تعليق على كلام للإمام السيوطي في الإتقان بخصوص المشاكلة:

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1



تعليق على كلام للإمام السيوطي في الإتقان بخصوص المشاكلة:


من أنواع علوم القرآن التي ذكرها العلماء: البدائع.
ومن بدائع القرآن الكريم: المشاكلة.
وهي: ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته، وقد مثل لها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في الإتقان بمجموعة من الآيات، منها:
قوله تعالى:" تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك" ، وقوله جل وعلا:" ومكروا ومكر الله".

قال معلقا: " فإن إطلاق النفس والمكر في جانب البارئ تعالى إنما هو لمشاكلة ما معه".
وكذا قوله –تعالى-:" اليوم ننساكم كما نسيتم..."، " ويسخرون منهم سخر الله منهم"،
" إنما نحن مستهزئون الله يستهزيء بهم..."اهـــ.

قلت: التمثيل بهذه الآيات على المشاكلة مردود مرفوض، فإن من ورائه نفي صفات البارئ سبحانه وتعطيله عنها، حيث أنه لم يذكرها إلا من باب مشاكلة اللفظ للفظ لا غير.
ومعلوم أن مذهب الأشاعرة –ومنهم الإمام السيوطي- نفي الصفات الفعلية بل وغيرها من الصفات –إلا القليل- بحجة أن إثباتها يلزم منه تشبيه الخالق بالمخلوق، باعتبار أن هذه الصفات تستلزم التجسيم.

فهما مقدمتان عندهم:
- الصفات الفعلية لا تقوم إلا بجسم.
- الأجسام متشابهة.
النتيجة: إثبات هذه الصفات يلزم منه التشبيه.
لذا وجب تعطيل الله عنها.

وقد خالفهم أهل السنة والجماعة وبينوا بطلان مذهبهم، ولعل من أشهرهم شيخ الإسلام التي كانت كتبه كالصواعق على كل من خالف عقيدة الحق في باب الصفات وغيرها.
ولينظر كمثال كتاب العقيدة التدمرية له.

فالحق أن تلك الآيات التي ذكرها الإمام السيوطي لم يرد ذكر الصفات فيها بغرض المشاكلة وإنما هي صفات ثابتة لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه:
فمن صفاته: المكر والسخرية والاستهزاء...

ولما كانت هذه الصفات لها وجهان: جهة نقص وجهة كمال، ثبتت لله على جهة الكمال، وهي أن الله تعالى يمكر ويسخر ويستهزء... بمن يستحق ذلك، فيمكر بمن يمكر ويسخر بمن يسخر ويستهزء بمن يستهزء...، وليس كما يقول الإمام السيوطي إن إطلاق هذه الألفاظ لم يكن إلا للمشاكلة.

أما قوله تعالى:" اليوم ننساكم كما نسيتم..." فالمقصود به الترك، وليس النسيان المعهود عند الإنسان، فالله جل في علا كما قال موسى عليه السلام لفرعون اللعين:" لا يضل ربي ولا ينسى".

وهذا أحد النماذج لتأثير العقيدة في كتب علوم القرآن، وقد سبق أن ذكرت نموذجا آخرا:

 
ولماذا لم تجعل النسيان هو الآخر من الصفات التي تحتمل النقص والكمال فتثبت لله تعالى ما يليق بذاته منها؟!


ارسل من Plus3_4G using ملتقى أهل التفسير
 
لأن النسيان من معانيه اللغوية أيضا الترك والإعراض
"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ"
فهم لم "يفقدوا الذاكرة" ولا "نسوا ذواتهم"، بل تركوا مصالحهم.
"قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى"
فنسيان الآيات هنا معناه الإعراض عنها وتركها.
 
أنت بنيت رفضك لتوجيه الإمام السيوطي على أن إثبات المكر والاستهزاء والسخرية من صفات الله تعالى هو على ظاهره لما كانت هذه الصفات محتملة للنقص والكمال، وأقول أنه بنفس هذا الميزان فإن يلزمك أن تثبت لله تعالى صفة النسيان لما كان من معاني النسيان في اللغة الترك والاعراض، والفارق بين المكر والسخرية والاستهزاء من جهة والنسيان من جهة أخرى هو ورود النص بنفي النسيان عن الله تعالى وعدم وروده بنفي المكر والاستهزاء والسخرية عنه، بل النصوص القرآنية مثبتة لهذه الألفاظ، ولعل هذا هو ما يجعلك لا تستنكر أن يوصف الله تعالى بالمكر والاستهزاء دون النسيان.
فماذا لو لم يرد النص بنفي النسيان عنه سبحانه؟

ارسل من Plus3_4G using ملتقى أهل التفسير
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي حسام، باب الأسماء والصفات كما تعلم توقيفي، لا مجال لعقولنا القاصرة أن تتدخل فيه، فما ثبت من صفات لله سواء في الكتاب أو السنة أثبتناه وما نفي نفيناه، التسليم التام.
بالنسبة للصفات التي ذكرت كالمكر والسخرية والاستهزاء فقد ورد النص بها، لذا وجب إثباتها طبعا على الوجه الائق به سبحانه كم أسلفت بيانه.
أما صفة النسيان، فخلافا لما زعمت أن النص ورد بنفيه عن الله تعالى، أقول: بل ورد النص بنفي النسيان في موضع وورد بإثباته في مواضع.
قال تعالى:" لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى" [ طه:52 ]، وهذا في النفي.
وقال جل وعلا:"إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، " نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"...وهذا في الإثبات.
والنسيان المنفي عنه سبحانه هو المتعارف عليه من فقدان العلم بالشيء والغفلة عنه وعدم تذكره بعد علمه. فالنسيان بهذا المعنى يتنزه البارئ سبحانه عنه.
أما النسيان المثبت فهو الإعراض والترك، وهذا يجب إثباته لله تعالى كما أثبته لنفسه سبحانه.
لذا أرى أنه لا داعي لسؤالك:[FONT=&quot]فماذا لو لم يرد النص بنفي النسيان عنه سبحانه؟

والله أعلم وأحكم.[/FONT]
 
أخي الكريم
ما اريد ان اصل إليه هو انك لم تثبت لله تعالى صفة اسمها النسيان ومعناها الترك والإعراض، وليس أحد من المسلمين بمثبت لهذا اللفظ في حق الله تعالى، وهذا هو التأويل بعينه، صرف اللفظ عن ظاهره لقرينة، وهو صنيعك في نفي معنى النسيان عن الله تعالى وهو نفسه صنيع الإمام السيوطي في نفي لفظ المكر عن الله تعالى، فما انكرته على الإمام السيوطي هو نفسه ما أتيت به في تخريجك للفظ النسيان، غاية ما هنالك أن السيوطي لم يثبت للمكر سوى معنى واحد لا يليق بذات الله تعالى، فتأمل.
والله تعالى أعلم

ارسل من Plus3_4G using ملتقى أهل التفسير
 
عودة
أعلى