تعقيب الدكتور مساعد الطيار على بحث ابن جرير الطبري ومنهجيته في التدبر

إنضم
17/10/2011
المشاركات
54
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
40
الإقامة
المدينة المنوره
ذكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار -في تعقيبه على البحث الذي قدمته في مؤتمر تدبر القرآن بالدار البيضاء بالمغرب وعنوانه (ابن جرير الطبري ومنهجيته في التدبر) -ملاحظاتٍ مهمة تتعلق بمصطلح التدبر عموما،ً وبالطبري على جهة الخصوص، وحتى تعم الفائدة قمت بتلخيص ما ذكره فضيلته، ومن عنده إضافة أو تعقيب فالمجال مفتوح.
ملخص ما ذكره فضيلة الدكتور مساعد الطيار حفظه الله:
1- هناك خلط كبير جداً بين المصطلحات، وافتعال بعض القضايا والأفكار لأجل كتابة هذا الموضوع وإقحامه في مفهوم التدبر، وأتمنى أن يتدبر الباحثون والقارئون هذه الملحوظة.
2- الطبري لم يفسر كلمة التدبر عند آيات التدبر الأربع، بل أعاد نفس اللفظة كما هي مما يشعر بأن معنى التدبر عنده معنى لغوي بحت، وليس له معنى أو مصطلح مستقل.
3- التفسيرات التي وردت فيها لفظة التدبر عند الطبري أيضاً استخدمها بمعناها اللغوي، ولذا يكرر بعض المصطلحات المرادفة للتدبر؛ كالاعتبار والتأمل والتفكر، وكل هذا يشعر بأن المسألة عنده لا تتجاوز المعنى اللغوي.
4- لا يكون هناك تدبر في حجة الله على خلقه، وفي شرائعه، ومواعظه، وحلاله وحرامه، مثل ما وضعه الباحث بل هي جاءت في الحقيقة عفو الخاطر من الطبري.
5- ملاحظة تتعلق بأول شرط من شروط التدبر وهو فهم المعنى، إن قلنا إن التدبر أمر آخر غير فهم المعنى، فما معنى إذاً إن من شروط التدبر فهم المعنى، ثم يعمل الطبري فهم المعنى أو تدبر المعنى في تدبر المعنى؟ ملاحظة على ما ذكره الباحث أن الطبري يعمل التدبر في نقد الأقوال والروايات، فهذا يدل على إشكالية في قضية المصطلح.
6- التدبر في حقيقته عملية عقلية بحته وهو كذلك في كلام العرب والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما يتكلم عنه الباحثون فيما يتعلق بالتدبر إنما هو نتيجة التدبر وليس تدبراً، فالكلام الذي يُعبَّر عما عملناه عقلاً أو الكتابة فهو في الحقيقة نتائج وليس تدبراً.
7- لا أرى أن يكون التدبر علماً، ولا يصلح أن يكون منهجاً تدريسياً؛ ولكن يمكن أن يكون ورشة عمل يُعلَّم الطلاب كيفية تدبر القرآن، ولهذا نلاحظ كلمة الاستنباط تنساب من بعض المتحدثين عن التدبر؛ لأن الاستنباط نتيجة للتدبر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،
 
ما شاء الله ملاحظات دقيقة جدا؛ ولا ينبئك مثل خبير ؛ حفظ الله الشيخ مساعدا الطيار، وبارك في الفاضل فواز.
 
جزاك الله خيرا وبارك فيك
لكن ليت الشيخ أ.د.مساعد الطيار حفظه الله يوضح هذه المسألة
بصورة أكبر.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

اسمحوا لي مناقشة موضوع التدبّر من خلال النقاط التالية :

النقطة الأولى :

إن الأصل في الفعل الإنساني أن يكون من أجل تحقيق غاية أو قصد ، والفعل الذي بدون غاية ،
فإما أن يكون عبثاً أو صادرا عن إنسان ليس ذو سوية عقلية أو بدنية..
بل إن فعل أو سلوك الكائن الحي إنما هو فعل لغاية ، ألا وهي إشباع إحدى جوعاته العضوية أو الغريزية ..
ومن هنا ، فمن الناحية العملية والواقعية ، لا يمكن الفصل بين الفعل الإنساني العاقل وبين القصد والغاية منه ،
فمُراد الإنسان حتى يتحقق لا بد له أفعال ، وأشياء متعلق بها ( الأدوات والوسائل ) .
وهي مناط الحكم الشرعي المتعلق بأفعال العباد ، وهو على الأحكام الخمسة المعروفة .
والأشياء لها حكمان : إما حلال أو حرام .

أما من ناحية النظر والفهم - يعني من الناحية النظرية - فيمكن النظر إلى الفعل بشكل مجرّد
ومنفصل عن مقدماته والغاية منه وآثاره والأشياء المتعلق به ..
إلا أن الأمر يختلف عند النظر إلى الفعل الإنساني في الواقع عند وجوده فعلاً وحدوثه في الواقع ،
فلا يمكن فهمه فهماً صحيحاً إلا ضمن مقدماته ونتائجه والغاية منه .

النقطة الثانية :
القرآن عندما تعامل مع الفعل الإنساني والأشياء المرتبطة به والغاية منه ..
تعامل معها تعاملاً واقعياً ، يعني كما هي في واقع حال الإنسان ، فلم يفصل بينها ..

النقطة الثالثة :
وعدم ملاحظ - اعتبار - النقطتين السابقتين كان من أحد أسباب الخلاف بين علماء المسلمين
في فهم بعض المصطلحات أو المفاهيم التي وردت في القرآن الكريم .
ومثال لذلك الاختلاف ، الاختلاف في تعريف الإيمان ما هو ، وهو معروف مشهور :

فمن قائل : أنه التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل .
أو أنه التصديق مطلقاً .. وهذا لا يزيد ولا ينقص ..
ولا يدخل فيه الأفعال ولا الأقوال فهي من آثاره ونتائجه وليست هو .. الخ
لكن التعريف الصحيح والذي ينطبق على حقيقة الفعل الإنساني وعلى طريقة بيان القرآن الكريم له وتحديده ..
هو التعريف القائل : أنه ، الإقرار بالقلب ، والنطق باللسان ، والعمل بالجوارح . وهو يزيد وينقص .

فالقرآن عندما يتكلّم عن الإيمان يذكره مقروناً بالعمل الصالح ..
وفي الواقع الإنساني إذا كان الإنسان مصدقاً جازماً بأمر ما ، فلا بد أن يظهر أثر ذلك على سلوكه حتماً ..
وهذه بدهية مسلّم بها ..

كما ذكر الله تعالى - في سورة الماعون – خصائص وطبائع الذي يكذّب بيوم الدين ..
وفي سورة الليل بين الله تعالى خصائص وطبائع الإنسان " الأشقى " وعلى النقيض منه الإنسان " الأتقى " ..

وهنا نصل إلى فهم فعل التدبّر الذي أمرنا الله تعالى به عند النظر في كتاب الله وآياته :

فهناك مَنْ عرّفه بأنه عملية عقلية ، يعني فهم للقول ونظر فيه ،
وهو غير نتائجه من أخذ العبرة والخشية من الله تعالى ..

هنا ، يوجد فصل بين الفعل وحيثياته ونتائجه .

وهناك من عرّفه بأنه : الوقوف عند الآيات ، بحضور القلب ، والنظر والتأمل فيما تدل عليه
من الهدايات ، بقصد الإنتفاع بها ، إيماناً وعلماً وعملاً ..
فلا يتحقق التدبّر إلا باجتماع أركانه الثلاثة ، وبها يتميّز عن غيره من المفاهيم ،
مثل التفكّر والاستنباط ..: وأركانه هي : حضور القلب ، والتأمّل في الآيات ، قصد التذكّر والاعتبار .

هنا ، لا فصل بين الفعل وحيثياته ونتائجه ..

ملاحظة عامة : هذا ، وقد يكون ما بيّنا سابقاً له تأثير مباشر على معرفة إن كان
ذلك المصطلح – أي مصطلح – قد نقل القرآن مفهومه إلى مفهوم شرعي غير مفهومه اللغوي ،
يعني هل أصبح لذلك المصطلح مفهوماً شرعياً غير مفهومه – دلالته – في اللغة ، أم لا ؟ .

وحتى لا أطيل أكثر على حضراتكم ، أُحيلكم إلى بحث ( مفهوم التدبّر في ضوء القرآن الكريم والسنة والآثار )
- د محمّد بن عبد الله الربيعة . وفيه بيان أن التعريف الثاني هو التعريف الصحيح ..
وهو ضمن ( أوراق عمل الملتقى العالمي الأول تدبّر القرآن الكريم ) وهي مطبوعة .
وموضوعها : ( مفهوم التدبّر تحرير وتأصيل ).

هذا ، والله تعالى أعلم وأحكم .. وصلّى الله وسلّم على نبينا محمّد .
 
أظن هذه المؤتمرات لم تتفق بعد على معنى التدبر، حيث أن هذا المصطلح حادث و ليس محررا في كتابات المتقدمين
ولذلك نجد اختلافات واستدراكات كثيرة من أصحاب الفضيلة على بعض، و قد سمعت الشيخ خالد السبت يقول هذا !!

ما الفائدة من مثل هذه المؤتمرات؟! لا أدري

و أرجو المعذرة
 
عودة
أعلى