محمد محمود إبراهيم عطية
Member
برنامج المسلم في رمضان
فمعرفة فضائل الأوقات والاهتمام بها وبالأعمال فيها من صفات أولي الألباب .
من هنا كان لزامًا على كل عاقل أن يضع لنفسه برنامجا لرمضان استقبالا له ، وعملا فيه ، وتوديعا له .
فالاستقبال بتهيئة النفس لما يجب عليها ويستحب لها أداؤه في رمضان من صيام وقيام وتلاوة ودعاء وذكر وصدقة إلى غير ذلك من أوجه البر ؛ وتدريبها على ذلك - قدر الاستطاعة - قبل رمضان ، وقد كان النبي e يكثر الصيام في شعبان استقبالا لرمضان .
وأما ما يتعلق بالعمل في رمضان ، فالخطوط العريضة للبرنامج تتعلق بالصيام والصلاة والقيام والتلاوة والدعاء والصدقة .
الصيام
1 - إخلاص النية لله تعالى ، ويعينه على ذلك أن الصيام من الأعمال التي لا تظهر على الحقيقة ؛ فرب صائم لا يدري به أحد ، ورب مفطر يظن بعض الناس أنه صائم .
2 - قضاء وقت الصيام في طاعة الله تعالى ؛ وهذا يشمل كل أعمال اليوم ، فالموظف يراعي إتقان عمله في الصيام ، ولا يتعلل بالصيام لتكاسله وتقصيره ، وطالب العلم يجتهد في تحصيله ولا يكون الصيام سببًا لتقاعسه والقعود به عن الطلب ؛ وهكذا ... فالصيام داعية إلى إحسان المسلم عمله لا إلى إساءة العمل .
كما أنه ليس في وقت الصيام ما يشغله المسلم بمعصية الله تعالى من المشاهدات المحرمة عبر النت والفضائيات ؛ وإنما يشغل وقته بطاعة الله تعالى في برنامج يُعده يشمل ساعات النهار ؛ فلا يجعل يوم صومه كيوم فطره ؛ ويجتهد أن يكون ذلك في أيامه كلها .
3 - أن يتتبع صيام النبي e وسننه وآدابه ، فإن ذلك أكمل لصيامه .
4 - أن يصِّوم جوارحه عن المعصية كما أمسك عن الطعام والشراب والشهوة .
5 – الدعاء بأن يوفقه الله تعالى لصيام وقيام إيمانا واحتسابا ، وأن يتقبل منه .
الصلاة
فمن العجيب أن بعض المسلمين يحرصون على أداء صلاة التراويح في المسجد ، وهذا حسن ، لكنه لا يصلي الفجر في المسجد ، وربما - أيضًا - غيرها من الصلوات ؛ ومعلوم أن صلاة الفريضة أفضل من صلاة التراويح ، فيجب أن يكون ضمن برنامج المسلم في رمضان : الحرص على إقامة جميع الصلوات بالمسجد ، مع الاجتهاد في إتمامها بخشوعها وأركانها وسننها وآدابها .
القيام
وينبغي أن يكون برنامج المسلم يتضمن صلاة التراويح مع الإمام الذي يصلي صلاة مطمئنة ، وأن يصليها إيمانا واحتسابا ، ويوطن نفسه أن يقوم في الثلث الأخير من الليل ليصلي ما شاء الله له ، ويستغفر الله تعالى ويدعوه بخيري الدنيا والآخرة .
القرآن في رمضان
وقد قال بعض السلف : إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي , وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله , أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه وتلذذوا به واستحلوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحًا بما قد رزقوا ؛ وأنشد بعضهم :
منع القرآن بوعده ووعيــده مقل العيون بليلها لا تهجـع
فهموا عن الملك العظيم كلامه فهما تذل له الرقاب وتخضع
من هنا كان لابد أن يكون للمسلم في برنامجه لرمضان وقفات مع القرآن العظيم :
الأولى : مع تلاوته ، فيجتهد في أن يختمه تلاوة أكثر من مرة بحسب الطاقة .
الثانية : مع الاستماع في الصلوات وغيرها ، مجتهدا أن يتدبر معانيه قدر الطاقة .
الثالثة : مع العمل والتطبيق ، وهذه هي الثمرة من التلاوة والتدبر .
الرابعة : حضور مقارئ التلاوة ، ودروس التفسير فإنها تعين المرء على القراءة الصحيحة ، وعلى تدبر معاني القرآن الكريم .
الدعاء
ولعل ورود آية الدعاء : ] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [ [ البقرة : 186 ] بين آيات الصيام يشير إلى استجابة الدعاء في شهر رمضان .
وبرنامج الدعاء في رمضان ينبغي أن يشمل الليل والنهار ، ولكنه في بعض الساعات آكد ، فعند الإفطار ، وعند السحر ، فإنها أوقات يتأكد فيها الدعاء لمظنة الإجابة .
فلا ينسى المسلم في برنامجه اليومي الدعاء على كل أحواله وفي معظم أوقاته ، فلعله أن يوافق ساعة يستجاب له ، فيسعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا .
الصدقة
فلا ينسى المسلم في رمضان الصدقة التي يودعها عند ربه Y فيربيها له ، ويجدها مضاعفة عندما يلقاه .
هذه خطوط عريضة في برنامج رمضان ، ويدخل فيها المسلم غيرها من أمور البر والخير ، كصلة الأرحام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمداومة على الأذكار المرتبة والمطلقة ، وزيارة مريض ... وغير ذلك .
وفقنا الله U والمسلمين للعمل فيما يرضيه ، وتقبل منا ... آمين .