51 - تأملت قصص الأنبياء والمرسلين مع المخالفين والمعارضين من العشيرة والمقربين - نوح مع زوجته وابنه وإبراهيم مع والده ومحمد صلى الله عليهم وسلم مع عمه -
فرأيت سمو الخلق وروعة الأسلوب وجميل العبارة وعذوبة الكلمة والرحمة والشفقة والرفق واللين في الدعوة والموعظة والتذكير والتوجيه حتى في اللحظات الحاسمة والساعات الحرجة مع ما كان من مخالفيهم من الشقاق والعناد والكفر والإعراض؛ فلنحتذ حذوهم ونترسم هديهم ونقتدي بهم وننهج سبيلهم(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)
52 - تقسيم الفقهاء وتصنيف العلماء لأبواب الدين ومسائل الشرع لعقائد وأحكام وأخلاق وآداب وحدود وجنايات إنما هو لتوضيح المسائل وتقريب العلوم لا أن نغلب جانباً ونضخم باباً ونغفل أصولاً ونهمش محكمات فالديانة كاملة والملة تامة والشريعة عامة والأحكام شاملة.قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)
53 -في كل قضية اجتماعية أو ظاهرة ثقافية أو مسألة فكرية يبرز النزاع والاحتراب ويظهر الخلاف والعراك بين طائفتين متقابلتين وفئتين متعارضتين: فئة مؤيدة وموافقة للرأي ، وأخرى رافضة ومعارضة للقرار.
* نأخذ مسألة ( اليوم الوطني ) كنموذج لنمط الخلاف الدائر بين الطائفتين في القضايا الثقافية والنوازل الفكرية .
- أولاً : الفئة الرافضة والمانعة للاحتفال باليوم الوطني تستدل بأمور:
1 - التشبه بالكفار وقد ورد النهي في حديث (من تشبه بقوم فهو منهم ) وهذا يقتضي التحريم في كل تشبه في العبادة أو العادة.
2 - الاستدلال بحديث ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) وهذا اليوم بدعة وبالتالي فهو ضلالة.
3 - مضاهاة ومزاحمة العيد الشرعي بتشريع أعياد وأيام غير شرعية يكون لها من الاحتفاء والاحتفال كهيئة العيد الشرعي
4 - ما يترتب عليه من المفاسد كالانفلات الأمني والانحلال الخلقي والهدر الاقتصادي والمخالفات الشرعية والتجاوزات القيمية.
5 - فتاوى العلماء واختيارات المشايخ المانعة والمحرمة للاحتفالات الوطنية والأيام القومية.
- وفي المقابل نجد الفئة الموافقة والمؤيدة لليوم الوطني تحتج :
1 - بأصل الاباحة في العادات والتعاملات فيما لم يرد فيها نص على المنع والتحريم.
2 - رد الاستدلال بحديث التشبه بأنه مختلف في صحته وعلى فرض الصحة فهو خاص بالنهي عن التشبه في العبادات أو في العادات الخاصة بالفئة والجماعة المتشبه بها
ومعلوم أن الاحتفالات من عادات الشعوب وممارسات الامم المسلمة وغيرها على مر العصور ومختلف الأزمان.
3 - رد الاستدلال بأنه بدعة وكل بدعة ضلالة بأن هذا الاستدلال يصح في البدع المتعلقة بالعبادات مما يراد به مضاهاة الدين ومضادة الشرع أما العادات وما لا تعلق له بالعبادة فلا يدخل في الحديث كما قرره الاصوليون.
4 - الرد على الاحتجاج بمزاحمة الاعياد الشرعية والمناسبات الدينية بأن تلك أعياد مرتبطة بعبادات معلومة ومناسك مشهودة وهذه احتفالات مرتبطة بالتحرير أو التأسيس أو اعتلاء العرش وهي من الأمور العادية التي لا ارتباط لها بمناسبة دينية أو عبادة شرعية.
5 - كونه يعود في كل سنة ليس مبرراً للتحريم والمنع ما دام أنه في نطاق العادات والمباحات.
6 - فتاوى العلماء المانعة معارضة بفتاوى أخرى مجيزة ومبيحة وكل له رأيه واجتهاده ولا إنكار في مسائل الاجتهاد والأخذ بأحد القولين لا يبرر تنقص وتسفيه أو تخوين وتقبيح الرأي الآخر ما دام قائماً على اجتهاد ونظر وصادراً من عالم معروف بالعلم والورع.
7 - تأييد التحريم بما يحصل في ذلك اليوم من المفاسد الاجتماعية والاخلاقية والأمنية ليس موجباً ولا مقتضياً للتحريم والتأثيم لوقوعها في غير ما مناسبة ولإمكان ضبطها بالأنظمة الحازمة والقوانين الرادعة،
* هذه وجهة نظر كلا القولين وكل له حظه من الخطأ أو الصواب ونصيبه من الأجر والثواب، فمن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر.
* ومع إيماننا بسنية التباين والاختلاف وضرورة التعارض والتضاد إلا أن منطق الدين والورع وواجب العقل والنظر يحتم علينا أن لا تتحول الخلافات الفكرية والنزاعات المذهبية في المسائل الظنية والقضايا الاجتهادية لحالة من الانفلات والفوضوى بإطلاق أحكام التكفير والتبديع والتأثيم والتجريم أو حالة من الاستعداء والتحريض والاقصاء والتأليب أوالمتابعة والملاحقة والسجن والتعذيب في تعدي صارخ وتجاوز فاضح لحقوق الإنسان وإرادة الأفراد في إبداء الرأي وحرية التعبير فيما لا يتعارض مع أصول الدين وثوابته ولا يتنافى مع الامن الاجتماعي والسلم الأهلي
*ومضة : ((اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
54 - الأحقاد العائلية والضغائن الأسرية وخاصة بين الأقارب والأرحام والأنساب والأصهار زرعها الكبار بالغيبة والنميمة والوقيعة والفرية والهمز واللمز وحصدها الصغار قطيعة وفجوة وتناحراً وتدابراً واستعلاء وتكبراً واستصغاراً وتنقصاً فحولت المجتمع من أسر ممتدة من أصول وفروع العائلة الكبيرة إلى أسر منغلقة وعوائل مكتفئة على ذواتها وأفرادها ناسية وغافلة أو متجاهلة ومفرطة في التوجيه النبوي والأمر الشرعي"الرحم معلقة بالعرش ، تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله".
55 - من آفات العصر وأوابد الفكر التصنيف والتوصيف والتفرقة والتمييز لأفراد المجتمع وأعضاء الأمة بحسب الشكل والهيئة والمظهر والصورة والذي نتج عنه إخراج طائفة من المسلمين وجماعة من المؤمنين من دائرة الاصطفاء والاجتباء والحب والولاء والكرامة والتزكية إلى زاوية التفسيق والتجريم والهجر والبراء والإهانة والتحقير في تجاهل تام وغفلة مفرطة عن الثناء الصادق والوعد الحق في قوله جل وعلا {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} مع اختلاف درجاتهم وتمايز أحوالهم وتفاوت إيمانهم وتباين إسلامهم.
فاللهم احشرنا مع المصطفين الأخيار.
57 - تتجول في العديد من المكتبات وتتصفح الكثير من الكتب وتطالع الصحف وتقرأ الروايات وتعيش مع القصص وتستمتع بالشعر وتتلذ بالنثر وتتابع الفوائد وتتشوق للجديد وترنو للماتع.
وفي لحظات معدودة ودقائق محدودة في زوايا المسجد أو جنبات المصلى تقلب صفحات الكتب العزيز وترتل آيات القرآن المجيد فتشعر بسمو النفس ورقي الروح وطمأنينة القلب وانشراح الصدر واستنارة العقل وسعة الفهم وبعد النظر وقوة الوعي وعندها نحس ونشعر بمدى التفريط وعمق الغفلة عن مصدر العلم ومنبع المعرفة ومرجع السعادة وموضع الطمأنينة.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)
58 - من القواعد الأصولية والضوابط الشرعية أن الاجتهاد والإفتاء في النوازل الكلية والمسائل العامة المتعلقة بالدولة والوطن أو المجتمع والأمة لا يكون بيد مؤسسة معينة أو هيئة مختصة فضلاً عن مجموعة الأفراد أو بعض الأعيان وما نشاهد ونسمعه من قيام فئات من الساسة والمتنفذين أو العلماء والمشايخ أو المفكرين والمثقفين أو الكتاب والصحفيين أو العامة والخاصة من إصدار قرارت أو كتابة بيانات أو تقرير خطابات أو عرض استبيانات أو اقتراح تظاهرات أو توجيه اعتصامات أو وسم هاشتقات، لتنفيذ قرار أو تسجيل موقف أو الإلزام برأي أو فرض اقتراح أو إيجاب فعل أو كسب موقع ، دون الرجوع لأهل الحل والعقد والاجتهاد والرأي والحكمة والبصيرة هو نوع من الافتئات على السلطة التشريعية وسبب لتعريض الأمة للفوضى والاضطراب والزعزعة والاختلال وسبيل لنزع الثقة وفقدان الهيبة للقرارات والأحكام الحساسة أو الآراء والأفكار الحاسمة أو المسائل والفتاوى المؤثرة ؛ فلزاماً على الجهات المسؤولة عن الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي المحافظة على ثقافة البلد وهوية الأمة ووحدة الوطن وثوابت المجتمع وهيبة القرار واحترام السلطة وتقدير المصالح ومراعاة المآلات.
59 - *منذ عقدين من الزمن ومع تمدد المجتمعات وانفتاح العالم وتقارب الثقافات وثورة المعلومات أصبحنا نشاهد الأفكار الغريبة والتوجهات الجديدة والتصرفات العجيبة والمشاهد الحديثة من الشباب والفتيات على حد سواء، في غياب تام وغفلة ظاهرة من قبل علماء الاجتماع وأكاديمي التربية ورجال الشريعة عن تشخيص الظواهر وتوصيف التغيرات وتفسير التقلبات المتتابعة والمتسارعة في مجتمع الشباب ومحيط الفتيات.
* عند بروز وتكشف أعراض ومظاهر الامراض والادواء- كالالحاد وعبادة الشيطان أو هروب الفتيات والتراقص في المجامع العامة وغيرها-على السطح هرع الجميع في حالة من الدهشة والتعجب والتخبط والاضطراب للصراخ والعويل والتحسر والتحسف على الاخلاق الضائعة والقيم الزائغة.
* الظواهر الاجتماعية والتغيرات الثقافية والتحولات القيمية بحاجة لدراسة مستفيضة وبحوث عميقة ورؤى متكاملة وتحليلات شاملة ونظرات واعية واطروحات متزنة ومعالجات متفهمة.
* عند معالجة قضايا الشباب ومشكلات الفتيات لا بد من مراعاة تكوينهم العضوي وخصائصهم النفسية واحتياجاتهم التربوية ونوازعهم الاجتماعية وفطرتهم الدينية وميولهم الترفيهية.
* اختزال العلاج واختصار الحلول في جانب معين أو زاوية حادة - كالعلاج الديني أو التربوي أو الترفيهي ...- دون النظر والتأمل والبحث والدراسة لجميع جوانب الظاهرة وأسباب المشكلة ومظاهر القضية وآثار الحالة يزيد من تفاقمها ويعظم من استفحالها ويؤزم حلها ويضعف علاجها.
* الشباب بجنسيه بحاجة ماسة وضرورة ملحة للهادي والدليل والناصح والمؤدب والمعلم والمربي والحكيم والمجرب والمرشد والموجه ليأخذ بيديه لبر الأمان وشاطيء السلامة وسماء الطمأنينة وفضاء السكينة.
*ومضة : الشباب هم ذخر الأمم وعدة الدول وفخر الشعوب ورمز الماضي وعنوان الحاضر وأمل المستقبل فهل نعي احتياجاته وندرك حقوقه ونتفهم متطلباته.
* ولقد طبق الانبياء والمرسلون تلك المعاني السامية والمقاصد العالية واقعاً حياً وممارسة فاعلة في حياتهم اليومية وتفاعلاتهم المعيشية فهم يصومون ويصلون ويحجون ويزكون ويتفكرون ويتدبرون ويأكلون الطعام ويمشون في الأسواق يخالطون الناس ويعاشرون الأزواج يلاعبون الأولاد ويداعبون الافراد يمازحون ويفرحون ويعملون ويكدحون ويتلذذون ويتمتعون ويعلمون ويرشدون لحيوية الدنيا وصناعة الحياة «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون»رواه مسلم
* ومع ذلك البيان الواضح والتطبيق الصادق الا أن البشرية منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر قد انحرفت عن أصول التوازن وقواعد الاعتدال بين النفس والجسد والروح والمادة والدنيا والآخرة فمالت طائفة للرهبنة والكهنوتية والعزلة والتبتل وانصرفت فئة نحو الإخلاد والركون للرغبات والانغماس والانهماك في الملذات.
* ونتيجة لذلك الاختلاف والانحراف عاش الفرد وظل الإنسان في اضطراب فكري وخلل معرفي وقلق نفسي وتوتر داخلي لمصادمته للفطرة ومعارضته للعقل ومخالفته للشرع وجهله وغفلته عن الحقيقة الواضحة والقضية الصادقة والمعادلة الموزونة {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}
61 - (ورقات إرشادية)
- الطالب / أ . ح . غ . طالب في الصف الثالث ثانوي يعاني من السمنة المفرطة من المرحلة الابتدائية بسبب خطأ طبي في التشخيص وزادت مضاعفات المرض مع تقدمه في العمر من التعرق الدائم وتشققات في القدمين وصعوبة في السير ومعاناة في الجلوس .
- الطالب الآخر/ أ . م . ص . طالب كذلك في الصف الثالث ثانوي يعاني منذ صغره من كهرباء زائدة في المخ مما سبب له اضطرابات نفسية وأسرية واجتماعية وتعليمية وإغمامات متتابعة ونوبات هستيرية وغيرها من المضاعفات التي تسببها الادوية الشديدة التأثير الباهظة الثمن.
جلست مع الطالبين جلسات متعددة في فترات متفاوتة لدراسة الحالة وتفهم الوضع وتخفيف المعاناة،
وكان من ضمن الاسئلة :
من الذي يعتني بك ويتابعك ويهتم بك وترى أنه يحس بمعانتك وتشعر أنه يتعب معك ؟
فكانت الإجابة بالدمعة تسبق اللفظة وبالعبرة تتقدم الكلمة وبالبكاء قبل الإجابة ( أمي ..أمي ) يا أستاذ.
عندها تذكرت الحديث الشريف ( من أحق الناس بحسن صحابتي . فقال : أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك )
وفهمت سر العلاقة بين الأم وفلذات كبدها وحددت الموضع الحقيقي والمكان الطبيعي لموقعي في قلوب وصدور ابنائي بالمقارنة مع الأم وأيقنت أن الثواب والجزاء بقدر البذل والعطاء.
62 - تاء التأنيث وياء المخاطبة ونون النسوة حروف ومعاني وأوصاف وألطاف زينة الحياة وجمال الكون وروعة الدنيا ومتعة النفس وراحة البال وطمأنينة القلب وسكن الفؤاد، عذبة الكلمة رقيقة المنطق حلوة المنظر رائعة المظهر أنيقة الهيئة رشيقة الحركة ، ذلك هو الجنس اللطيف والمخلوق الخفيف قرينة الذكر وشقيقة الرجل.
* في واقعنا المعاصر وزماننا الحاضر تختلف الانظار وتتباين الأفكار وتتمايز التوجهات في النظر للمرأة ومطالعة الأنثى في المنزل والمصنع والمسجد والمستشفى والسوق والعمل والطريق والحديقة، ولكنها تتفق وتجمع كلها على نظرة الدونية والاحتقار أو الشهوة والرغبة أو الخشية والخوف أو الابتزاز والاستغلال أو الظلم والتعدي في تعدي صارخ وتجاوز مؤلم للنصوص الشرعية والوقائع النبوية المتوافقة مع العقول الصحيحة والفطر السليمة الداعية لمطالعة المرأة ومشاهدة الفتاة بعين الشفقة والرحمة والمحبة والألفة والسلامة والعفة والانس والسكينة والجمال والزينة (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)
63 - يختلف الرجل مع زوجته فيلحق بها أقذع الأوصاف وأفظع النعوت وتتنازع المرأة مع قريبتها فتقذفها بأبشع الكلمات وأشنع العبارات ويختصم الجار مع جاره فلا يلبث أن يهمزه بالقبائح ويلمزه بالفضائح،
وتحضر المجالس وتشهد المنتديات وتعاشر الأفراد وتخالط الجماعات وتقرأ المطبوعات وتشاهد القنوات وتسمع الحوارات وتحضر المناقشات فتخرج بحقيقة مؤلمة وتشعر بمأساة موجعة وتوقن بكارثة مفجعة تتمثل في غياب آداب الحوار وتواري ثقافة الاختلاف وتلاشي فقه النزاع وانعدام أخلاقيات النقاش والتي ظهرت آثارها على الصغير والكبير والذكر والأنثى والعالم والجاهل من حصائد اللسان وقوارص الكلام بإلقاء التهم وتوزيع الأوصاف وقذف الآخرين وتجريح المخالفين.
فعلى العلماء والمشايخ والدعاة والمربين والأساتذة والمعلمين والمثقفين والمفكرين والكتاب والإعلاميين والعامة والخاصة تحمل المسؤولية واستشعار الأمانة في الحفاظ على حرمة الكلمة وقدسية العبارة والتحذير من خطر اللفظ وأثر المنطق « وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هيناً، وهو عند الله عظيم"
64 - * تتحدث الأم الكبيرة والعجوز المسكينة - المحبة لأقاربها الراغبة في الصلة المبتغية للأجر - أنها تجلس الأشهر العديدة والسنوات المديدة لا تستطيع زيارة أقاربها وصلة أرحامها بسبب الأنظمة العائلية والقواعد الأسرية والبروتوكولات والقوانين الاجتماعية التي قيدت اللقاءات وحددت الزيارات بأوقات محددة وأوضاع معينة يفرضها أهل البيت ويوجبها أرباب المنزل على محبي الوالدين وأقارب الأبوين مما كان سبباً في تقطع الأواصر وتلاشي الروابط .
* عاشت الأسر والعوائل في العقود الماضية بالبساطة والسهولة والأريحية والتلقائية ثم تحولت بفضل دورات التطوير ومنتديات التغيير لإدارة مؤسسية وشركة نظامية يسودها الأوامر والضوابط والقيود والمحددات لهيئة النوم وصفة الأكل وكيفية الجلوس ونظام الاستئذان وشروط التعامل وحدود العلاقة مما جعل البيت والمنزل أشبه بثكنة عسكرية أو منشأة أمنية.
* يلتقي الشاب بصديقه والفتاة بصاحبتها في لقاء عام أو جلسة خاصة فترى الاحترام المتصنع وتشاهد التعامل المتكلف من إغراق في المدح وتجاوز في الثناء وتنطع في الاطراء مع حركات سامجة وتصرفات مستهجنة لم يظهرها الرجل لوالديه أو تبدها المرأة لزوجها.
* يستقبل الزوج مولوده الأول بفرحة عارمة وسعادة بالغة ويذهب لموظف الاستقبال لاستلام فاتورة الولادة فإذا به يصاب بصدمة كبيرة وحسرة عظيمة عند قراءته لقيمة الفاتورة التي بلغت ثلاثين ألفاً فرجعت فرحته وسروره حزناً وكآبة وهماً وغماً بسبب مجاراته لأهواء الأصدقاء ونصائح الزميلات دون مراعاة المستوى المادي والوضع المعيشي.
* يخرج الموظف - حارس المدرسة الذي لا يتجاوز راتبه أربعة آلاف - من البنك وقد أودع في حسابه مائة وخمسين ألفاً تمويلاً شخصياً. ذهب لأقرب شركة طيران وحجز لأفراد الأسرة برنامجاً سياحياً لمدة أسبوعين في إحدى الدول الأسيوية.
قضى الإجازة واستمتع بالرحلة وعاد لمنزله الصغير وبلده الجميل ولكنه بدأ رحلة أخرى إنها رحلة الديون المتراكمة والقروض المتتابعة والمطالبات الشخصية والالتزامات الاجتماعية .
* يلتحق الشاب صغيراً أو كبيراً بمجموعة من الأصحاب وثلة من الزملاء للمؤانسة والمخالطة والتآلف والتعاطف والتعاون والتكاتف ومع مرور الزمان وتوالي الأيام يحس بشيء من الفتور وتردد في الحضور وانسحاب من المجموعة وتسلل من المنظومة بسبب ما يراه ويشاهده ويسمعه ويبلغه من كبت للحريات وإقصاء للآراء وتحجير على الأفكار وفرض للقيود وإلزام بالتعليمات وإيجاب لضوابط يراد منها صبغ المجموعة كلها بصبغة واحدة وطريقة معينة وقوالب محددة لا يتجاوزها الشاب ولا يتعداها العضو في حياته الواقعية وأوضاعه اليومية .
& هذه نماذج عجلى وقفشات من الصور اليومية والمشاهد الواقعية لأنواع كثيرة وأصناف عديدة من التصنع والتكلف والتشبع والتنطع جعلتنا مقيدين - شعرنا أم لم نشعر - بأغلال متكلفة وقيود مصطنعة أذهبت عنا حلاوة الحياة وبساطة التعامل ورحابة العيش وجمال السماحة ولذة السهولة.
* ومضة : قال عمر رضي الله عنه (نهينا عن التكلف)رواه البخاري
65- (مذكرات إرشادية)
أ - الطالب( م. ف.ش) طالب في الصف الاول ثانوي متأخر دراسياً كثير الغياب ذو شخصية انعزالية وذهنية شاردة وسرحان متواصل جلست معه لمعرفة أسباب الضعف الدراسي والغياب المتكرر فأفادني بأن والده توفي من سنوات ووضعهم المادي ضعيف وهو يبحث عن عمل ليؤمن لأهله الاحتياجات الضرورية وخاصة أنه الاخ الاكبر.
شكرته وأثنيت عليه وسألته لماذا لا يساعدكم الاعمام والخوال للخروج من أزمتكم ؟
فأجابني : بأن الخوال كل مشغول بأسرته ، أما الاعمام فقد أخذوا ميراثنا وطردونا من المنزل ولم يسألوا عنا إلى اليوم .
قبل الطالب موظفاً في العسكرية فأخذ ملفه من المدرسة وودعني قائلاً ( سأعود يوماً ما لاكمال دراستي ولكن بعد أن تتحسن حالتي)
ب - الطالب(ع . م . ط) طالب في الصف الثاني ثانوي تجاوز الحد المسموح له من الغياب عن المدرسة وجد اسمه معلقاً في لوحة الاعلانات من ضمن الطلاب المهددين بالحرمان من دخول الاختبار ، حضر للمدرسة وقابل الوكيل وطالبه بحضور والده وتعهده بعدم الغياب ، في اليوم التالي طلب مني مدير المدرسة مقابلة أحدى الامهات عند باب المدرسة، عرفتني بنفسها بأنها أم الطالب وأن والده قد طلقها وتزوج وسافر لمدينة أخرى وأنها المسؤولة عنه وطلبت رقم المدرسة لمتابعته يومياً وتعهدت بعدم تكرار الغياب ، وفعلاً استمرت طوال السنة الدراسية تتصل على المدرسة وتتابع ولدها حتى أنهى الدراسة والاختبارات بنجاح بفضل الله ثم بمتابعة أمه وأما والده فحسب إفادة الطالب ( لم أره ولا أعرف عنه شيئاً من عشرات السنين)
ج - أما الطالب(خ. ن . ق) فهو يتيم الابوين وقد برر غيابه عن المدرسة بأنه يبحث عن عمل ليؤمن له لقمة العيش حيث منع منه أعمامه المصروف الشهري لأنه قام بزيارة أخواله وهددوه بالسجن إذا عاود زيارتهم مما اضطره للهروب من مدينته والسكن في شقة عزوبية والعمل لمواجهة مصاعب الحياة وتكاليف البقاء.
* بمثل هذه النماذج وتلك الصور خرجت بجملة من التصورات وعدد من الاستنتاجات :
١ - التأني والتروي في اتخاذ القرار والحكم على الآخرين وذلك بالنظر والتأمل والبحث والدراسة عن أسباب الموقف ودواعي الحدث ومسوغات التصرف ومبررات التعامل .
٢ - بالتجربة والمشاهدة أيقنت أن وراء كل طالب كثير الغياب أو قليل الحضور أو متدني المستوى أو متكرر الرسوب معاناة أسرية أو مأساة اجتماعية أو عوارض صحية أو أزمة نفسية أو حاجة مادية .
٣ - ضعف التكافل وقصور التعاون وضمور التكاتف بين أفراد العائلة وأعضاء الأسرة يؤدي لانحرافات أخلاقية وكوارث اجتماعية.
٤ - تعتبر المدرسة هي المصدر الرئيس والمكتشف الأول لكثير من الاحتياجات الطلابية والمتطلبات الشبابية من الجنسين على اختلاف مراحلهم العمرية وتنوع نوازعهم الانسانية.
٥ - تفاوت الناس واختلاف الافراد في مواجهة الازمات ومجابهة الصعوبات فمنهم من تزده قوة وتحدياً وتفاعلاً وتغييراً ومنهم من يفقد توازنه العاطفي وثباته العقلي وانضباطه النفسي لهول الصدمة وقوة المصيبة وضغط الواقع وفقدان المعين وغياب المساعد.
٦ - تبرز الملفات الأمنية والسجلات الاجتماعية في السجون ودور الاحداث وإصلاحيات الفتيات ومراكز الرعاية ومؤسسات التأهيل أهمية التوجيه الطلابي وضرورة الارشاد الاكاديمي ودور التكافل الاجتماعي وأثر الدعم النفسي بين جنبات المدارس وأروقة الجامعات وردهات المعاهد وساحات الكليات في حماية الشباب وصيانة الفتيات من الحيرة والضياع والجنوح والانحراف.
66 - المتأمل في فضائل العبادات وآثار الطاعات يلاحظ النصوص المتكاثرة والآثار المتوافرة في جانب الحث والترغيب والعرض والتشويق التي تحرك العزائم وتبعث الهمم وتحفز النفوس وتهيج القلوب وتثير العقول وتدعو للعمل وتدفع للسعي، على الرغم من مشقة الأمر وصعوبة الفرض وكلفة الطلب، فلتكن لنا سبيلاً وطريقاً للسمو والإرتقاء وضياءً ونبراساً في خطابنا الدعوي ونوراً وهداية في توجيهنا التربوي.
* في الأزمات والنوائب والكوارث والمصائب تظهر النفوس الأبية والأيدي السخية من الأفراد والمجتمعات والهيئات والحكومات التي تسعى لتخفيف الأزمة وتفريج الكربة وكشف الغمة.
* حققت الفرق التطوعية والهيئات الخيرية خلال العقود الماضية نجاحات باهرة وانجازات مشهودة في مجال العمل الخيري والنفع المجتمعي والعون الإنساني.
* حرصت الدول الامبريالية المتسلطة على الحد من النشاط الخيري والعمل التطوعي للمؤسسات والهيئات في العالم الإسلامي مما كان سبباً في إغلاق بعضها وتقييد أنشطة البعض الآخر.
* أما جمعيات البر الخيرية الداخلية فهي تفتقد لأبسط مقومات العمل المؤسسي والفكر الإداري مما كان سبباً في العشوائية والفوضوية والشخصنة والمحسوبية والفساد المالي والخلل التنظيمي .
* مع السعي للبذل والحرص على العطاء تبرز للسطح بعض العوائق النظامية والعقبات البيوقراطية التي تقيد المساعدات الإنسانية وتوقف المعونات التطوعية بحسب رؤى معينة واعتبارات محددة.
*تقييد منافذ العون الخيري وتضييق مجالات التعاون التطوعي فتح المجال لاستغلال الأحداث واستثمار المواقف وانتهاز الفرص من قبل ذوي القلوب المريضة والنفوس الضعيفة لأغراض مريبة وأهداف مشبوهة ومقاصد مشكوكة.
* الشباب الواعد والجيل الصاعد يتوق لغد أجمل ومستقبل أرحب بإعطاء الثقة وتنظيم العمل وتدريب المتطوعين وتأهيل المتبرعين وفتح المجال وإتاحة الفرص للمشاركة المجتمعية والمساعدة التطوعية والمعونة الخيرية في الداخل والخارج تلبية للحاجة الفطرية واستجابة للقيم الإنسانية وتطبيقاً للمثل الأخلاقية التي بينها الحديث الشريف(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)
68 - يحرص بعض الأمراء والعلماء والوجهاء والأثرياء على عقد الندوات الثقافية والمجالس التربوية في المنازل والبيوت أو الاستراحات والديوانيات لعرض موضوعات متعددة ومناقشة أطروحات منوعة ويكون الحضور مفتوحاً ومتاحاً لأهل الحي بخاصة والناس بعامة، وتعتبر تلك المجالس والندوات علامة واضحة ودلالة صريحة على تلهف الناس ورغبة المجتمع في العلم والمعرفة بكافة صورها وتنوع مصادرها، كما أنها تدلل على التفريط البين والقصور الواضح من المؤسسات الثقافية والمنابر العلمية عن القيام بواجب التوعية والإرشاد والدعوة والتوجيه لإرواء النهم العلمي والولع المعرفي .
من المجالس الدعوية والتربوية التي شهدت بداياتها وتابعت تألقها مجلس لأخ فاضل وشاب فاعل في حي متواضع ومنزل صغير اتسع لجلسات أسبوعية تواصلت لسنوات مديدة مع قيام بواجب الضيافة وحسن الوفادة تدلك على همة عالية وعزيمة صادقة ونية خالصة وشعور بالمسؤولية وتحمل للأمانة فجعل الله له القبول من الحضور والثناء من الضيوف والدعاء من الجميع.
69 - * تقويم الطلاب وامتحان التلاميذ من أساسيات العملية التعليمية التي تهدف لقياس جوانب التعلم المتعددة من معارف ومهارات واتجاهات.
* تشكل فترة الامتحانات هاجساً أسرياً لتهيئة الأجواء وتنقية الإرجاء لمذاكرة فاعلة ودراسة جادة للحصول على أعلى الدرجات وأرقى المستويات
* كما أنها تمثل مشاركة اجتماعية بقطع العلائق ولزوم المنازل وترك الزيارات وتوقف المناسبات تجاوباً مع الأوضاع ومسايرة للأحوال.
* وفي فترة الاختبارات تستنفر القطاعات الأمنية - كالشرطة والمرور والهيئة - كافات طاقاتها الممكنة وإمكاناتها الواسعة للحد من الفوضى والتقليل من الانفلات بتوعية الطلاب - من الجنسين- وتنبيه الأسر لمخاطر ترويج الحبوب المخدرة والعقاقير المسكرة في مثل هذه الأوقات والتحذير من المعاكسات والتحرشات والمنازعات والاعتداءات.
* تعتبر المحاضن التعليمية من مدارس ومعاهد وكليات وجامعات هي العنصر الرئيس إعداداً وتنفيذاً وإدارة وإشرافاً على عملية التقويم والقياس في نهاية المراحل الدراسية .
* هذه العناية والاهتمام والرعاية والاستنفار من جميع فئات المجتمع تلقي بظلالها على الطلاب والطالبات خوفاً وفزعاً ورهبة واضطراباً فتؤثر سلباً على العقل والتفكير والمشاعر والأحاسيس أثناء المراجعة والاستذكار أو وقت الاختبار والامتحان.
* الطالب في هذه المرحلة هو حجر الزاوية الذي تدور حوله عملية التقويم والامتحان فهو بحاجة للطمأنينة والسكينة والتهيئة والمساعدة والتحفيز والتشجيع.
* هنالك فرق بين الضبط والحزم والملاحظة والمتابعة وبين الشدة والغلظة والعصبية والغضب المسببة لزيادة التوتر والقلق والشحن والاضطراب من قبل الوالدين في المنازل أو المعلمين في المدارس.
* الطالب الصغير كما الدارس الكبير يحفظ للمعلم المتساهل والأستاذ المتهاون الإهمال والتفريط في شرح المادة وتضييع الحصص وصعوبة الأسئلة وسوء التعامل وضعف الشخصية وفرد العضلات والفخر والخيلاء والتمدح والتندر على تلاميذ التعليم العام أو طلاب التعليم العالي بأنه لا ينجح في المادة ولا يتجاوز المقرر الا الطالب المتفوق والتلميذ المجتهد والذي ليس له حيز في الوجود في نظر هذا الأستاذ العبقري أو الدكتور الألمعي.
* الاختبارات السنوية في جميع المؤسسات التعليمية تقيس جانب محدداً وهو جانب المعارف والمعلومات ومجالاً معيناً وهو مجال الحفظ بالاسترجاع والاستذكار، وإغفال واضح لجوانب المهارات والاتجاهات وإهمال مؤلم للمجالات السلوكية والوجدانية والأخلاقية والقيمية ولذا فلا تعجب من الازدواجية والتناقض التي نشاهدها حينما يخرج الطالب من قاعة الاختبار وصالة الامتحان ويمارس الأعمال المشينهة والأفعال القبيحة أمام المدارس وبجوار الجامعات.
* سياسات التغيير ومشاريع التطوير خلال السنوات الماضية اقتصرت على الجانب الشكلي والمظهر الخارجي للمناهج والكتب والفصول والقاعات والوسائل والأدوات وأغفلت محور التعليم ومركز التربية وهما الطالب والمعلم.
* مع توافر الميزانيات المليارية وتعاقب الوزراء والوكلاء وتعدد مشاريع التنمية والتطوير إلا أنه لا زال السؤال محيراً والاستفهام غامضاً
(تعليمنا إلى أين ؟)
70 - تأملات
* حياتك هي تصورك وفهمك لنفسك وثقتك بقدراتك وسعيك لتحقيق طموحك وتوكلك على ربك واعتمادك على خالقك جل وعلا .
* طريق النجاح يبدأ بالصعوبة والمشقة ويحتف بالمخاطر والعقبات وينتهي بالفوز والفلاح ويختم بالظفر والنجاح،
*ستواجه في طريقك من يشجعك ويساعدك ويعاونك ويحفزك فضع يدك بيده لتصلا جميعاً لخط النهاية وشارة الفوز"فالانسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه"
* ستلاقي في حياتك من يسخر من قدراتك ويستهزئ بمواهبك ويزدري طموحك وينتقص تطلعاتك فلا تعبأ به ولا تلتفت إليه ولا تبالي به ولا تكترث له وواصل طريقك وتابع سيرك لتحقيق أحلامك وإنجاز أهدافك .
* بعد سنوات من عمرك وأعوام من حياتك ستشاهد من يعض أصابع الندم وأنامل الحسرة وأيدي الخيبة حينما يشاهد الفرق بين النجاح والفشل ويلامس التباين بين الفوز والخسارة فلا تكن ذلك الرجل وتذكر(عند الصباح يحمد القوم السرى)
* يتميز المسلم بتصوره الكامل وفهمه الواسع لمفهوم النجاح ومعنى الفلاح بشموله لجوانب الروح والجسد ومجالات الدنيا والآخرة وميادين الفرد والمجتمع وحقول الكون والحياة (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
71 - نظرية الذكاءات المتعددة تعتبر من أبرز النظريات المستخدمة حالياً في التربية والتعليم التي وضعها هاورد جاردنر عام ١٩٨٣م ونشرها في كتابه ( أطر العقل )
تفيد النظرية أن الانسان يتمتع بعدد من الذكاءات المتنوعة لقدرات متعددة، ولو فقد واحدة منها يوظف ما تبقى وفقاً لقدراته ، وتختلف درجة النوع الواحد من إنسان لآخر.
وقد عرض المؤلف لأنواع الذكاءات التي يتمتع بها كل إنسان في المجالات التالية:
١ - الذكاء اللغوي
٢ - الذكاء المنطقي أو الرياضي
٣ - الذكاء المكاني
٤ - الذكاء الحركي(الجسمي)
٥ - الذكاء الموسيقي والصوتي.
٦ - الذكاء الاجتماعي.
٧ - الذكاء الشخصي.
* هذه النظرية تدلنا على أن هناك أنواع متعددة من الذكاء والتميز والقدرة والموهبة يمكن للفرد أن يجد نفسه في بعضها ويبدع ويتفوق فيها بحسب توفر البيئة المحفزة من الوالدين والمعلمين والاسرة والمجتمع .
* من الخلل المعرفي والقصور التربوي في الاسرة والمجتمع والمدرسة والجامعة حصر الموهبة والتميز في جانب واحد ومجال محدد وهو الدراسة والتعلم والشهادة والتقدير فساهمنا في تحجير العقول وتحجيم المواهب وقصر الذكاء وحصر التميز في قوالب اجتماعية قد لا تتوافق مع المعطيات الذاتية والخصائص العضوية والقدرات العقلية والاوضاع النفسية والاحوال البيئية للطلاب والطالبات.
* الفطر السليمة والعقول الصحيحة والشرائع الالهية قررت التمايز والتفاوت والفرق والاختلاف في الجنس البشري بنوعيه بل بين أفراد الاسرة الواحدة والعائلة الصغيرة قال جل وعلا (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال ابن عباس: يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع.
وقال تعالى{ورفع بعضكم فوق بعض درجات} أي: خالف بين أحوالكم فجعل بعضكم فوق بعض في الخلق والرزق والمعاش والقوة والفضل.
* في الواقع النبوي تعامل المربي الاول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه واتباعه على هذا المبدأ الأصيل والاساس القويم فوزع المهام وقرر الأعمال بناء على تنوع المواهب واختلاف القدرات فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياءً عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة}رواه ابن ماجه.
* من الاجحاف بالنفس والظلم للذات وضعها في غير موضعها وتكليفها فوق طاقتها وتوظيفها في غير مجالها واستسلامها لأعراف اجتماعية ومفاهيم عرفية وتقاليد تواضعية دون تأمل وتفكير أو نقد وتمحيص لتغيير الواقع وتصحيح الوضع وتقويم المفاهيم وتوجيه الافكار لصناعة مجتمع أفضل وجيل أسعد.
* من الواجب علينا كأفراد أن نتعرف على مواهبنا ونتفهم امكاناتنا ونوظف قدراتنا ونسخر طاقتنا دون استعلاء وتكبر على الآخرين ولا انغماس وانصهار في شخصيات المبدعين ولا تنقص وازدراء للنفس والذات ( اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر (
* من الضروري علينا كمربين أن نستمتع بأولادنا ونفرح بابنائنا كما هم بمواهبهم وقدراتهم دون مقارنة بالآخرين أو مساواة بين المختلفين ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم )
* من خلال هذه النظرية الواسعة للفلاح والمفهوم الشامل للنجاح والمعنى المطلق للتميز نستطيع أن نصف كل عامل ومجتهد وكل فاعل ومثابر من الصغار والكبار والرجال والنساء في كافة ميادين الحياة النافعة ومسارات العمل المفيدة بأنه من الناجحين الفائزين الغانمين المفلحين
(اعملوا فكل ميسر لما خلق له )
72 - (التدريب بين الواقع والمأمول)
* ترد لبريدي الالكتروني العديد من الرسائل والاعلانات لبعض الانشطة والفعاليات ، شدني منها إعلان عن دورة تطبيق الجودة الشاملة ، قرأت عناصر الدورة ومدتها ووقتها ومكانها وخصائصها ومميزاتها ولكني توقفت عند رسوم الدورة والتي قاربت الألف وخمسمائة ريال للشخص الواحد.
* زارنا في المدرسة الثانوية إحدى المؤسسات التي تقدم دورات تدريبية لطلاب الصف الثاني والثالث ثانوي وقدمت عرضاً لتقديم دورة في القدرات والقياس ولكن رفضنا العرض نظراً للرسوم الباهضة والتي تصل لخمسمائة ريال على كل طالب وتخفض لثلاثمائة للمجموعات .
* يتولى معهد الإدارة ومؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني وعمادات خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات وبعض الفروع التدريبية الملحقة بالوزارت عملية التدريب والتطوير لأفراد المجتمع وأعضاء المؤسسات ولكنها لا تصل للطموح المأمول والهدف المنشود بسبب التقليدية في تقديم وعرض الدورات والمحسوبية في اختيار المرشحين والمنتخبين والنمطية في طرق التسجيل والتقديم وضعف الحوافز وفقدان التشجيع والرسوم العالية والتكاليف الغالية للدورات المتخصصة والمهمة .
* وفي الاتجاه الآخر صدرت التصاريح وفتح المجال على مصراعيه بلا حدود ولا قيود ولا رقيب ولا حسيب أمام المعاهد التجارية والمراكز النفعية التي انتشرت في أرجاء الوطن وأصقاع البلد والتي استنزفت جيوب المواطنين واهدرت أوقات الملتحقين وأصدرت شهادة التخرج وأوراق الاعتماد بمجرد تسجيل الحضور ودفع الرسوم .
* نتيجة لهذا وذاك ظهر عدد من المدربين وجملة من المستشارين في كافة التخصصات وعامة المجالات وتصدرت صورهم الشخصية وسيرهم الذاتية الصحف والمجلات والشوارع والمحلات ومواقع التواصل وبرامج الاتصال يعدون الناس بأكسير الحياة وبلسم النجاح وقوة التغيير وسرعة التطوير في وقت خيالي وزمن قياسي بأفكار حالمة ووعود ساحرة وأماني متخيلة وآمال متوهمة.
* الجيل الصاعد والشباب الطامح بكل مراحله العمرية ومستوياته التعليمية ومجالاته الوظيفية وأوضاعه المعيشية بحاجة ماسة وضرورة ملحة للتدريب المستمر والتطوير المتواصل والتأهيل الدائم والتحسين الشامل لمواكبة التسارع الحثيث في العلوم والمعارف والتنامي الحديث في القدرات والمهارات، ولمواجهة تكاليف الحياة وصعوبات العيش وتغير الأفكار وتنوع الثقافات والتي تستدعي من الجهات الحكومية والمؤسسات الخدمية أن تدرك دورها في الشراكة المجتمعية والمسؤولية الوطنية للحفاظ على مقدرات المجتمع ومكتسبات البلد وتحقيق الجودة الشاملة والتنمية المستدامة .
73 - (كان يعجبه الفأل)
* في فجاج مكة ورحاب الحرم ومع ضغط الواقع وقوة الباطل يعلنها صلى الله عليه وسلم بصوت الموقن ولسان الواثق ( والله ليتمن الله هذا الأمر ) فعن خباب بن الأرت، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: «كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» رواه البخاري
* عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسهيل بن عمرو صلح الحديبية بشروط وقيود وعهود وبنود أصابت المسلمين بالحزن والكآبة والحنق والحسرة فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم في طريق عودته (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)
فعن أنس قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" إلى آخر الآية، مرجعه من الحديبية وأصحابه مخالطهم الحزن والكآبة، فقال: "نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا"، فلما تلاها نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم: هنيئا مريئا لك قد بين الله لك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله الآية التي بعدها: "ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار"، حتى ختم الآية. رواه البخاري
* لقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم خلال فترة دعوته القصيرة في عمر الصراع الطويل يبعث في أمته التفاؤل والأمل ويحذرهم من اليأس والقنوط وينهاهم عن التشاؤم والتطير ويبشرهم بالنصر والظفر ويعدهم بالعز والتمكين ويبين لهم أنه السنة الإلهية والحكمة الربانية التي سخر الله لها الخوارق الأرضية والمعجزات الكونية والتي أكدتها النصوص الشرعية وصدقتها الوقائع النبوية بصور متعددة ومشاهد متنوعة ترسخ اليقين وتعمق الثبات وتشرح النفوس وتطمئن القلوب بأن
)الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) وأن (حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) وأنهم (هم المفلحون) وأنهم (هم المنصورون(
وأنه «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك"
"ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة، أو: حتى يأتي أمر الله "
* الفعاليات الشعبية والمهرجانات التراثية معطى وطني وملتقى ثقافي تتصل فيها أصالة الماضي وعراقة الأجداد بإبداع الحاضر ومنجزات الأحفاد.
* زرتها مرات متفرقة في مناطق متنوعة ومناسبات مختلفة مع الزوجة والابناء والأسرة والاصدقاء واطلعنا فيها على نمط الحياة وأسلوب المعيشة وتعرفنا على أنواع الحرف والمهن وأشكال القصائد والاهازيج وأصناف الاطعمة والأشربة وصور الفرح والاحتفال .
* التراث والثقافة في كل شعوب العالم ترتسم بهوية البلد وعادات الشعب وتقاليد المجتمع كما تلتزم بضوابط الدين وأصول الأخلاق ومبادئ القيم .
* يصاحب الاحتفالات الاجتماعية والفعاليات الشعبية بعض التجاوزات الشرعية أو التعديات الأخلاقية من فئات معدودة ومجموعات قليلة لكنها تقابل بالرفض التام والامتعاض الشامل من عامة الحضور وهذه دلالة خير ومؤشر وعي على عدم الرضا والقبول بالتصرفات السيئة والافعال المشينة .
* الانفلات الأخلاقي والإنحرافي القيمي لدى الشباب من الجنسين وخاصة في المهرجانات والمناسبات هو نتاج اجتماعي
ومحصول أسري يحتاج من الجميع النظر والتأمل والدراسة والبحث عن الأسباب والمؤثرات والنتائج والتأثيرات.
* أمام الظواهر الاجتماعية والمشاكل التربوية يلقي الكثير باللوم والتشنيع والسب والتقريع على الأسباب الثانوية والدواعي الفرعية وينسى البواعث الحقيقية والدوافع الواقعية .
* واجب المسؤولية وفرض التربية المناط بالوالدين والأسرة يحتم عليهم العناية بالابناء والرعاية بالأولاد وملاحظة سلوكهم ومتابعة تصرفاتهم وحفظهم من مساوئ الأخلاق ورديء الأعمال والنأي بهم عن مواطن الفساد ومواضع الفتن.
* في السنوات الأخيرة أخذت الأنشطة والاحتفالات تنحرف عن جانب الفرح والبهجة والاستمتاع والمشاهدة والاريحية والبساطة وتتجه نحو الاحتفالات السينمائية والاوبريتات الغنائية البعيدة كل البعد عن فنون الوطن وتراث المجتمع مع ما فيها من الخسائر المادية والمخالفات الشرعية.
* الأصل في الملتقيات الاجتماعية والاحتفالات الشعبية الحل والإباحة ما لم يصاحبها مخالفات شرعية أو تجاوزات أخلاقية فيقيد الحكم الشرعي بالمنع أو التحريم بنوع المخالفة وذات الخطأ وفي موقع محدد وجناح معين لا على عموم الأمكنة والاجنحة وجميع الفعاليات والأنشطة.
* الأحكام المطلقة بالمنع والتحريم أو الإثم والتجريم على العادات والتقاليد أو المهرجانات والاحتفالات أو الأحوال والأوضاع المباحة والجائزة تضعف قيمة الفتاوى وتوهن مكانة الأحكام مما يجعلها عرضة للاستهانة والامتهان ومجالاً للسخرية والتندر خاصة مع تغير الزمان والمكان والحال.
* وأخيراً على المسؤول والمنظم للأنشطة والمهرجانات المحافظة على النظام العام في المواقع والأماكن والانضباط الشامل للأفراد والمجموعات والانقياد التام لتوجيهات العلماء وإرشادات النصحاء.
* ومضة: «اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
75 - (مذكرات إرشادية)
*الطالب (ب.م.ح) يبلغ من العمر(٢٣ سنة) بالصف الاول في الثانوية العامة متزوج وله أربعة أطفال ويعول أمه وخمسة من أخواته بعد أن تركهم الأب من سبع سنوات بلا سكن ولا نفقة ولا سؤال، تغيب الطالب عن اليومين الاولين من الاختبارات بسبب طرده من المنزل في حي العود مما اضطره للبحث عن سكن آخر دفع فيه راتبه الشهري(٣٠٠٠ ريال) كمقدم لحفظ عائلته الكبيرة وأسرته الفقيرة وعاد لاستكمال بقية الاختبارات يمشي على قدميه ويسير على رجليه يرقب الأمل أمامه والمستقبل بين يديه لم يسأل في الطرقات ولم يجلس عند أبواب المساجد ولم يسلك طرق السرقة والجريمة.
* وفي زاوية أخرى مجموعة من الايتام ترى البؤس في أعينهم والمعاناة في وجوههم والحاجة في هيئاتهم لم يأبه لهم الاقارب ولم يهتم به الجيران ولم ترعهم المؤسسات ولكنهم اختاروا الطريق الصحيح والسبيل القويم لتغيير الحال ومواجهة الصعوبات ومقارعة الملمات بالتوكل على المولى جل وعلا والثقة بالنفس وإكمال تعليمهم ومنافسة أقرانهم في ميادين العلم والمعرفة والنجاح والتفوق والتميز والموهبة .
* وفي جانب آخر تتصفح ملفات ثلة من الشباب والفتيات ممن قدر الله عزوجل عليهم دخول السجون العامة أو دور الأحداث أو مراكز الرعاية الذين عزموا على تغيير واقعهم وإصلاح حالهم وتصحيح مسارهم وتقويم أوضاعهم حيث حفظوا القرآن وقرأوا الكتب وطوروا أنفسهم وهذبوا قلوبهم وخرجوا بعزيمة صادقة وهمة عالية على نسيان الماضي وتحدي الحاضر والتطلع للمستقبل .
* هذه الفئة المنسية من شباب وفتيات المجتمع بحاجة ماسة لتلمس أحوالهم ومراعاة ظروفهم ومتابعة أوضاعهم بمد يد العون والمساعدة والتوجيه والإرشاد والتوعية والتربية والتشجيع والتحفيز والمسامحة والملاطفة والرحمة والرأفة.
* قال صلى الله عليه وسلم ( أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال) رواه مسلم
76 - (إن الله حيي ستير يحب الستر)
* باستطلاع سريع ودراسة احصائية للمواقع الاجتماعية والمقاطع المرئية نجد أن الأكثر متابعة والأعلى مشاهدة ما تصدره عنوان ( فضائح )
* صدرت إحدى الصحف الخليجية في فترة سابقة وكان جل عناوينها وأكثر تحقيقاتها وأبشع صورها عن ( فضائح ) الناس من فنانين ومغنين ولاعبين ومشاهير ومجاهيل.
* ينتشر أحد المقاطع لبعض الأموات وهو في غرفة الغسيل أو ثلاجة المستشفى وعليه صور بشعة ومناظر مؤلمة بحجة العظة والعبرة والذكرى والموعظة دون مراعاة للكرامة الإنسانية والحرمة البشرية
* تتولى إحدى الجهات الأمنية قضية جنائية وحادثة أخلاقية فتطير الركبان بالأخبار والشائعات والتحليلات والتفسيرات والأكاذيب والأفتراءات والخيالات والتوهمات
* ظاهرة هتك الاستار وفضح الأسرار وتتبع العورات وكشف السوأت من أقبح الأعمال وأشنع الافعال التي تؤدي بالمجتمع للتجسس والتحسس والغيبة والنميمة والتهاجر والتدابر والشك والارتياب وإشاعة الفاحشة وتهوين الرذيلة ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
* لقد أكدت النصوص الشرعية والقيم الأخلاقية والمبادئ الاجتماعية والحقوق الإنسانية على ضرورة حفظ العرض وستر العورة وتغطية الزلة وحجب العثرة ( ومن ستر مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة )
77 - (بين دفتي الكتاب)
* تعد المعارض السنوية للكتاب ظاهرة ثقافية وعرساً معرفياً ينتظرها محبو القراءة وعشاق الكتاب للحصول على المصنفات النادرة والمؤلفات الماتعة .
* يدلي بعض العلماء والمثقفين بنصائح وتوجيهات لنوعية الكتب والمؤلفين والدور والطبعات ولا تعدو عن كونها إضاءات شخصية وإشارات ذاتية ترشد القاريء وتوجه المرتاد وتعين الزائر وتساعد المتابع .
* من المظاهر الجميلة والصور الرائعة أخذ الزوجة والأبناء لحضور هذا العرس وشهود هذه الاحتفالية وفتح الباب أمام الجميع للاختيار المناسب والانتقاء الملائم كل حسب ميوله واهتمامه.
* من الصور المزعجة والمشاهد المؤلمة في المعارض الثقافية والتجمعات العلمية تحولها لملاهي ومنتجعات لتنزه العائلة وكشتة الأسرة وعرض الأزياء والتسكع والتجول في المطاعم والكافيهات والاستراحات والساحات.
* لا تغتر أخي الزائر باللافتات العريضة والاعلانات الكبيرة للكتب الأكثر مبيعاً أو الأسرع نفاذاً أو الأوسع انتشاراً والتي يروجها أرباب المطابع ودور النشر لكتب خاوية الوفاض عديمة الفائدة قليلة المنفعة.
* تهتم الكثير من دور النشر والطباعة بعرض الكتب الجديدة والحديثة وعند التأمل والنظر تجد القليل واليسير منها الجديد والمفيد في فكرته ومضمونه وعرضه ومحتواه.
* الناس مختلفو التخصصات والتوجهات والميول والرغبات وبالتالي لا نستغرب الاختلاف والتنوع والتباين والتضاد في اختيار الكتب وانتخاب المصنفات .
* يصاب البعض بهوس الشراء وشغف الاقتناء والفخر والاستعلاء بكثرة الكتب وندرة المطبوعات وتمر السنين وتمضي الأعوام ولم يفتح كتاباً ولم يقرأ مجلداً ولم تؤثر فيه لا علماً ومعرفة ولا فهماً وفقهاً ولا إدراكاً ووعياً فأصبح كالعيس في البيداء يقتلها الظما..والماء فوق ظهورها محمول .
* يتمنى زوار المعرض من المنظمين والمشرفين التطوير والتغيير في الفعاليات والبرامج المصاحبة من عقد دورات تدريبية مفتوحة مجانية أو بأسعار رمزية في فنون القراءة ومهارات الاطلاع ، وكذلك بعقد ندوات فكرية لرواد القراءة والكتابة والعلم والمعرفة في العالم العربي والغربي أو بوضع صالونات وديوانيات للاطلاع والمناقشة حول الكتاب والمعرض وتسجيل المرئيات والمقترحات وغيرها من الانشطة التي ترفع من مستوى الإدراك والوعى وتزيد من نسبة الإقبال والتفاعل مع المعرض وبرامجه الإثرائية .
* القراءة هبة وهواية ومنحة ومتعة ودربة وممارسة تؤنس النفس وتشرح الصدر وتنير العقل وتحفظ العلم وتدل الباحث وترشد السالك وتسمو بالفرد وتنهض بالمجتمع .
* ومضة : {اقرأ باسم ربك الذي خلق (١) خلق الإنسان من علق (٢) اقرأ وربك الأكرم (٣) الذي علم بالقلم (٤) علم الإنسان ما لم يعلم }
78 - ( الملاذ الآمن)
* تمثل الأسرة في التشريع الاسلامي الرابطة المثالية والعلاقة الواقعية والصلة الحقيقية والنواة المنطقية الجامعة للأفراد والجماعات.
* تبدأ الأسرة في الاسلام بالتكون من الزوجين المرتبطين بعقد شرعي وثيق يقوم على الألفة والمودة والعشرة الحسنة والمعاملة الكريمة بحفظ الحقوق وتأدية الواجبات.
* يبدأ التكوين الأسري في التمدد والتوسع ليشمل الابناء والاحفاد والارحام والأجداد والاصهار والانساب.
* كل هذه المنظومة تكون الاسرة وتبني العائلة والتي تقوم العلاقة فيما بينها على التواد والتراحم والتكاتف والتعاطف والتعاون والتكامل.
* أحيط النظام الاسري في الاسلام بسياج من الأحكام والمبادئ والقواعد والأسس التي تنظم وتضبط الأسرة بدءاً من تكوينها ومرورا بقيامها وانتهاء بتفرقها ونهايتها.
* الدراسات الموثقة كما المشاهد المرئية في المجتمعات الغربية - والتي تبرز الانفلات الاسري والانهيار العائلي - توضح بجلاء وتكشف بنقاء على عظمة الاسلام وجلالة الشريعة في العناية والرعاية والاهتمام والصيانة لهذه الرابطة وتلك العلاقة.
* سعت المنظمات الدولية من خلال مؤتمرات الاسرة والسكان على فرض الأجندة الغربية والاتفاقيات الأممية لزعزعة الثوابت الدينية والمبادىء الأخلاقية والقيم الاجتماعية .
* تبرز من حين لآخر أصوات شاذة وأبواق مغرضة داعية ومحرضة على التحرر والانعتاق والتمرد والتنمر على قواعد الأسرة وضوابط العائلة.
* الدراسات الاجتماعية الحديثة في المجتمع السعودي كما هو الحال في المجتمعات العربية تدق ناقوس الخطر حول التفكك الأسري والتصدع العائلي وانفصام الروابط وانفصال العلائق .
* على المصلحين والمربين التوعية والتوجيه بضرورة العودة للأصل والأساس في صلاح الأفراد وتغير المجتمعات ألا وهو الأسرة الصغيرة والعائلة الممتدة .
* ومضات أسرية : (الزم رجلَها- أي الام - فثمّ الجنة) (الوالد أوسط أبواب الجنة )( استوصوا بالنساء خيراً )(الخالة بمنزلة الأم ) (عم الرجل صنو أبيه) ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ) (الرحم معلقة بالعرش ، تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله)
* قال أنتوني براندت : أمور كثيرة قد تغيرنا، لكننا نبدأ وننتهي بعائلة.
79 - ما أجملها من لحظات وما أسعدها من أوقات حين تفتح عينيك وتقلب ناظريك في حال الصحة والعافية أو السقم والمرض وعند الفرح والسرور أو الشدة والألم فتجد المؤازرة والتأييد أو المواساة والتخفيف بعبارات صادقة ودعوات خالصة من الأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف والقريب والبعيد تشعرك بوحدة الجسد واتحاد الروح وصدق المشاعر وعمق العلاقة وواجب الأخوة وحق العشرة أنها العلاقة المنبثقة من الإيمان والمحتسبة للأجر والرابطة بين الأجساد والمؤلفة للقلوب والمتطلعة للوعد النبوي ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)
80 - * هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فكان أول الأعمال وأهم التدابير بناء المسجد والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
* وخلال الدعوة النبوية في مكة والمدينة كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على ترسيخ هذا المبدأ وتعميق هذا الأصل بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام تأمل قوله ( المؤمن أخو المؤمن ) ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) وفي أحدى الغزوات ضرب رجل من المهاجرين، رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بال دعوى الجاهلية؟»«دعوها، فإنها منتنة»
* وبين المولى جل وعلا مكانة الأخوة الإسلامية ومنزلة الرابطة الدينية بقوله تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}
وقال جل وعلا ( إنما المؤمنون إخوة )
* وجاءت النصوص الشرعية والآداب الإسلامية والقيم الأخلاقية لتأكيد هذه الوشيجة وتوثيق تلك العلاقة كالحث على الهدية وإفشاء السلام وإطعام الطعام وحسن الجوار وطيب الكلام والنهي سيء الأخلاق وقبيح الأفعال.
* وقرر العلماء والأئمة أن الولاء والنصرة للمؤمنين والبراء والعداوة من الكافرين من موجبات الإيمان ومقتضيات الإسلام .لقوله تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون } وقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
* فعلى المسلم الحق والمؤمن الصادق أن يلتزم بنصوص الكتاب والسنة وأصول الشرع وقواعد الملة في الحب والبغض والولاء والبراء والنصرة والمعاداة تحقيقاً للرابطة الإيمانية واتباعاً للنصوص الشرعية وطلباً للأجور العلية.
* ومضة :عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري ومسلم
وعن عبدالله بن عمرو قال قال رسول صلى الله عليه وسلم ( فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) رواه مسلم
81 - طبيب يقوم بالتشخيص الأولي لحالة المريض المستعصية والعاجلة ويحدد لها موعداً بعد ثلاثة أشهر فتراجعه الحالة فيوصيها بزيارته في عيادته الخاصة لمتابعة الحالة وبمواعيد أسبوعية.
* محامي لا يحضر الجلسات في المحكمة ويطيل في القضية لمجرد الحصول على الأتعاب في حين أنه بإمكانه إنهاء القضية في أسابيع معدودة .
* مدرس يتهاون بعمله ويفرط في واجباته غياب متكرر وأداء ضعيف ومستوى متدني ونتائج مخيبة ومع ذلك يطالب تلاميذه بأخذ دروسه الخصوصية ومحاضراته الخارجية .
* كاتب أو صحفي يزيف الحقائق ويزور الوقائع ويصعد الأحداث ويثير الناس ويضخم الأخطاء من أجل زيادة المبيعات لجريدته أو كسب الشهرة لقلمه.
* مهندس يتساهل في شروط استلام العمل من المقاول لأنه يتقاضي هدايا أو نسبة من الربح ومن ثم تكون النتيجة توقف المشروع أو تأخر تسليمه أو رداءة تنفيذه.
* أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوي لعام ٢٠١٣م والذي تحدث عن الأوضاع في ١٧٧ دولة، وكانت المفاجأة أنه ليس بين الدول العشر الأول الأكثر نزاهة أي دولة اسلامية أو عربية وأفضل دولة عربية في الشفافية تحتل المرتبة السادسة والعشرين عالمياً وهي دولة الأمارات في حين احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة والستين وتأتي خمس دول عربية من بين ثمان دول هي الأكثر فساداً في العالم
*هذه الصور والمشاهد تدعونا لوقفة صادقة ونظرة متأملة نحو واقعنا العملي وأدائنا الوظيفي والذي به نهضة الأمم ورقي المجتمعات وراحة الفرد وطمأنينة الإنسان.
* أدركت الدول الغربية والأسيوية الصناعية أهمية الإتقان الوظيفي والجودة العملية فأدرجت في مناهجها الجامعية المقرر الإجباري في المستويين الأول والأخير وهو ( أخلاقيات المهنة ) منذ السبعينات الميلادية
في حين أن بعض الدول العربية لا تعترف بهذه المادة أو جعلتها من المقررات الاختيارية.
* ديننا الإسلامي وأدبياتنا الأخلاقية - فيما يقرب من ثلاثمائة آية ، وألف ومائتي حديث شريف - تدعونا لإحسان العمل وإتقان الوظيفة وأداء الواجب واحترام العقد وتحمل الأمانة واستشعار المسؤولية .
* ومضة : قال تعالى ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )
وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء)
82 - 1 - عاصرت في حياتي عدداً من العلماء والمشايخ وجالست بعضاً من المفكرين والمثقفين وعاشرت ثلة من العظماء والمؤثرين فترسخ في نفسي عند كل لقاء وزيارة وفي كل درس ومحاضرة محبة العلم والمعرفة وتقدير الاستاذ والمفكر وإجلال الشيخ والمعلم ، ألمح وجهه فأرى آثار السنين وجهد الأعوام ، وأسمع صوته فأتذوق شهد العلوم ورحيق الكتب ، وأجلس معه فأشاهد علو الهمة وسمو الارادة ، وأشهد جنازته فأتذكر حسن العاقبة وعظم الأثر.
٢ - من دلائل الحرمان وأمارات الخسران الاستهانة بمكانة العلماء والتنقص من منزلة الفضلاء والذي تجلى في صور متعددة ومشاهد مؤلمة ومنها :
- التهميش الواضح والعزلة التامة للعالم والمفكر عن وسائل الإعلام ووسائل التواصل في حين تجد عاجل الأخبار وأهم الأحداث تلاحق الفنان واللاعب وتنشر القبائح والتوافه وتهتم بالغرائب والعجائب .
- قيام مؤسسات التعليم ودوائر الثقافة بإحالة العالم والاستاذ للجلوس والتقاعد بحجة كبر السن وضعف الأداء وقلة العطاء في وقت بلغ فيه الرسوخ في العلم والرجاحة في العقل والبصيرة في النظر والحكمة في الرأي .
- تطاول الجهلاء وتجرأ السفهاء بالسب والشتم والاستهزاء والتندر والقدح والاتهام لعلماء الأمة وعظماء المجتمع بدعوى حرية الرأي وشفافية النقد وموضوعية الرد.
- تغييب العلماء وتحجيم الخبراء عن المشاركة الفاعلة والممارسة المثمرة في الرأي والمشورة أو التوجيه والإرشاد أو التعاون والتضامن مع المؤسسات المدنية والهيئات المجتمعية.
- نكران الجميل وكفران العشير من المؤسسات التعليمية أو العمادات البحثية أو القنوات الاعلامية عن الاستفادة والاستزادة من مناهل الخبراء وتجارب المختصين .
٣ - من إجلال العلماء وتوقير الحكماء حفظ المكانة ورعاية المنزلة والإحترام والتقدير والاكرام والتبجيل في حدود لا تتعدى للتقديس والتعظيم ولا تهبط للاسفاف والتحقير .
٤ - لقطة : قال الشيخ محمد عبد الرحيم بدر الدين في تقديمه لكتاب ديوان المجموع اللطيف في بني نصيف: " ولقد رأيت بنفسي يوم توفي علم من أعلام الأمة وجبل من جبال العلم في عصرنا هو العلامة الدكتور محمد عبد الله دراز .. رأيت نشر نعيه وخبر وفاته في زاوية متواضعة في ثنايا عمود منزوٍ من صفحة داخلية في بعض الصحف في حين كانت الصفحة الأولى تختنق بعناوين ضخمة وصور متعددة وتعليقات مسهبة حول وفاة راقصة مشهورة".
83 - - وزارة الشؤون الإسلامية بعد عشرين عاماً ١٤١٤ - ١٤٣٥هـ
* تدخل المساجد وتمر بالجوامع في المدن الكبيرة والمناطق الكثيفة - فضلاً عن القرى والهجر- فتأسف لحالها وترثي لوضعها لرداءة مرافقها وسوء مبانيها وقدم محتوياتها ونقص حاجياتها.
* جمعية لتحفيظ القرآن الكريم في أكبر مدن المملكة مديونة بالملايين وتستجدي السداد والمعونة من المحسنين والمتصدقين .
* مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات تتوقف مشاريعها وتتعطل مكتسباتها بسبب قلة الموارد وضعف الامكانات وغياب الخطط وتخلف الاستراتيجيات.
* تطرح الوظائف للافراد وتتنوع الفئات للمساجد بدون معايير واضحة أو منافسات معلنة.
* تنسيق المحاضرات والدروس وفتح الحلقات والدور وترخيص النشاط والفعالية يحتاج لأشهر بل لسنوات ويتطلب ضمانات حتى يخرج للعيان ويرى النور .
*يواجه المجتمع - منذ عقدين تقريباً- ثورة معلوماتية وتوجهات ثقافية متعددة ومتباينة تثير التساؤلات وتبعث الاستفهامات وتسبب الحيرة وتدعو للارتباك مما يتطلب الدراسة المستفيضة والمعالجة العاجلة.
* في ظل التطور التقني والالكتروني والتوسع الإعلامي والفضائي تبقى الوزارة غائبة عن المشهد ومتخلفة عن المواكبة في مجال التوعية التقنية والدعوة الفضائية .
* المساحة الجغرافية الكبيرة والزيادة السكانية المطردة تتطلب التوسع في استقطاب الكفاءات الدعوية المؤهلة والمهيأة للقيام بواجب الدعوة والتعليم والتوعية والإرشاد.
* رأي الجمهور واستطلاع الناس مؤشر محايد وعلامة مساعدة للتعرف على الموقع والمكانة أو الفاعلية والأداء أو التميز والإنجاز.
* بعد مرور عقدين من الزمن على إنشاء الوزارة نطرح استفتاءاً عاماً واستطلاعاً بسيطاً للصغير والكبير والرجل والمرأة والمسلم والكافر عن مكانة الوزارة وسمعتها ودورها وأثرها وفعالياتها وأنشطتها في المجتمع والواقع - فضلاً عن المرجو والمأمول - فحتماً ستكون الإجابة والنتيجة مؤسفة ومؤلمة ولكنها منطقية وواقعية وحقيقية وطبيعية .
* ومضة : عن أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: «أين السائل عن الساعة» قال: ها أنا يا رسول الله، قال: «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة»، قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» رواه البخاري
* اليوم العالمي للكتاب هو احتفال يقام كل عام في 23 أبريل بعد أن قررت اليونسكو منذ عام 1995 الاحتفال بالكتاب والقراءة وحقوق النشر والملكية الفكرية.
*هذه الفعالية وتلك الاحتفالية على الرغم من بدايتها الحديثة والمتأخرة إلا أنها أحدثت صداً واسعاً في العالم أجمع لأهمية الكتاب ودوره في حياة الأفراد وتطوير المجتمعات وإلى تشجيع القراءة واكتشاف متعتها واستشعار لذتها.
* مررت بالعديد من المكتبات الجامعية والمراكز البحثية فذهلت لقلة الحضور وندرة المرتادين مقارنة بالأعداد الكبيرة التي تحتضنها الجامعات والكليات من الطلاب والاكاديميين والباحثين .
* تسعى أمانات وبلديات المدن لتوفير المتنزهات والحدائق والملاعب وطرق المشاة في الحواري والأحياء وتغفل عن وضع مجالس للقراءة أو ديوانية للمطالعة بجوار تلك الملاهي والمنتجعات.
* نسمع عن الأندية الأدبية والملتقيات الثقافية والتي يصدق عليها قول الأول "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" فلا تعرف لها مكاناً ولا تسمع لها نشاطاً ولا ترى لها إنجازاً ملايين تدفع ومليارات تهدر من أجل مهاترات نخبوية ومهاوشات شخصية ونزاعات انتخابية والمجتمع بكافة أفراده وعلى اختلاف مستوياته يتلقى الأدب والثقافة من المواقع الاجتماعية والقنوات الفضائية .
* وزارة الثقافة والإعلام - خلال خمسين عاماً - اهتمت بمسابقات النجوم والمسلسلات اليومية والأحداث الرياضية والاحتفالات الفنية حتى هجرها متابعوها وحذفها مشاهدوها لضحالة المعروض وسخافة المنتج وتفاهة المرأي الخالي من العلم والمعرفة والفكر والثقافة .
* أما الجامعات والكليات فقد أعلن فيها - منذ عقود - عن موت الكتاب ووفاة المراجع وتأبين المصادر واستعيض عنها بالمذكرات والملخصات فتخرجت أجيال لا تعرف القراءة ولا تحسن البحث ولا تجيد الكتابة ولا تتقن التعبير .
* لقد أدرك الأوائل والأواخر والعلماء والعظماء أن أجمل الأوقات وألذ اللحظات وأمتع الساعات تلك التي تعيشها بين دفتي كتاب وصفحات سفر وورقات مصنف وأغلفة مؤلف .
* "لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة ،وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً" عباس محمود العقاد
* قال علي بن الجهم سمير إذا جالسته كان مسلياً ... فؤادك فما فيه من ألم الوجد. يفيدك علما أو يزيدك حكمة ... وغير حسود أو مصر على حقد. ويحفظ ما استودعته غير غافل ... ولا خائن عهد على قدم عهد. زمان ربيع في الزمان بأسره ... يبيحك روضا غير ذاو ولا جعد. ينور أحياناً بورد بدائع ... أخص وأولي بالنفوس من الورد.
* ومضة : قال تعالى {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5) }
* دخل علي في غرفة الارشاد واستأذن في الجلوس وبدأ يسرد قصة منزله والتي بطلها الأب الحنون اللطيف الظريف والذي يتحول في المساء إلى وحش كاسر ووجه مرعب حينما يستضيف زملاؤه في المنزل ويحضر الشراب ويتناول المسكر ويبدأ المسلسل اليومي بعد العشاء ويمتد للصباح بإهانة الزوجة وضرب الابناء وإدخالهم في إحدى الغرف وإغلاق الباب وفصل هاتف المنزل ومنع الاتصال والتجوال في صورة من العناء والشقاء مع الأب الراعي والولي الحامي .
* وفي موقع آخر كنت اتابع حالة طالب متكرر الغياب متدني المستوى لا يسأل عنه الا جدته البالغة سبعين عاماً وبعد بحث ومتابعة لشخصه وظرفه تمكنت من عقد جلسة قصيرة معه فقام برواية قصته والتي بدأت من السنة الأولى من ولادته حين تفرق والداه فتركته أمه عند جدته لأبيه وتزوجت من رجل آخر كما تزوج الأب من زوجة آخرى وانتقل للعمل في مدينة أخرى ، الطالب عمره يقارب التاسع عشرة ولا يعرف الا جده وجدته أما والده فقد أسلماه لقسوة الحياة ومعاناة العيش ومصاعب السنين وفرطا في واجب الرعاية وحق التربية .
* وفي حادثة جديدة يعتذر الطالب عن تأدية الامتحان في بعض المواد لفقدانه التركيز وشعوره بالقلق واحساسه بالاكتئاب بسبب المشاكل العائلية والنزاعات الأسرية المتكررة يومياً بين الوالدين والتي تطورت بطرد الأب زوجته من المنزل ومنع الابناء من زيارتها أوالتواصل معها .
* هذه النماذج وغيرها من مشاهد الخصومة والنزاع والخلاف والصراع المنزلي تلقي بظلالها وتؤثر بتكرارها على النسيج الأسري والوئام العائلي ، وتولد أنواع من الأمراض النفسية ( كالقلق والاكتئاب والعزلة والرهاب ) ، كما أنها تحدث أشكالاً من المشاكل الاجتماعية ( كجنوح الابناء وهروب الفتيات ) وتبرز آثاراً تربوية ( كالضعف الدراسي ، وصحبة السوء ، والتسرب من المدارس ) .
* على الوالدين أن يدركا أن تكرار مشاهدة الأولاد الخلاف الأسري والنزاع العائلي له تأثيراته السلبية ونتائجه الكارثية على جميع الجوانب النفسية والتربوية والعقلية والتعليمية والعاطفية والاجتماعية .
* ينظر أفراد الأسرة وبخاصة الابناء والبنات للبيت والمنزل على أنه مصدر الراحة ومنبع الطمأنينة وباعث السكينة وسبب الاستقرار ومهوى القلوب وماوئ الأفئدة ومحضن الحب وكنف العاطفة.
* لا يخلو بيت من نزاع ولا منزل من خلاف ووظيفة الزوجين الرقي في التعامل والسمو في التصرف ومعالجة الأخطاء واحتواء الزلات وتقديم المصالح الأسرية والمكتسبات العائلية على النوازع الشخصية والرغبات الذاتية .
* ومضة : عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين، فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام، فضربت يد الرسول فسقطت القصعة، فانكسرت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام ويقول: «غارت أمكم كلوا" فأكلوا فأمر حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول، وترك المكسورة في بيت التي كسرتها»رواه البخاري واللفظ للنسائي
* هذه الفتنة وتلك البلية لم يسلم منها الانبياء والمرسلون باللهمز واللمز في النفس والعقل والأهل والولد (كاهن ، كاذب، ساحر ، مجنون ، مفسد ... ) وامتدت تلك النزعة الدنيئة والصفة الذميمة تستشري في الأمم والشعوب على مر القرون وامتداد الأزمنة .
* تصفحت كتب التراجم والسير وأصابتني الدهشة من هول ما قرأت وفضاعة ما طالعت ( فلان رمي بالقدر وآخر اتهم بالارجاء ، وثالث وصم بالرأي ، ومحدث طرد من وطنه ، وعالم قتل بالظن ، وفقيه سجن بالتهمة ...)
* لا يخلو عصر من الأعصار من صور الفجور في الخصومة والتجني بالتهمة والظلم بالريبة والتعدي بالمظنة دون خوف من حساب أو وجل من عقوبة أو مراعاة لاخوة أو سماح بتوبة .
* بالاستقراء التاريخي نجد أن هذه الفتنة تسري في الأفراد وتستشري في المجتمعات حينما تجد الأرضية الخصبة والبيئة المساعدة على التوسع والإنتشار من تأييد عالم أو قرار حاكم لا يدراكان آثار الفتنة وعواقب المحنة على اللحمة الاجتماعية والرابطة الوطنية بتعميق الانقسام وتجذير التفرق وتعدد الولاءات وتنوع الانتماءات .
* ومضة : عن محمود بن الربيع، قال: سمعت عتبان بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه في منزله، فقال: «أين تحب أن أصلي لك من بيتك؟» قال: فأشرت له إلى مكان، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصففنا خلفه، فصلى ركعتين) وفيه (فقال رجل: أين مالك بن الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله " قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله "رواه البخاري ( ٤٢٥)
* إطلالة : قال شيخ الإسلام
( من البدع التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله: مثل أن يقال للرجل: أنت شكيلي أو قرفندي. فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأئمة لا شكيلي ولا قرفندي، والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي؛ بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.
بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها مثل انتساب الناس إلى إمام كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، أو إلى شيخ كالقادري والعدوي ونحوهم، أو مثل الانتساب إلى القبائل: كالقيسي واليماني، وإلى الأمصار كالشامي والعراقي والمصري.
فلا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان. فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تفترق وتختلف، حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى)