تفسير إشاري خطر ببالي عن (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل)

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,306
مستوى التفاعل
124
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png


قرأت نبأ إقالة أحد الوزراء أو بمن هم بمرتبة الوزراء في السعودية ، وهو ممن أعرف صدقه وإخلاصه وإتقانه لعمله، وقد ارتقى بالجهاز الذي عمل فيه خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل رائع ، فخطر ببالي قول الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام في قصته مع فتاتي مدين : (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل .. الآية) . فاستوقفني هذا الجزء من الآية . فكتبت تغريدة في تويتر قلت فيها :
(فسقى لهما ثم تولى إلى الظل) على التنفيذي أن ينفذ عمله بإتقان ثم يتولى إلى الظل لا إلى الإعلام وإلا تم استبعاده كما فعلوا ببعض الوزراء .
وقد اضطررت لاختصارها لطبيعة تويتر ، ولستُ أدري هل فُهِمَتْ على وجهها الذي قصدته أم لا . فأحببت بيان الفكرة بعد أن جلست إلى جهازي المكتبي .
ذلك أننا نعيش في ظل ظروف تفترض فيمن يتولى الأمور التنفيذية أن يعمل بصمت بقدر المستطاع، بعيداً عن أعين الكاميرا والصحافة، حيث إنه بحسب التجربة جنى ذلك على كثيرين ، وهذا لا يعجب الكبار، حيث يشعرون بنوع من الضيق مع كثرة مزاحمة هؤلاء لهم في المنافذ الإعلامية مما يؤدي بكثير منهم إلى الإعفاء . وهذه تجربة جدير بكل من يتولى أمراً أن يراعيها في زماننا هذا، فالعبرة هو بنجاح المشروع بغض النظر عن أصحابه ، وهذا الجزء من الآية أوحى لي بهذه الفكرة، وجعلني أتوقف عندها، وإلا فإن معنى الآية الذي تدل عليه أن موسى عليه الصلاة والسلام بعد مساعدته للفتاتين توجه لظل الشجرة لكي يستريح من عناء السفر ونصبه، والمعنى الذي ذكرته ليس معنى مباشراً للآية ، وهذه طبيعة التفسير الإشاري الذي يقتنص أدنى ملابسة كما يفعله الذين كتبوا في التفسير الإشاري ، وأستغفر الله من الزلل .
 
حييت أخي العزيز الأديب الأريب د/عبدالرحمن ، وتعليقي لي أولاً ثم لك أخي العزيز أن نبقى كما خلقنا ربنا :" بتوع قراءات وأدب وشعر " ونخلي " التفسير بكل أنواعه وأطيافه لأهله .
شو رأيك يا مولانا !!
طبعاً كلامي السابق هو ممازحة مع أخي " أبو عبدالله " وليس حكماً أو رأياً لإشارته التفسيرية ، فهذه في المنتدى من يقوّمها غيري .
تحياتي .
 
وفقك الله شيخنا عبد الرحمن، وقد تذكرت بمقالك حكمة رائعة وردت في كتاب ابن المقفع "كليلة ودمنة" :

قال كليلة: إني أخاف عليك من السلطان فإن صحبته خطرةٌ. وقد قالت العلماء: إن أموراً ثلاثة لا يجترئ عليهن إلا أهوج، ولا يسلم منهن إلا قليلٌ، وهي: صحبة السلطان، وائتمان النساء على الأسرار، وشرب السم للتجربة. وإنما شبه العلماء السلطان بالجبل الصعب المرتقى الذي فيه الثمار الطيبة والجواهر النفيسة والأدوية النافعة. وهو مع ذلك معدن السباع والنمور والذئاب وكل ضارٍ مخوفٍ. فالارتقاء إليه شديدٌ، والمقام فيه أشد.

ثم إن المشهد الذي تصوره لنا الآيات، يؤيد ما ذهبتم إليه، فإنها تصور رجلا تقدم إلى عمل خيري، ولم يحاول أن ينجزه بحيث ينال إعجاب الموجودين هناك وتصفيقهم، وإنما أنهى عمله وتولى إلى الظل وحيدا وليس إلى الناس وكأنه منعزل عن الجماهير الموجودة هناك، يعيش في وحدته متوجها إلى ربه متضرعا إليه.
 
وجه حسن
وفي قواعد روبرت جرين الميكافيلية : لا تشرق أكثر من السيد
والمعنى أن البروز الزائد يستفز الرئيس الخامل وكل كسول
 
جميل جدا، ومبدأ مهم، وهو أقرب لخلوص النية وراحة البال.
ومما نحفظه جميعاً:
- استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان.
- لتكن خطانا على رمل نديّ، لا يُسمع لها وقع لكن آثارها بيّنة.
 
ويذكرني بقوله تعالى على لسان الخضر "فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا" ربما تشبه بوجه من الوجوه هذا المعنى
 
ما أحسن تغريدتك أيها البلبل
وركون نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم إلى الظل جزء من نهار تبعه بعد ذلك عمل شاق ومثابرة ودعوة حتى لقي ربه ، وأما التولي للظل ولزومه للأبد فخارج عن التفسير الإشاري الذي توحي به الآية الكريمة .
 
أحسن الله إليكم مشايخنا الفضلاء تغريدةً وتعليقًا وإفادةً ..
وبالإضافة إلى ما تبع التولي من عمل شاق كما ذكر الدكتور صالح الفايز وفقه الله ، فإن التعبير بِالتولي أيضا يصور إجهادًا نفسياً وبدنيًّا سابقًا له ناسبه الفزع إلى الظل والدعاء ، ومن أقعده الإجهاد - بِنَوْعَيْهِ وأفراده - إلى الظل فلديه الدعاء .. !
والمعاني والخواطر تتوارد من مدلولات وإشارات لفظ ( التولي ) لاسيما في هذه الهدأة المباركة ، ولكن دعاء شيخنا بنا أحرى ولنا أوفق فأستغفر الله وأعوذ بالله من الزلل .
 
د.عبد الرحمن : بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تساءلت وأنا أقرأ لمحتك التفسيرية الإشارية عن المعنى الذي اردته: هل أردت أن يكون الابتعاد عن وسائل الإعلام خلال العمل حتى لا يؤثر على عمله وهذا مما قد ينتقد لعدة وجوه.؟
أم أردت أن يكون توليه عنها بعد فروغه من إنجاز عمله ،ولا ننسى أن موسى عليه السلام زاحم القوم ليسقي وبعد إنهاء المهمة تولّى إلى الظل؟!
والملاحظ في التفسير الإشاري أنه ينطلق في الآفاق محلّقاً برؤى تضاف للمعنى الأصلي ، وإن كنت ألمح في تغريدتك التويترية تأسفاً على مغادرة هكذا رجل لمنصبه باستقالته أو إقالته فهل كان للإقبال عن الإعلام أو الإقبال عليه الدور في ذلك؟
هذه تساؤلات خطرت في البال حال قراءتي لما كتبتم.
ولكم كل الشكر والدعاء.
والسلام.
 
أختي المبارَكة مها الجيلاني حفظك الله أنتِ تُحَدِّثين متخصِّصا جَلَّى ما أراد ، وما عبارتي الأخيرة في مشاركتي أعلاه إلا لنفسي لا لمن سبقني ولا هي لمن لَحِقَني ، إلا أنه قد يُشْكِلُ استخدامي لضمير الجمع في ( بنا أحرى ولنا أوفق ) ، وهذا الاستخدام كتَبْتُهُ في مقابلة ضمير الجمع في ( شيخنا ) وكان القصد : ( بي أحرى ولي أوفق ) ، ولا أدري أيهما الصواب أو أيهما أوفق ؛ الجمع أم الإفراد ؟ وليت متفضل يجيب .
 
بارك الله فيكم جميعاً .
تعقيب أخي د. محي الدين غازي وأخي صهيب بن هادي أوضح المقصود أكثر .
وجواباً للأخت مها فلستُ أقصدُ مطلق الابتعاد عن الإعلام لضرره على العمل ، فالمشروعات في غالبها ولا سيما المؤسسية تحتاج الإعلام حاجة شديدة ، ولكنني أقصد أن هذا الأمر النافع من هذا الوجه قد يثير حنق الرؤساء والملوك وكبار المسئولين لأنه يبرز هذا العامل أكثر مما يسمحون به فيقيلونه ويبعدونه حتى لا يخطف الأضواء ، فهو ليس خطأ في عمل العامل وإنما هو انحراف في تصرف هؤلاء السادة والكبراء، وشواهده كثيرة في التاريخ ، وفي التاريخ عبرة ومنهاج .
 
شيخنا الكريم..جزاك الله خيرا
ولكن أليس في الآية إشارة مباشرة لما ذكرت، وذلك لأن موسى عليه السلام خرج خائفا يترقب، فلازم ذلك ركونه إلى الظل، بعدما قام بعمل من شأنه أن يُظهر أمره، حتى وإن كان غادر مدينته إلى مدينة أخرى بحثا عن الأمن ، غير أن بشريته تفرض عليه بقاء الخوف في الفترة الأولى لأنه حديث عهد بالخروج، وحلول الأمن بعد ذلك يكون بعد مضي وقت لابأس به يتأكد المرء فيه من زوال أسباب الخوف، وهذا ماحصل لموسى بعد ذلك حقيقة...والله أعلم.
 
بسم الله والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه تعالى وعظيم سلطانه،والصلاة والسلام على سيد الوجود الرحمة المهداة للعالمين
يظهر لي من خلال تعليقات الأخوة عدم وضوح مفهوم التفسير الإشاري عند الكثيرين لذا لوحظ التحفظ من بعضهم على كلام الأخ عبدالرحمن وفقه الله​
وشكرا​
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي متبعة: لم أقصد بتعقيبي ماكتبت -أنت- ولم أقرأه إذ كان المرور على عجالة، ولا أدري لم حملت كلامي على أنني لا أعلم مكانة د.الشهري العلمية!!
إنما كان التساؤل كما سبق وأشرت منصباً على ذات ما قاله د.عبدالرحمن من أنّ ذلك خطر له ودونه تويترياً من باب التفسير الإشاري، ولم أقصد الانتقاص مما كتبه د.الشهري لكنه تساؤل لاح لي في الموضع ذاته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
لا عليكِ أختي الفاضلة مها ، كانت فرصة لتوضيح قصدي في عبارتي التي أسلَفْتُ لا أكثر ، وكي أعْلَمَ من باب نافلة القول وهامش الفائدة صواب أو خطأ تعبير الجمع الذي سَأَلْتُ عنه .
 
بارك الله فيكم جميعاً ، ونفعنا جميعاً بكتابه الكريم .
أنا أقرأ في بعض كتب التفسير الإشاري وقرأت عدداً من الدراسات والبحوث في تأصيل موضوع التفسير الإشاري ، ولكنني لم أحاول ممارسته كثيراً في أثناء التدريس ، ولكن هذه اللفتة من تلك المحاولات النادرة التي خطرت على بالي فسجلتها حتى لا يفوت وقتها، ولستُ أزعم أنها صواب لا تحتمل الخطأ ، وإنما هي إشارة فقط لهذا المعنى الذي أردتهُ ، ولذلك سمي بالتفسير الإشاري ، وقديماً قالت العرب : والحُرُّ تكفيهِ الإشارة .
 
أحسن الله إليك.
إشارة لطيفة حقاً؛ لكن لِمَ نُسميها تفسيراً، والتفسير بيان المعنى، وهذه من الفوائد التي تُستنبط من الآيات؟.
وهذا سؤال يعلق بذهني كلما قرأت مثل هذه الفوائد، فالتفسير الإشاري والتفسير العلمي كلاهما زائد عن المعنى، فهل يصح إطلاق لفظ التفسير عليهما؟.
بارك الله بجهودكم ووفقكم لكل خير.
 
جميل جداً..
ثم إن موسى عليه السلام لما تولى إلى الظل فتح الله عليه بالزوجة((أن أزوجك إحدى ابنتي)).. والأمن((لا تخف نجوت من القوم الظالمين)).. والعمل ((على أن تأجرني ثماني حجج)) .. والنبوة ((وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى))

* * *
((ثم تولى إلى الظل)) لم يرد جزاءً ولا ظهوراً .. غير أن الجزاء جاءه يمشي على رجليه : ((فجاءته إحداهما تمشي على استحياء.. قالت إن أبي يدعوك ليجزيك))

* * *
ليس لي في التفسير غير أن تغريدتك فتحت لي نافذةً للتأمل.. شكراًلك
 
مرحبا أبا عبدالله .. في أغلب الأحيان نتفق، وفي هذه المرة أنا مضطر أن أقول: إن في اللفتة بُعداً ـ والله أعلم ـ فتولي موسى للظل سببه ظاهر، ولا أرى فيه أي اتصال بموضوع الظل المعروف في لغة الإعلام.
وتقبل فائق الودّ.
 
ولا أرى فيه أي اتصال بموضوع الظل المعروف في لغة الإعلام..

إن أذنت لي أستاذنا الفاضل :
قد لا يكون له صلة كما تفضلت..لكنه يفتح آفاقًا للتأمل والتفكير ..وإسقاط القرآن الكريم على الواقع.. واستناج ثمار ذلك
ولعلك لحظت كيف نشط الإخوة الأفاضل في استنباط مايرونه من فوائد..
ويكفي إعمال الذهن والتدبر..وأظن أن طرح مثل هذه الفكرة من سَن السنة الحسنة في قراءة القرآن الكريم وتدبره .. كثير منا يقرأ القرآن ولا يتجاوز حروفه..!
ماأجمل أن نقرأ القرآن وكأنه لتوِّه قد نزل.. ما أجمل أن نفتح آفاقًا أوسع وأرحب.. ما أجمل أن ننفض الرتابة عن طرحنا سواء في الكتابةأو التدريس.. ما أجمل أن نسقط التراث ((ولا أدري إن كان يصح إطلاق مصطلح التراث على القرآن الكريم..؟)) نسقطه على أطروحاتنا..!
ولي تجربة يسيرة في هذا، في تدريس بعض الأبيات الشعرية لطالباتي أسقط أحداثها وأبياتها وحياة قائلها على الواقع.. فأستفيد من ذلك ترسيخ المعلومة في الأذهان .. وإضفاء روح المرح والتجديد.. وتعويد الطالبات على الربط والاستنتاج والإفادة من كل مايُقرأ..

لذا راقت لي تغريدة الدكتور عبد الرحمن ..وأتمنى أن نسمع المزيد
ولكما أيها الفاضلان فائق التقدير
 
عودة
أعلى