:: الحلقة الثانية : حبر الأمّة وتُرجمان القرآن ::
(((عبدالله بن عبّـــاس))) رضي الله عنهما
كانَ حريصاً على طلب العلم كان حريصاً على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلّم وهو غلامٌ صغير وقد باتَ كثيراً وليس مرّةً واحدة، باتَ في بيت خالته ميمونة بنت الحارث الهلالية أمُّ المؤمنين وزوجة النَّبي صلى الله عليه وسلّم، وذات ليلةٍ قام النَّبي صلى الله عليه وسلّم يُصلِّي في اللَّيل، فكانَ عَبدالله بن عباس رضي الله عنهما مُستيقظاً فوضع الماء للنَّبي صلى الله عليه وسلّم فلمَّا رأى النّبي صلى الله عليه وسلّم الماء قد هُيَّأ له فقال لزوجته ميمونة : من صنع هذا؟ قالت: عبدالله ، فدعا له فقال: اللهمَّ فقِّههُ في الدِّين وعلِّمهُ التَّأويل.وهذه الدّعوة النَّبوية أيُّها الإخوة قد اُستجيبت في عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما
فَدَأَب عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما على طلب العلم حتى قال صاحبٌ له أنصاري، قال لي عبدالله بن عبّاس ونحنُ صِبيةٌ صِغار هلُّمَّ بِنا إلى أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نأخذ عنهُم العلم قَبل أن يَفُوتوا -أيّ قبل أن يموتوا – ولا نُدرِك ما معهم من العلم، قال: فقلتُ يا ابن عبّاس وهل يحتاج النَّاس إليكَ، وفيهم أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعليّ وهؤلاء الكِبار والصَّحابة! فقالَ هذا الأنصاريِّ فذهب ابن عبّاس يطلبُ العلم ويحرص عليه ويَجِدُّ في السُّؤال وفي الأَخذ وتركتُ ذلك، فلمّا رأى عبدالله بن عبّاس وقد اجتمع النَّاس حولَهُ، قال ذلك الفتى الأنصاري : هذا الفتى القُرشيُّ كان أعقل مِنِّي!.
كان عالماً وكان ذَكِيًّا وكان فَطِناً. ولذلك لمّا سأله أحدُهُم، فقال: كيف أدركتَ هذا العلم يا ابن عبَّاس ؟ قال: بلسانٍ سَؤُول وقَلبٍ عَقول.وهذه هي آداب طالب العلم الحريص وهو السُّؤال والحرص عليه، والقَلِب الفَطِن العاقل الذّي يفهم ويحفظ ويحرص على كُلِّ ما يتَلقَفُه وما يفهمه وما يسمعه من العلم، فعبدالله بن عبَّاس بهذه الأدوات وهي العَقل الفَطِن، واللِّسان السَّائل الذِّي يدأب دائماً في السُّؤال استطاع أن يُحَصِّل هذه الملكة وهذه المعرفة في تفسير القرآن الكريم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا به في جنّات النّعيم، وأن يُوفِّقنا وإيَّاكم لاستيعاب تُراث ابن عبَّاس في التَّفسير
وفهمه على وجهٍ صحيح..
د. عبدالرحمن بن معاضة الشِّهري
ملاحظة: تسلسل بث الحلقات على موقع الطريق إلى الله
الحلقة الأولى : مقدِّمة لشرح أهمية معرفة ترجمة المُفَسِّر
الحلقة الثانية : تُرجمان القرآن - عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما
والله الموفَّق..
(((اللهُـــــمَّ فقِّهنــــا في الدِّين.. وعلِّمنــــا التأويـــــل)))