بسم الله الرحمن الرحيم
منظومة جامعة في علوم القرآن
الحمدُ لله وكفى ، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ، أما بعد
فإن الباحث يجد عشرات المنظومات في موضوعات معينة من علوم القرآن ، مثل القراءات ، والتجويد ، وعلم العدد ، ولا يكاد يجد منظومة واحدة تجمع علوم القرآن كلها أو معظمها ، وكنت قد اطلعت على منظومة لأبي عمرو الداني (ت 444هـ) يمكن أن تُعَدَّ من المنظومات الجامعة في علوم القرآن ، وهي ( الأرجوزة المنبهة ) ، ولا تزال مخطوطة حسب علمي ، وهي مذكورة في فهرست تصانيف الداني (ص21) ، وذكرها ابن خير في فهرسته (ص41) باسم " كتاب الأرجوزة المنبهة على أسماء القراء والرواة وأصول القراءات وعقد الديانات بالتجويد والدلالات" .
ونُسَخُهَا الخطية موجودة في المغرب ، أشار الدكتور التهامي الراجي الهاشمي إلى عدد منها في مقدمة تحقيقه كتاب ( التعريف ) للداني( ص 53 – 54 ) ، واطلعت على نسخة ناقصة منها محفوظة في الخزانة العامة للكتب والوثائق في المغرب برقم 2809 ( د 2186) ، وهي تتألف في الأصل من ألفين وست مئة بيت ، كما أشار إلى ذلك الناظم في البيت الثاني والخمسين منها ، وذكر أنه نظمها في شهر رمضان من سنة 411هـ ، وذلك حيث قال :
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أبياتُها تَزْهَرُ كالبستانِ = وهي في عددها ألفانِ
بعدهما سِتٌّ مِنَ المِئِينا = زائدةً تضمَّنت فنونا
في أولِّ الصومِ بها بدأتُ= فما انقضى إلا وقد نَظَمْتُ
معظمَها بالعون مِن ذي القُدْرَه= وذاك في سنةِ إحدى عَشْرَه
وأربعٍ خَلَتْ مِنَ المِئِينا= نفعني اللُه بها آمِينا[/poem]و الموجود من الأرجوزة في هذه النسخة أربع مئة واثنان وستون بيتاً ، من أولها. وتبدأ بعد البسملة والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – بالقول :" قال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ ، في القراء والرواة وأصول القراءات وعقود الديانات ، رضي الله عنه " . وتتألف مقدمتها من واحد وعشرين بيتاً ، ومجموع فصول الأرجوزة كاملة خمسة وستون فصلاً ، كما نص على ذلك الناظم في البيت الحادي والعشرين منها ، والموجود من فصولها في النسخة التي اطلعت عليها سبعة عشر فصلاً، تشير عناوينها إلى موضوعات تندرج في علوم القرآن بالمعنى العام الجامع ، وسوف أنقل هنا أبيات المقدمة وعناوين الفصول في الجزء الذي اطلعت عليه منها ، وعدد أبيات كل فصل ، لإطلاع القراء عليها ، ولفت أنظارهم إليها .
أولاً : مقدمة الأرجوزة المنبهة
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
الحمدُ للهِ العليِّ الفَرْدِ =أهلِ المعالي والثنا والمجدِ
ذي الفضلِ والإنعامِ والإحسانِ= ربِّ العبادِ السيدِ المنَّانِ
أحْمَدُهُ شكراً كما هدانا= لدِينهِ القيِّمِ واجْتَبَانا
صَلَّى الإلهُ الواحدُ القهارُ= ذو الكبرياءِ المَلِكُ الجبَّارُ
على النبيِّ المصطفى مُحَمَّدِ =شفيعِنا في هَوْلِ يومِ الوَعْدِ
ألا اسْمَعُوا مِن قولِ ذي نَصِيحَهْ= أرجوزةً متقنةً فَصِيحَهْ
نَظَمَهَا في الحِذْقِ والإتقانِ =وصفةِ التجويدِ للفرقانِ
دَوَّنَ فيها جُمَلاً مِن ذاكا= بَيَّنَهَا مشروحةً هُنَاكا
وذَكَرَ الأئمةَ القُرَّاءَا= والناقلينَ عنهمُ الأداءَا
وأوضحَ الحُسْنَ والآدابَا= ولَخَّصَ الأصولَ والأسبابَا
وقَيَّدَ الجَمِيعَ بالمعاني= وبَذَلَ المجهودَ في البيانِ
عن كلِّ أصْلٍ ظاهرٍ جَلِيِّ= وكلِّ فَرْعٍ غامضٍ خَفِيِّ
على الذي رَوَاهُ عن أئِمَّتِهْ =في مُدُنِ الشَّرْقِ وَقْتَ رِحْلَتِهْ
مِن غيرِ إطنابٍ ولا إكثارِ =ولا تَكَلُّفٍ ولا تَكْرَارِ
مِن مُقْرِئٍ منتصبٍ إمامِ =وعالمٍ بالنَّحْوِ ذِي تَمَامِ
وماهرٍ في العلمِ بالتأويلِ =وقِدْوَةٍ في مُحْكَمِ التنزيلِ
وفي العقودِ وأصولِ الدِّينِ =والفقهِ والحديثِ في تَمْكِينِ
وبَصَرٍ بالنقلِ والروايَهْ =مُشْتَهِرٍ بالفَهْمِ والدرايَهْ
وضابطٍ للأحرفِ المشهورهْ= وحافظٍ للطرقِ المنشورهْ
وصادق اللهجة غير متهم= لسنن الماضين قبل ملتزم
وعدة التراحم الموضوعه= خمس وستون أتت مصنوعه [/poem]
ثانياً : عناوينُ الفصولِ
(1) القول في الشيوخ : 20 بيتاً .
(2) القول في نزول القرآن : 30 بيتاً .
(3) القول في المُنَزَّلِ منه أولاً وآخراً : 9 أبيات .
(4) القول في الأحرف السبعة : 14 بيتاً .
(5) القول في نعت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم : 7 أبيات .
(6) القول في مَن جَمَعَ القرآن على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم :13 بيتاً .
(7) القول في القراء من الصحابة : 6 أبيات .
(8) القول في المتصدرين منهم في المدينة :17 بيتاً .
(9) القول في المتصدرين منهم في الشام والعراق : 11 بيتاً .
(10) القول في المصاحف وجَمْعِ القرآن فيها : 56 بيتاً .
(11) القول في السبعة القراء وأئمتهم : 61 بيتاً .
(12) القول في الرواة عنهم : 45 بيتاً .
(13) القول في الشواذ من القراء : 27 بيتاً .
(14) القول في أهل الأداء : 21 بيتاً .
(15) القول في المصنفين للحروف : 61 بيتاً .
(16) القول في أصحاب الاختيار : 34 بيتاً .
(17) القول في القرآن وأهله وفضل تلاوته ( الموجود منه : 9 أبيات ) .
إن عناوين هذه الفصول تحمل على الاعتقاد بأن الأرجوزة المنبهة يمكن أن تعد منظومة في علوم القرآن ، ويؤكد ذلك أو ينفيه الاطلاع على الأرجوزة كاملة ، ولعل الإخوة من الباحثين والمحققين في بلاد المغرب بإمكانهم إفادة القراء بمعلومات أخرى عن هذه المنظومة التي اندرست أخبارها في بلداننا المشرقية ، فإنها جديرة بالدرس لجلالة قدر مؤلفها ، ولما تضمنته من معلومات عن بعض الموضوعات المتعلقة بعلوم القرآن لا نجدها في غيرها من المؤلفات .
ومن المحتمل أن تكون في القسم الذي لم أطلع عليه من المنظومة موضوعات لا تندرج ضمن علوم القرآن ، لكن ما اطلعت عليه منها يسمح بالقول بأنها منظومة جامعة في علوم القرآن ، والله تعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .