ترجمة شخصية لمقالة تشارلز مِسْمَر (مايو 1883) في دفاعة عن الإسلام ضد إرنست رينان

إنضم
29/09/2012
المشاركات
314
مستوى التفاعل
4
النقاط
18
الإقامة
السعودية
السلام عليكم ورحمة الله

في معرض الهجوم على الإسلام، والدفاع عنه، تجيء محاضرة إرنست رينان في السربون في مارس 1883، والردود المتعددة عليها، والتي كان أشهرها رد جمال الدين الأفغاني، رغم أنه رد يخلو من القيمة الفعلية، ويكاد يكون متواطئاً مع رينان بدرجة ما!

وبعد دراسة مُعَمّقة، والشروع في كتابة رد جديد، دفاعاً عن علمية القرآن خصيصاً، عثرت على أصل رد (مسيو تشارلز مِسمر) على رينان والذي كان أول الردود (مايو 1883) وسبق رد الأفغاني، وفاقه كثيراً في القيمة والإحاطة.

ونظراً لعدم عثوري على ترجمة عربية لهذا الرد لمسيو مِسمر، رغم أهميته البالغة، دينياً وتاريخياً، إلا من ترجمة جزئية في بطون أحد الكتب لم تشف الغليل، وقد أشرت إليها، قمت بإعادة ترجمة أصل المقال الفرنسي المنشور في (مجلة الفلسفة الوضعية، العدد 6، مايو-يونيو-1883). وقد أدرجت ترجمتي تلك في الرابط التالي.

ترجمة رد مسيو تشارلز مِسْمَرCharles Mismer على إرنست رينان
 
كانت المحاضرة التي ألقاها رينان ( ت١٨٩٢ ) عام ١٨٨٣ حول " الإسلام والعلم " موضوع المناقشات العلمية الكثيرة منها الرسائل المتبادلة بين رينان وجمال الدين الأفغاني التي نشرت بالألمانية ام ١٨٨٣
https://ia600407.us.archive.org/28/items/derislamunddiew00eddigoog/derislamunddiew00eddigoog.pdf
كما كانت موضوع الدراسات التحليلية أيضا مثل :
Science and Religion as Tools for Progress and Reform in the Writings of Jamāl ad-Dīn al-Afghānī | Thomas Claes - Academia.edu
ربما أشهر الرسائل حول أفكار رينان هي المحاضرة التي ألقاها جولدزيهير بمناسبة تأبين رينان في الأكاديمية المجرية للعلوم في بودابست في شهر نوفمبر عام ١٨٩٣ باللغة المجرية (منشورات الأكاديمية عام ١٨٩٤) . ولم تترجم هذه المحاضرة على صيغة دراسة من ١٠٠ صفحة إلى الألمانية إلا عام ٢٠٠٠.
 
الأستاذ موراني
تحية طيبة

أشكرك على مداخلتك،
ثم أود التنويه إلى أني راجعت ما أشرت إليه بـ: [الرسائل المتبادلة بين رينان وجمال الدين الأفغاني التي نشرت بالألمانية عام ١٨٨٣
https://ia600407.us.archive.org/28/i...00eddigoog.pdf]

فوجدت أنه ليس إلا الترجمة الألمانية لمحاضرة رينان في السربون والتي عليها مدار الحوار، ثم رَدْ الأفغاني عليها في صحيفة "لوديبا"، ثم تعقيب رينان على رد الأفغاني في نفس الصحيفة في اليوم التالي. ومن ثم فهي ليست رسائل متبادلة بينهما، على ما يُفهم من العبارة .

وهذه الثلاثية هي عين ما يشتهر في الأدبيات العربية بإسم (مناظرة رينان والأفغاني)، ولها ترجمات عربية عدة، منها ترجمة (محمد الحداد) على هذا الرابط، وترجمة (مجدي عبدالحافظ) ضمن
المشروع القومي للترجمة (مصر)، بخلاف ترجمات جزئية عدة في بداية القرن العشرين . هذا بالإضافة إلى ترجمتي الحديثة جداً لمحاضرة رينان - لعدم قناعتي التامة بما قرأت من ترجمات - وتجدها هنا.

وهذه (الثلاثية) ليست مناظرة في الحقيقة، بل إن الظاهر من رد الأفغاني وتعقيب رينان أن كل من الرجلين كان يمتدح الآخر! وكان الذي ضاع بين أقلامهما: حق الإسلام أولاً، ثم حق العرب ثانياً.

والغريب أن الذي نافح عن الإسلام ضد هذه المهزلة -
المتشحة زوراً بالعلم - والتي أثار غبارها إرنست رينان - كان (تشارلز مِسمَر) الذي ترجمت مقالته أعلى، وأن الذي نافح عن العرب في العام التالي 1884 كان (غوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب) وقد خص محاضرة رينان فيه بالتفنيد، على ما بينت في الجزء الأول من الدراسة.


 
شكرا لك على التعديلات ؛
لم أقصد بالرسائل المتبادلة رسائل شخصية إذ جرى التبادل من طريق الصحف . ولم يكن لي علم بترجمة هذا "المناظرة" إلى العربية . شكرا على التنبيه . الظروف العلمية في ذلك الوقت كانت هكذا : كل من الرجلين كان يمتدح الآخر... إلا أنّهما عبّرا عن آرائهما متمسكيْن بها . جولدزيهير التقى بهما في باريس ، بعد لقائه بالأفغاني بالقاهرة . بعد ما عرضت الأكاديمية المجرية عليه تأليف محاضرته حول رينان أصرّ جولدزيهير على أن يكون عنوان المحاضرة (التي أصبحت دراسة طويلة) "رينان مستشرقا " ، لأنّه رفض أن يتدخل في المناظرة الجارية بين رينان والكنيسة بسبب نشر كتابه المشهور "حياة يسوع" (عيسى) . هذه الأمور "وراء الكواليس" مذكورة في "يوميات جوردزيهير" ، بما في ذلك رفض ج. نظرية رينان حول التفوق الأوروبي على الشعوب السامية ، عربيا كانت أو يهوديا .
 
لااريد ان اخرج بالموضوع عن مساره لكن احببت ان اضيف التالي من كلام ادوارد سعيد
:"وهكذا فإن نولدكه يعلن في عام 1887 أن حاصل مجموع عمله كمستشرق كان تأكيد "نظرته التي لا تُعلي من شأن "الشعوب الشرقية" . وكان نولدكه ،مثل كارل بيكر، مولعاً بالتراث اليوناني، وكان السبيل الغريب لإظهار حبه لليونان يتمثل في إظهار نفوره الفعلي من الشرق، وإن كان الشرق في الواقع موضوع دراسته العلمية, لدينا دراسة للإستشراق تتميز بقيمتها البالغة وذكائها الخارق،وهي الدراسة التي أعدها جاك فاردنبرج بعنوان الإسلام في مرآة الغرب، والتي يفحصفيها عمل خمسة من الخبراء المهتمين باعتبار أنهم الذين صنعوا صورة معينة للإسلام...فهو يقول إنه وجد في عمل كل من المستشرقين البارزين الذين درسهم رؤية مغرضة إلى حد كبير، بل وعدائية للإسلام في أربع حالات من خمس...فإن التقدير الذييبديه إجناز جولدتسيهار للتسامح الإسلامي إزاء الأديان الأخرى يبطله –في رأي فاردنبرج- نفوره مما يسميه نزعة التشبيه بالإنسان عند محمد صلى الله عليه وسلم، والطابع " الخارجي" الزائد عن الحد لعلم التوحيد والفقه الإسلامي،ويقول إن اهتمام دنكان بلاك ماكدونالد بالورع والصحة الذهبية فيالإسلام يفسده ماكان يتصوره من اعتبار الإسلام بدعة مسيحية مارقة؛ ويقول إنفهم كارل بيكر للحضارة الإسلامية جعله يرى أنه للأسف حضارة لم تتطور،...ينتهي فاردنبرج إلى القول بأن الاختلافات الظاهرة في مناهج هؤلاء الخمسة أقلأهمية من إتفاق آرائهم الإستشراقية بشأن الإسلام ألا وهو الإيحاء المضمر بدونيته"(الإستشراق لإدوارد سعيد ص 328،329)بقية الخمسة: ماسينيون، سنوك هرجرونيي,
 
الموضوع يحتاج إلى نفس طويل لحل إشكالاته، العقلية الأوربية وما أدراك ما العقلية الأوربية!!؟
هم يضعون الأطر ويحتكمون عليها وإن خرجت عنها قيد أنملة فأنت متخلف ، ولا سبيل إلى النقاش معك.
الدكتور سفر -حفظه الله - ضرب مثالاً على ذلك ، حيث قال عندما تسأل العامي الأوربي عن أقصى مدى للحضارة القديمة لا يتبادر إلى ذهنه إلّا الروم أو الإغريق على أقصى تقدير
بينما لوتسأل الأعرابي في الصحراء سيقول لك عاد أو ثمود والذين سبقوا إبراهيم عليه السلام ، فلما أتى الاحتلال الفرنسي والبريطاني وأرسلوا بعثاتهم بعد الحرب العالمية الأولى ، صعقوا بحضارات لم تخطر على بالهم ، وما ذلك إلا لما عهدته عقولهم، ولم يتكلفوا بسؤال غيرهم !
فالحضارة الغربية لم تتعد القرنين أو بالأحرى القرن إذا أردنا المعنى الحقيقي المتبلور لحضارتهم ، وبالرغم من ذلك يطغى على أطروحاتهم
النفس المتعالي، وهو لا شك نتاج الغرق في سكرة المادة - والذين نجحوا فيها نجاحاً باهراً- لكن لا بد أن تذهب هذه السكرة يوماً وتعلو الفكرة! والتي غالباً ما يصاحبها الندم.
لقد زورت سؤالاً في نفسي ، لكن فوجئت بوجوده في ثنايا المقال وهو سؤال لافت ، بسيط في مبناه عميق في معناه ، يستحق التأمل ، حيث يقول الكاتب
( وإذا كان كل شيء في العالم الإسلامي – مما رأيناه من ضبط أخلاقي وتحضُّر ونشر للمعارف - يمكن تفسيره بأسباب خارجة عن الإسلام، فماذا كان الإسلام؟ ولماذا كان هناك حاجة إليه دين جديد لأناس قرروا ألا يتبعوه؟!)

كذلك أؤكد أن أي أطروحة في الغالب إن لم يكن الكل،لا تنطلق من مبدأ حيادي بحت، ولكن لابد من وجود أثر للخلفية الاجتماعية والفكرية للشخص - والتي في الغالب هي النصرانية- لدى المفكر الغربي أو الأوربي.


وأضيف أن تبسيط الأمور في مفهوم الحضارة والدين والعلاقة فيما بينهما قد يؤدي إلى مسالك خطيرة ، وهذا التبسيط قد سيطر بالفعل على حركة الملحدين- اللادينين- اليوم ، بقيادة سام هاريس في أمريكا وداوكنز في أوروبا ، والذي يستمع إليهما يدرك أن تنظيرهما فيه من الجهل العميق ما قد يكون نتاجه وخيماً.

وأختم بقول ربنا عز وجل في سورة غافر
{
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون }
 
وددت أن أُحرِّر (أشرح) عبارة (تشارلز مِسمر) الآتية منعاً للالتباس:
وإذا كان كل شيء في العالم الإسلامي – مما رأيناه من ضبط أخلاقي وتحضُّر ونشر للمعارف - يمكن تفسيره بأسباب خارجة عن الإسلام، فماذا كان الإسلام؟ ولماذا كان هناك حاجة إليه دين جديد لأناس قرروا ألا يتبعوه؟!

حيث أنه يقصد منها استنكار كلام رينان الذي أراد أن يُحيل التحضُّر الذي وجده الأوربيون في العالم العربي الإسلامي إلى أسباب خارجة عن الإسلام والعرب. مثل بقايا حضارة فارس الغابرة، والنساطرة، واليهود، كما زعم رينان. فأراد مِسمر أن يفند هذا المعنى، فقال هذه العبارة، ومعناها: [إن كانت هذه العناصر الخارجة عن الإسلام كما تقول يا رينان هي مصدر تلك الحضارة الرائعة التي امتدت ما بين جبال الهيمالايا شرقاً والبرانس غرباً، وتحت مظلة الإسلام والعرب، فلماذا لم تستطع تلك العناصر - المزعومة- أن تُنشيء تلك الحضارة إلا بعد مجيء الإسلام، وإذا كانت هي صاحبته حقاً، فماذا كان الداعي إلى ظهور دين جديد يتولى مهمة هذا التحضُّر؟!، وما الذي دعى الناس إلى التحول إليه واتخاذه ديناً لهم لو كانوا في غُنية عنه؟! وما هو الإسلام إن لم يكن هو القلب النابض لتلك الحضارة؟!] ..
والنتيجة من هذا الاستنكار الذي أراد مِسمر أن يفهمه القارئ: أن كلام رينان في إيعاز تلك الحضارة إلى عناصر خارجة عن الإسلام خطأ، وتحيز منه ضد الإسلام، وما كان ينبغي أن يصدر عن عالِم مُحقِّق.
 
عودة
أعلى