برنامج (في صحبة القرآن)

إنضم
7 مايو 2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
هذا تفريغ بعض حلقات برنامج (في صحبة القرآن) للدكتور محمد علي يوسف قدمه على قناة أمجاد ولكنه متوقف حالياً ولهذا سأرفع لكم كل يوم بمشيئة الله تعالى إحدى الحلقات المفرّغة والتي ما زلت أعمل على استكمالها.
كل حلقة تتحدث عن سورة من كتاب الله تعالى بدءاً من سورة الفاتحة ووصل الدكتور إلى سورة طه.
الحلقات قيمة بالفعل أسأل الله تعالى أن يجزي الدكتور عنا خير الجزاء ويبارك في علمه ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
لعلنا نتوقف كل يوم مع سورة نتأملها ونستعرض النقاط التي وردت في الحلقة فنجعل بيننا وبين سورة القرآن علاقة نستحق بها أن نكون من أصحاب القرآن الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه.
نبدأ على بركة الله
بسم الله الرحمن الرحيم

[FONT=&quot]تفريغ حلقات برنامج في صحبة القرآن [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الفاتحة [/FONT]
[FONT=&quot]السورة التي نقرؤها في اليوم والليلة أعلى معدل قرآءة لسور القرآن الكريم وهي ليست سورة عادية. في الحديث الصحيح عن أبي هريرة (قالَ أتُحِبُّ أن أعلِّمَكَ سورةً لم يُنَزَّلْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفُرقانِ مثلُها قالَ نعَم يا رسولَ اللَّهِ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كيفَ تقرأُ في الصَّلاةِ قالَ فقرأَ أمَّ القرآنِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والَّذي نفسي بيدِهِ ما أنزِلَتْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها وإنَّها سبعٌ منَ المثاني والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُهُ) وتلا عليه سورة الفاتحة. سورة ليس لها مثيل لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور وفي رواية صحيحة لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأحد الصحابة (ألا أعلِّمُك أعظمَ سورةٍ في القرآنِ قبل أن تخرج من المسجدِ) فأخذ بيديَّ، فلما أردْنا أن نخرج، قلتُ : يا رسولَ اللهِ، إنك قلتَ: (لأعلِّمنَّك أعظمَ سورةٍ من القرآن) قال: ({الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ} هي السبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه)) [/FONT]
[FONT=&quot]هل سبق وتعاملت مع سورة الفاتحة بهذه السورة من قبل؟ هذه هي الصحبة التي نريدها، هل شعرت مرة وأنت تقرؤها أنك تتكلم مع ربك سبحانه وتعالى؟ في الحديث القدسي سمى الله سبحانه وتعالى سورة الفاتحة صلاة (قسمت الصلاة بيني وبين عبد نصفين) كل الكلام في هذا الحديث عن سورة الفاتحة، لم يتحدث عن الركوع ولا عن السجود، سميت الفاتحة صلاة (قالَ اللهُ تعالى: قسمتُ الصَّلاةَ بيني وبينَ عبدي نصفينِ ، ولعبدي ما سألَ، فإذا قالَ العبدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قالَ اللهُ تعالى: حمدني عبدي وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قالَ اللهُ تعالى: أثنى عليَّ عبدي وإذا قالَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قالَ: مجَّدني عبدي (وقالَ مرَّةً: فوَّضَ إليَّ عبدي) فإذا قالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قالَ: هذا بيني وبينَ عبدي ولعبدي ما سألَ فإذا قالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قالَ: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) في الصلاة أمور أخرى لكن هناك أمور لا بد أن نقف معها أن هذا حوار والله سبحانه وتعالى يرد عليك وأنت تقرأ سورة الفاتحة، لذا علينا أن نتعامل مع سورة الفاتحة من هذا المنطلق. [/FONT]
[FONT=&quot]ما موضوع سورة الفاتحة؟ ما أهم ما ورد فيها؟ ولماذا سورة الفاتحة في كل صلاة في اليوم والليلة 17 مرة ركن من أركان الصلاة؟ ما هو الموضوع العظيم الذي نحتاجه في هذه السورة؟[/FONT]
[FONT=&quot]الفاتحة فيها ثناء وفيها معاني عظيمة وأهم ما فيها الذي يريدنا الله عز وجل أن نكرره في اليوم والليلة أكثر من 17 مرة هو كلمة واحدة (اهدنا) أهم ما نحتاجه في حياتنا أن نهتدي (يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديته) لن نفهم أبداً معنى (اهدنا) إلا لو عرفت ضدّها (الضلال). (اهدنا الصراط المستقيم) صراط في الدنيا وصراط في الآخرة ولن نفهم قيمة هذا الدعاء الذي أمرنا الله عز وجل أن نكرره لخطورة الحاجة إلا عندما تعرف خطورة صراط الدنيا وخطورة صراط الآخرة. خطورة صراط الدنيا النبي صلى الله عليه وسلم رسم خطاً ّ"ضرب الله صراطاً مستقيماً وعلى جانبي ضربَ اللهُ تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جَنْبَتَيِّ الصراطِ سُورانِ، فيهما أبوابٌ مفتحةٌ، وعلى الأبوابِ ستورٌ مرخاةٌ، وعلى بابِ الصراطِ داعٍ يقولَ: يا أيَّها الناسُ ! ادْخُلوا الصراطَ جميعًا ولا تَتَعَوَّجُوا، وداعٍ يدعو منْ فوقِ الصراطِ، فإذا أرادَ الإنسانُ أن يفتحَ شيئًا من تلكَ الأبوابِ، قَالَ : وَيْحكَ لَا تَفْتَحْهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ" ثم فسر النبي صلى الله عليه وسلم المثل فقال: "وَالصراطُ الْإِسلامُ، وَالسُّورَانِ حُدودُ اللهِ، وَالأبوابُ الْمُفتحةُ محارمُ اللهِ، وذلكَ الداعي على رَأْسِ الصراطِ كتابُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وَالدَّاعِي من فوقَ الصراطِ وَاعظُ اللهِ فِي قلبِ كلِّ مسلمٍ" الصراط الإسلام والسوران حدود الله عز وجل والأبواب حرمات الله وكل باب تريد أن تفتحه سنادي مناد لا تفتحه إنك إن تفتحه تلِج. هذا صراط الدنيا، قد يكون الإنسان مهتدياً وقريباً من الله عز وجل ثم يُفتن والعياذ بالله فإذا به يدخل الباب لشهوة، لشبهة، لشيء من أمور الدنيا، أمراض القلوب فينتهي به الأمر "إنك إن تفتحه تلجه" عندما تشعر بهذه الخطورة وتتذكر أن هذا الصراط الخطير في الدنيا وأنت تصلي وتقول في اليوم والليلة 17 مرة (اِهدنا) قُلها بقلبك واعمل علاقة وصيدة بسورة الفاتحة قُل (اِهدنا الصراط المستقيم) صراط الدنيا وصراط الآخرة وهو أخطر وأخطر. صراط الدنيا خطير والنبي صلى الله عليه وسلم رسم خطاً على الأرض ورسم خطوطاً تقطعه وقال آية من أهم الآيات (وأن هذا صراطي مستقيما سبيله).[/FONT]
[FONT=&quot]وفي الآخرة قال النبي صلى الله عليه وسلم (الصراط محض مزلّة) الصراط أحدّ من السيف، أدق من الشعرة، عليه كلاليب" الصراط الذي تردد في اليوم والليلة 17 مرة (اِهدنا الصراط المستقيم) استشعر بالخوف فالنبي صلى الله عليه وسلم قال (فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم) يقع على وجهه في النار والعياذ بالله نسأل الله السلامة فتقول (اِهدنا الصراط المستقيم).[/FONT]
[FONT=&quot](اِهدنا الصراط المستقيم) وليس اهدنا إلى الصراط المستقيم. المبصِر يطلب منك أن تدلّه وتهديه إلى مكان معين لأنه لا يعرف كيف يصل إليه فتدله لكن الذي لا يُبصر يطلب منك أن تأخذه إلى المكان. أنت تقول (اِهدنا الصراط المستقيم) وليس إلى الصراط لأنك لا تعرف أن تذهب وحدك، وأنت تطلب الهداية بصيغة الجمع وليس بالإفراد وبهذا يعلمنا الله سبحانه وتعالى أننا لن نصل لوحدنا ولن نذهب لوحدنا لأنك تريد أن يُهدى كل الناس ورغبتي إليك يا رب أن يهتدي الناس جميعاً وليس أنا وحدي (اِهدنا) اهدنا كلنا يا رب. [/FONT]
[FONT=&quot](اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم) عندنا قاعدة تقول "لا يعرف الحق بالرجال" الله سبحانه وتعالى عرّفنا الصراط بمن سلكوه لكن ليسوا أيّ أحد وإنما الذين أنعم الله عليهم، لا يعرف الحق برجاله إلا الرجال الذين زكّاهم الله عز وجل الذين أنعم الله عليهم كما في قوله تعالى في آية أخرى (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) هؤلاء الذين أنعم الله عليهم وهذا هو الصراط الذي أمرنا الله عز وجل أن نتّبعه، الصراط الذي سلكه محمد صلى الله عليه وسلم والذي ألقي فيه ابراهيم عليه السلام في النار والذي سُجن فيه يوسف والذي نُشر فيه زكريا والذي ذُبح فيه يحيى والذي كاد أن يُصلب فيه المسيح لولا أن رفعه الله عز وجل، هذا الصراط، هؤلاء هم الذين سلكوه وهؤلاء هم الذين سنتبعهم ونمشي خلفهم، امرأة فرعون السيدة الفاضلة التي صبرت على زوجها وسلكت هذا الصرط، السيدة مريم التي عفّت نفسها، هذا هو صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. أنت لست لوحدك وإنما لديك سلف، الأنبياء ومن تبعهم بإحسان تمشي خلفهم على الصراط العظيم، (صراط الذين أنعمت عليهم). وبضدّها تتميز الأشياء، أنت تتعلم كل مرة الولاء والبراء في هذه السورة التي تكررها كل يوم فتقول (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) صراط الذين غضب الله عليهم لأنهم علموا ولم يعملوا بما علموا وصراط الذين ضلوا ووجب أن يعلموا وأراهم الله عز وجل هؤلاء، أنا لا أريد أن أمشي معهم (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) [/FONT]
[FONT=&quot]لكن قبل الدعاء عندنا أدب وهو أن لا نبدأ الدعاء من غير أن تبدأه بالثناء على الله عز وجل وهذا ما تبدأ به سورة الفاتحة، تبدأ بحمد الله عز وجل (الحمد لله رب العالمين) والمكافأة فورية، أن تحس بقلبك أن ربك سبحانه وتعالى يرد عليك (حمدني عبدي). الحمد الثناء بحبّ على الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot](رب العالمين) تذكر ربوبية الله عز وجل وأسماؤه وصفاته وتبدأ بأول صفة التي كتبها الله على عرشه يوم خلق السموات والأرض (إن رحمتي سبقت غضبي) تبدأ بالرحمة (الرحمن الرحيم) فيقول الله سبحانه وتعالى (أثنى عليّ عبدي). ثم تقول (مالك يوم الدين) تذكر ملك الله عز وجل، الجلال والجمال، بين الرغبة والرهبة، لما تذكر رحمة ربك يرغب قلبك وتتمنى رحمته ومغفرته ثم تذكر جلاله وملكه وعظمة هذا الملكوت وتذكر جنود هذا الملِك وتفتكر سلطان هذا الملك فيرضخ قلبك وتزداد إسلاماً لله فيقول الله عز وجل (مجّدني عبدي) وفي رواية (فوّض إليّ عبدي) أي فوّض إليّ الأمر فأنا الملك وهو العبد. [/FONT]
[FONT=&quot](إياك نعبد وإياك نستعين) يرد ربك سبحانه وتعالى (هذه بيني وبين عبدي) هل تستشعر ما معنى أن يقول لك رب العالمين (هذا بيني وبين عبدي)؟ بينك وبين ربك سبحانه وتعالى سرٌّ لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى لا يعلمه ملك مقرّب ولا نبي مرسل، هذا هو الإخلاص الذي بينك وبين ربك سبحانه وتعالى لا يعلمه إلا هو وربنا سبحانه وتعالى هو الذي يشهد بذلك. [/FONT]
[FONT=&quot](إياك نعبد) لا نعبد إلا أنت وتوحيد وجهة لله عز وجل لكنك لن تعرف أن تعبده بمجهودك لأنك أنت ضعيف (وخلق الإنسان ضعيفا) فتطلب الإعانة مباشرة (وإياك نستعين) فلما تقول هذا الكلام وتتخلى عن حولك وقوتك إلى حوله وقوته وأثنيت وحمد ومجّدت وأصبح بينك وبين ربك سبحانه وتعالى سرٌ وهو الإخلاص، عندها يمكن أن تطلب، أنت عملت البداية، اطلب (اهدنا الصراط المستقيم) وتأخذ الهدية مباشرة (هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) ولهذا أول سورة بعد سورة الفاتحة وهي سورة البقرة (ذلك الكتاب فيه هدى) أنت طلبت الهداية فخُذه في القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه سورة الفاتحة بإجمال وإلا فسورة الفاتحة كتب ابن القيم كتاباً في (منازل إياك نعبد وإياك نستعين) تقف مع معاني الافتقار، مع معاني الفاتحة في كل آية من آياتها. نحن نريد صحبة مع سورة الفاتحة وهذه بداية الصحبة مع سورة من أهم السور وهي سورة الفاتحة.

رابط الحلقة على اليوتيوب
[/FONT][FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=GJWEuc35Tcw[/FONT]
 
عودة قوية للدكتورة سمر الأرناؤوط ، وكالعادة تتحفنا بمتابعاتها ، التي تنتقيها لكم كانتقاء أطايب الثمر ، بانتظار أن تقتطفوها وتفيدوا منها
 
جزاكم الله خيراً على ثقتكم وتشجيعكم المستمر. أحب أن أنقل كل ما أجده نافعاً ولم يتطرق إليه من قبل وحلقات هذا البرامج جعلتني أقف مع الآيات بشكل مختلف ولله الحمد.
موعدنا الليلة في صحبة سورة البقرة إن شاء الله تعالى وسأقوم برفع حلقة جديدة كل يوم بعد صلاة المغرب ليتسنى للجميع قرآءتها والاستماع للحلقة بعد التراويح.
ملاحظة: في بعض الحلقات أضيف بعض التفاصيل أشير إليها في الحلقة ولم تفصّل كجمع الآيات التي تتحدث عن نقطة محددة أو نحوه مما يسهل الافادة من الحلقة أكثر.
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة[/FONT]
[FONT=&quot]"القرآن مأدبة الله" علينا أن نُقبل على هذه المائدة ونُقبل على كتاب الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة هي أطول سورة في كتاب الله، ما علاقة أولها بآخرها؟ ما علاقة القصص الموجودة فيها قصة إبراهيم عليه السلام وقصة بني إسرائيل مع الأحكام، الصلاة والصيام والزكاة والحج؟ ما الرابط بينها؟ ما العلاقة بين آيات الربا وأحكام الصيام؟ ما علاقة السورة باسمها؟ ولماذا سميت هذه السورة تحديداً بهذا الاسم؟ ما العلاقة بين مسار السورة وبين معانيها؟ هذه السورة لها فضل مختلف قال النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه السورة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان، الناس تكون في حر وعرق وضنك شديد ومن معه سورة البقرة وآل عمران معه غمامة تظلله، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمّر على الجيش من معه سورة البقرة لأن فيها كثيراً من الأحكام. وحتى نفهم سورة البقرة علينا أن نعرف المدة الزمنية التي نزلت فيها، سورة البقرة من أوائل السور المدنية التي نزلت بعد الهجرة أي أول ما بدأ يكون للإسلام دولة والدولة تحتاج لدستور وقانون. سورة البقرة هي بداية هذا القانون.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة هي السورة التي بدأت ملامح الدولة الإسلامية تظهر فيها بعد أن المسلمون في مكة في استضعاف وفي ضنك وفي المدينة أصبح الإسلام له دولة وظهرت هناك أصناف جديدة بدأ يتعرض المسلمون للتعامل معها كتعاملهم مع اليهود الين لم يكونوا في مكة، القرآن المكي كان فيه كلام عن موسى عليه السلام وحديث عن فرعون وقومه لكن في المدينة ظهر نوع آخر من التعامل المباشر مع أهل الكتاب وخصوصاً اليهود. وبدأ وجود صنف مختلف جداً لم يكن موجوداً في السابق وهم المنافقون الذين يدّعون الإسلام وهؤلاء لم يكونوا في مكة لأن المسلمين كانوا في ضعف.[/FONT]
[FONT=&quot]أقسام سورة البقرة:[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة هي عبارة عن: [/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]مقدمة[/FONT][FONT=&quot] فيها تقسيم المجتمع الجديد: مؤمنون، كافرون، أهل كتاب وخصوصاً اليهود ومنافقون. هذه الخريطة الديموغرافية للمجتمع المدني الجديد الذي نزلت السورة فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]2- [/FONT][FONT=&quot]القصص[/FONT][FONT=&quot]: ذكرت السورة ثلاث قصص رئيسية هي: قصة سيدنا آدم، قصة بني إسرائيل، قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام. وهناك أيضاً قصص فرعية. [/FONT]
[FONT=&quot]3- [/FONT][FONT=&quot]الأحكام[/FONT][FONT=&quot]: اشتملت السورة على عدة أحكام: صلاة، صيام، زكاة، حج، جهاد، ربا، أحكام زواج وطلاق ورضاع وأحكام الدَيْن[/FONT]
[FONT=&quot]4- [/FONT][FONT=&quot]خاتمة[/FONT][FONT=&quot]: الابتلاء الأخير في السورة الذي نزل بشأنه آيات ونُسخت وذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه حديثاً.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه تقسيمات سورة البقرة: مقدمة، قصص، أحكام، خاتمة.[/FONT]
[FONT=&quot]ما العلاقة والرابط بين هذه الأقسام؟ هذا المجتمع لا يقوم كركيزة أساسية في البداية إلا على الإسلام لله، الاستسلام طوعاً أن تستسلم لحكم الله عز وجل فيضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً بقصص لأناس تفاوتت ردود أفعالهم أمام هذا المعنى في مسألة الإسلام لله أو مسألة الطاعة اختلفوا. [/FONT]
· [FONT=&quot]فمنهم من أطاع طاعة مطلقة بلا أدنى ذرة معصية وهي قصة إبراهيم عليه السلام. [/FONT]
· [FONT=&quot]وقصة تمرد مطلق -وبالذات في سورة البقرة – تمرّد تام، بنو إسرائيل في بعض القصص في القرآن المكي من تبع موسى عليه السلام وخرجوا معه، معصية وطاعة أما في سورة البقرة فقصتهم فيها تمرد شديد (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) هذا شعار بني إسرائيل في هذه السورة، تمرد على أمر الله عز وجل بشكل مطلق[/FONT]
· [FONT=&quot]قصة سيدنا آدم عليه السلام أصلها طاعة لكنه عصى (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه) عمل معصية، زل زلّة وتعامل مع هذه الزلة بشكل معين[/FONT]
[FONT=&quot]إذن هناك تفاوت في مسألة الأوامر والنواهي التي هي دستور هذا المجمتع وهذه الأمة. وأمثلة لمن تعاملوا مع هذه الأوامر وهذه النواهي: أناس عصوا معصية مطلقة، يقال لهم (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ (58)) فيقولون (حنطة) استهزاء وتمرداً وعدم امتثال لأمر الله عز وجل وبدل أن يدخلوا سُجداً كما أمرهم الله عز وجل حتى يغفر لهم خطاياهم لكنهم دخلوا على إستهم (مؤخرتهم) زحفاً بطريقة فيها استهزاء فيها استكانة ونوع من أنواع الامتهان لله عز وجل، هذا تمرد كامل. وتحريف لكلام الله عز وجل (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ (41) المائدة)، (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً (55)) وتعنتهم في قصة البقرة التي سميت السورة بها وهي من أعجب ما يكون، رب العالمين يأمرهم بأمر يسير لمعرفة القاتل (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً (67)) وهذا ليس بالأمر الصعب لأن المطلوب ذبح أيّ بقرة على العموم (ولهذا جاءت بقرة نكرة) وهذا أمر من الله عز وجل لهم وليس أمر موسى عليه السلام نبيهم مع أن الواجب أن يطاع النبي أيضاً فقد شهدوا معه شق البحر ونجاتهم وإغراق فرعون وجنوده ورأوا رفع الطور فوقهم وتفجير العيون. لكن موسى عليه السلام قال لهم (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) الأمر من الله تبارك وتعالى والإسلام يكون لله والاستسلام يكون له سبحانه وتعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) فكان جوابهم (قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً) يقولون هذا لنبيهم الذي رأوا معه كل هذه المعجزات لأنهم قوم متمردون على أمر الله عز وجل فقال لهم موسى (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أيعقل أن أستهزئ وأقول إن الله يأمركم؟! لكنه العصيان المطلق! (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٦٧﴾ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴿٦٨﴾ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴿٦٩﴾ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴿٧٠﴾) كل مرة يزيدوا ويشددوا على أنفسهم فيشدد الله سبحانه وتعالى عليهم بعد أن كانت في البداية بقرة مجرد بقرة أيّ بقرة لكنهم لما شددوا شدد الله سبحانه وتعالى عليهم وجاء التشديد فبدل أن تكون بقرة عادية صارت بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك، لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث، مسلمة لا شية فيها، كل هذه الصفات لدرجة أن العلماء ذكروا أن هذه الصفات لم تنطبق إلا على بقرة واحدة فقط ولما جاؤوا ليأخذوها ليذبحوها طلب أصحابها منهم وزنها ذهباً وهي في البداية كانت مجرد بقرة، وموسى عليه السلام في كل مرة يؤكد لهم أنها مجرد بقرة (إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ) هم لم يشددوا لأن المسألة صعبة ولأنهم لم يجدوا بقرة وإنما الحقيقة ذكرها الله سبحانه وتعالى (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) هذأ أهم معنى نركز عليه في سورة البقرة. [/FONT]
[FONT=&quot](وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ (93)) بئس هذا الإيمان، هم يدّعون أنهم مؤمنين، لو أن الإيمان يأمرهم بهذا العصيان فليس هذا إيمان وبئس هذا الإيمان، الإيمان يستلزم إيماناً واستسلاماً وطاعة لله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه قصة بني إسرائيل باختصار شديد وهي مليئة بالعصيان وشعارهم المرفوع (قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) وأوضح مثال لذلك في السورة هو مثال البقرة، قصة البقرة.[/FONT]
[FONT=&quot]سيدنا آدم قال الله تعالى له (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)) الموضوع بسيط. النهي والأمر ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى كل أمر من أوامر الله عز وجل اختبار، أمرنا بالصلاة اختبار، نهانا عن النظر الحرام اختبار، فمن نظر رسب في الاختبار ومن لم ينظر نجح، الذي صلّى نجح في اختبار الصلاة والذي صام نجح في اختبار الصيام (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك) الحياة الطويلة كلها اختبار. فسيدنا آدم عليه السلام اختُبر هذا الاختبار (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) سيدنا آدم نبي مكلّف، مباشرة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وفي سورة الأعراف (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)) رجع بسرعة، هذا نموذج سيدنا آدم.[/FONT]
[FONT=&quot]النموذج الثالث نموذج سيدنا إبراهيم عليه السلام (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (124)) طاعة مطلقة بدون أي خلل في كل مرة (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ (131)) مباشرة وبدون جدال (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) ليس (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) التي قالها بنو إسرائيل! وليس إبراهيم وحده وإنما وصى بها بنيه (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿١٣٢﴾ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿١٣٣﴾) إسلام لله عز وجل، هذه قصة سيدنا إبراهيم والتي هي مثال للطاعة المطلقة، يترك زوجه وابنه الرضيع في الصحراء وربنا سينجيهم طاعة لله، يبلغ اسماعيل عليه السلام معه السعي فيأمره الله عز وجل بذبحه فيطيع الأمر، أُمر بالهجرة فهاجر، أُمر بالاختتان وهو ابن ثمانين سنة كما في الحديث فيطيع، مهما كانت صعوبة الأمر إبراهيم عليه السلام أطاع (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ (37) النجم). (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) قال لا، أنت يا إبراهيم أتممت فتكون إماماً ويكون الأئمة من بعدك الذين أتموا الذين نجحوا في الاختبار.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه هي القصص الثلاث الرئيسية التي ذكرت في السورة ونقارن بينها، السورة تذكر حال أمة وليدة بدأت المقدمة بذكر كل الأصناف، ذكر المؤمنين في بداية السورة وذكر أوصافهم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ[/FONT][FONT=&quot]الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ[/FONT][FONT=&quot]يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾[/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ[/FONT][FONT=&quot]وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ[/FONT][FONT=&quot]وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ[/FONT][FONT=&quot]يُوقِنُونَ ﴿٤﴾[/FONT][FONT=&quot]أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ[/FONT][FONT=&quot]هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾) ثم الكافرين (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٧﴾) ثم المنافقين وصفاتهم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٩﴾ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿١٠﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿١١﴾ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٢﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴿١٤﴾ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿١٥﴾ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴿١٦﴾ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴿١٧﴾ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿١٨﴾ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴿١٩﴾ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٠﴾) ثم أهل الكتاب، كل هذه الأصناف في المجتمع المدني ثم ذكرت القصص ثم يأتي ابتلاء الأمة، اختبار الأمة الطويل في الجزء الثاني من سورة البقرة وهو كله أحكام. كل حكم من أحكام الشرع، كل حلال وحرام، كل فرض وواجب، كل أمر ونهي من الله عز وجل اختبار للمسلم هل ستطيعه أم لا؟ الله سبحانه وتعالى يأمرك بالصلاة، هل صليت؟ إذا فعلت تكون قد نجحت (فأَتَمّهُنّ) لكن لو لم تطع، لو عصيت ستفشل في الاختبار وستحتاج أن تتوب مباشرة. اختبار طويل في أحكام طويلة ففي السورة أحكام الصيام وأحكام الوصية وأحكام الحج وأحكام الجهاد. الزواج والطلاق ابتلاء لأن بعض الناس تسيء إذا طلّق زوجه فيعضلها ويؤذي امرأته لكي يأخذ منها ما آتاها، كل هذه اختبارات.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تختم السورة باختبار مهم الذي يخرج فيه المؤمنون بشعار المسلم، شعار الإسلام لله، كبداية دستور تقوم عليه الأمة، شعار الاستسلام لله، شعار (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) الذي هو عكس شعار بني إسرائيل (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا). [/FONT]
[FONT=&quot](لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ (284)) هل لو أخفيت أمراً يحاسبني به الله؟! جاء الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة بسند صحيح: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، ثُمَّ قَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلا نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا قَرَأَهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أثْرِهَا: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، قَالَ: نَعَمْ[/FONT]
[FONT=&quot]رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قَالَ : نَعَمْ، رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قَالَ : نَعَمْ، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وفى رواية قال: قد فعلت.[/FONT]
[FONT=&quot]على المسلم أن يرتبط بهذا الشعار (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) في كل الأحكام التي ذكرت في سورة البقرة من تغيير القبلة وأحكام الصلاة والصيام والحج والجهاد والوصية والربا والدين، هناك للأسف من المسلمين من يقول كما قال بنو إسرائيل (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) ربما لم يقرأوا سورة البقرة وربما قرأوها ولم يفهموا المعنى الذي يجب أن نأخذه من سورة البقرة. ليس في الإسلام (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) عندما يأتي الأمر من الله (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) لأن المسلم استسلم لله سبحانه وتعالى، (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). والصحابة رضوان الله عليهم لما قرأوا قول الله تعالى (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) وذلّت بها ألسنتهم نُسخت الآية السابقة ونزل قول الله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) لن يحاسب الله سبحانه وتعالى على ما يفكّر به الإنسان ولا يفعله ولكن يحاسب على الذي اكتسبه الإنسان وفعله. هذا التخفيف نزل ما استحقه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، لما رأى الله سبحانه وتعالى منهم الحرص والطاعة والاستسلام (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) فكان الرد (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) يمكن للإنسان أن يُخطئ كما حصل لآدم عليه السلام الذي أخطأ مرة فتاب مباشرة، الله سبحانه وتعالى يعلّمنا (لا تؤاخذنا أخطأنا) فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قال الله عز وجل: قد فعلت. فلا تؤاخذ هذه الأمة بالخطأ والنسيان. (رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) الأحكام الصعبة التي فرضت على بني إسرائيل بسبب تشديدهم على أنفسهم كما ورد في قصة البقرة، قَالَ تعالى: قد فعلت، (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) قَالَ الله عز وجل: قد فعلت.[/FONT]
[FONT=&quot]هذا المعنى مهم جداً أن نشعر به وهو معنى الإستسلام لله عز وجل، الإسلام لله طوعاً. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة مليئة بالمعاني، لنقرأ سورة البقرة بهذه المعاني ونقرأ قصصها ونختار لأنفسنا هل سنكون مثل بني إسرائيل ونجادل في كل أمر وكل نهي أم أننا سنستسلم لله عز وجل رافعين شعار إبراهيم عليه السلام (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) فوراً، المسلمون (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) لا سمعنا وجادلنا ولن نطيع! المسلم شعاره (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) ممكن أُخطئ فأتعلم من قصة آدم عليه السلام فأتوب مباشرة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وأقول كما قال آدم عليه السلام (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) الأعراف) أو أقول سيد الاستغفار كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. الفرق بين بني إسرائيل والمسلم أن الأول تباهى بالخطأ واستمرأ الخطأ وقال (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) لكن المسلم الذي يقوم على الإستسلام لله عز وجل ويقوم مجتمعه على ذلك يقول (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا). لماذا نختار أن نكون مثل بني إسرائيل الذين تمردوا؟! لم لا نكون مثل سيدنا إبراهيم عليه السلام ونتمّ الأمر ونتمّ القول ونتمّ التكليف الذي كلّفنا به الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه نظرة إجمالية عن سورة البقرة: مقدمة عن حال المجتمع الجديد الناشيء ثم ثلاث نماذج ريسية: آدم عليه السلام، إبراهيم عليه السلام وبنو إسرائيل وتمردهم ثم الاختبار من خلال الأحكام فاختر النموذج الذي ستكون مثله كمسلم وهو نموذج إبراهيم عليه السلام وارفع شعار (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا).[/FONT]
[FONT=&quot]المعنى العام لسورة البقرة: الإسلام لله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة زهرة من الزهراوين ركزت على بناء المجتمع الإسلامي على أساس من الإسلام لله وسورة آل عمران تتحدث عن حماية المجتمع الإسلامي من عوامل نقضه ومن عوامل هدمه.[/FONT]




سورة البقرة
‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظ‰ طµطط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط£ظ† ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط¨ظ‚ط±ط© ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…طظ…ط¯ ط¹ظ„ظ‰ ظٹظˆط³ظپ 06 02 2013‬â€ژ - YouTube
 
جزاك الله خيراً كثيراً أختى الحبيبة دكتورة سمر
على هذه الفوائد الطيبة
وجزى الله الدكتور محمد على يوسف خير الجزاء
على هذا البرنامج النافع..
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة آل عمران[/FONT]
[FONT=&quot]لا يمكن أن تكون علاقتنا بالقرآن علاقة عابرة بل لا بد أن الإنسان المسلم عندما تُذكر أمامه سورة من القرآن يتلو آيات منها يكون على معرفة وثقية بها. [/FONT]
[FONT=&quot]الزهرة الثانية من الزهراوين كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمّى البقرة وآل عمران بالزهراوين اللتين تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان تذودان عن صاحبهما وفي رواية تضلان صاحبهما. وصاحب القرآن هو الذي يعرفه ويفهمه ويقترب منه وليس الذي يحفظه فقط، كم من أناس يحفظون القرآن ويتلون آياته بمهارة شديدة جديدة ومع هذا هو من المنافقين كما قال صلى الله عليه وسلم أكثر قُرّاء أمتي من المنافقين، قُرّاء هنا ليس معناه الذي يفهم ويعي وإنما يحفظ القرآن كمهنة، أداء واجب. علاقتنا بالقرآن يجب أن تكون مختلفة.[/FONT]
[FONT=&quot]مع سورة آل عمران وهي الزهرة الثانية مع سورة البقرة ومهي متلازمة معها وكان صلى الله عليه وسلم يؤمّر على الجيش من لديه هاتين السورتين وكان لهما فضل مترابط بهما ببعضهما البعض. سورة البقرة هي أساس بناء الأمة، بداية الدولة الإسلامية ونزلت سورة البقرة بع بداية الهجرة النبوية في بداية العهد المدني وأصبح هناك لأول مرة للإسلام دولة. هذه الدولة ركائزها تقوم على الإسلام لله والتسليم المطلق لشرع الله عز وجل وذكرت السورة أمثلة لمن لم يمتثلوا لهذا وممن امتثلوا وسورة البقرة تغرس في المسلم وترسّخ فيه هذا المعنى أن يمتثل ويستسلم لشرع الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]بعد أن تقوم الأمة على هذا المبدأ وعلى هذه الشريعة وأحكام كثيرة جداً ذكرت في سورة البقرة، أحكام الصيام والصلاة والحج والجهاد وأحكام الزواج والطلاق وأحكام متنوعة من شتى أحكام الشريعة من الفروض والواجبات والأوامر والمنهيات.[/FONT]
[FONT=&quot]بعد أن قام المجتمع على هذه الدعوة وبعد أن ترسّخ هذا الدستور للأمة لا بد أن يكون هناك عقبات، هذه العقبات ذكرت في سورة آل عمران وفي سورة النساء مع فارق بينهما لا بد أن تأتي حماية لهذا القانون، لا بد أن يكون هناك ما يحميه لأن أيّ كمال لا بد له ممن يحاول انقاصه ويحاول التشكيك فيه ويحاول أن يهدم هذا البنيان. سورة آل عمران ترسّخ فينا كيف نحمي هذا البناء من الأعداء الخارجيين. هناك نوعان من الأعداء: أعداء من دواخلنا نحن وأعداء من خارجنا وكل نوع يحاربنا بطريقة مختلفة ويحاول هدم هذا البناء بطريقة مختلفة عن الآخر. سورة آل عمران تختص بالهجوم الخارجي أو وسائل الهدم الخارجية وهاتان الوسيلتان تدوران حول الحرب العقدية أو حرب الشبهات والحرب المادية التي تكون بالسيف أو أي وسيلة من وسائل القتال. إذن هناك نوعان من أنواع الحرب يحاول أعداء الأمة بكل نوع من هذه الأنواع أن يهدموا الأمة من خلاله. فسورة آل عمران تعلمنا كيف نواجه كل نوع من هذه الحروب: حرب العقيدة، حرب الشبهات، الحرب التي تشكك المؤمن وتفتنه عن دينه والحرب التي تكون عن طريق القتال وذكرت السورة غزوتين غزوة بدر وغزوة أُحد.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة آل عمران الجزء الأكبر فيها مختص بالحرب العقدية في ما يقارب ثلثي السورة يتكلم عن مناظرات وشبهات أهل الكتاب والرد عليها. وكانت لها مناسبة نزول في مناظرة النبي صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران التي تطورت إلى مباهلة (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)) دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المباهلة لكي يفصل الله عز وجل بينه وبينهم بعد أن جادلهم بالتي هي أحسن وانتهى الأمر بمعاهدة وأصبحوا في ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]لما نتأمل سورة آل عمران بنظرة عامة نجد أن ثلثي آيات السورة في مسألة الحرب العقدية والكلام عنها وعن الفتنة وعن الشبهات في قول الله عز وجل (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7)) وثلث السورة الآخر عن الحرب القتالية حرب السيف والقتال وغزوة بدر وغزوة أُحد. [/FONT]
[FONT=&quot]ونسأل لماذا الجزء الأكبر من آيات السورة عن حرب الشبهات والفتن؟ [/FONT]
[FONT=&quot]لما نتأمل السورة نجد أن ضحابا حرب الشبهات يتحولوا إلى مشككين في دينهم أو يهتز اعتقادهم أو قد يزيغوا ويصلوا إلى درجة الكفر بالله والعياذ بالله! (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ) يزيغ عن شرع الله وعن الاعتقاد السليم، فهذا ضحية يزيغ عن الدين أو يهتز الدين في داخله، أما ضحية حرب السيف أو القتال لما يبدأ أعداء الله يعتدون ويقاتلون المؤمنين يكون ضحايا هذه الحرب شهداء عند الله عز وجل يرتقوا في أعلى الدرجات وأعلى المنازل (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٧١﴾) لأنهم نازلوا منزلة الشهداء. فالحرب العقدية أخطر مع أن القتال أكثر إيلاماً (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ [/FONT][FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ [/FONT][FONT=&quot]ۗ[/FONT][FONT=&quot] وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) النساء) ترجون بعد الألم ما لا يرجوه. أما ضحية حرب الشبهات فهو يتحول إما إلى إنسان شاكٍّ في عقيدته أو غير مهتم رغم أن شكله مسلم أو يقول عن نفسه مسلم لكنه في الحقيقة مهلهل العقيدة من الداخل مهلهل الفهم والسلوك فيتحول إلى نسخة غير حقيقية بعيد كل البعد عن الإسلام إن لم يرتدّ ويترك الدين بالكليّة بسبب شبهة! قد يسمع البعض شبهة من الشبهات فيتحول ويرتد عن دين الله عز وجل ولهذا كان الترسيخ الأهم والأخطر في هذه السورة لمسألة الحرب العقدية، مسألة المناظرة، مسألة الشبهات ثم يأتي الثلث الأخير من السورة في مسألة القتال والشهادة وتأتي مناسبة مع غزوة قد يظن البعض أنها هزيمة فيقولوا (هزيمة أُحد) ولكنها ليست هزيمة، هي مصيبة لأنه جاء بعدها غزوة حمراء الأسد حيث فرّ المشركون من أمام النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه. لكن الفوائد المستفادة من غزوة أُحد هي فضل وفوز كبير جداً لأن أحصاب النبي صلى الله عليه وسلم والأمة من بعدهم تعلموا كيف ينتصرون وكيف يتحول النصر الذي كان في أول غزوة أُحد (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ (152)) لم يكن نصراً عادياً بل كانوا يحسون رقاب المشركين لكن الذي حصل (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) إلى آخر أحداث غزوة أُحد. [/FONT]
[FONT=&quot]إذن سورة آل عمران تنقسم إلى قسمين [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول: ثلثي السورة تتحدث عن حرب العقيدة والمناظرات والشبهات وكيفية الرد على هذه الشبهات والمناظرات وآداب المناظرات وآداب الحوار مع غير المسلمين والتعامل مع أهل الكتاب [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الثاني: الحرب المادية، القتال تبدأ من (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)) إلى آخر السورة. وقد حصلت إشارة إلى هذا في بداية الأمر (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ (13)) يبدأ التفصيل في مشهد طويل.[/FONT]
[FONT=&quot]في السورة مشهد طويل في كيفية المناظرة في الرد على نصارى نجران. نلاحظ أيضاً كيفية حماية العقيدة الإسلامية وكيفية الرد على الشبهات بوسائل كثيرة جداً. بعض الناس يظن عندما يتناقش مع أهل الكتاب أو أهل الشبهات ومن يشككون، بعض هؤلاء يكون هدفه التعلّم ولهذا أمرنا الله عز وجل بمجادلتهم بالتي هي أحسن، نتعلم في السورة كيفية الجدال بالتي هي أحسن، كيفية الجدال العقلي. عندما تناقش أحداً لا يؤمن بدينك وتقول له أن الله عز وجل يأمر بكذا وأن رسوله صلى الله عليه وسلم قال كذا وهو غير مؤمن بهذا أصلاً! سنجد في آيات السورة أمثلة للحوار العقلي (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)) هذا جدل عقلي لمن يعتقد بألوهية عيسى: كيف يقول على المسيح أنه إله أو ابن إله ولم يقل هذا على آدم عليه السلام وهو في حق آدم أولى لأن آدم ليس له أب ولا أم وخلقه الله عز وجل بيديه (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (75) ص) آدم مخلوق بيدي الرحمن جل وعلا ومع هذا لم يقل عنه أحد أنه إله، بينما المسيح عليه السلام لأنه وُلد من غير أب تقولون عليه ابن الله عز وجل، هذا جدال بالعقل نتعلمه من آيات السورة، حجة وإقناع، هذا أدب من آداب التناظر مع أهل الكتاب. [/FONT]
[FONT=&quot]وقبل التناظر تعلمنا السورة لا كما يقال في مبدأ النقاشات أنه يجب أن تدخل النقاش من باب الشك، ضع عقيدتك جانباً وابدأ الكلام! السورة تعلمنا أنه عند الدخول في مناظرة مع أهل الشك لا بد أن تدخل وأنت رافعٌ الرأس معتقد ومجاهر بعقيدتك في هذه المناظرة (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19)) ابدأ المناظرة ورد الشبهة وأنت معتز بدينك، تعلم العزّة في الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ). (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)) وسيلة المناظرات ليست وسيلة لأن أترك أنا ديني ويدخل الطرف الآخر فيه! وسيلة المناظرات ومناظرة أهل الكتاب والرد على الشبهات باب من أبواب الدعوة إلى الله عز وجل وهذا يشعرنا بالحرص على هداية الناس التي لم تعد تمثل لكثير من المسلمين شيئاً! فيقولون هم أحرار!! لا، نحن مكلّفون والله عز وجل ابتعث هذه الأمة لتهدي الأمم كما قال ربعي ابن عامر "نحن قوم ابتعثنا الله لنُخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. هذه الأمة لها وظيفة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنما بُعثتم ميسّرين" كثير لا ينتبه لكلمة (بعثتم) هذه أمة مبتعثة جعلها الله عز وجل أمة وسطاً لتهدي الناس وتأخذ بأيديهم.[/FONT]
[FONT=&quot]كذلك نتعلم في هذه السورة من آداب الجدال ورد الشبهات أن نذكر الحق بدل التشكيك في العقيدة المقابلة كما يفعل كثيرون. هي وسيلة يمكن أن تفضح بها التحريف في صحف أهل الكتاب لكن قبل أن تفعل هذا اذكُر ما لديك من حقيقة ناصعة جلية نقية (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٥﴾) تذكر السورة القصة من أولها من أول ما كانت مريم أم المسيح عليه السلام في بطن أمها. تبدأ بذكر الحق كما حصل عندما هاجر المسلمون إلى الحبشة وذهبوا إلى ملك الحبشة ذكروا له الحق الذي بين أيديهم ولم يتحدثوا في عقيدة الملك. ابدأ بذكر ما عندك من الحق وما عندك من العقيدة الناصعة النقية واعرض فالفطرة الإنسانية تميل للحق. [/FONT]
[FONT=&quot]من وسائل الجدال إظهار اليقين كما في آية المباهلة (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) أظهر اليقين وعدم الشك في ديني .[/FONT]
[FONT=&quot]ومن الوسائل في السورة الدعوة إلى الاتفاق على الثوابت، ثوابتي أولاً (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)) هذه ثوابت نبدأ بها في الحوار. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الوسائل: الإنصات وإعطاء كل ذي حقه (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)) [/FONT]
[FONT=&quot]يختم القسم الأول من السورة، جزء الشبهات والرد عليها بالأمر بألا نطيع من يريد التشكيك بديننا من أهل الكتاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ (149)) هذه ثوابتنا لا بد أن نتعلمها حين نحاور وحين نرد على الشبهات.[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الثاني من السورة الخاص بالحرب المادية، حرب السيف والقتال وهي خاصة بغزوة أُحد. ونلاحظ في بداية آيات هذا الجزء ذكر لغزوة بدر وهي غزوة انتصار وغنائم وبداية الانتصارات (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)) (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)) الكلام عن نصر بدر ثم يأتي مباشرة كلام عن المعصية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٣٠﴾ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴿١٣١﴾ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٣٢﴾ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٣٣﴾ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٣٥﴾ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿١٣٦﴾). ترتيب الآيات: الكلام عن غزوة بدر ثم الكلام عن ربا وعدم طاعة وفواحش وظلم نفس ثم الكلام عن غزوة أُحد (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)) [/FONT]
[FONT=&quot]نصر عظيم وغنائم وأنفال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) الأنفال) فلما حصل معصية وعدم طاعة – وهنا إشارة واضحة أن لما تأتي مسألة الفواحش وظلم النفس يتحول النصر إلى مصيبة (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ (165)) لا بد أن ندرك أن النصر من عند الله عز وجل لمن يستحق النصر إذا ما مرت الأمة بمرحلة لم تعد تستحق النصر لأنها أسرفت على أنفسها وعصت أمر نبيها صلى الله عليه وسلم وخرجت عن أمر ربها سبحانه وتعالى فإنها بذلك قد يتحول أعظم الانتصارات إلى هزيمة، قد يتحول أعظم الأمجاد إلى خزي ومقتلة كما قتل في غزوة أُحد أكابر الصحابة حمزة رضي الله عنه ومصعب بن عمير وغيرهم. في غزوة أُحد نفسها كانت قد بدأت بالنصر (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ (152)) حصل تنازع حين أمّر النبي صلى الله عليه وسلم على رأس الرماة الخمسين عبد الله بن جبير وقال لهم إذا رأيتم الطير تحطّفنا لا يتركنّ أحد مكانه. فلما رأوا الغنائم وتركوا مكانهم لفّ خالد بن الوليد من خلف جبل الرماة وحصلت المقتلة وتحول الوعد الذي صدقهم الله عز وجل إياه وهذه الأمجاد العظيمة تحولت إلى مصيبة عظيمة جداً لما عصوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]الثلث الأخير بدايته (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٠﴾ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴿١٤١﴾) فيها ىية مهمة هي مفتاح هذا الجزء من السورة وهي قول الله تبارك وتعالى (هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138)) هناك نوعان من الناس فرّق الله عز وجل بينهما في هذه الآية: الناس عامة والمتقين خاصة، بيان للناس عموم الناس، بعد أي مصيبة يحتاج الناس أن يفهموا، الناس ليس عندهم علم ولا فهم للشرع وليس عندهم فهم لسنن الله عز وجل في أفعاله وقد يهتزّ لذا يجب أن يفهم ولهذا يقول الله عز وجل (هذا بيان للناس) ووردت في آيات هذا الجزء آيات فيها بيان للناس (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)) (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (179)) نفهم الحكمة وهذا مهم للناس عامة أن يفهموا. أما المتقون القريبون من الله تعالى يكون عندهم إحساس آخر وهمّ وجرح شديد لأنهم يحملون همّ الأمة وهذا يحتاج إلى موعظة، فاحتاجوا آيات فيها نوع من المواساة والحنان على هؤلاء وتأتي آيات كثيرة منها (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾) وتأتي توجيهات لهم لأنهم على الرغم من حزنهم على ما أصابهم إلا أنهم حريصون على أن ينصروا دين الله عز وجل ولطلك فهم بحاة إلى هدى فيقول الله عز وجل (هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ) أخذوا الموعظة والهدى (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (143)) (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (144) (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)) توجيه أن تكون من الربيين الذين استجابوا فعندما تحصل الإستجابة كما في سورة البقرة يأتي البلاء فتأتي الإستجابة فيأتي الإكرام والتفريج من الله عز وجل وفي هذه السورة أيضاً بعد أن قال أبو سفيان لنا العزّى ولا عزّى لكم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يلحق بالمشركين أن يقاتلهم في مكان عسكروا فيه وهو حمراء الأسد عسكروا فيه ليجمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم ويقاتلوا المؤمنين وأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ألا يخرج معه إلا من خرج معه في أُحد وهم أنفسهم الذين أصابهم القرح استجابوا فأنزل الله عز وجل هذه الآيات (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿١٧٢﴾ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣﴾ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴿١٧٤﴾) تحولت الهزيمة والمصيبة إلى نصر عظيم. وتستمر الآيات على هذا النسق إما بيان وإما هدى وإما موعظة للمتقين. [/FONT]
[FONT=&quot]وتختم السورة بتوجيه عظيم جداً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)) تقوى الله عز وجل وترك الفواحش والمعاصي ومعصية النبي صلى الله عليه وسلم ومعصية الله عز وجل فمن فعل هذا تتحول المصيبة إلى نصر عظيم إن شاء الله. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
سورة آل عمران
‫ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ…ط¹ ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ط­ظ„ظ‚ط© "ط¢ظ„ ط¹ظ…ط±ط§ظ†"‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النساء[/FONT]
[FONT=&quot]كثير من الناس يتعامل مع سورة النساء تعاملاً خاطئاً فهم يحملون همّها لأنها سورة طويلة ومليئة بالأحكام الفقهية والمواريث ويعتقدون أنها سورة لن تغير سلوكياتهم أو أخلاقهم والبعض يعتقد أنها تتحدث عن النساء فقط كما يوحي اسمها ولكن من إجلال الله عز وجل وتقديره للنساء سميت سورة كاملة باسم النساء وسميت سورة باسم مريم.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النساء ليست مجرد سورة أحكام وإنما هي سورة لها معنى أخلاقي خطير جداً ومعنى قلبي فالنبي صلى الله عليه وسلم لما طلب من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أن يقرأ عليه شيئاً من القرآن فقال: أقرأه عليك وعليك أُنزل يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سورة النساء حتى بلغ موضعاً قال له النبي صلى الله عليه وسلم حسبُك فنظر عبد الله بن مسعود فوجد النبي صلى الله عليه وسلم وقد غرق وجهه بالدموع وهذا الموضع هو قول الله عز وجل (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا {} يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا) لأن النبي صلى الله عليه وسلم استشعر هذه المعاني الجليلة العظيمة في سورة النساء وما فيها من المسؤولية فكل أمة ستأتي بشهيد ويأتي صلى الله عليه وسلم شهيداً عليهم. إحساس النبي صلى الله عليه وسلم وحبه لأمته كان يجعله في مثل هذه الآيات يبكي.[/FONT]
[FONT=&quot]فسورة النساء ليست مجرد سورة أحكام، ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول: فيها ثمان آيات خير مما طلعت عليه الشمس وغربت منها: (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا {} يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) و(إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) و(إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [/FONT]
[FONT=&quot]آيات كثيرة في هذه السورة المباركة فيها هذه المعاني الجليلة تجعل بعض الصحابة رضي الله عنهم عندما سمعوا قول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) بكوا جميعاً وحرّكت المشاعر والتأثر في قلوبهم وفي مكنون أنفسهم.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه مقدمات تجعلنا نشتاق للسورة وتشعر أنك بحاجة أن تتأثر بها. آيات الأحكام في السورة تظهر عدل الله عز وجل الواضح في السورة، العدل الإلهي الذي يأمر الله عز وجل به عباده (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)) ليس فقط بين المؤمنين والمحبين وإنما بين الناس. أحكام سورة النساء وأحكام سورة البقرة تُشعر بعظمة العدل وعظمة التشريع المعجز وكمال هذه الشريعة وإحكامها. ومن أسماء الله سبحانه وتعالى الحكيم العزيز عزة الله عز وجل وحكمته نستشعرها من خلال آيات الأحكام. [/FONT]
[FONT=&quot]ذكرنا أن سورة البقرة بناء عظيم جداً للأمة الجديدة بعد أن اصبح لها دولة في المدينة المنورة وسورة آل عمران سورة لحماية هذه الدولة وهذه الأمة من الأعداء الخارجيين الذين يتربصون بالأمة وذكرنا حرب الشبهات والعقيدة من غير المسلمين وحرب السيف أو الحرب المادية التي يعتدي بها أعداء الله على عباده. سورة النساء سورة تحمي المجتمع من نفسه ومن العدو الداخلي وأخطر عدو داخلي يهدم الأمة من أساسها هو الظلم (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا) وأيّ مجتمع ينتشر فيه الظلم فهو مجتمع على شفا جرف هار، على شفا الانهيار. الإنسان الذي يُظلم في بلده ومجتمعه وأمته ستختلجه مشاعر لا يمكن أن تسمح له ببناء أمة ولذلك قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ؛ وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً" في دولة الظلم تشعر أنك لن تنال حقوقك ولن يكون لك مقام ولا مال يوازي ما فعلته والظلم مدعاة للكراهية والحقد والبغضاء والغل والحسد ويورث اليأس. فالطالب المجتهد الذي حصل على مجموع كبير في الجامعة وكان من أوائل الطلبة ثم يجد من عُيّن مكانه فيشعر بالظلم وييأس ولن يُبدع ولن يُنتج ولن ترتقي الأمة على أكتافه بما أن الذي يرتقي هو الذي عنده شفاعة سيئة وقد ورد ذكر الشفاعة السيئة في آيات سورة النساء (وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا) كما نسميها في عصرنا (الواسطة) التي تجعل الإنسان يأخذ حقاً غير حقه. آيات سورة النساء تعلمنا إعطاء كل ذي حق حقه، العدل مع كل طوائف البشر (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) كل الناس، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)) هذه الآية تصدرت جدار محكمة كبيرة في الويات المتحدة الأميركية لما فيها من العدل الشامل المطلق على كل الناس، العدل على الأقربين، على الضعفاء، على كل الناس كما قال صلى الله عليه وسلم "أتشفع في حد من حدود الله والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها" قالها لزيد رضي الله عنه عندما جاءه يشفع في حد من حدود الله على المرأة المخزومية التي سرقت. العدل شامل وقيمة مطلقة على الجميع، لا يمكن أن تكون دولة مسلمة وتظلم! والعدل يكون حتى على الأعداء كما ذكرت بعض آيات السورة، العدل مع أبغض الناس إليك ومع أشد الناس عداوة للذين آمنوا، عدل مع اليهود لأن العدل قيمة جعلها الله عز وجل في عباده.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه المعاني واضحة جداً في سورة النساء كما أبرزت السورة معنى الظلم وخطورة هذا الظلم ونهي الله عز وجل عنه (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ (40)) قال أحد المفسرين لو أن العرب يعرفون مقداراً أدنى من الذرة لنفى الله عز وجل ما يوازيه من الظلم عن نفسه، فالله عز وجل يعلمنا (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)) ونحن نتعلم من السورة هذه القيمة وهذا المعنى العظيم من معاني العدل.[/FONT]
[FONT=&quot]العدل أربع أنواع في هذه السورة: [/FONT]
[FONT=&quot]أول نوع من أنواع هذا العدل هو العدل مع الضعفاء[/FONT][FONT=&quot] وسميت السورة باسمه. سميت السورة بسورة النساء تقديراً للمرأة وقيمتها والنساء هنا رمز للكائن المستضعف من حيث البنية والقوة والقوامة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (34)) وهذا قد يغري بعض الرجال أن يظلموا المرأة ويأخذوا حقها كما فعل العرب في الجاهلية فكانوا يعضلون النساء ويذروهن كالمعلقة ويظلموهن فالأصل أن المرأة كائن رقيق فكان لا بد أن يؤتى بحقها وحق الضعفاء وتسمى السورة باسمها كرمز لمن تغريه قوته ويغريه بطشه أن يظلم الضعيف أو المرأة أو العبيد والجواري فتأتي السورة تدعو للعدل مع الضعفاء، إياك أن تغريك قوتك أن تظلم مثل هؤلاء. ضعف المرأة جِبِلّي ولا بد من حفظ حقوقها، يقول الله عز وجل (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)) لكل واحد حقه. (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3) وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ (19)) وللأسف هذا لا يزال موجوداً. المؤمن يجب أن يعدل مع الضعفاء. من الضعفاء الذين أكدت السورة على حقهم حق البنت في الميراث فهي لها حق لا بد أن تأخذه. ومن الضعفاء اليتامى (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3)) للأسف كثير يحفظ القسم الثاني من الآية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) ولا ينتبه لما قبلها (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) هذا أساسه للقسط في اليتامى وللعدل في اليتامى ورعاية هذا النوع من الضعفاء (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ (6)). شرع الله القتال نصرة لدين الله عز وجل، سورة النساء فيها سبب آخر شُرع لأجله القتال (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75)) القتال يكون أيضاً لنصرة المستضعفين ولإنقاذهم من الاستضعاف حتى تحقق لهم العدل (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) عندما تشعر بهول الظلم الذي حلّ بقوم وجب نصرتهم لأنهم مظلومين وضعفاء.[/FONT]
[FONT=&quot]النوع الثاني من أنواع العدل: العدل مع الأعداء.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهو أصعب أنواع العدل لأن طبيعة الإنسان والشنآن والكراهية يمكن أن تغريه أن لا يعدل خصوصاً مع أشد الناس عداوة لذين آمنوا، الذين ذاق المسلمون من أفعالهم الأمرّين وهم اليهود (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا [/FONT][FONT=&quot]ۚ[/FONT][FONT=&quot] اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ (8) المائدة). العدل مع الأعداء نجده في سورة النساء بشكل واضح جداً في قصة نزلت آيات الله عز وجل يوجه كلاماً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويعلمهم قيمة العدل حتى مع اليهود. القصة باختصار تروى سرقة قام بها رجل أنصاري يسمى بشير بن أبيرق لدرع رجل من الأنصار يسمى رفاعة بن النعمان لكن هذا الرجل اتضح فيما بعد أنه منافق لكنه أمام الناس رجل من الأنصار، فما ذاع الخبر بدأ الناس تشك أن هذا الرجل سرق درع رفاعة بن النعمان فقام بشير بن أبيرق وبعض أنصاره بخدعة فأخذوا الدرع الذي سرقه من رفاعة بن النعمان ووضعوه في بيت رجل يهودي اسمه زيد بن السمين - ليس له دية لكن في المجتمع المسلم العادل له ديّة وله قيمة ويأخذ حقه رغم العداوة بين اليهود والمسلمين- هذه قيمة لا بد أن نتعلمها. وجد الدرع في بيت اليهودي زيد بن السمين والمفترض أن يعاقب بالسرقة لكن تنزل آيات من الله عز وجل تبرئ يهودي على حساب رجل أنصاري ارتد فيما بعد واتضح أنه كان منافقاً لكنه أمام الناس من الأنصار ومن عائلة كبيرة (بني أبيرق) ومع هذا لأنه عصى واقترف سوءاً ورمى به بريئاً نزلت آيات تبرّئه وتجده يسمى في هذه السورة (بريئا) (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا (112)) البريء هو اليهودي. علينا أن نتعلم من الآيات (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً (105)) هذا كلام للنبي صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالحق ولا يكن للخائنين خصيماً (وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (106)) لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بما رأى، وجد الدرع في بيت اليهودي، لكن العدل الإلهي تنزل الآيات به (وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)) الآيات تبرئ اليهودي (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا (112) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)) موقف عجيب، موقف عدل مع أشد الناس عداوة لنتعلم أنه مهما بلغ الكره لأحد لا بد من العدل معه لا بد من التعامل معه من منطلق أخلاق الإسلام لا من منطلق العداوة معه، وهذا ما نتعلمه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومن هدي أصحابه عندما جاء الرجل اليهودي احتكم إلى عمر بنالخطاب ضد علي ابن أبي طالب وحُكم لليهودي لأن هذا عدل مطلق مع الناس جميعاً.[/FONT]
[FONT=&quot]النوع الثالث من العدل هو العدل مع الأولياء الأقربين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]كما في قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها" [/FONT]
[FONT=&quot]النوع الرابع من العدل: العدل مع أصحاب الحقوق[/FONT][FONT=&quot]، صاحب الحق يأخذ حقه ولصاحب الحق مقال " إن لصاحب الحق مقالاً". السورة تعطي كل ذي حق حقه فتقسم المواريث. بعض الناس للأسف يشكك ويقول كيف يكون للذكر مثل حظ الانثيين؟ لكن غفلوا عن الآيات قبلها (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (34)) الرجال هم الذين ينفقون فالمرأة إما لها أب ينفق عليها أو ابن ينفق عليها أو زوج ينفق عليها أو أخ ينفق عليها وإن لم يكن لها أحد سترث لوحدها، في الأصل إن كانت المرأة غير معيلة فلا بد أن يكون لها من يصرف عليها، وليّ لها، فالمرأة عندما ترث النصف لا ترثه لأنها مكلفة بأن تصرف منه ولكن هذا قمة العدل أن المرأة في الإسلام ليست مكلفة بالإنفاق إلا ما طابت به نفسها. أما الرجل ينفق على زوجه وابنته ومن له ولاية عليهم. وهذا المعنى أهم من معنى فكرة المساواة التي يحاول بعض الناس نشرها، فكرة المساواة المطلقة خطأ، إذا كانت أمام القانون والحدود فهي واجبة حتى لو كانت مع أقرب الناس لكن كيف تكون المساواة في الحقوق بين من يتعب ويعمل وبين من لا يعمل؟! العدل الموجود في سورة النساء هو إعطاء كل ذي حق حقه لا مساواة مطلقة. العدل حتى مع الناس الذين أعتقوا بعد فترة (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)) حتى الذي يحضر قسمة الميراث (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (8)) أعطوهم وأعينوهم على ذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من السورة أن أخطر ما يقوم عليه المجتمع المسلم هو العدل ومن أخطر الأعداء الداخليين الظلم. وذكرت السورة أعداء داخليين آخرين منهم المنافقون وعلاقتهم باليهود وبمن يريد أن ينخر جسد الأمة من الداخل فنجد في السورة كلاماً عن النفاق (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)). من الأعداء الداخليين أيضاً مسألة التفكك الأُسري وهي موجودة في السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]أهم قيمة نقف معها في السورة قيمة العدل المطلق مع الجميع بأنواعه الأربعة العدل مع الضعفاء ومنهم النساء والعدل مع الأولياء الأقربين حتى الوالدين والعدل مع الأعداء والعدل مع كل صاحب حق. هذه القيمة يقوم بها المجتمع المسلم فإن لم توجد يكون الظلم والحقدد والغل والحسد الذي هو أساس نخر المجتمعات وهدمها. [/FONT]

سورة النساء
‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظ‰ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط£ظ† ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ظ†ط³ط§ط، ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظ‰ ظٹظˆط³ظپ 27 02 2013‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة المائدة[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=Z5UONzsNY78[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]"أهل القرآن هم أهل الله وخاصته"[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البقرة سورة الإسلام لله والاستسلام لأمره لشرعه وأحكامه وطاعته مهما كانت الطاعة صعبة لا بد من السمع والطاعة (سمعنا وأطعنا)[/FONT]
[FONT=&quot]سورة آل عمران سورة مواجهة الحرب على أمة الإسلام من أعداء الداخل والخارج، حرب مادية وحرب شبهات[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النساء سورة العدل والإحسان ومعنى إعطاء كل ذي حق حقه حتى مع أبغض الناس[/FONT]
[FONT=&quot]سورة المائدة قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة بآية من آياتها خوفاً على أمته (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)) الحديث[/FONT]
[FONT=&quot]في السورة آيات مهمة قال بعض أهل العلم أنها آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وبكى عند سماعها بعض الصحابة لأنهم شعروا أن الأمر تم وسينقطع الوحي (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)) [/FONT]
[FONT=&quot]سميت السورة بالمائدة ليس لمجرد ذكر المائدة التي أنزلها الله تعالى على بني إسرائيل ولكن لأن المائدة نفسها فيها معنى العقد (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)) سينزل الله تعالى عليهم المعجزة لكن بشرط، في المقابل لو كفر أحد بعد أن يرى الآية فإن الله سيعذبه وهذا بمثابة عقد، الله عز وجل واثقهم ميثاقاً في هذه الآيات ولذلك أول آية في سورة المائدة وآيات كثيرة في السورة تكلمت عن العقود، لكن ليست أيّة عقود وإنما نوع آخر من العقود وهي العقود والمواثيق مع الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يأخذ ميثاقاً على الناس ولهذا تتكرر في السورة (أوفوا بالعقود) [/FONT]
[FONT=&quot](وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)) الميثاق عقد[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12))[/FONT]
[FONT=&quot](وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (14))[/FONT]
[FONT=&quot](لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70))[/FONT]
[FONT=&quot]ذكرت كلمة العهد والميثاق مع الله سبحانه وتعالى هذا ميثاق مختلف إذا استشعرت أنه مع الله تعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]ذكرت في السورة من أسماء الله الحسنى اسم الملك وذكرت صفة القوة (القدير). عندما يحصل عقد بين البشر في الدنيا لو لم يكن لدى المتعاقد وازع ديني والآخر ليس عنده القوة ليثبت حقه فقد يحصل نوع من أنواع الغبن وينفض العقد بطريقة مهينة وفيها إغفال لحق الإنسان الذي تعاقد، هذا في حق البشر ولله المثل الأعلى. كلما أدركت أن هذا الميثاق وهذا العقد مع ملك قدير كلما كان ذلك أدعى للإلتزام بشروط العقد والخوف من الشروط الجزائية. أنت تتعامل مع ملك الملوك سبحانه وتعالى ليس ملكاً من ملوك الدنيا، تتعامل مع الملك والقدير سبحانه وتعالى الذي له الملك المطلق والقدرة المطلقة وهذا أدعى أن تلتزم بالعقود والموايثق مع الله سبحانه وتعالى. ولهذا تكرر في السورة اسم الملك [/FONT]
[FONT=&quot](وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)) (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)) (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)) (لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)) الملك والقدرة هذه المعاني تترسخ في آيات السورة، الملك القدير له القدرة وله القوة وله الملك وله الجبروت فكيف إذا أمر لا يُطاع؟! وكيف إذا نهى العبد عن أمر لا ينتهي؟! ألا يجب أن يكون له الولاء؟! [/FONT]
[FONT=&quot]في السورة عقود عندما تستشعر قيمة الملك والقوة والقدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى فهذا أدعى بالإلتزام بالعقود والمواثيق مع الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]يمكن تقسيم العقود والمواثيق في السورة إلى ثلاثة أنواع، يجب علينا مراجعة مدى التزامنا بهذه العقود أم أننا سنكون مثل النماذج التي ذكرتها السورة لمن نقضوا عقودهم:[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]عقد التحاكم لشرع الله والسمع والطاعة[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]عقد الولاء لله ولأحبائه وأوليائه والبراء من أعدائه (الولاء والبراء)[/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]عقد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحرص على أن يلتزم الناس جميعاً بالعقود مع الله، لست وحدك والعقد الأساسي قبل هذا كله هو عقد التوحيد لله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]نتيجة هذه العقود أن تعترف أن الله سبحانه وتعالى هو الملك الذي يُسمع ويُطاع، الملك الحقيقي لله وحده (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ (114) طه) نتيجة الإيمان باسم الملك القدير الذي تكرر في السورة الذي له القدرة على أن يقتص ممن اخترق عقده ولم يطعه فمن الطبيعي أن تطيع وتلتزم بقانون هذا الملك وتتحاكم له لأنه صاحب الأمر والنهي في ملكوته الذي تعيش فيه وأن تسمع وتطيع. ومن النتائج المنطقية لهذا أن توالي هذا الملك وهذا هو العقد الثاني عقد الولاء والبراء المذكور بكثرة في السورة، الولاء لهذا الملك والبراء من أعدائه خصوصاً، خيانة لله عز وجل أن يوالى عدوه ويُنصر على حبيبه ووليه. ومن نتيجة العقود أيضاً أن يلتزم الناس بحيث لا يخترق أحد عقود مواثيق وأوامر ونواهي هذا الملك الجليل فيكون لدى كل إنسان غيرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.[/FONT]
[FONT=&quot]العقد الأول: عقد التحاكم لشرع الله عز وجل والامتثال لأمره والسمع والطاعة[/FONT]
[FONT=&quot](وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)) ميثاق الإستسلام لله هو عقد لا بد من الالتزام به وفيه أوامر ونواهي يجب أن نلتزم بها فالإسلام ليس مقتصراً على شعائر فقط وإنما هو منهاج حياة كامل برمجة كاملة للحياة، فيه أحكام، حلال وحرام، فروض وواجبات، منهيات وأمور لا بد أن يسيطر هذا النظام على حياتك. وكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ليست كلمة جافة، لا بد أن يكون لها مدلول من خلال هذه الطاعة. من خلال هذا المعنى تذكر السورة أحكام، حلال وحرام، واجبات وفروض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)) لا بد أن تمتثل لهذا الحكم[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)) هذه عقد بينك وبين الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot](حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) قوانين للملك لا بد من الإلتزام بها والامتثلال لهذه الأحكام لأنك تعيش في ملك الله سبحانه وتعالى تحت ظلال شريعته. ذكرت الآية المحرمات من اللحم [/FONT]
[FONT=&quot](الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)) تذكر الآيات ما أُحلّ[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)) أحكام وقوانين الملك التي يجب أن تلتزم فيها. [/FONT]
[FONT=&quot]وتذكر السورة عقوبات كثيرة فرضها الملك سبحانه وتعالى (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)) حد الحرابة [/FONT]
[FONT=&quot](وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)) حد السرقة[/FONT]
[FONT=&quot]هذه أحكام الملك في مملكته، أحكام الملك التي جعلها ميثاقاً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يضرب الله عز وجل مثلاً لمن لم يلتزم بهذه الأحكام وهذا واضح في السورة بعد كل نوع من العقود يذكر نماذج لمن لم يلتزموا بالعقد. (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ (13)) نقضوا الميثاق ولم يعترفوا بالعقد بينهم وبين الله تعالى. الله سبحانه وتعالى يأمرهم (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)) قالوا (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)) أمر واضح لكنهم لا ينفذوه لأنهم لم يعترفوا بالميثاق (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ) مرة بعد مرة إلى أن قالوا (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)) غاية التمرد!! يعملنا الله سبحانه وتعالى أن جزاء عدم الالتزام بهذا الميثاق (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)) (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)) (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)) كلام واضح وصريح الذي لا يحكم بما أنزل الله ولا يلتزم بقوانين الملك في مملكته يكون كافراً بهذا القانون، ظالماً لا يريد أن يمتثل لهذا العقد (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (104)) يريدون أن يستبدلوا شرع الله، وأي استبدال لشرع الله فهو حكم جاهلي (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)) شرع الله هو أحسن ما يحكم به (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا (50)) يقابله حكم الجاهلية فالذي لا يبتغي حكم الله يبتغي حكم الجاهلية. آية صريحة وواضحة ولا تحتاج لجدال. وقد تكرر في القرآن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)) (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49))[/FONT]
[FONT=&quot]العقد الثاني: عقد الولاء لله سبحانه وتعالى وأوليائه وعقد البراء من أعدائه[/FONT]
[FONT=&quot]يجب أن توالي الملك سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)) الولاية هنا هي النصرة على حساب المسلمين، المحبة من دون المؤمنين، هذا أمر مرفوض. يمكن أن تُحسن وتبرّ لكن لا أن توالي أعداء الله من دون المؤمنين. (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يذكر الله عز وجل نموذجاً ممن اخترق هذا العقد (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)) هذا أمر واضح وقاعدة صريحة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57)) [/FONT]
[FONT=&quot]ويضرب الله عز وجل أمثلة بأهل الكتاب الذين والوا ولم يفعلوا ما أمرهم الله عز وجل به من موالاة الله عز وجل وإنما والوا أعداءه.[/FONT]
[FONT=&quot]العقد الثالث عقد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[/FONT]
[FONT=&quot]إذا التزمت بشرع الله عز وجل وواليته وواليت المؤمنين لا بد أيضاً أن تغار على شرعه وعلى حرماته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يغار تنتهك محارمه". عليك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بقدر ما تستطيع وتحرص على هداية الناس قدر وسعه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا، وَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا فَاسْتَقَيْنَا مِنْهُ وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا جَمِيعًا" من يخترق حدود الله عز وجل قد يغرق الجميع بسببه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث. فعلينا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر كي ننجو جميعاً ليس فقط أن ننجو وحدنا ولهذا تأتي آية مهمة في السورة تركز هذا المعنى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79)) لأنهم كانوا يتركون هذه الشريعة التي يحاول كثيرون الآن تشويه صورتها وهي واجبة على كل مسلم (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) آل عمران) هذا واجب حياة، المسلم يحب لأخيه ما يحبه لنفسه فلذلك يأمره بالمعروف ويقول له اتق الله إذا فعل منكراً، هذه شريعة مهمة يجب أن لا نغفل عنها. وقد يتفاوت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين أصحاب السلطة وبين الناس بعضهم بعضاً فالناس بين بعضهم يكون على سبيل النصيحة والجدال بالتي هي أحسن أما الحاكم فيمكنه تغيير المنكر باليد. لا نستحيي من قول الحق، هذا ديننا الذي علمنا الله عز وجل إياه والذي لعن من لم يفعلوه (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79)) فاستوجبوا اللعنة بسبب ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]كل هذه مواثيق واضحة في السورة وأهمها ميثاق التوحيد الذي خُتمت به السورة عندما سأل الله عز وجل المسيح عليه السلام وأمه (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) أقر عيسى بميثاق التوحيد لله عز وجل (قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)) وسميت السورة بميثاق المائدة التي أنزلها الله عز وجل على بني إسرائيل باشتراط (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)) وبيّن المسيح عليه السلام أنه التزم بهذا العقد فصدق الله عز وجل عليه وعلى كل صادق صدق بالتزامه بالعقد والميثاق مع الله عز وجل لا يعاهد الله كل مرة على عدم المعصية والفاحشة والالتزام بالأمر ثم بعد ذلك ينقض ميثاقه مع الله، أكد الله عز وجل جزاء الوفاء بالعقود الذي أمر به في السورة (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)) [/FONT]
[FONT=&quot]وتختم السورة بالملك ( لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)) [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة مواثيق وعقود تعلمنا أن نلتزم بها وتوضح لنا مصير من لم يلتزم بالعقود والموايثق وماذا حصل لهم فعلينا أن نتخذ قراراً أن نوفي بالعقود مع الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) حتى نكون ممن قال الله عز وجل عنهم (يوم ينفع الصادقين صدقهم).[/FONT]
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]الجنّ أول ما تلقى القرآن تفاعل معه وانفعل به ونحن علينا أن نتغير بالقرآن، نعيش بالقرآن لعلنا نكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأ وارق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية " صاحب القرآن من صاحبه في الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام من أعظم سورة القرآن لأنها تتحدث عن معنى عظيم هو تعظيم الله سبحانه وتعالى، تعظيم الله الذي هو شعور إن وجد في قلب المؤمن تختلف مشاعره وعلاقته بالناس تختلف وعلاقته بالحلال والحرام تختلف لأنه معظّم لله سبحانه وتعالى. هذه السورة تغرس فينا هذا المعنى، هذا المعظِّم لله سبحانه وتعالى لا بد وأن يتفاعل مع من لا يعظّمون شرع الله جل وعلا لأن هناك أناس في الأرض لا يعظّمون الله سبحانه وتعالى فهذا الذي يعظّم الله سبحانه وتعالى لا بد أن يجد في قلبه شيئاً ممن لا يعظّمون الله، هذا ما ستبينه سورة الأنعام.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام موضوعها يتلخص في الآية الأولى التي تبدأ بها هذه السورة. وهذه السورة لها مهابة من شدة العظمة في آياتها، ومن يفسرها يشعر بالمهابة إذ كيف يمكن له أن يوصل معاني العظمة المُبهرة في هذه السورة؟ كيف يمكن له بكلام البشر العاجز أن يشرح سورة بهذه العظمة. قال صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله تعالى عن هذه السورة حين شرع في تفسيرها: :[/FONT][FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]إنها في كل لمحة منها وفي كل موقف، وفي كل مشهد، تمثل " الروعة الباهرة " الروعة التي تبده النفس، وتشده الحس، وتبهر النفس أيضاً؛ وهو يلاحق مشاهدها وإيقاعها وموحياتها مبهوراً! نعم! هذه حقيقة! حقيقة أجدها في نفسي وحسي وأنا أتابع سياق السورة ومشاهدها وإيقاعاتها وما أظن بشراً ذا قلب لا يجد منها لوناً من هذا الذي أجد. إن الروعة فيها تبلغ فعلا حد البهر حتى لا يملك القلب أن يتابعها إلا مبهورا مبدوها[/FONT][FONT=&quot]![/FONT][FONT=&quot] وهي في كل موجة من هذه الموجات المتدافعة المتلاحقة المتشابكة، تبلغ حد " الروعة الباهرة[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot]التي وصفنا - مع تناسق منهج العرض في شتى المشاهد كما سنبين - وتأخذ على النفس أقطارها بالروعة الباهرة، وبالحيوية الدافقة، وبالإيقاع التصويري والتعبيري والموسيقي وبالتجمع والاحتشاد ومواجهة النفس من كل درب ومن كل نافذة[/FONT][FONT=&quot]![/FONT][FONT=&quot] ونحن - سلفاً - على يقين أننا لسنا ببالغين شيئاً في نقل إيقاعات هذه السورة إلى أي قلب إلا بأن ندع السورة ذاتها تنطلق بسياقها الذاتي، وإيقاعها الذاتي، إلى هذا القلب، لسنا ببالغين شيئاً بالوصف البشري والأسلوب البشري ولكنها مجرد المحاولة لإقامة القنطرة بين المعزولين عن هذا القرآن - بحكم بعدهم عن الحياة في جو القرآن - وبين هذا القرآن!"(انتهى كلامه رحمه الله)[/FONT]
[FONT=&quot]كلام يعبر عن إحساس بهذه السورة، إحساس بهذا التعظيم![/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كان لها جو خاص جداً، هي لم تنزل كباقي سور القرآن متقطعة، نزلت سورة الأنعام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: " نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح" رواه الطبراني وصححه العلامة أحمد شاكر. لنتخيل المشهد: سورة الأنعام تنزل حولها هذا الموكب الرباني السماوي من الملائكة يسبحون الله عز وجل والسبيح تنزيه لله، الملائكة تسبح الله جلّ وعلا، تنزه الله جلّ وعلا. وفي رواية أنس رضي الله عنه قال" نزلت مع موكب من الملائكة سدَّ ما بين الخافقين لهم زجل من التسبيح والأرض بهم ترتجّ[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot]وليست الأرض وحدها التي ترتج بل كما في رواية أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن عظام الناقة التي كان يركبها النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه هذه السورة كادت أن تتكسر. هذا لعظمة هذه السورة كادت عظام الناقة أن تتكسر لشدة عظم وهول ومقام هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام كان النبي صلى الله عليه وسلم يجأر بالتسبيح عندما نزلت عليه كما في بعض الروايات لما وجد كل الكون حوله يسبح والملائكة بهذا الكم الرهيب يجأرون بالتسبيح لله عز وجل يشعر أن الناقة تهتز به لم يسع النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يشارك هذا الموكب الكوني الذي يعظّم الله عز وجل (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (44) الإسراء) سبّح معهم النبي صلى الله عليه وسلم قال من روى هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم إجلالاً وتعظيماً لمعاني هذه السورة وهذا هو المعنى الذي تتكلم عنه هذه السورة التي من خصائصها جملة واحدة، دفقة بل دفقات متتالية من الآيات كلها تغرس في القلب هذا المعنى، أسلوب متوالي. ولذلك هي أكثر السور التي ورد فيها (وهو) اسم الإشارة، وتجد حرف العطف (الواو) متكرر باستمرار، متوالية وراء بعضها وتجد تكرار (قل) فتشده شعور الإنسان حينما يسمعها. كذلك تمثل هجوماً كاسحاً على من لم يتلقوا هذه العظمة ولم يتلقوا هذه الآيات لأن الإنسان فُطر على هذا. نضرب مثالاً بسيطاً ولله المثل الأعلى لما ترى مشهداً جميلاً أو لوحة جميلة أول ما تنطق به حيال جمالها (الله! ما هذا الجمال!) تلفظ لفظ الجلالة من غير أن تشعر، هذه فطرة في الإنسان حتى لو كان هذا الإنسان بعيداً كل البعد عن العلم الشرعي لكن الكلمة تخرج مباشرة من لسانه لأنه مفطور على حب الجمال وعلى عشق هذه المعاني فيستشعر بها ويتأثر بها فيقول (الله) مستشعراً بالتعظيم فما بالك بخلق الله عز وجل؟ (هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11) لقمان). [/FONT]
[FONT=&quot]السورة تضعنا أمام هذه المشاهد المتوالية من العظمة الكونية والآيات الربانية المتتالية حتى لا يطيق أن تحبس هذا الشعور، لا تطيق أن تسكت عن تعظيم الله عز وجل. بل أحياناً تجد الإنسان يعظّم شيئاً من الجنّ لدرجة أنه يخاف منهم والأولى به أن يعظّم الله عز وجل فلا يعظّم كلام الله تعالى كما يعظّم الجنّ ولا تجده يتأثر عندما يتطاول أحد على الله عز وجل، هذا ليس تعظيماً حقيقياً لأن المعظِّم الحق الصادق لا يملك أن يسكت عمن يتطاول على من يعظّمه، ولا يملك أن يكتم هذا التعظيم في قلبه ولذلك غلام الأخدود لما عرف الله عز وجل بدأ يتكلم عنه سبحانه وتعالى فقال له – كما في حديث صهيب – عندما كان الراهب يعلم الغلام والغلام تعلم عن الله عز وجل وبدأ يدلّ الخلق على الله جلّ وعلا فقال له الراهب "أنت اليوم أفضل مني" لأنه بدأ يتكلم عن ربه سبحانه وتعالى ولم يكتم هذا التعظيم بل دلّ الخلق على الله عز وجل ويعرفهم بالله ويكلمهم عن الله جلّ وعلا.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة توجه أنظارنا لذلك ويلخص موضوعها ودفقاتها المختلفة أول آية (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) كلام عن الله سبحانه وتعالى وخلقه وآياته خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور. والمقابلة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) عندما تستشعر خلق الله عز وجل تستشعر عظمة الله عز وجل ثم تجد من يفترض أن تكون ردة فعله عندما يعرف الله عز وجل ولما يرى آياته (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) يعدل به شريكاً، يعدل به مثيلاً لأنه لم يعرف الله عز وجل حق المعرفة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ). لما تجد آيات السورة تعظّم الله سبحانه وتعالى فترتفع عظمة الله تعالى في القلب تجد أن الذي يجحد هذه العظمة لا بد أن يكون الكلام في وجهه شديداً لأنه لا ينفع أن تواجه هذه العظمة بالسكوت، عندما تسمع (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) ثم (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) كيف استطاعوا أن يفعلوا هذا؟! (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) تجادلون بعد كل هذا الخلق والملكوت؟! (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3) وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4)) معرضين عن آيات الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]آيات السورة كلها تسير وفق هذا النسق: آيات ودفقات من الآيات تبدأ بعرض لهذا الجمال ولهذا الجلال وهذا العرض لقدرة الله عز وجل ثم تُذكر المقابلة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ).[/FONT]
[FONT=&quot]السورة في إطارها العام عن تعظيم الله عز وجل وفي المقابل من لم يعرفوا هذه العظمة ومن لم يقدروا الله حق قدره (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَقَّ قَدْرِهِ (91))، هذه السورة تعرض هذه المقابلة وتضع الإنسان المؤمن أمام هذا الخيار الذي ليس له غيره وهو أن يسبح الله عز وجل وأن يعظّم الله سبحانه وتعالى وأن يوحّده قبل ذلك كما يدل عليه مشهد إبراهيم عليه السلام في السورة وهو يعرض للمشركين ويعرق لقومه هذا الملكوت الواسع ثم لا يجد إلا كلمة واحدة (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)) الذي فطر هذا الكون ولا يستطيع إبراهيم عليه السلام أن يسكت على محاججة قومه ويحاججهم.[/FONT]
[FONT=&quot]السورة لها خصائص هي عبارة عن دفقات متتالية من الآيات كل مجموعة لها نسق معين تبدأ بكلام عن الله سبحانه وتعالى عن صفاته، عن أسمائه، عن نعمه وآلآئه ثم تأتي بعدها المفاجأة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) (ثم أنتم تمترون) كيف تواجهون هذه العظمة بهذا الجحود وهذا النكران عياذاً بالله تعالى؟![/FONT]
[FONT=&quot]نسق السورة شبيه جداً بنسق سورة النحل مع اختلاف أن سورة النحل تركّز على النِعم بينما تركز سورة الأنعام على معنى الخلق والملكوت الواسع في هذا الكون. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم أن أسلوب الكلام مع الكفار الذين لم يعظموا الله عز وجل ولم يقدروه حق قدره أسلوب هجومي فيه نوع من الاستنكار (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19)) (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ (43)) أسلوب فيه عتاب. وأسلوب فيه تهديد كما قال الله عز وجل (فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (5)) (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)) تهديد ووعيد لأنه عندما تعرض الآيات المبهرات في الكون الدالة على عظمة الله عز وجل لا يصح أن تقابل بما فعله أهل مكة وقوم النبي صلى الله عليه وسلم بالجحود والنكران. [/FONT]
[FONT=&quot]عرض للدفقات المتتالية والموجات المتتالية من الآيات التي تسير بنفس النسق:[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الأولى من الآيات وتبدأ من أول السورة إلى الآية الثانية عشر حيث تستهل بالكلام عن الله وصفاته وأفعاله كما في قوله تعالى[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {6/1} هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ {6/2} وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) الكلام عن الخلق[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي بعد ذلك ذكر الجاحدين والمنكرين[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ {6/4} فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم يبدأ الهجوم الكاسح والتهديد والوعيد لهؤلاء المكذبين بسبب ما فعلوه من تكذيب بهذه الآيات وبهذا الخلق العظيم، قال الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot](أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ {6/6}) أهلكناهم بجحودهم بهذا الخلق العظيم المبهر. (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ {6/7}) القضية قضية تكذيب حتى لو أنهم أمسكوا الكتاب الذي نزل من السماء في قرطاس سيقولوا إن هذا سحر مبين. (وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ {6/8}) هذه الموجة الأولى بداية الكلام عن تعظيم الله وعن خلق الله عز وجل ثم ذكر للجاحدين ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الثانية من الآيات[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT][FONT=&quot]وتبدأ من الآية الثانية عشر بذكر ملك الله عز وجل في السموات والأرض:[/FONT]
[FONT=&quot](قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {6/12} وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ {6/17} وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {6/18}) كلمة (القاهر فوق عباده) لم تأت في القرآن إلا في سورة الأنعام في موضعين (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)) و (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (61))[/FONT]
[FONT=&quot]أمام عرض هذه الآيات وأمام هذا الملكوت المطلق وهذا القاهر العظيم تكون النتيجة الطبيعية التسليم كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ) هل يعقل بعد هذا الملكوت وهذه العظمة أن أبحث عن وليّ آخر؟! أبحث عن آلهة من دونه سبحانه وتعالى وهو الذي يُطعم ولا يُطعَم؟! (قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ {6/14} قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {6/15} مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ {6/16}) هذه هي الإجابة السليمة لكن للأسف نجد أناساً لم يفعلوا ذلك بل جحدوا فتأتي الآيات التي تتكلم عن الجحود: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى) بعدما سمعت أنه هو القاهر فوق عباده وبعدما سمعت أنه هو الذي يُطعِم ولا يُطعَم وبعد ما سمعت أنه هو الذي يكشف عنك الضرّ؟! قولوا كما تقول الآية (قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {6/19} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {6/20}) ثم يبدأ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) كذب بالآيات التي يراها. (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ {6/29}) [/FONT]
[FONT=&quot]يبدأ بعدها التهديد: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {6/22} ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {6/23} انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) كلما ينهى عن التوحيد كلما يبتعد ويزداد غيّاً في معاصيه (وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {6/26} وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {6/27}) [/FONT]
[FONT=&quot](وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ {6/30} قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) لن ينفعهم شيء لأنهم جحدوا بآيات الله فهم موتى وصُمّ قال عنهم الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {6/36}) فهم كالموتى صمّ وعمي لا فائدة منهم ولا قيمة لتكذيبهم (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ {6/50})[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي التسفيه لعقولهم الناقصة وفطرهم المنكوسة وقطع الطمع عنهم[/FONT]
[FONT=&quot](قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ {6/33} وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ {6/34} وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ {6/35})[/FONT]
[FONT=&quot]جزء جدالي من 33 الى 58[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الثالثة من الآيات يبدأ بكلام عن قدرة الله عز وجل وعظمته:[/FONT]
[FONT=&quot](وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) تأمل هذا المثال جيداً، تسقط ورقة في مكان ما في الليل لا يراها أحد في مكان لم تطؤه قدم بشر ولا حيوان ومع ذلك يعملها الله سبحانه وتعالى وهي في كتاب أنها ستسقط في هذا الوقت تحديداً وفي هذا المكان تحديداً.[/FONT]
[FONT=&quot](وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) صفة القهر والقوة والجبروت والبطش. [/FONT]
[FONT=&quot](ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (64)) بعد كل هذه الآيات يظهر الجحود (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)) هذا كله يفعله الله سبحانه وتعالى ومع هذا تأتي المفاجأة والتكذيب في نسق بديع في السورة بعد ذكر آيات العظمة:[/FONT]
[FONT=&quot](وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (66) لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يخوضون ويكذبون في أمور واضحة لكل عين ترى ولكل أذن تسمع ومع ذلك يخوضون في آيات الله عز وجل (حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71))[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الرابعة آيات سيدنا إبراهيم عليه السلام[/FONT][FONT=&quot] واختلف العلماء هل سيدنا إبراهيم وهو يتأمل في آيات الكون (هذا ربي) اختلف العلماء على رأيين في هذه المسألة:[/FONT]
[FONT=&quot]منهم من يقول أن هذا تدبراً من سيدنا إبراهيم عليه السلام وكان يتأمل في الكون ويتدبر ويصل إلى هذه الحالة من اليقين من خلال النظر وكلمة النظر وتوجيه المسلم أن ينظر ويتدبر في خلق الله عز وجل تكررت في السورة كما في قوله عز وجل (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ (99)) التوجيه للنظر في كون الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot]والرأي الثاني يقول أن إبراهيم عليه السلام لم يكن ناظراً وإنما كان يناظر قوه ويثبت عليهم الحجة من خلال هذا الكون، من خلق هذا الكون؟ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (74)) وسواء كان إبراهيم عليه السلام يناظر أو يتدبر فالعرض والحجة كان من خلال آيات الله عز وجل في الكون نتعلم منه التأمل والنظر في آيات الكون (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78)) عندما عرف عظمة الله عز وجل تبرأ من الشرك (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ) المعظّم لا يمكن أن يسكت عمن يحاججه في الله الذي يعظّمه (وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) المعظِّم لله عز وجل لا يمكن أن يخاف (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)) الحجة والروية والنظر في الكون.[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي المفاجأة:[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91))[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94))[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الخامسة من الآيات: الجمال والقدرة[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَات لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99))[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي المفاجأة: [/FONT]
[FONT=&quot](وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100))[/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة السادسة من الآيات: [/FONT]
[FONT=&quot](بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103))[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي التكذيب على النسق الذي تميزت به السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107) وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (108) وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113)) [/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة السابعة: نعمة الوحي والهداية للخير[/FONT]
[FONT=&quot](أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ (120) وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (122))[/FONT]
[FONT=&quot]ثم التكذيب والعصيان وسلسلة جرائم واجهوا نعمة الله بالهداية أن جعلوا لله شركاء إذا رزقوا نعمة من الله عز وجل يجعلون لله عز وجل شركاء [/FONT]
[FONT=&quot](وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ (124) فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاء عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (140)) [/FONT]
[FONT=&quot]الدفقة الثامنة من الآيات من الجمال والنعم[/FONT]
[FONT=&quot](وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142)) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تحرّم النعم وتستعمل في الشرك: [/FONT]
[FONT=&quot](ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148))[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي خاتمة توجيهية كاسحة:[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ (157) هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (159) مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (160))[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي الآيات الجامعة عندما تتلخص في قلبك عظمة الله عز وجل قُل:[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) وحّد وجهتك وتوحد الله عز وجل وتنبذ كل شريك لا شريك له (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)) تخرج من سورة الأنعام بهذا التعظيم وهذا الإجلال لله عز وجل وهذا الإحساس المهول. تدبر سورة الأنعام واستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى وانظر إلى خلق الله عز وجل وإلى بديع صنع الله سبحانه وتعالى لعلنا نصل إلى هذه الدرجة من التعظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]والخاتمة الجميلة التي تلخص العظمة والجمال والجلال وعقوبة من كذّب[/FONT]
[FONT=&quot](وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165))[/FONT]
[FONT=&quot]تدبر سورة الأنعام لتخرج منها بـ:[/FONT]
· [FONT=&quot]تعظيم رهيب[/FONT]
· [FONT=&quot]معرفة لله[/FONT]
· [FONT=&quot]حب شديد واحساس بالنعم[/FONT]
· [FONT=&quot]افتكار من ينجيكم (أرأيتم إن ذهب الله بسمعكم)[/FONT]
· [FONT=&quot]غضب وبغض لمن اشرك واستهان[/FONT]
· [FONT=&quot]توحيد عملي[/FONT]
· [FONT=&quot]استسلام وطاعة[/FONT]


سورة الأنعام
‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظ‰ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط£ظ† - ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط£ظ†ط¹ط§ظ… - ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظ‰ ظٹظˆط³ظپ 13-03-2013‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=qPtLzbZhQoU[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]كلما عايشت القرآن أكثر كلما فُتح عليك بمعاني ومبادئ قرآنية تتحرك في الكون من خلالها.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنعام السابقة كانت بداية السور المكية ووسورة الأعراف أيضاً سورة مكية بعد شوط من السور المدنية البقرة وآل عمران والنساء والمائدة مليئة بالأحكام. سورة الأنعام وقفنا مع معاني تعظيم الله عز وجل وهذا التنزيه الذي امتلأت به السورة والتسبيح، هذه السورة الطويلة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم جملة واحدة في موكب رباني جميل من الملائكة سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف ترسخ معنى آخر وهو معنى الاختيار ويظهر من اسمها، الأعراف موقف ذكره الله سبحانه وتعالى في هذه السورة (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿٤٤﴾ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ ﴿٤٥﴾ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ) أول مرة تذكر هذه الكلمة في القرآن (الأعراف). من أهل الأعراف؟ أهل الأعراف هم أناس لم يحسنوا الاختيار، ناس لم يكونوا كفار ولم يختاروا السيء الذي فيه الفجور والفحش والبعد عن الله عز وجل ولم يكونوا أيضاً طائعين لله عز وجل ولهم أعمال صالحة تسارع بهم إلى الجنة، إنما هم أُناس في الوسط على الأعراف بين الجنة والنار، بين المؤمنين والكفار ينظرون إلى أهل الجنة ويطمعون أن يدخلوها. هذا الموقف يلخص معنى من أم معاني سورة الأعراف، هو ليس المعنى الوحيد في السورة لأن معاني القرآن لا تنضب ولكن نركز على معنى الاختيار، ثلاثة أصناف من البشر أساسية:[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]صنف اختار الجنة عرف طريقه واختار طاعة الله عز وجل سبيله واضح لا يجد حرج في نفسه منه كما ذكرت بداية السورة (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) عرف طريقه، يريد الجنة ويعمل لأجلها.[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]وصنف آخر اختار الطريق الآخر كإبليس اختار الفجور والإسراف على النفس والكفر بالله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]وصنف غافل ومعنى الغفلة يتكرر في سورة الأعراف كثيراً. [/FONT]
[FONT=&quot]هذا المعنى - معنى الاختيار – هو من أهم الوقفات التي سنقف عندها في السورة، ماذا اخترت؟ أهل الأعرف الذين سميت السورة باسمهم وقفوا في الوسط لم يعرفوا إلى أين يذهبون (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)) (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ (46)) يعرفون الصنفين بسيماهم لأنهم كانوا يختلطون معهم في الدنيا ( وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) يطمعوا أن يدخلوا الجنة (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)) يخافون من هذا المكان، يخافون أن يدخلوا النار! (وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)) كانوا يرددون في الدنيا أنهم أصحاب المال والمنصب (أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ) ينتقل الكلام إلى أهل الجنة (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ) بعدما تكلموا مع أهل النار نظروا لأهل الجنة وقالوا (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ) أنتم الفائزون اليوم بعد أن كنا نقسم أنكم لن ينالكم الله برحمة! (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٥٠﴾ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿٥١﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الرئيسي والأساسي في سورة الأعراف الذي نريد أن نقف معه هو الذي يظهر في هذه الآية في السورة (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) لا تتردد ولا تفكر كثيراً بل اختر أن تتبع هذا الكتاب (لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ) دعوة للاختيار (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) السورة تدعوك أن تختار، (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٨﴾ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴿٩﴾) سورة الأعراف تقول ( يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٥﴾)، سورة الأعراف تقول لك لا يكفي أن تكون صالحاً وإنما يجب أن تكون مؤمناً مصلحاً لك إيجابية، لك وجود وبذل لهذا الدين ولهذا تأتي الآية في السورة (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٧٠﴾) التمسك بالكتاب وإقامة الصلاة هذا صلاح، تمسك بطاعة الله عز وجل وتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى (يمسّكون) وليس يمسكون وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى يعني شديد التمسك بكتاب الله، وقيل يمسّكون غيرهم. وأقاموا الصلاة ليس فقط أداء الصلاة وإنما يقيمونها (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) لا يكفي أن تكون صالحاً وإنما يجب أن تكون مصلحاً ولهذا ذكرت السورة قصة شعيب عليه السلام (إِنْ أُرِيدُ إِلَّاالْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ (8) هود) يريد أن يصلح ويغير، اختار طريقه ومشى فيه وبذل فيه ولم يقف في الوسط.[/FONT]
[FONT=&quot]للأسف أناس كثيرون لا يدركون خطورة أهل الأعراف. أذكر موقفاً في الجامعة كان أحد الأساتذة لا يحب الطلبة المتدينين المتمسكين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فاستهزأ يوماً وقال أنا أرضى أن أكون من أهل الأعراف. فاستغربت جداً، هل يعي هذا معنى أهل الأعراف؟! هل يعرف قدر يوم القيامة (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج) من يستطيع أن يقف في الوسط خمسين ألف سنة، أو ألف سنة أو سنة؟! وهو يسمع أن فلاناً بن فلان سيسعد سعادة لن يشقى بعدها أبداً ويسمع أن فلاناً بن فلان شقي شقاء لن يسعد بعده أبداً، وهو ينتظر أن يسمع اسمه، عذاب الانتار وعذاب عدم معرفة المصير هل سيكون في الجنة أم سيكون في النار والعياذ بالله! (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) وقوفه يوم القيامة في الوسط على الأعراف لأنه في الدنيا كان في الوسط أيضاً، كان بين بين (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ (143) النساء) صفة من صفات المنافقين، يعرف أهل الحق الذين كانوا يدعونه إلى الهدى (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا (71) الأنعام) لكنه لم يختر أن يكون معهم ويعرف أيضاً أهل الباطل لكنه لم يختر لنفسه فسيتعذب عذاب الانتظار والتربص مع من سيكون؟!!![/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف مليئة بالقصص بعضها مفصّل كقصة أصحاب السبت التي ذكرت في سورة البقرة مجملة، وقصة المنتكس الرجل الذي أوتي آيات الله عز وجل فانسلخ منها ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾) واختار أن يكون مع الكفار والفجار بعد أن جاءته الآيات. سورة الأعراف سورة مليئة بالاختيارات. وفي قصصها نجد فيها ثلاث أنواع من البشر النوع الذي اختار أن يكون من الفجار والنوع الذي اختار طريق الحق وأن يكون من المؤمنين ونوع وقف في الوسط. وبعض القصص يذكر الله سبحانه وتعالى فيها قصة من اختار وعرف طريقه ومشى فيه وسلكه.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف سورة مليئة بالقصص قال تعالى (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴿١٠١﴾ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴿١٠٢﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]النوع الأول: أكثر الناس الفاسقون، أهل النار الذين اختاروا خطأ[/FONT][FONT=&quot] (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ﴿٤٠﴾) لا يفتّح، فيه معنى الطرد والإهانة (وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) مستحيل دخولهم الجنة (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ). ثم يذكر الله سبحانه وتعالى قائد هذا الصنف قائد المجرمين من خلال ذكر قصة إبليس في السورة وتفاصيلها وبداية ضلال إبليس وبداية اختياره. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف فيها ثلاثة أنواع من القصص، ثلاثة أنواع من البشر نوع اختار طريق الشر ونوع اختار طريق الحق وطريق الخير صراط الله المستقيم وسار فيه وكان من المصلحين وممن يأخذون بأيدي الناس الذين يهدون بالحق وبه يعدلون ونوع ثالث مذبذب يقف في الوسط وهو النوع الذي سميت السورة باسمه موقف الأعراف.[/FONT]
[FONT=&quot]قصة إبليس قائد النوع الأول وإمامهم، إمام المجرمين عليه من الله ما يستحق. قصته قصة انتكاس وسوء اختيار. إبليس كان يعبد الله مع الملائكة ولم يكن منهم وإنما هو من الجنّ وكان يعرف الله عز وجل وهو يختلف في هذه النقطة عن الملحدين لأنه لا ينكر وجود الله فهو يعلم أن هناك إله ويعلم أن لله سبحانه وتعالى عزّة يقسم بها (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) ص) ويعرف أن الله عز وجل حقّ لكن قضيته قضية تكبّر وبدأت قصته قصة انتكاس كما سيأتي أيضاً في قصة الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها. إبليس كان يعرف الله عز وجل لكنه اختار اختياراً خاطئاً، أمر الله سبحانه وتعالى بالسجود لآدم فلم يسجد إبليس (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾) المؤمن الحق لا يتكبر "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر" (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾) لماذا أنظرني؟ ليكون له همّة في الباطل، اختياره في الفجور اختيار إيجابي لدرجة أنه سيقود جموعاً كبيرة أن تكون معه في نفس مصيره، اختار وتمادى في اختياره وعلت همّته وعزيمته في الباطل (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾) يقسم، (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾) يتوعد الجنس البشري أنه سيحاصره حصاراً كاملاً لأنه يريد أن ينتقم، له همة وعزيمة في الباطل فقال الله سبحانه وتعالى (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ﴿١٨﴾) الذي سيسير على نهجك ويسير في طريقك (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) وسنجد في قصص الأنبياء التي في السورة أن هناك قوم اتبعوا إبليس ومشوا على خطاه. سيدنا آدم عصى ولكن معصيته كانت زللاً خطأ نسياناً لكن لم يكن فيها من الكبر الذي أظهره إبليس ولذلك كل أمة من التي اتبعت طريق إبليس لا بد أن تجد فيها الكبر والاستكبار على طاعة الله عز وجل والامتثال لأمره، قال قوم نوح (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٦٠﴾ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦١﴾ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦٢﴾ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿٦٣﴾ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ ﴿٦٤﴾) قوم عاد ( قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٦٦﴾) (فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٧٢﴾) ثمود قمة الفجور قتلوا آية من آيات الله عز وجل وهي الناقة (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴿٧٥﴾ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴿٧٦﴾ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧٧﴾) فجور! وقوم لوط فجورهم أكبر (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴿٨٠﴾) ابتكروا في الباطل! (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴿٨١﴾ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) لماذا؟ (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢﴾) اختاروا النجاسة وأخرجوا آل لوط لأنهم يتطهرون وكذلك أهل الباطل لا يطيقون الطهارة ولا يطيقون الأطهار. وهكذا أهل مدين قوم شعيب (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦﴾) ويهددوا أهل الحق ( قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) استكبروا أن يأخذوا طريق الحق (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿٨٨﴾ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴿٩٠﴾) كذلك قصة فرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿١٢٣﴾ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٢٤﴾) قصص كثيرة جداً منها قصة أصحاب السبت وفيهم أنواع ثلاثة، منهم الذين اعتدوا في السبت، الله سبحانه وتعالى طلب منهم أمراً ألا يصطادوا في يوم السبت، أمر واحد فتحايلوا ووضعوا الشباك يوم الجمعة كأنهم لم يصطادوا يوم السبت! وكذلك قصة الذي انسلخ عن آيات الله وقيل أنه بلعام بن باعوراء قيل أنه كان لديه اسم الله الأعظم، ذكر الله عز وجل قصته وهذه كلها آثار (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا) كان اختياره جيداً (فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾) الانسلاخ قد يكون تدريجياً يتدرج في تقليل أعمال الطاعات والخير ويتهاون في المعاصي حتى يحصل الانسلاخ الكامل وفي هذا فائدة أن آيات الله عز وجل كالجلد على اللحم، علاقتك بآيات الله لا بد أن تكون مثل علاقة الجلد باللحم لا يمكن أن ينسلخ عنه (فَانْسَلَخَ مِنْهَا) عدوه ينتظره (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) تغير اسمه فبعد أن كان عالماً صار من الغاوين (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا) هذا الكتاب يرفع الله تعالى به أقواماً ويضع آخرين (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿١٧٦﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]النوع الثاني المذبذب، أهل الأعراف[/FONT][FONT=&quot]، الذي لم يختر اختياراً واضحاً وطريق واضح وسار فيه. أهل الأعراف وبنو إسرائيل نموذج واضح لهذا النوع. بنو إسرائيل اختاروا فيما بعد لكن في الوقت الذي ذكرت فيه قصتهم في هذه السورة تجد كلامهم مع موسى عليه السلام غريباً يقول لهم موسى عليه السلام نبيهم الذين رأوا الآيات التي معه (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٢٨﴾) فردوا عليه (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) قال (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿١٢٩﴾) يروا آية أخرى (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿١٣٨﴾) بعدما رأوا الآيات يريدون إلهاً!! (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴿١٤٨﴾) إلى آخر الآيات. وفي قصة أصحاب السبت تجد أمراً غريباً: نوع لم يصطاد ولم يدع الذين ينهون عن المنكر ينهون عنه (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) إذا لم تأمر أنت بالمعروف ولم تعظ دع الذين يدعون إلى الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿١٦٤﴾). النوع الذي في الوسط أو الغافلين يتكرر كثيراً في السورة ويتكرر ذكر الغفلة (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿٥١﴾) (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦٩﴾) (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴿١٧٩﴾) من هم؟ (أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ).[/FONT]
[FONT=&quot]النوع الأخير هو النوع الذي ندعوا الله عو أن نكون منهم وهم أصحاب الجنة.[/FONT][FONT=&quot] (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿٤٤﴾) اللعنة على الكافرين لأنهم اختاروا طريق الباطل أما أهل الجنة فاختاروا طريق الحق. [/FONT]
[FONT=&quot]نجد في كل قصة من قصص سورة الأعراف أناساً اختاروا طريق الحق واتبعوا أنبياءهم من بداية قصة آدم عليه السلام الذي زلّ زلة لكنه اختار التوبة بسرعة (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾) ليس كإبليس الذي اختار أن يزداد في الجحود أما أهل الإيمان فيرجعون بسرعة لأنه ليس لهم سبيل إلا سبيل الله عز وجل. سيدنا نوح أنجاه الله ومن معه في الفلك (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ ﴿٦٤﴾)، هود عليه السلام (فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٧٢﴾)، صالح (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٧٨﴾ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴿٧٩﴾) صالح ومن معه، لوط (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿٨٣﴾)، شعيب (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿٨٨﴾ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ) إصرار على الحق وثبات (بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴿٨٩﴾) واختيار السحرة رغم تهديد فرعون لهم (قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴿١٢٥﴾ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴿١٢٦﴾) قوم موسى منهم أمة اختاروا طريق الحق (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴿١٥٩﴾) وفي قصة أصحاب السبت لما نهوا عن المنكر نجت هذه الطائفة (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿١٦٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف تطلب منك أن تكون مصلحاً وليس صالحاً فقط، اختر طريقك وامش فيه إلى الآخر وخذ الكتاب بقوة فالذي ينجح في النهاية هم الذين سلكوا مع الأنبياء طريقاً أو الذين نهوا عن السوء (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿١٦٥﴾) ولم يذكر مصير الناس المذبذبين في الوسط في هذه القصة قال العلماء إما أنهم عُذبوا مع من عُذّب وإما لأنهم حقروا أنفسهم ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر احتقرهم الله عز وجل ولم يذكر أين ذهبوا بعد ذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]في سورة الأعراف توجيهات كثيرة توجيهات إيجابية (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٧١﴾) (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴿١٨١﴾) حق وثبات عليه وسير في طريقه (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٩٦﴾) لو ساروا في طريق الحق لأتتهم البركات (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴿١٩٦﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تختم السورة بالنهي عن الاستكبار الذي هو سبب في سلوك طريق الباطل (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) سورة الأعراف تقول لك اختر طريقاً واضحاً طريق أهل الجنة ولا تكن من أهل الأعراف المذبذبين ولا من الفجار الفاسقين الذين اختاروا طريق الباطل بل اختر طريق الحق وطريق الصواب وسر عليه وكن من الذين قال الله عز وجل فيهم (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٧٠﴾)[/FONT]
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف فيها معنى أن يختار الإنسان طريقاً في حياته وتوجيه القرآن لاختيار الطريق الحق وأنه السبيل الوحيد للنجاة كما ورد في قصة أصحاب السبت كيف أن الذين نجوا هم الذين نهوا عن السوء (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) الأعراف) والذين اصطادوا بعد منعهم عُذبوا وأما الذين قالوا (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا (164) الأعراف) هؤلاء الذين لم يحددوا طريقهم وخياراتهم لم يذكر القرآن مصيرهم لأنهم لم يختاروا وحقروا أنفسهم وكانوا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.[/FONT]
[FONT=&quot]في سورة الأنعام تعظيم الله عز وجل، سورة النساء تعلّمنا معنى العدل، سورة المائدة تعلمنا الوفاء بالعقود والعهود مع الله سبحانه وتعالى، سورة البقرة تعلمنا الإسلام والاستسلام لله سبحانه وتعالى وسورة آل عمران تعلمنا معنى الدفاع عن الدين والوقوف على الثوابت ومواجهة الحرب سواء كانت حرب شبهات أو حرب مادية.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال سورة مدنية، سورة عبارة عن بيان بعد النصر. سورة آل عمران كان هناك بيان بعد مصيبة أُحد (هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138) آل عمران) بعد أي حدث جلل يمر بالأمة لا بد من توجيهات، لا بد أن نعرف كيف نسير؟ بعد المصيبة عرفنا أسبابها، عرفنا طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، عرفنا التكالب على الدنيا والنزول إلى الغنائم (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا)، عرفنا أسباب الهزيمة وعرفنا الأسباب التي تؤدي بالمؤمنين إلى ضياع النصر ففي أُحد كانت البداية نصراً للمؤمنين (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ [/FONT][FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ [/FONT][FONT=&quot]ۚ[/FONT][FONT=&quot] مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ (152) آل عمران). سورة الأنفال هي سورة البيان بعد النصر، يجب أن نعرف كيف نحافظ على النصر وما هي أسباب هذا النصر وكيف يستمر لتكون الأمة دائماً منصورة والتحذير من أسباب ضياعه. سورة الأنفال كان بعض الصحابة يسمونها سورة بدر وهي بالكامل نزلت في شأن غزوة بدر وغزوة بدر من أعظم انتصارات المسلمين، إنتصار كانت الأمة الوليدة في أمس الحاجة له، الأمة الفتية الجديدة التي يتربص بها الأعداء لا يريدون أن يكون لها شوكة فتبدأ بداية الإنتصارات وبداية الأمجاد بهذه الغزوة العظيمة وكان لا بد من بيان للحفاظ على هذا النصر، للحفاظ على هذا الفرقان، يوم بدر له اسم آخر هو الفرقان (يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ (41)) جمع كبير أضعاف المسلمين، هذا اليوم العظيم لا بد من أن ندرسه وأن نفهمه.[/FONT]
[FONT=&quot]اسم السورة الأنفال، لم تسمى بسورة النصر مع أنها سورة نصر، وفي القرآن سورة أخرى اسمها (سورة النصر) ولم تسمى أيضاً بسورة بدر أو بأي اس آخر يعبر عن المجد العظيم الذي حدث في هذا اليوم لكن الله عز وجل يختار لها اسماً آخر وهو (الأنفال). والأنفال هي الغنائم التي تعبّر عن الدنيا لنحذر، إياكم إذا فُتحت عليكم الدنيا أن تستدرجكم، إياكم أن تظنوا أن النصر نهاية الطريق، أنتم في حاجة دائمة إلى الجهاد، لا تستعجلوا الثمرة. الثمرة الرئيسية التي يجاهد من أجلها المسلم ليست في الدنيا، هو يبذل كل جهده ليمكّن لدين الله عز وجل في الأرض ويعلي راية الإسلام خفاقة لكن الأهم أن المسلم ثمرته الحقيقية ليست في الدنيا وإنما ثمرته مرضاة الله عز وجل وجنته في الآخرة لذلك لا تنشغلوا بهذه الأنفال. [/FONT]
[FONT=&quot]واختيار اسم الأنفال تحديداً له فائدة، كان من الممكن تسمية السورة الغنائم وهي كلمة عربية فصيحة (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ (41)) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: أحلت لي الغنائم. فما الحكمة من تسمية السورة بالأنفال؟ الأنفال من النفل والنفل من الزيادة، الذي يأتي من النصر أو من الدين أو من الدعوة إلى الله عز وجل لا بد أن يُنظر إليه على أنه نفل، زيادة. الحرب في سبيل الله ليست لهذه الزيادة والدعوة إلى الله عز وجل ليست لهذه الزيادة والنفل، كل ما يأتي بعد النصر من شهرة ومنصب ومال إنما هي أنفال، ليست هي الهدف وليست هي الأصل. الصلاة النافلة هي الصلاة الزائدة لكن الصلاة المفروضة هي الأصل. فلا بد أن ندرك هذا المعنى من اسم السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال سورة بيان النصر وتبدأ بهذا الموقف (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ) سورة النصر التي تتكلم عن نصر بدر تبدأ بعتاب. بعد ما حصل النصر العظيم بدأ بعض الناس تتنازغ في الغنائم كما ورد في بعض الآثار الصحيحة "فلما تنازعنا في الغنائم وساءت فيها أخلاقنا" بدأ البعض ينظرون للدنيا وهم حديثو عهد بالإسلام فنزلت الآية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ) مشوار النصر طويل وغزوة بدر هي أولى الغزوات (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) وهذه نقطة مهمة. إياك أن تظن أن النصر هو نهاية المطاف، جرت العادة عند أهل الدنيا لما يحصل نصر يبدأ كلام التعظيم لبطولات الجيش والقائد. أنتم في رباط ولن تنتهوا من الرسالة بمجرد أنفال (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) من أسباب النصر التآلف بينكم (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)) فهل بعد الغنائم تسوء أخلاقكم، يحدث بينكم ذات بين التي هي الحالقة التي تحلق الدين؟! ذات البين أي البغضاء التي تكون بين المؤمنين والحقد والحسد في قلوبهم هذه تحلق الدين من القلوب وتغيّر الإنسان على إخوانه. [/FONT]
[FONT=&quot](فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) يجب أن تتعلموا الطاعة وعدم التنازع على الغنائم، هذه رسالة أن ما حصل في أحد لم يكن ينبغي أن يحصل والأربعون رامياً الذين جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الرماة وقال لهم لو رأيتم الطير تخطّفنا لا تتركوا أماكنكم لكنهم بمجرد أن رأوا الغنائم ظنوا أن الأمر انتهى وكان خالد بن الوليد ينتظر هذه الثغرة، عبد الله بن جبير رضي الله عنه كان من الرماة ولكنه ثبت على أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم أنسيتم أمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلم يسمعوا له. لو أنهم تذكروا هذه الآية؟! القرآن كتاب عملي يوجهنا إلى أحداث الواقع. لو اسقطنا هذا الكلام على واقعنا اليوم لما حصلت الثورة وحصل أن الظالم زال والله عز وجل أخبرنا (قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) الأعراف) ولم تمر أيام حتى بدأت النزاعات وبدأ الخلاف وبدأت التسميات وبدأ الشقاق والكل يريد الغنيمة ويريد نصيباً من الحكم فحصلت مشاكل وأمور لا ترضي الله عز وجل. مباشرة ذكرت الآية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) حتى لا يحصل التنازع على هذه الأنفال. [/FONT]
[FONT=&quot]بعد مقدمة السورة ذكرت الآيات صفات المؤمنين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4))[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال كبيان للنصر توجهنا لأمرين مهمين هما خلاصة السورة. وهذان الأمران بعض الناس يظن أنهما متعارضين أو متناقضين لكنهما لا بد أن يتكاملا. بعض الناس يظن أن الأخذ بالأسباب ينافي التوكل على الله عز وجل، سورة الأنفل ترسخ بيان النصر وكيفية المحافظة عليه وأسباب النصر ومن أين يأتي النصر وكيف كان هذا النصر تضعنا أمام حقيقتين همتين للغاية:[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]الحقيقة الأولى: النصر من عند الله[/FONT][FONT=&quot] (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)) (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى (17)) النصر من عند الله سبحانه وتعالى. علّقوا قلوبكم بالله عز وجل (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ).[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]الحقيقة الثانية "لا للتواكل".[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهذا لا ينافي (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) هناك أسباب للنصر لا بد من الأخذ بها، هناك وسائل للنصر، هناك سُبُل، هناك إعداد (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60)).[/FONT]
[FONT=&quot]هذان المعنيان يترسخان في آيات السورة كلها، لا تعبد الأسباب، أنت لست عبداً للأسباب ولكنك عبد لله عز وجل لكن عليك أيضاً أن تأخذ بالأسباب وأن تعِدّ وأن تفعل الذي عليك وهذا هو الحل وإذا فعلت ذلك إن شاء الله تكون مستحقاً للنصر.[/FONT]
[FONT=&quot]المعنى الأول الذي ترسخه هذه السورة سورة الأنفال (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) النصر صنيعة الله سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وليس منكم أنتم. [/FONT]
[FONT=&quot]آيات كثيرة في السورة تعلمنا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي فعلها في هذه الغزوة: مكان الغزوة وزمانها والعدو الذي سيُحارَب وكيفية الحرب وإمدادات الغزوة، كل هذا صنيعة الله عز وجل. عندما نثق تماماً أن هذا النصر كان من عند الله سبحانه وتعالى نتوكل عليه ومعنى التوكل متكرر في السورة: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعض الناس يستهزئون بك إن كنت موقناً بنصر الله عز وجل، هؤلاء غرّهم دينهم. (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](26)) يذكّرنا الله عز وجل بأيام الضعف وكيف أيدكم بنصره هو لا نصركم أنتم، نصر الله (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]غَالِبَ لَكُم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ [/FONT][FONT=&quot]ۗ[/FONT][FONT=&quot] وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران) [/FONT]
[FONT=&quot]عندما نتأمل آيات سورة الأنفال نجد أن كل أمر في غزوة بدر نُسِب لله عز وجل إلا مسألة واحدة فعلها المسلمون وذكرت في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يقوم بها طوال الليل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ (9)) المسلمون حاربوا وقاتلوا وأبلوا بلاء حسناً لكن ما ذكره الله عز وجل من قتالهم وتسديد رميهم نسبه لنفسه لأنه قد يقاتل الإنسان وتكون الحسابات المادية ممتازة وليس فيها خلل ومع ذلك تحدث الهزيمة لكن لما يأتي التسديد من عند الله عز وجل ويرمي الله سبحانه وتعالى بيدك (وما رميت إذ رميت رمى) الله عز وجل هو الذي يسددك في هذا ويأتي من هنا النصر. أهم ما فعله المسلمون في هذه المرحلة (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) فيأتي المدد من عند الله سبحانه وتعالى (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) الله عز وجل هو الذي أمدّ المؤمنين بنصره. وقبل الغزوة نسب الله عز وجل لنفسه كل تفاصيل الغزوة، الإعداد النفسي للمعركة من صنع الله عز وجل: [/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: قبل المعركة، الإعداد النفسي[/FONT]
[FONT=&quot](إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَام (11)) (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ(44)) أنتم ترونهم قليلاً فتجترئوا عليهم وهم يظنون أنكم قليلون فيجترئوا عليكم أكثر وفي هذا نوع من أنواع الموازنة.[/FONT]
[FONT=&quot]ترتيبات المعركة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)) هو الذي أخرجك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]من سنحارب؟[/FONT][FONT=&quot] (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)) البعض يريد النصر السهل، أن يأخذوا العير ويتركوا النفير لأن فيهم فرسان وسلاح.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أين سنحارب؟ (مكان المعركة)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ(42)) الله سبحانه وتعالى هو الذي اختار مكان المعركة. [/FONT]
[FONT=&quot]نفقات المعركة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(37))[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: أثناء المعركة[/FONT]
[FONT=&quot]لم تفعلوا شيئاً.[/FONT]
[FONT=&quot]الإمدادات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) الملائكة حاربت مع المؤمنين كما روى الصحابة، وهذه الإمدادت كلها من عند الله عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]القتال وأحداثه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](17)) [/FONT]
[FONT=&quot](إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)) الثبات كان من عند الله عز وجل.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)) الملائكة تضربهم. [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (51)) رب العالمين هو الذي وقاك منهم [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ (52))[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ(62))[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](71)) الله عز وجل هو الذي أمكن منهم.[/FONT]
[FONT=&quot]هيمنة تامة من الله سبحانه وتعالى الملك الذي يقدّر الأمور هو الذي كان النصر من عنده جل وعلا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) حتى القلوب في هذا اليوم وفي كل يوم ملك لله سبحانه وتعالى (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: بعد المعركة يأتي الإعلان الرباني لهذا المبدأ - البيان الختامي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) إياكم والغرور، اِنسبوا الفضل لله جلّ وعلا بعد النصر واعلموا أنه من عند الله عز وجل (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ) اغترّوا، (وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]) (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ(48))[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]هذا المعنى الأول في السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]المعنى الثاني: التوكل على الله وتعلّق القلب به سبحانه وتعالى[/FONT]
[FONT=&quot]المعنى الثاني يظن البعض أنه عكسه ولكنهما يتكاملان قلبك معلّق بالله، النصر من عند الله، يدك تعمل، قلبك مع الله، وعقلك وجنانك وفكرك وإبداعك وقوتك تعمل بها بالأسباب ولا تقصّر فيها أبداً. ترسخ السورة هذا المعنى وتوضح صفات جيل النصر المنشود، بيان الانتصار، من الذي يستحق النصر ولذا تتكرر في السورة (أولئك هم المؤمنون حقاً) تُذكر مرة مع العبادة ومرة مع الهجرة والجهاد لكي نعلم أن هناك تكامل بين العبادة والصلاح. أول صفات النصر أن نكون صالحين نطيع أمر الله سبحانه وتعالى ونطيع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. من أول السورة [/FONT]
[FONT=&quot](فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) هؤلاء الذين يستحقون النصر، قلوبهم متعلقة بالله، متوكلون على الله وقلوبهم مع الله صالحون مصلحون.[/FONT]
[FONT=&quot](الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) كأنها إشارة في السورة أن هؤلاء الذين هذه صفاتهم هم الذين يستحقون النصر.[/FONT]
[FONT=&quot]وتتكرر كلمة الطاعة في السورة كثيراً، طاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم:[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](20) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](22))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الأولى من صفات جيل النصر المنشود أن تكون قلوبهم على درجة من الصلاح[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قلوبهم وجلة من ذكر الله ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله، هذه أولى صفات الجيل الصالح للنصر. [/FONT]
[FONT=&quot](وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](46))[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](24) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](25))[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(29))[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثانية من صفات جيل النصر المنشود: العمل والمجاهدة والتضحية والفداء.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال الله عز وجل أيضاً عمن يفعلها (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) ليتم التكامل بين العبادة والعمل. (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](74) وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](75))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثالثة من صفات جيل النصر المنشود: الرجولة والقوة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](57)) يجب أن تكون مجاهداً قوياً إذا ما ضربتَ في جهاد أوجَعْت. (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الرابعة من صفات جيل النصر المنشود: الثبات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](16))[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](45))[/FONT]
[FONT=&quot](إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)). من صفات الجيل المنصور أنهم ثابتون لا يتزحزحون[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الخامسة من صفات جيل النصر المنشود: الإعداد المادي والأسباب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون) رباط الخيل القوة المادية من دبابات وطائرات وغيره.[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](61))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة السادسة من صفات جيل النصر المنشود: التحريض على الصبر والقتال والثبات[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](66))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة السابعة من صفات جيل النصر المنشود: طاعة القيادة والجندية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](1))[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](20))[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](46))[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](24))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثامنة من صفات جيل النصر المنشود: الأخوة والتآلف والمحبة ونبذ الخلاف وموالاة المؤمنين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ (1))[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)) بعد التنازع يحدث الفشل مباشرة. الصبر ليس فقط على الأعداء وإنما حتى على الإخوة فقد يصدر عنهم ما يضايق وممكن يؤذيك ولكنه أخوك فلا تتنازع معه أنت في معركتك مع الباطل لا بد أن تكون مع أخيك كالبنيان المرصوص (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4) الصفّ) [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(63)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]) الألفة بين المؤمنين. [/FONT]
[FONT=&quot]ولا بد أن نوالي المؤمنين (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](64))[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](72) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](73))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة التاسعة من صفات جيل النصر المنشود: الولاء والوضوح ونبذ الخيانة والخونة.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27))[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](58))[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة العاشرة من صفات جيل النصر المنشود: عدم التنازع على الدنيا الزائلة[/FONT]
[FONT=&quot](يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1)) هذه الأنفال إن فرّقتم بينكم فألقوا بها ولا تنظروا إلى الدنيا وإنما ينبغي أن تنظروا إلى ما عند الله عز وجل وإلى تآلفكم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وقوتكم.[/FONT]
[FONT=&quot](وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28))[/FONT]
[FONT=&quot](مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](67)) لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](68) [/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](69)).[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال باختصار ترسّخ هذين المعنيين: الأسباب وصفات جيل النصر المنشود بالتكامل مع التوكل على الله والثقة في أن النصر من عند الله وحده.[/FONT]

سورة الأنفال

http://www.youtube.com/watch?v=XXXutuV16FA
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن [/FONT]
[FONT=&quot]سورة التوبة [/FONT]
[FONT=&quot]علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن علاقة المسلم بالقرآن علاقة صحبة (صاحب القرآن) (البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة تشفعان لصاحبهما) هذا المعنى الذي نريد أن نصل إليه. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال سورة النصر والتعليق على نصر بدر، هذا النصر العظيم الذي منّ الله عز وجل به على الأمة وتعلمنا من السورة أن النصر من عند الله عز وجل وليس من أي شيء آخر مهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف المحيطة بالنصر إلا أن الأساس الذي ترسخه السورة في نفس المسلم وعقيدته أن النصر من عند الله عز وجل ولكن جنباً إلى جنب مع هذا التوكل على الله سبحانه وتعالى هناك أسباب للنصر فالمسلم يوقن أن النصر من عند الله عز وجل ويوقن أنه مع هذا كلّفه الله عز وجل أن يعد العدّة (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60)) مع كل ترسيخ اليقين والعقيدة بأن النصر من عند الله عز وجل (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)) إلا أن هذا لا يقلل من الإعداد ومن البذل. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة التوبة لا يفصل بينهما وبين سورة الأنفال بالبسملة. والسورتان مرتبطتان لأنهما يتحدثان عن معنى الجهاد والقتال مع أن فرق التوقيت في النزول ليس بقليل فسورة الأنفال نزلت بعد بدر يعني في أوائل العهد المدني وسورة التوبة تكاد تكون من آخر السور التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفيها آخر غزوة خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك أو غزوة العسرة التي تتكلم سورة التوبة عنها.[/FONT]
[FONT=&quot]بين سورتي الأنفال والتوبة نوع من أنواع الوحدة الموضوعية. نلاحظ أن سورة التوبة من أكثر السور التي لها أسماء كثيرة جداً، لها أسماء بعض العلماء أحصاها بأربعة عشر اسماً وعادة العرب أن الشيء الذي له أسماء كثيرة فهذا يدل على أن له قدراً معيناً. كل اسم من أسماء سورة التوبة له علاقة بمواضيع في السورة ومواضيع لها قيمة كبيرة جداً في هذه الرسالة التي يمكن أن نطلق عليها الرسالة الختامية التي يوجهها الله عز وجل وتليت على النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه في آخر حياته صلى الله عليه وسلم. من هذه الأسماء الذي سنتوقف عنده طويلاً الفاضحة. من أسمائها أيضاً المخزية وسورة العذاب والمقشقشة (اسم يقال قشقش الدواء الجرَب أي نزعه من مكانه) فكأن هذه السورة تزيل الجرب من على القلوب جرب القلوب النفاق أعاذا الله عز وجل منه. ومن أهم أسمائها سورة التوبة وهو المشهور جداً ونجد ارتباطاً بين اسم التوبة والفاضحة، هناك فضح شديد جداً لأن هذا الفضح سيُلزمنا بأمر مهم جداً أننا جميعنا بحاجة إلى التوبة، الكل بحاجة إلى التوبة، السورة مليئة بالفضائح التي لو عرضنا أنفسنا عليها يمكن أن نجد في أنفسنا شيئاً منها نسأل الله السلامة. ليس شرطاً أن تنطبق كل صفات النفاق على الجميع فقد تجد في صفاتهم التقصير (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102)) نحن هكذا نخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وكلنا مطالبون بالتوبة. [/FONT]
[FONT=&quot]ولأهمية موضوع السورة تكلم العلماء عن الحكمة من عدم ورود البسملة فيها كباقي السور القرآنية، علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: البسملة أمان وبراءة نزلت بالسيف، لا أمان فيها. لا أمان للمنافقين، لا أمان للمجرمين، نحن في مرحلة مفاصلة تحديد مصير وحسم. فالموضوع لأهميته يبدأ من غير مقدمات (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ) أمر شديد يحذّر الجميع، يقول حذيفة بن اليمان: "إنكم تسمونها التوبة وإنما هى سورة العذاب ما تركت أحداً من المنافقين إلا نالت منه" لم ينجو أحد من هذه السورة لأنها بيان ختامي لا بد أن يتضح الأمر ولا بد أن يعرف الجميع صفات المنافقين ولا بد أن ينتهي هذا النفاق وإن لم ينتهي فلنحذره ولذلك يقول تعالى (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ) وخرج هذا في هذه السورة التي نزلت بموازاة هذه الغزوة الخطيرة غزوة العسرة، غزوة تبوك وهي ليست غزوة عادية غزوة تكشف، ومن ضمن أسماء السورة الكاشفة، ومن ضمن أهم خصائص غزوة تبوك أنها تكشف الجميع، الكفار ينكشفون على حقيقتهم (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)) (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)) تعرض السورة جرائم الكفار وجرائم المنافقين وجرائم المعذّبين الذين يكذبون على أنفسهم ويلتمسوا أعذاراً ليتركوا العمل للدين، هذه السورة تضعنا أمام قول حاسم (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)) سورة حاسمة لأنها كأنما هي رسالة ختامية ولما ينكشف الأمر كله ولما تظهر كل مسألة وتتضح وتنكشف الفضائح يعرف كل واحد أنه محتاج إلى التوبة إلى الله عز وجل. ومن المفارقات في السورة أن من أواخر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام دعوة عامة للجميع إلى التوبة في هذه السورة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) آية رقيقة كأن الله عز وجل يخاطبك (ألم يعلموا) الدعوة للتوبة عامة، عن عباده عن الجميع وتتكرر التوبة في السورة 17 مرة لأن بعد كل فضيحة بعد كل كشف لهذه الجرائم العظيمة باب التوبة مفتوح لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، مهما كانت الجريمة فظيعة ومهما كانت الفضيحة قاسية ومهما كان الكشف مريعاً لا بد أن تدرك دائماً في هذه السورة في هذه الرسالة الختامية على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما زال هناك فرصة للتوبة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) استبشروا وتوبوا إلى الله عز وجل، [/FONT]
[FONT=&quot]دعوة عامة للجميع بالتوبة[/FONT]
[FONT=&quot]تجد التوبة: [/FONT]
[FONT=&quot]مع الكفار:[/FONT][FONT=&quot] (وأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) الكلام للمشركين (فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) وقول الله عز وجل (فإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يدركوا التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها فصاروا إخوانكم وفُتح لهم الباب. [/FONT]
[FONT=&quot]مع المنافقين: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) بعد كل جرائمهم، بعد النفاق وإظهار الإيمان وإبطال الكفر، بعد اللمز للنبي صلى الله عليه وسلم؟ تكررت في السورة (ومنهم) كل صفات المافقين ذكرت في السورة ولم يكن متبقياً إلا أن تُذكر أسماؤهم. عندما نسمع الآات تتحدث عن صفات المنافقين لا ينبغي لنا أن نغفل عنها ونتركها وفي قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سأل حذيفة رضي الله عنه بعد أن كان النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه على أسماء المنافقين فكان يسأله عمر: أوسماني لك رسول الله؟ هذا عمر يسأل وهو خائف على نفسه من النفاق وعلينا نحن أن نخاف على أنفسنا منه ومن أمراضه التي تتسرب إلى القلوب والعياذ بالله. يقول ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق. فينبغي أن نعرض هذه الآيات التي ذكرت صفات المنافقين على أنفسنا هل فيها خصلة من خصلات النفاق؟ وقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم بعض خصائص المنافقين: آية المنافق أنه إذا حدّث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر فمن كانت فيه خصلة منهم كان فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها ومن اجتمعت فيه فهو منافق والعياذ بالله! فعلينا أن نعرض أنفسنا على آيات المنافقين في سورة التوبة. ورغم كل هذا يقول الله سبحانه وتعالى لهم (فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) توجيه للمنافقين بالتوبة.[/FONT]
[FONT=&quot]مع المترددين الذين لم يتخذوا قراراً[/FONT][FONT=&quot]: (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [/FONT]
[FONT=&quot]مع كل العباد[/FONT][FONT=&quot]: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) الرسالة الختامية دعوة للتوبة لكل الناس (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر) حتى الذين أسرفوا على أنفسهم.[/FONT]
[FONT=&quot]مع المقصرين[/FONT][FONT=&quot]: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [/FONT]
[FONT=&quot]حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع المهاجرين والأنصار[/FONT][FONT=&quot]: (لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [/FONT]
[FONT=&quot]ومع الثلاثة[/FONT][FONT=&quot]: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [/FONT]
[FONT=&quot]دعوة للجميع بالتوبة حتى النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق جميعاً والمهاجرين والأنصار والصحابة وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، كلهم يتوبون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة، كل هذه الدعوات لنتعرف على قيمة التوبة وهذا لن يكون إلا حينما نتعرف على حاجتنا لها وهذا ما ترسخه السورة من خلال عرض الفضائح مع النفس وسنتسعرض بعض الفضائح التي ذُكرت في سورة التوبة. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة التوبة هي السورة الفاضحة الكاشفة التي تكشف الجميع تكشف كل واحد منا أمام نفسه، يعرض هذه الآفات على نفسه حتى نشعر بقيمة التوبة ومدى احتياجنا لها يجب أن نتوقف أمام هذه الفضائح التي لا بد أن يقع أحدنا في شيء منها حتى الفضائح النفسية الخفية.[/FONT]
[FONT=&quot]عرض لبعض الفضائح في السورة إسقاطها على واقعنا[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: فضيحة القعود عن نصرة الدين.[/FONT]
[FONT=&quot]البعض يظن أن نصرة الدين ترف، هذه السورة تضعنا أمام خيار أساسي مختلف وتضعنا أمام آية في غاية الخطورة: خدمة الدين فرض والنفير واجب وإلا فالعذاب (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) في السورة عقاب والعذاب علامة من علامات التحريم وأن الفعل الذي ذكر قبله أياً كان نوع العذاب سواء كان العذاب في الدنيا بحدّ من الحدود كحد السرقة والزنا أو العذاب في الآخرة. الله سبحانه وتعالى يقول (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) إذا دُعيتم للنفير – وقد ورد النفير في سورة التوبة بصور متعددة ليس فقط النفير إلى القتال وإنما ورد أيضاً النفير في طلب العلم (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)) – فعندما يُخاطب الإنسان بالنفير وهو لا ينفر والله عز وجل يقول أن هذا الإنسان معرّض للعذاب إن لم ينفر فلا بد أن نقف ونسأل أنفسنا هل نحن ممن إذا استُنفر نفر؟ والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) كلمة (اثاقلتم) توحي بالثقل والتثاقل الشديد. (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) رضيتم بالدنيا مع أن الله سبحانه وتعالى اشتراها منكم كما ورد في الآية (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) العهد الذي بيننا وبين الله عز وجل عهد شراء وبيع. أنت بعت والله سبحانه وتعالى اشترى منك فلا ينبغي أن يعطلك ما اشتراه الله عز وجل منك! [/FONT]
[FONT=&quot]وتذكر السورة الأسباب التي تدفع الذي يقعد عن نصرة الدين ويتثاقل ويتخاذل عن نصرة الدين: [/FONT]
[FONT=&quot]الشهوات والشبهات[/FONT][FONT=&quot]: (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) هذا السؤال الذي يكشف الأسباب، دعيت لتخدم دين الله أو تُخرج من مالك وجهدك وتطلب العلم وتدعو إلى الله عز وجل وإذا دعيت للجهاد في سبيل الله سواء بالمال أو بالنفس، أساس القعود "الدنيا وشهواتها" (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ) شهوات الدنيا وملذاتها ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث "لا يتبعني رجل من ثلاث": غزى نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبن بها ولا آخر قد بنى بنياناً ولما يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات و هومنتظر ولادها." كل هؤلاء لديهم ما تعلقوا به في الدنيا لأن هذه قد تقعدهم عن نصرة الدين. [/FONT]
[FONT=&quot]ولهذا عرضت الآية في سورة التوبة المحبوبات الثمانية لا يخلو منها إنسان وهي مباحة لكن إذا ما أوقفت الإنسان عن نصرة الدين فهو معرّض للعذاب (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) هذه كلها مباحات بل والبعض منها فرض كحب الوالدين والعلاقة بالأبناء والزوجة ولكن لو كانت هذه المباحات أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا (وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) لأنه لو يقم بهذه الأمور وهنا نذكر قصة سيدنا حنظلة بانبهار شديد جداً، حنظلة رضي الله عنه في يوم بنائه والمنادي ينادي يا خيل الله اركبي فترك زوجته وهو في ليلة بنائه بها ولم يمهل نفسه حتى يغتسل ولما استشهد في سبيل الله غسلته الملائكة. ماذا لو تكاسل حنظلة رضي الله عنه عن داعي الجهاد؟ كان سيكون من أهل هذه الآية وستكون زوجه أحب إليه من الجهاد في سبيل الله. سورة التوبة تضعنا أمام هذا المعنى المهم أن علينا أن نخدم هذا الدين وأن نقف وننصر هذا الدين بأية وسيلة. [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الأمور التي تقعد بالناس عن نصرة الدين: الشبهة [/FONT]
[FONT=&quot]يدّعي الإنسان أنه لا يعلم ماذا يفعل، لكن الآية في سورة التوبة توضح أن النفير يكون على كل حال (انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) كل ما تستطيع أن تجاهد به، عمار بن ياسر وهو في التسعين من عمره لما سمع منادي الجهاد أراد أن يخرج فقال له أبناؤه اُقعد يا أبانا نحن نكفيك، قال:و هل أبقت لنا آية النفير جنباً ننام عليه؟! الله سبحانه وتعالى قال (انفروا خفافاً وثقالاً) هذا معنى مهم في السورة. فيها: [/FONT]
[FONT=&quot]الجهاد بالمال[/FONT][FONT=&quot] (إن اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم) (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]الجهاد بالكلمة[/FONT][FONT=&quot]: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) جهاد الكفار بالسيف وجهاد المنافقين نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقاتل المنافقين حتى أنه لم يقتل عبد الله بن أبي بن سلول "لا يقولنّ أن محمداً يقتل أصحابه". فجهاد المنافقين يكون جهاد الكلمة والدعوة والحجة والمناظرة وكشف الشبهات. وإياك أن تقول لا أعرف أو لا أقدر على الجهاد لأن سورة التوبة لم تدع لأي إنسان مجالاً للقعود عن الجهاد. [/FONT]
[FONT=&quot]الجهاد بالعلم:[/FONT][FONT=&quot] وسماه نفيراً (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[/FONT]
[FONT=&quot](إلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ) الدين سينتصر بك سواء قعدت أو لم تقعد، لكن السؤال ماذا فعلت أنت؟[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: فضيحة الكذب والأعذار والاستئذان.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذه الفضيحة يتبعها فضية أخرى: الكذب على النفس وعلى الناس وعلى الله: بعض الناس يقعد وتكذب وقد تكذب على نفسها وليس على الناس ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) هذه فضيحة الكذب على الله وعلى الناس وعلى المؤمنين فيبحث عن مبررات وأعذار والله سبحانه وتعالى يذكر أنهم يستأذنون (عفا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) ويستثني (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (77)) [/FONT]
[FONT=&quot]الإعداد والعمل معيار الصدق (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ) لو صدقوا بالخروج فعلاً لأعدّوا له العدة وبذلوا (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)) هذه الآية تنطبق على كل حياتك وعلاقتك بالدين:[/FONT]
[FONT=&quot]لو أردت الجنة لأعددت لها عدة، لو أردت التوبة أعدد لها عدة، لو أردت الالتزام لأعددت له عدّة، كل حياتك الدينية وصدقك يُفضح بهذه الآية: هل أعددت؟ هل فعلت ما ينبغي أن تفعله؟! هذه فضيحة حقيقية لكن للأسف بعض الناس تحب أن تكذب على نفسها وتخدّر عقلها وتتفنن في اختلاق الأعذار.وغزوة تبوك فضحت هذه الأعذار فالذي يبحث عن عذر يبرر به قعوده ويبرر لنفسه كل عمله سيجد أعذاراً له وغزوة تبوك تكشف لنا هذا المعنى صحيح أن الغزوة كانت صعبة جداً فهي كانت في مكان بعيد مسيرة شهر (كانت في الشام) مكان بعيد عن المدينة المنورة، وكانت في حرّ شديد (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) والعدو قوة جبارة (الروم) لا قبل لهم بها ولم يسبق لهم أن قاتلوا جيشاً نظامياً مسلّحاً مدرّعاً، حتى أن البعض اعتذر بنساء الروم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ) أظهرها على أنها حجة شريعة كما قالوا في سورة الأحزاب (وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13)) يذكروا أمراً شرعياً حتى يتركوا الجهاد، يكذبون حتى بالدين! كما قال الذي بسببه نزلت الآية الذي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لا أطيق نساء بني الأصفر فقد لا أتحمل الفتنة فردّ الله عز وجل عليه (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ) يحتج ويعتذر حتى لا ينصر دين الله عز وجل! وآخر يقول ليس عندي نفقة! [/FONT]
[FONT=&quot]كان في غزوة تبوك أسباباً كثيرة تجعلهم يبرروا ويعتذروا لكن المؤمن الحقيقي لا يعتذّر بل يتحرّق للغزو (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) المؤمن يتحرّق للغزو وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات ولم يغزو ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على شعبة من شعب النفاق. لأن الجهاد شرف. [/FONT]
[FONT=&quot]الصادقون في الخروج والجهاد لما جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92)) الوضع كان صعباً جداً ومع أنهم معذورون إلا أنهم تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً، صدق رهيب في حالهم، يريدون أن يخدموا الدين. [/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: فضيحة الاستهزاء بالدين.[/FONT]
[FONT=&quot]عندما استُهزئ بالقُرّاء: ما رأينا مثلَ قُرَّائِنا هؤلاءِ أرغبَ بطونًا ولا أكذبَ ألسُنًا ولا أجبَنَ عندَ اللقاءِ . فقال له عوفُ بنُ مالكٍ : كذَبتَ ، ولكنك منافقٌ ، لأُخبِرَنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فذهب عوفٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لِيخبِرَه ، فوجد القرآنَ قد سبقه ، فجاء ذلك الرجلُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وقد ارتحلَ وركب ناقتَه ، فقال : يا رسولَ اللهِ ، إنما كنا نخوضُ ونتحدثُ حديثَ الركبِ نقطعُ به عنا الطريقَ . قال ابنُ عمرَ : كأني أنظرُ إليه متعلقًا بنسعةِ ناقةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وإن الحجارةَ تنكُبُ رجلَيه ، وهو يقولُ : إنما كنا نخوضُ ونلعبُ . فيقولُ له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ما يلتفتُ إليه وما يزيدُه عليه يعني رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابَه القراءَ.[/FONT]
[FONT=&quot]أنزل الله عز وجل (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم اعتذارهم كما أمره الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]ولنسقط هذا على واقعنا ونرى الاستهزاء بالدين والاستهزاء بالشيوخ وبالعلماء للأسف.[/FONT]
[FONT=&quot]الفضيحة الرابعة: انعدام الغيرة على حرمات الله.[/FONT]
[FONT=&quot](أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot]السورة مليئة بالكلام عن حرمات الله عز وجل حرمة الزمان وحرمة المكان وحرمة حدود ما نهى الله عز وجل عنه وحرمة حدود ما أنزل الله وحدود الحلال والحرام وحرمة الأيمان وحرمة الدين وما يفعله الكثيرون في الدين (وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ) الطعن في الدين. [/FONT]
[FONT=&quot]حرمات عديدة عرضتها السورة: [/FONT]
[FONT=&quot]حرمة المكان[/FONT][FONT=&quot] (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة الزمان[/FONT][FONT=&quot] (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة حدود الله وما نهى عنه[/FONT][FONT=&quot] (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29))[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة المال[/FONT][FONT=&quot] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة التوحيد[/FONT][FONT=&quot] (وقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة الأيمان[/FONT][FONT=&quot] (أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13))[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة الدين[/FONT][FONT=&quot] (وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]حرمة الرسول والصحابة وأهل العلم[/FONT][FONT=&quot] (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]الغيرة على حرمات الله موجودة في السورة والكل يُفضح في هذه السورة: [/FONT]
[FONT=&quot]الكفار يُفضحوا[/FONT][FONT=&quot] وتظهر فواحشهم بالمؤمنين (أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13)) (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) (اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]يُفضح المنافقون[/FONT][FONT=&quot]: كل الآيات التي فيها (ومنهم):[/FONT]
[FONT=&quot](ومِنْهُمَ مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58))[/FONT]
[FONT=&quot](وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](ومنهم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ) (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون)[/FONT]
[FONT=&quot]اِعرض نفسك على هذه الآيات واسأل نفسك هل ينطبق هذا الكلام عليك؟ وهل أنت تقصّر في حق الله سبحانه وتعالى وحق ديني وحق نصرته؟ هل فيّ صفة من صفات النفاق أو من صفات القعود؟! وهل فيّ صفة من صفات التقصير؟![/FONT]
[FONT=&quot]ذكرنا أربع فضائح في السورة ولكن السورة فيها فضائح كثيرة جداً ذكرنا:[/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة القعود عن نصرة الدين[/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة الكذب وإيجاد المبررات الكاذبة والأعذار [/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة الاستئذان عن هذا الفضل الكبير[/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة انعدام الغيرة على حرمات الله[/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة الاستهزاء بالدين[/FONT]
· [FONT=&quot]فضيحة لمز المؤمنين (وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58)) (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)) يلمزون المؤمنين ويستهزئون بهم.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الفضائح كلها في سورة التوبة ينبغي أن نعرض أنفسنا عليها هل فيها شيء منها؟. موقف كعب بن مالك والثلاثة الذين خُلفوا (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)) لم يكن عنده عذر لكن الله سبحانه وتعالى تاب عليه لأنه كان صادقاً ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)) علينا أن نكون مع الصادقين ونعرض أنفسنا على هذه الفضائح في السورة وإذا ما وجدنا شيئاً منها عندنا فهذه السورة بعد كل الفضائح هي سورة التوبة وهذا الاسم التوقيفي لهذه السور فكلنا مخاطبون بهذه السورة وعلينا أن نعرض هذه الفضائح وهذه المقشقشات على أنفسنا ثم نتوب إلى الله عز وجل ونجعل هذه الآية نبراساً لنا في حياتنا (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) الكل مخاطب بالتوبة.[/FONT]

سورة التوبة

http://www.youtube.com/watch?v=x4cmKBUvYfs
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يونس[/FONT]
[FONT=&quot]رسائل في زمن الأزمة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]سورة التوبة هي السورة الفاضحة، المخزية، الكاشفة، المقشقشة وغيرها من الأسماء والتي تصب كلها في هذا المعنى المهم جداً: فضائح الإنسان في علاقته بالله سبحانه وتعالى، ولذلك سميت السورة الكائفة لأنها تكشف الحقيقة وتكشف آفات قد يكون الإنسان في حياته لا ينتبه لها. والسورة هي من أواخر السور التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا بد أن يكون فيها هذا الكشف فالذي يعرض نفسه على سورة التوبة لو كان صادقاً في عرضه ينكشف حاله تماماً مع الله سبحانه وتعالى، حاله مع المؤمنين، حاله مع نصرة دين الله جلّ وعلا ومن ثمّ له خيار واحد وهو التوبة (وهو الاسم التوقيفي الأساسي لسورة التوبة) له خيار أن يستقيم وأن يتوب إلى الله عز وجل ولهذا ورد في السور توجيه ودعوة عامة للجميع بالتوبة، كل مخاطب مدعو للتوبة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يونس وهي بداية للسور المكية من جديد بعد سورتين من السور المدنية الأنفال والتوبة وهكذا القرآن مراوحة بين المكي والمدني وكل منهما له خصائص معينة. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة يونس من ضمن السور التي نزلت في أحداث وفي زمان في غاية الخطورة، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قيل أنها نزلت في العام العاشر من البعثة وقيل في العام الحادي عشر وقيل في العام التاسع وأغلب أهل التفسير على أنها نزلت ما بين السنة التاسعة إلى الحادية عشر. هذا التاريخ له مدلول معين، نزلت السورة في أصعب فترة مرّ بها النبي صلى الله عليه وسلم من ضمنها هذه الفترة ما يسمى بعام الحزن، في هذه الفترة كانت هناك أحداثاً في غاية الخطورة منها شعب أبي طالب لما قاطع كفار مكة النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم وحبسوهم في شعب أبي طالب وبدأوا يتعرضوا لظروف اقتصادية واجتماعية في غاية الصعوبة من المقاطعة والتقشف لدرجة أن بعضهم وصل به الأمر أن يأكل من ورق الشجر، ولا يكاد ينقطع أنين الأطفال. في هذا الوقت ماتت السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها ومات أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان فيها المحن المتوالية منها محنة الطائف لما قُذف النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة قد أدميت قدماه صلى الله عليه وسلم وآذاه السفهاء والأطفال والصبية، كانت ثلاث سنوات صعبة جداً نزل خلالها سور منها سورة يونس. سنوات كانت قاسية جداً على النبي صلى الله عليه وسلم بفقد أحبابه ومن بقي منهم هاجروا (هجرة الحبشة الأولى والثانية) وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يرسل البعثات إلى المدينة من بداية هذه الفترة لأن الوضع كان صعباً جداً، حرب إعلامية (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) مقاطعة كاملة. هذه الفترة نزلت فيها هذه السورة. هذا جو نزول السورة الذي له علاقة كبيرة جداً بموضوع السورة لأن هذا الإغلاق وصل لمرحلة إغلاق دنيوي، تقريباً لا وجود للدنيا، لا مكانة، لا سمعة لا مال، لا جاه بحيث تجعل أحداً مذبذباً يثبت، تجعل أحداً يشاور نفسه يُسلم أم لا، الموضوع في غاية الصعوبة فعلاً، حالة إغلاق وأصعب سنين مرت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة هي هذه الأعوام القاسية وفي هذه الظروف وفي هذه الأحداث لما تكون الدنيا منقطعة بهذه الطريقة وهذا الاستضعاف وهذا العذاب من الطبيعي أن تجد الناس تتفاعل معها بشكل معين، فتجد أربع طوائف من البشر في هذه الظروف القاسية:[/FONT]
[FONT=&quot]الطائفة الأولى: أول ما تجد هذا الاستضعاف تحزن وتُحبط وتصاب بالإحباط وقد تقعد عن العمل وعن البذل لشدة الظروف الصعبة التي تعيش فيها. [/FONT]
[FONT=&quot]الطائفة الثانية تبدأ بالتنازل والتفريط وتفكر في إعطاء العدو بعض ما يسأله (نعبد إلههم يوماً ويعبدون إلهنا يوماً) يبدأ لديها نوع من أنواع التمييع للثوابت بسبب الاستضعاف.[/FONT]
[FONT=&quot]الطائفة الثالثة تنهار تماماً ليس فقط تحبط أو تميع الأمور وقد يرتد الإنسان في ظل هذه الظروف الصعبة جداً.[/FONT]
[FONT=&quot]الطائفة الرابعة وكانوا هم الأغلبية وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. المعالجة الإيمانية والتربوية التي سنتعرض لها في السورة بفضل الله عز وجل ثبتتهم (كذلك لنثبت به فؤادك) المعاني الإيمانية التي غرسها فيهم النبي صلى الله عليه وسلم والتي نحتاج أن نتذكرها في أيامنا هذه ثبتتهم جعلتهم يصمدون أمام هذه الهجمات الشرسة. [/FONT]
[FONT=&quot]السورة توجه رسائل للأنواع الأربعة وسنستسعرض سورة يونس من خلال أربع رسائل رئيسية. سورة يونس أول سورة باسم نبي من الأنبياء سيدنا يونس عليه السلام واسم السورة فيه ملمح وإشارة قصة سيدنا يونس نختم بها السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الأولى: رسالة الثبات. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه رسالة للطائفة التي ستتقاعس عن العمل وتقعد وتتكاسل ولن تثبت وتهتز. رسالة الثبات ليس فقط على الدين لكن رسالة ثبات على العمل والدعوة فمع كل ما يمرون فيه ستكرر كما في سورة الأنعام كلمة (قل) تكلم لا تيأس ولا تسكت لأنك مطالب في عزّ هذا الاستضعاف أن تدعو إلى الله وستتكلم عن الله سبحانه وتعالى وستعرف الناس عليه سبحانه وتعالى. فالرسالة الأولى إذن رسالة ثبات على العمل. [/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الثانية: رسالة الحسم.[/FONT][FONT=&quot] لا يوجد ما يسمى بأنصاف الحلول، لا تمييع، هم يريدون منك أن تهتز في عقيدتك ولهذا ذكرت الآية (فائت بقرآن غير هذا أو بدله) (قل ما يكون لي أن أبدله) الدين ليس ملكاً لأحد ولا يمكن لأحد أن يجتزئ منه، هو دين الله عز وجل (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ) فسورة يونس تعلمنا الحسم في هذه الرسالة رسالة الحسم [/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الثالثة: رسالة التحذير[/FONT][FONT=&quot] لأن ناك أمراض معينة لو وجدت في الأمة وهي في حال الاستضعاف لن تثبت ولذلك تعرض السورة تحذيراً من أمراض وأصناف من البشر يجب الحذر منها ومعالجتها والسورة تعرض العلاج لكل صنف تحذّر السورة منه. [/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الرابعة: رسالة البشرى[/FONT][FONT=&quot] وهي متعلقة باسم السورة واختيار اسم سيدنا يونس عليه السلام. [/FONT]
[FONT=&quot]رسائل سورة يونس:[/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الأولى: رسالة الثبات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هي رسالة موجهة لضعاف القلوب والمحبطين والقاعدين، هذه الرسالة تقول: اثبت على العمل، ادعُ إلى الله عز وجل ولا تدع هذا الاهتزاز وهذا الاستشعاف والإيذاء يُقعدك عن العمل ويمنعك من البذل في سبيل الدين ومن التعليم للناس. مهما فُعِل بك قُل ولذلك تتكرر كلمة (قل) كثيراً في السورة. تتكرر (قل) وتوجيهات دعوية: [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) أنتم محرومون في هذه الشِعب، محرومون في هذا الاستضعاف والمقاطعة الاقتصادية التي فرضتها قريش. يعلمك الدعوة بعد كل هذا قل (أَفَلاَ تَتَّقُونَ) أفلا تتقون الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) عرّفهم بالله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) يكلمهم ويدعوهم إلى الله.[/FONT]
[FONT=&quot](أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ )[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُون)[/FONT]
[FONT=&quot](قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]آيات كثيرة جداً في سورة يونس تعلمنا أنه مهما حدث وفي ظل الظروف الخطيرة والعصيبة التي ترون بها لا بد من الدعوة (قُل) تكلم ولا تسكت عن الحق، توجيه مهم جداً. [/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه للانتظار والصبر والثبات، كلمة الانتظار تكررت في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) واصبر دعوة للثبات.[/FONT]
[FONT=&quot]ويضرب الله سبحانه وتعالى لنا مثلاً بسيدنا نوح عليه والسلام وثباته الطويل ألف سنة إلا خمسين عاماً وعدم خوفه ويقول لقومه [/FONT]
[FONT=&quot](يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ) شجاعة وقوة وثبات وعدم خوف منهم وعدم الحاجة لهم (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لا أطلب منكم شيئاً إن أجري إلا على الله.[/FONT]
[FONT=&quot]وكذلك قصة سيدنا موسى عليه السلام يعلمنا (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) توجيه للثقة وعدم الحزن. فالسورة توجه ليس إلى الثبات فقط وإنما إلى عدم الحزن أيضاً بل فيها دعوة للفرح (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) دعوة للفرح في أعوام الحزن والصعوبة وحصار الشعب دعوة للفرح وهناك فضل آخر وهو فضل القرآن (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) أولئك معهم المال والأكل والشرب والمتاع لطن الذي معكم أعلى، معكم كلام الله سبحانه وتعالى فلتفرحوا أمر بالفرح. ليس مجرد الثبات وعدم الحزن بل الفرح (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) لا تخافوا ولا تحزنوا لكن بشرط: [/FONT]
[FONT=&quot](الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) المهم القلب يكون منشرحاً بكلام الله سبحانه وتعالى. (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).[/FONT]
[FONT=&quot]هذه هي الرسالة الأولى رسالة الثبات ليس فقط على الدين وإنما ثبات على العمل ودعوة أيضاً للفرح وعدم الحزن لأن معك فضل الله تعالى ومعك الإيمان والقرآن هذا هو الفضل. تغرس فينا السورة العوامل الأساسية والقيم التي نفرح بها قيمة الإيمان وفيمة القرآن الذي رزقنا الله عز وجل بها.[/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الثانية: رسالة الحسم والتمسك بالحق الكامل حيث لا مجال للتمييع ولا لأنصاف الحلول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]بعض الناس نتيجة الضغط الشديد والاستضعاف والمشاكل والأذى سواء الإعلامي والتشويه تجد بعض الناس تفرّط وتميّع. هناك في الدين ثوابت لا يمكن التفريط فيها وليس فيها أخذ ورد، قد توجد أمور خلافية خلاف التعدد وخلاف التنوع لكن الثوابت والعقائد لا يمكن التفريط بها. ويكثر وقت الفتن نموذج المفرط والمداهن وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى (ودوا لو تدهن فيدهنون) يريدونك أن تداهن وتفرّط بالشريعة، هذا التمسك رسالة من رسائل السورة في الظروف الصعبة والقاسية التي نزلت فيها سورة يونس تعلمنا هذا المعنى أنه رغم كل الظروف أنت تتّبع أنت لا تفرّط من عندك لأن الأمر ليس ملكك وإنم هو شرع الله وكلام الله وهذا من عند الله لا يمكنك التفريط بشيء منه. وتأتي الآية الحاكمة (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) السورة تضعنا بين اختيارين: حق وضلال ولذلك تأتي الآية الفاصلة بوضوح شديد: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ) لا يحق لأحد أن يبدّل أي جزئية من هذا القرآن والله تعالى يعلمنا في هذه الظروف الصعبة يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ليست من صلاحيات النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدّل شيئاً في القرآن لأنه ليس ملكه، النبي صلى الله عليه وسلم له حدّ مع الله لا يمكنه أن يتخطاه والتشريع لا يكون إلا لله الحق الملك سبحانه وتعالى، الثوابت لله، العقيدة من عند الله عز وجل. ولهذا أكثر ما يكرهه المميعون أن يقال لهم: قال الله، وقال رسوله، يعترضون مثلاً على بعض آيات القرآن ولكنه ليس كلامنا نحن وإنما هو كرم الله سبحانه وتعالى (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) ليست المسألة بمزاجي أنا إنما أنا متّبع (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) محمد صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إلى الله عز وجل ومع ذلك يقول (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). هذا معنى مهم ومن أهم مواطن القوة في هذه الرسالة: الأمر ليس بمزاجي وليس من خصائصي ولا من خصائص أحد من البشر أن يبدّل أو يداهن، الدين لله سبحانه وتعالى (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) أتفتري على الله وتؤلف في الدين على هواك؟! (قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) ويعلمه الله سبحانه وتعالى (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) كلام ثابت واضح.[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]كلام ثابت واضح وحقيقة ثابتة ليس فيها تمييع (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ) [/FONT]
[FONT=&quot]هذه ثوابت لا تفاهم فيها وهذه هي الرسالة الثانية للمميعين والمفرّطين الذين في زمن الفتن والاستضعاف والأزمات يفرطوا في دينهم وعقيدتهم ورسالتهم. [/FONT]
[FONT=&quot]الرسالة الثالثة: رسالة التحذير من أمراض توجد في أوقات الفتن وأصناف تنخر جسد الامة ولا تسمح بوجود الطائفة الثابتة أو تخلخلها ولا تتحمل الفتنة وعلاج كل نوع[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]الصنف الذي لا يعرف الله عز وجل حق المعرفة[/FONT][FONT=&quot]. هذا الذي لا يعرف الله حق المعرفة ما الذي سيجعله يتحمل؟ لو أن أحداً لا يعرف الله ولا يعرف أن هناك آخرة وحساب وجزاء ما الذي يجعله يتحمل الإيذاء والاستضعاف بل بعضهم ينتحر عند الأزمات لأنه يائس من رحمة الله سبحانه وتعالى فلو عرف الله عز وجل لثبت وأكمل. هذا الصنف لا يتحمل ولذلك تجد آيات كثيرة في السورة تكلمنا عن معرفة الله عز وجل ومن أكثر السور التي تحدثنا عن الله سبحانه وتعالى بشكل كبير وظاهر [/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ )[/FONT]
[FONT=&quot](إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (32)) [/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36))[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[/FONT]
[FONT=&quot](هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[/FONT]
[FONT=&quot]الذي لا يعرف الله عز وجل لن يتحمل الابتلاء، سيدنا أيوب عليه السلام قال (إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) تحمل سنوات عديدة في الابتلاء لمعرفته أن الله سبحانه وتعالى هو أرحم الراحمين. لو فقد إنسان كل شيء لن يتحمل إن لم يكن يعرف الله سبحانه وتعالى ولذلك الملحد الذي لا يعرف ربه لا يتحمل الحياة إن واجهته ظروف صعبة أما المؤمن فعنده أمل دائماً أن الله عز وجل سيفكّ كربه فيدعوه أما الملحد فليس عنده أحد يدعوه وليس عنده من يرجو لقاءه ولهذا يأتي النوع الثاني: [/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]الذي لا يرجو لقاء الله سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]هناك من يعرفون الله معرفة سطحية فلا يرجون لقاءه ولا يعملون لهذا اللقاء وهناك آخرون لا يريدون لقاء الله عز وجل وتتكلم السورة كثيراً عن هذا المعنى وتكررت (الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا) ثلاث مرات في صفحة واحدة من السورة: [/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ)[/FONT]
[FONT=&quot]الآية مهم جداً (إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (8))[/FONT]
[FONT=&quot]بداية المشكلة أنهم لا يريدون لقاء الله عز وجل، عندما تكون موقناً أن لديك لقاءً معيناً – ولله المثل الأعلى – تُعدّ لهذا اللقاء لأنك ترجو هذا اللقاء وترجو ما وراء هذا اللقاء. وهناك أناس لا ترجو لقاء الله عز وجل إنما الذي يرجو لقاء الله عز وجل يُعدّ له. [/FONT]
[FONT=&quot]والسورة تعالج مشكلة الذي لا يرجو لقاء الله فتجد في السورة آيات كثيرة عن الآخرة وعن الجنة وعن النار للترغيب بلقاء الله عز وجل فتشتاق للقائه ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك. [/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [/FONT]
[FONT=&quot](دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [/FONT]
[FONT=&quot](لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) [/FONT]
[FONT=&quot](وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]ونسأل: لماذا لا يرجوا هؤلاء لقاء الله عز وجل؟ لأنهم من النوع الثالث:[/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]الذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها[/FONT][FONT=&quot] (وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ) نفس الأسباب التي ذكرت سورة التوبة أنها أقعدت بعض الناس عن نصرة الدين "الدنيا" رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا باسبابها، هذا مبلغهم من العلم الدنيا وشهواتها، اطمأنوا بالدنيا وكل ارتباطهم بالدنيا فتعالج سورة يونس هذه المشكلة وتذكّر بالآخرة لكي نرغب بلفاء الله عز وجل وما عنده وتذكر لنا هؤلاء الذين رضوا بالحياة الدنيا وتذكر حقيقة الحياة الدنيا في الآية: [/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]تذكر الآية الأسباب (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا) والشهوات (مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ) لكن الدنيا فانية (كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) تفكّر في الدنيا لتفهم هذا المعنى.[/FONT]
[FONT=&quot]4- [/FONT][FONT=&quot]صنف الغافلين والبعيدين عن آيات الله مصدر الثبات والقوة[/FONT][FONT=&quot] (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)) الذي يغفل عن القرآن لا يمكن أن يتحمل الأذى ولهذا يجب أن يبقى قلباً يقظاً دائماً، الغافل ينسى وهو كالذي لا يرجو لقاء الله مع فارق بسيط لكنه نسي أنه سيكون هناك لقاء مع الله عز وجل ستلقى الله عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان وستكون هناك دار آخرة ستكون هناك جنة وستكون هناك نار. تعالج السورة هذه الغفلة وتبين أهم علاج للغفلة بالقرآن فتجد من أول آيات السورة توجيه للقرآن: [/FONT]
[FONT=&quot](الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ) الوحي القرآن[/FONT]
[FONT=&quot](ائت بقرآن غير هذا)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](كذلك لنثبت به فؤادك)[/FONT]
[FONT=&quot]نحتاج لموعظة حتى تعالج الغفلة وتشفي الصدور من هذه الأمراض. [/FONT]
[FONT=&quot]5-[/FONT][FONT=&quot]المهتز الشاكّ في دينه[/FONT][FONT=&quot]: لن يتحمل إلا الموقنون. ويتكرر الكلام في السورة عن الحق، وتتكرر كلمة الحق في السورة كثيراً لترسيخ اليقين ٢٣ مرة أعلى معدل في القرآن يليه في أطول سورة في القرآن البقرة ١٧ مرة. الحق واليقين عليه.[/FONT]
[FONT=&quot](وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (30)) [/FONT]
[FONT=&quot](فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32))[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35))[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36))[/FONT]
[FONT=&quot](فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ إِنَّ هَـذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ (76))[/FONT]
[FONT=&quot](وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82))[/FONT]
[FONT=&quot](فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94))[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108))[/FONT]
[FONT=&quot]رابعاً: الرسالة الأخيرة: رسالة البشرى واسم السورة وقصة يونس وفوائدها[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot](فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) رسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: أنتم في الشعب وفي الاستضعاف في مكة وننزل عليك أيها النبي رسالة فيها بشرى هذا النبي يونس عليه السلام كُشف عن قومه العذاب ولم يعذّبوا لكن بشرط (لَمَّا آمَنُواْ) فيها بشرى لأن النبي صلى الله عليه وسلم أن قومه سوف يؤمنوا ولن يعذّبوا. وتأتي البشارات في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي ختام السورة بعد بشرى سيدنا يونس عليه السلام لما آمن قومه نجاهم الله عز وجل وكشف عنهم عذاب الخزي ومكّنهم بعد الاستضعاف. ثم تأتي النهاية: [/FONT]
[FONT=&quot](وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) الصبر أهم حتى يحكم الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]رسائل في سورة يونس للمبتلين للمعذبين للمستضعفين لنتعلم هذه الرسائل. [/FONT]

سورة يونس
‫ط±ط³ط§ط¦ظ„ ظپظٹ ط²ظ…ظ† ط§ظ„ط£ط²ظ…ط© ط§ظ„ط­ظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط¹ط§ط´ط±ط© ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظ‰ ظٹظˆط³ظپ ظˆظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ظٹظˆظ†ط³â€¬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة هود[/FONT]
[FONT=&quot]أمر الله عز وجل (وجاء أمر ربك)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]تكلمنا عن سورة يونس التي نزلت في ظروف صعبة مر بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، ظروف الشِعَب، ظروف الاستضعاف، ظروف المقاطعة، ظروف الحزن الشديد الذي مرّ به النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها ووفاة عمه أبو طالب وهذه الآلآم التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم وسورة اليوم سورة ثانية باسم نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً نزلت أيضاً في نفس الفترة الزمنية والحقبة التي نزلت فيها سورة يونس. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة هود هي السورة الثانية من سور ثلاث نزلت متتالية بأسماء أنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً (يونس، هود، يوسف). هذه السور الثلاث نزلت في حقبة زمنية واحدة من السنة الثامنة إلى السنة الحادية عشر من البعثة في مكة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في أحوال قاسية جداً من الاستضعاف، لكن سورة هود بالذات كان لها أثر على النبي صلى الله عليه وسلم مختلف، أثر سورة هود على النبي صلى الله عليه وسلم كما روي عن بعض الصحابة لما سألوه: قالوا: يا رسولَ اللهِ! قد شِبْتَ؟! قال: شيَّبتني هودٌ وأخواتُها. وفي روايةٍ: شيبتني هود وأخواتها قبل المشيب وفي رواية: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتساءلونَ، وإذا الشمسُ كُوِّرتْ. وهذا الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله [/FONT]
[FONT=&quot]ما الذي يجعل الإنسان يشيب قبل الأوان؟ التفت الصحابة إلى أن هنالك أمر مختلف فقد يشيب الإنسان وهو شاب لأن الشيب ليس له ضابط عمري معين ولكن يبدو والله أعلم أنه حدث فارق مفاجئ لاحظه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عمّا حصل، شبت يا رسول الله! فقال: شيبتني هود. وهذا يدلنا على علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل، وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع القرآن؟ القضية أننا لما نقرأ في كتاب الله عز وجل لا تقرأ كلاماً نظرياً جامداً، النبي صلى الله عليه وسلم كان يعيش مع كتاب الله كان يتأمل كتاب الله وكان يتأمل ما فيه على أنه واقع حادث فكان يتفاعل معه لدرجه تجعله مثل هذا الأثر. فما الذي يجعل الإنسان يشيب قبل المشيب؟ الجواب في آية وهي قول الله عز وجل (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) المزمل) وهو يوم القيامة، هذا يدلنا على أن الشيب قبل المشيب قد يكون بسبب انفعال عنيف جداً، فزع ما، أمر أثار شيئاً في نفسه فظهر ذلك على حاله وهو ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم. ونعود للسؤال: ما الذي يجعل في سورة هود هذا الفارق هي وأخواتها يجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن هذه كانت هي السورة التي سببت هذا التغير الذي لاحظه أصحابه رضي الله عنه؟ الجواب تكلم فيه العلماء كثيراً والمسألة فيه أقوال:[/FONT]
[FONT=&quot]بعضهم قال شيبه في هود مصارع الأمم [/FONT][FONT=&quot]لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في سورة هود مصير كثير من الأمم التي كذّبت وذكرنا أن سورة هود نزلت في وقت الأمة التي بُعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم لبلاغها مكذّبة، أمة كذبت برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وآذته وقاطعته وحاصرته في شعب أبي طالب وذكرنا في سورة يونس ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الفترة. فتأتي آيات سورة هود يسمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم عما لقيه القوم الذين أشركوا، القوم الذين كذبوا لدرجة أن قوم لوط كان عذابهم (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)) ويتبعها قول الله تعالى (مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) هذه الآية للظالمين وقد لا نتأثر نحن بهذه الآية لأنه للأسف كثير منا لا يحمل الهمّ الذي كان يحمله النبي صلى الله عليه وسلم في صدره، فقد كان صلى الله عليه وسلم كان يحمل في صدره همّ هداية الأمة (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف) النبي صلى الله عليه وسلم يريد لهذه الأمة الهداية لا يريد لها العذاب، فلما يسمع آيات كهذه:[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ) ضع نفسك مكان النبي صلى الله عليه وسلم وأنت حريص على الأمة وحريص على هداها وتسمع (أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ (20)) فبعض العلماء قالوا أن هذا هو السبب الذي شيّب النبي صلى الله عليه وسلم، أنباء القرى (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ) أنت تعلم يا محمد صلى الله عليه وسلم ما حدث للأمم من قبلك وهذه الأمة ما تفعله اليوم ليست ببعيدة عما هلك به الأمم التي سبقتهم. ويسمع النبي صلى الله عليه وسلم الآية التالية (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) هل أهل قرية النبي صلى الله عليه وسلم (مكة) مصلحون؟ بالعكس، كانوا مفسدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يحب الأمة وهو حريص على الأمة وخائف على الأمة كما خشي إبراهيم عليه السلام على أمته وظهر عليه هذا الأثر لما عرف أن الملائكة الذين نكرهم عليه الصلاة ما جاؤوا إلا بعذاب قال الله عز وجل (نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً (70)) ثم قال (يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74)) لم يكن يريد أن يعذّبوا لأنه حريص على الأمة حريص على ألا يعذّب أحد. [/FONT]
[FONT=&quot]بعض العلماء قال أن النبي صلى الله عليه وسلم شاب لسورة هود والواقعة والمرسلات وعمّ والتكوير لأن فيها ذكر الدار الآخرة[/FONT][FONT=&quot]، ومع أن هناك سوراً أخرى فيها ذكر الدار الآخرة إلا أن هذه السورة بالذات ذكر الدار الآخرة فيها في آياتشديدة جداً كقول الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot](وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) يسمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية وهو الذي يحب أمّته ويحرص على أمته وذكرنا في سورة المائدة كيف قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة وهو يكرر قول الله عز وجل (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) المائدة) النبي حريص على الأمة حتى أن الله عز وجل أرسل له جبريل عليه السلام يبلغه أنا سنرضيك يا محمد في أمتك ولا نسوؤك لأنه حريص على أمته صلى الله عليه وسلم فلما يسمع قول الله عز وجل (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ويسمع قول الله عز وجل (وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) وقول الله عز وجل (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (21) لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ (22)) لاجرم أي لا شك أن هذا سيحدث لا محالة، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)) [/FONT]
[FONT=&quot]اسمع هذه الآيات وضع نفسك مكان النبي صلى الله عليه وسلم وتفاعل معها كأنها رأي عين، النبي صلى الله عليه وسلم كان يعيش مع آيات الآخرة ويتفاعل معها كأنها رأي عين كما قال حنظلة رضي الله عنه: نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار وكأنها رأي عين. ينبغي أن نتأمل في آيات سورة هود كأنها رأي عين حتى يتأثر القلب على الأقل إن لم تشب قبل المشيب، ظهر التأثر على بدن النبي صلى الله عليه وسلم لدرجة أن الصحابة سألوه عن سبب هذا التأثر فقال شيبتني هود قبل المشيب. [/FONT]
[FONT=&quot]بعض العلماء قالوا أن هذه السورة شيبت النبي صلى الله عليه وسلم لشدة التكاليف والتوجيهات الشخصية للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته[/FONT][FONT=&quot] كقول الله عز وجل (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) الناس تستهين بمعنى الاستقامة على مراد الله عز وجل لكن لما يكون القلب حاضراً كقلب النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يشيبه هذا الأمر (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) لست وحدك وإنما (وَمَن تَابَ مَعَكَ) إحساس بالقول الثقيل (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) يقول الله سبحانه وتعالى له (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113)) في السورة توجيهات كثيرة جداً قال بعض أهل العلم أنها هي التي شيبت النبي صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
[FONT=&quot]بعد هذه المقدمة المهمة للسورة حتى نتعلم معنى التفاعل نعود [/FONT][FONT=&quot]لموضوع السورة وهو: أمر الله عز وجل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأكثر كلمة تكررت في سورة هود (حتى إذا جاء أمرنا) جاء أمر الله عز وجل سواء في الدنيا عقوبة عاجلة أو يأتي بأمر من عنده سبحانه وتعالى بعقوبة في الآخرة، الأمر القدري أمر ا عز وجل في الدنيا والآخرة والأمر الشرعي، أوامر الله سبحانه وتعالى (ألا له الخلق والأمر) هذه السورة امتلأت بهذا المعنى وامتلأت بمعنى إتيان أمر الله عز وجل الذي لا معقب لحكمه. السور تمتلئ بهذا في الدنيا والآخرة وهذا الأمر سنقف معه بالتفصيل. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة هود تحدثنا عن معنى عظيم هو أمر الله عز وجل سواء في الدنيا أو في الآخرة وفي السورة محوران رئيسيان: [/FONT]
[FONT=&quot]محور أمر الله عز وجل إذا جاء للقرى[/FONT][FONT=&quot] (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيد) أنباء القرى وذكر مصارع الأمم التي ذكرها الله عز وجل في هذه السورة. وأيضاً ما فعله الأنبياء في مواجهتهم وسورة هود مدرسة من مدارس الأنبياء ونتعلم منها معاني لا حصر لها نمر عليها مروراً سريعاً كيف تعامل الأنبياء مع أمر الله عز وجل وماذا حصل لما جاء أمر الله عز وجل وجاءت مصارع الأمم وكيف تعامل الأنبياء مع ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]والمحور الثاني التوجيهات للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة العصيبة[/FONT][FONT=&quot] بعد أن يستعرض له مصارع الأمم وما يمكن أن يحدث لقومه وما يمكن أن يحدث لهؤلاء المكذبين لكن أنت عليك واجبات.[/FONT]
[FONT=&quot]المحور الأول: قصص الأمم السابقة ومصارعها وكيف حلّ بهم بعد هذا التكذيب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]في قول الله عز وجل في الآية الجامعة (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)) هذا المحور مهم جداً، أمر الله عز وجل إذا جاء، أمر الله لا يُردّ، أمر الله الذي له خصائص. [/FONT]
[FONT=&quot]نستعرض الآيات التي جاء فيها قول الله عز وجل (أمرنا) أو (أمر الله)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) جو تهديد ضمني، الأمر سيأتي كما جاء لأمم من قبلك، لقوم عاد وقوم ثمود وقوم شعيب جاءهم أمر الله عز وجل فكان ما كان من مصارع هذه الأمم وفي هذا تهديد ضمني للقوم الذين كذبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا نجد كلمة (إذا جاء أمرنا) تتكرر في السورة كثيراً:[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة نوح عليه السلام: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة هود عليه السلام: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة صالح عليه السلام: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة إبراهيم عليه السلام لما بشروه بالغلام فعجبت امرأته فأرسل الله تعالى لها ملائكته (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) لا يقف شيء أمام أمر الله عز وجل إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، هذا هو أمر الله.[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة إبراهيم لما جادل الملائكة في قول لوط قالوا له: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة قوم لوط: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) قرية سدوم وعمورية الذين كانوا يفعلون الفاحشة ويأتون الرجال شهوة من دون النساء، قلبت الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة شعيب: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]قصة موسى مع قومه (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي الآية الجامعة (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ (123)) الأمر كله من عند والنتيجة (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) الأمر بالعبادة من أهم توجيهات هذه السورة فينبغي أن تتوجه لله سبحانه وتعالى بالعبادة وبتوحيده وتتوكل عليه وحده كما فعل من سميت السورة باسمه سيدنا هود عليه السلام وقصته وكلمته العجيبة (إن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)) يقول لأقوى أمة على الأرض قوم عاد الأولى قوة عظمى التي قال الله عنها (التي لم يخلق مثلها في البلاد) قوتهم المادية لا مثيل لها على الأرض يقول لهم: افعلوا أقصى ما بدا لكم (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)) الأمر كله إليه وإليه يرجع الأمر كله. [/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من السورة ومن أوامر الله عز وجل نتعلم خصائص أمر الله[/FONT]
[FONT=&quot]خصائص أمر الله سبحانه وتعالى: [/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: أنه نافذ[/FONT][FONT=&quot] (إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)) أمر الله نافذ والمسألة منتهية إذا جاء أمر الله عز وجل لا يُردّ، لا يُمنع، لا يؤخّر، لا عاصم من أمر الله.[/FONT]
[FONT=&quot]في قصة نوح لما دعا ابنه ليكون معه (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) أول خاصية من خصائص أمر الله أنه لا عاصم من أمر الله. السورة تعلمنا المشيئة المطلقة ولذلك يأتي الاستثناء – نحن نعرف أن أهل الجنة يخلدون فيها أعلمنا الله عز وجل بذلك- ومع هذا نجد في السورة لاتمام إطلاق المشيئة يأتي في السورة الاستثناء (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ) هذا لا يعني أن أحداً سيخرج من الجنة لأن الله عز وجل قال بعدها (عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ربنا سبحانه وتعالى وعد أن لهؤلاء الخلود لكن لا بد من هذا الضابط (إلا ما شاء) [/FONT]
[FONT=&quot]مطلق المشيئة[/FONT][FONT=&quot]: لا ينبغي لأحد أن يقدّم مشيئته على مشيئة الله عز وجل ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم رفض لما قال له أحدهم: م شاء الله وشئت، فقال له: أجعلتني لله ندّاً؟! المشيئة مطلقة لله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]مُلكٌ قاطع وأوامر قيادية[/FONT][FONT=&quot]: تشعر في السورة أن أوامر الله قيادية (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أوامر قيادية وأمر الله عز وجل نافذ. ومن خلال هذا الأمر تجد قصص الأنبياء التي يخبرنا الله عز وجل أن مقصدها في هذه السورة في الظروف الصعبة التي يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت بهذه القصص. ولهذا تبدأ القصص (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ) والعلّة (مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) في هذه المواقف العصيبة وهذه الفتن (وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)). [/FONT]
[FONT=&quot]خصائص مدرسة الأنبياء[/FONT]
[FONT=&quot]وتجد مدرسة الأنبياء في هذه السورة فيها خصائص مهمة جداً نتعلم منهم: [/FONT]
[FONT=&quot]الربانية والتوكل المطلق على الله عز وجل[/FONT][FONT=&quot] كما قال نوح عليه السلام (وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ (30)) بعد أن طلب منه قومه أن يطرد المؤمنين، ربانية كاملة! يستعجلوه بالعذاب فيقول (قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) من عنده هو. [/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم الربانية من الأنبياء[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]من هود: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)) كيف أخاف من الناس وأنا توكلت على الله؟! وقد قالها إبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا (81)) أنتم الذين تخافون.[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من لوط عليه السلام لما آوى إلى ركن شديد قال صلى الله عليه وسلم عنه: رحمة الله على لوط إنه كان يأوي إلى ركن شديد. لما قال لقومه (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80))[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من الأنبياء الحرص على أممهم. [/FONT]
[FONT=&quot]نوح عليه السلام قال لقومه (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) حرص على الأمم وحرص على قومهم[/FONT]
[FONT=&quot]هود: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]صالح: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]إبراهيم: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) ابراهيم أصابه الروع من حرصه على قومه لا يريد أن يعذّب الناس. [/FONT]
[FONT=&quot]لوط: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) خائف على أمته ونحن نريد أن نتعلم الخوف على الأمة من مدرسة الأنبياء في سورة هود. [/FONT]
[FONT=&quot]شعيب: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) (وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم منهم الزهد[/FONT][FONT=&quot] فهم لا يريدون شيئاً (إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّه) كل واحد من الأنبياء قالها لقومه (يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا (51)) والأجر أوسع من المال، هو لا يريد مالاً ولا اتباع لشخصه وإنما اتباع للحق، هو لا يريد شيئاً إلا أن يهتدوا. نتعلم من مدرسة الأنبياء التجرّد المطلق، زهد شديد جداً لا يريدون الدنيا كما ورد في الآية الجامعة حرب على إرادة الدنيا وعدم جواز إرادة الدنيا وحب الدنيا لأن الوضع صعب ويحتاج إلى زهد في القلب. الآية الجامعة (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15)) وفي سورة يونس (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)) هؤلاء رضوا بالحياة الدنيا والآية في سورة هود (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (16)) وهذه الآية خطيرة جداً لأنه ليس فيها أي ذنب غير كلمة واحدة (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) قال الله تعالى عن هؤلاء أولئك مأواهم النار قال تعالى عنهم (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ) إذن ماذا نفعل في الدنيا؟ الدنيا لا تُراد إنما الإنسان يريد الآخرة أما الدنيا (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا (77) القصص) فلا تكون الدنيا مبلغ علمك ومنتهى أملك وهذه السورة تقطع هذه المسألة تماماً وتعلمنا هذه الدروس الربانية والثبات والقوة لما يقول سيدنا شعيب عليه السلام (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93)) ثبات وقوة. [/FONT]
[FONT=&quot]فوائد من مدرسة كل نبي من الأنبياء المذكورين في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]ومن كل نبي نتعلم خصائص متفردة خاصة به وحده وما ذكرناه سابقاً هي أمور عامة مثل الربانية والثبات في الحق والتجرد والزهد في الدنيا هذه أمور مشتركة بين الأنبياء ولكن نتعلم من كل نبي منهم خصائص متفردة: [/FONT]
[FONT=&quot]فنتعلم من نوح عليه السلام حرصه على أهله[/FONT][FONT=&quot]، القضية ليس أن ينجو وحده وإنما يحرص أن ينجو أهله معه، الله سبحانه وتعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا (132) طه). [/FONT]
[FONT=&quot]نوح عليه السلام كان حريصاً على أهله وعلى ابنه لكن لما جاء الأمر الفصل انتهت المسألة (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ (47)) لكن في البداية كان حريصاً على ابنه. [/FONT]
[FONT=&quot]ونتعلم من نوح عليه السلام إنكار الذات والتواضع (وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (31))[/FONT]
[FONT=&quot]ونتعلم منه عدم الأمن من مكر الله (وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ونتعلم منه الصبر فقد لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم ولم يملّ ولم يفتر عن الدعوة وصبره على استهزائهم به (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39)).[/FONT]
[FONT=&quot]تتعلم من سيدنا هود عليه السلام القوة الرهيبة في الحق وثبات القلب [/FONT][FONT=&quot](إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)) ونتعلم منه التوكل على الله (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56))[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من صالح عليه السلام الاحترام في قومه والسمت (قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا (62))[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من سيدنا إبراهيم عليه السلام الكرم[/FONT][FONT=&quot] (فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)) ونتعلم منه الحلم (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (75)) ونتعلم منه الحرص على قومه (نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70)) (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74))[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من سيدنا لوط عليه السلام الطهارة[/FONT][FONT=&quot] (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) [/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من شعيب عليه السلام الفصاحة و البيان في أسلوب دعوته لقومه، والبدء بالنفس (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) والرغبة في الاصلاح (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) والاحترام الدنيوي والسمت بين قومه (إنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من كل نبي خصائص مهمة خاصة بالنبي نفسه ونتعلم خصائص عامة. [/FONT]
[FONT=&quot]التوجيهات الختامية في السورة[/FONT]
[FONT=&quot]وتختم السورة بتوجيهات للنبي صلى الله عليه وسلم وأهم التوجيهات في الآيات من 113 إلى 115 ربنا سبحانه وتعالى يعلمنا في هذه السورة أنه في زمن الفتن قد يتطرف الناس جداً أو تتميع جداً فيعلمنا الله سبحانه وتعالى هنا (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) ابقَ على الحق وافعل الصواب (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير) (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113)) وللحسن البصري كلام رائع في هذه الآية، حيث يقول: (سبحان الذي جعل اعتدال هذا الدين بين لاءين) وهي ]لاَ تَطْغَوْاْ[ و]لاَ تَرْكَنُواْ[ لا تتشدد أكثر من المطلوب وتفعل أشياء ينفّر الناس بأمور قاسية جداً فيغلوا الناس كردة فعل وتواجه الأمر بشدة فيقول الله تعالى (وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير) لكن في نفس الوقت لا تتميع وتترك دين (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) لا تتنازل عن دينك وإنما استقم كما أمرت. [/FONT]
[FONT=&quot]والتوجيه العام في السورة: الأمر بالعبادة.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عرفت الله عز وجل وعرفت قدرته وعرفت مآل الذين كذبوا ومآل القوم المجرمين فتعبد هذا الرب ويأتي الأمر بالعبادة في الايات (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)) لا تركن ولا تطغى وفي نفس الوقت تعبد الله عز وجل وتتكرر الآيات التي تدعو للعبادة في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي)[/FONT]
[FONT=&quot](إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]وفي ختام السورة أمرٌ بالعبادة (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم يختم الله عز وجل السورة (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) تتعبد لله سبحانه وتعالى ولا تفرّط في العبادة مهما كانت الظروف والضغوط (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من هذه السورة قيمة الإصلاح[/FONT][FONT=&quot] من شعيب عليه السلام عندما علم قومه (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ (88)) ويعلمنا الله عز وجل في هذه السورة قيمة الإصلاح (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ (116)) الذين ينهون هم الذين نجوا (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)) لا ينجو إلا المُصلِح الإيجابي.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي السورة توجيه بالصبر والانتظار:[/FONT]
[FONT=&quot]ومن شدة التكذيب، تأتي الآية (12) لتقول للنبي صلى الله عليه وسلم: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) فهل تخلَّى الرسول عن بعض وحي الله، أو ضاق صدره عن تبليغ الدعوة؟ لا! وحاشا لله أن يحدث هذا، ولكن هذه الآية تهدف إلى تثبيته صلى الله عليه وسلم، وتثبيت المؤمنين من بعده في كل زمان ومكان. فالمعاندون المكذِبون يجادلون الدعاة جدلاً بلا جدوى، ولكن أيُّها المُحب لدين الله (إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَٱلله عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ (12)) فأنت تعمل أجيراً عند الله، وعليك أن تبلِّغ ما أُمرت به دون أن تنظر إلى النتائج، فالله وحده هو الذي بيده تحقيق النتائج (وَٱلله عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ) وتمضي أول 24 آية من هذه السورة لتكون رسالة واضحة للدعاة: التكذيب شديد، وله تأثير عليكم، فاثبتوا على دعوتكم، وابذلوا جهدكم، ثم دعوا الأمر لله وتوكلوا عليه!![/FONT]
[FONT=&quot](وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115))[/FONT]
[FONT=&quot](إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (112))[/FONT]
[FONT=&quot]نخلص من هذا كله أن هذه السورة تعلمنا أن أمر الله عز وجل إذا جاء لا يُردّ وأن أمر الله عز وجل واقع لا محالة فنتوكل على الله ونعبد الله سبحانه وتعالى لا نطغى ولا نركن، كل هذا العرض العظيم نراه رأي العين لن نشيب كما شاب النبي صلى الله عليه وسلم لكن على الأقل تعي القلوب ذلك المعنى. [/FONT]

سورة هود
http://www.youtube.com/watch?v=FeaNIykAhcE
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف[/FONT]
[FONT=&quot]اِفعل الصواب[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]نحاول من خلال البرنامج أن نكوّن علاقة وصحبة مع سور القرآن الكريم. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف يظن البعض أنها مجرد قصة وعلاقتهم مع سورة يوسف أنه (تاه ووجدوه) لكن لسورة أعمق من هذا بكثير ونحن نحاول أن نصنع علاقة صحبة مع السور والحبة ليست فق بالحفظ ولكن حت لو عندك فهم عام لمعاني السورة. عندما يُذرك أمامك صاحب لك تأتي في نفسك وفي صدرك أشياء عنه أخلاقه، شكله، ذكريات بينكم، هذه هي الصحبة.[/FONT]
[FONT=&quot]تكلما عن سورة هود وذكرنا أنها شيبت النبي صلى الله عليه وسلم والسورة ذكر فيها مصارع الأمم وكيف واجه الأنبياء هذه الأمم المكذبة الظالمة. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف امتداد لمدرسة الأنبياء ولكن بشكل مختلف. أغلب قصص الأنبياء في القرآن تكون كلاماً مجملاً سريعاً لكن في قصة يوسف سورة بالكامل تتكلم عن قصة نبي، كل السورة تتحدث عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام ما عدا آخر صفحة أو صفحتين لكن القصة بشكل عام كلها في تفاصيل دقيقة جداً في حياة النبي يوسف عليه السلام. وهذا له علاقة بتوقيت النزول. سورة يونس وسورة هود وسورة يوسف هذه السور الثلاث التي سميت بأسماء أنبياء وهي متتالية نزلت في فترة واحدة وقيل أن سورة يوسف نزلت في عام الحزن الذي توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها وتوفي فيه عم النبي صلى الله عليه وسلم ابو طالب وحصل فيه الاستضعاف الشديد وكانت الأحزان شديدة جداً على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فكانوا بحاجة إلى تثبيت وهذا من أحد مقاصد ذكر قصص الأنبياء كما ذكرنا في سورة هود (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) هود) هذا تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً هذه السورة التي بين أيدينا التي فيها قصة ابتلاء شديدة جداً قصة سيدنا يوسف عليه السلام، أيّ مبتلى ينظر إلى ما حلّ بيوسف عليه السلام من جفوة بينه وبين إخوته ومن ظلم وقع عليه ومن وِحدة أصابته في البئر. كثيرٌ منا يقرأ قصة يوسف عليه السلام ولا يتخيل نفسه لحظة أنه هو نفسه في البئر المظلم وكان يوسف في ذلك الوقت غلاماً صغيراً في بئر مظلم قد يكون فيه ما فيه من دوابّ الأرض والظلام وما إلى ذلك ويكفيه جفوة الأهل أن إخوته هم الذين رموه في البئر وأبعدوه عن حضن أبيه. ابتلاءات وراء ابتلاءات وهو الكريم ابن الأكرمين يصبح عبداً يُباع ويُشترى، كل هذه ابتلاءات لما نعرض كيف تعامل معها سيدنا يوسف عليه السلام يمكن تلخيص سورة يوسف بكلمة (إعمل الصحّ) سيدنا يوسف عمل الصح في كل موقف، مواقف صعبة جداً وُضع فيها سيدنا يوسف عليه السلام وابتلاءات شديدة جداً وفتن شديدة جداً سواء فتن سرّاء أو فتن ضرّاء، سواء فتن شهوات أو فتن ابتلاءات وفي كل مرة كان يوسف عليه السلام يفعل الصحّ. [/FONT]
[FONT=&quot]قصة سيدنا يوسف عليه السلام قصة نموذج ناجح، موضوع السورة يتجاوز مسألة سرد قصة بأحداثها للتسلية، لا، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111)) وقصة سيدنا يوسف قال الله الله سبحانه وتعالى في نفس السورة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ (3)) هي أحسن القصص لا تقال للتسلية، وإنما القضية أكبر من هذا، نحن نتعلم العقيدة عملياً وهذه هي مدرسة الأنبياء التي تحدثنا عنها في سورة هود، مدرسة الأنبياء تخرّجك عالم بالعقيدة بشكل عملي. قد تسمع كلاماً طويلاً عن التوكل وفضائل التوكل لكن هذا الكلام يمكن أن يُختصر عندما ترى مشهد توكل حقيقي وتستشهده وتعيشه، مثلاً لما تعيش قصة سيدنا هود التي ذكرت في سورة هود وهو واقف أمام أقوى قوة على الأرض في ذلك الوقت ويقول لهم (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) هود) تتعلم من هنا القوة في الحق، تتعلم قوة موسى عليه السلام وهو يواجه فرعون، كل هذه مدرسة، مدرسة الأنبياء تعلم عقيدة عملية، مدرسة أناس عملوا الصحّ ومن ضمنهم قصة يوسف عليه السلام.[/FONT]
[FONT=&quot]كلنا يعرف تفاصيل قصة يوسف عليه السلام وهي من أكثر السور التي فيها فوائد لكننا سنمر على نموذج النجاح في كل شيء، يوسف عليه السلام ناجح في دينه، ناجح في عمله، ناجح في فهمه، ناجح في كل الابتلاءات التي تعرض لها وكان يلخص لنا هذا المعنى في كل تصرف من تصرفاته. تجد دركاً شديداً وأمراً محزناً للغاية ثم فجأة يرتفع بك سيدنا يوسف إلى أعلى السحاب لما ترى تصرفه وكلمته في مواجهة كل فتنة وكل شيء محزن. لن نسرف في الإسرائيليات كما يفعل البعض وهم يتحدثوا عن قصة يوسف وإنما نحن سنكتفي بالقرآن، نحن نتعلم سورة يوسف وليس فقط قصة يوسف.[/FONT]
[FONT=&quot]معاني نتعلمها من سورة يوسف[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف تعلمنا معاني ودروس عظيمة:[/FONT]
[FONT=&quot]الدرس الأول: الثبات على العمل مهما كانت الفتم. [/FONT]
[FONT=&quot]أول معنى نقف عليه في معاني هذه السورة العظيمة: معنى الثبات على العمل مهما كانت الفتن. مهما كانت الفتن أنا أعمل، سيدنا يوسف عمل الصواب في كل موقف، في كل موقف وفي كل مغريات أو ابتلاءات القصة تجد سيدنا يوسف عليه السلام واقفاً مشهد عظيم جداً. في السورة خمس مواقف ليوسف عليه السلام تظهر الثبات على العمل وكيف أنه يعمل الصواب في هذه المواقف:[/FONT]
[FONT=&quot]الموقف الأول: موقفه مع المراودة من امرأة العزيز ومن النسوة[/FONT][FONT=&quot]. من أعظم مشاهد السورة التي يمكن للإنسان أن يُشده لما يراها مشهد امرأة العزيز وهي تراوده عن نفسه. ولنتخيل الموقف: سيدنا يوسف شاب بلغ أشدّه (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (22)) في ريعان الشباب، جميل جداً وجمال يوسف يضرب به الأمثال والنسوة قطّعن أيديهن لما رأوه، غريب ليس من مصر، عبد والعبد عقوبته ليست كعقوبة الحرّ. كل هذه الظروف تدعوه أن يعضي. ليس هذا فقط في المقابل امرأة العزيز امرأة ذات منصب ذات جمال غلّقت الأبواب حتى لا يراه أحد، تهدده (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32)) وليست هي الوحيدة التي راودته وإنما كل نسوة المدينة يراودنه يدل عليه قول الله عز وجل (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (33)) وهناك رجال أيضاً يدعونه رجال نُزعت عنهم الرجولة لما رأى سيدها لدى الباب أي كان واقفاً هناك. ما هذا الجو المقيت المظلم جو الشهوة المستعرة، امرأة تغلّق الأبواب وتريد أن تفعل الفاحشة فنجد سيدنا يوسف يصعد بنا إلى أعلى عليين بعد أن كنا ننظر إلى دركات من الشهوة والمعصية يقول يوسف عليه السلام كلمة واحدة تطيش بكل هذه الشهوات (معاذ الله) كلمة رقيقة وجميلة وبسيطة. كثير من الناس يتعرضون لشهوات وفتن ولا يتمكنوا من قول هذه الكلمة لكن سيدنا يوسف قالها (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)) لا يفعل إلا الصحّ. قد يصل الإنسان إلى مرحلة من مراحل ولاية الله عز وجل أن يكره المعصية ولا يطيق فعلها. لكن أن يصل بغض المرء للمعصية أن يفضّل السجن عليها هذا سيدنا يوسف عليه السلام. وصل يوسف عليه السلام إلى مرحلة قال (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ) لو فكّرنا في معنى هذه الكلمة أن السجن أحبّ إليه، في الوقت الذي نجد فيه بعض الشباب يبحث عن المعصية ويبذل كل وسعه ليعمل المعصية. سيدنا يوسف تُعرض عليه المعصية ويُهدد حتى يفعلها ويؤذى لأجل ذلك ومع هذا يقول: لا، السجن أحب عندي من أن أعصي الله، هذه درجة عالية من المعرفة معرفة الله عز وجل ومن التقرب إلى الله ومن تقوى الله عز وجل. هذا هو الموقف الأول. سيدنا يوسف مع كل المغريات والفتن ثبت على الصواب وثبت على الحق ولم يزلّ ولم يأخذه اإغراء ولا التهديد.[/FONT]
[FONT=&quot]الموقف الثاني: موقفه مع الملك والرؤيا[/FONT]
[FONT=&quot]يوسف سُجن وأوذي في الله جاءه الملك يريد تأويل رؤيا، لو كان مكان يوسف إنسان عادي كان ممكن أن ينتقم ويتشفّى لأنه أوذي وهُدد وراودته عن نفسه واتهموه لكن سيدنا يوسف لما جاءه الرجل الذي كان معه في السجن يريده أن يعبر له رؤيا الملك لما رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لم يفعل يوسف عليه السلام أياً من الأمور التي كان من الممكن له أن يفعلها كالتشفّي أو الانتقام أو المساومة على خروجه من السجن أو حتى الرفض. لكن سيدنا يوسف كان يفعل الصواب ويقدّم منفعة الناس على منفعته هو، ففسّر لهم الرؤيا وليس هذا فقط وإنما دلّهم على طريق النجاة من المجاعة (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47)) (فَذَرُوهُ) فعل أمر وسيدنا يوسف يوجههم ويضع لهم برنامجاً وليس يفسر لهم الرؤيا فقط. (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48)) توجيه، (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)) هذه ليست في رؤيا الملك، هذه السنة الإضافية توجيه من يوسف عليه السلام. سيدنا يوسف لم يفسّر الرؤيا فقط. تفسير الرؤيا أن هناك سبع سنين فيهم خير وفيهم مطر وزرع وسبع سنين مجاعة، هذا هو تفسير الرؤيا. لكن سيدنا يوسف عمل الصواب وعرّفهم كيف ينجوا من المجاعة وكيف ينفعوا الناس وعلمهم ما هو الحل وعملهم ماذا يفعلوا (فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ) يعطيهم توجيهات علمية أن يخزّنوا الحب في سنبله حتى لا يفسد. (إِلاَّ قَلِيلاً) توجيه بالاقتصاد في الأكل لأنها ستأتي أيام مجاعة فيخزنون شيئاً لأيام المجاعة وحتى في أيام المجاعة سيحصنوا (إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ) لأنهم لو أكلوا كل الحب والثمر لا يجدوا ما يزرعوه. ثم يأتي العام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ويعلمهم سيدنا يوسف أن هذا العام سيأتي وستحل فيه مشاكلهم. سيدنا يوسف فيهذا الموقف فعل الصواب وعرّفهم وعمل لهم خطة خمس عشرية لينجوا من المجاعة.[/FONT]
[FONT=&quot]الموقف الثالث: موقفه مع رسول الملك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]كان من حق يوسف عليه السلام بعد أن أنقذ الناس من المجاعة وقال الملك ائتوني به (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي (54)) لأنه يحتاجه ويأتيه رسول الملك وأول كلمة يقولها يوسف له (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)) أنا قضيتي ليست قضية دنيا وليست مجرد خروجي من السجن فقط لكن كيف أخرج؟ أنا داعي إلى الله وأنتم شوهتم سمعتي وأدخلتوني السجن بتهمة مخلّة بالشرف (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) إذا كنت سأخرج من السجن أخرج بريئاً (فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) يجب أن يظهر الحق أولاً وليس مجرد خروج فقط. [/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم قال كلمة جميلة جداً في هذا الموضوع " لو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبتُ الداعي" يعرّفنا النبي صلى الله عليه وسلم قيمة الكلمة التي قالها سيدنا يوسف عليه السلام كلمة (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ) ليس مجرد خروج من السجن ولكن كداعية يجب أن يبرّئ ساحته ولا يقال عنه كلمة مخلّة بالشرف.[/FONT]
[FONT=&quot]الموقف الرابع: موقفه مع إخوته بعد كل الذي حصل منهم[/FONT]
[FONT=&quot]استرجع مشهد إخوة يأخذون أخاهم ليرموه في البئر فتخيل كيف كانوا يكلموه وكيف يتعاملون معه، موقف فيه كراهية. سيدنا يسوف يسترجع كل هذا الموقف وإخوته أمامه، ويتذكر أحواله وهو في البئر وأحواله وهو يباع ويُشترى، ومع ذلك ورغم كل هذه الدركات من الكراهية يرتفع بنا سيدنا يوسف بكلمة جميلة جداً (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) يدعو لهم أيضاً. موقف ثبات على الصواب. أول درس نتعلمه من قصة يوسف عليه السلام "الثبات". كان بإمكانه أن ينتقم لكنه قال (لاَ تَثْرَيبَ) لا لوم ويحافظ على وعده إلى آخر لحظة لما استرجع اللام عما حصل قال (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي (100)) مع أن إخوته هم الذين رموه في البئر ينسب الأمر للشيطان لأنه قال لهم (لاَ تَثْرَيبَ).[/FONT]
[FONT=&quot]الموقف الخامس:[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]موقفه مع صاحبي السجن ودعوتهما[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الدرس الثاني: شهود نعمة الله بالقلب[/FONT]
[FONT=&quot]الدرس الثاني الذي نتعمله من قصة يوسف عليه السلام: شهود نعمة الله بالقلب. سيدنا يوسف عليه السلام نموذج لهذه القيمة، قيمة الإحساس بنعمة الله دائماً. لم يُبتلى أحد كما ابتلي سيدنا يوسف، قصة ابتلاءات شديدة ورغم هذا نجد كمية شكر متكرر في هذه القصة غريبة جداً وهو في السجن وصاحبي السجن يكلموه قال لهم (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38)). في السجن في الابتلاء في الأسر في العبودية في المراودة فيظلم الإخوة وجحودهم ورغم هذا كله رأى النصف الممتلئ من الكوب ولم ير إلا نعمة الله عز وجل (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ) أنني أوحد الله عز وجل (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ (38)) هذا التوحيد وهذه العقيدة وهذه القيمة التي يحمد يوسف ربه عليها (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ) نحن لا نُشرك (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) لكن أنت يا يوسف لست من هؤلاء، أنت تشكر حتى وأنت في قعر السجن. حتى في آخر السورة سيدنا يوسف يشكر، كان ممكناً في آخر السورة أن يقول سيدنا يوسف كلمة مثلاً (وقد ابتلاني) فقد حصل له ابتلاءات شديدة جداً لكنه رغم هذا يقول (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي) مع أن لو قال "وقد ابتلاني" فقد صدق لكنه لم يقل هذا وقال (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)) كلام جميل. المعنى الذي نركّز عليه هو شهود نعمة الله في القلب ما دام الدين سليماً لا يوجد ما أحزن عليه. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما تحصل مصيبة أو ابتلاء فيقول: وتذكرت مصيبتي في رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمدت الله لأنها أهون وتذكرت أنها ممكن أن تكون أكبر فحمدت الله وتذكرت أنها لم تكن في ديني. ما دام الدين سليماً لا يهمّ ما سواه "اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا" لندعو الله بهذا الدعاء. مع كل الذي حصل لسيدنا يوسف قال (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ) لأنه موحّد لله، لأنه يعرف الله عز وجل لأنه كل ما حصل له في ناحية وأن يخدش توحيده في ناحية ولذلك قال (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (33)) أدخل السجن لكن لا يُصاب ديني وما دام ديني سليماً (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ). ويتذكر يوسف دائماً نعمة الله سبحانه وتعالى عليه فيقول (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)) نتعلم من تواضع يوسف عليه السلام فلم يكن يزكّي نفسه، سيدنا يوسف رغم كل هذا يقول (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا) وبعض الناس في يومنا هذا غافل ومع هذا ضامن لنفسه الجنة! عنده إحساس دائم أنه بعيد عن الفتنة! أما يوسف عليه السلام فيدعو الله عز وجل أن يبقه مسلماً ويدعوه أن يُلحقه بالصالحين. يريد أن يلتحق بالصالحين فمن تواضعه لا يعتبر نفسه منهم. نتعلم من سيدنا يوسف هذا التواضع الجمّ وهذا الأدب الشديد.[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من سيدنا يوسف الحرص على الدعوة إلى الله. فهو في السجن لم يترخص بل دعى صاحبي السجن (أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)) هم جاؤوا إليه يسألوه عن رؤيا ولكنه عليه السلام استغل الفرصة ليدعو إلى ربه لأن مهمته ليست تفسير رؤى للناس ولكن مهمته أن يدعو إلى الله عز وجل..[/FONT]
[FONT=&quot]الدرس الثالث: سبيل الأنبياء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها معنى من أهمّ المعاني وهو معنى سبيل الأنبياء، سبيل الأنبياء الذي ظهر في قصة يوسف عليه السلام والذي أمر الله عز وجل رسوله في هذه السورة أن يقولها وأن يقولها من اتّبعه. سبيل الأنبياء الذي نتعلمه في السورة هو الدعوة إلى الله. الدين ليس علاقة روحانية بين العبد وربه كما يقول العلمانيون، الدين علاقة متفاعلة، دعوة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإصلاح في الأرض وجهاد في سبيل الله، الدين ليس محبوساً داخل الصدر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي) سبيلي وطريقي (أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) على علم وليس وحدي (أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي). يقول ابن القيم: لا يكون الرجل تابعاً للرسول صلى الله عليه وسلم حق الاتباع حتى يدعو بما دعا إليه. أين نحن من الدعوة إلى الله عز وجل؟! نتعلم من سورة يوسف عليه السلام.[/FONT]
[FONT=&quot]نتعلم من سورة يوسف أن لا نيأس (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)) (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)) نتعلم من سورة يوسف الأمل، سيدنا يوسف لم يفقد الأمل قطّ لأن الأمل في الله عز وجل لا ينقطع.[/FONT]
[FONT=&quot]الدرس الرابع: معرفة الله باسمه اللطيف[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]آخر قيمة نأخذها من قصة يوسف والقصة مليئة بالقيم ووقصة عميقة. نختم بالدرس الأخير وهو اسم الله اللطيف. نتعلمه من سؤال واحد: ما الذي مكّن سيدنا يوسف؟ سيدنا يوسف أصبح عزيز مصر في نهاية القصة وصار ممكّناً وجُمع مع أهله، كيف بدأ الفضل العظيم؟ ما هي البداية لتمكين سيدنا يوسف من هذه المكانة ومن هذه النهاية السعيدة في القصة؟ [/FONT]
[FONT=&quot]قد يقال هي رؤيا الملك وتأويل سيدنا يوسف لهذه الرؤيا، لكن هل كان الملك سيعرف أن يوسف يأول الرؤيا لو لم يدخل السجن؟ فهل يكون إذن دخوله السجن هو بداية التمكين؟ وهل كان سيدخل السجن لو لم تتم مراودته من نسوة المدينة وامرأة العزيز؟ إذن هل المراودة التي كانت شهوة وإغراء هي بداية التمكين؟ وهل كان سيحصل هذا لولا العبودية وأن يوسف استُعبد؟ فهل يكون الاستعباد بداية التمكين؟ وهل كان سيُستعبد من غير أن يُلقى في البئر؟ هذا هو المعنى: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) النساء) هذا هو معنى اسم الله اللطيف الذي يفعل ما يشاء من مصلحة العبد دون أن يعرف العبد من طرق قد تكون خفية على البعض، من طرق قد تكون مكروهة من البعض (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ (216) البقرة) لكن الله اللطيف لطيف بعباده الذي يعرف ما يُصلحك ويعرف ما هو خير لك ولا تعرفه أنت. ولذلك تختم السورة بكلمة سيدنا يوسف في آخر القصة (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء) بعد أن ذكر إحساسه بشهود نعمة الله سبحانه وتعالى (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي) قال (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)).[/FONT]
[FONT=&quot]دروس كثيرة من قصة يوسف عليه السلام:[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
· [FONT=&quot]الثبات على العمل، الثبات على عمل الصواب[/FONT]
· [FONT=&quot]الثبات في الفتن[/FONT]
· [FONT=&quot]شهود نعمة الله في القلب[/FONT]
· [FONT=&quot]التواضع الشديد [/FONT]
· [FONT=&quot]عدم الأمن من مكر الله عز وجل [/FONT]
· [FONT=&quot]عدم تزكية النفس[/FONT]
· [FONT=&quot]التدبر في معنى اسم الله اللطيف [/FONT]
[FONT=&quot]هذه القصص ليست للتسلية لكنها كما قال الله سبحانه وتعالى في ختام السورة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)) [/FONT]
[FONT=&quot]خلاصة التجربة[/FONT]
[FONT=&quot]ونصل في نهاية السورة إلى قاعدة محورية، قالها سيدنا يوسف عليه السلام بعد أن انتصر وبعد أن تحققت جميع أمنياته: (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱلله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ (90)).[/FONT]
[FONT=&quot]إن قصة يوسف تعلّمنا أن من أراد النجاح ووضع هدفاً نصب عينيه يريد تحقيقه فإنه سيحققه لا محالة، إذا استعان بالصبر والأمل، فلم ييأس، ولجأ إلى الله (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱلله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ (90)). إن سيدنا يوسف - في هذه الكلمات - يلخص لنا تجربته في الحياة، والتي هي كما قلنا، تجربة إنسانية بشرية.[/FONT]

[FONT=&quot][/FONT]
سورة يوسف
‫ظˆظ‚ظپط§طھ ظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ظٹظˆط³ظپ ظپظ‰ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط§ظ† ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الرعد[/FONT]
[FONT=&quot](وهم يجادلون في الله)[/FONT]
[FONT=&quot]مقدمة عن القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]تكلمنا سابقاً عن السور الثلاث التي سميت بأسماء أنبياء يونس وهود ويوسف عليهم السلام جميعاً واليوم ننتقل لسورة الرعد. وسورة الرعد تبدأ كما السور التي سبقت بكلام عن القرآن (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ) السور الثلاث السابقة أيضاً بدأت بكلام عن كتاب الله عز وجل وهو محور حلقات البرنامج لتوطيد العلاقة مع كتاب الله عز وجل ومن أكثر الأدعية التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم والتي فيها الذلة والمسكنة لله عز وجل والإنكسار لله سبحانه وتعالى دعاء لإصلاح وتوطيد العلاقة بالقرآن " اللهم إني عبدُك، وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حكمُك، عدلٌ فيّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علمته أحدًا من خلقِك، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همي وغمي إلا أذهب اللهُ همَّه وغمَّه وأبدله مكانه فرحًا، قالوا : أفلا نتعلمهن يا رسولَ اللهِ، قال: بل ينبغي لمن يسمعُهن أن يتعلمَهن " قدّم النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الدعاء مقدمة كلها مسكنة وظل لله عز وجل وانكسار بين يديه لقيمة هذا القرآن العظيم. هذا القرآن التغيري وفي سورة الرعد آية ذكرنا سابقاً عندما قلنا أن القرآن كتاب تغييري وفي السورة فيها آية تدل على أن القرآن كتاب تغييري وهي قول الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا) وتقدير الكلام لو أن هناك قرآنا تسيّر به الجبال وتقطّع به الأرض ويكلّم به الموتى وهي كلها أفعال في عُرف المخلوقات مستحيلة، كيف تسير الجبال؟ الله عز وجل هو الذي يسيّر الجبال وكلامه لو أن كلاماً يسيّر الجبال لكان هذا القرآن. وأنت تقرأ القرآن تعرف أن هذا القرآن بإمكانه أن يحرّك الجبال (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (21) الحشر) هذه هي قيمة الكتاب الذي بين أيدينا، هناك للأسف قلوب أشد موتاً من الناس التي في قبورهم، الموتى يمكن أن يُكلّموا بهذا القرآن وهناك قلوب لا يكلمها هذا القرآن! فالله عز وجل يقول (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا) هذا كتاب تغييري والأمثلة التي تدل على الذين تغيّروا بالقرآن أمثلة كثيرة جداً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" هناك أناس تغيرت بالقرآن، الفضيل بن عياض كان قاطع طريق يخوّف الصبية مشهور بقطع الطريق وبعد آية واحدة من القرآن (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) الحديد) لم يعد الفضيل بن عياض قاطع طريق بل صار له اسم آخر وهو عابد الحرمين وصار يضرب به المثل في عبادة الله عز وجل بهذا الكتاب التغييري الذي بين أيدينا.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الرعد فيها آيات يمكن أن تكون رؤوس مواضيع مثل قول الله عز وجل (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء (17)) وقول الله عز وجل (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)) [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الرعد من اسمها رعدة زلزالية للقلب.[/FONT]
[FONT=&quot]ما هو الرعد؟ عند عموم الناس الرعد هو الصوت الذي يحدث عندما يكون هناك مطر وبرق وهو الصوت الذي يتبع البرق بثواني. لكن النبي صلى الله عليه وسلم يعطينا معنى آخر للرعد: أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد، ما هو؟ قال: ملك من الملائكة موكّل بالسحاب، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله. فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: زجرُه بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أُمِر. قالوا: صدقت. صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3117[/FONT]
[FONT=&quot]مشهد عظيم يصوّره النبي صلى الله عليه وسلم ملك عظيم موكل بالسحاب الثقال يحرك السحب حيث شاء الله عز وجل وهذا الملك العظيم كما ورد في السورة يسبح الله عز وجل (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)) الرعد هذا المخلوق الذي سمي الارتعاد وهو شعور بالخوف الشديد اشتق من الرعد الشديد يقال جاءته رعدة.[/FONT]
[FONT=&quot]الرعد عبارة عن ملك والصوت الذي نسمعه هو جندي من جنود الله عز وجل وبعض الأقوام أُخذوا بالصيحة. هذا الملك وهذا الصوت العظيم يسبح الله عز وجل ويخاف منه ويعظّمه ومن هذا المعنى سورة الرعد لها علاقة بالتعظيم ولها علاقة بالتسبيح ولها علاقة بالتخويف (وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) الملائكة خائفة وهذا الملك العظيم القوي ومع ذلك خائف من الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]السورة بها علاقة بجنود الله سبحانه وتعالى. سورة الرعد باختصار تعرض حقائق عظيمة عن قوة الله وعن قدرة الله وعن علم الله وعن عظمة هذا العلم وعن عظمة جنود الله (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ (31) المدثر) وعن عظمة ما أنزله الله عز وجل ثم ما يتطلب ممن علم كل ذلك. ولو أردنا اختصار معنى سورة الرعد هي عرض عظيم لقدرة الله ولقوة الله ولجنود الله عز وجل ولما أنزل الله سبحانه وتعالى وماذا سيفعل من علم ذلك. وكما في سورة الأنعام هناك مقابلة بين عظمة الله سبحانه وتعالى ونعمه وبين الأقوام الذين بدل أن يخضعوا لهذه العظمة وبدل أن يسبحوا ويخضعوا ويخشعوا يجادلون في الله (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)) [/FONT]
[FONT=&quot]محاور السورة[/FONT]
[FONT=&quot]فلو قسمنا السورة إلى محورين:[/FONT]
· [FONT=&quot]المحور الأول: الكلام عن الله عز وجل سواء عن قدرته وقوته وعن جنوده وعن عظمة مأ أنزله الله سبحانه وتعالى وهذا يستغرق النصف الأول من السورة تقريباً.[/FONT]
· [FONT=&quot]المحور الثاني: موجهاً لما يجب أن يكون فعل من يدرك هذه الحقائق. في مقابل الكلام عن عظمة الله صوت ضعيف خافت وأحمق صوت المكذّب المجادل، مع هذه العظمة (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) الله عز وجل هو شديد القوة شديد البأس فعلامَ تجادلون؟ وفيم تجادلون؟ مقابلة عجيبة جداً.[/FONT]
[FONT=&quot]المحور الأول: عرض لقدرة الله العظيمة[/FONT]
[FONT=&quot]ويبدأ هذا المحور بكلمة (الله) (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) كل المخلوقات العظيمة سخّرها الله عز وجل، ليس الرعد فقط هو المسخّر وإنما الشمس والقمر يسخرها اله عز وجل بقدرته (كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى) محدد المكان والمسار والدوران (يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) هذه هي النتيجة المفترضة. يجب أن يكون هناك نتائج لمعرفة عظمة الله وقدرته عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]وتستمر الآيات ويتكرر لفظ (وهو) الكلام عن الله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot](وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) (وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) كل هذه أفعال الله عز وجل وعظمته. هذه آيات لقوم يفكرون في آيات الله في الكون.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات لا تدل فقط على القدرة بل على جمال القدرة أيضاً: [/FONT]
[FONT=&quot](وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) صنوان قد تخرج نخلتان أو أكثر من مكان واحد وغير صنوان، كل نخلة تتميز بطعم مختلف عن الأخرى مع أنها كلها تسقى بماء واحد لكن هذا من قدرة الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot](أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) أحضروا الشركاء الذين تزعمون أنهم شركاء لله عز وجل ليخلقوا مثل هذا الخلق، هل يستطيعون؟ أبداً! معاذ الله! قال الله تعالى في سورة لقمان (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11) لقمان). من أين جئتم بهؤلاء الشركاء؟ وما هي قدرتهم؟ وماذا خلقوا؟ حتى تزعموا أنهم شركاء لله جلّ وعلا (أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) هل خلقوا لكم شيئاً فحصل لديكم تشابه وظننتم أن هؤلاء آلهة؟! هل هناك في أصنامهم أو في آلهتهم أو شركياتهم من يدّعون لهم أنهم يخلقوا؟! أبداً. حتى المشركين لما يُسألوا (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (60) العنكبوت) (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الزخرف) فلماذا يشركون مع الله آلهة وهم موقنون أنه خلقهم؟ (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ (3) الزمر) لماذا لا تعبدون الله عز وجل وهو الذي يخلق وحده، هذا المنطق![/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: من تمام القدرة في السورة عرض المتناقضات[/FONT][FONT=&quot]، الأمر ونقيضه يقدر الله سبحانه وتعالى عليها هذا من تمام القدرة كما قال ابن القيم.[/FONT]
[FONT=&quot]من تمام قدرة الله سبحانه وتعالى أنه يقدر على الجمع بين المتناقضات وعلى علم المتناقضات وبعض العلماء جمع المتناقضات في سورة الرعد مثل (الأعمى والبصير، مستخف بالليل وسارب بالنهار) جمعوا 32 ظاهرة متناقضة الله عز وجل يستطيع ويقدر أن يجعلهم جميعاً بيده، الله عز وجل قادر عليهم جميعاً سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot](يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) تقل وتزداد[/FONT]
[FONT=&quot](عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)[/FONT]
[FONT=&quot](أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ) [/FONT]
[FONT=&quot](خَوْفًا وَطَمَعًا) - (طَوْعًا وَكَرْهًا) - (نَفْعًا وَلاَ ضَرّا)[/FONT]
[FONT=&quot](هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ)[/FONT]
[FONT=&quot](ٱلْحَقَّ وَٱلْبَـٰطِلَ)[/FONT]
[FONT=&quot](اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ)[/FONT]
[FONT=&quot](لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ)[/FONT]
[FONT=&quot](يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً)[/FONT]
[FONT=&quot](وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)[/FONT]
[FONT=&quot](إ[/FONT][FONT=&quot]ِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ)[/FONT]
[FONT=&quot](مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ)[/FONT]

[FONT=&quot]كل هذا يفعله الله عز وجل لاثبات طلاقة القدرة في كل شيء، الشيء ونقيضه إذا أراد أن يفعله يفعله لأنه الله سبحانه وتعالى، تمام القدرة.[/FONT]
[FONT=&quot]بعد هذا الاستعراض لتمام القدرة تأتي المفاجأة كما قلنا في سورة الأنعام وسيأتي في سورة النحل أيضاً بعد استعراض النعم والقدرة نجد المفاجأة:[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن تَعْجَبْ) إن تعجب من هذا الملك وهذه القدرة وهذا الجبروت) (وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) العجيب ما يقولوه. هم يعترفون أن الله عز وجل خلقهم من نطفة فالذي خلقكم من نطفة لم لا يبعثكم بعد الموت؟! كلام عجيب! أنتم ترون قدرة الله عز وجل أمامكم فلم تُنكرون البعث؟ موقف عجيب! [/FONT]
[FONT=&quot](وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) كيف يستعجلون العذاب وهم قد رأوا مصارع الأمم قبلهم؟! ثم يعود الكلام عن الله عز وجل (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ) هو يغفر ولكن إذا شاء عاقب وهذه طلاقة القدرة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم التحدي (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ) (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) فتأتي العقوبة: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: الكلام عن علم الله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot](اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: الكلام عن جند الله وقوته[/FONT]
[FONT=&quot]والسورة سميت باسم جند من جنود الله وهو الرعد.[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) لأنه صاحب الجنود [/FONT]
[FONT=&quot](هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا) كم ألف مليون فولت في الصاعقة الواحدة؟[/FONT]
[FONT=&quot]أرسل رسول الله رجلاً من أصحابه إلى رأس المشركين يدعوه إلى الله تعالى فقال المشرك هذا الذي تدعوني إليه من ذهب أو فضة أو نحاس؟ فتعاظم مقالته في صدر رسول رسول الله فرجع إلى رسول الله فأخبره فقال ارجع إليه فرجع إليه بمثل ذلك وأرسل الله عليه صاعقة من السماء فأهلكته ورسول رسول الله في الطريق فقال لا يدري فقال له النبي إن الله قد أهلك صاحبك بعدك ونزلت على رسول الله {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 692- خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح. [/FONT]
[FONT=&quot]الصاعقة جند من جنود الله سبحانه وتعالى. الله عز وجل يقول (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)) تخيلوا حجم السحاب ، يمكن سحابة واحدة لو نزلت على مدينة تسحقها لكن الله عز وجل يُنشئها ويُمسكها. [/FONT]
[FONT=&quot]ومع هذه القوة هذه الملائكة خائفة من الله سبحانه وتعالى (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء) [/FONT]
[FONT=&quot]بعد هذه القوة العظيمة وهذه القدرة وهذه الجنود الكبيرة تأتي المجادلة (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) صوت الكافر صوت خافت أحمق غبي أمام كل هذا الجبروت والملكوت والجنود العظيمة يجادل في الله سبحانه وتعالى؟! ولهذا تضرب السورة مثلاً افتراضياً لواحد باسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه كيف سيرفع الماء إليه هذا مثل الذين يدعون من دون الله عز وجل (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) لا يستجيبون لهم بشيء لأنهم لا يملكون القدرة التي عند الله سبحانه وتعالى. (لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد هذا تأتي السجدة العامة في السورة للكون (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) حتى الظلال تسجد.[/FONT]
[FONT=&quot]رابعاً: عظمة كرمه، عظمة الحق الذي من عنده وعظمة ما أنزله[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله تعالى (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) الذي لا يرى عظمة الله سبحانه وتعالى هو كالأعمى الذي لا يرى شيئاً لو لم ير عظمة القرآن فهو أعمى ولهذا يضرب الله عز وجل مثلاً من أروع الأمثلة القرآنية لنعرف عظمة ما أنزله. يقول الله عز وجل (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) مثل للمطر النازل وهناك أودية منها صغير ومنها كبير كل وادي يحتمل الماء بقدره، خلال سير المطر في الأودية يظهر نوع من الزبد والرغاوي والمخلفات، أشياء لا قيمة لها لكنها ظاهرة (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ) الذي يوقدون على الحُلي حتى تفصل المادة النفيسة من الزبد الذي يصعد للأعلى ويزال (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) هذا المثل عجيب جداً لأن فيه خصائص الحق والباطل.[/FONT]
[FONT=&quot]خصائص الحق:[/FONT][FONT=&quot] نفيس ذو قيمة عالية يُنتفع به ليس كالزبد الذي لا ينتفع منه. الحق غالي ذو قيمة ثمين نافع راسخ (وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) وتجد على النقيض تماماً الباطل. [/FONT]
[FONT=&quot]خصائص الباطل:[/FONT][FONT=&quot] لا قيمة له، زبد، زائل يذهب جفاء ضائع رخيص لا يبقى أبداً وإن كان قد ينتفش أحياناً. [/FONT]
[FONT=&quot]قد يغيب القرآن عن بعض الناس يبتعد عن حياته لكنه باقٍ موجود أما الزبد وإن كان رابياً أي ظاهراً منتفشاً (قنوات إعلامية تصد عن سبيل الله، أفلام، مسلسلات، فواحش) كل هذا ظاهر لكن هذا لايعني أبداً أن الحق اختفى، قد لا يكون ظاهراً لكنه يمكث في الأرض وينفع الناس وهذا من أهم خصائصه.[/FONT]
[FONT=&quot]تعليق القلب بالآخرة[/FONT]
[FONT=&quot]عظمة ما أنزله الله عز وجل، عظمة جنوده، عظمة علمه، عظمة جزائه وعاقبته ولذلك من أكثر الألفاظ التي تكررت في السورة لفظة العاقبة والعقبى [/FONT]
[FONT=&quot](أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[/FONT]
[FONT=&quot](سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)[/FONT]
[FONT=&quot](أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ)[/FONT]
[FONT=&quot](وسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ)[/FONT]
[FONT=&quot](أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)[/FONT]
[FONT=&quot](ومَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِلَيْهِ مَآبِ)[/FONT]
[FONT=&quot]كل هذا الكلام عن العاقبة في السرة وفيها أيضاً تفاصيل رائعة عن الجنة [/FONT]
[FONT=&quot](جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23)) الحياة الاجتماعية في الجنة، كل الصالحين موجودون في الجنة (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) [/FONT]
[FONT=&quot](الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29))[/FONT]
[FONT=&quot](مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35))[/FONT]
[FONT=&quot]المحور الثاني: التوجيه[/FONT]
[FONT=&quot]بعد استعراض علم الله وقدرة الله وعظمة الله وعظمة جنود الله وعظمة الحق الذي أنزله تأتي التوجيهات في السورة لعظم القرة التي عُرضت وعِظَم المعلومات التي تعرفنا بها على الله عز وجل لا بد أن يكون التوجيه عالياً [/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الأول: الاستجابة[/FONT]
[FONT=&quot](لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) استجابة لله عز وجل (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۚ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ (47) العنكبوت) (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ)[/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الثاني: أن تنظر إلى الله وحده في أفعالك[/FONT][FONT=&quot]. السورة مليئة بكلام عن هذا. [/FONT]
[FONT=&quot](وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ) (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ)[/FONT]
[FONT=&quot]تتكرر (إليه) وكل شيء في السورة يعلمنا أن نوجه الأفعال لله سبحانه وتعالى، صِل رحمك لا لأنهم يصلوك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس الواصل بالمكافئ" إنما تصلهم لأن الله أمرك بذلك (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ)[/FONT]
[FONT=&quot]إذا أردت أن تصبر تصبر ابتغاء وجه الله (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ)[/FONT]
[FONT=&quot]لا تدعو إلى الله حتى يشير الناس إليك بالبنان وإنما تدعو إليه (إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ) [/FONT]
[FONT=&quot]كل أفعالك لله سبحانه وتعالى، لا تنظر الى المخلوق ولكن فقط للخالق، والرغبة إليه وحده الله يبسط الرزق (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الثالث: توجيه القلب لله وقوة القلب في مواجهة أهل الباطل وخروج الخوف من المخلوقين[/FONT]
[FONT=&quot]وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ[/FONT]
[FONT=&quot]وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[/FONT]
[FONT=&quot]وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ[/FONT]
[FONT=&quot]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ[/FONT]
[FONT=&quot]وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ[/FONT]
[FONT=&quot]وَإِن مَّا نُريَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ[/FONT]
[FONT=&quot]وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ[/FONT]
[FONT=&quot]ردود قوية جبارة على أهل الباطل في السورة، بعد أن تعرف أن الله معك كل ما يعتريك فهو زبد! فيأتي الاطمئنان.[/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الرابع: الاطمئنان به[/FONT]
[FONT=&quot]لو تشرب القلب العلم بقدرة الله عز وجل وبعلم الله وبقوة الله عز وجل لا بد أن تحدث نتيجة واحدة وهي الاطمئنان. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [/FONT]
[FONT=&quot]لما تعرف قوة الله وتعرف من معم ومن يدعمك، الله عز وجل صاحب الجند الذين عرضتهم السورة صاحب البرق والصواعق والرعد، له كل هؤلاء الجنود فاطمئن بالله سبحانه وتعالى، اطئمن لما تكون من الذين آمنوا، لما تكون من النوع الذي لا يواجه بهؤلاء الجنود أما الآخرون فلا يطمئنوا لأن هؤلاء عاقبتهم سيئة والعقبى للذين آمنوا.[/FONT]
[FONT=&quot]أهم توجيهات السورة أن تطمئن بالله عز وجل لما تعرف قوته وتعرف جنوده وتعرف ماهية أهل الباطل الذين تحاربهم وأنهم ما هم إلا زبد إياك أن ينكسر قلبك في مواجهة أهل الباطل أبداً سورة الرعد تعلمك قوة الحق وتعلمك أن تطمئن وتعلمك أن الباطل كله زبد مهما علا وانتفش ومهما قوي فهو في النهاية مجرد زبد. [/FONT]
[FONT=&quot]نخرج من هذه السورة بهذا الشعار العظيم (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)

[/FONT]
سورة الرعد
‫ظˆظ‡ظ… ظٹط¬ط§ط¯ظ„ظˆظ† ظپظٹ ط§ظ„ظ„ظ‡ ط§ظ„طظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط«ط§ظ„ط«ط© ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµطط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…طظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظˆظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط±ط¹ط¯â€¬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة إبراهيم[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]حقيقة الصراع: الصراع بين الحق والباطل[/FONT]
[FONT=&quot]سورة من السور المهمة جداً في كتاب الله عز وجل وهي سورة باسم نبي من الأنبياء كما تكلمنا في سورة يونس وسورة هود وسورة يوسف واليوم نتكلم عن سورة إبراهيم عليه السلام سورة أبي الأنبياء. وسورة إبراهيم لن يستشعرها بحق ولن يحس بمعانيها بشكل كامل إلا أصحاب الهمم العالية أصحاب الرسالة الذين حملوا همّ هذا الدين على أكتافهم الذين شعروا بإحساس المسؤولية الذين شعروا أنهم حلقة في سلسلة طويلة أولها سيدنا آدم عليه السلام وبعده سيدنا نوح عليه السلام وباقي الأنبياء هذه السلسلة الطويلة من المضحّين من الصادعين بالحق من الذين حملوا هم هذه الرسالة وتلك العقيدة، هؤلاء هم الذين يستشعرون معنى سورة إبراهيم والذين لا يستشعرون فعليهم أن يحاولوا يتعرفوا على هذه المسؤولية. الذي يعرف المسؤولية ويستشعر بها هو أكثر من سيتشعر معاني سورة إبراهيم عليه السلام لأن [/FONT][FONT=&quot]سورة إبراهيم ببساطة جداً هي مواجهة بين فريق الحق وفريق الباطل[/FONT][FONT=&quot]. وكلمة (فريق) مقصودة لذاتها لأن سورة إبراهيم على خلاف كثير من السور التي تكلمت في تفاصيل قصص خلاف الأنبياء مع قومهم والأمم المكذبة كثير من هذه السورة تتكلم في تفاصيلأما سورة إبراهيم فهي خطاب جماعي. تخيل فريقان واقفان: كل الأنبياء وكل من تبعهم وكل من سار على نهجهم واقتفى أثرهم كلهم يقفون في كفة بقيادة الرُسل (الكلام في سورة إبراهيم دائماً عن الرسل) وفي الكفة المقابلة الفريق الآخر، أهل الباطل والفريقان يخاطبان بعضهما خطاباً جماعياً وهذه مسألة لا بد أن نستشعرها أن كثيراً من كلام أهل الباطل رغم تشعبه إلا أنه متشابه كما يقول الله سبحانه وتعالى (تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ (118) البقرة) (أَتَوَاصَوْا بِهِ (53) الذاريات) فلخّص الله سبحانه وتعالى في هذه السورة كلام أهل الباطل كأنهم كلهم مع اختلاف الأزمان والأماكن والمواقع وبينهم وبين بعض قروناً من الزمان لكن كأنهم كلهم يتكلمون بصوت واحد، كأنهم يفعلون فعلاً واحداً (فردّوا أيديهم في أفواههم). وتجد في الجهة المقابلة كل الرسل على اختلاف أجناسهم وأشكالهم وأعراقهم وعلى اختلاف أزمانهم التي وُجدوا فيها كلهم يتكلمون بكلام واحد لأن رسالتهم واحدة حتى لو أشكالهم تختلف أو تختلف أمهاتهم وآباؤهم لكن همّهم واحد ودينهم واحد ويلخّصون هذا الصراع، الصراع بين الحق والباطل الذي تصوّر هذه السورة جزءاً مهماً جداً منه: الصراع بين أئمة الهدى وبين أئمة الضلال، وكلمة أئمة مقصودة بذاتها أيضاً لأن السورة هي سورة القادة ولذلك الذي سيستشعر السورة أكثر هم أصحاب الهمم العالية لأن هذه السورة تركّز على القادة ولذلك سماها اله سبحانه وتعالى باسم سيدنا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، سيدنا إبراهيم له مقام مخصوص مع حبنا وإجلالنا لكل الأنبياء لكن الله عز وجل قال (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ (253) البقرة) هناك رسل فضّلهم الله عز وجل سيدنا إبراهيم له تفضيل خاص، سيدنا إبراهيم من ذريته أنبياء لا نعرف نبياً أنجب هذه الذرية من صلبه إلا آدم أبو البشر فكل الذرية من صلبه (من نسل إبراهيم عليه السلام: إسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى وهارون وزكريا ويحيى ويوشع والأسباط ومحمد صلى الله عليه وسلم) سيدنا إبراهيم عُرف بأبي الأنبياء عليه السلام. وقد ذكر في السورة مثالين لأئمة الحق ومثالين لأئمة الباطل. [/FONT]
· [FONT=&quot]المثالان لأئمة الحق[/FONT][FONT=&quot]: سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام من أولي العزم من الرسل. [/FONT]
· [FONT=&quot]والمثالان لأئمة الباطل[/FONT][FONT=&quot]: فرعون وإبليس رأس الشرّ في العالم وبداية الضلال والصدّ الأكبر عن سبيل الله وخطبة إبليس في هذه السورة مشهورة جداً. وفرعون الطاغوت الذي نعرف عنه كل جبرت وكل عنف في التعامل مع الرسالة والتعامل مع النصيحة.[/FONT]
[FONT=&quot]السورة فيها فريق تجد فيه إبراهيم ومحمد وعيسى وموسى وإسماعيل وباقي الأنبياء والرسل في كفة وإبليس وفرعون وهامان وقارون والنمرود وكل أهل الباطل في الجهة المقابلة والخطاب الجماعي بينهم والصراع بين الحق والباطل وهذا لا يستشعره إلا من ذاقه، من استشعر أنه عضو وبطل في هذا الصراع. هكذا بدأت الخليقة بالصراع بين الحق والباطل من أول ما خُلق سيدنا آدم ورفض إبليس أن يسجد له كما سيأتي في السورة القادمة سورة الحجر وسيأتي تفصيله لكن من أول ما بدأت الخليقة بدأ الصراع مباشرة وتوعّد إبليس (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) ص) فهذا الصراع الممدود الطويل جداً، هذه السورة تلخّص مشهد عام ورؤية شاملة من هذا الصراع الذي يقوده أئمة الحق وهم الرسل ولذلك نلاحظ في هذه السورة ترد كلمة (الرسل) ولم ترد كلمة الأنبياء (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ (11)) (قَالَتْ رُسُلُهُمْ (10)). الرسول غير النبي، كل رسول نبي وليس كل نبي رسول فليس كل نبي بُعث برسالة، يمكن أن يأتي النبي على رسالة رسول قبله يدعو لها وليس له كتاب خاص أو دين جدي أما الرسول فمقامه أعلى وأعلى الرسل مقاماً هم أولو العزم الخمسة: سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى وسيدنا نوح عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأزكى التسليم. هؤلاء الرسل تتكلم الرسل عنهم لأن السورة تتكلم عن أئمة، أئمة الحق في مواجهة أئمة الباطل.[/FONT]
[FONT=&quot]النموذج الأول لأئمة أهل الحق[/FONT][FONT=&quot]: المثال الذي اتّخذ مثال إبراهيم عليه السلام، إبراهيم أمة واختلف العلماء في معنى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً (120) النحل) [/FONT]
[FONT=&quot]فقال بعضهم كان أمة وحده في العبادة لم يكن يعبد الله عز وجل في وقت من الأوقات جاء على الدنيا إلا إبراهيم عليه السلام. [/FONT]
[FONT=&quot]والبعض قال أمة يعني إيمانه يزن إيمان أمة كاملة وليس إيمان إنسان عادي.[/FONT]
[FONT=&quot]وقيل أمة لكثرة ما يأتمّ به الناس، الناس تأتم به كما وعده الله عز وجل (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124) البقرة) سيدنا إبراهيم الذي قال الله عز وجل في حقه (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) النجم) (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (124) البقرة) سيأتي ذكره في آيات رقيقة في ختام هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]آيات إبراهيم[/FONT]
[FONT=&quot](وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)[/FONT]
[FONT=&quot](رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء)[/FONT]
[FONT=&quot](الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء)[/FONT]
[FONT=&quot](رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء)[/FONT]
[FONT=&quot](رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)[/FONT]
[FONT=&quot]النموذج الثاني لأئمة أهل الحق[/FONT][FONT=&quot]: هو سيدنا موسى عليه السلام وهو أعظم الرسل شأناً بعد النبي صلى الله عليه وسلم وسيدنا إبراهيم عليه السلام على قول من أقوال أهل العلم لما رتبوا الرسل وضعوا سيدنا موسى عليه السلام في مقام متقدم جداً بين الأنبياء وكل هذه اجتهادات لكن الشاهد أنه من الذين وقفوا في مواجهة الباطل، وجاء ذكر إمام الباطل الذي كان في مقابلته وهو فرعون الذي قال الله عز وجل في شأنه آية (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا (73) الأنبياء) هؤلاء أئمة يدعون إلى النار والعياذ بالله.[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]في الجهة المقابلة نماذج لأئمة أهل الباطل إبليس وقال الخطبة المشهورة (أسميها خطبة النذالة) الناس الذين اتبعوه وصدّقوه يظهر على حقيقته فيقول لهم (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ (22)) بعد أن كان يعدهم (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ (268) البقرة) انكشفت الحقيقة الآن فيقول (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) يريد أن يتبرأ من أتباعه فيقول أن كل ما فعله أنه دعاهم فاستجابوا وهذه حقيقة وإبليس لا يكذب لأنه ليس له سلطان على أحد في الحقيقة، لا أحد يتحجج بالشيطان ويقول (الشيطان شاطر) هو ليس له سلطان على أحد وهو لا يملك إلا الوسوسة وحتى هذه الوسوسة لا تصل إلى القلب وإنما تبقى في الصدر (يوسوس في صدور الناس) لكن للأسف الناس تتحجج به فهو في هذا الموقف يقول الحقيقة (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) أنتم الذين استجبتم (فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) كلامه صحيح ولكن يقوله الآن بعدما صدقوه واتبعوه؟! هذه هي النذالة والخسّة الموجودة بين أهل النار وتخاصمهم الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة لكن لما تصدر من إمام الباطل ويتبرأ فيقول (ِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) لن ينقذ أحدٌ أحداً مهما استغاث (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). [/FONT]
[FONT=&quot]هذا نموذج أئمة الباطل إبليس وفرعون خلاف لكن الطابع العام في السورة طابع الخطاب الجماعي فرقة تخاطب فرقة. [/FONT]
[FONT=&quot]السورة عبارة عن مواجهة عامة بين فريق الحق وفريق الباطل والخطاب في أغلبه خطاب جماعي كأن أهل الحق فرقة كلهم مع بعض الأنبياء كلهم يتكلمون بصوت واحد وبكلام واحد في مقابل فريق أهل الباطل بكلام واحد كأنما تواصوا به يردون ويتعاملون مع أهل الحق بنفس الطرق وبنفس المخططات وبنفس الوسائل التي اعتدوا عليها. ومثّلت السورة بسيدنا إبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام من أئمة الحق ومن أئمة الباطل فرعون وإبليس. نضرب أمثلة على الخطاب الجماعي الذي هو يغلب على طابع هذه السورة كأنما يتكلمون بلسان واحد. [/FONT]
[FONT=&quot]في البداية جاءت الرسل كأنها جاءت مع بعض (جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ (9)) مع أن بينهم مسافة واسعة جداً قد يكون بين الرسول والرسول آلآف السنين وبين سيدنا نوح عليه السلام وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم آلآف السنين لكن نجد وكأنهم كلهم جاؤوا مع بعض في طريقة واحد بكلام واحد وبشكل واحد والفريق الآخر يردون عليهم بنفس الردود. يقول تعالى (جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ) وفي المقابل نفس فعل رد أهل الباطل جميعاً (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) تكميم الأفواه. الرسل جاؤوا بالبينات من عند ربهم وبالمعجزات لكن سبيل أهل الباطل (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) شاكّين فيما تدعوهم إليه الرسل لا يريدون سماعم وردّوا ايديهم والخطاب جماعي: الرسل جاءت (جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ) في مقابل رد فعل أهل الباطل (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) فلم يسكت الرسل بل تكلموا وقالوا (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ) أهل الباطل قالوا (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) نتعلم من الخطاب الرباني، الرسل والدعاة الربانيون لا يدعون لأنفسهم أو لحزبهم أو لجماعتهم أو منهجهم إنما يدعون إلى الله لا يريدون شيئاً لأنفسهم فهم داعون إلى الله عز وجل حتى عندما يقال له نشك فيك لا يهمه لأنه لا يدعو لنفسه أو لحاجته وإنما يدعو الناس لعبادة الله عز وجل والتوبة له. لذلك لما قيل لهم (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) لم يكترثوا وقالوا (أَفِي اللّهِ شَكٌّ) هذه هي الدعوة الربانية فهل أنتم في شك من الله؟ (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ) يدعوكم للمغفرة يدعوكم للتوبة ويدعوكم إلى الجنة (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ (221) البقرة) (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى) في مقابلها قال أهل الباطل (قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا) نفس الكلام ونفس الرد، الرسل تدعوهم إلى الله ولم يذكروا أنهم أفضل من المدعويين ولم يذكروا أنهم ملائكة وليسوا بشراً، لكن كلام أهل الباطل واحد والذي يتكرر إلى يومنا هذا إذا نصحت أحدهم يجيب قائلاً هل أنت أفضل مني؟ هل النصح أو الدعوة تعني أني أفضل منك؟ هكذا كانوا يريد أهل الباطل أن يغرسوا في نفوس الناس، قالوا لسيدنا نوح (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) هود) هذا من تمام الكبر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ردت الرسل (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) نحن بشر ولسنا ملائكة (وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) الكلام من عند الله، لا نأتي بشيء من عندنا حتى تتبعونا لأنفسنا إنما نحن بشر مثلكم لكن (وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)) الكلام جماعي وكان حال الرسل أنهم صبروا كلهم على الإيذاء الذي ألحقه بهم قومهم، في مقابلها (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ (13)).[/FONT]
[FONT=&quot]مميزات الخطاب الجماعي في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]مُيِّز هذا الخطاب الجماعي أنه خطاب النداء، خطاب الأئمة والمتبوعين، الكلام ليس عن مجرد الكفار ولكن التركيز على الأئمة المتبوعين والقادة المؤثرين (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]القدرة على الإخراج[/FONT][FONT=&quot]: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) عندهم قوة مادية تمكنهم أن يطردوا الناس من بلادهم وينفوهم.[/FONT]
[FONT=&quot]جبابرة [/FONT][FONT=&quot](وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) [/FONT]
[FONT=&quot]عنهم قدرة على التوجيه والتأثير وعلى أن يتبعهم قومهم[/FONT][FONT=&quot] (لهديناكم) (وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)[/FONT]
[FONT=&quot]عندهم القدرة على الظلم[/FONT][FONT=&quot] (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13))عندهم أناس ظَلَمة والذي يظلم هو القوي الذي عنده قدرة على الظالم ولذلك قال الله تعالى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) السورة تتكلم عن الظالمين وعلى الأقوياء في الباطل.[/FONT]
[FONT=&quot]عمل مؤسسي رهيب للصد عن سبيل الله[/FONT][FONT=&quot] (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)[/FONT]
[FONT=&quot]أساليب أهل الباطل في مواجهة أهل الحق:[/FONT]
[FONT=&quot]ويأتي الكلام في السورة عن هذه الطائفة من البشر طائفة أئمة أهل الباطل ولهم أساليب تتكرر في كل زمان ومكان: [/FONT]
· [FONT=&quot]أسلوب كتم الأصوات[/FONT][FONT=&quot] (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) [/FONT]
· [FONT=&quot]أسلوب الكذب والتشكيك[/FONT][FONT=&quot] (وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) [/FONT]
· [FONT=&quot]أسلوب الأذى والبطش[/FONT][FONT=&quot]. بعد أن يجدوا أن لا فائدة من كتم الكلام والكذب والتشكيك يبدأون بالأذى يقابلها الرسل بقولهم (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [/FONT]
· [FONT=&quot]أسلوب التهديد والإخراج[/FONT][FONT=&quot] (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) كما قالوا لسيدنا شعيب عليه السلام (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا (88) الأعراف) لا يقبلوا الخلاف إما تكون معهم وترضخ لهم أو تخرج فقال شعيب عليه السلام (قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) بالغصب؟ (قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا (89) الأعراف). حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له نفس الكلام (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ (30) الأنفال) (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا (76) الإسراء) نفس الكلام ونفس الوسائل المتاحة لكن أهل الحق وأئمة الحق الذين تغرس السورة كيف نكون منهم وكيف نكون حلقة في هذه السلسلة الطويلة التي أوذي فيها موسى عليه السلام وسجن فيها يوسف عليه السلام وأوذي فيها محمد صلى الله عليه وسلم وذُبح فيها يحيى عليه السلام ونُشر فيها زكريا بالمناشير، أنت عضو في هذه السلسلة الطويلة الشريفة تتحمل وتصبر ولا تفعل كما يفعل البعض عندما يُحرَج يسكت، هؤلاء ما سكتوا أبداً ولهذا تتكرر في السورة (قالت رسلهم) الكلام والصدع بالحق كما سيأتي في سورة الحجر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي المآل: [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]سورة إبراهيم تحدثنا عن مآل الأمر حتى نطمئن فتجد مآل في الدنيا والآخرة مع كل هذا الإيذاء تذكر السورة المآل المطمئن (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) الرسل قاموا بما عليهم ودعوا إلى الله عز وجل ولم يسكتوا يأتي الرد من الله عز وجل (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)) هذا المآل في الدنيا لأن بعض الناس تعتقد أن المآل في الآخرة، صحيح الكلام عن الآخرة أكثر لكن عندنا يقين أنه في الدنيا هناك نصر أيضاً (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)) لكن الكلام أكثر عن الآخرة (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) بعض أهل التفسير ذكروا أن هذه أكثر آية عذاب ووعيد في كتاب الله عز وجل وكلمة (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ) قال بعض المفسرين يأتيه الموت من تحت كل شعرة في بدنه لأن هؤلاء ليسوا ظالمين عاديين وإنما أئمة الظلم في العالم وقادة الباطل في الدنيا وهؤلاء بدايتهم إبليس ولهذا عذابهم ليس أيّ عذاب (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) وبعد أن يأتيه الموت من كل مكان (وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) ويحاول الأتباع أن يتبرأوا ويقولوا (فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21)) حوار بين المستضعفين والمستكبرين لكن في النهاية هم في نفس المصير.[/FONT]
[FONT=&quot]لكن مآل الصالحين مختلف في هذه السورة ويعلمنا الله عز وجل (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ (23)) [/FONT]
[FONT=&quot]هذه سورة إبراهيم لا ننسى خاتمتها والأمثلة العظيمة التي ضربت في هذه السورة (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ (18)) في سورة الرعد شبهه الله عز وجل بالزبد (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ (17)) وهنا يشبهه بتراب وفي سورة النور كسراب بقيعة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39))، وهذه حقيقة الباطل مهما ظهرت قوته هو في النهاية تراب، زبد أو سراب أو شجرة خبيثة كالمثال الثاني في السورة (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ (26)) أما الحق فهو الراسخ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)) كلمة التوحيد، كلمة الحق (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) الأُكل آت والثمرة آتية وهذا وعد ربنا سبحانه وتعالى (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)) ويختم (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء (27)) [/FONT]
[FONT=&quot]وتختم السورة بالبلاغ لأن كل هذه السورة تتكلم عن حقيقة البلاغ حتى نفهم حقيقة الصراع بين الحق والباطل (هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52)) ينبغي أن نفهم معنى الصراع بين الحق والباطل وأن نكون من أئمة الحق أو في ركابهم في هذه السلسلة الطويلة التي يقودها الأنبياء أسأل الله عز وجل أن نكون معهم وأن نكون ممن يقتفي أثرهم وممن يقتدي بهم.[/FONT]
[FONT=&quot]*******************[/FONT]
[FONT=&quot]ملخّص السورة[/FONT]
[FONT=&quot]المقدمة:[/FONT][FONT=&quot] بداية الكلام عن الكتاب والرسالة وحملها ودور حامل الرسالة (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) وانتقاء لغة توصيل الرسالة (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لكن الطريق ليست مزينة بالورود وسيحارب حامل الرسالة (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) فيجب عليه الاستعداد وهو ليس بدعاً في ذلك وإنما سبقه كثيرون فأوذوا. [/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً ذكر تفاصيل الصراع الكلي بين الحق والباطل[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وأساليب أهل الباطل في مواجهة أهل الحق:[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]كتم الأصوات[/FONT][FONT=&quot] ( جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ)[/FONT]
[FONT=&quot]التكذيب والتشكيك[/FONT][FONT=&quot] (وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]الأذى والبطش[/FONT][FONT=&quot] (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ما وليس الذي[/FONT][FONT=&quot] (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) نفس ما قالوا لشعيب (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ* قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) ولمحمد صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً (77) الإسراء)[/FONT]
[FONT=&quot]كل الوسائل مباحة لديهم المهم أن يُسكتوا حَمَلة الرسالة. لكن حملة الرسالة لم يسكتوا أبداً (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)) فلما وصل التصادم إلى مرحلته القصوى فالرد ليس لكم بل الرد من عند الله (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً النتيجة والمآل في الدنيا والآخرة[/FONT]
[FONT=&quot](فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [/FONT]
[FONT=&quot]كلمة موسى استعينوا بالله واصبروا [/FONT]
[FONT=&quot]لكن طبعا الكلام الاكثر عن المآل الأخروي فقد لا يرى العامل ثمرة بذله ونصر الله على الظالمين في الدنيا كما حدث مع خديجة ومصعب وسمية، بعض الناس يمكن أن ينتكس لتأخر الفتح وهذا بسبب التعليق الدنيوي المادي دائماً من المربّين، نحن قوم طلاب آخرة. [/FONT]
[FONT=&quot]مآل الظالمين[/FONT][FONT=&quot] في السورة رهيب فهم أئمة الباطل وتجد يغلب عليه خاصيتان: [/FONT]
· [FONT=&quot]الإهانة والذل [/FONT]
· [FONT=&quot]الشدة والبطش[/FONT]
[FONT=&quot]نفس الأسلوب الذي اتبعوه في صراعهم مع أهل الحق.[/FONT]
[FONT=&quot]أشد آية عذاب في القرآن في هذه السورة (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) من تحت كل شعرة في جسمه سببٌ للموت، طعنة من هنا وحرق من هناك ومرض وتمزيق. وبعد هذا كله (وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) [/FONT]
[FONT=&quot]وكذلك عذاب الأتباع ونذالة المتبوع خطبة إبليس وهو فعلاً ليس له سلطان إنما مجرد دعوة ووسوسة (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة مرة أخرى ذكر لعذابهم في الخاتمة الرهيبة لهذه السورة (وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)) [/FONT]
[FONT=&quot](مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء (43) وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (44) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (45) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (46))[/FONT]
[FONT=&quot]ومآل الصالحين:[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot](وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]حقيقة الحق وحقيقة الباطل[/FONT]
[FONT=&quot]الباطل ثم تأتي الأمثلة الجامعة المبينة التي توضح حقيقة الباطل وحقيقة الحق أنه مجرد رماد اشتدت به الريح (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) وفي الرعد زبد (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ) وفي النور سراب بقيعة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[/FONT]
[FONT=&quot]وحقيقة الباطل شجرة خبيثة اجتثت (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ) [/FONT]
[FONT=&quot]أما مثال الحق فشجرة طيبة راسخة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25))[/FONT]
[FONT=&quot]أمام كل الاستضعاف والحرب تجد فلان يلتزم وفلانة تتحجب وآخر يسلم ومواقع وقنوات، شجرة راسخة تنفع الناس وأمام كل الحرب(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء)[/FONT]
[FONT=&quot]الخاتمة الرهيبة[/FONT]
[FONT=&quot](فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48))[/FONT]
[FONT=&quot](هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52))[/FONT]

سورة إبراهيم
‫ط­ظ‚ظٹظ‚ط© ط§ظ„طµط±ط§ط¹ ط§ظ„ط­ظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط±ط§ط¨ط¹ط© ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظˆظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط¥ط¨ط±ط§ظ‡ظٹظ…‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر[/FONT]
[FONT=&quot]نحن نعطي مفاتيح للسورة وليس تفسيراً كاملاً، كثير من الناس تقرأ ولكن قليل من يعمل والهدف الرئيسي من هذا الكتاب هو العمل وليس كتاب تحصيل حسنات، هذه الحسنة هدية فلا ينبغي أن تشغلنا الهدية عن الوصية، عندما تقضي وقتاً طويلاً جداً لكي تكسب حسنات هذا جيد إن شاء الله تثقل موازينك لكن ليس هذا هو المقصد من إنزال الكتاب، أنت تأخذ ثواباً على كل الأذكار إنما هذا الكتاب فيه توصيات عملية لإصلاح دين الناس ودنياهم، لإصلاح الحياة ولإصلاح علاقتك بالله سبحانه وتعالى وليس فقط أن الحرف بعشر حسنات فإياك أن تكون هذه فقط نظرتك لكتاب الله عز وجل لأن هذا كلام الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]تكلمنا في المرة السابقة عن سورة إبراهيم وذكرنا أنه كان يغلب عليها طابع الصراع العنيف بين الحق والباطل وكيف أن أهل الباطل هددوا أهل الحق (لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)) وكلام عن الجبارين (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)) كلام تشعر أن هناك صراع عنيف في سورة إبراهيم عليه السلام. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر فصل جديد في فصول الصراع لكنه فصل مختلف، فصل يناسب خاتمة سورة إبراهيم والتي فيها قول الله عز وجل (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)) هذا المكر وهذا التدبير وهذا الدهاء يكاد لو سُلّط على جبل أن يزيله، فتخيل هذا التآمر وشكل هذا المكر! فهذا الكلام عن ختام سورة إبراهيم بعد التذبيح الذي مارسه فرعون والقسوة التي استعملها أهل الباطل مع أهل الحق نجد أن الكلام في سورة الحجر له علاقة وثقية بختام سورة إبراهيم، كلام له علاقة بالمكر، جهد مكر أهل الباطل على أهل الحق، المكر هنا وبأسلوب أسميه أسلوب الحجر. [/FONT]
[FONT=&quot]والحجر باختصار هو الحاجز المانع الشيء الذي يتحصّن فيه، الذي يمنع والذي يحجز، الجدار، ومعاني أخرى كثيرة سنذكرها ووردت في القرآن. لكن الفكرة أن هناك جهد لأهل الباطل في منع الحق من الوصول إلى الناس وفي حصار أهل الحق حتى لا يصلوا، تشعر أن هناك حصار مزدوج: حصار حول الناس حتى لا يصل لهم الحق وحصار حول أهل الحق حتى لا يتمكنوا من إيصال الحق الذي معهم.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر فصل جديد من هذا الصراع لكن الصراع هنا أكثره صراع فكري، صراع الفتنة، صراع الشبهة، صراع التكذيب والتشويه وقد ذكرنا في سورة آل عمران أن جهد الشبهات أخطر من جهد حرب السيف المباشرة فالله سبحانه وتعالى قال (والفتنة أشد من القتل) و(والفتنة أكبر من القتل) أن تفتن الناس عن دينها هذا أخطر لأنه لو مات على هذه الفتنة يذهب إلى النار والعياذ بالله! وهذا لا يعني أن الحرب تُطلب فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاثبتوا. لكن الفكرة أن الحرب المادية لما تُقتل فلك إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة، إما أن أكون منتصراً بإذن الله أو أكون شهيداً عن ربي سبحانه وتعالى أما المفتون فهو يضلّ والعياذ بالله ويغيّر ويبدّل.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر تعلمنا هذه القضية وكيف أن جهد أهل الباطل يتنوع وأن المسألة لا تقتصر على الضرب والإخراج والإهانة والإيذاء ولكن أحياناً يكون هناك جهد متخفّي جهد الغواية وجهد التسكير وقد تكرر لفظ التسكير في سورة الحجر أكثر من مرة (لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا (15)) (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)) والسُكر هو الإغلاق إذا سكّرت شيئاً معناه أنك تغلّقه وسمي الخمر مُسكراً لأنه يسكّر العقل ويخمّر العقل يغطي عليه فلا يفقه الإنسان شيئاً فمن جهد الباطل أنهم يغطوا على الحقّ. سنجد هذا المعنى في السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]نزلت سورة الحجر على الراجح في النصف الأول من العهد المكي وتحديداً في السنة الرابعة من البعثة كما قال بن عاشور حيث ارتبط نزولها بآية خطيرة جداً أحدثت فرقاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حياة الصحابة رضي الله عنهم. الدعوة في مكة كان لها مراحل، في البداية كانت الدعوة سرّية وكان المسلمون يجتمعون في دار الأرقم وفي سورة الحجر آية نقلت الدعوة من دعوة سرية إلى دعوة جهرية وهي قول الله عز وجل (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)).[/FONT]
[FONT=&quot]ذكرنا أن الحجر هو الجدار، الحاجز، الحصن، ويأتي مقابلها (صدع) من التصديع، صدّع الشيء أي شققه فكلمة الحق تشرخ جدار الباطل وتصدغ وتشقق الجُدُر التي يضعها أهل الباطل. يقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: "ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت فاصدع فخرج هو وأصحابه "ولذلك الترجيح أن السورة نزلت في النصف الأول من العهد المكي قبل الهجرة. [/FONT]
[FONT=&quot]وكلمة الحجر وردت في القرآن أكثر من مرة وكلها تأتي بمعاني متشابهة لها علاقة بمسألة العزل. ويمكن أن نقول أن جهد أهل الباطل في سورة الحجر العزل، يعزلون الحق ويعزلون الناس عن الحق فهو جهد مزدوج. [/FONT]
[FONT=&quot]وورد ذكر الحجر في القرآن بهذه المعاني في خمس مواضع منها الآية في سورة الحجر: [/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot](هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5) الفجر)[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot](يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) الفرقان) حجاباً ساتراً يطلبون أن تُبعد عنهم النار والعذاب.[/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot](وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) الفرقان) فاصلاً دقيقاً لا تطغى المياه المالحة على المياه العذبة.[/FONT]
[FONT=&quot]4. [/FONT][FONT=&quot]وقول الله عز وجل في سورة الأنعام (وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ (138)) ممنوعة. [/FONT]
[FONT=&quot]5. [/FONT][FONT=&quot]كل مواطن الحجر تأتي بمعنى المنع، الحماية، العزل، الجدار، الفصل وفي سورة الحجر جاءت في قول الله عز وجل (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)) وهم قوم ثمود الذين نحتوا في الجبال بيوتاً جعلوها حصنهم، جبالهم تحصّنهم وطنوا أنها ستعزلهم عن عذاب الله، ستعزلهم عن بطش ربهم إذا عصوه لكنها لم تمنعهم شيئاً ولم تنجيهم من عذاب الله لما جاءهم. [/FONT]
[FONT=&quot]علاقة هذا الحجر بموضوع السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]الجهد الذي تركز عليه هذه السورة جهد فصل الناس عن دين الله سبحانه وتعالى فكان لا بد أن يأتي موضوع الصدع وموضع تكسير هذا الجدار الذي من المقاصد الشرعية يجب أن يُكسر، ينبغي لأهل الحق أن يصدعوا. واليوم هناك جهد شديد أن يشكك الناس في هذه الفكرة، موضوع أن تصدع بالدين يقال لك دع الدين بينك وبين الله وهو علاقة بين العبد وربه فلا تتكلم في الدين ودع الناس من شاء منهم يؤمن ومن شاء يكفر ومن شاء منهم يُلحد ومن شاء منهم يعصي، ويبدأ التشكيك في هدف الداعي إلى الحق بأنه يقوم بالدعوة ويصدع بها لأجل الدنيا أو لأجل الشهرة أو المال فيبدأ يشكك في الذين يصدعون لأنه يرفض فكرة الصدع من أساسها. لكن هذا مقصد شرعي والله سبحانه وتعالى أمر به (فاصدع) تكسير لهذه الجُدُر وتكسير هذا الحائط المنيع الذي يضعه أهل الباطل أمام الحق وأمام الناس لكي لا يصل إليهم الحق ويظنون أنهم بهذا يحمون أنفسهم! خرجت علينا إحدى الإعلاميات منذ أيام قليلة وقالت: امنعوا أولادكم من الذهاب إلى المساجد. ألهذه الدرجة؟! يظنون أنك بهذا تحفظ نفسك من هذا الدين! أنت تحفظ نفسك بالدين لأنه من عند الحفيظ سبحانه وتعالى (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا (64) يوسف) وفكرة الحفظ تتكرر كثيراً في السورة التي تذكر جهد أهل الباطل في العزل وجهد أهل الحق في الصدع وحفظ الله عز وجل لأهل الحق ولدينهم ودنياهم. [/FONT]
[FONT=&quot]نأتي للتفاصيل:[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر تعرض لنا القصة من بدايتها من بداية خلق سيدنا آدم عليه السلام (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِين (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38))[/FONT]
[FONT=&quot]وهنا بداية الحرب، توعّد إبليس أن يزين لأتباعه سجنهم الذي يعزلهم فيه (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)) والدنيا سجن المؤمن ، يتوعد إبليس أنه سيحبسهم في سجن من ذهب، الذي سيحيطهم به إبليس سجن مزّين (لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) سيعمي أعينهم بالغواية! تخيل أنه سجن وأنت تعرف أنه سجن وتعرف أنه مؤقت وفترة حبسك فيه مؤقتة وتكون مفتوناً بالزينة التي وضعها إبليس ولو كان قفصاً من ذهب فإنه يظل في النهاية قفصاً يحدّ حريتك إنما الحرية الحقيقية في الآخرة. فتجد إبليس يُنسي ويزيّن ويتوعّد بهذه السكرات وهذه الشهوات وهذه الغواية وهذا الحصار الشامل، إبليس عمل حصاراً شاملاً (أجمعين) أي الكل إلا استثناء واحداً استثناء من استخلصهم الله من هذا الحصار فقال (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot]من معاني سورة الحجر تكلمنا عن حصار مضروب على الناس حتى لا يصل إليهم الحق وأؤكد أننا لا نحكم حكماً جازماً أن هذا هو الموضوع الوحيد، فأسرار القرآن وعجائبه لا تنقضي ولكن هذه محاولة للتدبر والتأمل والفهم، هذا أحد المعاني وأعتقد أنه أحد أهم المعاني بل أهمها وقد يجد غيري معنى آخر بحسب تدبراته وتأملاته والله عز وجل جعل التدبر والتأمل والفهم نعمة يمنّ بها على من يشاء فلعل الله عز وجل يفتح في سورة على أحد ويفتح في سورة على آخر ولكننا نحاول ونتدبر ونتذاكر.[/FONT]
[FONT=&quot]قلنا أن إبليس توعد في هذه السورة وقال (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) الكل، ولكن هناك استثناء (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فردّ الله عز وجل عليه (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)) نذكر في سورة إبراهيم لما قال إبليس (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي (22)) إبليس له سلطان إلا أنه يدعو ويتكلم. إنما هناك أناس يصطفيهم الله سبحانه وتعالى ويستخلصهم ويتنزعهم من هذا الحصار وهم المخلَصين. واللام عندما تُفتَح تعطي معنى غير المخلِص، المخلص بكسر اللام هو الذي قلبه مع الله عز وجل فقط أما المخلَص فهو الذي اصطفاه الله وخلّصه، جوارحه، حياته، كلها لله عز وجل. فالمخلَص درجة أعلى من المخلِص مع أنها مرتبة عالية رزقنا الله الإخلاص لكن الاستخلاص أن يستخلصك الله عز وجل لنفسه ويصطنعك لنفسه نسأل الله عز وجل أن يرزقنا من فضله. [/FONT]
[FONT=&quot](قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43))). [/FONT]
[FONT=&quot]طرق حصار الحق وأهل الحق[/FONT]
[FONT=&quot]ويستمر الصراع والحصار المراد في سورة الحجر حصار كامل وأهل الحق يحاولون دائماً أن يصدعوا هذا الجدار فلا بد أن يكون الحصار من نوع مختلف فتجد استراتيجيات متنوعة وتعرض لنا السورة أنواع كثيرة منها: [/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة الأولى: من ضمن طرق الحصار التشويه، تشويه حملة الحق[/FONT][FONT=&quot]، يحاصرك بأن يشوّهك تسمع قول الله عز وجل (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) يشوه عقله بأن يدعي أنهم مجانين أو لديهم أمراض نفسية ويقول في آية أخرى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (11)) السخرية والاستهزاء بأهل العلم وصحيح أن العلماء والشيوخ هم بشر يخطئوا ويصيبوا لكن لما تشوه دائماً بالناس وتُظهر دائماً الجانب السيء منهم وتُظهر أخطاءهم وتسهتزئ بها من أين يتعلم الناس دينهم؟! هل يسألون هؤلاء المستهزئين من أهل الباطل؟! عندما يحب أحد الناس أن يسأل أهل الذكر كما أمرنا الله سبحانه وتعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) النحل) فمن أين يأتي بأناس معصومين ليسألهم؟ كل الناس تُخطئ، ولو أمسكنا بخطأ كل واحد فينا لقضينا الوقت نستهزئ! وسيلة الاستهزاء وسيلة قديمة (وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ) كان يستهزئون بالرسل. سيدنا موسى عليه السلام قالوا عنه أنه آذر لأنه لم يكن يحب أن يتكشف شيء من جسده أمام الناس فيقولون عنده أذى في جلده، تشويه وازدراء واستهزاء، طريقة معروفة في حصار الناس وإبعادهم عن حملة الحق. يقول الله تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) النبي صلى الله عليه وسلم يضيق صدره علماً أن صدره صلى الله عليه وسلم رحب وواسع وصبور وحليم لكن أن يصل إلى درجة أن يضيق صدره فماذا تراهم يقولون؟ لا بد أنهم وصلوا لمراحل صعبة جداً من الازدراء والاستهزاء! هذه الطريقة الأولى. (كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ) وهؤلاء مجموعات كان يقسمون أنفسهم في الحج إلى 16 رجل ويقفوا عند كل باب وكل مدخل من مداخل مكة ليصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول بعضهم أنه ساحر ويقول غيره أنه مجنون ويقول آخر أنه كاهن وآخر يقول كذّاب، ويشوّهوا. فالطريقة الأولى إذن طريقة [/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة الثانية: طريقة العزل[/FONT][FONT=&quot]. كما ذكرنا في سورة إبراهيم (فردوا أيديهم في أفواههم)وهنا قالوا (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ) عندما تكلموا مع سيدنا لوط وكلبوا منه ألا يتكلم مع أحد ولا يتواصل مع أحد، عزل تام وحصار كامل.[/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة الثالثة: الكذب[/FONT][FONT=&quot]. (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)) عندما رأوا الآيات العظيمة التي خلقها الله عز وجل (لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15))[/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة الرابعة طريقة التعجيز[/FONT][FONT=&quot] (لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ (8)) يحاول أن يطلب شيئاً تعجز عنه. أذكر مرة أحد الناس قال أيها المتأسلمون أخبروني بإجابة هذا السؤال ما هي السورة التي فيها ألف أمر وألف نهي، هل يريد هذا تعجيزنا؟ لو وفقني الله واستطعت الإجابة ولكن افترض أني لم أستطع الإجابة؟ (وفوق كل ذي علم عليم). فأسلوب التعجيز هذا أسلوب مدروس ومتّبع. [/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة الخامسة: حجاب الشهوة وسكرتها التي تعمي عن رؤية الحق وتطمس الفطرة[/FONT][FONT=&quot] ،السكرة. وقد ذُكرت هذه السكرة في قصة لوط عليه السلام والتي نحتاج أن نتأملها لندرك أين وصل طمس البصيرة وطمس الفطرة بالقوم وكيف استطاع إبليس أن يطمس على فطرتهم إلى هذه الدرجة أنهم يريدون أن يدخلوا ويقتحموا على سيدنا لوط عليه السلام الدار حتى يأتوا الرجال شهوة من دون النساء وهو عليه السلام يقول لهم (قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) هؤلاء بناتي تزوجوهم بالطريقة الحلال التي شرعها الله عز وجل الطريق الذي جعله الله عز وجل بين الناس يتزوج الرجل والمرأة وتحدث الذرية والتكاثر في الأرض، فقالوا (قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) هود) نحن لا نريد النساء، نحن نريد هذه الشهوة المحرّمة لدرجة أنه زرع فيهم الشهوة حتى قال الله عز وجل (لَعَمْرُكَ) أقسم الله عز وجل هنا بعمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) العمه من العمى كأن السكرة جعلتهم عمياً لا يرون أمامهم. [/FONT]
[FONT=&quot]الطريقة السادسة: الفتنة من خلال الكهانة والعرافة والسحر[/FONT][FONT=&quot] (إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ) التي تخاطب أهم فتنتين الأمن والرزق.[/FONT]
[FONT=&quot]أنواع القوة في مواجهة الحصار[/FONT]
[FONT=&quot]هذه طرق متعددة وحصار مزدوج وأمام هذا الحصار حصار العزل والتشويه والفتنة والشهوة والتكذيب نحتاج إلى قوتين: [/FONT]
[FONT=&quot]قوة الصدع من حَمَلة الحق[/FONT][FONT=&quot] (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (فاصدع بما تؤمر) [/FONT]
[FONT=&quot]والقوة الثانية والأهم هي قوة حفظ هذا الدين وأهله أمام تلك الحملات الشعواء[/FONT][FONT=&quot] (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود) ولذلك نجد في السورة (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) تكلم ولا تسكت ولا تخضع أبداً لهذا الحصار مهما كان يضيق صدرك (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) لكن أعرض ولا تلتفت لهذا واستمر في جهد الصدع فلما تصدع وتصرّ على هذا الاستعلاء بكلمة الحق ساعتها تأتي قوة الحفظ وربنا يطمئنا في هذه السورة أن كل شيء محفوظ في هذه السورة، قوة الحفظ من عند الله عز وجل في الدنيا والدين. [/FONT]
[FONT=&quot]فالرزق:[/FONT][FONT=&quot] يضمنه الله عز وجل (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) [/FONT]
[FONT=&quot]وحتى الماء[/FONT][FONT=&quot]: لو حاولتم أن تخزنوه لن تقدروا (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot]الأجل[/FONT][FONT=&quot]: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) لا تخاف أن يقتلوك لأن الله عز وجل هو الذي يحيي ويميت. [/FONT]
[FONT=&quot]الأمن[/FONT][FONT=&quot]: يضرب الله سبحانه وتعالى مثل لأصحاب الحجر الذين ظنوا أن بيوتهم ستحميهم، هل أمنوا من مكر الله عز وجل؟ أبداً بل أُخذوا بالصيحة وأتاهم الله عز وجل من حيث لم يحتسبوا (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِين (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (84))[/FONT]
[FONT=&quot]حتى التوازن البيئي يحفظه[/FONT][FONT=&quot]: الأرض (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (19)) والسماء (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]هذا في الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]الدين محفوظ أيضاً[/FONT][FONT=&quot]، هل أنت خائف على دين الله؟ يقول الله عز وجل (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). [/FONT]
[FONT=&quot]خائف على القرآن؟ الله عز وجل يقول أنه سيحفظه. [/FONT]
[FONT=&quot]خائف على الدين والتقوى؟! (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) لو أنت من عباد الله حقاً فإن الله سبحانه وتعالى يحفظك من مكائد الشيطان ويجعل لك حفظاً وعصمة من عنده سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]خائف من الفتن والسحر والكهانة (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]خائف على النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يستهزئون به؟ (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]خائف على آخرتك؟ الله سبحانه وتعالى يضمنها لك لو كنت على الحق وتصدع به (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48))[/FONT]
[FONT=&quot]كل شيء محفوظ في هذه السورة بأمر من الله عز وجل. [/FONT]
[FONT=&quot]أهم توجيه في هذه السورة أمام كل جهد أهل الباطل في الحصار والفتنة والتشويه لا بد من جهد الصدع وجهد العبادة[/FONT][FONT=&quot] (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) تماماً كأول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) المزمل) (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) المدثر). جهد الدعوة وجهد العبادة: فاصدع فلما حزنت من كلامهم وضاق صدرك قال الله تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98)) سبح ربك واسجد لربك وتقوى بعبادة الله عز وجل (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) أي حتى يأتيك الموت ولا تمدن عينيك إلى الدنيا (لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89)) توجيهات آخر السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]أهم توجيه في السورة من التوجيهات الدائمة للنبي صلى الله عليه وسلم في فترة البعثة فترة الاستضعاف التي تجعل الناس أحياناً تضيق صدورها بما يحدث جهد الدعوة لا يقف، تصدع وتعرض عن المشركين وتعبد الله عز وجل هذا يكون خير عون لك في صدع جدار الباطل وفي صدع حصار أهل الباطل. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه باختصار سورة الحجر جهد أهل الباطل في الحصار وجهد أهل الحق بالصدع وحفظ الله عز وجل لمن صدع بالحق ولمن أعلى كلمة الله سبحانه وتعالى نسأل الله أن نكون منهم وممن يصدعون بكلمة الحق ويعرضون عما سواها إنه ولي ذلك والقادر عليه. [/FONT]


سورة الحجر
‫ط§ظ„ططµط§ط± ط§ظ„طظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط®ط§ظ…ط³ط© ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµطط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…طظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„طظگط¬ط±â€¬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل[/FONT]
[FONT=&quot](أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (71))[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل التي سُميت باسم هذا المخلوق العامل النافع الإيجابي المنتج الذي ينتج الأشياء الجميلة النافعة للناس ويُخرج الله من بطونه نعمة عظيمة فيها شفاء للناس وهي نعمة العسل. سورة النحل تحدثنا عن نعم الله عز وجل وتكاد تكون بمجملها كلاماً عن النعم المتعددة والمنوعة والمفصّلة فتعرض السورة أحياناً نعمة واحدة بشكل تفصيلي حتى نفهم معنى كلمة (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا) المعدود عادة يكون جمعاً (نِعم) ولكن سورة النحل فيها قول الله عز وجل (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ). فيها كلام عن الأنعام، فيها نعم عديدة غير الأكل والركوب.[/FONT]
[FONT=&quot]روي أن رجلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له: "يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي فاعرض علي ما يكون لها زاجرا ومستنقذا لقلبي".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "إن قبلت خمس خصال وقدرت عليها لم تضرك معصية ولم توبقك ثنا لذة".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "هات يا أبا إسحاق".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال له: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "لا، هات الثانية".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده".[/FONT]
[FONT=&quot]قال الرجل: "هذه أعظم من الأولى يا هذا، إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "لا، هات الثالثة".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له فاعصِه فيه".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "يا إبراهيم كيف هذا وهو مطّلع على ما في السرائر؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "لا، هات الرابعة".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صالحا".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "لا يقبل مني".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "هات الخامسة".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذونك هذا إلى النار فلا تذهب معهم".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "لا يدعونني ولا يقبلون مني".[/FONT]
[FONT=&quot]قال: "فكيف ترجو النجاة إذًا؟!".[/FONT]
[FONT=&quot]قال له: "يا إبراهيم حسبي حسبي، أنا أستغفر الله وأتوب إليه". ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل تعرض هذه النعم في مواجهة أمام نفسك (أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) بعد كل هذه النعم يجحدوها ويكفروها؟ أو ينسبوها إلى غيره أو يجعلون لأحد آخر فيها نصيباً؟! أو يستعملوها في معصية الله أو يقصّروا في حق شكرها. في حديث ضعيف "إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم (الودود الذي يتودد إلى عباده والتودد إظهار المحبة والودود غير المُحب فقد يحبك أحدهم لكن لم تره منذ سنوات ولم يسأل عنك أما الودود فيسأل عنك ويرسل لك رسالة) رب العالمين ودود ومحبته لخلقه تظهر في الأشياء، الله عز وجل يتودد إلى عباده بالنعم ويتبغضون إليه بالمعاصي. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل باختصار هي استعراض لهذه النعم، سورة الأنعام تحدثت عن عظمة الله وعن معاني العظمة والخلق وكانت عبارة عن أشواط كل مجموعة آيات أو كل مقطع من السورة يتحدث عن عظمة الله وتجد مفاجأة أمام كل هذه العظمة والقدرة والملكوت تذكر من يجحد أو يرتكب جريمة. سورة النحل تسير بهذا النسق، استعراض للنعم:[/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا) ثم ماذا يقابل هذا الإنعام؟ الجحود والشكر والطغيان والجرائم التي ارتكبت بهذه النعم. ولذلك سورة النحل أكثر سورة ورد فيها مادة (نعم) تكررت 12 مرة لأن النعم من أهم معاني السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]بعد استعراض النعم والمفاجأة المحزنة بعد كل نعمة وجحود بعض الناس بالنعمة تذكر السورة مآل من جحدوا ومآل من شكروا. تستعرض السورة في كثير من أجزائها وفي ختامها حق النعمة، النعم لها حق ينبغي على الإنسان أن يؤدي هذا الحق.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل يمكن تقسيمها إلى أربعة مقاطع كبرى[/FONT]
[FONT=&quot]المقطع الأول (الآيات 1-39)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]نِعَم – مفاجأة جريمة ارتكبت بحق هذه النعم – مآل الجاحدين ومآل الشاكرين[/FONT]
[FONT=&quot]أول نعمة تبدأ السورة بذكرها في أول السورة (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿١﴾ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) إنزال الكتاب (عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴿٢﴾) الروح هنا هو القرآن (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا (52) الشورى) القرآن روح القلب والقلب بلا قرآن قلب ميّت قلب لا رجاء منه، أول نعمة تذكر نعمة الروح.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تذكر نعمة الخلق (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٣﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴿٤﴾) تبدأ المفارقة خلقه من نطفة، من ماء مهين والمقابل (خَصِيمٌ مُبِينٌ). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تذكر نعمة الأنعام مفصّلة ففيها الدفء والمنافع، يؤكل منها وفيها جمال وزينة وحمل أثقال وركوب ويخرج منها لبن وصوف وريش وخيم كل هذه النعم في نعمة واحدة (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ) كلمة (لكم) تظهر المودة من الله عز وجل لعباده خلقها لكم لتستفيدوا منها. (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿٥﴾ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴿٦﴾) في السفر وفي الحضر تستمتعون بجمالها كما قال داوود عليه السلام (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) ص) (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿٧﴾ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٨﴾) كله في نعمة واحدة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تذكر نعمة الماء (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) الماء تشربون منه وتخرج به الأشجار والنباتات حتى تأكل الأنعام (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) النعمة الواحدة يخرج منها نعم كثيرة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم نعمة التسخير (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿١٢﴾ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٣﴾) كله مسخّر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم نعمة البحر (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٤﴾) كل هذه النعم حتى تشكر[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴿١٥﴾ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴿١٦﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي فاصل (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ويبدأ الكلام يختلف، بعد استعراض النعم سؤال: أفمن يخلق كمن لا يخلق (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11) لقمان)؟! (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي بعدها الجريمة (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) كيف تعبدونهم وتدعونهم وهم لا يخلقون شيئاً (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) لا يعرفون شيئاً! (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴿٢٢﴾ لاَ جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴿٢٣﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٤﴾) جرائم متتالية (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٣٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم يأتي المآل (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴿٢٥﴾) وتأتي بعدها آيات كثيرة تتحدث عن مآل هؤلاء قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٢٦﴾ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٢٧﴾ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) مآلهم (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٢٩﴾) وشتان بين مآلهم ومآل الشاكرين! الشاكرين قالوا (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴿٣٠﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴿٣١﴾ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٢﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]المقطع الثاني (الآيات 40 -63)[/FONT]
[FONT=&quot]تتحدث الآيات عن عظمة الله وقدرة الله عز وجل وعن نعم الله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) النعمة سهلة على الله عز وجل إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون. [/FONT]
[FONT=&quot]وتذكر نعمة الوحي (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وسورة النحل يتكرر فيها نعمة الوحي ونعمة الذكر وهي أعظم النعم، نعمة القرآن أن الله عز وجل أنزل إلينا كلامه، هذه نعمة كبيرة وشرف عظيم جداً "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فهو ينفق منه آناء الليل ورجل آتاه الله القرآن".[/FONT]
[FONT=&quot]عظمة عقوباته[/FONT]
[FONT=&quot](أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ) (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]عظمة وجمال خلقه[/FONT]
[FONT=&quot](أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) منظر الظل وهو يسجد لله منظر عظيم جداً. (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]الجرائم[/FONT]
[FONT=&quot]وأمام هذه العظمة تفاجأ بجريمة الشرك (وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي جريمة أخرى جريمة النذالة (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) يدعون الله ليكشف عنهم الابتلاء (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) بعد أن دعوا الله أن يكشف عنهم الابتلاء! (لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ) نرزقكم ونعطيكم وتجعلوا لغيرنا نصيباً! أيُّ جحود هذا ؟!!!!![/FONT]
[FONT=&quot]جحد نعمة البنات وجعلها لله[/FONT][FONT=&quot] ويجعلون لله البنات (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ) (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) لا يرضاها هو لنفسه ولكن ينسبها لله سبحانه وتعالى! نقارن هذا بمعاملة النبي صلى للأنثى ومعاملته لبناته وترغيبه لتربية البنات إذا رزق أحدهم بابنتين أو ثلاثة ومن أحسن إليهن وربّاهن خير تربية فإنه يكون مع النبي في الجنة. أما هذا الجاحد (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم المآل الشديد مقابل تلك الجرائم المخزية[/FONT][FONT=&quot] (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot]المقطع الثالث (الآيات 64-77)[/FONT]
[FONT=&quot]النعم[/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الوحي لثالث مرة (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]2- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الماء( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]3- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الأنعام (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ) [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]4- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الأشربة: [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
· [FONT=&quot]اللبن (نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ)[/FONT]
· [FONT=&quot]العصائر (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[/FONT]
· [FONT=&quot]العسل (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]5- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الخلق والتوفي (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]6- [/FONT][FONT=&quot]الرزق والتفضيل (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]7- [/FONT][FONT=&quot]الزواج والذرية. (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي المفاجأة من جديد ويستمر الجحود و النكران (أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]والشرك أيضاً (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ). وعدم استعمال النعمة في الطاعة كما سيأتي في الأمثال التي ذكرت في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]مثال الأبكم[/FONT]
[FONT=&quot](وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) الذي يستعمل نعمة الكلام في الدعوة إلى الله أم الذي اختار أن يكون أخرساً وأبكما؟[/FONT]
[FONT=&quot]ومثال المملوك[/FONT]
[FONT=&quot](ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]المقطع الرابع (الآيات 78-83)[/FONT]
[FONT=&quot]النعم[/FONT]
[FONT=&quot]1- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الإنشاء والسمع والبصر (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة البصر، نعمة الفؤاد، نعمة خلق الله لك.[/FONT]
[FONT=&quot]2- [/FONT][FONT=&quot]نعمة التسخير (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]3- [/FONT][FONT=&quot]نعمة البيوت والسكن والراحة (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ)[/FONT]
[FONT=&quot]4- [/FONT][FONT=&quot]نعمة الظلال والملابس (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تأتي الجريمة (فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ) كالذي يأكل ويُنكر! يعرفون نعمة الله سبحانه وتعالى لكنهم ينكرونها والعياذ بالله.[/FONT]
[FONT=&quot]الخاتمة (من الآية 84 إلى نهاية السورة)[/FONT]
[FONT=&quot]تأني خاتمة السورة لتركز على معنيين أساسيين: [/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: المآل النهائي: مآل في الدنيا ومآل في الآخرة[/FONT][FONT=&quot]. في الدنيا (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) قرية فيها كل النعم فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف كما حصل لقوم سبأ (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) سبأ) كان المطلوب منهم الشكر ولكنهم أعرضوا (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) سبأ) الذي يجحد نعمة الله. مآل الجاحد ليس في الآخرة فقط وإنما في الدنيا أيضاً. [/FONT]
[FONT=&quot]في الآخرة ٨٤ إلى ٨٩ (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ) لأنهم جحدوا (وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ) (وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) (الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]و ١٠٤ إلى ١١١ (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]وتتكرر لفظة العذاب ٨ مرات في هذا الشوط: زدناهم عذابا، لهم عذاب أليم، عذاب عظيم. (وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً حقوق النعمة[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا من أهم محاور السورة بشكل عام وليس فقط الخاتمة فكما أن النعم في هذه السورة كثيرة وعظيمة بشكل غير مسبوق فتجد أن التكاليف أيضا شريفة وعظيمة فالمسئولية تجاه النعم لا يستهان بها[/FONT]
[FONT=&quot]الحق الأول: حق الإسلام والتوحيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فبعد كل شوط تجد تذكيراً بالوحدانية: (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) تسلمون لله عز وجل وتطيعونه، (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿١﴾)، (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴿٢٢﴾)، (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)، (وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)[/FONT]
[FONT=&quot]الحق الثاني: حق الشكر[/FONT][FONT=&quot]، حق أن تستدلّ بالنعمة على المنعِم (وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) فتعرف أن هذه النعمة من عند الله عز وجل فتشكره وتستسلم له وهذا حق الشكر، وهو من أكثر المعاني والألفاظ التي تكررت في السورة (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٢٠﴾ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿١٢١﴾) والشكر غير الحمد. الحمد معناه الشكر باللسان لكن الشكر يختلف بأنه شكر عملي (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا (13) سبأ) والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يكثر من الشكر والعمل الصالح قالوا له غفر الله لك ما تقدم من ذنبك قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. هكذا فَهِمَ الشكر، الشكر عمل، الشكر بذل ولذلك أمثلة السورة خطيرة جداً.[/FONT]
[FONT=&quot]في سورة النحل فالتوجيهات عملية تدعو لاستعمال النعم بإيجابية:[/FONT]
[FONT=&quot]مثال الرزق: (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) الإنسان السلبي الذي لا يعمل شيئاً (وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ) (الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]مثال نعمة اللسان: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ) الإنسان الضعيف (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) إنسان إيجابي يتكلم ويعمل ويأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ولذلك نجد التوجيه في السورة بالدعوة إلى الله، الإيجابية في الشكر (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) تجادل وتدعو وتفعل ما تقدر عليه (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ولهذا ضرب الله سبحانه وتعالى في السورة مثلاً مجتمع النحل، المجتمع العامل الذي يبذل جهده، مثال للعامل الإيجابي: الشغالات لها وظائف والملكة لها وظائف والذكور لهم وظائف، الكل يعمل، الكل له دور في الخلية والذي ليس له دور يخرج من الخلية ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: "مَثَلُ المؤمنِ مَثَلُ النَّحلةِ، إن أكلت طيِّبًا، وإن وَضعَتْ وضعتْ طَيِّبًا، وإن وقعتْ على عودٍ نَخِرٍ لم تَكسِرْه" (صحيح الجامع). هذه السورة تعلمنا أن المؤمن نحلة منتج نافع يترجم شكره بشكر عملي يعمل ويشكر لله عز وجل .[/FONT]
[FONT=&quot]الحق الثالث حق الطاعة[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]في السورة أوامر، ونواهي[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[/FONT]
[FONT=&quot](فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]الحق الرابع المقامات العليا في الدين والأعمال العظيمة[/FONT]
[FONT=&quot]الهجرة مرتين:[/FONT]
[FONT=&quot](وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42))[/FONT]
[FONT=&quot](ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110))[/FONT]
[FONT=&quot]التقوى والصبر والإحسان آخر آيتين:[/FONT][FONT=&quot] تختم السورة بتوجيه للمقامات العليا في الدين[/FONT]
[FONT=&quot](وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴿١٢٨﴾) يحسن كما أحسن الله إليه.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل سورة النعم، تتعلم النعم ثم تشكر هذه النعم. [/FONT]

سورة النحل
‫"ط£ظپط¨ظ†ط¹ظ…ط© ط§ظ„ظ„ظ‡ ظٹط¬ط­ط¯ظˆظ†" ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظˆظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ظ†ط­ظ„‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الإسراء[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الإسراء من السور التي لها معدّل قرآءة عالي، هناك سور اختارها الله عز وجل وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله أو بفعله أن هناك تفضيلاً لها في معدل القرآءة، من ضمنها سورة الإسراء كما في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها والحديث في السلسلة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل. وبني إسرائيل من ضمن أسماء هذه السورة التي لها ثلاثة أسماء: بني إسرائيل، والاسم المشهور الإسراء وسبحان كما يقول عنها بعض العلماء نسبة لأول كلمة فيها في قوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[/FONT]
[FONT=&quot]سنتناول سورة الإسراء كما شرحنا سابقاً سورة التوبة من خلال أسمائها التي يمكن من خلالها معرفة موضوع السورة ومعرفة أهم الرسائل التي يريد الله عز وجل أن يوصلها إلينا وأن تترسخ في قلوبنا لاسيما أنها تُقرأ بهذا المعدل العالي، النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام يومياً دون أن يقرأها وسورة الزمر، حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها قرآن، في ورده اليومي، في صلاته، في قيامه، قبل أن ينام يقرأ ببعض الآيات أو سورة الإسراء وسورة الزمر.[/FONT]
[FONT=&quot]أسماء السورة[/FONT]
[FONT=&quot]كل اسم من أسماء السورة يتعلق بأهم المواضيع التي تغرسها فينا هذه السورة العظيمة.[/FONT]
[FONT=&quot]الاسم الأول الذي ورد في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: سورة بني إسرئيل[/FONT]
[FONT=&quot]سميت السورة باسم بني إسرائيل رغم أنهم مذكورين بكثرة في القرآن ومن أكثر المواضيع التي ذكرت في القرآن الكلام عن بني إسرائيل وقصة موسى عليه السلام وعن ما فعله بني إسرائيل بعد ذلك مع موسى وأنبيائهم عليهم السلام. لكن هذه السورة سميت ببني إسرائيل لارتباط بموضوعها، هذه السورة تغرس فينا معنى العطاء والمنع. بنو إسرائيل يقولون عن أنفسهم أنهم شعب الله المختار والحقيقة أن بني إسرائيل كانوا في لحظة من اللحظات مختارين، قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَد اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) الدخان) اختارهم على علم وفضّلهم (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) الجاثية) لكن هذا التفضيل لم يستمر وانتقلت الإمامة وانتقل الاستخلاف وانتقل التفضيل من أمة بني إسرائيل إلى أمة أخرى. فهذه القصة قصة بني إسرائيل التي ذكرت في أول السورة وتلخيص معنى العطاء والمنع (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴿٤﴾ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴿٥﴾) القصة تلخص هذا المعنى الذي له ارتباط شديد بحادثة الإسراء التي هي احتفال بانتقال الإمامة إلى أمة النبي صلى الله عليه وسلم، حالة من الاستبدال. بنو إسرائيل كانوا الأمة المختارة، الأمة التي فيها العلم، الأمة التي أُرسل لها أنبياء وراء أنبياء (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) البقرة) لكن هذا الاختيار لا يستمر لأن الله سبحانه وتعالى لا يحابي أحداً ولا يجامل أحداً فالذي لا يكون على قدر الاختيار وعلى قدر الأمانة تتحقق فيه القاعدة التي وردت في السورة (وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً) سنّة الله عز وجل أن من فرّط يُستبدل. نجد في سورة بني إسرائيل حالة استبدال (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) سيكون عندهم قوة يأتي الاستبدال (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴿٥﴾ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴿٦﴾) لهم صيت وسمعة ونفير ولكن مع هذا (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ) و(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) وهذا ما حصل (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) حالة الاستبدال واضحة جداً في السورة وتكرر في القرآن لأن هذه الأمة أكثر أمة مفسدة شهدها تاريخ البشرية، إفساد رهيب ولو تكلمنا عن جرائمهم (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) الإفساد مستمر عبر أجيال وأجيال، وتآمرهم وأفعالهم تجد في كل مصيبة في تاريخ الأمم لا بد أن تجد فيها يهودياً يحرّض، غزوة أُحد فيها تحريض من كعب بن الأشرف، في غزوة الخندق فيه سلّام الذي ألّب الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم، بني قريظة ألّبهم حيي بن أخطب، عبد الله بن سبأ وفتنة التشيّع والرفض وبداية هذا الأمر، هذه الأمة قال الله سبحانه وتعالى عنها (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ (82) المائدة) حتى في التاريخ المعاصر أمثال هرتزل وفرويد وكارل ماركس وأتاتورك الذي أدخل العلمانية إلى تركيا، كل هؤلاء كانوا ذوو أصول أو علاقات يهودية، كل هذا يشمل معنى الإفساد (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) المائدة) هذه خاصية من خصائصهم، الإفساد في الأرض. إن التمكين مرتبط بالطاعة كما قال الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) الحج) وبنو إسرائيل لم يفعلوا هذا فحصل لهم استبدال (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) العلماء اختلفوا في مسألة الوعد الأول والثاني، الإفساد الأول تبعه هذا الإهلاك قيل أنه الذي حصل على يد بنوخذنصر ملك الفرس قتل منهم واحتل أرضهم وقيل الثاني الروم لما احتلوا الأرض، وبعض العلماء قالوا أن الوعد الثاني لم يأت بعد وهم الآن في مرحلة الإفساد الثاني والتتبير المنتظَر سيأتي على يد المؤمنين في آخر الزمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقولان يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله. القاعدة المحكمة التي في السورة هي (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) إن عدتم للأفساد عدنا لاستبدالكم لأنكم أفسدتم وهذه سنة الله عز وجل التي لا تتحول، سنة التفضيل الذي يتبعه استبدال. والملاحظ أن ألفاظ التفضيل وأسلوب التفضيل يتكرر في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً)[/FONT]
[FONT=&quot](وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ)[/FONT]
[FONT=&quot](إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا).[/FONT]
[FONT=&quot](انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً)[/FONT]
[FONT=&quot](أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً)[/FONT]
[FONT=&quot]هذا التفضيل وفي مقابله نجد الاستبدال والإهلاك، يتكرر في القرآن دائماً (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) تفضيل وتدمير مرتبط بالعمل.[/FONT]
[FONT=&quot]الاسم الأول للسورة (بني إسرئيل) والنموذج الذي ضربه الله تعالى لأمة كانت نفضّلة اختارها الله سبحانه وتعالى على علم ومع ذلك حدث التدمير والإهلاك والاستبدال الذي حدث في قصة الإسراء. الله عز وجل له سنن ثابتة من ضمنها إذا أفسد الإنسان استُبدل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) بأوامر ونواهي (فَفَسَقُواْ) لم يأتمروا بهذه الأوامر ولم ينتهوا عن النواهي ففسقوا فيها (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) سنة الله عز وجل ولن تجد لهذه السنة تبديلاً ولا تحويلا. الله عز وجل قطع بهذا. [/FONT]
[FONT=&quot]وفي السورة نجد قصة إبليس وكان يعبد الله عز وجل مع الملائكة ذكر الله تعالى قصة استبداله بعد أن كان من العابدين ثم عصى (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً) بعدما رفض السجود آدم (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) مُنع ابليس وطُرد من رحمة الله عز وجل واستبدل رغم أنه كان في البداية طائعاً لله لكنه لما أفسد وخالف وبدّل "فلما بدّلوا استُبدلوا" هذه هي القاعدة، تبدِّل تُستبدَل، تبقى على طاعة الله عز وجل وتطيع يبقى لك التفضيل ويبقى لك المكانة. [/FONT]
[FONT=&quot]المنع سنة عامة (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً) النبي صلى الله عليه وسلم لم يركن لكن الكلام لتمام القاعدة (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) هذا الكلام قاعدة عامة لو ركن النبي صلى الله عليه وسلم للكفار أو فرّط أو استبدل أو غيّر ستكون النتيجة (ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) وهذا أمر مشاهد في الدنيا التفضيل يليه الاستبدال.[/FONT]
[FONT=&quot]ننتقل إلى الاسم الثاني وهو (الإسراء)[/FONT]
[FONT=&quot]حادثة الإسراء، هذا التشريف وهذا الاجتماع كله شرف، حتى الدابة التي نقلت النبي صلى الله عليه وسلم دابة شريفة وهي البُراق هذا المخلوق الذي ليس له نظير وليس له ذكر إلا في هذا المقام الذي انتقل فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاجتماع النبوي كما ورد في بعض الروايات العلماء عدّوا 25 ألف نبي و300 رسول وتخيل الأنبياء إبراهيم وإسماعيل ويوسف ويونس وهود ولوط عليهم السلام وكل الأنبياء يقفون في هذا الاجتماع كأنه احتفال لن يتكرر ولن تشهد البشرية مثله إلا في هذا الموطن والنبي صلى الله عليه وسلم بعدما صلّى ركعتين ثم عُرج به إلى السماء ثم عاد إلى الأرض ليصلي بهم يقدّمه جبريل ليصلي بالأنبياء وكان وراءه إبراهيم عليه السلام وآدم أبو البشر وإسماعيل وهنا تظهر رمزية الانتقال، انتقلت الإمامة، كل الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم كانوا مبعوثين لبني إسرائيل وكانوا ينتظرون نبي آخر الزمان وكانوا يستفتحون به على الذين كفروا لكن النبي جاء من العرب وبدأ التغيير وبدأ الاستبدال، الإمامة تنتقل هنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان المبارك الذي بارك الله سبحانه وتعالى حوله نسأل الله تعالى أن يرزقنا فيه صلاة قبل الممات أو شهادة على أعتابه إنه ولي ذلك والقادر عليه. فالمعنى هنا فيه انتقال لهذا الحشد الرهيب وسيد الملائكة واقف وسادة البشرية وأعظم رجال شهدتهم البشرية كلهم قدّموا النبي صلى الله عليه وسلم لكي يقود المسيرة ولكي تبدأ أمته القادمة أن تكون هي المستخلَفة لكن بشروط وهذا ما سنتكلم عنه في الجزء الثاني من السورة المتعلق بالإسراء وهي انتقال القيادة والإمامة. وكما أن هناك أسباباً للاستبدال هناك أسباب للقيادة. حتى تكون أمة مستخلفة، حتى تكون خليفة في الأرض لا بد أن تحقق شروطاً إذا تحققت يُنال الاستخلاف والله سبحانه وتعالى لا يحابي أحداً ولا يجامل أحداً، إنما هناك شروط معينة تعرضها هذه السورة، من هذه الشروط:[/FONT]
[FONT=&quot]تعلق القلب بالآخرة وعزوفه عن حب الدنيا وإرادتها (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴿١٨﴾ وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) إرادة الدنيا استوجبت العذاب كما ورد في سورة هود وفي سورة يونس (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (16) هود) مجرد الإرادة كافية لتستوجب العذاب أما الآخرة فلا بد من السعي لها. إذن من صفات الأمة المستخلفة أن القلوب لا تميل إلى الدنيا وأنها متعلقة بالآخرة، تعمل في الدنيا وتنتج لكن القلب ليس متعلقاً بهذا الجدي المتعفّن الذي مرّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يشتري هذا؟ قالوا من يشتريه وهو أسكّ معيب، لو كان حياً لم نشتريه فكيف نشتريه وهو معيب قال للدنيا أهون على الله من ذلك وفي الحديث الآخرة "أهون على الله من جناح بعوضة.[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثانية للأمة المستخلفة وصناعة القائد الخليفة أن يكون من خصائصه أخذ الكتاب بقوة كما قال الله سبحانه وتعالى ليحيى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ (12) مريم) وقيل لبني إسرائيل (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ (63) البقرة) لكنهم للأسف لم يأخذوه. سورة الإسراء تمتلئ بالأوامر الحاسمة بلهجة حاسمة في أغلب آيات السورة كأنها دستور، ميثاق، قانون، فهي تتحدث عن مرحلة انتقال خلافة، (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) كلمة (قضى) (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ) (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) اللهجة الحاسمة الآمرة، بحاجة لأخذ الكتاب بقوة، أوامر حاسمة (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴿٢٥﴾ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴿٢٦﴾ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴿٢٧﴾) لهجة حاسمة في آيات الأوامر هذه (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ﴿٢٨﴾ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴿٢٩﴾) لهجة آمرة حاسمة وأيضاً لجة التهديد والوعيد لمن يخالف هذه القوانين وهذا الدستور الوارد في سورة الإسراء (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) (فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً) (يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا) (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) (فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) هذا أخذ الكتاب بقوة والقوة والعزيمة في مواجهة الباطل. أخذ أوامر الله سبحانه وتعالى بقوة ولا تمايع أمام الباطل كأن السورة فيها جو حرب كما ذكرنا في الآيات المتعلقة بالشيطان (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) خيل ورجل، حرب، الشيطان عدو وهناك علاقة وحسم وحرب (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) الكلام حاسم مع اليهود أيضاً (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً) (وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) الكلام حاسم مع المكذبين بالبعث (وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا) الرد الحاسم القوي على المكذبين بالبعث (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ﴿٥٠﴾ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ﴿٥١﴾) الكلام حاسم مع المشركين (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً) مع المجادلين وأهل الشبهات (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) حتى مع التبديل والتغيير (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴿٧٣﴾ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴿٧٤﴾ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴿٧٥﴾ وتظهر القوة في قصة موسى مع فرعون في رد موسى عليه السلام القوي في مواجهة أهل الباطل (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا) يقف موسى أمام فرعون في مواجهة ويقول له بقوة أنه هالك وهذه صفات الأمة التي تستحق الإستخلاف، الأمة التي تثبت هي الأمة التي يعظّم قادتها الله.[/FONT]
[FONT=&quot]الاسم الأخير للسورة: سبحان[/FONT]
[FONT=&quot]التسبيح من أهم خصائص سورة الإسراء فهي مليئة بالتسبيح وفيها من أجمل وأشمل تسابيح القرآن أن الله سبحانه وتعالى (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) التسبيح هو تعظيم لله عز وجل هو تنزيه لله سبحانه وتعالى وهذا من أهم خصائص الأمة المستخلفة، من أهم خصائص القائد الذي سيتقدم الصفوف أن يكون معظِّماً لله، معظم لشرعه، معظم لأمره، معظم لنهيه، وليس تعظيماً باللسان فقط وإنما تعظيماً بالقلب (سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً) (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً) هذا هو العلم وهذه هي الإمامة (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا). عندما يستقر هذا التعظيم يأتي الثبات وتأتي الإمامة. [/FONT]
[FONT=&quot]كيف يحدث هذا التعظيم؟ بطريقين:[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]الطريق الأول معرفة الله عز وجل[/FONT][FONT=&quot]، تعرف الله عز وجل فتعظّمه ومعرفة الله تكون من كلامه فتمتلئ السورة بالثناء على القرآن وهي من أكثر إن لم تكن أكثر سور القرآن فيها كلمة الثناء على كتاب الله عز وجل فتكررت كلمة (قرآن) في السورة 11 مرة، معدل عالي جداً لأنه مصدر المعرفة ومصدر التعظيم لله، عندما تعرف الله عز وجل من خلال القرآن وتعرف أوامر الله عز وجل ونواهيه من خلال هذا الكتاب ستعظّم الله بشكل صحيح وستحبه بشكل صحيح. في السورة كلام كثير عن القرآن (إِنَّ هَـذَا [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنَ[/FONT][FONT=&quot] يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot] لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا) (وَإِذَا قَرَأْتَ [/FONT][FONT=&quot]الْقُرآنَ[/FONT][FONT=&quot] جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا) (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot] وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا) (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي [/FONT][FONT=&quot]القُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot]) ([/FONT][FONT=&quot]وَقُرْآنَ[/FONT][FONT=&quot] الْفَجْرِ إِنَّ [/FONT][FONT=&quot]قُرْآنَ[/FONT][FONT=&quot] الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) (وَنُنَزِّلُ مِنَ [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot] مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot] لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا [/FONT][FONT=&quot]الْقُرْآنِ[/FONT][FONT=&quot] مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا) ([/FONT][FONT=&quot]وَقُرْآناً[/FONT][FONT=&quot] فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً) [/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]الطريق الثاني هو العبادة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والسورة مليئة بأوامر العبادة (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) [/FONT]
[FONT=&quot]بإجمال سورة الإسراء لها ثلاثة أسماء كلها متعلقة بمعنى الاستبدال والإمامة، نموذج بني إسرائيل الذي اختير وفُضّل ثم استُبدل لما بدّل وأفسد، والنموذج الثاني انتقال الإمامة للنبي صلى الله عليه وسلم وحادثة الإسراء وصفات الأمة القائدة: تعظيم الله، عدم حب الدنيا، تقديس وتعلّق القلب بالآخرة والإحساس بالقوة وتنفيذ أمر الله عز وجل: أخذ الكتاب بقوة ومواجهة أهل الباطل بقوة وتعظيم الله عز وجل وتسبيحه.
[/FONT]
سورة الإسراء
‫ظ…ظˆط¹ط¯ ظپظٹ ط§ظ„ط£ظ‚طµظٹ ط§ظ„ط­ظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط³ط§ط¨ط¹ط© ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ط¥ط³ط±ط§ط،‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكهف[/FONT]
[FONT=&quot]قال عباد بن بشر رضي الله عنه وهو في الحراسة مع عمار بن ياسر فأصابه سهم من سهام العدو أزاحه وأكمل صلاته وهو قائم يصلي بسورة الكهف فأصابه سهم ثان فأيقظ عمار بن ياسر فقال له هلا كان من أول سهم؟! فقال: كنت في سورة لخروج روحي أحبّ إليّ من أن أخرج منها.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكهف كما سورة الإسراء وسورة الفاتحة لها معدّل قرآءة، من دلائل الرسالة المعينة المهمة التي يريد النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أن تتلقاها أن يكون للسورة موعد قرآءة دوري، سورة الكهف لها معدّل قرآءة ثبت في كثير من الأحاديث منها حديث أبي سعيد الخدري (من قرأَ سورةَ الْكَهفِ في يومِ الجمعةِ أضاءَ لَهُ منَ النُّورِ ما بينَ الجمعتينِ وعن هُشَيمٍ. وقالَ فيه أضاءَ لَهُ منَ النُّورِ ما بينَهُ وبينَ البيتِ العتيقِ. وعن هشيمٍ. موقوفًا وقالَ ما بينَهُ وبينَ البيتِ ومرفوعًا ولفظُهُ من قرأَ سورةَ الْكَهفِ كما أُنزِلَت كانت لَهُ نورًا يومَ القيامةِ) وفي رواية (بينه وبين البيت العتيق) نور لك عندما تقرأ سورة الكهف وجعلها لدفع الفتنة (ليقرأ فواتح الكهف) وعلمنا أن نتعوذ من فتنة المسيح الدجال في الصلاة، وهذا من ضمن فوائد السورة (من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره. الراوي: أبو سعيد الخدري) [/FONT]
[FONT=&quot]ما المعنى المميز في سورة الكهف الذي يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتكرر لنا كل جمعة؟ [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكهف فيها أمور كثيرة تكررت في سور أخرى لكن في السورة أربع أمور مميزة لم يرد ذكرها إلا في هذه السورة. ذكر الدنيا موجود في سور أخرى كسورة الإسراء وذكر قصة آدم وابليس موجودة في أكثر من سورة كسورة الحجر، لكن الأمور المميزة الموجودة فقط في سورة الكهف؟ قصص السورة. ومع العلم أن القصص ورد في كثير من سور القرآن لكن قصص سورة الكهف لم ترد إلا في سورة الكهف حتى أن أكثر أبطالها لم يرد ذكرهم إلا في سورة الكهف منهم أهل الكهف التي سميت السورة باسمهم، صاحب الجنتين وصاحبه وذي القرنين وقصة موسى مع العبد الصالح لم ترد إلا في سورة الكهف. ورد في سور عديدة قصة موسى عليه السلام لكن قصة موسى وهو طالب علم يرتحل وهناك من يعلّمه لم ترد إلا في سورة الكهف. [/FONT]
[FONT=&quot]من الأمور المميزة في سورة الكهف أيضاً الرابط بين قصصها. العلماء لهم اجتهادات كثيرة في هذه المسألة وأوسط الأقوال هو الحركة ولا نقصر مواضيع السورة عليه فقط لكن هذا معنى يجب أن نتوقف عنده. القصص الأربعة في سورة الكهف تمتلئ بالحركة وحركة في كل مقام في كل حالة تمر بها الأمة أو الفرد المسلم أو المجتمع المسلم، مجتمع متحرك وليس مجتمع دراويش! ليس مجتمعاً مغلقاً على نفسه، مجتمع مع كل الظروف التي تمر بهم تجد نوعاً معينة من الحركة يناسب ظروفهم.[/FONT]
[FONT=&quot]في السورة مواضيع كثيرة تربط بين قصصها لكن نتوقف عند معنى الحركة والعمل الدؤوب في هذه السورة، في كل موطن وكأنها رسالة في يوم العيد الأسبوعي، يوم الجمعة، هو ليس يوم راحة ولكنه يوم حركة في كل مقام. رغم الاستضعاف والشدة الرهيبة التي مرت بأهل الكهف تجد نوعاً من الحركة وعند الرخاء هناك حركة وعند التمكين والقوة والأسباب التي أوتيت لذي القرنين تجد حركة، دائماً في حركة، مجتمع متحرك، مجتمع له دور ونشاط لا مجتمع خامل مثبّط كسول![/FONT]
[FONT=&quot]الحركة في قصص السورة[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]نستعرض موضوع الحركة المستمر في كل قصة من قصص سورة الكهف والذي يمنع الإنسان عن الحركة هو فتنة الدنيا ولذلك نجد دائماً أنه يتخلل هذه القصص كلاماً عن الدنيا لأنها هي التي توقف، قال تعالى (ما لكم اثاقلتم ) لماذا؟ (أرضيتم بالحياة الدنيا) الرضى بالدنيا والفتنة بها هو الذي يُقعِد الإنسان عن الحركة فلذلك ذكر الدنيا كثير في السورة (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) كلام كثير عن الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]القصة الأولى: قصة أصحاب الكهف، حركة في الهجرة بالدين:[/FONT][FONT=&quot] أصحاب الكهف كانوا في حالة شديدة من الاستضعاف وقيل في كثير من الروايات والإسرائيليات أن أصحاب الكهف كانوا من أبناء الملوك والوزراء ولهم مقام عال في قومهم ثم آمنوا بالله عز وجل فحصل توعّد واستضعاف (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) كيف سيقابلون هذا الاستضعاف؟ هل يركنون ويقبلون ويقعدون؟ لا، تجدهم يتحركون (إِذْ قَامُوا) قاموا ولم يقعدوا (فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) مفاصلة تامة وبين قومهم ووضوح في الاعتقاد، (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) تحركوا وهاجروا، هنا حركة هجرة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴿١٣﴾ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴿١٤﴾ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿١٥﴾ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) جاء الاستضعاف فكانت الحركة لإقامة الدين، المقصد الأسمى لو لم يستطع المسلم أن يقيمه في مكان فعليه بالهجرة، حركة العزلة والهجرة في الدين. أين هاجروا؟ (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) هل الكهف مأوى؟! الكهف مكان مظلم وقد يكون فيه من الأفاعي ومن وحوش الأرض تؤدي أن لا يكون مأوى ولكن مع ذلك قال (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) الذي سيتحول بإذن الله عز وجل إلى مأوى وأمان. تسخّر نواميس الكون كلها ليكون أصحاب الكهف في أمان ولا يتأذوا (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ) حتى لا تؤذيهم الشمس (ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴿١٧﴾ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ) قيل أن أعينهم بقيت مفتوحة لئلا يصابوا بالعمى (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ) حتى لا تتقرح أجسادهم من النوم (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) للحماية والأمان وتستمر إقامتهم في هذا المكان في سبات عميق لمدة ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً. كل هذه المدة يجعلها لهم لأنه سبحانه وتعالى وعدهم (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) الكهف الذي ليس فيه أي مرافق أصبح في حالة مناسبة ليمكث فيه أصحاب الكهف وتسمى السورة باسمهم. لماذا؟ كل الحركة التي جاءت في القصص الأخرى في السورة لها نهاية معروفة فمنهم من تحرك لطلب العلم ومنهم من تحرك للدعوة إلى الله ومنهم من تحرك للفتوحات وإقامة العدل في الأرض يعرفون أنهم في النهاية سيرجعون لكن أصحاب الكهف لما تحركوا لم يكونوا يعلمون إن كانوا سيرجعون أو إن كانوا سيبقون على قيد الحياة (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) فهاجروا بدينهم إلى الكهف وضحّوا بمكانتهم ومناصبهم ليقيموا دين الله سبحانه وتعالى (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) وسميت السورة باسمهم.[/FONT]
[FONT=&quot]القصة الثانية: قصة صاحب الجنتين، حركة في الدعوة إلى الله:[/FONT][FONT=&quot] في القصة فيها إمكانية جهر بالدعوة حين يرد عليه صاحبه (لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا) لم يؤذى ولكن صاحب الجنتين المتكبر في تكذيب يكذّب دين الله عز وجل، الحركة مختلفة هنا فهي ليست هجرة في الدين ولكن دعوة إلى الله عز وجل، حركة في الدعوة نستشعرها في آيات القصة (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) لم يدعه صاحبه وشأنه إنما حاوره ودخل وراءه، في حركة وكلام وحوار. صاحب الجنتين (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) دخل جنته واستكبر، لم تنتهي القصة هنا (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا) كفروتألي على الله عز وجل. (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) هناك حوار ودعوة، (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) بدأ يدعوه ويذكّره بأصله من نطفة والله تعالى هو الذي خلقك (لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿٣٨﴾ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴿٣٩﴾ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿٤٠﴾ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴿٤١﴾) ترغيب وترهيب وتذكير بالله عز وجل، هذه حركة دعوية.[/FONT]
[FONT=&quot]القصة الثالثة: قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح، حركة في طلب العلم[/FONT][FONT=&quot]. سيدنا موسى عليه السلام لم يحصل له فتح لبيت المقدس لأنه قُبض عليه السلام في فترة التيه ومع ذلك كان هناك نوع من الرخاء النسبي بدأ يكون هناك رحلة في طلب العلم. وقد سُئل موسى عليه السلام: أيُّ الناس أعلم؟ فقال أنا. فلم يرد العلم لله تعالى كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فأوحى الله إليه أن عبداً من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك. فموسى عليه السلام تحركت همته في طلب العلم الذي عند غيره ولا يعلمه هو وتبدأ حركة عجيبة جداً وإصرار رهيب على هذه الحركة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) من صحراء النقب إلى طنجة في المغرب حتى يصل إلى العبد الذي هو أعلم منه، (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) ومستعد أن يبقى سنين والحقب قيل خمس وعشرين سنة وقيل عشرة وقيل ثمانين سنة فهو على استعداد أن يمشي أحقاباً لكي يتعلم ويطلب العلم وتتكرر كلمة (فانطلقا) يركب السفينة ويدخل القرية ويذهب هنا وهناك ليتعلم العلم من المعلم ويصبر ويقول (آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) الحركة أتعبته لأنه متحرك، أمة متحركة، مع هذه الحركة يظهر تواضع للعالم (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا) (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا) أدب في التعلم مع أن موسى عليه السلام رسول نبي ومن أولي العزم من الرسل ومع هذا فهو متواضع في طلب العلم، هذه الحركة في طلب العلم.[/FONT]
[FONT=&quot]القصة الرابعة: قصة ذو القرنين، الحركة في إقامة العدل في الدنيا[/FONT]
[FONT=&quot]هنا حصل التمكين وأصبح هناك من كل شيء سبباً (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴿٨٣﴾ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) تمكين (وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) فلم يسكت ذو القرنين وإنما (فَأَتْبَعَ سَبَبًا) يعمل وينتج ويسير في الأرض وهنا الحركة حركة جماعية عالمية، ذو القرنين يتحرك حركة عالمية فيذهب إلى مغرب الشمس ثم يذهب إلى مشرق الشمس ثم إلى ما بين السدين وفي كل مكان وكلما ذهب إلى أرض يأتيه أهلها عرفوا أن هذا الممكّن المسلم الذي له قوة يقيم العدل في الأرض فيطلبوا منه (إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) فقال (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴿٨٧﴾ وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴿٨٨﴾) ثم (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴿٩٠﴾ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ﴿٩١﴾) وكل مرة (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴿٩٣﴾ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) نعطيك مالاً (عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) قال لا أنا لا أحتاج إلى مال (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) أنا أقوم وأسير في الدنيا لإقامة العدل ونصرة المستضعفين والدعوة إلى الله ونشر الحق بين الناس (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) مع أن ذي القرنين لم يكن محتاجاً لمعونة وقد سبق في الآية (وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) هنا معنى جميل جداً فهو لا يساعدهم فحسب وإنما يعلّمهم أيضاً (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) كما يقولون في القاعدة المشهورة: لا تعطني سمكاً وإنما علّمني كيف أصطاد. ذو القرنين يريد أن يعلّمهم ليتمكنوا بأنفسهم من الحركة والانتاج والعمل (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) وتأتي آية عظيمة جداً تتعلق بالكيمياء وهي آية صناعة السبيكة (آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴿٩٦﴾) حديد ونحاس مذاب بطريقة معينة (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴿٩٧﴾) ثم تأتي الفائدة (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) لم يقل هذه بقوتي، وإنما هو رحمة من ربي (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾) نتعلم من ذي القرنين التجرّد. [/FONT]
[FONT=&quot]صورة للمجتمع المسلم وتخيل لو كان مجتمعنا هكذا اليوم في كل حالة تمر به هناك نوع من الحركة، استضعاف: يبحث كيف ينجو بدينه، هناك فسحة في المعيشة وليس هناك استضعاف يتحرك ليدعو رغم وجود الفساد والكفر، يدعو الناس ولا يتركهم، وحركة في طلب العلم وحركة بعد التمكين في نشر العدل بين الناس في العالم، مجتمع متحرّك.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه من أعظم الرسائل التي نستخلصها من قصص سورة الكهف، رسالة الحركة والعمل، قيمة الحركة. ديننا ليس دين قعود وتكاسل وخمول بل دين عمل وقوة وبذل وتضحية وأعظم القصص في السورة التي صورت هذه الأمور هي قصة أصحاب الكهف فحركتهم ليس لها معاد ولهذا سميت السورة باسمهم. المانع عن الحركة هو حب الدنيا فتجد السورة تتكلم عن الدنيا (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿٧﴾ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴿٨﴾) (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴿٤٥﴾) هذه الدنيا التي تعطلكم عن الحركة والعمل والبذل ليس لها قيمة (فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) زينة يفرح بها الناس ولكن (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿٤٦﴾) العمل والبذل.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الحركة لا بد أن تكون بضوابط فقد يتحرك الإنسان بطريقة خاطئة فتؤذي بدل أن تُفيد ولهذا خاتمة السورة تحدد لنا شروط الحركة "الإخلاص والمتابعة" وربنا سبحانه وتعالى يعلمنا آخر السورة (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾) العمل يكون صالحاً ومخلصاً لله تعالى لو تحقق الشرطين في الحركة تكون هذه الحركة على سبيل صحيح، ويضرب الله تعالى لنا مثلاً (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴿١٠٣﴾ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴿١٠٤﴾) صنعوا وعملوا لكنه كان على ضلالة لأنه لم يكن صالحاً، العمل الصالح هو الذي يكون على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وبعلم فالسورة تعلمنا: [/FONT]
· [FONT=&quot]العمل بأثر، [/FONT]
· [FONT=&quot]العمل على هدي النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT]
· [FONT=&quot]والقلب يكون مخلصاً ليس فيه شرك (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [/FONT]
[FONT=&quot]تختم السورة بهذا. سورة مليئة بالحركة ومناهج العمل (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴿٢٧﴾) (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) توجيه لنا أن نتكلم ونجتهد ونعمل في كل ظرف، ليس لنا حجة في ترك العمل والحركة، كل موقف له حركته، تدعو إلى الله، تخرج لطلب العلم، ولو عندك تمكين تتحرك في إقامة العدل في الدنيا.[/FONT]

سورة الكهف
‫ط§ظ„ط­ظ„ظ‚ط© ط§ظ„ط«ط§ظ…ظ†ط© ط¹ط´ط± ظ…ظ† ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ظ„ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ ظˆ ظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ظƒظ‡ظپ‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة مريم[/FONT]
[FONT=&quot]عطاءات الله لأهل الإيمان وعقوبته لأهل الطغيان والنكران[/FONT]
[FONT=&quot]بعد الحركة السريعة في سورة الكهف وهذا اللهاث الشديد ننتقل لسورة هادئة، ننتقل لواحة إيمانية وارفة الظلال، فيها كلام الرحمات والعطاءات الربانية لأهل الإيمان، سورة مريم.[/FONT]
[FONT=&quot]سميت سورة مريم باسم امرأة صالحة كاملة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "كمل من النساء ثلاثاً مريم بنت عمران وخديجة رضي الله عنها وآسيا امرأة فرعون". وقصة مريم مليئة بالخوراق والأعاجيب والفتوحات التي تستغرق نحو ثلثي آيات سورة مريم. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة مريم من أهم خصائصها أنها أكثر سورة في القرآن ورد فيها ذكر اسم (الرحمن) ورد 16 مرة وهذا يساعد في تدبر السورة ومعانيها من خلال تكرار كلمة فيها أو من خلال اسم السورة من خلال أسباب نزولها. فورود لفظ الرحمن فيها 16 مرة يستدعي التوقف عنده وهو أعلى معدل تكرر فيه هذا الاسم في سورة واحدة في القرآن وهو من أكثر الأسماء تكرراً في القرآن الكريم ابتداء من سورة الفاتحة (الرحمن الرحيم) لكن في سورة مريم تكرر بأعلى معدل 16 مرة تليها سورة الزخرف 7 مرات. اسم الله الرحمن يمتلئ بالرحمات وهذا ما سنجده في آيات سورة مريم. فالسورة يمكن أن نطلق عليها سورة عطاءات الله لأهل الإيمان وعقوبته لأهل الطغيان والنكران فكما أن السورة فيها عطاءات فيها أيضاً عقوبة الذين طغوا وتكبروا وأفسدوا واشركوا وكيف عاملهم الله سبحانه وتعالى أيضاً باسمه الرحمن (في الثلث الأخير من السورة). [/FONT]
[FONT=&quot]بعض الناس تظن أن اسم الرحمن هو رحمة خالصة والحقيقة عندما نستعرض الآيات في السورة التي ورد فيها عقوبة (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾) اسم الرحمن يتكرر مع العقوبات. بعض العلماء قالوا أن اسم الله الرحمن هناك معنى جلال فيه ليس فقط هو اسم جمال بحسب تقسيم العلماء لأسماء الله الحسنى، يقسمونها أسماء جلال وأسماء جمال، أسماء الجمال مثل الرحمن، الرحيم، الودود، الغفور والتواب، الأسماء التي تأخذ بقلب الإنسان بالرجاء وهناك اسماء جلال مثل القهار، الجبار، القوي المتين، الأسماء التي فيها قوة تجعل الإنسان يرهب، فما بين الترغيب والترهيب تأملك في اسم الرحمن ستجد المعنيين.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي تأملنا في هذين المعنيين نجد هذه السورة تنقسم إلى هذين القسمين:[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول: عطاءات الله لأهل الإيمان (من الآية الأولى إلى الآية 58)[/FONT][FONT=&quot] وقبل كل عطاء نجد البطولة التي ربنا سبحانه وتعالى ذكرها لهذا النموذج من أهل الإيمان. في سورة مريم يضرب نماذج لأهل الإيمان منهم النموذج الذي سميت السورة باسمه وهي السيدة مريم وابنها سيدنا عيسى المسيح عليه السلام. كلما نقرأ نموذجاً من هذه النماذج سنجد ذكراً لبطولاتهم الإيمانية والتعبدية والأخلاقية، سنجد معاني عظيمة في إيمانهم وثباتهم وعفتهم وفي بر سيدنا ابراهيم لأبيه وهكذا وبعدها تجد عطاءات الله عز وجل وكراماته ومعجزاته التي أكرم بها هؤلاء أهل الإيمان. ولهذا تتكرر في هذا القسم من السورة ألفاظ العطاءات والهبات والرحمة وأسماء الإشارة (نُبَشِّرُكَ) البشارة، (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) الهبة التي هي عطاء من غير سبب دنيوي، سيدنا زكريا وهبه الله سبحانه وتعالى الولد مع أنه كان عجوزا وامرأته عاقرا، (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا) رحمة، سورة الرحمات سورة مريم مليئة بالرحمات والعطاءات (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) وقول الله عز وجل (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا). وكما ذكرنا قبل الرحمات والعطاءات والهبات نجد البطولات التي عملها هؤلاء النماذج وأغلب هذه البطولات هي بطولات محرابية تعبدية إيمانية كما تبدأ قصة زكريا عليه السلام فهي بطولة تعبدية وآية من آيات حسن الظن بالله عز وجل (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴿٢﴾ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾) قال بعض العلماء أن (خفيا) هنا لأن زكريا عليه السلام معتاد على الخلوة مع الله عز وجل معتاد أن يستخفي بعبادته ويكون بينه وبين ربه سرّاً ويمكن أن نتعلم من سيدنا ظكريا بأن يكون بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى مناجاة، حال خفي لا يعلمه إلا الله جل وعلا. (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴿٢﴾ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴿٣﴾) وبعضهم قال خفياً لأن زكريا كان رجلاً طاعناً في السن ووهن عظمه واشتعل رأسه شيباً ويطلب من ربه أن يعطيه ذرية فكيف يطلب هذا الطلب وهو عجوز وامرأته لا تنجب فالأسباب منقطعة وبعضهم قال لو كان زكريا جهر بهذا النداء لكان أثار استغراب الناس لكنه حسن ظنه بالله عز وجل. قول سيدنا زكريا (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) وقول سيدنا ابراهيم (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) هذه جمل نجتاج أن نجعلها شعارات في حياتنا. (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) شعار ضعه أمام عينيك وأنت تدعو ربك سبحانه وتعالى، لن تشقى في حياتك وأنت تدعو الله سبحانه وتعالى وتطلب منه عز وجل (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) طه) الشقاء مرتبط بالبعد عن الله عز وجل لكن الذي يرتبط بالله عز وجل كيف يشقى؟! فبطولة سيدنا زكريا هي حسن ظنه بالله سبحانه وتعالى والدعاء والتبتل فقد دعا ربه هذا الدعاء الخفي وهو قائم في المحراب يعرض حاله في بداية مناجاته لربه سبحانه وتعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) كله شعر رأسه أبيض دلالة على كبر سنّه (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴿٤﴾ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴿٥﴾) قبل أن يطلب زكريا من لدن الله ولياً قال السبب فهو لم يكن يريد الولد لنفسه أو لأجل دنيا وإنما طلبه (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي) خفت على بني إسرائيل من بعدي فقد كنت كبيرهم وليس هناك من وريث بعدي (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴿٤﴾ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي) طلب الهبة وليس العطاء لأن الهبة غير العطاء فالهبة من غير ثمن، زكريا ليس عنده أسباب يحصل بها على الولد فطلبه هبة من ربه سبحانه وتعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) الشورى) الأولاد هبة من الله سبحانه وتعالى، وكله بأمر الله عز وجل نتعلم من زكريا هذه المعاني وهذه البطولة الإيمانية. (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴿٦﴾) اجعله راضياً واجعله مرضياً وقدّم زكريا بين يديه ربه بطولات محرابية تعبدية، الملائكة نادته وهو قائم يصلي في المحراب فقال في سورة آل عمران (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى (39) آل عمران) كان في المحراب وفي سورة مريم قال (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ) ونجد كلمة المحارب تتكرر مع أنبياء بني إسرائيل، مع زكريا، مع سيدنا سليمان النبي الملك القوي (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ (13) سبأ) المحراب هو مكان العبادة، مع مريم عليها السلام (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ)، مع زكريا (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ (39) آل عمران) (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ)، داوود عليه السلام (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص) مع أن داوود كان ملكاً وقائداً لكنه لم ينس المحارب، مكان العبادة. إياك أن تنسى مكان العبادة. المحارب نجده واضحاً في قصص أنبياء بني إسرائيل وعُبّاد بني إسرائيل وفي قصة زكريا في هذا الجو المحرابي التعبدي تأتي البشارة والنداء من عند الله سبحانه وتعالى (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) لم يسمى أحد قبله بيحيى. (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) كل هذا هيّن على الله سبحانه وتعالى ولا شيء يصعب عليه عز وجل (قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) تذكر ماذا كنت قبل خلقك؟ كنت نطفة من ماء مهين فخلقك الله عز وجل فلا تستعجب. هذه قصة زكريا وهذه هبة الله تعالى له وعطاؤه. وليس الوقت هنا وقت كلام وإنما وقت ذكر فقال تعالى (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أمام هذه الآية العظيمة نجد بطولات أيضاً في قصة سيدنا يحيى عليه السلام (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) بقوة وعزيمة وبأس في التعامل مع دين الله عز وجل (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا) كان إنساناً حنوناً على المدعويين، على أهله. (وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا) هذا سيدنا يحيى عليه السلام ثم يأتي العطاء من الله سبحانه وتعالى (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تنتقل الآيات إلى النموذج الثالث وهو السيدة مريم عليها السلام. بطولات السيدة مريم بطولات تعبدية وإيمانية لما أرسل الله سبحانه وتعالى لها جبريل عليه السلام كانت في المحراب أيضاً، مكان العبادة لا يغفلون عن عبادة الله عز وجل ولا يقصّرون في طاعة الله عز وجل أبداً، سيدنا داوود سيأتي تفصيل قصته في سورة الأنبياء وفي سورة ص لكنه وهو يقضي بين الناس تسوروا المحراب، محرابه كان له سور لأنه كان يعتزل في عبادته فيكون قريباً من الله سبحانه وتعالى. السيدة مريم الكاملة المنذورة لله عز وجل نذرتها أمها لله (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران) رب العالمين تقبل السيدة مريم بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا، ويذكر القرآن بطولاتها التعبدية (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ (37) آل عمران) هذه الشابة الورعة التقية لا تفعل شيئاً في حياتها إلا التقرب لله عز وجل، هذه البطولات التعبدية كان فرعاً عليها في العفّة لما دخل عليها جبريل عليه السلام وفزعت منه قالت (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا) نموذج في العفة، (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) قالت (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) لم يمسسني ولم أك (وليس لم أكن) حذفت النون كما يقول العلماء للدلالة على الامتناع التام أنه لم يلمسها أحد لم يقترب منها أحد، هذه امرأة عفيفة شريفة لا يقترب منها أحد ومع ذلك ستبتلى ابتلاء عظيماً أنها ستوهب ولداً بغير زواج، الكل سيأتي وبني إسرائيل سيتكلمون (قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾) كلهم سيتكلمون فيها ومريم عليها السلام عنده ثقة تامة بالله عز وجل وثقة بموعود الله قلم تتكلم معهم وإنما أشارت إشارة (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ). هل من الطبيعي أن تشير إلى طفل رضيع؟! ماذا سيقول؟! لكن الثقة بالله عز وجل أشارت إليه (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) وتبدأ العطاءات من الله سبحانه وتعالى بعد هذا الابتلاء ويبدأ الفرج (وقد بدأ بالفعل قبل هذا عندما قالت مريم (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) وقري عينا كلمة فيها مودة ورحمة من الرحمن سبحانه كما قالها لأم موسى عليه السلام (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا (40) طه) الله عز وجل الودود سبحانه يتودد لعباده ويريد أن تقر أعينهم وأن يسعدوا وأن يطمئنوا وأن لا يحزنوا ولا يخافوا (وَقَرِّي عَيْنًا). تأتي الفتوحات والعطاءات وكلام سيدنا عيسى عليه السلام في المهد. ومن الفوائد هنا أن أول كلمة قالها عيسى بن مريم عليه السلام (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) لست إلهاً ولا ابن إله وإنما عبد الله (آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿٣٠﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ [/FONT][FONT=&quot]‎[/FONT][FONT=&quot]وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿٣١﴾) البركة من الله سبحانه وتعالى، البطولة أن يصلي ويزكّي طوال حياته (مَا دُمْتُ حَيًّا) وليس معنى مقامي وبركتي أن أنقطع عن عبادة الله، لا، (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا). وهنا فرق بين ختام الآية في قصة يحيى عليه السلام (وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا) ومع عيسى عليه السلام ختمت الآية (جَبَّارًا شَقِيًّا) الشقاء اشد من المعصية، لأن عيسى عليه السلام ليس له إلا أم أما يحيى عليه السلام فله أب وأم فلو حصل أن أخطأ في حقهما فهذه معصية لكنهما سيساعدوا بعضهم إنما السيدة مريم ليس لها إلا عيسى عليه السلام (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) وهذه يستفاد منها لكل من له أم فقط أو اب فقط أن يزيد من برّهم والتذلل لهم وخفض الجناح لهم لأن البديل هنا شقاء. (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ) ولد بشراً ليس إلهاً ولا ابن إله ولا نصف إله (وَيَوْمَ أَمُوتُ) سيموت كما يموت البشر (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) هذه هي حقيقة المسيح عليه السلام. عطاءات الله تعالى له كثيرة، كلامه في المهد، وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.[/FONT]
[FONT=&quot]تنتقل الايات لنموذج آخر وهو ابراهيم عليه السلام نموذج في البر والدعوة والحرص على هداية الأهل (يَا أَبَتِ) كلام فيه رقة وفيه مودة ودعوة بالحسنى وحكمة وموعظة حسنة (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ﴿٤٢﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴿٤٣﴾ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ﴿٤٤﴾) كلام بالحجة والمنطق، كيف تعبد الشيطان وهو يعصي الله عز وجل؟! (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ) أشعِر الناس أنك تخاف عليهم، كن حريصاً على دعوة الناس (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴿٤٥﴾ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴿٤٦﴾) فيرد عليه ابراهيم عليه السلام (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) حسن الظن بالله وإحساس بمودة الله عز وجل وبنعم الله سبحانه وتعالى، بطولات في حسن الدعوة إلى الله والخوف على الناس والبراء (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا) براء من الكفار واعتزال وبراءة من أعداء الله عز وجل. وهنا مع البراء من أعداء الله تأتي العطاءات (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) وتستمر العطاءات (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ينتقل الحديث إلى موسى عليه السلام (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا) يأتي الفتح مباشرة (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) ربنا قرّبه وناجاه فهو كليم الله سبحانه وتعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم سيدنا اسماعيل عليه السلام كان حريصاً على أهله وكان يأمر أهله بالصلاة (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) والعطاء من الله سبحانه وتعالى أن يرضيه في الدنياوالآخرة[/FONT]
[FONT=&quot]ثم سيدنا ادريس عليه السلام وصدقه وصديقيته (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا) فيأتي العطاء من الله سبحانه وتعالى (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) والنبي صلى الله عليه وسلم قابله في السماء الرابعة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم تختم هذه العطاءات لأهل الإيمان في القسم الأول من السورة (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)) هنا سجدة، بطولة تعبدية. ذكر الله سبحانه وتعالى أن كل هذه العطاءات لأنهم إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكياً خاشعين لله قريبين منه سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الثاني: (الآيات 59- نهاية السورة) عقوبات الله عز وجل لهؤلاء الذين غيّروا وبدّلوا[/FONT][FONT=&quot]، وفي هذا القسم تذكر الجريمة ويذكر بعدها العقاب [/FONT]
[FONT=&quot]تأتي الجرائم (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59))، (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) يكذّب بالبعث فتأتي العقوبة (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴿٦٨﴾ ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ﴿٦٩﴾ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا ﴿٧٠﴾) عقوبات. الذين يشككون ويستهزئون (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) العقوبة (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا) (قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا) العقوبة بعدها (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) وقصة العاص بن وائل لما كفر بآيات الله عز وجل جاءه خبّاب بن الأرتّ يطلب منه حقاً له عنده فقال له لن أعطيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال لا حتى تموت ثم تُبعث فقال العاص بن وائل أئذا مت سأُبعث؟ قال نعم، قال إن لي هناك مالاً وولداً فيقول ربنا سبحانه وتعالى هنا (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا) مثل صاحب الجنتين في سورة الكهف الذي قال (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36)) عندهم كبر وغرور ويظنون أنهم سيستمرون على بطشهم وطغيانهم في الآخرة أيضاً فقال تعالى (كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴿٧٩﴾ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ﴿٨٠﴾) ثم جريمة ادّعاء الولد لله سبحانه وتعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) صواعق لمن ادّعى لله عز وجل الولد وكذّب ونسي هذه القصة الحقيقية التي ذكرتها الآيات عن المسيح عليه السلام. (لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾) ثم تختم السورة (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴿٩٦﴾ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ﴿٩٧﴾) بشارة للمتقين والسورة كما ذكرنا منقسمة أكثرها بشارة للمتقين وعطاءات الله عز وجل لأهل الإيمان (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ﴿٩٧﴾ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾) عطاءات الله لأهل الإيمان وعقوبات الله لأهل الطغيان والكفران، هذه نظرة عابرة على سورة مريم. [/FONT]

سورة مريم
‫ط¹ط·ط§ط،ط§طھ ط§ظ„ظ„ظ‡ ظ„ط£ظ‡ظ„ ط§ظ„ط¥ظٹظ…ط§ظ† ظˆط¹ظ‚ظˆط¨ط§طھظ‡ ظ„ط£ظ‡ظ„ ط§ظ„ط¹طµظٹط§ظ† - ظپظٹ طµطط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† - ط³ظˆط±ط© ظ…ط±ظٹظ… 10-6-2013‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة طه[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]سورة مريم تضرب لنا أمثلة من أولياء الرحمن وكيف أعطاهم الله عز وجل جزاء عظيماً وهدايات عظيمة وعطاءات كريمة لبطولاتهم الإيمانية والتعبدية لله عز وجل وفي ختام السورة ذكر كيف عاقب الله عز وجل أهل الطغيان والنكران الذين ادّعوا لله عز وجل الصاحبة الولد وكيف أن المخلوقات عندها الولاء والبراء عندها الغضب لله والحب في الله والبغض في الله وهي أوثق عرى الإيمان كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾) الجبال والسموات والأرض تأثرت بهذا القول على الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]اليوم نتحدث عن سورة طه وهي من السور المكية العظيمة التي فيها جو مهيب ينضح بالأمل الخارج من قلب الألم، كيف أن الإنسان يكون في عذاب ويرى أنه في خير وليس في شقاء ولهذا علينا أن تكون بداية السورة راسخة في قلوبنا معتقدين إياه. البعض يظن لو تقرب من الله عز وجل والتزم بالدين سيعيش في عذاب وشقاء وهذا في الحقيقة مخالف لما ذكره الله عز وجل في بداية سورة طه (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) هذا الكتاب ليس للشقاء ولا للعنت. القاعدة في الحياة أن الإنسان يعيش في كبد (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4) البلد) لكن الخروج من هذا الكبد يكون من خلال الدين والعيش في كنف دين الله عز وجل وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]تكرر في سورة طه مفردات الشقاء والضنك أكثر من مرة، ورد ثلاث مرات: (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) والموضع الثالث (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى). نُفي الشقاء في موضعين وأُثبت في موضع واحد. [/FONT]
[FONT=&quot]نُفي الشقاء حال ملازمة القرآن (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) لن تشقى مع القرآن ولن تتعب ولو أن ظاهر الأمر كان فيه تعب وعنت فمع القرآن أنت كأنك تعيش في جنة [/FONT]
[FONT=&quot]ونفي الشقاء حال اتباع منهج الله عز وجل (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) الضنك مرادف من مرادفات الشقاء. الشقاء للذي سيعرض عن جنة الدنيا وهي ذكر الله عز وجل سيعيش حياة ضنكا [/FONT]
[FONT=&quot]وأُثبت الشقاء حال الخروج من الجنة (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) وجنة السماء لما نزل منها آدم عليه السلام أثبت الشقاء.[/FONT]
[FONT=&quot]الشقاء خارج الجنة والنعيم داخلها في الدنيا والآخرة، هناك جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، جنة الدنيا وتستطيع أن تلمس الكثير من متاع الجنة ولذاتها وأنت في الدنيا، ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لو أن أهل الجنة يجدون ما نجد فما أطيب عيشهم. وجود شعور إيماني في لحظة ما، سجدة خاشعة بين يدي الله عز وجل. وقال الحسن البصري: لو يعلم أبناء الملوك والسلاطين ما نحن فيه لجاهدونا عليه بالسيوف. هناك في الدنيا من يتلذذ بالجنة، قال تعالى في سورة النبأ عن أهل الجنة (لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا (36)) وفي آية ثانية (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) الواقعة) هذه من صفات أهل الجنة لا يسمعون لغواً ولا تأثيماً ومن يعش في الدنيا معرضاً عن اللغو فقد تمتع بنعيم من نعيم الجنة. ومن نعيم أهل الجنة (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) الحجر) الأخوة في الله ونزع الغل لو طبقته في الدنيا ستتمتع بنعيم من نعيم أهل الجنة. من نعيم أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم: "يُلهمون فيها التسبيح كما تُلهمون النَفَس" وفي رواية " يُلهمون فيها التسبيح والتحميد كما تُلهمون النَفَس وفي رواية ثالثة "يُلهمون فيها التسبيح والتكبير كما تُلهمون النَفَس" أهل الجنة يسبحون ويكبرون ويحمدون الله جل وعلا كما نتنفس نحن هذا من متعهم ونعمهم فنفهم أن الذكر نعمة ولذة من لذات أهل الجنة. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة. معناه أننا يمكن أن ندرك شيئاً من نعيم الجنة ونحن في الدنيا وأن نزيل شقاء من شقاء الدنيا بذكر الله ولذلك ذكر الله عز وجل في سورة طه متكرر، الذكر والنسيان متكرر في السورة لأن هذا نعيم الدنيا والذي يزول به الشقاء في الدنيا وجنة الآخرة لا نصب فيها ولا تعب ولا لغوب ولا أذى ولا شقاء من شقاء الدنيا. والذكر ليس مجرد الذكر اللساني وإنما يجب أن يكون فرعاً عن معرفة الله عز وجل لا ينفع ذكر إذا كان مجرد تكرار للكلام فقط، الذكر الحقيقي لا يكون إلا بمعرفة الله سبحانه وتعالى، فإذا تعرّف الإنسان على الله عز وجل حينئذ فقط يتلذذ بالذكر ويشتاق إلى الذكر وينعم بالذكر وهنا يعيش جنة الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]كيف نزيل هذا الشقاء من الدنيا؟ من خلال جنة معرفة الله وذكره والتقرب إليه ومناجاته وعبادته وشكره وحمده وهذا يكون من خلال معرفة الله عز وجل ولذلك آيات السورة تمتلئ بالكلام عن معرفة الله من خلال ثلاث طرق وهي الطرق الرئيسية للتعرف على الله عز وجل في سورة طه: [/FONT]
[FONT=&quot]أولها وأهمها وأخطرها أن تتعرف على الله عز وجل من خلال كلامه من خلال آياته المقروءة والمسموعة[/FONT][FONT=&quot]، أن يعرّفك سبحانه وتعالى بنفسه من خلال وحيه المنزّل. وفي السورة كلام طويل عن تعريف الله عز وجل لنفسه من خلال كلامه[/FONT]
[FONT=&quot]الطريق الثاني للتعرف على الله عز وجل من خلال آياته المرئية[/FONT][FONT=&quot] (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (50) الروم) تستدل على آثار رحمة الله عز وجل من خلال خلقه وتنر إلى آثار هذه الرحمة وكيف يحيي الأرض بعد موتها وهذا موجود في سورة طه.[/FONT]
[FONT=&quot]الطريق الثالث كيف تتعرف على الله عز وجل من خلال معاملته[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]فإذا عرفت الله عز وجل تأتي نتائج، كيف تكون بعد معرفة الله عز وجل وما هي ثمرات ونتائج هذه المعرفة وثمرات التمتّع بجنة الدنيا التي فيها معرفة الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot]أول طريق من طرق معرفة الله عز وجل أن يعرّفك الله عز وجل بنفسه من خلال كلامه من خلال وحيه المنزّل وآياته المقروءة والمسموعة[/FONT][FONT=&quot] والسورة تحتشد بهذا النوع. في السورة تجد فيها كلاماً لربنا سبحانه وتعالى عن نفسه فتبدأ السورة (طه ﴿١﴾ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ﴿٢﴾ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴿٣﴾ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ﴿٤﴾) صفة الخَلْق، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) اسم الله الرحمن، (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) الملك الكامل له، شمول تام لملك الله عز وجل له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) صفة العلم، يذكر الله سبحانه وتعالى لنا صفاته تباعاً (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) سواء جهرت بوتك أو أخفيت أو أسررت فالله عز يعلم السر ويعلم ما هو أخفى من السر ويعلم ما تخفي الصدور ويعلم ما تنوي أن تفعله (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى). (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى) التعرف على الله من خلال أسمائه الحسنى، يعرّفك الله سبحانه وتعالى بنفسه. يعرّف الله سبحانه وتعالى نفسه لموسى عليه السلام (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) تعريف بنفسه وفي آية أخرى (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) وفي آية أخرى (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴿١١٠﴾ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴿١١١﴾) ويعرفنا بنفسه بقوته من خلال آياته التي ذكرها في سورة طه، آياته في الآخرة وأفعاله في الآخرة (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴿١٠٥﴾ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ﴿١٠٦﴾ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴿١٠٧﴾ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾) ترسيخ في السورة لأسماء الله، لمعاني أسماء الله لرحمة الله ولقدرة الله ولتمام العلم وتمام الملك. أفضل ما تتعرف به على الله سبحانه وتعالى هو من خلال كلامه أن تقرأ القرآن بنية معرفة الله عز وجل تجد أن أغلب آيات القرآن تنتهي بصفة من صفات الله تتعرف على الله عز وجل من خلال آياته المقروءة أو آياته المرئية.[/FONT]
[FONT=&quot]الطريق الثاني لمعرفة الله عز وجل هو طريق التدبر والتأمل والنظر في آيات الله الكونية[/FONT][FONT=&quot] وهذه طريقة من الطرق التي دلّ موسى عليه السلام عليه من خلالها ومن خلالها اهتدى السحرة التي ذكرت قصتهم بالتفصيل في هذه السورة اهتدوا من خلال النظر للآيات المرئية، السحرة سمعوا كلام موسى عليه الذي دعاهم ودلّهم على العقيدة الصحيحة لكن الإيمان الحقيقي والإيمان بالله عز وجل والتأثر كان بعد أن رأوا آيات الله عز وجل المرئية التي بدأت بقول الله عز وجل (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴿١٧﴾ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴿١٨﴾ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى ﴿١٩﴾) آية عملية مرئية، (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴿٢٠﴾) موسى ولّى مدبراً كما ذكر القرآن في آية أخرى ولم يعقّب، موقف صعب جداً، عصا تحولت إلى حية عملاقة جداً، فالموقف مرعب جداً. تستمر الآيات (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى) قيل تخرج بنور وقيل كان فيها مرض أو برص فرجعت سليمة أياً كان المعنى فهي آية أخرى (آَيَةً أُخْرَى ﴿٢٢﴾ لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴿٢٣﴾) نريك، والسحرة لما رأوا هذا وهم كانوا أهل سحر وعرفوا أن الذي جاء به موسى حقيقي أول ما رأوا الآية أمامهم خروا لله سجداً مباشرة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ﴿٧٠﴾ قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ). [/FONT]
[FONT=&quot]وهنا وقفة: هل تحول العصى إلى ثعبان أعظم من تحول النطفة إلى إنسان؟ نسأل أنفسنا هذا السؤال، أو البذرة لما تتحول إلى شجرة؟ أليست آية؟ لماذا سجد السحرة لله عز وجل لما رأوا آية العصى وكان إيمانهم راسخاً وضحّوا تضحيات عظيمة وصبروا على أذى شديد للغاية وكانوا يعلمون أن النطفة تتحول إلى إنسان؟! الفرق هو إلف العادة، فكلنا يعرف أن النطفة تتحول إلى طفل رضيع ثم يكبر وأن البذرة تتحول إلى شجرة لكن لو تفكرنا لحظة لن نجد فرقاً فهذه آية وهذه آية عظيمة من آيات الله عز وجل. الفرق هو العين المتدبرة فكلٌ منا يمكن أن يرى آيات من آيات الله عز وجل في الكون في السماء لذلك لما أراد موسى عليه السلام أن يدل فرعون على الله عز وجل بدأ يذكر له هذه الآيات التي يعرفها فرعون (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى ﴿٤٩﴾ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴿٥٠﴾) معرفة الله من خلال آياته التي يعرفها فرعون وغيره (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) أعطى السلحفاة خلقها ثم هداها إلى رزقها، أعطى النملة خلقها ثم هداها إلى رزقها ولو بقينا نتدبر في الإعجاز العلمي في الخلق وكيف أن كل مخلوق يعرف ما الذي يصلحه ويصلح له وكيف أن النملة تكسر البذرة المعينة إلى نصفين حتى لا تنبت حين تخزينها وتقسم بذرة ثانية إلى أربع، في الكون آيات عظيمة! (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ﴿٥١﴾ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴿٥٢﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴿٥٣﴾ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ﴿٥٤﴾) أولي العقول الذين يتدبرون ويتأملون (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى). السحرة لما رأوا آيات الله عز وجل سجدوا ونحن نريد أن نسجد لما نرى آيات الله وننظر إلى آثار رحمته وهو الطريق الثاني لمعرفة الله عز وجل [/FONT]
[FONT=&quot]الطريق الثالث من طرق معرفة الله عز وجل التعرّف عليه من خلال معاملته[/FONT][FONT=&quot]. هذا الطريق نحتاج أن نتأمل فيه وننظر إليه. كلنا يعرف مدى حبّ والدته له، كيف عرفت؟ هل أخبرك أحد بذلك أو قرأته في كتاب؟ الجواب أنت عرفت من خلال معاملتك مع أمك، علمت من خلال معاملتها لك ومن خلال ما رأيته من محبتها، ومهما قرأت عن حب الأم أنت تعرفه عملياً ولله المثل الأعلى، فالله عز وجل من أهم طرق معرفته التعرف عليه من خلال المعاملة، من معاملة الله عز وجل ولذلك في السورة نجد أن الله سبحانه وتعالى يدل موسى عليه السلام على نفسه فيقول (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ﴿٣٧﴾ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ﴿٣٨﴾ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴿٣٩﴾) كلمات تذيب القلب، يذكره الله عز وجل لما كان مرمياً في التابوت في البحر فحفظه الله سبحانه وتعالى. في البداية ألقيت عليك يا موسى محبة مني حتى تحبك امرأة فرعون وتربيه عندها. الله عز وجل يعرّفك بنفسه من خلال نعمه عملياً من خلال المعاملة. (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ) في سورة مريم قال تعالى (وقري عينا) وهنا (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا) الودود سبحانه وتعالى يريد أن يقر عين عباده الصالحين. (وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ﴿٤٠﴾ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴿٤١﴾) ما أجملها من كلمات: ولتصنع على عيني، وأنا اخترتك، واصطنعتك لنفسي، وألقيت عليك محبة مني. لما تتأمل كل هذه الكلمات تعرف ربك سبحانه وتعالى بعد كل هذه المعرفة لا بد أن تكون هناك نتائج وثمرات. البعض يردد كلمة (أنا أعرف الله) ولكن لا يظهر على حاله ثمرات هذه المعرفة، لا يظهر رياء وإنما آثار معرفة الله عز وجل تظهر على حياتك تراها أنت في ثقتك بالله عز وجل وفي قوتك في التعامل مع أهل الباطل وفي عجلتك لإرضاء الله عز وجل كما قال موسى عليه السلام (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى). في سورة طه سنجد آثار معرفة الله عز وجل: الثقة وعدم الخوف وقد ورد في السورة النهي عن عدم الخوف أربع مرات (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ) (إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى) (قَالَ لَا تَخَافَا) (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى) (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى) (لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى) لأن من ثمار معرفة الله سبحانه وتعالى أن لا تخاف من أحد ولذلك موسى عليه السلام في بداية السورة ولى مدبرا ولم يعقب بجسده بعدها (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى) ذكر خوفه كلاماً ثم بعدها صار الخوف في نفسه (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى) ثم بعدها تمام الثقة بالله وعدم الخوف (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء). والثقة واضحة في كلام السحرة لما هددهم فرعون بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف قال (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٧٢﴾ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴿٧٣﴾) الثقة بالله عز وجل والقوة والغضب لله عز وجل والغيرة. موسى عليه السلام لما رجع (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا) لما رآهم يعبدون العجل (قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي) كلما ازداد معرفة الإنسان بالله عز وجل ازدادت غيرته على حرماته وازداد غضبه لله عز وجل والغضب هنا شعور إيجابي على خلاف العادة فالغضب معظمه مذموم إلا الغضب لله عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم إن المؤمن يغار والله أشد غيرة وغيرة الله أن تُنتهك محارمه. ومن آثار معرفة الله عز وجل أن تظهر هذه الآثار في العبادة، تظهر بالشوق إلى الله عز وجل ولذلك نجد التوجيهات الربانية بعدما عرّف نفسه سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [/FONT][FONT=&quot]توجيه بالعبادة[/FONT][FONT=&quot] (لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴿٢٣﴾ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴿٢٤﴾) [/FONT][FONT=&quot]وتوجيه للدعوة إلى الله عز وجل هذه من أهم آثار معرفة الله عز وجل[/FONT][FONT=&quot] أن تعبده وتكون مقبلاً عليه بقلبك وتقول كما قال موسى عليه السلام (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) فتكون راغباً في التقرب إلى الله عز وجل وعبادته، موسى عليه السلام قال (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴿٢٩﴾ هَارُونَ أَخِي ﴿٣٠﴾ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿٣١﴾ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴿٣٢﴾ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ﴿٣٣﴾ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴿٣٤﴾ إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا ﴿٣٥﴾) نريد أن نذكرك ونسبحك. وكلمة الذكر تكررت في السورة كثيرا (وَنَذْكُرَكَ) (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي) (وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) (فَنَسِيَ) النسيان والذكر موجود في السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]التوجيه الثاني بعد التوجيه بالعبادة هو التوجيه للدعوة إلى الله عز وجل وأول ثلاثة أوامر في القرآن:[/FONT]
[FONT=&quot]العلم: أن تعرف الله عز وجل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ثم يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) توجيهات للدعوة وكذلك التوجيه لموسى عليه السلام بدعوة فرعون (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ) والدعوة للعبادة (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) كل هذا موجود من خلال المعرفة من خلال القرآن والسورة مليئة بالكلام عن القرآن. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه الطرق الرئيسية لمعرفة الله سبحانه وتعالى الطريق الأول أن تعرف الله من خلال كلامه، الطريق الثاني من خلال آياته المرئية في الكون والتدبر والطريق الثالث أن تعرف الله من خلال معاملته عندها تأتيك الثقة بالله عز وجل فلا تخاف إلا من الله عز وجل، تتوكل على الله عز وجل، تغضب لحرمات الله عز وجل، تدعو إلى الله عز وجل، تعبد الله وتعجل إليه وتشتاق إليه.[/FONT]


سورة طه
‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ظپظ‰ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط£ظ† - ط³ظˆط±ط© ط·ظ‡ - ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظ‰ ظٹظˆط³ظپ 17-06-2013‬â€ژ - YouTube
 
[FONT=&quot]في صحبة القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنبياء[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنبياء من السور المهمة جداً اختارها الله سبحانه وتعالى أن تكون باسم الأنبياء رغم أن قصص الأنبياء تتكرر كثيراً في سور القرآن أحياناً البعض يظن أنها نفس الأحداث، صحيح هي نفس الأحداث لكن كل مرة تتكرر قصة من قصص الأنبياء يكون من خلال منظور معين يلقى الضوء على منطقة معينة في حياته، لكي نستطيع أن نقتدي بهؤلاء البشر لكنهم النماذج والقدوات التي يمكن أن نقتدي بها في كل ناحية من نواحي حياتنا ولهذا تتكرر قصص الأنبياء من منظورات مختلفة. تقتدي بالأنبياء كأبّ وتقتدي بالأنبياء كابن وتقتدي بالأنبياء كزوج، تقتدي بالأنبياء كعازب لم يتزوج، تقتدي بالأنبياء كعالم وكعابد ومجاهد وإنسان محترف ومجاهد، يمكن أن تقتدي بالأنبياء في كل تفاصيل حياتهم. لكن عندما نجد سورة اختار الله عز وجل لها هذا الاسم – ونحن نعلم أن أسماء السور توقيفية اختار الله سبحانه وتعالى لها هذه الأسماء – فالله سبحانه وتعالى اختار لهذه السورة اسم الأنبياء وهذا فيه معنى مهم جداً يريد الله عز وجل أن نلتفت فيه إلى حياة الأنبياء. حياة الأنبياء حافلة بالجهاد وبالدعوة وبالبذل للدين والتضحية والصبر على البلاء وعلى الإيذاء هذا كله موجود في حياة الأنبياء ونمر عليه في السورة مروراً سريعاً لكن أكثر معنى تكرر في سورة الأنبياء هو معنى عجيب جداً.[/FONT]
[FONT=&quot]عندما نسمع كلمة الأنبياء أول ما يخطر في بالنا لأول وهلة أن هؤلاء الناس الذين دلّونا على الله سبحانه وتعالى الذين دعونا إلى الله سبحانه وتعالى وعلمونا ديننا فيتبادر إلى الذهن مباشرة فكرة الدعوة وأن سورة الأنبياء ستكلمنا عن الدعوة إلى الله وعن الجهاد ونصرة الدين، هذا المعنى موجود لكنه ليس الأكثر تكراراً في السورة. أكثر معنى تكرر في سورة الأنبياء هو معنى الصلاح، معنى التعبّد وتكررت كلمة العبادة في السورة كثيراً ما يقرب من 11 مرة بمشتقاتها والصلاح والأعمال الصالحة تسبق الإيمان رغم أنه في كل القرآن تقريباً أو في أغلب القرآن (آمن وعمل صالحاً) أما في هذه السورة (فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) يأتي ترتيب الأعمال الصالحة أولاً والعبادات والمسارعة في الخيرات كأن الأنبياء رغم انشغالهم، رغم مسؤولياتهم ورغم الأعباء الثقيلة التي ألقيت على عاتقهم لم يشغلهم ذلك عن عبادة الله عز وجل لم يشغلهم ذلك على أن يكونوا من العُبّاد المسارعين في الخيرات حتى لا يكون لأحد حجة أنه مشغول أو ليس عنده وقت أو مسؤولياته كثيرة، هذه حجج! لو كان لأحد عذر بترك العبادة أو حتى بالتقليل منها لكان الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم فالأنبياء هم أكثر ناس عندهم مسؤوليات، أكثر ناس عندهم بذل، هم أكثر ناس عندهم تضحيات ومع ذلك تجدهم في هذه السورة أكثر ناس يعبدوا الله عز وجل، هذا أعظم معنى موجود في سورة الأنبياء.[/FONT]
[FONT=&quot]والله سبحانه وتعالى يجعل العبادة في السورة حلّ لكثير من المشاكل مع الأخذ بالأسباب وسبق أن تحدثنا بالتفصيل في سورة الكهف أننا لسنا دراويش نترك الدنيا، بل هناك عمل وحركة لكن في أحيان كثيرة تنقطع بك أسباب الدنيا إلا من الدعاء إلى الله عز وجل، تنقطع بك سبلها فلا يبقى لك إلا أن تنادي ولذلك تتكرر في السورة (فنادى) (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ) (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ) (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ) كلهم ينادوا ربهم، نداءات كثيرة وعبادات ودعاء في هذه السورة التي اختار الله سبحانه وتعالى اسمها من اسم هذه الطائفة العظيمة، سلفنا الصالح، أمّتنا كما قال الله عز وجل (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)) في هذه السورة ختمت الآية (فاعبدون) وفي سورة المؤمنون ختمت بـ(فاتقون) (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)). [/FONT][FONT=&quot]التوجيه في سورة الأنبياء بالعبادة، العبادة ودورها في حياة العظماء الموجّهين والقادة[/FONT][FONT=&quot]، إياك أن تصدّق أبداً أن إنساناً يريد أن يكون مؤثّراً في حياته، ناصراً لدين الله عز وجل ولا يعبد الله سبحانه وتعالى أو عباداته فاسدة. ولو كان لأحد عذر أن يغفل عن العبادة ولذلك [/FONT][FONT=&quot]تتكرر كلمة الغفلة[/FONT][FONT=&quot] في السورة من أول آية [/FONT]
[FONT=&quot](اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) أناس لاهية وغيرها كثير غافلة لكن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يغفلوا عن العبادة ولم يغفلوا عن الطاعة ولم يغفلوا عن المسارعة في الخيرات (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) هؤلاء هم الأنبياء وهؤلاء أمتنا.[/FONT]
[FONT=&quot]الغفلة والغافلين في السورة وردّ الله تعالى[/FONT]
[FONT=&quot]تبدأ السورة بالحديث عن الغفلة وعن هؤلاء الغافلين كيف كانوا يؤذون النبيين وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم [/FONT]
[FONT=&quot](وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ) تهم وافتراءات![/FONT]
[FONT=&quot](وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون)[/FONT]
[FONT=&quot]ويأتي الرد الشديد من الله على هؤلاء الغافلين ألا يكفي أنهم غافلون ولاهية قلوبهم ويلعبون عند استماع الذكر ومع هذا يستهزئون بالأنبياء ويكذّبوهم فيأتي الرد عليهم شديداً [/FONT]
[FONT=&quot](وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) الغفلة جعلتهم يستهزئون بالأنبياء وبالعابدين وبالصالحين![/FONT]
[FONT=&quot](لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَن ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]هذا مرور سريع على هذا الشوط من السورة وندخل في تفاصيل الحديث عن السورة والكلام عن عبادة الأنبياء وعن صلاح الأنبياء وكيف كانت العبادة حلاً لأشد مشاكل عرضها الله سبحانه وتعالى في آيات السورة. وتكررت لفظ العبادة ومشتقاتها في السورة أكثر من 11 مرة.[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً معنى التعبد في السورة.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وقد ورد بلفظه ومشتقاته ١١ مرة [/FONT]
[FONT=&quot](وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) هذه عبادة الملائكة المعصومين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ومع ذلك لا يستكبروا عن العبادة، بعضهم بعد قرون من العبادة يقوم ولا يفتر ولا يقعد وبعضهم يسجد ولا يرفع وبعضهم يركع ولا يرفع إلى يوم القيامة وتكون أول كلمة يقولونها "سبحامك ما عبدناك حق عبادتك" هذا إحساس الملائكة! نحن نحتاج للعبادة أكثر من الملائكة ومع ذلك نجد كثيرين يتكبرون عن عبادة الله سبحانه وتعالى وتتكاسل عنها، هؤلاء الملائكة رغم رصيدهم العظيم إلا أنهم لا يستكبرون عن عبادة الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot](وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) العبودية أشرف[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]تكرار الكلام عن العبادة. [/FONT]
[FONT=&quot]ويتكرر في السورة أيضاً الدعاء[/FONT][FONT=&quot] والدعاء كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح: "الدعاء هو العبادة" أما حديث "الدعاء مخّ العبادة" فهو حديث ضعيف. ولهذا تتكرر الأدعية في السورة من الأنبياء[/FONT]
[FONT=&quot](وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)[/FONT]
[FONT=&quot]كلمة (إذ نادى) تشعر بأن بينك وبين الله عز وجل نداء، بينك وبينه صلة لأنك لما تحتاجه تناديه.[/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً الحديث عن المسارعة في الخيرات (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]وذكر الصلاح وعمل الصالحات متكرر أيضاً في السورة[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT]
[FONT=&quot](وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ) الأنبياء أشهر ما في حياتهم أنهم مصلحون لكن في هذه السورة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون باسمهم يكلمنا عن صلاحهم ليلفت نظرنا إلى أنه رغم أنهم مصلحين ولديهم أعمال ومسؤوليات إلا أنهم صالحين أيضاً (وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) كانوا عابدين لله، إضافة إلى أنهم كانوا دعاة لله وعاملين ومجاهدين وبالحق صادعين كانوا عابدين لأن هذا هو الأصل عبادة الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]لوط: (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )[/FONT]
[FONT=&quot](فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]بعد الحديث عن الأعمال الصالحة يأتي الحديث عن معاملة الله عز وجل لهم[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]اختار الله سبحانه وتعالى لهذه السورة اسم أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ليبين لنا معنى عبادة الأنبياء وصلاح الأنبياء وأعمالهم الصالحة وإقبالهم على الله عز وجل بالطاعة وفعل الخيرات وهذا هو المعنى الذي ينبغي أن يقف معه كل مصلح لأن بعض الناس يجدون أن الإصلاح يتعارض مع الصلاح بحجة أنهم ليس لديهم وقت للعبادة لعظم مسؤولياتهم، وللأسف كثير منا ينشغل عن عبادة الله عز وجل بأمور كثيرة بالسياسة وبالأحزاب! لا ننفي أنه يجب أن يكون الإنسان مؤثراً في حياته وله دور مُغيّر في وطنه لكننا لسنا أفضل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت مسؤولياتهم أكبر من مسؤولياتنا بكثير ومع هذا لم تشغلهم عن طاعة الله عز وجل وعن عبادة الله عز وجل. يجب أن يكون لدينا حدّ أدنى من العبادة ويكون لدينا خطوط حمراء فلن تصلح هذه الأمة بشعب من المحللين السياسيين ومن المعلقين الرياضيين ولا من الناقدين الفنيين، هذا لن يُصلِح الأمة، الذي يُصلح الأمة عندما نكون نحن على قدر من الصلاح والله عز وجل قال أن (الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) فكما أنه لدينا جهد إصلاح لا بد أن يكون لديك جهد على نفسك بالصلاح فلا ينفع أن تكون جسراً يعبر عليه الناس للجنة وتذهب أنت للنار!! يجب أن تكون أنت صالحاً أيضاً ويكون لك رصيد ولا تخالف الناس فيما تنهاهم عنه كما تعلمنا من حياة الأنبياء وكيف كانت أعمالهم الصالحة (فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) وهذه الآيات من الآيات النادرة في كتاب الله عز وجل التي ورد فيها الأعمال الصالحة قبل كلمة الإيمان رغم أن الاضطرد في القرآن أن تأتي كلمة الإيمان قبل الأعمال الصالحة، وهذا معنى مهم، فإياك أن تستهين بالأعمال الصالحة وإياك أن تحقر عملاً فتقول فلان ليس له قيمة، فقد يُكرم الله عز وجل الأمة بدعوة صالحة من هذا الشخص. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبّ أشعث أغبر ذو طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه" في أحد الفتوحات كان الجيش يتجهّز ومحمد بن واسع رحمه الله أحد السلف كان يرفع اصبعه ويدعو الله عز وجل بالنصر قال أمير الجيش: "والله لأصبح محمد بن واسع عندي خير من ملء الأرض من الجيوش" لأنه يعرف قيمة الصلاح مع عدم تقصيره في الأخذ بالأسباب، أخذ بالأسباب وجهّز الجيش ورفع يديه بالدعاء لله ابتهالاً.[/FONT]
[FONT=&quot]لما عظُمت أعمالهم الصالحة وعظُمت طاعات وعبادات الأنبياء عظُمت العطاءات أيضاً فنجد في السورة أن [/FONT][FONT=&quot]العبادة هي طريق للنجاة، طريق للإصلاح، طريق لتفريج الابتلاءات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]طريق يدلنا الله سبحانه وتعالى عليه في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]نجاة لوط[/FONT][FONT=&quot]: (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot]نجاة نوح[/FONT][FONT=&quot] : (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)[/FONT]
[FONT=&quot]نجاة يونس[/FONT][FONT=&quot]: من أشد ظلمات عرفتها البشرية ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، مسجون في بطن الحوت ولم يكن يملك إلا سلاح التوبة والاعتراف بالذنب والتسبيح والتي كانت سبب نجاته فقال الله عز وجل (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) لم يقل سيدنا يونس يا رب أخرجني وإنما دعا بدعاء فيه مناجاة وذكر لله عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لم يدعو مسلم ربه بشيء من هذا الدعاء إلا استجيب له" اعتراف بالذنب وإقرار بظلم النفس فكانت الإجابة من الله عز وجل (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ). تقطّعت الأسباب بيونس عليه السلام فدعا ربه وتذلل له وذكره وناجاه في هذه الظلمات.[/FONT]
[FONT=&quot]نجاة أيوب عليه السلام[/FONT][FONT=&quot] وهو آية من آيات الدعاء، وقصته عجيبة جداً جعل الله طريق النجاة والشفاء في هذه القصة وأن يعاد الولد له (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ) سيدنا داوود أصيب بابتلاء شديد جداً لمدة 18 سنة، مرض مرضاً شديداً وقبل هذا هُدِم بيته ومات فيه أبناؤه جميعاً وقيل 22 ولد ماتوا كلهم وخسر ماله كله وكان عنده ماشية وبهائم وأنعام احترقت كله، ابتلاء شديد ويمكث في الابتلاء 18 سنة يصاب بمرض قيل أنه تركه كل الناس ولم يبقى معه إلا زوجه وكان تخدم الناس لتأتي له بطعامه، هذه حالة شديدة من الابتلاء وبعد كل هذا الابتلاء يدعو الله عز وجل بهذه الكلمات (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) كل ما أصابه من ابتلاء ويصفه بأنه مسّة ذلك لأنه ينظر إلى نعم الله عز وجل وقد تبقى له قلبه ولسانه يذكر بهما ربه سبحانه وتعالى وكفى بها نعمة تدفعه ليقول بمقابل كل ما أصابه من ابتلاءات (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) لم يغادره إحسانه الظن بالله عز وجل فقال (وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يثني على الله عز وجل في هذا المشهد (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) لم يدعو أيوب عليه السلام أن يشفيه الله أو يفرّج عنه وإنما يكفيه ما ناجى به ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) أنت أرحم بي يا رب من نفسي وأنت أرحم الراحمين. (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) يتكرر ذكر العبادة، فرغم ابتلاءات أيوب عليه السلام إلا أنه ما زال يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه ويدعوه ويناجيه وهو عابد لله عز وجل وهذه الذكرى نجّاه الله سبحانه وتعالى بها هذه الذكرى للعابدين. [/FONT]
[FONT=&quot]العبادة في السورة طريق الفهم والعلم. [/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) الجبال تسبّح مع تسبيح سيدنا داوود عليه السلام. وسيدنا داوود شخصية عجيبة جداً، هذا الملك، هذا الحاكم، هذا المجاهد، هذا الصانع ومع ذلك يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم "خير الصيام صيام داوود وخير القيام قيام داوود وكان نبي الله داوود يأكل من عمل يده. الجبال تسبّح بتسبيحه وذكرت مزامير داوود لجمال صوته في التسبيح ومع طل مسؤولياته لم ينسَ عبادته لله عز وجل ولم ينس أن يكون أفضل الناس صياماً وأفضل الناس قياماً عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]العبادة في السورة طريق لعلاج العقم[/FONT][FONT=&quot]. وهذا لا يعني أن نترك العلاج الدنيوي لكن ما المانع أن تتلذذ بدعاء الله عز وجل فتنادي ربنا عز وجل كما فعل زكريا عليه السلام كما ذكرنا في سورة مريم نادى وهو واهن العظم نادى ربه نداء خفياً (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) والهبة تأتي قبل الإصلاح لأنها من عند الله عز وجل وتأتي الهبة من الله سبحانه وتعالى من غير أسباب، لماذا؟؟ (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]العبادة كانت ما توّجت به قصة إبراهيم الرائعة في هذه السورة وكيف أنجاه الله عز وجل من البطش الشديد ومن النار، [/FONT]
[FONT=&quot]قوة كلام إبراهيم عليه السلام لقومه[/FONT]
[FONT=&quot](إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[/FONT]
[FONT=&quot](قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ضعف إجابات أهل الباطل، اجابات منكسرة[/FONT][FONT=&quot]: [/FONT]
[FONT=&quot](قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot](قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) [/FONT]
[FONT=&quot](قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ)[/FONT]
[FONT=&quot](فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot](ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]ورغم كل هذا يجيب إبراهيم عليه السلام بكل هدوء (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot]فكان الإيذاء والإحراق (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) وهذه طبيعة الطغاة إذا انقطعت حججهم أمام الحق؛ لجأوا إلى سلاح البطش. رغم كل هذه الابتلاءات لم يقل إبراهيم عليه السلام وهو يلقى في النار إلا كلمة واحدة "حسبي الله ونعم الوكيل" كما أبلغنا النبي صلى الله عليه وسلم، ذكَر الله عز وجل ولم يجد أعداؤه كلمة واحدة ليردوا عليه بها (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ) لما حطّم أصناهم فهم يعرفون أنه لا فائدة من ورائهم لكنهم مع هذا (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ). (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) عطاءات ونجاة من عند الله عز وجل لأن إبراهيم عليه السلام كان عابداً لله عز وجل (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) والهبة من الله عز وجل (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ) الصلاح مرة ثانية.[/FONT]
[FONT=&quot]العبادة في السورة طريق التمكين والنصر:[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)[/FONT]
[FONT=&quot]وتأتي الآية الجامعة[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِين) النجاة في الدنيا والنصر والتمكين لا بد أن يأتي للقوم العابدين الصالحين، هذه سنة الله عز وجل في أرضه: نجاة في الدنيا ونجاة في الآخرة. [/FONT]
[FONT=&quot]نجاة في الدنيا[/FONT][FONT=&quot]: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يشركون بي شيئا)[/FONT]
[FONT=&quot]نجاة في الآخرة[/FONT][FONT=&quot]: (فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ)[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [/FONT]
[FONT=&quot]النجاة في الدنيا والآخرة بهذا الشعار شعار الأنبياء، حياتهم: [/FONT]
[FONT=&quot]في النهار[/FONT][FONT=&quot]: يا عبد، ربّك. يذكّرون الناس بالله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot]وفي الليل[/FONT][FONT=&quot]: يا رب، عبدك. ينادون ربهم ويدعونه فكان هذا سبباً في تفريج الكربات وسبباً في نجاتهم وسبباً في نصرتهم نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده المصلحين العابدين المخبتين المسبّحين.[/FONT]
[FONT=&quot]خلاصة: [/FONT]
[FONT=&quot]هذه حياة الأنبياء، هذه أمتكم وقدواتكم (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[/FONT]
[FONT=&quot]هؤلاء هم القدوة وقيمة العبادة والصلاح جنباً إلى جنب مع الإصلاح لا يطغى أيهما على الآخر ولا تشغلنا هموم أو مسئوليات مهما بلغت قيمتها وقدرها عن تلك القيمة . فماذا تختار ومَنْ قدوتك؟ (قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)[/FONT]

سورة الأنبياء
‫ظپظٹ طµط­ط¨ط© ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† _ ط§ظ„ط¯ظƒطھظˆط± ظ…ط­ظ…ط¯ ط¹ظ„ظٹ ظٹظˆط³ظپ 25 6 2013‬â€ژ - YouTube
 
هذه بفضل الله تعالى كل الحلقات المتوفرة على الانترنت لهذا البرنامج القيم (في صحبة القرآن) وتفريغها وإن شاء الله تعالى عندما يعود البرنامج أستكمل تفريغ الحلقات لتعم الفائدة.
جزى الله خيراً كل من تابع هذا الموضوع. نفعنا بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا وزادنا علماً.
 
عودة
أعلى