ورد البيت :
126. مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الأوَّلِ
نَقْبَلْهُ، قُلْتُ: الشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّلِ
هكذا ، ولا بُدَّ أن يكون بدل "قلت" حرفٌ واحدٌ كالواو أو الفاء فيكون صوابه:
مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الأوَّلِ
نَقْبَلْهُ، والشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّلِ
لأن بحر الرجز الذي عليه الأرجوزة لا يجيز زيادة "قلتُ" في البيت. لكن إذا أجمعت النسخ على هذه الزيادة[ولا أظنها تفعل إلا إذا كانت كلها منقولة من أصل واحد، لأن اشتراك النسخ في الغلط دليل على كونها منقولةً من أصل واحد] احتاج المحقق عندئذٍ إلى هامش ينبِّه فيه على أن البيت مكسور وأن الراجح فيه ما وافق الوزن. والله أعلم.
قلتُ: ليس في البيت إشكال، لا من حيث المعنى، ولا من حيث الوزن. والمضارع (نقبلْه) مجزوم هنا، إما على رأي الكوفيين والأخفش في جزم جواب (إذا). وقد تقدم في البيت السابق:
125- لكنْ إذا صحَّ لنا مخرجُه
بمسنَد أو مرسَل يُخرجُه
وإما أن يكون المضارع (نقبلْه) مسكَّن الآخر للضرورة.
وصححه بعضهم بقوله: (لكن متى صحَّ..). فيكون المضارع مجزوما جوابا للشرط بـ(متى).
**************************************
البيت:
302. وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ، وَ(السَّمْعَانِيْ
أبُـو المُظَفَّرِ) يَـرَى فِي الجَانِـيْ
ضبط اسم "السِّمعاني" بفتح السين، وصوابه بكسر السين.
قلتُ: صرح أبو سعد السَّمعاني في كتابه "الأنساب" (7/222)، بأنه بفتح السين. وسَمعان: بطن من تميم، يُنسَب إليه أبو المظفر المذكور في البيت، وحفيدُه أبو سعد السَّمعاني صاحب كتاب "الأنساب".
***************************
في البيت: 304. وَمَـنْ رَوَى عَـنْ ثِقَـةٍ فَكَذَّبَـهْ
فَقَـدْ تَعَارَضَا، وَلَكِـنْ كَذِبَـهْ
305. لاَ تُثْبِتَنْ بِقَـوْلِ شَـيْخِهِ، فَقَـدْ
كَذَّبَهُ الآخَرُ، وَارْدُدْ مَا جَحَدْ ( )
ضبط " ولكن كذبَه" بنصب الباء وصوابه برفعها لأنه مبتدأ خبره "لا تثبتن" في البيت الذي يليه.
قلتُ: بل الصواب: (كذِبَه) بالنصب؛ فهو مفعول به مقدم لقوله (تثبتنْ). أي: (لا تُثبتنْ كذبَه بقولِ شيخه..).
**********************
في البيت:
644. فِي اللَّحْنِ لاَ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ
وَصَوَّبُوْا الإِبْقَاءَ مَعْ تَضْبِيْبِهِ
خطأ طباعي صوابه: معْ تصويبِه
قلتُ: بل هي (تضبيبه) كما في جميع الروايات، ومعنى التضبيب هنا: تعليم الموضع بعلامة منبهة على الخلل، وعادة ما تكون العلامةُ صادًا ممدودة عيرَ ملصقة بموضع الكلام.
************************
في البيت:
757. الشَّيْخُ عَنْ بَعْضِهِمِ، قُلْتُ: بَلَى
((مَسْحُ الخِفَافِ)) وَابْنُ مَنْدَةٍ( ) إلَى
علق المحقق على صرف "مندة" بقوله: " يصحّ الوزن بالمنع من الصرف وإن كان صحيحاُ عند صرفه إلاّ أن هذا لا يُعدّ اضطراراً كما ذهب إليه صاحب ((فتح المغيث)) 3/30 إذ هو موزون على أصله فلا ضرورة للإعراض عنه."
وهو تعليق لا داعي له لغموضه وأخشى أنه يضلل القارئ فقط، فالوزن لا يصح مع عدم الصرف لأن مستفعلن ستصبح متعلن وهو زحاف مستقبح، وصرف الممنوع من الصرف في الشعر لا يعد ضرورة عند بعضهم لكن هنا لا يجوز غيره، وقوله "إذ هو موزون على أصله فلا ضرورة للإعراض عنه." يقصد به خلاف ظاهره لأن أصل في مندة منعها من الصرف لا صرفها لكن قصد المحقق بقوله (هو موزون على أصله) يعني على أصله المنوّن في المخطوط لا على أصله النحوي، بدليل كتابته له بالتنوين.
قلتُ: الأخ الدكتور محق في اعتراضه على صاحب التحقيق في قوله إن صرفَ الممنوع في (مندة) لا يُعَدُّ اضطرارا.
ولكنه وهم في قوله إن الوزن لا يصح مع عدم الصرف. والحق أن الخبل (وهو الزحاف المركب من الخبن والطي في مستفعلن فتصير: مُتَعِلن) شائع الاستعمال في الرجز، وخصوصا التعليمي منه. ومن تأمل المنظومات المشهورة كألفية ابن مالك وغيرها وجد أمثلة كثيرة عليه، فلا وجه للاعتراض على استعماله، إذ من المتعذِّر تجنبُه. وإنما يُستقبَح في غير الرجز كالبسيط مثلًا.
وكان على صاحب التحقيق اختيارُ الخبل على ضرورة صرف الممنوع، فيضبط (مندةَ) بفتح آخره وفاقًا للقياس النحوي، وارتكابًا لزحافٍ شائع في الرجز التعليمي.
*****************************
البيت:
791. البَحْرُ، جَابِرٌ أَبُو هُرَيْرَةِ
أَكْثَرُهُمْ وَالبَحْرُ في الحَقِيقَةِ
لعل صوابه "الحبر" لأن المقصود به ابن عباس، ويبعد أن تجتمع النسخ في هذه الكلمة على أنها "والبحر" لذلك ظننت أن حقها أن تكون الحبر وأن خطأ طباعيا قد حصل.
قلتُ: بل المقصودُ في النظم هو (البحر)، كما في جميع الروايات. وقد لُقب ابنُ عباس رضي الله عنهما بالبحر لسعة علمه، لقبه بذلك عبدُالله بن جابر رضي الله عنه وغيرُه. وقد روى الحاكم في مستدرَكه عن مجاهد: ((كان ابنُ عباس يسمى البحرَ لكثرةِ علمِه)).
***********************************
البيت:
903. مُحَمَّدَ بْنَ خَازِمٍ لا تُهْمِلِ
والِدَ رِبْعِيٍّ حِرَاِشٍ اهْمِلِ
الأولى قطع همزة أهمل.
قلتُ: نعم، هو الأولى، بل هو الصواب.
وكذلك أيضًا نصبُ (حراش)؛ لأنه بدل من (والدَ) المنصوب على المفعولية، مفعول مقدم لـ(أهمِل).
****************************
البيت:
990. وَابْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ المَسْعُودِي
وَآخِراً حَكَوْهُ فِي الحَفِيْدِ ( )
الأولى ضبط (عيينةَ) بالتنوين (عيينةٍ) لتسلم التفعيلة. وكذلك البيت الذي يليه: الأولى فيه (وابنُ خُزيمةٍ) بالتنوين.
قلتُ: هذا الملحظ مبني على رفض زحاف الخبل في الرجز، وقد تقدم أن بينت أن الخبل مستعمل بكثرة في المنظومات العلمية قديما وحديثا، وإن كان الأوْلى تجنبه. لكنه أفضل من ارتكاب الضرورات.
وهذه الملاحظات لا تَغُضُّ من جهد المحقق حفظه الله ولكنها - في نظري- ضرورة لاكتمال ضبط النص على طريقة المحققين. والله من وراء القصد