تعليقات الشيخ مساعد الطيار على كتاب ( الإتقان) للسيوطى-مكتوبة-

إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
291
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
المدينةالمنورة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،
إخوانى الكرام بارك الله فيكم ، كنت قد دونت تعليقات فضيلة شيخنا/ مساعد الطيار على كتاب الإتقان من شرحه المسموع والموجود على الشبكة العنكبوتية ، ثم بدا لى أن أضع هذه التعليقات المفيدة فى هذا الملتقى المبارك ليستفيد الجميع ، وقد استئذنت الشيخ فى وضعها فأذن فجراه الله خيرا .
تنبيهان : الأول : هذه التعليقات كنت قد دونتها من شرح الشيخ على حاشية نسختى ثم جمعتها فى دفتر بصيغتى ، فما كان فيها من خطإ فالشيخ منه براء ، وأرجو إن وجد أحد الإخوة خطأً أن ينبهنا ، وما كان من توفيق فمن الله –عزوجل- وماكان من خطإ أو نسيان فمنى ومن الشيطان أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص فى القول والعمل.
الثانى : لم أرتب الموضوعات بحسب ترتيبها فى الإتقان بل وضعتها بحسب ما أتيح لى لعدم نقلها كاملة على الحاسوب .
وهذا أوان الشروع فى المقصود فالله المستعان.
كرر الشيخ -حفظه الله - أثناء شرحه أن هناك أربعة نقاط لابد التنبه لها فى كل نوع لمن يدرس الإتقان وهى :
: 1-علاقة هذا النوع بالتفسير.2- علاقته بعلوم القرآن . 3- هل هو نقلى أم يدخله الاجتهاد. 4- فوائده .



فى معرفة غريبه




-هل لأبى عبيدة كتاب فى غريب القرآن؟؟؟ لانعلم.
-كتاب العزيزى ترتيبه على اللفظة ثم الحركات .
-الراغب الأصفهانى لايرى بين الألفاظ تردافا بل بينها فروق.
-من كتب التفسير التى استفادت من كتب المعانى كتاب (البسيط) للواحدى.
-بعض المتأخرين لا يصدق الآثار الواردة فى عدم علم الصحابة ببعض الكلمات الغريبة ، وهذا خطأ لأن بعض الألفاظ لم تكن بلغتهم المباشرة فلا عجب فى ذلك .
-من أنفس كتب اللغة التي يسنفاد منها في تأصيل الألفاظ في غريب القرآن (مقاييس اللغة) لابن فارس.
-من التفاسير التى اعتنت بالتفسير بالمعنى تفسير ابن عطية وتفسير (البسيط) للواحدى.
-مسألة مهمة : لا يجوز الاحتجاج بالشعر إذا كان المراد إثبات عربية لفظ ما ، لأن القرآن يحتج له لا عليه.
-مسائل نافع بن الأزرق ليس لها طريق واحد صحيح.
-أما سؤالات نافع بن الأزرق فبعضها صحيح وارد لكن بدون الاستشهاد بالشعر ، لكن نقول إن تكاثر هذه المسائل يوحى أن لها أصلا.
-بعض الشواهد فى مسائل نافع بن الأزرق هى أصلا لشعراء أتوا بعد ابن عباس ، وهذه المسائل لها دراسة فى رسالة لفضيلة الشيخ / عبدالرحمن الشهرى.
-بعض المعاصرين يحبذ البعد عن مصطلح غريب القرآن لكن هذا خطأ.
-أفضل كتب غريب القرآن كتاب أبى عبيدة ومن ميزته كثرة الشواهد ، وكذا كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ، ويتميز بنقله لتفاسير السلف.
-ومن أفضل كتب المتأخرين فى الغريب كتاب الراغب الأصفهانى ، وللسمين الحلبى كتاب فيه تعقبات على الراغب.
-كتاب أبى بكر الرازى فى الغريب استخدم أسلوبا خاصا فى ترتيبه وهو نظام الفصل والباب.
-كتب معانى القرآن تشمل ( الغريب – النحو – الأساليب ).
-قاعدة مهمة : قاعدة مهمة : ( لا يوجد فى القرآن شيء له معنى ولا نعلم معناه ) ، فالحروف المقطعة ليس لها معنى نعم لكن لها مغزى وهو التحدى ، ولذا يأتى بعدها الحديث عن القرآن إلا فى موضعين فقط لم يأت الحديث بعدها عن القرآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


37- فيماوقع فيه بغيرلغة الحجاز




-هذا الجانب غير مفيد إفادة مباشرة فى علم التفسير.
-هذا العلم يرتبط بالنزول والغريب والقراءات ، وهو جانب نقلى لا مجال فيه للاجتهاد ، والذى يعتمد فى نقله مصدران هما :
1-تفسير السلف. 2- أهل اللغة المعروفين.
-من فوائد معرفة هذا النوع تحسين اللفظ فى السمع وهو ما يسمى تجاوزا (موسيقى اللفظ) ، كما فى كلمة (وزر) فهى بمعنى (جبل) فى لغة أهل اليمن واختيرت لفظة (وزر) هنا اختيارا مقصودا لتحسين اللفظ ، وكذلك فى كلمة (قسورة) بدلا من أسد ، لأن الفاصلة قبلها مثلها(مستنفرة).
-العلل المرتبطة بالأداء والنقل لا ينبغى البحث فيها لأنه تمحل وبحث عما لا يمكن .
-قول أحد السلف هذه الكلمة من لغة فلان لا ينفى كونها من لغة قوم آخرين مثلهم .
-كون الكلمة وردت فى القرآن فالأصل أنها من لغة قريش لأن القرآن نزل بلغتهم كما قال تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) ، إلا إذا صح النقل بخلاف ذلك .
-قول عثمان –رضى الله عنه- ( فإن اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش فإنه بلسانها نزل ) المقصود به "الرسم " وكونه يكتب بالرسم الذى يناسب لغة قريش لا يمنع قراءته بغير لسان قريش .
-لابد عند دراسة الأنواع المذكورة فى كتاب الإتقان أن نتنبه لأربعة مسائل هى : 1-علاقة هذا النوع بالتفسير.2- علاقته بعلوم القرآن .
3- هل هو نقلى أم يدخله الاجتهاد. 4- فوائده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




38 – فيما وقع فيه بغير لغة العرب




-الطبرى يرى أن الكلمات المعربة مما اتفقت فيه اللغات.
-لا بد من التنبه إلى أن العرب لم يشكوا فى وجود غير العربى فى القرآن .
-الكلمات التى يدور فيها الخلاف هل عربية أم معربة لا تتجاوز المائة كلمة
-هناك رأى معاصر رجحه الشيخ مساعد فى مسألة المعرَّب يرتبط برحلة الكلمة فالذى يحدث أن الكلمة ترتحل من جزيرة العرب ثم ترجع وقد تغيرت مثل كلمة ( كايرلا) أصلها ( خيرالله ) وكذلك كلمة (ميشال) أصلها (ميكال) مع ملاحظة دخول بعض الكلمات اليونانية فى اللغة العربية فكلمة ( يونس- إلياس ) أصلهما ( يونا – إيليا) ، وهي أصولها عربية انتقلت إلى اليونانية ، ثم عادت بيونانيتها إلى العربية.
-بعض الكلمات التى قيل أنها أعجمية هى ليست كذلك لكثرة تصرفها فى العربية نحو كلمة (ابلعى) قيل أنها بمعنى (ازدرديه ) بلغة الهند.
-ينبغى التنبه إلى أن العبرية ليست لغة مستقلة كما يصورون لنا ، وذلك أن اليهود ليس لهم لسان مستقل لأن أبناء يعقوب(الأسباط) كانوا فى الشام ثم اتجهوا إلى مصر ومكثوابها ستمائة عام فتأثرت لغتهم أثناء هذه الفترة(فترة التيه) ثم دخلوا فلسطين مع (يوشع بن نون) ومن المحال عدم تأثر لغتهم خلال هذه التنقلات واختلاطهم بغيرهم ، أضف إلى ذلك أن كتابهم لم يحفظ بل أحرقه (بختنصر) ثم كتبه (عزرا) بلغة معاصرة غيرلغتهم القديمة.
-هذا النوع نقلى ، وليس له أثر فى المعنى .
-يوجد بحث فى هذا الموضوع ( المعرَّب ) للدكتور / على فهمى خشيم ، وله عدة أبحاث مفيدة على الشبكة العكبوتية.
-هناك موقع على شبكة الإنترنت اسمه (لغة العرب) يهتم بهذه المواضيع ويكتب فيه باحثون متخصصون فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فى كيفية تحمله




-الإمام نافع كان اختياره مارواه عنه قالون ، أما ورش فلما قرأ على نافع بقرائته أقره نافع فنسبت إلى الإمام نافع ، وإلا فالإمام نافع اختياره مارواه عنه قالون وبهذه الرواية كان أقرأ أهل المدينة.
-كثير من القراء خاصة المتأخرون يقسمون القراءة لأربع مراتب بزيادة الترتيل ، أما الذى يدل عليه الدليل فهى أنها ثلاتة مراتب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى لقاء آخر لإكمال نقل بقية الانواع إن شاء الله
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أحسنت وبارك الله فيك يا أخي عبد الرحمن
ونفعنا الله بعلم شيخنا أبي عبد الملك وجزاه الله خيرا
 
جزاك الله خيرا.. وأتمنى لو تم كتابة تعليقات الشيخ على بداية كتاب الإتقان فأنا أبحث عنها منذ زمن .
 
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد المهمة ؛ والتي يندر جمعها في موضع واحد .
هناك مسألة لم أستطع فهمها على الوجه الذي ينبغي وهي قوله حفظه الله : قاعدة مهمة : ( لا يوجد فى القرآن شيء له معنى ولا نعلم معناه ) ، فالحروف المقطعة ليس لها معنى نعم لكن لها مغزى وهو التحدى ، ولذا يأتى بعدها الحديث عن القرآن إلا فى موضعين فقط لم يأت الحديث بعدها عن القرآن.
وعدم فهمي لها يتحدد من نقطتين :
1 - القطع بأن الحروف المقطعة ليس لها معنى ؛ وأن لها مغزى.
2 - كون كثير من المحققين من أهل العلم الكبار بينوا أن في القرآن الكريم ما لا يفهم معناه ؛ وهو المتشابه ، وأوضحوا أن أصح قولي العلماء في الوقف في آية آل عمران إنما هو على قوله تعالى "إلا الله" وأن منتهى ما يصل إليه الراسخون في العلم هو قولهم "آمنا به كل من عند ربنا".
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
شكر الله لكم ، فكم يحتاج طلاب العلم ، إلي هذه الفوائد التي ذكرها أبو عبدالملك
فأكمل علي بركة الله نفع الله بك وجزاك خيرا .
وقد كان الشيخ بدأ سلسلة مقالات في التنكيت علي الإتقان (( علي الملتقي ))
وهناك موضوعات سابقة مشابهة لهذا الموضوع فهل يمكن أن تشيروا إليها
أو تحيلو إلي روابطها ـــــ أحسن الله إليكم ـــــ .
 
الشيخ أبو عبدالرحمن... جزانا وإياكم.ال
الشيخ الفجر الباسم... حاضر سأرفعها إن شاء الله قريبا .
الشيخ عمرو الشرقاوى ... حقيقة لم أر هذه المقالات ، لعلى أبحث عنها وأحيل إلى الروابط.
الشيخ إبراهيم الحسنى ... حقيقة انا ما فهمت من كلامك إلا ما قصده الشيخ ، فلا أدرى أين اللبس.

و أعتذر عن التأخر فى رفع البقية ، أوافيكم بها إن شاء الله قريبا.
 
جزاك الله خير

جزاك الله خير

بارك الله فيكم ،من فضل الله تعالي تعليقات مهمة نافعة ، لكتاب مهم
سهلت لطلبة العلم في وضعها هنا - مكتوبة-، ننتظر البقية
وجزاك الله خير
 
الشيخ إبراهيم الحسنى ... حقيقة انا ما فهمت من كلامك إلا ما قصده الشيخ ، فلا أدرى أين اللبس.

و أعتذر عن التأخر فى رفع البقية ، أوافيكم بها إن شاء الله قريبا.
أخي الكريم : الذي أعنيه أن الشيخ قرر - حسب ما نقلت عنه - أنه لا يوجد في القرآن شيء له معنى ولا نفهم معناه .
فهل هذا ما قصد الشيخ حفظه الله تعالى ؟.
إذا كان كذلك فحسب فهمي أن هذا يتعارض مع القول بأن في القرآن الكريم ما يسمى بالمتشابه ، ومنه - أي المتشابه - ما لا يعرف معناه إلا الله تعالى ..
يضاف إلى ذلك قطعه بأن الحروف المقطعة لا معنى لها ؛ وإنما لها مغزى ؛ فلا أعرف من أين هذا ، وعن أي السلف نقل .
فالمنقول عن السلف - حسب اطلاعي القاصر - في الحروف المقطعة هو :
1 - أنها من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله تعالى .
2 - أن لها معنى .
والقائلون بالقول الثاني مختلفون في تحديد ذلك المعنى كما هو مبسوط في موضعه.
وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.
 
النوع الأربعون
فى معرفة معانى الأدوات التى يحتاج إليها المفسر
-هذا الباب طويل فلن نستطرد فى ذكر هذه الأدوات والحروف وإنما سننظر إلى هذا المبحث بعمومه.
-ماهو مرجع هذا المبحث؟؟ اللغة.
-ننتبه لما قال معانى هذه الأدوات إلى أننا مرتبطون بالدلالة على المعنى / وهذا يعنى أننا نحتاجه فى التفسير.
-لكن لو قرأنا فى هذا المبحث سنجد السيوطى ذكر مباحث تتعلق بنواحى نحوية وصرفية ليس لها أثر على المعنى مباشرة ، وهى مسائل مهمة فى كلام العرب لكننا لا نحتاج إليها فى التفسير.
-ما دام أن هذا النوع مصدره اللغة فإنه سيعتوره أمران : النقل ، والاجتهاد.
-الذى يدل على وجود الرأى هنا هو اختلافهم فى دلالة بعض الألفاظ.
-ذكر السيوطى مثالا ليبين أهمية هذا المبحث بما ورد عن ابن عباس ، وذكر المحقق أنه مروى عن عطاء بن يسارفى قوله تعالى ( الذين هم عن صلاتهم ساهون) ، ولم يقل (فى صلاتهم)، لأنه لو قال (فى) لكنا مؤاخذين بالسهو فى الصلاة ، وهو أمر لا يسلم منه أحد ، أما قوله (عن صلاتهم) فهو من يؤخرها عن وقتها ، وهذا قد يسلم منه الكثير.
-وهذا الفهم هو الذى فهمه الحسن البصرى ، فقد دخل رجل على مجلسه -وفيهم أبو العالية - وهم يصححون المصاحف فسأل رجل أبا العالية عن هذه الآية فقال له : هو الذى لا يدرى كم صلى؟، فقال الحسن : لو كان كذلك لقال (فى صلاتهم).
-كتاب الهروى مطبوع بالمجمع العلمى بدمشق.
-وهناك كتاب للرمانى ، ومن أوسع ما ألف كتاب ابن هشام (مغنى اللبيب) ، ولا تخلو كتب النحو والوجوه والنظائر من ذكرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع الحادى والأربعون
فى معرفة إعرابه
-لوسأل سائل: هل المفسر يحتاج للإعراب؟؟ هذا ما سيتبين لنا الآن.
-ممن ألفوا فيه :الإمام مكى وكتابه ( المشكل فى إعراب القرآن).
-ذكر السيوطى ممن ألف فيه ( الحوفى ) وهناك اختلاف عند بعض من كتب فى ترجمة الحوفى ، هل له كتاب مستقل فى علوم القرآن؟ أم هوكتابه ( البرهان فى تفسير القرآن) كما جاء هذا بأسانيد متصلة عن الحوفى.
-تنبيهات مهمة:
-كتاب السمين الحلبى ( الدر المصون) هو من أجود كتب الإعراب.
-الفرق بين كتاب السمين الحلبى وكتاب أبى حيان هو :
1-كتاب السمين الحلبى منظم بخلاف ما ذكره السيوطى من أن فيه حشو وتطويل لأن قضية الحشو والتطويل نسبية ، أما كتاب أبى حيان فغير منظم
2-السمين كتابه مركز فى النقاشات النحوية المرتبطة بالقرآن ، وينصح طالب علم التفسير باقتنائه لأنه يفك مشكلات فى المعانى إذا قرأته قراءة متأنية ، أما كتاب أبى حيان فقد احتوى على علم النحو مع أنه كتاب تفسير ومادته أوسع من مادة السمين الحلبى.
3-يتميز السمين الحلبى بالاعتدال فى مواقفه فهو-رحمه الله- لا ينتصر لشيخه أبى حيان لأنه شيخه ، وإنما ينتصر للحق إذا رآه ، ولهذا قد يعترض على شيخه مع إجلاله له ، كما يعترض أبو حيان على الزمخشرى خاصة فى اعتزالياته ، إلا أنه يلاحظ أن السمين أٌقل تشنجاً فى تعامله مع الزمخشرى ، ولهذا قد ينتصر للزمخشرى على شيخه .
-قال الإمام السيوطى فى الإتقان : ( ومن فوائد هذا النوع معرفة المعنى ، لأن الإعراب يميز المعانى ويوقف على أغراض المتكلمين) ، ثم قال بعد ذلك بعدة أسطر ( على الناظر فى كتاب الله تعالى أمور.... أحدها ، وهو أول واجب عليه : أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب ، فإنه فرع المعنى)ا.هـ
والناظر فى عبارتى السيوطى يرى تناقضا واضحا !!!
فهل نحن نعرب لنفهم؟؟كما فى عبارته الأولى ، أم نفهم لنعرب؟؟كمافى عبارته الثانية؟؟؟!
-وهنا يحسن أن ننتبه أننا إذا وجدنا لكلام العالم وجهاً وسبيلاً أولى أن نسلكه حفاظاً على رأى العالم خصوصا إن كان محرراً ، فلا يمكن أن يقول هذا إلا وقد غفل عنه وسها ، فنقول :-
-توجيه فى صحة القولين : إننا لو رجعنا إلى الأصل ، فالأصل هو المعنى ، والإعراب فرع عنه ، وعلى هذا جرى تفسير السلف قاطبة ، لكن لما صار الإعراب صنعة صار يوصل المعانى .
-فبالنسبة لنا نحتاج الإعراب أحيانا لنفهم ، ونفهم أحيانا لنعرب ، فصرنا ندور بين الأمرين.
-فلسنا نحتاج الإعراب مطلقا ، لكن نحتاج المعنى .
-وبناء على ماسبق نجيب على السؤال الذى طرحناه أولا فنقول : إن المفسر يحتاج للإعراب خاصة المتأخرين ، وليس المقصود أن يصير مثل أبى حيان ، بل يكون عارفا بأصول هذا العلم؟
# كلام نفيس فى الأحرف المقطعة :-

-القول بأن الحروف المقطعة مما استأثر الله بعلمه هو قول من أضعف ما قيل فيها ، فإن قيل ما الدليل ؟؟نقول:
-الدليل على ذلك : أن السلف قد تكلموا فيها ، ولو كانت كذلك لما تكلم فيها الصحابة والسلف ، فلما تكلموا فيها دلت أنها ليست من المتشابه الذى استأثر الله بعلمه.
-أما إن قال قائل : انا اقول(الله أعلم بمعناها) فهذا نظر نسبى لا أكثر.
-والأقرب أنها حروف لا معنى لها ، ولو فهم السلف أنها تحمل معانى لأشاروا إليها ، وإنما مقصودهم أنها حروف يتركب منها كلام كما ورد عن ابن عباس فى (الم) ــــــــ(انا الله أعلم).
-أما ماورد عن الشعبى قوله (الله أعلم بمراده) ، فليس مراده أن لها معانى ، وإنما مراده أن وجودها على هذه الصورة لاشك أنه مما استأثر الله بعلمه ، وفرق بين بيان الحكمة وبيان المعنى .
-أما ما أثر عن الخفاء الأربعة وغيرهم من قولهم أنها مما استأثر الله بعلمه ، فلم يثبت عنهم أثر صحيح فى ذلك .
-وتكاد كلمتهم تتفق أن من حكمتها تحدى العرب ولذا يأتى بعدها غالبا ذكر القرآن الكريم.
-ولو قلنا إن لها معانى مخصوصة كما قال بعضهم ، فهذا سيقع فيه خلاف لا يمكن أن يحسم لأنك تستطيع أن تأتى بمعنى ، وفلان يأتى بمعنى ...الخ .
فما الذى يحسم لنا هذا إذا؟؟؟ فلا السياق يدل عليه ولا الكتاب ولا السنة ولا اللغة ولا أقوال الصحابة وأتباعهم تدل عليه ، وإنما هو اجتهاد محض.
-وكل من حمل هذه الحروف معنى فإنه لا يمكن أن يضع ضابطا يدل على المعنى الصحيح من غيره مهما فعل .
-أما إن قلنا أنها أحرف ، والحرف فى لغة العرب لا معنى له فنسلم من تبعات مابعده ، وكلام السلف نؤوله إلى هذا المعنى وأنهم ذكروا ما يتركب من هذه الأحرف.
-الذين قالوا أن هذه الخروف أسماء للسور فهذا ليس تفسيرا.
ــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال الإمام السيوطى:
الخامس : أن يستوفى جميع ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة ، فتقول فى نحو(سبح اسم ربك الأعلى) يجوز كون (الأعلى) صفة للرب أو صفة للاسم.ا.هـ
-وهنا فائدة : سبق أن قلنا أن المعرب ينطلق من المعنى. فننظر الآن هل المراد تسبيح الاسم أو تسبيح الرب؟؟
الجواب : المراد هو تسبيح الرب .
والقول الثانى أضعف من الأول.
وبناء على هذا فلا يوصل إلى تسبيحه تعالى إلا باسمه ، وهذا هو المعنى الدقيق لقوله تعالى ( سبح اسم ربك الأعلى ) و أمثالها.
-فائدة : لفظ ( أعلى) هنا الذى بلغ الكمال فى العلو ، والعلو هنا كما ذكر أهل السنة يشمل علو المكان لأن الله تعالى فوق العالم ، وعلو القدر ، وعلو القهر كل هذه المعانى مضمنة فى قوله تعالى ( الأعلى).
-ثم قال –رحمه الله - : السابع: أن يراعلى فى كل تركيب ما يشاكله ، فربما خرج كلاما على شيء ، ويشهد استعمال آخر فى نظير ذلك الموضع بخلافه.ا.هــ
وهذا لو تأملناه لوجدناه يندرج تحت تفسير القرآن بالقرآن أو النظائر القرآنية ، لأن مراده هنا: حينما تفسر كلمة أو لفظة تنظر إلى ورود هذا الأسلوب فى مكان أخر فيدلنا على صحة أحد الأعاريب المختلف فى إعرابها .
-ثم ذكر الإمام السيوطى مثالا فقال ( ومن ثم خطىء من قال فى"ذلك الكتاب لاريب فيه" إن الوقف على "ريب"و"فيه" خبر"هدى" ، ويدل على خلاف ذلك قوله فى سورةالسجدة " تنزيل الكتاب لاريب فيه من رب العالمين")ا.هـ
*فائدةجليلة فى وقف التعانق
فى قوله تعالى"ذلك الكتاب لا ريب فيه":-
- ومن هنا يضعف من يحكى وقف التعانق فى هذه الآية ، و ذلك من ثلاثة أوجه:
1- أن الكلام إذا احتمل التقدير والإثبات يقدم الإثبات على التقدير، فكون "فى" الظاهرة خبر"لا" أولى من أن يقدر خبرا لها.
2- ويضعفه كذلك أن الوقف على "ريب" يشعر بأن الكتاب فيه هدى ، بخلاف الوقف على"فيه" يشعر أن الكتاب كله هدى.
3 – مجىء آية السجدة " تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين".
-قال السيوطى:
الثامن :- أن يراعى الرسم. ومن ثم خطىء من قال فى "سلسبيلا" إنها جملة أمرية ، أى :سل طريقا موصلة إليها ، لأنها لو كانت كذلك لكتبت مفصولة.ا.هــ
-وهنا ننتبه إلى أن الرسم محكم فى الاختلاف.
-الأصل فى الإعراب أنه تابع للرسم ولذلك حكم الرسم هنا.
-ومن الأمثلة المهمة والتى لم يذكرها السيوطى فى الإتقان قوله تعالى "سنقرئك فلا تنسي" فبعضهم قال إن "لا" ناهية ، فنقول: أنهم كتبوها "فلا تنسي" بالياء فدل على أنها نافية ، ولو كانت ناهية لحذفت الياء للجزم"فلاتنس " .
-قال –رحمه الله – الثانى عشر :-أن يجتنب إطلاق لفظ الزائد فى كتاب الله تعالى فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له ، وكتاب الله منزه عن ذلك ، ولذا فر بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد ، والصلة ، والمقحم.ا.هـ
-فى الواقع من أ"لق وجود الزائد لا يخلو من أمرين :-
1-قصده الزيادة فى المبنى والمعنى ، وقد وقع فيه أبو عبيدة فى كتابه (المجاز) فى أمثلة قليلة نحو " وإذ قال ربك" فقال إن " إذ" زائدة ، ولا شك أن هذا غير سديد إطلاقا .
2-من ينظر إلى الإعراب أو المعنى العام ، وأحيانا يشتركان ، نحو قوله تعالى "هل من خالق غير الله" عندما نرجع للمعربين نجدهم يقولون "من" زائدة للتأكيد ، ولو قلنا مقحمة فهى قريبة من لفظ زائدة ، ولو قلنا صلة فمن باب تلطيف العبارة .
لكن ننظر الآن !!
ما الفرق بين "هل من خالق" وبين"هل خالق" من جهة المعنى العام؟؟؟
الجواب: أن مؤداهما واحد ، لكن الأولى أقوى
فصار لحرف "من " دلالة الآن.
-وبناء على هذا إن قال بالزيادة فلا يعترض عليه ، لكن إن وجدت كلمة غيرها يكون أفضل ، ولذلك يجنح الطبرى كثيرا إلى التعبير بالصلة.
-ونجد بعض المعاصرين يشنع على لفظة(الزيادة) فى القرآن ، لكن هذا ليس صوابا لأننا أمام قرآن وأدلة ، وأمام أئمة سبقونا لهم من الإجلال لكتاب الله وتوقيره باع كبير فننظر كيف تعاملوا مع هذه الألفاظ
-ومثلها أيضا قضية السجع فى القرآن ، فنحن الآن أمام مصطلح حسنه حسن ، وقبيحه قبيح ، فلا مانع من كون السجع يوجد فى القرآن لأنه قطعا من النوع الحسن الذى يزيد العبارة بلاغة وفصاحة كما قال بعضهم فى قوله تعالى فى سورة الضحى أنه قال سبحانه "ماودعك ربك وماقلى" ولم يقل "وماقلاك" مراعاة للفاصلة .
-بخلاف السجع القبيح كالذى يجرى على لسان الكهان ويكون تابعا للمعنى فهذاقطعا لا يوجد فى كتاب الله ولا رسوله ولا الصحابة ولا من بعدهم من التابعين ، فهذا لا يكون إلا فى كلام العيى الذى لا يستطيع أن يعبر عن الكلام.
-وكذلك غيرها من المصطلحات التى ترد فى كتب علوم القرآن والبلاغة فلا ننكر لكن إن استطعنا أن نوجد مصطلحات موازية وحسنة فلابأس لكن لا ننكر مصطلحا استعمله العلماء وله وجه عندهم.
-قال السيوطى –رحمه الله- فى التنبيهات :
-الثانى : قد يقع فى كلامهم : هذا تفسير معنى ، وهذا تفسير إعراب ، والفرق بينهما أن تفسير الإعراب لابد فيه من ملاحظة الصناعة النحوية ، وتفسير المعنى لا تضره مخالفة ذلك .ا.هــ
-عند هذا التنبيه لم يذكر السيوطى مثالا له ، وقد ورد أمثلة لذلك منها ما أورده أبو حيان فى قوله تعالى" كنتم خير أمة أخرجت للناس" قال ابن عباس : أى : أنتم.
قال أبو حيان : وهذا تفسير معنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن شاء الله أوافيكم بالبقية قريبا... الله المستعان
 
النوع الخمسون
فى منطوقه ومفهومه

-هذا المبحث عقلي ، وله تعلق بعلوم القرآن من جهة ارتباطه بأحكام القرآن.
-عند ذكره مثالاً للمؤول قال (كقوله تعالى "وهو معكم أين ما نقول كنتم" فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات)ا.هـ
انتبه : وكلامه هذا ليس بدقيق لأن المقصود فى الآية المعية بالعلم وليس بالذات كما فهمه .
-وفى تمثيله للمؤؤل كذلك بقوله تعالى"واخفض لهما جناح الذل من الرحمة" خلاف معروف بين من يثبت المجاز ومن ينفيه هنا.
-فى قوله ( ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين ، مرة أريد هذا ومرة أريد هذا)ا.هــ
انتبه :
هذا تخريج عقلى لا يستقيم مع النص ، والأمثلة التى ذكرها قديراد بها المعنيين معا وهذا من بلاغة القرآن كما ذكر فى مثال"ولا يضار كاتب ولا شهيد" .
-ملاحظة مهمة : خالف ابن عقيلة المكى فى كتابه فجعل من المنطوق (النص- الظاهر – المفسَّر – المحكم) ويرجع سبب مخالفته للسيوطى إلى أنه حنفى المذهب فهو يصدر عن أصولهم ، والمقصود من هذا أنه سيأتينا خلاف فى المنطوق والمفهوم نظراً لاختلاف الأصوليين.
-من الأمثلة التى ذكرها لمفهوم الصفة قوله تعالى "ولا تبشروهن وأنتم عكفون فى المسجد" ، وهذا مثال للحال فتجوز المباشرة فى غير المسجد.
-الأمثلة التى ذكرها السيوطى فيما لا يعتبر الأكثرون مفهومه هى التى يسميها بعض المعاصريين ب (البدهيات فى القرآن) ، وللدكتور/ فهد الرومى بحث فى هذا الموضوع ن وقد أكثر الطاهر ابن عاشور من ذكرها وسماها صفة كاشفة.
-س/ هل يدخل المنطوق والمفهوم فى الأخبار؟
ج/ نعم يدخل وله أمثلة كثيرة نحو (وهو معكم أين ما كنتم- إياك نعبدوإياك نستعين- لابرهن له به ....)
-بحث مقترح مهم : هل نحن بحاجة لهذه المصطلحات الأصولية ؟ ومادام أن لها علاقة بالتفسير فهل نحن نطبقها كما يطبقها الأصوليون ؟ أم هل يمكن الاستغناء عنها لمصطلحات خاصة تكون مرتبطة بالتفسير؟.
-وجهة نظر د/مساعد: أننا عندما نقرأ فى كتب التفسير لا نجد لهذه المصطلحات أثراً وإنما نجد التطبيقات موجودة ، فهنا نقول أنه يمكن التجديد فى هذه الموضوعات والاقتصار على مانحتاجه ونرى له أثراً بيناً كالعام والخاص والمحكم والمتشابه النسبى ، أما بقيتها كالمنطوق والمفهوم والمجمل والمبين ..الخ فتطبيقها من جهة الاصطلاح قليل جدا فنحتاج إلى تطبيقها تطبيقات خاصة على سورة معينة مثلاً .
أما المتقدمون فتطبيقهم لها قليل جدا ولايوجد إلا فى الأحكام بقلةٍ أيضاً ، والشنقيطى مثالٌ لمن بحث هذه المباحث فى التفسير.
-يوجد بحث لفهد الوهبى بعنوان ( المباحث المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع الواحد والخمسون
فى وجوه مخاطباته
-لم يبين السيوطى مراده بالمخاطبات ، ويتضح أن مراده بها عموم الخطاب فى القرآن.
-هذا النوع وما بعده يرتبط بعلم البلاغة ، وهنا ندرك الوحدة الموضوعية فى ترتيب السيوطى للكتاب فقد بدأ فيما سبق بالعلوم الخاصة بعلوم القرآن ، ثم بأصول الفقه ، ثم فى بعلوم البلاغة .
-وهذا النوع واسع جداً ، ونفيس جداً ، ويمكن أن يفرع منه مباحث كثيرة لرسائل الماجستير والدكتوراة.
-ولذلك لم نر السيوطى ذكر فيه مؤلفات مما يدل على أنه لم يؤلِّف فيه ولم يجد لغيره مؤلفات فيه ، فهذا النوع يوجد مبثوثاً فى الكتب نحو(مجاز القرآن) لأبى عبيد ، والمدخل إلى تفسير كتاب الله للحجالى ، وكتاب ابن الجوزى الذى ذكره السيوطى.
-فالأنواع الأربعة الأُول التى ذكرها السيوطى يمكن إفرادها ببحث.
-النوع الأول يرجع لأصول الفقه من جهة ، ومن جهة أخرى يتعلق بوجوه المخاطبات.
-فى النوع الثالث يمكن إضافة مثال واضح وهو قوله تعالى ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم).
-استطراد متعلق بالنوع السابع : ينفع فى مناظرة النصارى وهو أن القرآن لم يذكر اسم (محمد)-صلى الله عليه وسلم- إلا فى أربعة مواضع فقط بخلاف أنبياء كثيرين كموسى وإبراهيم –عليهما السلام- مما يؤكد على أن القرآن ليس من عند محمد ، وإلا لأكثر من ذكر اسمه وكذا لما أظهر ماعوتب به فى نحو(لم أذنت لهم)..الخ.
-قاعدة مهمة فى فهم الأمثلة : (ليس من عادة الفُحل الإعتراض على المُثل ).
-فى النوع الرابع عشر مثل ب(وإن عاقبتم) وهذا على قول .
-وكذا فى النوع الخامس عشر مثل ب(ألقيافى جهنم) وهوعلى قول.
-فى تمثيله ب( قال قد أجيبت دعوتكما) الراجح أن التثنية هنا على بابها .
-فى النوع السادس عشر ذكر وجهاً لصاحب الكشاف وهو أضعف الأجوبة.
-المراد بالمقطوع والموصول فى نهاية الباب هو المتعلق بالمعنى.
-الحروف المصرفة المراد بها هى ( علم الوجوه والنظائر) والذى استخدم عبارة ( المصرفة) هو يحيى ابن سلام ، فلعله هو الذى نقل عنه السيوطى عندما قال ( فائدة: قال بعض الأقدمين ...) والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع الثانى والخمسون
فى حقيقته ومجازه
قواعد مهمة قبل الخوض فى الموضوع :-
-الخلاف فى وقوع المجاز فى اللغة خلاف ضعيف .
-قاعدة مهمة ( ليس كل أسلوب عربى موجود فى القرآن ، وكل أسلوب فى القرآن فموجود فى اللغة ).
-الأصل وجود المجاز فى اللغة والمخالفة لذلك مكابرة.
-الاختلاف فى أمثلة المجاز لا يكسر القاعدة التى هى الأصل فى وجوده بكثرة ، وليس كما قال ابن جنى بأن أغلب اللغة مجاز فهذا مذهب فاسد .
مسألة مهمة تتعلق بنشأة المجاز:

-نقل لفظة لمعنى آخر هو المجاز ويلاحظ وجوده بكثرة حتى فى كلامنا العادى ،لكن الإشكال هنا هو :
-من الذى يستطيع أن يحدد أن هذا الأمر هو الحقيقة وهذا هو المجاز؟؟؟؟
-وللجواب على ذلك نقول : إن هذا الأمر مرتبط بمسألة مهمة جداً ألا وهى ( هل اللغة بتوقيف ، أم باجتهاد واستنباط ؟؟)
-وهذه مسألة طويلة نذكرها باختصار فنقول :-
-إن أصل اللغة توقيفى قطعاً وهذا يدل عليه الكتاب والسنة ، ثم دخل بعد ذلك مع التوقيف ( الاستعمال) وهذا هو المشاهد فيما نتكلم به فى العامية فهى ترجع لأصول .
-فأصل اللغة بتوقيف لما علم الله –تعالى- آدم –عليع السلام- كما قال تعالى ( وعلم أدم الأسماء كلها) ، وكذا ما ورد فى الصحيح من حديث خلق آدم أنه أول ما خلق عطس فقيل له (قل الحمدلله) ، وكذلك لما قيل له قل ( السلام عليكم) للنفر من الملائكة ، فهذه كلها إلهامات فى اللغة.
-وهذه التحية الأصل أنها موجودة فى بنى آدم وتعرف بطريقين 1- النقل الصحيح المتصل بنبينا آدم. 2- الوحى.
فأما طريق النقل فهو منقطع لأن كثيرا من بنى آدم نسوا هذه التحية التى قال الله عنها ( إنها تحيتك وتحية بنيك من بعدك) ، لكن الوحى موجود وكمال الوحى يظهر إذا نزل على محمد-صلى الله عليه وسلم- وهى التحية التى بيننا.
واليهود كذلك يحيون بهذه التحية لكنهم يشيلون السين أى يبدلونها شينا ، فالسلام تحية موجودة عند من سبق ، وكما قال تعالى فى قصة إبراهيم( قالوا سلاماً قال سلام).
-وهذه اللغة التى تكلم بها آدم لها صفة مهمة وهى ( المرونة فى الاشتقاق ) ، فنحن نعلم أن الأصل فى الأسماء أنها لا تتغير لكنها قد تتحور نحو لفظ ( تونى – طونى ) فهما لفظ واحد لكن تحور النطق فقط مرة بالتاء ومرة بالطاء.
واستمرت هذه اللغة فى بنى آدم ونشز عنها بعضهم لأسباب
وزيد عليها أشياء كثيرة ثم توقفت لما نزل القرآن وهى ما تسمى ب (اللغة المعيارية) عند اللغويين أى التى يحتكم إليها ويوزن عليها مابعدها من اللهجات وما قبلها من اللهجات القديمة ، ولو تصورنا أن القرآن لم ينزل لظلت هذه اللغة تتطور لكن فى نفس البنية الاشتقاقة الموجودة وهذهالبنية الاشتقاقية موجودة الان لكنها تختلف عن اللغة المعيارية.
نتيجة لما سبق :

مما قررناه يتبين أن تطور الكلام قطعاً يؤثر فى الحكم على الكلام بالحقيقة والمجاز ، فعندما نقول أن لفظ ( قرآن ) أصله من مادة( قرأ) وهى بمعنى (جمع و تلا) والأصل فيها ( جمع ) لأن التالى يجمع الحروف إلى بعضها والكلمة إلى الكلمة والجملة إلى الجملة ، وهذا كما فعله ابن فارس والراغب الأصفهانى ، فهل هذا هو الأصل فى معرفة الحقيقة والمجاز ؟؟؟
نقول : أن هذا أصل يتفق على كثير منه لكن ليس هذا هو الأصل فى معرفة الحقيقة والمجاز ، وإنما الأصل فى ذلك إنما هو ( كثرة الاستعمال ) وهو الذى عليه عامة اللغويين.
-قاعدة مهمة ( إذا أطلقت اللفظة فيراد بها الحقيقة ولا ينتقل إلى المجاز إلا بقرينة واضحة).
-والصحيح أنه يوجد فى القرآن مجاز لكن لا يعدل عن الحقيقة إلا بقرينة ، فالخلاف بيننا وبين المعتزلة وغيرهم ليس فى وجود المجاز من عدمه وإنما فى وجود القرينة.
-
تنبيه مهم جداً جداً : الذين أثبتوا المجاز من أهل السنة عدد كثير من أولهم الإمام البخارى-رحمه الله- كما قال فى كتابه ( خلق أفعال العباد) مايلى :-
-
(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ أَكْثَرَ مَغَالِيطِ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الأَوْجُهِ حِينَ لَمْ يَعْرِفُوا الْمَجَازَ مِنَ التَّحْقِيقِ ، وَلاَ الْفِعْلِ مِنَ الْمَفْعولِ ، وَلاَ الْوَصْفِ مِنَ الصِّفَةِ ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْكَذِبَ لِمَ صَارَ كَذِبًا ، وَلاَ الصِّدْقَ لِمَ صَارَ صِدْقًا.
فَأَمَّا بَيَانُ الْمَجَازِ مِنَ التَّحْقِيقِ فَمِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفَرَسِ ، وَجَدْتُهُ بَحْرًا وَهُوَ الَّذِي يَحُورُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ، وَتَحْقيقُهُ أَنَّ مَشْيَهُ حَسَنٌ ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ : عِلْمُ اللَّهِ مَعَنَا وَفِينَا ، وَأَنَا فِي عِلْمِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ ، وَمِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ : النَّهْرُ يَجْرِي ، وَمعنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ يَجْرِي وَهُوَ التَّحْقِيقُ ، وَأَشْبَاهُهُ فِي اللُّغَاتِ كَثِيرَةٌ.)ا.هـ

-
فيلاحظ أن من ركب المجاز وهم علماء أفاضل مثل العزِّ بن عبدالسلام وقع فى كثير من الأغلاط بسبب المبالغة فى المجاز فجعل أشياء كثيرة منه وهى ليست كذلك ،و فعلهم هذا لا يعنى أن المجاز ليس بصحيح فى أصله ، وإنما نقول ( كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر) ، وكذلك الذين يبالغون فى نفى المجاز لهم وجه فى ذلك ، ولكن أيضا إثباته على قول من يقول بنفيه صعب جداً ، ونفيه على قول من يقول به صعب جداً ، فالمسألة تكاد تكون قوية ، ولولا مبالغة الشيخين ابن تيمة وابن القيم فى نفى المجاز لما صار مشكلا عند من جاء بعدهم ، فنقول من باب التحقيق العلمى ( ينبغى أن ينظر إلى الأقوال وليس إلى الرجال) فقد قال ابن تيمة بأن المجاز لم يعرف إلا بعد المائة السادسة!! فكيف ذلك وقد رأينا كلام الإمام البخارى وهو قبله.
-
( فينبغى التنبه إلى أن المسألة علمية قابلة للأخذ والرد).
 
النوع الثالث والخمسون
فى تشبيهه واستعارته
- جعل ابن عقيلة المكى هذا النوع على قسمين ، الاستعارة لوحده ، ثم التشبيه وهذا أولى لأن كلاهما علم ، وكل عالم له تقسيم معين.
- فالسيوطى فى كتابه ( التحبير) قصد نثر كتاب البلقينى (مواقع النجوم) ، وقصد بعدذلك الضم والجمع فى الإتقان ، ثم جاء ابن عقيلة ونثر ما جمعه السيوطى .
- والأولى أن تكون التقسيمات كلية وجزئية.
- استدرك ابن عقيلة على السيوطى عند تقسيمه للتشبيه باعتبار طرفيه عند قوله ( ومثال الرابع : لم يقع فى القرآن ، بل منعه الإمام أصلا لأن العقل مستفاد من الحس ، فالمحسوس أصل للمعقول).ا.هـ
فاستدرك ابن عقيلة عليه وذكر أن هناك مثال هو (طلعها كأنه رءوس الشياطين).
- تنبيه : وهنا ينبغى التنبه إلى أن مثل هذه الأمور عقلية تختلف من عالم لعالم آخر ، والتجريد الذهنى قد تضيع منه أمثلة كثيرة ، وهذه مشكلة عامة .
- عند ذكره بعضا ممن أنكر وجود الاستعارة نقل ذلك عن القاضى عبدالوهاب فينبغى الرجوع إلى كلام القاضى نفسه وفهم مراده بعدم ورود فى ذلك إذن من الشرع.
- ينبغى تطبيق هذه العلوم مباشرة على القرآن ثم الرجوع إلى الكتب التى عنيت بذلك .

النوع الرابع والخمسون
فى كنايته وتعريضه
- عند ذكره لأسباب الكناية مثل بقوله تعالى (هو الذى خلقكم من نفس واحدة) وذكر أن فيها تنبيه على عظم القدرة ، لكن هذه الفائدة التى ذكرها لا تؤثر لو قال فى الآية( هو الذى خلقكم من أدم ) فهما متساويان .
- عند ذكره للسبب الثانى قال ( فكنى بالنعجة عن المرأة كعادة العرب ) ، هذا تعبير ليس بدقيق لأن التسمية عند العرب للمرأة على حسب الحال فهم يتلذذون بذكر اسم الحبيبة مثلا وليس كما أطلق السيوطى أنه من عادتهم .
- وكذلك عند تمثيله للسبب الثالث فنقول أن كل هذا مما يراعى فيه استعمال اللفظ الأحسن على السمع ، ولو اقتضى الحال ذكر اللفظ الأبشع لكان هو المقدم ، فالحال محكم فينبغى عدم الإطلاق ، ففى توجيهه لقوله تعالى ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) قال أن ذلك كناية عن المعانقة باللباس ، لكن المعنى أوسع مما ذكره السيوطى ففي الآية معنى المخالطة والستر وهذا من بلاغة القرآن.
- تنبيه : مما سبق ينبغى التنبه إلى أنه لا يلزم من التعبير بالكناية أنها أفضل من التصريح كما ذكر السيوطى مثلا عند قوله تعالى ( والتى أحصنت فرجها ) بأن المراد به فرج قميصها ، وهذا توهم غريب من السيوطى –رحمه الله- لأن التعبير بالفرج هنا فيه مدح لمريم-عليها السلام- بوصفها بالطهارة فالتصريح أقوى ، والصحيح أنه نفخ فى درعها حتى وصلت النفخة إلى فرجها .
- وعند السبب الرابع مثل له بقوله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ) وقال هذا كناية عن سعة جوده وكرمه .ا.هـ
وهذا خطأ أوقعه فيه خلل واقع من مقدمات عقلية ، فالذى قاله هو لازم الصفة ، والسلف يثبتون الصفة ولازم الصفة ، لأن الذى مشي عليه السيوطى وغيره فى هذا الباب مشكل من كون وجود ألغاز فى القرآن وهذا خطأ فالقرآن ليس محلاً للألغاز كما قال ابن عطية ، فلا يمكن أن يصف الله –تعالى- نفسه بكل هذه الصفات فيقول ( الرحمن على العرش استوى – بل يداه مبسوطتان- والسماوات مطويات بيمينه ....الخ) ويكون الظاهر غير مراد فى كل هذا ، وهذا الذى ذكره السيوطى نقلا عن الزمخشرى لم يفهمه أحد من السلف غيره ، لكن ينبغى التنبه إلى أن هؤلاء العلماء كان قصدهم التنزيه فوقعوا فى مثل هذا.
- عند نقله لكلام الطيبى فى نهاية الباب قال ( وإما لاستدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم ، ومنه (لئن أشركت ليحبطن عملك) خوطب النبى وأريد غيره لاستحالة الشرك عليه شرعا)ا.هــ
وهذا الكلام الذى ذكره ليس بصواب وقد قال به أبوحيان كذلك مع سعة اطلاعه فى اللغة ، ومشكلتهم فى ذلك الخطأ فى مفهوم العصمة ، وإلا فكيف نفعل فى آيات الإسراء عندقوله تعالى ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا*إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) وهى كلها خطابات موجهة للنبى-صلى الله عليه وسلم- فالصحيح توجهها للنبى كما ذكرنا وإذا كان هذا قد وجه لمن يستحيل منه وقوع الشرك فمن باب أولى توجهه لمن يمكن وقوع الشرك منه وهذا أقوى وأبلغ ، ومذهب السيوطى وغيره هذا فى حشمة ورعاية لمقام النبى-صلى الله عليه وسلم- وليس فيه رعاية لكلام الله-تعالى- الذى هو أعلم بمايقول وينزل.
 
النوع الخامس والخمسون
فى الحصر والاختصاص​
- هذا المبحث من المباحث المتممة للمباحث البلاغية السابقة ، وهو مبحث مهم اهتم به علماء البلاغة وكل من اعتنى ببلاغة القرآن كالزمخشرى والبيضاوى ومن سار على نهجهما كأبى السعودفى (إرشاد العقل السليم) ، والبيضاوى ، والنسفى ، والشربينى فى (السراج المنير) ، ومن أنفس كتب المتأخرين كتاب الطاهر ابن عاشور.
- تأتى أهمية هذا المبحث بعد الفهم الأَوَّلى الإجمالى لمعنى الآية ، وليس معنى ذلك أنه لا يؤثر فى بلاغة المعنى بل المقصود أنه لا يؤثر فى المعنى الجملى الأولى للآية ، فكلامنا فى هذا المبحث فى المعانى الثانوية فمثلاً عند تفسير قوله تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين) نقول : أى نعبدك ونستعين بك ، أما لو أردنا تفسيرها بأسلوب الحصر فنقول : لانعبد إلا إياك ، ولا نستعين إلا بك.
- فهذا الباب إذاً ليس له علاقةُ مباشرةُ بالتفسير بل هو من علوم القرآن المرتبطة بعربية القرآن.
 
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.

هناك اختصار للإتقان لأحد الإخوة : صلاح الدين أرقه دان. مختصر الإتقان في علوم القران
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=1512

لعلكم تطلعون عليه و تعلقون عليه.
نسأل الله التوفيق و السداد.
 
التعديل الأخير:
أسأل الله أن يكتب أجرك أخي الفاضل وليتك تواصل وتتحفنا ببقية تعليقات الشيخ حفظه الله.
 
أسأل الله أن يكتب أجرك أخي الفاضل وليتك تواصل وتتحفنا ببقية تعليقات الشيخ حفظه الله.
 
عودة
أعلى