تعليقات الشيخ مساعد الطيار على الناسخ والمنسوخ

بدر الجبر

New member
إنضم
22/08/2005
المشاركات
48
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
هذه تعليقات الشيخ مساعد على النوع السابع والأربعين من الإتقان ولا يخفى أهمية هذا النوع والحاجة إلى توضيحه وكشف غموضه فجزى الله الشيخ مساعد الطيار خيرا ورفع قدره ونفعنا الله بعلمه أجمعين.

[align=center]النوع السابع والأربعون: في ناسخه ومنسوخه[/align]
• ذكر السيوطي المصنفات في هذا العلم ؛ منها أربعة مطبوعة ، وهي:
1. كتاب أبي عبيد بن سلام: له طبعة واحدة –فيما أعلم- بتحقيق: الشيخ الدكتور محمد المديفر ، وهو تحقيق متميز.
2. كتاب ابن النحاس، وأفضل تحقيق له: تحقيق الشيخ الدكتور سليمان اللاحم.
3. كتاب مكي بن أبي طالب ، وقد حققه الدكتور أحمد حسن فرحات.
4. كتاب ابن العربي: حققه: عبد الكبير المدغري من المغرب.
أما كتاب أبي داود السجستاني -صاحب السنن- وكتاب ابن الأنباري –اللغوي المشهور- فهي غير موجودة.

• لم يعرج الإمام على تعريف الناسخ والمنسوخ؛ وكأني به –رحمه الله- تركه لشهرته, ويمكن أن نأخذ مما طرحه أنه أراد به التعريف الاصطلاحي عند الأصوليين على خلاف بينهم في تعريفه, لكن المهم في ذلك هي أركانه وهي: أن تكون هناك آية وتنسخ بآية أخرى بشرط التراخي, أي: نسخ حكم شرعي بحكم شرعي آخر متراخٍ عنه فلا بد من اعتبار الزمن.

• قول السيوطي: (وفي هذا النوع مسائل: الأولى: يرد النسخ بمعنى الإزالة, ومنه قوله تعالى: ﴿فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِه﴾ [الحج:52] .
النسخ المراد في الآية على وجهين:
1. ما يحصل من إلقاء الشيطان إما على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في حديث الغرانيق المشهور (تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى) فقد قيل فيه: إن الشطان تكلم بصوت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فظن المشركون أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي قال هذا ، فنسخ الله ما ألقى الشيطان ، ثمَّ أحكم آياته ، وهذا الحديث فيه كلام من جهة ثبوته وليس هذا محل تحرير ذلك .
2. أو أن يراد بالنسخ في الآية : تلك الأفهام الباطلة التي يلقيها الشيطان في قلوب المؤمنين فينسخها الله بمحكم الآيات بحيث يزول ما في قلب المؤمن ما دخله من الشبه الشيطانية.

• ذكر السيوطي أن من أنواع النسخ الاصطلاحي: التبديل ومنه ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ﴾ (النحل:101) أي ينسخ آية ويأتي ببدل لها.
أقول : وقد يكون النسخ ـ أيضًا ـ بلا بدل.

• فائدة: ما يستنسخ من اللوح المحفوظ لا يحاسب عنه الإنسان إلا إذا عمله.

• قول السيوطي: (وقد أجمع المسلمون على جوازه) قال الشيخ: إلا ما يذكر عن أبي مسلم الأصفهاني المعتزلي أنه لا يرى النسخ.

• بعض اليهود ينكر النسخ ، وليس هذا من مباحث علوم القرآن ، ولا حاجة لنا ـ هنا ـ بذكر كلام اليهود ونقضه .

• أيضاً بعض النصارى ينكر النسخ ، وبعضهم اليوم يجادل في هذا ، ويتكلم على النسخ عند المسلمين بكلام يصل فيه إلى حد البذاءة مع الرب سبحانه وتعالى؛ لأنه يرى أن رب المسلمين غير رب النصارى, واليهود يرون أن ربهم غير رب المسلمين والنصارى, أما المسلمون فيرون أن الرب واحد.

• لا بد من تحديد مفهوم النسخ عند هذه الطوائف عند الحديث معهم فإذا حددنا مفهوم النسخ الذي ينكرونه فيمكن أن نثبت عليهم من كتبهم وجود النسخ الذي ينكرونه؛ ولهذا أقول: إن إنكار النسخ من هذه الطوائف إنما هو مكابرة, فالنصارى ـ وهم الأكثر جدالا مع المسلمين, أما اليهود فجدالهم مع المسلمين يكاد يكون منعدماً؛ لأنهم يرون أن لليهود ربهم الخاص بهم ، وهم لا يدعون غيرهم إلى دينهم ، ويرون أن اليهودية لا تكون إلا في أشرف الأعراق؛ ولذا يقل الجدال بين اليهود والطوائف الأخرى ـ إذا ناقشونا في هذه القضية نطلب منه تحديد مفهوم النسخ ، ثم نناقشهم ، ونقول لهم ـ بعد تحديد مفهوم النسخ ـ : إننا نحتجُّ عليكم بجميع الأسفار التي عندكم في العهد القديم والعهد الجديد.
والأدلة على وجود النسخ عندهم كثيرة منها: قضية الختان ففي أحد أناجيلهم أن عيسى صعد إلى الجبل واختتن بعد نبوته فهي ثابتة عندهم، وأصل الاختتان سنة إبراهيم، ففي سفر التكوين (17 : 10 ـ 14 ) : (. 10 هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11 فَتُخْتَنُونَ فيِ لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12 اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فيِ أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13 يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فيِ لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14 وَأَمَّا الذَّكَرُ الْأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فيِ لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي» ) .
وعيسى اختتن بناء على سنة إبراهيم, فقد جاء في أنجيل لوقا : ( 2 : 21 ) : (2 21 وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ ) ، وفي إنجيل يوحنا (7 : 19 ـ 24 ) : (19 أَلَيْسَ مُوسَى قَدْ أَعْطَاكُمُ النَّامُوسَ؟ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَعْمَلُ النَّامُوسَ! لِمَاذَا تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي؟» 20 أَجَابَ الْجَمْعُ وَقَالُوا:«بِكَ شَيْطَانٌ. مَنْ يَطْلُبُ أَنْ يَقْتُلَكَ؟». 21 أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «عَمَلاً وَاحِدًا عَمِلْتُ فَتَتَعَجَّبُونَ جَمِيعًا. 22 لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الْإِنْسَانَ. 23 فَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فيِ السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لِأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فيِ السَّبْتِ؟ 24 لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً».
والآن النصارى لا يختتنون ولو سألت أحبارهم فالقليل منهم من يقول بجوازه, أما الذي أبطله من النصارى فهو (بولس) ، قال إلى أهل غلاطية ( 5 : 2 ـ 6) (. 2 هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! 3 ل?كِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. 4 قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5 فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الْإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6 لِأَنَّهُ فيِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ )
فترك النصارى للختان هو صورة من صور النسخ، بل هذا المثال من أشنعه لأن الذي نسخ الختان إنما حرَّف سنة الله التي فطر الناس عليها ، وتفصيل هذا في غير هذا المقام .

• قول السيوطي: (لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي)
يشير السيوطي بقوله هذا إلى النسخ الأصولي أي ردّ حكم شرعي بحكم شرعي؛ ولذا قال: الأخبار لا يدخلها النسخ, وهذه القاعدة أن الأخبار لا تنسخ قاعدة صحيحة لكن نقول النسخ على نوعين: نسخ كلي ونسخ جزئي, فالنسخ الكلي هو الذي تنطبق عليه هذه القاعدة وهو الذي يقع في الأحكام, أما النسخ الجزئي فهو رفع جزء من حكم الآية أو خبرها, فالنسخ الجزئي يدخل في الأخبار ، ومثاله: قول ابن عباس عند قوله: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ (الشعراء:224) قال: نسخها قوله: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾، ولو طبقنا قاعدة السيوطي ( بأن الأخبار لا تنسخ ) ، فإنا سنقول : إن ابن عباس أخطأ في القول بالنسخ في هذه الآية, وهذا أمر مشكل ، إذ ليس ابن عباس وحده ممن يقول بنسخ الأخبار ، بل هو قول عامة مفسري السلف .
لكن إذا عرفنا أن ابن عباس أراد هنا النسخ الجزئي, فالنسخ الجزئي ـ الذي عليه كثير من كلام السلف ـ يدخل فيه: بيان المجمل, وتخصيص العام, وتقييد المطلق, والاستثناء, فمصطلح النسخ عند السلف أوسع؛ لأنه يشمل النسخ الكلي والجزئي, أما مصطلح النسخ عند المتأخرين فإنه لا يشمل إلا النسخ الكلي فقط .

• أنواع النسخ قال السيوطي: (النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب:
أحدها: ما نسخ تلاوته وحكمه معاً)
هذا قليل إن لم يكن نادراً لكن تبقى التلاوة فقط, مثاله: قول عائشة: كان فيما أنزل: عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله  وهنَّ ما يقرأ من القرآن. قولها: (عشر رضعات) هذا نسخ تلاوة وحكماً لكن بقيت الإشارة إلى تلاوته كما في كلام عائشة, وهي غير موجودة في القرآن الذي بين أيدينا الآن, أما قولها: (فنسخن بخمس معلومات) أي نسخت تلاوة وبقيت حكماً.

• قال السيوطي: (الضرب الثاني: ما نسخ حكمه دون تلاوته) هذا هو النسخ الكلي وأمثلته كثيرة وإن كان بعض المعاصرين يرى أن الذي ينطبق عليه هذا النوع هو آية الصدقة فقط ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13).

• قال السيوطي: (الضرب الثالث: ما نسخ تلاوة دون حكمه), ومن أشهر الأمثلة على النسخ في هذا النوع آية الرجم وهي (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجمهما ألبتة نكالاً من الله ....) ويعترض البعض أن هذه ليست على نسق القرآن ونظمه المعروف, ونقول : هاهنا قاعدة ، وهي : ( إن أيَّ آيةٍ نُسِخت فإنه يزول عنها ما للقرآن من خصائصه في نظمه وإعجازه ) ، ولذا قد تروى بالمعنى ، وهنا يزول الإشكال.

• هناك ضرب رابع في النسخ لم يذكر السيوطي ، وهو: نسخ التلاوة والحكم معاً دون الإشارة إلى تلاوته فهناك آثار تدل على أن هناك آيات نُسِخت تماماً ؛ كما في كلام عائشة في سورة الأحزاب ، قالت: (كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي  مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن) وفيه نكارة لكن روي بطرق متعددة.

• تعقيب:
يجب أن ننطلق في هذه التقسيمات وغيرها من الأمثلة ، فنستقرئها ، لا أن نُقَّعِد القواعد ثم ننطلق منها ، ثم نذكر لها أمثلة ، فالانطلاق من الأمثلة لتقرير القواعد هو الأمثل . وقد أشار شيخ الإسلام في مقدمته إلى مشكلة من مشكلات أهل العقائد الفاسدة : أنهم قرروا قواعدهم ثم بحثوا عن أمثلة لها .
أولاً : قال السيوطي: (قال الحسين بن المنادي في كتابه (الناسخ والمنسوخ): ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد) .
أقول: هذه من الآثار التي يدور حولها جدل كثير ، وقد أرد المستشرقون استغلالها في زعمهم بالنقص الذي اعترى جمع القرآن .
والردُّ عليهم هاهنا بقاعدة مهمة ، وهي : إن أي شيء يثبت في المصاحف الخاصة بالصحابة فإنه لا يكون حجة على المصحف المجمع عليه.
ولا يعني هذا عدم الاستفادة منه ، لكن المقام هنا لا يحتمل التفصيل .
ثانيًا : الأصل في هذا الباب أنه نقلي؛ لأنه لا يحكم بالنسخ إلا الله سبحانه ، لكن طريق معرفة النسخ هي الآثار وقد يكون فيه اجتهاد كما ذكر ابن الحصار : إذا وُجِد التعارض التام ، أو وجد الإجماع على أن هذه الآية تنسخ هذه الآية ، فإن الإجماع يكون له مستند من الشرع .
ثالثًا : إذا كان النسخ كلياً فإن المعنى لا يتأثر فلذا النسخ الكلي ليس من علوم التفسير فمعنى الآية الناسخة والمنسوخة واضح ولا إشكال, وبما أن النسخ لا يقع في معاني الآيات ، وإنما هو رفع حكم معلوم المعنى بحكم آخر معلوم المعنى ؛ لذا فإنه من علوم القرآن فقط؛ لأن المسألة مرتبطة بالأمر ونوعه لا بمعنى الآية ، ولو افتُرض وقوع خطأ من مفسر في حمل الآية على معنييها ، فإنه خطأ من جهة تطبيق الآية لا من جهة بيان معانيها .
أما النسخ الجزئي فهو من علوم التفسير قطعاً؛ لأن تخصيص العام يؤثر على المعنى ، فبالقول بالعموم يكون للآية معنى يخالف المعنى عند القول بالتخصيص في هذا العموم ، ولما كان المعنى يتأثر في هذا المقام ؛ دلَّ على أن النسخ الجزئي من علوم التفسير .

• علاقة هذا النوع بعلوم القرآن الأخرى:
- النسخ الجزئي له علاقة بمبحث المتشابه النسبي ؛ لأنه ليس كل واحد يعرف تخصيص العموم ولا تقييد المطلق إلخ ، فلما كان يقع فيه اشتباه على بعضٍ دلَّ على أنه من المتشابه النسبي الذي يعلمه قوم دون قوم .
- النسخ الجزئي له علاقة بالمجمل والمبين ، والمطلق والمقيد ، والخاص والعام .
- النسخ له علاقة بأحكام القرآن خاصة النسخ الكلي, أما الجزئي فإن كان يتعلق بالأحكام فهو داخل وإلا فلا.
- النسخ له علاقة وثيقة بالفقه وأصول الفقه.
• فائدة: القراءات الشاذة والأحرف الشاذة يحكم عليها بأنها مما نسخ ، والذي يدلُّ على نسخها عدمُ وجودها في مصحف عثمان .

• فائدة: يمكن بحث زاوية في كتب النسخ ، وهي أن تُتَتَبَّع تنظير العلماء في مفهوم النسخ في كتب الناسخ والمنسوخ ثم تُتَتَبَّع التطبيقات فيها لمعرفة تدرج مفهوم النسخ وما فيها من أنواع النسخ وكيف عالجت هذه الكتب هذه القضية ، وهذا مهم جداً .
وكذا يمكن أن يُدرج في ذلك بحث الآثار على وجه الاستقراء ؛ لمعرفة ما ثبت ثبوتاً صحيحاً من الآثار وما فيه ضعف لا يمكن الاحتجاج به .
 
هذه تعليقات الشيخ مساعد على النوع السابع والأربعين من الإتقان
ثالثًا : إذا كان النسخ كلياً فإن المعنى لا يتأثر فلذا النسخ الكلي ليس من علوم التفسير فمعنى الآية الناسخة والمنسوخة واضح ولا إشكال, وبما أن النسخ لا يقع في معاني الآيات ، وإنما هو رفع حكم معلوم المعنى بحكم آخر معلوم المعنى ؛ لذا فإنه من علوم القرآن فقط؛ لأن المسألة مرتبطة بالأمر ونوعه لا بمعنى الآية ، ولو افتُرض وقوع خطأ من مفسر في حمل الآية على معنييها ، فإنه خطأ من جهة تطبيق الآية لا من جهة بيان معانيها .
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على هذه الفائدة .
وألفت النظر إلى أن النسخ يكون لعموم الحكم سواء أكان مترتبا على اللفظ أو التلاوة .
والأول ظاهر ، وأما الثاني فيوضحه أن :
التلاوة حكم ، أو في معناه ، قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (2 / 274) : (التلاوة حكم ، والمراد بها متعلق الحكم ; فلأنه يجب تلاوتها في الصلاة ، وتصح وتنعقد بها ، وتستحب كتابتها ، والوجوب ، والصحة ،والاستحباب أحكام متعلقة بالتلاوة ; فهي حكم أو في معنى الحكم ) فهذا الحكم هو محل النسخ دون المعنى .
ومن هنا ظهر لي وجه عبارة الشيخ العثيمين - رحمه الله - حيث قال في الأصول من علم الأصول : (ثبوت الناسخ واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ فلا يُنسخ المتواتر عندهم بالآحاد وإن كان ثابتاً ، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى؛ لأن محل النسخ الحكم ولا يشترط في ثبوته التواتر)
ولكن قوله ( ولا يشترط في ثبوته التواتر) لم أهتد لفهمه ، فالمقصود من هذا التعليل بيان أن الحكم - عند الشيخ - لا يشترط فيه أن يكون قطعيا ، بمعنى أنه يمكن أن يكون قطعيا أو ظنيا ، وعليه فمحل الإشكال لا يزال قائما ، وهو إن كان الحكم قطعيا هل ينسخ بالظني ؟
أرجو أن تكون عبارتي واضحه المعنى ...
 
جزى الله الشيخ مساعد الطيار ـ حفظه الله ـ خير الجزاء على هذه التعليقات الماتعة والنافعة ،وجزى الله الطالب الذي نقل لنا هذه التعقليات خيراً وبارك فيه،ونحن في انتظار نقل المزيد من دروس الشيخ ، وهذا حقٌ على طلابه وشرفٌ لهم.
 
عودة
أعلى