محمد سيف
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مبحث قمت بعمله ضمن بحث قدمته متطلباً لإحدى المقررات لمنهجية مرحلة الدكتوراه، أسأل الله أن يكون نافعاً ومفيداً، وأن أكون قد وفقت في تقديم ما يرقى إلى المستوى العلمي الرفيع الذي تميز به رواد هذا الملتقى المبارك، ويمكن أن تتم مناقشة المحتوى لمزيد الاستفادة والإفادة.تعريف ألقاب الحروف
"ألقاب الحروف" مركب إضافي، فيحسن تعريف كل لفظ منه على حدة:اللقب: يراد به في اللغة ما يطلق على الشيء من اسم غير اسمه الحقيقي، قال الخليل: «اللقب: نَبْزُ اسمٍ غيرِ ما سُمِّيَ به»([1]).
الحرف: للحرف معانٍ عديدة ذكرها أهل المعاجم، وأعادها ابن فارس إلى ثلاثة أصول: حد الشيء، والعدول، وتقدير الشيء([2])، وما يعنينا هنا أنهم ذكروا أنه يطلق على الواحد من حروف الهجاء، وهو أصغر جزء في الكلمة عند تجزئتها([3]).
أما تعريفه كمركب أضافي فيحسن أولاً بيان تاريخ هذا المصطلح بشكل موجز للتعرف على معناه بشكل دقيق، فمع أن الخليل (ت170هـ) هو أول من استعمل هذه الألقاب إلا أنه لم يذكر هذا المصطلح، وكان أول من استعمله فيما أعلم مكي بن أبي طالب (ت437هـ) في كتابه الرعاية حيث قال: «باب صفات الحروف وألقابها وعللها» ثم قال: «لم أزل أتتبع ألقاب الحروف التسعة والعشرين وصفاتها وعللها حتى وجدت من ذلك أربعة وأربعين لقباً»([4])، ومزج في هذه الأربعة والأربعين بين الصفات والألقاب ولم يرد بالألقاب تحديداً معيناً، ثم جاء بعد ذلك من خصص مصطلح الألقاب فيما أطلقه الخليل على الحروف من ألقاب تشير إلى مخارجها، وهو السخاوي (ت643هـ) في فتح الوصيد حيث قال: «لقَّب صاحب العين الحروف بتسعة ألقاب...»([5])، وتبعه على ذلك الجعبري (ت732هـ) في كنز المعاني وابن الجزري (ت833هـ) في التمهيد ونَسبا إلى الخليل أنها عشرة؛ فأضافوا مصطلح الجوفية([6])، ولم أجده عند الخليل، واستقر الأمر بعد ذلك على هذا مصطلح "الألقاب"، وذكره عدد من المؤلفين في العصر الحاضر([7]).
وأشار بعضهم إلى كون الخليل رحمه الله أخذ هذه الألقاب واشتقها من أسماء المواضع التي تخرج منها الحروف([8])، ويمكن من خلال ذلك تعريف ألقاب الحروف بأنها: ألفاظ أطلقت على الحروف العربية تشير إلى مخارجها، والله أعلم.
([1]) العين مادة (لقب) 5/172، وانظر المادة نفسها في: معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5/261، الصحاح للجوهري 1/220، لسان العرب لابن منظور 5/4056.
([2]) معجم مقاييس اللغة مادة (حرف) 2/42.
([3]) انظر مادة (حرف) في: العين للخليل 3/210، تهذيب اللغة للأزهري 5/10، لسان العرب لابن منظور 2/837، تاج العروس للزبيدي 23/128.
([4]) ص115.
([5]) 4/1361.
([6]) انظر: كنز المعاني 5/2604، والتمهيد ص95.
([7]) انظر مثلاً: أحكام قراءة القرآن الكريم للحصري ص73، وهداية القاري للمرصفي ص65، والتجويد الميسر للشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي وآخرين ص34.
([8]) انظر: أحكام قراءة القرآن الكريم للحصري ص73، وهداية القاري للمرصفي ص65.