730.
(7)- [ الَّذِي خَلَقَكَ ] أيها الإنسان [ فَسَوَّاكَ ] فسوّى خلقك [ فَعَدَلَكَ ] فجَعَلك معتدلا متناسب الخَلْق.
(8)- [ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ] إلى أيّ صورة شاءها [ رَكَّبَكَ ].
(9)- [ كَلا ] ليس الأمر أيها الكافرون كما تقولون من أنكم على الحقّ في عبادتكم غير الله [ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ] بيوم الحساب.
(10)- [ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ] رُقَباء من الملائكة يحفظون أعمالكم، ويُحْصونها عليكم، فجدير بالعبد أن يحرص على إملاء الخير على هؤلاء الملائكة، من تسبيح وتهليل ،وتكبير ، وتحميد ، ونوافل ، وأن يحفظ لسانه ويصون جوارحه عما حرم الله عليه، كاللغو، والكذب، والزور، وغيرها مما حرم الله عز وجل.
(11)- [ كِرَامًا ] على الله [ كَاتِبِينَ ] يكتبون أعمالكم.
(12)- [ يَعْلَمُونَ ] يعلم هؤلاء الحافظون [ مَا تَفْعَلُونَ ] من خير أو شرّ، يحصون ذلك عليكم
ثالثًًا: مآل الأبرار والفجار
(13)- [ إِنَّ الأبْرَارَ] أهل الطاعة والإحسان والإخلاص [ لَفِي نَعِيمٍ ] الجنان ينعمون فيها.
(14)- وَإِنَّ الْفُجَّارَ ] الذين كفروا بربهم [ لَفِي جَحِيمٍ ] نار محرقة.
(15)- [ يَصْلَوْنَهَا]يقاسون حرها [ يَوْمَ الدِّينِ ] يوم الجزاء.
(16)- [ وَمَا هُمْ] هؤلاء الفجار [ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ] بخارجين أبدا.
(17)- [ وَمَا أَدْرَاكَ ] وما أشعرك يا محمد [ مَا يَوْمُ الدِّينِ ] أيُّ شيء يوم الحساب والمجازاة.
(18)- [ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ ] ثم ما أشعرك يا محمد [ مَا يَوْمُ الدِّينِ ] يوم المجازاة والحساب يا.
(19)- هو [ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ ] يوم لَا تنفع أو تُغني [ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا ] فيدفع عنه بليَّة، أوينفعه [ وَالأمْرُ ] كله [ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ] وحده دون سائر خلقه
 
يتابع كتاب فيض الرحمن في تفسير جزء عم

83-سورة المطففين
المطففين: الذين يبخسون المكيال والميزان, جاءت في سياق تهديد ووعيد لهم.
سبب النزول: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ × الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: [وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ] [المطففين: 1] فأحسنوا الكيل بعد ذلك » رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه/1808
أولاً: الوعيد للمطففين
(1)- [ وَيْلٌ ] عذاب، أو هلاك، أو واد في جهتم [ لِلْمُطَفِّفِينَ ] الذين يبخسون المكيال والميزان,
(2)- [ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا] اشتروا [ عَلَى النَّاسِ ] من الناس مكيلا أو موزونا [ يَسْتَوْفُونَ ] لأنفسهم.
(3)- [ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ ] باعوا الناس مكيلا أو موزونًا [ يُخْسِرُونَ ] ينقصونهم.
(4)- [ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ ] هؤلاء المطففون [ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ] من قبورهم بعد مماتهم.
(5)- [ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ] الهول.
(6)- [ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ] للحساب، والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، ولأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأخلاقهم وبهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، فله المحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله،ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.
ثانيًا: صحائف أعمال الفجار
(7)- [ كَلَّا ] حقا [ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ] ما يكتب فيه أعمالهم [ لَفِي سِجِّينٍ ] مُثبَتٌ في ديوان الشّر في مكان ضيق في الأرض السابعة السفلى.
(8)- [ وَمَا] وأيّ شيء [ أَدْرَاكَ] يا محمد [ مَا سِجِّينٌ ] ذلك المكان الضيق. (9)- [ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ] بَيّن الكتابة أو معلّم بعلامة لا يزاد فيه ولا يُنقص. (10)- [ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ] بهذه الآيات.
(11)- [ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ] الحساب والمجازاة.
(12)- [ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ ] بيوم الدين [ إلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ ] ظالم معتد متجاوز عن نهج الحقّ [ أثِيمٍ ] كثير الإثم.
(13)- [ إِذَا تُتْلَى] قُرئ [ عَلَيْهِ آيَاتُنَا ] حججنا وأدلتنا [قَالَ أَسَاطِيرُ] أباطيل مسطرة من أحاديث وأخبار [ الأوَّلِينَ ]
ثالثا: ردع الكفار في تكذيبهم بالقرآن
(14)- يقول تعالى مكذّبا قولهم: [ كَلا ]، حقا، أو ألا [ بَلْ ] ولكنه [ رَانَ]غلب وغَمَر، وغطى، وطبع [ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ] من الذنوب.
قال ابن القيم : وأصل هذا أن القلب يصدي من المعصية فإذا زادت غلب الصدي حتي يصير رانا، ثم يغلب حتي يصير طبعا وقفلا وختما؛ فيصير القلب في غشاوة وغلاف؛ فاذا حصل له ذلك بعُد الهدى والبصيرة وانتكس؛ فصار أعلاه أسفله؛ فحينئذ يتولاه عدوه ويسوقه حيث أراد .أهـ. الجواب الكافى ص: 39 .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ × أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ العبد إذا أحطأ خَطِيئَةً نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكتة فَإِنْ هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقلت فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ فِيهِ فَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: [كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] [المطففين: 14]) رواه الترمذي، وحسنه الألباني في(التعليق الرغيب» (2/ 268 )
(15)- [ كَلا ] ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذّبون بيوم الدين، من أن لهم عند الله زُلْفة [ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ]رؤية ربهم [ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ]. أجمع أهل السنة والجماعة على أن الله سبحانه يراه المؤمنون يوم القيامة، يريهم وجهه الكريم جل وعلا، ويحجب عنه الكفار اهـ مجموع فتاوى ابن باز 6/25.
(16)- [ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ] لداخلو النار ومقاسوا حرها.
(17)- [ ثُمَّ يُقَالُ ] لهؤلاء المكذّبين: [ هَذَا ] العذاب الذي ترونه هو [ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ] ] في الدنيا، وتنكرونه، فذوقوه الآن
رابعًا: الأبرار في مكانة رفيعة
(18)- [ كَلا] ألا، أو انتبهوا [ إِنَّ كِتَابَ الأبْرَارِ ] أهل الصدق والطاعة [ لَفِي عِلِّيِّينَ ] في المراتب العالية في الجنة.
(19)- [ وَمَا أَدْرَاكَ ] وأيّ شيء أشعرك يا محمد [ مَا عِلِّيُّونَ ].
(20)- [ كتاب مرقوم ] مكتوب مفروغ منه, لا يزاد فيه ولا يُنقص.
(21)- [ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ] من ملائكته من كلّ سماء من السموات السبع.
(22)- [ إِنَّ الأبْرَارَ ] أهل الصدق والطاعة [ لَفِي نَعِيمٍ ] دائم، لَا يزول يوم القيامة.
(23)- [ عَلَى الأرَائِكِ ] على الأسرة من اللؤلؤ والياقوت [ يَنْظُرُونَ ] إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم.
(24)- [ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ ] في وجوه الأبرار [ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ] حُسنه وبريقه، وتلألؤه، ورونقه، و بَهاءَه.
(25)- [ يُسْقَوْنَ ] هؤلاء الأبرار [ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ] من أجود الخمر وأصفاه، لَا غشّ فيه.
(26)- [ خِتَامُهُ مِسْكٌ ] آخره وعاقبته طيبة الريح، [ وَفِي ذَلِكَ ] النعيم [ فَلْيَتَنَافَسِ] فليتسابق، وليتسارع في طلبه، [ الْمُتَنَافِسُونَ ] المستبقون.
(27)- [ وَمِزَاجُهُ] ما بمزج به ويخلط [ مِنْ تَسْنِيمٍ ] فسرت بما بعدها هي.
(28)- [ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا] يتلذذ بها، ويشرب منها [ الْمُقَرَّبُونَ ]
خامسًا: جزاء المجرمين
(29)- [ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ] اكتسبوا المآثم، فكفروا بالله في الدنيا [ كَانُوا ]في الدنيا [مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يضحكون ] استهزاء منهم بهم.
(30)- [ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ]، استهزاء به وسخرية.
(31)- [ وَإِذَا انْقَلَبُوا] انصرفوا [ إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ] معجَبين باستخفافهم بالمؤمنين.
(32)- [ وَإِذَا رَأَوْهُمْ ] وإذا رأى المجرمون المؤمنين [ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ ] عن طريق الحق.
(33)- [ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ ] وما بعث هؤلاء الكفار [ حَافِظِينَ ] عليهم أعمالهم، إنما كُلِّفوا الإيمان بالله، والعمل بطاعته،
سادسًا: جزاء المؤمنين
(34)- [ فَالْيَوْمَ ] يوم القيامة [ الَّذِينَ آمَنُوا ] بالله قولاً واعتقادًا وعملاً بشرعه ، وقد أجمع أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.[ مِنَ الْكُفَّارِ ] فيها [ يَضْحَكُونَ ].
(35)- [ عَلَى الأرَائِكِ ] على سررهم [ يَنْظُرُونَ ] إليهم وهم في الجنة، والكفار في النار يعذّبون، فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال، ضحك المؤمنون منهم في الآخرة
(36)- [ هَلْ ثُوِّبَ] أثيب [ الْكُفَّارُ ] جُوزُوا بسُخريّتهم بالمؤمنين [ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ] في الدنيا بالمؤمنين؟
 
يتابع كتاب فيض الرحمن في تفسير جزء عم
84-سورة الانشقاق
الانشقاق: تصدع السماء وتقطعها عند قيام الساعة، دلالة على هول ذلك اليوم
أولاً: صورة من هول يوم القيامة
(1)- [ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ] تصدّعت وتقطَّعت عند قيام الساعة.
(2)- [ وَأَذِنَتْ ] وَسَمِعَت [ لِرَبِّهَا ] لأمر ربها وأطاعت [ وَحُقَّتْ ] وحق لها أن تسمع.
(3)- [ وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ ] بُسِطَتْ، فزيدت في سعتها.
(4)- [ وَأَلْقَتْ] أخرجت [ مَا فِيهَا] ما في جوفها من الأموات [ وَتَخَلَّتْ ] عنهم.
(5)- [ وَأَذِنَتْ ] وسمعت [ لِرَبِّهَا ] لأمر ربها وأطاعت [ وَحُقَّتْ ] وحق لها أن تسمع.
(6)- [ يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ] جاهد في عملك [ إِلَى رَبِّكَ] إلى لقاء ربك [ كَدْحًا ] عملا [ فَمُلاقِيه ] لا محالة بعملك خيرا كان أو شرًا
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ × قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِه:ِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لَيْسَ ذَاكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ. رواه البخاري/6507، ومسلم /7002
ثانيا: أهل اليمين والشمال
(7)- [ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ ]أعطي [ كِتَابَهُ] كتابَ أعماله [ بِيَمِينِهِ ].
(8)- [ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ] سهلا.
(9)- [ وَيَنْقَلِبُ ] وينصرف [ إِلَى أَهْلِهِ ] في الجنة [ مَسْرُورًا ]
عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ×: لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ، قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ! أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: [فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا]؟ قَالَ: ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ. رواه البخاري/4939، ومسلم /7408
(10)- [ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ ] يومئذ [ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ] من وراء ظهره.
(11)- [ فَسَوْفَ يَدْعُو] ينادي [ ثُبُورًا ] يُنادي هَلاكًا قائلا: واثبوراه.
فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره أعطي كتابه يوم القيامة من وراء ظهره جزاءً وفاقًا اهـ فتاوى ابن عثيمين 2/180
(12)- [ وَيَصْلَى سَعِيرًا ] مقاسيا حرها.
(13)- [ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ ] في الدنيا [ مَسْرُورًا ] مغرورًا متكبرا.
(14)- [ إِنَّهُ ظَنَّ ] في الدنيا [ أَنْ لَنْ يَحُورَ ] أن لن يرجع إلى خالقه.
(15)- [ بَلَى] َلَيَرْجِعَنّ إلى ربه حيا كما كان قبل مماته [ إِنَّ رَبَّهُ ] هذا الذي ظن أن لن يحور [ كَانَ بِهِ ] إذ هو في الدنيا [ بَصِيرًا ] عليما بحاله
ثالثًا: الناس يركبون أحوالا متباينة
(16)- [ فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ] أقسم ربُّنا باحمرار الأفق عند الغروب.
(17)- [ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ] وأقسم بالليل وما جمع وضم مما سكن في الليل من الدواب والحشرات وغيرها.
(18)- [ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ] إذا تكامل نوره.
(19)- [ لَتَرْكَبُنَّ] لتلاقنَّّ أيها الناس [ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ] أحوالا بعد أحوال متطابقة في الشدة .
قال ابن القيم : لتلاقن حالا بعد حال؛ فأول أطباقة كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم جنينا، ثم مولودا، ثم رضيعا، ثم فطيما، ثم صحيحا أو مريضا غنيا أو فقيرا معافى أو مبتلى إلى جميع أحوال الإنسان المختلفة عليه إلى أن يموت، ثم يبعث، ثم يوقف بين يدي الله تعالى، ثم يصير إلى الجنة أو النار. اهـ التفسير القيم. 2/214.
ثالثًا: تهديد الله للكفار
(20)- [ فَمَا لَهُمْ ] فما لهؤلاء المشركين [ لَا يُؤْمِنُونَ ] لَا يصدّقون بتوحيد الله.
(21)- [ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ ] كتاب ربهم [ لَا يَسْجُدُونَ ] لَا يخضعون ولا يستكينون.
(22)- [ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ] بآيات الله وتنزيله. (23)- [ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ] بما تُوعيه صدورهم، ويضمرونه.
(24)- [ فَبَشِّرْهُمْ ] فبشر يا محمد هؤلاء المكذّبين بآيات الله [ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ] موجِعٌ.
(25)- [ إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ] بالله قولاً واعتقادًا وعملاً بشرعه [ وعملوا الصالحات ] وأدَّوا فرائض الله، واجتنبوا ما حرّم الله [ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ] ثواب غير مقطوع ولا منقوص
 
85-سورة البروج
البروج: المنازل المعروفة للكواكب، أقسم الله بها لعظم شأنها وخلقها
أولاً: قصة أصحاب الأخدود
عنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعصر بـ [السماء والطارق] [الطارق: 1] و [السماء ذات البروج] [البروج: 1] رواه أبو داود، وانظر صحيح أبي داود / 767
هذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين بالله عز وجل فقهروهم، وأرادوا أن يرجعوهم عن دينهم، فأبوا، فحفروا لهم أخاديد في الأرض وأججوا فيه نارًا، ثم أرادوا أن يرجعوهم عن دينهم فلم يقبلوا؛ وثبتوا وصبروا على التعذيب، فقذفوهم فيها.
(1)- [ وَالسَّمَاءِ] أقسم الله بالسماء [ ذَاتِ الْبُرُوجِ ] ذات المنازل المعروفة للكواكب. (2)- [ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ] وأقسم بيوم القيامة.
(3)- [ وَشَاهِدٍ] وأقسم بشاهد على غيرِه، وهو الإنسان، وقيل: يوم الجمعة، وقيل: الله [ وَمَشْهُودٍ] شهِدَ عليه غيرُه، وهو يوم القيامة، وقيل: يوم عرفة.
(4)- [ قُتِلَ] لعن [ أَصْحَابُ الأخْدُودِ ] الذين ألقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود. (الشِّقِّ العظيم ؛ كالخَنْدَق).
(5)- [ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ] ذات الحطب.
(6)- [ إِذْ هُمْ ] الكفار [ عَلَيْهَا قُعُودٌ ] على حافة الأخدود.
(7)- [ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ] حضور.
(8)- [ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ ] وما فعلوا بهم ما فعلوا بسبب [ إلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ] إلا من أجل أنهم آمنوا بالله [ الْعَزِيزِ ] من أسماء الله الحسنى، وهو دال على ذاته جل وعلا، وعلى صفة العزة، عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، وعزة الغنى، [ الْحَمِيدِ ] المحمود بإحسانه إلى خلقه، الذي لا يضام من لاذ بجنابه، الحميد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأقواله، وأفعاله، وشرعه، وقدره، فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها، وأحسنها.
(9)- [ الَّذِي لَهُ مُلْكُ] سلطان [ السَّمَاوَاتِ] السبع [ وَالأرْضِ ] والأرضين وما فيهنّ [ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ] فِعْل هؤلاء الكفار [ شَهِيدٌ ] الذي شهد لعباده، وعلى عباده بما عملوه، وهو مجازيهم بها، الذي سمع جميع الأصوات خفيها، وجليها وأبصر جميع الموجودات دقيقها، وجليلها صغيرها، وكبيرها.
ثانيا: جزاء معذبي المؤمنين
(10)- [ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا ] ابْتَلسَوُا، أوعذبوا، أوحرقوا [ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ] بالله بتعذيبهم، وإحراقهم بالنار [ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ] من كفرهم وما فعلوا بالمؤمنين [ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ] في الآخرة [ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ]
ثالثا: جزاء الصابرين على البلاء
(11)- [ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ] الذين حرّقهم أصحاب الأخدود [ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ] وعملوا بطاعة الله، وأْتَمروا لأمره، وانتهَوْا عما نهاهم عنه [ لَهُمْ ] في الآخرة عند الله [ جَنَّاتٍ ] بساتين [ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ] [من الماء] والخمر واللبن والعسل [ ذَلِكَ الْفَوْزُ] الظفر [ الْكَبِيرُ ] بما طلبوا والتمسوا بإيمانهم بالله
رابعًا: عظمة الله تعالى وقوته
(12)- [ إِنَّ بَطْشَ] انتقام [ رَبِّكَ ] يا محمد [ لَشَدِيدٌ ] وهو تحذير لقريش.
(13)- [ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ] الخلق[ وَيُعِيدُ ] بلا مشقة.
(14)- [ وَهُوَ الْغَفُورُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، وعلى صفة الغفران، وتعني: ذي مغفرة، الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، فكل أحد مضطر إلى عفوه، ومغفرته كما هو مضطر إلى رحمته، وكرمه [ الْوَدُودُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ويحبونه فهو أحب إليهم من كل شيء قد امتلئت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه وداً وإخلاصاً وإنابة من جميع الوجوه.
(15)- [ ذُو الْعَرْشِ] العرش سَقْفُ المخلوقات، وأعلى المخلوقات، وأعظمُها، لا يقدر قدره إِلا الله، والكرسي بالنسبة إلى العرْش كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهراني فلاةٍ من الأرض، وهو موضع قدمي الرب جل في علاه، صح عن ابن عباس موقوفا عليه قوله: «...والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى » صححه الألباني في مختصر العلو/ 36
[ الْمَجِيدُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، وعلى صفة المجد المطلق، والمجد هو عظمة الصفات، وسعتها فكل وصف من أوصافه عظيم شأنه فهو العليم الكامل في علمه، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، إلى بقية أسمائه وصفاته.
(16)- [ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ] لَا يمنعه مانع، مِنْ فِعْل ما يريد، الموصوف بكمال القدرة، ونفوذ المشيئة، وشمول الحكمة لكل مافعله ويفعله، وهذا من كمال قوته، ونفوذ مشيئته، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع، ولا معارض، إذا أراد شيئاً قال له:كن فيكون.
خامسًا: التهديد للكافرين
[/COLOR](17)- [ هَلْ أَتَاكَ ] هل جاءك يا محمد [ حَدِيثُ الْجُنُودِ ] الجموع الكافة الذين تجندوا مكذبين لأنبيائهم..
(18)- هم[ فِرْعَوْنَ] وقومه [ وَثَمُودَ ].
(19)- [ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ] متواصل كدأب من قبلهم.
(20)- [ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ] بأعمالهم مُحْصٍ لها، لَا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيهم على جميعها.
(21)- يقول تعالى للقائلين للقرآن هو شعر وسجع: [ بَلْ ] ما ذلك كذلك [ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ] كريم. وهو كلام الله تعالى ، حيث تلي وحيث كتب، نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا
(22)- [ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ] مُثْبَت في لوح محفوظ
 
85-سورة البروج
البروج: المنازل المعروفة للكواكب، أقسم الله بها لعظم شأنها وخلقها
أولاً: قصة أصحاب الأخدود
عنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعصر بـ [السماء والطارق] [الطارق: 1] و [السماء ذات البروج] [البروج: 1] رواه أبو داود، وانظر صحيح أبي داود / 767
هذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين بالله عز وجل فقهروهم، وأرادوا أن يرجعوهم عن دينهم، فأبوا، فحفروا لهم أخاديد في الأرض وأججوا فيه نارًا، ثم أرادوا أن يرجعوهم عن دينهم فلم يقبلوا؛ وثبتوا وصبروا على التعذيب، فقذفوهم فيها.
(1)- [ وَالسَّمَاءِ] أقسم الله بالسماء [ ذَاتِ الْبُرُوجِ ] ذات المنازل المعروفة للكواكب. (2)- [ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ] وأقسم بيوم القيامة.
(3)- [ وَشَاهِدٍ] وأقسم بشاهد على غيرِه، وهو الإنسان، وقيل: يوم الجمعة، وقيل: الله [ وَمَشْهُودٍ] شهِدَ عليه غيرُه، وهو يوم القيامة، وقيل: يوم عرفة.
(4)- [ قُتِلَ] لعن [ أَصْحَابُ الأخْدُودِ ] الذين ألقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود. (الشِّقِّ العظيم ؛ كالخَنْدَق).
(5)- [ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ] ذات الحطب.
(6)- [ إِذْ هُمْ ] الكفار [ عَلَيْهَا قُعُودٌ ] على حافة الأخدود.
(7)- [ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ] حضور.
(8)- [ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ ] وما فعلوا بهم ما فعلوا بسبب [ إلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ] إلا من أجل أنهم آمنوا بالله [ الْعَزِيزِ ] من أسماء الله الحسنى، وهو دال على ذاته جل وعلا، وعلى صفة العزة، عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، وعزة الغنى، [ الْحَمِيدِ ] المحمود بإحسانه إلى خلقه، الذي لا يضام من لاذ بجنابه، الحميد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأقواله، وأفعاله، وشرعه، وقدره، فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها، وأحسنها.
(9)- [ الَّذِي لَهُ مُلْكُ] سلطان [ السَّمَاوَاتِ] السبع [ وَالأرْضِ ] والأرضين وما فيهنّ [ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ] فِعْل هؤلاء الكفار [ شَهِيدٌ ] الذي شهد لعباده، وعلى عباده بما عملوه، وهو مجازيهم بها، الذي سمع جميع الأصوات خفيها، وجليها وأبصر جميع الموجودات دقيقها، وجليلها صغيرها، وكبيرها.
ثانيا: جزاء معذبي المؤمنين
(10)- [ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا ] ابْتَلسَوُا، أوعذبوا، أوحرقوا [ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ] بالله بتعذيبهم، وإحراقهم بالنار [ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ] من كفرهم وما فعلوا بالمؤمنين [ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ] في الآخرة [ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ]
ثالثا: جزاء الصابرين على البلاء
(11)- [ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ] الذين حرّقهم أصحاب الأخدود [ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ] وعملوا بطاعة الله، وأْتَمروا لأمره، وانتهَوْا عما نهاهم عنه [ لَهُمْ ] في الآخرة عند الله [ جَنَّاتٍ ] بساتين [ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ] [من الماء] والخمر واللبن والعسل [ ذَلِكَ الْفَوْزُ] الظفر [ الْكَبِيرُ ] بما طلبوا والتمسوا بإيمانهم بالله
رابعًا: عظمة الله تعالى وقوته
(12)- [ إِنَّ بَطْشَ] انتقام [ رَبِّكَ ] يا محمد [ لَشَدِيدٌ ] وهو تحذير لقريش.
(13)- [ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ] الخلق[ وَيُعِيدُ ] بلا مشقة.
(14)- [ وَهُوَ الْغَفُورُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، وعلى صفة الغفران، وتعني: ذي مغفرة، الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، فكل أحد مضطر إلى عفوه، ومغفرته كما هو مضطر إلى رحمته، وكرمه [ الْوَدُودُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ويحبونه فهو أحب إليهم من كل شيء قد امتلئت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه وداً وإخلاصاً وإنابة من جميع الوجوه.
(15)- [ ذُو الْعَرْشِ] العرش سَقْفُ المخلوقات، وأعلى المخلوقات، وأعظمُها، لا يقدر قدره إِلا الله، والكرسي بالنسبة إلى العرْش كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهراني فلاةٍ من الأرض، وهو موضع قدمي الرب جل في علاه، صح عن ابن عباس موقوفا عليه قوله: «...والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى » صححه الألباني في مختصر العلو/ 36
[ الْمَجِيدُ ] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، وعلى صفة المجد المطلق، والمجد هو عظمة الصفات، وسعتها فكل وصف من أوصافه عظيم شأنه فهو العليم الكامل في علمه، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، إلى بقية أسمائه وصفاته.
(16)- [ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ] لَا يمنعه مانع، مِنْ فِعْل ما يريد، الموصوف بكمال القدرة، ونفوذ المشيئة، وشمول الحكمة لكل مافعله ويفعله، وهذا من كمال قوته، ونفوذ مشيئته، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع، ولا معارض، إذا أراد شيئاً قال له:كن فيكون.


خامسًا: التهديد للكافرين
(17)- [ هَلْ أَتَاكَ ] هل جاءك يا محمد [ حَدِيثُ الْجُنُودِ ] الجموع الكافة الذين تجندوا مكذبين لأنبيائهم..
(18)- هم[ فِرْعَوْنَ] وقومه [ وَثَمُودَ ].
(19)- [ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ] متواصل كدأب من قبلهم.
(20)- [ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ] بأعمالهم مُحْصٍ لها، لَا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيهم على جميعها.
(21)- يقول تعالى للقائلين للقرآن هو شعر وسجع: [ بَلْ ] ما ذلك كذلك [ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ] كريم. وهو كلام الله تعالى ، حيث تلي وحيث كتب، نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا
(22)- [ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ] مُثْبَت في لوح محفوظ
 
86-سورة الطارق
الطارق: النجم الذي يطرق ليلاً، ويخفى نهارًا، دلالة على قدرته سبحانه
أولاً: كل نفس عليها حافظ
عنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ × كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعصر بـ [السماء والطارق] [الطارق: 1] و [السماء ذات البروج] [البروج: 1] رواه أبو داود، وانظر صحيح أبي داود / 767
(1)- [ وَالسَّمَاءِ] أقسم ربنا بالسماء [ وَالطَّارِقِ ] النجم الذي يطرق ليلاً، ويخفى نهارًا.
(2)- [ وَمَا أَدْرَاكَ ] وما أشعرك يا محمد [ مَا الطَّارِقُ ] بينه الله في الآية التالية
(3)- [ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ] النجم الذي يثقب ظلام الليل بضيائه، وتوهجه، و ويثقب الشيطان بشهابه،
(4)- [ إِنْ] ما [ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا] إلا [ عَلَيْهَا حَافِظٌ ] من ربها، يحفظ عملها
ثانيا: قدرة الله على إعادة الخلق
(5)- [ فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ ] المكذّب بالبعث [ مِمَّ] من أيّ شيءٍ [ خُلِقَ ] خلقه ربه:.
(6)- [ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ] مدفوق.
(7)- [ يَخْرُجُ] منهما [ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ] من الرجل [ وَالتَّرَائِبِ ]،موضع القِلادة أو الحلي من صدر المرأة.
(8)- [ إِنَّهُ] الله، وإن لم يتقدم ما يعود إليه الضمير، لكن السياق يدل عليه [ عَلَى رَجْعِهِ] ردّ الإنسان وإحيائه بعد مماته [ لَقَادِرٌ ] على ذلك.
وقد استدل الله عز وجل بالأشد وهو الخلق على الأسهل، وهو الإعادة، قال سبحانه: [ثمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ] [الروم: 28]
(9)- [ يَوْمَ تُبْلَى ] تُخْتَبَرُ [السَّرَائِرُ ] سرائر العباد، ومكنونات القلوب، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيًا عن أعين العباد
(10)- [ فَمَا لَهُ ] للإنسان الكافر يومئذ [ مِنْ قُوَّةٍ ] يمتنع بها من عذاب الله، وأليم نكاله [ وَلا نَاصِرٍ ] ينصره، والآيات سيقت للاستدلال بخلق الإنسان، على قدرة الله على إعادته، فإن من قدر على البدء فهو على الإعادة أقدر.
ثالثًًا: القرآن فاصل بين الحق والباطل
(11)- [ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ] السحاب يمطر، ثم يرجع بالمطرِ إلى الأرض مِرارًا، وقيل: ترجع بإرزاق العباد كل عام، لولا ذلك هلكوا، وهلكت مواشيهم.
(12)- [ وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ] بالنبات الذى تـَنشَقُّ عنه، فيخرج منه الثمار. (13)- [ إِنَّهُ ] إن هذا القول [ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ] يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه.
(14)- [ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ] باللعب ولا الباطل.
(15)- [ إِنَّهُمْ ] هؤلاء المكذّبين [ يَكِيدُونَ كَيْدًا ] يمكرون مكرًا عظيما بالرسول×، يريدون حبسه، أو قتله، أو طرده، كما في آية الأنفال: 30
(16)- [ وَأَكِيدُ كَيْدًا ]عظيما، بأن أملي لهم إملاء، واستدرجهم استدراجا.
والكيد: صفة كمال لله تعالى باعتبار الجزاء والمقابلة، فلا يسمى الله بها على إلا مقيدا مختصًا في مقابلة كَيْدِ المخلوق، كما في الآية الكريمة، فالله تعالى يكيد من كاد، ليتبين به أن قوة الله عز وجل أقوى من قوة هذا الذي يكيد.
(17)- [ فَمَهِّلِ ] يا محمد [ الْكَافِرِينَ ] ولا تـَستَعجـِلْ بالانتقام منهمْ [ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ] وقتًا قليلا وأنظرهم حلول النقمة بهم
 
86-سورة الطارق
الطارق: النجم الذي يطرق ليلاً، ويخفى نهارًا، دلالة على قدرته سبحانه
أولاً: كل نفس عليها حافظ
عنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعصر بـ [السماء والطارق] [الطارق: 1] و [السماء ذات البروج] [البروج: 1] رواه أبو داود، وانظر صحيح أبي داود / 767
(1)- [ وَالسَّمَاءِ] أقسم ربنا بالسماء [ وَالطَّارِقِ ] النجم الذي يطرق ليلاً، ويخفى نهارًا.
(2)- [ وَمَا أَدْرَاكَ ] وما أشعرك يا محمد [ مَا الطَّارِقُ ] بينه الله في الآية التالية
(3)- [ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ] النجم الذي يثقب ظلام الليل بضيائه، وتوهجه، و ويثقب الشيطان بشهابه،
(4)- [ إِنْ] ما [ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا] إلا [ عَلَيْهَا حَافِظٌ ] من ربها، يحفظ عملها
ثانيا: قدرة الله على إعادة الخلق
(5)- [ فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ ] المكذّب بالبعث [ مِمَّ] من أيّ شيءٍ [ خُلِقَ ] خلقه ربه:.
(6)- [ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ] مدفوق.
(7)- [ يَخْرُجُ] منهما [ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ] من الرجل [ وَالتَّرَائِبِ ]،موضع القِلادة أو الحلي من صدر المرأة.
(8)- [ إِنَّهُ] الله، وإن لم يتقدم ما يعود إليه الضمير، لكن السياق يدل عليه [ عَلَى رَجْعِهِ] ردّ الإنسان وإحيائه بعد مماته [ لَقَادِرٌ ] على ذلك.
وقد استدل الله عز وجل بالأشد وهو الخلق على الأسهل، وهو الإعادة، قال سبحانه: [ثمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ] [الروم: 28]
(9)- [ يَوْمَ تُبْلَى ] تُخْتَبَرُ [السَّرَائِرُ ] سرائر العباد، ومكنونات القلوب، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيًا عن أعين العباد
(10)- [ فَمَا لَهُ ] للإنسان الكافر يومئذ [ مِنْ قُوَّةٍ ] يمتنع بها من عذاب الله، وأليم نكاله [ وَلا نَاصِرٍ ] ينصره، والآيات سيقت للاستدلال بخلق الإنسان، على قدرة الله على إعادته، فإن من قدر على البدء فهو على الإعادة أقدر.
ثالثًًا: القرآن فاصل بين الحق والباطل
(11)- [ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ] السحاب يمطر، ثم يرجع بالمطرِ إلى الأرض مِرارًا، وقيل: ترجع بإرزاق العباد كل عام، لولا ذلك هلكوا، وهلكت مواشيهم.
(12)- [ وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ] بالنبات الذى تـَنشَقُّ عنه، فيخرج منه الثمار. (13)- [ إِنَّهُ ] إن هذا القول [ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ] يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه.
(14)- [ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ] باللعب ولا الباطل.
(15)- [ إِنَّهُمْ ] هؤلاء المكذّبين [ يَكِيدُونَ كَيْدًا ] يمكرون مكرًا عظيما بالرسول×، يريدون حبسه، أو قتله، أو طرده، كما في آية الأنفال: 30
(16)- [ وَأَكِيدُ كَيْدًا ]عظيما، بأن أملي لهم إملاء، واستدرجهم استدراجا.
والكيد: صفة كمال لله تعالى باعتبار الجزاء والمقابلة، فلا يسمى الله بها على إلا مقيدا مختصًا في مقابلة كَيْدِ المخلوق، كما في الآية الكريمة، فالله تعالى يكيد من كاد، ليتبين به أن قوة الله عز وجل أقوى من قوة هذا الذي يكيد.
(17)- [ فَمَهِّلِ ] يا محمد [ الْكَافِرِينَ ] ولا تـَستَعجـِلْ بالانتقام منهمْ [ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ] وقتًا قليلا وأنظرهم حلول النقمة بهم
 
87-سورة الأعلى
الأعلى: اسم من أسماء الله يتضمن علو الذات، والقدر والقهر
عن الْبَرَاء بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ × حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ × فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ [سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى] فِي سُوَرٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ. رواه البخاري/ 3925
أولاً: الأمر بتعظيم الله سبحانه
(1)- [ سَبِّحِ] نَزِّهُ ومَجِّد [ اسْمَ رَبِّكَ] أي سبح ربك عن كل ما لا يَليق به من عيب أو نقص بالقلب واللسان، والتسبيح ليس للاسم المكون من (ألف، وسين،وميم) وإنما هو لذات الرب، وما دل عليها تبعا وهو لفظ الرب العظيم [ الأعْلَى ] ذاتًا وقدْرًا وقهرًا، وهو اسم من أسماء الله الحسنى، وأسماء الله الحسنى لا تراد لنفسها، وإنما يعبر بها عن المقصود منها وهو مسماها.
(2)- [ الَّذِي خَلَقَ] أوجد الأشياء كلها بقدرته [ فَسَوَّى ] خلقها، وعدَّلها، وأحكم إتقانها.
(3)- [ وَالَّذِي قَدَّرَ ] جعلَ الأشياءَ على مَقادِيرَمَخصوصهٍ [ فَهَدَى ] الإنسان لسبيل الخير والشرّ.
قال شيخ الإسلام: جعل التقدير قبل الهداية، كما جعل الخلق قبل التسوية، والتقدير يتضمن علمه بما قدره، وقد يتضمن تكلمه به وكتابته له، فدلَّ ذلك على ثبوت القدر، وعلى أن أصل القدر هو علمه أيضًا اهـ جامع المسائل 6/80
(4)- [ وَالَّذِي أَخْرَجَ ] أنـْـبَتَ من الأرض [ الْمَرْعَى ] العُشبَ من صنوف النبات وأنواع الحشيش رَطْبًا غَضًّا.
(5)- [ فَجَعَلَهُ ] ذلك المرعى [ غُثَاءً ] هَشِيمًا يابِسًا متغيرا، وهو الذي جفّ من النبات ويبس، بعد الخُضرة، فطارت به الريح [ أَحْوَى ] أسْودَ أو أسْمَرَ
ثانيًا: بشرتان للنبي صلى الله عليه وسلم
(6)- [ سَنُقْرِئُكَ ] يا محمد هذا القرآن [ فَلا تَنْسَى ] فلا تنساه.
(7)- [ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ] أن يُنسيك إياه بنسخه ورفعه [ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ ] ما أظهرته وأعلنته من عملك [ وَمَا يَخْفَى ] منه.
(8)- [ وَنُيَسِّرُكَ ] ونوفقك يا محمد [ لِلْيُسْرَى ] لعمل الخير.
ثالثًا: الحث على الوعظ والتذكرة
(9)- [ فَذَكِّرْ ] يا محمد عبادَ الله يا محمد بعظمته، وحذّرهم عقوبته [ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ] الذين قد آيستُك من إيمانهم، فلا تنفعهم الذكرى.
فنفع الذكرى إذا كان يحصل بها الخير كله أو بعضه أو يزول بها الشر كله أو بعضه، فأما إذا كان ضرر التذكير أعظم من نفعه فإنه منهي عنه في هذه الحالة، كما نهى الله عن سب آلهة المشركين إذا كان وسيلة لسب الله اهـ القوعد الحسان ص:74
(10)- [ سَيَذَّكَّرُ ] يا محمد بالذكرى [ مَنْ يَخْشَى ] الله، ويخاف عقابه.
(11)- [ وَيَتَجَنَّبُهَا ] ويتجنَّب الذكرى [ الأشْقَى ] أشقى الفريقين.
(12)- [ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ] شديدة الحرّ والألم.
(13)- [ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا ] فيستريح [ وَلا يَحْيَا ] حياة تنفعه
وهذا الجزاء من جنس العمل، فلما لم بحيا في الدنيا الحياة النافعة التى خُلق لأجلها، كان فى الآخرة كذلك.
رابعًأ: فلاح من زكى نفسه
(14)- [ قَدْ أَفْلَحَ ] أدرك طلبته [ مَنْ تَزَكَّى ] تطهَّر من الشرك، والمعاصي وعمل بما أمره الله
(15)- [ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ] فوحَّده، ودعاه ورغب إليه [ فَصَلَّى ] لله وحده الصلوات الخمس، وعظمه ومجده
(16)- [ بَلْ تُؤْثِرُونَ ] أيها الناس [ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ] زينة الحياة الدنيا على الآخرة.
(17)- [ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ ] وزينة الآخرة خير لكم أيها الناس [ وَأَبْقَى ] من الحياة فانية.
(18-19)- [ إِنَّ هَذَا ] التطهر من الكفر والمعاصي [ لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ] صحف إبراهيم خليل الرحمن، وصحف موسى بن عمران، وأما الصحف: فإنها جمع صحيفة
 
ماشاء الله لاقوة الا بالله
فتح الله عليكم وبارك الله فى علمكم
هل الكتاب مطبوع؟ واين نجده؟
الشيخ الفاضل جمال القرش
لدى بحمد الله معظم كتبكم فى التجويد والتدبر وطرق التدريس
فهل نجده فى الدار العالمية للنشر؟
 
جزاكم الله خيرا ونفع بكم نعم

88-سورة الغاشية
الغاشية: القيامة تغشى الناس بأهوالها، لبيان هول ذلك اليوم
أولاً: صور من أهوال أهل النار
(1)- [ هَلْ] استفهام يراد به التنبيه والتفخيم للأمر [ أَتَاكَ ] يا محمد، وأمته تبعاً له [ حَدِيثُ] قصة أوخبر، أو حكاية [الْغَاشِيَةِ ] القيامة التي تغشى الناس بأهولها.
(2)- [ وُجُوهٌ] الكفار [ يَوْمَئِذٍ ] في ذلك اليوم [ خَاشِعَةٌ ] ذليلة خائفة. (3)- [ عَامِلَةٌ ] في الدنيا بالمعصية والتكبر عن طاعة الله [ ناصِبَةٌ ] فأنصبها الله في النار، وقيل : أنها يوم القيامة تخشع ؛ أي : تذل وتعمل وتنصب.
(4)- [ تَصْلَى ] تَرِدُ هذه الوجوه وتقاسي [ نَارًا حَامِيَةً ] حميت وتناهي حرها.
(5)- [ تُسْقَى ] هذه الوجوه [ مِنْ عَيْنٍ] شَرَاب [ آنِيَةٍ ] بلغت إناها أي: غايتها، وحان شربها من شدة الحرّ.
(6)- [ لَيْسَ لَهُمْ ] لهؤلاء الكفار [ طَعَامٌ إلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ] نبت كالشوك يُقال له الشِّبْرِق.
(7)- [ لَا يُسْمِنُ ] بدنا [ ولا يُغني مِنْ جُوعٍ ] ولايسد جوعهم أو يدفعه عنهم.
ثانيًا: صور من نعيم أهل الجنة
(8)- [ وُجُوهٌ] المؤمنين [يَوْمَئِذٍ ] يوم القيامة [ نَاعِمَةٌ ] متنعمة مبتهجة ناضرة.
(9)- [ لِسَعْيِهَا] في الدنيا بالطاعة [راضِيَةٌ ] في الأخرة بثواب الله.
(10)- [ فِي جَنَّةٍ ] بستان [ عَالِيَةٍ ] رفيعة المكان.
(11)- [ لَا تَسْمَعُ] هذه الوجوه [ فِيهَا ] في الجنة [ لاغِيَةً ] كذبا، أوزورا، أو باطلا.
(12)- [ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ] تتدفق مياهها.
(13)- [ فِيهَا سُرُرٌ ] أسرة [ مَرْفُوعَةٌ ] مرتفعة.
(14)- [ وَأَكْوَابٌ ] جمع كوب، وهي الأباريق التي لَا آذان لها [ مَوْضُوعَة ] معدة للشرب على حافة العين الجارية.
(15)- [ وَنَمَارِقُ ] وسائد يتكأ عليها [ مَصْفُوفَةٌ ] الواحدة جنب الأخرى. (16)- [ وَزَرَابِيُّ ] بُسُط فاخرة مفروشة [مَبْثُوثَةٌ] مفرقة في المجالس
ثالثًًا: الحث على النظر في مخلوقات الله
(17)- [ أَفَلا يَنْظُرُونَ ] أفلا يتأمل الكفار المنكرون قُدرة الله على هذه الأمور [ إِلَى الإبِلِ] قدم الإبل على غيرها من المذكورات؛ لأنها بأيديهم مسخرة لهم، يعرفون منافعها [ كَيْفَ خُلِقَتْ ] كيف خلقها وسخرها لهم وذَلَّلها للركب والحمل عليها، مع أنها في خلقتها في غاية القوة والشدة.
(18)- [ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ] كيف رفعها الله بلا عمد.
(19)- [ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ] أقيمت منتصبة لَا تسقط، ولا تزول عن موضعها. (20)- [ وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ] كيف بُسطت
رابعًا: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتذكرة
(21)- [ فَذَكِّرْ ] يا محمد عبادي بآياتي، [ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ] واعظ.
(22)- [ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ] بمُسلَّط، ولا جبار، ولا مكره لهم على الإيمان،
لأن ذلك بيد الله وحده.
(23)- [ إلَّا] لكن [ مَنْ تَوَلَّى] منهم عن التذكرة [ وَكَفَرَ ] بالله بعد أن ذكرته.
(24)- [ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ ] عذاب الأكبر: جهنم في الآخرة، و الأصغر: ما عذبوا به في الدنيا من الجوع والقحط والأسر والقتل.
(25)- [ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ] رجوعهم بعد الموت.
(26)- [ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا] على الله [ حِسَابَهُمْ ] مجازتهم بما سلف وعقوبتهم.
 
جزاكم الله خيرا ونفع بكم نعم

88-سورة الغاشية
الغاشية: القيامة تغشى الناس بأهوالها، لبيان هول ذلك اليوم
أولاً: صور من أهوال أهل النار
(1)- [ هَلْ] استفهام يراد به التنبيه والتفخيم للأمر [ أَتَاكَ ] يا محمد، وأمته تبعاً له [ حَدِيثُ] قصة أوخبر، أو حكاية [الْغَاشِيَةِ ] القيامة التي تغشى الناس بأهولها.
(2)- [ وُجُوهٌ] الكفار [ يَوْمَئِذٍ ] في ذلك اليوم [ خَاشِعَةٌ ] ذليلة خائفة. (3)- [ عَامِلَةٌ ] في الدنيا بالمعصية والتكبر عن طاعة الله [ ناصِبَةٌ ] فأنصبها الله في النار، وقيل : أنها يوم القيامة تخشع ؛ أي : تذل وتعمل وتنصب.
(4)- [ تَصْلَى ] تَرِدُ هذه الوجوه وتقاسي [ نَارًا حَامِيَةً ] حميت وتناهي حرها.
(5)- [ تُسْقَى ] هذه الوجوه [ مِنْ عَيْنٍ] شَرَاب [ آنِيَةٍ ] بلغت إناها أي: غايتها، وحان شربها من شدة الحرّ.
(6)- [ لَيْسَ لَهُمْ ] لهؤلاء الكفار [ طَعَامٌ إلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ] نبت كالشوك يُقال له الشِّبْرِق.
(7)- [ لَا يُسْمِنُ ] بدنا [ ولا يُغني مِنْ جُوعٍ ] ولايسد جوعهم أو يدفعه عنهم.
ثانيًا: صور من نعيم أهل الجنة
(8)- [ وُجُوهٌ] المؤمنين [يَوْمَئِذٍ ] يوم القيامة [ نَاعِمَةٌ ] متنعمة مبتهجة ناضرة.
(9)- [ لِسَعْيِهَا] في الدنيا بالطاعة [راضِيَةٌ ] في الأخرة بثواب الله.
(10)- [ فِي جَنَّةٍ ] بستان [ عَالِيَةٍ ] رفيعة المكان.
(11)- [ لَا تَسْمَعُ] هذه الوجوه [ فِيهَا ] في الجنة [ لاغِيَةً ] كذبا، أوزورا، أو باطلا.
(12)- [ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ] تتدفق مياهها.
(13)- [ فِيهَا سُرُرٌ ] أسرة [ مَرْفُوعَةٌ ] مرتفعة.
(14)- [ وَأَكْوَابٌ ] جمع كوب، وهي الأباريق التي لَا آذان لها [ مَوْضُوعَة ] معدة للشرب على حافة العين الجارية.
(15)- [ وَنَمَارِقُ ] وسائد يتكأ عليها [ مَصْفُوفَةٌ ] الواحدة جنب الأخرى. (16)- [ وَزَرَابِيُّ ] بُسُط فاخرة مفروشة [مَبْثُوثَةٌ] مفرقة في المجالس
ثالثًًا: الحث على النظر في مخلوقات الله
(17)- [ أَفَلا يَنْظُرُونَ ] أفلا يتأمل الكفار المنكرون قُدرة الله على هذه الأمور [ إِلَى الإبِلِ] قدم الإبل على غيرها من المذكورات؛ لأنها بأيديهم مسخرة لهم، يعرفون منافعها [ كَيْفَ خُلِقَتْ ] كيف خلقها وسخرها لهم وذَلَّلها للركب والحمل عليها، مع أنها في خلقتها في غاية القوة والشدة.
(18)- [ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ] كيف رفعها الله بلا عمد.
(19)- [ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ] أقيمت منتصبة لَا تسقط، ولا تزول عن موضعها. (20)- [ وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ] كيف بُسطت
رابعًا: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتذكرة
(21)- [ فَذَكِّرْ ] يا محمد عبادي بآياتي، [ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ] واعظ.
(22)- [ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ ] بمُسلَّط، ولا جبار، ولا مكره لهم على الإيمان،
لأن ذلك بيد الله وحده.
(23)- [ إلَّا] لكن [ مَنْ تَوَلَّى] منهم عن التذكرة [ وَكَفَرَ ] بالله بعد أن ذكرته.
(24)- [ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ ] عذاب الأكبر: جهنم في الآخرة، و الأصغر: ما عذبوا به في الدنيا من الجوع والقحط والأسر والقتل.
(25)- [ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ] رجوعهم بعد الموت.
(26)- [ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا] على الله [ حِسَابَهُمْ ] مجازتهم بما سلف وعقوبتهم.
 
89-سورة الفجر
الفجر: فجر الصبح أقسم الله به، دلالة على قدرته سبحانه، وعظم ذلك الوقت.
أولاً: تقرير البعث
(1)- [ وَالْفَجْرِ ] أقسم الله بفجر الصبح الطالع كل يوم
(2)- [ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ] وبليالي عشر ذي الحجة.
(3)- [ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ] وأقسم بكل شفيع ووتر، فكل الخلق شفع، ذكرا وأنثى، سماء وأرض، بر وبحر، إنس وجن، والوتر واحد وهو الله سبحانه.
(4)- [ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ] وبالليل إذا سار بظلامه ومضى، وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثن.
(5)- [ هَلْ] أليس [ فِي ذَلِكَ] القسم المذكور [ قَسَمٌ ] مقنع [ لِذِي حِجْرٍ ] لصاحب عقل ولبّ.
ثانيًا: الاعتبار بما حل بالأمم السابقة
(6)- [ أَلَمْ تَرَ ] يا محمد بعين قلبك [ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ]؟.
(7)- [ إرَمَ ] اسم قبيلة من عاد [ ذَاتِ الْعِمَادِ ] القوة والأبنية المرفوعة على الأعمدة.
(8)- [ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ] في عِظَم الإجاسم وشدة البطش.
(9)- [ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا] قطعوا [ الصَّخْرَ بِالْوَادِي ] واتخذوا منه بيوتًا؟.
(10)- [ وَفِرْعَوْنَ ] وكيف فعل بفرعون [ ذِي الأوْتَادِ ] صاحب الأوتاد التي كان يعذّب الناس بها.
(11)- [ الَّذِينَ ] يعني عادًا وثمود وفرعون وجنده [ طَغَوْا ] تجاوزوا أمر الله [ فِي الْبِلادِ ] التي كانوا فيها.
(12)- [ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ] بالمعاصي والظلم.
(13)- [ فَصَبَّ] فأنزل [ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ ] يا محمد [ سَوْطَ عَذَابٍ ] عذابا شديدًا مؤلما.
(14)- [ إِنَّ رَبَّكَ ] يا محمد لهؤلاء المفسدين [ لَبِالْمِرْصَادِ ] لمن يعصيه يَرقـُـبُ أعمَالَهم ويُجازيهم عليها، وفي ذلك تحذير ووعيد للمتجاوزين حد الله، من عذابه ونقمته، نسأل الله العفو والعافية.
ثالثًا: ابتلاء الله لعباده
(15)- [ فَأَمَّا الإنْسَانُ]جنس الإنسان يزعم أنه [ إِذَا مَا ابْتَلاهُ] امْـتـَحَنه واخـتـَـبَره [ رَبُّهُ] بالنعم والغنى [ فأكْرَمَهُ ] بالمال، وأفضل عليه [ وَنَعَّمَهُ ] بما أوسع عليه [ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ] فيظن أنها كرامة من الله، مع أنها قد تكون ابتلاء وامتحانا واستدراجًا.
(16)- [ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ ] ويزعم الإنسان ان الله تعالى إذا امتحنه بالفقر [ فَقَدَرَ] فضيَّق [ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ] فيظن أنها مذلة وإهانة من الله له، مع أنها قد تكون كفارة له، وإيقاظا لقلبه من الغفلة، إذا احتسبها عند الله تعالى، ولم يتسخط.
رابعا: الحث على إكرام اليتيم.
(17)- [ كَلا ] ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان، أو حقًأ [ بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ] لستم تكرمون اليتيم.
(18)- [ وَلا تَحَاضُّونَ ] ولا يحث بعضكم بعضًا [ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ].
وفيها دليل على وجوب إكرام اليتامى والحض على إطعام الفقراء والمساكين.
(19)- [ وَتَأْكُلُونَ ] أيها الناس [ التُّرَاثَ ] الميراث [ أَكْلا لَمًّا ] شديدًا َجمعًا بين الحلال والحرام، وفيها دليل على وجوب اعطاء المواريث لمستحقيها ذكورا أو إناثا.
(20)- [ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ] كثيرا شديدا.
وفيها دليل أن حب المال يحمل الإنسان على منع الحقوق بأهلها.
خامسًًا: ندم الأشقياء يوم القيامة
(21)- [ كَلا ] ما هكذا يكون الأمر، أو حقًّا [ إِذَا دُكَّتِ] رجت وزُلزلت [ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا ] تحريكا بعد تحريك.
(22)- [ وَجَاءَ رَبُّكَ ] يا محمد، فيها إثبات صفة المجيء لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته بلا تشيبه ولا تعطيل ولا تكييف، [ وَالْمَلَكُ ] وأملاكه [ صَفًّا صَفًّا ] صفا بعد صفّ لفصل القضاء.
(23)- [ وَجِيءَ] وجاء الله [ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ] للجزاء .
عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ))، أخرجه البخاري / 3378، ومسلم /2842
[ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ ] تفريطه في حق الله [ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ] وكيف ينفعه الاتعاظ والتوبة.
(24)- [ يقول] ابن آدم المتندم [ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ] في الدنيا من صالح الأعمال [ لِحَيَاتِي ] هذه.
فاحذر يا عبد الله أن تعض على يديك ندما يوم القيامة بسبب كفرك أو تفريطك في حق الله , احذر وبادر وسارع إلى الخير اليوم قبل الموت فالزم الحق بتوحيد الله والإخلاص له وحقق العبادة التي خلقت لها اهـ فتاوى بن باز 7/107
(25)- [ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ ] لا يستطيع أحدٌ [عَذَابَهُ أَحَدٌ ] أن يُعذِّبَ كَعَذَابِ الله من عصاه.
(26)- [ وَلا يُوثِقُ] بالسلاسل والأغلال [ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ] كوثاقه يومئذ أحد في الدنيا.
(27)- تقول الملائكة للأولياء الله عند الموت: [ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ] بوعد الله المصدقة بذلك.
(28)- [ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً] بإكرام الله لك [ مَرْضِيَّةً ] والله قد رضي عنك.
(29-30)- فإذا كان يوم القيامة [ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ] في جملة عبادي الصالحين [ وَادْخُلِي]معهم[ جَنَّتِي ]
 
90-سورة البلد
البلد: وهي مكة المكرمة، أقسم الله بها بيانا لعظم مكانة البلد الحرام وحرمتها.
أولاً: الإنسان يصاب بالنصب في الدنيا
(1)- [ لَا أُقْسِمُ] أقسم [ بِهَذَا الْبَلَدِ ] الحرام، وهو مكة دلالة على شرفها ومكانتها عند الله تعالى.
عن عبد الله بن الزبير،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( صَلاَةٌ في مَسجدي هَذَا أفْضَلُ مِن ألفِ صلاَة فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجدَ الْحَرَامَ، وصَلاَةٌ في المًسجِدِ الحَرَامِ أفْضَل مِنْ صَلاَةً في مَسْجدي هَذَا بمَائَة صَلاَة)) ورواه ابن حبان في صحيحه.
وهذا صَرًيح في أنَ اَلمسجد الَحَراَمَ أفضلُ بقاعِ الأرض على الإطلاق، ولذلك كان شدُّ الرحال إليه فرضاً اهـ زاد المعاد لابن القيم 41
(2)- [ وَأَنْتَ ] يا محمد [ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ] أحل لك القتال في مكة ولم يحل لغيرك.
(3)- [ وَوَالِدٍ] أقسم بآدم عليه السلام [ وَمَا وَلَدَ ] وأقسم بولده الذي وَلَد.
والقسم بذلك تضمن أصل المكان وأصل السكان فمرجع البلاد إلى مكة ومرجع العباد إلى آدم. اهـ التبيان لابن القيم. ص: 21.
(4)- [ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ ] ابن آدم [ فِي كَبَدٍ ] في شدّة وعناء ونصب، يكابد أمر الدنيا والآخرة وهذا هو جواب القسم
وفيها دليل أن الإنسان لا يبرح يعاني من أتعاب الحياة حتى الممات فعليه أن يستعين بالله عز وجل على قضاء حوائجه وإعانته وسؤاله التوفيق والسداد.
(5)- [ أَيَحْسَبُ ] هذا القويّ بجَلَده وقوّته [ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ] أن لن يقهره أحد ويغلبه.
(6)- [ يَقُولُ ] هذا الجليد الشديد [ أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا ] كثيرا، في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنكر سبحانه افتخار هذا الإنسان وتبجحه بإنفاق المال في شهواته وأغراضه التي إنفاقه فيها إهلاك له .
(7)- [ أَيَحْسَبُ ] أيظن هذا القائل [ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ] أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه
ثانياً: التذكير بالنعم ووجوب شكرها
(8)- [ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ] يبصر بهما حجج الله عليه.
(9)- [ وَلِسَانًا ] يعبر به عن نفسه ما أراد [ وَشَفَتَيْنِ ]نعمة منا بذلك عليه. (10)- [ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ] بينا له طريق الخير والشرّ، أو الهدى والضلالة. (11)- [ فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ] فلم يقطع العقبة التي تحول بينه وبين رضى الله، فهلا جاهد نفسه ليقطعها..
(12)- [ وَمَا أَدْرَاكَ] وما أعلمك يا محمد [ مَا الْعَقَبَةُ ] ما اقتحام العقبة؟. (13)- هي [ فَكُّ]تخليص[ رَقَبَةٍ ] من الرقّ، وأسر العبودة.
(14)- [ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ] ذي مجاعة.
(15)- [ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ] من ذوي القرابة يجمتع فيه فضل الصدقة وصلة الرحم، وفيها دليل على فضيلة إطعام اليتيم الفقير من ذوي الأرحام.
(16)- [ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ] أو مسكينا معدمًا لا شيء عنده. قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة، فقرن الله تعالى إطعام اليتيم للقريب وللمسكين المعدم بفك الرقبة، مما يدل على أهمية هذا وعظم ثوابه.
ثالثًا: جزاء من أطعم اليتيم والمسكين
(17)- [ ثُمَّ كَانَ ] الذي اقتحم العقبة بفك رقبة أو أطعم يتيما [ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ] بالله قولاً واعتقادًا وعملاً بشرعه، [ وَتَوَاصَوْا ] وممن أوصى بعضهم بعضا [ بِالصَّبْرِ ] على طاعة الله وعن المعصية [ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ] الرحمة بالخلق.
(18)- [ أُولَئِكَ ] الذين فعلوا هذه الأفعال،[ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ] من جملة أصحاب اليمين.
(19)- [ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا ] بأدلتنا وحججنا من الكتب والرُّسل [ هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ] من جملة أصحاب الشمال.
(20)- [ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ ] مُطْبَقة مغلقة، لاضوء فيها ولا فرج، ولا خروج منها إلى الأبد، أما عصاة الموحدين الذين ماتوا على الإسلام، ولكن لهم معاصي لم يتوبوا منها فإنهم لا يخلدون في النار إن دخلوها بل يعذبون فيها تعذيبا مؤقتا
 
91-سورة الشمس
الشمس: أقسم الله بها، لعظم خلقها، وعظمة الخلق من دلائل عظمة الخالق
أولاً: الفلاح لمن زكى نفسه
(1)- [وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا] أقسم الله بالشمس و بضَوئها إذا أشرقَتْ (2)- [وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا] إذا تبع الشمس في الإضاءة بَعْدَ غروبها، (3)- [وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا] إذا أظهر الشمس وكشفها للرائين (4)- [وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا] غطي الشمس، فَتُظْلِمُ الآفَاقُ (5)- [وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا] ومَنْ خَلَقها، وهو الله سبحانه (6)- [وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا] ومَنْ بسطها من كلّ جانب وهو الله سبحانه (7)- [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا] ومن أكمل خلقها هو الله سبحانه، (8)- [فَأَلْهَمَهَا] فبين لها [فُجُورَهَا] طريق الشر [وَتَقْوَاهَا] طريق الخير (9)- [قَدْ أَفْلَحَ] فاز بالبغية و ظفَر [مَنْ زَكَّاهَا] أصلح نفسه وأعلاها بطاعته سبحانه، ومنعها من معصيته (10)- [وَقَدْ خَابَ] خسر [مَنْ دَسَّاهَا]
ثانيًا: جزاء عاقر الناقة
(11)- [كَذَّبَتْ ثَمُودُ] نبيها صالح عليه السلام [بِطَغْوَاهَا] بسبب طغيانها (12)- [إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا] إذ ثار أشقى ثمود، وهو قُدَار بن سالف لعقر الناقة (13)- [فَقَالَ لَهُمْ] لثمودَ [رَسُولُ اللَّهِ] صالحٌ [نَاقَةَ اللَّهِ] احذروا أن تمسوا الناقة بسوء؛ [وَسُقْيَاهَا] واحذروا أن تعتدوا على سقيها, (14)- [فَكَذَّبُوهُ] كذبو صالح فيما توعَّدهم به, [فَعَقَرُوهَا] فنحروها [فَدَمْدَمَ] فأطبق [عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ] العقوبة فأهلكهم هلاك استئصال [بِذَنْبِهِمْ] بكفرهم وجرمهم، وعقرهم ناقته [فَسَوَّاهَا] سوى الدمدمة عليهم جميعهم، فعمهم بها فلم يُفْلِت منهم أحد (15)- [وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا] ولا يخاف الله تعالى تبعة ما أنزله عليهم من العقاب
 
21-سورة الليل
الليل: أقسم الله به إذا غشَّى الأرض بظلمته، لبيان عظمة الله وقدرته في خلقه
أولاً: أعمال العباد متباينة من خير وشر
(1)-[وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى] أقسم الله بالليل إذا غشَّى الأرض بظلمته (2)- [وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى] إذا ظهر وبان للأبصار (3)- [وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى] وأقسم بمَنْ خَلَق الذكر والأنثى، (4)- [إِنَّ سَعْيَكُمْ] عَمَلَكُمْ [لَشَتَّى] لمختلف بين عامل للدنيا وعامل للآخرة وهذا هو جواب القسم
ثانيًا: جزاء من أعطى ماله في سبيل الله
(5)- [فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى] بذل في سبيل الله [وَاتَّقَى] الله واجتنب محارمه
(6)- [وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى] وصدّق بلا إله إلا الله والخلف من الله قال ابن كثير: نزلت في أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك اهـ ابن كثير8 /423 (7)- [فَسَنُيَسِّرُهُ] فسنهيئه ونرشده [لِلْيُسْرَى] الأمر السهل بالعمل بما يرضاه الله، دليل أن للإنسان عملاً وإرداة
ثانيًا: جزاء من بخل بماله في سبيل الله
(8)- [وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ] بالنفقة في سبيل الله،[وَاسْتَغْنَى] عن ثواب ربه (9)- [وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى] بلا إله إلا الله وخلف الله وثوابه وهو الجنة (10)- [فَسَنُيَسِّرُهُ] فسنهيئه ونرشده [لِلْعُسْرَى] للأمر العسير للشقاء والنار، دليل أن أهل الشقاوة ييسرون لعمل أهل الشقاوة (11)- [وَمَا يُغْنِي] وما ينفع [عَنْهُ مَالُهُ] يوم القيامة [إِذًا تَرَدَّى] مات وهلك، أو إذا سقط فَهَوى في جهنم (12)- [إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى] بيانَ الحقّ من الباطل (13)- [وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأولَى] ملك ما في الدنيا والآخرة، دليل أن الله وحده هو المتكفل بأمر الدنيا والأخرة
رابعًا: تخويف المكذبين وتبشير الأتقياء
(14)- [فَأَنْذَرْتُكُمْ] فحذرتكم أيها الناس [نَارًا تَلَظَّى] تتوهَّج (15)- [لَا يَصْلاهَا] لَا يدخلها فيصلى بسعيرها [إلَّا الأشْقَى] شديد الشقاء (16)- [الَّذِي كَذَّبَ] بآيات ربه [وَتَوَلَّى] وأعرض عنها (17)- [وَسَيُجَنَّبُهَا] وسيوقَّى نارها [الأتْقَى] التقيُّ
(18)- [الَّذِي يُؤْتِي] يعطي [مَالَهُ] في الدنيا في حقوق الله [يَتَزَكَّى] يتطهر بها (19)- [وَمَا لأحَدٍ] من خلق الله [عِنْدَهُ] الذي يتزكى [مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى] من يد يكافئه عليها؛ نزلت في أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بعِتْقه من أعتق (20)- [إلَّا] وما يؤتي إلا [ابْتِغَاءَ وَجْهِ] الوجه صفة ذاتية لله عز وجل نثبتها له على الوجه الذي يليق بجلاله بلا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكيف [رَبِّهِ الأعْلَى] اسم من أسماء الله الحسنى، وهو دالا على ذاته جل وعلا، وعلى صفة العلو، وتعني: الأعلى ذاتًا وقدْرًا وقهرًا (21)- [وَلَسَوْفَ يَرْضَى] هذا المؤتِي مالَه في حقوق الله عزّ وجل وفيها دليل على فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وتبشيره بالجنة
 
91-سورة الشمس
الشمس: أقسم الله بها، لعظم خلقها، وعظمة الخلق من دلائل عظمة الخالق
أولاً: الفلاح لمن زكى نفسه
(1)- [وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا] أقسم الله بالشمس و بضَوئها إذا أشرقَتْ (2)- [وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا] إذا تبع الشمس في الإضاءة بَعْدَ غروبها، (3)- [وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا] إذا أظهر الشمس وكشفها للرائين (4)- [وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا] غطي الشمس، فَتُظْلِمُ الآفَاقُ (5)- [وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا] ومَنْ خَلَقها، وهو الله سبحانه (6)- [وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا] ومَنْ بسطها من كلّ جانب وهو الله سبحانه (7)- [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا] ومن أكمل خلقها هو الله سبحانه، (8)- [فَأَلْهَمَهَا] فبين لها [فُجُورَهَا] طريق الشر [وَتَقْوَاهَا] طريق الخير (9)- [قَدْ أَفْلَحَ] فاز بالبغية و ظفَر [مَنْ زَكَّاهَا] أصلح نفسه وأعلاها بطاعته سبحانه، ومنعها من معصيته (10)- [وَقَدْ خَابَ] خسر [مَنْ دَسَّاهَا]
ثانيًا: جزاء عاقر الناقة
(11)- [كَذَّبَتْ ثَمُودُ] نبيها صالح عليه السلام [بِطَغْوَاهَا] بسبب طغيانها (12)- [إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا] إذ ثار أشقى ثمود، وهو قُدَار بن سالف لعقر الناقة (13)- [فَقَالَ لَهُمْ] لثمودَ [رَسُولُ اللَّهِ] صالحٌ [نَاقَةَ اللَّهِ] احذروا أن تمسوا الناقة بسوء؛ [وَسُقْيَاهَا] واحذروا أن تعتدوا على سقيها, (14)- [فَكَذَّبُوهُ] كذبو صالح فيما توعَّدهم به, [فَعَقَرُوهَا] فنحروها [فَدَمْدَمَ] فأطبق [عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ] العقوبة فأهلكهم هلاك استئصال [بِذَنْبِهِمْ] بكفرهم وجرمهم، وعقرهم ناقته [فَسَوَّاهَا] سوى الدمدمة عليهم جميعهم، فعمهم بها فلم يُفْلِت منهم أحد (15)- [وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا] ولا يخاف الله تعالى تبعة ما أنزله عليهم من العقاب
 
93-سورة الضحى
الضحى: هو النهار كله، أقسم الله به، وهو أية من أيات الله الدالة على عظمته سبحانه وقدرته
سبب النزول: عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ: اشْتَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ فأتتهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: [وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّك وما قَلَى] [الضحى: 1 ـ 3] متفق عليه، البخاري/ 4667 ومسلم/ 4758
أولاً: الله ما ترك رسوله منذ اختاره لرسالته
(1)- [ وَالضُّحَى ] أقسم الله تعالى بالضحى، وهو النهار كله.
(2)- [ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ] سكن بأهله، واشتد ظلامه.
(3)- [ مَا وَدَّعَكَ] ما تركك يا محمد [ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ] وما أبغضك، وهو جواب القسم
ثانياً: الترغيب فيما عند الله
(4)- [ وَلَلآخِرَةُ ] وللدار الآخرة، [ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى ] من دار الدنيا.
(5)- [ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ] يا محمد [ رَبُّكَ ] في الآخرة من أنواع نعمه من الثواب وفي مقام الشفاعة من أمتك الذين دخلوا النار بذنوبهم بعد إذنه سبحانه [ فَتَرْضَى ] حتى ترضى.
عن بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا، فسر بذلك، فأنزل الله: [ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ] فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس اهـ تفسير ابن كثير 8/426.
ثالثًا: الله يعدد نعمه على رسوله:
(6)-[ أَلَمْ يَجِدْكَ ] يا محمد ربك [ يَتِيمًا] طِفلاً مات أبوك و أنتَ جنين [ فَآوَى ] فآواك ورعاك، وضمّك إلى مَنْ يَكفلك.
(7)- [ وَوَجَدَكَ ضَالا ] غافِلاً عنْ أحكام الشّرائع لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان [ فَهَدَى ] فهَدَاك إلى منهاجه، وأعلمك شرائعه.
قال ابن عاشور: ليس المراد بالضلال هنا اتباع الباطل، فإن الأنبياء معصومون من الإِشراك قبل النبوءة باتفاق علمائنا، ولم يختلف أصحابنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه ما ينافي أصول الدين قبل رسالته، ولم يزل علماؤنا يجعلون ما تواتر من حال استقامته ونزاهته عن الرذائل قبل نبوءته دليلاً من جملة الأدلة على رسالته اهـ التحرير والتنوير 16/ 377.
(8)- [ وَوَجَدَكَ عَائِلا ] فقيرا لا مال لك [ فَأَغْنَى ] فأغناك بالرزق كمال خديجة والغنائم، وأغناك بالقناعة.
[ وَوَجَدَكَ عَائِلا ] فقيرا [ فَأَغْنَى ] فأغناك بالرزق والقناعة
رابعًأ: الوصية بالعطف على اليتيم:
(9)- [ فَأَمَّا الْيَتِيمَ ] يا محمد [ فَلا تَقْهَرْ ] فلا تظلمه ولا تسْتَذلّه.
(10)- [ وَأَمَّا السَّائِلَ ] عن حاجة [ فَلا تَنْهَرْ ] فلا تنهره وتزجره.
(11)- [ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ] جميع النعم كالنبوة والقرآن وغيرها [ فَحَدِّثْ ] فأخبِر بها شكرا لله.
 
94-سورة الشرح

الشرح: التوسيع، بيانا لمنة الله تعالى وكرمه على رسوله × بأن وسع صدره لقبول شرائع الدين
أولاً: اتساعه صدر النبي للعلم والحكمة
(1)-+ أَلَمْ نَشْرَحْ" ألم نفتح ونوسع ونلين + لَكَ " يا محمد، + صَدْرِكَ " لتحصيل العلم، وتنويره بالحكمة والإيمان والمعرفة
(2)- + وَوَضَعْنَا" وحططنا، وخففنا + عَنْكَ وِزْرَكَ " حملك الثقيل، وهي، الخطأ والسهو، وقيل:أعباءَ النبوّة و الرّسالة
(3)- + الَّذِي أَنْقَض" أثقل + ظَهْرَكَ " فأوهنه.
(4)- + وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي، وهو قول: لَا إله إلا الله، محمد رسول الله
ثانيًا: تسلية الله لنبيه r
(5)- + فَإِنَّ مَعَ" يتبع + الْعُسْرِ " مع شدّة جهاد هؤلاء المشركين + يُسْرًا " فرجًا بأن يؤمنوا أو يُظْفِرَكَ بهم.
(6)- + إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " تكرار للتأكيد، وفيها دليل على أن من حكمة الله ومن رحمة الله بعباده أنه إذا حصل لهم شيء من العسر فإن الشريعة تخفف وتيسر لهم.
ويكره للمسلم تمني الموت لضر نزل به من مرض أو ضيق دنيا أو غير ذلك.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله × : « لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي » رواه البخاري (5347),ومسلم (2680).
(7)- + فَإِذَا فَرَغْتَ" من حاجتك، أو من صلاتك + فَانْصَبْ " فجِدَّ وارغب إلى الله بالعبادة
(8)- + وَإِلَى رَبِّكَ " يا محمد + فَارْغَبْ " اقصد ربك في كل شؤونك ، بدعائك وسؤالك له وحده، واجعل هواك تبعا لشريعته قولا وعملا وعقيدة، والرغبة عبادة لا تصرف إلا لله وحده ومن صرفها لغير الله فقد أشرك.
وقال × قال لابن عباس: (( .. إذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ ... )) رواه أحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 7957

 
95-سورة التين

التين: الثمرة المعروفة، أقسم الله بها وسمى السورة بها لفضيلتها على سائر الثمار
عن البراء بن عازب يحدث عن النبي × : أنه كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتبن بـ : ( التين والزيتون ) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين ، وانظر صحيح ابن حبان / 1838
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم
(1)- + وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ " أقسم الله بالتين والزيتون المعروفين لفضيلتهما على سائر الثمار.
(2)- + وَطُورِ سِينِينَ " وأقسم بجبل طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى.
(3)- + وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ " وأقسم بمكة الآمنة من أعدائها أحب البقاع إلى الله، وأشرفها عند الله
عن عبد الله بن عدي بن الحصراء أنه سمع رسول الله × وهو واقف على راحلته بالحَزْوَرَة مِنْ مَكَّةَ يَقُول: (( وَالله إِنَّك لَخَيْرُ أَرضِ اللهِ وَأحَبُّ أرْضِ اللهِ إِلًى اللهِ، وَلَوْلاَ أنِّي أخْرِجْتُ مِنْكَِ مَاَ خَرَجْتُ )) رواه الترمذي: وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 7089
(4)- + لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " في أحسن صورة وأعدلها، وهذا هو جواب القسم.
(5)- + ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ " إلى العذاب بعد الموت إن لم يطع الله، وقيل الهرم .
قال شيخ الإسلام والأول هو الذي دلت عليه الآية قطعًا، فإنه ليس كل من سوى المؤمنين يهرم فيرد إلى أسفل سافلين، بل كثير من الكفار يموت قبل الهرم، وكثير من المؤمنين يهرم اهـ 4/294.
(6)- + إلَّا" لكن + الَّذِينَ آمَنُوا" بالله قولاً واعتقادًا وعملاً بشرعه + وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ " غير منقوص بعد هرمهم.
(7)- + فَمَا يُكَذِّبُكَ " أي شيء يحملك أيها الإنسان +بَعْدُ " بعد هذه الحجج + بِالدِّينِ" بالبعث والجزاء.
قال شيخ الإسلام والصواب: فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين له أنا خلقنا الإنسان على ما وصفنا اهـ الفتاوى 4/301.
(8)- + أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ " قدراً وشرعاً، وحكمًا ؟
ولا يشرع قول (بلى) عند السور التي تنتهي ببعض الأسئلة مثل : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } إلا عند تلاوة آخر آية من سورة القيامة وهي قوله تعالى : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } الآية 40، فإنه يستحب أن يقال عند قراءتها : « سبحانك فبلى »؛ لصحة الحديث بذلك عن النبي × اهـ فتاوى بن باز/166
 
96-سورة العلق
العلق: الدم، وفيها حث على التأمل في أصل خلقة الإنسان، تذكيرا بنعمة الله
سبب النزول: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ فَبِالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ! فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ × وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ قَالَ: فَمَا فَجأَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ يتَّقي بِيَدِهِ ويَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيهِ فأتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ يا أبا الحكم؟ قال: إن بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وهَوْلاً وَأَجْنِحَةً! قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: +أرأيتَ الَّذِيَ يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى.... " [العلق: 9 10] إِلَى آخِرِهِ +فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ" [العلق: 17] قَالَ قَوْمُهُ: +سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ" [العلق: 18] قَالَ الْمَلَائِكَةُ: +لَا تُطِعْهُ" [العلق: 19] ثُمَّ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ مِنَ السُّجُودِ فِي آخِرِ السُّورَةِ قَالَ: فَبَلَغَنِي عَنِ الْمُعْتَمِرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ×:. (لَوْ دَنا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الملائكة عُضْواً عُضْوَاً) رواه مسلم / 130
قال شيخ الإسلام:. فَإِنَّ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ + اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ اهـ مجموع الفتاوى 16/251.
أولا: امتنان الله تعالى على نبيه محمد r
(1)- + اقْرَأْ " يا محمد مستعينا + بِاسْمِ رَبِّكَ " بذكر ربك، والصحيح أن الاستعانة ليست للاسم، وإنما بلفظ الرب باعتبار المقصود منه، وهو ذات الرب العلي الأعلى أصالة، والمعنى: أَنَّ مَا تَقْرَؤُهُ هُوَ مِنْ رَبِّكَ، وَتُبَلِّغُهُ لِلنَّاسِ بِاسْمِ رَبِّكَ + الَّذِي خَلَقَ ". وصْفُ الرَّبِّ بِـ الَّذِي خَلَقَ مَعَ إِطْلَاقِ الْوَصْفِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ صِفَةَ الْخَلْقِ هِيَ أَقْرَبُ الصِّفَاتِ إِلَى مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ ، وَلِأَنَّهَا أَجْمَعُ الصِّفَاتِ لِلتَّعْرِيفِ بِاللَّهِ اهـ عطية سالم أضواء البيان
9/14

(2)- بين الذي خلق فقال: + خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ " من الدم.
(3)- + اقْرَأْ " يا محمد + وَرَبُّكَ الأكْرَمُ " الحليم عن جهل العباد فلا يعجل عليهم بالعقوبة.
(4)- + الَّذِي عَلَّمَ "الإنسان الكتابة +بِالْقَلَمِ ".
(5)- ثم بين ما علم فقال: + عَلَّمَ الإنْسَانَ " الخطّ بالقلم + مَا لَمْ يَعْلَمْ " كالخط والكتابة وغيرها.
ثانيًا: تجاوز الكافر حده
(6)- + كَلا " ألا، + إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى " يتجاوز حدّه، ويستكبر على ربه.
(7)- + أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى " لأن رأى نفسه استغنت.
(8)- + إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى " المرجع في الآخرة فيجازي الطاغي بما يستحقهمن أليم عقابه.
(9-10)- + أَرَأَيْتَ " يا محمد + الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى " يعني: أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصلي عند المقام.
(11)- + أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ " محمد + عَلَى الْهُدَى " على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه.
(12)- + أَوْ أَمَرَ" محمدٌ +بِالتَّقْوَى "باتقاء الله، وخوف عقابه.
(13)- + أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ " أبو جهل بالحق الذي بُعِثَ به محمدٌ + وَتَوَلَّى " وأدبر عنه، فلم يصدِّق به​
ثانيًا: تهديد الكافر ووعيده
(14)- + أَلَمْ يَعْلَمْ " أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له + بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى "، يراه ويعلم ما يفعله، فيخاف سطوته وعقابه.
وفي هذه الآية: إثبات صفة الرؤية لله عز وجل، ولها معنيان: العلم، والرؤية البصرية.
(15)- + كَلا "، ردع وزجر، أي: ليس كما قال: إنه يطأ عنق محمد؛ لَا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه + لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ " أبو جهل عن محمد + لَنَسْفَعَنْ" لنأخذنّ + بِالنَّاصِيَةِ " بمقدم رأسه إلى النار.
(16)- + نَاصِيَةٍ"ناصية صاحبها + كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ".
(17)- + فَلْيَدْعُ " أبو جهل + نَادِيَهُ " أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، + لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ" أبو جهل عن دعوة ناديه.
(18)- + سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ " الملائكة الغلاظ الشداد،
عن ابن عباس قال: كان النبي × يصلي عند المقام فمر به أبو جهل بن هشام فقال: يا محمد ! ألم أنهك عن هذا ؟ ! وتوعده فأغلظ له رسول الله × وانتهره فقال: يا محمد ! بأي شيء تهددني ؟ ! أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا فأنزل الله: + فليدع ناديه. سندع الزبانية " قال ابن عباس: لو دعا ناديه ؛ أخذته زبانية العذاب من ساعته ] رواه الترمذي وحسنه، و انظر الصحيحة 1 / 496..
(19)- + كَلَّا لَا تُطِعْهُ " لَا تُطِع أبا جهل فيما أمرك به من ترك الصلاة + وَاسْجُدْ " لِرَبّكَ + وَاقْتَرَبَ " من الله بطاعته، فلن يقدر أبو جهل على ضرّك.
قال شيخ الإسلام: فأمره بالقراءة والسجود، وعلى ذلك بنيَتِ الصلوات، فاعظم أركانها القولية القراءة، وأعظم أركانها الفعلية السجود، وهما أفضل أعمال الصلاة. وقد تنازع [العلماء] أيُّما أفضل: طولُ القراءة أو كثرة الركوع والسجود أو هما سواء؟ على ثلاثة أقوال، أصحها التسوية اهـ جامع المسائل 6/293​

 
97-سورة القدر
القدر: القضاء، والشرف، والعظمة، تشريفًا لكانة ليلة القدر ، وتحفيزا للمسارعة فيها
ليلة القدر ليلة الشرف والعظمة
(1)- + إِنَّا أَنزلْنَاهُ "أي: القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا، وهي من أدلة إثبات صفة العلو الله عز وجل، فالنزول يكون من أعلى إلى أسفل + فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " وهي ليلة الحُكْم التي يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية
(2)- + وَمَا أَدْرَاكَ " وما أشعرك يا محمد + مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ " أيّ شيء ليلة القدر. على التعظيم لشأنها والتعجب منها.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنَّ النَّبِيَّ × قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى. رواه البخاري/ 2021
(3)- ثم أخبر عنها فقال: العمل في + لَيْلَةُ الْقَدْرِ" بما يرضي اللهَ + خَيْرٌ" منَ العمل في غيرها + مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ " ليس فيها ليلة القدر.
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -×- قَالَ « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ». متفق عليه. البخاري/ 1901 ومسلم/ 1817.
(4)- + تَنزلُ الْمَلائِكَةُ" نزول الملائكة من أدلة إثبات صفة العلو لله عز وجل + وَالرُّوحُ فِيهَا " وجبريل معهم في ليلة القدر + بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ" قضاه الله في تلك السنة، من رزق وأجل وغير ذلك.
(5)- + سَلامٌ هِيَ" من الشرّ كله + حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها.
 
98-سورة البينة
البينة: الحُجّة الواضحة، وهي محمد × تقريرا وبيانا لصدق بعثته ×
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ + رَسُولِ اللَّهِ × قَالَ لأبي: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْك الْقُرْآنَ. قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَك ؟ قَالَ: اللَّهُ سَمَّاك لِي قَالَ: فَجَعَلَ أبي يَبْكِي ". وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: + إنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْك. + لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ". قَالَ: سَمَّانِي لَك ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَكَى ". وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: + وَذُكِرْت عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. " رواه البخاري/ 4676، ومسلم/ 1901
قال شيخ الإسلام: وَتَخْصِيصُ هَذِهِ السُّورَةِ بِقِرَاءَتِهَا عَلَى أبي يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهَا وَامْتِيَازَهَا بِمَا اقْتَضَى ذَلِكَ اهـ

أولاً: حال أهل الكتاب قبل بعثة النبي rوبعدها:

(1)- + لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" اليهود والنصارى + وَالْمُشْرِكِينَ" كفار العرب + مُنْفَكِّينَ " مفترقين في أمر محمد، أو منتهين زائلين عن كفرهم + حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ "البينة: الحُجّة الواضحة وتعني بعثة النبي×.
(2)- ثم فسر البينه فقال هي + رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ " إرسال الله رسوله محمد إلى خلقه + يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً " من الباطل.
يعتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن الكريم كلام الله حقيقة ، حروفه ومعانيه ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو كلام الله تعالى ، حيث تلي وحيث كتب ، نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا ، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القاري.
(3)- + فِيهَا " في الصحف المطهرة + كُتُبٌ " أحكاممن الله + قَيِّمَةٌ " عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ، لأنها من عند الله.
(4)- ثم ذكر كفار أهل الكتاب + وَمَا تَفَرَّقَ" وما اختلف + الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " اليهود والنصارى في كون بعثة محمد × حقا + إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ " أي: اليهود والنصارى + الْبَيِّنَةُ " لأنهم كانوا مجتمعين على صحة نبوته، لما يجدون من نعته في كتابهم، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا فمنهم من كفر بغيا وحسدا ومنهم من آمن.

ثانيًا: التوحيد غاية إرسال الرسل:

(5)- + وَمَا أُمِرُوا" اليهود والنصارى + إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " مفردين له الطاعة + حُنَفَاءَ " مستقيمين لله على إخلاص التوحيد له،وهذه الآية عامة شاملة لجميع أنواع العبادة؛ فلا بد أن يكون الإنسان فيها مخلصاً لله عز وجل حنيفاً متبعاً لشريعته.+ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ " وليقيموا الصلاة، وليؤتوا الزكاة + وَذَلِكَ " الذي أمروا به، هو + دِينُ الْقَيِّمَةِ " الملة المستقيمة العادلة

ثالثًًا: جزاء الكافرين شر الخق

(6)- + إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا " بالله ورسوله محمد ×، فجحدوا نبوّته + مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " من اليهود والنصارى + والْمُشْرِكِينَ " جميعهم + فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا " ماكثين لابثين فيها أَبَدًا لَا يخرجون منها، ولا يموتون فيها + أُولَئِكَ " الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين + هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ "، شرّ الخلق

رابعًًا: جزاء المؤمنين خبر الخلق

(7)- + إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا" بالله قولاً واعتقادًا وعملاً بشرعه + وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ "، أطاعوا الله فيما أمر ونهى + أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " الخلق.
(8)- + جَزَاؤُهُمْ " ثوابهم + عِنْدَ رَبِّهِمْ " يوم القيامة + جَنَّاتِ عَدْنٍ " بساتين إقامَة + تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ " من تحت أشجارها الأنهار + خَالِدِينَ" ماكثين + فِيهَا أَبَدًا "، لَا يخرجون عنها، ولا يموتون فيها + رَضِيَ اللَّهُ عَنْهمْ " بما أطاعوه في الدنيا + وَرَضُوا عَنْهُ " بما أعطاهم من الثواب يومئذ والكرامة + ذَلِكَ " الذي وصفته، ووعدته يوم القيامة + لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ " لمن خاف الله واتقاه
 
99-سورة الزلزلة

الزلزلة:التحريك المتكرر عند النفخة الأولىلقيام الساعة، تذكيرا بهول ذلك اليوم


أولاً: شدة أهوال يوم القيامة:

(1)- + إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ " حُرّكت تحْريكا عَنيفا مُتكرّرا عند النفخة الأولى لقيام الساعة + زِلْزَالَهَا " فرُجَّت رجًّا.
(2)- + وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ" ما في بطنها + أَثْقَالَهَا " من الأموات فألقتها على ظهرها في النّفخة الثانية
(3)- + وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا " ما للأرض وما قصتها.
(4)- + يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ" الأرض + أَخْبَارَهَا " بالزلزلة والرجة، وإخراج الموتى. (5)- + بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا " أذن لها بذلك

ثانيًا: أقسامُ الناسِ يومُ القيامة

(6)- + يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ" يَخْرج + النَّاسُ " منْ قُبُورهمْ إلى المَحْشَر + أَشْتَاتًا " فِرَقا متفرقين، حَسَب أحْوالِهمْ، أهل اليمين وأهل الشمال + لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ " يرى المحسن جزاء عملَه، والمسيء جزاء عمله.
(7)- + فَمَنْ يَعْمَلْ " فمن عمل في الدنيا + مِثْقَالَ ذَرَّةٍ " وَزْنَ أصْغر نملةٍ أو هَباءَةٍ + خَيْرًا يَرَهُ " يرى ثوابه هنالك.
(8)- + وَمَنْ يَعْمَلْ " ومن كان عمل في الدنيا + مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا " وَزْنَ أصْغر نملةٍ أو هَباءَةٍ + يَرَهُ " يرى جزاءه هنالك​
 
100-سورة العاديات
العاديات: الخيل التي تعدو في الغَزْو، أقسم الله بها لعظم قدرها، ودورها في الجهاد
أولاً: الوعيد الشديد لمن جحد نعم الله عليه:
(1)- + وَالْعَادِيَاتِ" أقسم الله بالخيل التي تعدو في الغَزْو + ضَبْحًا " هُوَ صَوْتُ أنْفاسِها إذا عَدَتْ.
(2)- + فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا " أقسم الله بالخيل الموريات التي توري النيران بحوافرها.
(3)- + فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا " الخيل المباغِتات للعدوّ وَقْتَ الصّباح.
وكل ما في هذه الأوصاف للخيل وحالاتها عند الغارة في سبيل الله عز وجل، دليل على فضل الجهاد في سبيل الله، و ركوب الخيل
(4)- + فَأَثَرْنَ بِهِ" هيّجْنَ بحوافرها في الصّبْح + نَقْعًا " غبارًا.
(5)- + فَوَسَطْنَ بِهِ" فتَوَسّْطنَ بركبانهن + جَمْعًا " جموع الأعداء.
(6)- + إِنَّ الإنْسَانَ" بطبعة إلا من رحم الله + لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ " لكفور لنعم ربه. (جواب القسم: إلى قوله: لشديد).
(7)- + وَإِنَّهُ" الإنسان+ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ " لشاهد على نفسه بلسان حاله لظهور أثره عليه في الآخرة.
(8)- + وَإِنَّهُ" الإنسان + لِحُبِّ الْخَيْرِ" لأجل حب المال + لَشَدِيدٌ " لقويّ مُجدّ في تحصيله مُتهالكٌ عليه بخيل به.
ثانيًا: الله مطلع على السرائر وما تخفيه الصدور
(9)- + أَفَلا يَعْلَمُ " هذا الإنسان + إِذَا بُعْثِرَ" أُثير + مَا فِي الْقُبُورِ "، وأخرج ما فيها.
(10)- + وَحُصِّلَ" وميز + مَا فِي الصُّدُورِ " من خير وشر.
(11)- + إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ" بأعمالهم وما أسرّوا + يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ " لَا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيهم عليها
 
101-سورة القارعة
القارعة: يوم لقيامة تقْرَعُ قلوب الناس بأهوالِها تذكيرا بهول ذلك اليوم
أولاً: شدة أهوال يوم القيامة
(1)- + الْقَارِعَةُ ": القيامة التي تقْرَعُ قلوب الناس بأهوالِها.
(2)- + مَا الْقَارِعَةُ " ما أعظمها وأفظعها.
(3)- + وَمَا أَدْرَاكَ" وما أعلمك يا محمد + مَا الْقَارِعَةُ " أيّ شيء القارعة. (4)- + يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ " البعوض الطائر، + الْمَبْثُوثِ " المُتفرّق المُنتَشِر المضطرب الذي يتساقط في السراج والنار.
(5)- + وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ " الصّوف المصْبوغ بألوان مُختلفة +الْمَنْفُوشِ "المُفرّق بالأصابع وغيرها.
قال بن جبرين: تتفتت أولاً وتصير كالرمل كما في قوله تعالى:[ كَثِيباً مَهِيلاً ] [المزمل:14]، ثم بعد ذلك تكون كالهباء الذي يسير، تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ اهـ شرح الطحاوية2/214
ثانيًا: انقسام الناس إلى سعداء وأشقياء
(6)- + فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ " حسناته.
(7)- + فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ " رضيها في الجنة.
(8)- + وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ " حسناته.
(9)- + فَأُمُّهُ" فمأواه ومسكنه + هَاوِيَةٌ " التي يهوي فيها على رأسه في جهنم. (10)- + وَمَا أَدْرَاكَ " وما أعلمك يا محمد +مَا هِيَهْ " ما الهاوية.
(11)- ثم فسرها فقال: هي + نَارٌ حَامِيَةٌ " شديدة الحرارة، قد حميت من الوقود عليها
 
102-سورة التكاثر
التكاثر: النمو والزيادة، جاءات تحذيرا من الانشغال بالمال والولد طاعة الله
التحذير من الاشتغال بالدنيا عن طاعة الله
(1)- + أَلْهَاكُمُ " شَغَلَكم عنْ طاعَة ربّكم أيها الناس + التَّكَاثُرُ " المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم.
(2)- + حَتَّى زُرْتُمُ" صرتم إلى + الْمَقَابِرَ " فدفنتم فيها.
(3)- + كَلا " ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، + سَوْفَ تَعْلَمُونَ "، عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه من اشتغالكم بالتكاثر عن طاعة الله ربكم.
(4)- ثم أكد الوعيد بقوله: + ثُمَّ كَلا " ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا تأكيدأ للوعيد + سَوْفَ تَعْلَمُونَ " عاقبة اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر.
(5)- + كَلا " ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يلهيكم التكاثر + لَوْ تَعْلَمُونَ " أيها الناس مآلكم + عِلْمَ الْيَقِينِ " علما يقينا، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم من قبوركم؛ ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم.
(6)- + لَتَرَوُنَّ " والله لترون أيها الناس + الْجَحِيمَ " جهنم يوم القيامة.
(7)- + ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ "عيانا لَا تغيبون عنها.
(8)- + ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ " ثم ليسألنكم الله عزّ وجلّ + عَنِ النَّعِيمِ " الذي كنتم فيه في الدنيا: من صحة الأبدان والأسماع، والأبصار، وغيرها، ماذا عملتم فيها.
 
103-سورة العصر

العصر: الدهر، وقيل: ساعة من ساعات النهار، أقسم الله بها دلالة على عظمة الدهر
فلاح ونجاة الذين آمنوا وتواصوا بطاعة الرحمن والصبرعلى معصيته
(1)- + وَالْعَصْرِ " أقسم الله تعالى بالدهر، وقيل: ساعة من ساعات النهار.
(2)- + إِنَّ الإنْسَانَ " جنس ابن آدم + لَفِي خُسْرٍ " لفي هلَكة ونقصان.
(3)- + إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا " بالله تصديقا، وإقرارا، وعملا بشرعة + وَعَمِلُوا " الأعمال +الصَّالِحَاتِ " من أوامر الله ونواهيه + وَتَوَاصَوْا" وأوصى بعضهم بعضا + بِالْحَقِّ " بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه + وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " على الطاعات والبلاء.
يبين جل وعلا في هذه السورة العظيمة أن الإنسان في خسران , الرجال والنساء والجن والإنس كلهم في خسارة ، إلا هؤلاء الرابحون السعداء , الذين آمنوا بالله ورسوله , آمنوا بأن الله ربهم ومعبودهم الحق , وأنه فوق السماوات وفوق العرش وفوق جميع الخلق سبحانه وتعالى , آمنوا بعلو الله وأنه سبحانه فوق العرش بائن من خلقه اهـ فتاوى ابن باز 9/51
 
104-سورة الهمزة

الهمزة: كل مغتاب عياب، جاءت تخويفًا ووعيدا بمن يغتاب الناس ويعيب فيهم
التهديد والوعيد لمن يغتاب الناس ويعيب فيهم
(1)- + وَيْلٌ " هلاك، أو عذاب أو واد في جهنم + لِكُلِّ هُمَزَةٍ " لكل مغتاب للناس، + لُمَزَةٍ " عياب الناس، طعان فيهم.
(2)- + الَّذِي جَمَعَ" أحصى + مَالا وَعَدَّدَهُ " جمعه فأوعاه للنوائب، ولم يؤد حق الله فيه.
(3)- + يَحْسَبُ" يظن بفرط جهله + أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ " مخلده في الدنيا، فمزيل عنه الموت.
(4)- + كَلا " ليس الأمر كذلك، فلن يخلده ماله + لَيُنْبَذَنَّ " ليُقذفنّ يوم القيامة + فِي الْحُطَمَةِ " والحطمة: اسم من أسماء النار، سميت بذلك لحطمها كلّ ما ألقي فيها.
(5)- + وَمَا أَدْرَاكَ " وما أعلمك يا محمد+ مَا الْحُطَمَةُ " جهنم.
(6)- هي + نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ".
(7)- + الَّتِي تَطَّلِعُ" بوهجها + عَلَى الأفْئِدَةِ " القلوب.
(8)- + إِنَّهَا " أي: الحطمة + عَلَيْهِمْ " على هؤلاء الهمازين اللمازين + مُؤْصَدَةٌ " مطبقة مُغْلقَة.
(9)- + فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ " بأعمِدةٍ ممدودةٍ على أبْوابها
 
105-سورة الفيل

الفيل: المخلوق الضخم المعروف، تذكيرا بما حل لأصحاب الفيل من العذاب
وتخويفا لكل من تسول له نفسه النيل من بيت الله الحرام
مكانة البيت الحرام والتهديد والوعيد لمن يحاول النيل منه
(1)- + أَلَمْ تَرَ " بعين قلبك، يا محمد + كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ " الذين قَدِموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحبشة ورئيسهم أبرهة الحبشيّ الأشرم.
(2)- + أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ " سعيَهم في تخريب الكعبة + فِي تَضْلِيلٍ " تَضييع و إبْطال عما أرادوا.
(3)- + وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ " ربك + طَيْرًا أَبَابِيلَ " جماعاتٍ مُتفرّقة مُتتابعة.
(4)- + تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ " من طين مُتحجّر مُحْرَق.
(5)- + فَجَعَلَهُمْ " فجعل اللهُ أصحابَ الفيل + كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ " كَتِبْنِ أو زرع أكلته الدواب فراثَتْه، فيبس
 
106-سورة قريش

قريش: القليلة العربية المشهورة، تذكيرا لها بنعمة الله عليها، ليوحدوه ويشكروه
نعم الله على قريش، ومكانة البيت الحرام
(1)- + لإيلافِ قُرَيْشٍ " اعجب يا محمد لِنعَمِ الله على قريش، في.
(2)- + إِيلافِهِمْ" أن آلفهم فلا يشق عليهم، + رِحْلَةَ الشِّتَاءِ" إلى اليمن + وَالصَّيْفِ " إلى الشام، ومع هذه النعم يتركون عِبادة ربّ البَيْت.
(3)- + فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ " الكعبة، والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأخلاقهم وبهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، فله المحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله،ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.
(4)- + الَّذِي أَطْعَمَهُمْ " قريشا +مِنْ جُوعٍ ".
(5)- + وَآمَنَهُمْ" قريشا + مِنْ خَوْفٍ " من كل عدو في حرمهم، أو من الغارات والحروب والقتال وغيرها مما يعرفه العرب.
 
107-سورة الماعون
الماعون: منافع مما يتغاوزه الناس بينهم، جاءت تهديدا ووعيدا لمن يمنعونها بخلا.
التهديد والوعيد لمن يقهر اليتيم، ولا يحث على إطعام المسكين
(1)- + أرأيت " يا محمد + الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ " بيوم البعث والجزاء.
(2)- + فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ" يدفع + الْيَتِيمَ " عن حقه دفعا عنيفا، أو يظلمه، ويقهره.
(3)- + وَلا يَحُضُّ " ولا يحثّ غيره + عَلَى طَعَامِ" إطعام + الْمِسْكِينِ " المحتاج من الطعام
(4)- + فَوَيْلٌ " هلاك وواد في جهنم + لِلْمُصَلِّينَ " نِفاقًا أو رياءً.
(5)- + الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ " يتغافلون عنها، ويتشاغلون، فيؤخرونها عن وقتها غَيْرُ مُبالين بها.
(6)- + الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ " بأعمالهم، فلَا يصلون لله، رغبة في ثواب، ولا رهبة من عقاب، إنما يردون مدح الناس لهم وثناءهم عليهم.
(7)- + وَيَمْنَعُونَ" الناس+ الْمَاعُونَ " منافع ما عندهم مما يَتعاوَرُه النّاس كالفأس، والقدر وغيرها بُخْلاً.
قال الشيخ صالح الفوزان : فالذي يمنع العاريّة عن المحتاج، وهو لا ضرر عليه في بذلها عليه هذا الوعيد العظيم اهـ من فتاوى الفوزان.
 
108-سورة الكوثر
الكوثر: اسم لنهر أعطاه الله رسوله في الجنة، بشارة له ×، ودلالة علو قدره وفضله.
سبب النزول: عَنْ أَنَسٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -×- ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أُنْزِلَتْ عَلَىَّ آنِفًا سُورَةٌ ». فَقَرَأَ « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) ». ثُمَّ قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ ». فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِى. فَيَقُولُ مَا تَدْرِى مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ » رواه مسلم / 921
إكرام الله تعالى لنبيه × بنهر الكوثر ودفاعه عنه
(1)- + إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ " يا محمد + الْكَوْثَرَ " اسم لنهر أعطاه الله رسوله في الجنة، وصفه الله بالكثرة، لعِظَم قدره.
(2)- + فَصَلِّ" يا محمد + لِرَبِّكَ " مخلصا له العبادة + وَانْحَرْ " واذبح لله مخلصا له الدين، وشكرا له على ما أعطاك من الكرامة.
(3)- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ فَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايةِ والسَّدَانَةَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنَيْبير المُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ×: +إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" [الكوثر: 3] أخرجه ابن جرير 30 / 330 بإسناد صحيح
+ إِنَّ شَانِئَكَ " إن مبغضك يا محمد وعدوك وهو أحد مُشركي قريش، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب + هُوَ الأبْتَرُ " المنقطع أثره، الذي لَا عقب له
 
109-سورة الكافرون
سورة. (الكافرون) ترسخ عقيدة البراء من الشرك وأهله، والأمر بالثبات على دين الله تعالى
الأمر بالبراءة من الشرك وأهله
(1)- + قُلْ " يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادةَ آلهتهم سنةً، على أن يعبدوا إلهَكَ سنةً + يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ " بالله.
(2)- " لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ " من الآلهة والأوثان الآن.
(3)- " وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ " الآن.
(4)- " وَلا أَنَا عَابِدٌ " فيما أستقبل " مَا عَبَدْتُمْ " فيما مضى
(5)- " وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ " فيما تستقبلون أبدا " مَا أَعْبُدُ " الآن ومستقبلا، نزلت في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم الله أنهم لَا يؤمنون أبدا.
(6)- " لَكُمْ دِينُكُمْ " شِرْككم و كفركم فلا تتركونه أبدا، لأنه قد ختم عليكم، وقضي أن لَا تنفكوا عنه، وأنكم تموتون عليه " وَلِيَ دِينِ " إخلاصي و توحيدي لَا أتركه أبدا
 
110-سورة النصر

النصر: العون، والفتح، وفيها بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بالنصر، ودخول مكة
عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال: قال لي ابن عباس تعلم ( وقال هارون تدري ) آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعا ؟ قلت نعم إذا جاء نصر الله والفتح قال صدقت. رواه مسلم/ 3024
البشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بالنصر، ودخول الناس في دين الله أفواجا
(1)- " إِذَا جَاءَ" جاءك يا محمد " نَصْرُ اللَّهِ " عون الله لك على قومك من قريش، " وَالْفَتْحُ " فتح مكة السنة الثامنة من الهجرة.
(2)- " وَرَأَيْتَ النَّاسَ " من صنوف العرب وقبائلها + يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ " الذي ابتعثك به، وطاعتك التي دعاهم إليها " أَفْوَاجًا " جماعات، فوجًا فوجًا.
(3)- " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ " عظمه واشكره على ما أنجز لك من وعده، فإنك حينئذ لاحِقٌ به هي إشارة إلى قرب دنو أجله صلى الله عليه وسلم
" وَاسْتَغْفِرْهُ " وسله أن يغفر ذنوبك " إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " كثير القبول لتوبة عبده المطيعِ إذا رجع إليه، الذي لم يزل يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 1903.
وفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ:كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ « سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى » البخارى(817 ) ومسلم (1113 )
 
111-سورة المسد

المسد: ليف، أو نار، أفادت تخويفا وتهديدا لكل من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم
سبب النزول: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: +وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" [الشعراء: 214] ورَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ـ قَالَ: وهُنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ـ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الصَّفَا فَصَعِدَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَادَى:. (يَا صَبَاحَاهُ) فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَبَيْنَ رَجُلٍ يَجِيءُ وَبَيْنَ رَجُلٍ يَبْعَثُ رسولَهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:. (يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! يَا بَنِي فِهْرٍ! يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! يَا بَنِي.... يَا بَنِي.... أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ تُريد أَنْ تُغير عَلَيْكُمْ أَصَدَّقْتُموني)؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ:. (فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ! أَمَا دَعَوْتُمُونَا إِلَّا لِهَذَا؟! ثُمَّ قَامَ فَنَزَلَتْ:. (+تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ" [المسد: 1] وقدْ تبَّ وَقَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا » متفق عليه.
التهديد والوعيد لكل من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم
(1)- + تَبَّتْ " خَسِرَتْ أوهَلكَتْ أوخابَتْ، + يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ " و قَدْ هَلَكَ وخَسِرَ في علم الله.
(2)- " مَا أَغْنَى" لم يدفع عنه " عَنْهُ مَالُهُ " سخط الله عليه " وَمَا كَسَبَ " وهُم ولده.
(3)- " سَيَصْلَى " سيدخل ويقاسي أبو لهب " نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ".
(4)- " وَامْرَأَتُهُ " وستصلى امرأته التي كانت " حَمَّالَةَ الْحَطَبِ " تحمل الشوك فتطرحه في طريقه×
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: +تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ" [المسد: 1] جَاءَتِ امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيئَةٌ وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَكَ فَلَوْ قُمْتَ قَالَ:. (إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي) فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرِ إِنَّ صاحِبَكَ هَجَانِي قَالَ: لَا وَمَا يَقُولُ الشِّعر قَالَتْ: أَنْتَ عِنْدِي مُصَدَّقٌ وَانْصَرَفَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ تَرَك؟! قَالَ:. (لَا , لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي عَنْهَا بِجَنَاحِهِ) أخرجه أبو يعلى / 33. وحسنه الألباني في التعليقات الحسان/ 6477
(5)- " فِي جِيدِهَا " في عنقها " حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ " من ليف ممّا يُفْتَلُ قَويّا، وقيل عود من نار، وقيل عود البكرة من الحديد.
وفيها دليل على الوعيد لكل من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم كما حل بأبي لهب وامرأته.
 
112-سورة الإخلاص
الإخلاص: إفراد الله بالعبادة، والوحدانية، ونفي الشريك والنظير عنه سبحانه
فضلها: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  أَنَّ رَجُلا سَمِعَ رَجُلا يَقْرَأُ:قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا؛ فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ] البخاري/ 5014.
الأمر بإفراد الله بالعبادة وتنزيه الله عن كل ما لا يليق به
(1)- [ قُلْ ] يا محمد للسائلين عن نسب ربك وصفته، [ هُوَ اللَّهُ] عَلَمٌ على الربِّ- تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه, وهو أخص أسماء الله تعالى, ويقال، إنه الاسم الأعظم، لأنه يوصف بجميع الصفات، ولا يسمى به غيره سبحانه.[ أَحَدٌ ] المتفرد بالعبادة وحده.
(2)- [ اللَّهُ ] المعبود الذي لَا تصلح العبادة إلا له [ الصَّمَدُ ] السيد الذي يُصمد إليه، والسيد الذي كمل في سؤدده، المقصود في الحَوائج الذي تقصده الخلائق كلها في جميع حاجاتها ونوائبها، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها، ووصف بغايتها، وكمالها.
(3)- [ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ] لأنه الأول والأخر.
(4)- [ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ] ولم يكن له شبيه ولا مِثْل و لا مُكافِئ ولا مُمَاثِل في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأن أسماءه كلَّها حسنى, وصفاتِه كلها عليا، صفات كمال وعظمة, له المثل الأعلى في السموات والأرض.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا:قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ،وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ،وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. البخاري/5018، مسلم/2192. النَّفث بالفم شبيه بالنفخ، والتفل معه شيء من الريق.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ  رضي الله عنه قَالَ خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لَنَا قَالَ فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: » قُلْ « فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ» فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: «قُلْ» فَقُلْتُ مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، والْمعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ- ثَلاثَ مَرَّاتٍ- تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » رواه أبو داود. وانظر صحيح الترمذي/3575.
 
113-سورة الفلق
الفلق، آية من أيات الله تعالى، الدالة على كمال قدرته سبحانه في خلقه
فضلها: عن عقبة بنِ عامرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ] أَلـمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟!  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  مسلم / 814
عن عُقْبَ بْنِ عَامِرٍ  قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذاَتِ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ. صحيح أبي داود/ 1523
وعنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ × كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. رواه البخاري / 5016، ومسلم / 5844
الالتجاء إلى الله والاعتصام به من ما خلق
(1)- [ قُلْ ] يا محمد [ أَعُوذُ ] أستجير [ بِرَبِّ الْفَلَقِ ] برب الصبح، والرب هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأخلاقهم وبهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، فله المحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله،ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.
(2)- [ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ] جميع الشرور من الخلق أجمعين.
(3)- [ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ] الليل [ إِذَا وَقَبَ ] أقبل ودخل بظلامه.
عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ × نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا فَإِنَّ هَذَا هو الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ » رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي/ 3366
(4)- [ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ]النِّساء السواحر الّلاتي ينفُثن [ فِي الْعُقَدِ ] عُقَدِ الخيط، حين يسحرن، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فتكون الاستعاذة من كل ساحر
(5)- [ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ]الذي يتمنى زوال النعمة من الغير[ إِذَا حَسَدَ ]
قوله تعالى: [ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ] [سورة الفلق :5 ].
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَقَاطَعُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ».رواه مسلم/ 6695
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ × لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌٍ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا » رواه البخاري/ 73
 
115-سورة الناس
الناس: الخلق من الإنس، لبيان حاجتهم إلى الاعتصام بالله من شر الشيطان ووسوسته
فضلها: عن عقبة بنِ عامرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : ] أَلـمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟!  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  مسلم / 814
الالتجاء إلى الله والاعتصام به من شر شياطين الجن والإنس
(1)- [ قُلْ ] يا محمد [ أَعُوذُ ] أستجير [ بِرَبِّ النَّاسِ ]مُرَبِّيهِمْ ومُدبّر أحوالهم، ولا يشارك الله أحد في معنى من معاني الربوبية.
(2-)[ مَلِكِ النَّاسِ ] الملك الذي له التصرف المطلق، في الخلق والأمر والجزاء، الموصوف بصفة الملك وهي صفة العظمة والكبرياء، والقهر، والتدبير. الذي يصرف أمور عباده كما يحب، ويقلبهم كما يشاء.
(3)- [ إِلَهِ النَّاسِ ] معبودهم الحق الذي هو الذي تألهه القلوب محبةً وتعظيماً وإجلالا وخشية، الجامع لصفات الكمال، المستحق للعبادة كلها ظاهرها وباطنها، فلا يستعان إلا به جل شأنه، ولا يستغاث إلا به عز وجل، ولا يتوكل إلا عليه سبحانه ، ولا يرجى غيره جل شأنه، ولا يذبح إلا له سبحانه ، ولا ينذر إلا له سبحانه ، ولا يحلف إلا به جل شأنه، فمن صرف شيئا من العبادات لغير الله فقد أشرك، وناقض معنى لا إله إلا الله.
(4)- [ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ ] الشيطان المُوَسْوس جِنِّيّا أو إنْسِيّا [ الْخَنَّاسِ ] الذي يختفي ويتوارى عند ذكر العبد ربَّه.
(5)- [ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ] قلوب [ النَّاسِ] بينهم بقوله [ مِنَ الجِنَّة والنَّاسِ ] جِنِّهِم وإنسِهِم يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، وفيما يلي بعض أساليب التحصن من الشيطان ومكائده.

بفضل من الله سبحانه وتعالى، انتهى ( تفسير فيض الرحمن في جزء عم ) جمع مادته أفقر العباد إلى ربه الغني الوهاب / جمال ابن إبراهيم القرش، فإن كنت أحسنت فمن الله وحده المتفصل المنعم، وإن أسألت فمن نفسي المقصرة والشيطان .
أسأل الله أن يعفو عنا وعن ذالتنا ، وأن يرفع شأننا بالقرآن العظيم ، وأن يجعله لنا شفيعا يوم الدين، وأن يجعله حجة لنا لا علينا ، وأن يجعلنا وإخواننا المؤمنين من المتدبر العاملين بما فيه، هو نعم المولى ونعم المصير .
ولا تنسونا من صالح دعائكم
 
من معالم العقيدة في سورة النبأ
1. [ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ] :
فيها دليل على أن النار موجودة في الدنيا، بالتعبير بالماضي في لفظ (كانت).
2. [ لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ]:
فيها دليل على تخليد الكفار في النار وعدم خروجهم منها وعدم فنائها.
3. [ فَلَنْ نزيدَكُمْ إلَّا عَذَابًا ]:
فيها دليل على أن النار باقية أبد الآباد للكفار.
4. [ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ]:
فيها دليل على أنه لَا يقدر أحد أن يسأله سبحانه إلا من أذن له جل في علاه.
5. [ لَا يَتَكَلَّمُونَ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ": فيها دليل على أنه لا شفاعة إلا لمن أذن له الرحمن ورضي له قولا من المشفوع له.
6. [ فَمَنْ شَاءَ ]:
فيها دليل أن للعبد مشيئة وقدرةً يفعل بهما ويترك ، لكنَّ مشيئته وقدرته واقعتان بمشيئة الله سبحانه.
 
عودة
أعلى