تأملات في سورة " البروج "

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع إمداد
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

إمداد

New member
إنضم
05/07/2004
المشاركات
257
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
تأملات في سورة " البروج "
د. رياض بن محمد المسيميري

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ{1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ{2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ{3} قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6} وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{9} إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ{10} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ{11} إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ{12} إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ{13} وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{14} ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ{15} فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{16} هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ{17} فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ{18} بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ{19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ{20} بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}

شرح الغريب :

الْبُرُوجِ : هي منازل الشمس والقمر والكواكب التي وضعها الله في السماء .

وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ : هو يوم القيامة ؛ لأنه محدد بموعد لا يتخلف عنه .

وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ : أكثر المفسرين على أنّ الشاهد هو يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة .

والأولى القول بظاهر اللفظ بأنّ الشاهد: عام في كل من يشهد. والمشهود : عام في كل ما يشهد عليه .

قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ : دعاء عليهم بالهلاك ، والأخدود هو : الحفرة التي حفرت وأضرمت ناراً لتعذيب المؤمنين وفتنهم عن دينهم .

النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ : النار : بدل من الأخدود والمعنى: أنّ الأخدود المشار إليه عبارة عن حفرة مضرمة بنار توقَّد !

إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ : وصف لأصحاب الأخدود الكفرة بأنهم كانوا على شفير الأخدود يفتنون الناس عن دينهم, ويستمتعون بتعذيبهم!.

وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ : أي أنَّ هؤلاء الكفار الظلمة كانوا شهوداً على ما يفعلون بالمؤمنين راضين به .

وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ : أي ما أنكروا منهم من ذنب إلا إيمانهم بالله .

فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ : امتحنوهم وآذوهم في دينهم . وقيل : أحرقوهم كقوله تعالى : {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } الذاريات ( 13) . أي : يحرقون .

هداية الآيــــــــــات :

في هذه الآيات العظيمات المخيفات ، يقسم الجبار جلّ جلاله بالسماء الشاهقة ذات البروج العالية الدالة على عظمته وقدرته ، وبيوم القيامة الدال على حكمته وعدالته ، وبالشاهد والمشهود بأنّ الهلكة والنقمة واقعة على أصحاب الأخدود الذين أضرموا النيران وامتحنوا العباد رغبة في صرفهم عن التوحيد إلى الإلحاد ، ومن العبودية إلى الكفر والشرك .

وقد اختلف العلماء في أصحاب هذه القصة ومن يكونون على أقوال لعلّ من أظهرها ما رواه مسلم عن طريق صهيب الرومي – رضي الله عنه - في قصة الغلام والساحر والملك والشهيدة ، وأيا كان الأمر فالعبرة بمضمون القصة لا في تحديد أشخاصها ولذا أبهم القرآن الأسماء والأشخاص والزمان والمكان في هذه الحادثة المأساة !

قوله : ( وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ) قسم بالسماء العظيمة الشاهقة الطول والارتفاع ذات البروج المتعددة والمنازل المتنوعة .

والقسم بالسماء له مذاق خاص ذو أثر في النفس عجيب لمن تأمل فليس في الكون المشاهد المحسوس آية أكبر منها, ووالله لو تأمل الناس في هذه الآية حقّ التأمل لآمنوا وأذعنوا للواحد القهار ، وحسبك منها هذه الحقائق :

1- أنّها محمولة رغم سعتها العظيمة وثقلها وكثافتها بلا عمد قال الله تعالى : {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } النبأ (12) فهي شديدة ثقيلة ومع ذلك مرفوعة بلا عمد ! وقال تعالى : {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } الرعد (2) .

2- أنّها محمولة بالقدرة الإلهية الباهرة ، وممسوكة بالإرادة الربانية المعجزة : { وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } الحج (65) .

3- أنه مع عظمة هذه السماء وقوتها وشدتها واتساعها ، فإنها ليست واحدة بل سبع فأي قدرة هذه التي أوجدت كلّ هذه السموات في يومين اثنين مع قدرته على خلقها في لمحة بصر ؟!

4- أنّ السماء مع كل ما ذكرناه متصفة كذلك بالإتقان وجمال الصورة وخلوها من العيب ، أو النقص { فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ } الملك (3، 4) .

وبالجملة فإنّ السماء التي ذكرها الله في كتابه في عشرات المواقع وما زلنا نبصرها صباح مساء هي آية عظيمة باعثة على اليقين والإيمان لمن تدبر وتأمل !

ولو تأملها الظلمة والطواغيت وعرفوا عظمة الصانع ، وقدرته الفائقة في مقابل عجزهم وضعفهم لما تجرأوا على سفك الدم الحرام أو فتن العباد عن دينهم, ولعل هذا من مناسبة القسم بهذه الآية في معرض سوق قصة أصحاب الأخدود .

( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) : اليوم الموعود هو يوم القيامة بلا شك ومناسبة القسم به في معرض سوق هذه القصة كذلك ظاهرة واضحة ذلك أنّ يوم القيامة هو موعد القصاص العادل من أصحاب الأخدود وغيرهم؛ فإنّ أصحاب الأخدود في حقيقة الأمر لم يذكروا إلا كمثال للطغيان البشري الأرعن ولم ينوه بذكرهم إلا كأنموذج عابر لحالة الاستبداد الذي يمارسه الكثيرون من العتاة والجبابرة على مرّ الدهور والعصور, وإلا فإنّ أصحاب الأخاديد المشابهة وسدنة الظلم والجبروت كثيرون ، متواجدون في كلّ زمان! .

وهؤلاء جميعهم حسبهم ذلك اليوم الموعود حيث توضع الموازين القسط فلا تظلم نفس شيئاً .

وهؤلاء جميعهم حسبهم الحكم العدل سبحانه حيث يقتص من كل ظالم وينتقم من كل جبار عنيد .

وأما القسم بالشاهد والمشهود فلعل مناسبته ولطيف ذكره هو: أنَّ محاكمة أصحاب الأخدود ومحاسبتهم ، والاقتصاص منهم سيتم في هيئة تامة من العدالة حيث الشاهد على جريمتهم حاضر, والمشهود عليه أمرٌ واقع لا يمكن إنكاره وهذا ما يرجّح القول بأنّ (شَاهِدٍ ) يعمُّ كل شاهد بلا تحديد ( مَشْهُودٍ ) كل ما يشهد عليه دون تخصيصه بأمر ما .

( قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6} وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {9} )

وفي هذا المقطع من السورة يعرض القرآن الكريم في لمحة خاطفة ملخصاً عابراً ، لأحداث القصة مكتفياً بأبرز ما فيها وهما عنصران :

1- أن عذاب أصحاب الأخدود للمؤمنين كان قاسيا لا يطاق وهو الإحراق بالنار .

2- أنه لا سبب لهذا العذاب إلا الإيمان بالله العزيز الحميد .

وكما تقدم – قبل قليل – فإنّ القرآن ذكر القصة كأنموذج لكل الحالات المشابهة لأخذ العبرة والعظة ، وتسلية المبتلين بهذه القصة ، وتوعد المجرمين ، بذات الوعيد ، وبقدر الجريمة !

فالمقام ليس مقام سرد أو استيعاب لكل حوادث التاريخ – وما أكثرها - ممّا قد يفوق جريمة هؤلاء بمراحل وإنما هو مقام تذكير ووعظ بما يؤدي الغرض وكفى !

وفي العصر الحديث كثر أصحاب الأخاديد بحيث تنكسر الأقلام وتفنى مئات الصحف قبل أن تستوعب بعض جرائمهم .

فجرائم الصليبيين بقيادة امبراطورية الشر ، وحاملة لواء النصرانية أمريكا فاقت كل تصور ، وتجاوزت كل حدّ .

لقد صبت هذه الدولة المجرمة جام نيرانها ودكت بطائراتها العملاقة وقنابلها التي تبلغ زنة بعضها قرابة العشرة من الأطنان أرض أفغانستان المسلمة, وغزت بجحافلها أرض العراق بعد أن أفرغت فوق حاضرته وباديته مئات الألوف من القنابل الفتاكة التي لا تعرف التمييز بين الكبير والصغير والذكر والأنثى؛ بل دكت المستشفيات على رؤوس المرضى ولوثت المياه وقطعت خطوط الكهرباء والهاتف وأشاعت الرعب والهلع وسمحت بالنهب والسرقة وانتهاك كل مُحرّم وممنوع !

ومثلها الدبُّ الروسي المتوحش ، والذي ظل عقداً من الزمان يمارس أبشع العدوان والبغي فوق أرض أفغانستان وخلّف ورائه ملايين القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعوقين ولا يزال يمارس نفس الجريمة فوق أرض الشيشان ، وحسب القارئ أن يعلم أن ما ألقته روسيا على أرض الشيشان من القنابل والنيران يفوق عشر مرات حتى الآن ما ألقاه الحلفاء على ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية !!

وما يفعله اليهود فوق أرض فلسطين برعاية الأمم الصليبية الكافرة وبرئاسة أمريكا وحليفتها انجلترا غير خاف على كل متابع لمسلسل البغي والظلم المتتابع الحلقات منذ ما يقرب من ستين عاماً !

ومثل ذلك ما يمارسه الهندوس الوثنيون فوق أرض كشمير وغيرها كثير ناهيك عن محاكم التفتيش التي هي واحدة من أبشع ما لدى الغرب الصليبي من حب الاستبداد والطغيان ضد الشعوب المسلمة خاصة وغير المسلمين عامة! .

فأي مقارنة إذاً بين تلك الحادثة الصغيرة التي تولى كبرها أصحاب الأخدود وبين هذا العدوان الشامل والحروب الشعواء التي لا يعرف لها نظير عبر التاريخ !؟

ومن عجب أنّ سبب التعذيب واحد وهو الإيمان بالله العزيز الحميد ، فإنّ هؤلاء الطواغيت الحمقى لا يروق لهم أبداً أن يفرد مالك الملك ،ومبدع الكون بالتوحيد والعبودية ، وليتهم إذ امتنعوا عن التسليم لله بحقه ، بالوحدانية والإلهية تركوا غيرهم يختارون لأنفسهم ما يرونه صواباً , ولكنهم أبو إلا أن يصدوا عن سبيل الله ويبغونها عوجا!

وقريب من العذاب بالنار والتقتيل والتشريد اضطهاد الفئة المؤمنة من خلال التضييق عليهم في أرزاقهم وفصلهم من وظائفهم ، وبخسهم حقوقهم بسبب إيمانهم واعتقادهم .

( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )

إنّ هذا الإله الذي يُعذّبُ أولياؤه ويُضطهد أحبابهُ يستحق بجدارة ذلك الإيمان العظيم الذي اعتنقه سائر المعذبين فهو مالك الملك ، وخالق الكون فأي شيء ينقمه أصحاب الأخدود ، وأمثالهم ممّن آمن به وأذعن له وخضع لكبريائه ؟!

وفي الآية تهديد لكل صاحب إخدود من هؤلاء وذلك من وجهين بل من وجوه .

1- أنّ الله تعالى له ملك السموات والأرض, وهذا يعني أنّ هؤلاء المجرمين المستبدين الممارسين لكل طغيان وصلف مملوكون لله تعالى وتحت تصرفه وفي محيط قبضته فأين يذهبون ؟ وإلى أين يفرون ؟

2- إذا كان هؤلاء يعيشون في ممالك الله الواسعة فكيف يتصرفون في أرض الملك بغير إذنه بل يفعلون خلاف أمره فما ذا عساها تكون العاقبة ؟ !

3- وقد ختمت الآية بقوله : ( وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وهذا تهديد واضح من وجهين كذلك :

أ- أنّ الله شهيد على كلِّ شيء ، وليس على حادثة الأخدود فقط .

ب - أنه شهيد بنفسه سبحانه وهو أعظم شاهد كما قال الله تعالى : {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } الأنعام (19) .


(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ{10} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ{11} إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ{12} إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ{13} وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{14} ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ{15} فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{16} هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ{17} فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ{18} بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ{19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ{20} بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}

هدايةُ الآيات :

بعد أن فرغ تعالى من عرض قصة أصحاب الأخدود باختصار أدّى الغرض ، ببلاغة تامة ، وأسلوب مؤثر؛ ندب في هذه الآيات كل فتّان إلى التوبة ، وفتح أبواب الندم والإنابة على مصراعيها ، ولم يُقنِّط عباده من رحمته وتدارك أخطائهم ، وتلافي ذنوبهم مهما كانت فادحة وخطيرة .

فأي عذر بعد هذا ؟ وأي رحمة فوق هذه ؟ ومن المؤكد أنّ من أصرّ على بغيه وعدوانه ، وأبى أن يغتنم الفرص ويبادر إلى التوبة النصوح فإنّه ذو طغيان وعناد ، وصنف كهذا ما أجدره بـ ( عَذَابُ جَهَنَّمَ ) و ( عَذَابُ الْحَرِيقِ ) .

ومن المهم الإشارة في هذه المقام بأنّ الفتنة المنهي عنها في هذه السورة ليست قاصرة على التعذيب الحسي فحسب بل هي تتناول ما هو أبعد من ذلك وأشمل ... فمن ذلك :

1- فتنة الناس عبر بث الفساد الإعلامي من أفلام وتمثيليات وبرامج ومشاهد لا أخلاقية تؤجج الشهوات وتثير الغرائز !

2- الفتنة عبر برامج التربية والتعليم فكثير من المناهج التعليمية في ديار المسلمين لا وجود لمادة التوحيد أو الحديث أو الفقه وإنما يعرض للناشئة المذاهب الفكرية الهدامة بل المعتقدات الإلحادية ، والنظريات الكفرية كالبعثية والبلشفية والقومية ، ونظرية دارون في التطور والارتقاء ، وكلّ ذلك ضرب من الفتنة بل أشد من فتنة الإحراق والقتل قال تعالى : { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } البقرة ( 191) .

3- الفتنة عبر تذويب حواجز النفرة من الكفار بإلغاء مبادئ الولاء والبراء وتهميش نواقض الإسلام ، والتقليل من شأنها وتمييع أصول الدين ومبانيه العظام .

4- الفتنة عبر السماح للأصوات النشاز من دعاة جهنم من منافقين وإباحيين في التبشير بمبادئهم الخبيثة وطرح أفكارهم المسمومة وترويج تطلعاتهم المشبوهة وتمرير مخططاتهم وبرامجهم الخطيرة!

( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) :

ولشدة أثر الفتنة وسوء عواقبها وخطورة تبعاتها توعد الله الفتانين بعذاب جهنم ، وقد اتخذ هذا الوعيد صيغة التكرار من جهة وصيغة التقديم والتأخير من جهة ثانية .

فأما التكرار فهو واضح من خلال إعادة جملة : ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) بـ صيغة أخرى : ( وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) وفي هذا ما فيه من التهديد والوعيد الذي تقشعر من هوله الأبدان! .

وأما التقديم والتأخير فقد تقدم نظير هذا والمراد تقديم الجار و المجرور في الجملتين وهو الخبر على المبتدأ وهو ( عَذَابُ) في الجملتين أيضاً .

وهذا التقديم والتأخير مفيد للحصر والاختصاص, أي كأنّ العذاب خاص ومحصور بهؤلاء دون غيرهم!

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ }

وهذه الآية الكريمة في مقابل الترهيب الذي سبقها وذلك أسلوب القرآن الكريم في المزاوجة بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد كما تضمنت الآية عدة محفزات مثيرة منها :

1- التقديم والتأخير في قوله " لَهُمْ جَنَّاتٌ " حيث قدم الخبر وهو الجار والمجرور ( لَهُمْ ) على المبتدأ (جَنَّاتٌ) ، وهذا مفيد للحصر والاختصاص كما تقدم – مراراً – ثم ذكر .

2- وصف الجنات بأنها تجري من تحتها الأنهار وهي: أنهار الماء غير الآسن ، وأنهار العسل المصفى, وأنهار اللبن, وأنهار الخمر ، وغيرها ممّا نعرف بعضه ونجهل أكثره ثم ذكرتعالى:

3- بأنّ ذلك هو ( الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) وهو الفوز الحقيقي لا فوز الصراعات الكروية والمسابقات الفنية والرياضية !

( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) : وفي هذه الآيات تقرير لقوة الله الباهرة ، وقدرته القاهرة فبطشه سبحانه شديد لا يحتمل ، وآيات عزته وجبروته لا تُبارى ولا تجارى! .

وهذه الآيات تذكير لكل من يعي الخطاب ، ويفهم الوعظ الجميل بأن يتخلى عن كبريائه ، ويتنازل عن صلفه وغروره ، وإلا فإنّ بطش الرب تعالى غير محتمل ، وقد ذكر الله في ختام السورة مثالاً لما جرى للفراعنة وثمود ، أما التفصيل ففي مواضع أُخر من الكتاب العزيز .

إذاً مهما أوتي البشر من قوة وقدرة على الإهلاك والتدمير والتعذيب فذاك مغمور أمام قدرة الله وبطشه المخيف المزلزل للقلوب والحناجر بل للأمم والممالك !

ومن أراد أن يتأكد فليتأمل ما جرى لفرعون وقومه من الاستدراج إلى البحار ثم الإغراق المذهل! .

وليتأمل ما الذي جرى لثمود حين أخذت الرجفة بمجامع قلوبهم فأسقطتها في أجوافهم .

وليتأمل ما جرى لعاد من تسليط الريح العقيم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً فأصبحوا أعجاز نخل خاوية .

وليتأمل ما جرى للقرى اللوطية حين رفعت قراهم إلى عنان السماء ثم نكست رأساً على عقب واتبعت بحجارة من سجيل !

( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) أي هو قادر سبحانه على الخلق ابتداءً, والإعادة بعد الموت, وإذا كان الأمر كذلك فأي داع للاستهانة بقدرة الله, والتكذيب بالبعث والنشور, أو الجزاء والحساب؟! .

(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) : أي متصف بكثرة المغفرة لكل من تاب وأناب, وهذا من واسع جوده ، وعظيم كرمه بخلاف الآدمي فإنه وإن غفر لأخيه خطأه وعفا عنه فإنه لا يحتفظ له بكبير مودة !

( ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ) أي: صاحب العرش الذي هو أكبر المخلوقات وأعظمها فما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا حلقة في فلاة وما الكرسي عند العرش إلا كذلك ، ومع هذا فالعرش مخلوق لله مملوك له سبحانه !

وقد وصف الله تعالى عرشه بالكرم والعظمة والمجد في ثلاث آيات من كتابه الكريم .

( فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ : ) وهذه صفة عظيمة لله تعالى دالة على كمال قدرته وتمام تصرفه فهو تعالى فعال لكل شيء يريده ؛ فأمره بين الكاف والنون وهذه مفعولاته سبحانه لا يحصيها إلا هو ولا يحيط بها علماً سواه .

( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ{17} فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ{18} بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ{19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ{20} بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) .

وقد تقدم قبل قليل ذكر ما جرى لجنود فرعون وثمود وفي قوله تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ) : إشارة إلى عدم انتفاع هؤلاء الكفار بما جرى لأسلافهم من الخزي والنكال إذ لا زالوا سادرين في غيهم ، تائهين في صحراء غرورهم !

وقد تقدم ذكر شيء من صلف الأمريكان ، والروس ويهود وغيرهم الذين ما برحوا في سوم الشعوب المسلمة قصفاً وتقتيلاً وتشريداً !

ولكن جاء قوله تعالى : ( وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ ) عقب ذلك مباشرة حتى لا يصاب حزب الله وأنصار دينه بإحباط أو يأس, ويوقنوا بأنّ كيد هؤلاء ومكرهم مقدور عليه محاط بإرادة وقوة لا تغلب ولاتقهر !.

( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) .

وآخر مطاف هذه السورة أنْ ختمها تعالى بالتذكير بالقرآن العظيم الذي من أجله حورب المسلمون, ولأجله حقد الحاقدون, وشنأ الشائنون بيد أنّ ذلك كله لا ينبغي أن يكون مانعاً للمسلمين أن يستمروا على طريقتهم ويتشبثوا بعقيدتهم فإنّ الله ناصرهم ومؤيدهم ومظهرهم على عدوهم .

ومهما تخلى المسلمون عن القرآن وأزاحوه عن العمل والتطبيق ، وعن حياتهم الدستورية والاجتماعية وغيرها فلن يفرحوا بوئام العدو ومحبته ، أو على الأقل مهادنته وحياده!

ومصداقية ذلك أنّ مجرد الهوية المسلمة التي يحملها المسلمون كافية لإثارة كوامن أحقاده, وبعث خبيث لؤمه وبغضه .

وهي حقيقة جلّاها القرآن بقول الله تعالى : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } البقرة ( 120)

لذا لا مناص من الأخذ بهذا القرآن بكل عزيمة وقوة وجد فهو خيار الأمة الوحيد وحينذاك لن ينال منها عدوها ما تقر به عينه أو يُشفى به صدره!! .

( فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ )

واللوح المحفوظ هو الذي كتب الله فيه مقادير كل شيء بما فيه تنزيل هذا القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين وهذا معنى (( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) فالقرآن قد يكون مكتوباً بأكمله في اللوح المحفوظ ، وقد يكون المكتوب ذكره فقط .

واللوح المحفوظ – بحفظ الله – مصون عن الزيادة والنقص والتحريف والتغيير وهذا من تمام شرف هذا اللوح وكماله ,والله أعلم وأحكم.



من هنا
 
بارك الله في الأخ ولكن لي تعليق صغير بشأن "اليوم الموعود و شاهد ومشهود", فلم لا يكون المراد من اليوم الموعود هو ذلك اليوم الذي ضُرب للمؤمنين ليحرقوا فيه في الأخدود, والشاهد والمشهود هم المؤمنون والكافرون في ذلك اليوم.
وبذلك تكون السورة قد قدمت مشهدا عاما لتلك الواقعة يشتمل المكان المحيط والزمان والأفراد, ثم تظهر بعد ذلك أنه قتل أصحاب الأخدود!
والله أعلى وأعلم.
 
بارك الله فيك أخي هذا تفسير ممكن والسياق يحتمله
وأرجو من المشائخ الكرام إبداء ماعندهم حول هذا التفسير
 
قال الآلوسي: أي الموعود به وهو يوم القيامة باتفاق المفسرين
وقال ابن عاشور: وأما مناسبة القسم باليوم الموعود فلأنه يوم القيامة باتفاق أهل التأويل
ومما قال الآلوسي أيضا :وأن يراد بالشاهد الطفل الذي قال يا أماه اصبري فإنك على الحق كما سيجيء إن شاء الله تعالى والمشهود له أمه والمؤمنون لأنه إذا كانت أمه على الحق فسائر المؤمنين كذلك وقيل وقيل.
وجميع الأقوال في ذلك على ما وقفت عليه نحو من ثلاثين قولاً والوصف على بعضها من الشهادة بمعنى الحضور ضد المغيب وعلى بعضها الآخر من الشهادة على الخصم أو له شهادة الجوارح بأن ينطقها الله تعالى الذي أنطق كل شيء وكذا الحجر الأسود ولا بعد في حضوره يوم القيامة للشهادة للحجيج وأما شهادة اليوم فيمكن أن تكون بعد ظهوره في صورة كظهور القرآن على صورة الرجل الشاحب إذ يتلقى صاحبه عند قيامه من قبره وظهور الموت في صورة كبش يوم القيامة حتى يذبح بين الجنة والنار إلى غير ذلك.
والله اعلم
 
فائدة :

قال ابن العربي في احكام القران :

{ وشاهد ومشهود } : فيها مسألتان :

المسألة الأولى الشاهد فاعل من شهد ، والمشهود مفعول منه ، ولم يأت حديث صحيح بعينه ، فيجب أن يطلق على كل شاهد ومشهود . وقد روى عباد بن مطر الرهاوي عن مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد ، عن نافع بن جبير عن أبيه ، { عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { وشاهد ومشهود } قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة } .

وقد روي عن ابن عباس أنه قال : الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم ، ويصح أن يكون الله ورسله والملائكة والمؤمنين والحجر الأسود . وقد يكون المشهود عليه الإنسان ، والمشهود فيه يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام المناسك كلها ، ويوم القيامة ، وليس إلى التخصيص سبيل بغير أثر صحيح .

المسألة الثانية إذا كان الشاهد الله فقد بينا معناه ومتعلقه في الأمد الأقصى ، وإذا كان الرسول والمؤمنين فقد قال سبحانه : { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } وهذا إذا تتبعته بالأخبار وجدته كثيرا في جماعة . وأما المشهود فعلقه بكل مشهود فيه ، ومشهود عليه ، ومشهود به ، حسب متعلقات الفعل بأقسام المفعول فإنه في ذلك كله صحيح سائغ لغة ومعنى ، فاحمله عليه وعممه فيه .

وجزاك الله خير اخي الكريم ..
 
قال الشوكاني رحمه الله :
قلت: وهذه التفاسير عن الصحابة رضي الله عنهم قد اختلفت كما ترى، وكذلك اختلفت تفاسير التابعين بعدهم، واستدلّ من استدلّ منهم بآيات ذكر الله فيها أن ذلك الشيء شاهد أو مشهود، فجعله دليلاً على أنه المراد بالشاهد، والمشهود في هذه الآية المطلقة، وليس ذلك بدليل يستدل به على أن الشاهد، والمشهود المذكورين في هذا المقام هو: ذلك الشاهد، والمشهود الذي ذكر في آية أخرى، وإلا لزم أن يكون قوله هنا: { وَشَـٰهِدٍ وَمَشْهُودٍ } هو جميع ما أطلق عليه في الكتاب العزيز، أو السنة المطهرة أنه يشهد، أو أنه مشهود، وليس بعض ما استدلوا به مع اختلافه بأولى من بعض، ولم يقل قائل بذلك. فإن قلت: هل في المرفوع الذي ذكرته من حديثي أبي هريرة، وحديث أبي مالك، وحديث جبير بن مطعم، ومرسل سعيد بن المسيب ما يعين هذا اليوم الموعود، والشاهد والمشهود؟ قلت: أما اليوم الموعود، فلم تختلف هذه الروايات التي ذكر فيها، بل اتفقت على أنه يوم القيامة، وأما الشاهد ففي حديث أبي هريرة الأوّل أنه يوم الجمعة، وفي حديثه الثاني أنه يوم عرفة، ويوم الجمعة، وفي حديث أبي مالك أنه يوم الجمعة، وفي حديث جبير أنه يوم الجمعة، وفي مرسل سعيد أنه يوم الجمعة، فاتفقت هذه الأحاديث عليه، ولا تضرّ زيادة يوم عرفة عليه في حديث أبي هريرة الثاني؛ وأما المشهود ففي حديث أبي هريرة الأوّل أنه يوم عرفة، وفي حديثه الثاني أنه يوم القيامة، وفي حديث أبي مالك أنه يوم عرفة، وفي حديث جبير بن مطعم أنه يوم عرفة، وكذا في حديث سعيد، فقد تعين في هذه الروايات أنه يوم عرفة، وهي أرجح من تلك الرواية التي صرح فيها بأنه يوم القيامة، فحصل من مجموع هذا رجحان ما ذهب إليه الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم أن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، وأما اليوم الموعود، فقد قدّمنا أنه وقع الإجماع على أنه يوم القيامة.
 
عودة
أعلى