تأمّلات وتعقيبات

إعادة البثّ بعد وقوع خلل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
أخي الشيخ جزاك الله خيراً على هذه المداخلة وآمل ألاّ تكون هي الأخيرة.
المشكلة أنّ الكثير وللأسف لا يفرّقون بين الأداء الذي هو مجرّد كيفيّة وهيئة يتلقاها التلميذ عن الشيخ بالتسلسل. وبين حجيّة الأداء وذلك على ضوء الضوابط التي وضعها الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى.
فالأداء لوحدة لم يكن يوماً ما حجّة بنفسه لأنّه قد يعتريه شيء من التغيير لا سيما إن طالت سلسلة الإسناد ،وذلك لعروض الغفلة والسهو على الشيوخ مهما كانت فطنتهم ، ولتفاوتهم في العلم والإتقان ، أو لاجتهاد يجعل الشيخ يخالف شيخه أن رأى الصواب في غير ما تلقّاه عنه ، أو يكون الشيخ كفيفاً بحيث يكتفي بالسماع دون المشافهة لأنّ المشافهة تستلزم النظر إلى فم التلميذ وهذا متعذّر لا يسما إن قرأ الكفيف على الكفيف أو لتساهل لبعض الشيوخ وهكذا. وهذا الذي حمل الأئمّة على التدوين.
وسأضرب مثالاً في ذلك لعلّ الأمور تتضح أكثر. أخبرني شيخنا العلامة أيمن سويد حفظه الله تعالى أنّ الشيخ أبا الحسن الكردي والشيخ محمد سكر رحمهما الله وهما من كبار مشايخ دمشق قرآ القراءات العشر على شيخهما الحلواني في آن واحد بمعنى أنّ أحدهما يقرأ على الشيخ صفحة من القرءان ثمّ يعيد الثاني نفس الصفحة على الشيخ في نفس المجلس وذلك إلى أن ختما القرءان بالعشر. ومع هذا فكلّ واحد من الشيخين يختلف أداءه قليلاً عن الآخر في كيفيّة النطق بالقلقلة ، والإمالة والنطق ببعض الحروف مع أنّهما قرآ على شيخ واحد في فترة واحدة. وصار لكلّ منهما مدرسة تمتاز عن غيرهما في بعض الهيئات الأدائيّة، وبمجرّد أن تسمع قارئاً يقرأ يمكن أن تدرك إلى أيّ المدرستين ينتمي. فأقول إن ورد الخلاف ولو قليلاً عن شيخين متقنين عالمين قرآ على شيخ واحد في فترة واحد فكيف بمن دونهما في الإتقان والعلم ، وكيف إن طالت سلسلة الإسناد عبر القرون ؟ .وعلى ما سبق ندرك أنّ الأداء معرّض للتغيير حتّى ولو كان رجال الإسناد مهرة ومتقنين ومجتهدين لأنّ نقدهم للأداء الذي تلقّوه وارد ومن حقّهم العدول عنه إلى ما يرونه صواباً.قال الداني : العلم فطنة ودراية أحسن منه سماعاً ورواية.فقد عدل ابن الجزري عن الكثير من مروياّته إلى ما رآه صواباً فقد تلقّى {يواخذ} بتمكين مدّ البدل ثمّ عدل عنه وكذا المتولّي في التحريرات حيث عدل عن مذهبه – مذهب المنصوري - في التحريرات الذي تلقّاه عن شيوخه إلى مذهب الأزميري ، وهذا ما فعل الشيخ عامر في الفرجة والضاد. نكتفي بما ذكر.
أمّا اعتراضكم على قولي :
وبذلك يتعلّم الطالب العلم ويكتسب من خلاله ملكة تمكّنه من استدراك ما فاته من الشيخ.


ليس مرادي من ذلك إعمال الرأي في النصوص ومخالفة ما هو عليه المشايخ . وإنّما الاستدراك يكون على أساس أقوال معتبرة لعلماء معتبرين كذلك. إن قرأت على شيخ بالفرجة في الميم المخفاة فيمكنني أن أخالف هذا الأداء على أساس نصوص وأقوال معتبرة قال بها كبار العلماء كذلك ، وليس لي ولا لغيري الانفراد بشيء. وكلّ المسائل المتنازع فيها اليوم إلاّ وتجد وراء ها كبار المشايخ من كلا الطرفين وليس صغارهم إذ الخلاف الذي يدور بين الصغار لا يُعد خلافاً معتبراً. ولا نقبل بأيّ حال أن يأتي شيخ يستنبط حكماً بفهمه من نصّ يخالف فيه السلف والخلف. فإن خالفت الخلف فلا بدّ أن يكون لك سلف.
وأضرب لك مثالاً وقع لي مع شيخي العلامة عبيد الله الأفغاني حفظه الله تعالى حيث كان يقرئ بالإشمام في {تأمنّا} من غير غنّة في النون المشدّدة معتبراً أنّ الإشمام لا يصحبه صوت. وقد نبّهته أنّ المراد بالصوت هنا صوت الضمّ لا صوت الغنّة ، إذ الغنّة صفة لازمة للنون المشددة. بدليل أنّ من وقف على { وعد الله حقٌ} بالإشمام يُقلقل القاف ثم يشير إلى الضمّ ، فصوت القلقلة يبقى جلياً وإنّما يمتنع التصويت بالضم.
أقول : كان بإمكاني الاعتماد على هذا الأداء ولكنّي استدركت على الشيخ وأقرئ بسنده بما هو عليه القراء اليوم لأنّه هو الموافق لما عليه أهل أداء قولاً وعملاً.
أخبرني الشيخ أبو الحسن الكردي رحمه الله تعالى أنّه تلقّى رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبيّة بقصر المنفصل ولكن لم يُقرئ به ولله الحمد. السؤال : هل يجوز أن نقرئ بذلك على أساس الأداء ؟ حتماً لا لأنّه ضعيف من جهة الرواية.
أخبرني شيخنا موفّق عيون شيخ القراءة في مدينة دوما بدمشق الجامع للقراءات الصغرى والكبرى أنّه تلقّى القرءان بقصر المنفصل لشعبة من الطيّبة. السؤال : هل نقرأ به ؟ حتماً لا لأنّه لم يرد لا في الطيّبة ولا في مصادرها. ولكنّه مقروء به الآن في دمشق.
ففي هاتين الحالتين وشبههما يمكن للطالب مخالفة أداء شيوخه.
فيكون الاستدراك على هذا النحو جائزاً بل لازماً في بعض الحالات. وليس بالانفراد والخرق.
وألفت نظركم أنّ هذه المشاكل وقعت في الماضي وما زالت تقع مع شيوخ ذوي علم ودراية وإتقان فما بلك بمن هو دونهم. فالطفل الصغير قد يكون ماهراً إن لقّن تلقيناً صحيحاً مع جهله التام. وقد يكون ماهراً عند شيخه وليس كذلك عند غيره. فالمهارة والإتقان أمران نسبيّان بحسب أراء الشيوخ كلّ بحسب ما وصل إليه علمه وإتقانه.
وللخروج من هذه المآزق علينا أن نتضلّع بالعلم مع التلقّي والمشافهة من المشايخ المؤّهلين.
والعلم عند الله تعالى.
 
إعادة البثّ بعد وقوع خلل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
أخي الشيخ جزاك الله خيراً على هذه المداخلة وآمل ألاّ تكون هي الأخيرة.
المشكلة أنّ الكثير وللأسف لا يفرّقون بين الأداء الذي هو مجرّد كيفيّة وهيئة يتلقاها التلميذ عن الشيخ بالتسلسل. وبين حجيّة الأداء وذلك على ضوء الضوابط التي وضعها الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى.
فالأداء لوحدة لم يكن يوماً ما حجّة بنفسه لأنّه قد يعتريه شيء من التغيير لا سيما إن طالت سلسلة الإسناد ،وذلك لعروض الغفلة والسهو على الشيوخ مهما كانت فطنتهم ، ولتفاوتهم في العلم والإتقان ، أو لاجتهاد يجعل الشيخ يخالف شيخه أن رأى الصواب في غير ما تلقّاه عنه ، أو يكون الشيخ كفيفاً بحيث يكتفي بالسماع دون المشافهة لأنّ المشافهة تستلزم النظر إلى فم التلميذ وهذا متعذّر لا يسما إن قرأ الكفيف على الكفيف أو لتساهل لبعض الشيوخ وهكذا. وهذا الذي حمل الأئمّة على التدوين.
وسأضرب مثالاً في ذلك لعلّ الأمور تتضح أكثر. أخبرني شيخنا العلامة أيمن سويد حفظه الله تعالى أنّ الشيخ أبا الحسن الكردي والشيخ محمد سكر رحمهما الله وهما من كبار مشايخ دمشق قرآ القراءات العشر على شيخهما الحلواني في آن واحد بمعنى أنّ أحدهما يقرأ على الشيخ صفحة من القرءان ثمّ يعيد الثاني نفس الصفحة على الشيخ في نفس المجلس وذلك إلى أن ختما القرءان بالعشر. ومع هذا فكلّ واحد من الشيخين يختلف أداءه قليلاً عن الآخر في كيفيّة النطق بالقلقلة ، والإمالة والنطق ببعض الحروف مع أنّهما قرآ على شيخ واحد في فترة واحدة. وصار لكلّ منهما مدرسة تمتاز عن غيرهما في بعض الهيئات الأدائيّة، وبمجرّد أن تسمع قارئاً يقرأ يمكن أن تدرك إلى أيّ المدرستين ينتمي. فأقول إن ورد الخلاف ولو قليلاً عن شيخين متقنين عالمين قرآ على شيخ واحد في فترة واحد فكيف بمن دونهما في الإتقان والعلم ، وكيف إن طالت سلسلة الإسناد عبر القرون ؟ .وعلى ما سبق ندرك أنّ الأداء معرّض للتغيير حتّى ولو كان رجال الإسناد مهرة ومتقنين ومجتهدين لأنّ نقدهم للأداء الذي تلقّوه وارد ومن حقّهم العدول عنه إلى ما يرونه صواباً.قال الداني : العلم فطنة ودراية أحسن منه سماعاً ورواية.فقد عدل ابن الجزري عن الكثير من مروياّته إلى ما رآه صواباً فقد تلقّى {يواخذ} بتمكين مدّ البدل ثمّ عدل عنه وكذا المتولّي في التحريرات حيث عدل عن مذهبه – مذهب المنصوري - في التحريرات الذي تلقّاه عن شيوخه إلى مذهب الأزميري ، وهذا ما فعل الشيخ عامر في الفرجة والضاد. نكتفي بما ذكر.
أمّا اعتراضكم على قولي :

ليس مرادي من ذلك إعمال الرأي في النصوص ومخالفة ما هو عليه المشايخ . وإنّما الاستدراك يكون على أساس أقوال معتبرة لعلماء معتبرين كذلك. إن قرأت على شيخ بالفرجة في الميم المخفاة فيمكنني أن أخالف هذا الأداء على أساس نصوص وأقوال معتبرة قال بها كبار العلماء كذلك ، وليس لي ولا لغيري الانفراد بشيء. وكلّ المسائل المتنازع فيها اليوم إلاّ وتجد وراء ها كبار المشايخ من كلا الطرفين وليس صغارهم إذ الخلاف الذي يدور بين الصغار لا يُعد خلافاً معتبراً. ولا نقبل بأيّ حال أن يأتي شيخ يستنبط حكماً بفهمه من نصّ يخالف فيه السلف والخلف. فإن خالفت الخلف فلا بدّ أن يكون لك سلف.
وأضرب لك مثالاً وقع لي مع شيخي العلامة عبيد الله الأفغاني حفظه الله تعالى حيث كان يقرئ بالإشمام في {تأمنّا} من غير غنّة في النون المشدّدة معتبراً أنّ الإشمام لا يصحبه صوت. وقد نبّهته أنّ المراد بالصوت هنا صوت الضمّ لا صوت الغنّة ، إذ الغنّة صفة لازمة للنون المشددة. بدليل أنّ من وقف على { وعد الله حقٌ} بالإشمام يُقلقل القاف ثم يشير إلى الضمّ ، فصوت القلقلة يبقى جلياً وإنّما يمتنع التصويت بالضم.
أقول : كان بإمكاني الاعتماد على هذا الأداء ولكنّي استدركت على الشيخ وأقرئ بسنده بما هو عليه القراء اليوم لأنّه هو الموافق لما عليه أهل أداء قولاً وعملاً.
أخبرني الشيخ أبو الحسن الكردي رحمه الله تعالى أنّه تلقّى رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبيّة بقصر المنفصل ولكن لم يُقرئ به ولله الحمد. السؤال : هل يجوز أن نقرئ بذلك على أساس الأداء ؟ حتماً لا لأنّه ضعيف من جهة الرواية.
أخبرني شيخنا موفّق عيون شيخ القراءة في مدينة دوما بدمشق الجامع للقراءات الصغرى والكبرى أنّه تلقّى القرءان بقصر المنفصل لشعبة من الطيّبة. السؤال : هل نقرأ به ؟ حتماً لا لأنّه لم يرد لا في الطيّبة ولا في مصادرها. ولكنّه مقروء به الآن في دمشق.
ففي هاتين الحالتين وشبههما يمكن للطالب مخالفة أداء شيوخه.
فيكون الاستدراك على هذا النحو جائزاً بل لازماً في بعض الحالات. وليس بالانفراد والخرق.
وألفت نظركم أنّ هذه المشاكل وقعت في الماضي وما زالت تقع مع شيوخ ذوي علم ودراية وإتقان فما بلك بمن هو دونهم. فالطفل الصغير قد يكون ماهراً إن لقّن تلقيناً صحيحاً مع جهله التام. وقد يكون ماهراً عند شيخه وليس كذلك عند غيره. فالمهارة والإتقان أمران نسبيّان بحسب أراء الشيوخ كلّ بحسب ما وصل إليه علمه وإتقانه.
وللخروج من هذه المآزق علينا أن نتضلّع بالعلم مع التلقّي والمشافهة من المشايخ المؤّهلين.
والعلم عند الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
عندي إستدراك وتصحيح لما وقع في كلام الأخ الكريم محمد ، ولعله سبق قلم ، وذلك في معرض كلامه على الشيخين أبي الحسن محي الدين الكردي و محمد سكر ، رحم الله جميع مشايخنا ومن له الفضل علينا ، فالشيخان قرآ القرآن الكريم بالقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة على الشيخ اللغوي الأصولي محمود فايز الدير عطاني وهو تلقاه عن شيخ قراء الشام محمد سليم الحلواني ، والله أعلم .
 
أشكرك فضيلة الشيخ محمد على التوضيح, ومن خلال ما تفضلتم به من الأمثلة تبين لي أنه لا خلاف بيننا، فالذي أقصده أنا الأحكام التي لا يمكن للقارئ أن يطبقها بدون تلقٍّ من أفواه الشيوخ المتقنين مهما بلغ علمه درايةً، فالكيفيات والهيئات التي اختلف العلماء فيها, فإن المتعلم بعد أن يرى الأصوب منها درايةً بحاجةٍ أن يتلقاها أو يسمعها من غيره وإلا لربما أخطأ في تطبيقها وهو يظن بأن نطقَه صحيح, والمهم أن التلقي والمشافهة ضروري للأداء الصحيح, وبقيَ تساؤلي عن الغنة قبل حروف الاستعلاء أرجو أن ينال عنايتكم.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
عندي إستدراك وتصحيح لما وقع في كلام الأخ الكريم محمد ، ولعله سبق قلم ، وذلك في معرض كلامه على الشيخين أبي الحسن محي الدين الكردي و محمد سكر ، رحم الله جميع مشايخنا ومن له الفضل علينا ، فالشيخان قرآ القرآن الكريم بالقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة على الشيخ اللغوي الأصولي محمود فايز الدير عطاني وهو تلقاه عن شيخ قراء الشام محمد سليم الحلواني ، والله أعلم
.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً على هذا الاستدرك فهو كما قلتّ قد سبق القلم.

وبقيَ تساؤلي عن الغنة قبل حروف الاستعلاء أرجو أن ينال عنايتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

إنّ وصف الغنّة بالتفخيم أو الترقيق لا يتناسب مع أصول وقواعد علم التجويد لعدّة أسباب :
أوّلاً : إنّ الحروف هي التي توصف وليست الصفات لأنّ الصفات هي في حدّ ذاتها صفة. فلا يصحّ وصف القلقلة بالتفخيم والترقيق مثلا ، فالحرف هو الذي ينبغي أن يوصف بعدد من الصفا ت لقول ابن الجزري : وهو إعطاء الحروف حقّها من صفة لها ومستحقّها ولاشكّ أنّ الضمير يعود على الحروف لا على الصفات. والغنّة صفة لا ينبغي أن توصف. أمّا قول ابن الجزري : ورققن مستفلا من أحرف. أي رقق الحروف المستفلة وهو كقوله وحرف الاستعلاء فخّم. فالحروف هي المعنيّة بالصفات.


ثانياً : صوت الغنّة يخرج من الخيشوم ، والتفخيم يكون من الفم فيمتلأ بصدى الحرف لأنّ الصوت يرتفع فيصطدم بقبّة الحنك الأعلى فيعود صداه إلى جميع أنحاء الفم. السؤال : كيف يمتلأ الفم بصدى الغنّة ، والغنّة تخرج من الخيشوم ؟

ثالثاً : ليس هناك من أهل الأداء من أشار إلى تفخيم الغنّة من المتقدّمين والمتأخرين وأقصد بالمتأخرين عصر ابن الجزري وما قاربه.

يمكن تفسير ذلك الصوت المفخّم الذي نسمعه في {من طين } مثلاً ، أنّك لو أمسكت الأنف حال النطق بالنون المخفاة نلاحظ صوتاً قليلاً يخرج من الفم ، وهذا القليل من الصوت يرتفع بارتفاع اللسان حال الإطباق ، فيسُمع صوت يظهرُ أنّه مفخَم. السؤال : هل هذا الصوت القليل إن قدّرناه بثلث أو أدنى من ذلك يستحقّ هذا التفخيم الذي نسمعه ؟ أيغلب القليل من الصوت الكثير الذي لا يمكن تفخيمه لخروجه من الخيشوم ؟ فالأولى أن يغلب الكثير القليل بحيث لا يصل التصويت إلى درجة التفخيم وإن كان فيه نوع من التأثير لأجل الصوت القليل الخارج من الفم.
إذن فالتأثير تنج عن الصوت القليل الخارج من الفم بارتفاعه إلى الحنك الأعلى لارتفاع اللسان حال الإطباق ولا يمكن تسميته بالتفخيم لأنّ الغلبة للصوت الخارج من الخيشوم والذي لا يُفخّم أبداً لعدم خروجه من الفم لأنّه محلّ التفخيم.
والذي نسمعه اليوم هو طغيان الصوت القليل الخارج من الفم على الصوت الكثير الخارج من الخيشوم ، والأدهى من ذلك أنّ الطاء مكسورة في نحو {من طين } فمن المفروض أن يضعف التأثير كما أثّرت القاف المكسورة في الراء في {فرق}، ولكن للأسف نلاحظ مبالغة في التأثير حتّى صار كالمفخّم فأطلق عليه لفظ التفخيم جرّاء تلك المبالغة.
هذا جوابي من الجانب النظري والعلمي أمّا من جهة الأداء فليس هناك ما يضمن سلامة ذلك التفخيم من جهة الدراية ، فينبغي في نظري التحفّظ منه.
تنبيه آخر : عند وقوع النون المخفاة قبل الكاف والقاف فإنّ معظم المشايخ لا يخرجون الصوت القليل من الفم فكلّه من الخيشوم نظراً لموقع المخرج. السؤال : كيف يمكن تفخيم الغنّة ولاشيء يخرج من الفم الذي هو محلّ التفخيم ؟
والعلم عند الله تعالى.
 
جزاكم الله خيرًا يا شيخ محمد يحيى على ما تفضلتم به من التوضيح، واسمح لي بتعليق يسير على ما ذكرتموه:
إنّ وصف الغنّة بالتفخيم أو الترقيق لا يتناسب مع أصول وقواعد علم التجويد لعدّة أسباب :
أوّلاً : إنّ الحروف هي التي توصف وليست الصفات لأنّ الصفات هي في حدّ ذاتها صفة. فلا يصحّ وصف القلقلة بالتفخيم والترقيق مثلا ، فالحرف هو الذي ينبغي أن يوصف بعدد من الصفا ت لقول ابن الجزري : وهو إعطاء الحروف حقّها من صفة لها ومستحقّها ولاشكّ أنّ الضمير يعود على الحروف لا على الصفات. والغنّة صفة لا ينبغي أن توصف. أمّا قول ابن الجزري : ورققن مستفلا من أحرف. أي رقق الحروف المستفلة وهو كقوله وحرف الاستعلاء فخّم. فالحروف هي المعنيّة بالصفات.

يلاحظ أن الغنة وإن كانت صفة إلا أنها اختلفت عن بقية الصفات بأن لها مخرجًا، وهي بذلك أشبهت الحروف، فلا يبعد أن تشابهها أيضًا بالتفخيم والترقيق.

ثانياً : صوت الغنّة يخرج من الخيشوم ، والتفخيم يكون من الفم فيمتلأ بصدى الحرف لأنّ الصوت يرتفع فيصطدم بقبّة الحنك الأعلى فيعود صداه إلى جميع أنحاء الفم. السؤال : كيف يمتلأ الفم بصدى الغنّة ، والغنّة تخرج من الخيشوم ؟

من الناحية التطبيقية نلاحظ إمكانية تفخيم الغنة, وإن كانت هي من الخيشوم والتفخيم يكون من الفم، ولو لم يكن تفخيمها مُمْكِنًا لما دار النقاش حول جوازه أو منعه !!
وليس كل حروف التفخيم مخرجها الفم, فالخاء والغين من الحلق ومع ذلك هي حروف مفخمة باتفاق، مع أن التفخيم يكون من الفم.

ثالثاً : ليس هناك من أهل الأداء من أشار إلى تفخيم الغنّة من المتقدّمين والمتأخرين وأقصد بالمتأخرين عصر ابن الجزري وما قاربه.

بما أن الغنة السابقة لحروف الاستعلاء يغلب عليها التأثر به فتفخم، ومن عادة العلماء ذكر التحذيرات من أن يتأثر الصوت بالحروف المجاورة, فلو كان تفخيمها محذورًا لنبهوا عليه.

يمكن تفسير ذلك الصوت المفخّم الذي نسمعه في {من طين } مثلاً ، أنّك لو أمسكت الأنف حال النطق بالنون المخفاة نلاحظ صوتاً قليلاً يخرج من الفم ، وهذا القليل من الصوت يرتفع بارتفاع اللسان حال الإطباق ، فيسُمع صوت يظهرُ أنّه مفخَم. السؤال : هل هذا الصوت القليل إن قدّرناه بثلث أو أدنى من ذلك يستحقّ هذا التفخيم الذي نسمعه ؟ أيغلب القليل من الصوت الكثير الذي لا يمكن تفخيمه لخروجه من الخيشوم ؟ فالأولى أن يغلب الكثير القليل بحيث لا يصل التصويت إلى درجة التفخيم وإن كان فيه نوع من التأثير لأجل الصوت القليل الخارج من الفم.
إذن فالتأثير تنج عن الصوت القليل الخارج من الفم بارتفاعه إلى الحنك الأعلى لارتفاع اللسان حال الإطباق ولا يمكن تسميته بالتفخيم لأنّ الغلبة للصوت الخارج من الخيشوم والذي لا يُفخّم أبداً لعدم خروجه من الفم لأنّه محلّ التفخيم.
والذي نسمعه اليوم هو طغيان الصوت القليل الخارج من الفم على الصوت الكثير الخارج من الخيشوم ، والأدهى من ذلك أنّ الطاء مكسورة في نحو {من طين } فمن المفروض أن يضعف التأثير كما أثّرت القاف المكسورة في الراء في {فرق}، ولكن للأسف نلاحظ مبالغة في التأثير حتّى صار كالمفخّم فأطلق عليه لفظ التفخيم جرّاء تلك المبالغة.

واضح هذا التفسير أنه اجتهاد منك ـ مع احترامي لاجتهادك ـ وليس من نصوص الأئمة, وهذا التقسيم الذي قسمته وقدرته بالأثلاث لا أدري من أين مصدره؟
وكيف يظهر الصوت أنه مفخم وليس مفخمًا؟
ثم إنك تقول بأن الغنة تتأثر ولا يسمى هذا التأثير تفخيمًا، فما هو الاسم الذي يمكن أن يسمى به هذا التأثير؟

هذا جوابي من الجانب النظريوالعلمي أمّا من جهة الأداء فليس هناك ما يضمن سلامة ذلك التفخيم من جهة الدراية ،فينبغي في نظري التحفّظ منه.
هل هناك من الشيوخ المعتبرين من يَقرأ ويُقرئ بعدم تفخيم الغنة التي بعدها حرف استعلاء؟
وهل يُعقل إجماع الناس على خطأ في كتاب الله تعالى ؟!!

تنبيه آخر : عند وقوع النونالمخفاة قبل الكاف والقاف فإنّ معظم المشايخ لا يخرجون الصوت القليل من الفم فكلّهمن الخيشوم نظراً لموقع المخرج. السؤال : كيف يمكن تفخيم الغنّة ولاشيء يخرج منالفم الذي هو محلّ التفخيم ؟

لكنه مع ذلك يُسمع فرق واضح بين غنة النون المخفاة عند الكاف, وبين غنة النون المخفاة عند القاف, فالأولى مرققة, والثانية مفخمة, والله تعالى أعلم.
وتقبل خالص تحياتي وتقديري.
 
يلاحظ أن الغنة وإن كانت صفة إلا أنها اختلفت عن بقية الصفات بأن لها مخرجًا، وهي بذلك أشبهت الحروف، فلا يبعد أن تشابهها أيضًا بالتفخيم والترقيق

الغنّة صفة للنون والميم ، وللحرفين مخرجان مخرج عضوي ومخرج خيشومي ، والمخرج الخيشومي هو مخرج جزئيّ للنون والميم في الحقيقة وليس مخرجاً للخيشوم. والغنّة إنّما نُسبت إلى الخيشوم مجازاً لأنّها جزء من النون والميم تخرج من مخرج جزئيّ لهما لا يمكن بأيّ حال معاملتها معاملة الحروف ، إذ النون والميم هما المعنيّتان بالصفات لا غنّتهما. فالغنّة لا تقوم بنفسها ولا تنفكّ عنهما فليست حرفاً قائماً بذاته ولأجل هذا ما عاملها أئمّة اللغة والتجويد معاملة الحروف. نحن نريد معاملتها معاملة الحروف جرّاء أداء مسموع خفي على من تقدّمنا من علماء الأداء.

واضح هذا التفسير أنه اجتهاد منك ـ مع احترامي لاجتهادك ـ وليس من نصوص الأئمة, وهذا التقسيم الذي قسمته وقدرته بالأثلاث لا أدري من أين مصدره؟
وكيف يظهر الصوت أنه مفخم وليس مفخمًا؟
ثم إنك تقول بأن الغنة تتأثر ولا يسمى هذا التأثير تفخيمًا، فما هو الاسم الذي يمكن أن يسمى به هذا التأثير؟
نعم هذا التفسير اجتهاد ولكنّه معقول ، فإن كان لك تفسيراً يفسّر لنا كيفيّة حدوث هذا التفخيم فتفضّل فنحن نسفيد منك. وإذكّرك أنّ تفخيم الغنّة قائم على اجتهاد كذلك لا نصّ يؤيّده ، والأصل ثبوت النصّ ، فإنّك المطالب أن تأتي بنصّ يقول بتفخيم الغنّة. وليس من المعقول أن تطالبني بنصّ وليس لك نصّ يقول بتفخيم الغنّة.
لعلّك استمعت إلى المبالغين فظهر لك التفخيم ، وليس لي إن أعطي اسماً لذلك التأثرّ وأنّما أنفي عنه صفة التفخيم,

هل هناك من الشيوخ المعتبرين من يَقرأ ويُقرئ بعدم تفخيم الغنة التي بعدها حرف استعلاء؟
وهل يُعقل إجماع الناس على خطأ في كتاب الله تعالى ؟!!
يبدو أنكم ما فهمتم المقصود ، أنا أعالج القضيّة من جهة الدراية ولا أنكر ذلك التأثّر القليل إلاّ أنني أنكر أطلاق التفخيم على ذلك التأثّر لأنّ ذلك سيفضي إلى رفع ذلك التأثّر إلى التفخيم الحقيقي وهو امتلاء الفم بصدى الحرف ومعاملة الغنّة معاملة الحروف المفخّمة ، وهذا يحتاج إلى دليل. إذ يمكن أن أقرأ مثلاً {من طين } بتأثّر بسيط دون أن يصل الحدّ إلأى امتلاء الفم بالصوت. من المشايخ الذين يقولون بذلك شيخنا الشيخ محمد طاهر الرحيمي الباكستاني فكان ينكر إطلاق التفخيم على الغنّة مع أنني كنت اسمع منه ذلك التأثّر بل قرأ عليّ كلمة {من طين} فسمعت الغنّة تأثّرت بالطاء كما يقرأها الكثير من المشايخ ولكن لا إلى حدّ التفخيم. بينما نجد بعض المشايخ يبالغون في ذلك تأثّر حتّى صارت كالمفخّمة. قارن بين قراءة الشيخ الحصري والمنشاوي وبين قراءة الشيخ ابراهيم الأخضر وسيتضح لك الفرق. مع أنني أتحفّظ دائماً من ذكر الأسماء.

لكنه مع ذلك يُسمع فرق واضح بين غنة النون المخفاة عند الكاف, وبين غنة النون المخفاة عند القاف, فالأولى مرققة, والثانية مفخمة, والله تعالى أعلم.
قصدّت بذلك أنّ صوت الغنّة في القاف والكاف يكون من الخيشوم كاملاً وإلاّ فالقاف هي المعنيّة بالبيان.
والعلم عند الله تعالى.
 
والمخرج الخيشومي هو مخرج جزئيّ للنون والميم في الحقيقة وليس مخرجاً للخيشوم. والغنّة إنّما نُسبت إلى الخيشوم مجازاً لأنّها جزء من النون والميم تخرج من مخرج جزئيّ لهما لا يمكن بأيّ حال معاملتها معاملة الحروف ، إذ النون والميم هما المعنيّتان بالصفات لا غنّتهما. فالغنّة لا تقوم بنفسها ولا تنفكّ عنهما فليست حرفاً قائماً بذاته ولأجل هذا ما عاملها أئمّة اللغة والتجويد معاملة الحروف.
لعلك تقصد وليس مخرجًا للغنة...
ولكن كلام الأئمة يفيد بأن الخيشوم مخرج للغنة, وأنت حريص على متابعة نصوصم، فعليك أن تذكر نصوصهم المثبتة بأن الخيشوم مخرج للغنة مجازًا لا حقيقةً.
بل إن مكيًّا يثبت بأن الغنة حرفٌ, فيقول:
"والغنة حرف مجهور شديد، لا عمل للسان فيه، والخيشوم الذي تخرج منه هذه الغنة هو المركب فوق غار الحلق الأعلى, فهي صوت يخرج من ذلك الموضع". (الرعاية ص240).
بل ويزيد على ذلك فيثبت لها بعض الصفات كما تُلاحظ.
فالمطلوب إثبات أن الخيشوم مخرج للغنة مجازًا من نصوص الأئمة.

نعم هذا التفسير اجتهاد ولكنّه معقول ، فإن كان لك تفسيراً يفسّر لنا كيفيّة حدوث هذا التفخيم فتفضّل فنحن نسفيد منك. وإذكّرك أنّ تفخيم الغنّة قائم على اجتهاد كذلك لا نصّ يؤيّده ، والأصل ثبوت النصّ ، فإنّك المطالب أن تأتي بنصّ يقول بتفخيم الغنّة. وليس من المعقول أن تطالبني بنصّ وليس لك نصّ يقول بتفخيم الغنّة.
لعلّك استمعت إلى المبالغين فظهر لك التفخيم ، وليس لي إن أعطي اسماً لذلك التأثرّ وأنّما أنفي عنه صفة التفخيم,
وعلى أي نصٍّ اعتمدت أنت على إثبات هذا التأثر ؟
أما كيفية حدوث التفخيم فهو كالكيفيات التي تفخم بها حروف التفخيم.

من المشايخ الذين يقولون بذلك شيخنا الشيخ محمد طاهر الرحيمي الباكستاني فكان ينكر إطلاق التفخيم على الغنّة مع أنني كنت اسمع منه ذلك التأثّر بل قرأ عليّ كلمة {من طين} فسمعت الغنّة تأثّرت بالطاء كما يقرأها الكثير من المشايخ ولكن لا إلى حدّ التفخيم.
فعلى أي نص اعتمد في تأثر الغنة بالطاء إذن؟
فالحاصل أن هذا التأثر يسمى عند القراء تفخيمًا, ويعتبر عندكما تأثرًا مجهولاً ليس له اسم, ولا يوجد نص من كلام الأئمة بشيء من الأمرين ـ فيما وُقِفَ عليه ـ, إلا أن القائلين بالتفخيم يمكن أن يكون عمدتهم الأداء لعدم وجود النص.

بينما نجد بعض المشايخ يبالغون في ذلك تأثّر حتّى صارت كالمفخّمة. قارن بين قراءةالشيخ الحصري والمنشاوي وبين قراءة الشيخ ابراهيم الأخضر وسيتضح لك الفرق. مع أننيأتحفّظ دائماً من ذكر الأسماء.

تلبيةً لأمرك استمعت إلى تلاوة الشيخ الحصري بالأمس؛ لأنه هو الوحيد من الشيوخ المذكورين الذين أمتلك لها مصحفًا كاملاً، ولكنني سمعته يفخم الغنة التي قبل حرف الاستعلاء تفخيمًا واضحًا.
والله تعالى أعلم.
 
لعلك تقصد وليس مخرجًا للغنة...
ولكن كلام الأئمة يفيد بأن الخيشوم مخرج للغنة, وأنت حريص على متابعة نصوصم، فعليك أن تذكر نصوصهم المثبتة بأن الخيشوم مخرج للغنة مجازًا لا حقيقةً.
بل إن مكيًّا يثبت بأن الغنة حرفٌ, فيقول:
"والغنة حرف مجهور شديد، لا عمل للسان فيه، والخيشوم الذي تخرج منه هذه الغنة هو المركب فوق غار الحلق الأعلى, فهي صوت يخرج من ذلك الموضع". (الرعاية ص240).
بل ويزيد على ذلك فيثبت لها بعض الصفات كما تُلاحظ.
فالمطلوب إثبات أن الخيشوم مخرج للغنة مجازًا من نصوص الأئمة.


قال سيبويه : " ومن الخياشيم مخرج النون الخفيفة " والمراد بالنون الخفيفة النون الخفيّة كما فسره السيرافي ، وابن جني وابن عصفور وغيرهم (انظر الدراسات الصوتية لشيخنا العلامة غانم الحمد ص187.)

قال أبو عمرو الداني (ت444) في كتابه التحديد : "والمخرج السادس عشر مخرج التنوين وهو يخرج من الخياشيم خالصة وكذا مخرج النون الساكنة المخفاة عند حروف الفم نحو (منك ، وعنك) من الخياشيم. فأما النون المتحركة فمخرجها من الفم من صويت من الأنف". (التحديد ص104).

قال القرطبي (ت461) في كتابه الموضح :"ومن الخياشيم مخرج النون الخفيفة ، ويقال الخفية أي الساكنة" (الموضح ص78).

قال أبو العلاء الهمذاني(ت569) في كتابه التمهيد : "ثمّ من الخياشيم مخرج النون الخفيفة أو الخفيّة" (التمهيد ص278).

أقول : نحن نعلم جميعاً أنّ علماء التجويد وعلماء اللغة اعتمدوا في بيان مخارج الحروف والصفات على كلام سيبويه في كتابة الكتاب فهو المصدر في ذلك ، وقد جعل الخيشوم مخرجاً لحرف وهو النون الخفيّة أي المخفاة ، وقد تبعه في ذلك علماء اللغة والتجويد وقد نقلت بعضها وأكتفي بها. فالمخرج لا يكون إلاّ للحرف ولا يكون للصفة أبداً ، والذي حمل سيبويه على ذكر مخارج الحروف والصفات ، هو معرفة ما يجوز إدغامه وما لا يجوز إدغامه ، ولمعرفة ذلك لا بدّ من إدراك مخارج الحروف وصفاتها وأصنافها. والغنّة صفة وليست حرفاً ، لا تُدغم في غيرها ولا تُبدل ولا تُحذف كالحروف فلا ينبغي معاملتها معاملة الحروف البتّة.

ولمّا حذفت ذات النون عند الإخفاء بفصل طرف اللسان عن الحنك الأعلى بزوال ذاتها أي مخرجها اللساني ، بقي مخرجها الخيشومي والذي هو عبارة عن صوت الغنّة للنون الجاري من الخيشوم ، فنُسب هذا الصوت إلى الخيشوم مجازاً وهو في الحقيقة صوت النون المخفاة.

وعلى أي نصٍّ اعتمدت أنت على إثبات هذا التأثر ؟
وعلى أيّ نصّ اعتمدّت أنت في إثبات تفخيم الغنّة ؟ ليس من المعقول أن تطالبني بشيء أنت بعيد عنه.
ولكنّي اعتمدتّ على الحسّ الذي لا يمكن لأحد أنكاره وهو الفرق في النطق بين { أنت } وبين {انطلقوا} ، فالتأثرّ النون المخفاة بالطاء موجود لا محال ، ولكن لمّا كان هذا التأثّر لم يصل إلى التفخيم الحقيقي ما أشار القدامى إليه لا من قريب ولا من بعيد. وإطلاق التفخيم عليه يصادم النصوص.

أما كيفية حدوث التفخيم فهو كالكيفيات التي تفخم بها حروف التفخيم
.


أرجو أن توضّح لي هذه الكيفية. أي الكيفيّة التي يفخّم بها حروف التفخيم.

فالحاصل أن هذا التأثر يسمى عند القراء تفخيمًا, ويعتبر عندكما تأثرًا مجهولاً ليس له اسم, ولا يوجد نص من كلام الأئمة بشيء من الأمرين ـ فيما وُقِفَ عليه ـ, إلا أن القائلين بالتفخيم يمكن أن يكون عمدتهم الأداء لعدم وجود النص

أيّ قراء ؟ آلقدامى أم المعاصرون الذين أدركوا هذا التفخيم بعد قرون من الأداء والتلقين ؟ فإن اعتمدوا على الحسّ والأداء فما هو دليلك على أنّ هذا الحسّ صحيح ؟ فيبقى الأمر على الظنّ لا اليقين ؟ فإن جعلت الحسّ دليلاً لك على إطلاق اسم التفخيم على الغنّة فهو دليلي على التأثّر إلاّ أنّ الثاني لا يصادم النصوص خلافاً للأوّل.

تلبيةً لأمرك استمعت إلى تلاوة الشيخ الحصري بالأمس؛ لأنه هو الوحيد من الشيوخ المذكورين الذين أمتلك لها مصحفًا كاملاً، ولكنني سمعته يفخم الغنة التي قبل حرف الاستعلاء تفخيمًا واضحًا.
قد استمعت كذلك للشيخ ولاحظت أنّه لا يفخّمهما تفخيماً حقيقياً في الكثير من المواضع.
 
قال شيخنا العلامة غانم الحمد في شرحه على الجزرية ص 271 عند شرحه لقول ابن الجزري (وغنة مخرجها الخيشوم) : "واعترض ابن الناظم على والده في إدراج مخرج الغنة مع مخارج الحروف لأنّها صفة فقال : "والغنّة من الصفات واللائق ذكرها ثمّ ، وكان ينبغي أن يذكر عوضها مخرج النون المخفاة ، فإنّ مخرجها من الخيشوم وهي حرف بخلاف الغنّة" ، وقال طاش كبري زادة : "ويمكن أن يقال : لم يذكر الغنّة لكونها من الصفات ، بل ذكرها وأراد بها موصوفها ، أعني حرف النون" انتهى كلام شيخنا.
أقول : وهذا الكلام يقرّر ما ذكرت وهو استعمال لفظ الغنّة كناية عن النون المخفاة. فالخيشوم هو مخرج للنون المخفاة وهي حرف خلافاً للغنّة التي لاينبغي أن يكون لها حيّزاً لأّنّها من الصفات كما ذكر ابن الناظم. لذا فلا ينبغي معاملتها معاملة الحروف تفخيماً وترقيقاً.
والعلم عند الله تعالى.
 
المعروف بأن للغنة حرفين وهما النون والميم، فإن كان الخيشوم في الحقيقة هو مخرج للنون فمن أين غنة الميم إذن؟
وهل يمكن أن يقال أن الميم المشددة مثلاً مخرجها الخيشوم؟
لذلك الأسلم ـ والله أعلم ـ بأن نسبة مخرج النون إلى الخيشوم هو من باب المجاز؛ من أجل ظهور الغنة فيها، وإلا فالحقيقة أن الخيشوم هو مخرج الغنة، وكما أنك سردتَّ النصوص بأن الخيشوم هو مخرج للنون الخفية، فإن هناك نصوص كثيرة تجعله مخرجًا للغنة، فالحكم بأن إضافته إلى الغنة هومن باب المجاز يحتاج إلى نصٍّ.

أرجو أن توضّح لي هذه الكيفية. أي الكيفيّة التي يفخّم بها حروف التفخيم.
أنت ذكرتَ بأن التفخيم يكون بارتفاع الصوت واصطدامه بقبّة الحنك الأعلى فيعود صداه إلى جميع أنحاء الفم،
أقول:
وهذه الكيفية متحققة في تفخيم الغنة.

أيّ قراء ؟ آلقدامى أم المعاصرون الذين أدركوا هذا التفخيم بعد قرون من الأداء والتلقين ؟ فإن اعتمدوا على الحسّ والأداء فما هو دليلك على أنّ هذا الحسّ صحيح ؟ فيبقى الأمر على الظنّ لا اليقين ؟ فإن جعلت الحسّ دليلاً لك على إطلاق اسم التفخيم على الغنّة فهو دليلي على التأثّر إلاّ أنّ الثاني لا يصادم النصوص خلافاً للأوّل.
هل من شروط أي حكم من الأحكام التجويدية عندك أن يرد في نصوص الأئمة المتقدمين، أو يشترط أن لا يصادم نصوصهم وإن لم ينصوا عليه؟
ثم إن إجماع القراء على هذا التفخيم أداءً ينقل هذا الأمر من الظن إلى اليقين.
وإني أول مرة وأظن أنها آخر مرة أيضًا أسمع عن تأثر في قراءة القرآن ليس له اسم!!

قد استمعت كذلك للشيخ ولاحظت أنّه لا يفخّمهما تفخيماً حقيقياً في الكثير من المواضع.
أما أنا فما سمعته منه لا يمكن أن يطلق عليه غير التفخيم.
والله تعالى أعلم.
 
لا أظنّ أنّ النقاش سيفضي إلى نتيجة.
والحمد لله ربّ العالمين.

كنت في بداية الأمر أتوقع أن نخرج بنتيجة، ولكن بعد عدة مشاركات غلب عندي الظن أننا لن نصل إلى نتيجة في هذا الموضوع، ولكن توصلت إلى نتيجة أخرى ـ وكانت عندي من قبل، ولكن زاد يقيني بها ـ وهي:
أن الشيخ محمد يحيى شريف يتصف بصفات كثيرة منها:
1ـ أنه صاحب اطلاع واسع في التجويد، والقراءات وعلومها.
2ـ أنه ذو أدب جم في الحوار والمناقشة.
3ـ أنه صاحب مصداقية كبيرة في البحث.
4ـ أنه رجاع إلى الحق متى ظهر له.
فهذه أبرز صفاته الحميدة وغيرها كثيرة, وفي الأخير أحترم رأيه وأقدره ـ وإن لم أوافقه عليه ـ ما دام وهو قد بذل جهده في البحث وتوصل إلى هذه النتيجة، والله الموفق.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
جزاك الله تعالى خيراً على ما تفضّلتم به من كلمات مباركات أثلجتم بها الصدر ، وقد تشرّفت كثيراً بمشاركتكم في النقاش ، وأسأل الله تعالى ينفعنا جميعا وأن يوفّقنا لمعرفة الحقّ واتّباعه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
ما يصلح الاستدلال به وما لا يصلح.

ما يصلح الاستدلال به وما لا يصلح.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعل آله وصحبه وسلم وبعد

أذكّر إخواني الكرام أنّه لا بدّ من التفريق بين ما يصحّ الاستدلال به وما لا يصحّ ، فكلّ معرّضٍ للتغيير أو الخطأ مع مرّ الزمان في النقل المتسلسل لا يمكن الاعتماد عليه بمفرده مجرّداً عن عامل يحرسه ويضمن سلامته من التغيير لا سيما إن كان الأمر يتعلّق بالقرءان الكريم ، وواجبنا جميعا التورّع في النقل ولا يكون ذلك إلاّ بأخذ الاحتياطات اللازمة والضمانات اللائقة للتأكّد من صحّة المنقول.
وهذا الورع الذي ذكرناه آنفا حمل أئمّتنا وفي طليعتهم إمام الفنّ ابن الجزري أن يعتمدوا على :

- ما اشتهر عند الأئمّة نصاً وأداءً ،
- ما اشتهر عند الأئمّة بالأداء دون نصّ مع قوّته في القياس.

فالشهرة لوحدها ضامنة لسلامة الأداء إذ يستبعد أن تُخطِئ جماعة عن جماعة ، والأداء الغير المشهور عند أهل الأداء فيه مظنّة الخطأ والوهم وحتّى النصّ قد لا يشفع له إن انفرد قائله به دون غيره ولو أخذ به بعض كبار أهل الأداء لأنّه لم يتوفّر فيه شرط الشهرة الذي اشترطه ابن الجزريّ في كتابه النشر. والأداء إن لم يكن مشهوراً فلا يُعقل أن تتوافر النصوص المؤيّدة له لأنّ النصّ مصدره الأداء فإن انعدم الأداء انعدم معه النصّ ، وإن قلّ الأداء قلّ معه النصّ أو انعدم ، وإن اشتهر الأداء فإمّا أن تتوافر معه النصوص أو يقلّ ورودها أو تنعدم ، وسبب ذلك أنّه لا يلزم من ثبوت الوجه أداءً ثبوت النصّ المؤيّد له وسيتّضح الأمر بالمثال التالي. قال الداني : في قصر المدّ قبل الهمزة الساقطة في نحو {السمآء أن تقع} : "وقد حكى الداجوني عن أحمد بن جبير عن أصحابه عن نافع في الهمزتين المتفقتين أنّهم يمدّون الثانية منها ، نحو {السمآء أن تقع}. قال : يهمزون ولا يطوّلون السماء ولا يهمزون ، وهذا نص منه على قصر الألف قبل الهمزة الساقطة والمليّنة ، ولا أعلم أحداً نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره ، وإنّما يُتلقّى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقّياً. "(جامع البيان ص225). أقول هذا النصّ يدلّ :

أوّلاً : على أهمّية النصوص عند أهل الأداء في إثبات صحّة الوجه ويظهر ذلك عند قول الداني "ولا أعلم أحداً نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره"
ثانياً : ليس كلّ ما ثبت أداءً يصاحبه نصّ بالضرورة لقوله : "ولا أعلم أحداً نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره ، وإنّما يُتلقّى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقّياً. "

إذن فالنصّ لا بدّ أن يصاحبه الأداء خلافاً للأداء الذي قد لا يصاحبه نصّ كما مرّ ، ويُستثنى من ذلك انقطاع السند بحيث يصير الوجه المنصوص عليه غير معمول به كالروايات والطرق الخارجة عن طرق النشر مثلاً.

فأعلى مراتب الرواية اشتهار الوجه أداءً ونصاً ثمّ تأتي المرتبة الثانية وهو اشتهار الوجه أداءً من غير نصّ مع قوّته في القياس. قال مكي القيسي : "والرواية إذا أتت بالنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب ولا صاحبها نصّ. وما نُقل بتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر" (رسالة تمكين المد في {آتى} و{ءامن} و {ءادم} لمكي القيسي.
أقول : وما ذكره الإمام مكي من أنّ الرواية إن لم يصاحبها نصّ فالوهم والغلط ممكن فهو صحيح إن لم يشتهر عند أهل الأداء وإلاّ فيمكن الاستغناء عن النصّ بشهرة الأداء. مثاله إدغام {قال رجلان} و {وقال رجل} لأبي عمرو فالنصّ لم يرد إلاّ في {قال ربّ} ، {قال ربّنا} وشبهه ولكنّهم أجمعوا أداءً على إدغام {قال رجلان} و {وقال رجل} فألحقتا بالقاعدة وهو إدغام قال في الراء قياساً ، فاجتمع في هذه المسألة الشهرة في الأداء والقوّة في القياس ، وبهما استُغني عن النصّ مع التأكيد بأنّ الأداء المشهور الذي يصاحبه نصّ يبقى في أعلى مراتب الرواية. المثال الثاني : إمالة {البارئ} لأبي الحارث عن الكسائي حيث لم يرد النصّ إلاّ في {بارئكم} فأُلحقت {البارئ} بها لشهرتها في الأداء وقوّتها في القياس.

فشهرة الرواية بنوعيها تندرج ضمن شرط ابن الجزري في نشره وهو صحّة السند مع شهرة القراءة وبذلك يكون قد احتاط أشدّ الاحتياط لاستحالة تسرّب الخطأ على الرواية التي اشتهرت عند أهل الأداء وتلقّوها بالقبول عبر الأجيال جيلاً عن جيل. وهي بذلك تفيد القطع واليقين لقوله في منجد المقرئين : "والعدل الضابط إذا انفرد بشيء تحتمله العربية والرسم ، واستفاض وتلقّيَ بالقبول قُطع به ، وحصل به العلم ، وهذا قاله أئمّة في الحديث المتلقّى بالقبول : أنّه يفيد القطع" (ص90). وقال أيضاً : "وإنّما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين :
- متواتر.
- وصحيح مستفاض ، متلقّىً بالقبول ، والقطع حاصل بهما. "(نفس المصدر ص91).

فإن أدركنا أنّ بهذه الشهرة يحصل القطع واليقين ، فما بالنا لا ننتهج هذا الأسلوب في الفصل بين المسائل المختلف فيها الآن ؟ أقول من السهل أن نعرض كلّ المسائل التي نختلف فيها على هذا الشرط وهو ثبوت الوجه بالأداء المشهور عند المتقدّمين. ولكننا للأسف قد خالفنا هذا المنهج القويم وتركنا الورع في أعزّ ما نملك ، وصرنا نقلّد المشايخ في الأداء والله المستعان.

قد يقول القائل : ما الفرق بين النصّ والأداء إن كان كلاهما منقولاً في الكتب.

الجواب : إنّ المتقدّمين من طبقة الداني كانوا ينقلون الرواية بالأداء والنصّ ، فيُسندون الرواية بالنصوص والأداء إلى متقدّميهم. فإن افتقر الأداء عندهم إلى نصّ بيّنوه وأوضحوه في كتبهم فكان الأداء مدوّنا عندهم ، فصار ذاك الأداء المدوّن عندهم نصوصاً بالنسبة لنا.
لذا فكلّ وجه لم يذكره المتقدّمون في كتبهم لايمكن بأيّ حال أن يكون منصوصاً عليه ولا مشهوراً عندهم من جهة الأداء فلا ينبغي الاعتماد عليه البتّة.

يتابع إن شاء الله تعالى.
 
السلام عليكم
شيخنا الحبيب
جلست أتأمل كلامكم منذ مدة ووجدتك تستدل بالنصوص علي الأداء العملي ، والذي أراه التفرقة بين ثبوت وجه ، وبين ثبوت الأداء .
والنصوص التي تأتي بها هي من قبيل الوجه وليس الأداء العملي مثلا قلت :
في منجد المقرئين : "والعدل الضابط إذا انفرد بشيء تحتمله العربية والرسم ، واستفاض وتلقّيَ بالقبول قُطع به ، وحصل به العلم ، وهذا قاله أئمّة في الحديث المتلقّى بالقبول : أنّه يفيد القطع" (ص90).
وقال أيضاً : "وإنّما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين :

- متواتر.
- وصحيح مستفاض ، متلقّىً بالقبول ، والقطع حاصل بهما. "(نفس المصدر ص91).

فاحتمال الرسم والعربية لا دخل للنص الأدائي في ذلك ، إذ المقصود به الكلمات القرآنية من غيب وخطاب ورفع ونصب وووو .
لكنهم في جانب الأداء الصوتي النصوص لا يجزم بها بدون المشافهة ..بمعني أنك تنظر هل هذا الأداء المنصوص موجود عند القراء حاليا أم لا .
وقولكم ((قال مكي القيسي : "والرواية إذا أتت بالنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب ولا صاحبها نصّ. وما نُقل بتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر" (رسالة تمكين المد في {آتى} و{ءامن} و {ءادم} لمكي القيسي.
أقول : وما ذكره الإمام مكي من أنّ الرواية إن لم يصاحبها نصّ فالوهم والغلط ممكن فهو صحيح إن لم يشتهر عند أهل الأداء وإلاّ فيمكن الاستغناء عن النصّ بشهرة الأداء.))
فقضية مكي يتحدث عن وجود مد للبدل من عدمه فهذا النوع يحتاج فيه للنص ، لأن المد والقصر شئ يستطيع الذكي والغبي التمييز بينهما .
أما الهيئات أي كيفية أداء المد أن تفتح فاك ولاتغلقه وهكذا ، ومثل هذه الأوصاف لا يمكن للنص أن يحدده ، إنما يمكن للنص أن يقربه . هذا هوالمقصود .
وأخذ علماء الأصوات بهذه النصوص الأدائية وتطبيقها علي الواقع الموجود مثل قضية الطاء والقاف والجيم وغيرهما من الأحرف جعلهم ينحرفون عن طريق الصواب وحمل ذلك بعضهم علي تخطئة ما عليه القراء . هذا بخلاف من نادي بإعادة الصياغة في كتب التجويد بحجة أن ما فيها مخالفة لما عليه القدامي .
فهل تصدق مثلا : أن الطاء صوتها كانت صوت الضاد الحالية؟!!
ما الذي حملهم علي هذا ؟ قول سيبويه ( ولو الإطباق لصارت الطاء دالا ) هذا نص أدائي يصف هيئة أدائية معينة لحرف الطاء ، ثم توهموا بنطقهم الخاطئ أننا لو رققنا الضاد الحالية لنتج عن ذلك صوت الدال ، إذن صوت الطاء القديمة صوت الضاد الآن ، ومن ثم كثرت الطعونات في القراء .
فهل تقبل في مثل هذه الأداءات أن نعتمد علي النص مع ترك المشافهة ؟؟

والله المستعان وعليه التكلان
والسلام عليكم
 
قال أبو عمرو الداني في جامع البيان ص187 بعدما ذكر مراتب المدود : "وهذا كلّه جار على طباعهم ومذاهبهم في تفكيك الحروف وتخليص السواكن وتحقيق القراءة وحدرها ، وليس لواحد منهم مذهب يسرف فيه على غيره إسرافاً يخرج عن المتعارف في اللغة والمتعالم في القراءة ، بل كلّ ذلك قريب بعضه من بعض ، والمشافهة توضّح حقيقته والحكاية تُبيّن كيفيّته" انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

أخي عبد الحكيم انظر إلى العبارة الأخيرة : "والمشافهة توضّح حقيقته والحكاية تبين كيفيّته"
فذكر المشافهة والمقصود منها الأداء ، وذكر الحكاية والمقصود منها النصّ. فبالنصّ يُدرك الكيفيّة وبالأداء والمشافهة تتضح حقيقة تلك الكيفيّة. فالكيفيّة الموصوفة هي الحجّة لأنّها تحرص الأداء وتؤطّره ، وحقيقة ذلك هو الأداء الذي لا ينبغي أن يخرج عن الإطار الموصوف له.
والعلم عند الله تعالى.
 
أخي عبد الحكيم انظر إلى العبارة الأخيرة : "والمشافهة توضّح حقيقته والحكاية تبين كيفيّته"
فذكر المشافهة والمقصود منها الأداء ، وذكر الحكاية والمقصود منها النصّ. فبالنصّ يُدرك الكيفيّة وبالأداء والمشافهة تتضح حقيقة تلك الكيفيّة. فالكيفيّة الموصوفة هي الحجّة لأنّها تحرص الأداء وتؤطّره ، وحقيقة ذلك هو الأداء الذي لا ينبغي أن يخرج عن الإطار الموصوف له.والعلم عند الله تعالى.
السلام عليكم
الشيخ محمد النص الأدائي تقريب فقط ، وليس نصا قاطعا ، لو قرأت مثلا للأهوازي وغيره تجد عبارة " ولا يضبطه الكتاب " فكل من جاء بعدهم حاولوا للأجل التقريب وليس للحقيقة .
ويشتد هذا في النص المخالف للإجماع المنعقد حاليا في لفظٍ ما ، فلا ينبغي النظر إلي النص ، والتأويل راجح إن احتمل النص شيئا آخر .
هذا ما أردت قوله . والله أعلم
والسلام عليكم
 
أخي الشيخ عبد الحكيم
إنّ المتقدّمين اعتنوا حتّى بدقائق الأمور فبيّنوا مقادير المدود وكيفيّة النطق بالحروف وتوسّعوا في المخارج والصفات اللازمة والعارضة وغير ذلك.
فكلّ ما بيّنه المتقدّمون في كتبهم ينبغي علينا الخضوع له سواء تعلّق الأمر بالروايات أو بمسائل التجويد ، فإن دخل الأداء فيما يحتمله النصّ من غير خلاف بين المسندين المعاصرين فنحن نرحبّ به ، وأمّا إذا اختلفوا فتكون المسألة محلّ نقد وبحث إن لم يرد الخلاف بين المتقدّمين في الكيفيّة ، فيجب البحث عن الأصوب فيما اختلف فيه على ضوء ما ثبت في المصادر واشتهر فيها.
وإن كان الأداء مخالفاً لصريح عبارة النصوص فهو المشكل الأساسي الذي أدندن حوله وهو الذي أعنيه بالذكر. أمّّا ما ذكرته من فتح الفم في المفتوح ووووووو. فلكلّ من الحركات هيئة ، فإن أتقنت هيئة الشفتين في المفتوح أتقنت الفتح وهكذا ، وكلّ سبيل يُفضي إلى الاتقان ينبغي سلكه لا سيما لمن يدّعي الإتقان ولا أقصد أحداً.
 
عودة
أعلى