عدنان الغامدي
Active member
- إنضم
- 10/05/2012
- المشاركات
- 1,360
- مستوى التفاعل
- 37
- النقاط
- 48
- الإقامة
- جدة
- الموقع الالكتروني
- tafaser.com
بسم1
يقول الحق سبحانه وتعالى :
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) الأعرف
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وجنده
الآيات المباركات الأربع من سورة الأعراف هي الآيات الفريدة الوحيدة التي تتحدث عن هذه الفئة من الناس يوم القيامة والذي يظهر من السياق تأخرهم عن الناس في الفصل والقضاء وينتهي بهم الأمر للجنة مناً وكرماً ورحمة من الله رب العالمين.
لم يرد لأصحاب الأعراف ذكرٌ في أي موضع آخر في القرآن ولم يرد نص صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف أولئك الناس ومن يكونون وماهو حالهم عدا حديث مرفوع ولو كان صحيحاً لما اختلف المفسرين بعده فضلاً عما يشكل عليه من إشكالات ، وجل ما نقل فيهم أقوال منسوبة لابن عباس رضي الله عنه وأقوال المفسرين رحمهم الله تعالى.
وقد ورد التفصيل والرأي في حال أصحاب الأعراف على أقوال شتى تجاوزت اثني عشر قولاً ، وطالماً لم يفصل في الأمر فالمجال رحب في قراءة السياق وربط معطيات الآيات الكريمة مع سواها لاستجلاء حال أولئك الناس ، ولن أغرق في تفنيد الأقوال وما يشكل عليها فبعضها بيّن التهافت والضعف كالقول بأنهم ملائكة والقول بأنهم أولاد الزنا ، أما أقواها (وهو القول بأنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فحجزوا بين الجنة والنار) فعليه مآخذ عديدة أبرزها أن الله وصفهم بقوله (رجال) ولم يرد في كتاب الله مفردة رجال لتشمل الجنسين بل في كل موضع شمل الجنسين كان يذكر رجال ونساء وبالتالي فلا يستقيم ذلك القول مع مقتضى الآيات .
ثم بعد ذلك سأبدأ في منهج استجلاء الآيات بتتبع أحوال الناس يوم القيامة وكيف يتميزون عن بعضهم البعض ؟ ، وماهي أسس تمييز الخلق يوم العرض الأكبر ، وكيف تم تمييز أصحاب الأعراف وبالتالي استنباط سبب تمييز أولئك القوم استناداً على ما قد وصلنا من الهدي النبوي الشريف عن حال الناس يوم القيامة ، وفي الخلاصة نبين التوجيه الذي نرى صحته في حال أصحاب الأعراف بكل إقناع وتبيان إن شاء الله ، فإن أصبنا فربِّ ثوابكَ وأجريكَ ، وإن أخطأت فمغفرتك وعفوك وأجرك.
أحوال الناس وأصنافهم يوم القيامة
لكي نتعرف على أصحاب الأعراف يجب أن نستعرض أحوال الخلق يوم العرض بين يدي الله ، فلو علمنا حال المجرمين الذين يستكبرون عن السجود لله في الدنيا فإنهم يحرمون منه يوم القيامة فتتصل سوقهم بأفخاذهم فلا يقدرون على السجود ، فيكون حالهم متعلق بحالهم في الدنيا ، فإن قيل أن قوماً يحاولون السجود فلا يستطيعون فسنستدل على حالهم وعملهم في الدنيا بحالهم يوم القيامة.
ولو أخبرنا عن رجل خفي حسابه عن الناس ولم يعلم أهل الموقف بذنوبه علمنا بأنه كان يستر الناس فستره الله في الآخرة ، وهكذا فإن أحوال الناس يوم القيامة يستدل بها على حالهم في الدنيا والأمثلة لذلك اكثر من أن تعد وتحصر في كتاب الله تعالى وفي الحديث الشريف عن نبيه صلى الله عليه وسلم،ولذلك واستناداً لهذه القاعدة فإن أفضل أدوات فهم هذه الآية هو تتبع سمات أهل الأعراف وحالهم في الآخرة.
* دلالة “سيماهم” في قصتهم
نلحظ استعمال مفردة “سيماهم في موضعين في قصة أصحاب الأعراف ، فقد تعلقت المفردة بأصحاب النار ، وأصحاب الجنة (يعرفون كلا بسيماهم) ، وهناك فئة ثالثة تتميز من ضمن أهل النار وهم الذي قيل فيهم (وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) وهؤلاء فيما يبدو يتميزون بسمات عن بقية أهل النار.
* ارتباط الأعراف بالمعرفة
ذكرت مفردة الأعراف في الآيات مرتين ومفردة (يعرفون) مرتين فكانت دلالة المعرفة في القرآن أن الجمع كلهم متعارفين يعرف بعضهم بعضاً من الدنيا وليسوا مجاهيل فلهم ببعضهم علاقة في الدنيا انعكست على موقفهم في الآخرة ، ولهم عمل في الدنيا انعكس وظهر على حالهم في الآخرة.
سيماهم وما يعرِّفنا بهم ويعرفُّهُم بمن في الآية
هنا نستعرض سيماهم التي ذكرت في الآيات الكريمة لنستدل على هويتهم ونعلم من أولئك الرجال فنقول وبالله التوفيق:
أولاً : هم رجال مؤمنون من بني آدم وليس بينهم جنس غير ذلك أو خلق آخر كالملائكة وغيرهم وليس بينهم نساء وهذا واضح ثابت في الآيات الكريمة.
ثانياً : أنهم معروفين معلومي الأسماء والهوية لأهل الجنة ولأهل النار فقد وضعوا على الاعراف لأنهم معروفين في الدنيا فعرَّفهم الله في الآخرة وأبرزهم عن سواهم لأنهم في الدنيا كانوا كذلك وقلنا أن حال الخلق في الآخرة انعكاس لحاله في الدنيا ولكن لا يحب أحد من الخلق التشهير به في يوم العرض والحساب ، فهم على الأعراف رغماً عنهم ليس لهم وسيلة للنزول إلى الناس والسير معهم ودخول الجنة (لم يدخلوها وهم يطمعون).
ثالثاً : أنهم متأخرين في الحساب وظاهر الآيات ينبئنا بأنهم آخر من دخل الجنة ، وهنا دلالة بأنهم كانوا متقدمين في الدنيا على الخلق فأخرهم الله عن أهل المشهد في الآخرة.
رابعاً : أن من تألى على الله وأقسم فقال ( لا ينالهم الله برحمة) قالها عنهم في الدنيا تألياً على الله فلقي عقوبة ذلك بأن دخل في ضمن أهل النار وميز بعلامة وسمات عرفها أصحاب الأعراف.
خامساً : أن الغاية من تعريف أهل المشهد بهم ووضعهم على الأعراف ليُعرَفوا وليشهد الناس كلهم حسابهم فهذه سيماهم ، كما أن الساجدين تظهر سيماهم في وجوههم من أثر السجود في الدنيا فارتبطت السمة بسمة أخرى في الآخرة في الموضع الذي ارتبط به حال السجود وهو الوجه ، وكذلك أهل الأعراف فإن سيماهم في الأعراف التي هم عليها.
أصحاب الأعراف ومن يكونون ؟
استدلالا واستنباطاً مما تقدم من خلاصة مفهوم الآيات الكريمة فإن أصحاب الأعراف هم ولاة المسلمين وأئمتهم من الحكام والملوك ، فهم من ينطبق عليهم هذا الوصف:
أولا : الحاكم الشرعي المسلم رجل ولا ينبغي أن يكون امرأة وهذا أصل فقهي لا نختلف عليه ، ولو شذ رأي بالقول بغير ذلك فهو لن يغير الواقع بأن حكام المسلمين بل وجل غير المسلمين رجال.
ثانياً : أن هؤلاء الحكام والأئمة والولاة معروفين عند عامة الناس معلومي الهوية وقلنا أن حال الخلق يوم القيامة أن تكون سيماهم انعكاس لحالهم في الدنيا وسيما أصحاب الأعراف كانت العلو والسلطة والارتفاع عن الناس في الدنيا فرفعهم الله وعرَّفهم للناس يوم الوقوف بين يديه ولكنهم لا يملكون النزول عن الاعراف الشاهقة ليلحقوا بأهل الجنة كما كانوا يملكون النزول عن عروشهم في الدنيا.
ثالثاً : أن تأخرهم لازم لأنهم رعاة ومسئولين عن رعيتهم فيستحيل دخول أحدهم الجنة لأحد من رعيته مظلمة عنده فينبغي أولاً سؤاله و الاقتصاص منه قبل الدخول للجنة أو للنار ، ونتيجة ذلك أنهم سيكونون آخر من يغادر أرض الموقف العظيم.
رابعاً : أن مناوئي الحكام وأعدائهم طالما رموهم بالكفر وشتموهم وانتقصوا من دينهم وإيمانهم وكفروهم فينطبق عليهم التألي على الله وهذا من أخطر الكبائر أن يجعل الإنسان نفسه مكان الإله يحكم بجنة أو بنار ، فيدخل الله أولئك المتألين للنار ، ويمن على أصحاب الأعراف بدخول الجنة منَّاً وكرماً وعطاءً منه جلت قدرته وإلا فهم أخطر الخلق حالاً وأقربهم للعقاب لما للناس عندهم من مظالم وحقوق.
هذا والله ولي التوفيق والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط البحث في المدونة
يقول الحق سبحانه وتعالى :
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) الأعرف
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وجنده
الآيات المباركات الأربع من سورة الأعراف هي الآيات الفريدة الوحيدة التي تتحدث عن هذه الفئة من الناس يوم القيامة والذي يظهر من السياق تأخرهم عن الناس في الفصل والقضاء وينتهي بهم الأمر للجنة مناً وكرماً ورحمة من الله رب العالمين.
لم يرد لأصحاب الأعراف ذكرٌ في أي موضع آخر في القرآن ولم يرد نص صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف أولئك الناس ومن يكونون وماهو حالهم عدا حديث مرفوع ولو كان صحيحاً لما اختلف المفسرين بعده فضلاً عما يشكل عليه من إشكالات ، وجل ما نقل فيهم أقوال منسوبة لابن عباس رضي الله عنه وأقوال المفسرين رحمهم الله تعالى.
وقد ورد التفصيل والرأي في حال أصحاب الأعراف على أقوال شتى تجاوزت اثني عشر قولاً ، وطالماً لم يفصل في الأمر فالمجال رحب في قراءة السياق وربط معطيات الآيات الكريمة مع سواها لاستجلاء حال أولئك الناس ، ولن أغرق في تفنيد الأقوال وما يشكل عليها فبعضها بيّن التهافت والضعف كالقول بأنهم ملائكة والقول بأنهم أولاد الزنا ، أما أقواها (وهو القول بأنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فحجزوا بين الجنة والنار) فعليه مآخذ عديدة أبرزها أن الله وصفهم بقوله (رجال) ولم يرد في كتاب الله مفردة رجال لتشمل الجنسين بل في كل موضع شمل الجنسين كان يذكر رجال ونساء وبالتالي فلا يستقيم ذلك القول مع مقتضى الآيات .
ثم بعد ذلك سأبدأ في منهج استجلاء الآيات بتتبع أحوال الناس يوم القيامة وكيف يتميزون عن بعضهم البعض ؟ ، وماهي أسس تمييز الخلق يوم العرض الأكبر ، وكيف تم تمييز أصحاب الأعراف وبالتالي استنباط سبب تمييز أولئك القوم استناداً على ما قد وصلنا من الهدي النبوي الشريف عن حال الناس يوم القيامة ، وفي الخلاصة نبين التوجيه الذي نرى صحته في حال أصحاب الأعراف بكل إقناع وتبيان إن شاء الله ، فإن أصبنا فربِّ ثوابكَ وأجريكَ ، وإن أخطأت فمغفرتك وعفوك وأجرك.
أحوال الناس وأصنافهم يوم القيامة
لكي نتعرف على أصحاب الأعراف يجب أن نستعرض أحوال الخلق يوم العرض بين يدي الله ، فلو علمنا حال المجرمين الذين يستكبرون عن السجود لله في الدنيا فإنهم يحرمون منه يوم القيامة فتتصل سوقهم بأفخاذهم فلا يقدرون على السجود ، فيكون حالهم متعلق بحالهم في الدنيا ، فإن قيل أن قوماً يحاولون السجود فلا يستطيعون فسنستدل على حالهم وعملهم في الدنيا بحالهم يوم القيامة.
ولو أخبرنا عن رجل خفي حسابه عن الناس ولم يعلم أهل الموقف بذنوبه علمنا بأنه كان يستر الناس فستره الله في الآخرة ، وهكذا فإن أحوال الناس يوم القيامة يستدل بها على حالهم في الدنيا والأمثلة لذلك اكثر من أن تعد وتحصر في كتاب الله تعالى وفي الحديث الشريف عن نبيه صلى الله عليه وسلم،ولذلك واستناداً لهذه القاعدة فإن أفضل أدوات فهم هذه الآية هو تتبع سمات أهل الأعراف وحالهم في الآخرة.
* دلالة “سيماهم” في قصتهم
نلحظ استعمال مفردة “سيماهم في موضعين في قصة أصحاب الأعراف ، فقد تعلقت المفردة بأصحاب النار ، وأصحاب الجنة (يعرفون كلا بسيماهم) ، وهناك فئة ثالثة تتميز من ضمن أهل النار وهم الذي قيل فيهم (وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) وهؤلاء فيما يبدو يتميزون بسمات عن بقية أهل النار.
* ارتباط الأعراف بالمعرفة
ذكرت مفردة الأعراف في الآيات مرتين ومفردة (يعرفون) مرتين فكانت دلالة المعرفة في القرآن أن الجمع كلهم متعارفين يعرف بعضهم بعضاً من الدنيا وليسوا مجاهيل فلهم ببعضهم علاقة في الدنيا انعكست على موقفهم في الآخرة ، ولهم عمل في الدنيا انعكس وظهر على حالهم في الآخرة.
سيماهم وما يعرِّفنا بهم ويعرفُّهُم بمن في الآية
هنا نستعرض سيماهم التي ذكرت في الآيات الكريمة لنستدل على هويتهم ونعلم من أولئك الرجال فنقول وبالله التوفيق:
أولاً : هم رجال مؤمنون من بني آدم وليس بينهم جنس غير ذلك أو خلق آخر كالملائكة وغيرهم وليس بينهم نساء وهذا واضح ثابت في الآيات الكريمة.
ثانياً : أنهم معروفين معلومي الأسماء والهوية لأهل الجنة ولأهل النار فقد وضعوا على الاعراف لأنهم معروفين في الدنيا فعرَّفهم الله في الآخرة وأبرزهم عن سواهم لأنهم في الدنيا كانوا كذلك وقلنا أن حال الخلق في الآخرة انعكاس لحاله في الدنيا ولكن لا يحب أحد من الخلق التشهير به في يوم العرض والحساب ، فهم على الأعراف رغماً عنهم ليس لهم وسيلة للنزول إلى الناس والسير معهم ودخول الجنة (لم يدخلوها وهم يطمعون).
ثالثاً : أنهم متأخرين في الحساب وظاهر الآيات ينبئنا بأنهم آخر من دخل الجنة ، وهنا دلالة بأنهم كانوا متقدمين في الدنيا على الخلق فأخرهم الله عن أهل المشهد في الآخرة.
رابعاً : أن من تألى على الله وأقسم فقال ( لا ينالهم الله برحمة) قالها عنهم في الدنيا تألياً على الله فلقي عقوبة ذلك بأن دخل في ضمن أهل النار وميز بعلامة وسمات عرفها أصحاب الأعراف.
خامساً : أن الغاية من تعريف أهل المشهد بهم ووضعهم على الأعراف ليُعرَفوا وليشهد الناس كلهم حسابهم فهذه سيماهم ، كما أن الساجدين تظهر سيماهم في وجوههم من أثر السجود في الدنيا فارتبطت السمة بسمة أخرى في الآخرة في الموضع الذي ارتبط به حال السجود وهو الوجه ، وكذلك أهل الأعراف فإن سيماهم في الأعراف التي هم عليها.
أصحاب الأعراف ومن يكونون ؟
استدلالا واستنباطاً مما تقدم من خلاصة مفهوم الآيات الكريمة فإن أصحاب الأعراف هم ولاة المسلمين وأئمتهم من الحكام والملوك ، فهم من ينطبق عليهم هذا الوصف:
أولا : الحاكم الشرعي المسلم رجل ولا ينبغي أن يكون امرأة وهذا أصل فقهي لا نختلف عليه ، ولو شذ رأي بالقول بغير ذلك فهو لن يغير الواقع بأن حكام المسلمين بل وجل غير المسلمين رجال.
ثانياً : أن هؤلاء الحكام والأئمة والولاة معروفين عند عامة الناس معلومي الهوية وقلنا أن حال الخلق يوم القيامة أن تكون سيماهم انعكاس لحالهم في الدنيا وسيما أصحاب الأعراف كانت العلو والسلطة والارتفاع عن الناس في الدنيا فرفعهم الله وعرَّفهم للناس يوم الوقوف بين يديه ولكنهم لا يملكون النزول عن الاعراف الشاهقة ليلحقوا بأهل الجنة كما كانوا يملكون النزول عن عروشهم في الدنيا.
ثالثاً : أن تأخرهم لازم لأنهم رعاة ومسئولين عن رعيتهم فيستحيل دخول أحدهم الجنة لأحد من رعيته مظلمة عنده فينبغي أولاً سؤاله و الاقتصاص منه قبل الدخول للجنة أو للنار ، ونتيجة ذلك أنهم سيكونون آخر من يغادر أرض الموقف العظيم.
رابعاً : أن مناوئي الحكام وأعدائهم طالما رموهم بالكفر وشتموهم وانتقصوا من دينهم وإيمانهم وكفروهم فينطبق عليهم التألي على الله وهذا من أخطر الكبائر أن يجعل الإنسان نفسه مكان الإله يحكم بجنة أو بنار ، فيدخل الله أولئك المتألين للنار ، ويمن على أصحاب الأعراف بدخول الجنة منَّاً وكرماً وعطاءً منه جلت قدرته وإلا فهم أخطر الخلق حالاً وأقربهم للعقاب لما للناس عندهم من مظالم وحقوق.
هذا والله ولي التوفيق والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط البحث في المدونة