تحرير رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
مقدّمة مختصرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.

سأشرح بحول الله في تحرير ما ورد فيه الخلاف في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ، وذلك لانتشار هذه الرواية في الأقطار مما يجعل الفائدة أعظم.

أقول وبالله التوفيق
بالنسبة لرواية حفص عن عاصم ، فقد اكتفى الداني في كتابه التيسير بروايته عن أبي الحسن بن غلبون ، قال : "وقرأت بها القرءان كلّه على شيخنا أبي الحسن ، وقال لي : قرأت بها على الهاشمي ، وقال قرأت على الأشناني عن عبيد عن حفص عن عاصم."(التيسير ص119).
قال ابن الجزري : "(رواية) حفص طريق عبيد بن الصباح عنه فمن طريق الهاشمي من خمس طرق. طريق طاهر وهي الأولى عن الهاشمي من الشاطبية والتيسير قرأ بها الداني على أبي الحسن طاهر بن غلبون"(النشر 1/152).

وعليه يتّضح جلياً أنّ رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية والتيسير تختصّ برواية الداني عن أبي الحسن صاحب كتاب التذكرة وبالتالي يكون كتاب التذكرة هو مصدر رواية حفص من طريق الشاطبية ، فكان لزاماً علينا تحرير هذه الرواية على أساس ما ثبت في كتاب التذكرة المتضمّن لما قرأه الداني على أبي الحسن ولا يكفي أن نعتمد على التيسير لأنّه الداني قد خرج عن هذه الرواية باختياره بعض الأوجه التي ما قرأ بها على شيخه أبي الحسن كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

ومن القواعد التي أراهما مهمّة جداً في تحرير المسائل ، الاعتماد على أقدم مصدر في الرواية. فمصادر رواية حفص من طريق الشاطبية هي الشاطبية نفسها لأنّها من مصادر النشر ، وكتاب التيسير للداني وكتاب التذكرة لأبي الحسن بن غلبون. فأقدم مصدر هو كتاب التذكرة فيكون هو المرجع والعمدة في التحرير لأنّ الداني قد يكون له اختيار يخرج به عن الطريق ، بينما لو اعتمدنا عن أقدم مصدر لتفادينا الكثير من ذلك ، ولو افترضنا أنّ أبا الحسن أسند الرواية عن أبيه أبي الطيّب لكان أقدم مصدر هو كتاب الإرشاد وهكذا.
وعليه فإنّ اعتمادنا في التحرير يكون على كتاب التذكرة لابن غلبون عليه رحمة الله.
 
المسألة الأولى : {يبصط} في البقرة و {بصطة} في الأعراف.

المسألة الأولى : {يبصط} في البقرة و {بصطة} في الأعراف.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

قال الشاطبي :
وصية ارفع (صـ)فو (حرمية) (ر)ضي*** ويبصط عنهم غير (قنبل) اعتلا
وَبِالسِّينِ بَاقِـيِهِمْ وَفـي الْخَلْقِ بَصْطَةً *** وَقُلْ فِيهِماَ الوَجْهَانِ (قـ)وْلاَ (مـ )وَصَّلاَ

الذي يظهر في البيتين أنّ لحفص في {يبصط} في البقرة و {بصطة} في الأعراف السين فيهما لقول الشاطبي : "وبالسين باقيهم".
قال الداني في التيسير : "قنبل ، وحفص ، وهشام ، وأبو عمرو ، وحمزة بخلاف عن خلاد : {ويبصط} هنا و {بصطة} في الأعراف بالسين."(التيسير ص240).
قال أبو الحسن ابن غلبون : "وقرأ قنبل وهشام وأبوعمرو وحمزة {ويبصط} بالسين وكذا {بصطة} في الأعراف ، وقرأ رويس هاهنا بالسين وفي الأعراف بالصاد ،وقرأهما الباقون بالصاد."(التذكرة 2/271).

قلتُ : الذي يظهر في التيسير أنّ الداني قال بالسين في الموضعين بينما في التذكرة قال فيهما أبو الحسن بالصاد ، فخالف الداني شيخه في الرواية واختار روايته عن أبي الفتح لأنّها الموافقة للنصوص ، قال الداني في جامع البيان : "نا محمد بن علي ، قال نا ابن مجاهد عن أصحابه عن حفص بالسين في السورتين ، وكذا الفارسي عن أبي طاهر عن قراءته عن الأشناني عن أصحابه عن حفص ، وكذلك قرأتُ من طريقه على أبي الفتح وبه آخذ."(جامع البيان ص424).

ومن هنا يتّضح أنّ الخلل ليس في الشاطبية وإنّما هو في التيسير لأنّ الشاطبيّ متّبع للداني في تيسيره فانتقل الخلل من التيسير إلى الشاطبية وسبب ذلك أنّ الداني اعتمد على رواية أبي الفتح في هذه المسألة بدل رواية أبي الحسن لثبوت السين فيهما نصاً مع أنّه اسند الرواية عن أبي الحسن.

قد يقول القائل : قد خصّ ابن الجزري وجه السين بطريق عبيد ابن الصباح بقوله في النشر : "وروى عبيد عنه والحضيني عن عمرو عنه بالسين فيهما وهي رواية أكثر المغاربة والمشارقة عنه وبالوجهين جميعاً نص له أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن شريح وغيرهما."(النشر 2/229). قلتُ : يُجاب عن ذلك بأنّ وجه الصاد صحّ من طريق ابن بليمة وروايته لحفص هي عن عبيد بن الصباح وبالتالي فلا يكون أبو الحسن منفرداً بالصاد عن عبيد ولم يشر الداني إلى شذوذه من طريق عبيد وبالتالي يكون وجه الصاد صحيحاً عن عبيد بن الصباح ثابتاً في التذكرة وتلخيص العبارات. قال ابن بليمة : "قرأ أبو عمرو وهشام وقنبل وحمزة {يبسط} بالسين وكذلك في الأعراف ، وقرأهما الباقون بالصاد."(تلخيص العبارات ص72).

وكان الأحرى على الداني الالتزام بما ثبت عنده بالأداء عن أبي الحسن لا سيما وأنّ وجه الصاد في الموضعين صحيح على شرط ابن الجزري وليس شاذاً مما قد يدفع الداني إلى الاعتماد على رواية غيره ، وعدم ثبوت وجه الصاد بالنصّ لا يعني ضعفه أو شذوذه إذا صحّ واشتهر أداءً.

وعلى ما سبق نخلص إلى أنّ الصحيح في رواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير هو الصاد في {يبسط} و {بسطة} والعلم عند الله تعالى.
 
المسألة الثانية : {تأمنّا}

المسألة الثانية : {تأمنّا}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

قال الشاطبي :(وَتَأْمَنُناَ لِلْكُلِّ يُخْفَي مُفَصَّلاَ وَأُدْغَمَ مَعْ إِشْمَامِهِ البَعْضُ عنهم)

أشار الناظم إلى الوجهين جميعاً في {تأمنا} : الإخفاء والإشمام مع تقديمه لوجه الإخفاء.

قال أبو الحسن بن غلبون في كتابه التذكرة :"وقرأ الأعشى {مالك لا تأمنّا} بتشديد النون وفتحها من غير إشمام شيء من الضمّ ، وقرأ الباقون بتشديد النون وفتحها ، وإشمام النون الأولى الساكنة المدغمة شيئاً من الضمّ في حال ادّغامها ، ثمّ فتحوا النون الثانية."(التذكرة 2/378). قُلتُ : فذكر التشديد والإدغام وهو ينافي تماماً الإخفاء.
وقد عوّل الداني على الإخفاء مع أنّ عبارة شيخه أبي الحسن صريحة على الإشمام. قال في التيسير : "وهذا –يعني الإخفاء- قول عامة أئمّتنا وهو الصواب لتأكيد دلالته وصحته في القياس."(التيسير ص320). وقال في جامع البيان :"وإلى القول بالإخفاء دون الإدغام ذهب أكثر العلماء من القراء والنحويين ، وهو الذي أختاره وأقول به."(جامع البيان ص536).
وفي كلام الداني نظر لأنّه حمل عبارة "الإشمام" للمتقدّمين على الإخفاء ، بقوله عن الإخفاء بأنّه : "قول عامة أئمّتنا" وبأنّه : "مذهب أكثر العلماء من القراء والنحويين". بل عبارته في التمهيد تدلّ أنّ الخلاف عنده في {تأمنّا} هو خلاف عبارة وليس خلافاً حقيقياً بقوله : "وإنّما عبّر عنه القراء بالإشمام على طريق الاتّساع والمسامحة وهو عند الكوفيين الإخفاء بعينه."(يُنظر شرح الدرر للمنتوري 2/809).
قال المنتوري :"لمّا منع الداني من الإشمام في {تأمنّا} تأوّل قول القائلين به ، وزعم أنّهم أرادوا بالإشمام الإخفاء ، ولا يستقيم له هذا التأويل ، لأنّهم يقولون بالإشمام والإدغام ، ولا يكون الإدغام مع الإخفاء فبطل تأويله."(شرح الدرر 2/809). وقد سرد المنتوري النصوص التي استدلّ بها الداني على الإخفاء ونقل معها ردود القيجاطي عليه مبيّنا أنّ المراد منها هو الإشمام ، فمن أراد الاطلاع على ذلك بالتفصيل فعليه بشرح الدرر للمنتوري رحمه الله تعالى.
قال أبو شامة في شرحه على الحرز :"ومال صاحب التيسير إلى الإخفاء ، وأكثرهم على نفيه."(إبراز المنافع ص532).

وعلى ما تقدّم يظهر جلياً أنّ مذهب أبي الحسن بن غلبون هو الإشمام لا غير وهو الذي ينبغي الاقتصار عليه في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ، ولا اعتبار بما تأوّله الإمام الداني في المسألة كما ذكر المنتوري والقيجاطي عليهما رحمة الله.

والعلم عند الله تعالى.
 
المسألة الثالثة : {المصيطرون} و {بمصيطر}

المسألة الثالثة : {المصيطرون} و {بمصيطر}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد.

قال الشاطبيّ : (والمصيطرون لسان عاب بالخلف زُمّلاَ)
أشار الشاطبيّ إلى الخلف لحفص في {أم هم المصيطرون} من حيث جواز بالقراءة بالسين والصاد جميعاً ، متّبعاً في ذلك الإمام الداني في التيسير حيث قال: "قنبل وحفص بخلاف عنه وهشام {المسيطرون} بالسين ، وحمزة بخلاف عن خلاد بين الصاد والزاي ، والباقون بالصاد خالصة."(التيسير ص204).
وبالرجوع إلى المصدر وهو كتاب التذكرة نجد أنّ أبا الحسن اقتصر فيه على وجه الصاد ، وبه قرأ الداني عليه عن قراءته على الهاشمي عن الأشناني.
قال أبو الحسن بن غلبون : "وقرأ قنبل وهشام والأعشى {المصيطرون} بالسين ، وقرأ حمزة بين الصاد والزاي ، وقرأ الباقون بالصاد الخالصة."(التذكرة 2/567). وقال الداني في جامع البيان : "وقرأتهما –أي {المصيطرون} و {بمصيطر} – أنا على أبي الحسن عن قراءته على الهاشمي عن الأشناني بالصاد."(جامع البيان ص731).

وعلى ما سبق يتّضح أنّ وجه السين لم يثبت رواية من طريق الداني عن أبي الحسن ، وبالتالي فلا تصحّ رواية السين من طريق التيسير والشاطبية ، لذا لزم الاقتصار على الصاد في رواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير.

وأمّا {بمصيطر} فلا إشكال في المسألة حيث اقتصر الإمام الشاطبي على الصاد كما صنع الداني في التيسير وأبو الحسن في التذكرة ، وهي رواية الداني عن أبي الحسن كما هو ظاهر في النصّ المنقول من جامع البيان.

والعلم عند الله تعالى.
 
المسألة الرابعة : العين في {كعيعص} و {عسق}

المسألة الرابعة : العين في {كعيعص} و {عسق}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

قال الشاطبي : (وفي عين الوجهانوالطول فضلا).
ذكر الإمام الشاطبيّ الوجهين في عين {كهيعص} و {عسق} فأجاز فيهما التوسط والطول مع تقديم الطول.

قال الداني في جامع البيان : "والوجهان من الإشباع والتمكين في ذلك صحيحان جيّدان ، والأوّل أقيس".قال : "فبعضهم يزيد في تمكينه كالزيادة لها إذا انكسر ما قبلها لأجل الساكنين" ثمّ قال : "وبعضهم لا يبالغ في زيادة التمكين لها لتغيّر حركة ما قبلها إذ ذلك قد زال عنها معظم المدّ فيُعطيها من التمكين بقدر ما فيها من اللين لا غير ، هذا كان مذهب شيخنا أبي الحسن ومذهب أبيه"(جامع البيان ص206).
وقال أبو الحسن بن غلبون : "وكذا لا خلاف في تمكين العين من{كهيعص}ومن {حم عسق} يمد الكاف والصاد مداً واحداً ويقصر الهاء والياء ويمكّن العين قليلاً."( التذكرة (1/79). وقال : "وكذلك{كهيعص}تُمدُّ الكاف والصاد مداً واحداً ، وتُقصر الهاء والياء ، وتُمكّن العين قليلاً من أجل الياء الساكنة التي في وسطها ، وكذا {حم عسق} تُقصر الحاء ، وتُمدّ الميم ، وتُمكّن العين قليلاً ، وتُمدّ السين والقاف مداً واحداً ، وكذلك يُفعل بسائر فواتح السور على هذا الاعتبار الذي عرّفتك ، وبه قرأت ، وبه آخذ"( التذكرة (ص1/70).

قلتُ : الذي يظهر من هذه الأقوال أنّ مذهب أبي الحسن في عين {كهيعص} و {عسق} هو التوسط لا غير وعليه وجب الاقتصار عليه وإهمال وجه الطول لحفص من طريق الشاطبية والتيسير.

والعلم عند الله تعالى.
 
ولو افترضنا أنّ أبا الحسن أسند الرواية عن أبيه أبي الطيّب لكان أقدم مصدر هو كتاب الإرشاد وهكذا.
هو أسند الرواية عن أبيه، وعن علي بن محمد الهاشمي.
 
ومن هنا يتّضح أنّ الخلل ليس في الشاطبية وإنّما هو في التيسير لأنّ الشاطبيّ متّبع للداني في تيسيره فانتقل الخلل من التيسير إلى الشاطبية وسبب ذلك أنّ الداني اعتمد على رواية أبي الفتح في هذه المسألة بدل رواية أبي الحسن لثبوت السين فيهما نصاً مع أنّه اسند الرواية عن أبي الحسن.


وعلى ما سبق نخلص إلى أنّ الصحيح في رواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير هو الصاد في {يبسط} و {بسطة} والعلم عند الله تعالى.
اتباعا لمنهج الشيخ محمد يحيى شريف حفظه الله، نرجع إلى كتاب الإرشاد، وقد جاء فيه 1/ 552: ولم يأت عن عاصم ترجمة بصاد ولا سين في الكتب إلا من طريق الأعشى عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ بالصاد، وكذلك كان ابن مجاهد يختار الصاد في الروايتين عن عاصم، وكذلك قرأت، وروي عن الأشناني أنه كان يختار في قراءة حفص عن عاصم أنه كان يأخذ بالسين في البقرة وفي الأعراف، وبالصاد في والطور والغاشية، وهذا الاختيار منه من غير رواية عن حفص، وقد عرفتك اختيار ابن مجاهد واختيار الأشناني.
وأما رواية أبي بكر عن عاصم فبالصاد لا غير، واختياري أنا في قراءة حفص أن آخذ بالوجهين جميعا في البقرة والأعراف، وبالصاد في والطور والغاشية.
 
الإرشاد ليس طريقاً في الرواية.
إرجع إلى إسناد رواية حفص عن عاصم في التيسير ستجد أنّ أبا الحسن قرأ على الهاشمي وليس على أبيه صاحب الإرشاد.
 
قال في التيسير: فهذه بعض الأسانيد التي أدت إلينا الروايات رواية وتلاوة. وبالله التوفيق.
لم يذكر رحمه الله جميع أسانيده اختصارا، وإسناد أبي الحسن عن أبيه منها، وكذلك إسناده عن أبي الفتح.
 
ولكننا نقرأ من طريق التيسير ومن طرق النشر ، والرواية مسندة فيهما هي رواية الداني عن أبي الحسن. ونحن عندما نعطي سنداً في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية نعطيه بالسند المذكور في التيسير أي عن الداني عن أبي الحسن.
واعلم يا أخي أنّ أصحاب المصادر كانوا يختارون أسانيدهم ورواياتهم في كتبهم التي ألّفوها ، ولو طبّقنا نظريّتك لأعدنا النظر في جميع ما نقله صاحب النشر وحرّره المحرّرون ، فابن الجزري ألزم نفسه بأسانيد هذه المصادر وبنى نقده عليها ، وألّف كتابه النشر على أساسها.
فراجع كلامك يا أخي لأنّك بهذه النظرية لا تضرب منهجي فحسب بل كلّ مناهج المحررين ، بل ومنهج ابن الجزريّ نفسه.
 
المسألة الخامسة : {فمآ ءاتان}

المسألة الخامسة : {فمآ ءاتان}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

قال الشاطبي في {فما آتان} : (وخلاف الوقف بين حلا علا). أي والخلاف وقفاً من حيث الحذف والإثبات لقالون والبصري وحفص.
قال الداني في التيسير : "{فمآ ءاتان الله} أثبتها مفتوحة في الوصل ساكنة في الوقف قالون وحفص وأبو عمرو بخلاف عنهم"(التيسير ص170).
وقال في جامع البيان :"واختُلِف عن حفص ، فقال لي أبو الفتح عن قراءته على أصحابه عن الأشناني بحذف الياء ، ونا عبد العزيز بن محمد ، قال نا عبد الواحد بن عمر ، قال نا أبو بكر الأشناني عن أصحابه عن حفص أنّه يقف بالياء ، وكذلك حكى له أبو الحسن عن قراءته على بن محمد عن الأشناني"(جامع البيان ص660).
قال أبو الحسن ابن غلبون : "{فمآ ءاتان الله} أثبتها في الوقف البصريان وحفص ورجال نافع سوى ورش ، وحذفها الباقون"(التذكرة 2/480).

قلت : الذي يظهر في جامع البيان والتذكرة : الإثبات وقفاً في رواية الداني عن أبي الحسن ، وعليه ينبغي الاقتصار في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبيّة والتيسير لأنّ الحذف هو من رواية الداني عن أبي الفتح وهو ليس طريقاً للداني في التيسير.

والعلم عند الله تعالى.
 
قال في التيسير: فهذه بعض الأسانيد التي أدت إلينا الروايات رواية وتلاوة. وبالله التوفيق. لم يذكر جميع أسانيده اختصارا، وإسناد أبي الحسن عن أبيه منها، وكذلك إسناده عن أبي الفتح.
الإمام الداني لم يقتصر على بعض الأسانيد في كتابه التيسير اختصاراً بل انتقاءً واختياراً لعدّة أسباب :

الأوّل : لو كان اختصاراً لاكتفى بنقل أسانيد القراء السبعة عن شيخ واحد كأبي الحسن وأبي الفتح وانتهى الأمر ، لكنّه انتقى واختار أصحّ ما عنده من الأسانيد والأوجه. بدليل أنّه اختار رواية ابن خاقان عن ورش لأنّها رواية المصريين عن الأزرق وهي عنده الأولى من رواية الشاميين أقصد رواية أبي الحسن وأبي الفتح ، بينما اختار رواية أبي الفتح عن قالون ، واختار رواية أبي الحسن عن حفص وهكذا.
ثانياً : بالنسبة لقراءة نافع نلاحظ أنّ أسانيد رواية الأزرق عن ورش وأبي نشيط عن قالون هي نفسها المنقولة في كتاب التعريف ، واستبعد في الكتابين رواية أبي الحسن وأبي الفتح عن الأزرق ورواية أبي الحسن عن أبي نشيط ، وهذا يدلّ أنّه انتقى واختار من بين مرويّاته ما أودعه في التيسير والتعريف ، بينما نجده جامعاً لجميع مرويّاته عن السبعة في كتابه جامع البيان من غير انتقاء واختيار.
ثالثا : قال العلامة الدكتور عبد الهادي حميتو عن التيسير :"هو أشهر كتبه في المشرق والمغرب ، واسمه الأصلي كما نجده في رواية القاسم التجيبي :"التيسير لحفظ مذاهب السبعة في القراءات وتبيين ذلك على المشهور عنهم من الطرق والروايات ، مع حذف التطويل والتكرار ، والاعتماد على الإيجاز والاختصار."(معجم مؤلفات الحافظ أبي عمرو الداني ص42). الشاهد قول القاسم التجيبي : " وتبيين ذلك على المشهور عنهم من الطرق والروايات"
رابعاً : قول ابن الجزري في منجد المقرئين : "ومنهم من اشترط الأشهر واختار ما قطع به عنده فتلقى الناس كتابه بالقبول وأجمعوا عليه من غير معارض كغايتي ابن مهران وأبي العلاء الهمذاني ، وسبعة ابن مجاهد، وإرشادَيْ أبي العز القلانسي ، وتيسير أبي عمرو الداني..."

فهذه بعض الأدلّة الدالّة على أنّ الإمام الداني تعمّد اختيار وانتقاء الروايات والطرق التي أودعها في كتابه التيسير ، ولم يضع بعض الأسانيد بغية مجرّد الاختصار.

والعلم عند الله تعالى.
 
واعلم يا أخي أنّ أصحاب المصادر كانوا يختارون أسانيدهم ورواياتهم في كتبهم التي ألّفوها ، ولو طبّقنا نظريّتك لأعدنا النظر في جميع ما نقله صاحب النشر وحرّره المحرّرون ، فابن الجزري ألزم نفسه بأسانيد هذه المصادر وبنى نقده عليها ، وألّف كتابه النشر على أساسها.
فراجع كلامك يا أخي لأنّك بهذه النظرية لا تضرب منهجي فحسب بل كلّ مناهج المحررين ، بل ومنهج ابن الجزريّ نفسه.
وبتطبيق منهجكم حفظكم الله يصبح أعلام كبار في علوم القراءات أمثال الإمام الحافظ الداني مخلين، مخلطين بين الطرق والروايات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فذكرتم حفظكم الله أنه ينبغي الرجوع إلى أقدم مصدر في السند لتحرير الطرق، أفلا ترون أن أقدم مصدر موثوق فيها هو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت يقينا عندنا أنه روي عنه الوجهان، وبذلك تضيع التحريرات. بسمة.
 
خلط المتقدّمين لا سيما الإمام الداني للطرق أمرٌ حقيقيّ لا يجوز إنكاره ، وقد ذكر لنا ابن الجزري الكثير الكثير من النماذج في ذلك ، فكان عليك أن تعترض على صنيع ابن الجزري أوّلاً ، وصنيع المحرّرين ثانياً قبل أن تصل إلى العبد الضعيف وما أنا إلا متّبع لمنهجهم ومقتنع به ، هذا من جهة.
وما قلته لا يعني المساس بقطعيّة ما في الشاطبية والتيسير لأنّ المضمون صحيح مستفاض متلقّى بالقبول لا يجوز المساس به والتعرّض إليه لأنّ المتقدّمين لم يكن همّهم التحرير واتّباع الطرق بقدر ما كان همّهم جمع ما تواتر واشتهر عندهم من الروايات والطرق والأوجه بحسب الشروط التي وضعوها تفادياً لرواية الشاذ وما خرج عن تلك الشروط ، فكان الداني يختار وجهاً من مرويّاته لقوّته قياساً أو لشهرته فيدخله في طريق ليس منه بهدف جمع كتاب يتضمّن الأوجه الأقوى قياساً والأشهر رواية ، وهو ما صنعه في كتابه التيسير.
الإشكالية المطروحة الآن هو كيف نسند ما تضمّنه التيسير بالسند المتّصل إلى ورش عن نافع عن التابعين عن الصحابة عن النبيّ عليه الصلاة والسلام مع ما يحتويه التيسير من التخليط بين الطرق ؟
فإمّا أن نسند رواية ورش عن ابن خاقان من طريق التيسير فنقع في بعض الأوجه التي ما قرأ بها الداني عليه ، وهذه علّة في الرواية أحببنا أم كرهنا. وإمّا أن نسند الرواية عن أبي الحسن أو أبي الفتح فنقع في نفس المشكل. أو أن نسند الرواية عن الشيوخ الثلاثة فنقع في التفريط.
الحلّ هو التحرير في نظري لتفادي العلّة في الرواية شريطة أن يكون الوجه صحيحاً فنجمع بين المصلحتين :
الأولى : الاقتصار على الصحيح المشهور الذي أراده الداني.
الثاني : استبعاد الأوجه الدخيلة على الطريق ليكون المنقول موافقاً لما ثبت في الرواية المسندة.
وهذا هو هدف ابن الجزري بعزوه لجميع الطرق بل حتّى الأوجه ومذهب المحررين قاطبة.
الآن يجب أن نختار :
إمّا أن نُلغي هذه التحريرات جملة وتفصيلاً ، ونسند الرواية إلى الداني ونقول في السند : وروى الداني عن شيوخه بالسند إلى الأزرق عن ورش عن نافع. ونقول في سند الشاطبي : وهو عن شيوخه عن الداني عن شيوخه عن الأزرق عن ورش عن نافع.
وانتهى الإشكال نهائياً.

لكنّنا سنقع في إشكالين كبيرين :
الأوّل كثرة العلل في أسانيد القراءات.
الثاني : ومن يجتجرّأ على تغيير أسانيد النشر والتيسير وغيرها.

فيا أخي إنّك لا تعترض على منهجي فحسب بل تعترض على علم التحريرات المينيّ على عزو كلّ وجه إلى مصدره وطريقه ، وما أنا إلاّ متّبع لمناهج المحرّرين ، فإمّا أن نحرّر أو لا نحرّر.
 
المسألة السادسة : {آلذكرين} و أخواتها.

المسألة السادسة : {آلذكرين} و أخواتها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

قال الإمام الشاطبي :
وإن همز وصل بين لام مسكن *** وهمزة الاستفهام فامدده مبدلا
فللكل ذا أولى ويقصره الذي *** يسهل عن كلّ كآلان مُثلا

إشارة منه إلى تسهيل همزة الوصل بين بين أو إبدالها ألفاً مع تقديم الإبدال لجميع القراء.

قال أبو الحسن في التذكرة في نحو {آلذكرين}: "فإنّ همزة تُحقّق فيها وتسقط نبرة همزة الوصل في اللفظ وتُمدّ همزة الاستفهام قليلاً ، فتصير في اللفظ همزة واحدة بعدها مدّة للفرق بين الاستفهام والخبر"(التذكرة 1/115). قال ابن الجزري : "واختلفوا في كيفيته فقال كثير منهم تبدل ألفاً خالصة وجعلوا الإبدال لازماً لها كما يلزم إبدال الهمزة إذا وجب تخفيفها في سائر الأحوال. قال الداني : هذا قول أكثر النحويين. وهو قياس ما رواه المصريون أداء عن ورش عن نافع يعني في نحو {أأنذرتهم} وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن وبه قرأنا من طريق التذكرة والهادي..."(النشر1/378).
فظاهر التذكرة على التسهيل خلافاً لظاهر النشر لأنّ ابن غلبون قال "تمدّ همزة الاستفهام قليلاً" ومعلوم أنّ في الإبدال تمدّ همزة الوصل لا همزة الاستفهام ، ومدّها يكون مع الإشباع وليس قليلاً كما قال أبو الحسن ، وقد عبّر عن ذلك ب"المدّة" وهذه العبارة هي نفسها التي استعملها في باب الهمزة من كلمة نحو {آنذرتهم} بقوله في التذكرة "فقرأ الحرميان وأبو عمرو وهشام ورويس بتحقيق الهمزة الأولى وجعلوا الثانية بين بين فصارت كالمدة في اللفظ في جميع القرءان."(التذكرة 1/111).
قلتُ : قال في نحو {الذاكرين} : "فتصير في اللفظ همزة واحدة بعدها مدّة" وقال في نحو {ءآنذرتهم} "فصارت كالمدة" ، ومعلوم أنّ مذهبه في نحو {ءأنذرتهم} هو التسهيل لورش. قال ابن الجزري : ". وسهلها عنه بين بين صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وأبو الحسن طاهر بن غلبون"(النشر 1/363) ،وعليه يكون مذهب أبي الحسن في نحو {آلذكرين} و{ءأنذرتهم} هو التسهيل بين بين لا غير.

أمّا من جهة القياس فلقد تتبعت من اقتصر على التسهيل في نحو {آلذكرين} وأخواتها وهم صاحب التذكرة والعنوان والمجتبى فوجدتّهم اقتصروا كذلك على التسهيل لورش في نحو {ءأنذرتهم}قياساً كما قال ابن الجزريّ : "فوجب أن تسهل بين بين قياساً على سائر الهمزات المتحركات بالفتح إذا وليتهن همزة الاستفهام." ."(النشر 1/377). وقال في النشر في باب الهمزتين من كلمة : " وسهّلها عنه – أي الأزرق- بين بين صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وأبو الحسن طاهر ابن غلبون وأبو علي الحسن بن بليمة وأبو علي الأهوازي وغيرهم."(النشر 1/363). أقول : هؤلاء جميعاً مذهبهم التسهيل في نحو {آلذكرين} اللهمّ إلاّ الأهوازي فإنّي لم أقف على مذهبه في ذلك ولكنّ الذي يظهر من النشر هو التسهيل لأنّه لم يذكره مع أصحاب الإبدال. وقد لا نعتبر ذلك من باب القياس بل من نفس الباب لأنّ الشاطبيّ أدرجهما في نفس الباب وكذا فعل ابن الجزريّ إلاّ أنّ الفرق يكمن في امتناع تحقيق الهمزتين في نحو {آلذكرين}. قال ابن الباذش : "فكلّ ما كان في كلمة فإنّه ينقسم قسمين ، أن تكون الهمزة الأولى داخلة على ألف اللام ، أو تكون داخلة على غيرها."(الإقناع 1/259). وقال الجعبري عند شرحه لقول الشاطبي : (وإن همز وصل بين لام مسكن...)" : "هذا تخصيص لعموم قوله : (وتسهيل أخرى الهمزتين) ، لأنّه لم يفرض الكلام في همزة القطع فعم وذكرها في الأصل – أي التيسير للداني- بيونس لأنّه أوّل أفرادها." (كنز المعاني 1/406). ولمّا كان مذهب صاحب التذكرة في الهمزتين المفتوحتين من كلمة هو التسهيل لا غير كان كذلك في نحو {آلذكرين} بالضرورة من جهة النصّ والقياس. وهذا يجعلنا نحكم على أنّ رواية الإبدال في نحو {آلذكرين} من التذكرة لا يصحّ بالنصّ والقياس.
وقد فهم الأزميري من كلام أبي الحسن التسهيل فقال في بدائع البرهان : " قل آلذكرين إلى قوله صادقين فيه للأزرق ستة أوجه كلها صحيحة :
الأول والثاني والثالث : (1) الإبدال في آلذكرين مع القصر في نبئوني من الشاطبية وتلخيص ابن بليمة وكذا من التذكرة على ما في النشر ، (2) ومع التوسط في نبئوني من تلخيص ابن بليمة والتيسير والشاطبية ، (3) ومع الطول فيهما من الشاطبية والتجريد والتبصرة والكافي والهداية ، والرابع والخامس والسادس : (4) التسهيل في آلذكرين مع قصر البدل من الشاطبية وكذا من التذكرة على ما وجدنا فيها ، (5) ومع التوسط في البدل من التيسير والشاطبية ، (6) ومع الطول فيه من الشاطبية والكامل والعنوان والمجتبى ، وأغرب التسهيل مع قصر البدل في النشر وليس بغريب ، ومنعه الشيخ ولا وجه لمنعه."

وعليه ينبغي الاقتصار على وجه التسهيل في {آلذكرين} وأخواتها في رواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير.



 
فليعذرني الشيخ محمد يحيى على إفساد رونق الموضوع..لأن لدي طلبا ملحّا وهو إفادتنا في كل مرة في مثل هذه المواضيع الرائعة بالخلاصة.. للمبتدئ و الجاهل من أمثالي. جزاكم الله خيرا
 
وعلى ما سبق نخلص إلى أنّ الصحيح في رواية حفص من طريق الشاطبية والتيسير هو الصاد في {يبسط} و {بسطة} والعلم عند الله تعالى.
السؤال الآن بعد هذا التحرير، هل نقرأ من طريق الشاطبية بالصاد أم بالسين؟
فإذا كان الجواب بالسين، فهذا هو المقروء به الآن ومن قبل.
وإن كان الجواب بالصاد، فالإسناد في هذا منقطع، ولا أظنكم قرأتم من طريق الشاطبية بالصاد، ولا شيوخكم، ولا شيوخهم.
فما الفائدة الأدائية بعد هذا التحرير.
 
وماذا تقول في الأداء الذي تغيّر بسبب التحقيق والتحرير الذي قام به ابن الجزري وغيره
ألم يكن المتولي يقرأ بتحريرات المنصوري ثم عدل عنه إلى مذهب الأزميري
ألم يتغيّر الأداء جراء ذلك.
والآن نقرأ بمضمون فتح الكريم أو تنقيح فتح الكريم ومعظمه مستمد من روض النضير ، وروض النضير معظمه يوافق الأزميري ، والمتولي لم يقرأ بتحريرات الأزميري.
هذا كلّه عادي بالنسبة لكم
أما مسألة السين والصاد فالأمر غير عادي
طيّب أجبني عن هذا السؤال :
إن خالفت مشايخي في هذا المسألة فالأمر ليس عادياً بل محظوراً عندكم.
أمّا أن قرأت بالسين في {يبسط} و {بسطة} عن شيخي من طريق الشاطبية وهو قرأ على شيخه بالسين وهو قرأ شيخه بالسين. فالأمر عادي. لكن عندما يصل الإسناد إلى الداني ونقول وقرأ الداني على أبي الحسن بالسين وهو لم يقرأ عليه ، بل قرأ عليه بالصاد.
أهذا أمر عادي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وعليه لئن أغيّر الأداء لأوافق قراءة الداني على أبي الحسن أولى عندى من الاستمرار على ما كنتُ عليه.
وهذا التغيير في الأداء هو مذهب المحققين ، والدليل على ذلك صنيع المتولي والضباع وغيرهما.
وإذكر المشايخ الذين يوافقونكم في الاعتراض. مسألة السكت لأدريس من الدرة. ألم يقل ابن الجزري : والسكت أهملا. ومع ذلك فقد غيّروا الأداء الذي تلقوه عن شيوخهم وأخذوا بوجه السكت لأدريس ولا تزال طائفة تقرأ بذلك.
والأمر عادي كلّ تمام
أمّا مسألة السين والصاد فهي مشكلة العصر.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الفاضل محمد يحيى شريف حفظكم الله ورعاكم.
كنتَ ترى أن للشاطبي طرقا غير التيسير، وأنه يجب قراءة ما ذكره الشاطبي في الحرز بغض النظر عن طرق التيسير، واسمح لي أن أقتبس من موضوعكم http://vb.tafsir.net/forum20/thread26706-5.html ما نصه:
نحن نعلم مسبّقاً أنّ للشاطبية طرقاً أخرى على التيسير وهذه الطرق مجهولة عندنا كما سبق بيانه غير ما مرّة ، ومن هنا لا يمكننا منع أيّ وجه من الشاطبية ما دام الوجه يحتمله ويتضمنّه إلاّ ما حكم عليه في النشر أنّه خارج من طرقها.
والسؤال: لما ذا تقبلون زيادات الشاطبي وهو الذي قيد نفسه أن يختصر عما في التيسير، وترفضون زيادات الداني مع أنه لم يقيد نفسه اختصار عما في التذكرة وهو طبعا أكثر شيوخا من الشاطبي؟؟ أم تراحعتم من مذهبكم القديم؟؟
أشكرك جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
أخي محمد الصومالي بارك الله فيك على السؤال.
في رواية حفص عن عاصم لم أقف على زيادات الإمام الشاطبي على التيسير وهذا يعني لأنّ طريق الإمام الشاطبي في رواية حفص عن عاصم يختصّ بطريق واحد وهو روايته عن الداني عن أبي الحسن ابن غلبون. خلافاً لرواية ورش عن نافع فإنّ الشاطبي زاد أوجهاً ليست في التيسير كتوسط البدل وطوله وفتح ذوات الياء وغيره. وطرق هذه الزيادات مجهولة عند المتأخرين معلومة عند ابن الجزريّ كما مرّ وعليه لا يمكن المقارنية بين رواية حفص وورش في التحرير.
وعليه أقترح القاعدة التاليه.
كلّ رواية لا تحتوي على زيادات في الشاطبية على التيسير فطريقها هو طريق التيسير فيكون الطريق معلوماً وبالتالي يمكن تحريره ، بخلاف ما ّإذا كانت الرواية تحتوي على زيادات في الشاطبية على التيسير ففي هذه الحالة لا يمكن تحرير الرواية لأنّ ذلك متوقّف على معرفة المصادر لتلك الزيادات.
والعلم عند الله تعالى.
 
المسألة السابعة : {ضعف} المواضع الثلاثة من سورة الروم.

المسألة السابعة : {ضعف} المواضع الثلاثة من سورة الروم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

قال الداني في التيسير : "أبو بكر وحمزة {من ضعف} في الثلاثة بفتح الضاد ، وكذلك روى حفص عن عاصم فيهنّ غير أنّه ترك ذلك واختار الضمّ اتّباعاً منه لرواية حدّثه بها الفضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن عبد الله بن عمر أنّ النبيّ عليه السلام أقرأه ذلك بالضمّ ، وردّ عليه بالفتح وأباه ، وعطيّة يُضعّف وما رواه حفص عن عاصم عن أئمته أصحّ وبالوجهين آخذ في روايته لأتابع عاصماً على قراءته وأوافق حفصاً على اختياره"(التيسير ص186).
وقال في جامع البيان :"واختلف أصحاب حفص عنه في سورة الروم ، فروى عمرو ابن الصباح وحسن المروزي وأبو الربيع وعبيد ابن الصباح عنه عن عاصم أنّه نصب الضاد في كلّ القرءان ، وذكر عمرو وعبيد أنّ حفصاً قرأ بالضمّ في الروم خلاف عاصم"(جامع البيان ص532).
قال أبو الحسن بن غلبون : "وقرأ أبو بكر والمفضّل وحمزة {الله الذي خلقكم من ضعف ثمّ جعل من بعد ضعف قوة ثمّ جعل من بعد قوة ضعفاً} بفتح الضاد في الثلاثة ، وضمّهنّ الباقون. وذكر حفص أنّه لم يخالف عاصماً في شيء من قراءته إلاّ ها هنا ، وإنّما خالفه فيه لما رُوي عن ابن عمر أنّه قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فردّ عليّ بالضمّ"(التذكرة 1/495).

الذي يظهر من هذه النصوص أنّ حفصاً قرأ على عاصم بالفتح لكنّه اختار من عند نفسه الضمّ بسبب ما رُوي عن عبد الله بن عمر من طريق عطية العوفي أنّه قرأ على النبيّ عليه الصلاة والسلام {خلقكم من ضَعف} فقال {من ضُعف}. رواه الترمذي (2936) وأبو داود بلفظ مغاير (3978) وحسنة الألباني في صحيح سنن الترمذي وأبي داود.
هذا الحديث يدلّ على أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام ردّ قراءة الفتح أي منع التلاوة بفتح الضاد في {ضعف} في المواضع الثلاثة بالروم ، فهل يا تُرى نُسقِط رواية الفتح عملاً بالحديث.
الجواب : لا .
لأنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام كان يدارسه جبريل القرءان مرّة في كلّ رمضان ، ودارسه في السنة التي توفّي فيها مرّتين ، فيكون قد أقرأ جبريلُ عليه السلام النبيَّ عليه الصلاة والسلام بوجه الفتح بعد ما منعه النبيّ عليه الصلاة والسلام والدليل على ذلك تواتر وجه الفتح عند الكوفيين وفي طليعتهم عاصم ابن أبي النجود صاحب الإسناد العالي الذي جعله مكي وغيره بعد أهل الحجاز في الترتيب لعلوّ سنده.
وعليه نخلص أوّلاً : أنّ وجه الفتح صحيح متواتر. ثانياً : أنّ وجه الضمّ لا يصحّ رواية عن حفص عن عاصم لأنّ حفصاً لم يقرأ به على عاصم ، وبالتالي ينبغي الاقتصار على وجه الفتح لحفص عن عاصم من طريق الشاطبيّة والطيّبة جميعاً. وهذا مسلك هو نظير ما حرّرته في مسالة {محياي} و {ولو أراكهم} لورش عن نافع.
والعلم عند الله تعالى.
 
المسألة الثامنة {ألم الله} أوّل آل عمران.

المسألة الثامنة {ألم الله} أوّل آل عمران.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

قال أبو عمرو الداني : "فأمّا الميم من قوله {ألم الله لا إله إلاّ هو} في أوّل آل عمران على قراءة الجماعة سوى الأعشى عن أبي بكر ومن تابعه على إسكانها ، ومن قوله {ألم احسب} في أوّل العنكبوت على رواية ورش عن نافع ، فاختلف أصحابنا في زيادة التمكين للياء في الموضعين ، فقال بعضهم يزاد على تمكينها و يُشبع مطّها ، لأنّ حركة الميم عارضة إذ هي للساكنين في آل عمران ، وحركة الهمزة في العنكبوت ، والعارض غير معتدّ به فكأنّ الميم ساكنة لذلك ، فوجب زيادة التمكين للياء قبلها كما وجب في {ألم ذلك} و {ألم غلبت} وشبههما فعاملوا الأصل وقدّروا السكون." قال : "وقال آخرون : لا يزاد في تمكين الياء في ذلك إلاّ على مقدار ما يوصل به إليها لا غير لأنّ ذلك إنّما كان يحب فيهما مع ظهور سكون الميم ، فلمّا تحرّكت امتنعت الزيادة بعدم موجبها ، فعاملوا اللفظ واعتدّوا بالحركة والمذهبان حسنان بالغان غير أنّ الأوّل أقيس والثاني آثر وعليه عامة أهل الأداء. وقد جاء به منصوصاً إسماعيل النحاس عن أصحابه عن ورش عن نافع فقال في كتاب اللفظ له عنهم : {ألم احسب} مقصورة الميم. وكذلك حكى محمد بن خيرون في كتابه عن أصحابه المصريين عن ورش في السورتين قال : اللام ممدودة والميم مقصورة"(1).

وقال المنتوري : "وذكر فيه –أي الداني في إيجاز البيان- أنّ المد أقيس بمذهب ورش وأنّ على القصر عامّة من لقي من الشيوخ ، وأنّه جاء به نصاً عن ورش عن نافع ، إسماعيل النحاس عن أصحابه ومحمد بن خيرون ..."(2).

و قال أبو الحسن بن غلبون :"وكلا القولين حسن ، غير أنّي بغير مدّ قرأت فيهما وبه آخذ."(3).

من خلال ما تقدّم من النقول في المسألة يتّضح : أنّ القصر هو مذهب عامّة شيوخ الداني ، وهذا يقتضي ثبوته بالأداء عنهم إليه بالإضافة إلى ثبوته بالنصّ عن ورش عن نافع من طريق النحاس وابن خيرون ، خلافاً لوجه المدّ الذي صُحّح اعتباراً بالأصل فكان قوياً من جهة القياس لا من جهة الرواية. وعليه ينبغي الاقتصار على وجه القصر من طريق الداني ، وطريق التذكرة ، ولما كان مصدر رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية هو التيسير والتذكرة أي من قراءة الداني على أبي الحسن وجب الاقتصار على القصر وصلاً في {الم الله لا إله إلا هو } في أوّل آل عمران لأنّ الداني أخبر كما نقل عنه المنتوري في إيجاز البيان أنّ القصر مذهب عامّة من لقي من الشيوخ. وقول أبي الحسن بن غلبون :" غير أنّي بغير مدّ قرأت فيهما وبه آخذ".
____________
(1) جامع البيان (ص207).
(2) شرح الدرر (1/244).
(3) التذكرة 1/71).
 
{ألم نخلقكم}

{ألم نخلقكم}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

قال الداني في جامع البيان : وكذلك أجمعوا على إدغام القاف في الكاف وقلبهما كافاً خالصة من غير إظهار صوت لها في قوله {ألم نخلقكم}"(جامع البيان ص291).
قلتُ : فنقله الإجماع على الإدغام التام في {ألم تخلقكم} يدلّ أنّه مذهب مشايخه بالضرورة بما فيهم ابن غلبون صاحب التذكرة مصدر رواية حفص من طريق الشاطبية.
وعليه نخلص أنّ الإدغام التام هو المتعيّن من طرق الداني وفي رواية حفص من طريق الشاطبية بل حتّى من طريق الطيّبة كما حقّقه العلامة الضباع في كتابه صريح النصّ لأنّ الإدغام الناقص إن قُرئ به فمن طريق مكي وابن مهران وهما ليسا من طرق حفص من الطيّبة.

والعلم عند الله تعالى.
 
{يلهث ذلك} و {اركب معنا}

{يلهث ذلك} و {اركب معنا}

[FONT=&quot] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم.[/FONT]

ذكر فيهما الشاطبي الإدغام لحفص بقوله معطوفاً على وجه الإظهار:

وفي اركب هدى بر قريب بخلفهم *** كما ضاعا جا يلهث له دار جهلا
وقالون ذو خلف..................***..............................


فأما {يلهث ذلك} فقال الداني في التيسير : "وأظهر ابن كثير وورش وهشام {يلهث ذلك} واختلف عن قالون وأدغم ذلك الباقون."(التيسر 45). وقال في جامع البيان عن وجه الإدغام : وبذلك قرأت على أبي الحسن في رواية حفص وأبي بكر."(جامع البيان ص288). قال أبو الحسن ابن غلبون : "وأظهر الثاء عند الذال ابن كثير وورش وهشام وأدغمها الباقون."(التذكرة 1/180).


وأما {اركب معنا} فقال في التيسير : "وأظهر ورش وابن عامر وحمزة {يبني اركب معنا} واختلف عن قالون وعن البزي وعن خلاد."(التيسير ص44). وقال في الجامع عن الإدغام :" وقرأت أنا من طريقه –أي الأشناني عن حفص- على أبي الفتح وأبي الحسن عن أصحابهما عنه."(جامع البيان ص288). قال أبو الحسن ابن غلبون : "وقرأ ورش وابن عامر وحمزة ويعقوب والأعشى بإظهار الباء عند الميم من {اركب معنا} وأدغمها الباقون."(التذكرة 2/371).


قلتُ : قد ذكر الإمام الشاطبيّ الإدغام لحفص عن عاصم في {اركب معنا} و {يلهث ذلك} وهو الموافق لما في التيسير وجامع البيان والتذكرة ، والموافق أيضاً لرواية الداني عن أبي الحسن ابن غلبون.


وعليه يكون وجه الإدغام فيهما موافقاً للطريق وللرواية المسندة من الإمام الشاطبيّ إلى رواية حفص من طريق الأشناني عن عبيد بن الصباح.

[FONT=&quot]والعلم عند الله تعالى.
[/FONT]
 
{يس والقرءان} و {ن والقلم}

{يس والقرءان} و {ن والقلم}

[FONT=&quot] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]​
قال الشاطبي :
وياسين أظهر عن فتى حقه بدا *** ونون وفيه الخلف عن ورشهم خلا

قال الداني في جامع البيان : "وروى الأشناني عن أصحابه عن حفص الإظهار في السورتين."(ص686). وقال في التيسير عند تعرضه ل {يس والقرءان} : "ورش وأبو بكر وابن عامر والكسائي يدغمون نون الهجاء في الواو ويُبقون الغنة وكذلك في {ن والقلم} غير أنّ عامة أهل الأداء من المصريين يأخذون في {ن} مذهب ورش هناك بالبيان والباقون بالبيان للنون في السورتين."(ص183).
قال أبو الحسن ابن غلبون : "وأظهر ابن كثير وأبوعمرو وحمزة وحفص والأعشى ونافع سوى ورش النون من {يس} ومن {ن} عند الواو التي بعدها وأدغمها الباقون."(التذكرة 2/510).

قلتُ : ذكر الإمام الشاطبي الإظهار فيهما لحفص بقوله (أظهر عن) تبعاً للتيسير ، وهو الموافق لما في جامع البيان والتذكرة وكذا رواية الداني عن أبي الحسن بالضرورة ، وبالتالي يكون وجه الإظهار فيهما لحفص من طريق الشاطبية موافقاً للمصدر وللطريق.

والعلم عند الله تعالى.
 
السكتات الأربعة.

السكتات الأربعة.

[FONT=&quot] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.[/FONT]

قال الإمام الشاطبي :
وسكنه حفصٍ دون قطع لطيفة *** على ألف التنوين في عوجاً بلا
وفي نون من راق ومرقدنا ولا *** م بل ران والباقون لا سكت موصلا

قال الداني في التيسير : ""قرأ حفص {عوجا} يسكت على الألف سكتة لطيفة من غير قطع ولا تنوين ثم يقول {قيما} وكذلك كان يسكت مع مراد الوصل على الألف في {يس} في قوله عز وجل {من مرقدنا}ثم يقول {هذا} ، وكذلك كان يسكت على النون في القيامة في قوله {من } ثم يقول {راق} وكذلك كان يسكت على اللام في المطففين في قوله {بل} ثم يقول {ران} ، والباقون يصلون من غير سكت ويُدغمون النون في اللام والراء."(ص142).

وقال في جامع البيان : "قرأ عاصم في رواية حفص {عوجا} يسكت على الألف سكتة لطيفة ولا تنوين ثم يقول {قيما} وكذلك يسكت مع مراد الوصل على الألف من {يس} في قوله {من مرقدنا}ثم يقول {هذا} ، وكذا يسكت على النون في القيامة في قوله {وقيل من} وعلى اللام في المطففين في قوله {كلا بل} ثم يقول {راق} و {ران} يقف في هذه الأربعة المواضع بنية الوصل."(ص599).

قال أبو الحسن ابن غلبون : "وكان حفص يقف على قوله {عوجا} وقفة خفيفة ثم يقول {قيما} وكذا يفعل في {يس} فيقف على قوله {من مرقدنا} وقفة خفيفة ثم يقول {هذا ما وعد الرحمن} وكذا يفعل في سورة القيامة والمطففين وأنا أذكرهما هناك إن شاء الله. وقرأهنّ الباقون بالوصل من غير وقفة."(التذكرة 2/412).

قلت : من خلال ه
ذه الأقوال يتّضح أنّ السكتات الأربعة صحيحة لا غبار عليها لحفص من طريق الشاطبية لأنّها ثابتة في التيسير وجامع البيان والتذكرة من غير خلاف ، ولم ينقل الداني الخلاف فيها في جامعه مما يدل أنّها ثابتة عنده من قراءته على أبي الحسن وأبي الفتح جميعاً وبالتالي فالسكت من طريق الشاطبية يوافق الطريق والمصدر. فقولنا الطريق أي رواية الداني عن أبي الحسن ، وقولنا المصدر أي يوافق مضمون كتاب التذكرة لابن غلبون.

ويجدر التنبيه إلى أنّ كلام الإمام الشاطبي والداني دالّ على أنّ السكت في {عوجا} يكون على الألف وليس على التنوين كما هو حال السكت على الهمزات في نحو {عذاباً أليما} ، حيث ذهب أحد المعاصرين إلى القول بأنّ السكت يكون على نون التنوين.

والعلم عند الله تعالى.
 
الابتداء بالبسملة في أجزاء السور

الابتداء بالبسملة في أجزاء السور

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

قال الإمام الشاطبي :
ولا بد منها في ابتدائك سورة *** سواها وفي الأجزاء خيّر من تلا
قال الداني في جامع البيان : "وبغير تسمية ابتدأت رؤوس الأجزاء على شيوخي الذين قرأت عليهم في مذهب الكلّ وهو الذي أختار ولا أمنع من التسمية وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل."(ص153).

قلتُ : أشار الشاطبيّ إلى جواز الوجهين من حيث الابتداء بالبسملة في أجزاء السور من عدمه لقول الداني في التيسير : "وأما الابتداء برؤوس الأجزاء التي في بعض السور فأصحابنا يُخيرون القارئ بين التسمية وتركها في مذهب الجميع."(التيسير ص18) ، لكنه ذكر في جامع البيان أنّه قرأ على جميع شيوخه بترك البسملة في الأجزاء بما فيهم أبو الحسن بن غلبون صاحب الطريق والمصدر حيث لم يذكر هذا الأخير في تذكرته حكم الابتداء بالأجزاء ولا أشار إليه وهذا يدلّ أنّ مذهبه هو ترك البسملة في الأجزاء ، وهو الذي ينبغي أن يُقتصر عليه لحفص من طريق الشاطبية ومن جميع طرق الداني لحفص ولغيره.

والعلم عند الله تعالى.[FONT=&quot]
[/FONT]
 
الوقف على {سلاسلا}

الوقف على {سلاسلا}

[FONT=&quot] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد[/FONT]

قال الشاطبي : (وبالقصر قف من عن هدىً خلفهم فلا). إشارة منه إلى جواز الوجهين وقفاً أي بالألف أو على اللام الساكنة في {سلاسلا} لابن عامر وحفص والبزي.

قال الداني في التيسير : "ووقف حمزة وقنبل وحفص من قراءتي على أبي الفتح بغير ألف."(ص217). قلتُ : وهذا يدلّ بمفهوم المخالفة أنّه قرأ على أبي الحسن بالإثبات بدليل قوله في جامع البيان : "وحكى لي أبو الحسن عن قراءته على أصحاب الأشناني بالألف في الوقف."(ص765). قال أبو الحسن بن غلبون : "وكلهم وقف عليها بالألف من نوّنها ومن لم ينوّنها إلا قنبلاً وحمزة ورويساً فإنّهم وقفوا عليها بغير ألف."(التذكرة 2/607).

وعليه يكون وجه الحذف في {سلاسلا} لحفص من الشاطبية خارجاً عن الطريق لأنّ رواية الحذف هي من قراءة الداني على أبي الفتح ، وطريق الشاطبية بالنسبة لرواية حفص هي من رواية الداني عن أبي الحسن وقد اتضح أنّ مذهب أبي الحسن هو الإثبات لا غير وبه قرأ الداني عليه ، وبالتالي وجب الاقتصار على وجه الإثبات لحفص من طريق الشاطبية.

والعلم عند الله تعالى.
 
{فرق}

{فرق}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

قال الإمام الشاطبي : (وخلفهم بفرق جرى بين المشايخ سلسلا) إشارة منه إلى الوجهين.

قال ابن الجزري : "واختلفوا في (فرق) من سورة الشعراء من أجل كسر حرف الاستعلاء وهو القاف فذهب جمهور المغاربة والمصريين إلى ترقيقه وهو الذي قطع به في التبصرة والهداية والهادي والكافي والتجريد وغيرها وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم وهو الذي يظهر من نص التيسير وظاهر العنوان والتلخيصين وغيرها وهو القياس ونص على الوجهين صاحب جامع البيان والشاطبية والإعلان وغيرها. والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق". وقال العلامة الضباع : "قطع بترقيقه صاحب التجريد وذهب سائر أهل الأداء إلى تفخيمه وهو الذي يظهر من نص التيسير ونصّ على الوجهين الشاطبي وبهما قرأ الداني على أبي الفتح."(صريح النص ص25).

فأما من التيسير فالظاهر هو التفخيم كما ذكر ابن الجزري والضباع لقول الداني : "فإن كانت الكسرة التي قبلها لازمة ولم يقع بعدها حرف استعلاء فهي رقيقة للكل". (التيسر ص57). قلتُ : فحرف الاستعلاء هنا يشمل المفتوح والمكسور في نحو {فرقة} و {فرق} وبالتالي يتساويان في حكم التفخيم. وأمّا في جامع البيان فذكر الوجهين جميعاً وقدّم التفخيم لورش قياساً على {الصراط} و {الاشراق} لكون المستعلي فيهما مكسوراً فقال : "وقد اختلف أهل الأداء في قوله {كل فرق} في الشعراء فمنهم من يفخم الراء لأجل حرف الاستعلاء ومنهم من يرققها بين حرفين مكسورين والأوّل أقيس على مذهب ورش في {الصراط} و {الاشراق}."(جامع البيان ص358).

فللافت للانتباه أنّ الداني ذكر الوجهين على الحكاية لا الرواية إذ لم يذكر أنّه قرأ بالوجهين جميعاً وما نقله عنه العلامة الضباع في كونه قرأ بالوجهين على أبي الفتح ففيه نظر إذ لم أقف على كلام للداني في ذلك سواء في جامع البيان أو فيما نقله عنه المنتوري وغيره ، وإنما ذكر ذلك الضباع على أساس أنّ طريق الداني لحفص في الجامع هو عن أبي الحسن وأبي الفتح جميعاً وأنّ طريق التيسير هو عن أبي الحسن فحسب ، فذكره للوجهين في الجامع دلّ في نظره أنّه قرأ على أبي الفتح بالوجهين ، وهذا مجرّد استنباط منه رحمه الله لا يمكن الاعتبار به والاعتماد عليه.

ويجدر التنبيه على أنّ مذهب أبي الحسن في التذكرة هو التفخيم على ما يظهر في النشر وفي التيسير لأنّ ظاهر التيسير على التفخيم وطريق الداني منه هو عن أبي الحسن ، ولم أقف على نصّ في كتاب التذكرة يشير إلى المسألة ، ولما كان التفخيم هو الأصل والترقيق هو الفرع حملنا المضمون من كتاب التذكرة على التفخيم كما حمل ذلك ابن الجزري والضباع رحمهما الله.

وعلى هذا الأساس يكون وجه الترقيق من الشاطبية بالنسبة لرواية حفص خارجاً عن الطريق والمصدر لأنّ التفخيم هو الذي يظهر في التيسير وفي التذكرة لقول صاحب النشر :"وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم" ولقول العلامة الضباع : "وذهب سائر أهل الأداء إلى تفخيمه" وبالتالي ينبغي الاقتصار على وجه التفخيم في ٍ{فرق} إذا قرأنا لحفص من طريق الشاطبية.

وأمّا الوقف على {فرق} فمذهب الداني هو التفخيم لا غير لزوال العلّة التي من أجلها رُققت الراء. قال الداني في التلخيص : "والنصّ في كلا الوجهين معدوم ومثله يُضبط أداءً عمن يوثق بنقله وعلمه وقليل ما هم ، على أنّ الوجهين من التفخيم والترقيق في ذلك إنّما يكونان في حال الوصل لا غير."(شرح الدرر للمنتوري ص590). قلتُ : ولما كان طريق رواية حفص من الشاطبية عن الداني عن أبي الحسن أخذنا بالنفخيم وصلاً ووقفاً في {فرق} لأنّ الترقيق في الوصل هو الصحيح في الرواية وأمّا التفخيم في والوقف فلكونه مذهب الداني صاحب الطريق لأنّه ممن يوثق بنقله وعلمه.

وعلى ما سبق يتجلّى أنّ التفخيم هو الصحيح وصلاً ووقفاً في رواية حفص من طريق الشاطبية.

وكلامي هذا لا يلزم أحداً وإنّما هي مسألة علميّة تحريريّة أضعها بين يدي الشيوخ قصد النظر والتأمّل.

والعلم عند الله تعالى.
 
تتمة وخاتمة.

تتمة وخاتمة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

إتماماً للفائدة يجدر التنبيه على أنّه لم يرد عن حفص من طريق الشاطبية ومصادرها أعني التيسير والتذكرة ورواية الداني عن أبي الحسن : السكت على الهمز ولا التكبير ولا مد التعظيم ولا عنّة في اللام والراء.


وخلاصة ما يمكن قوله أنّ مصدر رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية هو كتاب التذكرة لابن غلبون ، وطريق الإمام الشاطبي في هذه الرواية لا يكون إلاّ من طريق التيسير والتذكرة أي من رواية الداني عن أبي الحسن. وقد اتضح فيما ذكرناه أنّ الداني قد خالف مصدره فأضاف بعض الأوجه التي ثبتت عنده في روايته عن أبي الفتح دون أبي الحسن ، بإضافته بعض الأوجه زيادة على ما ثبت بالرواية عن شيخه أبي الحسن : كالإخفاء في
{لا تأمنّا} إضافة إلى وجه الإشمام وكذا الإبدال في {آلذكرين} وأخواتها إضافة إلى وجه التسهيل. أو تغييره لما ثبت عنده عن أبي الحسن بما ثبت عنه عن أبي الفتح كإعمال وجه {السين} في {يبصط} و {بصطة} بدل الصاد.
وهذه الزيادت ليست كزيادات الإمام الشاطبي على التيسير لأنها زيادات صحيحة ثابتة بالرواية من طرقها عن الإمام الشاطبي في غير كتاب التيسير ، أو في غير رواية الداني ، بخلاف زيادات التيسير على التذكرة فإنّ البعض منها وإن صحّت عن الداني من طريق أبي الفتح إلاّ أنّها ليست من طريق الرواية المسندة في الشاطبية وهي طريق أبي الحسن ، واتّباعاً للرواية وجب الاقتصار على ما ثبت برواية عن الداني عن أبي الحسن ليكون المضمون موافقاً لما صحّ وثبت في الطريق والمصدر.

وعلى هذا الأساس إمّا أن ننتهج منهج المحرّرين وهو الاقتصار على ما ثبت في الرواية من غير زيادة ، وهذا يُجبرنا على إخضاع الشاطبية لما في التذكرة في رواية حفص ما عدا مقادير المدود في المد المتصل والمنفصل بأن نغيّر مرتبتهما من فويق التوسط إلى التوسط عملاً بمذهب الإمام الشاطبي وابن الجزري وغيرهما. وإمّا أن نأخذ بظاهر الشاطبية والتيسير. وفي هذه الحالة سنقع لا محال في التناقض فنكون قد أخذنا بالتحريرات في بعض الحالات دون بعض.



أسأل الله العظيم التوفيق لما فيه الخير والصلاح ، والحمد لله ربّ العالمين.
 
رحم الله والديكم يا شيخ محمد
ولو يتفضل علينا أهل الكرم بوضع المشاركات في ملف مصور لطبعه. جزاكم الله خيرا
 
ويجدر التنبيه إلى أنّ كلام الإمام الشاطبي والداني دالّ على أنّ السكت في {عوجا} يكون على الألف وليس على التنوين كما هو حال السكت على الهمزات في نحو {عذاباً أليما} ، حيث ذهب أحد المعاصرين إلى القول بأنّ السكت يكون على نون التنوين.

سلامي وتحياتي للشيخ محمد يحيى شريف زاده الله علما وفهما.
وارجو منه تبيان ما تحته خط، هل ذُكر ذلك في كتاب معين لأحدهم ام على الهواء في فضائية معينة؟ فاني قد سمعت من البعض ذلك.
 
قال الإمام الصفاقسي : واختار حفص الضم كالجماعة فالوجهان عنه صحيحان لكن الفتح روايته عن عاصم والضم اختياره لما رواه عن الفضل بن مرزوق عن عطية العوفي قال قرأت على ابن عمر- رضي الله عنهما- الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا فقال أي ابن عمر:
الذي خلقكم من ضعف ثم قال: قرأت على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- كما قرأت عليّ وأخذ علي كما أخذت عليك يعني أنه قرأ بفتح الضاد فأنكر عليه الفتح وأباه وأمره بالضم، وقال: فاقرأه، وعطية ضعيف لكن قال المحقق: رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن وقد روي عن حفص من طريق أنه قال: ما خالفت عاصما في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف. قال الجعبري: فإن قلت كيف خالفت من توقفت صحة قراءته عليه قلت: ما خالفه بل نقل عنه ما قرأه عليه ونقل عنه غيره ما قرأه عليه لا أنه قرأ برأيه انتهى. قلت: وأيضا لم يعتمد في صحة قراءته وإنما تأنس به لأن الحديث من طريق الآحاد وأعلى درجاته الحسن ولا تثبت القراءة إلا بالتواتر فعمدته ما قرأ به على غير شيخه وثبت عنده تواترا وما ذكرناه من أن الضم اختيار لحفص لا رواية عن عاصم هو المصرح به في كلام المحقق، قال ابن مجاهد: وقرأ عاصم وحمزة من ضعف بفتح الضاد في كلهن وحفص عن نفسه لا عن عاصم من ضعف بضم الضاد.
وقال المحقق: وروى عبيد وعمر عن حفص أنه اختيار في ضعف الثلاثة الضم خلافا لعاصم ومثله للداني وسيأتي كلام الشاطبي حيث أطلق الخلاف لحفص يوهم أنه عن عاصم لأن قاعدته أنه مهما ذكر وجهين لراو، فهما مرويان له عن إمامه وهو صريح كلام الأهوازي والتحقيق ما تقدم.
فإن قلت: هل يقرأ لحفص بهذا الاختيار لأنه وإن لم يروه عن عاصم فقد رواه عن غيره وتثبت قراءته به أو لا يقرأ به لأنه خالف شيخه وخرج عن طريقه وروايته. قلت: المشهور المعروف جواز القراءة بذلك. قال الداني:
واختياري في رواية حفص من طريق عمرو وعبيد الأخذ بالوجهين بالفتح والضم فأتابع بذلك عاصما على قراءته وأوافق به حفصا على اختياره. قال المحقق: وبالوجهين قرأت له، وبهما آخذ. غيث النفع ص 468
 
عودة
أعلى