بحث في المراد بالإسرار في قوله تعالى: (وأسروا الندامة)

إنضم
29/06/2005
المشاركات
10
مستوى التفاعل
0
النقاط
1

بحث في المراد بالإسرار في قوله تعالى: (وأسروا الندامة)

بسم1

اللهم إنا نستعينك على فهم كتابك ففهمنا، ونستلهمك الرشد في القول والعمل فأرشدنا، لا حولا لنا ولا قوة إلا بك.

قال أبو المقداد عفا الله عن تقصيره وزلله، وبلغه غاية سؤله وأمله:

ذهب الجمهور من أهل التفسير واللغة إلى أن معنى قوله تعالى: {وأسروا الندامة لما رأوا العذاب} أي: أخفوها، فلم يظهروها، وهذا معنى صحيح في لغة العرب لا يمكن إنكاره، وثابت لا يستطاع جحوده، وهو المعنى المتبادر من هذه اللفظة، فلذا صاروا إليه وقالوا به.
وذهب بعضهم إلى أن المعنى: أظهروها، وممن صار إلى هذا القول: أبو عبيدة معمر بن المثنى([1])، والأصمعي في أضداده ص21، وابن قتيبة في الغريب ص357، وابن السكيت في أضداده ص176، والمفضَّل بن سلمة، فيما نسبه له ابن الجوزي في تفسيره (2/335)، ومنهم ابن سِيده في المحكم (8/406)، وفي المخصص (4/177)، ومكيُّ بن أبي طالب في تفسيره (9/5929)، ومن المتأخرين: الكفوي في الكليات ص116.
ونسبه ابن الأنباري في الأضداد ص46، إلى قطرب ولفظه لا يحتمله، فغاية ما قاله: إجازة ذلك.

وحتى يصار إلى هذا القول لابد من مقدمتين:

***الأولى: أنه يجوز في لغة العرب أن يأتي الإسرار بمعنى الإظهار، أعني: إثبات كونه من الأضداد.

***والثانية: أنه يمتنع حمله في هذا الموضع على ظاهره، أعني: جواز التأويل.

وقد نازع ابن عطية في المقدمة الأولى، ونازع غيره في الثانية.

قال ابن عطية في تفسيره (4/421): «ولم يثبت قط في لغةٍ أن أسرَّ من الأضداد»
وجماهير اللغويين على أن هذا الفعل من الأضداد، منهم قطرب في أضداده ص89، والأصمعي ص21، وأبو حاتم ص114، والتوزي ص91، وابن السكيت ص176، وأبو الطيب اللغوي ص231، في أضدادهم، وابن قتيبة في الغريب ص357، وابن الأنباري في أضداده ص45، وفي شرح المعلقات ص49، ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن (2/34)، وأبو أحمد العسكري في التصحيف ص221، وابن دريد في الجمهرة (1/121) وهؤلاء أعلم باللغة من ابن عطية، فصح أن هذا الفعل من الأضداد بنقل هؤلاء الأئمة.
ومن الشواهد على ذلك قول الفرزدق:

فلَمَّا رَأَى الحَجّاجَ جَرَّدَ سَيْفَهُ * أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الَّذِي كانَ أَضْمَرَا

فلابد من أن يكون أسر ههنا بمعنى أظهر، لأنه قال في آخر البيت: أضمرا، أي أخفى.
وقد أشار بعض أهل العلم إلى التشكيك في نسبة هذا البيت للفرزدق، قال الأزهري في تهذيب اللغة (12/201): «قال شمر: لم أجد هذا البيت للفرزدق، وما قال غير أبي عبيدة في قوله: (وأسروا الندامة) أي أظهروها، قال: ولم أسمع ذلك لغيره».
وهذا البيت قد ذكره جماعة من أهل العلم، منهم قطرب، والأصمعي، وابن السكيت وابن الأنباري، فلم ينفرد به أبو عبيدة.
فهذا الكلام في ثبوت البيت عن الفرزدق.

ونازع بعض أهل العلم في الاحتجاج بشعر الفرزدق، قال أبو حاتم في أضداده ص115: «ولا أثق أيضا بقول الفرزدق في القرآن ولا أدري لعله قال:
... الذي كان أظهرا
أي كتم ما كان عليه، والفرزدق كثير التخليط في شعره، وليس في قول نظيريه جرير والأخطل شيء من ذلك، فلا أثق به في القرآن».
وهذا احتمال لا دليل عليه، والفرزدق من الشعراء الفحول، وما زال أهل العلم يحتجون بشعره.

أما المقدمة الثانية، وهي جواز التأويل في هذا الموضع، فقد استدل لها بعض أهل العلم بأنهم قد أظهروا الندامة حقيقة، فحمْلُ الآية على الإخفاء يوقع في التعارض، فوجب حملها على الإظهار لينتظم سياق الآيتين.
قال قطرب في أضداده ص89: «ويجوز أن يكون المعنى: أظهروا؛ لقولهم: (يا ليتنا نرد)، وقولهم: (فلو أن لنا كرة)، فقد أظهروا الندامة، إلا أن ابن عباس كان يقول: أخفوها في نفوسهم».
والجواب عن هذا: أن الله سبحانه خص إسرارهم الندامة بوقت رؤيتهم للعذاب، وهذا لا ينفي إظهارهم الندامة في وقت آخر.
وبغير نهوض هاتين المقدمتين معا لا يمكن المصير لهذا القول، لذا فإن الذي يترجح هو القول الأول، والله أعلى وأعلم.

___

تعقيب: رأى البيضاوي (4/248)، وأبو حيان في تفسيره (6/72)، والنسفي (3/65)، وابن عادل (10/354)، وأبو السعود (7/135) أن الآية تحتمل الوجهين، وهذا مبني على مسألة حمل المشترك على معنييه، والتضاد ضرب من ضروب الاشتراك.

قال أبو المقداد: قد يكون المصير إلى هذا القول جائزا في غير هذا الموضع، أما ههنا فلا، إذ ثم ما يمنع جوازه هنا، وذلك أن الندامة شيء يكون في القلب، فلا يمكن أن تكون ظاهرة، والذي يظهر إنما هو آثارها، وهذه نكتة بديعة أشار إليها ابن عطية رحمه الله، فيلزم على قول من صحح الوجهين حملُ اللفظ الواحد على حقيقته ومجازه في آن واحد، فيكون المعنى: أخفوا الندامة، وأظهروا آثارها، وهذا أمر لا يحتمله اللفظ، وإغراق في صرفه عن ظاهره بغير موجب، وهذا الإشكال قائم على أصحاب القول الثاني كذلك، والقول الأول سلم منه، والله أعلى وأعلم.

___



([1]) نسب هذا القول في تفسير هذه الآية لأبي عبيدة: أبو حاتم في الأضداد ص114، و أبو بكر ابن الأنباري في شرح المعلقات ص49، وأبو الطيب في الأضداد ص230، والأزهري في تهذيب اللغة (12/201)، ورواه ابن فارس في المقاييس (3/67) من طريق علي بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة، وهذا أحد أسانيد كتاب المجاز، وبه وصلتنا نسخه، انظر مقدمة تحقيق الكتاب ص19 لفؤاد سزكين، ولم أجده في المطبوع من الكتاب، وعليه فيمكن استدراكه على المطبوع. وإن كان أبو عبيدة قد قال بهذا القول في قوله تعالى: ((وأسروا النجوى)).


 
يقول الأصفهاني (ت:502هـ) في كتابه المفردات :
" الْإِسْرَارُ : خلاف الإعلان ، قال تعالى : {سِرًّا وَعَلانِيَةً }[إبراهيم:31] ، وقال تعالى :
{وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ}[التغابن:4] ، وقال تعالى : {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}[الملك:13] ، ويستعمل في الأعيان والمعاني ،
والسِّرُّ هو الحديث المكتم في النّفس. قال تعالى : {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى} [طه:7] ، وقال تعالى : {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ}[التوبة:78] ،
وسَارَّهُ : إذا أوصاه بأن يسرّه ، وتَسَارَّ القومُ ،
وقوله : {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ}[يونس:54] ، أي : كتموها . وقيل : معناه أظهروها بدلالة قوله تعالى : {يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا} [الأنعام:27] ، وليس كذلك ، لأنّ النّدامة التي كتموها ليست بإشارة إلى ما أظهروه من قوله : {يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا} [الأنعام:27] ،
وأَسْرَرْتُ إلى فلان حديثا : أفضيت إليه في خفية ، قال تعالى : {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُ} [التحريم:3] ، وقوله : {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ }[الممتحنة:1] ، أي : يطلعونهم على ما يسرّون من مودّتهم ، وقد فسّر بأنّ معناه : يظهرون ، وهذا صحيح ، فإنّ الإسرار إلى الغير يقتضي إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسّرّ ، وإن كان يقتضي إخفاءه عن غيره ، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضي من وجه الإظهار ، ومن وجه الإخفاء ، وعلى هذا قوله : {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً}[نوح:9]."
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الاسرار هنا بمعنى الاخفاء قد يواجهه سؤال وهو كيف يسرّون الندامة وهم في مقام جرم عظيم وخطب جسيم يتعدى فيه الإسرار إلى الاعتراف والاعلان واظهار الندم ؟ فكيف يسرون الندامة في موضع كهذا؟
وقد يكون هذا الاشكال هو الذي دفع العلماء إلى الاختلاف والقول باحتمال التضاد في المعنى ، واسرار الندامة يقابله اعلان الندامة فمن يقول اسروا الندامة لأنها عمل قلبيّ قد يكون فيه مخرج مناسب من الاشكال الوارد اعلاه اذا قيل اسرار معنى اخفاء ولكن قد لا تطمئن اليه النفس اذا رجعنا الى القول ( اسرار الندامة مغالبة النفس لعدم اعلانها) فاقتضى اسرارها جهداً في موضع يُعْتَقَدُ أن الاعلان والافصاح والاظهار أولى

وهنا اتقدم لكم بمحور تدارس لهذه الصيغة العجيبة من كلام رب العالمين فأرجو أن تتحفونا بارك الله فيكم بما ييسر الله لكم في هذا الذكر العظيم

وانا بانتظار ذلك والسلام عليكم
 
السياق يبين سبب الإسرار بالندامة :
ألم تر إلى إرجاع بعضهم إلى بعض القول ، فكان من تتمة حجة الذين استضعفوا على الذين استكبروا : أنهم لم يريدوا أن يظهروا أمامهم الندامة .. بعد أن أظهروا لهم بخطابهم أنهم أُكرهوا على الكفر . فأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب .
 
يقول: الشيخ خالد عبد الله السبت في كتابه قواعد التفسيرفي تفسير القران بمقتضى اللغه يراعى المعني الاغلب ،والاشهر، والافصح دون الشاذ والقليل
 
يقول الشعراوي في تفسيره : " { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ.. } [يونس: 54]. أي: أخفوا الحسرة التي تأتي إلى النفس، وليس لها ظاهر من انزعاج لفظي أو حركي. إن كلاّ منهم يكتم هَمَّه في قلبه؛ لأنه ساعة يرى العذاب ينبهر ويُصعَق ويُبهَت من هول العذاب، فتجمد دماؤه، ولا يستطيع حتى أن يصرخ، وهو بذلك إنما يكبت ألمه في نفسه؛ لأن هول الموقف يجمِّد كل دم في عروقهم، ويخرس ألسنتهم، ولا يستطيع أن ينطق؛ لأنه يعجز عن التعبير الحركي من الصراخ أو الألم. ونحن نعلم أن التعبير الحركي لون من التنفيس البدني، وحين لا يستطيعه الإنسان، فهو يتألم أكثر. هم - إذن - يُسرُّون الندامة حين يرون العذاب المفزع المفجع، والكلام هنا عن الظالمين، وهم على الرغم من ظلمهم، فالحق سبحانه يقول: { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [يونس: 54]."
ويقول : " { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } [سبأ: 33] فالندامة تعتصرهم، ومع ذلك لا يجهرون بها ولا يُبْدونها حتى لا يشمت بهم الآخرون، وفَرْق بين أنْ يندم الإنسان وبين أنْ تُلجِئه الظروف، لأنْ يعلن الندم. "
 
{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } [فاطر:37]
 
استاذ الغامدي الا نقول اختلف المقام بين السورة الاولى والثانيه التي ذكرتها.
ذلك في السورة الاولى لم يلابسوا العذاب المباشر بمعنى رأوا ما سيحيق بهم والايه التي ذكرت في العذاب المباشر لهم.
 
وضعت الاية اخي ياسين لشيخنا واستاذنا عبدالكريم عزيز ، ذلك ان ما نقله عن العلامة الشيخ الشعراوي يفيد في تأويله للاسرار أنه وجوم وصمت لتجمد الدم في العروق لشدة وفداحة العذاب ، فأردت ان أقول ان القرآن يدل على بكائهم وصراخهم وعويلهم وتوسلهم لله أن يعودوا الى الدنيا ليؤدوا ماعليهم من طاعة وايمان فكيف يستقيم هذا مع قول شيخنا الشعراوي رحمه الله وغفر له ؟
 
يرى حبنكة الميداني في معارج التفكر: قال تعالى: "وَأَسَرُّوا" ولم يقل: (وتناجوا)؛ للدلالة على شدة إخفاء تناجيهم، فلقد حرصوا على التكتم بسرية بالغة [8 / 162]

قلت [عبدالرحيم]: لعل الاصطراخ يكون في مرحلة ما (أو لطائفة من المعذبين) وإسرار النجوى (كبت الألم) في مرحلة ما (أو لطائفة أخرى من المعذبين)؛ بهدف منع شماتة الآخرين وتقريعهم لكي لا يزيد عليهم الأذى النفسي
وهذا معروف في القرآن الكريم:
فقد ورد الإشكال في مسائل نافع بن الأزرق حين ظن بوجود تناقض بين كذب المشركين يوم القيامة بقولهم: " مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " رغم وصفهم في آية أخرى بأنهم يوم القيامة: " وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا "
فأجابه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ" "وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ": قَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لا يُكْتَمُ حَدِيثًا..

وقد فصّلها الإمام أحمد في رسالته: الرد على الزنادقة والجهمية، ص3:
- المرحلة الأولى: بُعَيد البعث والنشور: "هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ" ، وذلك أول البعث من القبور حيث يسكتون "وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ".
- المرحلة الثانية: يؤذن لهم بالكلام فيتكلمون، وعندها تبدأ معاذيرهم: "رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ.." ومنهم مَن يقول: "وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ.."
ويتبرأ " الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا .."
فيحصل الخصام فيُقال لهم: "لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ".

__

وظن نافع بوجود تناقض بين: "فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ"و "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ"
فأجابه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
" فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ " فِي النَّفْخَةِ الأولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ، إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلا يَتَسَاءَلُونَ. ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ " أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ". ا.هـ

كلٌّ منها في مرحلة مختلفة، الأولى: بعد الحشر. والثانية: عند العرض، وبعد الإذن بالكلام.
نعم هناك أوقات في يوم القيامة لا يتذكر الناس فيها أنسابهم؛ لهول الموقف عندها.
عن عائشة رضي الله عنها: " أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا: عِنْدَ الْمِيزَانِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ. وَعِنْدَ الْكِتَابِ، حِينَ يُقَالُ: " هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَ " حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. وَعِنْدَ الصِّرَاطِ: إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ". [أخرجه الحاكم]
وبمفهوم المخالفة: في سائر الأوقات غير تلك الثلاثة يتساءلون ويتكلمون.
والله أعلم

__________
للفائدة: انظر
http://vb.tafsir.net/tafsir34643/#post193270
 
وللفائدة :
في قوله تعالى حاكياً لقولهم : ((بل مكر الليل والنهار إذْ ...))
أصبح الليل والنهار في رأيهم يمكران ، لكثرة مكر الذين استكبروا .
 
[FONT=&quot]وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ [/FONT](31) [FONT=&quot]قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ [/FONT](32) [FONT=&quot]وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا [/FONT][FONT=&quot]وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ[/FONT][FONT=&quot] وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [/FONT](33)

[FONT=&quot]فكان السياق في الجدال بين الفريقين حال الحساب والذين أسرّوا الندامة هم الذين استضعفوا لأنهم ظنوا أن حجتهم ستكون عند الله مقبولة ولا زال الأمل في النجاة فجعلوا الندامة على طاعتهم للمستكبرين سرّاً في أنفسهم لعلّ حجتهم تنجيهم من العذاب لمّا كانوا لازالوا يتلاومون ويلقون بالتّهم على بعضهم البعض ، فشركاء الجرم حال الوقوف أمام القضاء لا يظهرون ندامتهم إلا بعد صدور الحكم ، أما قبله فلوا أظهروا الندامة لأدانوا أنفسهم بالاشتراك بالجرم ، والله جل وعلا يصف لنا دواخل أنفسهم وما يبطنون عند الحساب لعلمه جلت قدرته بما تحويه أنفسهم ولأنهم يعلمون تمام العلم بأنهم ضمن الكافرين وأنهم مجرمين وأن كل محاولاتهم لا تقنعهم أنفسهم بما ارتكبوه من جرم بالكفر والتكذيب وهي فاشلة ، ولكي يخبرنا ربنا جلت قدرته عن مطلق عدله إذ أن أهل النار لا يدخلونها وهم يعتقدون أن الظلم وقع عليهم أو أنهم لا يستحقون العذاب حتى ولو جادلوا عن أنفسهم بألسنتهم ودفعوا ببرائتهم من الجرم والكفر أو ما يفعلون إلا أنهم في داخلهم يعلمون فداحة جرمهم وثبوت الكفر والتبعة عليهم ، والعجيب في الموقف أنهم برغم تحققهم من صدق ما أتى به الأنبياء وبما أخبر الله وبعظيم قدرته فهم لا زالوا يظنون أن إخفائهم للندم على ما ارتكبوه قد يخفى فعلا ولكن الله يخبرنا عنه حتى قبل أن يقع[/FONT]
[FONT=&quot]فسبحان الله جلت قدرته وتعالت ذاته وتقدست أسماؤه ، اللهم لا تخزنا يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وصل وسلم وبارك وانعم على عبدك ونبيك محمد وآله [/FONT]
 
عودة
أعلى