بين الحجاب والنقاب

إنضم
02/03/2006
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
ما هو اللباس المطلوب شرعا: هو النقاب أم الحجاب العادي؟ تلك هي المسألة التي اختلف فيها العلماء قديما وحديثا، وما كان لنا أن نثيرها ولولا الجدل الدائر عليه الآن في الساحة الإسلامية، فأردنا أن نورد رأي الفقهاء في ذلك مع أدلة كل فريق، حتى يتضح الأمر، وتتخذ كل فتاة قرارها عن علم و قناعة.
ونبدأ بعرض الآيات التي تعتبر أصلا في مسألة الحجاب، ثم فهم العلماء لذلك:
يقول تعالى في سورة النور: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }النور31
اختلف العلماء قديما وحديثا في تحديد المقصود من الزينة في الآية، وفيما يلي ذكر لأقوال السلف في تفسير الزينة:
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه في قوله تعالىٰ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، قال: الزينة السوار والدملج والخلخال، والقرط، والقلادة {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الثياب والجلباب.
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، قال: الزينة زينتان،، زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج. فأمّا الزينة الظاهرة: فالثياب، وأمّا الزينة الباطنة: فالكحل، والسوار والخاتم.
وعن أنس في قوله: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكحل والخاتم.
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكحل والخاتم والقرط والقلادة.
وعن ابن عباس في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: وجهها، وكفّاها والخاتم.
عن عكرمة في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، قال: الوجه وثغرة النحر.
وعن سعيد بن جبير في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الوجه والكفّ.
وعن عطاء في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكفّان والوجه.
وعن قتادة {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: المسكتان والخاتم والكحل.
قال قتادة: وبلغني أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلّ لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر إلا إلى هٰهنا» ويقبض نصف الذراع.
وعن المسور بن مخرمة في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: القلبين، يعني السوار والخاتم والكحل.
قال ابن جريج: وقالت عائشة رضي اللَّه عنها: القلب والفتخة.
قالت عائشة: دخلت عليّ ابنة أخي لأُمّي عبد اللَّه بن الطفيل مزينة، فدخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم وأعرض، فقالت عائشة رضي اللَّه عنها: إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحلّ لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا»، وقبض على ذراعه نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى.

وهكذا يتحصل لدينا في الجملة إلى ثلاثة أقوال:
- 1- المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجا عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها.
- 2- المراد بالزينة: ما تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها أيضا، لكن النظر إلى تلك الزينة يستلزم رؤية شيء من بدن المرأة، مثل الحناء والكحل.
- 3- المراد بالزينة الظاهرة بعض بدن المرأة الذي هو من أصل خلقتها، مثل الوجه والكفين.
وبناء على تحديد مفهوم الزينة بني شكل الحجاب المطلوب شرعا: هل الحجاب العادي أم النقاب، فالذين قالوا المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجا عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها قالوا بالنقاب.
والذين قالوا المراد بالزينة: ما تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها، قالوا بالحجاب العادي.
واستدل القائلون القول الأخير بأدلة منها:
قوله تعالىٰ: {يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}.
- لفظ الآية الكريمة، وهو قوله تعالىٰ: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة، ولم يرد نص من كتاب، ولا سنّة، ولا إجماع على استلزامه ذلك.
- إنه قد قامت قرينة قرءانيّة على أن قوله تعالىٰ: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لا يدخل فيه ستر الوجه، وأن القرينة المذكورة هي قوله تعالىٰ: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ}، قال: وقد دلّ قوله: {أَن يُعْرَفْنَ} على أنهنّ سافرات كاشفات عن وجوههن؛ لأن التي تستر وجهها لا تعرف.
- ومن الأحاديث التي استدلّوا بها على ذلك، حديث ابن عباس الذي قدّمناه، قال: أردف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس رضي اللَّه عنهما، يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئًا فوقف النبيّ صلى الله عليه وسلم يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها فالتفت النبيّ صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسول اللَّهٰ إن فريضة اللَّه في الحجّ على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا… الحديث، قالوا: فالإخبار عن الخثعمية بأنها وضيئة يفهم منه أنها كانت كاشفة عن وجهها.
- ومن الأحاديث التي استدلّوا بها على ذلك حديث جابر الثابت في الصحيح، قال: شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام متوكّئًا على بلال فأمر بتقوى اللَّه، وحثّ على طاعته، ووعظ الناس، وذكّرهم ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكّرهن، فقال: «تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم»، فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين، فقالت: لِمَ يا رسول اللَّه؟ قال: «لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير»، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطهن وخواتمهن، اهــ. هذا لفظ مسلم في «صحيحه»، قالوا: وقول جابر في هذا الحديث: سفعاء الخدّين يدلّ على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت محتجبة لما رأى خدّيها، ولما علم بأنها سفعاء الخدين.

واستدل القائلون بالنقاب بأدلة منها:
- قوله تعالىٰ: {يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}: أنهن يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شىء إلا عين واحدة تبصر بها، وممن قال به: ابن مسعود، وابن عباس، وعبيدة السلماني وغيرهم.
- أن عامّة المفسّرين من الصحابة فمن بعدهم فسّروا الآية مع بيانهم سبب نزولها، بأن نساء أهل المدينة كن يخرجن بالليل لقضاء حاجتهن خارج البيوت، وكان بالمدينة بعض الفسّاق يتعرّضون للإماء، ولا يتعرّضون للحرائر، وكان بعض نساء المؤمنين يخرجن في زي ليس متميّزًا عن زي الإماء، فيتعرّض لهن أولئك الفساق بالأذى ظنًّا منهم أنهن إماء، فأمر اللَّه نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يتميّزن في زيهن عن زي الإماء، وذلك بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، فإذا فعلن ذلك ورآهن الفساق، علموا أنهن حرائر، ومعرفتهم بأنهن حرائر لا إماء هو معنى قوله: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ}، فهي معرفة بالصفة لا بالشخص. وهذا التفسير منسجم مع ظاهر القرءان، كما ترى. فقوله:
{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لأن إدنائهن عليهن من جلابيبهن يشعر بأنهن حرائر، فهو أدنى وأقرب لأن يعرفن، أي: يعلم أنهن حرائر، فلا يؤذين من قبل الفساق الذين يتعرّضون للإماء، وهذا هو الذي فسّر به أهل العلم بالتفسير هذه الآية، وهو واضح.
- وقال البخاري رحمه اللَّه في «صحيحه»، باب: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}. وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس، قال ابن شهاب، عن عروة عن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت: يرحم اللَّه نساء المهاجرات الأول، لما أنزل اللَّه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، شققن مروطهن فاختمرن بها.
حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا إبرٰهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم عن صفيّة بنت شيبة: أن عائشة رضي اللَّه عنها، كانت تقول: لما نزلت هذه الآية {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها، انتهى من صحيح البخاري. وقال ابن حجرفي «الفتح»، في شرح هذا الحديث: قوله: فاختمرن، أي غطّين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنّع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار. انتهى محل الغرض من «فتح الباري». وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيّات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالىٰ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن، أي: سترن وجوههن بها امتثالاً لأمر اللَّه في قوله تعالىٰ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، المقتضي ستر وجوههن.
وقالوا في حديث عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا»، وأشار إلى وجهه وكفّيه؛ وهذا الحديث في كلام: بأنه ضعيف من جهتين:
الأولى: هي كونه مرسلاً؛ لأن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة، كما قاله أبو داود، وأبو حاتم الرازي كما قدّمناه في سورة «النور».
الجهة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، قال فيه في «التقريب»: ضعيف.
نخلص في النهاية إلى أن المسألة خلافية بين العلماء وأن الخلاف فيها قوي ومعتبر.بقي أن نؤكد القاعدة الأصولية التي تقول: أجمع العلماء أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء.
 
جزاك الله تعالى أخي الكريم خيراً وبارك الله بك وبعلمك ونفع بك
ومن هذا الذي ذكرت يستفيد طالب الحق أن النقاب هو أحد وجهي الستر المأمور به شرعاً فهو مشروع بالاتفاق لكن الخلاف بين من يقول إنه الأصل وهوالمأمور به ولا يخرج النساء من عهدة التكليف والأمر إلا بامتثاله.... وبين من يقول إنه مشروع على سبيل الندب والأفضلية ولو على طريق الخروج من الخلاف لاعلى سبيل الوجوب إلا في حالات سد الذرائع ممن يكن مثار فتنة الرجال بجمالهن ...فالقول بأنه عادة وغير مشروع محض جهل لايتسنى أن يقول به رجل يمتلك من العلم شيئا فضلا عن أن يكون إمام مدرسة أو جامع أو مؤسسة علمية ذات اعتبار وحسبنا الله ونعم
الوكيل
 
بارك الله فيكما مع التنبيه على أن النقاب المشروع على سبيل الندب أو الوجوب هو النقاب الذي يتحقق به الستر والبعد عن الفتنة لأنه لم يعد خافيا على أحد ما تفعله بعض النسوة من توسيع النقاب لتظهر منه الخدود أو تلبسه على ثوب ضيق ونحو ذلك فهذا ليس مقصودا بلا شك بل هو بدعة مظلمة وضلالة محرمة وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين بتحريم ذلك النقاب وكذلك الشيخ الفوزان مع أنهما يقولان بوجوب ستر الوجه والكفين كما هو معلوم ( فهذا سؤال وجه للعلامة ابن عثيميين – رحمه الله – ونص السؤال : في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بين أوساط النساء بشكل ملفت للنظر وهي ما يسمى بالنقاب والغريب في الظاهرة ليس لبس النقاب ، إنما طريقة لبسه لدى النساء ، ففي بداية الأمر كان لا يظهر من الوجه إلا العينان فقط ، ثم بدأ النقاب بالاتساع شيئاً فشيئاً فأصبح يظهر مع العينين جزء من الوجه مما يجلب الفتنة ولاسيما أن كثيرًا من النساء يكتحلن عند لبسه ، وإذا نوقشن في الأمر احتججن بأن فضيلتكم أفتى بأن الأصل فيه الجواز ، فنرجو توضيح هذه المسالة بشكل مفصل ؟
الجـــواب : لاشك أن النقاب كان معروفاً في عهد النبي  وأن النساء كن يفعلنه كما يفيده قوله في المرأة إذا أحرمت "لا تنتقب" فإن هذا يدل على أن من عادتهن لبس النقاب ، ولكن في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه بل نرى منعه لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز وهذا أمر شاهد ، ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب في أوقاتنا هذه ، بل نرى أنه يمنع منعاً باتاً ، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر وألا تنتقب لأن هذا يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه .
وقال الشيخ الفوزان – رحمه الله – في فتاويه المجلد الثالث سؤال رقم : (446) سائلة تقول : كثر الحديث حول النقاب مدى حله أو حرمته بماذا تنصحني فضيلة الشيخ حول هذا الموضوع ؟
فأجاب فضيلته : الواجب على المرأة المسلمة التزام الحجاب الساتر على وجهها وسائر بدنها درءًا للفتنة عنها وعن غيرها والنقاب الذي تعمله كثير من النساء اليوم نوع من السفور ، بل هو تدرج إلى ترك الحجاب ، فالواجب على المرأة المسلمة أن تبقي على حجابها الشرعي الساتر وتترك هذا العبث الذي تفعله بعض السفيهات من النساء اللاتي تضايقن من الحجاب الشرعي ، فأخذن يتحايلن على التخلص منه .
وقال الإمام محمد بن سيرين – رحمه الله – : النقاب محدث ، قال أبو عبيد القاسم بن سلام : وهذا حديث قد تأوله بعض الناس على غير وجهه ، يقول : إن النقاب لم يكن النساء يفعلنه ، كن يبرزن وجوههن ، وليس هذا وجه الحديث ، ولكن النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه المحجر فإذا كان على طرف الأنف فهو اللفام ، وإذا كان على الفم فهو اللثام ، ولهذا قيل : فلان يلثم فلاناً إذا قبله على فمه والذي أراد محمد فيما نرى - والله أعلم – أن يقول : إن إبدائهن المحاجر محدث ، وإنما كان النقاب لاحقاً بالعين أو أن يبدو إحدى العينين والأخرى مستورة ، عرفنا ذلك بحـديث يحدثه هـو عن عبيدة أنه سألـه عن قوله عز وجل: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ، قال : فقنع رأسه وغطى وجهه وأخرج إحدى عينيه وقال : هكذا فإذا كان النقاب لا يبدو منه إلا العينان فقط فذلك الوصوصة واسم ذلك الشيء الوَصْوَاص وهو الثوب الذي يغطى به الوجه ، وقال الشاعر :
يا ليتها قد لبست وَصْواصا
وإنما قال هذا محمد لأن الوصاوص والبراقع كانت لباس النساء ثم أحدثن النقاب بعد ذلك .
وقال الذهبي – رحمه الله - : ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ من تحت النقاب وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت ولبسها الصباغات والأزر الحريرية والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمـام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت ، وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة .
فثبت من أقوال هؤلاء الأئمة أن هذا النقاب المحدث نوع من أنواع التبرج الذي تأثم المرأة بما أحدثته فيه من فتنة لعدم مراعاتها للشروط الشرعية في حجابها وكيف لا تكون متبرجة من لبست نقابها على عباءة ضيقة تحجم عورتها ؟ أو تشف عن جسمها ؟ أو تتكسر في مشيتها ؟ أو تبدي قدميها ويديها للناظرين ؟ أو تخالط الرجال بلا حياء ؟ أو تحادثهم بخضوع ولين ؟ أو تتبع الموضات فتلبس آخر الموديلات ؟ كيف لا تكون هذه متبرجة آثمة بعد فتاوى هؤلاء الأئمة ؟ وكيف لا تكون متبرجة وآثمة وهي فتنة لشباب الأمة ؟ بل إن فتنتها أخطر من فتنة غيرها ممن فعلن فعلها ولكن بلا نقاب ، لأن الناظر يعلم أنها متبرجة فلا ينظر إليها حذرًا من فتنتها ، أما ذات النقاب ، فهي مأمونة الجناب ، فإذا لم ينظر إليها الناظر بارتياب ، فإنه ينظر باستغراب ، وقد يفتن بهذا العجب العجاب ، فاتقي الله يا أمة الله والتزمي ما اتفق عليه العلماء ، وأجمع عليه الفقهاء من الشروط الشرعية للحجاب ، وإذا شئت الزيادة فلا بأس بالنقاب بشرط أن يكون مع شروط الحجاب ولا يبدو منه إلا العينان فقط ، أما هذا الاستهتار المشاهد من كثير من المنتقبات فليس هذا بنقاب إلا أن يكون نقاب بلا حجاب ، ) .
انتهى من كتاب اتساع النقاب بين التبرج والحجاب لمحمد بن عيد الشعباني وقدم له أبو بكر الحنبلي طبع مكتبة السنة بالقاهرة .
 
ما هو اللباس المطلوب شرعا: هو النقاب أم الحجاب العادي؟ تلك هي المسألة التي اختلف فيها العلماء قديما وحديثا، وما كان لنا أن نثيرها ولولا الجدل الدائر عليه الآن في الساحة الإسلامية، فأردنا أن نورد رأي الفقهاء في ذلك مع أدلة كل فريق، حتى يتضح الأمر، وتتخذ كل فتاة قرارها عن علم و قناعة.
ونبدأ بعرض الآيات التي تعتبر أصلا في مسألة الحجاب، ثم فهم العلماء لذلك:
يقول تعالى في سورة النور: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }النور31
اختلف العلماء قديما وحديثا في تحديد المقصود من الزينة في الآية، وفيما يلي ذكر لأقوال السلف في تفسير الزينة:
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه في قوله تعالىٰ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، قال: الزينة السوار والدملج والخلخال، والقرط، والقلادة {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الثياب والجلباب.
وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، قال: الزينة زينتان،، زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج. فأمّا الزينة الظاهرة: فالثياب، وأمّا الزينة الباطنة: فالكحل، والسوار والخاتم.
وعن أنس في قوله: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكحل والخاتم.
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكحل والخاتم والقرط والقلادة.
وعن ابن عباس في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: وجهها، وكفّاها والخاتم.
عن عكرمة في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، قال: الوجه وثغرة النحر.
وعن سعيد بن جبير في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الوجه والكفّ.
وعن عطاء في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: الكفّان والوجه.
وعن قتادة {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: المسكتان والخاتم والكحل.
قال قتادة: وبلغني أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلّ لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر إلا إلى هٰهنا» ويقبض نصف الذراع.
وعن المسور بن مخرمة في قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، قال: القلبين، يعني السوار والخاتم والكحل.
قال ابن جريج: وقالت عائشة رضي اللَّه عنها: القلب والفتخة.
قالت عائشة: دخلت عليّ ابنة أخي لأُمّي عبد اللَّه بن الطفيل مزينة، فدخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم وأعرض، فقالت عائشة رضي اللَّه عنها: إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحلّ لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا»، وقبض على ذراعه نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى.

وهكذا يتحصل لدينا في الجملة إلى ثلاثة أقوال:
- 1- المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجا عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها.
- 2- المراد بالزينة: ما تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها أيضا، لكن النظر إلى تلك الزينة يستلزم رؤية شيء من بدن المرأة، مثل الحناء والكحل.
- 3- المراد بالزينة الظاهرة بعض بدن المرأة الذي هو من أصل خلقتها، مثل الوجه والكفين.
وبناء على تحديد مفهوم الزينة بني شكل الحجاب المطلوب شرعا: هل الحجاب العادي أم النقاب، فالذين قالوا المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجا عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها قالوا بالنقاب.
والذين قالوا المراد بالزينة: ما تتزين به المرأة وليس من أصل خلقتها، قالوا بالحجاب العادي.
واستدل القائلون القول الأخير بأدلة منها:
قوله تعالىٰ: {يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}.
- لفظ الآية الكريمة، وهو قوله تعالىٰ: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لا يستلزم معناه ستر الوجه لغة، ولم يرد نص من كتاب، ولا سنّة، ولا إجماع على استلزامه ذلك.
- إنه قد قامت قرينة قرءانيّة على أن قوله تعالىٰ: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لا يدخل فيه ستر الوجه، وأن القرينة المذكورة هي قوله تعالىٰ: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ}، قال: وقد دلّ قوله: {أَن يُعْرَفْنَ} على أنهنّ سافرات كاشفات عن وجوههن؛ لأن التي تستر وجهها لا تعرف.
- ومن الأحاديث التي استدلّوا بها على ذلك، حديث ابن عباس الذي قدّمناه، قال: أردف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس رضي اللَّه عنهما، يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئًا فوقف النبيّ صلى الله عليه وسلم يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها فالتفت النبيّ صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسول اللَّهٰ إن فريضة اللَّه في الحجّ على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا… الحديث، قالوا: فالإخبار عن الخثعمية بأنها وضيئة يفهم منه أنها كانت كاشفة عن وجهها.
- ومن الأحاديث التي استدلّوا بها على ذلك حديث جابر الثابت في الصحيح، قال: شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام متوكّئًا على بلال فأمر بتقوى اللَّه، وحثّ على طاعته، ووعظ الناس، وذكّرهم ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكّرهن، فقال: «تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم»، فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين، فقالت: لِمَ يا رسول اللَّه؟ قال: «لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير»، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطهن وخواتمهن، اهــ. هذا لفظ مسلم في «صحيحه»، قالوا: وقول جابر في هذا الحديث: سفعاء الخدّين يدلّ على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت محتجبة لما رأى خدّيها، ولما علم بأنها سفعاء الخدين.

واستدل القائلون بالنقاب بأدلة منها:
- قوله تعالىٰ: {يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}: أنهن يسترن بها جميع وجوههن، ولا يظهر منهن شىء إلا عين واحدة تبصر بها، وممن قال به: ابن مسعود، وابن عباس، وعبيدة السلماني وغيرهم.
- أن عامّة المفسّرين من الصحابة فمن بعدهم فسّروا الآية مع بيانهم سبب نزولها، بأن نساء أهل المدينة كن يخرجن بالليل لقضاء حاجتهن خارج البيوت، وكان بالمدينة بعض الفسّاق يتعرّضون للإماء، ولا يتعرّضون للحرائر، وكان بعض نساء المؤمنين يخرجن في زي ليس متميّزًا عن زي الإماء، فيتعرّض لهن أولئك الفساق بالأذى ظنًّا منهم أنهن إماء، فأمر اللَّه نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يتميّزن في زيهن عن زي الإماء، وذلك بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، فإذا فعلن ذلك ورآهن الفساق، علموا أنهن حرائر، ومعرفتهم بأنهن حرائر لا إماء هو معنى قوله: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ}، فهي معرفة بالصفة لا بالشخص. وهذا التفسير منسجم مع ظاهر القرءان، كما ترى. فقوله:
{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، لأن إدنائهن عليهن من جلابيبهن يشعر بأنهن حرائر، فهو أدنى وأقرب لأن يعرفن، أي: يعلم أنهن حرائر، فلا يؤذين من قبل الفساق الذين يتعرّضون للإماء، وهذا هو الذي فسّر به أهل العلم بالتفسير هذه الآية، وهو واضح.
- وقال البخاري رحمه اللَّه في «صحيحه»، باب: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}. وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس، قال ابن شهاب، عن عروة عن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت: يرحم اللَّه نساء المهاجرات الأول، لما أنزل اللَّه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، شققن مروطهن فاختمرن بها.
حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا إبرٰهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم عن صفيّة بنت شيبة: أن عائشة رضي اللَّه عنها، كانت تقول: لما نزلت هذه الآية {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها، انتهى من صحيح البخاري. وقال ابن حجرفي «الفتح»، في شرح هذا الحديث: قوله: فاختمرن، أي غطّين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنّع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار. انتهى محل الغرض من «فتح الباري». وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيّات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالىٰ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن، أي: سترن وجوههن بها امتثالاً لأمر اللَّه في قوله تعالىٰ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، المقتضي ستر وجوههن.
وقالوا في حديث عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا»، وأشار إلى وجهه وكفّيه؛ وهذا الحديث في كلام: بأنه ضعيف من جهتين:
الأولى: هي كونه مرسلاً؛ لأن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة، كما قاله أبو داود، وأبو حاتم الرازي كما قدّمناه في سورة «النور».
الجهة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، قال فيه في «التقريب»: ضعيف.
نخلص في النهاية إلى أن المسألة خلافية بين العلماء وأن الخلاف فيها قوي ومعتبر.بقي أن نؤكد القاعدة الأصولية التي تقول: أجمع العلماء أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء.
أخي الكريم :
أولا : أين وجدت هذا الإجماع الذي ذكرت من أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء ؟
ثانيا : قضية الحجاب أشبعت بحثا في كتب التفسير والحديث والفقه وغيرها ، وقولك إن قوله تعالى "ذلك أدنى أن يعرفن" يفهم منه أنهن كاشفات عن وجوههن غير صحيح ؛ بل يعرفن من مخالفتهن للإماء لأن الإماء لا يجب عليهن ستر الوجه ..
ثالثا : حديث الفضل بن عباس معترض عليه عند أهل العلم باعتراضات لك أن تراجعها في التفاسير .
والذي تطمئن إليه النفس أن الوجه وكذا الكفين من العورة لأدلة كثيرة مبثوثة في كتب أهل العلم ، وإن شئت أن ألخصها لك فلك ذلك على مشاغلي.
والله تعالى إعلم .
 
أخي الكريم :
أولا : أين وجدت هذا الإجماع الذي ذكرت من أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء ؟
.
أتفق مع الأخ الكريم إبراهيم الحسني في المطالبة بالدليل على هذه القاعدة , لكنني أختلف معه في قوله :
ثالثا : حديث الفضل بن عباس معترض عليه عند أهل العلم باعتراضات لك أن تراجعها في التفاسير .
لأن هذه الاعتراضات كلها واهية , وإن شاء ذكرها لنا وسأبين له بفضل الله عز وجل أنها أوهى من خيوط العنكبوت , وقد كنت آخذ بوجوب ستر الوجه والكفين حتى اطلعت على كلام الإمام الألباني في رده المفحم ونظرت في الردود عليه فما وجدتها تروي غليلا ولا تشفي عليلا فلم يسعني إلا القول الآخر بالاستحباب لأنه القول المستوعب لجميع الأدلة والجامع لها .
وقولكم :
والذي تطمئن إليه النفس أن الوجه وكذا الكفين من العورة لأدلة كثيرة مبثوثة في كتب أهل العلم ، وإن شئت أن ألخصها لك فلك ذلك على مشاغلي.
إذا انتهينا من الاعتراضات على حديث الفضل انتقلنا إلى هذه الأدلة التي أشرت إليها , وبارك الله فيكم .
والله تعالى إعلم
 
حديث الفضل بن عباس معترض عليه عند أهل العلم باعتراضات منها :
1 – أنه لم يصرح فيه بأنها كانت كاشفة عن وجهها مع دواعي التصريح .
2 – أن راوي الحديث هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولم يكن حاضرا وإنما نقله عن الفضل ، ولم يقل له إنها كانت كاشفة عن وجهها .
3 - أن غاية ما في هذا الحديث أن هذه المرأة كانت وضيئة وحسناء ، وقد يعرف كل ذلك من غير نظر إلى الوجه ، وكم من امرأة قامتها تفسد قلوب الرجال ولو كشفت عن وجهها لخالفوا الطرق .
4 – أنه لو كان االكشف عن الوجه جائزا لنقل ولو في حديث واحد التصريح بذلك ؛ وقد نقلت كل أحكام الإسلام ، فلماذا لم نجد في كل كتب الحديث على كثرتها وتنوعها واشتمالها على الصحيح والضعيف بل والموضوع حديثا صرح بكشف صحابية واحدة وجهها ؟
5 – والفضل رضي الله تعالى عنه كان شابا وجميلا وطفق قبل هذه الخثعمية ينظر في نساء عند الدفع من مزدلفة ؛ وصرف وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلو كان االنظر إلى الوجه جائزا فلماذا يصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مر الظعن يجرين ، ولماذا يصرفه عن الخثعمية ما دام أنه يجوز لها كشف وجهها .
 
حديث الفضل بن عباس معترض عليه عند أهل العلم باعتراضات منها :
1 – أنه لم يصرح فيه بأنها كانت كاشفة عن وجهها مع دواعي التصريح .
2 – أن راوي الحديث هو عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولم يكن حاضرا وإنما نقله عن الفضل ، ولم يقل له إنها كانت كاشفة عن وجهها .
3 - أن غاية ما في هذا الحديث أن هذه المرأة كانت وضيئة وحسناء ، وقد يعرف كل ذلك من غير نظر إلى الوجه ، وكم من امرأة قامتها تفسد قلوب الرجال ولو كشفت عن وجهها لخالفوا الطرق .
4 – أنه لو كان االكشف عن الوجه جائزا لنقل ولو في حديث واحد التصريح بذلك ؛ وقد نقلت كل أحكام الإسلام ، فلماذا لم نجد في كل كتب الحديث على كثرتها وتنوعها واشتمالها على الصحيح والضعيف بل والموضوع حديثا صرح بكشف صحابية واحدة وجهها ؟
5 – والفضل رضي الله تعالى عنه كان شابا وجميلا وطفق قبل هذه الخثعمية ينظر في نساء عند الدفع من مزدلفة ؛ وصرف وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلو كان االنظر إلى الوجه جائزا فلماذا يصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مر الظعن يجرين ، ولماذا يصرفه عن الخثعمية ما دام أنه يجوز لها كشف وجهها .
إليك جواب العلماء الذي يؤكد بلا شك أن معنى وضيئة : جميلة الوجه ولا دخل لقامتها في وضاءتها فما الفائدة من ذكر الوجه إذا ذكر ما يستلزمه ويدل عليه دلالة بينة , أنسيت أن لغة العرب عمدتها البلاغة والتي منها الصفح عن ذكر ما هو مفهوم بداهة من لوازمه , وأسألك هل وصفت المرأة وحدها بأنها وضيئة ؟ أم وصف معها الفضل أيضا بأنه وضيء ؟ أليس معنى وصف الفضل بأنه وضيء أي جميل الوجه أم أن ذلك ليس بلازم وربما كان الفضل ساترا وجهه ووصف بأنه وضيء لحسن قامته فقط ؟ هل يقول هذا عاقل يفهم لغة العرب فهما جيدا متجردا , وحتى لا أطيل عليك بكلامي الذي ربما تستثقله إليك كلام الأئمة الواضح في وضاءة وجهها :
62قال في عمدة القاري 28- حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( سليمان بن يسار ) أخبرني ( عبد الله بن عباس ) رضي الله عنهما قال أردف رسول الله الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئا فوقف النبي للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها فقالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه قال نعم.
وجه ذكر هذا الحديث هنا هو أن فيه غض البصر خشية الفتنة وقد تكرر رجاله جدا وأبو اليمان الحكم بن نافع
والحديث قد مضى في الحج في باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة ومضى الكلام فيه
قوله على عجز راحلته بفتح العين المهملة وضم الجيم وبالزاي أي مؤخرها قوله وضيئا أي لحسن وجهه ونظافة صورته قوله خثعم بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة وفتح العين المهملة وبالميم وهي قبيلة قوله وضيئة أي حسنة الوجه تضيء من حسنها ( عمدة القاري 22/ 232 ) .
وقال ابن حجر : وله وضيئة بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة .( الفتح 8 / 467 )
وقال النووي : الوضيئة مهموزة ممدودة هي الجميلة الحسنة والوضاءةالحسن .( شرح مسلم 17 / 108 ) .
وقال السيوطي : وضيئة بالهمز والمد أي جميلة حسنة .( شرح السيوطي على مسلم 6 / 132 )
قال المباركفوري : وجارية وضيئة ) أي جميلة . ( تحفة الأحوذي 4 / 218 ) .
قال الشوكاني : ( الوضيئة ) : مهموزة ممدودة هي الجميلة الحسنة والوضاءة : الحسن . ( فتح القدير 7 / 15 ) .
وقال الشوكاني أيضا: ( ومن جملة ) ما استدلوا به حديث ابن عباس عند البخاري " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وفيه قصة المرأة الوضيئة الخثعمية فطفق الفضل ينظر إليها فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذقن الفضل فحول وجهه عن النظر إليها " . وأجيب بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما فعل ذلك لمخافة الفتنة لما أخرجه الترمذي وصححه من حديث علي وفيه فقال العباس لويت عنق ابن عمك فقال رأيت شابا وشابة فلم آمن عليهما الفتنة .
وقد استنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة حيث لم يأمرها بتغطية وجهها فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل ولو لم يكن ما فهمه جائزا ما أقره عليه . وهذا الحديث أيضا يصلح للاستدلال به على اختصاص آية الحجاب السابقة بزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن قصة الفضل في حجة الوداع وآية الحجاب في نكاح زينب في السنة الخامسة من الهجرة كما تقدم . وأما قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } فروى البيهقي عن ابن عباس أن المراد بما ظهر الوجه والكفان وروى البيهقي أيضا عن عائشة نحوه وكذلك روى الطبراني عنها . وروى الطبراني أيضا عن ابن عباس قال هي الكحل . وروى نحو ذلك عنه البيهقي . وقال في الكشاف الزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب فما كان ظاهرا منها كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب وما خفي منها كالسوار والخلخال والدملج والقلادة والأكليل والوشاح والقرط فلا تبديه الا لهؤلاء المذكورين وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر لان هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن فنهى عن ابداء الزين نفسها ليعلم أن النظر إليها إذا لم يحل لملابستها تلك المواقع بدليل أن النظر إليها غير ملابسة لها لا مقال في حله كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكنا في الحظر ثابت القدم في الحرمة شاهدا على أن النساء حقهن أن يحتطن في سترها ويتقين الله في الكشف عنها انتهى ( والحاصل ) أن المرأة تبدي من مواضع الزينة ما تدعو الحاجة إليه عند مزاولة الأشياء والبيع والشراء والشهادة فيكون ذلك مستثنى من عموم النهي عن إبداء مواضع الزينة وهذا على فرض عدم ورود تفسير مرفوع وسيأتي في الباب الذي الذي بعد هذا ما يدل على أن الوجه والكفين مما يستثني . (نيل الأوطار 6 / 172 ) .
وقال ابن تيمية : وقال وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر سورة الحج 72 فهذه السيما وهذا المنكر قد يوجد في وجه من صورته المخلوقة وضيئة كما يوجد مثل ذلك في الرجال والنساء والولدان لكن بالنفاق قبح وجهه فلم يكن فيه الجمال الذي يحبه الله وأساس ذلك النفاق والكذب
ولهذا يوصف الكذاب بسواد الوجه كما يوصف الصادق ببياض الوجه .( الاستقامة 354 ) .
وقال الثعالبي : إِذا كانَتْ بِهَا مَسْحَة مِن جَمَال فَهِيَ وَضِيئَة وجَميلَة .( فقه اللغة 181 ) .
انتهى من المكتبة الشاملة .
وهل الجمال إلا في الوجه ؟ أليست هذه العبارة المسلمة هي من أدلة الموجبين لستر الوجه بأنه مجمع الجمال والوضاءة ؟ فما بال الأمر الآن انقلب مائة وثمانين درجة ؟
أخي إبراهيم هل خرجنا من هذا الاعتراض ؟ آمل أن تكتب الاعتراض التالي فضلا لا أمرا .
 
أخي الكريم :
حتى يكون الحوار مفيدا يجب أن يكون الهدف منه طلب الحق ، والبحث عنه دون تعصب أو كلام جارح ؛ فلا فائدة في الحوار المشدود الذي يخرج عند أول مداخلة عن حسن الأدب مع الإخوان المسلمين .
أما قولك إن نعت المرأة بالحسن والوضاءة لمجرد قامتها وقدها ليس بفهم عربي صحيح فلم تتثبت منه ؛ بل هو فهم العرب الأقحاح ، وأمثلته في شعرهم معروفة ، وإن شئت الأمثلة فهي موجودة.
وأما قولك بأن الفضل بن عباس وصف بالحسن أيضا ؛ فتناولك لهذا الأمر بطريق السخرية لا يليق بأمثالك هذا أولا ، وثانيا : نعم يوصف الرجل بالجمال لحسن قامته ، وطوله ، بل وحتى لكيفية حمله للسيف وتناسقه في مشيته ، وإن شئت الأمثلة من شعر العرب فلك ذلك .
وأما قولك بأن المذكور في الحديث يستلزم الكشف عن الوجه ، وأنه عبر عنه بما هو لازم له ؛ فهو محل النزاع بيننا ، وحتى لو قبلته معك – تنزلا- فهذا الذي عبر عنه هنا بلازمه ألم يستطع أحد أن يصرح به في أي حديث من هذه الآلاف المؤلفة من الأحاديث مع العلم أن التصريح هو الأصل والتعبير باللازم عارض
وأما قولك – سامحك الله – أني ربما أستثقل كلامك ؛ فلا ينبغي لمثلك من طلاب العلم إذ كيف أستثقله وهو إما نقل عن عالم ، أو اجتهاد في الفهم منك ، وكل منها ينزل علي كالنسيم العليل ، وتستروح نفسي له ، ولغيره ..
وأما النقول التي تفضلت بها فلليست داخلة في الموضوع ؛ وقد قررت لك أن روايات الحديث تدل على أنها كانت وضيئة وحسناء ، والخلاف بيننا هو : هل يطلق العرب وصف "وضيئة "و "حسنة" على المرأة دون نظر إلى وجهها ؟ هذا هو محل النزاع ، وكل النقول التي تكرمت بها ليس في تصريح بذلك إلا في موضعين :
الأول : ما نقلت عن عمدة القاري .
والثاني : ما استنبطه ابن القطان.
والباقي كله خارج عن موضوع البحث ، وكله تأكيد على نفس روايةالحديث وهي ليست مخل خلاف بيننا .
وأظنك توافقني في أن أكثر أهل العلم الذين تكلموا على هذا الحديث لم يصرحوا بما صرح به صاحب عمدة القاري ، ولم يصرحوا أنهم استنبطوا ما استنبطه ابن القطان.
وأعود أخي الكريم وأكرر أن الهدف هو الفائدة أما العبارات من مثل انقلب مائة وثمانين درجة ، وخرجنا من هذا الاعتراض لننتقل للاعتراض الثاني ؛ فمثل هذه الأمور لا تليق بطلبة العلم ، وإنما عرض الأدلة في مسألة الخلاف ، ومناقشتها وعرض أقوال أهل العلم فيها ، ومن ثم الوصول إلى فائدة يتفق عليها الجميع ، ولا غالب هنا ولا مغلوب ، وإنما الحق هو الغالب .
حفظك الله ورعاك وسدد نحو الخير خطانا وخطاك.
 
" تباريح حول قضية النقاب والحجاب"

" تباريح حول قضية النقاب والحجاب"


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعدة

سعدنا بالنقاش بين الإخوة : الأستاذ محمد وإبراهيم وطارق حياكم الله جميعا وبارك فيكم وحفظكم .

وإن كان لي من كلمه فأقول:

ـ يا سادة هذه قضية خلافية وستظل خلافية ولو طرقتم كل باب وسلكتم إليها كل طريق ما انتهيتم أبدا إلى رأي أوحد فالمسألة خلافيه وأكرر

ستظل خلافية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، إذ الله تعالى قد فصَّل لنا ما حرم علينا وهذه المسألة مما لم يدخله الله فيما فصل تحريمه ،

غاية ما فيها قوله تعالى :" وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " وليس النص على وجوههن . ولو أراد سبحانه حسم هذا الخلاف وبتر

الاختلاف وإغلاق باب الاجتهاد في هذه القضية لقال نصا صريحا ينسف كل اختلاف متوقع ليرتفع به إلى درجة الحرام المتيقن ولقال سبحانه

بدلا من قوله :" وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا " ولا يبدين زينتهن إلا ظاهر ثيابهن، ولكن لا تبديل لكلمات الله .

فالأمر فيه أخذ ورد ما دامت السماوات والأرض
ـ

ـ ولو كان الكشف محرما للوجه لما كان عورة يجب سترها في وقت وعدم سترها في وقت آخر إذ لا معنى أن يكون العضو حراما حلالا في آن .

ـ وكما يقول البعض هل حرمة كشف الوجه هي هي حرمة كشف الفرج والثدي والبطن و.......... وبما أن أحدا لم يقل بذلك قلنا علينا إن نتفاهم في حدود صيانة المجتمع من الجريمة أو التلوث البصري أو ما هو مظنة الولوغ في الحرام ولو بنظرة .

ـ ولنا أن نضع كلام العلماء كلهم موضع الاعتبار منا فمن قائل: إن ستر الوجه واجب قوله يحترم في أرض ارتضت هذا القول والخروج عنه في تلك الأرض عار وعيب حتى ممن لا يدينون بغير هذا الرأي.

ـ ومن قال إنه مباح ومحمدة قلنا له جزاك الله خيرا واحترمنا تقاليده المتصلة بالدين في أرضه ووطنه.


ومن قال إن النقاب لا يرفض ولا يفرض في بلد لا تعرفه إلا قليلا كأهل مصر وقرنا قوله.
ومن قال بفرضيته وحتميته على الفاتنة من النساء منعا للفتنة والإغواء والإغراء قلنا له أحسنت هذا مما يرتفع معه الخلاف.

ومن قال إنه ليس من الدين في شيء قلنا لقد افتريت على العلم والعلماء وكتاب الله الكذب وشوهت العلم وأهله.

ـ المهم عندنا أن نصون المجتمع كل مجتمع بحسبه من الفضيلة .
هذه مجرد تباريح أردت أن أصورها بين يدي المتناقشين .

[align=center]والله ولي التوفيق[/align]


ملحوظة : يجب فهم النقاش في ضوء العلم المجرد فحسب ولا يجوز سحبه على عين الأشخاص المتناقشين فليتدبر
.
 
جزاك الله خيرا دكتور خضر كلامك إن شاء الله عين الصواب وأنا أحترم من قال بوجوب ستر الوجه والكفين من المرأة وأعلم أنه متبع للدليل بفهم علماء أفاضل وأظن إخواني القائلين بالوجوب يحترمون أيضا من قال بالاستحباب .
وأقول لأخي إبراهيم جزاك الله خيرا , والحديث له رواية عند أحمد فيها تصريح بكشف الوجه وهي :
1805 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسين بن محمد ثنا جرير عن أيوب عن الحكم بن عتيبة عن بن عباس عن أخيه الفضل قال : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع إلى منى فبينا هو يسير إذ عرض له أعرابي مردفا ابنة له جميلة وكان يسايره قال فكنت أنظر إليها فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلب وجهي عن وجهها ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها حتى فعل ذلك ثلاثا وأنا لا أنتهي فلم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة .
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين .
ولو كانت المرأة ساترة وجهها لذكر في الحديث لدلالته على كشف وجهها فوصفها بالوضاءة ونظر الفضل إليها يدلان على ذلك فمن نفى دلالتهما على ذلك فيلزمه النص تماما كما قالت عائشة رضي الله عنها :المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تتلثم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت . إسناده صحيح إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 4/212
فلماذا قالت : (وتسدل الثوب على وجهها )لأنه يفهم من قولها : ( ولا تتبرقع ولا تتلثم ) أنها تكشف وجهها , مع أنه يمكن أن يقال : تستر وجهها بغير البرقع واللثام والنقاب لكنه قول بعيد فالأقرب فهما أن من ( لا تتبرقع ولا تتلثم ) أنها تكشف وجهها فكذلك من وصفت بالحسن والوضاءة ينصرف ذلك إلى حسن الوجه ووضاءته فمن صرفه عن الوجه يلزمه الصارف , فأين هو الصارف ؟
وتأمل قول أم المؤمنين : وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت
أليس صريحا في الاستحباب وليس الوجوب ؟
ثم أليس فهم العيني وابن القطان أولى من فهمنا وفهم علمائنا المعاصرين مع تقديرنا واحترامنا لجميع علمائنا ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله
أولا أشكر الإخوة الكرام على مشاركاتهم ومناقشاتهم العلمية
كنت من قبل ناقشت هذه القضية- قضية الحجاب والنقاب- في مواضع أخرى وفي أماكن ومواقع أخرى ونتيجة الناقش ذهبت أبحث في حجج كلا القائلين بالحجاب أو النقاب،فخلصت إلى أن الأمر فيه خلاف فقهي حقيقي معتبر، لكل فريق أدلته وتأكدي لي ما قاله الشيخ الخضر"فالأمر فيه أخذ ورد ما دامت السماوات والأرض "، لذلك حررت تلخيصا للخلاف الفقهي، ومما اعتمدت عيه كثيرا تفسير أضواء البيان للإمام الشنقيطي رحمه الله،وكان الداعي لنشر هذا الملخص هو ما ظهر في الساحة الإسلامية من خلاف حول مسألة الحجابأ خاصة أن وصل الأمر إلى منع المنقبات من دخول بعض المؤسسات المهتمة بالعلوم الشرعية، وأن هذا المنع صدر عن رجل يتحمل مسؤولية علمية ودينية. وهدفي هو بيان أنا النقاب ليس مجرد عادة أو أنه غير شرعي،..
أما القاعدة الأصولية القائلة بأن العلماء اتفقوا على أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء فمما حفظته منذ الصغر وبقي راسخا في الذهن،لكن هذه فرصة للبحث في المسألة والتحقق منها.
وجزى الله الإخوة الأفاضل على ماتنبيهاتهم ومشاركاته
 
شيخنا الدكتور خضر حفظه الله تعالى :
ما قلت صواب في مجمله ولكن يؤخذ عليه من وجهة نظري – وإن كنت لست أهلا للاستدراك أو التعليق على كلام أمثالكم – ما يلي :
1 – لا شك أن مسألة الحجاب ككثير من المسائل الشرعية محل خلاف بين علماء الأمة ، ولكن واجب كل مسلم هو البحث عن القول الذي يرى دليله أقوى الأدلة وأرجحها ؛ والبحث في هذا من المدارسة العلمية المحمودة ، ولا زال علماء الأمة الكبار يبحثون في الأدلة ويسلكون مسالك الترجيح في كل مسألة حتى يخرجوا منها بما يرونه أرجح الأقوال ، وكتبهم مليئة بذلك .
2 – الدين دين واحد وصالح لكل زمان ومكان ؛ ويجب على الجميع التزام ما قوي دليله حتى ولو كان مخالفا لعرف البلد الذي يعيشون فيه ؛ بل حتى ولو سبب لهم فتنا ؛ فلم يكن الحق يوما إلا سببا من أسباب الابتلاء ، والخلاف بين أهل الحق ومحاربيه .
وفرق شيخي الفاضل بين من يتبع الدليل ؛ ثم يصر على أن كشف الوجه مباح تبعا لأدلة شرعية يراها ، وبين من يسند كشفه إلى عدم الخروج عن المجتمع في عاداته وتقاليده .
أما بالنسبة لأخينا الفاضل طارق بن عبد الله حفظه الله تعالى فأقول له :
1 – لقد بحثت عن حديث يصرح بكشف الوجه ؛ ولم تأتنا إلا برواية واحدة في حديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ما قلت لك من أنه لو كان كشف الوجه جائزا ، لنقل كما نقل غيره .
فلماذا ينقل لنا الصحابة رضوان الله عليهم كل تعاليم الدين حتى آداب قضاء الحاجة وأمور الحيض والنفاس ، وهيئة جماع الرجل لامرأته ، ثم لا نجد عنهم في قضية كشف الوجه إلا رواية من حديث الفضل رضي الله تعالى عنه .
2 – الرواية التي نقلت فيها ما يلي :
أ – جرير رحمه الله تعالى ثقة بلا شك إلا أن له أوهاما ، وخاصة عند ما يحدث من حفظه .
ب – الحكم بن عتيبة : مع أنه ثقة إلا أنه ربما دلس ، وهو في هذه الرواية عنعن هذا الحديث ، وأنت تعرف عنعنة المدلس.
هذا من ناحية السند ، أما المتن فالذي يظهر من ألفاظ الرواية أنه قلب وجهته عن وجهتها ؛ ولو تدبرت ألفاظ الرواية لفهمت ذلك بصفة صريحة.
أما استدلالك بحديث عائشة :
1 - لماذا لم تذكر معه حديثها كان الركبان يمرون بنا فإذا حاذونا سدلنا على وجوهنا " الحديث ، وهو حسن بشواهده وإن ضعفه الألباني ..
2 – أقصى ما في الحديث الذي ذكرت أن يكون اجتهادا من عائشة رضي الله تعالى عنها وهو معارض بأدلة القرآن والسنة وأقوال الصحابة كعبد الله بن مسعود وغيره.
3 – والجمع بين الحديثين أعني حديثها في تغطية الوجه عند مرور الركبان ، والحديث الذي نقلت في التخيير ممكن ، وأنت تعلم أن الجمع واجب متى ما أمكن كما هو منصوص في علم الأصول .
ووجه الجمع بينهما بأن يجعل التخيير في حال عدم وجود الرجال الأجانب ، ووجوب تغطيته عند وجودهم ؛ ولا تعارض في هذه الحالة.
وأما قولك إن فهم ابن القطان والعيني أولى من فهم بعض العلماء المعاصرين فالجواب عنه من وجهين :
الأول : أني لم أستشهد لك بأقوال علماء معاصرين حتى تضع هذه المقارنة ؛ والقول بوجوب ستر الوجه هو المأثور عن جمهور الصحابة والتابعين وعلماء الأمة السابقين .
الثاني : لا أدري لماذا تستشهد بأقوال الأرنؤوط في تصحيح الأحاديث وهي عمدة الدين ثم ترفض قبول أقوال العلماء المعاصرين .
وأخيرا أطلب منك أن تجيبني على السؤال الذي طرحت عليك آنفا حتى نستفيد جميعا ، وهو :
لماذا نقل لنا الصحابة والتابعون كل كبيرة وصغيرة في هذا الدين كآداب قضاء الحاجة ، وكهيئة الجماع ، ونحو ذلك من الأمور التي لا تصل في أهميتها لمسألة كشف وجه المرأة ، ونقلوها لنا صريحة ، وليست بالدلالات الأخرى كاللزوم ونحوه ، ولم نجد عنهم حديثا واحدا صريحا صحيحا في جواز كشف المرأة لوجهها ؟
لماذا ؟ ما السبب من وجهة نظرك ؟
حفظك الله ورعاك وسدد نحو الحق خطانا وخطاك.
 
أخي إبراهيم الحسني بارك الله فيك الأصل هو كشف الوجه بالإجماع فالمخالف للأصل هو الذي يأتي بالأحاديث , والأصل في وصف المرأة بالوضاءة والحسن والجمال أن ذلك مصروف إلى وجهها بإجماع الكل من قال بالوجوب أو قال بالاستحباب وهناك أحاديث كثيرة تدل دلالة واضحة على كشف الوجه ودلالتها أقوى من التصريح بكشف الوجه ولكن لا يخفاك جواب الموجبين عنها بأنها كانت قبل الحجاب وهو جواب وإن قال به أفاضل إلا أنه مجرد دعوىودون إثباتها خرط القتاد .
ولذلك فلو عكست سؤالك لعرفت الجواب :
لماذا نقل لنا الصحابة والتابعون كل كبيرة وصغيرة في هذا الدين كآداب قضاء الحاجة ، وكهيئة الجماع ، ونحو ذلك من الأمور التي لا تصل في أهميتها لمسألة ستر وجه المرأة ، ونقلوها لنا صريحة ، وليست بالدلالات الأخرى كاللزوم ونحوه ، ولم نجد عنهم حديثا واحدا صريحا صحيحا في وجوب سترالمرأة لوجهها ؟
لماذا ؟ ما السبب من وجهة نظرك ؟
حفظك الله ورعاك وسدد نحو الحق خطانا وخطاك.
 
أخي الكريم : عذرا على التاخر في الرد عليك ، فقد كنت مشغولا .ز
أولا : قولك حفظك الله تعالى إن الأصل هو كشف وجه المرأة بالإجماع ..
فهل لي بمصدر هذا الإجماع ؟
ثانيا : مع علمي القاطع بأن الأوائل قد أكلوا كل ما في قصعة هذا الموضوع ولم يتركوا لنا إلا لقيمات قليلة ؛ فدعنا - أخي الكريم - نتعاون على تجميعها ونتلذذ بمضغها ، وإن لم نستطع فلا أقل من لغق أصابعنا تكرمة لها ..
أول لقمة - بعد الحصول على مصدر الإجماع السابق - هي : إذا كنا اتفقنا على أن الرواية التي استدللت بها فيها علل تمنع من الحكم بصحتها ، وأنك لم تجد - على الأقل حتى الآن - دليلا صريحا في الكشف فأسألك السؤال التالي وأرجو أن لا يكون كسابقه ، وهو :
إذا كان وجه المرأة ليس عورة ويجوز لها كشفه ، فماذا صرف النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وجه الفضل عن النظر إليها ؟
ولماذا صرف وجهه عن النظر إلى الظعن اللواتي كن يجرين ؟
ولماذا صرف وجهه عن المرأة التي كان يردفها الأعرابي على جمله ؟
كل هذاأخي الكريم إنما هو بحثا عن حقيقة هذه المسألة ؛ فكثير من الإخوة عندما قرأ ما كتبه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى التبس عليه كثير من الأدلة في المسألة ..
والألباني على علمه الواسع في الحديث وخاصة في علله إلا أن في فقهه لما يدل عليه الحديث هنات ، وعنده سهو - أيضا - في تصحيح وتضعيف بعض الأحاديث ، وهذا لا ينقص من قدره عند المنصف ، وكلنا متفقون على جلالته في علم الحديث ، إلا أن العالم مهما بلغ قد يخطئ في مسائل يدركها من لا يساوي شسع نعله في العلم ..
والأمثلة من التاريخ كثيرة في هذا المجال.
جمعنا الله تعالى في جنته.
 
يا أخانا الكريم أليس الأصل قبل الحجاب كشف الوجه ؟ فمن قال إن الحجاب الواجب لا يكون إلا بستر الوجه ألا يلزمه هو أن يأتي بالأدلة الصريحة القاطعة ؟
وأما سؤالك عن صرف النبي صلى الله عليه وسلم لوجه الفضل فليس فيه وجوب تغطية وجهها وإلا لأمرها بذلك وما لوى عنقه , وليس جواز الكشف دليلا على جواز النظر لاسيما إن كان متكررا كما في حالة الفضل رضي الله عنه حتى خشي عليه النبي صلى الله عليه وسلم الفتنة .
وأما كلامك عن الألباني رحمه الله فغير مقبول مـ
من لا يساوي شسع نعله في العلم
أن يرميه بأن في فقه للحديث هنات دون أن يفسرها ففسر لنا هذه الهنات ولا تلقي بالكلام على عواهنه , لأنه سبق لك مثل هذا عن ابن عثيمين رحمه الله أيضا في موضوع المتون الذي تناقشنا فيه من قبل , فالزم مع العلماء حدك ولا تتعد فيهم قدرك .
نحن لا نقول بعصمة العلماء بل هم يصيبون ويخطئون ولكن لابد من برهان على خطئهم أما هكذا بإطلاق دون برهان فهذا شأن الطعانين وأعيذك بالله أن تكون منهم , فبرهن على ما تقول تفصيلا وإلا فبادر بالاعتذار عن جرءتك على هذين الإمامين رحمهما الله تعالى .
 
عفا الله عني وعنك وغفر لي ولك وجمعني وإياك مع علمائنا بنبينا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضي الله عنهم في جنات النعيم .
 
عودة
أعلى