تعرّفْ بمثال على باءِ الحال!

إنضم
30/04/2011
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المدينة النبوية
قال الباقولي الأصبهاني: في قوله تعالى {ونحن نسبح بحمدك} أي نسبح حامدين لك؛ وهذه الباء تسمى باء الحال؛ قال الله تعالى: {وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به} أي قد دخلوا كافرين وخرجوا كافرين؛ وقالت العرب: خرج زيدٌ بسلاحه أي متسلحاً.
وقال في الحماسة:
مشينا مِشية الليث
غدا والليث غضبانُ
بضربٍ فيه تَوهينٌ
وتخضيع وإقرانُ​
أي مشينا ضاربين.
كشف المعضلات (31/1)​
فانظر رحمك الله إلى العلم؛ كيف أنه أتى باسم الباء، ثم استشهد لها من القرآن، ثم بكلام العرب، ثم ختم استشهاده بديوان العرب -الشعر- فتأمل!
 
صدقت أخي فتح الله عليك، وهذا مما يبين أيضا مقامات التصنيف، وقدرات المصنِّفين، فإن منهم من رزقه الله التوضيح والتبيين، وحسن العرض وتحرير القول والإحاطة بجوانبه..وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ومن جميل فوائد معرفة اسم "هذه الباء"، أنها توضح ما يشكل على كثيرين من العبارات الشرعية التي يُغفل عن دقيق دلالتها، كالذكر المعروف: "سبحان الله وبحمده" فهو نظير قوله تعالى: "ونحن نسبح بحمدك" الذي صدّر به الباقولي كلامه السابق، فإن معناه: أنزه الله حامداً له، وهو معني جليل قل من يستحضره أثناء الذكر.​
 
أشكر الأخ سعيد
ونسأل سؤالا لكل من كان حاضرا
قال الباقولي الأصبهاني: في قوله تعالى {ونحن نسبح بحمدك} أي نسبح حامدين لك
ما الفرق بين نسبح بحمدك ونسبح حامدين ؟ لماذا لم يقل عز وجل نسبح حامدين لأنه نظير الأولى أم أن هناك معنى لا يوجد في الثانية وهو الحق ويحتاج إلى إمعان ونظر وعندي بإذن الله جوابه وعلي كشفه ولكن نستمع إليكم أولا
 
جزاك الله خيرا أخي سعيدًا
أخي أحمد: يُمكن أن يقال إن التسبيح هو بألفاظِ الحمد، ليشمل الكمال مع التنزيه، وأما نسبح حامدين لك، فهو تنزيهٌ مع مقارنة الحمد على النعمة وغير النعمة، فالأول فيه مقارنة اللفظ (الأداة) والمعنى في التسبيح والحمد، والثاني مقارنة المعنى دون اللفظ.
هذا ما وهل ببالي، والله أعلم.
 
نعم وهذا وجه لطيف وله وجه آخر لو جعلناه حالا لكانت مقدرة مثل فتبسم ضاحكا فإن الضحك يغاير التبسم فلا يجتمعان فتقدر هكذا تبسم حتى آل أمره إلى الضحك وهنا كذلك سبح حتى آل أمره إلى التسبيح وله وجه أن الحمد متضمن للتسبيح إذ إثبات الحمد له يقتضي نفي ضدهفصاغها صياغة تحتمل أكثر من وجه لأن أحوال السالكين إليه ليست واحدة فمنهم من يسبح بألفاظ التحميد ومنهم من يحمد وهو ملتفت إلى أن حمده متضمن للتسبيح ومنهم من يسبح ثم يحمد تدرجا في التخلية والتحلية وهكذا فصاغها هكذا لتشملهم كلهم والله أعلم
 
الشكر موصول للإخوة في طرح هذه الفوائد القيمة، وفي نقش هذه الأسئلة المعبرة عن تدبر لآيات الذكر الحكيم، وما قيل في معنى الباء على أنه محمول على الحالية فهذا صحيح، وليس الصحيح، فالباء تحمل في مضامينها معنىً غير الحال؛ كالسببية والاختصاص، ومعنى الحال حاضر متمكن في هيئة الجملة كلها {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} فالواو هنا حالية، فحال الملائكة أنهم مسبحون بسبب حمدهم لله تعالى، فلما علموا نعمه عليهم وواسع فضله ومننه حمدوه وسبحوه، فنعمة الله عليهم دعتهم للحمد، والحمد قادهم للتسبيح، ثم رأينا ذلك التقديس الذي يترجم لنا التنزيه العقدي، فهم يسبحونه تسبيح اللسان الناشئ عن حمد الأركان، الذي أصله تقديس الجنان، فتسبيحهم ليس تسبيح الأقوال فحسب، وإنما يسبقه حمد الأركان، وقد أفصح عن بعض هذه المعاني في التفرقة بين التسبيح والتقديس ابن عاشور رحمه الله تعالى.
وأما الاختصاص فهو كذلك فصيح الوضوح ظاهر الاتضاح في جعل التسبيح والحمد لله وحده، وبعطف التقديس الذي يتعدى بنفسه متعدياً باللام لإفادة معنى الاختصاص والتوكيد على أن ما كان من أولئك الملائكة إنما هو عن علم ومعرفة لا عن تقليد وجهل، فعبادتهم لله عبادة تحيط بها أركان التوحيد من كل جانب، وهو يترجم لنا المعتقد الذي بينه القرآن في معنى الإيمان، وهو أنه قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان.
وفيه تعليم لهذه الأمة معنى التوحيد الذي يجب أن يكونوا عليه، فالملائكة رأوا أن عبادتهم لله بهذه الأركان كفيل بالرضى عنهم في كل حال، ولما قال تعالى: {إني أعلم ما لا تعلمون} كان ذلك إقراراً منه سبحانه على سلامة اعتقادهم، وصحة عبادتهم له وحده، فهو تعليم ضمني لهذه الأمة ما يجب أن يكونوا عليه في عبادتهم لله تعالى.
هذا ما ظهر لي من معنى الباء، فما كان من صواب فمنه تعالى فله الحمد، وإن كان غير ذلك فمنه العفو والمغفرة.
 
عودة
أعلى