تأملات وعبر من قصة آل عمران في القران(3)

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
وقد بدا لي وجه آخر في الجمع بين آل إبراهيم وآل عمران في الاصطفاء رغم أن آل عمران هم من آل إبراهيم أساسا وهو ان الاثنين انطلقا من بيتين مباركين شهد كل منهما آيات عجيبة وبركات عديدة متشابهة إلى حد كبير فالبيت الأول هو بيت إبراهيم عليه السلام شهد البداية المباركة لمسيرة الأنبياء والرسل من بني إسرائيل. وأما البيت الثاني فهو بيت عمران وقد شهد ختام هذه المسيرة المباركة إرهاصا بانتقال النبوة إلى نسل إسماعيل عليه السلام وإيذاناً بختم النبوّات والرسالات ببعثة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.
ففي البيت الأول حضرت الملائكة لتبشر إبراهيم عليه السلام بميلاد نبيين كريمين هما اسحق ويعقوب عليهما السلام وفي البيت الثاني حضرت الملائكة لتبشر بنبيين كريمين هم آخر أنبياء بني إسرائيل تبشر زكريا بميلاد يحي عليهما السلام ولتبشر مريم بميلاد المسيح عليهما السلام .
ورد في سورة الحجر وفي سورة الذاريات. بشارة الملائكة لإبراهيم بغلام عليم يقول تعالي " وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) الحجر وفي سورة الذاريات يقول تعالي" هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) الذاريات . أما سورة هود فقد أوردت اسم هذا الغلام العليم وهو اسحق كما أوردت بشارة أخري بمن يأتي من وراء اسحق وهو يعقوب عليهما السلام , يقول تعالي " وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) هود . وأوردت سورة العنكبوت أن هذين النبيين الكريمين هما بداية لذرية من الأنبياء ممتدة عبر الزمان يقول تعالي "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) العنكبوت
فإذا انتقلنا إلى حديث القران عن البيت الثاني الذي ختمت به هذه المسيرة من أنبياء بني إسرائيل نجد أن سورة آل عمران وسورة مريم أوردتا بشارة الملائكة لزكريا بغلام اسمه يحيي عليهما جميعا السلام يقول تعالي فيها " فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) ال عمران وفي سورة مريم يقول تعالي " يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) مريم . وأوردت سورة آل عمران بشارة الملائكة لمريم بكلمة من الله اسمه المسيح عيسي ابن مريم عليهما جميعا السلام يقول تعالي "إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) آل عمران.
وفي كلا البيتين جاءت البشارة بميلاد هؤلاء الأنبياء على خلاف السنن الجارية في الإنجاب فإبراهيم وزكريا عليهما السلام قد بلغا من الكبر عتيا وزوجة كل منها كانت عاقرا وجاوزت سن الإنجاب فإبراهيم يقول عند سماعه البشري " قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) الحجر" وزوجته تقول عند سماعها البشري " قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود . وفي سورة الذاريات " فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) الذاريات وزكريا يقول عند سماعه البشري " قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) آل عمران ." قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)مريم. أما مريم فكان حملها أعجب من هؤلاء جميعا إذ هي العفيفة المصونة الطاهرة المطهرة لم يمسسها بشر ولم تك بغيا رزقت الولد دون زوج ومع ذلك تحمل وتلد فتقول في تعجب " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) مريم .
من حديث القران نلاحظ أن كلا البيتين يملؤهما العجب والاندهاش فإبراهيم يتعجب وزوجه تتعجب وزكريا يتعجب ومريم تتعجب عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام ويأتي رد الملائكة واحدا علي الجميع هذا أمر الله ورحمته وبركاته عليكم لا يحول دون عطائه قانون الأسباب وإذا قضي أمرا فإنما يقول له كن فيكون .
فآل إبراهيم وآل عمران شهدا أحداثا عجيبة متشابه من الخوارق والمعجزات وفاضت عليهم من الله ذات الرحمة والبركات لتبدأ من عند آل إبراهيم مسيرة حافلة بالعطاء وتختم عند آل عمران هذه المسيرة من الأنبياء فهذا ما من الله به علينا من وجوه الجمع بينهما في الاصطفاء.
وننتقل بالحديث بالتفصيل عن آل عمران في القران فنتحدث أولا عن امرأة عمران .
 
جزاك الله خيرا.
أترى مناسبة بين إشاعة موت عيسى عليه السلام وإشاعة موت الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في السورة نفسها؟
 
عودة
أعلى