برنامج رياض القرآن - د. عبد الرحمن الشهري

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
[FONT=&quot]رياض القرآن[/FONT]
[FONT=&quot]د. عبد الرحمن الشهري[/FONT]
[FONT=&quot]رمضان 1434 هـ[/FONT]
[FONT=&quot]قناة أهل القرآن الفضائية[/FONT]

[FONT=&quot]الحلقة الأولى – روضة المسلمين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=uALlOgEftgU

[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.[/FONT]
[FONT=&quot]سوف نتوقف في هذا البرنامج في كل حلقة مع روضة من رياض القرآن الكريم نتوقف مع دلالات هذه الآيات ودلالات هذه الروضة من رياض القرآن الكريم وهذا جزء مما أمرنا الله سبحانه وتعالى به من تدبر كلامه والتفقه في معانيه والوقوف عند رياضه كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا". ولا شك أن رياض القرآن الكريم هي من رياض الجنة لأنها من صلب ذكر الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]نبدأ هذه الحلقة بروضة المسلمين ونقرأ آيات من الآيات التي تتحدث عن هذه الروضة من رياض القرآن الكريم.[/FONT]
[FONT=&quot]الآيات محور السورة:[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من أول سورة آل عمران وسورة آل عمران ركزت بشكل كبير على الحديث عن النصارى وعن نظرتهم إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وتأليههم له ونلاحظ في الآيات كيف قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) في هذه الآية إشارة واضحة إلى أن الإسلام هو دين الحق في السماء وأنه هو دين أهل التوحيد في الأرض وكل ما سواه من الديان باطل. ولو تأملنا أيضاً في الأديان المحرّفة سواء كان أصلها سماوياً أو كانت الأديان المحرفة وضعية من وضع البشر وجدنا أنها تفتقر إلى هذا الشرط وهو التوحيد. فانظر إلى اليهودية، انظر إلى النصرانية، انظر إلى البوذية، انظر إلى المجوسية تجد أنهم أشركوا مع الله إلهاً غيره. والله عز وجل قد ذرك ذلك في كتابه (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ (72) المائدة) (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ[/FONT] (73) المائدة) فنصّ على أنه دين شِركي. فتأمل في قول الله سبحانه وتعالى هنا في هذه الآية (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ (18) آل عمران) وأيضاً شهدت الملائكة على هذا وأولو العلم (وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ) فأشهد الله سبحانه وتعالى نفسه على أنه واحد لا شريك له وأشهد صفوة خلقة ثم قال بعدها (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) فكأن دين الإسلام هو دين التوحيد ومن ابتغى غير هذا الدين ونهج غير هذا المنهج فلن يقبل منه. بالرغم من بساطة هذا المفهوم وهو مفهوم التوحيد والاستسلام لله سبحانه وتعالى والانقياد له إلا أنه قد ضل عنه كثير من الأمم ولذلك الموحدون نسبتهم ضئيلة جداً كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته بين الأمم لا تكاد تُذكر من حي النسبة ولكن الله سبحانه وتعالى يبارك في هذه الأمة ويجعلهم أكثر أهل الجنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]نعود للآيات في قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ) نحن أردنا من هذه الروضة روضة المسلمين أن نتوقف عند مفهوم المسلمين في القرآن الكريم وهذه الايات في سورة آل عمران نموذج من النماذج التي ذكر الله عز وجل فيها الإسلام في كتابه الكريم. بعض الناس من المسلمين قبل أن يكون من غيرهم لا يفهم مفهوم الإسلام ونحن اليوم ولا سيما مع هذه الهجمة الشرسة على الأديان في ظل العولمة نشعر بالتقصير الشديد في إبلاغ مفهوم الدين بكل بساطة للمسلمين قبل غيرهم. نحن درينا وتعلمنا في الصف الأول الابتدائي ما هو الإسلام وعرفنا بكل بساطة أن أفضل التعريفات له هو القول بأن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله.[/FONT]
[FONT=&quot]الاستسلام لله بالتوحيد ولذلك عندما قال الله سبحانه وتعالى (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ثم يقول (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) [/FONT]
[FONT=&quot]نحن بحاجة أن نتعلم ما يتعلق بالإستسلام والانقياد هذا الإنسان عندما يعيش في هذه الحياة يفترض أن يتذكر هذا الأمر والله عز وجل يقول (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) النساء) [/FONT]
[FONT=&quot]مفهوم الاستسلام بالرغم من بساطته إلا أنه قليل من ينفّذه ويدركه ولذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه وإن كان بعضهم يرى أنها ليست في أبي بكر عندما قال ما سبقكم أبو بكر بكثرة صيام ولا قيام ولا عمل ولكنه شيء وقر في صدره. فيقول العلماء هو هذا الإيمان وهذا الانقياد التام لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه جاءه كفار قريش لما قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه ق اسري به إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء السابعة ورجع إلى مكة من ليلته فجاؤوا إلى أبي بكر وكان غائبناً فاقلوا هل سمعت ماذا قال صاحبك؟ يقولون قال شيئاً لا يدخل العقل قال وماذا قال؟ قال زعم أنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس من ليلته ونحن نضرب أكباد الإبل شهراً حتى نبلغها فقال أبو بكر إن كان قال ذلك فقد صدق. بكل بساطة، هذا مفهوم الإيمان والانقياد والاستسلام، إن كان قال ذلك فقد صدق، أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أنا أصدقه بخبر السماء والوحي الذي يأتي به وهو القرآن من السماء وهو أبعد من بيت المقدس. فمفهوم الاستسلام لله سوت الانقياد له ونحن بالمناسبة في زمننا هذا ونحن نزعم أننا في زمن التقدم والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي أصبح العالم قرية واحدة أي خبر يحدث في أنحاء العالم يصل إليك تقرؤه لكننا لم نصل إلى الحقيقة المطلقة أما القرآن الكريم فهو الذي جاء لنا بهذه الحقائق المطلقة أما العقل فلا يستطيع أن يصل بنا إلى هذه الحقائق المطلقة. يأتينا الآن من يتفلسف باسم الفلسفة أو باسم النقد الذاتي للنص الديني ويشكك في مفهوم الاستسلام لله سبحانه وتعالى والانقياد له في أشياء غيبية ونحن نقول أن الدين الذي جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هو هذا الدين دين الإسلام والاستسلام والانقياد لله سبحانه وتعالى لأن الوحي نحن إن آمنا بأن هذا القرآن الكريم وهذا الوحي من عند الله سبحانه وتعالى وآمنا بأن الله هو الخالق وأنه هو الذي يعلم الغيب وأنه يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون واستقر هذا الأمر وهذا المفهوم في نفوسنا انسجمنا مع هذه الآيات وأمثالها في التسليم المطلق لله سبحانه وتعالى والاستجابة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وانشرحت صدورنا وهذه نعمة من نعم الله التي امتنّ بها على خلقه فقال الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الشرح) وما كان شرح صدر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالوحي وقال (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء (125) الأنعام) نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا بالاستجابة لهذا الوحي.[/FONT]
[FONT=&quot]نتوقف في الآيات: عندما نقول أن الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران قد ذكر أن الدين الوحيد الذي أنزله على أنبيائه هو دين الإسلام. وحاول أن أجمع بعض الآيات التي تؤكذ هذا المفهوم حتى في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
[FONT=&quot]وجدت أن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة يونس على لسان نوح (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) يونس) [/FONT]
[FONT=&quot]ابراهيم واسماعيل (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ (128) البقرة) [/FONT]
[FONT=&quot]وفي وصية ابراهيم ويعقوب (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) البقرة) [/FONT]
[FONT=&quot]وفي وصية يعقوب لبنيه (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) البقرة) [/FONT]
[FONT=&quot]وفي قول موسى (وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا[/FONT] إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84) يونس)
[FONT=&quot]وفي قول عيسى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) آل عمران) [/FONT]
[FONT=&quot]وما نقله الله تعالى عن بلقيس ملكة سبأ لما قالت (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) [/FONT]
[FONT=&quot]وقول الله سبحانه وتعالى (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران) دين الإسلام المقصود به هو التوحيد وهذه الآيات (ونحن له مسلمون) المقصود به الموحّدون. [/FONT]
[FONT=&quot]الأنبياء عندما ذهبوا إلى أقوامهم الأمر الأول الذي قاموا به هو دعوتهم إلى التوحيد (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) وهذه واضحة في سورة الأعراف في سورة الشعراء.[/FONT]
[FONT=&quot]من المسائل التي نريد أن نركّز عليها هي قضية ضرورة أن يفخر المسلم بهذا الدين. نحن بإسلامنا نحن الملتزمون الوحيدون بأوامر الله سبحانه وتعالى في قضية التوحيد وكل الأديان الأخرى لم تلتزم بهذا الأمر ولذلك ينبغي للمسلم أن يشعر بهذا التميز وأن يفخر بهذا الاستمساك بالتوحيد والانقياد لأوامر الله سبحانه وتعالى ويحضرني قول الله سبحانه وتعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا[/FONT] مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت) في قوله (إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) على سبيل الفخر وعلى سبيل الشرف أنني أتشرف بهذا الإسلام وبهذا الانتماء لهذا الدين ولذلك اليوم بالرغم الحملات التي تضاد الإسلام وتتهم الإسلام بالإرهاب أن هذه كلها حملات مغرضة يراد منها تشويه الإسلام ونعرف أن من وراءها هم أعداء الإسلام ممن لا يريدون له الخير والله سبحانه وتعالى فصّل تفصيلاً في القرن الكريم (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (120) البقرة) فنحن لسنا عندما نصرّح بهذا قد ارتكبنا محظوراً أو خالفنا بروتوكولاً وإنما هذه حقائق لا ينبغي أن نجامل فيها أن هؤلاء لا يريدون لنا الخير ولذلك قال (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم (109) البقرة) فهذه مسائل واضحة وضّها الله عز وجل في القرآن. وأنا أقول ينبغي على المسلم أن يعتز بدينه وأن يُظهر هذا الاعتزاز في سلوكه وأيضاً أن يعود ويتدبر الآيات التي نصّت على قضية الإسلام بالذات في القرآن الكريم كما في الآيات التي ذكرناها في سورة آل عمران. وبالمناسبة ذكر الشيخ محمد عبد الله دراز كلاماً جميلاً عندما تناول سورة الفاتحة وقال إن سورة الفاتحة أشبه ما تكون بالإجمال لكل ما فصّله الله سبحانه وتعالى في القرآن فعندما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)) فجاء في سورة البقرة ففصل أحوال المغضوب عليهم وهم اليهود وفصّلها تفصيلاً كبيراً وتحدث عن بني إسرائيل وعدم انقيادهم وأن موسى عليه الصلاة والسلام عندما أمرهم بذبح البقرة تلكأوا وأكثروا عليه من الأسئلة التعجيزية التي لا يراد منها التنفيذ بقدر ما يراد منها التهرب من تنفيذ الأمر وأنه ينبغي على المسلمين أن لا يذهبوا في هذا الطريق وصوّر حال الأمة المحمدية الأمة الإسلامية كما في آخر سورة البقرة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) هذا هو حال المسلم. ثم جاء في سورة آل عمران التي قرأنا منها هذه الآيات ففصّل الحال عن الضالين وهم النصارى ففصل تفصيلاً تاماً. كنت في زيارة لإحدى الولايات الأميركية والتقيت بقسيس وكان رجلاً وثقفاً وكان معي ترجمة جيدة لمعاني القرآن الكريم باللغة الانجليزية فأعطيته نسخه من الآيات وأكّدت عليه أن يقرأ هذه الترجمة لأني شعرت أنه رجل يبحث عن الحقيقة ويريد أن يقرأ ولم يطّلع من قبل على القرآن بشكل جيد وأنا أزعم أننا في هذا الزمن بالذات لأول مرة يستطيع الغرب أن يقرأوا القرآن الكريم مباشرة وفي العصور المتقدمة كان يحال بينهم وبينه ما كان يطّلع على القرآن الكريم إلا نسبة ضئيلة جداً لا تكاذ تُذكر. في هذا العصر انفتحت المسألة بشكل كبير وأصبح يصل الترجمة الصحيحة إلى الجميع. فقلت له إما أن تقرأ الترجمات للقرآن كاملاً وإن لم تجده فأرجو أن تقرأ سورة آل عمران وسورة مريم فإذا قرأت هاتين السورتين تواصل معي وكانت المفاجأة ويبدو أنه بدأ بسورة مريم وقرأها وذهل وكتب لي رسالة عجيبة قال فيها : أنا صُدمت فعلاً عندما قرأت هذا التكرار وهذا الثناء وهذا الحديث الطويل عن عيسى وعن مريم. فقلت له هناك من سبقك في القرن الثامن عشر عندما جاء يقرأ القرآن قال كنت أظن أنه سيتحدث عن محمدن خديجة، عائشة، زوجات محمد صلى الله عليه وسلم وسيكون ذكر مريم إما معدوماً وإما نادراً فلما اطلعت على القرآن وجدت الحديث عن مريم وعن عيسى أكثر من الحديث عن محمد نفسه وليس هناك ذكر في القرآن الكريم لأي زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. هذه الحقيقة نحن أحياناً نغفل عن مثل هذه الزوايا التي يتنبه لها هؤلاء مع أننا نحن أهل القرآن ونقرؤه ونكرره.
[FONT=&quot]نختم بضرورة التركيز على جانب التوحيد في القرآن الكريم والتأمل في آياته. نحن في هذه الروضة تحدثنا عن روضة المسلمين ولا شك أن آيات القرآن الكريم جميعاً هي روضات المسلمين لكن الآيات التي تحدثت عن الإسلام والانقياد لله سبحانه وتعالى بالطاعة ووالاستسلام له والاستجابة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ (24) الأنفال) ينبغي لنا أن نكون أكثر استجابة وانقياداً واستسلاماً لأوامر الله سبحانه وتعالى. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم الاستمساك بالتوحيد والانقياد لأوامر الله والخضوع لطاعته سبحانه وتعالى وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين[/FONT]
 
[FONT=&quot]الحلقة الثانية[/FONT]
[FONT=&quot]روضة العابدين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=lyTtCTLeioY

[FONT=&quot]اليوم سوف نتحدث عن روضة من رياض القرآن وهي روضة العابدين سنتوقف من خلالها عن آيات من القرآن الكريم تتحدث عن العبودية لله سبحانه وتعالى وعن العبادة وننطلق من خلال هذه الروضة للحديث عن الآيات المماثلة التي تناولت موضوع العبادة في القرآن الكريم.[/FONT]
[FONT=&quot](وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (51) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) الذاريات)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من أواخر سورة الذاريات وهذه السورة هي سورة مكية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والعلماء دائماً يتحدثون أن السورة المكية دائماً تركز على مفهوم التوحيد وتقرير العقيدة وترسيخ هذا المفهوم في نفوس المسلمين ونحن نستفيد من هذا حتى اليوم من أننا إذا أردنا أن نطّلع على آيات العقيدة وكل ما يدعم ويعزز هذا المفهوم في نفوس الناس فإننا نركز على الآيات والسور المكية هذا ظاهر فيها جداً. هذه الآيات وهذه الروضة روضة العابدين تتحدث عن هذه الآية المفصلية (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). وهذه الآية على قصرها تختصر العبرة والغاية التي خلق الله من أجلها البشر بل والجنّ لذلك قال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ولذلك كثير من الذين يعيشون اليوم في العالم لا يدركون هذه الحقيقة كما يدركها المسلم الذي يقرأ هذه الآيات فلذلك نحمد الله سبحانه وتعالى أن هدانا لما اختلف فيه الناس. [/FONT]
[FONT=&quot]فتأمل في قوله سبحانه وتعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)) [/FONT]
[FONT=&quot]نسبة المسلمين في العالم اليوم لا يشكّلون ولا يمثّلون خمس أو عُشر العالم والبقية الباقية على أديان محرّفة مما يدل على فضل الله سبحانه وتعالى علينا وعلى المشاهدين الذين هدانا لهذا الدين ولهذه العقيدة ولهذا التوحيد ولذلك ينبغي على الإنسان وهو يقرأ مثل هذه الآيات أن يحمد الله على نعمة الهداية ونعمة العبودية ولذلك الله سبحانه وتعالى عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم في أشرف المواضع ذكره بوصف العبودية. ووصف العبودية لله سبحانه وتعالى هو شرف لنا علماً أن العبودية في أصلها هي ذلّة وليست تشريفاً، عندما تقول فلان عبدٌ لفلان فهذه ليست تكريماً له وإنما نوع من الذلّة والانقياد لهم لكن العبودية لله سبحانه وتعالى هي شرف وفخر للإنسان أن يفخر بأنه عبد لله سبحانه وتعالى ولذلك أجاد أحد الشعراء عندما قال: [/FONT]
[FONT=&quot]ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا[/FONT]
[FONT=&quot]دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبيا [/FONT]
[FONT=&quot]لذلك لما وصف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم في أشرف المواضع مثل قوله سبحانه وتعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ (1) الكهف) ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وقت نزول الوحي ونزول القرآن الكريم وهذا وقت شرف للنبي صلى الله عليه وسلم ذكره بلفظ العبودية وعندما ذكره أيضاً في موقف الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً (1) الإسراء) فذكره في موطن شرف تميز به على كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو موقف الإسراء والمعراج فذكره بوصف العبودية. وأيضاً لما قام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ذكره بوصف العبودية فقال (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) الجنّ). هذه الآيات مع الآيات في سورة الذاريات تؤكد على مفهوم العبودية لله سبحانه وتعالى وهو غاية الخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى باتباع الأوامر واجتناب النواهي وأنه ينبغي على كل واحد منا وهو يعبد الله سبحانه وتعالى أن يستشعر هذاالشرف عندما يوفقك الله سبحانه وتعالى إلى الصلاة جماعة وإلى المحافظة عليها فقد وفقك إلى عبوديته الحقة وقد هداك في حين حرم غيرك. ولذلك استحضار هذه النعمة العظيمة عليك وأنت تصلي وأنت تسجد وأنت تؤدي السنن الرواتب وتحافظ عليها هذه نعمة اختصك الله بها فحافظ عليها فذلك فضل الله وليحرص الإنسان عليها.[/FONT]
[FONT=&quot]هل نحن نستشعر ونحن نتحدث في هذه الآيات ونبلّغ عبر هذا البرنامج أو عبر خطبة الجمعة التي تخطبها أو عبر تعليمك لطلابك وأنت أستاذ أننا نقوم بوظيفة النبي صلى الله عليه وسلم وننوب عنه في تبليغ هذا القرآن الكريم وفي بيان معانيه إلى الناس كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل. كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى الناس وهم مجتمعون فيتلو عليهم القرآن بغية هدايتهم والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقاضى أيّ مقابل من الناس وهو يدعوهم إلى الإسلام ولذلك قال الله عز وجل (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف) النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على تبليغ الرسالة ومن الجيد أن نحرص على الدعوة ونبلّغ الدعوة ولكن هل عندنا الحرص الشديد على أن تصل الدعوة بالشكل الصحيح والمطلوب أو أننا نقول (إن علينا إلا البلاغ) وانتهى الأمر؟! لا بد لنا من استشعار هذا المعنى.[/FONT]
[FONT=&quot]أضف إضافة مهمة جداً وهو أننا عندما نتحدث عن مفهوم العبودية في روضة العبودية في سورة الذاريات هل تعلم أننا نجيب عن أعظم سؤال في الوجود حيّر الملاحدة حيرة شديدة، يجيب الله سبحانه وتعالى لماذا خلقنا؟ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)) فقط (مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57)) لماذا؟ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)) ولذلك كثير من الباحثين المعاصرين – وأنا أتفق معهم- يرون أن سورة الذاريات موضوعها ومقصدها الأساسي هو الرزق وأن الله سبحانه وتعالى قد تكفل به ولذلك تفرّغ أنت للعبادة. كأن الله سبحانه وتعالى يقول ركّز على العبودية ودع الرزق علينا. وقد تجد البعض يعترض على رزق غيره لماذا أُعطي مالاً كثيراً وأنا لم أعط؟ فيرد الله سبحانه وتعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى)[/FONT]
[FONT=&quot]كنت أقرأ في كتاب من كتب التاريخ الروسية التي وضعت في عهد الشيوعية والإلحاد لا تجد في هذا الكتاب ذكر لا لله ولا لخلقه ولا لعبودية الناس له أبداً، يتحدثون عن الخلق وعن الإنسان كأنه خُلق من ذاته وهذا هو الانحراف انحراف الفطرة. ولذلك انظر إلى النظريات العلمية التي نشأت في ظل الإلحاد والكفر والرأسمالية كلها تهمّش مفهوم العبودية لله سبحانه وتعالى ولذلك ينبغي على الطالب المسلم ونقولها لأبنائنا وبناتنا وهم يقرأون في الفيزياء والكيمياء والرياضيات والجيولوجيا والأحياء تجد خلق الإنسان ظاهر في عظمة الله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان، في خلق السموات والأرض، خلق الجنين في الجهاز الدموي والجهاز التنفسي وكل هذه الأجهزة تؤكد على مفهوم خلق الله للإنسان وأن هناك قوة غيبية خارقة وهو الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق وهو الذي رزق وهو الذي أعطى لذلك تعظيم هذا المفهوم في نفوس أبنائنا وبناتنا يعزز في نفوسهم حتى لما يتلقون مثل هذه العلوم يتلقونها بروح المؤمن الخاضع لأوامر الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]نعود لموضوع العبودية والحيرة في قوله سبحانه وتعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) يجيب على أعظم سؤال حار فيه الملاحدة والمؤرخون وأصحاب المذاهب الكلامية والأفكار ولذلك قصيدة إيليا أبي ماضي المشهورة التي قالها في مثل هذه الظروف، هو شاعر نصراني عاش في بداية عصر النهضة بالرغم من هجرته إلى أميركا الجنوبية ورأي بداية الحضارة كان يشعر بقلق شديد لأنه غير مسلم ولا يهتدي لماذا خُلق فيقول:[/FONT]
[FONT=&quot]جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت[/FONT]
[FONT=&quot]ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت[/FONT]
[FONT=&quot]وسابقى سائراً إن شئت هذا أم أبيتُ [/FONT]
[FONT=&quot]كيف أبصرت طريقي ولماذا جئت لست أدري لست أدري[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يسترسل في القصيدة:[/FONT]
[FONT=&quot]كم سألت البحر يوماً هل أنا يا بحر منك [/FONT]
[FONT=&quot]في أسئلة كلها تدل على الحيرة وعلى عدم معرفة سر الخلق ولماذا خلقك الله وإلى أين المصير وما معنى القضاء والقدر وما معنى الإيمان بالغيب وما معنى الإيمان بالجنة والإيمان بالنار والإيمان بهؤلاء الأنبياء والرسل؟ [/FONT]
[FONT=&quot]لو تتأمل في القرآن الكريم كيف يقص الله سبحانه وتعالى على النبي صلى الله عليه وسلم قصة نوح وقصة إبراهيم وقصة موسى وعيسى ويونس وسليمان وداوود وهؤلاء القدوات وكل هذا من الغيب بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولم يكن عند اطلاع على هذه الثقافات عليه الصلاة والسلم لذلك لما فاجأه جبريل بالوحي زقال له اقرأ، قال ما أنا بقارئ، معنى كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنا لا أحسن القرآءة وليس معناه أني لن أقرأ حتى لو أمرتني وإنما لست بقارئ وبالرغم من ذلك لما جاءه هذا الوحي وجاءه بسيَر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أتخيل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلى هؤلاء الأنبياء الذين سبقوه هؤلاء القدوات بالنسبة له عليه الصلاة والسلام. [/FONT]
[FONT=&quot]لو ننظر مفهوم العبودية حتى النبي صلى الله عليه وسلم طبق مفهوم العبودية حتى قالت عائشة رضي الله عنها عندما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في قيام الليل وفي التعبد حتى تفطرت قدماه من كثرة الوقوف قالت: يا رسول الله ألم يغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أفلا أكون عبدا شكورا. هذه المغفرة تقتضي مني المبالغة في الشكر. انظر لهذا الفهم سبحان الله العظيم! أنا أتصور لو وقع مثل هذا عليّ لقلت الحمد لله، ما دام أن الله غفر ما تقدم من ذنبي وما تأخر سأرتاح! [/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم في سورة العنكبوت جاءت لفتة مهمة وهذه من المسائل التي ينبغي للجميع أن يعتني بها ممن يقرأ القرآن الكريم كيف تأتي إشارات مقصودة من الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم تشير إلى مراحل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الله سبحانه وتعالى قصة نوح عليه السلام ذكرها الله في كثير من المواضع في السور المكية ذكرها في سورة نوح وفي سورة الأعراف وفي سورة هود، أفاض في قصة نوح ولكن ولا في موضع واحد من هذه المواضع ذكر الله سبحانه وتعالى مدة بقاء نوح في قومه وإنما ذكرها في موضع واحد في سورة العنكبوت (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)) يسأل السائل لماذا ذكرت هذه اللفتة من قصة نوح في هذا الموضع من سورة العنكبوت؟ لما تأملت ودرست هذه السورة وجدت أن سورة العنكبوت على أقوال العلماء كانت آخر سورة نزلت في مكة وبعضهم يقول نزلت في الطريق إلى المدينة وبعضهم يقول نزلت أول سورة في المدينة، على الاحتمالات الثلاثة الحكمة واضحة كأن الله سبحانه وتعالى يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أنت كم لبثت في مكة؟ 13 سنة ولكن كذّبوك وأخرجوك ولم تجد أي مجال للدعوة في مكة فهاجر إلى المدينة، نوح بقي في قومه 950 سنة وأنت بقيت في قومك 13 سنة فكان في هذا عزاء للنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يقتدي بهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويرى في سيرهم التي يقصها الله سبحانه وتعالى عليه في القرآن الكريم ميداناً للقدوة. [/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك ينبغي علينا ونحن نقرأ القرآن الكريم أن نقتدي بهؤلاء القدوات لأن القرآن الكريم عظّم لنا هذه النماذج البشرية وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين من هذه الأمم التي سبقتنا وهؤلاء الذين ينبغي أن نقتدي بهم لا أن نقتدي بحثالة الناس الذين يحاول الإعلام الغربي أو الشرقي أن يلمع هؤلاء لكي يكونوا نجوماً الذين ينبغي على أبنائنا أن يقتدوا بهم. [/FONT]
[FONT=&quot]نسال الله أن يرزقنا وإياكم صحة الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن يرزقنا صدق العبودية لله سبحانه وتعالى. [/FONT]
 
أسأل الله تعالى أن يجزي شيخنا ويجزيك عنا خير الجزاء، ويبارك في علمكم وعملكم.
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة الثالثة [/FONT]
[FONT=&quot]روضة الصائمين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=95_JWwRzd1s

[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من سورة البقرة توقفت مع فرضية الصيام ونحن في شهر الصيام والمتأمل في أركان الإسلام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال بُني الإسلام على خمس يجد أن أحد أركانها الصيام الركن الرابع عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" نتأمل في هذه الأركان، شهادة أن لا إلا الله وأن محمداً رسول الله هذه باللسان، تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يكون هذا الركن انتهى، ثانياً قال: وإقام الصلاة، وهذه يومياً خمس مرات وهي لا شك أعظم الأركان. الثالث قال: وإيتاء الزكاة، وهذه إيتاء الزكاة تجب على يملك النصاب أما من لم ليس عنده نصاب يستحق أن يزكّي فليس عليه زكاة، والزكاة هي تطهير للنفس (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ[/FONT] صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِ (103) التوبة). ثم يأتي الركن الرابع قال: وصيام رمضان وقال في الركن الخامس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.
[FONT=&quot]تأمل في الصلاة تتكرر يومياً خمس مرات والصيام يتكرر سنوياً مرة واحدة وهو عبادة بدنية تقوم بها بجسمك تمتنع عن الطعام وعن الشراب وعن الجماع لوقت محدد. يسأل الناس في مثل هذه الآية عندما يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) يسألون عن وجه كتابة الصيام على الأمم السابقة أي كيف كان كتابة الصيام على الأمم السابقة والمفسرون يذكرون أن الصيام منذ عهد آدم عليه السلام وبعضهم يرى أنه مكتوباً كما هو مكتوب على المسلمين صيام شهر في السنة وبعضهم يقول كان أصل الصيام مكتوباً ولكن الكيفية مختلفة. لكن كما يقول العلماء ما هي الحكمة من هذه الكلمة (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)؟ هل يريد الله سبحانه وتعالى أن يخفف علينا هذه المشقة التي نجدها في الصيام؟ فكأن الله سبحانه وتعالى يقول: لستم أنتم أول من يصوم هناك من صام قبلكم ولذلك قال الله سبحانه وتعالى احتجاجاً للنبي صلى الله عليه وسلم عندما كذّبه قومه (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ[/FONT] الرُّسُلِ (9) الأحقاف) أنا لست أول رسول يرسله الله إلى قومه، هناك رسل قبلي أرسلوا إلى أقوام. فنقول أن في التشبيه بالسابقين تهويناً على المكلّفين من مشقة هذه العبادة والشيء الشاقّ إذا كان عامّاً على الناس تقل المشقة فيه كما كانت تقول الخنساء عندما قتل أخوها صخر فكانت ترى الناس حولها يبكون على إخوانهم وعلى من فقدوا فتتأسى بذلك ولذلك قالت:
[FONT=&quot]فلولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي[/FONT]
[FONT=&quot]فوجدت في عموم المصيبة شيئاً من التخفيف وشيئاً من التسلية. وكذلك عموم كتابة الصيام على الأمم السابقة فيها تخفيف علينا نحن المسلمين وتقليل من المشقة. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً كما ذكر ابن كثير في تفسيره يقول: ذكر سبحانه وتعالى أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيه أسوة وأيضاً ليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك كما قال تعالى (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً[/FONT] وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (48) المائدة) فكأن فيه نوع من التحفيز لنا نحن المسلمين أن نسابق الأمم السابقة في إجادة الالتزام بموضوع الصيام.
[FONT=&quot]أيضاً ذكروا من أغراض التشبيه: استكمال هذه الأمم للفضائل التي سبقت إليها الأمم السابقة ولا ريب أن الصيام من أعظم الفضائل فالإنسان يصبر على طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله سبحانه تعالى ولوجه ولذلك قال الله سبحانه وتعالى "كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي" هذا الحديث القدسي يحفّز الإنسان لأن الصوم تكفل الله بالجزاء عليه في حين أن بقية الأعمال الصالحة الحسنة بعشر أمثالها. هل معناها أن الصوم أقل من هذا؟ أن يكون مثلاً بستة أمثال أو سبعة؟ لا يمكن هذا الفهم، بل هو أكثر من بقية الأعمال الصالحة إذن هو أكثر من مضاعفته عشرة أضعاف لأن الله تكفل بالجزاء عليه والله سبحانه وتعالى إذا تكفل بالجزاء ولذلك قال (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم[/FONT] بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر). والله عز وجل يقول (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ[FONT=&quot]خَزَائِنَ رَحْمَةِ[/FONT] رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا (100) الإسراء) لأن ما يعطيه الله عز وجل من حسنات الحسنة الواحدة تساوي الدنيا وما فيها فلذلك الإنسان إذا كان الأمر بيده ينظر إلى هذه الأجور التي تأتي للإنسان لأمسك (وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا).
[FONT=&quot]نعود إلى روضة الصيام، إن القرآن الكريم كله رياض بل إن الآية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث في صحيح مسلم: خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ في الصُفَّةِ فقال" أيكم يحبُّ أن يغدو كلَّ يومٍ إلى بطحانَ أو إلى العقيقِ فيأتي منهُ بناقتيْنِ كوماويْنِ، في غيرِ إثمٍ ولا قطعِ رحمٍ؟ " فقلنا: يا رسولَ اللهِ! نحبُّ ذلك. قال" أفلا يغدو أحدكم إلى المسجدِ فيُعَلِّمَ أو يقرأَ آيتيْنِ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ خيرٌ لهُ من ناقتيْنِ. وثلاثٌ خيرٌ لهُ من ثلاثٍ. وأربعٌ خيرٌ لهُ من أربعٍ. ومن أعدادهنَّ من الإبلِ[/FONT][FONT=&quot] " .[/FONT][FONT=&quot]الراوي: عقبة بن عامر المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 803 - خلاصة حكم المحدث: صحيح. غنيمة باردة أن يخرج أحدنا مسافة قريبة ويحصل على ناقة سمينة أو ناقتين كوماوين. ونحن نقول هذه آية واحدة من آيات القرآن الكريم فيها هذا الأجر العظيم فكيف إذا اجتمع في رمضان الصيام والقرآن واٌبال على الله سبحانه وتعالى. والمتأمل يلاحظ كيف ارتبط القرآن الكريم برمضان وهو كذلك منذ نزل القرآن الكريم على النبي صلهم وهناك تلازم بين القرآن وبين رمضان فلا يُذكر القرآن إلا ويُذكر شهر رمضان ولا يذكر شهر رمضان إلا ويُذكر القرآن ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يشعر شعوراً خاصاً في رمضان سواء قبل الهجرة أو بعد الهجرة وإن كان بعد الهجرة أكثر لأنه كان عليه الصلاة والسلام يقول الليل وكان معه الصحابة يصلّون في المسجد ويشعرون بهذا الشعور الإيماني وشعور الجماعة مع القرآن الكريم. اليوم ولله الحمد والمنّة أصبح الناس أكثر إقبالاً على القرآن وأكثر شعوراً بأهمية رمضان فمن ثلاثين سنة كان إقبال الناس على العمرة في رمضان وإقبال الناس على ختم القرآن أقل من ذلك. بل حدثني أحد المشايخ في الرايض يقول أنا أتيت الرياض قبل أربعين سنة ما أذكر أن أحداً كان يصلي التراويح بالناس يقول كانوا كلهم يقرأون من المصحف واستثنى شيخين، كان الشيخ مناع القطان موجوداً في الرياض والشيخ محمد الرواي فاليوم ولله الحمد لا تكاد تجد أحداً يصلي إلا وانتشر الحفاظ على مستوى الأمة وليس على مستوى المملكة فقط ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علينا هذه النعمة. وأيضاً جانب التدبر والدخول في معاني القرآن والغوص في معانيه ونشعر بهذا من أسئلة الناس خلال الاستشارات القرآنية لمركز تفسير خلال شهر رمضان بحيث نستقبل الأسئلة حول القرآن فقط وكانت الساعات تمر كأنها سؤال واحد من كثرة الأسئلة وكثرة إقبال الناس على القرآن. وهذه نعمة نسأل الله أن يجمها علينا وأن يرزقنا وإياكم الأمن كما نحن في هذا البلد حتى يتفرغ الناس للعبادة ويتفرغوا لتدبر القرآن ويتأملوا في معانيه. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدارس جبريل كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يدارس جبريل القرآن في رمضان وفي رمضان الذي توفي بعده النبي صلى الله عليه وسلم تدارسه مرتين وتخيل مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم والذي يغلب على ظني والله أعلم أن جبريل كان يتصور في هيئة بشرية فيدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم لأنه لما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي يا رسول الله؟ قال أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو أشده عليّ، وأحياناً يأتيني على هيئة رجل فأكلمه ويكلمني. فالذي يغلب على ظني والله أعلم أن جبريل كان يتصور في هيئة بشرية فيدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم في رمضان وتخيل كيف كانت هذه المدارسة. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً الله عز وجل عندما ذكر آيات الصيام بعد أن ذكر (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) قال سبحانه وتعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) بعدما ساق الله سبحانه وتعالى الآيات التي تتعلق بالصيام ذكره سبحانه وتعالى الدعاء وهذا يجعلنا نتضرع إلى الله عز وجل ونكثر من الدعاء لا سيما في هذا الشهر الفضيل المبارك.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً من القضايا المهمة التي نريد أن نشير إليها في روضة الصائمين قضية التقوى وأن الصيام هو مدرسة التقوى وأنه ينبغي على المسلم أن يستحضر هذا المعنى حتى يعظم في نفسه جانب تقوى الله سبحانه وتعالى وجانب الرجوع إليه والإنابة ومراعاة الله سبحانه وتعالى في كل حياته في كل التفاصيل. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو تأملنا لماذا اختص الله سبحانه وتعالى بالجزاء على الصيام قال العلماء لأن الصيام أمر بين الإنسان وبين ربه لا يطّلع عليه أحد لأنه بإمكان أيّ واحد أن يختفي عن أنظار أقرب الناس إليه ويشرب ويأكل ولكنه في نظر الناس صائم لكنه بينه وبين الله ليس كذلك. ولذلك لو تأملنا سياق آيات الصيام وأين وردت نجد أنها وقعت بين آيات الشدة وذكر الصبر فجاء قبلها قول الله سبحانه وتعالى (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (178)) وهذه شدّة تحتاج إلى صبر، وتقدمها أيضاً قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)) وهذه شدة تحتاج إلى صبر. ثم ذكر بعد آيات الصيام آيات القتال (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (190)) ثم قال (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (191)) وقال (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ (193)) ولا شك أن الصوم من المشاقّ والقتال من المشاقّ والقتال يقتضي الصبر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ (200) آل عمران) وبعدها ذكر آيات الحج أيضاً لأن الحج يقع بعد الصيام (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ (197)) فنجد أن موقع آيات الصيام بين آيات الصبر وما يقتضي الصبر وهموم المشقة وهذه فيها لفت نظر إلى تحمل هذه المشقة اليسيرة التي تعتري الإنسان لا سيما في أول أيام الصيام ثم إنها تصبح لذة ويصبح فراق الصيام شديداً على الناس ولذلك نحن في أول الصيام بعضنا يجد مشقة لكن في نهاية الشهر الكل يتمنى أن يتم رمضان ثلاثين يوماً والكل يتمنى أن يستمر رمضان طيلة السنة. نسأل الله أن يرزقنا التقوى ويرزقنا الصبر وأن يعيننا على أنفسنا حتى نستفيد من روضة الصيام ومن مدرسة الصيام ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في ذلك كله.[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة الرابعة [/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتّبعين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=YpkEbk7Pv0I

[FONT=&quot]إن النجاة الحقيقية هي في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وفي اتباع الوحي والاستمساك به.[/FONT]
[FONT=&quot](قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (30) قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) آل عمران)[/FONT]
[FONT=&quot]نحن عندما نقول أنه يجب علينا اتّباع الوحي والذي جاء بالوحي هو النبي صلى الله عليه وسلم والاتّباع دائماً فيه معنى التقليد وهو معنى سلبي، عندما تقول لأحد لا تبتكر، لا تُبدع أنت فقط التزم بالتعليمات، اتبع التعليمات فقط، وقد يقول قائل لماذا الاتباع فقط لما تطلبون مني أن أتّبع ألا تتركون مجالاً للابتكار والإضافة؟ وهذا نقول هذا في إدارتنا للأمور. الله سبحانه وتعالى عندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أرسله بهذا الوحي وأرسل الأنبياء السابقين أرسلهم بحقائق لا يمكن الوصول إليها بالعقل أبداً، الإنسان لولا هذا القرآن لا يمكن أن يصل إلى الله، لا يمكن أن يعرف حقائق مجيئه لماذا خُلق وإلى أين المصير وما هو المطلوب منه؟ لا يمكن أن يعرف هذا العقل، العقل له حدود. لذلك الذين ضلوا في المذاهب البشرية أرادوا أن يدخلوا العقل في مسائل لا يمكن للعقل أن يحكم فيها فلا يمكن للإنسان بالعقل أن يكتشف أن هناك جنة ونار؟ الجواب لا، هذه قضايا غيبية لا يمكن للعقل أن يستنتجها، ليست قضايا منطقية كما هي في الأشياء البشري التي نتعامل معها، هذه قضايا غيبية اختص الله بها. أخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذا الكتاب أن هناك جنة وهناك نار وهناك حساب وهناك عذاب وأيضاً أخبرنا أشياء في الغيب الماضي كيف خلق السموات والأرض كيف أرسل الأنبياء السابقين هذه قضايا لا يمكن أبداً أن يصل إليها العقل ولذلك لما جاء بها الوحي أُمرنا باتباعها لأنها حق لا شك فيه ولا باطل فيه. ولذلك هنا في هذه الآيات (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)) النجاة الحقيقية هي في اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم، عندما يتكلم الله عز وجل عن قضية الاتباع فهو في القضايا التعبدية التوقيفية أما في أمور الدنيا والمعاش فيأمرك بالابتكار والإضافة. وبعضهم يلبّس على الناس ويقول الدين الإسلامي دين تقليد يأمر أتباعه بالتقليد المحض وهذا صحيح في جوانب العبادة. [/FONT]
[FONT=&quot]نستطرد في مسألة العبادة، عبادتنا لله سبحانه وتعالى العبادة التوقيفية تماماً لا نتعبد الله سبحانه وتعالى إلا بما شرع لنا في كتابه الكريم أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلو جاء رجل مخلص وصادق وقال أنتم تصلون الفجر ركعتين فقط وأنا سأصلي أربع ركعات لأن أربع ركعات تتيح لي فرصة أن أقرأ أكثر وأركع أكثر أسجد أكثر لن نوافقه ونقول عملك باطل وصلاتك باطلة لأنك أعملت عقلك واجتهدت في مسألة لا تقبل هذا. الرسول صلى الله عليه وسلم قال نصلي ركعتين نصلي ركعتين، نصلي الظهر أربعاً نصليها أربعا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ، أي باطل. هذا مفهوم الاتباع، نحن نتبع في هذه القضايا العبادية ولا نجتهد فيها ولا نضيف ولا نذكر الذكر الذي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نذكره في السجود نذكره في الركوع ولا العكس، اتباعٌ تامّ، وهذا من تمام العقل ومن تمام الإسلام ومن تمام الانقياد. ثم لك أن تُطلق عقلك في قضايا المعاش وتبتكر وتبدع كما تحب وكما تشاء أما في القضايا التعبدية فكمال العقل وكمال الفهم هو في كمال الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك ما أُرسل الأنبياء إلا لكي يتبعوا (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ[/FONT] بِإِذْنِ اللَّهِ (64) النساء) والاختبار الحقيقي للمسلم هو في الانقياد وفي الإيمان بالغيب ولذلك في أول سورة البقرة عندما ذكر الله صفة المتقين قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)) ثم ذكر صفاتهم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)) قال العلماء قدّم الله صفة الإيمان بالغيب لأنها هي المحك الحقيقي في الإيمان لأنك إذا آمنت شيء مشاهد أمامك انتهت القضية كما فعل فرعون لما دخل الماء إلى جوفه ورأى الموت قال (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) يونس) فقال الله سبحانه وتعالى له (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) يونس) انتهى وقت القبول. الإيمان بالشهادة يشترك فيه الناس جميعاً لكن الإيمان بالغيب هو الذي يتفرد به المؤمنون الصادقون المخلصون النبي صلى الله عليه وسلم جاءنا بهذا القرآن جاءنا بهذا الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة التدر فيه والتأمل فيه يدعو إلى الإيمان واليقين والتسليم وكلما كان الإنسان أكثر إيماناً ويقيناً بما عند الله سبحانه وتعالى كان أكمل إيماناً. (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) الأنعام) ولذلك حتى الإنسان عندما ينام نومته هي لله سبحانه وتعالى وهو يتعبد الله عز وجل فيها عندما يسير الإنسان أو عندما يقوم بأداء أي عمل هي عبادة لله عز وجل كما تعلمنا تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية المشهور للعبادة "العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهر والباطن" فلذلك الإنسان يتبع أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في كل هذه الأشياء وهذا لا يعني أن الإنسان لا يبتكر ولا يُبدع، بالعكس الإنسان يبتكر ويبدع طالما كله في سياج طاعة الله.
[FONT=&quot]ونحن نتحدث في روضة المتبعين كمال اتباع الإنسان لسنة النبي صلى الله عليه وسلم دليل على الإيمان ودليل على محبته أيضاً لأن البعض يقول أنتم بهذا تحجّرون لأنه عندما نقول روضة المتبعين نحن في الحقيقة نحارب ونردّ البدعة. والبدعة هي عبادة جديدة لم يأذن بها النبي صلى الله عليه وسلم، لو جاءنا أحد بعبادة لم ينصّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرعها لنا فنحن نقول لهذا المبتدع هذه ليست موجودة في القرآن وهي موجودة في السنة فهي مردودة عليك بعضهم يغضب ويقول أنتم محجّرين وأنتم لا تحبون النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحبون الله. على سبيل المثال يأتي من يحتفل بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وصار الاحتفال بالمولد كأنه حجّ فنقول هذه بدعة مردودة وليست من الدين فيقال أنتم لا تحبون النبي صلى الله عليه وسلم فنقول بالعكس بل من كمال محبتنا له أننا لا نحتفل بمولده لأن الله سبحانه وتعالى يقول (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) وهذا الذي جئتم به شيء في العبادة، إضافة من عندكم في العبادة كما يفعل الصوفية يجتهدون في باب العبادة وباب العبادة توقيفي لا مجال للعقل فيه فكما أنه لا يمكن أن تجعل صلاة الفجر ثلاث ركعات أو صلاة المغرب أربع هذا لا يمكن لأن هذه عبادات لا يدخلها العقل ولا تجتهد فيها. حتى الأذكار التي تقال في الركوع والسجود وفي التشهد كلها منصوص عليها أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك تلاحظ الناس الآن يسألون هل يجوز أن اقول في الركوع كذا؟ أضيف؟ لا يجوز إذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لأننا في جانب العبادة نحن متعبّدون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عمر لما جاء إلى الحجر الأسود وقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. هذا هو مفهوم الاتباع بكل بساطة.[/FONT]
[FONT=&quot]ولا يعني عدم الاحتفال بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوقف البعض عن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول أنتم تقولون هذه بدعة ويتوقف عن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أو ذكر سيرته وهذا غير مطلوب وإنما المطلوب البعد عن الاحتفال. [/FONT]
[FONT=&quot]وأما ما يتعلق بالأذكار فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أذكاراً كثيرة وهذه الأذكار لو استطاع الإنسان أن يلتزمها لامتلأ يومه كله بالأذكار، " من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك[/FONT]"، سبحان الله وبحمده مائة مرة، الأذكار كثيرة فليس هناك داعي بأن نأتي بأذكار أخرى جديدة، لو فقط قمنا بالأذكار التي جاءت في النصوص الصحيحة لاستغرقت وقتاً طويلاً.
[FONT=&quot]ولذلك ابن الجوزي رحمه الله قال في كتابه "تلبيس إبليس" من وسائل ابليس في إضلال الإنسان أنه يأتي للإنسان المسلم والمستقيم ويرى أنه لم يستطع أن يثنيه عن الصلاة فدخل عليه من هذا الجانب فيشغله بالمفضول على الفاضل ويظهر هذا جلياً في جانب الأذكار. لاحظ الآن الناس الذين في الطواف تجده معه دفتر أذكار الطواف وتجد أن الكثير من هذه الأذكار لم يثبت وإذا بالناس يتركون الأذكار الصحيحة التي ثبتت في البخاري وفي مسلم وفي الكتب الصحيحة ويذهبون إلى أذكار مسجوعة ليس عليها دليل وهذا من تلبيس إبلييس على الإنسان وأنه لو اشتغل الإنسان بالأذكار الصحيحة لكان ذلك فيه كمال الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم والانقياد له والسير في ركابه عليه الصلاة والسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]في قول الله تعالى (قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) إشارة هنا إلى أن عدم الانقياد كفر لأنه قال في ختام الآية (فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) لأن توليهم عن الانقياد لأوامره عليه الصلاة والسلام كفر ولذلك في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة رضي الله عنهم ويحضرني عبد الله ابن عمر رضي الله عنه كان شديد الاتباع لآثار النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه كان رضي الله عنه يتتبع مواضع ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة وفي الذهاب إلى الحج لكي يقلد النبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذه التفاصيل ولذلك كان مشهوراً رضي الله عنه بكمال اتباعه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نقول اليوم ولله الحمد والمنة وقد حققت كتب الصحيحة من السنة وأصبح صحيح البخاري ومسلم في متناول الجميع، كتاب رياض الصالحين موجود في متناول الجميع بل حتى اليوم وهي حجة علينا الآن أصبح بإمكانك أن تحمل هذه الكتب على الجوال الذي بين يديك ولا أجد الآن مبرراً لاشتغال الناس اليوم بالقرآءة في الجرائد وما يقرأ في المنتديات وفي مواقع التواصل الإجتماعي يقرأ طيلة يومه ثم يغيب عنه أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم ولا يعرفها فتقول له لو قرأت كل يوم وحفظت حديثاً واحداً من الأحاديث في صحيح البخاري ومسلم لكان في ذلك بركة عليك في علمك وفي عبادتك. في يوم من الأيام جاءني طبيب استشاري فدار الحديث حول كتب السنة والأحاديث الصحيحة فسألته إن كان لديه صحيح البخاري فقال لا، وسأل ما ميزة صحيح البخاري؟ قلت هو أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى وقد تحرّى فيه الإمام البخاري الصحة واتصال السند وذكرت له بعض التفاصيل وأعطيته نسخة من صحيح البخاري في مجلد واحد وغاب عني أشهراً فلما لقيته قال للأسف الشديد كنت في غفلة عن صحيح البخاري وقد وجدت فيه أجوبة على أسئلة طالما سألت نفسي عنها في عبادتي في حياتي في تصور بدء الخلق وإذا بها كلها في صحيح البخاري فضلاً عما في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن. فلا شك أن كمال الاتباع هو في كمال اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وكمال اتباع الوحي كما قال الله سبحانه وتعالى في هذه الآية (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة الخامسة [/FONT]
[FONT=&quot]روضة المخلِصين [/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=xq2wqWE0WhQ

[FONT=&quot](اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) غافر)[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المخلصين ننطلق في هذه الآيات للحديث عن الإخلاص والإخلاص في القرآن الكريم ورد في مواضع كثيرة ليس في هذه الآيات فقط لكننا نختار في كل حلقة من الحلقات روضة من الرياض وإلا فالقرآن كله رياض.الإخلاص من أهم ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به وقد أمرنا به وأمر الأمم السابقة لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً والإخلاص في اللغة هو الصفاء والنقاء فخلوص اللبن وخلوص الذهب هو نقاؤه وصفاؤه، أما الإخلاص الذي نقصده في الشرع فهو صدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى عملاً واعتقاداً أن يصدُق العبد في توجهه إلى الله عملاً واعتقاداً فتكون أعمالك كلها خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى ما قال (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) الأنعام) خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى. وأيضاً في العمل نفسه أن تصلي لله سبحانه وتعالى مثلاً إذا كنت لا تصلي ثم إذا رأيت مديرك أو رئيسك أو من تخشاه قمت تصلي أو تُحسّن الصلاة. بعضهم ربما لا يصلي إلا إذا رأى الناس أو يصلي ولكن يصلي صلاة غير مكتملة فإذا رأى أن هناك من يراقبه حسّن صلاته فنقول له أنت غير مخلص، المخلص هو الذي يصلي لله ويبالغ في تحسين صلاته وفي تجويدها لله ليس من أجل فلان أو علان. ولا شك أن الإنسان في خلوته أكثر تحرراً من هذه القيود فالذي يصلي بمفرده يصلي بنقاء ويكون أبعد عن الرياء وعن مرآءاة الناس ونقول أن الإخلاص أن تصلي أمام الناس كما تصلي في خلوتك في الإخلاص في تحسين الركوع والسجود وأداء الصلاة كما أمر الله سبحانه وتعالى. أيضاً الإخلاص في النفقة لا شك إن تنفق سراً أدعى للإخلاص (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ (271) البقرة) لأنه أدعى إلى الإخلاص ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذي يظلهم الله في ظل عرشه: رجل أنفق نفقة فأخفاها فلم تعلم شماله ما أنفقت شماله. وهذا لا شك أدعى للإخلاص لكن من جهة أخرى الذي ينفق أمام الناس إذا قصد أن يكون قدوة وأن يفتح باب التبرع للناس وأن يشجع الناس ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما طلب التبرع لقوم جاؤوه من بني عبد القيس فرآهم صلى الله عليه وسلم في حالة من الفقر الشديد فتمعّر وجهه النبي صلى الله عليه وسلم وحثّ الصحابة على الإنفاق فلم يأت أحد حتى جاء رجل بصُرّة تعجز عنها اليدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. فلا يعني أننا ندعو دائماً إلى إخفاء الصدقة أننا لا ندعو إلى إظهارها لكن كلٌ بحسبها لكن نقول أن الإخلاص هو أن تريد بعملك وجه الله سبحانه وتعالى ولا شك أن هذا ليس بسهل، يحتاج إلى معالجة النية من تكاد منا تسلم له نيته ويسلم له إخلاصه إلا من وفقه الله سبحانه وتعالى؟! ولذلك يقول أحد السلف: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي. الفضيل بن عياض قال إنه لا يُقبل العمل إلا بشرطين فقال أن يكون خالصاً صواباً خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى لا رياء فيه ولا سمعة ولا يريد إلا وجه الله سون وأن يكون صواباً على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو كمال الاتباع كما تحدثنا عن ذلك في روضة المتبعين سابقاً (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ (31) آل عمران) وهنا نقول كما ذكر الله سبحانه وتعالى (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) غافر) وكما قال في سورة غافر أيضاً (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) غافر) قضية الإخلاص وصدق التوجّه وإفراد الله بالعبادة لا تشرك مع الله أحد. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي: من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه. وهذا قضية حساسة في عبادتنا وتعاملنا مع الله سبحانه وتعالى وتحتاج إلى مراجعة النية وتجديد النية، فالمدّرس الذي يداوم كل يوم إذا لم تكن نيته خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى لن يكتمل أجره ويحتاج دائماً إلى تجديد النيّة، إذا كان لا يداوم إلا من أجل المدير أو من أجل المفتش أو الموجّه ففي إخلاصه نقص بقدر هذا الإشراك في النية وفي العمل لا سيما أن الله عز وجل قال (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ (5) البينة) [/FONT]
[FONT=&quot]والأمر الآخر أن الإنسان إذا اعتراه شيء من عدم الإخلاص يتوب ويستغفر ويكمل أمره ولا يتوقف فبعض الناس يقول وجدت نفسي غير مخلصاً فلا أريد أن أظهر في برنامج لأني أخشى، نقول إذا أتاك شيء من هذا تُب واستغفر وأكمل ولا تتوقف عن عمل الخير لأن الشيطان يدخل عليك من هذا المدخل يوسوس لك أنك غير مخلص ولن يقبل الله منك فتتوقف وهذا الذي يريده هو يريد أن يوقف عملك لكنه يدخل عليك من مدخل الإخلاص فيوسوس أن إخلاصك فيه نقص ولذلك سوف يضر هذا بك فتوقف فيتوقف الخير الذي كنت تفعله ولذلك ينبغي على المؤمن أن يجدد نيته ويحسّن عمله وتأمل في قوله سبحانه وتعالى في سورة الملك (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك) وتحدث الفضيل بن عياض وغيره قالوا: أحسنه أصوبه وأخلصه، والحسن هنا مرتبط بالإخلاص بدرجة كبيرة جداً وبالصواب وبالمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فلو تأمل الواحد منا وراجع نفسه بين الحين والآخر لينظر مدى حسن عمله ومدى إخلاصه فيه ولذلك إذا وفّق الله سبحانه وتعالى الإنسان إلى عمل ولو كان الإخلاص فيه يسيراً فإن الله يبارك له وينميه له بخلاف الذي يُكثر من العمل وهو فاقد للإخلاص لله سبحانه وتعالى فإنه لن ينفعه ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى أنه يأتي يوم القيامة على جبال من أعمال الكفار فيجعله هباء منثورا (وَقَدِمْنَا[/FONT] إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا (23) الفرقان) لأنه لم يكن لوجه الله ولم يكن لله. النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن عبد الله بن جدعان وهو من قريش وكان من كبار الأجواد في الجاهلية بل إنه كان أجود من حاتم الطائي فسُئل النبي عن عبد الله بن جدعان هل يغفر الله له؟ فقال وهل ينفعه جوده عند الله سبحانه وتعالى؟ فقال صلى الله عليه وسلم إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. لذلك ينبغي علينا أن نستشعر هذا المعنى مع أنه معنى بسيط ولكنه مؤثر جداً في أعمالنا.
[FONT=&quot]في هذه الآيات من سورة غافر فيها تأكيد على مفهوم الإخلاص وأيضاً في سورة الزمر وفي سورة البينة وفي مواضع كثيرة في القرآن الكريم أُمرنا بالإخلاص لوجه الله سبحانه وتعالى ونهينا عن الشرك والله سبحانه وتعالى ذكر لنا (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء (116) النساء) وعدم الإخلاص هو الشرك يدخل فيه الرياء، مرآءاة الناس في الأعمال المرآءاة في الإنفاق، المرآءاة في الصلاة، وفي الصيام وفي الأعمال التي يفترض أن تكون خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فإن هذا يفسد العمل ويحبط العمل[/FONT]
[FONT=&quot]ثمار الإخلاص:[/FONT]
· [FONT=&quot]من ثمار الإخلاص أنه سبب لمغفرة الذنوب ولا شك أننا كلنا نسعى إلى هذا الأمر ولذلك كما قال ابن تيمية رحمه الله: والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمُل فيه إخلاصه فيغفر فيه الكبائر وإلا فأهل الكبائر كلهم يقولون لا إله إلا الله كالبغي التي سقت كلباً فقد حضر في قلبها من الإخلاص ما لا يعلمه إلا الله فغفر الله لها. عمل هذه المرأة مع أنها بتلك الحالة وأيضاً العمل نفسه عمل بسيط إساقء كلب لكنه كان خالصاً لوجه الله فغفر الله لها وأدخلها الجنة. والرجل الذي أزال الأذى عن الطريق. ولذلك هذه نقطة ينبغي أن ننتبه لها وليست العبرة بكثرة العمل قد يعمل الإنسان أعمالاً ضخمة لكنها غير خالصة لوجه الله فلا تنفع وقد يعمل الإنسان عملاً يسيراً لكنه خالص لوجه الله فينفعه عند الله.[/FONT]
· [FONT=&quot]أيضاً الإخلاص سببٌ لتنفيس الكروب ويحضرني مثال حديث الثلاثة الذين أُغلق عليهم الغار فتوسلوا إلى الله بثلاثة أعمال كان الشيء المشترك بينها أنها كانت خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى (اللهم إن فعلت هذا ابتغاء وجهك)[/FONT]
· [FONT=&quot]الإخلاص سبب يرزق الله سبحانه وتعالى به الناس الحكمة.[/FONT]
· [FONT=&quot]الإخلاص سبب للنجاة من الفتن وأن الله سبحانه وتعالى يرزق به الإنسان.[/FONT]
[FONT=&quot]كيف نحقق الإخلاص في نفوسنا؟[/FONT]
· [FONT=&quot]استحضار أهمية الإخلاص وفضله وثمراته في الآخرة وهذه الآيات وغيرها في القرآن الكريم تؤكد على ذلك والأحاديث.[/FONT]
· [FONT=&quot]مصاحبة المخلصين والصادقين فإن لصحبتهم تأثيراً عجيباً. بعض الناس عندما تجلس معه تستشعر الإخلاص والصدق من عمله ومن تصرفاته ومن كلماته فينفعك الله سبحانه وتعالى بذلك أكثر ما ينفعك أحياناً من القرآءة في عشرين كتاب.[/FONT]
· [FONT=&quot]نلاحظ كيف يتفاوت بعضنا في بركة العمل بعضنا يعمل أعمالاً بسيطة ولكن ترى بركتها وتوفيق الله سبحانه وتعالى له وتيسيره وبعضهم يعمل أضعافه لكنه منزوع البركة وهذا والله أعلم يرجع إلى إخلاص هذا وعدم إخلاص ذاك. [/FONT]
· [FONT=&quot]أن يكثر من الدعاء بأن يرزقه الإخلاص :اللهم ارزقني الإخلاص في القول والعمل.[/FONT]
· [FONT=&quot]أن يستحضر النية قبل البدء بأي عمل وأن يبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص ولا نزكي أنفسنا ولكن نحن نجاهد أنفسنا ونحاول بقدر ما نستطيع أن ندل إخواننا وأخواتنا على الخير وعلى ما فيه الخير وهي كلها من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم [/FONT]
· [FONT=&quot]الإكثار من العبادات غير المشاهدة وإخفاؤها، عبادة السر رائعة جداً في تعظيم أمر الإخلاص في نفس الإنسان، فلا تتعب عندها في النية لأنك إذا عملت العمل وأنت وحدك فإن شاء الله أنك لا تريد به إلا وجه الله وإلا أنت لن ترائي وأنت وحدك وأنفقت نفقة وأنت وحدك وعملت عملاً وأنت وحدك لا شك أن هذا أدعى للإخلاص.[/FONT]
· [FONT=&quot]الاجتهاد في إخفاء الطاعات وعدم التحدّث بها، اتركها بينك وبين الله عز وجل بقدر ما تستطيع إلا إن كان إظهارها فيه فائدة للغير.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الوسائل تعين الإنسان على الإخلاص[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة السادسة [/FONT]
[FONT=&quot]روضة الموحّدين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=XudczIAqi9I

[FONT=&quot]نتحدث في هذه الروضة عن توحيد الله سبحانه وتعالى وأهميته ومعنى تحقيق التوحيد لأن كثيراً منا ربما يجهل حقيقة توحيد الله سبحانه وتعالى وأهميته في حياة المسلم وسوف نتعرض لهذا المفهوم من خلال آيات القرآن الكريم.[/FONT]
[FONT=&quot](هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) الحشر)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات في آخر سورة الحشر ربما أكثر الناس يحفظونها ولله الحمد وقد امتلأت بأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته. وقبل أن ندخل في تفاصيل موضوع روضة الموحدين في هذه الآيات أريد أن أقرأ كلاماً أعجبني جداً للشيخ محمد الأمين الشنقيطي يتحدث عن هذه الآيات الثلاث في آخر سورة الحشر يقول رحمه الله مشيراً إلى قضية التوحيد التي اشتملت عليها هذه الآيات فقال: جاءت في هذه الآيات ذُكر كلمة التوحيد مرتين كما ذُكر فيها أيضاً تسبيح الله مرتين وذُكر معهما العديد من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا فكانت بذلك مشتملة على ثلاث قضايا هي أهم قضايا الأديان كلها مع جميع الأمم ورسلهم لأن دعوة الرسل كلها في توحيد الله تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته وتنزيهه والرد على مفتريات الأمم على الله تعالى فاليهود قالوا عزير ابن الله (جزء من اليهود قالوا هذا) والنصارى قالوا المسيح ابن الله والمشركون قالوا (وَقَالُوا اتَّخَذَ[/FONT][FONT=&quot]اللَّهُ وَلَدًا[/FONT] (116) البقرة) (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ[FONT=&quot]إِنَاثًا[/FONT] (19) الزخرف) (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا [FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] إِنَّ هَٰذَا[/FONT][FONT=&quot]لَشَيْءٌ عُجَابٌ[/FONT] (5) ص) فكلهم ادّعى الشريك مع الله وقالوا (ثالث ثلاثة) وغير ذلك وفي قضية التنزيه قال اليهود (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ[FONT=&quot]فَقِيرٌ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [/FONT][FONT=&quot]ۘ[/FONT][/FONT][FONT=&quot] (181) آل عمران) وقالوا (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot]مَغْلُولَةٌ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۚ[/FONT][FONT=&quot] غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا [/FONT][FONT=&quot]ۘ[/FONT][FONT=&quot] بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ[/FONT] (64) ) والمشركون قالوا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا[/FONT][FONT=&quot]وَزَادَهُمْ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]نُفُورًا[/FONT][FONT=&quot] (60) الفرقان) ونسبوا لله ما لا يرضاه أحد لنفسه (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ[/FONT][FONT=&quot]إِنَاثًا[/FONT] (19)) في الوقت الذي إذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجه مسوداً وهو كظيم فكانت تلك الآيات الثلاث علاجاً في الجملة لتلك القضايا الثلاث: توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وتنزيه الله سبحانه وتعالى مع إقامة الأدلة عليها وقد اجتمعت معاً لأنه لا يتم أحدها إلا بالآخرين ليتم الكمال لله تعالى (كلام الشيخ في أضواء البيان كان رائعاً جداً والشيخ رحمه الله كان يعتني بقضية بيان القرآن للقرآن يعني الآيات التي وردت في هذا الموضع (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)) جمع الآيات التي تناظرها وتماثلها في بقية القرآن الكريم فوجد أن قضية التوحيد في القرآن الكريم هي أمّ التوحيد بل ربما نصف القرآن في هذا الموضوع وحتى قصص الأنبياء تورد لبيان حقيقة التوحيد ودعوة التوحيد التي جاؤوا بها وقصص الأمم السابقة والآيات الصريحة الواضحة في هذا الموضوع تستغرق ربما أكثر من نصف القرآن الكريم للدلالة على أهميته. ولذلك نقول الأشياء التي يركز عليها القرآن ينبغي أن تكون هي أولويات في حياتنا قضية التوحيد ركّز عليها القرآن الكريم تركيزاً عظيماً وجعلها هي لبّ دعوة الرسل من عهد آدم إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم أفلا تستحق هذه القضية أن تكون في رأس أولويات الدعاة؟! بالتأكيد. لأن البعض يقول أزعجتونا بالتوحيد تتحدثون معنا كأننا مشركون نقول لا، نحن نركّز على القضايا التي ركّز عليها الله سبحانه وتعالى وركّز عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تجعل أولوية من أولى الأولويات هي قضية التوحيد.[/FONT]
[FONT=&quot]بعض الناس يرى أن فهم قضية التوحيد معقد، قسم إلى توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية وتوحيد أسماء صفات، لماذا هذا التقسيم؟ وهل هناك حاجة له؟[/FONT]
[FONT=&quot]لنبحث أولاً ما معنى هذه الأقسام الثلاثة؟ ما معنى توحيد الألوهية؟ ما معنى توحيد الربوبية؟ ما معنى توحيد الأسماء والصفات؟ الفكرة أو الخلاصة من هذه التقسيمات هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، لا تُصرف إلا لله وأيّ مظهر من مظاهر صرف العبادة لغير الله فهو يضاد التوحيد ويدخل في الشرك ولذلك لما نظر العلماء في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وجدوا أن مظاهر التوحيد يمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع لا تخرج عنها. [/FONT]
[FONT=&quot]النوع الأول هو توحيد الألوهية وتوحيد الألوهية هو توحيد الله سبحانه وتعالى بأفعال العباد بمعنى أنك لا تصلي إلا لله ولا تسجد إلا لله ولا تدعو إلا الله ولا تستغيث إلا بالله، يعني توحّد الله سبحانه وتعالى بأفعالك ولا تفعل أياً من الأمور العبادية إلا لله، لا تصرف العبادة إلا لله.[/FONT]
[FONT=&quot]وتوحيد الربوبية توحيد الله بأفعاله هو، لا ينزل المطر إلا الله ولا يرزق العباد إلا الله ولا يحيي إلا الله ولا يميت إلا الله، هذه أفعال اختص الله سبحانه وتعالى بها.[/FONT]
[FONT=&quot]والنوع الثالث هو توحيده بالأسماء والصفات بمعنى أنه لا يُثبت لله سبحانه وتعالى من الأسماء والصفات إلا ما أثبته هو لنفسه ووما أثبته نبيه صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه هي أنواع التوحيد الثلاث: توحيد الألوهية وهو توحيد الله بأفعال العباد ، وتوحيد الربوبية وهو توحيد الله بأفعاله وتوحيد الله بالأسماء والصفات وهو ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، مهما بحثت في أنواع أخرى من التوحيد فلن تجد، وهذه لن تخرج عن هذه الأنواع الثلاث. [/FONT]
[FONT=&quot]تأتي عند النوع الأول توحيد الربوبية تجد أن هناك من نسب أفعالاً اختص الله بها إلى غيره فيأتي أحدهم لقبر ميت ويسأله أن يرزقه ويطلب منه النفع ويطلب منه الولد، هذا وقع في الشرك في توحيد الربوبية من جهة أنه زعم أن هذه الأفعال يقدر عليها غير الله. ووقع في توحيد الألوهية لأنه صرف العبادة التي هي من حق الله سبحانه وتعالى فقط وصرفها لغيره. وعندما تسأل البعض يقول: لا، أنا أعلم بأن النافع والضار هو الله سبحانه وتعالى ولكني أتخذه وسيلة لله عز وجل يقول الله عز وجل (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ[/FONT] (3) الزمر) ذكر هذا الأمر عند المشركين، هم أقروا بالعبودية (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ) ونحن لا نقرّ بالعبودية فيقول الله عز وجل عندما أتى بها بصيغة العبادة أى بها بصيغة الدعاء (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) الجن) (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) النساء). الأمر الآخر إذا كنت تعتقد أن الله هو النافع الضار الذي سيقوم بهذا الفعل هل تضمن بأنه سيقول هذا القول الذي تقوله أنت؟! أم أنه سيتوجه إلى ذلك القبر ويعتقد فيه الاعتقاد الكامل بأنه هو الذي ينفع ويضرّ.
[FONT=&quot]هناك كتاب رائع جداً أنصح بقراءته عنوانه "دمعة على التوحيد" مليء بالقصص التي تدمي القلب من مظاهر الإنحراف التي وقعت في الأمة الإسلامية من صرف العبادة لغير الله سبحانه وتعالى ومظاهر الشرك. النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء جاء لكل يحارب هذه المظاهر جاء وإذا بدعوة إبراهيم قد اندرست مُحيَت، وإبراهيم عليه السلام جاء بالتوحيد الخالص ولذلك يسمونه شيخ الموحّدين عليه الصلاة والسلام هو الذي هدم الأصنام بيده في قصته مع قومه ونراها تتكرر على مدى التاريخ كلما ابتعد الناس عن القرآن وابتعدوا عن السنة الصحيحة وقعوا في الشرك والناس في قديم الزمان كالناس اليوم ليس هناك فرق. بعض الناس يقول نحن متطورون وعندا تكنولوجيا، لا، فالإنسان هو الإنسان والشيطان هو الشيطان. والله سبحانه وتعالى قد قال (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[/FONT] إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142) الأنعام) الخطوة الأولى لن يقول لك الشيطان اعبد هذا الصنم، قوم نوح عندما صنعوا الأصنام ما صنعوها لكي يعبدوها وإنما كان الناس الذين سميت الأصنام بأسمائهم كانوا أناساً صالحين في قوم نوح فقال بعض قوم نوح: لو جعلنا لفلان وفلان تمثالاً حتى إذا تذكّرناه تذكرنا عبادة ذلك الرجل فنزيد في العبادة فكان المقصد الذي ابتدأوا به مقصد صالح لكنهم لما طال بهم الزمن عبدوا هذه الأصنام من دون الله سبحانه وتعالى وقس على ذلك كل الأصنام التي عُبِدت في التاريخ إلى اليوم هي تُعبَد بهذه النية قضية أن تكون زلفى لعبادة الله سبحانه وتعالى في حين أنها هي وجه الشرك الحقيقي وعبادة غير الله سبحانه وتعالى.
[FONT=&quot]أهمية تحقيق التوحيد في حياة الإنسان. أولاً فطرة الإنسان سبحان الله العظيم الله فطر الإنسان على التوحيد، هي الفطرة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا ويولد على الفِطرة (قال العلماء يعني على التوحيد) فأبواه يهوّدانه أو يمجّسانه أو ينصّرانه، فقال العلماء ولم يقل أو يمسلمانه لأنه هو دين الفطرة. إذن تحقيق التوحيد هو الغاية التي من أجلها خُلق الناس، وتحدثنا في روضة العابدين عن قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[/FONT] (56) الذاريات) والتوحيد هو الغاية التي بعث من أجلها الأنبياء، محمد صلى الله عليه وسلم إبراهيم، موسى، عيسى، جاؤوا من أجل تحقيق التوحيد لأن الناس انحرفوا عن التوحيد فجاؤوا من أجله بل حتى كما يذكر المفسرون في قصة شعيب عليه السلام الذي هيمن على قصته نقص المكيال والميزان الذي يفعله قومه قال (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا [FONT=&quot]ۚ[/FONT][FONT=&quot] قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ [/FONT][FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] وَلَا[/FONT][FONT=&quot]تَنقُصُوا[/FONT] الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ (84) هود) فبعض الناس يظن أنهم كانوا موحدين ولكن لديهم انحراف في قضية الميزان والظلم فيه، تقول لا، هم كانوا على الشرك فجاء يأمرهم بالتوحيد وأيضاً كان يأمرهم بقضية العدل في المكاييل والموازين لأن الفساد المالي كان موجوداً عندهم بشكل كبير فقضية التوحيد هي قضية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ (36) النحل)
[FONT=&quot]أيضاً جميع الأعمال من صلاة وصيام وجهاد وغيرها قبولها متوقف على تحقيق التوحيد لذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ[/FONT] عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) الأنعام)
[FONT=&quot]ومن المسائل أن البعض يوحد الله عز وجل وهو بعيد عن الشرك ونسي بأنه قد يُشرك مع الله عز وجل في قلبه إلهاً غير الآلهة التي نعرفها من قبر أو نحوه لذلك يقول الله عز وجل (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ[/FONT] عَلَىٰ عِلْمٍ (23) الجاثية) هذه مصيبة أن يتبع الإنسان هواه في بعض الأعمال أو أن يقدم أشياء من أشياء الدنيا المحسوسة والملموسة والموجودة على الله سبحانه وتعالى وهذا يأتي الإنسان ونعرّج على الشرك الأصغر أو الشرك الخفي وكيف أنه يدبّ على الإنسان من حيث لا يشعر بهذا الشيء ولو ترك الإنسان هذا الأمر في نفسه يزداد حتى قد يصل إلى شرك أكبر.
[FONT=&quot]لذلك نقول أنه ينبغي على الداعية ألا يفتر عن التذكير بأهمية التوحيد بل إن تحقيق التوحيد والأمر به هو أول أعمال الداعية إلى الله سبحانه وتعالى أول ما أمر به النبي صلهم معاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن فقال: (يا معاذ إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى فإن هم أجابوك إلى ذلك.. ثم ذكر له بقية الفرائض. لذلك أول ما ينبغي على الداعية أن يحرص عليه أن يدعو إليه ويركّز عليه. بل إنني أقول للإخوة الدعاة ينبغي أن نبتكر طرقاً جديدة وأساليب جديدة ومفيدة تحبب الناس في التوحيد وتشرح للناس معنى التوحيد وتقرّب للناس معنى التوحيد، ما معنى توحيد الربوبية؟ توحيد الألوهية؟ توحيد الأسماء والصفات؟ كيف تبسطها للناس. وأنت تقرأ في قوله تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)) هنا قدّم عالم الغيب لأنه انفرد به سبحانه وتعالى لا يعرفه إلا هو فقدّمه. أيضاً (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) أسماء وصفات لو توقف الداعية مع أسماء الله وصفاته وبيّن معانيها للناس، هذا الإله الذي تصف بهذه الصفات يستحق أن يُعبد. ثم أنت عندما تستشعر عظمة هذا الإله وعظمة هذه الأسماء والصفات التي وصف الله سبحانه وتعالى بها نفسه تزيد محبتك.[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة السابعة [/FONT]
[FONT=&quot]روضة المحسنين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=LrZGHV-2SEg

[FONT=&quot](وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) النجم)[/FONT]
[FONT=&quot]من الإحسان إحسان تلاوة القرآن. [/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى هنا (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) الجزاء من جنس العمل، هذه الآية قاعدة في هذا المفهوم أن الجزاء من جنس العمل (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا) (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) أي أفضل من عملهم.[/FONT]
[FONT=&quot]المتأمل في قضية الإحسان في القرآن الكريم يجد أن الآيات التي وردت في الإحسان كثيرة جداً والنبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه جبريل فسأله عن الإسلام (كما في الحديث) [/FONT]
[FONT=&quot]حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فاسند ركبتيه إلى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه. وقال: يا محمد ! أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا”قال: صدقت. قال فعجبنا له. يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال:”أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره”قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال:”أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه، فإنه يراك”. قال: فأخبرني عن الساعة. قال:”ما المسؤول عنها بأعلم من السائل”قال: فأخبرني عن أمارتها. قال:”أن تلد الأمة ربتها. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان”. قال ثم انطلق. فلبثت مليا. ثم قال لي:”يا عمر ! أتدري من السائل؟”قلت: الله ورسوله أعلم. قال[/FONT][FONT=&quot]: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"[/FONT]
[FONT=&quot]لما قال أخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. المبالغة في تجويد وتحسين العمل كأنك ترى الله سبحانه وتعالى وهو يراك سبحانه. لو كنت تصلي ووزير التربية والتعليم يشاهدك ستجوّد العمل بشكل كبير لأنك ترى أن شخصاً مهماً يراقبك وتريد أن يأخذ عند انطباعاً حسناً فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب بوحي من الله سبحانه وتعالى وقال: أن تعبد الله كأنك تراه. (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة) هنا ترسيخ لمسألة أن الله سبحانه وتعالى ناظرّ إليك ومطّلع على ما في سرائرك.[/FONT]
[FONT=&quot]المؤمن الصادق يشعر بطمأنينة إذا استصحب معية الله سبحانه وتعالى فعندما شعر موسى عليه السلام بخوف وهو متجه إلى فرعون قال الله سبحانه وتعالى له (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه) فشعر بالطمأنينة. المحسن أو المؤمن إذا شعر أن الله يراه سيجوّد العمل كما ينبغي والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، هذا هو الإحسان.[/FONT]
[FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى عندما وعد في سورة النجم أنه سوف يجازي الذين أحسنوا في عبادتهم وفي حياتهم بالحسنى. لذلك نتوقف مع هذه الآيات:[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى في صفات المحسنين في القرآن الكريم وقد ذكر الله سبحانه وتعالى لهم صفات لكن هنا في هذه الآية قال (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) هذه من صفات المحسنين أنهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم. إذن من صفات المحسن أنه لا يرتكب كبيرة لأنه حاضر في ذهنه بأن محرّمة هذه كبيرة من الكبائر، لكن هل معناها أن المحسن لا يقع في معصية أبداً؟ لا يكاد مسلم ولا يكاد أحد يخلو من الوقوع في خطأ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون. بل إنه وقد تحدثنا في حلقات سابقة عن توحيد الله وأسمائه وصفاته لو لم يكن المسلم والمؤمن يقع في الخطأ ما كان هناك معنى لوصف الله تعالى نفسه أنه تواب وغفار وغفور لأنه غفور لمن يُخطئ ويستغفر، وغفار لمن يذنب فيستغفر فيغفر له وتواب على من يُخطئ فيتوب إليه فيقبل توبته وهكذا. فالله سبحانه وتعالى يقول إنهم يحتنبون ويبتعدون عن هذه الفواحش ولا يتصلون بكبائر الفواحش. واللمم يقول العلماء هي صغائر الذنوب التي يقع فيها الإنسان ثم يستغفر ويتوب منها، وقد طال كلام العلماء في معنى اللمم ويبدو والله أعلم أنها ما يلمّ به الإنسان من غير إصرار عليه ثم يتوب منه وأنه لا يكاد يسلم من ذلك أحد وأنه لا ينبغي أن يكون وقوع الإنسان في مثل هذه الذنوب الصغيرة مانعاً له من الاستغفار والتوبة والإنابة ومن أن تهبط عزيمته في طاعة الله سبحانه وتعالى. وهذا يدعونا للإحسان في كل شيء الإحسان في صلاتنا الإحسان في صيامنا والإحسان والاتقان في أعمالنا " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" هذا الإتقان يعتبر من الإحسان فنحتاج إلى الإتقان في أعمالنا. كل إنسان منا لديه عمل يقوم بأدائه فلا بد أن يتقن هذا العمل ويقدمه على أفضل وجه لأن هناك البعض يهتم بالإحسان في صلاته وفي صيامه وفي حجه ولكن يغفل عن هذا الجانب وكأنه يفصل هذا الدين عن هذه الحياة.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي قوله سبحانه وتعالى (وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[/FONT] (195) البقرة) هذه عامة في كل عمل ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه فليُرِحْ ذبيحتَه، هذا حديث عجيب وهو منسجم مع معاني الآيات التي معنا. العلماء يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر هذا المثال لأن الإنسان لا يخطر على باله أن يكون في القتل إحسان فالذبح والقتل معروف أنها أشياء قبيحة وفيها بُعد عن الإحسان إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى الذبح وحتى القتل فيه إحسان فقال: ليحدّ أحدكم شفرته، لأنه أن تذبح الذبيحة بشفرة مثلّمة فيه إساءة للذبيحة وفيه تأليم لها وفيه تعذيب لها لكن عندما تحدّ الشفرة وتريح الذبيحة ثم تذبحها بسرعة فإن هذا فيه راحة لها وفيه إحسان في الذبح فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب بهذا المثل الذي يُستبعد أن يكون فيه إحسان فكيف بما هو أولى بالإحسان. وأيضاً حتى لا ترى الذبيحة المذبوحة أختها التي تذبح قبلها.
[FONT=&quot]هذا التنبيه بالأدنى على الأعلى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم موجود في القرآن الكريم وموجود في السنة وموجود في الإسلام بكثرة لكن انظر إلى قضية أن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالإحسان في كل شيء، في صلاتك، في زكاتك، في أخلاقك، في تعاملك مع الآخرين، في تعاملك مع ربك في تعاملك مع أبنائك، حتى في تعاملك مع نفسك، كلها أنت مأمور بالإحسان فيها. ويكفي أن الله سبحانه وتعالى قال (إن الله يحب المحسنين)[/FONT]
[FONT=&quot]وفي قوله سبحانه وتعالى (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك) وأن الإحسان هو غاية الإتقان للعمل وأن الله سبحانه وتعالى في الآخرة يحاسبنا أّيُنا أحسن عملاً وأن إحسان العمل يُشترط فيه شرطان: الإخلاص لوجهل اله سبحانه وتعالى ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا تغيب هاتان الخصلتان عن أي عمل من أعمال الإنسان. وأنت تصلي تذكر هل أنت مخلص في صلاتك، هل أنت متّبع للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا العمل؟ وهكذا في كل عمل في صلاتك في صيامك في حجّك، في الحج والصوم عل سبيل المثال أحياناً تغلب العادة على العبادة وتظهر في الصلاة ربما أكثر فيفقد الإنسان استشعار الإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع النبي صلى الله عليه وسلم ويصبح همّ الواحد أن يلقي هذه العبادة عن كاهله ويتخلص منها، صليت لكن هل صليت كما أُمرت وهل كان قلبك حاضراً. يقول ابن القيم رحمه الله: إثنان يصليان بجانب بعضهما البعض بين صلاة هذا وبين صلاة هذا كما بين السماء والأرض بسبب النية وبسبب الإخلاص والإحسان الذي اتصل به أحدهم وعدم الإحسان الذي اتصل به الآخر. ولذلك اشتهر في كتب الحديث حديث المسيء في صلاته [/FONT]
[FONT=&quot]أنَّ رجلًا دخلَ المسجدَ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في المسجدِ فصلَّى ثمَّ جاءَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فسلَّمَ فردَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالَ ارجع فصلِّ فإنَّكَ لم تصلِّ فرجعَ فصلَّى كما صلَّى ثمَّ جاءَ فسلَّمَ فقال لهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ارجع فصلِّ فإنَّكَ لم تصلِّ فرجعَ فصلَّى كما صلَّى ثمَّ جاءَ فسلَّمَ فقال لهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وعليكَ السَّلامُ ارجع فصلِّ فإنَّكَ لم تصلِّ ففعل ذلِك ثلاثَ مرَّاتٍ فقال الرَّجلُ والَّذي بعثَك بالحقِّ ما أُحسِنُ غيرَ هذا فعلِّمني فقال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا قمتَ إلى الصَّلاةِ فَكبِّر ثمَّ اقرأ ما تيسَّرَ معَك منَ القرآنِ ثمَّ اركع حتَّى تطمئنَّ راكعًا ثمَّ ارفع حتَّى تعتدِلَ قائمًا ثمَّ اسجُد حتَّى تطمئنَّ ساجدًا ثمَّ اصنع ذلِك في صلاتِك كلِّها[/FONT]
[FONT=&quot]صلى الرجل صلاة لم يرضها النبي صلى الله عليه وسلم مسرع مستعجل وهذا إشارة إلى أن هذه العجلة موجودة من أيام النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الرجل صلاته ناداه النبي فقال ارجع فصلّ فإنك لم تصلي فرجع فصلّى والرجل رجل صالح ما عاند ولا قال صلاتي ممتازة فعاد فصلى صلاة مثل الأولى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فصلّ فإنك لم تصلي فقال والله لا أحسن غير هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف يصلي. هذه الصلاة: الطمأنينة ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن لأي واحد أن يقرأ كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم توجد منشورات ومطويات كيف يصلي النبي صلى الله عليه وسلم كثير من الناس يصلي لا يُحسن الصلاة، وكثير منهم لا يطمئن في الركوع ويحني ظهره قليلاً وإذا سألته لم لا تركع بطمأنينة؟ يجهل هذه الحقيقة.[/FONT]
[FONT=&quot]ذكر ابن القيم أن المؤمن الذي يلج المسجد كالسمك في الماء يطمئن لا يريد أن يخرج منه ولكن المنافق كالعصفور في القفص يريد أن يخرج منه بأية وسيلة.[/FONT]
[FONT=&quot]الإحسان والإخلاص والإتقان في العبادة هي مسألة تربوية وواجب الآباء والأمهات والدعاة أن يعينوا الناس على تحسين عبادتهم وتجويدها وتخليصها من شوائب الرياء ومن شوائب الاستعجال ومن شوائب الجهل لأن بعض الناس صادق ومخلص ونيته طيبة ولكنه جاهل يجهل كيف يصلي كيف يصوم ويجهل أمام مَنْ يصلي. لذلك كانوا يقولون في آداب المربين: لولا المربي ما عرفت ربي. لولا ما تعلمناه من أساتذتنا كيف نصلي والنبي صلى الله عليه وسلم معلم والصحابة معلمون والدعاة معلمون فإذا أعنّا الناس على أنفسهم كيف يحسنون أعمالهم، كيف تكون صلاتك في غاية الإحسان، الذي إذا استمع الأذان بادر إلى الصلاة لا تفوته صلاة الجماعة سوف يُدرك ويصلي الصلوات النوافل وسوف يقرأ من القرآن إذا أقيمت صلاة الفريضة سيكون متهيأ نفسياً ومرتاحاً ويصلي بطمأنينة أما لا يذهب إلى المسجد إلا إذا أقيمت الصلاة ففي العادة أنه يفوته الركعة الأولى والركعتين ثم يدخل في الصلاة وهو مرتبك ومسرع فيدخل الخلل على الفريضة لأنه أخل بالنوافل التي قبلها والتي بعدها وإذا فُهِّم الناس أن المحافظة على النوافل والمحافظة على الأذكار من الإحسان ومن كمال العبادة لله سبحانه وتعالى لن يتخلف عنها وكم من واحد كان سبب محافظته على الصلاة موعظة من أحد، دلالة على الخير لأن الدعاة وظيفتهم الدلالة على الخير كما أن الأنبياء كذلك ولا يمكن لأي منا أن يصل إلى مرحلة الإحسان إلا بالتعلم والتعليم والاستفادة من السنة النبوية والقرآن الكريم في الدلالة على هذا الخير ونحن كل يوم نتعلم من القرآن جديداً ونتعلم معرفة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به فينبغي لنا نحن كمربّين وكمعلمين أن نعظم في نفوس أبنائنا وطلابنا وطالباتنا مفهوم الإحسان والإتقان والعناية بإتقان العمل وللأسف نحن فرّطنا في هذا المفهوم وأخذه غيرنا فاليوم هذه الصناعات والابتكارات والإتقان بالصناعات لم يجئ إلا بالإحسان وبالإتقان ولذلك هذا ما يحبه الله سبحانه وتعالى قضية إتقان العمل سواء كان عملاً من أعمال الآخرة أو عملاً من أعمال الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]لا يقول أحد لا أستطيع أن أُتقن أو أُحسن لأن الله عز وجل قال (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) يجتهد الإنسان بالإحسان والله سبحانه وتعالى مسؤول عن النيّات.[/FONT]
 
أعتذر عن تفريغ الحلقة الثامنة لظروف منعتني من متابعتها وقت عرضها وتسجيلها.

[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة التاسعة[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المُحبّين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=OZ9hO_XXL8g

[FONT=&quot]روضة المحبين لربهم والمحبين لنبيّهم صلى الله عليه وسلم والمحبين للوحي.[/FONT]
[FONT=&quot](وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) البقرة)[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المحبين نتحدث فيها عن محبة الله سبحانه وتعالى ونحن في زمان استخدمت فيه لفظة الحب استخداماً سيئاً حتى تشوّهت هذه المفردة فيظن بعض الناس أننا عندما نتحدث عن الحب نشير إلى تلك العلاقات الغرامية التي حرّمها الله سبحانه وتعالى والتي تقع بين الرجال والنساء من غير المحارم، في حين أن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم لفظة الحب ومحبة العبد المؤمن لربه وتعلّق العب المؤمن بربه وهذه الآية كما يقول الرازي رحمه الله: اِعلم أنه لا نزاع بين الأمة في إطلاق هذه اللفظة وهي أن العبد قد يحب الله تعالى والقرآن ناطق به كما في هذه الآية وكما في قوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (54) المائدة) وكذا الأخبار: روي أن إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت عليه السلام وقد جاءه لقبض روحه: هل رأيت خليلاً يميت خليله؟ فأوحى الله تعالى إليه هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟! فقال يا ملك الموت الآن فاقبضني. وجاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله متى الساعة؟ فقال: ما أعددتَ لها؟ قال ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام إلا أني أحب الله ورسوله، فقال عليه الصلاة والسلام المرء مع من أحبّ فقال أنس رضي الله عنه: فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم بذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]قضية حب الله سبحانه وتعالى تعلق العبد بالله وأحب لقاءه "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" وأنت إذا أحببت الله سبحانه وتعالى وتعلقت به أحببت الطاعة وأحببت الصلاة وأحببت الزكاة وأحببت الحج وتعلقت بالعبادة وأما إذا لم يكن بقلب الإنسان من الحب لله سبحانه وتعالى يقوم إلى الطاعة متثاقلاً كسولاً ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى عن المنافقين هذه الصفة فذكر في سورة محمد (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)) هم كرهوا ما أنزل الله فكرهوا الإنفاق وكرهوا الصلاة وكرهوا الجهاد وكرهوا الزكاة فأصبحوا يتهربون منها فأحبط الله أعملهم. ويقول الرازي أيضاً: واعلم أن الأمة وإن اتفقوا في إطلاق هذه اللفظة فقد اختلفوا في معناها. ما معنى محبة الله سبحانه وتعالى؟ نحن بدون فلسفة وأنا أميل إلى تبسيط المفاهيم وإيصالها للناس بسهولة، ألم نقرأ في روضة المتبعين قول الله سبحانه وتعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي[/FONT][FONT=&quot]يُحْبِبْكُمُ[/FONT][FONT=&quot]اللَّهُ (31) آل عمران) ونحن نقول إن محبة الله سبحانه وتعالى هي كمال اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كنت أكمل اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم كلما كنت أكثر حبّاً لله وحباً للرسول صلى الله عليه وسلم هكذا فقط بدون فلسفة.[/FONT]
[FONT=&quot]الإنسان يضحي ويعمل من أجل الله عز وجل وهذا دليل على المحبة ولذلك عبد الله بن حرام الأنصاري رضي الله عنه عندما دخل أرض المعركة وقُتل وقيل أنه كلمه الله عز وجل من غير ترجمان، قال عبدي تمنّى فقال يا رب أريد أن أعود للدنيا مرة ثانية فأُقتل في سبيلك. [/FONT]
[FONT=&quot]يقول ابن القيم رحمه الله: اعلم رحمك الله أن المحبة لله عز وجل لا تُعرّف بتعريف أوضح منها فالحدود والتعاريف لا تزيدها إلا خفاء فلا توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة ومن تكلم عن تعريف المحبة إنما تكلم عن علاماتها وشواهدها وثمراتها. نحن لا نريد أن نتفلسف على الناس محبة الله سبحانه وتعالى كمال اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وسوف تظهر آثارها وثمرتها على الإنسان يجدها في قلبه، يجدها في إقباله على الله، يجدها في تعلقه بكتاب الله سبحانه وتعالى ولذلك الإنسان التائب عندما يُقبل على الله سبحانه وتعالى تجده في بداية إقباله على التوبة وعلى طاعة الله سبحانه وتعالى يجد لذة عظيمة كان محروماً منها، يجد صفاء في نفسه، يجد إقبالاً على ربه، يجد انشراحاً في صدره يبحث عنه كل الناس بل حتى الكفار يبحثون عن السعادة وعن انشراح الصدر ولا تكون هذه السعادة إلا بالذكر والله سبحانه وتعالى قال (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد) أي لا تطمئن القلوب إلا بذكر الله سبحانه وتعالى وكل من يبحثون عن انشراح الصدر وعن السعادة في غير هذا الأمر لا يجدونه.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً البعض يستحي من قول كلمة الحب وهذه الكلمة واردة في القرآن الكريم فلذلك الإنسان الذي يحب الله عز وجل تجده يتلذذ في الطاعة والشخص إذا أحبّ عبداً يقول له أحبك في الله، حب الأم، لفظ الحب هذا لفظ شرعي والمفترض أن يكون متداولاً لكن للأسف الشديد أن البعض الذي مال إلى الطريق غير الصائب أخذ لفظ الحب وأصبح يسير في الطريق غير الصحيح.[/FONT]
[FONT=&quot]الأسباب الجالبة لمحبة الله سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot]: ما هي الأشياء التي تجلب محبة الله عز وجل لعبده وتجلب محبة العبد لربه. [/FONT]
[FONT=&quot]ابن القيم رحمه الله في كتابه روضة المحبين قال: [/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]أحدها قرآءة القرآن بالتدبر لمعانيه وما أريد منه. ولا شك أن هذه من أقوى أسباب جلب محبة الله سبحانه وتعالى لأنك تتعرف على ربك من خلال القرآن ومن خلال تدبره تتعرف على صفاته وأسمائه ووالله ما تعرف أحد على الله بأسمائه وصفاته إلا أحبه لأنك تجد من صفاته الرحمة والمغفرة والتوبة والعزة والرزاق والمحيي، هذه صفات يُحَبّ صاحبها سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالنوافل بعد الفرائض[/FONT][FONT=&quot] كما في الحديث القدسي (ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أُحبه) رواه البخاري. ولو لم يكن في الإكثار من هذه النوافل إلا طلب المحبة. البعض يقول سأتنفّل لكن متى أعرف أن الله أحبني؟ نقول لا علاقة، أكثِر من النوافل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً وأنت في نيتك أن تصل إلى هذه المرتبة (فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه)[/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]دوام ذكر الله سبحانه وتعالى على كل حال باللسان[/FONT][FONT=&quot]، وتكلمنا في روضة الذاكرين عن ذكر الله سبحانه وتعالى والشخص الذي لا يذكر الله عز وجل قال الله تعالى (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) الزخرف) فأنت إما أنت تكون ذاكراً لله سبحانه وتعالى ومع الله عز وجل وإما أن تكون ذاكراً مع الشيطان والعياذ بالله![/FONT]
[FONT=&quot]4. [/FONT][FONT=&quot]إيثار محابّ الله سبحانه وتعالى على محابّك[/FONT][FONT=&quot]. تجد نفسك بين خيارين: خيار يحبه الله وخيار تحبه أنت قدِّم ما يحبه الله. هذا من علامات محبتك لله سبحانه وتعالى، أحد الصحابة رضي الله عنه كان يُكري الأرض "أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ كان يَكري أرضَه حتى بلغه أنّ رافع بنَ خَديجٍ الأنصاريَّ كان ينهى عن كِراءِ الأرضِ. فلقِيَه عبدُ اللهِ فقال : يا ابنَ خَديجٍ ! ماذا تحدِّثُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كِراءِ الأرضِ ؟ قال رافعُ بنُ خَديجٍ لعبدِاللهِ : سمعتُ عمي (وكان قد شهد بدرًا) يحدِّثانِ أهلَ الدار؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى عن كِراءِ الأرضِ. قال عبدُ اللهِ: لقد كنتُ أعلمُ، في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّ الأرضَ تُكرى. ثم خشيَ عبدُ اللهِ أن يكون رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحدَث في ذلك شيئًا لم يكن علِمَه. فترك كراءَ الأرضِ. الراوي: سالم بن عبدالله بن عمر المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1547، خلاصة حكم المحدث: صحيح" فقال عبد الله رضي الله لقد نُهينا عن شيء كان لنا فيه نفع ولكن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم أحبّ إلينا من اختيارنا لأنفسنا. يكفي أن تعرف أن هذه هي السُنّة لكي تحبها وتعمل بها ولذلك تقديم محبة الله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم على محبة نفسك وعلى هواك هذه ميزة وعلامة من علامات صدق محبتك من عدمها كما يقول الشاعر [/FONT]
[FONT=&quot]تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا قياس في الغرام بديع[/FONT]
[FONT=&quot]لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع[/FONT]
[FONT=&quot]5. [/FONT][FONT=&quot]مطالعة معاني أسمائه وصفاته ومشاهدتها وكيف تتحقق في عالم الإنسان[/FONT][FONT=&quot]. نحن نقرأ الحديث (إن لله تسعاً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) والناس تسأل هل هي تسع وتسعون؟ هل هي مائة؟ كم تحفظ من هذه الأسماء وماذا تعرف من معانيها ومن دلالاتها؟ وكيف تتحقق في حياتنا اليوم؟ تأمل فيها وأكثِر من التأمل فيها وستجد أثر ذلك في قلبك.[/FONT]
[FONT=&quot]6. [/FONT][FONT=&quot]مشاهدة برّ الله سبحانه وتعالى وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة[/FONT][FONT=&quot]. هذه أظهر من أن يدل عليها الإنسان ولكن نحن لكثرة ما نراها نغفل عنها، انظر إلى الشمس مثلاً لو انقطعت عن الناس أسبوعاً كي يكون حالهم؟ لكن لأنها تظهر كل يوم فالناس في غفلة ولذلك تقول العرب كثرة الإمساس تقل الإحساس. ولذلك يقول العلماء: إذا شرقت الشمس من مغربها انتبه الناس وهذه تعتبر من علامات الساعة الكبرى فلماذا لا ينتبه الإنسان لهذه النعم العظيمة ويتفكر فيها حتى يحبّ الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]7. [/FONT][FONT=&quot]من أعجب ما ذكره ابن القيم من أسباب جلب محبة الله سبحانه وتعالى انكسار القلب بين يديه. ما أجمل الانكسار بين يدي الله سبحانه وتعالى في الخلوة، بينك وبين الله سبحانه وتعالى تشكو إليه همومك وتعرض عليه حاجتك. ولذلك يقول أحد السلف رضي الله عنهم: هنيئاً لك يا ابن آدم لم يجعل الله بينك وبينه حجاب إذا أردت أن تناجيه تقرأ القرآن وإذا أردت أن تناديه تدخل في الصلاة[/FONT]
[FONT=&quot]8. [/FONT][FONT=&quot]الخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل وتلاوة كتابه[/FONT]
[FONT=&quot]9. [/FONT][FONT=&quot]مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم[/FONT]
[FONT=&quot]10. [/FONT][FONT=&quot]مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل من المعاصي والذنوب[/FONT]
[FONT=&quot]11. [/FONT][FONT=&quot]وذكر من الأسباب الجالبة لمحبة الله عز وجل: التقوى (فَإِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الْمُتَّقِينَ (36) آل عمران) الصبر (وَاللَّهُ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الصَّابِرِينَ (146) آل عمران) الإحسان (إِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الْمُحْسِنِينَ (195) البقرة) التوبة (إِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]التَّوَّابِينَ[/FONT][FONT=&quot] (222) البقرة) الطهارة (وَيُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الْمُتَطَهِّرِينَ) التوكل (إِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران) العدل والقسط ([/FONT][FONT=&quot]إِنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]يُحِبُّ[/FONT][FONT=&quot]الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) القتال في سبيل الله (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4) الصف) لو يعمل كل واحد منا هذه الأعمال وهو يقول في نفسه لعل الله يحبني. عندما يداوم أحد على الوضوء فإذا سأله أحد لماذا تتطهر يقول لأن الله تعالى يحب المتطهرين، هذه تكفي. لا شك أن هذا يتعرض لمحبة الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]العبد يعلم أنه يحب الله عز وجل لكن هل الله يحبنا؟ لذلك الإنسان يُكثر من الدعاء: اللهم إني أحبك فأسألك أن تحبني. فيحتاج الإنسان أن يستشعر هذا المعنى.[/FONT]
[FONT=&quot]أما موانع محبة الله سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot]فهي عكس الأسباب التي تجلب محبته مثل هجر القرآن الكريم، هذا من أسباب البعد عن محبة الله سبحانه وتعالى. ولذلك يذكر العلماء علامات محبة العبد لله سبحانه وتعالى أن يحب ما يحبه الله ورسوله ولا يمكن أن تتعلق بغير ما يحب الله ورسوله ثم تقول أنك تحب الله ورسوله (ورجل قلبه معلّق بالمساجد) يحب ما يحب الله، هذه الأماكن الشريفة التي هي أماكن الصلاة والدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى تعلق الإنسان بها دليل على أنه يتعلق قلبه بما يحبه الله وما يحبه رسوله صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة العاشرة[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المصلّين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=vZAVaWAKbTk

[FONT=&quot](إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿٢٦﴾ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴿٢٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٢٩﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٣٠﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٣١﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿٣٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ﴿٣٣﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴿٣٥﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من سورة المعارج بدأت (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) والحديث هنا عن جنس الإنسان ولذلك يذكر المفسرون أن هذه الآيات حديث عن الإنسان في صورتيه السلبية والإيجابية ونحن نريد أن نركّز في هذه الروضة عن روضة المصلين ولكن قبلها دعنا نتحدث عن هذه الفكرة فكرة صفات الإنسان السلبية والإيجابية. هنا جعل الله سبحانه وتعالى استجابة الإنسان لدعوة الله والالتزام بها هي قمة الإيجابية في سورة الإنسان ورفضه لها وابتعاده عنها هي الصورة السلبية له. ففي الآيات الثلاث الأولى إشارة إلى ما انطبع عليه الإنسان من أنانية وحرص وسرعة تأثّر فهو سريع التهييج مما يُلمّ به وهو أناني لا يفكّر إلا في نفسه فإذا أصابه شرّ وجزع اضطرب وإذا انفرجت أموره ونال خيراً فبخل ولذلك قال هنا (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾). يُراد بالهلع الجزع والبخل ولذلك يقول عمر رضي الله عنه: لو لم يخبرنا الله سبحانه وتعالى ما معنى الهلوع ما عرفنا معنى الهلوع. ولذلك هذه من الآيات التي جاء تفسير القرآن فيها بالقرآن وهذا أعلى أنواع بيان القرآن الكريم للقرآن وهو أن ياتي البيان متصلاً في نفس السورة فهنا قال (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) ما معناها؟ قال (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾) إذن هذا هو تفسير الهلوع، اجتمع فيه الجزع والبخل، الجزع يُقصد فيه التسخّط من المصيبة ومن القضاء والقدر وإذا أصابه الغنى والمال بخل، وهذه من الصفات المذمومة في الإنسان وهي من مظاهر ضعف الإنسان التي ذكرها الله (وخلق الإنسان ضعيفا) (الذي خلقكم من ضعف) هذه من مظاهرها أنه سريع الجزع وبخيل. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبًا لأمرِ المؤمنِ إن أمرَه كلَّه خيرٌ وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ إن أصابته سراءُ شكرَ فكان خيرًا له وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له. [/FONT]
[FONT=&quot]الإنسان في صفاته الإيجابية، الخصال التي تعالج طبع الإنسان تذكر الآيات الكريمة صفات الأشخاص الإيجابية وتبين تسع صفات إيجابية يتقدمها صفة الصلاة وأيضاً يختمها بصفة الصلاة مما يدل على من أبرز صفات المسلم الإيجابي محافظته على الصلاة. تدور صفات المؤمن الإيجابية كلها حول الصلاة ولذلك هي مقياس إن كانت مقاييسنا نحن البشر أو المقاييس الشرعية أن محافظة الإنسان على الصلاة في جماعة دليل على صحة دينه واستقامته. ولو جاء من يتقدم لخطبة ابنتك أو أختك أول ما تسأل عنه إن كان يصلي فإذا قيل إنه يصلي تشعر بطمأنينة فإذا قيل يحافظ مع الصلاة مع الجماعة تشعر أن كثيراً مما كنت تخاف منه ذهب فإذا وجدت أنه لا يدخن وأنه يصحب الصالحين ومحافظ على عمله ودوامه رأيت أنه رجل مناسب وكفء. لذلك الصلاة والمحافظة عليها مهمة عند الله وعند خلقه. يقول العلامة ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير: وهذه صفات ثمان هي من شعار المسلمين فعدل عن إحضارهم بوصف المسلمين ما قال سبحانه وتعالى إلا المسلمين ذكر ثمان صفات من صفات المسلمين وكما يقول العلماء في البلاغة أن الإطناب في المدح هو من صفات البليغ أما الذمّ فلا يطنب فيه ويختصر. فقال فعدل عن إحضارهم بوصف المسلمين إلى تعداد خصال من خصالهم إطناباً في الثناء عليهم لأن مقام الثناء مقام إطناب، وتنبيهاً على أن كلّ خصلة من هذه الخصال الثمان هي من أسباب دخولهم في الجنة. [/FONT]
[FONT=&quot]قوله سبحانه وتعالى (إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾) وصف المصلين في أولها وقال في آخرها (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾) فقال في الأولى على صلاتهم دائمون ووصفهم بالجملة الإسمية وعلماء البلاغة يقولون أن الجملة الإسمية تدل على الاستمرار وقال في آخرها (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) فعبّر عنها بالجملة الفعلية (يحافظون) والجملة الفعلية تدل على الحدوث والتجدد فجمعت بين المسألتين. قضية الصلاة هم يحافظون عليها كلما حان وقتها وهي صفة تتجدد بتجدد الدعوة إلى الصلاة وفي نفس الوقت هم عليها دائمون فهي من الصفات المستمرة عندهم والمتجددة ولذلك جعلهم (أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ). [/FONT]
[FONT=&quot]في فضائل الصلاة ونحن نتحدث في هذه الروضة من رياض القرآن الكريم وانتخبنا هذه الآيات من سورة المعارج التي تحث على الصلاة ولا شك في من أصلح الآيات لأهمية الصلاة لأنه جعلها من أهم صفات المسلم الإيجابية، وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن الصلاة، في قوله سبحانه وتعالى (الذين يقيمون الصلاة) كثيرة جداً في القرآن الكريم ولا تجد في القرآن الكريم آية واحدة "يؤدّون الصلاة"، ليس في القرآن آية يمدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين أنهم يؤدوا الصلاة بل يمدحهم بأنهم يقيموا الصلاة (والمقيمي الصلاة) (وأقاموا الصلاة) (على صلاتهم يحافظون) (على صلاتهم دائمون) مما يشير إلى أنه ليس المقصود فقط تأدية الصلاة وإنما المقصود إقامة الصلاة على وجهها بأركانها وواجباتها وسننها ومسحباتها وتجد أن هذه الروضة روضة المصلين فعلاً روضة والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي المكان في مسجده الروضة ولا شك أن المصلي في صلاته في روضة من رياض الجنة وأنه ينبغي على المسلم أن يعتني بتفاصيل التفاصيل عندما يتعلق الأمر بالصلاة يدرسها دراسة ويتعلمها تعلماً والنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى أحد الصحابة دخل إلى المسجد وصلى صلاة مستعجلة فناداه وقال ارجع فصلِّ فإنك لم تصلي، اعتبر الصلاة التي صلاها غير محسوبة أصلاً قال أنت لم تصلي، وهذا لا يسمى صلاة فلما رجع المرة الثانية فعل نفس الأمر وفي المرة الثالثة قال له واللذي بعثك بالحق لا أحسن غير ذلك. فالمسألة تحتاج إلى تعليم، نحن أول ما نعلم أبناءنا الصلاة كيف يتوضأ كيف يسجد كيف يركع وبعض الإخوان أحياناً يقول أزعجونا الأطفال في المسجد. وأذكر أني أجريت مسابقة في المسجد في رمضان وأبناؤنا والأطفال يحرصون على الفوز ونحن نجعل هذه المسابقات لتحبيب أبنائنا بالمسجد فأصبح الصغار والشباب والأطفال يبكرون إلى الصلاة فيصلون في الصف الأول يمتلئ فجاء أحد الإخوان من كبار السن وهو غاضب وقال هؤلاء أزعجونا نريد أن نوقف المسابقة، فقلت يا أخي الكريم ابنك من أسبقهم ألا يسرّك ذلك؟ قال بلى ولكن نحن نأتي لا نجد مكاناً في الصف الأول! قلت إن كنت تريد أن تحصل على مكان في الصف الأول فتعال باكراً لكن لا نمنع أبناءنا من هذا الخير ونعلمهم كيف يسابقون إلى الصلاة لعل الله يهديهم إلى الالتزام بالصلاة. تعليم الأبناء محبة الصلاة والـتأدب في الصلاة لا يمكن أن تأتي بالإكراه، يحتاج إلى وقت، والتربية تحتاج إلى طول نفس. بعض الآباء دائماً يراقب ابنه في الصلاة ويؤنبه لم لا تركع جيداً؟ لم لا تسجد جيداً؟ لماذا لا تأتي مبكراً؟ فهو من حيث لا يشعر يُكرّه الابن في الصلاة لأن الإبن يشعر أنه مراقب والأصل أنه يصلي لله. والأنباء يحبون أن يعلمهم أبآؤهم بلطف وبطريقة غير مباشرة بدل إشعار الأبناء بالجهل دائماً. بعض الرسائل السلبية تصل من الآباء لأبنائهم بدافع المحبة لكنها تصل بطريقة خاطئة.[/FONT]
[FONT=&quot]والأبناء يحتاجون إلى قدوات فهم إذا رأوا آباءهم وأجدادهم دائماً في الصف الأول وكيفية تأديتهم الصلاة يتأثرون بهم. علي بن الحسين بن علي كان عندما يتوضأ يصفرّ لونه فلما سألوه قالوا أتعلمون بين يدي مَنْ سأقف؟ سأقف بين يدي الله عز وجل لأنه تربى على أنه سيقف بين يدي الله عز وجل ويتذكر عظمة الله عز وجل بين كل سماء وسماء وحجم السموات والأرض وعظمة العرش وعندما يستحضر الإنسان عظمة الله عز وجل يهابه ولذلك عمر بن عبد العزيز عندما كان يصلي بالناس صلى فكان يقرأ (والليل إذا يغشى) فوصل إلى قوله تعالى (فأنذرتكم ناراً تلظى) لم يستطع أن يكمل فأعاد السورة مرة ثانية وثالثة ولم يستطع أن يكمل فقرأ سورة أخرى. ومن قبل كان أبو بكر الصديق رجلاً أسيفاً لا يتحمل إذا قرأ وعمر لما يسمع (والطور وكتاب مسطور) فإذا به يُزار في بيته مدة شهر! وكل ذلك من تعظيمهم لله.[/FONT]
[FONT=&quot](والذين هم على صلاتهم يحافظون) أعجبني كلام للزمخشري يقول عند تفسيره لهذه الآية (هذا أسلوب الزمخشري: إن قلت، قلت، يسمونها فنقلات الزمخشري) فإن قلت كيف قال على صلاتهم دائمون ثم على صلاتهم يحافظون؟ قلت معنى دوامهم عليها أن يواظبوا على أدائها لا يخلّون بها ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها وسننها وآدابها فالدوام يرجع إلى نفس الصلاة والمحافظة تعود إلى أحوالهم. [/FONT]
[FONT=&quot]والوصف الأخير (والذين هم على صلاتهم يحافظون) يؤدونها غير منقوصة لا في خشوعها ولا في القرآءة فيها ولا في شيء من أركانها ولا شك ولا ريب أن هذا الاقتتاح بها والاختتام بها يدل على شرفها وفضلها. وكما يقول ابن عاشور أن الإسلام والقرآن في الأركان العظيمة لا يكتفي بآية واحدة وآيتين وإنما يذكر عدداً كبيراً من الآيات والأحاديث ولذلك نقول الآيات التي تدل على عظمة الصلاة وفضلها والأحاديث كثيرة جداً ولذلك صنّف المروزي رحمه الله كتاباً رائعاً جداً سمّاه "تعظيم قدر الصلاة"، ذكر فيه من الآيات والأحاديث وآثار عن السلف رضي الله عنهم ما يدل على تعظيمهم لأمر الصلاة وكيف كانوا يجدون من الرهبة والهيبة والمحبة في اقبالهم وانطراحهم بين يدي الله عز وجل في الصلاة ونحن في حاجة ماسة إلى أن نحيي في أنفسنا تعظيم الصلاة، المسألة ليست واجباً تريد أن تتخلص منه وتلقيه عن كاهلك، المسألة ليست هكذا وإنما هي محبة وتعظيم لهذه الروضة الي ينبغي للمؤمن أن يرتع فيها ويدخل فيها ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كانت عائشة تقول يكون بيننا يضحك ويكلمنا فإذا أذن للصلاة خرج كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه ويقول لبلال رضي الله عنه أرحنا بها يا بلال ولا يقول هذا الكلام إلا محب صادق لربه وعبادته. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 11[/FONT]
[FONT=&quot]روضة البارّين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=6o_odhDHbSs

[FONT=&quot]البارّين وهم أهل البرّ.[/FONT]
[FONT=&quot](لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآية من سورة البقرة اشتملت على ما يسميه العلماء أصول البرّ في الإسلام لأنها جاءت بعد الآيات التي تحدثت عن تحويل القبلة ولذلك اختلف المفسرون إلى من يتوجه الخطاب في هذه الآية، هل هو موجه إلى أهل الكتاب من اليهود الذين بالغوا في اللوم في تغيير القبلة وفي تعديلها أم هو موجه للمؤمنين الذين اغتبطوا بالانتقال إلى مكة المكرمة بعد بيت المقدس أم أن الخطاب للجميع؟ وقد اشتملت هذه الآية على أصول البرّ والبرّ مأخوذ من السعة والكثرة فالبرّ هو الخير الكثير الواسع والله سبحانه وتعالى قد وصف نفسه (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) الطور) لأنه كثير الخير سبحانه وتعالى وكذلك الإنسان البارّ هو الإنسان الذي كثر خيره وبركته ونفعه للناس. والآية تقول (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) يعني ليس الخير الحقيقي هو أن تتجه إلى هذه القبلة أو تلك القبلة لكن البرّ الحقيقي هو في الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في الآية (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ) ولذلك يمكن أن نتوقف عند ما يسميه المفسرون أصول البر انطلاقاً من هذه الآية:[/FONT]
[FONT=&quot]الأصل الأول من أصول البرّ هو الإيمان[/FONT][FONT=&quot]قال الله سبحانه وتعالى (وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) هذا هو الأصل الأول ولذلك يبالغ العلماء في شرح وبيان المقصود بالإيمان في هذه الآية في كتب التفسير وأذكر للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تفصيل واسع في قضية الإيمان في هذه الآية بالذات. ثم ذكر الله سبحانه وتعالى الإيمان بالله والإيمان اليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وهذه كلها من الإيمان بالغيب، تحدثنا في حلقة سابقة عندما تحدثنا عن صفات المتقين كما ذكرهم الله تعالى في أوائل سورة البقرة بدأها بالإيمان بالغيب (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (3) البقرة) لأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان بصفاته والإيمان بربوبيته وألوهيته كل هذا إيمان بالغيب. نحن نؤمن بذلك تصديقاً لما جاءنا به النبي صلى الله عليه وسلم. أضف إلى ذلك الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالله واليوم الآخر دائماً يكون ملازماً للإيمان بالله لأن الإيمان باليوم الآخر بالذات تجد (من آمن بالله واليوم الآخر) ويقتصر عليهما فقط ويكرر هذا كثيراً وقد يتساءل الناس لماذا التركيز على الإيمان باليوم الآخر؟ لو تأملنا كما قال أحد علماء النفس الذين يكتبون بعلم النفس الإسلامي يقول: التلويح باليوم الآخر في القرآن الكريم له أبعاد نفسية لأنه يذكّرك بيوم الحساب ويوم الاختبار والذي لا يشعر أن هناك يوم للحساب والإختبار سوف يتجاوز. ولذلك يذكّرني هذا بقوله سبحانه وتعالى في سورة المطففين وهو سبحانه يعيب على من يطفف في المكيال والميزان فيقول (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴿٣﴾ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦﴾) ذكّرهم باليوم الآخر مع أن المسألة التي يقومون بالمخالفة فيها هي مسألة دنيوية في قضية المكاييل والموازين. أيضاً هذا الأمر يبين عظم العلاقة بين ما نقوم به به من أعمال في الدنيا وبين ما نقوم به من أداء لمقابلة الله عز وجل يوم القيامة فهذا الأمر يعتبر عند الله عز وجل عظيماً ولذلك هذه الآية هنا يمكن أن نضع لها عنواناً الفساد المالي وكيف أن الفساد المالي إذا استشرى كيف تكون العاقبة له.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً الإيمان بالملائكة والكتاب والنبيين جعلها الله سبحانه وتعالى وهي كلها تدخل كلها تحت الإيمان بالغيب وبما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم هذه كلها أصل من أصول البر ولذلك قضية تعظيم الإيمان في نفوس الناس هذه أصل من أصول البر، لا يمكن أن ينمو البرّ وأن يصبح الإنسان باراً حقيقياً وهو يفتقر إلى الإيمان مع أنها قضايا قلبية.[/FONT]
[FONT=&quot]الأصل الثاني من أصول البر هو الإنفاق[/FONT][FONT=&quot] فقال الله سبحانه وتعالى (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ) فجعل إنفاق المال أصلاً من أصول البرّ حتى يكون الإنسان بارّاً كما ينبغي أن يكون ينبغي أن يكون منفقاً. والمقصود بالإنفاق هنا الإنفاق النافلة وليس الإنفاق الواجب لأنه سيذكره في الآية وقدّم هذا الإنفاق بعد الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة مباشرة. (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ) الإنفاق في سبيل الله ليس سهلاً لأن النفوس متعلقة بحب المال ولذلك ذكر الله تعالى من صفات الإنسان أنه يحب المال حباً جماً (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) الفجر) وهذه صفة تكاد تكون مشتركة بين حنس الإنسان وجعل الله سبحانه وتعالى هنا إنفاق المال على حبه أصلاً من أصول البرّ ولذلك قال الله عز وجل في آية أخرى (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) لأنك عندما تنفق وأنت مُحبٌّ لهذا المال وأنت صحيح شحيح كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ولكنك تضغط على كل هذه الضغوط النفسية التي تواجهها وتنفق في سبيل الله فإن هذا يدلّ على أنك صادق في برّك وصادق في إيمانك. وأيضاً الله سبحانه وتعالى يفتح عليك بركة المال كما ورد في الحديث "اللهم أعط منفقاً خلفا" وكما في قصة أبي الدحداح لما نزل قول الله سبحانه وتعالى (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92) آل عمران) فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إني سمعت هذه الآية –ولاحظ كيف كان الصحابة يتعاملون مع القرآن-وإن أحب مالي إليّ بئر رحاء قطعة بستان له كان فيه نخل كثير وإنني قد تصدقت بها فضعها يا رسول الله حيث شئتفالنبي صلى الله عليه وسلم قال له ضعها في الأقربين. الشاهد أنه فهم مباشرة هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى يحب أن ينفق أحدنا مما يحب. ولذلك كان بعض الصحابة رضي الله عنهم إذا أحب مالاً وتعلق قلبه فيه تصدّق به ولذلك العشرة المبشرين بالجنة ستة منهم تجار، عبد الرحمن بنو عوف وعثمان وأبو بكر وطلحة رضي الله عنهم أجمعين. [/FONT]
[FONT=&quot]عندما عددت الآية الأصناف التي يُنفق عليها (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ) قسمهم وذكر بالدرجة الأولى ذوو القربى ثم اليتامى والمساكين ثم أولئك الذين اعترتهم الحاجة مؤقتاً كابن السبيل المسافر المحتاج ثم تذكر الآية بعد ذلك السائلين إشرة إلى أن المحتاجين ليسوا جميعاً أهل سؤال ولذلك في سورة البقرة قال الله سبحانه وتعالى (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ (273) البقرة) بعض الناس محتاج وفي أقسى درجات الحاجة ولكنه لا يسأل ولذلك يأتي البر الحقيقي عندما تتتبع أمثال هؤلاء وتنفق عليهم. ولذلك ذكر العلماء الفرق بين الغني الشاكر والفقير الصابر وحصل جدال كبير فيها ونقاش إلى أن وصلوا إلى أن أفضلهم عند الله هو أتقاهم لله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]الأصل الثالث: إقامة الصلاة[/FONT][FONT=&quot] (وَأَقَامَ الصَّلاةَ) والملاحظ أن الله سبحانه وتعالى قدّم الإنفاق المستحب على هذه الأصناف، قدمه على الصلاة مع أن الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الإيمان بالله والشهادتين وهذا فيه إشارة إلى فضل الإنفاق خاصة إذا كان في مكانه وعلى محبة للمال وحاجة إليه ورغم هذا ينفق الإنسان. (وَأَقَامَ الصَّلاةَ) وتحدثنا في روضة المصلين أن الله سبحانه وتعالى لم يعبّر في القرآن الكريم بأداء الصلاة وإنما التعبير دائماً بإقامة الصلاة (والمقيمي الصلاة) (يقيمون الصلاة) (أقاموا الصلاة) مما يشير إلى أن هذا يدخل فيه الفرض والنفل وأنه لن يقبل من الإنسان صلاة إلا إذا أقيمت كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك نحن بأمس الحاجة إلى التفقه في أداء الصلاة وأعجب من بعضهم الذي يفرّط في مسائل الصلاة وفقه الصلاة والقرآءة في الصلاة والثقافة فيما يتعلق بالصلاة ماذا تقرأ؟ ما هي الأذكار التي تقرؤها قبل الصلاة وبعد الصلاة وبعضهم يصلي صلاة الاستسقاء فلا يعرف ماذا يقرأ فيها أو صلاة الجنازة مما يدل على أنه لدينا خلل في مسألة فقه الصلاة والعناية بها. وبعضهم سألني مرة بعد أن رأى عندي كتاباً عن فقه الصلاة فقال هل تحتاج الصلاة إلى كل هذه المجلدات حتى نعرف التفاصيل؟ فقلت دعني أسألك بعض الأسئلة فسألته بعض الأسئلة التي نحتاج إليها فلم يُجب فقلت هذا هو السؤال. ولذلك جاء رجل إلى الإمام ابن حنبل يسأله عن مسألة وهي هل أبناء المشركين يُعذّبون في الآخرة إذا ماتوا وهم أطفال؟ أسئلة افتراضية! فقال له ماذا تقول في دعاء الاستفتاح؟ فلم يعرف وسأله أسئلة فلم يجب فقال له عليك بما تحاجه في يومك وليلتك ودعك من مثل هذه الأسئلة الافتراضية.[/FONT]
[FONT=&quot]الأصل الرابع: أداء الزكاة[/FONT][FONT=&quot] (وَآتَى الزَّكَاةَ) مما يدل على أن قوله سبحانه وتعالى (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ) مقصود بها الإنفاق المستحب وقدّمه على الصلاة والزكاة. [/FONT]
[FONT=&quot]الأصل الخامس: الوفاء بالعهود[/FONT][FONT=&quot] (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ) ومعنى الآية أنهم يوفون بكل عهد قطعوه على أنفسهم.[/FONT]
[FONT=&quot]الأصل السادس: الصبر[/FONT][FONT=&quot] (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ) البأساء هي الشدة والضراء في حين المرض وحين البأس في وقت القتال.[/FONT]
[FONT=&quot]نلاحظ كيف جمع الله سبحانه وتعالى أصول البر في آية واحدة وهذا لا يمكن أن تجده في أيّ كتاب بشري أبداً ولذلك بعض الأعراب عندما يسمع هذه الآيات لا يملك إلا أن يقول: هذا الكلام لا يمكن أن يقوله بشر! لأن الله سبحانه وتعالى جمع لنا في آية واحدة أصول البر في الإسلام لو تفقهنا بها وعملنا بها لكفتنا ولذلك كان الإمام الشافعي رحمه يقول لما قرأ سورة العصر لو لم ينزل على الناس إلا سورة العصر لكفتهم. ونحن نقول مثل هذا في هذه الآية لو لم ينزل علينا إلا هذه الآية لكفتنا فهي أصول جامعة تنير طريق المؤمن الذي يريد الله به الخير. ولذلك الأعرابي لما سمع قول الله عز وجل (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا (80) يوسف) سجد لله سبحانه وتعالى لبلاغة هذه الآية وقال لا يستطيع أحد أن يجمع شتات هذه القصة في كلمتين مثل هذه (خلصوا نجيا).[/FONT]
[FONT=&quot]ونحن نتحدث في روضة البرّ نختم بالقول أن كل واحد من المسلمين يحرص أن يكون باراً بربه شاكراً لفضله وأنعمه عليه، باراً بإخوانه المسلمين، باراً بوالديه وإن كان المشهور بالبر دائماً أنه بر الوالدين والمقصود ببر الوالدين أن يكثر خيرك على والديك كما كثر خيرهم عليك بأن تصبر عليهما وتعطيهما وتقدمهما على نفسك وهما يستحقان ذلك وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك. لكن كيف بالله الذي هو الخالق الرازق المعطي المحيي المميت، ألا يستحق العبادة والشكر ألا يستحق الثناء؟ ألا يستحق الذكر؟ فجمع هذه الآية لأصول البر جدير بكل مسلم أن يحفظ هذه الآية وأن يتدبر معانيها وأن ينظر كيف تخلق النبي صلى الله عليه وسلم بها ولو أخذنا مثالاً واحداً في كرم النبي صلى الله عليه وسلم وإنفاق النبي صلى الله عليه وسلم علماً أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن غنياً مترفاً يملك الأموال وبالرغم من ذلك لما أسلم بعض الناس فأعطاه فرجع يقول لقومه يقول إن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتثل هذه الآيات ويعطي صلى الله عليه وسلم وينفق حتى مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وكان بإمكانه صلى الله عليه وسلم أن يترك لأهله الأموال الطائلة. ولذلك مفهوم البر لا يقتصر على البر بالوالدين مع أهمية الوالدين فهو مفهوم واسع جداً وله أركان مثل هذه الأركان. وفي المعنى اللغوي البَرّ هو المكان الواسع والبِرّ هو الخير الواسع. نسأل الله أن يرزقنا البر في الدنيا والآخرة.[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 12[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المستقيمين وأهل الاستقامة[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=JLE8lAdzURU

[FONT=&quot]روضة المستقيمين وأهل الاستقامة وكيف وصفهم الله سبحانه وتعالى في آيات القرآن الكريم وأثنى عليهم.[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٣٠﴾ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿٣١﴾ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴿٣٢﴾ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٦﴾ فصلت)[/FONT]
[FONT=&quot]في سورة فصلت أول ما بدأت السورة ونذكر لما جاء عتبة بن ربيعة أبا الوليد النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقنعه بالرجوع عن الدعوة في أول الإسلام. ولاحظ كيف كان خطاب أبو الوليد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ (يقصد أنت خير أم والدك؟) فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن كانوا خيراً منك فقد عبدوا ما نعبد وإن كنت خيراً منهم فقل لنا ما تريد والله ما ننتظر إلا صيحة حتى يثور بعضنا على بعض فأخذ يتحدث ويظهر في حديثه البلاغة والفصاحة يا محمد إن كان بك حب النساء زوجناك عشراً، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم سكت حتى قال أفرغت يا أبا الوليد؟ قال نعم، فقال اسمع: (حم ﴿١﴾ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿٢﴾ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣﴾) ففتح فاه وجعل يديه خلفه ثم بعد ذلك قال أُنشدك بالله والرحم لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول الله تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴿١٣﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الآيات والتي فيها ذكر مصير الكافرين والمكذبين تشوّق السامع أن يعرف مصير الصادقين المؤمنين فجاءت هذه الآيات (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٣٠﴾ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ) آيات في غاية البشرى وفي غاية التشويق إلى الآخرة.[/FONT]
[FONT=&quot]ما المقصود بالاستقامة في قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)؟ [/FONT]
[FONT=&quot]معنى قوله (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ) هذا التوحيد يعني أنهم يوحدون الله سبحانه وتعالى ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم يستقيمون على هذا الدين ولهذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو سفيان الثقفي كما في صحيح مسلم قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، فقال له صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله ثم استقم. قرأت لأحد شرّاح الحديث أنه على وجازة هذا الحديث إلا أنه من أعظم الأحاديث لأنه اختصر أن العبرة هي بالاستقامة على الدين حتى الممات. [/FONT]
[FONT=&quot]الاستقامة كما ذكر ابن رجب: هي سلوك الطريق المستقيم وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم صفات للمستقيم فذكر منها الاستمرار والثبات أولاً كما في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) آل عمران) إشارة إلى الاستقامة على هذا الطريق. وأيضاً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم "من أحبّ أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه"، هذا معنى الاستقامة. الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان جمع الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن الاستقامة - وهناك رسالة قيمة لأحد الزملاء الاستقامة في القرآن الكريم جمع فيها كل آيات الاستقامة في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية ثم قسمها على حسب محاورها- يقول الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان: ما تضمنته هذه الآية الكريمة في سورة فصلت مما أعده الله في الآخرة للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ذكره الله تعالى بالجملة في قوله في سورة الأحقاف (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)) لأن انتفاء الخوف والحزن والوعد الصادق بالخلود في الجنة المذكور في آية الأحقاف هذه يستلزم جميع ما ذكر في الآية الكريمة في سورة فصلت. وقال الله تعالى (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ (112) هود) والأمر هنا للنبي صلى الله عليه وسلم ولأتباعه (وَمَن تَابَ مَعَكَ). وقوله سبحانه وتعالى (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) د. محمد عبد الله دراز في مقالة له عن سورة الفاتحة يقول أن سورة الفاتحة أشبه ما تكون بالايجاز والتفصيل في بقية سور القرآن الكريم كأنها هي موجز -وتكلم قبله ابن القيم وأفاض فيه- وجاءت بقية سور القرآن تفصّل هذا الموجز. لكن أضاف د. دراز وقال إن سورة الفاتحة هي خطاب من البشر إلى الله وبقية سور القرآن الكريم خطاب من الله إلى البشر وقال إن هذه السورة بين يديد القرآن الكريم أشبه ما تكون بالاستدعاء أو خطاب استدعاء فوق القرآن فكأن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن كله استجابة لما طلبه الناس في سورة الفاتحة لأنهم قالوا (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) فجاءت أول آية في سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) أنتم تطلبون الهداية وهذه الآيات بدأت تفصل الهداية التي طلبت في سورة الفاتحة.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ (6) فصلت) وقوله (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ (112) هود) وفي سورة يونس قال (قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (89)) وقال في سورة الشورى (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ (15)) وقوله تعالى في سورة الجن (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16)) وغيرها من الآيات التي فيها الحث على الاستقامة ولزوم طريق الحق والاستمساك به حتى تأتي منية الإنسان وهو على دين الإسلام. ولذلك الآية في سورة آل عمران (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)) تؤكد هذا المعنى وتقويه.[/FONT]
[FONT=&quot]والملاحظ في أسلوب الشيخ الشنقيطي رحمه الله وهو أسلوب سلكه العلماء المتقدمون فيقضية تفسير القرآن بالقرآن فمثلاً لما تتحدث عن الاستقامة تأتي فتنظر في آيات الاستقامة في القرآن الكريم كاملاً تتضح لك أولاً حجم عناية القرآن بهذه المسألة، بعض المسائل تجد فيها عشرات الآيات وهذا يوحي أن هذه أولوية من الأولويات التي اعتنى القرآن الكريم بها وأكّد عليها فإذا وفقت ودرست السياقات التي وردت فيها الآيات وجدت أنها في سياقات مهمة فأيضاً يضفي عليها المزيد من العناية والاهتمام. بعض القضايا أيضاً تجد أنها ذكرت في القرآن مرة أو مرتين وهذا يفيد أن تضعها في نصابها فلا تبالغ في بعض القضايا التي لم يتعرض لها القرآن إلا مرة واحدة وتغفل جوانب ذكرها القرآن الكريم ألف مرة مما يدل على أن هناك خلل في الأولويات لدى البعض.[/FONT]
[FONT=&quot]والإنسان لا يأمن على نفسه ويحتاج أن يسأل الله عز وجل الثبات دائماً والرسول صلى الله عليه وسلم كان يردد "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فالإنسان ينبغي دائماً أن يردد هذا الدعاء ويسأل الله عز وجل الثبات والاستقامة أمر عظيم ويحتاج أحدنا حتى يلتزم هذه الإستقامة أن يردد هذا الدعاء. [/FONT]
[FONT=&quot]الآيات ذكرت ثمرات الاستقامة، قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) وذكر ثمرات الاستقامة التي التزموا بها:[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً تنزل الملائكة بالبشرى[/FONT][FONT=&quot] فالله سبحانه وتعالى يقول هنا (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) والمفسرون يقولون أنها تتنزل عليهم في ثلاثة مواطن وتبشرهم في ثلاثة مواطن: عند الموت وفي القبر وعند البعث. وهذه المواطن الثلاثة هي أشق المواطن على الإنسان، لحظات الموت، كل الذين حول الإنسان يبكون ويقيمون العويل والحزن عليه، إذا كان من أهل الاستقامة ففي هذا الموطن تتلقاه الملائكة وتبشره (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا) والموطن الثاني في القبر إذا دخل القبر واستوحش ورجع أهله عنه والموطن الثالث عند البعث وهي كلها مواطن هلع ومواطن خوف ومواطن جزع، الله سبحانه وتعالى يقول أن أهل الاستقامة لهم وضعهم الخاص في هذه المواطن الثلاثة تتنزل عليهم ملائكة الرحمة بالبشرى والتطمين ونفي الخوف.[/FONT]
[FONT=&quot]من ثمار الاستقامة الطمأنينة والسكينة[/FONT][FONT=&quot] في قوله في هذه الآيات (أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا) في هذه المواطن الثلاثة الإنسان أحوج ما يكون إلى الطمأنينة والسكينة والناس كلهم في خوف وهلع وجزع ورعب من البعث أو من الموت أو من القبر وأهل الاستقامة في طمأنينة وسكينة. [/FONT]
[FONT=&quot]من ثمار الاستقامة البشرى بالجنة[/FONT][FONT=&quot] (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ). وهنا في قوله (الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) نحن في الدنيا نؤمن بالغيب ونؤمن أن هناك جنة وأن هناك نار وأن هناك بعث ونؤمن بالأنبياء السابقين وكل هذا تصديق للنبي صلى الله عليه وسلم وإلا فنحن لم نرى شيئاً ونسأل الله أن يثبتنا على الإيمان لأن البعض لا يؤمن إلا بالشيء المحسوس ويرى أن الإيمان بالغيب نقصان بالعقل وهرطقة ودروشة ولذلك يقولون ما وراء الطبيعة أو ما ما يسمونه الميتافيزيقا لا يؤمن بها إلا الدراويش والجهلة أما هم فكما يرون أنفسهم أنهم يؤمنون بالأشياء المحسوسة التجريبية ويقول أحدهم: أنا لا أؤمن بما لا يدخل معي المعمل، الشيء الذي لا يمكن يجري عليه تجربة لا يؤمن به! الله سبحانه وتعالى يقول (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) لم تروها من قبل ولم تلمسوها بأيدكم ولا اطلعتم على شيء منها وإنما هو إيمان بالغيب فكان الجزاء في هذه المواطن الأمان من الفزع. أما هؤلاء المشككين اللاأدريين كما يسمون أنفسهم عندما يُسألون في القبر من ربك؟ يقولون هاه، هاه، لا أدري، من نبيك؟ قال لا أدري، فيضربه الملك بمزربة ويقول له لا دريت ولا تليت في القصة المعروفة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الأشياء الجميلة التي ذكرها الشيخ الزنداني عندما كان يتناقش مع أحد الملاحدة فسأله هل تستطيع أن تسير في الشمس والحرارة الشديدة من دون حذاء؟ قال لا، فقال الحذاء خلق لحكمة؟ قال نعم الحذاء خُلق لحكمة بحيث أنه يبعدني عن رمضاء الشمس في الصحراء فقال له الشيخ إذا كان الحذاء خُلِق لحكمة أنت لم تُخلق لحكمة؟! يعني حذاؤك خيرٌ منك![/FONT]
[FONT=&quot]من ثمرات الاستقامة سعة الرزق في الدنيا[/FONT][FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى في سورة الجن (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) الجن) أي كثيراً[/FONT]
[FONT=&quot]ومن ثمرات الاستقامة وهذه من أعظم الثمار: انشراح الصدر والحياة الطيبة[/FONT][FONT=&quot] كما قال الله سبحانه وتعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97) النحل) ومن جاء بالاستقامة واستقام على أمر الله سبحانه وتعالى لقي هذه الثمار في الدنيا والآخرة. العديد من الناس اليوم يأخذون دورات النجاح والتطوير والتحسين والله النجاح الحقيقي هو في الاستقامة على أمر الله سبحانه وتعالى وإنها تأتيك الدنيا وتأتيك هذه الثمار التي ذكرها الله سبحانه وتعالى عند الموت وعند القبر وعند البعث. نسأل الله أن يرزقنا الاستقامة في الدنيا وأن يثبتنا عليها حتى نلقاه سبحانه وتعالى. [/FONT]
 
لكن أضاف د. دراز وقال إن سورة الفاتحة هي خطاب من البشر إلى الله وبقية سور القرآن الكريم خطاب من الله إلى البشر وقال إن هذه السورة بين يديد القرآن الكريم أشبه ما تكون بالاستدعاء أو خطاب استدعاء فوق القرآن فكأن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن كله استجابة لما طلبه الناس في سورة الفاتحة لأنهم قالوا (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) فجاءت أول آية في سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) أنتم تطلبون الهداية وهذه الآيات بدأت تفصل الهداية التي طلبت في سورة الفاتحة.[/FONT]
ممن قال نحو هذه المقالة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن سعيد المقرئ العماني في كتابه الأوسط في علم القراءات ص672، قال: والخاصية الأخرى أن حكم هذه السورة خالف حكم سائر سور القرآن في النظم، وذلك أن ألفاظ سور القرآن كلها متصورة في السمع بصورة مخاطبة الخالق للمخلوقين، بأمر أو نهي، أو وعد أو وعيد، وغير ذلك من المخاطبات التي إليها تنقسم معاني القرآن.
فأما ألفاظ هذه السورة فإنها خرجت بكليتها في صورة مخاطبة المخلوقين للخالق بالتحميد والتمجيد والدعاء ...
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 13[/FONT]
[FONT=&quot]روضة السائلين [/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=QSVtTfm1lmo

[FONT=&quot]السائلين عن الحق والطالبين للحقيقة والباحثين عن العلم.[/FONT]
[FONT=&quot](وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴿٦١﴾ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٦٢﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٦٣﴾ العنكبوت)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من سورة العنكبوت نلاحظ من خلالها النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يثير الأسئلة ويطرح الأسئلة على هؤلاء المشركين الذين كانوا يعارضون، وفقه السؤال في القرآن الكريم موضوع واسع سواء الأسئلة التي كان يطرحها النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء المشركين أو الأسئلة التي كان يطرحها المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم أو الأسئلة التي كان يطرحها الصحابة رضي الله عنهم على النبي صلى الله عليه وسلم وكلها موجود في القرآن الكريم. وهذه الأسئلة التي نتحدث عنها في هذه الحلقة أسئلة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يوجهها للمشركين فالآية تقول (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي لئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وسخر الشمس والقمر؟ قال الله سبحانه وتعالى (لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) توحيد الربوبية (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ما دام تؤمنون بأن الله هو الخالق وهو الرازق وهو الذي سخر الشمس والقمر فلماذا لا تعبدونه وتوحدونه؟! (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) فأنى يُصرفون عن هذا الإيمان وعن هذا التوحيد؟. (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) هذه الآيات تتحدث عن هذا الأسلوب الذي كان يتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة وهذا أسلوب رائع جداً. ذكررنا في إحدى الحلقات أن الشيخ عبد المجيد الزنداني سأل أحد الملحدين الذي كان لا يؤمن بإله فقال له أن تلبس هذا النعل فلماذا تلبسه؟ قال حتى تقيني من حرارة الشمس ومن برودة الثلج، فقال إذن هي موجودة لحكمة؟ قال نعم، فقال: أنت، هل خلقت عبثاً؟! هكذا يظن الملاحدة! والله سبحانه وتعالى يرد عليهم (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) المؤمنون). الأمر الثاني هو أسلوب يتبعه الداعي في إقناع الآخرين وهو من أجود وأفضل الأساليب في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى أن يطرح السؤال بطريقة مناسبة وفي مكانه المناسب. والنبي صلى الله عليه وسلم استفاد من سيدنا إبراهيم عليه السلام وكيف كان يطرح الأسئلة حتى يريهم الإسلام (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ (258) البقرة) هي في هيئة سؤال: هل تستطيع أنت أن تحيي وتميت؟ قال نعم ولكن مفهومه للإحياء والإماتة مفهوم خاطئ فسأله إبراهيم (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) فما استطاع!. كذلك هنا الآيات تشير إلى مسألأة مهمة جداً وهي موجودة في القرآن بكثرة وهي الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية. توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله هو التي لا يقدر عليها غيره فلا تنسب إلا له، الإحياء، الإماتة، الرزق كما قال تعالى في الآيات (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) الرزاق، الرازق، هذا الأمر لا ينسب إلا إلى الله سبحانه وتعالى. فالاستدلال بهذا النوع من التوحيد ما دام أنك تؤمن بأن اللهو هو الخالق وأنه خلق السموات والأرض وهو الذي يبسط الرزق وهو الذي نزل من السماء ماء فلماذا لا تعبده؟! هنا السؤال. ونلاحظ أن أسماء الله وصفاته كثيرة في القرآن وكل هذا الحشد الهائل من أسماء الله وصفاته من أجل إقناع الناس بأنه هو الذي يستحق العبادة، فمن غير المعقول أن تؤمن أنه هو الخالق والرازق ثم تصرف العبادة لغيره، لا تستقيم منطقياً! فالله سبحانه وتعالى استدل كثيراً في القرآن الكريم بهذا لأنها طريقة عقلية لا يتجادل فيها أحد ولذلك يقول الشنقيطي رحمه الله: وهذا النوع من التوحيد (توحيد الربوبية) جُبِلت عليه فِطَر العقلاء قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الزخرف) وقال (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (31) يونس) وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله (قَالَ فِرْعَوْنُ[/FONT][FONT=&quot]وَمَا رَبُّ[/FONT] الْعَالَمِينَ (23) الشعراء) تجاهل من عالم أنه عبد مملوك بدليل قوله (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ (12) الإسراء) وقوله (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله كما قال تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) يوسف) والآيات الدالة على ذلك كثيرة جداً. ولذلك لم تكن معركة الرسل مع أقوامهم في توحيد الربوبية وإنما كانت معهم في توحيد الألوهية.
[FONT=&quot]يفترض من الإنسان وهو يقرأ القرآن أن يتدبر هذه الآيات القرآنية ويستنبط من هذه الآيات بشكل جيد حتى يكون له أثر إيجابي في حياته العملية. من الأشياء التي ذكرها الشيخ الزنداني قال أنه اتصل على وكالة ناسا الفضائية فقال ما هو أصل السموات؟ فقالوا أصل السموات هو عبارة عن غبار، فقال لهم أصل السموات هو عبارة عن دخان وليس غباراً ثم اتصل عليهم بعد فترة وسألهم ماذا وجدتم أصل السموات؟ فقالوا وجدنا أصل السموات هو عبارة عن دخان، فقال هذا الشيء موجود عندنا في القرآن والله عز وجل يقول (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (11) فصلت) وكذلك (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا[/FONT][FONT=&quot]عَذْبٌ فُرَاتٌ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا[/FONT] (53) الفرقان) هذه الأشياء الموجودة وتم اكتشافها من قبل الملاحدة عندما يُستعرض لهم القرآن ويوضح لهم القرآن العظيم الذي أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذا يزيدهم قرباً من الإسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]مثل هذه القضايا تزيدنا نحن طمأنينة وتفتح آفاقاً للبحث العلمي في هذه القضايا التي يعمل فيها العلم الحديث بأدواته وقدراته ولكن ينبغي أن يكون الباحثون على حذر شديد لسبب بسيط وهو أن تحميل القرآن معاني غير صحيحة ولا يحتملها إساءة للقرآن الكريم ولذلك بعض المتسرعين أحياناً يسارع ويرى أن هذا فيه خدمة للإسلام عندما يقول الإسلام سبق في هذا ويكون هو قد أخطأ في فهم الآية وحمّلها ما لا تحتمل ثم أيضاً حمل عليها معاني غير محققة مثلاً قد تكون نظرية لم تثبت بعد، فهذه خطيرة!.[/FONT]
[FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) يوسف) أقوال السلف من المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم تؤكد على أن المقصود بهذه الآية هو أنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية ويكفرون بتوحيد الألوهية فيقولون (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ) يقرّون له بالرزق والإحياء والإماتة ولكنهم يجحدون جدارته للعبودية وتوحيده بالعبادة. [/FONT]
[FONT=&quot]ونحن نتحدث عن روضة السائلين نتحدث عن أهمية الحوار والأسئلة في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى قد حاولت أن أجمع من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بعض القصص فوجدت في مسند الإمام أحمد النبي صلى الله عليه وسلم طرح أسئلة على أحد المشركين اسمه حصين، فقال يا حصين كم إلهاً تعبد اليوم؟ قال سبعة في الأرض وإلهاً في السماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أصابك الضيق فمن تدعو؟ قال الذي في السماء، قال فإذا هلك المال فمن تدعو؟ قال: الذي في السماء، قال فيستجيب لك وحده وتشركهم معه؟! هذه لا يقبلها العقل! طالما هو الذي يستجيب لك فلماذا تُشرك معه الذين في الأرض؟! قال أما رضيته أو (كلمة نحوها) تخاف أن يُغلب عليك؟ قال حصين لا واحدة من هاتين وعرفت أني لم أكلِّم مثله فقال يا حصين أسلِم تسلم قال إن لي قوماً وعشيرة فماذا أقول لهم؟ قال قل اللهم إني أستهديك إلى أرشد أمري وأستجيرك من شر نفسي علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزدني علماً ينفعني، فقالها حصين فلم يقم حتى أسلم (هذه القصة في مسند الإمام أحمد وفي سنن الترمذي). وهذه الحادثة ولها نظائر وأذكر أني وجدت كتاباً عن أدب السؤال في السنة النبوية تكلم عن السؤال الذي كان يطرحه النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة كان يطرح عليهم الأسئلة بعد الصلاة وكان يطرح الأسئلة على الأطفال لأن أسلوب طرح السؤال والنقاش والحوار يفتح لك منافذ ويجعل المسؤول يتشوق للجواب مثلاً عندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: شجرة مثل المؤمن ما هي هذه الشجرة؟ فالصحابة كل واحد ذهب فكره إلى شجرة فذهب الناس في شجر البوادي (كما قال عبد الله بن عمر) فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة فقال عبد الله بن عمر لأبيه والله كدت أن أقولها، فقال لو قلتها. فقه السؤال وأسلوب السؤال والحوار موجود في القرآن الكريم بكثرة كما في هذه الآيات التي معنا، النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل المشركين من خلق السموات والأرض؟ وهذا أسلوب رائع حتى عند الملحدين، يكفي أن تشكك الملحد في إلحاده وتلفت نظره إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو الرازق وهو الذي يدبر الكون سبحانه وتعالى وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، هذا في حد ذاته يكفي لأن تدفع هؤلاء إلى البحث والسؤال والذي يقرأ في كتب الفيزياء والأحياء يجد نظريات الإلحاد منتشرة في هذه الكتب وتجد أنهم يقولون دائماً: غضب الطبيعة، الطبيعة فعلت، الطبيعة تريد أن تنقي نفسها بنفسها ويحاولون أن يطمسوا أيّ أثر يدل على أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق. ولذلك تعجبني أبيات لأبي نواس بمجرد أن نظر إلى الطبيعة الجميلة يقول:[/FONT]
[FONT=&quot]عيونٌ من لجينٍ شاخصاتٌ بأهداب هي الذهب السبيك[/FONT]
[FONT=&quot]على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك[/FONT]
[FONT=&quot]خلق الله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى يقول في سورة لقمان (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11))[/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً الأبيات المشهورة:[/FONT]
[FONT=&quot]فيا عجباً كيف يعصي أم كيف يجحده الجاحد [/FONT]
[FONT=&quot]وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد [/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإنابة والتوحيد له سبحانه وتعالى وأن يوفقنا للإجابة عن هذه الأسئلة الكبرى التي حيرت البشرية ونجدها في القرآن الكريم (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هذا سؤال حيّر البشرية حتى جاءهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ودلوهم على الطريق ولا يمكن أن نصل إلى الحق إلا من هذا الطريق. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعاً للحق.[/FONT]
 
بارك الله فيك يا سمر الأرناؤوط ! تقبل الله منك !

بارك الله فيك يا سمر الأرناؤوط ! تقبل الله منك !

هذه المرأة الفاضلة - سمر الأرناؤوط - برهنت عبر هذا الملتقى إيمانها بالإسلام ورغبتها في خدمته وخدمة خَدَمتِه في إنكار ملحوظ للذات. تتبعت لها منذ فترة طويلة تفريغات لمحاضرات ومقابلات في غاية الإتقان والأمانة على طول أكثرها وتشعبها. متى تستريح، بل كم تنام هذه المؤمنة المباركة في اليوم والليلة ؟
وإني لأسأل الله العلي القدير أن يتوج عملها بالإخلاص، ويختمها بالتوفيق والقبول، وأن يلطف بها في كل أمورها وأحوالها، وأن يبارك لها في ذريتها، وفي من تحيط به شفقة قلبها، ويجزيها عن الإسلام خيرا
 
جزاك الله خيراً أخي الفاضل، إن هو إلا توفيق من الله سبحانه وتعالى وانتفاع بالوقت الذي سنُسأل عنه يوم القيامة فيما أمضيناه أسأل الله تعالى بمنّه وكرمه الإخلاص في العمل والقبول وأن يكون وسيلتي إلى مرضاة الله تعالى وعفوه وستره وجنته.
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 14[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتخلّقين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=zI7fUGPmRak

[FONT=&quot](ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿١﴾ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿٢﴾ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿٣﴾ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ﴿٥﴾ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ﴿٦﴾ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿٧﴾ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ﴿٨﴾ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿٩﴾ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴿١٣﴾ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴿١٤﴾ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٥﴾ القلم)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة العظيمة سورة القلم، وهذه السورة هي من أوائل السور التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ولعل الحديث في هذه الآيات عن حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم مناسب لبدء الدعوة وإشارة والله أعلم إلى أنه لا يقوم بهذه الدعوة إلا لمن كملت أخلاقه وكان على درجة عالية من كمال الأخلاق. وهذه رسالة لكل داعية ولكل سائر على منهج النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يمكنك أن تحمل هذا القرآن وأن تحمل هذه السُنة وأن تحمل هذه الدعوة الشريفة إلا إذا كنت متخلقاً بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختصرت لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سُئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم كيف كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت هل تقرأ القرآن؟ قال نعم، قالت كان خُلُقه القرآن. ولو تأملنا في أخلاق القرآن الكريم وبالمناسبة قد كتب د. محمد عبد الله دراز كتاباً عن الأخلاق في غاية الروعة وتكلم فيه كلاماً في غاية الجودة وقال إن أخلاق القرآن الكريم أخلاق متكاملة لا تحتاج معها إلى غيرها حتى تكون على ما أمرك الله سبحانه وتعالى به من حسن الخلق. ولذلك ذكر حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما قالت كان خُلُقه القرآن وقال هذا جواب من عرف القرآن ومن عرف الأخلاق التي يدعو إليه القرآن. فكان جواباً مسدداً وهذا يشير إلى علم السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأنها كانت على درجة عالية من العلم والفقه بكتاب الله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتخلقين ونقصد بها المتخلقين بأخلاق القرآن والمتخلقين بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ونحن أحوج ما نكون إلى إحياء أخلاق القرآن في حياة المسلمين اليوم لأننا نلاحظ إنحرافاً في هذا الجانب وتهاوناً في الجانب الأخلاقي حتى ترى بعضهم على فضله وعلى استقامته في عبادته إلا أنه يفرّط في حسن الخلق ويظن أن حسن الخُلق أمر نافلة أو أمر جانبي في حياة المسلم والصحيح أنه جزء لا يتجزأ من الإسلام. وهذا أيضاً يدل على تفريطه في إقامة العبادات لأن العبادات لها علاقة وثيقة بالأخلاق فمثلاً الصلاة يقول الله عز وجل (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (45) العنكبوت) فمن أقام الصلاة الصحيحة تنهاه عن الفحشاء والمنكر. والزكاة يقول الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ[/FONT] صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا (103) التوبة) الزكاة لها علاقة بالأخلاق، والحج (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ (197) البقرة) وهذه حسن خُلُق وما يتعلق بالصيام (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة) الله عز وجل دعانا للتقوى. الأركان الخمسة نجد أن الله عز وجل جعل الشخص الذي يقيمها إقامة صحيحة وسليمة هذا يخرج منه رجل يستطيع أن يتعامل في الحياة الدنيا معاملة تحتوي على الأخلاق والله عز وجل يقول (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) النحل).
[FONT=&quot]ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه هذه السورة في أول الإسلام وفيها شهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بحسن الخُلُق. أول ما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فرجع إلى خديجة رضي الله عنها يرجف فؤاده خوفاً وهلعاً من هذا الموقف الذي يأتيه فيه جبريل لأول مرة وكان موقفاً صعباً، فقالت له كلمات جميلة جداً: والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتُقري الضيف وتعين على نوائب الحق. كل هذه محاسن أخلاق، كل هذه الصفات التي ذكرتها خديجة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها قبل الإسلام وقبل الوحي وكلها من مكارم الأخلاق التي كان يتحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام وهو أنه كان كريماً يقري الضيف وكان يحمل الكلّ بمعنى أنه يعين الآخرين على نوائب الدهر وكان يعين على نوائب الحق وكل هذه من محاسن الأخلاق ولما جاء الإسلام ما زادها إلا تمكيناً في نفس النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال صلى الله عليه وسلم (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقد تكلم المحدّثون عن هذا الحديث بكلام طويل. وجاء في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار. وقال صلى الله عليه وسلم: أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق. وقال صلى الله عليه وسلم: أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً.[/FONT]
[FONT=&quot]وجدت كلاماً رائعاً جداً للحسين بن علي في وصف جدّه صلى الله عليه وسلم يقول الحسين بن علي رضي الله عنه: سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال علي رضي الله عنه: كان دائم البِشر سهل الخُلُق ليّن الجانب ليس بفظّ ولا غليظ ولا صخّاب ولا فحّاش ولا عيّاب يتغافل عما لا يشتهي فلا يأيّس منه ولا يخيّب فيه مؤمّله، قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث. [/FONT]
[FONT=&quot]هذا منهج يُدرّس. قول علي بن أبي طالب أنه صلى الله عليه وسلم كان دائم البِشر وتجد الآن أحياناً من هو من أهل العلم ثم لا تجد للبشر لوجهه سبيلاً لا يتبسّم وقد سألت أحدهم يوماً لماذا لا تتبسم؟ تبسط وجهك لطلابك؟ فاستشهد لي بأبيات لعلي بن عبد العزيز الجرجاني قال: [/FONT]
[FONT=&quot]يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما ** رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما[/FONT]​
[FONT=&quot]أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم ** ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما[/FONT]​
[FONT=&quot]ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا ** بدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما[/FONT]
[FONT=&quot]أأشقى به غَرساً وأجنيه ذِلةً ** إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما[/FONT]
[FONT=&quot]وفهم من هذه الأبيات الجميلة جداً أنه يحث على العبوس، هو يقول إن مخالطة بعض رعاع الناس الذين لا يحترمون ولا يوقرون العالِم ولا يعرفون له حقه والإكثار من مخالطتهم فيه نوع من الإهانة للإنسان لكن ليس معنى هذه الأبيات أنك لا تكون متبسمًا والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر جرير بن عبد الله البجلي قال: ما رآني النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسّم في وجهي. وقول ابن الحارث أيضاً: ما رأيته إلا متبسماً. [/FONT]
[FONT=&quot]قد يذهب بعضهم ويقول أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يضحك ضحكاً فاحشاً ولا يتجاوز ضحكه التبسم مع أنه في بعض المواقف ضحك حتى بدت نواجذه صلى الله عليه وسلم لكن نحن لا نقول أن يغلب على الإنسان أن يكون كثير الضحك وكثير القهقهة لكن التبسم وبسط الوجه وأجمل ما أعجبني وصف علي بن أبي طالب (كان دائم البِشر) بمعنى عندما تنظر إليه تجد وجهه بشوشاً عليه الصلاة والسلام عندما يأتي إليه الضعيف والمسكين فإنه يجرؤ عليه.[/FONT]
[FONT=&quot]والله عز وجل في القرآن الكريم في بعض الآيات قدّم الأخلاق على الصلاة فقال (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ (83) البقرة) وقال (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا (29) الفتح) [/FONT]
[FONT=&quot]وأعجبني ألبوم أشرطة أنصح بالاستماع إليه والاستفادة منه وهو الأخلاق في القرآن الكريم للدكتور عبد الستار فتح الله سعيد وهو من أساتذتنا حفظه الله وهو من المتخصصين في التفسير الموضوعي وله كتاب قيم جداً فيه، تكلم في مقدمته كلاماً جميلاً وقال إن الأخلاق في الإسلام مرتبطة بالعقيدة ومتداخلة معه فلا يظن أحد أن الأخلاق أمر جانبي في الإسلام وإنما هي أمر متداخل مع العقيدة جنباً إلى جنباً. ولذلك في كلام خديجة رضي الله عنها عندما وصفت النبي صلى الله عليه وسلم وصفته بمكارم الأخلاق. وأيضاً الله سبحانه وتعالى عندما قال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون) فمزج فيها الصلاة مع الأخلاق، فلا تستطيع أن تقول الأخلاق على جنب والعقيدة والعبادات على جنب! ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما شهد الله سبحانه وتعالى له في هذه الآيات (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) إشارة عظيمة إلى أن هذه الدعوة لا يستطيع أن يقوم بها إلا من تحلى بالأخلاق والصبر وطول النفس وتقبل أخطاء الآخرين والتعامل معه بصدر واسع ونفس طويل والحرص على هدايتهم والسعي فيما يرضيهم حتى يستجيب الناس لك.[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحث الناس دائماً على هذا الأمر ويقول: الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ونلاحظ في نفس الآيات التي معنا وهو يتحدث عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى أخلاق المخالفين، فالله سبحانه وتعالى بعد أن تحدث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم استعرض أخلاق أعدائه فذكر بعض المفسرين أن المقصود بها الوليد بن المغيرة وبعضهم ذكر أن المقصود بها الأخنس بن شريق لكن عندما يقول (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)) تشير إلى هذه المساومات التي عرضها المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يترك دينه. أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ (11)) إشارة إلى أن كثرة الحلف ليست من أخلاق المسلم لأن فيها امتهان للحلف وفيها أيضاً إشارة أنك لست بصادق مما يدعوك دائماً إلى تعزيز كلامك بالحلف وبكثرته والله سبحانه وتعالى قد نهى عن ذلك (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ (224) البقرة). أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ) وهذه من الصفات التي نهينا عنها الهمزة اللمزة الذي يسعى بالنميمة بين الناس ويمشي بها ولاحظ أنه قال (مشّاء) لا يمشي بهدوء أو مرة واحدة بل كثير المشي بالنميمة. أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) وأريد أن أنبّه أن معنى الزنيم بعض الناس يقول الزنيم هو ابن الزنا وهذا غير صحيح لأن الله سبحانه وتعالى لا يذمّ أحداً بما لا يد له فيه فكيف يذمّ أحداً أنه ابن زنا وهو لا ذنب له في هذا؟! ولكن الزنيم هو الدعيّ الذي يُنسب إلى القوم وليس منهم كما يقول اللغويون ويقول الراغب الأصفهاني: تطلق الزنيم على الشخص الذي يأكل كثيراً ويحاول أن يستحوذ على كل شيء ويمنع الآخرين منه. ولا شك أن هذا خُلُق مذموم. وأيضاً العتلّ هو الإنسان سيء الطبع وسيء الخلق الذي فيه خشونة. فلاحظ هنا وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه على خلق عظيم وأن أعداءه الذين يحاربونه ويعارضونه فيهم هذه الصفات من كثرة الحلف والمشي بالنميمة وسوء الخلق والوعورة في الأخلاق والخشونة والنبي صلى الله عليه وسلم كثير من أسلم وانقاد له صلى الله عليه وسلم إنقاد له بحسن خلقه صلى الله عليه وسلم حتى أنه كان صلى الله عليه وسلم يقطع الخطبة وينزل من المنبر ليحمل طفلاً صغيراً يلعب في وسط المسجد وهذه قلّ من يفعلها اليوم ولو فعلها أحدنا لانتقده الناس!! النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على المنبر فرأى الحسن والحسين أبناء ابنته فاطمة يمشيان ويعثران فنزل من على المنبر وذهب وحملهما وأجلسهما معه ثم أكمل خطبته وقال لم أصبر أن رأيتهما يتعثران حتى نزلت. هذه أخلاق سامية هي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ونحن ندعو إلى أن نقتدي بها وأن نكون من الممتثلين والمقتدين بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم نسأل الله أن يرزقنا حسن الخلق ونسأله تعالى أن يجعلنا من أحاسن الناس أخلاقاً حتى نظفر بهذا الفضل العظيم الذي أخبرنا الله سبحانه وتعالى به والذي أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في سنته. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 15[/FONT]
[FONT=&quot]روضة الصادقين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=-NFOnryHxqI

[FONT=&quot](إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿٣٥﴾ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴿٣٦﴾الأحزاب)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآية العظيمة في سورة الأحزاب ومن ضمن الأوصاف التي وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بها الصدق قال (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ) ولعل من أوضح الآيات التي تحدثت عن الصدق في القرآن الكريم في سورة التوبة وذلك في قصة توبة الثلاثة الذين خُلّفوا وكان صدقهم سبباً لنجاتهم ووكان صدقهم سبباً لتوبة الله سبحانه وتعالى عليهم ولذلك ختم الله قصتهم بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) بل إن كعب بن مالك رضي الله عنه لما جاءه البشارة بتوبة الله عليه في القصة المعروفة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله وإن من تمام توبتي إلا أن أحدِّث إلا صدقاً ما حييت. المحافظة على الصدق ليست سهلة واليوم أصبحنا وللأسف الشديد نستجيز الكذب بمناسبة وبغير مناسبة، يتصل أحياناً الشخص فتقول قل أنا غير موجود، يطرق الباب أحد فيقول لابنه إذا سألوا عني قل أنا غير موجود فالابن يستغرب ولكني أقول للناس غير موجود فيتعلم الابن الكذب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق" - يعني المسألة تحتاج إلى تدريب وتحتاج تربية – "ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً" ولذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه لقّب بالصديق لأنه كان كثير التصديق للنبي صلى الله عليه وسلم وكان صادقاً في نفسه وصادق في حياته كلها، أبو بكر كان خلوقاً في الجاهلية وكان يحب مكارم الأخلاق وكان أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرب الخمر لا في الجاهلية ولا في الإسلام. فتعويد النفس على الصدق والالتزام به في الحياة سواء الصدق في القول أو الصدق في العمل وهذه المسألة ليست سهلة.[/FONT]
[FONT=&quot]ولو عدنا لما يتعلق بقصة الثلاثة الذين خُلّفوا كيف أن الصدق هو عبارة عن ابتلاء وهل يستطيع الإنسان أن يثبت أم لا، لأن الإشكالية التي نقع فيها أن الإنسان يبحث عن نتائج فورية ولذلك حال المنافقين قالوا المسألة سهلة جداً نذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له لدينا عذر فمنهم من قال لا أستطيع أن أقاوم بني الأصفر وأعطورا أعذاراً فعذرهم النبي صلى الله عليه وسلم لكن هؤلاء لأنهم تربوا على الصدق ما استطاعوا أن يكذبوا وحتى كانوا صادقين والنتائج كانت لصالحهم لأن الله عز وجل أنجاهم بطلك الصدق، حتى في قول المنافقين (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (168) آل عمران) الإنسان عندما يتحرى الصدق ويكون صادقاً مع الله عز وجل لأن الصدق مفهوم واسع وشامل: الصدق مع الله عز وجل الصدق مع النبي صلى الله عليه وسلم الصدق مع الناس هذا يجعل الإنسان يتوجه التوجه الصحيح وأن الله عز وجل ينجيه في الخاتمة التي نبحث عنها جميعاً.[/FONT]
[FONT=&quot]والصدق هو من الخصال التي يتصف بها المؤمن والكذب من الخصال التي يتصف بها المنافق ولذلك جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمارة من أمارات المنافق عندما قال: آية المنافق ثلاث، وإذا حدّث كذب. الأمر الثاني أن الله سبحانه وتعالى أثنى على الصادقين أنهم هم المتقون وأنهم هم أصحاب الجنة جزاء لصدقهم كما قال (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[/FONT] (177) البقرة) وقال سبحانه وتعالى في سورة المائدة (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) المائدة) وأيضاً الله سبحانه وتعالى كما في آية سورة التوبة أمرنا بأن نكون مع الصادقين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. أيضاً تنويهاً بمنزلة الصدق والرغبة فيه والدعوة إليه أثنى الله سبحانه وتعالى على كثير من أنبيائه بالصدق منهم إبراهيم عليه السلام في سورة مريم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) مريم) وقال عن اسماعيل (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ (54) مريم) وقال عن يوسف (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ (46) يوسف) وقال عن ادريس (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) مريم) والصدق كان صفة ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته حتى كان يلقبه قومه قبل الإسلام بالصادق الأمين لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحرص على التخلق بهذا الخلق حتى قبل الإسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]ولا بد أن نتعامل مع الشخص الذي أمامنا بأن الأصل فيه يكون الصدق وليس الكذب وهذه دعوة لمن يعلم الطلاب سواء في حلقات التحفيظ أو المدارس على سبيل المثال لما نسأل الطالب هل حللت الواجب؟ فيقول أنا حللت الواجب ولكن نسيت الدفتر في البيت فنقول اجلس، لأن الأصل فيه الصدق وليس الكذب، حتى تعجب بعض الطلاب! وهذه عن تجربة شخصية وجدنا بعض الطلاب الذين نعتبرهم غير جيدين أخلاقاً لكنهم قالوا طالما تتعامل معنا وتربينا على الصدق سنتعامل مع بالصدق وهذا يحتاج منا أن يكون تعاملنا مع الناس بالصدق والأصل فيهم الصدق. والرسول صلى الله عليه وسلم لما تعامل مع المنافقين أصحاب الأعذاؤ قبل عذرهم.[/FONT]
[FONT=&quot]قد يقول قائل ستكون ساذجاً بهذه الطريقة. التربية على هذا الأسلوب والثقة بالناس ولكن البعض يقول هؤلاء يضحكون عليك! يأتيك أحد الطلاب يقول أنا حللت الواجب ولكن نسيت الكتاب! يقولها أول مرة ثم مرة بعد مرة سيصدق. أضف إلى ذلك أننا يجب أن نشيع في مجتمعنا الثقة ونترك الإنسان الذي يكون كاذباً ودائماً يتحرى الكذب سيصبح منبوذاً في المجتمع لكن يبقى احترام الآخرين، تصديق الناس والثقة فيما يقولون في مرحلة معين وفي مستوى معين يبقى هو الأصل. [/FONT]
[FONT=&quot]هناك مسألة أخرى تكثر في مجتمعنا اليوم التهاون في بعض القضايا فيقول هذه كذبة بسيطة، يتصل أحدهم على شخص فيقول أنا مشغول وهو ليس عنده ارتباط معين! فإذا قيل لم قلت هذا؟ قال هي كذبة بسيطة، لا وقت لدي له! التهاون. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، حتى في هذه القضايا قل أنا ليس عندي ارتباط اليوم ولكني سأقرأ كتاب، هذا الصدق، ليس عندي موعد ولكني أعتذر، ما الذي يضيرك أن تكون صادقاً واضحاً؟ حتى تربي أبناءك على هذا الأسلوب. [/FONT]
[FONT=&quot]من أكثر المشاكل التي تحدث للآباء والأمهات إذا كان هذا الإبن أو تلك البنت لم يتربوا على الصدق لأنه إن كان صادقاً وحدث له مشكلة أو اقترف ذنباً عظيماً وهو تربى على الصدق فلن يكذب فعدم الكذب هذا يؤدي إلى أن تعالج المشكلة، الإشكالية عندما يكون هناك عدم صدق![/FONT]
[FONT=&quot]الحال التي وصل بها الإبن إلى هذه المرحلة هي بسبب تربية الوالدين عندما كنت تتهاون معه في الأشياء البسيطة حتى أصبح عنده الكذب شيء طبيعي فإذا كبر يكذب عليك وربما يكذب عليك في المدرسة فيقول أنا ممتاز، الطالب يخرج من البيت ويقول هو ذاهب إلى الجامعة وهو لا يأتي إلى الجامعة ثم بعد فصل دراسي أو فصلين يُطوى قيده ويأتي الوالد يريد أن يسأل عن ابنه فيفاجأ أن ولده مطوي القيد ولا أنسى موقفاً يوم جاءني أحد أولياء الأمور وكنت مسؤولاً عن الاختبارات في كلية الشريعة فأعطاني الرقم الجامعي لابنه فأخرجت النتيجة وكان الرجل وقوراً ما توقعت أنه رجل مريض أو لديه مشكلة فقلت ابنك مطوي قيده فأُغمي عليه في المكتب فلما حاولنا معه أفاق صار يبكي كما يبكي الصبي بكاء مرّاً فقلت له اتق الله، الحمد لله على كل حال، فقال الله أكبر والله منذ سنتين وأنا أوفر له كل شيء وإذا سألته قال كل شيء تمام والآن أفاجأ بأنه بهذا المستوى!. فتعاطفت معه وقلت له على كل حال كل شيء من عمر الدنيا سهل وما دام الولد بخير وصحته طيبة فكل شيء يتعالج وساعدته فيما يتعلق بالمعدل لكنني فوجئت وناديت الولد وقلت والدك بذل كل هذا الجهد وهذا العناء وأنت تكذب عليه طيلة هذه السنوات! ماذا ترجو من هذا الكذب وقد كاد أن يموت من هذا الموقف!. وقال الوالد لو تعرف والدته بهذا لأصابها مكروه. فأقول لو رُبي الابن على الصادق فسوف تجني أنت أيها الوالد وأيتها الوالدة من هذه التربية أنه لا يكذب عليك وسوف يتعامل بالصدق في حياته كلها. ونحن نقول لا ينبغي لنا أن نتهاون في موضوع الصدق وبعضنا كعادتنا نسمي الأشياء بغير اسمها فنقول هذه كذبة بيضاء وهذه كذبة سوداء وليس في الكذب أبيض واسود إلا ما أذن الرسول صلى الله عليه وسلم به إن كان يراد به الإصلاح بين الزوجين أو يراد به الإصلاح بين متخاصمين فلو كان بينك وبين أحد خصومة أقول لك إنه يثني عليك ويدعو لك بالخير ولا يذكرك إلا بخير فتطيب نفسه بذلك وأقول للآخر مثل ذلك لكن أن يستحل الإنسان الكذب في كل أمر ويتهاون فيه مع أبنائه، مع طلابه، مع الناس، فإن هذا سوف يجرّئك على ما هو أعظم من ذلك ولذلك الإنسان ينبغي أن يكون صادقاً مع نفسه وصادقاً مع الآخرين وليس في ذلك حرج، عندما تعتذر من الآخرين، يتصل عليك شخص في وقت غير مناسب لك قل أعتذر منك لا أستطيع أن اسجل البرنامج اليوم، عندي ارتباط سابق لكن أن تكذب ويتعود على الكذب حتى يصبح خلقاً يلازمه فهذا لا شك مخالف لهذه الآيات ولهذه الروضة. نسأل الله أن يجعلنا من الصادقين ونسأله أن يرزقنا ملازمة الصدق وأن نحرص أن نربي أنفسنا ونربي أبناءنا وبناتنا على الصدق في الأقوال وفي الأفعال لأن الله سبحانه وتعالى قد وعد الصادقين بالأجر العظيم يوم القيامة عندما قال (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ). [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 16[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتصدقين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=gGTi0tWOc3g

[FONT=&quot]أثنى الله سبحانه وتعالى على أهل الصدقات، ما هي صفاتهم وما هو جزاؤهم؟[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴿١٨﴾ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١٩﴾ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿٢٠﴾ الحديد)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من سورة الحديد وهي سورة مدنية والنبي صلى الله عليه وسلم كان كثير الحثّ على الصدقة وكان صلى الله عليه وسلم كثير الصدقة وكان أجود الناس وكان يحثّ أمهات المؤمنين على الصدقة ويقول: تصدّقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، يخاطب النساء. وهذه الآيات تصب في روضة المتصدقين ولو تأملنا لآيات الصدقة في القرآن الكريم لوجدناها كثيرة جداً، آيات الإنفاق وآيات الحث على الإنفاق كثيرة جداً بل إن من أوائل الآيات التي نزلت في سورة البقرة كانت تتحدث عن الإنفاق في سبيل الله بل إن الله سبحانه وتعالى وهو يتحدث عن الإنفاق ضرب الأمثال لاستشارة عواطف الناس للإنفاق في سبيل الله (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ[/FONT] اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد). في هذه الآيات التي معنا نأخذ منها ومن غيرها من الآيات التي تتحدث عن الصدقة بعض ثمار الصدقة وصفات المتصدقين.
[FONT=&quot]أولاً (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ) أصل المصّدقين المتصدقين لكن التاء والصاد أدغمتا في بعضهما لقرب مخرجهما كما يقول علماء الصوتيات، وهذه فائدة مهمة لنا جميعاً نحن ندرس التجويد ونتحدث عن الإظهار والإدغام والإقلاب، هذا من الأشياء التي أنصح أن يستفيدوا من دراسة علم الصوتيات والتجويد. المصّدقات أصلها المتصدقات لكن التاء والصاد متقاربتان في المخرج فأُدغمتا فأصبحت (المصّدقين) وهذه فائدة لغوية. الله سبحانه وتعالى هنا يذكر فضل المتصدقين والمتصدقات ولم يكتف بقول (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ) وإنما نص على المتصدقات ايضاً للإشارة إلى تخصيص النساء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تصدّقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. وأيضاً لما جاءت أم سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما أرى النساء يُذكرن، ذهب الرجال بالأجر، فنزلت (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) الأحزاب) كذلك هذه الآية (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ) فأفرد الله ذكر المتصدقات من النساء للإشارة أن المرأة لا بد أن تتصدق وأن تبذل من مالها الخاص في سبيل عتق رقبتها وابتغاء الأجر عند الله سبحانه وتعالى. في هذه الآية وصف الله سبحانه وتعالى الصدقة أنها قرض ولم يسميه قرضاً فقط وإنما قال قرضاً حسناً (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) فسماه قرض حسن والقرض الحسن هو القرض الذي ليس فيه منّة وليس فيه مشقة في قضية استرجاعه وإنما هو قرض حسن يعيده الإنسان متى استطاع دون أن يكون فيه أي امتنان عليه ولا إثارة له أمام الناس ولا إحراج له أمام الآخرين ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى (264) البقرة) بعض الناس أحياناً يتصدق ولكنه يبطلها بكثرة المنّ والأذى وإظهارها أمام الناس والله سبحانه وتعالى قد جعل من شروط الصدقة أن تكون بلا منّ وبلا أذى.[/FONT]
[FONT=&quot]من فضائل وفوائد الصدقة:[/FONT]
[FONT=&quot]مضاعفة الصدقة[/FONT][FONT=&quot]: يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ) أول جزاء يجده المتصدق أنه يضاعف له هذه الصدقة التي تصدق بها. وتأمل لما يقول الله سبحانه وتعالى أنه يضاعف له أن نعطي هذه الكلمة حجمها لأن الله سبحانه وتعالى قال (يُضَاعَفُ لَهُمْ) وقال في آية أخرى (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا (100) الإسراء) ثم ختم الآية (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) ينبغي أن نعي جيداً أن هذا خطاب موجه من الله سبحانه وتعالى فيجب أن نعطيه حجمه وعظمته وهذا ينمو مع التربية على تعظيم أمر الله تعالى وتعظيم أمره وتعظيم نهيه والنظر إلى القرآن بهذه الروح عندما تستشعر بأن الله سبحانه وتعالى هو المتكلم بهذا الكلام وأن هذا كلامه سبحانه وتعالى فيعظم في نفسك هذا المعنى. [/FONT]
[FONT=&quot]ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تطفئ غضب الرب قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى. إذا أذنب الإنسان ذنباً فيقوم بدفع هذا المبلغ ويتذكر كيف أن الله سبحانه وتعالى يُطفأ غضبه. كيف يعرف الإنسان أنه أغضب الله سبحانه وتعالى؟ إذا ارتكب المحرمات، ارتكب الكبائر، ترك الواجبات، ترك الفرائض، كفّر عن هذا الخطأ الذي ارتكبته وتصدق. [/FONT]
[FONT=&quot]الصدقة تمحو الخطيئة[/FONT][FONT=&quot]. إذا وقعت في ذنب تتصدق يمحو الله سبحانه وتعالى هذه الخطيئة بالصدقة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار[/FONT]
[FONT=&quot]الصدقة وقاية من النار[/FONT][FONT=&quot] كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (فاتقوا النار ولو بشقّ تمرة)[/FONT]
[FONT=&quot]المتصدق في ظلّ صدقته يوم القيامة[/FONT][FONT=&quot] كما في حديث عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس. وهذا غير حديث سبعة يظلهم الله في ظله مع أنه ذكر الله منهم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وهنا نصّ على أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة[/FONT]
[FONT=&quot]الصدقة دواء للأمراض البدنية[/FONT][FONT=&quot] وقرأنا قصصاً كثيرة قديمة ومعاصرة تشير إلى أن هناك من ابتلي بأمراض مستعصية وذهب للأطباء والمستشفيات وقيل له لا دواء لمرضك فلما رأى أن أبواب البشر قد أُغلقت أقبل على الصدقة وعلى الطاعة وعلى الذكر فإذا بالله سبحانه وتعالى يشفيه شفاء تاماً وكان هذا من أمراض مستعصية كالسرطان وغيرها. نحن المسلمين لا نرى غضاضة في هذا لكن غير المسلمين يستغربون من هذا وأذكر قرأت في ترجمة أحد الكوريين أصيب بالتهاب الفيروس الكبدي القاتل وأثبت الأطباء أنه لا علاج لمرضه قال: فاستعنت بالدعاء الانهماك في الأعمال الإيجابية وتناسيت المرض قال وبعد ثمانية أشهر أو سنة ذهبت لإجراء فحوصات فلم يجدوا أثراً للمرض فالله سبحانه وتعالى كريم. الصدقة دواء للأمراض البدنية كمال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة. يقول ابن شقيق وهو من التابعين سمعت ابن المبارك وسأله رجل عن قرحة خرجت في ركبته منذ سبع سنين وقد عالجها بأنواع العلاج وسأل الأطباء فلم ينتفع فقال له ابن المبارك اذهب فاحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم ففعل الرجل فبرئ بإذن الله. أمره بالصدقة أن يحفر بئراً لأناس في مكان واليوم يمكن أن تحفر آباراً والعالم يعاني من جفاف وعطش في نواحي كثيرة فمن يتصدق بحفر البئر ينفعه الله. [/FONT]
[FONT=&quot]الصدقة دواء للأمراض القلبية[/FONT][FONT=&quot] كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم، رواه الإمام أحمد. عندما ننظر إلى إخواننا المسلمين في أصقاع الأرض في فلسطين وفي سوريا وفي غيرها هذا يستحثنا إلى أن نقوم بالصدقة والتصدق عليهم والشعور أن هؤلاء منا ونحن منهم، شعور الجسد الواحد. وهو شعور بأن الأيام دول، نحن في السعودية مرّت علينا سنوات كنا في فقر شديد وقد حدثني والدي رحمه الله أنهم مروا بزمن الجوع حتى أصبح يؤرّخ به ومات أناس في بيوتهم من الجوع وهاجر أناس منهم يبحثون عما يقيم حياة الواحد منهم وكانوا يعملون على شبع بطن الواحد، يعمل لياكل فقط ثم لم تزل الأيام تدور حتى أغنانا الله من فضله. وحدثني بعض كبار السن وذكر بعض المناطق مثل فلسطين ولبنان كانت بلاداً مشهورة بالغنى في الزمن الذي كنا نحن فيه في فقر شديد وأيضاً أندونيسيا. وكان أحد الآباء القدامى عندما يكون لديه دين يقول ننتظر الحجاج لما يأتوا من أندونيسيا سيعطونا الصدقات ثم نسدد، فالأيام دول. يقول الشاعر:[/FONT]
[FONT=&quot]إذا ما الدهر جرّ على أناس مصائبه أناخ بآخرينَ[/FONT]
[FONT=&quot]فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا[/FONT]
[FONT=&quot]الله عز وجل يقول (لَئِن شَكَرْتُمْ[/FONT] لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم) الحفاظ على هذه النعمة بأن يكثر الإنسان من شكرها لله سبحانه وتعالى ويكثر من الصدقات.
[FONT=&quot]إضافة إلى ما في الصدقة من البركة[/FONT][FONT=&quot] أن الله سبحانه وتعالى يبارك لك في مالك ويبارك لك في صحتك وفي أولادك والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقص مال من صدقة قال بل تزيد وأيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الغنى مع الإنفاق بمنزلة القرآن مع القيام به كما في الحديث في الصحيحين: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار. جعل المتصدق مثله مثل صاحب القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]شروط الإنفاق:[/FONT]
· [FONT=&quot]نلاحظ في حياتنا اليومية إذا رأينا سائلاً يسأل يبحث في جيوبه ويخرج ريالين ويعطيها لهذا المسكين ويمسك العشرات والخمسين والمئات والخمسمئة، أين تنفق هذه؟ تذهب لأفخم مذعم فتخرج الخمسمائة، يذهب لأفخر متجر فيشتري لنفسه قميصاً بألف! فلماذا تتعامل مع الله بالريالات وتتعامل أنت مع نفسك بالآلآف. مع ملاحظة أن الإنسان لا ينفق لمن يتسول لأن البعض ليس بحاجة إلى المال لكن توجد الجهات الرسمية التي تقبل الصدقات أو من تعرفهم من الناس الذين يحتاجون للصدقات فتنفق إليهم. والحمد لله نحن في المجتمعات الإسلامية لدينا من المحسنين ومن أهل البذل والإحسان وأيضاً الدولة نفسها تدفع وتنفق وهذا كله من البذل المحمود.[/FONT]
· [FONT=&quot]انتخاب أجود الأموال للإنفاق (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[/FONT] (92) آل عمران) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ (267) البقرة) لو أحد قدّم لك ما تقدمه للناس لن تقبله إلا أن تغمضوا فيه فتأخذها وتسكت.
· [FONT=&quot]أن يكون الإنفاق والإقراض من الأموال التي هي موضع حاجة الشخص المنفق (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[/FONT] (9) الحشر) يمدحهم بذلك هو بأمس الحاجة لهذا المال لكنه يؤثر على نفسه وينفق ويتصدق
· [FONT=&quot]أن يكون الإنفاق الأشخاص الذين هم في حاجة شديدة فتتحرى عنهم وتبحث كما في قوله سبحانه وتعالى (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا (273) البقرة)[/FONT]
· [FONT=&quot]الأفضل والأوْلى في الإنفاق أن يكون محاطاً بالسرّية والكتمان ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ (271) البقرة) وهذا لا يعني أن لا يظهرها الإنسان في حالة الاحتياج إلى إظهارها بحيث يشجع الآخرين وهذه تعتمد على النيات ولا يعرفها إلا الله سبحانه وتعالى وكلٌ له نيته ولكن الأحوط في نيتك أن تكون خفية.[/FONT]
· [FONT=&quot]أن يكون الإنفاق غير مقترن بمنّ ولا أذى كما في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى) فإذا تصدقت فأمسك عليك لسانك. وإعطاء الصدقات لبعض الجنسيات أحياناً الإنسان يعطيهم وكأنه تفضّل عليهم بشيء![/FONT]
· [FONT=&quot]الشعور بضآلة العطاء وأن ما تنفقه قليل [/FONT]
· [FONT=&quot]أن يكون المال مما تحبه [/FONT]
· [FONT=&quot]وأن يرى المنفق أنه ليس هو مالك المال وإنما هو مال الله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot]وغيرها من الشروط التي فصلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وفصلها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا ويعيننا على الإنفاق في سبيل الله وأن يرزقنا الإخلاص.[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 17[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتفكّرين في آيات الله سبحانه وتعالى [/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=NBwxBAwLpPE

[FONT=&quot](إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٩١﴾ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴿١٩٢﴾ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴿١٩٤﴾ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴿١٩٥﴾ آل عمران) [/FONT]
[FONT=&quot]السلف رضي الله عنهم كانوا يحبون هذه الآيات كثيراً وكلام السلف في هذه الآيات في أواخر سورة آل عمران كلام يستحق أن يُقرأ وأن يُتدارس، كانوا يحرصون عليهم ويعلمونها أبناءهم والعلماء والمشايخ في حلقات العلم يوصون تلاميذهم بالتفكر بهذه الايات في أواخر سورة آل عمران لما فيها من الحث على التفكر في خلق الله سبحانه وتعالى. والملاحظ أن الله سبحانه وتعالى خصّ أولو الألباب بالاستفادة من هذه الآيات وأذكر كلاماً جميلاً للإمام الرازي يشير فيه إلى مناسبة هذه الآيات يقول الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر أن السورة مليئة بالحديث عن غزوة أحد ومليئة بالحديث عن النصارى وعن شرك النصارى جاء في آخرها فرجع إلى بيان عظمة الله سبحانه وتعالى وعظمة خلقه وحثّ العقول وأصحاب العقول على التفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى وفي خلقه. في سورة آل عمران نجد الآيات (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ) فأهل اللبّ لا يحتاجون إلى تفصيل بينما في سورة البقرة (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة) لأن أهل العقول يحتاجون إلى تفصيل وأما أولو الألباب فلا يحتاجون إلى تفصيل، فكأن أهل الألباب درجة أعلى ومن تعريف اللبّ في اللغة شيء مركز، اللب هو العقل ولكنه شيء زائد عن مجرد الوصف للعقل.[/FONT]
[FONT=&quot]نعود للآيات وكيف أن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قد أمر بالتفكر في مخلوقاته والتفكر في آياته والقرآن الكريم خاطب العرب وخاطب الناس بما يرونه ويشاهدونه في الأرض وفي السماء التي يشاهدونها ولذلك سألوا أعرابية كانت خبيرة في النجوم خبيرة في دخول الشهر وانتهاء الشهر وأوقات المطر وأوقات البرد فلما سُئلت عن ذلك قال: فكيف لا يعرف الرجل سقف بيته؟ لأنهم متعودون أن يعيشوا تحت هذا السماء يستدلون بها في الصحراء يستدلون بها في السفر يستدلون بها في الزراعة ونحن حتى اليوم أدركنا الناس وهم يفعلون ذلك لأنه ليس هناك مواقيت أخرى ولا جهزة ولا أدوات يستعينون بها فليس أمامهم إلا النجوم. وكذلك الله سبحانه وتعالى خاطب الناس بما يعقلون ولذلك قال (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) اختلاف الليل والنهار وتعاقب الليل والنهار أمر يشاهده الجميع ولا يحتاج التأمل فيه إلى أدوات ولا اسطرلاب ولا تلسكوب وإنما يحتاج إلى التأمل في هذه النعمة العظيمة التي أنعم الله عز وجل بها على الناس وكيف لو لم تكن هذه النعمة كما قال سبحانه وتعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴿٧١﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٧٢﴾ القصص) لو استمر الليل سرمدا أو استمر النهار سرمدا ستكون هناك مشكلة في المخلوقات حتى من الناحية البيولوجية.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً تكلم الله سبحانه وتعالى عن صفات هؤلاء المؤمنين المتفكرين فقال (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) تأمل كيف أن الله سبحانه وتعالى إذا هدى الإنسان ووفقه إلى هذا الدين وإلى الاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى ورسوله يصبح كتلة من الإيجابيات والانقياد والخضوع لأمر الله سبحانه وتعالى وقد أعجبني كتاب للدكتور ماجد الكيلاني يتكلم فيه عن التربية الإسلامية وكيف أن الله سبحانه وتعالى ربّى المسلم وخَلَقه إذا انقاد إلى أوامره واستجاب لأوامره يشعر هذا المؤمن –وهذه حقيقة- أن كل الكون مسخّر له، قال: وأما الكفار والملحدون فإنهم ينظرون إلى هذا الكون أنه في صراع معهم فتجد في القرآن الكريم (اللَّهُ الَّذِي[/FONT][FONT=&quot]سَخَّرَ لَكُمُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ[/FONT] (12) الجاثية) (وَسَخَّرَ لَكُمُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ[/FONT] (12) النحل) كل هذه المخلوقات مسخرة لخدمتك و(كُلٌّ قَدْ عَلِمَ[/FONT][FONT=&quot]صَلَاتَهُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]وَتَسْبِيحَهُ[/FONT] (41) النور) لكن الكفار تجدهم في صراع مع الطبيعة، صراع مع الرياح صراع مع الحرائق، صراع مع الأمواج لا يشعرون بلذة في الحياة وإنما هم في صراع. ومصداقاً لكلام د. ماجد عندما نقرأ الموسوعات العلمية في الأحياء والفيزياء تشعر بهذه الروح أنهم يتعاملون مع هذه الكوارث يسمونها كوارث، يسمونها الآفات الطبيعية، غضب الطبيعة، ما يشعرك أنهم يشعرون في صراع مع الكون وليسوا في وفاق أما المسلم فينظر إلى البحر على أنه مسخّر له والنجوم مسخرات في أفق السماء ولا شك أن هذه نقطة اختلاف كبيرة بين المسلم وغير المسلم (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]سَخَّرَ لَكُم[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ[/FONT] (20) لقمان).[/FONT]
[FONT=&quot]نأتي إلى أوصاف أولي الألباب في الآيات – نحن عندما نتكلم في هذا البرنامج أو غيره أو خطيب الجمعة عندما يتكلم الهدف في النهاية هو التطبيق والعمل لأنه هو الثمرة الحقيقية لهذا الكلام ولذلك أميل إلى أن نكون دائماً عمليين، فالله سبحانه وتعالى لما وصف أولي الألباب في هذه الآيات ما الفائدة التي أجنيها بالنسبة لي؟ التطبيق، أنا أريد أن أكون من هؤلاء وليس هناك ما يمنعني، الله سبحانه وتعالى قال (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ) هذه ليس فيا صعوبة أن تذكر الله وأنت قائم وأنت مستلقي وأنت في فراشك وعندك كتاب حصن المسلم للشيخ القحطاني متوفر بأكثر من أربعين لغة، يوجد فيه أذكار النوم، أذكار الاستيقاظ من النوم، أذكار الصباح، أذكار الطعام، كل عمل يعمله المسلم لا يكاد يخلو من ذكر ولا يأخذ وقتاً فسبحان الله وبحمده مائة مرة تغفر ذنوبك وإن كانت مثل زبد البحر، هذه لا تأخذ أكثر من دقيقة! أذكار الصلوات، أذكار دخول المسجد، أذكار عديدة، تكتشف أن يوم المسلم ممليء بالأذكار وهي من أخف العبادات ومن أعظمها أجوراً كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب أهل الدثور بالأجور). ولذلك قدّم الله عز وجل هذه الصفة (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ) فذكرهم في كل الحالات معناه أن المسلم صاحب اللب العاقل يذكر الله سبحانه وتعالى في كل حالاته.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً أشار الله سبحانه وتعالى في هذه الآية إلى الذكر أولاً ثم إلى الفكر ويعني ذلك أن ذكر الله وحده لا يكفي وإنما يثمر هذا الذكر فكراً وتدبراً في خلق الله سبحانه وتعالى ويثمر ذلك خشوعاً وإنابة وتوحيداً وتعظيماً لله سبحانه وتعالى. في الأفلام الوثائقية التي تتحدث عن أعماق البحار وتتحدث عن المخلوقات ألا تزيدك أيها المؤمن تعظيماً لله سبحانه وتعالى ومهابة له سبحانه وتعالى ويقيناً بما عند الله سبحانه وتعالى؟ هذه المخلوقات العظيمة من يرزقها من يعطيها من الذي خلقها في أحسن تقويم؟ لا شك أن هذا هذا يزيد المسلم إيماناً وتعظيماً. قرأت في كتب أحد الباحثين يقول من خلال إحصاء للعلماء الذين يدخلون في الإسلام من غير المسلمين وجد أن أكثر من يدخل الإسلام من غير المسلمين هم المتخصصون في علوم الأحياء والطبيعة والطب لأنهم يرون من بديع صنع الله سبحانه وتعالى ما لا يمكنهم معه إنكار ألوهيته لأنهم يرون من عظمة خلقه، من عظمة صنعه وإتقانه في هذه المخلوقات.[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) وهذا جاء في مقام الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى لوقايتهم من عذاب النار فهؤلاء الذين يدعون الله سبحانه وتعالى من هؤلاء المتفكرين أولي الألباب يدعون الله سبحانه وتعالى بهذه الدعوة (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) فلا تُخزِنا (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) فلا تجعلنا من الظالمين، هذا أسلوب جميل في الدعاء وهذا يعلمنا أدب الدعاء لله سبحانه وتعالى ولهذا يقول أحد السلف إن من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن علّمنا كيف نذكره وعلّمنا كيف نتضرع إليه وهو سبحانه وتعالى يحب هذا.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم حكى سبحانه وتعالى لوناً آخر من ضراعتهم فقال (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) يقصدون النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينادي للإيمان فاستجبنا لدعوته وآمنا به وآمنا بما دعانا إليه دون تردد أو تسويف. وفي وصفه صلى الله عليه وسلم بالمنادي دلالة على كمال اعتنائه صلى الله عليه وسلم بدعوته وبأمته لأن المنادي دائماً يحمل في ندائه الشفقة والمحبة والحرص والعناية.[/FONT]
[FONT=&quot]فائدة أنقلها من كتاب الكشاف: يقول: فإن قلت فأي فائدة بالجمع بين المنادي وينادي؟ (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) قلت ذكر المنادي مطلقاً ثم مقيداً بالإيمان تفخيماً لشأن المنادي لأنه لا منادي أعظم من منادي للإيمان ونحوه قولك: مررت بهادٍ يهدي للإسلام وذلك أن المنادي إذا أُطلق ذهب الوهم إلى مناد للحرب أو لإغاثة المكروب أو لكفاية بعض النوازل أو لبعض المنافع وكذلك الهادي قد يطلق على من يهيد للطريق ومن يهدي لسداد الرأي وغير ذلك فإذا قلت ينادي للإيمان ويهدي للإسلام فقد رفعت من شأن المنادي ومن شأن الهادي وفخّمته. وهذا إشارة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعو لنفسه أبداً خلال دعوته طيلة ثلاث وعشرين سنة دعا إلى أسرته أو إلى مجده الشخصي أو إلى قريش، أبداً، كان ينادي للإيمان ينادي لله سبحانه وتعالى حتى مات عليه الصلاة والسلام صادقاً مخلصاً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم حكى الله سبحانه وتعالى عن مطلبهم فقال (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) وهذه من أجمع وأعظم الدعوات في القرآن الكريم، وهذه فائدة لنا جميعاً أنه ينبغي علينا في الدعاء على أئمة المساجد وخاصة في الأيام المباركة في رمضان أن يتحروا جوامع الدعاء ويختصروا في الدعاء، بعض الأئمة يطيل في الدعاء، يستغرق في الركعة خمس دقائق ويستغرق في الدعاء أحياناً ربع ساعة أو ثلث ساعة وهذا لا شك أنه لا يدل على الاتزان والمتتبع لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه كان يجمع جوامع الدعاء وكان يختصر عليه الصلاة والسلام في دعائه فيأتي بجوامع الدعاء ولا يشق على المصلين وراءه وأيضاً لا يعتدي في الدعاء لأن البعض أحياناً يولع بالسجع فمثل هذه الدعوات في أواخر سورة آل عمران، الدعاء في أواخر سورة البقرة والدعاء في أواخر سورة الحشر ونحو ذلك من هذه المواطن وكذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث يكتفي به الإمام في دعائه نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتفكرين في مخلوقاته وفي آياته وأن يرزقنا الإيمان الخالص به سبحانه وتعالى. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 18[/FONT]
[FONT=&quot]روضة الصالحين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=Dg5eWx8IPtQ

[FONT=&quot](ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴿١٠﴾ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١١﴾ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴿١٢﴾ التحريم)[/FONT]
[FONT=&quot]في الآيات التي وصف الله سبحانه وتعالى فيها نوح عليه الصلاة والسلام ووصف لوط عليه الصلاة والسلام بأنهما كانا صالحين مع أنهما كانا نبيين فهما في أعلى درجات الصلاح البشري والمؤمن وهو يقرأ القرآن الكريم يجد هذه القدوات والنماذج من الصالحين والمصلحين عبر التاريخ. ولا شك نحن نتحدث عن القرآن الكريم ونتحدث على أنه كتاب هداية وأنه ينبغي للمسلم أن يكون له ورد يومي من القرآن الكريم لا يتركه لأنك وأنت تقرأ القرآن الكريم تقرأ إبراهيم، موسى، عيسى، نوح، لوط، سليمان، داوود، تسترجع دائماً هذه القدوات وهؤلاء هم النماذج العليا في تاريخ البشرية، الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وينبغي للمسلم أن يستحضر هذا لأنه في كل أمة من الأمم يحاولون أن يبرزوا نماذج على شكل قدوات يقتدي بها الناس فالشيوعيون لهم قدوات والنصارى لهم قدوات والبوذيون لهم قدوات والمسلمون لهم قدوات هؤلاء هم الذي كرهم الله في القرآن الكريم. والله عز وجل في القرآن كذلك يوضح البلاءات والملاحظ أن بلاءات الأنبياء في القرآن مختلفة حتى تناسب حالات الناس فتجد الشخص الذي ابتلي بوالده أنه يشقّ عليه وأنه يسيء له بشكل كبير يتذكر إبراهيم عليه السلام ووالده (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ[/FONT] (74) الأنعام) وفيما يتعلق إذا تاه ابن لأحد من الناس وصعب الوصول إليه ويبحث عنه ولم يجده يتذكر قصة يوسف ويعقوب وغيرها، وأيضاً الهداية على سبيل المثال نوح عليه الصلاة والسلام مكث طويلاً يحاول هداية ولده ولكن دون جدوى ولم يهده الله سبحانه وتعالى بعدما بذل الأسباب كل ما يستطيع في أمر الهداية وهنا في الآيات ما حدث من امرأة نوح وامرأة لوط.
[FONT=&quot]عندما يتأمل المسلم في القرآن الكريم ويجد هذه النماذج العليا من الصالحين المصلحين الذين كانوا قدوات لمجتمعاتهم وكانوا قدوات لأممهم وتحملوا من البلاء وتحملوا من العناء وصبروا واحتسبوا ودخل بعضهم في معارك وبعضهم هاجر من بلده وطُرد وبعضهم قُتل وبعضهم كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم نُشِر بالمناشير من الأنبياء، فهؤلاء هم القدوة والنموذج. [/FONT]
[FONT=&quot]في هذه الروضة التي نتحدث فيها عن روضة الصالحين ما معنى أن يكون الإنسان صالحاً في نفسه وما معنى أن يكون صالحاً في نفسه ومصلحاً ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ[/FONT] (117) هود) قال المفسرون لم يقل صالحون لأن الصالح يكتفي بالصلاح لنفسه وإنما مصلحون صالح لنفسه مصلح لغيره وأيضاً يدخل في ذلك قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وينبغي على الإنسان الصالح الحقيقي أن يتعدى صلاحه إلى غيره ولذلك زينب بنت جحش رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أنهلَكُ وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم: إذا كثُر الخَبَث. لم تقل مصلحون قالت صالحون.
[FONT=&quot]في قصة نوح وفي قصة لوط عليهما الصلاة السلام وقعت المخالفة من زوجتيهما لهما، المفسرون يقولون أنهما لم يخونوهما في الفراش وهذه معلومة ينبغي أن ننبه إليها، عندما نقرأ مثل هذه الآية إذا قيل خيانة قالوا الخيانة الزوجية انصرفت الخيانة الزوجية إلى وقوع الفاحشة، في الحقيقة أن الخيانة المقصودة في الآية هي الخيانة في الدين وأن الله سبحانه وتعالى قد نزّه زوجات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الوقوع في الفاحشة حتى لو كانوا على الكفر وأن الله سبحانه وتعالى يقصد هنا (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا) أي فكفرتا بهما ولم تؤمنا بهما وليس معنى ذلك أنهما خانتاهما في الفراش فهذا لا يليق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، هذا أمر. الأمر الثاني أنه بالرغم من قرب هاتين الزوجتين من هذين النبيين الصالحين لم تنتفعا بهما وفي هذا عزاء لكل مُصلح أنه ليس بالضرورة مهما بذلت من الأسباب أن يستجيب لك الذين تدعوهم فالهداية من الله لأن البعض قد يلوم نفسه ويظن أنه قصّر في طريقة الدعوة، أنت اجتهد في تحسين طريقة الدعوة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً وعِظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً واتبع أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة لكن لا تظن أن كل هذه الوسائل سوف تضمن لك تحقيق النتيجة. ولذلك نوح عليه الصلاة والسلام هو من أكثر الأنبياء الذين ذكر الله تفاصيل أسلبوهم في الدعوة بل إن أسلوب نوح عليه السلام في الدعوة إلى الله يعتبر نموذجاً يُدرّس (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ﴿٥﴾ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ﴿٦﴾ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ﴿٧﴾ ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ﴿٨﴾ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴿٩﴾ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿١١﴾ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴿١٢﴾ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴿١٣﴾ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴿١٤﴾ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا ﴿١٥﴾ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴿١٦﴾ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴿١٧﴾ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴿١٨﴾ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا ﴿١٩﴾ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ﴿٢٠﴾ نوح) استخدم معهم العقل واستخدم معهم العاطفة والترغيب والترهيب. البعض فهم من هذا الأمر أن نوح يئس من قومه ولم يستمر في دعوته مع قومه فنقول أن الله سبحانه وتعالى قال (وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ[/FONT] (36) هود) عندما أتى هذا الأمر من الله عز وجل عند ذلك توقف نوح عليها السلام. بالرغم من هذه الأساليب الرائعة جداً التي اتبعها نوح عليه الصلاة والسلام في دعوة قومه ونقول إذا كان اتبع هذه الأساليب مع قومه ولم تجدي نفعاً فما بالك بالأساليب التي اتبعها مع زوجته؟! نحن نجزم أنها كانت أكثر لأنه كان أكبر محبة لها وحرصاً عليها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل مع عمه أبي طالب نحن نجزم أنه بذل المستحيل من أجل أن يهتدي عمه أبو طالب إلى الإسلام وإن كانت لم تنقل إلينا كل تفاصيل ذلك وقد ثبت في بعض الأحاديث كيف كان صلى الله عليه وسلم يدعو عمه "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله" ولكن لم يستجب له، فنقول أن النبي صلى الله عليه وسلم ونوح عليه الصلاة والسلام بذلوا جهداً فوق العادة لهداية زوجاتهم وهدايته عمه عليه الصلاة والسلام ولكن هذه قضية بيد الله سبحانه وتعالى وحده لا يشاركه فيها لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وهذا هو معنى قوله سبحانه وتعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (56) القصص) فالصالح الحقيقي هو حريص على أن يكون مصلحاً لغيره وحريص على أن يدعو الناس للخير ويجدبهم إلى الخير الذي هو فيه.
[FONT=&quot]نأتي إلى مسألة أخرى في قصة فرعون قصة معاكسة تماماً وهي أن الزوج كافر والزوجة مؤمنة قال الله سبحانه وتعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) زوجة فرعون قصة عجيبة وهو أبعد الناس الذين تتوقع أن يؤمنوا بموسى عليه السلام زوجة فرعون آسيا بنت مزاحم رضي الله عنها وكيف أنها وصلت دعوة موسى عليه الصلاة والسلام إلى زوجة فرعون الذي كان عدوه اللدود وهذا يفتح باب الأمل للدعاة على مصراعيه، إن كذّبك يا موسى فرعون، إن كذبك قومه فقد آمن بك أناس من أخصّ المقربين إلى فرعون وهي زوجه وحتى في شخصية آسيا رضي الله عنها شخصية عاقلة حتى في دعوتها في قولها (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) يقول المفسرون أنها سألت الله سبحانه وتعالى الجار قبل الدار أريد عندك بيتاً في الجنة. وهاتان الصورتان المتعارضتان أنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم القمة في الصلاح وزوجاتهم لم يستجيبوا لهم وفي الجهة الأخرى فرعون وهو في الحضيض في الكفر والعناد وتؤمن زوجته مما يدل أن أمر الهداية إلى هذا الدين بيد الله سبحانه وتعالى ولن ينبغي على المسلم أن يحرص على أن يتحلى بصفات الصالحين ونحن تكلمنا في الروضات السابقة تكلمنا عن روضة الذاكرين ولا شك أن ملازمة ذكر الله سبحانه وتعالى من أخص خصائص الإنسان الصالح وتكلمنا في روضة المستغفرين وفي روضة المتفكرين وفي روضة المصلين والموحدين وكل هذه من صفات الصالحين في القرآن الكريم. فقد فصّل الله سبحانه وتعالى صفات الصالحين ومزاياهم وذكر الله سبحانه وتعالى مآلهم في الآخرة وما أعد الله سبحانه وتعالى للصالحين وما ينبغي على الصالح تجاه مجتمعه من الدعوة ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله سبحانه وتعالى عندما كلم نبيه صلى الله عليه وسلم قال (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ[/FONT] نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف) هذا يدعونا أن الإنسان لا بد أن يكون لديه توازن بين معرفة بأن الهداية من الله سبحانه وتعالى وبين الجد والعمل وكثرة الدعاء والالتجاء لله سبحانه وتعالى في دعوة هؤلاء الناس والله عز وجل يقول (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ[FONT=&quot]وَجَادِلْهُم[/FONT] بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125) النحل) وبعد هذه الأسباب (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). وهو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى للطرفين، عندما ذكر الله عز وجل القرية الظالمة في سورة الأعراف وذكر الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) الأعراف) فكذلك الإنسان الصالح في المجتمع هو صمام أمان في هذا المجتمع لأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالتي هي أحسن لأنه يخاف على هؤلاء العصاة من غضب الله ولذلك يأمرهم وينهاهم بالتي هي أحسن فهو بركة على مجتمعه وبركة على أسرته وبركة على نفسه وهو أيضاً يريد أن يبرئ نفسه أمام الله سبحانه وتعالى كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر أنهم قالوا (مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ). وأيضاً في قصة بني إسرائيل أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه هذه المجتمعات المليئة بالفاسدين الذين استمرأوا الفساد قال (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) المائدة). وأيضاً الإنسان يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (159) آل عمران) ينبغي على الإنسان أن يتعامل بالتعامل الحسن والتعامل الجيد وهذا يجعل الناس يتجهون للخير.
[FONT=&quot]في قصة نوح وقصة لوط مع زوجتيهما وأيضاً قصة آسيا زوجة فرعون أن ارتباط الصالحين بغيرهم من الكفار لا ينفع هؤلاء الكفار، ماذا انتفعت زوجة لوط أو زوجة نوح من كونهما زوجة لوط أو زوجة نوح؟! لم تنفعهما لأنهما لم يؤمنا بالله سبحانه وتعالى وأيضاً ارتباط زوجة فرعون بفرعون لم يضرّها فهي من أهل الجنة وهو من أهل النار وكذلك نوح عليه الصلاة والسلام ولوط من أهل الجنة وزوجتيهما من أهل النار لذلك نحن لا نعول على العلاقات الدنيوية النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على هداية عمّه لكنه لما لم يستجب له لا ينفعه ذلك وهذا يجعل العنصرية تذوب في المجتمعات المسلمة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الصلاح في النيّة وأن يهدينا للصلاح في العمل وأن يجعلنا من الصالحين المصلحين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 19[/FONT]
[FONT=&quot]روضة الزاهدين[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=FmmerGzYLKY[/FONT]

[FONT=&quot](زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) آل عمران) [/FONT]
[FONT=&quot]في روضة الزاهدين نتحدث عن مفهوم الزهد وحديث القرآن الكريم عن الزهد وما هي حقيقة الزهد فالبعض يظن أن الزهد هو الانقطاع عن الدنيا والعيش في فقر وفي حاجة وأن هذا هو الزهد ولكن عندما تتأمل في هذه الآيات وفي آيات أخرى تتحدث عن الزهد تجد أن القرآن الكريم لا يحثك على ترك الدنيا رغبةً عنها وإنما يحثّك على ترك الدنيا رغبة في الآخرة فكأنك حتى لو ملكت الدنيا كلها وأنت تنفق منها في سبيل الله كما أُمرت فأنت من الزاهدين ولا ينفي أن تكون زاهداً وغنياً في نفس الوقت وستة من العشرة المبشرين بالجنة كانوا تجاراً لكن الدنيا ليست في قلوبهم وإنما في أيديهم. أبو بكر كان تاجراً ومن كبار التجار وبالرغم من ذلك كان من أكبر الزُهاد. فليس معنى الوهد أن تكون فقيراً معدماً ليس لديك شيء من المال حتى تكون زاهداً.[/FONT]
[FONT=&quot]نأخذ معاني الآيات: الله سبحانه وتعالى ذكر في هذه الآيات أصول الشهوات الدنيوية فقال الله سبحانه وتعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ) فدل هذا على أن هذا مما فطر عليه الإنسان وركزه في فطرته وفي طبيعته أنه مجبول على حب هذه الشهوات. وهذه الشهوات هي (النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) في حقيقة الأمر أن هذه الشهوات التي زينها الله سبحانه وتعالى للإنسان لا تقوم حياة الإنسان إلا بها وأنه لا يمكن أن تستقيم حياتنا في الدنيا إلا بهذه القضايا. شهوة النساء، هل يمكن تستمر حياة البشر ويتكاثر البشر ويتوالد البشر إلا بوجود هذه الشهوة؟ الجواب لا، ولذلك جعلها الله من أصول الشهوات والأمر الثاني أنه هذّبها بالزواج وهذّبها بأن توضع في نصابها الصحيح. فوضعُ هذه الشهوات في نصابها هو الزهد. [/FONT]
[FONT=&quot]الأمر الثاني البنين الله سبحانه وتعالى جعل البنين من أحب ما يطلبه الإنسان ولذلك قال في سورة الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف) والملاحظ أن يذكر لفظ زينة (زُيّن وزينة) وقدّم ذكر البنين على الأموال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ) ثم ذكر الأموال (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) لأن أبناء الإنسان أحب إليه من ماله ولذلك إذا خُير الإنسان بين المال والابن قدّم الابن وعنده استعداد أن يدفع ماله كله من أجل الابن، من أجل علاجه إذا احتاج إلى علاج أو تعليمه إذا احتاج إلى تعليم. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال (وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ) والقناطير المقنطرة المقصود بها الكثرة الكاثرة لأن القنطار هو الجزء الكثير وليس الجزء المحدد، ولكن القنطار هو الجزء الكثير والمال الكثير قال (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال (ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [/FONT]
[FONT=&quot]الخيل المسومة يدخل معها الآن ما يتعلق بالسيارات والمركوب الموجود الآن فهذا يعتبر من الزينة ونسمع عن سيارات جديدة فهذه أيضاً يصبح الإنسان في شغف في حبها وهي داخلة في الآية.[/FONT]
[FONT=&quot]ولا شك أن الإنسان إذا فُتحت عليه الدنيا فهو في حاجة أن يكفّ من غلوائها وأن يردها إلى السنة وأن يردها إلى ما أمر الله سبحانه وتعالى به فكما كان يقول السلف رضي الله عنهم: لباسٌ دون لباس ومركوبٌ دون مركوب حتى نلقى الله سبحانه وتعالى. لأن النفس طماعة إذا فُتحت لها الدنيا فإنها لا تكتفي إن أعطيتها أفخم سيارة تطمح فيما هو أعلى وإن بنيت لها أفخم بيت تطمح فيما هو أوسع وإن تزوج أجمل النساء طمح إلى من هي أجمل فالشهوات لا تكاد تنتهي. ولذلك الإنسان لا ينظر إلى من هو أعلى منه في شأن الدنيا وإنما ينظر لمن هو دونه حتى يرزقه الله سبحانه وتعالى القناعة وأيضًا يعوّد الإنسان نفسه على البذل وما زاد عن حاجته ينفق منه وهذه فرصة لمن آتاه الله سبحانه وتعالى من الدنيا أن يعوّد نفسه البذل والإنفاق والعطاء والسخاء شكراً لله سبحانه وتعالى على هذه النعمة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وكما كان يفعل عبد الرحمن بن عوف وكان من تجار المدينة كما هو معلوم ففي عام الرمادة وعام القحط جاءت قافلة لابن عوف فتجمع تجار المدينة يريدون أن يُربحوا عبد الرحمن بن عوف ويشتروا منه بثمن عالي حتى يبيعوا هم بثمن عالي ويربحوا فكلما زاده تاجر من التجار قال قد أُعطيت أعلى من ذلك، قالوا نحن تجار المدينة من أعطاك أكثر منا؟ فقال إن الله سبحانه وتعالى أعطاني سبعمائة ضعف، أُشهدكم أنها لفقراء المدينة. فهؤلاء التجار هم الزهاد وهم الذين استثمروا الفرصة ونظروا إلى الآخرة وإلى الاستثمار الحقيقي وهو حقيقة الزهد.[/FONT]
[FONT=&quot](ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) يقول ابن القيم رحمه الله وهو يتكلم عن الزهد وما المقصود بالزهد فقال: الزهد صرف الرغبة إلى الله تعالى وتعلّق الهمّة به والاشتغال به عن كل شيء يشغل عنه ليتولى هو حسم هذه الأسباب عنك. قال رحمه الله: والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا والإخبار بخسّتها وقلّتها وانقطاعها وسرعة فنائها والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها. كلام في غاية الروعة وهذا صحيح. [/FONT]
[FONT=&quot]نأخذ بعض الآيات التي حثت على التزهيد في الدنيا:[/FONT]
· [FONT=&quot]يقول الله تعالى في سورة الحديد (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20))[/FONT]
· [FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الشورى (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20))[/FONT]
· [FONT=&quot]ويقول في سورة النساء (قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)) [/FONT]
· [FONT=&quot]وفي سورة الإسراء (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا (20))[/FONT]
· [FONT=&quot]ويقول في سورة الأعلى (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17))[/FONT]
· [FONT=&quot]إضافة إلى هذه الآية في سورة آل عمران (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14))[/FONT]
[FONT=&quot]وحقيقة الزهد ليست رفض الدنيا فقد كان سليمان وداوود عليهما الصلاة والسلام من أزهد الناس في زمانهما ولهما من المال والملك والنساء ما لهما، الذي ثبت أن سليمان عليه الصلام كان لديه ثلاثمائة زوجة روبما أكثر وكان نبينا صلى الله عليه وسلم من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة وكان علي بن أبي طالب عبد الرحمن بن عوف والزبير رضي الله عنهم من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال والزوجات. فليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن أن تكون فيما في يد الله أوثق منك بما في يدك. [/FONT]
[FONT=&quot]قسّم ابن القيم الزهّاد فقال: الزهد أقسام: [/FONT]
· [FONT=&quot]زهد في الحرام وهو فرض عين ولا عذر لك في هذا.[/FONT]
· [FONT=&quot]الزهد في الشبهات وهو بحسب مراتب الشبهة فإن قويت التحق بالشبهة وإن ضعفت كان مستحباً [/FONT]
· [FONT=&quot]وزهد في الفضول وهو زهد فيما لا يعنيك من الكلام والنظر والسؤال واللقاء والمال وغيره[/FONT]
· [FONT=&quot]وزهد في الناس واعتزال الناس[/FONT]
· [FONT=&quot]وزهد في النفس بحيث تهون عليه نفسه في ذات الله سبحانه وتعالى [/FONT]
· [FONT=&quot]وزهد جامع لذلك كله وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما يشغلك عنه. [/FONT]
· [FONT=&quot]وأفضل الزهد إخفاء الزهد والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع. [/FONT]
[FONT=&quot]والفرق بين الزهد والورع كما قال ابن القيم أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة والورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة فالورع أكمل لأنك تترك بعض الأشياء المباحة خوفاً من أن تقع في المكروه. ولا شك أن الذي يتأمل في الدنيا كما في هذه الآية وفي غيرها وفي سرعة زوالها وانقضائها ونرى في حياتنا الدنيا بالرغم من أننا لا زلنا صغاراً في السن إلا أننا رأينا من تصاريف الدنيا على بعض الناس ما يزهّد فيها فقد رأينا من كان في غاية الغنى ثم ابتلي بالفقر بعد ذلك ورأينا من كان من الأثرياء جداً ثم في بعض الصفقات والأسهم ونحوها افتقر فبعد أن كان من الأثرياء جداً الذين ينفقون ببذخ أصبح يقدم طلب المساعدة. أحدهم كان عنده طائرة خاصة ثم بعد ذلك أصيب بالفقر وحُبس بسبب ديون تراكمت عليه. ولذلك فتصاريف الدنيا تزهد فيها والعاقل هو الذي يزهد في الدنيا قبل أن تزهد الدنيا فيه ولذلك من رزقه الله مالاً وأعطاه فليسارع إلى البذل والعطاء والإنفاق كما كان يفعل هؤلاء الصادقين من الزهاد من الصحابة رضي الله عنه ومن التابعين فيجعل الدنيا في جيبه ويده ولا يجعلها في قلبه وليؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة، بل هي تزيده وتنميه.[/FONT]
[FONT=&quot]تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه على الزهد[/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم كان يربّي الصحابة رضي الله عنهم على الزهد في الدنيا ومما جمعته وقل النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) كما رواه البخاري، وفي رواية الترمذي (وعد نفسك من أصحاب القبور) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) كما في صحيح مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً حقارة الدنيا (ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم اصبعه في اليم فلينظر بم يرجع) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم (مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال (اي نام) في ظل شجرة في يوم صائف ثم راح وتركها) وقال صلى الله عليه وسلم (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) كما في الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم (ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد في ما أيدي الناس يحبك الناس) وراه ابن ماجة، وقال صلى الله عليه وسلم (اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً ولا يزدادون من الله إلا بعداً) رواه الحاكم. [/FONT]
[FONT=&quot]أسباب تعين على الزهد في الدنيا:[/FONT]
[FONT=&quot]ولا شك أن هناك أسباب تعين على ذلك منها: [/FONT]
· [FONT=&quot]النظر في الدنيا وسرعة زوالها [/FONT]
· [FONT=&quot]النظر في الآخرة واقبالها على الإنسانذالإكثار من ذكر الموت والآخرة فإنها توهد في الدنيا[/FONT]
· [FONT=&quot]تشييع الجنائز واتباع الجنائز يعينك على الزهد في الدنيا[/FONT]
· [FONT=&quot]إيثار المصالح الأخروية على الدنيوية [/FONT]
· [FONT=&quot]البذل والإنفاق وكثرة الصدقة[/FONT]
· [FONT=&quot]ترك مجالس الدنيا والاشتغال بالآخرة[/FONT]
· [FONT=&quot]الإقلال من الطعام ومن الشراب ومن النوم مما يعين على الزهد في الدنيا[/FONT]
· [FONT=&quot]مطالعة أخبار الزاهدين والاشتغال بها تعين على الزهد في الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا وأن يعيننا على الزهد في هذه الدنيا الفانية وأن يجعلها عوناً لنا على طاعة الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 20[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتعاونين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=TEhw44F8KJ0

[FONT=&quot](يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴿١﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٢﴾ المائدة)[/FONT]
[FONT=&quot]هذا مطلع سورة المائدة وسورة المائدة هي من السور المدنية وهي مليئة بالأحكام حتى قال المفسرون إن هذه السورة من أواخر ما نزل وكل الآيات التي فيها ناسخة وليس فيها آيات منسوخة لأن الأحكام الناسخة دائماً تكون متأخرة والمنسوخة تكون متقدمة ويقول أحد التابعين وهو أبو ميسرة رضي الله عنه يقول: في سورة المائدة ثماني عشرة فريضة ليست في غيرها. يعني انفردت سورة المائدة بثمانية عشر حكماً جديداً لم تسبق أن نزلت في أية آية من آيات القرآن الكريم. وأضاف القرطبي رحمه الله حُكماً انفردت به أيضاً وهو حكم مشروعية الأذان للصلوات الخمس وقال إن المفسرين أو الفقهاء يستدلون بقول الله تعالى في سورة الجمعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ (9) الجمعة) وقال هذا خاص بنداء الجمعة أما في سورة المائدة في قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا (58) المائدة) فأشار فيها إلى مشروعية النداء لكل الصلوات الخمس ولذلك التفقه في سورة المائدة مما كان يحثّ عليه السلف رضي الله عنهم وكانوا يعتنون بتعلم أحكام سورة المائدة ولذلك أنصح بضرورة القرآءة في تفسير سورة المائدة والتفقه فيها ومعرفة ما فيها من الحلال وما فيها من الحرام لأنها اشتملت على أحكام كثيرة.[/FONT]
[FONT=&quot]نركز في روضتنا على ما تضمنه قول الله تعالى في الآية (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وهذه الآية تعتبر من قواعد الإسلام العظيمة ومن قواعد القرآن العظيمة وهي الأمر بالتعاون على البر والتقوى وقد سبق الحديث في روضة البارين عن معنى البر وقلنا أن البر مأخوذ من البَرّ وهو المكان الواسع. والبرّ هو جماع خصال الخير ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتعاون على كل خصال الخير وخصال البر لخصال التي تعيننا على تقوى الله سبحانه وتعالى. وكما يقول علماء الاجتماع أن الإنسان مدني بطبعه لا يستطيع أن يعيش بمفرده كما تفعل الوحوش ولذلك الذين ينفردون عن الناس قلة في المجتمع ولذلك يحضرني أبيات للحسين بن المطير وكان شاعراً من الصعاليك الذين زهدوا في مصاحبة الناس وذهبوا إلى الفلاة يصاحبون الوحش يقول في أبيات مشهورة عنه:[/FONT]
[FONT=&quot]عوى الذئن فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوّت إنسان فكدت أطير[/FONT]
[FONT=&quot]ويقول الحطيئة في إشارة إلى رجل كريم كان يعيش في مجتمع ولكنه فقير فلا يستطيع أن يكرم كل من يأتي إليه من الناس فرأى أن أنسب حلّ أن يذهب في فلاة ويستوحش من الناس فيقول:[/FONT]
[FONT=&quot]وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل بتيهاء لم يعرف بها ساكن رسما[/FONT]
[FONT=&quot]أخي وحشة فيه من الإنس جفوة يرى البؤس فيها من شراسته نُعما [/FONT]
[FONT=&quot]هؤلاء يعتبرون قلة في حياة الناس الذين يستوحشون من المجتمع وينكفئون على أنفسهم لكن الأصل في الإنسان أنه مدني بطبعه لا بد أن يعيش في مجتمع يتعاون معه يحتاج إلى أشياء عندهم وهم يحتاجون إلى أشياء عنده فيحصل التكامل ولذلك جاء الإسلام ليرسّخ هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها وهي قضية التعاون والتناصر فيما بينهم.[/FONT]
[FONT=&quot]الإنسان عليه كذلك أن يبتعد عن التعاون الذي لا يرضي الله سبحانه وتعالى فعلي سبيل المثال تجد بعض الطلاب يقول أريد أن أتعاون مع زميلي في مسألة مثلاً الغش في الاختبار والله عز وجل يقول (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) ولكن الله عز وجل يقول في ختام الآية (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) فلذلك لا بد من مسألة الفهم الجيد للتعاون أن التعاون يكون فيما يرضي الله سبحانه وتعالى. وأيضاً مسألة التعاون يسبب الألفة والمحبة بين الناس والله سبحانه وتعالى دائماً يدعونا إلى مسألة الألفة والمحبة (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر) فلذلك هذا الدين العظيم يطلب من المسلمين أن يتوجهوا إلى الألفة والمحبة مما يتولد عنها التعاون فالإنسان يتعاون سواء مع صديقه أو مع اي فرد من افراد المجتمع وما أجمل تلك الصور الرائعة عندما يسير إنسان في الطريق فيجد ذلك الرجل الضرير الذي لا يستطيع أن يسير لوحده فيأخذ بيده ويتعاون معه حتى يوصله وما أجمل ذلك الرجل الفقير الذي ليس لديه مال فيذهب هذا ليسعى لهذا الرجل يحضر له المال أو يسعى لتلك الأرملة حتى يأخذ الأجر وتجد أن السنة مليئة بالأحاديث التي فيها تحفيز بأن يتعاون الإنسان مع غيره. [/FONT]
[FONT=&quot]ولو رجعنا إلى بناء الدولة الإسلامية لم تقم إلا بالتعاون، النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليستطيع بمفرده أن يقيم هذه الدعوة ولكنه لما أعانه الله سبحانه وتعالى ونصره بالمهاجرين وبالأنصار رضي الله عنهم فتعاونوا معه ففتح الله له القلوب وفتح له البلاد ودانت له الجزيرة ثم استطاع الصحابة رضي الله عنهم بالتعاون فيما بينهم ففتحوا الأمصار ونشروا الدين ولذلك نقول أن الإسلام قام على مبدأ التعاون وأنه لولا هذا المبدأ ولولا هذه القيمة العظيمة التي جاء بها الإسلام وهي قيمة التعاون والتكاتف وخاصة نحن نتحدث عن التعاون ديانة واحتساباً لوجه الله سبحانه وتعالى وأننا ينبغي علينا ديانة أن نتعاون فيما بيننا. التعاون بين الزوج والزوجة، هل يمكن أن تنجح حياة زوجية دون تعاون؟ لا يمكن، إذا كان الزوج يريد أن يفعل كل شيء بمفرده ويستقل بنفسه والزوجة تريد أن تستقل بأفكارها وبحياتها لا يمكن أن تنجح الحياة الزوجية لأنها مبنية عل التعاون وفي نفس الوقت مبنية على التنازلات التي يقدمها كل واحد للآخر حتى تستمر الحياة ولذلك من ضمن أساسيات التعاون التنازل للآخرين. الأستاذ في فصله لا يمكن أن ينجح في فصله إلا إذا تعاون معه الطلاب والآن يوجد ما يسمى التعليم التعاوني وهو من أفضل طرق التعليم التعاون بين الطلاب والمعلمين. أيضاً المجتمع الإسلامي بكامله إذا لم يتعاون فيما بينه على حفظ الأمن وعلى نظافة المجتمع. نحن في البلاد عندنا وزارة الداخلية ولديها أذرع أمنية كثيرة جداً لا يمكن أن تنجح الوزارة في حفظ الأمن إذا لم يتعاون المواطنون معها ويقولون أن المواطن هو رجل الأمن الأول لأنه هو عين على حفظ الأمن وعلى حفظ الثغور وعلى حفظ الممتلكات وعين ينفع وزارة التجارة في مراقبة السلع والبلدية في مراقبة النظافة والأمن في مراقبة الأمن وقس على ذلك ولذلك مفهوم التعاون في الدين الإسلامي يدخل في تفاصيل التفاصيل.[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك الإنسان لا بد أن يعي جيداً أنه قبل مسالة التعاون هناك تحمل المسؤولية والشعور بأن هناك مسوؤلية ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فعندما يستشعر الإنسان المسؤولية سواء كان مسؤولاً فيما يتعلق بالأمن أو ما يتعلق بعلاقات الإنسان بين أهله وبين جيرانه وأن الإنسان مسؤول على من يعول ومسؤول في عمله على الموظفين وهذه المسؤوليات كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "كلكم راع كلكم مسؤول عن رعيته" هذه تصل بك بعد ذلك إلى التعاون ويحصل التعاون بين المجتمع وتستطيع الأمة أن تنتصر بالتعاون والله سبحانه وتعالى يقول (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) الأنفال) لما يحدث نوع من التعاون هذا يُبعِد الإنسان عن النزاع.[/FONT]
[FONT=&quot]يقول القرطبي في شرحه لهذه الآية في سورة المائدة: وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى أي ليُعن بعضكم بعضاً وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه وهذا موافق لما روي عن أنس رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ يستحمله فلم يجد عنده ما يتحمله فدلّه على آخر فحمله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: الدال على الخير كفاعله. قال النووي رحمه الله: المراد أن له ثواباً كما أن لفاعله ثواباً ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما واحداً. ويقول الماوردي رحمه الله تعليقاً على هذه الايات: ندب الله سبحانه وتعالى إلى التعاون على البر وقرنه بالتوقى له لأن في التقوى رضى الله تعالى وفي البر رضى الناس ومن جمع بين رضى الله تعالى ورضى الناس فقد تمت سعادته وعمّت نعمته. ويقول ابن عاشور رحمه الله: وفائدة التعاون تيسير العمل وتوفير المصالح واظهار الإتحاد والتناصر حتى يصبح ذلك خُلُقاً للأمة. فمن مقاصد الدين أن يكون التعاون سمة ظاهرة في المجتمع ولذلك لما النبي صلى الله عليه وسلم يبني المسجد النبوي كان صلى الله عليه وسلم بنفسه يحمل معهم الطين واللِبن يشاركهم عليه الصلاة والسلام فاستطاعوا بناء المسجد واستطاعوا بناء الدولة بالتعاون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب المثل دائماً في التعاون مع الصحابة في كل أمر ولذلك القائد الناجح هو الذي يشارك ويراه الذين يقودهم وهو يعمل معهم ويشاركهم في الأعمال ولذلك لما قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحفر الخندق في غزوة الخندق كان مما شجع الصحابة رضي الله عنهم أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم معهم كان يمسك بالمعول ويضرب الصخور التي تعترض الصحابة رضي الله عنهم.هذا المبدأ مبدأ التعاون نتمنى أن يصبح خُلُقاً ظاهراً في المجتمع الإسلامي، في المجتمعات الحديثة للأسف الشديد أصبح التقاطع سمة وأصبح كل واحد من الناس يعيش في شقته منعزلاً عمن حوله والمشكلة أن الناس استغنوا عن بعضهم فأصبح كل واحد يجد أنه يستطيع أن يتقاضى راتبه ويذهب إلى لسوق بنفسه فقلّت حاجته لإخوانه وجيرانه فوقع التقاطع والتنافر بين الناس. من سنوات قريبة كنا في المجتمعات القروية لا يستغني بعضنا عن بعض أنا أحتاج إليك في الزراعة، في قطع الثمر، في بناء البيت، في حفر بئر، في دفن ميت، في مناسبات الزواج فتشعر أن الإنسان شاء أم أبى لا يملك إلا أن يكون جزءاً من هذا المجتمع يتعاون معه. ولذلك يحدثني والدي رحمه الله يقول كانت العقوبة التي نوقعها على الشخص الذي كان يخالف الجماعة يقولون لا ندفن ميته ولا نحضر معه زواج وإذا وقع ثوره في البئر لا نساعده على إخراجه (وهذه من العقوبات النادرة التي كانت عندنا) هذه كانت من القضايا الموجودة عندنا بكثر، الناس تستخرج الماء من الآبار بالثيران فتكثر حادثة أن يسقط الثور في البئر فإذا لم يعين الناس في إخراجه من البئر كيف تخرجه؟ فمن العقوبات التي كانت توقع على الشخص أن لا يُساعد في انقاذ ثوره. هذا التعاون الموجود في المجتمعات القديمة سببه اليوم هذا الاستغناء الذي نحن فيه[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً أحد الجيران كان قد سُرِق بيته وجاره بجواره كان يشاهد السارقين ويحسبهم عمالاً وهذا من التباعد لعدم المعرفة، وصلت المرحلة للسرقة ولذلك أذكر أحد الجيران عندما أراد أن يسافر قال أريد أن أودعك وأنا مسافر وأوصيك بالبيت. وهذه تدل على روح المحبة وروح الأخوة. ونحن الآن مع التوسع الموجود يوجد بعض الجهات الرسمية مثل مراكز الأحياء والمكاتب التعاونية وجميعة البر أو الندوة العالمية للشباب الإسلامي أو غيرها من المجتمعات. على سبيل المثال إمام المسجد عندما يريد أن يقيم برنامجاً أن يكون هناك تعاون مع هذه الجهات ويبحث هل هناك بعض الجهات التي يمكن أن تقوم بمساندته أو عمدة الحيّ وغير ذلك، البحث عن أهل الحي، التواصي والتواصل معه واللقاء معهم بعد صلاة الجمعة بحيث يوجد تواصل. هذا ما يتعلق بإمام المسجد كذلك ما يتعلق بالمعلم، ما يتعلق بالطبيب، بالجميع بحيث يكون هناك تعاون فيما بينهم.[/FONT]
[FONT=&quot]يقولون في الأمثال العامّية: قومٌ تعاونوا ما ذلّوا. إذا تعاون الناس فيما بينهم فإنهم في الغالب فإنهم ينتصرون ويصعب أن يدخل بينهم المخربون حتى على مستوى الوطن الوطن إذا كان وطناً متعاوناً متكاتفاً بين أفراده فإنه يصعب أن يدخل بينهم الجواسيس والعملاء وينتصروا عليهم وأثبتت الحروب في التاريخ أنه لم ينهزم المسلمون في معركة من المعارك إلا بواسطة الجواسيس والعملاء من داخلهم فتقع الهزيمة جعلنا الله من المتعاونين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 21[/FONT]
[FONT=&quot]روضة الراحمين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=Er7Z9UaGMfM

[FONT=&quot](الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿٧﴾ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٨﴾ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٩﴾ غافر)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات ومناسبتها في سورة غافر، الآيات التي سبقتها تتحدث عن إظهار الكفار العداوة الشديدة للمؤمنين فجاءت هذه الآيات تتحدث عن أشرف طبقات المخلوقات وهم الملائكة عليهم السلام كأن الله سبحانه وتعالى يقول إذا كان هؤلاء الأراذل من الكفرة والمكذبين والمشركين يُظهِرون لكم العداوة والكره فإن أشرف طبقات المخلوقات وهم الملائكة بينهم من التراحم ويكنون لكم من المحبة ويدعون لكم كما قال الله تعالى (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ)[/FONT]
[FONT=&quot]نتوقف ونحن نتحدث عن الرحمة في قوله سبحانه وتعالى (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) والقرآن الكريم لمن يتأمله يتحدث عن الرحمة كثيراً بل حتى في سورة الفاتحة تكررت الرحمة في قوله سبحانه وتعالى (الرحمن الرحيم) ولذلك يتحدث المفسرون دائماً لماذا جاءت هذه الصفتين مشتقتين من صفة واحدة: الرحمن والرحيم كلاهما مشتق من الرحمة لكن الرحمن على وزن فعلان والرحيم على وزن فعيل، ما الفرق بينهما؟ قالوا الرحمن أبلغ من الرحيم لأنها صيغة فعلان وهي تدل في اللغة العربية على الامتلاء فكأن الرحمن للجميع والرحيم للمؤمنين ويستدلون بقوله تعالى (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ[/FONT][FONT=&quot]رَّحِيمٌ[/FONT] (128) التوبة). العلماء يعرّفون الرحمة بأنها رقة تقتضي الإحسان للمرحوم وقد تسعمل تارة في الرقة المجردة وتارة في الإحسان المجرد عن الرقّة والله سبحانه وتعالى قد قرن استواءه على العرش بلفظ الرحمن كثيراً كما في قوله سبحانه وتعالى (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ (5) طه) (ثُمَّ اسْتَوَىٰ[FONT=&quot]عَلَى الْعَرْشِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۚ الرَّحْمَٰنُ[/FONT] (59) الفرقان) وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عند فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي، كما رواه البخاري. ولذلك الرحمة الحقيقية التي ينبغي أن ينتحلى بها جميعاً تقتضي إيصال المنافع إلى الخلق وتقتضي أن يكون المؤمن مستشعراً هذه الصفة العظيمة وهي من صفات الله العظيمة وهي صفة الرحمة وقد وُصف بها النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي أن يتصف بها المسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]في قول الله عز وجل (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ[/FONT] اسْتَوَىٰ) المعلوم أن العرش له عظمته وقد يتساءل سائل لماذا لم يقل العظيم أو القوي على العرش استوى ولكن هنا يدلنا على قربه سبحانه وتعالى من عباده وبأن هذه الرحمة تسبق الغضب فقال الرحمن على العرش استوى
[FONT=&quot]ومن سياق الرحمة في القرآن الكريم سورة مريم، سورة مريم هي سورة الرحمة تكررت فيها صفة الرحمة والحديث عن الرحمن والرحمة فيما يقارب 16 مرة وعدد آيات السورة 98 آية فتكرر فيها 16 مرة الحديث عن الرحمة من أولها (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) ويذكر الله سبحانه وتعالى كيف رحمه وكيف لطف به في هذه السن وكان لا يولد له فرزقه الله سبحانه وتعالى وبشّره بالابن. أيضاً لما جاءت قصة إبراهيم مع والده -كما ذكرنا في قوله (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ[/FONT] اسْتَوَىٰ) المتبادر إلى الذهن أن الاستواء على العرش فيه عظمة وقوة جبروت وفيه سيطرة فالمناسب له أن تقول العظيم أو الجبار على العرش استوى لكنه قال الرحمن حتى يشعرك أنه وهو في عظمته رحمن وأنك لن تيأس من رحمته مهما كان علو قدره سبحانه وتعالى- أيضاً إبراهيم عندما كان يخاطب والده في قوله (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) يقول المفسرون لماذا قال (يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن) لم لم يقل عذاب من الجبار؟ قالوا لأنه إذا كان الرحمن سوف يعذبك فهو لن يعذبك إلا على شيء لا يحتمل العفو لأنه رحمن فهو لا يعذبك إلا وقد استوفيت كل فرصك واستنفذت كل فرص العفو بالرغم من ذلك يعاقبك مما يدل على أنك بلغت في الذنب مبلغاً عظيماً ولا شك أن والد إبراهيم كان مشركاً بالله سبحانه وتعالى وهذا أعظم الذنوب على الإطلاق بدليل أن الله سبحانه وتعالى قال (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء (116) النساء) فدلّ على كل الذنوب أدنى من ذلك وأن أعظمها على الإطلاق هو الشرك بالله سبحانه وتعالى ولذلك قال إبراهيم لوالده (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) أنصح بالتفكر في سورة مريم وخاصة مع التركيز على هذه الصفة وهي صفة الرحمة الظاهرة في سورة مريم.
[FONT=&quot]الأسباب التي تجلب الرحمة[/FONT][FONT=&quot]: تتبعت الايات التي وردت في القرآن الكريم التي تتحدث عن الرحمة ونحن نتحدث عن الرحمة وينبغي أن نتصف بالرحمة لعل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال الراحمون يرحمهم الرحمن فأنت إذا رحمت من هو دونك ييسر الله لك من يرحمك ممن هو فوقك ونحن في المجتمع طبقات لا يوجد أحد إلا وفوقه من هو أعلى منه رتبة أو منصباً أو سلطة فلا بد أن نبحث عن الأسباب التي تجلب الرحمة لنا في مجتمعاتنا وأيضاً تجلب رحمة الله سبحانه وتعالى لنا لأن الله إذا رحم الناس ورحم المجتمع رزقهم وأكرمهم وأعطاهم. ومن الشعائر التي نكررها صلاة الاستسقاء وهي في جوهرها طلب للرحمة واستمطار لرحمة الله سبحانه وتعالى وكأننا بهذه الصلاة نقول يا رب نرجو رحمتك ونخشى عذابك. علّق الله سبحانه وتعالى حصول الرحمة بأمور منها:[/FONT]
· [FONT=&quot]طاعة الله ورسوله[/FONT][FONT=&quot] كما في سورة آل عمران (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (132)) ولذلك من أعظم حصول أسباب رحمة الله سبحانه وتعالى للعبد وللمجتمع هي لزوم طاعة الله ورسوله
· [FONT=&quot]إقام الصلاة وإيتاء الزكاة[/FONT][FONT=&quot] كما في قوله سبحانه وتعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (56) النور) كل هذه الثلاثة هي من أسباب جلب رحمة لله سبحانه وتعالى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
· [FONT=&quot]اتّباع القرآن[/FONT][FONT=&quot] من أسباب جلب رحمة الله سبحانه وتعالى قال الله سبحانه وتعالى (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (155) الأنعام) وفي قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا[FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (204) الأعراف) فهذه من مواطن استجلاب رحمة الله سبحانه وتعالى
· [FONT=&quot]الاستغفار من الذنوب[/FONT][FONT=&quot] من أسباب جلب رحمة الله سبحانه وتعالى كما في قوله سبحانه وتعالى في سورة النمل (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ [/FONT][FONT=&quot]ۖ[/FONT][FONT=&quot] لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (46) النمل)
· [FONT=&quot]التقوى[/FONT][FONT=&quot]من أعظم الأسباب الجالبة لرحمة الله سبحانه وتعالى كما في قوله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (45) يس) ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [FONT=&quot]ۚ[/FONT][FONT=&quot] وَاتَّقُوا اللَّهَ[/FONT][FONT=&quot]لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (10) الحجرات) (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا[FONT=&quot]وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[/FONT] (63) الأعراف)
[FONT=&quot]لا شك أن هذه الأسباب التي فرّقها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم تستوقف المؤمن في روضة الراحمين وفي روضة البحث عن رحمة الله سبحانه وتعالى ولا شك لا يستغني أحد منا عن رحمة الله. لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان مع الصحابة وتلك المرأة التي تاه عنها ابنها فعندما وجدته احتضنته فعلّق الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الموقف تعليقاً يجعل الإنسان منا يعي رحمة الله سبحانه وتعالى بشكل كبير قال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها. لذلك الإنسان عندما يتصور رحمة الله سبحانه وتعالى هذه به ويقرن هذا الحديث بحديث أنا عند حسن ظن عبدي بي فإذ به سيسير في هذه الحياة برحمات الله سبحانه وتعالى التي وسعت كل شيء وسيعيش سعيداً ويموت قريباً من الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما شاهد هذه المرأة فسأل الصحابة قال: أترى هذه المرأة ملقية ابنها في النار؟ قالوا لا يا رسول الله، قال: لله أرحم بعبده من هذه بولدها. وأيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم جعل اللهُ الرحمةَ مائةَ جزءٍ فأمسك عنده تسعةً وتسعين وأنزل في الأرضِ جزءًا واحدًا فمن ذلك الجزءِ تتراحمُ الخلائقُ حتى ترفعُ الدابةُ حافرَها عن ولدِها خشيةَ أن تصيبَه (رواه أبو هريرة، صحيح مسلم)[/FONT]
[FONT=&quot]رحمت الله قريب من المحسنين ونحن نرجو رحمة الله سبحانه وتعالى ولا نقنط ومتفائلون برحمته وبفضله علينا سبحانه وتعالى لكن نريد أن نستشعر هذا المعنى وأن نتعرض لرحمات الله سبحانه وتعالى ولا سيما في الأوقات الفاضلة مثل شهر رمضان المبارك مثل صلاة الجمعة وساعات الإجابة في يوم الجمعة وفي المواطن الفاضلة مثل مكة المكرمة والمسجد النبوي فإن هذه مما تقوي رجاء استجابة الله سبحانه وتعالى وأن يرحمك الله سبحانه وتعالى رحمة لا تبأس بعدها أبداً. (كَتَبَ رَبُّكُمْ[/FONT] عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (54) الأنعام) هذه الآية تكفي عندما يستشعر الإنسان هذه الآية يعلم أن الله كتب جل في علاه على نفسه هذه الرحمة.
[FONT=&quot]ينبغي أن يكون هذا سلوكاً في حياة المسلم حتى بعض الناس يقول أن في طبعي جلافة والنبي صلى الله عليه وسلم عندما قبّل أحد أبناء علي رضي الله عنه وكان أحد الصحابة موجوداً ممن اسلم حديثاً وهو الأقرع بن حابس فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً قال له النبي صلى الله عليه وسلم وما أصنع إذا كان الله نزع الرحمة من قلبك. الرحمة كانت سلوكاً يغلب على تصرفاته صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يقول إني لأدخل في الصلاة أريد أن أطيل فأسمع بكاء الصبي فأخفف وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالتخفيف على الناس ورحمة الناس واللطف بالناس والاقتداء بأضعفهم حتى يستطيع المجتمع أن يسير وإذا لم يستشعر المسلم قضية التراحم بين الناس والصبر ونحن أصبحنا نعاني على سعة الشوارع عندنا من تزاحم الناس وضيق الناس من بعضهم البعض، تلاحظ الواحد منا في سيارته ينتظر الذي يريد أن يعبر الطريق ينتظر وقتاً طويلاً حتى يستطيع أن يعبر فلو كنا نحن فيما بيننا كمجتمع متراحمين نقدر ونقدّم هذا الذي يمشي على رجليه نتوقف ونتيح له الفرصة وللأسف الشديد هذا الخُلُق موجود خارج البلاد الإسلامية تجد أن الذي يمشي على رجليه له أولوية في عبور الشارع وفي المرور فهذا من الرحمة ومن علامات الحضارة قبل أن يكون من أوامر الدين وهي التراحم فيما بيننا والرفق بالكبير في السن والرفق بالصغير والرفق بالمريض. في مواقف السيارات تجد مواقف خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة فيأتي أحد يقف بسيارته في هذا الموقف وهو ليس من ذوي الاحتياجات الخاصة يقال له هذا موقف خاص فكأنك تكلم جداراً! أين التراحم؟! لا بد أن نكون عمليين في حديثنا عن الرحمة.[/FONT]
[FONT=&quot]مع العلم أن الإنسان يقرأ سورة الفاتحة أكثر من 17 مرة في اليوم وفيها يقول (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿١﴾ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿٣﴾) يقرأ هذه الآيات والإشكالية أن الإنسان عندما يصلي لا يتفكر فيما يقرأ.[/FONT]
[FONT=&quot]ونذكر بقصة المرأة التي من بني إسرائيل التي رأت كلباً يلهث من العطش وهي كانت امرأة بغيّ فلما رأت عطش هذا الكلب فنزلت إلى البئر وملأت حذاءها أسقت الكلب فغفر الله لها برحمتها لهذا الكلب فكيف برحمتك أنت بالمسلم أو رحمتك بالكافر إذا كان يستحق الرحمة كيف يكون لك من الأجر والثواب؟[/FONT]
[FONT=&quot]نسال الله أن يجعلنا من الراحمين المرحومين في الدنيا والآخرة وأن يوفقنا لهذه الصفة العظيمة التي هي من صفات الله سبحانه وتعالى ومن صفات أوليائه الصالحين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 22[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتعلمين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=tfloiXqgR94

[FONT=&quot]نشير إلى أهمية العلم كما ورد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية.[/FONT]
[FONT=&quot](أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴿٢٧﴾ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴿٢٨﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴿٢٩﴾ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴿٣٠﴾ غافر)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات العظيمة من سورة غافر تتحدث فيما تحدثت عنه عن خشية العلماء لله سبحانه وتعالى وأن أكثر الناس خشية لله هم العلماء مما جعل العلماء يقولون في الحكمة المشهورة "إنما العلم بالخشية" كلما كان الإنسان أكثر خشية لله دلّ ذلك على علمه وكلما كان الإنسان أكثر علماً ينبغي له أن يكون أكثر خشية لله سبحانه وتعالى وإلا فإذا كان الإنسان مجرد أن يستزيد من المعلومات دون أن يكون لها أثر في خشيته لله سبحانه وتعالى فهذا لم ينتفع بعلمه.[/FONT]
[FONT=&quot]الحديث عن العلم في الإسلام وفي القرآن الكريم وفي السنة النبوية حديث طويل جداً يستوعب الساعات الطويلة لكن نتوقف وقفات. يكفي أن أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي كان يحثّه على العلم في قوله سبحانه وتعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾ العلق) آيات تبتدئ بها رسالة الإسلام تتحدث عن العلم وعن القرآءة وعن أن القرآءة هي باب عظيم من أبواب طلب العلم وتعلّم العلم والنبي صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم كان أمياً والمقصود بالأمية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم هو عدم القرآءة والكتابة على القول الصحيح والراجح من أقوال العلماء. لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه جبريل أول مرة في غار حراء قال له اقرأ، قال: ما أنا بقارئ يعني لا أحسن القرآءة والكتابة ولذلك أنت تطلب مني شيئاً لا استطيع أن أنفّذه وليس معناها كما يظن البعض لن أقرأ، لا، وإنما ما أنا بقارئ أي أنا لا أحسن القرآءة والكتابة بدليل قوله تعالى (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ (48) العنكبوت) لماذا يا رب؟ (إِذًا لَّارْتَابَ[/FONT] الْمُبْطِلُونَ) لو كنت أيها النبي تعرف تقرأ وتكتب لكان المشككون في نبوتك من المشركين والمعارضين قالوا أخذ القرآن اكتتبه من هنا ومن هناك وجاء به من عند نفسه وهو صلى الله عليه وسلم لم يسلم من هذا الزعم رغم أنه لا يقرأ ولا يكتب صلى الله عليه وسلم.
[FONT=&quot]الأمر الثاني من الأمر بالعلم وحثّ الإسلام على العلم في سورة القلم وهي ربما ثالث أو رابع سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث الله سبحانه وتعالى فيها فيقول (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) أداة من أدوات العلم: القلم والسطر والكتابة. [/FONT]
[FONT=&quot]والنبي صلى الله عليه وسلم وحثّه على تعلم العلم والقرآن الكريم كله هو أصل العلم ولب العلم. [/FONT]
[FONT=&quot]في هذه الآيات يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) يعني إن أشد الناس خشية له هم أكثر علماً به ولذلك أكثر الناس خشية لله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ثم أتباعهم وهم ورثة الأنبياء ولذلك سُمي العلماء ورثة الأنبياء لأنهم ورثوا عنهم هذا العلم الذي جاؤوا به. الآيات في سورة غافر (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴿٢٧﴾ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ) هذه فيها بيان مظاهر القدرة ومظاهر العلم لله سبحانه وتعالى في اختلاف الألوان والطباع والذوات وكلما ازداد الإنسان علماً بها ازداد خشية لله سبحانه وتعالى. عندما تفتح بعض الكتب التي تتحدث عن الأحياء أو تشاهد بعض الأفلام الوثائقية لا تملك إلا أن تقول سبحان الله العظيم! كيف وصل علم الناس اليوم إلى هذه التفاصيل في دقائق التشريح، كيف تأكل وكيف تعيش الحيوانات والأمر الثاني إلى قدرة الله سبحانه وتعالى وصنع الله وعظمته التي تتجلى في هذه المخلوقات. وعندما قاموا بتشريح الذبابة والله سبحانه وتعالى قال (إِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ[/FONT] شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج) مع تقدم العلم وجدوا تفاصيل في الذبابة تدل إلى عظمة خلق الله سبحانه وتعالى فيها ومثل ذلك في النحل وفي النمل وفي غيرها (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (88) النمل) وهذا الذباب الذي ربما كثير منا ينظر له باحتقار فكيف بغيره من المخلوقات؟!
[FONT=&quot]أيضاً في هذه الآيات بيان فضيلة العلم فإنه داع إلى الخشية ولو لم يكن من فضائل العلم إلا أنه طريق لخشية الله سبحانه وتعالى لكان ذلك كافياً في أن يحرص المسلم على طلب العلم والتفقه في دينه. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في الحديث عن خشية العلماء هنا إشارة أن العلماء مراتب وأن أعلاهم مرتبة أكثرهم خشية لله سبحانه وتعالى وأنه ينبغي على العالم أن يكون أكثر الناس خشية وأن يظهر ذلك على سلوكه وعلى أفعاله وعلى أقواله وعلى دعوته لأنه أعلم الناس بالله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]في قول النبي صلى الله عليه وسلم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) مما يدل على أن الفقه الحقيقي والعلم الحقيقي هو العلم بالله وبصفاته وباسمائه وبأحكامه، هذا هو العلم الحقيقي مع عدم التقليل من أي تخصص من التخصصات أو اي علم من العلوم ولكن تبقى الأولوية العلم بالله سبحانه وتعالى وبصفاته وبأسمائه وبأنبيائه وبكتبه.[/FONT]
[FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً) كأن هذه الصفات التي أضفاها الله سبحانه وتعالى على المؤمنين هنا تدور بشكل أو بآخر على العلم لأنه هو الذي يدفعك إلى العمل عندما تعلم أن الله سبحانه وتعالى يضاعف الصدقة سبعمائة ضعف فإن هذا العلم يدفعك بإذن الله تعالى إلى العمل والتطبيق ولذلك في الإسلام العلم هو المنطلق الصحيح لأي عمل تعمله حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو عليه ردّ) فربط قبول العمل بالمعرفة والعلم المسبق لأنه لا بد أن تتعلم السنة وتتعلم الطريقة الصحيحة التي تفعل بها هذا الفعل ثم تفعله فيُقبل منك أما أن تجتهد ولا سيما في العبادات فتفعل الفعل على خلاف ما أمرك به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يُقبَل.[/FONT]
[FONT=&quot]مما يعين على التعلم والحرص على العلم معرفة فضائل أهل العلم التي نص عليها القرآن الكريم ونص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، وقد جمعت بعضها منها: [/FONT]
[FONT=&quot]في أول الحديث عن رياض القرآن عندما تحدثنا عن روضة الموحدين في قوله سبحانه وتعالى (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ (18) آل عمران) فجعل أولي العلم شهوداً على وحدانيته معه ومع ملائكته، كأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يُشهِد على وحدانيته شهوداً فأشهد نفسه وأشهد الملائكة ولم يُشهد البشر وإنما أشهد أولو العلم منهم فقط مما يدل على فضل أهل العلم.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ[/FONT] الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) سبأ) وهذا إخبار منه سبحانه وتعالى أن أولو العلم هم الذين يرون ما أنزل عليه حقاً لأن علمهم جعلهم بهذه المثابة التي يدركون بها أن هذا هو الحق وأن هذا ليس من الحق
[FONT=&quot]أيضاً مما في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى أمر بسؤالهم والرجوع إليهم، الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نرجع إلى أهل العلم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ[/FONT] إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) النحل) وأهل الذكر هم أهل العلم بما أُنزل على الأنبياء.
[FONT=&quot]أيضاً إن الله سبحانه وتعالى شهد لأهل العلم شهادة في ضمنها الاستشهاد بهم على صحة ما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله (أَفَغَيْرَ اللَّهِ[/FONT] أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) الأنعام).
[FONT=&quot]والله سبحانه وتعالى أيضاً مدح أهل العلم وشرّفهم بأن جعل كتابه آيات بينات في صدور أهل العلم كما في قوله سون (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ ﴿٤٧﴾ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴿٤٨﴾ بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴿٤٩﴾ العنكبوت) ولا شك أن هذه مزية عظيمة لأهل العلم تدفع من يقرأ هذه الآيات إلى الانخراط في طريق أهل العلم. أم الإمام مالك أرادت أن يتربى على العلم فلما نشأ مالك وهو طفل صغير كان يحب أهل الغناء وأهل المعازف فأرادت أمه أن تحببه إليه العلم والعلماء فاشترت له جُبّة العلماء ولكن بحجم صغير وألبسته هذا الثوب وحبّبت إليه مجالس العلماء فبدأ يختلف إليها حتى حبب الله إليه العلم وأصبح من الملازمين لمجالس العلم ولازم شيخه ربيعة بن عبد الرحمن وفتح الله عليه وأصبح مالك بن أنس. ونحن ينبغي علينا اليوم أن نحبب العلم إلى ابنائنا وأن نرغّبهم فيه وليس معنى ذلك أن تجبر ابنك على تخصص من التخصصات لكن يكفي أن تحبب له العلم والقرآءة ثم هو يختار ما يلائم طبعه من التخصصات، إن ذهب إلى الفقه، إن ذهب إلى التفسير، إن ذهب إلى الجغرافيا، إن ذهب إلى الحاسب الآلي، إن ذهب إلى الطب، إلى الهندسة المهم أن يشتغل بالعلم وأن يحب العلم. ويبقى العلماء والباحثون وأهل العلم في كل فنّ هم صفوة المجتمعات وهم الذين تقوم عليهم حضارة الأمم. ولذلك موسى عليه الصلاة والسلام لما سأله أحدهم فقال: هل هناك أحد أعلم منك؟ وموسى عليه الصلاة والسلام لا يعلم أحداً أعلم منه وهو من أولي العزم من الرسل، قال لا، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يلقنه درساً في أن ينسب هذا الأمر لله سبحانه وتعالى فكان المفترض أن يكون جوابه أن يقول الله أعلم لكنه قال لا، فأوحى الله إليه أن هناك عبد من عبادي أعلم منك فموسى عليه السلام حريص هو ما أجاب بهذا الجواب تكبراً منه عليه الصلاة والسلام ولكن هذا كان علمه أنه لا يعرف أحداً اعلم منه بالله سبحانه وتعالى فأرسله الله وذهب كما في سورة الكهف حتى لقي الخضر الذي كشف الله له شيئاً من أمر الغيب فكان موسى عليه السلام يريد أن يتعلم منه ونلاحظ في تواضع موسى عليه السلام عندما قال له (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) الكهف) ووصف المعلم بصفتين جميلتين جداً (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف) فقدّم وصفه بالرحمة على وصفه بالعلم مما يشير إلى أن أهم صفات المعلم الذي يتصدى لتعليم الناس صفة الرحمة وصفة العلم وأنه لا ينبغي للمعلم إلا أن يكون رحيماً بالتلميذ مهما كانت تصرفات التلميذ.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً مسألة استحضار النية للأسف أن بعض الآباء والأمهات لديهم حرص على أولادهم بأن يتعلموا ولكن الحرص فقط لهدف أن يتوظف وظيفة مرموقة وبعض الآباء والأمهات يريدون أبناءهم في تخصص معين ولذلك البعض سمّى كلية الطب بكلية بر الوالدين، الذي يريد أن يكون باراً بوالديه يدخل كلية الطب لأن هذا الأب وتلك الأم يردان أن يلج هذا الابن هذه الكلية حتى يقال الدكتور فلان ويكون له راتب معين وجيد. لا مانع أن يكون للإنسان راتب جيد ولكن لا يكون هو الأساس، النية في الأصل أن الإنسان يريد أن يكون له أثر في أمته في قومه، أن يتعلم العلم لا سيما عندما يتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحيتان في البحر تستغفر لطالب العلم. فهذا حثّ على العلم وعلى تعلم العلم ابتغاء وجه الله وليس الهدف الهدف المادي وإنما الهدف أن يكون له أثر سواء في علوم شرعية أو في الكيمياء أو في الهندسة أو في الطب أو أي مجال آخر.[/FONT]
[FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى وصف نفسه أنه علّم (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) الرحمن) والنبي صلى الله عليه وسلم وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه معلّم قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ[/FONT][FONT=&quot]وَيُعَلِّمُهُمُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ[/FONT] (2) الجمعة) يكفي شرفاً للإنسان المعلم والمتعلم أن يدخل في هذه الزمرة جعلنا الله سبحانه وتعالى من أهل العلم الذين يتعلمون العلم لوجه الله ويعلمونه لوجه الله وأختم بكلمة ابن القيم يقول فيها: إن من نال شيئاً من شرف الدنيا والآخرة فإنما ناله بالعلم. وهذه كلمة جميلة ذكرها في كتابه الرائع جداً (مفتاح دار السعادة) فقد تكلم فيه عن العلم وعن شرف العلم بكلام نفيس جدير لكل واحد أن يقرأه. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن –[/FONT]
[FONT=&quot]روضة التائبين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=4Y5h2Cs9t5g

[FONT=&quot]الذكتور عبد الرحمن الشهري:[/FONT][FONT=&quot] بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في برنامجكم "رياض القرآن" الذي يأتيكم من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، سوف نتوقف بإذن الله تعالى في هذه الحلقة مع "روضة التائبين" ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا وإياكم بالتوبة النصوح دائماً وأن يوفقنا للاستقامة على أمر الله سبحانه وتعالى، قبل أن ندخل في الحديث عن هذه الروضة "روضة التائبين" أرحب باسمكم جميعاً بأخي وزميلي في هذا الحلقة الشيخ خالد عبد الكافي. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ خالد عبد الكافي:[/FONT][FONT=&quot] أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) [سورة الفرقان]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الدكتور عبد الرحمن الشهري:[/FONT][FONT=&quot] بارك الله فيك يا شيخ خالد، نسأل الله أن يرزقنا التوبة. ما أجمل حديث القرآن الكريم عن التوبة حديث عذب فيه تحبيب للتوبة، وفيه حث على الاستمرار فيها، وفيه حث على تجديد التوبة، والمتأمل في آيات القرآن الكريم وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن حديث التوبة كان حديثاً واسعاً واستخدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم قبل ذلك أساليب مختلفة. لاحظ في أواخر سورة الفرقان عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن صفات عباد الرحمن (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) ذكر لهم صفات في أخلاقهم وصفات في دينهم وصفات في قلوبهم من قضية التواضع وإلى آخره، ثم يختمها بالحديث عن التوبة ويبرز فضل التوبة في قوله سبحانه وتعالى (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) فتحٌ لباب التوبة. والنبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر الحديث العجيب حديث الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعة وتسعين رجلاً ثم ندم وأراد أن يتوب لكنه قتل تسعة وتسعين شخص يعني الحقيقة يعتبر سفّاحًا فذهب إلى رجل عابد وقال له: أنا قتلت تسعة وتسعين وذكر له القصص فهل لي من توبة؟ أحياناً بعض الناس يغلق باب التوبة مع أنه ليس من صلاحيات البشر، قال: ليس لك توبة. تسعة وتسعين نفسًا! أين تذهب بها؟!! الحقيقة هو سفّاح حقيقة، لكن باب التوبة مفتوح للجميع فقتله يبدو أن هذا الشخص كان متعودًا على القتل وإلا ما دام أفتاك الرجل -وأنت جئت تستفتيه- أفتاك بأنه ليس لك توبة تقتله؟! فلما دُلّ على رجل عالم قال له: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ نعم، ولكن أوصاه وصية جميلة تربوية: اِذهب إلى القرية الفلانية منطقة فيها ناس صالحين اعبد الله معهم لأن القرية التي أنت فيها قرية سوء، فذهب. فالشاهد أنه في نهاية الحديث كما هو معلوم أن الله سبحانه وتعالى انقبض روحه وهو في الطريق ثم اختلفت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب في أيهما يكون، فملائكة الرحمة تقول: أتاني تائباً، وملائكة العذاب تقول: قتل مئة! فتاب الله عليه. هذا الحديث وأمثاله كما في الحديث الآخر النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من رجل كان على بعير وعليه طعامه وشرابه وفي صحراء فضل منه هذا البعير وعليه طعامه وشرابه فأوى إلى ظل شجرة ينتظر الموت قال: فبينما هو إذ بناقته واقفة عند رأسه - بعد أن أيقن بأنه سيهلك، جوع وظمأ - فقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح» الله سبحانه وتعالى أشد فرحاً بتوبة أحدنا من هذا الرجل بناقته أو ببعيره، هذه الحقيقة الأحاديث وهذه الآيات تفتح الباب على مصراعيه لكل عاصي ولكل مذنب وكلنا أهل معصية وأهل ذنوب. لذلك الشيطان حريص أن الإنسان لا يتوب ويجعله يقنط من رحمة الله سبحانه لأنه لو استمر على ما هو عليه وتاب واستغفر كل ما قام بفعله الشيطان مع هذا الرجل يذهب هباء منثورا. لذلك ما رؤي الشيطان أدحر ولا أحقر من يوم عرفة عندما ينظر إلى كيف أن الله عز وجل يغفر لعباده والمسألة ليست مسألة مغفرة فقط بل (يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) ففضل الله سبحانه وتعالى واسع وكريم والله عز وجل يقول في آية أخرى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) [سورة الزمر: 53] العبد يشعر أنه فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت يعني الله عز وجل لا يغفر لي! الله عز وجل نهانا عن الاعتقاد (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) دون استثناء منه سبحانه وتعالى (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ) [سورة الزمر]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]حتى الشرك بالله يغفر الله سبحانه وتعالى إذا تاب الإنسان منه ووحد الله سبحانه وتعالى، وإنما المقصود بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء: 48] يعني إذا مات الإنسان عليه. إذا مات على شركه فإنه لا يغفره الله، لكنه إذا تاب من الشرك وأناب إلى الله سبحانه وتعالى غفر الله له ولا يبالي ولذلك قال الله في الحديث القدسي: «يا ابن آدم لو جئتني بِقِرَابِ الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مغفرة» يا سلام، أنا أقول وهذا من الابتلاء أن الله سبحانه وتعالى جعل الشيطان عدواً للإنسان يغويه ويرديه ويوسوس له ويضله ويزيّن له الباطل ويزيّن له الفواحش ويزيّن له المنكرات ولكنه من الباب الآخر فتح له باب التوبة لا تقع في ذنب وتتوب تبت عليك. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]والمسألة سهلة لو قمت بفعل كبيرة من الكبائر وكذا المطلوب منك أن تتوب لله عز وجل، دعاء والتجاء إليه إلا إذا كانت في حق الغير مثل مال أو غير ذلك فلا بد أن ترجع المال الذي أخذته من غيرك إلى صاحبه وتتوب إلى الله عز وجل توبة صادقة. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وكما قال أحد السلف جاءه رجل وكان قد أسرف على نفسه في المعاصي فقال: يعني إنني دائماً أتوب وأرجع، أتوب وأرجع، فلا يغفر الله لي فقال: ودّ الشيطان أن يظفر منك بهذه. هذا هو الذي يريده الشيطان من الواحد أنه ييأس ويقنط ويقول والله ما يمكن يغفر الله لي أنا بالغت في المعاصي والذنوب! ولكن ليس هذا بصحيح وإنما يتوب الإنسان مهما فعل والله سبحانه وتعالى عندما ذكر التوبة هنا في هذه الآيات في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) إلى آخره، ثم قال (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)) يعني من يدعو مع الله إلهاً آخر يعني يشرك بالله سبحانه وتعالى ويقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ويقع في الزنا قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) وأيضاً هذه مناسبة أن التوبة ليست بالكلام فقط وأن التوبة إذا لم يتبعها عمل صادق يدل على صدق التوبة فإنها تبقى مجرد دعاوى! الإيمان ليس مجرد دعوى وإنما هو عمل ولذلك في القرآن الكريم وفي آياته وهي كثيرة جداً يقرن دائماً بين الإيمان وبين العمل الصالح (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) وهكذا فلا بد من أن يقترن التوبة ويقترن هذا الإيمان بالعمل الصالح الذي يشهد للإنسان بصدق توبته وإنابته إلى الله سبحانه وتعالى. ولذلك يذكر بعض السلف أحد الذين كان منقطعًا عن الصلاة لا يصلي ثم تاب إلى الله سبحانه وتعالى وحافظ على الصلاة ثم انقطع فقيل له في ذلك فقال: صلّيت، فقالوا: ليس الأمر كذلك وإنما لا بد أن تستمر في صلاتك وفي المحافظة عليها حتى تموت فاستكثر ذلك فذكر ابن القيم رحمه الله عند قوله سبحانه وتعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) [سورة الحجر] التوبة لا شك أنها طريق طويل. طريق الإيمان وطريق الاستقامة طريق طويل ولا بد من الصبر، ولا بد من المواظبة، المسألة ليست مجرد أن تحافظ على الصلاة يومين أو ثلاثة أو تحافظ على صلاة الجمعة فقط وتترك صلاة الجماعة، لا، المسألة لا شك أن فيها التزام كبير خمس مرات في اليوم، صلاة الجماعة خمس مرات في اليوم، الأذكار في كل وقت، الصدقة، الصيام كل عام، فالمسألة تحتاج منك إلى صبر ومصابرة ومن يستعن بالله سبحانه وتعالى يعينه. ولذلك يقول أحد السلف: كابدت قيام الليل عشر سنين - لأنه يحتاج إلى مجاهدة - قال: واستمعت به عشر سنين. يصبح متعة، ويصبح العبادة لذة، وتصبح الصلاة لذة، وتصبح الصدقة لذة، ويصبح الحج لذة، والصيام لذة، وهكذا إذا أعان الله الإنسان على نفسه وصبر وواظب ولازم التوبة، ولازم الاستغفار، ولازم الإنابة، ولازم الخضوع والخشوع. وأيضاً كل هذا يحتاج إلى تعلّم، التوبة لا شك أنها توفيق محض من الله سبحانه وتعالى ولكن أيضاً لها أسباب، من أسباب التوبة:[/FONT]
[FONT=&quot]القرب من القرآن الكريم ونحن نتحدث في برنامج "رياض القرآن" نحن نقول أيها الأخ الكريم التوبة يُعينك عليها تدبر القرآن الكريم والتأمل فيه، يفتح الله سبحانه وتعالى على الإنسان وهو يقرأ في هذا القرآن الكريم فتوحات عظيمة، ينبهه إلى قضايا مصيرية في حياته. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً من أسباب التوبة مصاحبة الصالحين والجلوس معهم يعني بعض الناس ينفر من مجالس الصالحين يقول والله أنا استثقل هذه المجالس، سبحان الله العظيم! هذا من الشيطان. بالعكس الجلوس مع الذين يقرؤون القرآن، الجلوس مع الذين يذكرون الله، الجلوس في حلقات العلم، في دروس المساجد، الاستماع إلى مثل هذه البرامج حتى لو لم يوافقوك كثيراً لأن الله عز وجل قال في سورة الكهف (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فهنا الله عز وجل يحثّنا على مسألة أن الإنسان يبحث عن هؤلاء الناس الذين يعينونه على الخير. أيضاً من القصص الجميلة قصة الرجل الذي قال: إذا مت فاحرقوني وذروني كالرماد حتى لا أقف أمام الله عز وجل مستحي من أن يقف أمام الله عز وجل بسبب الذنوب والخطايا الذي اقترفها فعندما الله عز وجل جمع شتات هذا الرجل ووقف أمام الله عز وجل قال لماذا فعلت ذلك يا عبدي؟ قال: يا رب خفت منك، فقال الله عز وجل أدخلوه الجنة برحمتي، فرحمة الله سبحانه وتعالى تسبق غضبه جلّ في علاه وهذا يدعونا فعلاً أن نتوب وأن نستغفر (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)) [سورة الأنبياء] الأنبياء هم قدوات لنا فينبغي علينا أن نستفيد من هذه القدوات في حياتنا. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وتأمل أيضاً في موسى عليه الصلاة والسلام عندما شعر أنه أذنب قال: ربي اغفر لي فغفر له. أيضاً نوح عليه الصلاة والسلام لما رأى ابنه يغرق فقال (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)) [سورة هود] تاب مباشرة وأناب فهؤلاء هم القدوات الحقيقيون لنا نحن ولكل المذنبين الذين يقعون في الخطأ ويتوبون إلى الله سبحانه وتعالى. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً الإنسان لا يستعلي أو لا يشعر بأنه هو خير من غيره عند الله سبحانه وتعالى، على سبيل المثال بعض الناس يسير ويجد شابًا بلبس معين أو كذا فيأتي في نفسه أنه خير منه وهذا مدخل ومنزلق شيطاني خطير! هذا الشاب قد يكون هو أقرب إلى الله منك لأنه إذا دخل إلى بيته قبّل قدم والدته فأصبح عند الله عز وجل أفضل منك بألف مرة فلا تستعجل في الحكم واعلم بأنك قد تكون أقلّ الناس واعلم بأنك أنت إنسان ضعيف والأنبياء قالوا ودعوا الله عز وجل بالمغفرة والدعاء فمن باب أولى أن تتوب أنت. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وهذا تنبيه في محله ونحن في أمس الحاجة إلى التواضع ونبذ الكبر من النفوس يعني البعض عندما يرى نفسه قد استقام أو حافظ على الصلاة أو حفظ القرآن أو تعلم شيئاً من العلم أو نال شيئاً من الدرجات العلمية ونحو ذلك يرى أنه قد فضله الله سبحانه وتعالى لذاته أو لأن له خصوصية في حين أنه قد يكون هذا الإنسان الفقير الضعيف المُبعَد المحروم عند الله أفضل منك وخير منك فلا بد من التواضع وأيضاً حتى في دعوة الناس إلى التوبة لا بد أن تكون بأدب وبالتوقير لهم واحترام وبطريقة غير مباشرة. نحن في حاجة ماسة إلى أن نتعلم طرق جديدة مبتكرة في دعوة الناس إلى الخير دون أن يكون في ذلك إذلال عليهم ولا تكبر ولا نوع من الإهانة والتجريح أحياناً وإن كان غير مقصود لكن أحياناً ندعو الناس بطريقة فيها تجريح ونستغرب من أنهم لا يستجيبون! وقد أعجبتني كلمة للشافعي رحمه الله عندما ذكر قضية ضرورة أن تتعمد الناس بالنصح بطريقة منفردة: [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادٍ وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَه [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ نَوعٌ مِنَ التجريح لا أَرضى استِماعَه [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]فإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ أمري فَلا تَجزَع إِذا ما نلتَ طاعَه [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أسال الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للتوبة، وأسأل الله لكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام وأيتها الأخوات المشاهدات الكريمات أن يوفقكم جميعاً للتوبة النصوح وأن يعيننا وإياكم على أنفسنا وأن يكفينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ونراكم إن شاء الله في روضة قادمة من رياض القرآن الكريم وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[/FONT]

(تفريغ الأخت الفاضلة محبة الاسلام جزاها الله خيراً ونفع بها)
[FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – [/FONT]
[FONT=&quot]روضة العاكفين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=9XfIYvC2odI

[FONT=&quot]رياض القرآن – روضة العاكفين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=9XfIYvC2odI[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]تلاوة الآيات الشيخ خالد عبد الكافي[/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ عبد الرحمن الشهري:[/FONT][FONT=&quot] بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في برنامجكم "رياض القرآن" الذي يأتيكم من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، "روضة العاكفين" هي روضتنا في هذه الحلقة، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من العاكفين الملازمين لطاعة الله سبحانه وتعالى في شأننا كله، باسمكم جميعاً أرحب بأخي وزميلي في هذا البرنامج الشيخ خالد عبد الكافي، لعلك تتلو علينا آية تكون مفتاحاً لهذه الحلقة. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ خالد عبد الكافي:[/FONT][FONT=&quot] أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)). [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ عبد الرحمن الشهري:[/FONT][FONT=&quot] الحديث عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم حديث له خصوصية، وطبعاً هو جد نبينا عليه الصلاة والسلام وذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام كلهم أو كل الأنبياء الذين جاءوا بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام من ذريته. ولاحظ سبحان الله العظيم، انظر الابتلاء - حتى في إبراهيم عليه الصلاة والسلام- ابتلاه الله بعدم استجابة والده ومحاربته الشديدة له، ومحاربة قومه له لأنهم لما رأوا والده يحاربه قالوا نحن أيضاً من باب أولى فاضطر أن يهاجر لذلك كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول من سنّ الهجرة ولذلك لما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت قال (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) قال العلماء: هذا فيه إشارة وقد سبق أن ذكرنا هذا عندما جاء الحديث عن نوح عليه الصلاة والسلام وقلت إن الله سبحانه وتعالى لم يصرّح بالمدة التي قضاها نوح في دعوة قومه إلا في سورة العنكبوت لأنها كانت من آخر ما نزل على النبي في مكة فكأن الله يقول له يا محمد أنت بقيت ثلاثة عشر سنة، نوح جلس تسع مئة وخمسين سنة، فرق كبير جداً! فكذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال في سورة العنكبوت قال (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قدوة للنبي صلى الله عليه وسلم في قضايا كثيرة فهو جدّه وكان شديداً في محاربة الأصنام وفي الدعوة إلى التوحيد، كان أيضاً صادقاً وصادحاً بدعوته إلى الله لوالده وكان لطيفاً معه إلى أبعد درجة ولذلك لما تقرأ في قصة إبراهيم في سورة مريم وفي خطابه لوالده تلمس فيه الأدب الجمّ (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ)، (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ) في أسلوب في غاية الأدب والتواضع. كذلك هنا في هذه القصة في قوله سبحانه وتعالى (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) وفعلاً قد جعله الله سبحانه وتعالى إماماً ولذلك لما تتأمل في مكانة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم مكانة عظيمة جداً جداً ولذلك جعله الله سبحانه وتعالى نموذجاً في سورة النساء عندما قال (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فضرب نموذجًا قال (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) فجعل الله سبحانه وتعالى إبراهيم وآل إبراهيم نموذجًأ في أن الله أعطاهم من النعم ما لم يعطي أحداً من خلقه. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ولاحظ في دعوته أول شيء قال (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) مباشرة وهذه دلالة على أن الإنسان دائماً يفترض أن يكثر من الدعاء لذريته وأولاده بالهداية والعودة إليه سبحانه وتعالى. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ثم انظر أيضاً في الابتلاء في عهد إبراهيم أو في قصة إبراهيم في تأخير ذريته، متى رُزِق إبراهيم بأبناء؟ سبحان الله العظيم أنا أقول دائماً لمن ابتلي بالعُقم وعدم الحصول على ذرية انظر إلى قدوتك إبراهيم عليه الصلاة والسلام رزقه الله سبحانه وتعالى بإسماعيل -كما يقول العلماء- وعمره ست وثمانين سنة كبير في السن! ولكن بشّره الله سبحانه وتعالى بإسماعيل ورزق بإسماعيل من زوجته هاجر التي كانت هي زوجته التي أُهديت إليه فلما بلغ معه السعي وأصبح عمره كما يذكر العلماء اثنا عشر سنة أو أربعة عشر سنة تخيل بلله يا شيخ خالد أنك ترزق بابن وعمرك ست وثمانين سنة ثم يبلغ هذه السن التي بدأ تكتمل فيها شبابه ويبدأ يعين والده في الحياة فيأمره الله سبحانه وتعالى بذبحه، يا له من ابتلاء!! (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) بعد أن تكررت عليه هذه الرؤيا ورؤيا الأنبياء حقّ (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)) [سورة الصافات]. وهذه دلالة على أن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه وإبراهيم خليل الله فلذلك عظم البلاء. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وصدق النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل» سبحان الله أول شيء خرج من بلده وهاجر ورفضه والده ثم أيضاً تزوج فلم يُرزق بأبناء وبلغ ست وثمانين سنة ثم يرزق بإسماعيل، تخيل سعادته بذلك ثم لما يبلغ معه السعي يأمره الله بذبحه، إنا لله وإنا إليه راجعون والله ابتلاء عظيم!! فلذلك لما سواء ابتلاء للأب وابتلاء للابن (فَلَمَّا أَسْلَمَا) يعني استسلما لأمر الله سبحانه وتعالى وانقادا له وهذا هو المقصد من أوامر الله سبحانه وتعالى. (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103))، (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)) نجح في الاختبار. تأملت في القرآن الكريم الابتلاء فوجدت أن الابتلاء بالمال من أشد أنواع الابتلاء في القرآن الكريم وأنه لم ينجح فيه إلا القليل وأن أكثر من دخل الاختبار الخاص بالمال رسب، رسب فيه قارون (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) [سورة القصص: 78]. ورسب فيه الرجل صاحب الجنتين ورسب فيه أصحاب الجنة الشباب الثلاثة في سورة القلم قصة أصحاب الثلاثة رسبوا أيضاً في الاختبار لأنهم قالوا (أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)) [سورة القلم]. وقس على ذلك بقية القصص التي فيها مثل أيضاً نجح فيها نجح في هذا الاختبار سليمان عليه الصلاة والسلام، ونجح فيه أيضاً ذو القرنين لا شك أنه أيضاً نجح أن الله سبحانه وتعالى ابتلاه. لكن الفكرة أن الابتلاء بمثل ما ابتُلي به إبراهيم عليه الصلاة والسلام نادر ولذلك نجح عليه الصلاة والسلام فرفع الله ذكره بعد هذا الاختبار ورزقه بإسحاق من زوجته سارة الأولى التي كان يحبها ولذلك الصحيح الذي لا ينبغي التعويل على غيره أن إسماعيل هو الذبيح لأنه هو الذي تنطبق عليه كل الأدلة. والأمر الثاني أنه هو الوحيد الذي ابتلي به إبراهيم قبل أن يأتي له إسحاق. لو أمرك الله سبحانه وتعالى بذبحك ابنك الثاني يختلف عن الأول. لكنه قد ابتلي بذبح ابنه الوحيد والبكر فلما نجح في هذا الابتلاء بشره الله سبحانه وتعالى بإسحاق ورزقه بإسحاق وكان نبياً، الشاهد (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [سورة النحل: 97]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]نعود إلى قضية العاكفين ونحن نتحدث عن روضة العاكفين وأن الله سبحانه وتعالى قد أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه إسماعيل على فضلهما وجلالتهما بأن يقوما ببناء البيت وبتهيئته (لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)) [سورة البقرة] والمفسرون يقولون أن العاكفين هم الملازمين لطاعة الله سبحانه وتعالى في البيت الحرام وفي غيره، مأخوذ من العكوف على الشيء والملازمة ولذلك الله سبحانه وتعالى ذكر عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه (مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)) [سورة الأنبياء] يعني ملازمون. فالله سبحانه وتعالى أشار إلى أن العاكفين لهم حق على إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى إسماعيل أن يهيئوا لهم مكانًا صالحاً للعبادة يعكفون فيه ويلزمون فيه البيت. ولذلك سنّ النبي صلى الله عليه وسلم الاعتكاف، والاعتكاف كما هو معلوم مشروع في رمضان، الاعتكاف في الليالي العشر الأخيرة منه وملازمة مسجد من أجل طاعة الله سبحانه وتعالى وله شروطه وله آدابه وله واجباته التي ينبغي للمعتكف أن يلتزم بها، لكن الفكرة هي في أن الاعتكاف يجوز ولو ليلة، فكرة الملازمة والانقطاع للعبادة الهدف منها إصلاح القلب، الانقطاع عن الدنيا - لا سيما في هذه الأيام- تخيل عندما ينقطع الإنسان في مسجده وأنا أنصح من يدخل في الاعتكاف إن أراد أن يخلو خلوة حقيقة أن يترك الهاتف وأن يترك وسائل التقنية في البيت، مرة في السنة، وأن يتركها حتى يتفرغ الإنسان لأني ألاحظ أنا في بعض المعتكفين في زماننا هذا أصبح معكتفًا ولكنه شغال على الهاتف طول الوقت يتصل ويأمر وينهى ويتواصل ويكتب، الحقيقة أن هذا يخرجك من جو الاعتكاف وجو الخلوة مع القرآن الكريم ومع العبادة وفي المسجد ويُشغلك بما هربت منه وهو التخلص من مشاغل الحياة والتخلص من أعباء الحياة. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى في هذه الآيات في أولها (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ) وأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد نجح في هذه الابتلاءات كما ذكرنا أن مما يعين الإنسان على النجاح في هذه الابتلاءات ملازمة الطاعة وهو معنى العكوف وأن الإنسان إذا وفِّق للاعتكاف سواء في رمضان أو في غيره أنه يكون ذلك عوناً له بإذن الله تعالى على النجاح في ابتلاءات الحياة. والنبي صلى الله عليه وسلم حتى من قبل الإسلام كان عليه الصلاة والسلام يتحنث الليالي ذوات العدد في غار حراء، يتحنّث والتحنّث هو الانقطاع للعبادة. ويتكلم اللغويون عن لفظة التحنّث ويقولون: إن الأصل في اللغة العربية أن الفعل تفعّل أو هذه الصيغة تدل على ملابسة الفعل إلا سبع صيغ في اللغة العربية تدل صيغة تفعّل على ترك الملابسة منها: تحنّث، لأن الحِنث في اللغة هو الذنب العظيم (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)) [سورة الواقعة] فمعنى تحنّث ليس معناها لابَس الحنث وإنما فرّ من الحنث، ومثلها تأثّم فرّ من الإثم، ومثلها تفكّه فرّ من الفكاهة، لكن لاحظ أن الأصل في هذه الصيغة هي الملابسة مثل تسلّق ملابسة الشجرة أو الشيء الذي تتسلق به وإلى آخره. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنث ويعتكف وينقطع للعبادة لكي يستعين بذلك على الحياة ونحن نقول العكوف في المسجد في رمضان يعينك على مواجهة للحياة، يعينك على طاعة الله، يعينك على التذكير، يعينك على الانسجام العاطفي مع نفسك، هذه حقائق وأن التزوّد بطاعة الله من الذكر وقراءة القرآن والتدبر في آياته والقيام بين يدي الله سبحانه وتعالى والانقطاع له هو عون للمسلم على مواجهة أعباء الحياة. ولذلك أنا شخصياً يعجبني كثير من رجال الأعمال أعرفهم من كبار رجال الأعمال لا يُخِلّ أبداً بشهر رمضان يقضيه في الحرم أو في المدينة المنورة ويعتكف في المسجد الحرام ويقول أنا أجعل هذا الشهر يخدمني إحدى عشر شهر، وقود له، قال هذا الشهر هو وقود لإحدى عشر شهر، شهر واحد يخدم إحدى عشر شهر في السنة انقطع فيه للعبادة وللذكر وللقرآن وللصلاة وللبعد عن مخالطة الناس، قال فأخرج بعد شهر رمضان وأنا لديّ قوة ولديّ رغبة للعمل ولديّ نفسية متوثبة لعمل الخير والانطلاق في المشروعات والتخطيط لها وغير ذلك. وهذه الحقيقة حتى من الناحية الدنيوية هي مفيدة للمسلم فضلاً عما يدّخره الله سبحانه وتعالى للمعتكف وللعابد وللصالح يوم القيامة وفي الجنة إن شاء الله تعالى. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً الروح تحتاج إلى الراحة، فالإنسان عندنا إذا جاع يأكل حتى يشبع، الإنسان عندنا إذا تعب وكذا يريد أن ينام حتى يرتاح، هذه النفس عليها حق بأن تقوم ترييحها في هذه العشر الأيام بحيث أن تخلو مع الله عز وجل وتبتعد عن أيّ إزعاج، تبتعد عن أيّ عمل أو أيّ شيء بحيث تخلو مع الله سبحانه وتعالى، تقف بين يديه في صلاتك وتصلي بين يديه، تقرأ القرآن، تمكث في دوحة من دوحات الخير والراحة النفسية التي النفس بحاجة إليها بشكل كثير. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ولعل أيضاً من يحرص على الاعتكاف أن يبتعد عن الملهيات وكما قلت عن التصوير، عن الهاتف، عن كثرة الكلام، عن الاشتغال بما لا نفع فيه والعكوف على القرآن والتفكر فيه والتأمل والانقطاع عما يشغله حتى يتقبل الله سبحانه وتعالى منه. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العكوف على طاعته حتى نلقاه سبحانه وتعالى وأن يوفقنا أيضاً للاعتكاف في هذه الأوقات الفضيلة إنه سبحانه وتعالى أكرم مسؤول ونراكم إن شاء الله سبحانه وتعالى في روضة قادمة من رياض القرآن جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن في الدنيا والآخرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/FONT]
[FONT=&quot](تفريغ الأخت الفاضلة محبة الإسلام جزاها الله خيرًا)
[/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 27[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المستغفرين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=UpZlUr6QSz8

[FONT=&quot]وفقنا الله للاستغفار وجعلنا من الملازمين للاستغفار فمن لزم الاستغفار فإن الله سبحانه وتعالى سوف يغفر له ولن يرده خائباً.[/FONT]
[FONT=&quot](زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ ﴿١٤﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿١٥﴾ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٦﴾ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿١٧﴾ آل عمران)[/FONT]
[FONT=&quot]الاستغفار من القضايا التي أمر الله بها سبحانه وتعالى في القرآن الكريم كثيراً ولو تتبعها متتبع لوجدها كثيرة العدد وهذا فيه إشارة إلى أن هذا الأمر مما يحبه الله [/FONT][FONT=&quot]سبحانه وتعالى ويحبه نبيه صلى الله عليه وسلم وفيه إشارة إلى أنه لا يكاد يخلو أحد من الذنب الذي يستحق أن يستغفر منه والله سبحانه وتعالى يحب أن يستغفر عبده فيغفر له كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن موسى عيله السلام (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي[/FONT] وَلِأَخِي (151) الأعراف) فغفر له وذكر الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام أنه كان يقول لقومه (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿١١﴾ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴿١٢﴾ نوح) ولذلك جعل الاستغفار من أسباب الرزق ومن أسباب نزول المطر ومن أسباب الغيث ومن أسباب انفراج الأمور ولذلك من لزم الاستغفار –كما في الحديث- جعل الله له من كل همّ فرجاً. وهو مجرّب أن من لزم الاستغفار فرج الله همه وغفر له وأن الله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه ذنب مهما كان، ما إن يطلب العبد المغفرة فيغفر الله سبحانه وتعالى له. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من مئة مرة وفي رواية سبعين مرة، يكثر من الاستغفار عليه الصلاة والسلام فمن باب أولى نحن أن نُكثر من الاستغفار في مجالسنا وفي سكناتنا وفي كل وقت وهنا الله عز وجل ذكر المستغفرين بالأسحار فاستغفار أهل السحر يختلف عن الاستغفار في وقت آخر.
[FONT=&quot]أيضاً فيه إشارة أن الاستغفار في هذا الوقت في الغالب يصاحبه صدق ويصاحبه صفاء في القلب وهدوء في الجو مما يضفي عليه مصداقية عالية فيستجيب الله سبحانه وتعالى له. أيضاً [/FONT]
[FONT=&quot]في صفات الله سبحانه وتعالى التي وصف بها نفسه في القرآن الكريم المشتقة من المغفرة فقد وصف نفسه بأنه غافر الذنب ووصف نفسه بأنه غفور ووصف نفسه بأنه غفار فاستوعب صيغ المبالغة كلها وهو عفو فدلّ هذا على أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يُستغفر وأن يعود إليه العبد وينيب إليه.[/FONT]
[FONT=&quot]هنا مسألة ذكرها ابن القيم رحمه الله في أنواع الاستغفار فقال رحمه الله: الاستغفار نوعان: مفردٌ ومقرون بالتوبة. فالمفرد كقول نوح عليه السلام لقومه (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿١١﴾ نوح) والمقرون كقوله تعالى (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا[/FONT] إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ (3) هود) فالاستغفار المفرد كالتوبة بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شرّه، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الأنفال) فإن الله لا يعذب مستغفراً وأما من أصر على الذنب وطلب من الله المغفرة فهذا ليس باستغفار مطلق ولهذا لا يمنع العذاب فالاستغفار يتضمن التوبة والتوبة تتضمن الاستغفار وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق وأما عند اقتران أحد اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شرّ ما مضى والتوبة الرجوع وطلب وقاية شرّ ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله فهاهنا ذنبان: ذنب قد مضى فالاستغفار منه طلب وقاية شره وذنب يخاف وقوعه فالتوبة هي العزم على أن لا يفعل والرجوع إلى الله يتناول النوعين: رجوع إليه ليقيه شر ما مضى ورجوع إليه ليقيه شرّ نفسه وسيئات أعماله.
[FONT=&quot]ومما وجدته في موضوع الاستغفار في القرآن الكريم وهو موضوع واسع جداً في القرآن ولو تتبعنا مفردات (غفر) في القرآن الكريم لوجدناها كثيرة جداً. تتبعت الاستغفار كصفة من الصفات فوجدت أنه صفة الأنبياء وصفة الصالحين وأنهم هم أكثر الناس استغفاراً مع أن المتبادر للذهن أنهم هم أكمل الناس عبادة وأقل الناس استغفاراً لكني وجدت أنهم أكثر الناس استغفاراً مع كمالهم (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ البقرة) فأشار إلى أنهم يطلبون المغفرة. وفي قوله سبحانه وتعالى في صفة ذلك الجيش من بني إسرائيل الذين حاربوا مع نبيهم عليه الصلاة والسلام فقال (مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾ آل عمران) انظر إلى هؤلاء وهم صفوة الصفوة كان من دعائهم عند مواجهة العدو طلب المغفرة ولذلك قال عمر رضي الله عنه: ما أخاف عليكم إلا ذنوبكم، ما أخاف عليكم كثرة عدوكم ولكن أخاف عليكم ذنوبكم.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾) ثم ذكر الله سبحانه وتعالى في آخرها (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾). أيضاً ذكر الله تعالى عن آدم عليه الصلاة والسلام أنه كان يطلب المغفرة ويستغفر في قوله (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا[/FONT] هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) الأعراف) (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) الأعراف)
[FONT=&quot]والله سبحانه وتعالى لا يطلب فقط أن يستغفر الإنسان بل يكون هناك مسارعة فقال (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ[/FONT] مِّن رَّبِّكُمْ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ (21) الحديد) (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الأنبياء) فعلى الإنسان لا أن يستغفر ويتوب فقط بل أن يسارع وأن يبادر وأن يسابق حتى يصل إلى مغفرة الله.
[FONT=&quot]وسبب المسارعة في الاستغفار والتوبة هو أننا لا نعلم متى نموت فالواحد منا قد يموت قبل ـأن يقوم من مقامه وقد يخرج من البيت ولا يعود، قد يسافر ولا يعود، قد يذهب إلى عمله ولا يعود ولذلك ملازمة الاستغفار تجعل الإنسان دائماً في حفظ الله وفي ذمته. وقد تتبعت هذا في القرآن فوجد أكثر من ثلاثين آية منها قول الله سبحانه وتعالى عن سليمان عليه الصلاة والسلام (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴿٣٥﴾ ص). ومن الملاحظ أن الاستغفار يكون للنفس ويكون للغير كما في قوله سبحانه وتعالى (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴿١٥٧﴾ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴿١٥٨﴾ آل عمران) وأيضاً في قوله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ[/FONT] إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64) النساء) وأيضاً قال (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي (151) الأعراف) (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴿١٥٢﴾ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٥٣﴾ الأعراف). أيضاً في قصة يوسف عليه السلام عندما جاءه إخوته قال (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) يوسف) وهذه دلالة على أن الإنسان لا بد أن يعفو ويتجاوز فيوسف عليه السلام قد لاقى من إخوانه، أصبح عبداً مملوكاً بسببهم، رُمي في البئر بسببهم، وأصبح تائهاً بسببهم وتغير مسار حياته في هذه السنوات ثم بعد ذلك يقول (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فالمسألة تحتاج أن الإنسان يعفو ويصفح ويتجاوز عن الغير ثم يقول يا الله يا كريم أنت أمرانا بالعفو فأنا عفوت يا رب عن فلان اللهم فاعف عنه كما حدث لأحد السلف أبو عبيد الله الخواص عندما كان يقف وق شابت لحيته وكان يقف في يوم عرفة ويعتق من الرقاب الكثير ويقول يا رب هاقد أعتقت فأعتقنا يا رب.
[FONT=&quot]ومما يقال في مسألة الاستغفار في سورة النصر الله سبحانه وتعالى عندما أنزل هذه السورة فهم منها النبي صلى الله عليه وسلم شيئين (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾)) استغفره هنا لماذا أُمر بالاستغفار في هذه السورة وفي هذا الموطن؟ ثم ابن عباس رضي الله عنه وأبو بكر فهموا من هذه السورة أنها نعي وأن أجل النبي صلى الله عليه وسلم قد انتهى فلما سألوه عبد الله بن عباس كيف فهمت هذا الفهم؟ قال إن الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم دائماً في ختام كل طاعة بالاستغفار. ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفاراً عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية ولا رضيها لسيده ففي نهاية الحج أمر الله تعالى وفده وحجاج بيته أن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجلّ المواقف وأفضلها فقال (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴿١٩٨﴾ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٩٩﴾ البقرة) وفي نهاية صلاة الليل قال تعالى (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿١٧﴾ آل عمران) قال الحسن: مدّوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز وجل. وفي نهاية الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلّم استغفر ثلاثاً ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وبعد أداء الرسالة أمره الله تعالى بالاستغفار فقال في آخر سورة أنزلت عليه (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾) هي آخر سورة تامة نزلت عليه وإلا خر آيات نزلت في سورة البقرة. قال ابن القيم: وخاتمة الوضوء أن يقول بعد فراغه (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) وهذا دلالة أن الاستغفار فيه تطهير وتنظيف للإنسان كلما يُذنب يستغفر يذهب عنه هذا الذنب وهذا الشيء الذي لا يريده الشيطان.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه الكمية الهائلة من الآيات التي تحث على الاستغفار والأحاديث التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ملازماً للاستغفار نسأل الله أن يجعلنا من الملازمين للاستغفار وأن يغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 28[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المتسامحين[/FONT]

[FONT=&quot]http://www.youtube.com/watch?v=owtbUTY2Bo8

جعلنا الله من المتسامحين وأن يغفر لنا ويسامحنا.[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٣٠﴾ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿٣١﴾ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴿٣٢﴾ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٦﴾ فصلت)[/FONT]
[FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) تأمل في قوله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) عندما يقع بينك وبين أحد خصومة أو عداوة فالله سبحانه وتعالى يأمرك بالتسامح كما يقول العلماء التسامح مأخوذ من السلاسة والسهولة، سامحت به نفسه أي سهُلت ولانت وتجاوزت. ويقول العلماء في تعريف التسامح في تعاملات الناس قالوا: هو بذل ما لا يجب تفضّلاً بمعنى أن التسامح هو أن تتفضل فتعفو مع أنه من حقك أن لا تعفو وأن تصفح مع أنه من حقك أن تقتص. لكن العجيب أن القرآن الكريم عندما تحدث عن هذه المسألة ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً من سماحته سبحانه وتعالى مع خلقه وذكر لنا سماحة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم ليكونوا هم القدوة لنا نحن الأتباع. الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بالتسامح إلا وقد أطلعنا من جانب سماحته سبحانه وتعالى معنا كما في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ إِذَا[/FONT][FONT=&quot]فَعَلُوا فَاحِشَةً[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ[/FONT] (135) آل عمران) هنا الذي يرتكب الفاحشة المتوقع أن تهوي به هذه الفاحشة إلى مراتب متدنية ولكن الله سبحانه وتعالى لسماحته وفضله غفر لهم باستغفارهم ورفعهم إلى مرتبة المتقين كما في هذه الآية العظيمة. والآيات التي تحث على التوبة في القرآن الريم كلها تؤكد هذا المعنى أن الله سبحانه وتعالى قال (فَأُولَٰئِكَ[/FONT][FONT=&quot]يُبَدِّلُ اللَّهُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]سَيِّئَاتِهِمْ[/FONT] (70) الفرقان) هذا منتهى السماحة أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر ذنوبك فقط وإنما يبدل سيئاتك حسنات وهذه غاية السماحة.[/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم في وصفه في القرآن الكريم تجد أن الله سبحانه وتعالى وصفه أنه صاحب قلب كبير كما في قوله سبحانه وتعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴿١٥٩﴾ آل عمران) إذن معنى ذلك أن المسامحة والعفو تحتاج إلى قلب كبير كقلب النبي صلى الله عليه وسلم يستوعب الآخرين ويصبر على أذاهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ويخالط الناس ويسامحهم ويعفو ولا يشدد على الناس وهذا مقتضى استجابة الناس للنبي صلى الله عليه وسلم وقبوله. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه وهو سيد ولد آدم وبرغم كل هذه الفضائل لم يدفعه ذلك إلى الاستكبار على أتباعه ولذلك الله سبحانه وتعالى قال (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) بالرغم أنه يوحى إليك وأنك خاتم الأنبياء إلا أنه لولا سعة صدرك وسماحة أخلاقك لنفضوا من حولك وتركوك. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً أبو بكر الصديق لما تُحدث في ابنته عائشة رضي الله عنها وأرضاها فأبو بكر أوقف ذلك العطاء لمسطح فأنزل الله عز وجل (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) النور) فقال أبو بكر بلى يا رب وتجاوز. لذلك التسامح خلق المسلم المفترض أن يتجاوز وأن يتسامح وكما في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام مع إخوته رغم ما حدث له بسببهم قال لهم (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) يوسف) فهذا الخلق ينبغي علينا جميعاً والإنسان عليه أن لا يشتط ولا يغضب ولا يتسرع، الناس تسامح في رقاب، فمن با أولى أن نسامح في أمور أصغر من ذلك بكثير.[/FONT]
[FONT=&quot]والله سبحانه وتعالى يقول ([/FONT][FONT=&quot]فَمَنْ عَفَا[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[/FONT] (40) الشورى) الله سبحانه وتعالى قد تولى جزاء من يتسامح مع الناس ومن يعفو عنهم ومن يصفح عنهم. [/FONT]
[FONT=&quot]إذا كان هناك الأمر الذي سيؤدي إلى مشكلة أكبر على سبيل المثال قد يحدث خطأ طبي تقول أنا أتجاوز عنهم لكن إذا كان الخطأ سيتكرر مرة ثانية لا تتجاوز، أنت تعفو عنهم بقلبك لكن تطالب وتقدم الشكوى حتى لا يتكرر الخطأ.[/FONT]
[FONT=&quot]من صور سماحة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ أعرابيًّا جاء إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لَيَسْتَعِينَهُ في شيءٍ قال عِكْرِمَةُ: أَرَاهُ قال: في دَمٍ فَأعطاهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شيئًا، ثُمَّ قال: أَحْسَنْتُ إليكَ؟ قال الأَعْرَابِيُّ: لا ولا أَجْمَلْتَ. فَغَضِبَ بَعْضُ المسلمينَ، وهَمُّوا أنْ يَقُومُوا إليهِ، فأشارَ رسولُ اللهِ إليهِم: أنْ كُفُّوا. فلمَّا قامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبَلَغَ إلى منزلِه، دعا الأَعْرَابِيَّ إلى البيتِ، فقال لهُ: إِنَّكَ جِئْتَنا فَسَأَلْتَنا فَأَعْطَيْناكَ، فقُلْتَ ما قُلْتَ. فَزَادَهُ رسولُ اللهِ شيئًا، وقال: أَحْسَنْتُ إليكَ؟ فقال الأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ من أهلِ عشيرةٍ خيرًا. قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إِنَّكَ جِئْتَنا تسَأَلْتَنا فَأَعْطَيْناكَ، فقُلْتَ ما قُلْتَ، وفي أنْفُسِ أَصْحابي عليكَ من ذلكَ شيءٌ، فإذا جِئْتَ فقلْ بين أَيْدِيهِمْ ما قُلْتَ بين يَدِي،حَتَّى يَذْهَبَ عن صُدُورِهِمْ. قال: نَعَمْ. فلمَّا جاء الأَعْرَابِيُّ قال: إِنَّ صاحبَكُمْ كان جاءنا فَسألَنا فَأَعْطَيْناهُ، فقال ما قال، وإنَّا قد دَعَوْناهُ فَأَعْطَيْناهُ فَزعمَ أنَّهُ قد رضيَ، كذلكَ يا أعرابِيُّ؟ قال الأعرابِيُّ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللهُ من أهلِ عشيرةٍ خيرًا. كل هذا من سماحة النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ليس هناك شيء واجب عليه عليه الصلاة والسلام وإنما من سماحة أخلاقه.[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك نقول إن لسماحة النفس مظاهر: منها أولاً طلاقة الوجه واستقبال الناس بالبِشر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم وإنما تسعون الناس بأخلاقكم. ولذلك ينبغي على صاحب النفس الذي يرغب أن يكون من المتسامحين وأيضاً أن يتسامح مع الناس في الدنيا حتى يتسامح الله معه في الآخرة وأن الجزاء من جنس العمل وأن الله سبحانه وتعالى يقول لبعض عباده يوم القيامة: قد عفوتَ عن فلان وأنا اليوم أعفو عنك.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً بعض الناس فيما يتعلق في التسامح تجده لو أخطأ عليه رجل صاحب مال أو جاه يقول تجاوزت عنه وإذا أخطأ عليه رجل ضعيف يشد عليه ولا يسامحه، فأين التسامح؟ فهل أنت تتاسمح تبتغي وجه الله بهذا الأمر أم أنك تتسامح لمجرد المظاهر؟! من القصص التي حدثت في المسجد أن أحد العمال كان يغسل بالماء وأتى أحد الناس شيء بسيط جداً من هذا الماء فقام وغضب وعيّره بجنسيته فهذه مشكلة وهي دلالة على أن القلوب مليئة بالأشياء التي تغضب الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]من ظواهر سماحة النفس حسن المصاحبة والمعاشرة والتغافل عن هفوات الناس فأنت ما دمت تصاحب الناس ستقع في مخالفات مع الناس مخالفات في الذوق، مخالفات في التصرفات، مخالفات في الأخلاق فإذا أردت أن تعيش مع الناس لا بد أن تتسامح معهم وأن تتغاضى عن الهفوات وأن تتغافل كما قال الإمام أحمد قال له أحد أصحابه: إن التغافل تسعة أعشار العيش، فقال: إن العيش عشرة اجزاء كلها في التغافل. فلا بد للإنسان وهو يعيش من الناس أن يتغافل عن أمور جمة كما قال الشاعر: [/FONT]
[FONT=&quot]وتغافل عن أمور جمّة لم يفز بالفضل إلا من غفل[/FONT]
[FONT=&quot]وكما قال أبو تمام:[/FONT]
[FONT=&quot]ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه متغابي[/FONT]
[FONT=&quot]الذي يُظهر التسامح وخاصة في الأسرة الزوج الذي يحاسب زوجته ويدقق معها في كل صغيرة وكبيرة لا يكاد يسلم لهم يوم إلا وفيه نكد لكن الذي يتغافل وكأنه لم ير شيئاً ما دام لا يغضب الله سبحانه وتعالى وليس فيه ما يضر بدينه فليتغافل حتى تستمر سفينة الحياة وتستقر حياة الإنسان في بيته ومجتمعه. وقل مثل ذلك في العمل ومع الطلاب، أذكر أول ما درّست كنت أتحسس كثيراً من مشاغبات الطلاب وأرى أن ينبغي الأخذ بالحزم مع الطالب ثم مع مرور السنوات والأيام اكتشفت أن هذا ليس هو الأسلوب الصحيح وأنه ينبغي على الأستاذ مهما كان حازماً أن يتغافل عن بعض هذه التصرفات التي لا يكاد يخلو منها الشباب والصغار في القاعات الدراسية وأن التغافل جزء مهم جداً من نجاحنا في الحياة حتى من الناحية الدنيوية.[/FONT]
[FONT=&quot]الرسول صلى الله عليه وسلم تجاوز عن المنافقين ونعلم ماذا فعل عبد الله بن أبي بن سلول عندما لاك في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم وأراد صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه وعندما طلبوا ثوبه أعطاهم ثوبه حتى يسجى الرجل بهذا الثوب حتى أنزل الله عز وجل (وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ[/FONT][FONT=&quot]أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ[/FONT] (84) التوبة) لكن انظر إلى أيّ درجة وصل التسامح من الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل وغيره! [/FONT]
[FONT=&quot]آثار سماحة الأخلاق على الإنسان أنه يصبح محبوباً عند الله سبحانه وتعالى ويصبح محبوباً عند مجتمعه والناس تحب الإنسان المتسامح وتحب التعامل معه أبناؤه يحبونه، طلابه يحبونه، جماعة مسجده يحبونه لأنه إنسان سمح والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: رحم الله امرءاً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى، وتلاحظ إذا سافرت مع بعض الناس تجد بعضهم سمح الأخلاق تقول له نذهب؟ يقول أبشِر، نترك العشاء اليوم؟ يقول أبشِر كما قال الشاعر[/FONT]
[FONT=&quot]وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا حياء وعفاف وكرم [/FONT]
[FONT=&quot]قوله للشيء لا إن قلت لا وإن قلت نعم قال نعم[/FONT]
[FONT=&quot]وبعض الناس بعك سذلك تصاحبه فتتوب من صحبته تقول له يمين يقول يسار، تجده يفاصل سائق التاكسي على الريال والريالين وربما يتخاصم وإياه وتجد بعضهم سمحاً يطلب صاحب الأجرة مثلاً عشرة ريال فيعيطه 15 ويقول هذا مسكين ويكدّ على عائلة، فتقول سبحان الله، تجد فيه صفة الكرم محبوب من الجميع والجميع يحب أن يتعامل معه وأنا أزعم أن هذه الصفات ينبغي أن تكون صفات المسلم وأن يكون كما قال سبحانه وتعالى (وَمَن يُوقَ[/FONT][FONT=&quot]شُحَّ نَفْسِهِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[/FONT] (9) الحشر) [/FONT]
[FONT=&quot]والبعض يرى أنه إذا كان مسؤولاً أو مديراً لا بد أن يسير بطقوس معينة ومن الحزم أن لا يُظهر مسألة التسامح، لكن عليه أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان يتعامل مع صحابته ومع الجميع وكيف كان متاسمحاً وكيف كانت البسمة التي لا تفارق وجهه صلى الله عليه وسلم [/FONT]
[FONT=&quot]أعجبتني كلمة للشيخ أحمد شاكر رحمه الله في كتابه يقول: تسامح في حق نفسك وتشدد في حق دينك تكن عند الله عبداً كريماً وفي المجتمع مواطنا مستقيماً وكن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمح يُسمح لك وأخرجه الإمام أحمد في المسند قال الشيخ محمد شاكر إسناده صحيح وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلًا سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى، رواه البخاري.[/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا حسن الخلق فإن السماحة هي من علامات حسن الخلق وإذا وفق الله سبحانه وتعالى الإنسان إلىسماحة الخلق فتح له أبواب الخير ورزقه من حيث لا يحتسب وأعانه على دنياه ويسر له أموراً كثيرة لأن المتسامح إذا تسامح مع الناس تسامح الله معه وتسامح الناس معه (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ[/FONT][FONT=&quot] وَأَعْرِضْ عَنِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]الْجَاهِلِينَ[/FONT] (199) الأعراف) جعلنا الله من المتسامحين وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 29[/FONT]
[FONT=&quot]روضة المؤمنين[/FONT]
http://www.youtube.com/watch?v=-iawc0FQYt0

[FONT=&quot](قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿٣﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴿٤﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٥﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٦﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٧﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٩﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴿١٠﴾ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿١١﴾ المؤمنون)[/FONT]
[FONT=&quot]جعلنا الله من المؤمنين الصادقين. هذه السورة تسمى سورة المؤمنون وهذه الصفات صفات وصف الله بها المؤمنين فقال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) نلاحظ أنه استخدم أولًا فعل الفلاح وكلنا نطلب الفلاح والنجاح والنجاة في الدنيا والآخرة. الله سبحانه وتعالى يشهد ويبشِّر المؤمنين بأنهم قد نجحوا وأفلحوا وقال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) عرّفهم بالألف واللام يعني قد أفلح المؤمنون كاملو الإيمان ثم أراد أن يقرّب صفات المؤمنين حتى نقتدي بهم فقال (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) لنأخذ هذه الصفات واحدة واحدة: [/FONT]
[FONT=&quot]أول صفة قال سبحانه وتعالى (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ما معنى الخشوع في الصلاة؟ أن الإنسان يصلي بين يدي الله عز وجل ولا يرى إلا الله، خشوع بوقوفه أمام الله سبحانه وتعالى، الخشوع فيه معنى الطمأنينة والسكينة والخضوع والتواضع بين يدي الله سبحانه وتعالى ولا يرى إلا الله سبحانه وتعالى فجعل من أهم صفات المؤمن الصادقالخشوع في الصلاة. ولو نظرنا في حالنا اليوم لوجدنا أننا نعاني في هذه الصفة وأن الكثير من المسلمين ومن المؤمنين مفرطون في الخشوع في الصلاة وإنما يصلي الصلاة ويريد أن ينتهي منها يدخل إليها متأخراً ويخرج منها مبكراً وكأنه كان محبوساً في الصلاة في حين أن الله سبحانه وتعالى عندما وصف المؤمنين قدّم صفة الخشوع في الصلاة على كل الصفات مما يدل على أهمية هذه الصفة وأن الصلاة التي لا خشوع فيها هي صلاة لا روح فيها فلا بد أن يعي المسلم هذه الحقيقة وأن يوطن نفسه وإنما كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، من وطّن نفسه على الخشوع وأخد بأسبابه، فمن أسباب الخشوع التبكير إلى الصلاة يعين على الخشوع لأنك تدخل في جو المسجد تأتي مبكراً تصلي في الصف الأول وله فضل تقرأ قبل الصلاة تصلي النوافل قبل الصلاة فإذا قامت صلاة الفريضة تكون مرتاحاً نفسياً ومتهيئًا للدخول في الصلاة. والإنسان يبحث عن الراحة النفسية عندما تجد بعض الناس يقول أنا غير مرتاح نفسياً وأكون مشغولاً بالجوّال ومشغولاً بكذا نقول الله عز وجل جعل الصلاة هذه حتى ترتاح فرصة تغلق كل شيء وأنت معذور إن اتصل عليك أحد ولم ترد عليه فأنت معذور لأنك كنت تصلي والروح ترتاح لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم أرحنا بها يا بلال، هناك راحة نفسية ستكون كما أن الإنسان يرتاح عندما يأكل ويشرب ويتغذى أو ينام الروح تحتاج إلى الراحة فلماذا تحرم نفسك من هذه الراحة التي توجد في الصلاة؟![/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثانية من صفات المؤمنين (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) نحن اليوم نعاني من كثرة اللغو، الكلام الذي لا نفع فيه، الكلام الباطل، تقرؤه في الانترنت في وسائل التواصل، في المجموعات البريدية، في الشات التي في القنوات في مجامع الناس وفي مقاهيهم أصبح لدينا كمية من اللغو ربما لم يُسبق إليها لكثرة وسائل التواصل بين الناس زالله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين في هذه الآية فقال (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) كأنهم إذار رأوا لغواً أو جلسوا في مجلس فيه لغو أعرضوا عنه تركوه قاموا عنه بذلوا كل جهد في سبيل البعد عنه وتغييره إن استطاعوا فهذه صفة من الصفات التي ينبغي على المؤمن أن يتخلق بها: البعد عن اللغو، احفظ لسانك. مع وسائل التواصل الاجتماعي فيه تعجل في الحكم على الآخرين والوقوع في اللغو بسهولة أسهل شيء أن تجعل الناس يقعون في أعراض بعضهم البعض وفي اتهام الآخرين فإن كنت حريصاً على إيمانك فأعرض عن هذا اللغو وانشغل بما هو مفيد وما هو مؤثر انشغل بالهدف الذي لديك عن اللغو والحديث الذي لا فائدة منه.[/FONT]
[FONT=&quot]في هذه الآيات في أول سورة المؤمنون كيف أن الله سبحانه وتعالى مزج بين الصفات، تجد صفة عبادة من العبادات (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ثم الصفة التي بعدها أخلاق (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) ثم في الصفة الثالثة (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) هذه ركن من أركان الإسلام الزكاة، الصلاة، وهذه تؤكذ كلمة سبق أن ذكرتها للدكتور عبد الله دراز وللدكتور عبد الستار فتح الله سعيد يقول: الذين يظنون للأخلاق في الإسلام على أنها مسألة جانبية لا يفهمون الإسلام وإن الأخلاق جزء أساسي من الإسلام، وهذه الآيات تدل على ذلك حيث مزج بين القضايا العبادية وأركان الإسلام وبين الأخلاق قال (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وقال (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) وجعل بينها (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) مما يدل على أنه لا ينفع أن تكون خاشعاً في صلاتك وأنت تنغمس في اللغو وأن تؤدي الزكاة وتغتاب الناس فهنا يكون انفصام نكد بين التطبيق وبين التنظير كيف تزعم أنك مؤمن وأنت تقع في عرض أخيك؟! وأنت تقع في اللغو؟! اللغو هو ما لا فائدة فيه من الكذب والبهتان والغيبة والنميمة وكل ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) إشارة إلى فعل، أن دفع الزكاة ينبغي أن يكون المسلم حريصاً عليه ولا يتهاون فيه وأن هذا حق أوجبه الله تعالى عليك في المال ليس لك فضل في إخراجه وإنما يجب أن تبادر فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]الصفة الثالثة وهي خُلُق من الأخلاق فقال (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٥﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٦﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٧﴾) تحدثنا في قوله سبحانه وتعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) آل عمران) الله سبحانه وتعالى قد فطر الإنسان على حب النساء وعلى حب الشهوات وفطر النساء على حب الشهوات من الرجال لأن الحياة لا يمكن أن تتكامل إلا بذلك ولا يمكن أن يستمر الجنس البشري إلا بهذا ولكن الله سبحانه وتعالى هذّب هذه الشهوات فقال سبحانه وتعالى (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٦﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٧﴾) من ابتغى وراء ذلك من الوقوع في الفواحش والزنى والعلاقات المحرّمة فأولئك هم العادون المعتدون الذين جاوزوا ما أحلّ الله إلى ما حرّم الله سبحانه وتعالى ودلّ على أن هذا ليس من صفات المؤمنين وأن من يقع في هذه الفواحش ويستمرئها ليس بمؤمن ولم يقل فمن ابتغى الزنا أو غيره وإنما قال (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) أي كل ما كان وراء ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) لاحظ في مزجه سبحانه وتعالى بين هذه الأخلاق وتقديم بعضها على بعض لحكمة فالله سبحانه وتعالى هنا بعد أن ذكر الصفة الأخلاقية من صفات المؤمن وهي ما يتعلق بحفظ الفرج وكف النفس عن هذه الشهوات لأن المجتمعات غرقت في الرذيلة بسبب تركها العنان لهذه الشهوة فوقعت في الرذيلة ثم جاء بعدها قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) وأنه من أوجب الواجبات على المؤمن أن يحفظ العهد والميثاق وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم بهذا المعنى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ (1) المائدة) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ[/FONT] اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا (91) النحل) لا بد من حفظ العهد وحفظ الأمانة وأن الخيانة والإخلال ونكث العهد ليست من صفات المؤمنين أبداً ولذلك الله سبحانه وتعالى عندما ذكر الخيانة في القرآن الكريم قال في سورة الأنفال (وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ (71) الأنفال) قال العلماء لم يقل الله فقد خانوا الله من قبل فخانهم كما قال ويمكرون ويمكر الله، يخادعون الله وهو خادعهم، لأن الخيانة صفة نقص وصفة ذم على كل حال فحتى الذي يخونك لا يجوز لك أن تخونه ولذلك عبّر الله سبحانه وتعالى بهذا التعبير فقال (فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) يعني فانتقم منهم على خيانتهم. فالخيانة ليست من صفات المؤمن والحفظ للأمانة والحفظ للأمانة والحفظ للعهد هي من صفات المؤمن الصادق. والأمانة في كل شيء الأمانة في الصلاة، في الزكاة، في الحج، في العبادات، في وظيفتك، في أهل بيتك، في تربية أولادك فالأمانة مفهوم واسع كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فهذا المفهوم الشامل للأمانة ينبغي أن نجد ونجتهد في أن نكون أمناء مع أنفسنا قبل كل شيء والله عز وجل قال (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) العهود والمواثيق، بعض الناس للأسف الشديد لا يمثل له العهد شيئًا فإذا تعهد في أمر معين أو عقد معين وخصوصاً إذا اعتبر الآخر أقل منه أو أضعف منه أو لا يستطيع أن يشتكيه للقضاء أو إذا اشتكاه يُستبعد فعندما ينظر الإنسان إلى هذا الأمر فكأنه فقط يريد ما هو موجود في الدنيا ينسى أن الله عز وجل مطلع عليه وفيما كتب من عقد وفيما فعل من اتفاق وفقط هو في الآخر يقول له إذا أردت أن تشتكي اذهب واشتكي! خاصة في العقود التي بين أرباب العمل وبين الذين يعملون عندهم هناك تهاون جداً في هذه العقود وفي هذه المواثيق وفي هذه الأمانات ويظنون أنهم يحسنون صنعاً ويظن أنه عندما يستطيع أن يأخذ من هذا خمسمائة، يوفر من هذا العامل أنه قد أثبت ذكاء وفطنة وما علم أنه سوف يعود ذلك عليه عاجلاً أو آجلاً بالوبال وأن الخير كل الخير والإيمان والاستقامة عليه هي في الوفاء بهذه العهود وبهذه المواثيق.
[FONT=&quot]في قوله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) فقدّم أول صفة قال (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وآخر صفة (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) ومثل ذلك في سورة المعارج قال (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)) وقال في آخرها (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)) إشارة إلى أن موضوع الصلاة ينبغي أن يكون أول وآخر وأثناء حياة المؤمن أنه هو من أولى أولوياتك وللأسف الصلاة اليوم هي من أكثر ما يتهاون به الناس، يذهبون إلى الإجازات فيظنون أن لديهم إجازة من الصلاة حتى أنني أرى بعض الناس في المنتزهات لا يصلّون، يؤذن للمغرب فلا يصلّون يؤذن للعشاء فلا يصلون وإذا سألتهم لماذا لا يصلون؟ قالوا نصليها إذا رجعنا، ليسوا في سفر حتى يجوز لهم الجمع وإنما في نزهة! أيضاً في السفر تركب الطائرة فيدخل وقت الظهر أو وقت العصر ولا يصلّون ما الدليل على ذلك؟ قالوا ليس هناك مكان، ليس عندهم فقه الصلاة، يظن أنه يمكن أن تصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء مع بعض وهذا لم يقل به أحد من المذاهب كلها الذي يُجمع هو الظهر والعصر وكذلك المغرب والعشاء فقط أما أن يأتي الإنسان بأحكام جديدة ويتفلت من أحكام الصلاة لا يصلي إلا إذا حلا له وكان موجوداً في البيت لكن إذا خرج تجد لديه خلل كبير في المحافظة على الصلاة.[/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإيمان الصادق وأن يجعلنا من المحافظين على الصلاة والمتخلقين بأخلاق المؤمنين وأن يجعلنا من أهل الإيمان الصادق الخالص لوجهه سبحانه وتعالى. [/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – الحلقة 30[/FONT]
[FONT=&quot]روضة السعداء[/FONT]
[FONT=&quot]‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ط±ظٹط§ط¶ ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„ط­ظ„ظ‚ط© 30‬â€ژ - YouTube[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله أن يجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة وأن يملأ قلوبنا وحياتنا سعادة ورضى بما عندنا وبما رزقنا الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot](يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴿١٠٥﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿١٠٦﴾ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿١٠٧﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴿١٠٨﴾ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ﴿١٠٩﴾ هود) [/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات في سورة هود تملأ القلب سعادة وانشراحًا وهي تصور لنا صفات السعداء عن الله سبحانه وتعالى وهي تشير أن السعيد هو من عرف الحق واتّبعه وأن الشقيّ هو من عرف الحق فضلّ عنه وتركه ومع بساطة هذه المعادلة إلا أنه عند التأمل في تفاصيلها تحتاج إلى عمل وتحتاج إلى بذل وتحتاج إلى صبر. [/FONT]
[FONT=&quot]من هدايات الآيات:[/FONT]
[FONT=&quot]أولًا: السعداء وتحقق السعادة للسعداء. الناس في فهم السعادة أصناف وبعض الناس يظن أن السعادة في كثرة الأموال وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك وفي رغد العيش وفي وفرة النعيم ونرى نحن أشخاصًا لديهم هذه المقومات ولكنهم يفتقرون إلى السعادة. ولذلك ذكرها الله سبحانه وتعالى بلفظ الزينة قال (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) آل عمران) (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف) (قُلْ مَنْ حَرَّمَ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]زِينَةَ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ[/FONT] (32) الأعراف) فأتى بلفظ الزينة ولم يأت بلفظ السعادة لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَيَاةً طَيِّبَةً[/FONT] (97) النحل) والحياة الطيبة التي نبحث عنها لا بد أن تجمع بين أمرين: أمر الإيمان الحقيقي ثم بعد ذلك يُتبعه ذلك الإيمان العمل. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى هنا (وَلَا تُعْجِبْكَ[FONT=&quot] [FONT=&quot]أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ[/FONT] (85) التوبة). [/FONT]
[FONT=&quot]أيضًا طلب السعادة آخرون بكثرة الأولاد ونسوا أن من هؤلاء الأولاد ما يكون سبب شقاوة الإنسان ولذلك كان قديمًا وحديثًا يتفاخر بعض المشركين بكثرة الأبناء قال تعالى (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴿١١﴾ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا ﴿١٢﴾وَبَنِينَ شُهُودًا ﴿١٣﴾ المدثر) ويقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عَدُوًّا لَّكُمْ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]فَاحْذَرُوهُمْ[/FONT] (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فِتْنَةٌ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ[/FONT] (15) التغابن) [/FONT]
[FONT=&quot]بعضهم يطلب السعادة اليوم في الاختراعات وفي كثرة التقنيات التي تتيحها الحياة اليوم ويظنون السعادة فيها ورأينا من يبالغ في ذلك. على سبيل المثال خرجت تقنية تستطيع أن تراقب شقتك التي في الدولة الفلانية تكلف مبالغ هائلة فاشتراها ولما سئل ما الفائدة منها قال استطيع أن أشغّل المكيف وأنا هنا في شقتي التي في البلد الآخر حتى إذا سافرت وصلت البيت فوجدته مكيّفًا، هل هذا الإنفاق الضخم جدًا من أجل هذه الخدمة البسيطة؟! هناك لهاث وراء التقنيات وشراء هذه التقنيات رغم كلفتها ظنّا أن الإنسان سيسعد بامتلاكها.[/FONT]
[FONT=&quot]من أسباب السعادة حسن الظن بالله، فالإنسان إذا أحسن الظن بالله سبحانه وتعالى سيجد السعادة بشكل كبير جدًا، الله سبحانه وتعالى يقول (وَعَسَىٰ أَن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تَكْرَهُوا[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[/FONT] (216) البقرة) من القصص الجميلة التي حدثت أن دكتور حسام جمعة وهو دكتور في جامعة الملك عبد العزيز كان يسبح في البحر فمكث أربعين ساعة في البحر بعد أن تاه عن من كان في القارب وأخذ يسبح فرأى من بعيد فوجد أعمدة مياه التحلية في جدة فلما نظر إليها استبشر أنه وصل وحاول الوصول وإذا بالموج يدفعه في الإتجاه المعاكس وكرر المحاولة فقال وسوس لي الشيطان بأن يعتمد على قوته وأن الله تخلى عنه، فلما خرج قال ذهبت وسألت مدير التحلية فقال من لطف الله فيك أن أبعدك عنا لأن تحت هذه الأعمدة عبارة عن شفّاطات أي شيء يقترب يُشفط ويهلك فمن لطف الله بك. فالإنسان يحسن الظن بالله ويقول إذا أبعدني الله عن أمر فهو خير لي فسيشعر بالسعادة ويعيش سعيدًا دائمًا.[/FONT]
[FONT=&quot]مفهوم السعادة في القرآن الكريم وكيف صوّر القرآن الكريم حقيقة السعادة:[/FONT]
[FONT=&quot]الله سبحانه وتعالى يعبر عن السعادة في القرآن الكريم أحيانًا بالحياة الطيبة. يقول سبحانه وتعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حَيَاةً طَيِّبَةً[/FONT] (97) النحل) هذا وعد وقسم من الله سبحانه وتعالى الذي يملك الدنيا والآخرة أن من آمن وعمل صالحًا فلنحيينه حياة طيبة.
[FONT=&quot]تارة يعبر عنها بانشراح الصدر وكل الناس بحثون عن سعة الصدر وانشراح الصدر يقول الله سبحانه وتعالى (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يَشْرَحْ صَدْرَهُ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ[/FONT] (125) الأنعام) السعادة في القلب ليست في المال ولا غيره كما حدث لشيخ الإسلام ابن تيمية عندما دخل السجن: قال جنتي وبستاني في صدري، سجني خلوة ونفيي سياحة. والمؤمن جنته في صدره، البعض يقول السعادة في المال ويأتيه أموال ولكن قد يصاب بمرض فيعيش تعيسًا فلا نتسرع في اعتبار هذه الأشياء التي هي زينة الحياة أنها هي السعادة، السعادة في قلبك فإن كنت منشرح الصدر فهذه هي السعادة التي تبحث عنها. [/FONT]
[FONT=&quot]وعبّر القرآن الكريم عن السعادة بطمأنينة القلب وقال (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِذِكْرِ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۗ أَلَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِذِكْرِ اللَّهِ[/FONT][/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[/FONT] (28) الرعد) لا تطمئن القلوب إلا بذكر اللهمهما بحثت عن وسيلة لطمأنينة القلب بغير ذكر الله أتحداك أن تجدها لأن هذا دلالة قول الله تعالى (أَلَا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بِذِكْرِ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[/FONT]) فيها دلالة على حصر وسيلة الطمأنينة بالذكر ذكر الله سبحانه وتعالى[/FONT]
[FONT=&quot]أيضًا عبّر الله سبحانه وتعالى عن السعادة بالسكينة فقال (هُوَ الَّذِي[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَنزَلَ السَّكِينَةَ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ[/FONT] وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا[/FONT] (4) الفتح) في إشارة إلى أن هذه السكينة هي من جنود الله سبحانه وتعالى ينزلها في قلب المؤمن ولذلك تجد المؤمن الصادق في غاية السعادة مهما كان في حال من الفقر والجوع والخوف ولذلك لاحظ أن الله سبحانه وتعالى أنزل السكينة على الصحابة رضي الله عنهم وهم في مواجهة الأعداء، هذا ليس وقت سعادة في العادة هم ينتظرون إما أن يقتُلوا أو يُقتَلوا لكن الله أنزل السكينة في قلوب المؤمنين لما في قلوبهم من الإيمان الصادق.
[FONT=&quot]أيضًا عبّر الله سبحانه وتعالى عنها بالأمن فقال (الَّذِينَ آمَنُوا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وَلَمْ يَلْبِسُوا[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ[/FONT] (82) الأنعام) التوحيد وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى من مصادر وأسباب السعادة والشرك من أعظم أسباب التعاسة والتشتت وذهاب النفس. ومفهوم التوحيد لا يقتصر فقط على عدم عبادة الأصنام وإنما التوحيد أنك في داخل قلبك لا تُشرك مع الله أحدًا سواء الشرك الأكبر أو الشرك الأصغر، الإنسان قد يعتريه تعظيم غير الله سبحانه وتعالى من مال أو غير ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]من أصرح الآيات التي تحدثت عن السعادة آيات سورة هود وهي قول الله سبحانه وتعالى يؤكد فيها أن السعادة في قيمتها يوم يرضى عن عباده المؤمنين فيبوئهم الجنة (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴿١٠٨﴾) ويؤكد سبحانه وتعالى أن كل من قطع صلته بالله سبحانه وتعالى فإنه يناله من الشقاء بحسب بُعدهم قال الله سبحانه وتعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) طه) دلّ هذا على أن من لم يتبع الهدى فإنه يضل ويشقى. [/FONT]
[FONT=&quot]في أول سورة طه عندما قال الله سبحانه وتعالى (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)) ما أنزلناه عليك إلا لكي تسعد وتسعد أمتك ولهذا نقول أن من أعظم تحصيل وسائل السعادة القرب من القرآن الكريم، حفظ القرآن الكريم، فهم القرآن الكريم، تعلم القرآن الكريم، أن تصحبه معك في السفر والحضر أن يكون جليسك وأنيسك كل يوم تقرأ وتتأمل وتتدبر وتجالس وتجعل لكم حلقة في البيت، ما أجمله من أسلوب أن يجعل رب الأسرة كل يوم أو أسبوع مجلسًا له ولأسرته وأولاده وبناته يتدارسون فيه القرآن يسمّعون لبعض يسال أبناءه ماذا يحفظون من القرآن ماذا يفهمون من هذه السورة؟ أطفالي الصغار في الابتدائية والمتوسطة أسألهم عن بعض الآيات فإذا لم يعرف الجواب أسأله كيف يمكن أن تعرف الجواب؟ قال لا أعرف، فأقول له ابحث في كتب التفسير فيبحث في كتاب تفسير الناشئة وكتب غريب القرآن ويسأل إخوانه وأخواته حتى يعرف كيف يصل إلى تفسير الآية وهناك طرق كثيرة الآن ولله الحمد مجرد أن تقرّب هذه الكتب لأبنائك وبناتك، هناك كتاب نفسير يشرح معنى آية أو كتاب غريب القرآن يشرح معاني الكلمات، هناك برامج في الجوال أو الكمبيوتر يستطيع من خلالها أن يصل إلى التفسير، هذا في حد ذاته تربية وأنت تعطي أبناءك واسرتك مفاتيح السعادة شيئًا فشيئًا في بداية حياتهم ونحن لا نعمل ذلك مع القرآن الكريم من باب التجربة وإنما نحن على ثقة أن الالتزام بالقرآن الكريم هو مصدر من مصادر السعادة في الدنيا والآخرة وإنه إذا صحب الإنسان القرآن الكريم بحقه فإنه لا يزال القرآن الكريم يقوده حتى يحله أعلى الدرجات في الجنة.[/FONT]
[FONT=&quot]ولست أرى السعادة بجمع مال ولكن التقي هو السعيد[/FONT]
[FONT=&quot]هارون الرشيد عندما انتقل من قصره إلى قصر آخر قرب نهر دجلة واصبح قصرًا مشيدًا ودخل عليه الشعراء يثنون على هذا القصر ومن بين هؤلاء الشعراء أبو العتاهية عندما دخل عليه قال:[/FONT]
[FONT=&quot]عش ما بدا لك في ظل شاهقة القصور[/FONT]
[FONT=&quot]فقال: هه، زد[/FONT]
[FONT=&quot]فإذا النفوس تحشرجت إلى أن قال: فهناك تعلم موقنًا ما كنت إلا في غرور. فعند ذلك ترك قصره وعاد إلى قصره القديم لأنه أراد أن يوصل له رسالة بأن السعادة ليست في الأموال ولا في الدور ولا في القصور إنما السعادة إذا خرجت القلوب كانت هذه السعادة التي يبحث عنها الإنسان.[/FONT]
[FONT=&quot]أيضًا من علامات السعادة التي إذا وفّق الله تعالى العبد إلى السعادة الحقيقية أن من علامات السعادة التواضع والكرم والإنفاق وبذل العلم هذه من علامات سعادة الإنسان. بعض الناس يظن أن السعادة في القبض والإمساك ووالله إن السعادة الحقيقية في العطاء وليست في الأخذ، في البذل في الجود في الكرم. يقول الخليفة المأمون: لو يعلم المذنبون بما أجده في العفو لبالغوا في الذنوب لأن المأمون كان يستمتع بالعفو والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستمتع بالعطاء والذي ينظر إلى الجواد وهو ينفق يظن أنه مجنون كيف يفرّط في هذه الأموال ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر؟! ولا يعلم أن السعادة التي يشعر بها الجواد تفوق ما يشعر به البخيل وهو يمسك ماله ولذلك يقول أبو تمام:[/FONT]
[FONT=&quot]أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى بخيلًا له في العالمين خليل[/FONT]
[FONT=&quot]ولم أر كالمعروف أما مذاقه فحلو وأما وجهه فجميل[/FONT]
[FONT=&quot]فالسعادة تظهر علاماتها على الإنسان من بسطه وبذله وجوده وكرمه وعطائه وتواضعه للناس وأن هذا من علامات سعادته في الدنيا وإن شاء الله هذا مؤشر على أن الله سبحانه وتعالى سوف يسعده في الآخرة جعلنا الله من السعداء في الدنيا والآخرة وأن يوفقنا لأسباب السعادة في الدنيا والآخرة. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
حلقات لم تعرض في وقتها المحدد وإنما وجدت روابطها على اليوتيوب وسيتم تفريغها في أقرب وقت بإذن الله تعالى ورفعها.

[FONT=&quot]رياض القرآن – [/FONT][FONT=&quot]روضة الطائعين[/FONT]

‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ط±ظٹط§ط¶ ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„طظ„ظ‚ط© 21‬â€ژ - YouTube

[FONT=&quot](تلاوة الآيات: الشيخ خالد عبد الكافي)[/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ عبد الرحمن الشهري:[/FONT][FONT=&quot] بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام وأيتها الأخوات المشاهدات الكريمات في برنامجكم "رياض القرآن" هذا البرنامج الذي يأتيكم من وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما نقول وبما نستمع إليه في هذا البرنامج ومن التجول في رياض آيات القرآن الكريم والانطلاق منها إلى فقه هذه الآيات وفوائدها وما ينبغي على المسلم نحو هذه الآيات العظيمة التي جعلها الله سبحانه وتعالى زاداً لأرواحنا وزاداً لنا نستفيد منها ونتعلم منها في كل يوم وفي كل قراءة لهذه الآيات العظيمة، وهذا القرآن العظيم تتغازر آياته ومعاني آياته بقدر ما يُقبل عليها المسلم بقلبه وبعقله فينفعه الله سبحانه وتعالى بذلك في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المنتفعين بآيات كتابه الكريم. هذه الحلقة في "روضة الطائعين" نسأل الله أن يجعلنا من الطائعين لله سبحانه وتعالى. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)) [سورة النساء]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الآيات العظيمة من سورة النساء وهي سورة مدنية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كلها في المدينة. لاحظ كيف أن الله سبحانه وتعالى هنا فتح الباب للذين آمنوا وعملوا الصالحات وأطلعهم على جزائهم في الآخرة وهذا فيه تشويق كبير لكل من يعمل صالحاً ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)) النفس بطبيعتها -وهو الذي خلقها سبحانه وتعالى- دائماً تريد أن تعرف المستقبل حتى نحن اليوم ونحن نعمل ونكدح ونصبر ونجاهد ونصوم ونصلّي ونحجّ ما نفعل ذلك كله إلا من أجل تلك النتيجة التي وعدنا الله سبحانه وتعالى بها ولذلك تجد أنه يعظُم عند المسلم الاحتساب والصبر وأنه يحتسب ما عند الله ويرجو ما عند الله وأنها ترتفع درجة المؤمن بدرجة إيمانه واحتسابه وتصديقه بموعود الله سبحانه وتعالى. فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذه النفس يعرف أنها تطمح إلى معرفة الغيب ولذلك يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لو كُشِفت لي حُجُب الغيب ما زاد إيماني شيئاً. لأنه قد استقر قلبه بالإيمان واطمأن قلبه بالإيمان وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم بما جاء به لدرجة أنه يقول حتى لو كشف لي حجاب الغيب لن يزيدني شيئاً من الإيمان لأني آمنت بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه نتيجة الطاعة، الشخص الذي يطيع الله عز وجل. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذا هو الذي نريد نتحدث عنه في هذه الحلقة قضية "روضة الطائعين" إذا تعود الإنسان دائماً على الطاعة وأصبح ملازمًا للطاعة سبحان الله العظيم كيف تتسهل أموره، وكيف يطمئن قلبه لأنه مطيع لله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [سورة الأنفال: 24]. هنا يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [سورة النساء:59] فأمر بالطاعة لثلاثة: [/FONT]
[FONT=&quot]الأمر بطاعة الله[/FONT][FONT=&quot]، مع أن الأمر بطاعة الله يستلزم ما بعده، أنك إذا أطعت الله سبحانه وتعالى فالله قد أمرك بطاعة الرسول وأيضاً أمرك بطاعة ولي الأمر فيما لا معصية فيه لكنه خصّها بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قد يقول قائل إذا انفرد النبي صلى الله عليه وسلم بأمر أنا لم أؤمر بطاعتك فأنت مأمور بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم استقلالاً وهذه من فوائد هذه الآية يعني الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ) فأنت مأمور بطاعة الله على كل حال دون تردد ودون سؤال وكذلك (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أيضاً أنت مأمور بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ولم يقل "وأطيعوا أولي الأمر"، قال (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ولم يكرر فعل الطاعة يعني لم يقل "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم" إنما قال (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) كرّر فعل الطاعة مع الرسول أيضاً (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) عطفها على النبي صلى الله عليه وسلم وهذه فيها فائدة، فيها فائدة أولاً أن أمر الله سبحانه وتعالى يجب الالتزام به على كل حال وأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم يجب الالتزام به على كل حال وأما أمر ولي الأمر سواء قلنا أن ولي الأمر المقصود به الحاكم أو المقصود به العالم أو المقصود به ولي الأمر من يلي أمرك والدك مثلاً أو أخوك الأكبر أو عمك من يلي أمرك فإنك مأمور بطاعته ولكن بشرط أن لا يكون في ذلك معصية لله سبحانه وتعالى ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» هذا الشرط الوحيد فقط أنك مأمور بطاعة ولي الأمر إلا إذا كانت في معصية فإنك غير مأمور بطاعته. والحقيقة أن هذا باب عظيم جداً من أبواب سير الحياة واستقامتها. على سبيل المثال هذه الآية يستدل بها العلماء على وجوب الالتزام بإشارات المرور ووجوب الالتزام بربط حزام الأمان كيف؟ لأن هذا مما أمرك به ولي الأمر وليس فيه معصية لله سبحانه وتعالى فيجب عليك الالتزام به. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً مسألة التعامل، على سبيل المثال لو كان والدك طلب منك أمرًا معينًا وهذا الأمر محرم فكيف تتعامل مع والدك في هذا الأمر؟ البعض تجده مثلاً يتعامل بطريقة فيها نوع من الاستفزاز أو كذا هذا الأمر محرّم وأنا لا أفعل هذا الأمر ولن أحضر لك هذا الأمر، وقس على ذلك سواء كل ما يتعلق بولي الأمر سواء كان عالمًا أو حاكمًا أو كان أبًا أو كذا، المفترض تذهب لوالدك وتقول يا والدي أنا أقبل قدماك وأقبل رأسك وكذا لكن هذا الأمر غير جائز وغير مباح، لا بد يكون لديك أسلوب حتى تتعامل مع ولي الأمر بأسلوب الصحيح والناجح. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذه إن صح التعبير من الفروق الفردية يعني لاحظت هذا في الناس، بعض الناس وفقه الله سبحانه وتعالى للرفق في شأنه كله كما كان في حال النبي صلى الله عليه وسلم. النبي صلى الله عليه وسلم كان رفيقاً في شأنه كله وكان يقول لعائشة رضي الله عنها: «يا عائشة إن الله يحبّ الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره» وتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، وتصرفاته مع الصحابة رضي الله عنهم، بل وتصرفاته مع أعدائه كلها تشير إلى أنه كان شخصية تحبّ الرفق في الأمر كله. أيضاً تأتي إلى عمر رضي الله عنه عمر بن الخطاب وهو من أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم تلاحظ أن في شخصيته كان يأخذ بالعزيمة، ويأخذ بالقوة، وأحياناً يختلف مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المواقف. وقس على ذلك بقية الصحابة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان أشبه ما يكون بالنبي صلى الله عليه وسلم، كان يقدّم الرفق، يقدم اللين في بعض المواضع، عمر رضي الله عنه كان يقدم الشدة، ويقدم العزيمة في بعض المواقف، وكذلك الناس اليوم أنت تلاحظ بعض الناس في التعليم وتلاحظ تعامل الأساتذة مع الطلاب بعض الأساتذة رفيق ولطيف وليّن ويحبه الطلاب، وبعض الأساتذة شديد وقاسي وعنيف ويكرهه الطلاب، وبين ذلك. والحقيقة أن هذا من توفيق الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يوفقه للرفق وللين حتى في مثل هذه القضية عندما تؤمَر بمعصية يمكنك ومن خلال تجربة أنك ترفض دون أن يمسك أذى وتأتي إلى الذي أمرك بهذا الأمر وتطيّب خاطره وتقول أنا تحت أمرك ولكن هذا الأمر محرّم أنت خرّج لي هذا الحكم الشرعي وأنا معك. هو نفسه يقول والله فعلاً هل هذا فعلاً هناك دليل على تحريمه؟ أذكر أنا مواقف من هذا النوع كان هناك بعض الأوامر لإقامة بعض المهرجانات أذكرها قديماً وكان جاؤوا لنا بالأغاني والفِرَق وكذا وكنت أنا مسؤول فذهبت بكل بساطة وقلت أنا مستعد أنفذ كل هذا ما عندي مانع لكن ماذا نصنع بهذه الفتوى؟ تأمل الفتوى المسؤول قال والله واضحة فعلاً قلت أنت الآن ما تقدر تدبر لنا مخرجًا؟ ما تستطيع الفتوى واضحة ونحن نعمل في شأن عام ونعمل في قطاع تعليمي والمفترض دائماً في الذين يعملون في قطاع التعليم وفي قطاع توجيه الناس أن يكونوا قدوة يعني ما دام العلماء يفتون بتحريم مثل هذه القضايا والله سبحانه وتعالى حرّمها والأدلة واضحة وصريحة لماذا نترك كل دائرة المباح ونأتي إلى هذه المعازف ونأتي إلى هذه الطبول فنزعج الناس بها ونقصر الناس عليها؟! قال أقول والله كلامك صحيح. قلت ثم هناك نقطة أخرى لدينا فرصة أفضل لتقديم أشياء أجمل من هذه مباحة وفيها فائدة والناس يقبلون عليها أضف إلى ذلك الناس الذين سوف يحضرون هناك عدد كبير منهم لن يحضر إذا وجد أن هذه المحرّمات يزعجون بها، بكل بساطة فأصبح هو يتبنى المنع واتصل واحد كان حريصًا جداً على هذه الأشياء فقال لماذا ألغيتوها؟ أكيد أنت الذي ألغيتها! قلت لا أنا ما لي علاقة كلّم فلان فلما كلمه قال لا، لا أرجوك هذه لا نريدها ولا نفعلها هذه فيها فتوى ونحن ما نريد نصطدم أنا عن نفسي كان بإمكاني أصادم وأسوي مشكلة. ولكن أنا من وجهة نظري دائماً في مثل هذه المناسبات الحرص دائماً على وحدة الصف والحرص دائماً على تطييب الخواطر والحرص دائماً على الحكمة. طبعاً قد يقول قائل هذه المسألة لا تنجح على كل حال نقول ابذل السبب، استخدم الرفق، استخدم الاقناع، استخدم الأسلوب التربوي الذي نحن نعلمه للناس في الجامعات وفي المدارس وسترى أثره. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «تحرم النار على كل هين لين قريب» ولذلك الإنسان لا بد أن يتعامل بالحسنى. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أضف إلى ذلك قول الله سبحانه وتعالى لموسى وهذه والله إنها تستحق الوقفة (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)) [سورة طه] يعني (طَغَى) تجاوز حدوده فماذا نفعل يا رب؟ قال (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)) [سورة طه] مع أنه سبحانه وتعالى يعلم أنه لن يتذكر ولن يخشى لكن هذا هو الأسلوب، هذا هو أسلوب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى حتى مع فرعون فمن دون فرعون أولى بأنه يستخدم معهم. أنا قلت لأحدهم مرة وهم يذهبون إلى أحد المسؤولين الكبار قلت: يا أخي دعونا نستخدم الرفق، قال: أنت ما تعرفه هذا فيه وفيه، قلت: افرض إني ما أعرفه يعني هو أشد من فرعون الذي ادعى الألوهية، قال: لا ما وصلت لهذه الحد، قلت: يصلي مع الجماعة؟ قال: يصلي لكن لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر! قلت: الله يقول لموسى عليه الصلاة والسلام وهو خير منك وخير منا وأرسله إلى فرعون وهو شرٌ من هذا ألف مرة قال (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا) ثم قد قيل لهارون الرشيد رحمه الله جاءه أحد الوعّاظ فقال له: إني مشدد عليك في الموعظة فاصبر، قال: لا، لا أصبر لأن الله قد أرسل من هو خير منك إلى من هو شرٌ مني فقال له (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)) [سورة طه]. ونحن نقول نحن في أمس الحاجة حتى نجبر الناس على طاعة الله سبحانه وتعالى ونجذبهم إليها أن نكون لينين. [/FONT]
[FONT=&quot]ودعنا نشير إلى الطاعة في القرآن الكريم هنا في الآيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [/FONT]
[FONT=&quot]وطاعة الوالدين ذكرها الله في القرآن الكريم (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)) [سورة الإسراء:23] [/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً أمر الله بطاعة الزوج كما في قوله سبحانه وتعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) [سورة النساء: 34] ولكن هذه طاعة مقيدة طاعة المرأة لزوجها. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً هناك نوع من أنواع الطاعة ذمّه الله وحرمه على عباده لما يترتب عليه من المفاسد في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) [سورة الأحزاب] [/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً طاعة هوى النفس وطاعة المسرفين والطغاة والشياطين والمكذّبين في ترك الحق أو ترك أمر من أوامر الله سبحانه وتعالى ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)) وبيّن الله سبحانه وتعالى العاقبة الوخيمة لمثل هذه الطاعة. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً ذكر الله سبحانه وتعالى عن المنافقين أنهم يخلّون بالطاعة ويعدون بها ثم لا يفون في قوله سبحانه وتعالى (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)) [سورة النساء: 81] أيضاً طاعة المنافقين مردودة عليهم كما ذكر الله في قوله (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)) [سورة النور] طاعة معروفٌ أنكم لا تفون بها. [/FONT]
[FONT=&quot]وذكر الله سبحانه وتعالى عن الكافرين في الآخرة يقول (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)) [سورة الأحزاب] وأيضاً في قوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) [سورة آل عمران: 156]. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يعيننا على أنفسنا لأن المسلم مهما كانت نيته صادقة وخالصة [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده[/FONT][FONT=&quot][/FONT]​
[FONT=&quot]نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يصلح فساد قلوبنا، نسأل الله أن يجعلنا من الطائعين لأمره ومن الطائعين لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]

(تفريغ الأخت الفاضلة محبة الإسلام جزاها الله خيرًا)
 
[FONT=&quot]رياض القرآن – [/FONT]
[FONT=&quot]روضة الفائزين[/FONT]
‫ط¨ط±ظ†ط§ظ…ط¬ ط±ظٹط§ط¶ ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„طظ„ظ‚ط© 29‬â€ژ - YouTube

[FONT=&quot](تلاوة الآيات: الشيخ خالد عبد الكافي)[/FONT]
[FONT=&quot]"روضة الفائزين" هي روضتنا في هذه الحلقة، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الفوز في الدنيا والآخرة.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) [سورة الرعد]. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]تخيّل هذا المشهد في دخول الملائكة على المؤمنين من كل باب يبشرونهم ويقولون لهم (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) الذي يتأمل ويتدبر هذه الآيات لا يفتر عن العبادة وعن طلب هذا المصير وهو مصير الفائزين، نسأل الله أن يجعلنا منهم. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات من سورة الرعد وسورة الرعد من السور المكية وقد ذكر الله سبحانه وتعالى فيها صفات هؤلاء الفائزين الذين فازوا وبشّرتهم الملائكة بالفوز ونسأل الله أن يجعلنا منهم. نتوقف مع هذه الصفات التي أهّلت هؤلاء المؤمنين للفوز وجعلت هؤلاء الملائكة يبشّرونهم بهذه البشارة العظيمة، ونحن نعيش في هذه الدنيا على أمل ونعمل على أمل الفوز في الآخرة وكلنا نؤمّل فيه وكلنا معلّقة نفوسنا بالفوز وندعوا الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الفائزين. لكن دائماً الفوز يحتاج إلى عمل، يحتاج إلى تدريب، يحتاج إلى جهد، يحتاج إلى صبر. سُنة من سنن الله سبحانه وتعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة. الفوز حتى في المباريات الرياضية في السباق يحتاج إلى تدريب، في كرة القدم تحتاج إلى تدريب، في التنس، في السلّة، في السباحة، لا يمكن أبداً أن تحقق الفوز وأنت لم تتدرب وكذلك سُنّة الله سبحانه وتعالى في الآخرة لا يمكن أن تفوز في الآخرة وأنت لم تعمل، وأنت لم تستجب، وأنت لم تستقم كما مر معنا في "روضة المستقيمين" في قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه سفيان الثقفي فقال: قل لي قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، فقال: «قل آمنت بالله ثم استقم» الاستقامة ليست سهلة، تحتاج إلى جهد. [/FONT]
[FONT=&quot]نتوقف مع هذه الآيات في قوله سبحانه وتعالى (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) الجواب: لا ليسوا أبداً سواء، الذي يعلم ويتعلم ويسأل ويثقف نفسه في أمور الدين ليس كالأعمى الجاهل، لذلك ختمها (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)) يعني أصحاب العقول وأصحاب العلم. ثم أخذ يعدد صفات هؤلاء وهي صفات الفائزين لأنهم في الآخرة ذكر لهم الفوز فقال الله سبحانه وتعالى: [/FONT]
[FONT=&quot](الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20)) وعهد الله سبحانه وتعالى الذي أخذه على البشر هو توحيده ولذلك لما ذكر المفسرون عند قول الله سبحانه وتعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)) فقال المفسرون: أن هذا العهد هو العهد على توحيد الله سبحانه وتعالى وأن لا يشركوا به شيئًا. فالله ذكر من صفات المؤمنين أول صفة الوفاء بعهد الله وهو توحيده سبحانه وتعالى وعدم الإشراك به. لذلك كل مولود يولَد على الفطرة والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» ولم يقل "أو يمسلمانه" لأنها هي الفطرة. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم الصفة الثانية قال (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ولاحظ سبحان الله العظيم في تعبيرات القرآن ما أجملها! (يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) تقول الرحم، صحيح أن الله أمر بصلة الرحم، كل ما أمر الله به أن يوصل من العلاقات ومن الصلات ومن الأرحام يدخل تحت هذه الآية. لأن أهل الألباب لا يحتاجون إلى تفصيل فيها. ولذلك تجد بعض المفسرين يقول (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) قال: عامٌ في كل ما أمر الله بوصله من الإيمان به وبرسوله ومحبته ومحبة رسوله والانقياد لعبادته وحده لا شريك له ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرّهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم ويصلون الأقارب والأرحام بالإحسان إليهم قولاً وفعلا إلى آخره، كل هذا تدل عليه هذه الكلمة (يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ). [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]وهذه دعوة للجميع لكل من ما زال بينه وبين أمه أو أبيه وهذه تعتبر من الكبائر ومن العقوق فنقول دعوة هذه لأن تتجاوز عن هذا الأمر فإذا هذا الوالد هو كان مخطئاً في حقك فالله سيحاسبه وليس أنت، أنت المفترض أو المطلوب منك أن تكون باراً به وأن تصل هذا الوالد وأن تصل هذه الوالدة، وإذا كنت أنت الذي أخطأت فهذه يعني مصيبة وكارثة كبيرة فعليك تعود إلى نفسك مرة ثانية وأيضاً الصلة مع الأقارب يعني البعض لا يصل الأعمام، الأخوال، الخالات، العمات، وغير ذلك فنحن مطالبون بهذه الصلة حتى نكون من الفائزين. ونحن والله مقصّرون في هذا ونسأل الله أن يعفو عنا وعن إخواننا المسلمين لأنه مع تزاحم الحياة ومع كثرة الأعباء أصبحنا نفرّط في التواصل مع الأقارب ومن كمال الصلة في الإسلام عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل بقي شيء من برّ أبويّ أبرّهما به بعد موتهم؟ قال «نعم - وذكر منها قال - وزيارة أو وبِرّ صديقهما» يعني أصدقاء أبيك وأصدقاء والدتك ينبغي عليك أن تبرّ بهما بعد وفاة والدك ووفاة والدتك براً بوالدك وبوالدتك، حتى لو في العيد مثلاً مرة في السنة أو مرتين في السنة. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]ثم أيضاً يقول الله سبحانه وتعالى (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)) يعني الخشية من الله سبحانه وتعالى والخوف من يوم الحساب صفة ملازمة من صفات الفائزين عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى من صفات هؤلاء هذه الصفة في سورة الطور عندما قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)) والآيات التي قبلها عندما ذكر الله سبحانه وتعالى أن هؤلاء يذكرون أنهم كانوا يخافون وأنه ما كان يستقر لهم قرار خوفاً من هذا المصير فأبدلهم الله سبحانه وتعالى بالأمن وأبدلهم الله بالنعيم في الآخرة فهذه صفة من صفات المؤمنين التي اتصفوا بها أنهم شديدو الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى في الدنيا فيكون من جزائهم في الآخرة الفوز والنجاة فهم كانوا يخافون وأدركوا الأمن. وبعكسهم الذين يأمنون في الدنيا ويُسلمون أعينهم للنوم ولا يحتاطون ليوم القيامة فلا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا استجابة ثم يفاجأون في الآخرة بالخوف فخيرٌ لك الذي يخوّفك حتى يدركك الأمن خيرٌ من الذي يؤمّنك حتى يدركك الخوف. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً من الصفات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء الفائزين قال (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) وأيضاً أطلقها صبروا على ماذا؟ صبروا على كل ما أمر الله به أن يُصبر عليه (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) أيضاً لاحظ أنه قيّدها أن هذا الصبر لوجه الله، يرجون ثواب الله ويرجون العاقبة فهم يصبرون. يصبرون على الظلم، يصبرون على والديهم، يصبرون على أبنائهم، يصبرون على أداء الصلاة في وقتها، يصبرون على الصيام، يصبرون على مشقة الحج، يصبرون على كل ما يرجون ثوابه عند الله سبحانه وتعالى وأن هذا من أهم أسباب الفوز في الآخرة ولذلك الله سبحانه وتعالى وعد الصابرين بالجزاء الذي لا حدود له فقال (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر). [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً قال (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ) هذه صفة من صفات الفائزين. أقام وليس أداء، وهذه صفة مشتركة ما يذكر الله صفات المؤمنين في كتابه الكريم إلا وينصّ على إقامة الصلاة وعلى أهميتها وعلى فضلها. وهذا رسالة لكل من يتهاون في الصلاة ولكل من ينظر للموضوع بنوع من البساطة ويصلّي في البيت ويرى أن هذا قول من أقوال العلماء أو الباحثين ويفرّط في صلاة الجماعة وهو قادر عليها ويسمع النداء. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]بغض النظر حتى لو كان قول مثلاً من أقوال العلماء ننظر إلى حال السلف الصالح كان الرجل يُهادى بين الرجلين حتى يقوم في الصف لشدة حرصهم على الصلاة والمبادرة إليها، ويقول سعيد بن جبير: ما رأيت ظهر أحدٍ -من كثرة ما كان يحافظ على الصف الأول - دائماً كان يصلي في الصف الأول. عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما طُعِن وكان على فراش الموت يقول الصلاة، الصلاة، الرسول صلى الله عليه وسلم نادى بالصلاة عند فراش موته. الإنسان لا بد أن يحافظ على الصلاة وفيه أدلة كثيرة في هذا الأمر فلذلك لابد أن نسارع في المحافظة على الصلوات. [/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً الصفة التي بعدها من صفات الفائزين في هذه الآية قال (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً) أن الإنفاق في سبيل الله من علامات الفائزين في الآخرة. [/FONT]
· [FONT=&quot]ثم إنه قال (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) يعني أولاً أنفقوا منه وليس أنفقوه كله والمال مال الله فإذاً المطلوب منك هو جزء وليس الكل. [/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر الثاني أن الله سبحانه وتعالى هو الذي رزقك فهو صاحب المنّة عليك ليس العكس فالله يقول (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ). [/FONT]
· [FONT=&quot]ثم أيضاً قال (سِرًّا وَعَلَانِيَةً) فقدّم السر وصدقة السرّ وإنفاق السرّ على إنفاق العلانية ودل هذا على فضل نفقة السر على نفقة العلانية. [/FONT]
[FONT=&quot]وأيضاً أن الإنسان يبادر للإنفاق بالسر مثلاً على سبيل المثال الآن كفالة اليتيم ليس أسهل منها يعني في الشهر لا تزيد عن مئتين ريال والرسول يقول: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» اذهب واكفل يتيمًا ولا يعرفك أحد ثم بعد ذلك بادر بتحميس الغير وحثهم على الإنفاق وأنفق شيئاً حتى ينفق الغير فتكسب أجر الجميع فأنت بذلك جمعت بين السرّ والعلانية. فكرة كفالة اليتيم اليوم فكرة جميلة جداً بإمكانك تكفل يتيم في الجميعات وهي منتشرة كثيرة في أنحاء العالم ولا يعلم بذلك أحد - لكن المسألة توفيق من الله - مجرد أنك تحول كل شهر مئتين ريال على حساب الجمعية وهم يتولون الباقي وهذه الحقيقة يعني نعمة عظيمة أن توفر لنا اليوم فرصة للصدقة تأتيك إلى عندك بإمكانك تتصدق وتنفق وتتبرع بأشياء يسيرة بالنسبة لك ولكنها عظيمة جداً ونافعة جداً لإخوانك المسلمين في كل مكان وأنت تكون تضع في رصيدك هذا الذي يذكره الله سبحانه وتعالى. لذلك الله يقول يوم القيامة (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ) [سورة الفرقان: 27] (يَعَضُّ الظَّالِمُ) الإنسان عندما يتذكر بأن هذه المواقف تمر عليه مثل هذا الذي ينفق يقول كيف غفلت عن أمر يسير مثل هذا والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين»؟! يعني أترك أمرًا مثل هذا أمر ميسر وسهل! فلذلك فعلاً الإنسان لماً ينظر إلى هذه الأشياء يجد أنه لم يعني يكون من الفائزين بسبب تركه لأشياء يسيرة مثل هذه. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أيضاً في قوله سبحانه وتعالى هنا (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)) يدرءون بالحسنة السيئة (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)) [سورة فصلت] ولاحظ في قوله (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعني أن المؤمن مأمور بأن يتّبع أفضل الأساليب في دفع السيئة، مأمور بها لأن التي هي أحسن أفضل الطرق وأحسن الطرق وأحسن السبل في دفع السيئة أنك مأمورٌ به. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)) يعني في الجنة وهي حسن العاقبة (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ). هنا الآن يأتي الجزاء، الذي فعل هذه الأشياء (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)) يبشرونهم (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) فهذه في الحقيقة نهاية كلنا نتمناها وكلنا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ختامنا كختام هؤلاء المؤمنين الفائزين في الدنيا والآخرة ولكن هذا يحتاج إلى العمل ويحتاج إلى البذل ويحتاج إلى الصبر وإلى المحافظة على الصلاة وإلى الإنفاق في سبيل الله وإلى دفع السيئة بالحسنة وكل ذلك يحتاج منا إلى مصابرة وإلى التخلّق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «ومن يتصبّر يصبّره الله». والمحافظة على صلة الأرحام والصبر عليها ولا سيما اليوم ولله الحمد أصبحت وسائل التواصل مع الأرحام ومع الأقارب كثيرة جداً فنسأل الله أن يعيننا على ذلك وأن يجعلنا وإياكم من الفائزين وقد سمعنا فضل هذه الصفات التي ذكرها الله في سورة الرعد نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين والمتخلقين بها وأن يجعلنا من الفائزين في الدنيا والآخرة. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]رياض القرآن - الحلقة الثامنة[/FONT]
[FONT=&quot]روضة الذاكرين لله سبحانه وتعالى
[/FONT]

[FONT=&quot]
[/FONT]

http://www.youtube.com/watch?v=vbIjyh1FI_g
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نتوقف مع روضة الذاكرين، الذاكرين لله سبحانه وتعالى نسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.[/FONT]
[FONT=&quot](اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣٥﴾ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴿٣٦﴾ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿٣٧﴾ النور) [/FONT]
[FONT=&quot]هذه الآيات العظيمة من سورة النور وهي التي سُميت بها سورة النور كما يذكر المفسرون أن سورة النور سُميت بهذا الاسم لورود هذه الآيات فيها (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). وفي قوله سبحانه وتعالى هنا (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) والحديث عن فضل ذكر الله سبحانه وتعالى ومن ثمّ في هذه الآية ربط الله سبحانه وتعالى بين ذكر الله وبين المساجد. وقد روى الامام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".[/FONT]
[FONT=&quot]من المواقف الطريفة في المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية الذي عُقد في الرياض في جامعة الملك سعود عن القرآن والدراسات القرآنية حضر معنا أستاذ أمريكي من جامعة ستانفورد[/FONT][FONT=&quot]هو مصري أمريكي يقول أنا لي في الولايات المتحدة 47 سنة وأنا أدرُس في هذه الجامعة وأدرّس وهذه أول مرة أشعر فيها بمعنى هذا الحديث، بمعنى حفّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة فهل تشعرون مثل هذه الشعور الذي أشعره؟ وكرر هذا المفهوم أكثر مرة في الجلسات، بعض الناس بكى لأن بعض الحقائق ما تشعر بها إلا نادرًا[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الشعور الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هنا قال: إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة ولذلك نحن نقول للمسلم أو للمؤمن هل تستشعر نعمة الله سبحانه وتعالى عليك[/FONT][FONT=&quot]بهذه الرحمة وبهذه السكينة التي تغشاك وقد منّ الله عليك بالإسلام وبالصلاة وبالذكر وبالقرآن الكريم وبحفظه وفهمه وتدارسه وتدبره؟ هذه نعمة حرم الله منها ملايين من الناس. [/FONT]
[FONT=&quot]وأيضًا في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: خرج معاويةُ على حلقةٍ في المسجدِ. فقال: ما أجلَسَكم؟ قالوا: جلَسْنا نذكرُ اللهَ. قال: آللهِ ! ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: واللهِ ! ما أجلسَنا إلا ذاك. قال: أما إني لم أستحلفْكم تهمةً لكم. وما كان أحدٌ بمنزلتي من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أقلَّ عنه حديثًا مني. وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرج على حلقةٍ من أصحابِه. فقال " ما أجلَسَكم؟ " قالوا: جلسْنا نذكرُ اللهَ ونحمدُه على ما هدانا للإسلامِ، ومنَّ به علينا. قال " آللهِ ! ما أجلسَكم إلا ذاك؟ " قالوا: واللهِ ! ما أجلسَنا إلا ذاك. قال " أما إني لم أستحلِفْكم تهمةً لكم. ولكنه أتاني جبريلُ فأخبرَني؛ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يباهي بكم الملائكةَ[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT][FONT=&quot]. الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2701- خلاصة حكم المحدث: صحيح[/FONT]
[FONT=&quot]لو لم يكن لذكر الله سبحانه وتعالى في المسجد ومذاكرة القرآن من فضل إلا هذا الفضل أن الله يباهي بنا الملائكة ألا يستحق هذا أن يعمل من أجله؟ نلاحظ كيف أن معاوية رضي الله عنه فهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله عما يفعل أصحابه في الحلقة في المسجد أن هذا لهم ولكل من يفعل فعلهم[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]ولذلك ينبغي أن ننصح بعضنا البعض أن بعد أن يفرغ الإمام من الصلاة إذا تحدث أحد الوعّاظ أو ألقى موعظة إذا لم يكن لديه شيء ضروري وهامّ عليه أن يجلس ويستمع لتلك الموعظة فيكفي أن الملائكة تحفّ ذلك الشخص وتغشاه الرحمة لكن الملاحظ أنه هناك استعجال للخروج من المسجد بشكل سريع جدًا ومن الملاحظ لما دخلت علينا وسائل التقنية وأصبح في جيب كل واحد منا جوالًا قل حرصنا على مجالس العلم،كنا قبل الجوالات نلقي درسًا أو كلمة بعد الصلاة تجد الناس يجلسون ويستمعون ويحظون بهذا الأجر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بينما اليوم تلاحظ إذا جلس أحدنا يلقي كلمة لمدة خمس دقائق ترن الجوالات في جيوب الناس فهذا ينسل من هنا وهذا يخرج من هنا وأصبحت هذه التقنية وبالًا علينا تحرمنا من هذا الفضل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى يباهي بنا ملائكته.[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله عز وجل (فاذكروني أذكركم[/FONT][FONT=&quot]) فماذا نريد أكثر من أن الله سبحانه وتعالى يذكرنا عنده؟ [/FONT]
[FONT=&quot]نرجع للآية الكريمة (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴿٣٦﴾ رِجَالٌ) ما هي صفات هؤلاء الذاكرين؟ قال (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) مدح هؤلاء الرجال أنهم لا يلهيهم التجارة ولا البيع عن ذكر الله سبحانه وتعالى ونجد الآن أن أكثر ما يستعجل لأجله الناس التجارة! طلب مني أحد التجار أن أخصص لهم درسًا في التفسير في المسجد وألحّ في الطلب فلما أقمنا الدرس كان هو أقل الناس حرصًا عليه ولما سألته عن غيابه عن الدرس قال نحن التجار الدقيقة الواحدة تفوّت عليك صفقة! فذكرت له هذه الآيات وقلت إن الله سبحانه وتعالى امتدح الذين يذكرون الله في المساجد بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر ولما ذكر في سورة الجمعة قال الله سبحانه وتعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿١١﴾) أنت تستعجل لتلحق رزقك والرزق بيد الذي تركت الجلوس في حلقة ذكره! بعد هذا الموقف ما رأيته غاب عن حلقة! وقال لي جزاك الله خيرًا، والله لقد وجدت طمأنينة في نفسي. فلو يستحضر الإنسان هذه المعاني![/FONT]
[FONT=&quot]أيضًا الله سبحانه تعالى في سورة الأعراف قال (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205)) لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وهنا أيضًا فالله عز وجل كرر ما يتعلق بموضوع الغفلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]نحن بشر والله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا وهو يعلم ما يُصلحنا ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في سورة الملك (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)) فالله سبحانه وتعالى عندما أمرنا بذكره ودلّنا على ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم "سبق المفرّدون، سبق المفردون، قالوا من هم يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات[/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات هم المفرّدون السابقون الذين يسبقون الناس يوم القيامة. والأمر الآخر أن هذا العمل وحتى نعلم أنه توفيق من الله سبحانه وتعالى أن ذكر الله من اسهل الأعمال وأيسرها قد حرم الله منه أناساً كثيرين. الله سبحانه وتعالى يقول من قال لا إله إلا الله، من قال سبحان الله وبحمده، ورتب عليها أجورًا عظيمة ورغم ذلك لا يفعلها إلا قلّة من الناس وهذه ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال: تيقن بأن الذي لا يذكر الله عز وجل هو ممن لا يوفّقه الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]نأتي لبعض الأحاديث التي وردت في فضل الذكر قد يذهل البعض عنها وليس من باب الغفلة:[/FONT]
[FONT=&quot]عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال ذكر الله عز وجل. رواه أحمد. خير من إنفاق الذهب والفضة ومن الجهاد.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي صحيح البخاري عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحيّ والميت. [/FONT]
[FONT=&quot]وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعًا وإن تقرب ّ ذراعًا تقربت منه باعًا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ[/FONT] ذِكْرًا كَثِيرًا (41) الأحزاب) وقال (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ (35) الأحزاب)
[FONT=&quot]وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: لكل شيء جِلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]عندما نشاهد دقيقة واحدة فقط يغفر الله عز وجل ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر، دقيقة واحدة فقط! ألا تستطيع أن تعطي من وقتك دقيقة واحدة؟! من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حسبت لك ما يزيد عن دقيقة.[/FONT]
[FONT=&quot]مما أذكر عن والدي رحمه الله كان عند شريط للشيخ سعد الحجري حفظه الله وكان حريصًا على سماعه عنوان الشريط "غذاء القلوب" يتكلم عن ذكر الله سبحانه وتعالى كلما جلست معه أسمعني الشريط وكنا إذا خرجنا يأخذه في جيبه وكان لا يقود السيارة فإذا ركبنا في السيارة شغل الشريط حتى كاد يحفظه. فضل الذكر عظيم! ثم مرت الأيام ومرض الوالد وأدخلناه المستشفى في عسير وتوفي رحمه الله فلما جئنا نصلي عليه وجدت محاضرة للشيخ سعد الحجري في نفس المسجد فلما أردنا الصلاة على الوالد طلبت من الشيخ أن يصلي عليه فصلى على والدي فلما ليقت الشيخ بعد ذلك أخبرته عن حرص والدي على سماع الشريط "غذاء القلوب" [/FONT]
[FONT=&quot]نحن نقول للناس نحن لا نأتي بجديد عندما نقول لهم اِحرصوا على ذكر الله سبحانه وتعالى، تفننوا في ذلك. كتاب حصن المسلم للشيخ سعيد بن وهف القحطاني أنا حريص عليه جدًأ وعندي نسخ منه في كل مكان وأرى أنه من أهم ما ينبغي على الإنسان أن يحفظ هذه ويذكر الله سبحانه وتعالى صباحًا ومساءًا ويحصّن نفسه وأبناءه وأسرته بذكر الله سبحانه وتعالى، وقد وُفّق في تسميته حصن المسلم لأن الحصن الحقيقي لك هو ذكر الله سبحانه وتعالى وفي سورة الذاريات قال الله سبحانه وتعالى (فَفِرُّوا[/FONT] إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) الذاريات) قال العلماء: الفرار يكون من مكان الخوف الى مكان الأمن ومكان الخوف هو المعصية والشرك ومكان الأمن هو توحيد الله وذكره والإلتجاء إليه.
[FONT=&quot]وهذه دعوة لأن يكون لدينا برنامجًا عمليًا بالانضباط في قول سبحان الله وبحمده مئة مرة وأيضاً قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مئة مرة أضف إلى ذلك الأذكار التي في أدبار الصلوات وأذكار الصباح والمساء تقيك بإذن الله سبحانه وتعالى وتعصمك من كثير من الشرور في الدنيا وتضاعف حسناتك في الآخرة ولذلك عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم "سبق المفرّدون" يأتي أحدهم يوم القيامة ولديه حسنات أمثال الجبال وهذا كله من ذكر الله سبحانه وتعالى. وتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال "خير لكم من إنفاق الذهب والفضة" تأتيك جبال من الحسنات بمجرد ذكر الله بلسانك وبقلبك. نسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات وأن يعيننا على أنفسنا في المواظبة على ذكر الله سبحانه وتعالى.
(قامت بتفريغ الحلقات أخت فاضلة وهذا أول عمل لها في التفريغ وتم تنقيحه بفضل الله تعالى فجزاها الله تعالى خيراً)
[/FONT]
 
بارك الله فيكم يا دكتورة سمر على هذا الجهد الرائع ، وهذه أول مرة أشاهده الآن منذ سجلته قبل شهور .
تقبل الله مني ومنكم وجزاكم خير الجزاء على هذه المتابعة المتواصلة لمثل هذه البرامج لنفعنا جميعاً ، وأسأل الله لكم القبول والصحة والعافية .
 
جزاكم الله خيرًا دكتور على ما تقدمونه من برامج جعلها الله تعالى في ميزان حسناتكم وتقبلها منكم خالصة لوجهه الكريم.
باقي لكم في ذمتي بضعة حلقات (أربع على ما أظن) لم تعرض خلال شهر رمضان على قناة أهل القرآن حيث كنت أتابع البرنامج ولكني وجدت روابطها على اليوتيوب وسيتم رفعها بعد تفريغها إن شاء الله تعالى ولعلنا نقوم بتخصيص صفحة على الانترنت للبرنامج على غرار صفحة بينات والتفسير المباشر وأضواء القرآن ليسهل الرجوع إليها.
 
بفضل الله تعالى تمّ إضافة تفريغ حلقة (رياض الفائزين) جزى الله الأخت الفاضلة محبة الإسلام خيراً على تفريغها للحلقة وقم تم تنقيحها ورفعها في مشاركتها الأصلية.
متابعة نافعة للجميع
 
تم بفضل الله تعالى إضافة تفريغ حلقة روضة التائبين في مشاركتها الأصلية جزى الله الأخت الفاضلة محبة الاسلام على تفريغها وكتب أجرها.
وبهذه انتهينا بحمد الله تعالى من تفريغ ورفع جميع حلقات برنامج رياض القرآن جزى الله شيخنا الفاضل د. عبد الرحمن الشهري خير الجزاء وكل من ساهم معه في تسجيل واعداد ونشر هذا البرنامج جعله الله عز وجل في ميزان حسناتهم أجمعين وتقبل منهم.
(مرفق ملف تفريغ الحلقات كاملة بصيغة ملف وورد)
 
عودة
أعلى