تخريج أسانيد التفسير الشهيرة والحكم عليها

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محمد الأمين
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

محمد الأمين

Guest
**مناهج التفسير عند الصحابة**

ابن مسعود كان ينحى كثيراً إلى التفسير بأسباب النزول وبالقراءات. أما ابن عباس فكان ينحى إلى التفسير بالسنة وباللغة العربية وبالاجتهاد. وكلا المنهجين قويٌّ معتمد.

**هل تفسير السلف حجة؟**

بإمكاننا تقسيم تفسير الصحابي إلى الأقسام التالية:

1- التفسير الذي فيه غيبيات في العقيدة:

فهذا كله حجة قاطعة، لأنه لا يحل لأحد أن يحدث بغير حديث صحيح مرفوع.

2- التفسير الذي فيه أخبار الأمم السابقة وأخبار الفتن والملاحم وأشراط الساعة:

وهذا غالبه يكون حكمه حكم المرفوع. لكن قد يكون الصحابي قد أخذه من أهل الكتاب، فلا حجة فيه. ولا أعلم أنه ثبت عن صحابي قط أنه روى عن الإسرائيليات في التفسير ولم يُبيّن ذلك إلا عبد الله بن عباس، فقد أكثر من هذا الأمر. ولا أعرف لأحد من كبار الصحابة كعبد الله بن مسعود رواية عن أهل الكتاب.

3- التفسير الفقهي واللغوي:

هناك خلاف مشهور حول حجية تفسير الصحابي سواء الفقهي أم اللغوي. ومن الأدلة على أن أقوالهم غير مُلزِمة هو اختلافهم في التفسير والفقه. وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد (4\263) قصة خلافٍ بين ابن عباس وابن مخرمة ثم قال: «وفي هذا الحديث من الفقه: أن الصحابة إذا اختلفوا، لم تكن الحجة في قول واحدٍ منهم إلا بدليلٍ يجِبُ التسليم له من الكتاب أو السنة. ألا ترى أن ابن عباس والمسوّر بن مخرمة –وهما من فقهاء الصحابة وإن كانا من أصغرِهِم سِنّاً– اختلفا، فلم يكن لِواحدٍ منهما حُجة على صاحبه، حتى أدلى ابن عباس بالسنة ففلج».

كما أن التابعين كانوا يفتون بحضرة الصحابة. ولم يثبت عن صحابي أنها نهى تابعي عن الإفتاء بحضرتهم، بل كان بعض الصحابة يحيل على التابعين، مثل ابن عباس وتلميذه عطاء. فترى التابعي يخالف الصحابي أحياناً في التفسير والفقه، فلا يستدرك الصحابي عليه ويقول أنا على الصواب لأني أنا صحابي وأنت تابعي.

واتفق العلماء أن قول الصحابي أولى من غيره، وإن اختلفوا في حجيته. واتفقوا على أن ما أجمع عليه الصحابة من تفسير فهو ملزم لمن بعدهم. ولكن إثبات إجماع الصحابة عسيرٌ وصعب. ومن الأمثلة على الإجماع الثابت: أن عمر بن الخطاب  كان ينهى الإماء عن تغطية رؤوسهن ويضربهن على ذلك لأنهن يتشبهن بالحرائر. وفرض مثل هذا على الناس لا يكون في مسألة اجتهادية. بل لو كان كذلك لعارضه أحد الصحابة ممن يأبون ذلك على إمائهم، ولكان وصلنا هذا. فَلما لم يصِلنا قولٌ مخالفٌ له، ثبت الإجماع على أن آية الحجاب خاصة بالحرائر لا بالإماء.

4- أسباب نزول الآيات:

قلنا أن هناك خلاف مشهور في حجية قول الصحابي في المسائل الفقهية، أما في أسباب النزول فقول الصحابي حكمه حكم الحديث المسند المرفوع إلى رسول الله . و إجماع الصحابة على تفسير آية هو حجةٌ قاطعة. و لذلك احتج ابن العباس بهذا على الخوارج.

قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير، من كتاب المستدرك «ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين (أي البخاري ومسلم): حديثٌ مُسند». وقال في موضع آخر من كتابه: «هــــو عـــــنــــدنــــا فــــي حــــكـــم الـــمـــرفـــوع». وهو لا يقصد التفسير بالرأي بل يقصد أن قول الصحابي في سبب النزول حجة قاطعة لا يجوز العدول عنها. لأنه لا يحدِّث في ذلك إلا إذا صح عنده حديثاً مرفوعاً أو شهد سبب النزول بنفسه. فقول الصحابي في أسباب النزول ليس اجتهاداً منه، وإنما هو شهادة منه غير متعلقة بالرأي.

هذا كله عن تفسير الصحابة. أما تفسير التابعين فما بعدهم فلا ريب أنه ليس بحجة في دين الله. جاء في كتاب الإرشاد لأبي يعلى (1\396 ): قال شعبة: «رأي التابعين من قِبَلِ أنفُسِهم ريحٌ لا يُعتمَدُ عليه، فكيف في كتاب الله؟!».
 
**كتب السلف في التفسير**

أهم الكتب التي كتبت في تفسير السلف (أي التفسير بالمأثور):

في البداية كان كل مؤلف يكتب ما وصله إما في مصنف مستقل كتفسير عبد الرزاق، وتفسير ابن أبي حاتم، وتفسير مجاهد. وإما يكتبه ضمن كتابه، كقسم التفسير عند البخاري في صحيحه، وقسم التفسير عند الحاكم في مستدركه. ولكن هؤلاء لا ينقلون إلا تفسير آيات معينة. حتى جاء الإمام الطبري وجمع أكثر أقوال وتفاسير السلف في مصنف واحد، فأضاف له تفسير كل الآيات، مع ذكر كثير من بيان إعرابها وتفسير الغامض من مفرداتها، واختلاف القراءات بها.

وتبعه الكثير من المؤلفين. وأحسن ما جاء في تفسير السلف كتاب ترجمان القرآن للسيوطي الذي استوعب به كل ما جاء عن السلف من التفسير (وهو مفقود). واختصره بحذف الأسانيد في كتاب "الدر المنثور في التفسير بالمأثور".

وهذه الكتب كلها تحتاج إلى تخريج شامل لأن أكثر ما فيها ضعيف لا يصح. وهذا نص عليه عدد من أئمة السلف. قال الإمام أحمد بن حنبل، كما في لسان الميزان (1\12 ): « ثلاثة كتب ليس لها أصول وهي: المغازي والتفسير والملاحم ».

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (7\435): «أما أحاديث سبب النزول، فغالبها مُرسَلٌ ليس بمُسنَد. ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل: "ثلاثُ علومٍ لا إسناد لها" و في لفظ: "ليس لها أصل: التفسير والمغازي والملاحم". ويعني أن أحاديثها مُرسَلة». وقال: «فالمقصود أن المنقولات التي يحتاج إليها في الدين، قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره. ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحِم. ولهذا قال الإمام أحمد: "ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي". ويُروَى "ليس لها أصل" أي إسناد. لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير والشعبي والزهري وموسى بن عقبة وابن إسحاق ومن بعدهم كيحيى بن سعيد الأموي والوليد بن مسلم و الواقدي ونحوهم في المغازي».

قال الزركشي في "البرهان" (2\156) بعد ذكره لمقولة أحمد: «قال المحققون من أصحابه: مراده أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة. وإلا فقد صحّ من ذلك كثير، كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي وغيره». قال السيوطي في "الإتقان" (2/228): «الذي صَحّ من ذلك قليلٌ جداً. بل أصل المرفوع منه في غاية القِلّة. وسأسردها كلها في آخر الكتاب».

من التفاسير المشهورة:
تفاسير الأشاعرة: القرطبي وأبي السعود.
تفاسير المعتزلة: الزمخشري (الكشاف) والرازي (مفاتيح الغيب).
تفاسير الماتوريدية: النسفي.
تفاسير الفقهاء، وتسمى أحكام القرآن: الجصاص الحنفي (وهو من أشهرها) والإلكيا الشافعي وابن العربي المالكي والقرطبي المالكي (مشهور كذلك) وابن عادل الحنبلي.
قيل: أحسن التفاسير بالرأي تفسير الشوكاني (فتح القدير).
وأحسن التفاسير باللغة تفسير أبي حيان الأندلسي (البحر المحيط)، لكنه يغوص كثيراً في اللغة بخلاف تفسير الزمخشري (الكشاف).
وأحسن التفاسير المعاصرة تفسير الشهيد سيد قطب (في ظلال القرآن).
وأحسن التفاسير بالمأثور، تفسير بقي بن مخلد لكنه ضاع، فبقي تفسير الطبري. أما تفسير السيوطي فما وصلنا إلى مختصره الخالي من الأسانيد!
وشيخ الإسلام ابن تيمية لم يكتب مؤلفاً مستقلاً في التفسير، لكنه اعتنى بتفسير آيات أشكلت على المفسرين من قبله. وقد ندم في آخر عمره أنه لم يجعل النصيب الأوفر من حياته للتفسير.


[color=CC0099]وبعد هذه المقدمة نبدأ بعون الله في الموضوع الأصلي[/color]
 
أشهر المفسرين

** تفسير أُبَيّ بن كعب **
**تفسير عبد الله بن مسعود**
**تفسير ابن عباس**
**تفسير مجاهد**
**تفسير قتادة**
**تفسير عكرمة**
**تفسير ابن جريج**
**تفسير السدي**
**تفسير عبد الرزاق**
**تفسير زيد بن أسلم**
 
بداية جيدة، وفقك الله


ولدي ملاحظة:
فالمعروف عند القاصي والداني أن الرازي أشعري وليس معتزلي، وما قيل عن تفسيره وإيراد حجج العتزلة بطولها واختصار الرد عليها، نوقشت من قبل هنا.

والله أعلم
 
تعليق آخر

تفسير ابن عادل الحنبلي ليس من تفاسير الأحكام ، بل هو تفسير مطول مختصر من تفسير الرازي وغيره .

وما ذكرته عن كتب التفسير ، وتحديد أحسنها لا يعدو أن يكون مجرد اجتهادات تفتقر إلى الدقة والتحرير ، ويبدو أنها صادرة ممن لم يطلع على هذه الكتب ويقرأ فيها كثيراً .

فمثلاً تفسير الشوكاني لا يخرج في الغالب عن كتابين :
الأول : تفسير القرطبي ، فنسبة 80% أو أكثر من قسم الدراية فيه منقول بالنص من تفسير القرطبي .
والثاني : الدرالمنثور للسيوطي ، جميع ما في قسم الدراية منقول منه ، إلا ما ندر .

والكلام حول الكتب ومناهج مؤلفيها لا يحسنه في الغالب إلا من قرأ تلك الكتب وتصورها تماماً ، وتعامل معها بالبحث والتنقيب ، وأما ما عداه فيكون الكلام مبنياً على الظن ، والظن يخطئ ويصيب ، وقد قال الله : ( اجتنبوا كثيراً من الظن ) . والله الموفق .


وأما صلب الموضوع فليت الأخ محمد الأمين يأتي فيه بما يفيد لأهميته ، وأذكر أن لابن حجر كلاماً جيداً حول هذا الموضوع في مقدمة كتابه : العجاب في معرفة الأسباب .
 
بالنسبة لتفسير الرازي فهو من تفاسير المعتزلة (وإن زعم الرازي أنه أشعري)

فإن تفسيره كله مأخوذ من تفاسير المعتزلة

1) فأصول الدين نقلها من كتاب الدلائل لأبي الحسين.
2) وأصول الفقه نقلها من كتاب المعتمد لأبي الحسين أيضاً، وهو أحد نظار المعتزلة، وهو الذي كان يقول فيه بعض الشيوخ: "إذا خالف أبو الحسن البصري في مسألة، صَعُبَ الردّ عليه فيها!».
3) والتفسير من كتاب القاضي عبد الجبار (المعتزلي المشهور).
4) والعربية والبيان من "الكشّاف" للزمخشري.

فالرازي كان يذكر أقوال المعتزلة ويقررها غاية التقرير، ثم يرد عليها على طريقة الأشاعرة –المخالفين للسنة– برد هزيل. حتى قال عنه ابن حجر في "لسان الميزان" (4\427): «وكان يُعاب بإيراد الشبه الشديدة ويقصر في حلها. حتى قال بعض المغاربة: "يورد الشبه نقد، ويحلها نسيئة"». ونقل عن الإمام سراج الدين المغربي انه صنف كتاب "المآخذ" في مجلدين، بيّنَ فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبهرج، وكان ينقم عليه كثيراً ويقول: «يورد شبه المخالفين في على غاية ما يكون من التحقيق، ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غاية من الوهاء». وقال الإمام ابن تيمية في منهاج السنة (5\439): «ولهذا لما صار كثير من أهل النظر –كالرازي وأمثاله– ليس عندهم إلا قول الجهمية والقدرية والفلاسفة. تجدهم في تفسير القرآن وفي سائر كتبهم يذكرون أقوالا كثيرة متعددة كلها باطلة، لا يذكرون الحق».

عموماً نرجع إلى صلب الموضوع.
 
** تفسير أُبَيّ بن كعب **

فضله:
وهو أحد الذين جمعوا القرآن كاملاً على عهد رسول الله . كان أقرأ الصحابة وسيد القراء. و روى الترمذي حديث أنس الذي فيه: «وأقرئُهم أبي بن كعب». وروي عن أنس بن مالك: أن رسول الله  قال لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن». قال: «الله سماني لك؟». قال: «نعم. الله سماك لي». قال: فجعل أُبَي يبكي.
و قال الشعبي عن مسروق: «كان أصحاب القضاء من الصحابة ستة» فذكره فيهم. توفي سنة 32 على خلاف فيه.

الطرق التي روي عنها أكثر تفسيره:
له نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي (سيئ الحفظ خاصة عن المغيرة والربيع) عن الربيع بن أنس (صدوق مفرط في التشيع) عن أبي العالية (ثقة ثبت) عنه.
 
**تفسير عبد الله بن مسعود**

فضله:
هو من أوائل المسلمين الذين شهدوا تنزيل القرآن كله، وهو من المبشرين بالجنة. ويكفينا ما جاء في صحيح البخاري من فضله: قال رسول الله : «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدِ الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حُذَيْفَة، وأُبَيِّ بن كعب ومُعاذِ بنِ جَبَل». وفي صحيح مسلم عن أبي الأحوص قال: «كُنا في دار أبي موسى مع نفرٍ من أصحاب عبد الله (بن مسعود) وهم ينظُرون في مصحف. فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: "ما أَعْلَمُ رسول الله  تَرَكَ بعدهُ أعلمَ بما أنزلَ اللهُ مِن هذا". فقال أبو موسى: "أما لئِن قُلتَ ذاكَ، لقد كان يشهدُ إذا غِبنا، ويؤذَنُ له إذا حُجِبنا"».

وأخرج مسلم كذلك عن شقيق عن عبد الله بن مسعود أنه قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمران: من الآية161). ثم قال: «على قراءةِ مَنْ تأمروني أن أقرأ؟! فلقد قرأتُ على رسول الله  بِضعاً وسبعينَ سورةً. ولقد عَلِمَ أصحابُ رسولِ اللهِ  أني أَعْلَمُهُمْ بكتابِ الله. ولو أعلمُ أن أحداً أعلمُ مِنّي، لرَحلتُ إليه». قال شقيق: «فجلست في حَلَقِ أصحاب محمدٍ  فما سمعتُ أحداً يرُدُّ ذلك عليه ولا يعيبُه». وأخرج مسلم عن مسروق عن عبد الله قال ثم والذي لا إله غيرُهُ، ما مِن كتابِ اللهِ سورةٌ إلا أنا أعلمُ حيثُ نزَلَت. وما مِن آيةٍ إلا أنا أعلمُ فيما أُنزِلَت. ولو أعلمُ أحداً هو أعلمُ بكتابِ اللهِ مِني –تبلُغُهُ الإبِلُ– لركبتُ إليه». قلت: الشيخ القرضاوي يزعم أنه أعلم من عبد الله بن مسعود ومن عبد الله بن عباس في أسباب النزول!

الطرق التي روي لنا تفسيره:

1- طريق السدي الكبير (شيعي متهم بالكذب) عن مرة الهمداني (ثقة) عن عبد الله بن مسعود. وهذا طريق ضعيف.

2- طريق تلاميذه وهم ثقات. وما أرسله عنه إبراهيم النخعي فهو مقبول (ما لم يكن فيه نكارة) لأنه لا يرسل عنه إلا عندما يأتيه بالخبر أكثر من واحد.

تلاميذه: علقمة والأسود بن يزيد ومسروق والشعبي والحسن البصري وأبو وائل، و عبيدة بن عمرو السلماني (ثقة ثبت)، الربيع بن خثيم (أبو يزيد الثوري، ثقة ثبت)، وأبو الأحوص عوف بن مالك، ومرة الطيب، وآخرون. وكل هؤلاء ثقات أثبات. قال علي بن المديني «لم يكن في أصحاب رسول الله  أحدٌ له أصحابٌ يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس».
 
**تفسير ابن عباس**

**تفسير ابن عباس**

**تفسير ابن عباس**

فضله:
ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله  قال عنه: «اللهم عَلِّمهُ الحكمة»، وقال : «اللهم علّمه الكتاب». وهناك حديث أخرجه أحمد أن رسول الله  قال لابن عباس: «اللهم فقّههُ في الدِّينِ، وعلِّمهُ التأويل». قلت: «إسناده فيه مقال». وقال ابن مسعود: «لو أدرَكَ ابن عباس أسناننا، ما عاشره منا رجُل». وكان يقول: «نِعمَ ترجمان القران ابن عباس». صحّحه ابن حجر في فتح الباري (7|100). وقال أبو هريرة لما مات زيد بن ثابت: «مات اليوم حِبرُ الأُمّة. ولعلَّ الله أن يجعل في ابن عباس منه خَلَفاً». صححه ابن حجر في تهذيب التهذيب (5|244).

الطرق التي روي عنها أكثر تفسيره:

1- طريق أبو صالح عبد الله بن صالح (كاتب الليث، ضعيف)، عن معاوية بن صالح (قاضي الأندلس)، عن علي بن أبي طلحة (مرسلاً)، عن ابن عباس. وهذه هي صحيفة علي بن أبي طلحة الهاشمي، التي رواها عن عبد الله بن صالح جمع غفير من أئمة أهل الحديث. وهي لا تصح لعدة أسباب:

أولاً: بسبب الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس، فقد اتفق الحفاظ على أن ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس. أما زعم البعض أنه أخذه من ابن جبير أو من مجاهد أو من غيرهما (على اضطرابهم في هذا الأمر) فليس عليه دليل. وقد أعلها بالانقطاع عدد من المحققين مثل ابن تيمية وابن كثير، وعدد من المعاصرين مثل المعلمي وأحمد شاكر والألباني وغيرهم.

ثانياً: اختلف العلماء في عبد الله بن صالح: منهم من جعله كذاباً، ومنهم من ضعّفه، ومنهم من صدقه. وجامع القول فيه ما قاله الإمام ابن حبان: «كان في نفسه صدوقاً، إنما وقعت له مناكير في حديثه من قبل جارٍ له. فسمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة. كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح، ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله، ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله أنه خطه، فيحدّث به». وقد قال عنه أبو زرعة: «كان يسمع الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا قبلوا به». ثم قال: «وكان خالد يضع في كتب الشيوخ ما لم يسمعوا ويدلس لهم هذا». ووافقه الحاكم على هذا. وقال أبو حاتم: «الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره فأنكروها عليه، أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه. وكان أبو صالح سليم الناحية. وكان خالد بن يحيى يفتعل الكذب ويضعه في كتب الناس». انظر تهذيب التهذيب (5|227).

هذا وقد شَغِبَ البعض علينا، فقال إن هذه صحيفة مكتوبة فلا يؤثر بها سوء حفظ عبد الله بن صالح إذا روى عنه ثقة. أقول: كلامنا واضح أنه عن الدس في كتب عبد الله بن صالح، وليس عن سوء حفظه. وإذا كان الخط الذي يزوّره جار ابن صالح من الإتقان بحيث أن ابن صالح نفسه لا يستطيع تمييزه عن خطه، فمن الأجدر أن الرواة عن ابن صالح كذلك لا يميزونه.

ثالثاً: علي بن أبي طلحة (وهو علي بن سالم بن المخارق الهاشمي) قد تكلم بعض العلماء فيه. قال عنه أحمد بن حنبل: «له أشياء منكرات». ونقل ابن تيمية في "الرد على البكري" (ص75) عن أحمد أنه قال: «علي بن أبي طلحة ضعيف». وقال عنه يعقوب بن سفيان: «هو ضعيف الحديث، منكَر، ليس بمحمود المذهب». وفيه تشيّع، وكان يرى السيف على المسلمين.

رابعاً: معاوية بن صالح الحضرمي، فيه خلاف طويل كذلك. قال يعقوب بن شيبة: «قد حمل الناس عنه، و منهم من يرى أنه وسط ليس بالثبت و لا بالضعيف، و منهم من يضعفه». قلت: من وثقه أكثر، لكن انتقدوا عليه إفرادات. والخلاف فيه تجده في ترجمته في التهذيب. وممن ضعفه –وليس قوله في التهذيب– ابن حزم في المحلّى (5|70). ولخّص ابن حجر حاله في التقريب بقوله: «صدوقٌ له أوهام».

ولذلك تجد في هذه الصحيفة بعض المناكير والشذوذات والأقوال التي تعارض الثابت عن ابن عباس. وإجمالاً فهي تفسير قيّم جميل، ولعل غالبه مأخوذ من ابن عباس لكن فيها دس ووضع. ولذلك لا نستطيع أن نجزم بشيء منها ما لم يوافق ما هو معروفٌ عن ابن عباس. وقد علق البخاري نذراً يسيراً منها في التفسير اللغوي للقرآن وأشباهه، بسبب قرائن تشهد لذلك النذر اليسير بالصحة.

قال شيخ الإسلام في "نقض التأسيس" (3|41): «وهذا إنما هو مأخوذ من تفسير الوالبي علي بن أبي طلحة الذي رواه عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس...». إلى أن قال: «وأما ثبوت ألفاظه عن ابن عباس، ففيها نظر. لأن الوالبي لم يسمعه من ابن عباس ولم يدركه، بل هو منقطع. وإنما أخذ عن أصحابه. كما أن السّدّي أيضا يذكر تفسيره عن ابن مسعود وعن ابن عباس وغيرهما من أصحاب النبي  وليست تلك ألفاظهم بعينها. بل نقل هؤلاء شبيه بنقل أهل المغازي والسِّيَر. وهو مما يُستشهدُ به ويُعتبَرُ به، وبضم بعضه إلى بعض يصير حجة. وأما ثبوت شيءٍ بمجرد هذا النقل عن ابن عباس، فهذا لا يكون عند أهل المعرفة بالمنقولات».

قال الشيخ الطريفي في كتابه "التحجيل": «وقد نظرت في حديثه، فرأيت له ما يُنْكَر، وما يتفرد بمعناه عن سائر أصحاب ابن عباس، منها ما أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (81) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2|201) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {اللَّهُ...} [النور: 35] يقول: "الله سبحانه وتعالى هادي أهل السماوات والأرض، {مَثَلُ نُورِهِ} مثل هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته ازداد ضوءاً على ضوءٍ". وهذا خبر منكر. ومنها ما أخرجه الطبري في مواضع من "تفسيره": (8|115) (19|58، 131) (22|48) (23|117) (26|147) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (94) بهذا لإسناد مرفوعاً في قوله تعالى: {المص} {كهيعص} {طه} {يس} {ص} {طس} {حم} {ق} {ن} ونحو ذلك قال: "قَسَمٌ أقسمه الله تعالى، وهو من أسماء الله عزّ وجلّ". وهذا خبر منكر بمرة. ويُروي هذا الطريق من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف...». اهـ.

2- طريق قيس بن مسلم الجدلي الكوفي (ثقة ثبت) (ت120هـ) عن عطاء بن السائب بن مالك الكوفي (ثقة، اختلط) عن سعيد بن جبير (ت95هـ) ومجاهد (ت101هـ) وعكرمة (ت104هـ) عن ابن عباس. وهذا صحيح لأن الراجح أن سماع قيس بن عطاء قديم قبل اختلاطه.

3- طريق ابن إسحاق (صاحب السير، حسن الحديث مدلّس) عن محمد بن أبي محمد (مدني مولى آل زيد بن ثابت، وهو مجهول) عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس.

4- طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السُدِّي الكبير (شيعي متهم بالكذب) عن أبي مالك (غزوان الغفاري الكوفي، ثقة) أو أبي صالح (باذان مولى أم هانئ، متروك اتهموه بالكذب، واعترف بذلك، ولم يسمع من ابن عباس) عن ابن عباس. وما رواه عنه أسباط فهو ضعيف، كما سيأتي.

5- طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ابن عباس. وهو ثقة مدلس عن الضعفاء. ولم يسمع من مجاهد ولا من ابن عباس. لكنه يروي عن عطاء. فإن كان يقصد عطاء بن أبي رباح، فالتفسير صحيح متصل الإسناد. وإن قصد عطاء الخرساني (كما في تفسير البقرة وآل عمران) يكون منقطعاً بين عطاء (وفيه لين أصلاً) وابن عباس، عدا أن رواية ابن جريج عن عطاء هي صحيفة عن ابن عطاء (متروك).

6- طريق الضحاك بن مزاحم الهلالي (حسن الحديث) مرسلاً عن ابن عباس. وعنه جويبر بن سعيد (ضعيف جداً)، وهو أكثر من روى عنه على ضعفه الشديد حتى قال ابن حبان: يروى عن الضحاك أشياء مقلوبة. و روى عنه كذلك أبو روق عطية بن الحارث (صدوق)، و علي بن الحكم البناني (ثقة)، و بشر بن عمارة (ضعيف)، و عبيد الله بن سليمان (صدوق على الراجح).

7- طريق عطية العوفي عن ابن عباس. وعطية بن سعيد بن جنادة الكوفي هذا: شيعي ضعيف مدلس. وأشهر إسناد لهذا الطريق هو طريق محمد بن سعد العوفي (لين الحديث)، قال: ثني أبي (سعد بن محمد بن الحسن، جهمي ضعيف)، قال: ثني عمي (هو الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، ضعيف)، قال: ثني أبي (متفق على ضعفه)، عن أبيه (شيعي ضعيف مدلّس)، عن ابن عباس. وقد أكثر الطبري كثيراً من هذا الطريق. وهو مُسَلسَلٌ بالضعفاء.

8- طريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخرساني، وهو كذاب رديء المذهب، لكنه فصيح.

9- طريق محمد بن السائب الكلبي وهو شيعي كافر، قد اعترف بأنه يكذب، وبأنه من أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي. ويروي السدي الصغير (كذاب) عنه، عن أبي صالح (كذاب)، وهي سلسلة الكذب. قال عبد الصمد بن الفضل: «سُئِلَ أحمد عن تفسير الكلبي، فقال: "كَذِب". فقيل له: أفيحل النظر فيه؟ قال: "لا"».

10- طريق شبل بن عباد المكي (ثقة قدري) عن عبد الله بن أبي نجيح (ثقة مدلس، قدري معتزلي داعية) عن مجاهد عن ابن عباس. قال يحيى القطان: «لم يسمع التفسير كله من مجاهد، بل كله عن القاسم بن أبي بزة (ثقة)». ويأتي تفصيل هذا الطريق عند ذكر تفسير مجاهد.

11- طريق عطاء بن دينار (ثقة) عن صحيفة كتبها سعيد بن جبير. وعنه ابن لهيعة (ضعيف) وابن جريج (مدلس). وما رواه عن ابن عباس بلا واسطة لا يصح. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (6|331) عن صحف تلك الأيام: «وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط».

12- طريق موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني (كذاب) عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وهو تفسير موضوع.

13- طريق عثمان بن عطاء (متروك) عن أبيه عطاء الخرساني (جيد) مرسلاً عن ابن عباس.

14- طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني (متروك) عن أبيه (ثقة) عن عكرمة (ثقة) عن ابن عباس.

15- طريق إسماعيل بن أبي زياد الشامي (كذاب يضع الحديث).

16- طريق أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهو صحيح.

تلاميذه: مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير، وطاووس.

ومن الملاحظ أن عامة ما يُروى عن ابن عباس في التفسير ضعيف، كما ترى. وما صح عنه غالبه عن تلامذته المشهورين. قال الإمام ابن تيمية في تفسير آيات أشكلت (1|460): «وما أكثر ما يُحَرّفُ قول ابن عباس و يُغلط عليه!». روى البيهقي بإسناده في "مناقب الشافعي" في باب "ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث" عن الشافعي قال: «لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمئة حديث». رواه عن الشافعي تلميذه المصري عبد الحكم، وهو ثقة مجمع عليه. والبيهقي من أعرف الناس بكلام إمامه الشافعي، ومن أقدرهم على تتبع كلامه.

وقد أشار الدكتور الذهبي في "التفسير والمفسرون" (1|56) إلى سببِ كثرةِ الوضعِ على ابنِ عباس رضي الله عنهما في التفسيرِ بقوله: «ويبدو أن السر في كثرة الوضع على ابن عباس هو: أنه كان في بيت النبوة، والوضع عليه يُكسب الموضوع ثقةً وقوةً أكثر مما وُضِعَ على غيره. أضف إلى ذلك أن ابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، وكان من الناس من يتزلف إليهم ويتقرب منهم بما يرويه لهم عن جدهم».
 
**تفسير قتادة**

الأقوال فيه:
قتادة بن دعامة، تابعي بصري ثقة. إلا أن قتادة من الموصوفين بالكلام في القدر، وهي بدعة مأخوذة عليه. قال أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (1|488): «حدثنا إسماعيل بن علية، قال: كان أصحابنا يَكرَهون تفسير قتادة». و قال معتمر بن سليمان، عن أبي عمرو بن العلاء: «كان قتادة، و عمرو بن شعيب لا يغث عليهما شيء: يأخذان عن كل أحد». و قال جرير عن عبد الحميد، عن مغيرة عن الشعبي: قيل له: هل رأيت قتادة؟ قال: «نعم، رأيته كحاطب ليل».
و قال سفيان بن عيينة: قال الشعبي لقتادة: «حاطب ليل». قال سفيان: قال لي عبد الكريم الجزري: تدري ما حاطب ليل؟ قلت: لا إلا أن تخبرني. قال: «هو الرجل يخرج في الليل، فيحتطب، فتقع يده على أفعى فتقتله. هذا مَثَلٌ ضُرِبَ لطالب العلم. إنّ طالب العلم إذا حمل من العلم ما لا يطيقه، قتله عِلْمه كما قتلت الأفعى حاطب ليل».

طرق تفسيره:
1- طريق عبد الرزاق عن معمر عنه. وهذا صحيح لا بأس به، وإن كان معمر يخطئ قليلاً عن العراقيين.
2- طريق آدم بن أبي إياس (ثقة عابد مفسّر) و غيره عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي (ثقة) عنه. وهذا أصح من الأول.
3- طريق يزيد بن زريع (ثقة ثبت) عن سعيد بن أبي عروبة (ثقة ثبت) عنه. وسعيد اختلط، لكن يزيد سماعه منه قديم.
 
كنت أحب أن تدع وصف تفسير القرطبي بهذا الوصف المختزل : تفاسير الأشاعرة
فهو ليس أشعريا مقلدا أو متعصبا بل يخرج كثيرا و يجتهد وكتابه التفسير و كتابه شرح الأسماء الحسنى بين في ذلك أيضا وهو تفسير عظيم وقد يقع على عبارتك من لا يدرك مقصودك
و قد كان أئمة العلماء يثنون على تفسيره كثيرا و كان شيخ الإسلام إذا ذكره يقول صاحب التفسير الكبير ..

- لا أعلم لأبي يعلى كتابا اسمه الإرشاد مطبوع بل المطبوع باسم : العدة في أصول .
الفقه.
في مواضع مما ذكرتموه موضع مناقشات و نظر هذا مع فائدته فيحتاج مزيد تحرير و أنا الآن
مشغول و جهدك طيب و مفيد وتشكر عليه كثيرا
ولكن التعاون على البر اقتضى التذكير
ولم أقرأ ما يتعلق بالأسانيد ولي فيها مزيد عناية منذ زمن فلعلي أعرج فيما بعد عليها فجزاكم الله
خيرا

فأرجو أن تدع مثل هذه الأوصاف في تفاسير العلماء أمثال القرطبي و غيره و ترجئها إلى موضع يكون في التفصيل في ذكر المحاسن و غيرها فذلك أولى.
 
لا بأس بذلك، ولعل من الأفضل الاقتصار على ذكر تفسير القرطبي بين تفاسير الفقهاء، وإن كان يشمل غير ذلك أيضاً. فهو من التفاسير الكبيرة النافعة.
 
**تفسير مجاهد**

الأقوال فيه:
مجاهد بن جبر أبو الحجاج، تابعي ثقة. أكثر جداً من الأخذ من ابن عباس ، حتى روى الفضل بن ميمون أنه سمع مجاهداً يقول: «عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة». إلا أن مجاهداً تصرف في ذلك برأيه، وأخذ كذلك من أهل الكتاب. قال أبو بكر بن عياش: قلت للأعمش: «ما بال تفسير مجاهد مخالف –أو شيء نحوه–؟». قال: «أخذها من أهل الكتاب».

قال شيخ الإسلام: «ومن التابعين من تَلَقّى جميع التفسير عن الصحابة، كما قال مجاهد: "عرضتُ المصحَفَ على ابن عباس: أوقِفُهُ عند كلّ آيةٍ منهُ وأسألهُ عنها". ولهذا قال الثوري: "إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فحسبُكَ به". ولهذا يعتمدُ على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم. وكذلك الإمام أحمد، وغيره ممن صَنّفَ في التفسير يُكَرّرُ الطرقَ عن مجاهد أكثر من غيره».

طرق تفسيره:
- يروي عنه ابن أبي نجيح، ولم يسمعه، وهو أكثر من روى عن مجاهد على الإطلاق، وسيأتي تفصيله.
- ويروي عنه خصيف بن عبد الرحمن، و قد سمعه لكنه ضعيف ليس بحجة.
- ويروي عنه ابن جريج (ثقة مدلّس). وضعف ابن معين روايته عن مجاهد، بينما ذكر ابن حبان أن الواسطة هي كتاب القاسم بن أبي بزة (ثقة)، وهذا مجرد تقدير شخصي.
- ويروي عنه ليث بن أبي سليم، وقد سمعه لكنه ضعيف وقد اختلط. وغالب مادته في كتاب القاسم.
- ويروي عنه ابن عيينة (ثقة). وقيل أنه أخذه من كتاب القاسم.
- وغالب من يَروي التفسير عن مجاهد، فإنما أخذه من كتاب القاسم بن أبي بزة (ثقة)، كما ذكر ابن حبان. ويروي ابن أبي نجيح عن كتاب القاسم كما أسلفنا. وفي ما ينقله نظر، إذ أنه مدلّسٌ مبتدِع داعية، لا نعرف إن كان كل ما أخذه هو عن كتاب القاسم أم أنه أخذ عن غيره. يروي عنه:
* ورقاء بن عمر اليشكري (عن ابن أبي نجيح) ضعّفه أحمد في التفسير لكثرة تصحيفه، ووثقه (صدقه في رواية أخرى. ولم يسمع كل التفسير من ابن أبي النجيح.
* شبل بن عباد (عن ابن أبي النجيح): ثقة قدري.
* عيسى بن ميمون (عن ابن أبي النجيح): ثقة قدري.
فهذا طريق غالبه صحيح. ولكن لا تؤخذ العقيدة من هذا الطريق، لأنه يخشى ابن أبا نجيح دلسها عن ضعفاء لينصر بدعته المعتزلية الفاسدة. ولا بأس بأخذ التفسير اللغوي وآراء مجاهد الفقهية، خاصة أنها غالباً ما توافق آراء ابن عباس. قال وكيع: «كان سفيان (بن عيينة) يصحّح تفسير ابن أبي نجيح. ويعجبه من التفسير ما كان حرفاً حرفاً. ولا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة من أولها إلى آخرها».
 
**تفسير عكرمة**

فضله:
عكرمة مولى ابن عباس، تابعي ثقة، ولم يصح ما قيل فيه من طعن، ولم يصح كذلك أنه أباضي أو خوارجي أو مبتدع، وحاشاه. كان بارعاً في التفسير. ويروى أنه قال ما معناه: «كل ما عَلّمتكم من تفسيرٍ ما بين اللوحين، إنما أخذته من ابن عباس». لكن هذا ليس على إطلاقه.

طرق الرواية عنه:
1- الحسين بن واقد (ثقة إلا عن أيوب وأبي المنيب) عن يزيد النحوي (ثقة ثبت) عنه.
2- محمد بن إسحاق (مدلّس) عن محمد بن أبي محمد (مجهول) عن عكرمة أو سعيد بن جبير.
 
عودة
أعلى