ترجمة السيد محمد رشيد رضا وفوائد من مؤلفيه ( مجلة المنار ـ تفسير المنار ) متجدد

إنضم
19 فبراير 2009
المشاركات
207
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
...
محمد رشيد رضا

( 1282 - 1354 هـ)
( 1865 - 1935 م)

5388alsh3er.jpg

5389alsh3er.jpg

محمد رشيد علي رضا.
ولد في قرية القلمون (جنوبي طرابلس الشام - لبنان)، وتوفي في مصر، في سيارة بين مدينة السويس والقاهرة، ودفن بجوار الشيخ محمد عبده.
عاش في سورية، ومصر، وزار الآستانة والهند والحجاز وأوروبا وأقطار الخليج.
تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب بمسقط رأسه، فقرأ القرآن الكريم والخط والقواعد والحساب، ثم التحق بالمدرسة الرشدية الابتدائية في طرابلس، فدرس الصرف والنحو والحساب ومبادئ الجغرافيا والعقائد والعبادات، لمدة عام واحد، ثم انتقل إلى المدرسة الوطنية الإسلامية فدرس العربية والتركية والفرنسية، والمنطق والرياضيات والفلسفة والطبيعة، ونال شهادة منها، وأجازه الشيخ حسن الجسر، ثم أخذ الحديث والفقه الشافعي عن الفقيه محمود نشابة، وحضر على العلامة عبدالغني الرافعي، وتلقى عن الشيخ محمد القاوقجي كتابه في الأحاديث المسلسلة، وعن طريقه دَرَس أصول التصوف والترقي في منازل المعرفة، ثم سافر إلى مصر (1898)، واتصل بالشيخ محمد عبده، والتحق بالأزهر (1899) وتابع فيه دروسه.
عمل في مدينة طرابلس بالتدريس والوعظ والتبشير بآرائه الإصلاحية، وكتابة المقالات في جريدة طرابلس، ومارس التدريس في الجامع الكبير، وفي جامع البشوية في بيروت.
أصدر في القاهرة مجلة «المنار» للرد على المتحاملين على الإسلام، وصدر العدد الأول في مارس (1897) وكانت خطوة متأثرة بسابقتها «العروة الوثقى» التي عدها بمثابة الأستاذ الثاني له.
حاول إنشاء مدرسة الدعوة والإرشاد بهدف الإصلاح الديني والاجتماعي في الآستانة، غير أن المحاولة فشلت فعاد إلى القاهرة، وأنشأ المدرسة فيها وتخرجت فيها أول دفعة (1912)، إلا أنه اضطر لإغلاقها مع بدايات الحرب العالمية الأولى.
أنشأ في مصر مع بعض العثمانيين «جمعية الشورى العثمانية»، وتولى رئاستها، وأسس لها فروعًا في أقطار مختلفة، وكانت تطبع منشوراتها باللغتين العربية والتركية،
وأصدرت الجمعية جريدة تحمل اسمها (1907)، وشارك في عدد من المؤتمرات العربية والإسلامية، وكانت له علاقة بزعماء الإصلاح في أقطار الوطن العربي، وقد كان عضوًا في حزب الاتحاد السوري، وأحد قادة حزب اللامركزية الإدارية، وقد واجه حكم الإعدام بسبب انتمائه إلى هذا الحزب. وكان من أنصار مذهب محمد بن عبدالوهاب الديني، كما كان عضوًا مشاركًا في الوفد السوري الفلسطيني إلى جنيف (1921)، وعضوًا في اللجنة السياسية في القاهرة (1925).
يعد الضلع الثالث المكمّل لرسالة جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد نشرتها صحف ومجلات عصره، وبخاصة المنار، ومنها: «الجاذبية» - المجلد الأول من مجلة المنار، و«القصيدة الجمالية»، التي خاطب فيها الأفغاني - المجلد الثاني من مجلة المنار، و«القصيدة الشرقية»، التي عاتب فيها الشرق لتأخره عن الغرب - المجلد الثاني من مجلة المنار، و«المقصورة الرشيدية» - المجلد الثالث من مجلة المنار (وقد عارض بها مقصورة ابن دريد)، و«موشحة في تهنئة عبدالحميد الرافعي بزواجه» - المنار - مج 30، و له مقطوعات وأبيات متفرقة في حواشي كتاب «أسرار البلاغة» للجرجاني.

الأعمال الأخرى:
- له مؤلفات عدة، نشر معظمها في مطبعة المنار، منها: «تفسير القرآن الكريم»، المشهور بتفسير المنار (صدر منه 13 مجلدًا) - 1324هـ/ 1906م، و«محاورات المصلح والمقلد» - مطبعة المنار - مصر 1907، و«الوهابيون والحجاز» - مطبعة المنار - مصر 1344هـ/ 1925م، و«تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده وخلاصة سيرة جمال الدين الأفغاني» (ثلاثة أجزاء) المنار 1350هـ/ 191، و«نداء الجنس اللطيف يوم المولد النبوي الشريف» - مطبعة المنار - 1351هـ/ 1932م، و«حقوق النساء في الإسلام» - مطبعة المنار - 1351هـ/ 1932م، و«المنار والأزهر» - مطبعة المنار 1353هـ/ 1934م، و«الإمام علي بن أبي طالب» - مطبعة البابي الحلبي - مصر 1939م، و«أسرار البلاغة» - لعبد القاهر الجرجاني: تحقيق وشرح وتعليق، إضافة إلى خطب ومقالات عدة في موضوعات متنوعة، ورسائل مع الأفغاني وغيره، نشر معظمها في مجلة
المنار، ومنها الخطبة التي ألقاها في المجلس العمومي لمدينة بيروت مطالبًا بتعليم العلوم بلغتنا العربية، ومقالاته لتجسيد الصراع العربي التركي.
شاعر مطبوع، قصائده مطولة، جلّ شعره في رثاء أعلام عصره، ومن تربطهم به علاقة، وفيها يعبر عن فلسفته في الحياة، وآرائه الإصلاحية في الدنيا
والدين. قليل من شعره في المدح، لموقفه الديني منه، وفيه يلتزم بالقيم والمثل التي نشأ عليها. له معارضات شعرية، ومنها معارضته لمقصورة ابن دريد، في أربعمائة بيت على قسمين، الأول في تهنئة زميله في طلب العلم عبدالقادر المغربي، والثاني في الإصلاح الديني، كما كتب الموشحة.
أقيم له حفل تأبين بدار جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة برئاسة الشيخ مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر) وقد نشرت وقائع الحفل في مجلة المنار في مجلدها الخامس والثلاثين.
وضع اسمه على مدارس وشوارع ومؤسسات خيرية في عدد من العواصم العربية.

مصادر الدراسة:
1 - أنيس الأبيض: رشيد رضا تاريخ وسيرة - جروس برس 1993.
2 - حسين ضناوي: السيد رشيد رضا، فكره، نضاله السياسي - دار الإنشاء للصحافة والطباعة والنشر - طرابلس 1983.
3 - خيرالدين الزركلي: الأعلام - دار العلم للملايين - بيروت 1990.
4 - شكيب أرسلان: السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة - مطبعة ابن زيدون - دمشق 1937.
5 - عبدالله نوفل: تراجم علماء طرابلس وأدبائها - مكتبة السائح - طرابلس (لبنان) 1984.
6 - محمد أحمد درنيقة: السيد محمد رشيد رضا، إصلاحاته الاجتماعية والدينية - مؤسسة الرسالة - دار الإيمان - 1986.
7 - محمد نورالدين عارف ميقاتي: طرابلس في النصف الأول من القرن العشرين ميلادي - دار الإنشاء للطباعة والنشر - طرابلس 1978.
8 - يوسف أسعد داغر: مصادر الدراسة الأدبية - منشورات الجامعة اللبنانية - بيروت 1983.
9 - يوسف إيبش: رحلات الإمام محمد رشيد رضا (جمع وتحقيق) - بدر للنشر والتوزيع - بيروت 2000.
10 - الدوريات: - أحمد محمد شاكر: أستاذنا الإمام حجة الإسلام - مجلة المقتطف ع(87) -
1935.
- عباس محمود العقاد: أعلام مصر الحديثة كما أعرفهم - مجلة المصور ع





 
[مَلْمَحٌ اجْتِمَاعِيٌ وَجِيه، وَ تَخْرِيجٌ وَاقِعِيٌ لَطِيف لِقُوْلِ الْنَّبِيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" الخْلِاَفَةُ فِيّ قُرَيش" ]

أورد الشيخ الجليل محمد رشيد رضا ملمحاً اجتماعياً سديداً ينبئ عن سعة أفقه، ورحبة فكره، و مندوحة فلسفته، وعلو نظرته للأحاديث النبوية المحمدية حيث أنه ما لات الأحاديث حقها من الدلالات، وما غض من قدرتها على الإحداث والتجديد، فقد أبرزها في حلة لا تبلى، وثياب لا تدرس، وذلك بإلباس الدلالات أجسام النوازل والملمات، لتقوم الصحة مكان السقم، و الفصاحة موضع العي، و السلامة محل الضر، فقال ـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ـ، في تخريج دلالة هذا الحديث:" وما جعل النبي ـ r ـ الخلافة في قريش إلا لما كان لهم من المكانة في النفوس التي من أثرها اجتماع القلوب عليهم, والإذعان لسلطانهم عن رضى واختيار, وقد نال هذا المعنى آل عثمان فحصل المقصود الشرعي به"([1]).

[تعميم التربية و التعليم سبب التقدم الذي يجمع كل الأسباب وترجع إليه جميع الوسائل]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" ورأينا أن سبب التقدم الذي يجمع كل الأسباب وترجع إليه جميع الوسائل هو تعميم التربية والتعليم في جميع عناصر الأمة على طريقة واحدة ، ولا يمكن الوصول إلى هذه الغاية إلا بشركات مالية تنشئ المدارس الوطنية وتختار لها المعلمين المهذبين وسنواظب على الحث على هذا المشروع ونبين مزاياه فيما يأتي من الأعداد"([2]).

[تربية اللين وتربية الشدة وآثارهما على المربي والمربى]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" إن معاملة الوليد باللين والرفق وأخذه بالرأفة والحلم، وعدم إهانته بالسب والشتم ، كل ذلك من أفضل أساليب التربية وأنجعها وأنجحها، إذا لم ينتهِ إلى حد الإهمال وإرسال الحبل على الغارب، وإن الشدة والقسوة والإهانة بنبز الألقاب، وضروب الإيلام مفسدة للأخلاق، ومدعاة للشرور والفجور، وإن أمهات الرذائل كالكذب والخيانة والمكر والاحتيال والمداهنة لا تتولد إلا من الظلم والضغط على الحرية الشخصية"([3]).

[فموسى الذي رباه فرعون مُرْسَل ... وموسى الذي رباه جبريل كافر]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وأما قولهم : فموسى الذي رباه فرعون... إلخ، البيت المار فهو من حجج الشعراء التي لا يتبعهم عليها إلا كل غوي مبين، ويعنون بموسى الذي رباه جبريل السامري الذي اتخذ العجل لبني إسرائيل، ودعواهم تربية جبريل له باطلة وأفيكة، انتحلها هذا الشاعر الغوي الذي جعلوه قدوة لهم ولعمري إن فيها غميزة بمقام روح القدس وأمين الوحي عليه السلام. والحق أن جبريل إنما ربى موسى الرسول؛ لأنه هو الروح الذي يؤيد الله تعالى به الرسل والأنبياء، لا الغواة الأشقياء ( نعوذ بالله من غلبة الجهل ) .
ويا ليت شعري هل يقولون بأن تربية فرعون لموسى كان لها دخل في ارتقائه إلى مقام الرسالة، لا وإنما يحتجون بذلك على عدم وجود فائدة للتربية بالكلية، وجَهِلَ هؤلاء الحمقى أن الذين اجتنوا فوائد التربية من أهل أوربا وثبتت لديهم بالاختبار والمشاهدة، اللذين هما أقوى الأدلة والبراهين، قد جعل بعض ملاحدتهم كلام الشاعر شبهة على الطعن بنبوة موسى عليه الصلاة والسلام، وزعموا أن نشوءه في بيت الملك، وتربيته في حِضْن السياسة والشريعة المصرية قد نبها فكرته للقيام بتلك الدعوة التي حرر بها أمته، وأن ما جاء به من الشريعة مقتبس من شريعة المصريين، مع تنقيح وتحوير يناسب حال شعب إسرائيل ( نعوذ بالله من هذا الضلال البعيد )، وليس المقام هنا مقام رد شبه الملاحدة، ولكن لا بد من كلمة تحول دون تمكن الشبهة من فكر الجاهل، وهي إذا جاز أن يأخذ موسى ( عليه السلام ) شريعته من شريعة المصريين، فهل يجوز أن يكون ما جاء به من المعجزات التي أدهشتهم وأبطلت السحر الذي كانوا يخدعون به الناس مأخوذًا من المصريين، كلا بل سول لهم الكفر ما يأفكون"([4]).

[الْإِفْرِنْجُ.... قَصُرَتْ مَدَنِيَّتُهُمْ عَنْ شَرِيعَتِنَا]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:"وَقَدْ صَارَ هَؤُلَاءِ الْإِفْرِنْجُ الَّذِينَ قَصُرَتْ مَدَنِيَّتُهُمْ عَنْ شَرِيعَتِنَا فِي إِعْلَاءِ شَأْنِ النِّسَاءِ يَفْخَرُونَ عَلَيْنَا، بَلْ يَرْمُونَنَا بِالْهَمَجِيَّةِ فِي مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ، وَيَزْعُمُ الْجَاهِلُونَ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ أَنَّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ هُوَ أَثَرُ دِينِنَا، ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الدَّرْسِ أَنَّ أَحَدَ السَّائِحِينَ مِنَ الْإِفْرِنْجِ زَارَهُ فِي الْأَزْهَرِ وَبَيْنَا هُمَا مَارَّانِ فِي الْمَسْجِدِ رَأَى الْإِفْرِنْجِيُّ بِنْتًا مَارَّةً فِيهِ فَبُهِتَ وَقَالَ : مَا هَذَا ؟ أُنْثَى تَدْخُلُ الْجَامِعَ ! ! ! فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ : وَمَا وَجْهُ الْغَرَابَةِ فِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : إِنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ قَرَّرَ أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ لَهُنَّ أَرْوَاحٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ عِبَادَةٌ: فَبَيَّنَ لَهُ غَلَطَهُ وَفَسَّرَ لَهُ بَعْضَ الْآيَاتِ فِيهِنَّ. قَالَ : فَانْظُرُوا كَيْفَ صِرْنَا حُجَّةً عَلَى دِينِنَا ؟ وَإِلَى جَهْلِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى مِثْلِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ رَئِيسٌ لِجَمْعِيَّةٍ كَبِيرَةٍ فَمَا بَالُكُمْ بِعَامَّتِهِمْ ؟" ([5]).

[مَنْ يَفْهَمُ الْقُرْآنَ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" إِنَّمَا يَفْهَمُ الْقُرْآنَ وَيَتَفَقَّهُ فِيهِ مَنْ كَانَ نُصْبَ عَيْنِهِ وَوِجْهَةَ قَلْبِهِ فِي تِلَاوَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ مَوْضُوعِ تَنْزِيلِهِ ، وَفَائِدَةِ تَرْتِيلِهِ ، وَحِكْمَةِ تَدَبُّرِهِ ، مِنْ عَلَمٍ وَنُورٍ ، وَهُدًى وَرَحْمَةٍ ، وَمَوْعِظَةٍ وَعِبْرَةٍ ، وَخُشُوعٍ وَخَشْيَةٍ ، وَسُنَنٍ فِي الْعَالَمِ مُطَّرِدَةٍ"([6]).

[كِتَابُ اللهِ أُنْزِلَ لِلْهِدَايَةِ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ كِتَابَهُ هُدًى وَنُورًا ، لِيُعَلِّمَكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيَكُمْ ، وَيُعِدَّكُمْ لِمَا يَعِدُكُمْ بِهِ مِنْ سَعَادَتَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَلَمْ يُنْزِلْهُ قَانُونًا دُنْيَوِيًّا جَافًّا كَقَوَانِينِ الْحُكَّامِ ، وَلَا كِتَابًا طِبِّيًّا لِمُدَاوَاةِ الْأَجْسَامِ ، وَلَا تَارِيخًا بَشَرِيًّا لِبَيَانِ الْأَحْدَاثِ وَالْوَقَائِعِ ، وَلَا سِفْرًا فَنِّيًّا لِوُجُوهِ الْكَسْبِ وَالْمَنَافِعِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِمَّا جَعَلَهُ تَعَالَى بِاسْتِطَاعَتِكُمْ ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَحْيٍ مِنْ رَبِّكُمْ "([7]).

[الْهِدَايَةُ سِرُ الانْتِصَار]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وَهَذَا بَعْضٌ مِمَّا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ كِتَابَهُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ تَدَبَّرَهَا سَلَفُكُمُ الصَّالِحُ وَاهْتَدَوْا بِهَا ، فَأَنْجَزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا قَبْلَ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (24 : 55) وَفِي قَوْلِهِ : (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (30 : 47) ، وَقَوْلِهِ : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) (4 : 141) ، وَقَوْلِهِ : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (63 : 8) ، وَقَوْلِهِ : (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (3 : 139) .
وَعَدَهُمُ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْوُعُودَ فِي حَالِ قِلَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ وَفَقْرِهِمْ ، وَبُعْدِهِمْ عَنِ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ ، وَأَنْجَزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ بِمَا قَضَاهُ وَجَعَلَهُ أَثَرًا لِلِاهْتِدَاءِ بِالْقُرْآنِ .
هَدَى اللهُ تَعَالَى بِهَذَا الْقُرْآنِ الْعَرَبَ ، وَهَدَى بِدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ أَعْظَمَ شُعُوبِ الْعَجَمِ ، فَكَانُوا بِهِ أَئِمَّةَ الْأُمَمِ ، فَبِالِاهْتِدَاءِ بِهِ قَهَرُوا أَعْظَمَ دُوَلِ الْأَرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُمْ . دَوْلَةَ الرُّومِ (الرُّومَانِ) وَدَوْلَةَ الْفُرْسِ ، فَهَذِهِ مَحَوْهَا مِنْ لَوْحِ الْوُجُودِ بِهَدْمِ سُلْطَانِهَا وَإِسْلَامِ شَعْبِهَا ، وَتِلْكَ سَلَبُوهَا مَا كَانَ خَاضِعًا لِسُلْطَانِهَا مِنْ مَمَالِكِ الشَّرْقِ وَشُعُوبِهِ الْكَثِيرَةِ ، ثُمَّ فَتَحُوا الْكَثِيرَ مِنْ مَمَالِكِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ حَتَّى اسْتَوْلَوْا عَلَى بَعْضِ بِلَادِ أُورُبَّةَ ، وَأَلَّفُوا فِيهَا دَوْلَةً عَرَبِيَّةً كَانَتْ زِينَةَ الْأَرْضِ فِي الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ وَالْحَضَارَةِ وَالْعُمْرَانِ .
حَارَبُوا شُعُوبًا كَثِيرَةً كَانَتْ أَقْوَى مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقِتَالُ مِنْ عَدَدٍ وَعُدَدٍ ، وَسِلَاحٍ وَكُرَاعٍ ، وَحُصُونٍ وَقِلَاعٍ ، وَقَاتَلُوهَا فِي عُقْرِ دَارِهَا ، وَمُسْتَقِرِّ قُوَّتِهَا ، وَهُمْ بُعَدَاءُ عَنْ بِلَادِهِمْ ، نَاءُونَ عَنْ مَقَرِّ خِلَافَتِهِمْ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْضُلُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ صَلَاحُ أَرْوَاحِهِمُ الَّذِي تَبِعَهُ صَلَاحُ أَعْمَالِهِمْ ، وَالرَّوْحُ الْبَشَرِيُّ أَعْظَمُ قُوَى هَذِهِ الْأَرْضِ ، سَخَّرَ اللهُ تَعَالَى لَهُ سَائِرَ قُوَاهَا وَمَادَّتِهَا كَمَا قَالَ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) (2 : 29) (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (45 : 13)"([8]).

[بِمَ فُضِلَ الْعَرَبيُّ الْمُسْلِمُ عَلَىَ غَيْرِهِ مِنَ الْأعْدَاءِ ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْضُلُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ صَلَاحُ أَرْوَاحِهِمُ الَّذِي تَبِعَهُ صَلَاحُ أَعْمَالِهِمْ"([9]).

[ الْدِّيْنُ سِرُ الْرُقِي وَعُنْوَانِ الْحَضَِارَةِ ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" كَانَ الْمُسْلِمُ الْعَرَبِيُّ يَتَوَلَّى حُكْمَ بَلَدٍ أَوْ وِلَايَةٍ ، وَهُوَ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ فُنُونِ الدَّوْلَةِ ، وَلَا مِنْ قَوَانِينِ الْحُكُومَةِ ، وَلَمْ يُمَارِسْ أَسَالِيبَ السِّيَاسَةِ وَلَا طُرُقَ الْإِدَارَةِ ، وَإِنَّمَا كُلُّ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ بَعْضُ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَيُصْلِحُ مِنْ تِلْكَ الْوِلَايَةِ فَسَادَهَا ، وَيَحْفَظُ أَنْفُسَهَا وَأَمْوَالَهَا وَأَعْرَاضَهَا ، وَلَا يَسْتَأْثِرُ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا ، هَذَا وَهُوَ فِي حَالِ حَرْبٍ ، وَسِيَاسَةِ فَتْحٍ ، مُضْطَرٌّ لِمُرَاعَاةِ تَأْمِينِ الْمُوَاصَلَاتِ مَعَ جُيُوشِ أُمَّتِهِ وَحُكُومَتِهَا ،
وَسَدِّ الذَّرَائِعِ لِانْتِقَاضِ أَهْلِهَا . وَإِذَا صَلُحَتِ النَّفْسُ الْبَشَرِيَّةُ أَصْلَحَتْ كُلَّ شَيْءٍ تَأْخُذُ بِهِ ، وَتَتَوَلَّى أَمْرَهُ ، فَالْإِنْسَانُ سَيِّدُ هَذِهِ الْأَرْضِ ، وَصَلَاحُهَا وَفَسَادُهَا مَنُوطٌ بِصَلَاحِهِ وَفَسَادِهِ ، وَلَيْسَتِ الثَّرْوَةُ وَلَا وَسَائِلُهَا مِنْ صِنَاعَةٍ وَزِرَاعَةٍ وَتِجَارَةٍ هِيَ الْمِعْيَارَ لِصَلَاحِ الْبَشَرِ ، وَلَا الْمُلْكُ وَوَسَائِلُهُ ، مِنَ الْقُوَّةِ وَالسِّيَاسَةِ ، فَإِنَّ الْبَشَرَ قَدْ أَوْجَدُوا كُلَّ وَسَائِلِ الْمُلْكِ وَالْحَضَارَةِ مِنْ عُلُومٍ وَفُنُونٍ وَأَعْمَالٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ فَهِيَ إِذًا نَابِعَةٌ مِنْ مَعِينِ الِاسْتِعْدَادِ الْإِنْسَانِيِّ ، تَابِعَةٌ لَهُ دُونَ الْعَكْسِ ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ فِي الْعَكْسِ كَدَلِيلِهِ فِي الطَّرْدِ ، فَإِنَّنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ وَكَثِيرًا مِنَ الشُّعُوبِ الَّتِي وَرِثَتِ الْمُلْكَ وَالْحَضَارَةَ عَنْ سَلَفٍ أَوْجَدَهُمَا مِنَ الْعَدَمِ : مِمَّنْ أَضَاعُوهُمَا بَعْدَ وُجُودِهِمَا بِفَسَادِ أَنْفُسِهِمْ "([10]).
[ صَلاَحُ الْنُفُوسِ صَلاَحٌ لِلْأَرْضِ ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وَإِذَا صَلُحَتِ النَّفْسُ الْبَشَرِيَّةُ أَصْلَحَتْ كُلَّ شَيْءٍ تَأْخُذُ بِهِ ، وَتَتَوَلَّى أَمْرَهُ ، فَالْإِنْسَانُ سَيِّدُ هَذِهِ الْأَرْضِ ، وَصَلَاحُهَا وَفَسَادُهَا مَنُوطٌ بِصَلَاحِهِ وَفَسَادِه"([11]).



[ بِلاَدُ الْشَرْقِ ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" بِلَادُ الشَّرْقِ أَمْسَتْ كَالْمَرِيضِ الْأَحْمَقِ يَأْبَى الدَّوَاءَ وَيَعَافُهُ لِأَنَّهُ دَوَاءٌ "([12]).




[الْكَلَامُ الْمَسْمُوعُ يُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ أَكْثَرَ مِمَّا يُؤَثِّرُ الْكَلَامُ الْمَقْرُوءُ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:"إِنَّ الْكَلَامَ الْمَسْمُوعَ يُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ أَكْثَرَ مِمَّا يُؤَثِّرُ الْكَلَامُ الْمَقْرُوءُ ؛ لِأَنَّ نَظَرَ الْمُتَكَلِّمِ وَحَرَكَاتِهِ وَإِشَارَاتِهِ وَلَهْجَتَهُ فِي الْكَلَامِ - كُلُّ ذَلِكَ يُسَاعِدُ عَلَى فَهْمِ مُرَادِهِ مِنْ كَلَامِهِ ، وَأَيْضًا يُمَكِّنُ السَّامِعَ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ الْمُتَكَلِّمَ عَمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ فَإِذَا كَانَ مَكْتُوبًا فَمَنْ يَسْأَلُ ؟ إِنَّ السَّامِعَ يَفْهَمُ 80 فِي الْمِائَةِ مِنْ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَالْقَارِئَ لِكَلَامِهِ يَفْهَمُ مِنْهُ 20 فِي الْمِائَةِ عَلَى مَا أَرَادَ الْكَاتِبُ"([13]).

[إِنَّنَا لَا نَتَسَامَى]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:"إِنَّنَا لَا نَتَسَامَى إِلَى فَهْمِ مُرَادِ اللهِ تَعَالَى كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ وَلَكِنْ يُمْكِنُنَا فَهْمُ مَا نَهْتَدِي بِهِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ "([14]).

[ لِكُلِّ عِبَادَةٍ صَحِيْحَةٍ أَثَرٌ فِي الْنَفْس ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:"لِكُلِّ عِبَادَةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ الصَّحِيحَةِ أَثَرٌ فِي تَقْوِيمِ أَخْلَاقِ الْقَائِمِ بِهَا وَتَهْذِيبِ نَفْسِهِ ، وَالْأَثَرُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنْ ذَلِكَ الرُّوحِ ، وَالشُّعُورِ الَّذِي قُلْنَا إِنَّهُ مَنْشَأُ التَّعْظِيمِ وَالْخُضُوعِ ، فَإِذَا وُجِدَتْ صُورَةُ الْعِبَادَةِ خَالِيَةً مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً ، كَمَا أَنَّ صُورَةَ الْإِنْسَانِ وَتِمْثَالَهُ لَيْسَ إِنْسَانًا"([15]).

[الْصِرَاطُ المْسْتَقِيم ]

يقول الشيخ رشيد رضا معرفاً الصراط المستقيم:" و الصراط المستقيم هو جُمْلَةُ مَا يُوَصِّلُنَا إِلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ عَقَائِدَ وَآدَابٍ وَأَحْكَامٍ وَتَعَالِيمَ "([16]).

[ الْفَاتِحَةُ مُشْتِمِلَةٌ عَلَىَ إِجْمَالِ فُصِلِ فِي الْقُرْآنِ ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" الْفَاتِحَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى إِجْمَالِ مَا فُصِّلَ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى مِنَ الْأَخْبَارِ ، الَّتِي هِيَ مِثْلُ الذِّكْرَى وَالِاعْتِبَارِ ، وَيَنْبُوعُ الْعِظَةِ وَالِاسْتِبْصَارِ ، وَأَخْبَارُ الْقُرْآنِ كُلُّهَا تَنْطَوِي فِي إِجْمَالِ هَذِهِ الْآيَةِ"([17]).

[ أَهَمْيَّةُ التَّارِيِخِ مِنَ الْفَاتِحَةِ ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:"فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْقُرْآنِ تَقْرِيبًا قَصَصٌ . وَتَوْجِيهٌ لِلْأَنْظَارِ إِلَى الِاعْتِبَارِ بِأَحْوَالِ الْأُمَمِ ، فِي كُفْرِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ ، وَشَقَاوَتِهِمْ وَسَعَادَتِهِمْ ، وَلَا شَيْءَ يَهْدِي الْإِنْسَانَ كَالْمَثُلَاتِ وَالْوَقَائِعِ . فَإِذَا امْتَثَلْنَا الْأَمْرَ وَالْإِرْشَادَ ، وَنَظَرْنَا فِي أَحْوَالِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ، وَأَسْبَابِ عِلْمِهِمْ وَجَهْلِهِمْ ، وَقُوَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ ، وَعِزِّهِمْ وَذُلِّهِمْ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْأُمَمِ - كَانَ لِهَذَا النَّظَرِ أَثَرٌ فِي نُفُوسِنَا يَحْمِلُنَا عَلَى حُسْنِ الْأُسْوَةِ وَالِاقْتِدَاءِ بِأَخْبَارِ تِلْكَ الْأُمَمِ فِيمَا كَانَ سَبَبَ السَّعَادَةِ وَالتَّمَكُّنِ فِي الْأَرْضِ ، وَاجْتِنَابِ مَا كَانَ سَبَبَ الشَّقَاوَةِ أَوِ الْهَلَاكِ وَالدَّمَارِ . وَمِنْ هُنَا يَنْجَلِي لِلْعَاقِلِ شَأْنُ عِلْمِ التَّارِيخِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ وَالثَّمَرَاتِ ، وَتَأْخُذُهُ الدَّهْشَةُ وَالْحَيْرَةُ إِذَا سَمِعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ رِجَالِ الدِّينِ مِنْ أُمَّةٍ هَذَا كِتَابُهَا يُعَادُونَ التَّارِيخَ بِاسْمِ الدِّينِ وَيَرْغَبُونَ عَنْهُ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ . وَكَيْفَ لَا يُدْهَشُ وَيَحَارُ وَالْقُرْآنُ يُنَادِي بِأَنَّ مَعْرِفَةَ أَحْوَالِ الْأُمَمِ مِنْ أَهَمِّ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ هَذَا الدِّينُ ؟ (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ) (13 : 6) "([18]).

[إِنَّ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ضُرُوبِ الْهِدَايَةِ مَا قَدْ يُعَدُّ مِنَ الْأُصُولِ الْخَاصَّةِ بِالْإِسْلَامِ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" إِنَّ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ضُرُوبِ الْهِدَايَةِ مَا قَدْ يُعَدُّ مِنَ الْأُصُولِ الْخَاصَّةِ بِالْإِسْلَامِ ، وَيَرَى أَنَّهُ مِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ ، كَبِنَاءِ الْعَقَائِدِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْبَرَاهِينِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ ، وَبِنَاءِ الْأَحْكَامِ الْأَدَبِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَالْمَفَاسِدِ ، وَكَبَيَانِ أَنَّ لِلْكَوْنِ سُنَنًا مُطَّرِدَةً تَجْرِي عَلَيْهِ عَوَالِمُهُ الْعَاقِلَةُ وَغَيْرُ الْعَاقِلَةِ ، وَكَالْحَثِّ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَكْوَانِ ، لِلْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْأَسْرَارِ الَّتِي يَرْتَقِي بِهَا الْعَقْلُ وَتَتَّسِعُ بِهَا أَبْوَابُ الْمَنَافِعِ لِلْإِنْسَانِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا امْتَازَ بِهِ الْقُرْآنُ . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُ تَكْمِيلٌ لِأُصُولِ الدِّينِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بُعِثَ بِهَا كُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ لِجَعْلِ بِنَائِهِ رَصِينًا مُنَاسِبًا لِارْتِقَاءِ الْإِنْسَانِ . وَأَمَّا تِلْكَ الْأُصُولُ وَهِيَ : الْإِيمَانُ الصَّحِيحُ ، وَعِبَادَةُ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ ، وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ ، فَهِيَ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا "([19]).
[ مَا يُرِيْدُهُ الأُسْتَاذُ الإِمَامُ مُحَمْد عُبْدُه لِلْقُرْآن ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ أَصْلًا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ وَالْآرَاءُ فِي الدِّينِ لَا أَنْ تَكُونَ الْمَذَاهِبُ أَصْلًا وَالْقُرْآنُ هُوَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا ، وَيُرْجَعُ بِالتَّأْوِيلِ أَوِ التَّحْرِيفِ إِلَيْهَا ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَخْذُولُونَ، وَتَاهَ فِيهِ الضَّالُّونَ"([20]).

[ إِذَا ضّلَّتِ الأُمةُ شَقِيَت ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" إِذَا ضَلَّتِ الْأُمَّةُ سَبِيلَ الْحَقِّ وَلَعِبَ الْبَاطِلُ بِأَهْوَائِهَا ، فَفَسَدَتْ أَخْلَاقُهَا وَاعْتَلَّتْ أَعْمَالُهَا، وَقَعَتْ فِي الشَّقَاءِ لَا مَحَالَةَ ، وَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهَا مَنْ يَسْتَذِلُّهَا وَيَسْتَأْثِرُ بِشُئُونِهَا وَلَا يُؤَخِّرُ لَهَا الْعَذَابَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ ، وَإِنْ كَانَتْ سَتُلَاقِي نَصِيبَهَا مِنْهُ أَيْضًا ، فَإِذَا تَمَادَى بِهَا الْغَيُّ وَصَلَ بِهَا إِلَى الْهَلَاكِ ، وَمَحَا أَثَرَهَا مِنَ الْوُجُودِ ، هَكَذَا عَلَمَّنَا اللهُ تَعَالَى كَيْفَ نَنْظُرُ فِي أَحْوَالِ مَنْ سَبَقَنَا ، وَمَنْ بَقِيَتْ آثَارُهُمْ بَيْنَ أَيْدِينَا مِنَ الْأُمَمِ ، لِنَعْتَبِرَ وَنُمَيِّزَ بَيْنَ مَا بِهِ تَسْعَدُ الْأَقْوَامُ وَمَا بِهِ تَشْقَى "([21]).


[مِنْ دَقَائِقِ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" وَمِنْ دَقَائِقِ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزَةِ تَحَرِّي الْحَقَائِقِ بِأَوْجَزِ الْعِبَارَاتِ وَأَجْمَعِهَا لِمَحَاسِنِ الْكَلَامِ مَعَ مُخَالَفَةِ بَعْضِهَا فِي بَادِي الرَّأْيِ لِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّعْبِيرِ"([22]).

[الْفَاتِحَةُ مِنْ أَعْلَىَ الْقُرْآنَ فَصَاحَةً وأجْمَعها لِلْمَعَانِي]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ عن الفاتحة أنها من أعلى القرآن:" فَصَاحَةً وَبَلَاغَةً وَجَمْعًا لِلْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ ، وَاشْتِمَالًا عَلَى مُهِمَّاتِ الدِّينِ مِنْ صِفَاتِ اللهِ الَّتِي تَجْذِبُ قَلْبَ مِنْ تَدَبَّرَهَا إِلَى حُبِّهِ ، وَتُنْطِقُ لِسَانَهُ بِحَمْدِهِ ، وَتُعْلِي هِمَّتَهُ بِتَوْحِيدِهِ . وَتُهَذِّبُ نَفْسَهُ بِمَعَانِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَإِحَاطَةِ رُبُوبِيَّتِهِ وَمِلْكِهِ ، وَتُذَكِّرُهُ يَوْمَ الدِّينِ الَّذِي يُجْزَى فِيهِ عَلَى عَمَلِهِ ، وَتُوَجِّهُ وَجْهَهُ إِلَى السَّيْرِ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ ، وَفِي مُعَامَلَةِ اللهِ وَمُعَامَلَةِ خَلْقِهِ ، وَتُذَكِّرُهُ بِالْقُدْوَةِ الصَّالِحَةِ فِي ذَلِكَ بِإِضَافَةِ الصِّرَاطِ الَّذِي يَتَحَرَّى الِاسْتِقَامَةَ عَلَيْهِ ، وَيَسْأَلُ اللهَ تَوْفِيقَهُ دَائِمًا لَهُ ، إِلَى مَنْ أَسْبَغَ اللهُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ ، وَمَنَحَهُمْ رِضْوَانُهُ ، وَجَعَلَهُمْ هُدَاةَ خَلْقِهِ بِأَقْوَالِهِمْ، وَأُسْوَتَهُمُ الْحَسَنَةَ فِي أَفْعَالِهِمْ ، وَمُثُلَ الْكَمَالِ فِي آدَابِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ ، مِنَ النَّبِيَّيْنِ وَالصَّدِيقَيْنِ ، وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَتُحَذِّرُهُ مِنْ شَرَارِ الْخَلْقِ الَّذِينَ يُؤْثِرُونَ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ ، وَيُفَضِّلُونَ الشَّرَّ عَلَى الْخَيْرِ ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ . وَهُمُ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ - أَوْ عَلَى جَهْلٍ بِهِ كَالَّذِينِ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ، وَهُمُ الضَّالُّونَ . وَهَذَا التَّحْذِيرُ يَتَضَمَّنُ حَثَّ
الْمُسْلِمِ الْمُتَعَبِّدِ بِالْفَاتِحَةِ الْمُكَرِّرِ لَهَا فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْعِنَايَةِ بِتَكْمِيلِ نَفْسِهِ بِتَحَرِّي الْتِزَامِ الْحَقِّ وَعَمَلِ الْخَيْرِ ، بِأَحْكَامِ الْعِلْمِ وَتَرْبِيَةِ النَّفْسِ وَالتَّمَرُّنِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ"([23]).

[أَفْصَحُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ نُطْقَاً لِلْضَادِ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وَأَقُولُ : إِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ الْعَرَبِيَّةِ قَدْ أَرَادُوا الْفِرَارَ مِنْ جَعْلِ الضَّادِ ظَاءً ، كَمَا يَفْعَلُ التُّرْكُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَعَاجِمِ ، فَجَعَلُوهَا أَقْرَبَ إِلَى الطَّاءِ مِنْهَا إِلَى الضَّادِ حَتَّى الْقُرَّاءُ الْمُجَوِّدُونَ مِنْهُمْ ، إِلَّا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَأَهْلَ تُونُسَ فَهُمْ عَلَى مَا نَعْلَمُ أَفْصَحُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ نُطْقًا بِالضَّادِ ، وَإِنَّنَا نَجِدُ أَعْرَابَ الشَّامِ وَمَا حَوْلَهَا يَنْطِقُونَ بِالضَّادِ فَيَحْسَبُهَا السَّامِعُ ظَاءً لِشِدَّةِ قُرْبِهَا مِنْهَا وَشَبَهِهَا بِهَا . وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ الْأَوَّلِينَ حَتَّى اشْتَبَهَ نَقَلَةُ الْعَرَبِيَّةِ عَنْهُمْ فِي مُفْرَدَاتٍ كَثِيرَةٍ قَالُوا : إِنَّهَا سُمِعَتْ بِالْحَرْفَيْنِ وَجَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي مُصَنَّفٍ مُسْتَقِلٍّ ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ قَدِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ أَدَاؤُهَا مِنْهُمْ فَلَمْ يُفَرِّقُوا ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ "([24]).



[سِرُ تَسْمِيَةُ الْفَقْرُ بِالمَسْكَنَةِ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْفَقْرُ مَسْكَنَةً ؛ لِأَنَّ الْعَائِلَ الْمُحْتَاجَ تَضْعُفُ حَرَكَتُهُ وَيَذْهَبُ نَشَاطُهُ ، فَهُوَ بِعَدَمِ مَا يَسُدُّ عَوَزَهُ كَأَنَّهُ يَقْرُبُ مِنْ عَالَمِ الْجَمَادِ ، فَلَا تَظْهَرُ فِيهِ حَاجَةُ الْأَحْيَاءِ فَيَسْكُنُ "([25]).

[ مَنِ اكْتَفَىَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ كُفِيَ عُلُوُمَ الْدُّنْيَا ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" مَنْ ذَاقَ حَلَاوَةَ الْقُرْآنِ لَا يَنْظُرُ فِي كِتَابٍ وَلَا يَتَلَقَّى عِلْمًا ، إِلَّا مَا يَفْتَحُ لَهُ بَابَ الْفَهْمِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ مَا يَفْتَحُ لَهُ بَابَهُ الْقُرْآنُ فَيَجِدُهُ مِرْآتَهُ ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مُبْعِدٌ عَنْهُ ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْقُرْآنِ هُوَ عَيْنُ الْبُعْدِ عَنِ اللهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ "([26]).
[لَا يَتَّعِظُ الْإِنْسَانُ بِالْقُرْآنِ إلا....]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" لَا يَتَّعِظُ الْإِنْسَانُ بِالْقُرْآنِ فَتَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ بِوَعْدِهِ ، وَتَخْشَعَ لِوَعِيدِهِ ، إِلَّا إِذَا عَرَفَ مَعَانِيَهُ ، وَذَاقَ حَلَاوَةَ أَسَالِيبِهِ"([27]).
[الْقُرْآنُ يَتَحَدَّىَ ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا عن تحدي القرآن للعرب:" كَانَ يَتَحَدَّاهُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ الصَّادِعَةِ الَّتِي تُثِيرُ النَّخْوَةَ ، وَتُهَيِّجُ الْغَيْرَةَ مَعَ عُلُوِّ كَعْبِهِمْ فِي الْبَلَاغَةِ وَرُسُوخِ عِرْقِهِمْ فِي أَسَالِيبِهَا وَفُنُونِهَا ، فِي عَصْرٍ ارْتَقَتْ فِيهِ دَوْلَةُ الْكَلَامِ ارْتِقَاءً لَمْ تَعْرِفْ مِثْلَهُ الْأَيَّامُ ، حَتَّى كَانُوا يَتَبَارَوْنَ فِيهِ وَيَتَنَافَسُونَ ، وَيُبَاهُونَ وَيُفَاخِرُونَ ، وَيَعْقِدُونَ لِذَلِكَ الْمَجَامِعَ وَيُقِيمُونَ الْأَسْوَاقَ ، ثُمَّ يَطِيرُونَ بِأَخْبَارِهَا فِي الْآفَاقِ ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَتَصَدَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِلْمُعَارَضَةِ ، وَلَمْ يَنْهَضْ بَلِيغٌ
مِنْ مَصَاقِعِهِمْ إِلَى الْمُنَاهَضَةِ (أَقُولُ) بَلْ تَوَاتَرَ عَنْهُمْ مَا كَانَ ((مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُعَارَضَةِ بِأَسَلَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ ، وَالْفَزَعِ إِلَى الْمُقَارَعَةِ بِأَسِنَّةٍ أَسَلِهِمْ)) وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ بِأَسْيَافِهِمْ ، وَتَخْرِيبِ بُيُوتِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ ، أَفَلَمْ يَكُنِ الْأَجْدَرُ بِمَدَارِهِ قُرَيْشٍ وَفُحُولِهَا ، غُرَرِ بَنِي مَعَدٍّ وَحُجُولِهَا أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَأْلِيفِ سُورَةٍ بِبَلَاغَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَبَارَوْنَ فِيهَا بِسُوقِ عُكَاظَ وَغَيْرِهَا مِنْ مَجَامِعِ مُفَاخَرَاتِهِمْ ، وَيُؤْثِرُوا هَذَا عَلَى سَوْقِ الْخَمِيسِ بَعْدَ الْخَمِيسِ مِنْ صَنَادِيدِهِمْ إِلَى يَثْرِبَ لِقِتَالِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ آمَنَ بِهِ " رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " فِي بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَوَرَاءَ الْخَنْدَقِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَطَاعًا لَهُمْ ؟ ِ"([28]).




[الْحَدُّ الْصَحِيْحُ لِلْبَلاَغَةِ فِي الكَلاَم ]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" الْحَدُّ الصَّحِيحُ لِلْبَلَاغَةِ فِي الْكَلَامِ هِيَ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ مَا يُرِيدُ مِنْ نَفْسِ السَّامِعِ بِإِصَابَةِ
مَوْضِعِ الْإِقْنَاعِ مِنَ الْعَقْلِ ، وَالْوِجْدَانِ مِنَ النَّفْسِ (وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْقَلْبِ) وَلَمْ يُعْرَفْ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِ أَنَّ كَلَامًا قَارَبَ الْقُرْآنَ فِي قُوَّةِ تَأْثِيرِهِ فِي الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ ، فَهُوَ الَّذِي قَلَبَ طِبَاعَ الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَحَوَّلَهَا عَنْ عَقَائِدِهَا وَتَقَالِيدِهَا ، وَصَرَفَهَا عَنْ عَادَاتِهَا وَعَدَاوَاتِهَا ، وَصَدَفَ بِهَا عَنْ أَثَرَتِهَا وَثَارَاتِهَا ، وَبَدَّلَهَا بِأُمِّيَّتِهَا حِكْمَةً وَعِلْمًا ، وَبِجَاهِلِيَّتِهَا أَدَبًا رَائِعًا وَحِلْمًا ، وَأَلَّفَ مِنْ قَبَائِلِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ وَاحِدَةً سَادَتِ الْعَالَمَ بِعَقَائِدِهَا وَفَضَائِلِهَا وَعَدْلِهَا وَحَضَارَتِهَا ، وَعُلُومِهَا وَفُنُونِهَا"([29]).

[لاَ تُغْنِي الْنَظَرَاتُ وَالْفَلْسَفَاتُ عَنْ الْدِّيِنِ الَّذِي هُوَ رُوْحُ الْحَيَاة]

يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" إِنَّ أَعْلَمَ الْحُكَمَاءِ الْغَرْبِيِّينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ قَدْ بَيَّنُوا فِي مَبَاحِثِهِمْ فِي طَبَائِعِ الْبَشَرِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا تُرِكَ إِلَى مَدَارِكِهِ الْحِسِّيَّةِ ، وَنَظَرِيَّاتِهِ الْعَقْلِيَّةِ ، وَتَسَلَّلَ مِنْ وِجْدَانِ الدِّينِ وَالْإِلْهَامِ الْإِلَهِيِّ بِالْحَيَاةِ الْأُخْرَى ، يَكُونُ أَشْقَى مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ الْأَعْجَمِ ، وَيَكُونُ جُلُّ شَقَائِهِ مِنْ نَظَرِيَّاتِهِ الْعَقْلِيَّةِ ، فَهُوَ إِذَا فَكَّرَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الْقَصِيرَةِ الَّتِي تُسَاوِرُهَا الْآلَامُ الشَّخْصِيَّةُ ، مِنْ جَسَدِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةٍ ، وَالْآلَامِ الْمَنْزِلِيَّةِ (الْعَائِلِيَّةِ) وَالْقَوْمِيَّةِ وَالْوَطَنِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ ، يَرَاهَا عَبَثًا ثَقِيلًا ، وَيَرَى مِنَ السُّخْفِ أَوِ الْجُنُونِ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا مِنْهَا مُخْتَارًا لِأَجْلِ زَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ وَطَنٍ أَوْ أُمَّةٍ ، وَيَرَى أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْمُثْلَى فِي الْحَيَاةِ أَلَّا يَتَعَرَّضَ لِأَلَمٍ مِنْ هَذِهِ الْآلَامِ ، فَلَا يَتَزَوَّجَ
وَلَا يَعْمَلَ أَدْنَى عَمَلٍ وَلَا يَتَكَلَّفَ أَدْنَى تَعَبٍ لِأَجْلِ غَيْرِهِ ، وَأَنْ يَطْلُبَ لَذَّاتِهِ الْجَسَدِيَّةِ مِنْ أَقْرَبِ الطَّرْقِ إِلَيْهَا ، وَيَنْتَظَرَ الْمَوْتَ لِلِاسْتِرَاحَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ ، فَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهِ وَنَزَلَتْ بِهِ آلَامٌ يَشُقُّ عَلَيْهِ احْتِمَالُهَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ ذُلٍّ مُخْزٍ فَلْيَبْخَعْ نَفْسَهُ وَيَتَعَجَّلِ الْمَوْتَ انْتِحَارًا .
كُلُّ فَضَائِلِ الْإِنْسَانِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْأُمَّةِ وَالْوَطَنِ ، وَإِسْدَاءِ الْمَعْرُوفِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ لَا يَبْعَثُ النَّفْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْإِيمَانُ بِاللهِ وَبِالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ فِي حَيَاةٍ خَيْرٍ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، كَمَا قَرَّرَهُ الْبِرِنْسُ بِسْمَارْكُ عَظِيمُ أُورُبَّا فِي عَصْرِهِ فِي بَيَانِ ((الْبَاعِثُ لِلْجُنْدِيِّ عَلَى بَذْلِ نَفْسِهِ فِي الْحَرْبِ)) مِنْ أَنَّهُ وَجَدَ أَنَّهُ الدِّينُ ، وَفِي قَوْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ لَوْلَا الْإِيمَانُ لَمَا خَدَمَ الْأُمَّةَ الْأَلْمَانِيَّةَ فِي ظِلِّ عَاهِلِهَا ، وَهُوَ يَكْرَهُ الْمُلُوكَ لِأَنَّهُ جُمْهُورِيٌّ بِالطَّبْعِ . وَلَئِنِ انْتَصَرَتِ الْأَفْكَارُ الْمَادِّيَّةُ عَلَى الْهِدَايَةِ الدِّينِيَّةِ انْتِصَارًا تَامًّا كَامِلًا لِيَتَحَوَّلَنَّ جَمِيعُ مَا اهْتَدَى إِلَيْهِ الْبَشَرُ مِنْ أَسْرَارِ الْكَوْنِ وَالْفُنُونِ وَالصِّنَاعَاتِ إِلَى ذَرَائِعِ الْفَتْكِ وَالتَّدْمِيرِ ، وَبِئْسَ الْمَثْوَى وَالْمَصِيرِ . وَهُوَ مَا جَزَمَ هِرْبِرْتُ سِبِنْسَرُ شَيْخُ فَلَاسِفَةِ أُورُبَّا الِاجْتِمَاعِيِّينَ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ عَاقِبَةَ انْتِشَارِ الْأَفْكَارِ الْمَادِّيَّةِ فِي أُورُبَّا : صَرَّحَ بِهِ لِشَيْخِنَا عِنْدَ الْتِقَائِهِ بِهِ فِي انْجِلْتِرَا "([30]).




[الدِّينَ هُوَ الْهِدَايَةُ الْعُلْيَا لِلْإِنْسَانِ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" إِنَّ الدِّينَ هُوَ الْهِدَايَةُ الْعُلْيَا لِلْإِنْسَانِ الَّتِي أُفِيضَتْ عَلَى بَعْضِ خَوَاصِّهِ وَهُمُ الرُّسُلُ مِنْ أُفُقٍ أَعْلَى مِنْ عَقْلِهِ وَحَوَاسِّهِ، فَكَانَتْ أُسْتَاذًا مُرْشِدًا لَهُ فِيهِمَا لِكَيْلَا يَسْتَعْمِلَهُمَا فِيمَا يَضُرُّهُ فِي سِيرَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَهَادِيًا لَهُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَ الْقُرْآنَ أَكْمَلُ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي أَوْحَاهَا اللهُ إِلَى رُسُلِهِ لِيُبَلِّغُوهَا خَلْقَهُ، أَكْمَلُهَا هِدَايَةً وَإِرْشَادًا، وَأَصَحُّهَا تَارِيخًا وَإِسْنَادًا ، وَلِذَلِكَ كَانَ خَاتِمَةً لَهَا ، وَكَانَ آيَةً دَائِمَةً وَمُعْجِزَةً ثَابِتَةً بِأُسْلُوبِ عِبَارَتِهِ وَبِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِمَّا مَرَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ مَا طَرَأَ عَلَى دُوَلِ خِلَافَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الضَّعْفِ وَالِانْحِلَالِ صَدَّ النَّاسَ عَنْهُ، وَسَيَرْجِعُونَ إِلَى إِحْيَاءِ لُغَتِهِ، وَتَعْمِيمِ دَعْوَتِهِ فَيُنْقِذُ اللهُ بِهِ الْعَالَمَ مِنْ مَصَائِبِهِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي أَوْشَكَتْ أَنْ تُودِّيَ بِهِ (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)" "([31]).

[أَنْفَعُ الْكَلَامِ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" أَنْفَعُ الْكَلَامِ مَا جَلَّى الْحَقَائِقَ وَهَدَى إِلَى أَقْصَدِ الطَّرَائِقِ ، وَسَاقَ النُّفُوسَ بِقُوَّةِ التَّأْثِيرِ إِلَى حُسْنِ الْمَصِيرِ"([32]).
[عُهِدَ مِنْ أَهْلِ الْبَصِيَرَةِ الاقْتِدَاء بِالْحَيَوَانَات]

يقول السيد محمد رشيد رضا:"وَقَدْ عُهِدَ مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَيَوَانَاتِ وَالِاسْتِفَادَةُ مِنْ خِصَالِهَا وَأَعْمَالِهَا ، وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ : تَعَلَّمْتُ الْمُرَاقَبَةَ مِنَ الْقِطِّ ، وَعَنْ بَعْضِ حُكَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابًا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً فَلَمْ يَفْهَمْهُ فَيَئِسَ مِنْهُ وَتَرَكَهُ ،
فَرَأَى خُنْفَسَةً تَتَسَلَّقُ جِدَارًا وَتَقَعُ ، فَعَدَّ عَلَيْهَا الْوُقُوعَ فَزَادَ عَلَى ثَلَاثِينَ مَرَّةً وَلَمْ تَيْأَسْ حَتَّى تَمَكَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ تَسَلُّقِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى حَيْثُ أَرَادَتْ ، فَقَالَ : لَنْ أَرْضَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخُنْفَسَاءُ أَثْبَتُ مِنِّي وَأَقْوَى عَزِيمَةً ، فَرَجَعَ إِلَى الْكِتَابِ فَقَرَأَهُ حَتَّى فَهِمَهُ . وَيُقَالُ إِنَّ (تَيْمُورَ لنك) كَانَتْ تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِالْمُلْكِ مِنْ أَوَّلِ نَشْأَتِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ فَقْرِهِ وَمَهَانَتِهِ ، فَسَرَقَ مَرَّةً غَنَمًا (وَكَانَ لِصًّا) فَفَطِنَ لَهُ الرَّاعِي فَرَمَاهُ بِسَهْمَيْنِ أَصَابَا كَتِفَهُ وَرِجْلَهُ فَعَطَّلَاهُمَا ، فَآوَى إِلَى خَرِبَةٍ وَجَعَلَ يُفَكِّرُ فِي مَهَانَتِهِ وَيُوَبِّخُ نَفْسَهُ عَلَى طَمَعِهَا فِي الْمُلْكِ ، وَلَكِنَّهُ رَأَى نَمْلَةً تَحْمِلُ تِبْنَةً وَتَصْعَدُ إِلَى السَّقْفِ وَعِنْدَمَا تَبْلُغُهُ تَقَعُ ثُمَّ تَعُودُ ، وَظَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ عَامَّةَ اللَّيْلِ حَتَّى نَجَحَتْ فِي الصَّبَاحِ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : وَاللهِ لَا أَرْضَى بِأَنْ أَكُونَ أَضْعَفَ عَزِيمَةً وَأَقَلَّ ثَبَاتًا مِنْ هَذِهِ النَّمْلَةِ، وَأَصَرَّ عَلَى عَزْمِهِ حَتَّى صَارَ مَلِكًا وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ"([33]).



[مَسْأَلَةُ النَّظْمِ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" وَلَعَمْرِي إِنَّ مَسْأَلَةَ النَّظْمِ وَالْأُسْلُوبِ لِإِحْدَى الْكُبَرِ ، وَأَعْجَبُ الْعَجَائِبِ لِمَنْ فَكَّرَ وَأَبْصَرَ ، وَلَمْ يُوَفِّهَا أَحَدٌ حَقَّهَا ، عَلَى كَثْرَةِ مَا بَدَءُوا وَأَعَادُوا فِيهَا ، وَمَا هُوَ بِنَظْمٍ وَاحِدٍ وَلَا بِأُسْلُوبٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِائَةٌ أَوْ أَكْثَرُ : الْقُرْآنُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً مُتَفَاوِتَةً فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ ، مِنَ السَّبْعِ الطُّوَلِ الَّتِي تَزِيدُ السُّورَةُ فِيهِ عَلَى الْمِائَةِ وَعَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْآيَاتِ ، إِلَى السُّوَرِ الْمِئِينَ ، إِلَى الْوُسْطَى مِنَ الْمُفَصَّلِ ، إِلَى مَا دُونَهَا مِنَ الْعَشَرَاتِ فَالْآحَادِ كَالثَّلَاثِ الْآيَاتِ فَمَا فَوْقَهَا ، وَكُلُّ سُورَةٍ مِنْهَا تُقْرَأُ بِالتَّرْتِيلِ الْمُشْبِهِ لِلتَّلْحِينِ ، الْمُعِينِ عَلَى الْفَهْمِ الْمُفِيدِ لِلتَّأْثِيرِ ، عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الْفَوَاصِلِ ، وَتَفَاوُتِ آيَاتِهَا فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ ، فَمِنْهَا الْمُؤَلَّفُ مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْ كَلِمَتَيْنِ وَمِنْ ثَلَاثٍ ، وَمِنْهَا الْمُؤَلَّفُ مِنْ سَطْرٍ أَوْ سَطْرَيْنِ أَوْ بِضْعَةِ أَسْطُرٍ ، وَمِنْهَا الْمُتَّفِقُ فِي أَكْثَرِ الْفَوَاصِلِ أَوْ كُلِّهَا ، وَمِنْهَا الْمُخْتَلِفُ فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا ، وَهِيَ عَلَى مَا فِيهَا مُتَشَابِهٌ وَغَيْرُ مُتَشَابِهٍ فِي النَّظْمِ ، مُتَشَابِهَةٌ كُلُّهَا فِي مَزْجِ الْمَعَانِي الْعَالِيَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ ، مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى ، وَآيَاتِهِ فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ ، وَالْحِكَمِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ، وَبَيَانِ الْبَعْثِ وَالْمَآلِ ، وَدَارِ الْأَبْرَارِ وَدَارِ الْفُجَّارِ ، وَالِاعْتِبَارِ بِقَصَصِ الرُّسُلِ وَالْأَقْوَامِ ، وَأَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ "([34]).

[ فَنُ وُجُوهِ الاتِصَالِ بَينَ الآيَاتِ " الْمُنَاسَبَة " ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الْبَلاَغَةِ الْدَّقِيْقَة ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" وَلَعَمْرِي إِنَّ وُجُوهَ الِاتِّصَالِ بَيْنَ الْآيَاتِ وَمَا فِيهَا مِنْ دَقَائِقِ الْمُنَاسَبَاتِ لَهِيَ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الْبَلَاغَةِ ، وَفَنٌّ مِنْ فُنُونِ الْإِعْجَازِ ، إِذَا أَمْكَنَ لِلْبَشَرِ الْإِشْرَافُ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُهُمُ الْبُلُوغُ إِلَيْهِ"([35]).

[ إِلْحَاحُ الْقُرْآن بِالنْظَرِ الْعَقْلِي وَ الْتَفَكُر ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" جَاءَ الْقُرْآنُ يُلِحُّ أَشَدَّ الْإِلْحَاحِ بِالنَّظَرِ الْعَقْلِيِّ ، وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ ، فَلَا تَقْرَأُ مِنْهُ قَلِيلًا إِلَّا وَتَرَاهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ الْأَكْوَانَ ، وَيَأْمُرُكَ بِالنَّظَرِ فِيهَا وَاسْتِخْرَاجِ أَسْرَارِهَا ، وَاسْتِجْلَاءِ حُكْمِ اتِّفَاقِهَا وَاخْتِلَافِهَا (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (10 : 101) (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (29 : 20) (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (22 : 46) (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (88 : 17) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ جِدًّا ، وَإِكْثَارُ الْقُرْآنِ مِنْ شَيْءٍ دَلِيلٌ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِهِ وَوُجُوبِ الِاهْتِمَامِ بِهِ"([36]).

[ الْتَقٌدُّمُ الْبَشَرِيُّ لَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْ الْدِّيِن ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:" إِنَّنَا نَرَى أَنَّ طَوْرَ الْعَقْلِ وَالْفِكْرِ قَدْ بَلَغَ فِي هَذَا الْعَصْرِ مُرْتَقًى لَمْ يُعْرَفْ فِي التَّارِيخِ مَا يُقَارِبُهُ ، وَوَضَعَ عُلَمَاؤُهُ وَحُكَمَاؤُهُ شَرَائِعَ وَقَوَانِينَ لِإِيقَافِ التَّنَازُعِ وَالتَّخَاصُمِ عِنْدَ حَدٍّ لَا يَتَفَاقَمُ شَرُّهُ ، ثُمَّ نَرَى أَعْلَمَ هَذِهِ الْأُمَمِ وَدُوَلَهَا مَبْعَثَ الشُّرُورِ وَالشَّقَاوَةِ ، وَالْخُبْثِ وَالرِّيَاءِ ، وَالْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ ، فَلَا هِدَايَةَ إِلَّا هِدَايَةُ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي تُذْعِنُ لَهُ الْأَنْفُسُ بِمَحْضِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ – تَعَالَى"([37]).
[إِنَّ الدِّينَ لَا يَمْنَعُ مِنْ لَذَّةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي إِصَابَتِهَا ضَرَرٌ]

يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" إِنَّ الدِّينَ لَا يَمْنَعُ مِنْ لَذَّةٍ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي إِصَابَتِهَا ضَرَرٌ عَلَى مُصِيبِهَا ، أَوْ عَلَى أَحَدِ إِخْوَانِهِ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ الَّذِينَ يَفُوتُهُ مِنْ مَنَافِعِ تَعَاوُنِهِمْ - إِذَا آذَاهُمْ - أَكْثَرُ مِمَّا يَنَالُهُ بِالتَّلَذُّذِ بِإِيذَائِهِمْ ، وَلَوْ تَمَثَّلَتْ لِمُسْتَحِلِّ اللَّذَّةِ الْمُحَرَّمَةِ مَضَارُّهَا الَّتِي تُعْقُبُهَا فِي نَفْسِهِ وَفِي النَّاسِ ، وَتَصَوَّرَ مَالَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ فِي فَسَادِ الْعُمْرَانِ لَوْ كَانَتْ عَامَّةً ، وَكَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ مُعْتَدِلَ الْفِطْرَةِ لَرَجَعَ عَنْهَا مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا كَدَرُ
فَكَيْفَ إِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يُؤْمِنُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَيَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ تُدَنِّسُ الرُّوحَ فَلَا تَكُونُ أَهْلًا لِدَارِ الْكَرَامَةِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ !"([38]).

[ السعادة في اتباع تعاليم الدين لا في حرية البهائم !]
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" وَلَيْسَتْ سَعَادَةُ الْإِنْسَانِ فِي حُرِّيَّةِ الْبَهَائِمِ بَلْ فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي دَائِرَةِ الشَّرْعِ وَمُحِيطِهِ ، فَمَنِ اتَّبَعَ هِدَايَةَ اللهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتَمَتَّعُ تَمَتُّعًا حَسَنًا ، وَيَتَلَقَّى بِالصَّبْرِ كُلَّ مَا أَصَابَهُ ، وَبِالطُّمَأْنِينَةِ مَا يَتَوَقَّعُ أَنْ يُصِيبَهُ فَلَا يَخَافُ وَلَا يَحْزَنُ "([39]).

[نصيحة للواعظين]
يقول السيد محمد رشيد رضا:" فَيَنْبَغِي لِكُلِّ وَاعِظٍ أَنْ يَبْدَأَ وَعْظَهُ بِإِحْيَاءِ إِحْسَاسِ الشَّرَفِ وَشُعُورِ
الْكَرَامَةِ فِي نُفُوسِ الْمَوْعُوظِينَ لِتَسْتَعِدَّ بِذَلِكَ لِقَبُولِ الْمَوْعِظَةِ (وَتَجِدَ مِنْ ذَلِكَ الْإِحْسَاسِ مَعُونَةً مِنَ الْعَزِيمَةِ الصَّادِقَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ النُّفُوسِ الْكَرِيمَةِ عَلَى عَوَامِلِ الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ ، فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا اسْتَشْعَرَتْ كَرَامَتَهَا وَعُلُوَّهَا إِلَى مَا فِي الرَّذَائِلِ مِنَ الْخِسَّةِ أَبَى لَهَا ذَلِكَ الشُّعُورُ - شُعُورُ الْعُلُوِّ وَالرِّفْعَةِ - أَنْ تَنْحَطَّ إِلَى تَعَاطِي تِلْكَ الْخَسَائِسِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَى الْوَسَائِلِ لِمُسَاعَدَةِ الْوَاعِظِ عَلَى بُلُوغِ قَصْدِهِ مِنْ نَفْسِ مَنْ يُوَجِّهُ إِلَيْهِ وَعْظَهُ ، ثُمَّ إِنَّ فِي الْوَعْظِ مَا يُؤْلِمُ نَفْسَ الْمَوْعُوظِ ، وَحَرَجَا يَكَادُ يَحْمِلُهَا عَلَى النَّفْرَةِ مِنْ تَلْقِينِهِ ، وَالِاسْتِنْكَافِ مِنْ سَمَاعِهِ ، فَذِكْرُ الْوَاعِظِ لِمَا يُشْعِرُ بِكَرَامَةِ الْمُخَاطَبِ وَرِفْعَةِ شَأْنِهِ ، وَإِبَاءِ مَا يَنْمِي إِلَيْهِ مِنَ الشَّرَفِ أَنْ يَدُومَ عَلَى مِثْلِ مَا يَقْتَرِفُ يُقْبِلُ بِالنَّفْسِ عَلَى الْقَبُولِ ، كَمَا يُقْبِلُ الْجَرِيحُ عَلَى مَنْ يُضَمِّدُ جِرَاحَهُ وَيُسَكِّنُ آلَامَهُ) .
أَلَا وَإِنَّ هَذَا الشُّعُورَ ، شُعُورَ الشَّرَفِ وَالرِّفْعَةِ ، مُلَازِمٌ لِلْإِنْسَانِ لَا يُفَارِقُهُ وَلَكِنَّهُ قَدْ يَضْعُفُ حَتَّى لَا يَظْهَرَ لَهُ أَثَرٌ ، وَفِي تَحَرِيكِ الْوَاعِظِ لَهُ اعْتِرَافٌ ضِمْنِيٌّ بِكَرَامَةٍ وَفَضْلٍ لِلْمَوْعُوظِ يَشْفَعَانِ لَهُ بِمَا يَسْتَلْزِمُهُ الْوَعْظُ مِنْ مَظِنَّةِ الْإِهَانَةِ فَيَسْهُلُ احْتِمَالُهُ وَيَقْرُبُ قَبُولُهُ "([40]).
[ شعور العزة و الكرامة]
يقول السيد محمد رشيد رضا:" شُعُورُ الْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ أَمْرٌ شَرِيفٌ يُحْيِيهِ الْإِيمَانُ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ ، بَلْ يَسْتَلْزِمُهُ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ يَرَى أَنَّ لَهُ نِسْبَةً إِلَى الرَّبِّ الْعَظِيمِ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّهُ سَنَدُهُ وَمُمِدُّهُ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَعْلُو نَفْسُهُ وَتَرْتَفِعُ كَمَا قِيلَ :
قَوْمٌ يُخَالِجُهُمْ زَهْوٌ بِسَيِّدِهِمْ ... وَالْعَبْدُ يَزْهُو عَلَى مِقْدَارِ مَوْلَاهُ
مَنْ كَانَ يَشْعُرُ لِنَفْسِهِ بِقِيمَةٍ أَوْ يَجِدُ لَهَا حَقًّا فِي أَنْ تَعِزَّ وَتُكْرَمَ ، تَرَاهُ إِذَا خَلَا بِنَفْسِهِ وَتَذَكَّرَ أَنَّهُ أَلَمَّ بِنَقِيصَةٍ يَتَأَلَّمُ وَيَتَمَلْمَلُ وَيَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"([41]).
[ الذل يقلل النسل ]

يقول السيد محمد رشيد رضا:"الذُّلَّ يُقَلِّلُ النَّسْلَ وَيُفْضِي بِالْأُمَّةِ إِلَى الِانْقِرَاضِ، والذُّلَّ لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا فِي الزَّمَنِ الطَّوِيلِ ، ذَلِكَ بِأَنَّ الذَّلِيلَ الَّذِي لَا تُطْلَقُ إِرَادَتُهُ فِي أَعْمَالِهِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّخْصِ الَّذِي يَضْعُفُ عَنْ تَنَاوُلِ الْغِذَاءِ الَّذِي يَمُدُّ حَيَاتَهُ ، فَهُوَ يَذْبُلُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا حَتَّى يَنْحَلَ وَيَمُوتَ ، وَالْقُوَّةُ الْمَعْنَوِيَّةُ الَّتِي تَحْفَظُ حَيَاةَ الْأُمَمِ هِيَ قُوَّةُ الْأَرْوَاحِ وَالْإِرَادَاتِ ؛ لِأَنَّ الْجِسْمَ مَحْمُول ٌبِالرُّوحِ . وَالْعَمَلُ النَّافِعُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْإِرَادَةِ ، فَمَتَى خُذِّلَتِ النُّفُوسُ بِالتَّسَلُّطِ عَلَى إِرَادَتِهَا تَبِعَهَا الْجِسْمُ فَيَضْعُفُ بِضَعْفِهَا ، وَالضَّعِيفُ يَأْتِي بِنِتَاجٍ ضَعِيفٍ ، وَيَكُونُ نَسْلُ نِتَاجِهِ أَضْعَفَ مِنْ نَسْلِهِ ، وَيَتَسَلْسَلُ هَكَذَا حَتَّى يَكُونَ مِنْ لَوَازِمِ ضَعْفِ النَّسْلِ إِسْرَاعُ الْمَوْتِ إِلَى صِغَارِهِ قَبْلَ بُلُوغِ سِنِّ الرُّشْدِ ، وَبِهَذَا يَنْقَرِضُ النَّسْلُ ، كَمَا حَصَلَ لِهُنُودِ أَمْرِيكَا وَسُكَّانِ شَمَالِيِّ أُسْتُرَالِيَا"([42]).

[فَالْمُهْتَدُونَ بِهِدَايَةِ اللهِ - تَعَالَى - لَا يَخَافُونَ مِمَّا هُوَ آتٍ ، وَلَا يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَ]
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" فَالْمُهْتَدُونَ بِهِدَايَةِ اللهِ - تَعَالَى - لَا يَخَافُونَ مِمَّا هُوَ آتٍ ، وَلَا يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَ ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْهُدَى يُسَهِّلُ عَلَيْهِمْ طَرِيقَ اكْتِسَابِ الْخَيْرَاتِ ، وَيَعُدُّهُمْ لِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ وِجْهَتَهُ ، يَسْهُلُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَسْتَقْبِلُهُ ، وَيَهُونُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا أَصَابَهُ أَوْ فَقَدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مُوقِنٌ بِأَنَّ اللهَ يُخْلِفُهُ فَيَكُونُ كَالتَّعَبِ فِي الْكَسْبِ لَا يَلْبَثُ أَنْ يَزُولَ بِلَذَّةِ الرِّبْحِ الَّذِي يَقَعُ أَوْ يُتَوَقَّعُ "([43]).
[كُلُّ عَمَلٍ... ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا:" كُلُّ عَمَلٍ يَسْتَرْسِلُ فِيهِ الْعَامِلُ تَقْوَى مَلَكَتُهُ فِيهِ خُصُوصًا مَا اتَّبَعَ فِيهِ الْهَوَى"([44]).
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده :" وَإِنَّمَا بَقَاءُ الْبَاطِلِ فِي غَفْلَةِ الْحَقِّ عَنْهُ"([45]).

[ كيف يثبت العلم ولا يرتحل ]
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" الْعَمَلَ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الْعِلْمَ رَاسِخًا فِي النَّفْسِ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهَا . وَيُؤْثَرُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - أَنَّهُ قَالَ : يَهْتِفُ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ . فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ "([46]).

[ الصلاة توثق عرى الإيمان ]
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" الصَّلَاةُ تُوَثِّقُ عُرْوَةَ الْإِيْمَانِ ، وَتُعْلِي الْهِمَّةَ ، وَتَرْفَعُ النَّفْسَ بِمُنَاجَاةِ اللهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ، وَتُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقُلُوبِ بِالِاجْتِمَاعِ لَهَا ، وَالتَّعَارُفِ فِي مَسَاجِدِهَا" ([47]).

[ حال من فقد التوحيد الخالص، وحال ذو التوحيد الخالص ]
يقول السيد محمد رشيد رضا:" تَرَى أَصْحَابَ النَّزَغَاتِ الْوَثَنِيَّةِ فِي خَوْفٍ دَائِمٍ مِمَّا لَا يُخِيفُ ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ
بِثُبُوتِ السُّلْطَةِ الْغَيْبِيَّةِ الْقَاهِرَةِ لِكُلِّ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْهُ عَمَلٌ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى سَبَبِهِ وَلَا يَعْرِفُونَ تَأْوِيلَهُ ، يَسْتَخْذُونَ لِلدَّجَّالِينَ وَالْمُشَعْوِذِينَ ، وَيَرْتَعِدُونَ مِنْ حَوَادِثِ الطَّبِيعَةِ الْغَرِيبَةِ ، إِذَا لَاحَ لَهُمْ نَجْمٌ مُذَنَّبٌ تَخَيَّلُوا أَنَّهُ مُنْذِرٌ يُهَدِّدُهُمْ بِالْهَلَاكِ ، وَإِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْفَسَادِ تَوَهَّمُوا أَنَّهَا مِنْ تَصَرُّفِ بَعْضِ الْعِبَادِ ، وَتَرَاهُمْ فِي جَزَعٍ وَهَلَعٍ مِنْ حُدُوثِ الْحَوَادِثِ ، وَنُزُولِ الْكَوَارِثِ ، لَا يَصْبِرُونَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَلَا يُنْفِقُونَ فِي الرَّخَاءِ وَالسَّرَّاءِ (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) (70 : 19 - 23) هَذِهِ حَالُ مَنْ فَقَدَ التَّوْحِيدَ الْخَالِصَ وَحُرِمَ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ) (41 : 16) وَإِنَّمَا كَانَ صَاحِبُ النَّزَغَاتِ الْوَثَنِيَّةِ فِي خَوْفٍ مِمَّا يَسْتَقْبِلُهُ ، وَحُزْنٍ مِمَّا يَنْزِلُ بِهِ ؛ لِأَنَّ مَا اخْتَرَعَهُ لَهُ وَهْمُهُ مِنَ السُّلْطَةِ الْغَيْبِيَّةِ لِغَيْرِ اللهِ الَّتِي يُحَكِّمُهَا فِي نَفْسِهِ ، وَيَجْعَلُهَا حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الشَّدَائِدِ عَلَيْهَا ، وَلَا يَجِدُ عِنْدَهَا غَنَاءً إِذَا هُوَ لَجَأَ إِلَيْهَا ، وَمَا هُوَ مِنْ سُلْطَتِهَا عَلَى يَقِينٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الظَّانِّينَ أَوِ الْوَاهِمِينَ .
وَأَمَّا ذُو التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَاعِلَ إِلَّا اللهُ - تَعَالَى - ، وَأَنَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ قَدْ هَدَى الْإِنْسَانَ إِلَى السُّنَنِ الْحَكِيمَةِ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا فِي أَفْعَالِهِ ، فَإِذَا أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ ، بَحَثَ فِي سَبَبِهِ وَاجْتَهَدَ فِي تَلَافِيهِ مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي سَنَّهَا اللهُ - تَعَالَى - لِذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَا مَرَدَّ لَهُ ، سَلَّمَ أَمْرَهُ فِيهِ إِلَى الْفَاعِلِ الْحَكِيمِ ، فَلَا يَحَارُ وَلَا يَضْطَرِبُ ؛ لِأَنَّ سَنَدَهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ، وَالْقُوَّةَ الَّتِي يَلْجَأُ إِلَيْهَا كَبِيرَةٌ لَا يُعْجِزُهَا شَيْءٌ ، فَإِذَا نَزَلَ بِهِ سَبَبُ الْحُزْنِ أَوْ عَرَضَ لَهُ مُقْتَضَى الْخَوْفِ لَا يَكُونُ أَثَرُهُمَا إِلَّا كَمَا يُطِيفُ الْخَاطِرُ بِالْبَالِ ، وَلَا يَلْبَثُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ الزَّوَالُ (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (13 : 28)" ([48]).

[ وَرُبَّ كَبِيرَةٍ ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ " وَرُبَّ كَبِيرَةٍ أَصَابَهَا الْمُؤْمِنُ بِجَهَالَةٍ وَبَادَرَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنْهَا - فَكَانَتْ دَائِمًا مُذَكِّرَةً لَهُ بِضَعْفِهِ الْبَشَرِيِّ وَسُلْطَانِ الْغَضَبِ أَوِ الشَّهْوَةِ عَلَيْهِ ، وَوُجُوبُ مُقَاوَمَةِ هَذَا السُّلْطَانِ طَلَبًا لِلْكَمَالِ بِالْقُرْبِ مِنَ الرَّحْمَنِ ، خَيْرٌ مِنْ صَغِيرَةٍ يَقْتَرِفُهَا الْمَرْءُ مُسْتَهِينًا بِهَا مُصِرًّا عَلَيْهَا فَتَأْنَسُ نَفْسُهُ بِالْمَعْصِيَةِ ، وَتَزُولُ مِنْهَا هَيْبَةُ الشَّرِيعَةِ ، فَيَتَجَرَّأُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَيَكُونُ مِنَ الْهَالِكِينَ "([49]).
[ فلا ينبغي للعاقل]
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده:" فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ وَالتَّحَرِّي وَمَعْرِفَةِ مَكَانِ الْخَطَأِ وَالتَّزْيِيلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا عَسَاهُ يَكُونُ مَعَهُ صَوَابًا "([50]).

[ والحق وراء جميع المزاعم ]
يقول الشيخ محمد رشيد رضا ـ رحمه الله ـ :" وَالْحَقُّ وَرَاءَ جَمِيعِ الْمَزَاعِمِ لَا يَتَقَيَّدُ بِأَسْمَاءٍ وَلَا أَلْقَابٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ إِيْمَانٌ خَالِصٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ ، وَلَوِ اهْتَدَى النَّاسُ إِلَى هَذَا لَمَا تَفَرَّقُوا فِي الدِّينِ وَاخْتَلَفُوا فِي أُصُولِهِ وَلَكِنَّهُمْ تَعَصَّبُوا وَتَحَزَّبُوا لِأَهْوَائِهِمْ ، فَتَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فِي آرَائِهِمْ (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) "([51]).

[ ليالي مِنى ]

رفقًا بها أيها الزاجر ... قد لاح سلع وبدا حاجر

وخلها تسحب أرسانها ... على الرُّبا لا راعها ذاعر

واذكر أحاديث ليالي منى ... لا عدم المذكور والذاكر

* * *

لهف نفسي لليالٍ سلفت ... آه لو ترجع هاتيك الليالي

لا تقل لي بمنى تُعْطَى المُنَى ... بمنى كان من القوم انفصالي

* * *

صحبي مَضَوْا فمدامعي ... منهلة في إثر صحبي

ما فَوّق الهجران سهـ ... ـمًا فانثنى عن قصد قلبي

كلا ولا نادى الجوى ... إلا وكنت أنا الملبي

ولقد وقفت على منى ... لولا المنى لقضيت نحبي"([52]).



[ قصيدة الجاذبية]

أي حسن نرى بهذي الغواني ... كل عضو كآلة حربيه

ما لنا نحسب الحسان ظباء ... ولها فتكة بنا قسوريه

ونسمي خدر الفتاة كناسًا ... ونرى الغاب يدعي الأولويه

ونذوق الغرام عذبًا وإن كا ... ن عذابًا لدى النفوس الأبيه

يا رقيقًا لذات خصر رقيق ... برئت منك ذمة الحريه

قد أذلتك نسوة يتبرجن ... دلالاً تبرج الجاهليه

تلك سلوى أن التخيل يدعو ... رقة العقل رقة طبعيه

(ومنها)

كم تناجي الدجى وما أنت ممن ... يفتري عن ضاوعة المفريَّه

وتبيح الرياح كل غدوّ ... ورواح شؤونك السريه

وتصيخ الآذان تسترق السمع ... جوابًا يأتي من العامريه

قد أقامت لك الأماني سلكًا ... لأداء الرسائل البرقيه

ولكم أنت في عتاب وشكوى ... لحبيب دياره مقصيه

إن نأى يدنه الخيال من التمثيل ... في آلة له رصديه

وعلام الوقوف حول رسوم ... دارسات ما ثَمَّ منها بقيه

تمطر السحب من عيونك ما ثار ... بخارًا عن نارك القلبيه

بحر دمع وفُلْك جسمك فيه ... سيرته أنفاسك الصدريه

(ومنها)

خل عنك التمويه بالغيد وأسلم ... إنما الحب لذة وهميه

قد أقامت على الحقائق سترًا ... فاستسرت نجومها الدريه

حجبت عنك شمسها بسحاب ... ظله قام صورة شمسيه

ومنها في إثبات أن الحب اختياري في مبدئه:

أنت أشعلت نار قلبك بالتحديق ... نحو الحدائق الحسنيه

صاد رسم الحبيب طرفك منها ... بانعكاس الأشعة النوريه

فسرى من زجاجة العين للقلـ ... ب شعاع كجذوة ناريه

ومنها في مدح مولانا السلطان المعظم:

جر ذيلاً عن المجرة إذ جا ... وز هام الجوزاء بالفوقيه

ما علاه نبتون والعقل كم كذب ... حكم المشاعر الحسيه

نافذ الرأي مسقب كل ناء ... من عويص المشاكل الفكريه

يومض الذهن من تلاق لإيجا ... بية الحكم فيه والسلبيه

فكأن السداد والحزم فيه ... برلمان أقيم أو جمعيه

حرر الملك بعد رق فقرت ... فيه عين الإسلام والحريه

أيد الملة الحنيفية السمحة ... فيه والشرعة الحنفيه

فهو والملك إذ تولى عليه ... فتوالت نعمى وولت رزيه

شبح صافحته أم لهيم ... فسرت فيه قوة روحيه

فأباح العمران سر الترقي ... لنفوس الجمعية البشريه

فأفاضت ماء الزراعة عين ... أيقظتها الصنائع العمليه

وأقامت لها التجارة سوقًا ... أحرزت في مجالها السبقيه

وبغيث العلوم أينع روض ... صوحته البوارح الدهريه

فيه شمنا شمس الهدى وشممنا ... منه عرف المعارف الحكميه

ووجدنا جسم الوجود صحيحًا ... بارتقاء الصناعة الطبيه

ورياضي فكره ظل يبدي ... من زوايا الفنون كل خبيه

وتدلت زهر النجوم إلينا ... بل عرجنا للقبة الفلكيه

هل كعبد الحميد يلفى مليك ... أو تولى من عهد آل أمية

عُمريٌّ عدالةً علوي ... سطوةً والسمات عثمانيه

سار في نهج ملكه وكلاء ... مثلوا نور عدله للرعيه

بالشمس نظامها فيه دارت ... واستنارت سيارة بشريه

ومنها بعد ذكر وفود أصناف الناس على المابين حتى الملوك، وكان ذلك عقب

زيارة إمبراطور ألمانيا الآستانة.

فكأن المابين والناس ما بين ... مجدّ سعيًا وذي بطئيه

كعبة والحجيج من كل فج ... ينتحيها أو مركز الجاذبيه

ومنها في مدح الأمير وهو ختامها:

لم أقل إنني خصيص علاه ... فهي دعوى بمدحتي ضمنيه

وكفاني قرب القرابة أنّا ... بوأتنا البنوة النبويه

وبكلي له تسلسل ود ... دار فيه كالدورة الدمويه

يا عريقا بالمكرمات فليست ... هبة تستردّ أو عارِيّه

هاك بكراً جاءت بمبتكرات ... من مجاني جناتها معنويه

أشربت رقة الحضارة لكن ... رويت بالجزالة البدويه

أعجبت بالمديح فيك فقامت ... تتهادى كأنها حوريه

رامت الحلي في الثناء فلبتـ ... ها عقود الكواكب الدريه

فبدت تنتحي علاك وناهيك ... بباد أوفى على المدنيه

تستميح الرضى لكي تغتدي را ... ضية عند ربها مرضيه"([53]).
=========================
[1] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، الأخبار والآراء، 16 محرم 1322هـ ـ 2 أبريل 1904م، 7/ 70.

[2] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، مشروع مفيد، شوال 1315هـ ـ فبراير 1898م، 1/ 19.

[3] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، التربية والتعليم، 29 شوال 1315هـ ـ فبراير 1898م، 1/ 56.

[4] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، التربية والتعليم، 29 شوال 1315هـ ـ فبراير 1898م، 1/ 56.

[5] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 2/ 299.

[6] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 8.

[7] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 6.

[8] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 6.

[9] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 6.

[10] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 7.

[11] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 7.

[12] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 12.

[13] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 13.

[14] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 20.

[15] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 20.

[16] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 54.

[17] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 55.

[18] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 56.

[19] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 57.

[20] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 59.

[21] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 60.

[22] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 60.

[23] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 66.

[24] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 84.

[25] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 275.

[26] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 152.

[27] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 152.

[28] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 163.

[29] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 169.

[30] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 187.

[31] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 187، 188.

[32] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 199.

[33] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 201.

[34] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 166.

[35] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 206.

[36] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 208.

[37] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 237.

[38] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 237.

[39] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 238.

[40] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 252.

[41] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 252.

[42] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 259، 260، بتصرف.

[43] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 237.

[44] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 276.

[45] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 247.

[46] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 276.

[47] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 348.

[48] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 352.

[49] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 4/ 112.

[50] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 4/ 354.

[51] - محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة العامة المصرية للكتاب ـ القاهرة ـ، 1410هـ ـ 1990م، 1/ 353.

[52] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، رحلة الحجاز، جمادى الآخرة 1336هـ/ ـ أبريل 1918م، 316/ 20.

[53] - محمد رشيد رضا، مجلة المنار، الشعر والشعراء، 11 محرم 1316هـ/ ـ يونيو 1898م، 1/ 91.
 
5390alsh3er.jpg

يقول الشيخ علي الطنطاوي:" وللمنار أثر لا ينكر في العقيدة وفي العلم وفي ( توعية ) المسلمين، وفي مجموعتها لمن استطاع الحصول عليها كنز تستخرج منه عشرات من الكتب، كما فعل الصديق العامل الدائب على التأليف الدكتور صلاح الدين المنجد حين استخرج فتاوى السيد رشيد وأفردها بالطبع "(1 ).

=======================
1 - الشيخ علي الطنطاوي، ذكريات علي الطنطاوي، دار المنارة، السعودية ـ الرياض ـ، ط:1، 1405 هـ/ 1985م، 1/ 256.
 
مدح العلاَّمة محمد رشيد رضا نخبة من العلماء الأجلاء من جميع الفئات أذكر منهم ما أعرف:

5391alsh3er.jpg
( جمال الدين القاسمي ـ محمود شكري الآلوسي ـ مصطفى الغلاييني ـ مصطفى صبري التوقادي ـ محمد مصطفى المراغي ـ أحمد مصطفى المراغي ـ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ محمد ناصر الدين الألباني ـ محمد حامد الفقي ـ أحمد محمد شاكر ـ أحمد شفيق باشا ( مؤرخ جليل ) ـ محمد الغزالي ـ حسين الجسر ـ حسن البنا ـ محمد بهجة البيطار ـ محمد فؤاد عبد الباقي ـ محمد رشاد غانم ( من رواد الأول لجماعة أنصار السنة في الإسكندرية ) ـ محمد الطاهر بن عاشور ـ عبد الحميد بن باديس ـ محمد البشير الإبراهيمي ـ مصطفى صادق الرافعي ـ عبد القادر المغربي ـ الأمير شكيب أرسلان ـ المحدث عبد الله الصديق الغماري ـ محمد خليل هراس ـ د. إبراهيم العدوي ـ محمد تقي الدين الهلالي ـ عباس محمود العقاد ـ المحدث محمد عبد الرازق حمزة ـ الشيخ يوسف ياسين ـ الشيخ محمد بن موسى الشريف ـ خالد بن فوزي عبد الحميد آل حمزة ( المدرس بدار الحديث الخيرية ) ـ الشيخ محمد إسماعيل المقدم ـ الدكتور فضل حسن عباس ـ الدكتور يوسف عبد المقصود ـ الأستاذ أنور الجندي ـ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ ـ خير الدين الزركلي ـ عادل نويهض ـ عمر رضا كحالة ـ الشيخ عبد العزيز الرشيد البدَّاح ( مؤرخ الكويت ) ـ الدكتور يوسف حجي ـ محمد لطفي جمعة ـ أحمد زكي أبو شادي ـ الشيخ سليم البشري ـ أحمد إبراهيم إبراهيم ( مدرس الشريعة في كلية الحقوق ) ـ الدكتور علي أبو جريشة ـ الشيخ عبد الظاهر أبو السمح ـ مفتي القدس الأكبر الحاج أمين الحسيني ـ السيد محمد توفيق البكري ـ الشيخ راشد الغنوشي ـ الأستاذ إسماعيل الحافظ (وعضو

محكمة فلسطين الاستئنافية الشرعية في القدس الشريف ) ـ طنطاوي جوهري ـ الملك عبد العزيز بن سعود ـ الشيخ محمد ظبيان الكيلاني ـ الشيخ محمد مسلم الغنيمي الميداني ـ الشيخ سعدي يس الدمشقي ـ الشيخ محمد نعيم البيطار ـ مفتي طرابلس الشام محمد رشيد ميقاتي ـ الشيخ عبد العزيز البشري ـ الشيخ مصطفى أحمد الرفاعي اللبان ـ الأستاذ عبد السميع البطل ـ،................)
 
عودة
أعلى