بحث مختصر في كلمة (فرق) بالشعراء

إنضم
03/07/2010
المشاركات
606
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه أسـطر يسيرة تتعلق بالراء من كلمة: (فـرق) بالشعراء، سلكت فيها طريقة الاختصار والإيجاز قدر الإمكان، وقد قسمتها إلى ما يلي:
أولاً: حــكم الراء من كلمة: (فرق).
ثانياُ: الحالات التي تجري فيها الوجهان في هذه الكلمة.
ثالثاً: الوجه الراجح، أو المقدم.
وأبدأ بالشروع في ذلك بعون المعبود سبحانه وتعالى فأقول:
أولاً: حكم الراء من كلمة: (فرق) بالشعراء:
يجوز فيها الوجهان، الترقيق والتفخيم؛ من أجل كسر حرف الاستعلاء، وهو القاف؛ فذهب بعض أهل الأداء إلى ترقيقها، وذهب بعضهم إلى تفخيمها، ونص بعضهم على جواز الوجهين فيها.

ثـــانياً: الحالات التي تجري فيها الوجهان: الترقيق والتفخيم في هذه الكلمة:
الذي يظهر والعلم عند الله أن الوجهين جائزان وصلاً ووقفاً، سواء وقف القارئ على هذه الكلمة بوجه الروم، أو بالسكون المحض، ومما يؤيِّد ذلك الأمور التالية:
الأمر الأول: إطلاق المتقدمين الذين ذكروا الترقيق في هذا اللفظ دون تقييده بوصل ولا وقف:
يلاحظ أن كلام الأئمة المتقدمين يُطلِق الوجهين في كلمة (فرق) بدون تقييدها بوصل ولا وقف، فمن ذلك قول الإمام مكي القيسي (ت: 437هـ):
"فإن كان بعدها حرف استعلاء غلظت نحو: (قرطاس)، إلا أن يكون مكسوراً فإنك لا تغلظ نحو: (فرق)" اهـ.
(التبصرة في القراءات السبع، ص 408).
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن شريح (ت: 476 هـ):
"فإن كان حرف الاستعلاء مخفوضاً رققوها، نحو: (فرق)" اهـ.
(الكافي في القراءات السبع، ص 295).
فقد أطلقوا الترقيق فيها دون تقييده بشيء، مما يفيد إجراؤه وصلاً، ووقفاً بإطلاق، وأما وجه التفخيم فلا إشكال في الإتيان به في الحالين، فلا حاجة إلى إيراد كلامهم فيه.

الأمر الثاني: أن وجه الترقيق يفهم من كلام بعض المتقدمين في حالة الوقف إذا قدر القارئ بقاء الكسرة، ولم يعتبر القاف ساكنة لعروض سكونها:
قال الإمام الداني: "على أن الوجهين من التفخيم والترقيق في ذلك إنما يكونان في حال الوصل لا غير، فأما إذا وقف على ذلك، ولم يشر إلى جرة الكاف ولا قُدِّرت، وسكنت وعُومِل سكونها، وهو الاختيار في مذهب نافع، فخمت الراء ولم ترقق رأساً، كما فخمت ولم ترقق في قوله تعالى: (فرقة)، و(فطرت)، لا نفتاح حرف الاستعلاء، كذلك حكمه إذا سكن سواء، يوجب التفخيم ويمتنع من الترقيق" انتهى كلامه من كتابه (الإبانة في الراءات واللامات لورش، نقلاً عن شرح الدرر اللوامع، للمنتوري، 2/ 590-591).
فمفهوم كلام الداني أن القارئ إذا وقف على كلمة (فرق) بالروم، أو من غير روم ولكنه قدر وجود الكسرة، ولم يعتبر سكونها جاز الترقيق، وقد سوى الإمام الداني بين الوقف عليها بالإشارة، أي: الروم، وبين إسكانها مع تقدير وجود الكسرة كما هو ملاحظ من كلامه المذكور آنفاً.

الأمر الثالث: تصريح بعض الأئمة بجواز ترقيقها وقفاً مع السكون المحض:
قال العلامة عمر المسعدي (ت: 1017هـ):
"تنبـيـه:
ما تقرر في راء (فرق) – أي: من الخلاف في تفخيمها وترقيقها – إنما هو في الوصل، والوقف بالروم كالوصل.
وأما الوقف بالسكون فهل يكون فيه الوجهان كالوصل؟
أو يقال: من فخم وصلاً مع كسر حرف الاستعلاء فخم وقفاً مع سكونه بالأولى، ومن رقق وصلاً أجرى الوجهين حال الوقف بالسكون، فالتفخيم لعدم كسر حرف الاستعلاء، والترقيق نظراً إلى كسره في الأصل، وهو الوصل؟
أو يقال: ليس فيه إلا التفخيم وجهاً واحداً لعدم كسر حرف الاستعلاء؟
كلٌّ محتمل، ولم أرَ في ذلك نقلاً، وحيث لم يكن نقلٌ؛ فالذي يميل إلى القلب: إجراءُ الوجهين في الوقف كالوصل؛ لأنه ظاهر إطلاق عباراتهم؛ فإنهم لم يقصدوا [هكذا في النسخة التي عندي، ولعل الصواب: "لم يقيدوا"] الوجهين لا بوصلٍ ولا بنقل" اهـ.
(الفوائد المسعدية في حل الجزرية، ص 75).

وقال الشيخ ملا علي القاري (ت: 1014 هـ):
(والخلف في فرق لكسر يوجد ) أي والاختلاف ثابت في تفخيم راء قوله تعالى: (فكان كل فرق) وترقيقها لكسر يوجد في قافها، فيكون وجه الترقيق أن حرف الاستعلاء قد انكسرت صولته المفخمة لتحركه بالكسر المناسب للترقيق، أو لكسر يوجد فيما قبله وما بعده، فيكون وجه الترقيق ضعف الراء بوقوعها بين كسرتين ولو سكن وقفاً لعروضه ..." اهـ المقصود من كلامه.
(المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية، ص 31).

ويوجد تفصيل جيد ومفيد من كلام العلامة مصطفى الميهي (ت بعد: 1229هـ) لخصه ونقله عنه الشيخ المرصفي في هامش كتابه (هداية القاري)، فقال:
"وهذا الوجهان في حالة وصل (فرق) بما بعدها، أما في حالة الوقف عليها ففيه تفصيل؛ حاصله: أن من يرى التفخيم في حالة الوصل يقول به في حالة الوقف سواء وقف بالسكون المحض أو بالروم؛ لأن مذهبه التفخيم مطلقاً، ومن يرى الترقيق في حالة الوصل يقول بالوجهين في حالة الوقف: التفخيم اعتداداً بالسكون العارض في القاف، والترقيق لعدم الاعتداد به، وهذان الوجهان فيما إذا كان الوقف بالسكون المحض، أما إذا كان الوقف بالروم فالترقيق لا غير؛ لأنه الأصل عند صاحب هذا المذهب، هذا مضمون ما قاله العارف بالله تعالى سيدي الشيخ مصطفى الميهي، ابن العلامة المحقق سيدي الشيخ علي الميهي رضي الله عنهما في تحرير الطيبة المسمى: (فتح الرحمن في تحرير بعض أوجه القرآن) مخطوط ص (125) عند قوله تعالى: (فكان كل فرق كالطود العظيم)، وإليك عبارته: "فجمهور المغاربة والمصريين على ترقيق رائه من أجل كسر القاف، والأكثرون على تفخيمه لحرف الاستعلاء، وفي النشر تصحيح الوجين، قال: إلا أن النصوص متوافرة على الترقيق، وحكى غير واحد الإجماع عليه، وقولهم: (من أجل كسر القاف) يقتضي اختصاص الوجهين بالوصل والوقف بالروم لا الإسكان لعدم الكسر فيه، والأوجه: أن من فخم وصلا فخم وقفاً، ومن رقق وصلا جوز الوجهين وقفاً؛ للاعتداد بالسكون وعدمه" انتهى كلامه رضي الله عنه، فتأمل يا أخي هذه الدقائق، والله الموفق" (هامش هداية القاري، 1/ 125).
فمن خلال ما سبق يتبين لنا صحة الوجهين في راء (فرق) وصلاً ووقفاً، سواء وقف القارئ عليها بالروم أو السكون المحض، والله أعلم.


ثالـــــثاً: الوجه الراجح من الوجهين المذكورين في هذه الكلمة:
قال الإمام الداني: (الوجهان جيدان).
وقال ابن الجزري: (الوجهان صحيحان)
وأغلب الأئمة ينصون على الترقيق، وحكى بعضهم الإجماع عليه، وعامة كتب المغاربة تنص على أنه الوجه المقدم، وهو مذهب الجمهور، كما أن الداني اختار التفخيم فيها وتابعه بعض المغاربة وغيرهم على ذلك، وذكر أن كثيراً من أهل الأداء مذهبهم التفخيم، وهذا يدل على قوة الوجهين معاً، مع أن الترقيق هو الأقوى، كونه مذهب الجمهور؛ ولأن بعض الأئمة حكى الإجماع عليه، وينبغي ألا يقال هنا وجه راجح ومرجوح، وإنما يصحح الوجهان مع تقديم المختار على غيره إذا أراد القارئ الجمع بينهما، أو الاقتصار عليه إذا أراد الاكتفاء بأحدهما، والله تعالى أعلم.
وإلى هنا ينتهي الكلام على هذه المسألة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إعداد العبد الفقير إلى الله/ أبي تميم محمد بن أحمد الأهدل
 
أحسنت كثيرا شيخنا الأهدل بورك فيك
ارجو توضيح ما تحته خط وملون بالاحمر من نص الداني
فأما إذا وقف على ذلك، ولم يشر إلى جرة الكاف ولا قُدِّرت، وسكنت وعُومِل سكونها، وهو الاختيار في مذهب نافع، فخمت الراء ولم ترقق رأساً، كما فخمت ولم ترقق في قوله تعالى: (فرقة)، و(فطرت)، لا نفتاح حرف الاستعلاء
 
أحسنت كثيرا شيخنا الأهدل بورك فيك
ارجو توضيح ما تحته خط وملون بالاحمر من نص الداني
شكرا جزيلا أستاذنا الفاضل كريم جبر
أما:
جرة الكاف
فهو سبق قلم مني، والصواب: جرة القاف، وقد قرأته بعد كتابته ما لا يقل عن خمس مرات ولم أتنبه لهذا الخطأ، فجزاكم الله خيراً على التنبيه.
وأما:

فهي موجودة في المصدر الذي نقلت منه كذلك، بل فيه (فطرت الله) وسهوت عن كتابة لفظ الجلالة، مع أن حرف الاستعلاء فيها ساكن وليس مفتوحاً.
أكرر شكري لكم.
 
بارك الله فيكم
إن قرأنا لورش فهل تقاس كلمة "الاشراق" في سورة ص على "فرق" بالشعراء ؟
 
إن قرأنا لورش فهل تقاس كلمة "الاشراق" في سورة ص على "فرق" بالشعراء ؟
لا يجوز ترقيقها من طريق الشاطبية والتيسير، وإنّما جاز ذلك من طرق الطيّبة ، بالضبط من طريق التذكرة، والعنوان، والمجتبى، ومن طريق ابي معشر. وذلك لأنّ كلمة {الاشراق} تخضع للتحرير فتفّخم الراء وصلاً ووقفاً فيها لمن ثبت عنه التفخيم، وترقق فيها وصلاً ووقفاً لمن ثبت عنه الترقيق.

أما كلمة {فرق} فينبغي دراستها على طريقة المحررين بالرجوع إلى المصادر التي هي في متناول الشيوخ. فإن كان وجه الترقيق الأكثر نقلاً كان الأشهر وبالتالي يقدّم في الأداء، وهذا يقال في التفخيم. وقد رأينا أنّ الإمام الداني كثيراً ما ينقل إجماعاً أو اتفاقاً أو شهرة أو انفراداً لوجه دون غيره، وهو في الحقيقة خلاف الواقع لأنّ الإمام الداني يحكم على حسب ما وصله من العلم، فينقل عنه ذلك المتأخرون فيتواتر الخبر. ففي {الاشراق} مثلاً ، ذكر الداني أنّه انفراد من أبي الحسن بن غلبون وهو في الحقيقة ليس انفراداً لثبوته من طريق العنوان والمجتبى وطريق أبي معشر. لذا ينبغي التحفظ من كلّ ما يقال فيه أنّه المشهور إلاّ بعد التثبّت بالرجوع إلى المصادر. فالعلامة الضباع في كتابه صريح النص نقل التفخيم في أكثر المصادر وفي المقابل ترى في الكتب أنّ الترقيق في {فرق} هو المشهور مما يجعلنا في حيرة. ولإزالة هذا التسائل ينبغي أن نتثبّب نحن من هذه الأخبار بالرجوع إلى المصار لا سيما إن كانت في متناولنا.

والعلم عند الله تعالى.
 
أين ذكر ذلك أبو معشر؟
عبارة النشر على أنّها من طريق التلخيص لأبي معشر. قال ابن الجزري: "رققه صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار من أجل كسر حرف الاستعلاء بعد وهو أحد الوجهين في التذكرة وتلخيص أبي معشر وجامع البيان وبه قرأ على ابن غلبون ") النشر (2/98).
قلت: كتاب التلخيص لأبي معشر لا يحتوي على طريق الأزرق، كما ذكر الازميري في بدائعه وكما تحققّتُ من ذلك عند رجوعي للكتاب، وبالتالي فطريق الأزرق لأبي معشر هو من طريق الجامع الذي يُسمّى بــ: سَوْقُ العروسِ، على ماذكر الأزميري، ولم تحصل لي المزية بعد للاطلاع على هذا الكتاب عظيم.
والعلم عند الله تعالى.
 
عروس الجزائر تُساقُ إلى من ؟ اللهم اغفر لي هذه الخاطرة

عروس الجزائر تُساقُ إلى من ؟ اللهم اغفر لي هذه الخاطرة

جواب الأستاذ محمد يحيى شريف، الجزائريِّ، الكُبرويِّ، مقبولٌ إذا علَّقْنا صحتَه على وجود ما سَرَدَهُ في "سوق العروس"، لأنه على ضوء ما ذكر فضيلتُه هنا إنما أفاد الإزميري رحمه الله خلوَّ "التلخيص في القراءات الثمان" لأبي معشر من طريق الأزرق ووجودَها في "سوق العروس" له.
وبادٍ أن مجردَ وجودِ طريقِ الأزرقِ في "سوق العروس" لا يستلزم ذِكْرَ التفاصيلِ المتعلقةِ ب{الاشراقِْ} له فيه.
 
وبادٍ أن مجردَ وجودِ طريقِ الأزرقِ في "سوق العروس" لا يستلزم ذِكْرَ التفاصيلِ المتعلقةِ بالاشراقِْ له فيه.
أصل المسألة كان على الترقيق في {الاشراق}، ثمّ أين الإشكان لو أردتّ التوسّع في المسألة. أَوَصل بكم الأمر أن تتحرّجوا من ذلك؟. كنت أنتظر منكم الشكر لأجل الإجابة، فشكرتم السائل ولم تشكروا المجيب. انقلبت الموازين.
وقد سُئل النبيّ عليه الصلاة والسلام عن طهوريّة ماء البحر، فأجاب : هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. فلم يكتف بالإجابة على السؤال المطروح بل أضاف فائدة أخرى وهو حلّ ميتة البحر، لأنّه عليه الصلاة والسلام رأى مصلحة في ذلك.
وأنا حرّ في الاستطراد إن رأيتُ مصلحة في ذلك.
 
كم مقدار درجة البرودة عندكم الآن ؟

كم مقدار درجة البرودة عندكم الآن ؟

قد شكرت السائل قبل أن يأتي الجواب، ثم لما أتى شكرته بنفس النوع والمقدار والقوة، وهو قصارى ما أستطيع.
ملحوظة: أؤكد سائر مشاركتي المردود عليها.
 
عندما نرجع إلى كتاب صريح النصّ للعلامة الضباع نجد أنّه ذكر التفخيم لجميع مصادر النشر لرواية حفص، إلاّ التجريد حيث ذكر له الترقيق، وكذا الداني والشاطبيّ حيث ذكر لهما الوجهين جميعاً.
وسبب ذلك قول بن الجزري في النشر: "واختلفوا في (فرق) من سورة الشعراء من أجل كسر حرف الاستعلاء وهو القاف فذهب جمهور المغاربة والمصريين إلى ترقيقه وهو الذي قطع به في التبصرة والهداية والهادي والكافي والتجريد وغيرها وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم وهو الذي يظهر من نص التيسير وظاهر العنوان والتلخيصين وغيرها وهو القياس ونص على الوجهين صاحب جامع البيان والشاطبية والإعلان وغيرها. والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق" انتهى كلامه.
فذكر الترقيق لصاحب التبصرة، والهداية، والكافي, والتجريد، والتفخيم لسائر أهل الأداء، والوجهين من جامع البيان والشاطبية والإعلان.
فالطرق التي ذكر لها وجه الترقيق وهي: التبصرة والهداية والهادي والكافي والتجريد، وهي ليست من طرق الطيّبة لحفص ما عدا كتاب التجريد، لذا ذكر له العلامة الضباع الترقيق. وذكر الوجهين للداني والشاطبيّ كما ذكر لهما في النشر إلاّ الإعلان فإنّه ليس من طرق الطيّبة لحفص. أمّا سائر المصادر لحفص، فذكر لها العلامة الضباع التفخيم لقول صاحب النشر : "وذهب سائر أهل الأداء إلى التفخيم" ولا شك أنّ هذه العبارة تقتضى أنّ أكثر أهل الأداء على التفخيم، وهذا يتعارض مع قوله : والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق". قلتُ : كيف تكون النصوص المتواترة على الترقيق، وأكثر أهل الأداء يروون التفخيم. هذا تناقض، وبالتالي ينبغي الرجوع إلى المصادر والبحث عن الوجه الأكثر نقلاً فيها ليتّضح الوجه الذي ينبغي تقديمه في الأداء.
وهنا إشكال: فإن كان الكثير من أهل الأداء سكتوا عن المسألة، فهل نأخذ لهم بالترقيق أم بالتفخيم في {فرق}. الجواب : فإنّ قلنا أنّ الأصل في راء {فرق} هو التفخيم، يكون الترقيق بحاجة إلى تقييد وتخصيص. وإن قلنا أنّ الأصل هو الترقيق، فيكون التفخيم بحاجة إلى تقييد وتخصيص.
والذي أراه والله أعلم: أنّ الأصل هو التفخيم لأنّ القاف من حروف الاستعلاء. فإذا سكنت الراء بعد كسر أصليّ متصل بها، ولم يأت بعدها حرف استعلاء رُقّقت بلا خلاف، وإن جاء بعدها مستعلي فُخّمت من غير خلاف كما في {فرقة}، و{قرطاس}، و{المرصاد} وغيرها. فهذا هو الأصل، و{فرق} داخلة في الأصل لأنّ القاف وإن كُسرت فهي من جملة الحروف المستعلية، وخروجها عن هذا الأصل بالكسر يحتاج إلى نصّ، وبالتالي ينبغي أنّ نأخذ بالتفخيم للمصادر التي سكتت عن حكم الراء في {فرق}، لأنّ الترقيق هو الذي يحتاج إلى نصّ، أو قيد يُخرجه من أصل التفخيم.
ولعلّه السبب الذي حمل ابن الجزري أن يذكر التفخيم لسائر أهل الأداء لأنّه لم يجد فيها نصاً على الترقيق. وقد بحثت في المصادر فوجدتّ الكثير منها لم ينصّوا على حكم الراء في {فرق} من حيث التفخيم والترقيق.
وعلى ما سبق نخلص إلى ما يلي :
أوّلاً : لا بد من الرجوع إلى المصادر لإدراك الوجه الأكثر نقلاً فيها لتقديمه في الأداء.
ثانياً : الأخذ بالتفخيم لكلّ المصادر التي سكتت عن حكم الراء في {فرق}.

والعلم عند الله تعالى.
 
والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متواترة على الترقيق". قلتُ : كيف تكون النصوص المتواترة على الترقيق، وأكثر أهل الأداء يروون التفخيم. هذا تناقض، وبالتالي ينبغي الرجوع إلى المصادر والبحث عن الوجه الأكثر نقلاً فيها ليتّضح الوجه الذي ينبغي تقديمه في الأداء.
كلمة (متواترة) ضبطها د. السالم الجكني حفظه الله: (متوافرة)، وقال في الهامش:
"في (ت): (متواترة) بالتاء بعد الألف، وهو تحريف، وكذلك هي في المطبوع" اهـ.
وكذلك رأيتها في بعض شروح الدرر اللوامع ضبطت هكذا: (متوفرة).
 
عودة
أعلى