ترجمة الشيخ حسن حبنكة وأخيه الشيخ صادق وولده الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني

إنضم
5 فبراير 2006
المشاركات
485
مستوى التفاعل
4
النقاط
16
لقد وعدت بمناسبة الحديث عن كتاب الشيخ عبد الرحمن حبنكة أن أفرد موضوعا لترجمة الوالد والعم والابن وسأبتدئي بالوالد


الشيخ حسن حبنكة الميداني

لقد كان الشيخ حسن حبنكة ذا هيبة كبيرة في قلوب أهل الشام ولا زلنا نذكر ونحن صغار شَبَبة كيف كنا نتطلع إلى رؤية وجهه ومحياه عندما يدخل إلى بعض المحافل أو يحضر إحدى المناسبات ... وإن أنس لا أنس ذلك الحفل المهيب الذي حضر فيه أكابر علماء دمشق ليسلموا شهادات التقدير والتخرج لطلبة معهد الفرقان وذلك عام 1976 م وقد امتلأ المكان بأكابر القوم وحشد من أهل العلم وألقى العلماء كلماتهم وكان قمر هذه الحفل الشيخ حسن حبنكة الميداني رحمه الله وتشرفنا بتسليم شهاداتنا من يده
وساذكر ترجمته هنا ثم ترجمة أخيه الشيخ صادق حبنكة العالم الشهير الذي ورث مكانة أخيه ولا زال إلى هذه اللحظة يحظى بتقدير العلماء

1ـ مولده ونسبه :

ولد الشيخ حسن حبنكة رحمه الله في العام 1326 هجرية والموافق لعام 1908 ميلادية في دمشق في حيِّ الميدان ، المعروف بأصالته العربية ، وحبه للدين ، ومحافظته على العادات والشيم الرفيعة . ويعود نسب الشيخ إلى عرب بني خالد ، وهم قبيلة معروفة من قبائل العرب ، ولها منازل في بادية حماة من أرض الشام .

نشأ الشيخ في أحضان عائلة تتصف بالاستقامة والصلاح ، فوالده الحاج مرزوق عُرف بتدينه ومواظبته على الطاعات ، وحب فعل الخير ، والبر بوالديه وبخاصة والدته ، التي كان لها الخادم البار في سنيِّ كبرها وعجزها ، وكان مواظباً على العبادة في وقت السحر ، ويخرج إلى صلاة الفجر مبكراً فيصلي ويجلس للذكر وتلاوة القرآن ، وكان ذا رغبة صادقة في أن يكون ولده (حسن) عالماً .

وأما والدة الشيخ فهي الحاجة خديجة المصري ، من قرية الكسوة جنوب دمشق ، وهي من النساء الصالحات العفيفات ، وقد توفيت أثناء عودتها من رحلة الحج عن طريق البحر ، مع ابنها الشيخ حسن .

2ًـ نشأته وطلبه للعلم :


نشأ الشيخ منذ طفولته متوقد الذكاء ، قوي الحافظة طموحاً ، محباً للعلم والفضيلة والمجد ، فتعلم في الكُتاب القراءة والكتابة والقرآن ، ثم أرسله أبوه إلى مدرسة في أطراف دمشق ، يشرف عليها الشيخ شريف اليعقوبي وكان أهل علم وصلاح ، وبعد أن أنهى صفوف المدرسة عنده اتجه إلى أستاذ آخر ، كان قد سمع به في حيِّه وهو الشيخ طالب هيكل ، وكان له علم بشيء من النحو والصرف والفقه على مذهب الإمام الشافعي ، فاستفاد منه في هذه العلوم ، ثم تعرف على عالم آخر من المعروفين بالعلم والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو الشيخ عبد القادر الأشهب ، فتلقى عنه أوسع مما تلقى عن شيخه السابق ، لكن رغبته في العلم ، وطموحه في التحصيل ، كانا يدفعانه إلى المزيد من العلم ، والجلوس بين يدي العلماء ، لاسيما وقد سمع بكبار العلماء في قلب مدينة دمشق ، فبدأ الاتصال بهم واحداً فواحداً ، ليروي نهمه العلمي ، وكان والده يشجعه على ذلك ، وقد تكفل به وبأسرته ، بعد أن زوجه في سن صغيرة في الخامسة عشر من عمره .

تابع الشيخ مسيرته العلمية ، بكل همة واجتهاد ونشاط ، ينهل من مختلف العلوم العربية والشرعية ، وحتى بعض العلوم الكونية مثل الطب وعلم النبات ، خصوصاً وقد أكرمه الله عز وجل بالتعرف على ثلة من جهابذة العلماء ، كان في مقدمتهم الشيخ محمود العطار وهو فقيه حنفي وعالم متمكن ، فتتلمذ على يديه سنين طوالاً ، كما اتصل بالعلامة التقي الورع والأصولي والفقيه البارع ، الشيخ أمين سويد رحمه الله تعالى ولازمه ملازمة طويلة ، ثم التقى عالماً ضليعاَ بعلوم اللغة العربية لاسيما البلاغة والأدب وحسن صياغة النصوص والإنشاء هو الشيخ عبد القادر الاسكندراني رحمه الله الذي أفاده في هذه العلوم كثيراً ، كما استفاد من عالم كردي متمكن في العلوم العقلية ( المنطق والفلسفة وأصول الفقه ) فقرأ عليه عدداً من الكتب في هذه العلوم ، كما تتلمذ على الشيخ عطا الكسم مفتي الديار الشامية ، فلازمه مدة سمع خلالها مسائل كثيرة من الفقه الحنفي ،

وأكرمه الله تبارك وتعالى بالاتصال بعلامة الشام وشيخ مشايخها الشيخ بدر الدين الحسني الذي أفرد له وقتاً خاصاً ، ليقرأ عليه فيه واستمر ذلك حتى وفاة الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى فاستفاد من علمه وروحانيته الشيء الكثير .

هؤلاء هم أشهر الأساتذة والمشايخ ، الذين تلقى عنهم ، واغترف من غزير علومهم ومعارفهم واقتبس من أخلاقهم وصفاتهم ، مع ما وهبه الله من عقل ذكي وبديهة حاضرة وحب شديد للمعرفة بحيث أصبح من خيرة العلماء علماً وعملاً ودعوة .

3ًـ مرحلة الدعوة والتعليم :

لم يكن الشيخ محباً للعلم ، والاستزادة منه ، ليملأ به عقله وذهنه فحسب ، ومن ثم يتغنى بأمجاد العلم ويتعالى به على الناس ، بل كان العلم هو وسيلته إلى الدعوة إلى الله عز وجل ، وإصلاح المجتمع ، وتربية العلماء الراسخين ، الذين يقودون حركة الإصلاح والنهوض بمجتمعهم ، لذلك رأيناه يسلك طريق الدعوة والتعليم ، وهو بعد ما يزال صغيراً طالب علم ، فملأ وقته مابين طلب للعلم ومابين التعليم والوعظ والإرشاد ، وأصبح له طلاب يقصدونه ، ليقرؤا عليه بعض الكتب في مختلف العلوم بعد أن عاينوا تمكنه وحسن أسلوبه وشرحه .

ولما قامت النهضة العلمية الدعوية في دمشق ، على يد العالم الداعية الشيخ علي الدقر رحمه الله تعالى كان الشيخ حسن أحد أركانها ، وقدم لها كل إمكاناته وكان مديراً لإحدى المدارس التي أنشأها بالتعاون مع الجمعية الغراء جمعية الشيخ علي الدقر، وهي مدرسة (وقاية الأبناء) وشهدت المدرسة في عهد إدارته نجاحاً باهراً ، وتخرج منها طلاب علم غدوا فيما بعد من أكابر علماء الشام ، وفي هذه الأثناء لم ينقطع الشيخ حسن عن التعليم والدعوة في جامع منجك مقرِّ دعوته الرئيسي ، حيث كان الطلاب يتوافدون عليه صباحاً ومساءً ، ويتنقلون من علم إلى علم وفق منهج جادٍ صارمٍ ، لتبنى شخصياتهم العلمية بناءً قوياً راسخاً ، وكانت فكرة إنشاء معهد شرعي له نظامه المتكامل ، وصفوف متدرجة ، فكرة قد شغلت ذهن الشيخ وصمم على تنفيذها مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه ، وتم له ما أراد حين قام (معهد التوجيه الإسلامي) بإشراف الشيخ حسن وبمعونة طلابه المتقدمين ، الذين تعب على تدريسهم وتعليمهم ، ليكونوا من خيرة الأساتذة بل والعلماء ولقد تخرج من هذا المعهد ، العدد الكبير من طلاب العلم ، من سوريا ولبنان والأردن وتركيا وبعض البلاد الإفريقية ، والذين أصبح الكثير منهم علماء البلاد ومراجع الناس في العلم والفتوى .

ولم يعتن الشيخ كثيراً بالتأليف ، لأنه كان منصرفاً إلى تربية الرجال المؤمنين الصادقين وتخريج العلماء المتمكنين ، وطلابه اليوم والحمد لله هم في مقدمة علماء سوريا ، أمثال أخيه العالم الفقيه واللغوي الأديب ، والخطيب الحكيم ، الشيخ صادق حبنكة حفظه الله وبارك في حياته ، والشيخ حسين خطاب رحمه الله تعالى شيخ قراء الشام العالم العامل ، والداعية المؤثر ، وخلفه الشيخ محمد كريم راجح شيخ قراء الشام حالياً الخطيب المفوه ، والأديب الشاعر والفقيه الحاذق ، والشيخ الدكتور مصطفى الخن الفقيه الأصولي ، الأديب والمدرس في كليات الشريعة في دمشق وفي المملكة العربية السعودية ، والشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي العالم المفكر الفقيه الأصولي والداعية المشهور، ونجل الشيخ الأكبر الشيخ عبد الرحمن حبنكة رحمه الله تعالى العالم المطلع ، والمصنف المكثر الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة أم القرى في مكة المكرمة .

4ًـ أسلوبه في التعليم :

كان الشيخ حريصاً على أن يُخرِّج علماء ، يتقنون ما تعلموه ليستطيعوا بذله للناس بكل ثقة وأمانة فكان مع الطلاب المبتدئين ، كثير الشرح والبيان لمسائل العلم الذي يتلقونه ، يعطيهم مفاتيح العلوم ويحثهم على الرجوع إلى الكتب لفهم عباراتها ، وحفظ مسائلها ، وأما الطلاب المتقدمون ، فكان يدربهم على استخراج المسائل من مظانها ، وتحليل القضايا إلى عناصرها ، تحليلاً عقلياً منطقياً ويمرنهم على المناظرة والمحاورة ، لتكون لكل منهم شخصيته العلمية المستقلة ، التي تعتمد على قدراتها وتثق بإمكاناتها .

5ًـ مشاركاته العلمية :

كانت للشيخ مكانته العلمية والدينية المتميزة ، ولذلك لما تأسست جمعية لعلماء سوريا باسم (رابطة العلماء) كان الشيخ أحد أعضائها البارزين ، فكان الشيخ أبو الخير الميداني رئيساً لها والشيخ حسن حبنكة أميناً عاماً لها ، وقد قامت هذه الرابطة بدور توجيهي بالغ الأثر في الحياة العامة للبلاد .

وشارك الشيخ أيضاً في رابطة العالم الإسلامي ، واختير عضواً فيها عن سوريا خلفاً للشيخ مكي الكتاني رحمه الله تعالى ، وكان يحضر اجتماعاتها السنوية في مكة المكرمة مشاركاً بعلمه ورأيه .

6ًـ اهتمامه بالمجتمع والأعمال الخيرية :

إن مثل الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى ، في وراثته لهدي النبوة التي كانت رحمة للناس في كافة مجالات حياتهم ، لايمكن أن يكون بمعزل عن حياة الناس ، وعن المشاركة في حلِّ أزماتهم وتخفيف معاناتهم ، ورفع شأنهم في كل أمر ، لذلك وجَّه الشيخ عنايته إلى أفراد حيِّه أولاً يبحث عن الفقراء والمحتاجين والمرضى والأيتام ، ليحوطهم بكل ما يستطيع تقديمه لهم ، وذلك بمعونة أهل الخير والإحسان ، وراح يوجه إلى قيام وإنشاء الجمعيات الخيرية ، التي تتولى جمع التبرعات من زكوات وصدقات ، لتوزع على المستحقين بكل أمانة ودقة ، وكانت فاتحة هذه الجمعيات (جمعية أسرة العمل الخيري) ثم توسع هذا العمل المبرور ، إلى باقي أحياء وحارات الميدان ومدينة دمشق ، كما كان الشيخ أيضاً ملاذ الناس في معضلات أمورهم ، ومشاكلهم يهرعون إليه للنظر فيها والمساعدة على حلها ، فكان بيت الشيخ داراً للقضاء والشورى وفضِّ المنازعات .

7ًـ مواقفه الإسلامية الشجاعة :


إن من أعظم ما يتميز به الشيخ حسن رحمه الله تعالى جرأته في الحق ، وشجاعته في مواجهة الباطل ، وهي صفة رافقته منذ يفاعته وشبابه المبكر ، فحينما اندلعت الثورة السورية على المستعمر الفرنسي عام 1925م وكان الشيخ يطلب العلم ، وهو في مقتبل العمر في السابعة عشر من عمره ، هبَّ ليشارك الثوار المجاهدين ، وانضوى تحت لواء واحد من مشاهيرهم ، وهو الشيخ محمد الأشمر رحمه الله تعالى وشارك في قتال المغتصبين المحتلين .

ولما أرادت فرنسا فرض (قانون الطوائف) ، محاولة بذلك تغيير العديد من قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية ، قام الشيخ خطيباً ينبه العقول ، ويفضح الألاعيب ويُلهب المشاعر ، وكان لموقفه هذا أثره البالغ في إبطال العمل بذلك القانون المنحرف .

وهكذا كان الشيخ رحمه الله في كل مرة وفي أي عهد من العهود ، لسان الحق الجريء المقدام الذي ينافح عن عقيدة الأمة وتشريعها وتاريخها ، مرتكزاً في ذلك على علم راسخ ، ووعي يدرك أبعاد القضايا ، وحكمة تزن الأمور بميزان دقيق حساس ، وقلب عميق الصلة بالله والتوكل عليه واحتساب الأجر والثواب عنده وحده ، ولقد لقي الشيخ في سبيل ذلك من المكاره والأذى الشيء الكثير ، ولكنه وبفضل الله ومعونته خرج ظافراً منتصراً .

8ً ـ صفاته الشخصية ومشاركاته الأدبية ومختارات من شعره :

لقد أوتي الشيخ رحمه الله من الصفات الذاتية والمحامد الخلقية نصيباً موفوراً ، فكان حاد الذكاء حاضر البديهة ، وكان عميق التفكير ، صادق الفراسة ، وكان فصيح اللسان واسع الشرح والبيان وخطيباً جماهيرياً يملك قلوب وأفكار مستمعيه ، وكان محدثاً بارعاً يأسر مَن يحدثه بحسن بيانه وجواهر لفظه ، وكان رحمه الله عظيم الصبر علىa الناس كثير التسامح حريصاً على تأليف القلوب ، وكان كثير الاهتمام بعيادة المرضى والدعاء لهم بالشفاء ، وكان حكيماً في فضِّ المنازعات وإطفاء نيران الفتنة بين الناس ، وكان رحمه الله عفيفاً يعلم طلابه ويدربهم على العفة والترفع عن الدنايا والصغائر ، وكان متواضعاً وخصوصاً لرجل صالح أو عالم فاضل أو شيخ كبير السن أو امرأة عجوز ، وهو في ذات الوقت كان عزيزاً لم يُهن نفسه لغني من أجل غناه ، ولا لذي وجاهة في قومه من أجل وجاهته ، ولم يمالئ ذا سلطان وهو في سلطانه ، وكان الشيخ ذا حس ونفس أدبي واضح ، وربما نظم شعراً وجدانياً دينياً ، لكنه فيه مقلٌّ إذ لم يُفرِّغ نفسه له وفي مناسبة من مناسبات الحج فاضت مشاعره ببعض أبيات ومما قاله فيها :

صفق القلب للحجاز وثارا **** شفه الشـوق للحـبيب فـطـارا

واقتفت إثره الجسومُ غراماً **** فجرى الركب في الرمال وسارا

يا ديار الحبيب يا أنس قلبي **** عدل الدهر في الهوى أو جارا

يا بقاع الأنوار من فيض ربي **** حدثيني عن الرسـول جـهـارا

9ً ـ صفاته التربوية :

كان رحمه الله مربياً شديد الملاحظة والمتابعة ، لا تكاد تفوته كبيرة ولا صغيرة من حركات مَن هم في دائرة تربيته وتوجيهه ، وكان من أساليبه التربوية إلجاء مَن يشرف على تربيتهم إلى ممارسة الأمور التي يحرص أن يربيهم عليها ، من أعمال وأقوال وتعليم وتوجيه . وكان أخشى ما يخشاه أن يُصاب من هو في دائرة تربيته بالغرور بنفسه فيستكبر أو يقنع بما وصل إليه فلا يتابع مسيرته متنامياً متكاملاً . وكان من أساليبه التربوية أيضاً تصيد أيِّ حدث يمكن الاستفادة منه لتربية العقائد والمفاهيم الإسلامية وتثبيتها وتعميقها .

10ً ـ وفاته :

أصيب الشيخ بجلطة قلبية ، نتيجة الإجهاد والتعب المتواصل ، وما يحمل من هموم الأمة وآلامها ولكنها مرت بسلام ، إلا أن همة الشيخ وصحته لم تعد كما كانت من قبل ، وفي فجر الاثنين في 14ذي القعدة /1398 هجرية الموافق 16/10/1978م التحق الشيخ بالرفيق الأعلى عن عمر ناهز السبعين عاماً ، وكان قد أزمع السفر إلى مكة المكرمة ، لحضور مؤتمر من مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي ، ثم الحج إلى بيت الله الحرام ، وما إن أشيع النبأ حتى عم الحزن والأسى بلاد الشام قاطبة ، وتقاطرت الوفود من كل الجهات لتشييع جنازته ، التي كانت جنازة ضخمة مشى فيها مئات الآلاف من محبي الشيخ وطلابه وعارفيه ، وصُلي عليه في الجامع الأموي الكبير في قلب دمشق ، ثم دُفن في حيِّه حيِّ الميدان بجوار المسجد الجامع الذي سعى في إنشائه وإعماره والذي سُمي فيما بعد جامع الحسن .تغمد الله الشيخ حسناً بواسع رحمته ، ورفع مقامه في عليين ، وجزاه عن جهاده ودعوته وتعليمه أفضل ما يُجازى العاملون ، وجمعنا به مع أشياخنا وأحبابنا في مستقر رحمته ، تحت لواء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
 
الشيخ: عبد الرحمن حبنكة الميداني



مولده وتعليمه:

ولد الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة في دمشق بحي الميدان سنة 1927م / 1345 هـ، ونشأ في بيت علم ودعوة تحيط

به ظروف قلَّما تيسَّرت لغيره، فهو سليل إحدى العائلات الدمشقيّة العريقة التي عُرِفت بالعلم،وهو والعلم والدعوة - بدءًا من نشأته الأولى منذ ما يزيد عن ستين عامًا - توءمان لا يفترقان، وكان لوالده الشيخ حسن حبنكة فضل تربيته وتأديبه وتعليمه.

درس الشيخ عبد الرحمن في "معهد التوجيه الإسلامي"، الذي أنشأه والده رحمه الله، وتخرج فيه عدد من علماء دمشق المعروفين.. كالشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، والشيخ الدكتور مصطفى سعيد الخنّ، والشيخ حسين خطَّاب رحمه الله، والدكتور مصطفى البغا، وغيرهم.

ثم درس الشيخ في الأزهر الشريف، وعمل بعد تخرجه في مديرية التعليم الشرعي التابعة لوزارة الأوقاف السورية، ثم عضوًا لهيئة البحوث في وزارة التربية والتعليم في سوريا، ثم انتقل إلى السعودية بعد عام 1967م ليعمل أستاذًا في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، ثم أستاذًا في جامعة أم القرى في مكة قرابة ثلاثين عامًا.



من مؤلفاته:

قدّم الشيخ عبد الرحمن حبنكة كتبا قيمة زادت على الثلاثين كتابا أثرى بها المكتبة الإسلامية والفكر الإسلامي؛ حيث تعدَّدت إسهاماته وتنوعت في مجالات متعددة: في العقيدة، والدعوة، والأدب، والأخلاق، والدراسات القرآنية، وسلسلة أعداء الإسلام: "اليهود – الشيوعية – التيارات المعاصرة – الغزو الفكري"، وغيرها، ونذكر من كتبه ما يلي:

- العقيدة الإسلاميَّة وأسسها. -
الأخلاق الإسلاميَّة وأسسها. -
قواعد التدبُّر الأمثل لكتاب الله. -
أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع. -
مكايد يهوديَّة عبر التاريخ. -
صراع مع الملاحدة حتى العظم. -
أجنحة المكر الثلاثة. -
ديوان "ترنيمات إسلاميَّة"، شعر. -
ديوان "آمنت بالله"، شعر. -
ديوان "أقباس" في منهج الدعوة وتوجيه الدعاة. -
ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة. -
مبادئ في الأدب والدعوة. -
معارج التفكر ودقائق التدبر. -
نوح عليه السلام وقومه في القرآن. -
تدبر سورة الفرقان. -
روائع من أقوال الرسول. -
الصيام ورمضان في السنة والقرآن. -
براهين وأدلة إيمانية. -
ابتلاء الإرادة بالإيمان والإسلام والعبادة. -
غزو في الصميم. -
الكيد الأحمر. -
ظاهرة النفاق وخبائث المنافقين. -
كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة. -
بصائر للمسلم المعاصر. -
التحريف المعاصر في الدين. -
الحضارة الإسلامية. -
توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية. -
فقه الدعوة إلى الله تعالى. -
البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها وصور من تطبيقاتها. -
صفات عباد الرحمن في القرآن. -
منهج التربية النبوية للطفل مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح.



من آرائه ومواقفه التاريخية:

ومن آرائه البارزة في طبيعة اليهود ما ذكره في كتابه: "مكايد يهودية عبر التاريخ"، الذي كشف فيه حقيقة الكيان الصهيوني والعقيدة الصهيونية؛ حيث بين أنها قائمة على الظلم والعدوان منذ عهد الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ وحتى يومنا هذا.

وقال: إن الدارس عبر التاريخ لليهود بوصفهم شعباً له صفاته وخصائصه المميزة يجده شعباً شريراً، خائناً، ملتوياً، خبيث الطوية، ماجن السلوك، عنصرياً، مغروراً، جشعاً، يستغل الآخرين، يثير الفتن، ويبيت المؤامرات ضد الأمم والشعوب الأخرى. انظر: ص13- 20.

ومن آرائه المشهورة أنه ذكر أربع نقاط يمكن للإنسان أن يقيس نفسه بها ويعرف ما إذا كان قوي الإرادة أم ضعيفها وهى:

1- سرعة مبادرته للخيرات والطاعات.
2- التفاؤل بالخير دائما.
3- تلقي الأحداث بصبر ورضي.
4- ملك النفس عند الغضب.

وقل: إن الإنسان إذا أراد أن يقوي إرادته الفعلية فعليه بما يلي:

1- تقوية إيمانه بالله تعالى وبصفاته الحسنى وبقضائه وقدره.
2- التدريب العملي من خلال مجاهدة النفس.
3- ممارسات العبادات.

ومن مواقفه التاريخية في مضمار التصدي لما يسمى بالغزو الفكري أنه في أحد صباحات نيسان 1967م تسلل أحد الغزاة الفكريين إلى إحدى المطبوعات الدورية الحكومية في سوريا، ودس مقالا تخريبيا للفكر الإسلامي، فما كان منه ـ رحمه الله ـ إلا أن تصدى له في منبر جامع الميدان ملهبا مشاعر الجماهير المسلمة التي اندفعت إلى الشوارع في مظاهرات صاخبة، وأغلقت المحال؛ حيث كان الظرف السياسي في تلك الآونة شديد التأزم والخطورة، فتحركت الدولة بسرعة لامتصاص الأزمة، وفعلا وقع على من له علاقة بما نشر في المجلة أحكام مشددة.

رحم الله الشيخ عبد الرحمن حبنكة، فسجله الحافل بالتصدي للغزو الفكري وأكثر من ثلاثين عاما قدم فيها في المملكة العربية السعودية خلاصة فكره المنير لهي إضاءات أنارت قلوب وعقول شباب الأمة المسلمة.
 
جزاك الله خيرا شيخنا المفضال
أرجو ذكر مصادر ترجمة الشيخ عبد الرحمن
 
جزاكم الله خيراً على هذه الترجمة الوجيزة للشيخ محمد حسن حبنكة و ابنه الشيخ عبدالرحمن رحمهما الله تعالى ،

و لكن لي استدراك يسير و هو : ذكرت من كتب الشيخ عبدالرحمن ( منهج التربية النبوية للطفل مع نماذج تطبيقية من حياة السلف الصالح.

حياة السلف الصالح ) وهذا ليس من كتب الشيخ رحمه الله تعالى ؛ بل قدّم له الشيخ فقط .
 
أثابك الله خيرا ياشيخنا الفاضل المفضال أبا عاصم

على هذه التذكرة ، لعلمائنا العاملين :

الشيخ حسن حبنكة ، وأخيه الشيخ صادق ،

وولده الشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ..

وإن شاء الله تكون فيها فائدة لكل من يقرؤها
 
الأخ أبو صفوت للتوسع في التعريف بالشيخ ينظر كتيِّب: "عبد الرحمن حنبكة الميداني"، بقلم زوجته عائدة
الجرَّاح، دار القلم دمشق.)

وانظر هذا الرابط
http://www.yah27.com/vb/showthread.php?t=5225&highlight=%CD%C8%E4%DF%C9

وشكرا لاستدراك الأستاذ معروفي ( وجزاك الله خيرا )
 
أشكر الشيخ يحيى لأدبه الجم ، و أرجو الله تعالى أن يعمّ خيره كل طالب علم ، و أنصح الشيخ أن يذكر لنا أبرز

تجاربه و ذكرياته و مصنفاته في خدمة القرآن الكريم ، على شكل خواطر متنوعة لعل الله تعالى ينفع بها ، و تكون

ذخراً للشيخ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، و جزاكم الله تعالى خير الجزاء .

أخوكم المحب لكم في الله تعالى عاطف المعروفي
 
معروفي قال:
أشكر الشيخ يحيى لأدبه الجم ، و أرجو الله تعالى أن يعمّ خيره كل طالب علم ، و أنصح الشيخ أن يذكر لنا أبرز

تجاربه و ذكرياته و مصنفاته في خدمة القرآن الكريم ، على شكل خواطر متنوعة لعل الله تعالى ينفع بها ، و تكون

ذخراً للشيخ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، و جزاكم الله تعالى خير الجزاء .

أخوكم المحب لكم في الله تعالى عاطف المعروفي

الأستاذ معروفي شكر الله لكم كلامكم اللطيف
إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه

وأما طلبكم أن أذكر تجارب الشيخ في القرآن وذكرياته في ذلك

فهل تقصد الشيخ حسن أم الشيخ صادق حبنكة أم الشيخ عبد الرحمن ..؟؟؟
 
بل أقصد الشيخ يحيى الغوثاني وفقه الله تعالى و سدد خطاه .
 
كنت أجهز مقالاً جميلاً للشيخ البوطي حفظه الله عن الشيخ حسن رحمه الله بعنوان : تاريخ يشيع في يوم ! ثم رات هذا المقال فأحببت رفعه مع الوعد
icon7.gif
!
و بارك الله في المشايخ جميعهم .
 
عودة
أعلى