تفسير سورة "الأعلى" للشيخ سلمان النهرواني

نزار حمادي

New member
إنضم
25/06/2008
المشاركات
270
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
تونس
[FONT=&quot]الحمد لله رب العالمين[/FONT]
[FONT=&quot]هذا تفسير سورة " الأعلى " للشيخ الإمام النحوي اللغوي صاحب التصانيف سلمان بن أبي طالب عبدالله بن محمد أبو عبد الله النهرواني‏.‏ من كبار أئمة العربية،[/FONT] [FONT=&quot]صنف كتاب القانون في اللغة عشر مجلدات، قليل المثل، وكتاباً في التفسير (ومن تحقيق جزء منه أنقل)، وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وصنف في علل القراءات. (راجع تاريخ الذهبي، ج10/ص739 تحقيق د, بشار عواد)[/FONT]​

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الْأَعلى​



مكية، وهي تسع عشرة آية.​



بسم الله الرحمن الرحيم​


﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)﴾
التسبيح لله: تنزيهه عما لا يجوز في صفته إلى صفات التعظيم له، كوصفه بأنه لا إله إلا هو، فينفي ما لا يجوز في صفته من شريك في عبادته، مع الإقرار بأنه الإله وحده.
وسبح اسم ربك، وباسم ربك، بمعنى. وجاء في التفسير: صل لربك، وصل باسم ربك، والأصل ما ذكرناه.
وقيل: معناه قل: سبحان ربي الأعلى، معناه: القادر الذي لا قادر أقدر منه، القاهر لكل أحد([1]).
وقيل: نزه اسم ربك أن تسمى به سواه، فلا تسمي الله غيره.
والأعلى من صفات الله، وهو متابعة الوصف له بالعلوّ وعلوّ عظمته، وهو علو الصفة والتعالي عن صفات النقص([2]).
﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)﴾
أي: خلق كل حيّ روح، فسوى خلقته، وخص كل واحد بتأليف ونظمٍ على ما أراده.
وقيل: خلقه مستويا متقنا محكما، غير مثبَّج ليدل على علم فاعله وإرادته.
﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)﴾
التقدير: تنزيل الشيء على مقدار غيره، يعني: والذي من صفته أنه قدَّر الخلق أزواجا، ذكرا وأنثى، ثم هداهم لوجه التناسل والتولّد، وعلّمهم كيف يأتيها وكيف تأتيه.
وقيل: قدّر الولد في البطن تسعة أشهر أو أقل وأكثر، وهدى للخروج للتمام منه.
وقيل: هداه إلى اجتناب المضارّ وابتغاء المنافع.
وقيل: هدى من الضلالة، فاكتفي من ذكر الضلالة بذكر الهدى لكثرة ما ذكر الهدى والضلال معا([3]).
وقيل: هداه إما شاكرا وإما كفورا.
وقيل: جعل الهداية في قلب الطفل حتى طلب ثدي أمه وميّزه عن غيره.
وقيل: والذي قدّر فهدى، أي: قدّر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات، واجرى لهم أسباب معايشهم من الأرزاق والأقوات، ثم هداهم إلى دينه ومعرفة توحيده بإظهار الدلالات والبينات.
﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)﴾
يعني: والذي أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء، ويكون أحوى في موضع نصب على الحال، يريد: والذي أنبت الزرع والنبات من الأرض أخضر يضرب إلى الحوّة، والحوّة: السواد، أي: من شدّة خضرته، ثم جعله غثاء، أي: جففه حتى يصير هشيما جافا كالغثاء الذي نراه فوق الماء.
وقيل: إنه مثل ضربه الله تعالى لذهاب الدنيا بعد نضارتها.
﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)﴾
أي: سنجمع حفظ القرآن في قلبك وقراءته في لسانك حتى لا تنسى.
قيل: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله يتلقَّف القرآن عن جبريل بسرعة، فكان إذا قرأ آية كاد يسبقه بالتلقف مخافة أن ينسى، فأنزل الله تعالى: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ).
وقال تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى) قيل: إنه عليه السلام لم ينس بعد هذا شيئا ألبتة من القرآن إلى أن مات، فقيل في هذا: إنه معجزة للنبي صلى الله عليه وعلى آله، حيث يلقي إليه الملك ما لم يقرأه في الكتب ولا يسمعه بأبلغ لفظ وأتم معنى وأحسن نظم وبلاغة، ثم لا يذهب عليه شيء من ذلك ولا ينسى، مع كونه أميا.
﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾
أي: مما لا يقع به التكليف في التبليغ ولا يجب عليه، فينسيه الله سبحانه إذا شاء نسيانه إذا لم يجب عليه إبلاغه ولم يكلَّف القيام بأدائه، فلم يمتنع نسيانه في وصفه.
وقيل: إلا ما شاء الله أن ينساه برفعٍ لحكمه([4]) وتلاوته([5]).
وقيل: إلا ما شاء الله أن يؤخّر إنزاله.
قال الفراء: هذا معناه (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ولا يشاء إخراجهم. وأنت تقول في الكلام: لأعطينك كل ما سألتَ إلا ما شئتُ، وإلا أن أشاء أن أمنعكَ، والنيةُ أن لا تمنعه، كذلك هاهنا قال: إلا ما شاء الله، أي: إلا ما شاء الله أن ينسيك ذلك، ولم يشأ أن تنساهُ، فلم تنسَ([6]).
﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)﴾
أي: السر والعلانية.
﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8)﴾
أي: نهوّن عليك أعمال الجنة، ونسهل لك العمل الذي يوصلك إلى الجنة.
واليسرى، الفُعلى، من اليسر: وهو سهولة عمل الخير.
والمعنى: نوفقك للشريعة اليسرى، وهي الحنيفية، ونهوّن عليك الوحي، ونسهّله حتى تحفظه ولا تنساه، وتعمل به ولا تخالفه.
وقيل: معناه: نسهّل لك من الألطاف والتأييد ما نثبتك على أمرك ونسهل لك المستصعب من تبليغ الرسالة والصبر عليه. وهذا أحسن ما قيل فيه؛ فإنه يتصل بقوله: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى)، فكأنه سبحانه أمره بالتبليغ ووعده النصر وأمره بالصبر.
﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9)﴾
والذكرى تنفع لا محالة، ومعناه فيما عندك كما تقول: سله أن يقع السؤال، أي: فيما يجوز عندك.
وقيل: عظ الخلق إن نفعت لهم الذكرى. ومعنى هذا أنه قد علم صلى الله عليه وعلى آله ان الذكرى تنفع، إما في ترك الكفر، أو ترك المعصية، أو في الاستكثار من الطاعة، فالذكرى تنفع في الجملة، والنبي _ عليه وآله السلام _ علم ذلك، فقال تعالى ذكرهم إذ قد علمت أن الذكرى تنفع، وهذا كما تقول للجائع: كل إن علمت أن الأكل ينفع، فيكون قوله هذا حثّا له على الأكل وتنبيها على أنه هو الذي ينفع.
وقيل: معناه عظهم إن نفعت الموعظة أو لم تنفع؛ لأنه صلوات الله عليه بعث للإنذار والإعذار، فعليه التذكير في كل حال، نفع أو لم ينفع.
ولم يذكر الحاللة الثانية اكتفاءً بالحالة الأولى.
﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)﴾
أي: سيتعظ بالتذكير من يخشى الله ويخشى عقوبته.
وقيل: قوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) «إن» شرط، وجوابه قوله: (سَيَذَّكَّرُ) إلا أنه ارتفع لأجل السين التي فيه، وهي تنوب مناب الفاء، معناه: إن تنفع الذكرى فذكر من يخشى.
وقيل: سيذكر من يخشى، أي: سيتعظ بالقرآن من يخشى الله تعالى ويخاف عقابه.
﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ أي: ويتجنب الذكرى ﴿الْأَشْقَى (11)﴾ مبالغة في الوصف بالشقاء والشقوة. قال: تؤدي بهم إلى شدة العذاب.
﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12)﴾
يعني: الذي يدخل جهنم وهي النار الكبرى لأنه أشد حرا من نار الدنيا.
قيل: النار الكبرى: الطبقة السفلى من جهنم.
﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا﴾ موتا يستريح به ﴿وَلَا يَحْيَى (13)﴾ حياة يجد معها رَوْح الراحة واللذة([7]).
قيل: نزلت الآية في عتبة بن الوليد وأبي جهل وأشكالهم.
قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)﴾
أي: صادف([8]) البقاء والنجاة من تزكى. قيل: صار زاكيا بأن عمل صالحا.
وقيل: تصدق بماله، ويراد به الزكاة المفروضة.
وقيل: تزكى: أعطى زكاة الفطر.
وقيل: قد افلح من تزكى، أي: فاز من تطهر من الشرك، وقال لا إله إلا الله.
﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)﴾
يعني ذكر اسم ربه أي بعد أن أعطى زكاة الفطر يشتغل بالتكبير.
قوله تعالى: (فصلى) أي: شهد الصلاة مع الإمام يوم العيد.
وقيل: ذكر الله بقلبه عند صلاته، فرجا ثوابه، وخاف عقابه، فغن الخشوع في الصلاة بحسب الخوف والرجاء.
وقيل: ذكر اسم ربه بلسانه عند دخوله في الصلاة، فصلى بذلك الاسم، أي: قال: الله أكبر؛ لأن الصلاة لا تنعقد إلا به.
وقيل: هو أن يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم، ويصلي الصلوات الخمس المكتوبة.
﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)﴾
أي: تختارون الحياة الدنيا، ولا تعملون للآخرة.
ثم رغبهم في الآخرة فقال تعالى: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)﴾
أي: نعم الآخرة وما أعدّ الله تعالى لأوليائه فيها خير وأبقى مما اشتغلوا به وآثروه من دنياهم الفانية.
﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18)﴾
يعني: هذا الفصل وهو أن من تزكى وعمل صالحا وذكر اسم ربه فصلى قد أفلح كان في الصحف الأولى.
وقيل: السورة كلها في الصحف الأولى.
وقيل: التسبيح في الصحف الأولى.
﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)﴾
روي عن أبي ذر أنه قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف نبي، واربعة وعشرون ألفا» قلت: يا رسول الله كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر، وبقيتهم أنا. قلت: أكان آدم نبيا؟ قال: «نعم، كلمه الله وخلقه بيده. يا ابا ذر، أربعة من الأنبياء عرب: هودٌ، وصالح، وشعيب، ونبيك. قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة وأربع كتب أنزل منها على آدم عشر صحف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس ثلاثين صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وعلى إبراهيم عشر صحائف، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
وفي الحديث: إنه كان في صحف إبراهيم: ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه.
وقيل إن كتب الله تعالى كلها أنزلت في شهر رمضان.


([FONT=&quot][1][/FONT]) قال الإمام الطبري: العليُّ، الفعيل، من قولك: علا يعلو علوّا، إذا ارتفع، فهو عالٍ وعليٌّ. والعليُّ: ذو العُلُوِّ والارتفاع على خَلْقِه بقُدرَتِه. [FONT=&quot]جامع البيان، ج4/ص544[/FONT]

([FONT=&quot][2][/FONT]) «العليّ»: «علَا يعلو: تكبر، ومنه:[FONT=QCF_BSML]ﮋ [/FONT][FONT=QCF_P345]ﭾ ﭿ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﮊ[/FONT][المؤمنون: ٤٦][FONT=&quot]و[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﮋ[/FONT][FONT=QCF_P385]ﮰ ﮱ ﯓ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﮊ[/FONT][القصص: ٤]والعليُّ: اسم الله، والمتعالي، والأعلى: من العلوّ: بمعنى الجلال والعظمة، وقيل بمعنى التنزيه عن عما لا يليق به». (التسهيل، ج1/ص32)».

([FONT=&quot][3][/FONT]) قال الفراء في معاني القرآن (ج3/ص256)

([FONT=&quot][4][/FONT]) بنسخ.

([FONT=&quot][5][/FONT]) وهو اختيار الإمام الطبري في قوله: والقول الذي أولى بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: فلا تنيى إلا أن نشاء نحنُ أن ننسيكه بنسخه ورفعه. (جامع البيان، ج24/ص316)

([FONT=&quot][6][/FONT]) راجع معاني القرآن للفراء، ج3/ص256 عالم الكتب، ط.3. سنة 1983م/1403هـ

([FONT=&quot][7][/FONT]) كتب في الهامش: لا يموت يستريح من غمّ القطيعة، ولا يحيى فيصل إلى روح الوصلة. ولم ينبه على أنه من أصل التفسير كباقي الهوامش.

([FONT=&quot][8][/FONT]) أي: وجد
 
والأعلى من صفات الله، وهو متابعة الوصف له بالعلوّ وعلوّ عظمته، وهو علو الصفة والتعالي عن صفات النقص
في العبارة تنافر , ولا أدري هل الخطأ من النسخ أو الطباعة أو المخطوطة , فإن كانت المخطوطة لديكم فأرجوا التكرم بتصوير هذا المقطع منها , أو من المطبوع , شاكراً لكم .
 
التنافر: هو التناكر والتضارب والتدافع والتناقض، وليس في العبارة شيء من هذا على الإطلاق.
وهذه صورة المخطوط:
DSC00550.jpg
 
إذاً التنافر في عبارة المؤلف أو من الناسخ , وحيث لا معلومات عن النسخة أو الناسخ فكلاهما محتمل .
 
سأفعل إن شاء الله , وأودّ قبله أن تعرفنا عن هذه النسخة وكاتبها وتاريخها ومن كاتب اللحق فيها , هل هو المولف أو غيره ؟ لتتم الفائدة رعاك الله .
 
أرجو أن لا تقيد فعلك بحصول ما وددت حصوله؛ إذ ربما لا يحصل الآن، والفائدة العلمية من بيان وجه التنافر ـ إن وجد ـ لا تتوقف على ما طلبت.. وشكرا مسبقا على التفهم.
 
" متابعة الوصف له بالعلو " غير واضحة ، لعل الصواب : " مبالغة الوصف له بالعلو"، وهذا تعبير موجود عند بعض أهل العلم - أعني المبالغة - عند حديثهم عن أسماء الله وصفاته
 
حديثنا يدور حول النسخة من جهة ثبوتها وتاريخها وناسخها , فإذا ثبت ذلك وتبيّنّاه سهُل توضيح ما في العبارة من تنافر لفظاً ومعنىً ؛ ليقوم الحديث على أصل متفق عليه , فإني لا أملك هذا الكتاب , ولم أطلع عليه قبل نقلك منه ما نقلت .
ومن يقرأ في تقريظك للمؤلف رحمه الله أنه (من كبار أئمة العربية) لا يملك إلا أن يتحيّر من هذا النقل !
 
ومن يقرأ في تقريظك للمؤلف رحمه الله أنه (من كبار أئمة العربية) لا يملك إلا أن يتحيّر من هذا النقل !
هذه شهادة الذهبي بألفاظه في تاريخ الإسلام (ج10/ ص 739)
وهي حقيقة كما يشهد بذلك كل من وقف على قانونه حسبما نُقِل في تراجمه، وأيضا يدرك ذلك من وقف على تفسيره الذي نهج فيه نهج الإمام الطبري من تقديم أقوال السلف الصالح، مع زيادة توجيهات لغوية لمدلولات الكلمات القرآنية يظهر فيها سعة إحاطته بلسان العرب الذي نزل القرآن به.
ثم لك أخي الكريم أن تفترض خطأ الناسخ وتبين وجه التنافر لفظا ومعنى..
 
حوار ثنائيّ جميل: أهو تصيّد أم تربّص أم تسوّد؟! ابتسامة.
لم أجد ابتسامات حبيبنا خلوصيّ فكتبتها كتابة؛ كمن يملك رصيداً بالمليارات فأصبح يمكلها كتابة وأرقاماً. فلا يستطيع بها شراء كسرة خبز.​
 
السؤال الأهم : هل هذا التفسير الذي نقلتم لنا تفسير سورة الأعلى منه له أي ميزة ظاهرة ؟ ليتكم تنبهوننا عليها.
 
أريد أن أضيف إلى الموضوع بعض ما يلطف الجو ويريح النفس من عنت الحوار في المسائل "العلمية" الخشنة الملمس وأسأل الله أن ينفع بالجميع.
"في رواية للإمام أحمد عن الإمام علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة : { سبح اسم ربك الأعلى } . . وفي صحيح مسلم أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ، و { هل أتاك حديث الغاشية } . وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما . .
وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبداً تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده ، ومعرضاً يحفل بموحيات التسبيح والتحميد : { سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى ، فجعله غثاء أحوى } . . وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد . .
وحق له صلى الله عليه وسلم أن يحبها ، وهي تحمل له من البشريات أمراً عظيماً . وربه يقول له ، وهو يكلفه التبليغ والتذكير : { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى ونيسرك لليسرى . فذكر إن نفعت الذكرى } . . وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن ، ورفع هذه الكلفة من عاتقه . ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة . وهو أمر عظيم جداً .
وحق له صلى الله عليه وسلم أن يحبها ، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني : من توحيد الرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي ، وتقرير الجزاء في الآخرة . وهي مقومات العقيدة الأولى . ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة ، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان : { إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى } . . فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة ، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها . . طبيعة اليسر والسماحة . .
وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى؛ ووراءها مجالات بعيدة المدى"

قطعا تعرفون صاحب هذا الكلام​
 
عودة
أعلى