احمد منصور
New member
· مقدمة:
الحمد لله الذي علم القرآن وخلق الانسان وعلمه البيان والشمس والقمر بحسبان وله النجم والشجر يسجدان ورفع السماء ووضع الميزان والصلاة والسلام على خير الانام محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة وازكى السلام, اما بعد:
ياجوج وماجوج ورحلة ذي القرنين حقائق قرآنية ثابتة لا جدال في صحتها وقد حدث الصادق المصدوق عنها وبالنسبة لنا كمسلمين نؤمن بما جاء عنها في القرآن وما صح روايته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. لكن السؤال الذي ما انفك يسأل من القدم : أين ياجوج وماجوج؟ وكيف كانت رحلة ذي القرنين؟ وقد اتخذ الملحدون والمشككون في صدق الكتاب من ذلك مادة للطعن في الدين واضلال الناس بغير علم ولا يزال يتصدر جدالهم السؤال التالي: اذا كان قرآنكم صحيح فأين ياجوج وماجوج؟ وليس من اجابة مسكتة لهم الى الان.
هذا البحث قام باعداده بتوفيق من الله العلي العظيم العبد الفقير لرحمة ربه : الدكتور احمد منصور وهو فريد من نوعه وفيه دلائل من القرآن والسنة يجب التمعن فيها جيدا قبل الحكم المتسرع على البحث, ولنتذكر ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم, والله نسأل التوفيق والسداد والحفظ من كل مكروه فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين.
رحلة ذي القرنين وبناء السد
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) الكهف).
• قل سأتلو عليكم منه ذكرا: أي بعض خبره فالجدل حول من هو؟ وهل هو الاسكندر المقدوني أو كورش الفارسي أو الحميري أو اخناتون المصري هو جدل في غير موضعه ويجب أن نركز على تدبر الآيات التي تخص سيرته لنطلع على ما فيها من بديع قدرة الله وعظم كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحميد, لابد أن نقف ونتدبر قول الله تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً), فلا شك أن الله جل وعلا قد مكن لذي القرنيين في الأرض واتاه من كل شيء سببا ولا تعجب حين يقال أن الله جل وعلا قد مكنه في الفيزياء والرياضيات والكيمياءوالطب والصناعة والطيران وغيره بل وأكثر مما نحن فيه من تمكين,( فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) الكهف). ما هو السبب؟ انه في اللغة الذي يوصل بين شيئين وقد فسرت هذه الآية على أن ذي القرنيين قد اتبع طريق في الأرض, لنبحث عن كلمة سبب في قاموس القرآن وهو القرآن نفسه, فأذا أشكل عليك فهم كلمة في القرآن ارجع وابحث في القرآن عن أين وردت, إِذاً اين ذكرت كلمة سبب أو اسباب في القرآن الكريم؟ : قال تعالى (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) الحـج). تأمل: سبب الى السماء وقال تعالى : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ (10) ص). الله سبحانه وتعالى يتحدى الكفار إذا كان لهم ملك السموات والأرض, فأذا كان لهم ذلك فلم يقل ليسيروا في الأرض بل تحداهم في الشيء الأصعب ليثبتوا أنهم يملكون السموات, تحداهم أن يرتقوا .. أين؟ في أسباب السموات والارتقاء هو التحرك لأعلى وقال تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ (37) غافر).
من تدبر وإمعان العقل في الآيات الواردة في الكهف والحج و ص وغافر يتضح لنا أن السبب إنما هو الطريق في السماء بينما السبيل قد يأتي بمعنى الطريق في الأرض قال تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (29) العنكبوت), وكذلك قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20) نوح), لاحظ ان المسالك في الارض هي السبل جمع سبيل ولم يرد في القرآن الكريم أي اشارة الى ان الاسباب جمع سبب هي طرق في الارض بل طرق في السماء اوالسموات والله اعلم. إِذاً مما سبق نفهم ان رحله ذي القرنين هي رحلة فضائية أو سماوية متبعا سببا وهو طريق في السماء ولا نعرف على وجه التحديد الوسيلة التي تحرك بها متبعا السبب أو الممر والطريق السماوي وما اذا كان طبقا طائرا أو غيره وهل كان بمفرده ام بمعية جيشه فالله جل وعلا مكنه في كل الوسائل. قال تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) الكهف), حتى اذا بلغ مغرب الشمس: أين هو مغرب الشمس على وجه التحديد على كرتنا الارضية هذه؟ ان كل بقعة تصلح ان تكون مغربا للشمس كما تكون مشرقا لها نظرا لكروية الارض, إِذاً ليس ثم مكانا يسمى بعينه مغرب الشمس ولكن المرجح ان يكون ذلك ظرف زمان أي وقت غروب الشمس, ولكن لنفرض ان احدهم يسير ممتطيا صهوة جواد متجها من القاهرة الى الاسكندرية غربا وبينما هو يسير في الطريق تدلت الشمس للمغيب وهو في طنطا منتصف الطريق بين القاهرة والاسكندرية فهل نقول انه بلغ مغرب الشمس في طنطا ام نقول انه بلغه او ادركه غروب الشمس في طنطا وهذا الأصح لانه لم يبلغ الغروب بل الشمس هي التي ادركته وغربت ولكن كيف نفسرإِذاً ان ذا القرنين قد بلغ مغرب الشمس حيث وجدها ولم يراها, نعم وجدها وهذا أيضا يؤكد ما سنطرحه لكم الان وبالله الاستعانة: ان ذا القرنين الممكن من لدن الله القوي العزيز قد سار عبر الفضاء متبعا طريقا في السماء (سبب ) منطلقا من الكرة الارضية التي كان عليها وتاركا النظام الشمسي الذي يحتوى تلك الارض ومسافرا في عمق السماء ربما في نفس المجرة أو ترك المجرة الى مجرة اخرى أو لربما غادر كل سمائنا الدنيا هذه الى السماء الثانية ( ملاحظة: يظن البعض ان السموات السبع هي غلافنا الجوي والبعض الاخر يقول الكواكب السيارة في مجموعتنا الشمسية نقول لهم مخطئون كل الخطأ فلو تأملتم ما ادرك العلم الحديث من كون حولنا لوجدتم ان كرتنا الارضية لا تكاد ترى في مجموعتنا الشمسية وهى بالفعل لا ترى في مجرتنا درب التبانة فما بالنا لو نظرنا لصفحة سماؤنا الدنيا والتي بتعريف القرآن مرصعة ومزينة بالنجوم والكواكب حيث يقدر العلماء ان الكون المنظور واكرر الكون المنظور لنا ( observable universe) يحوي ما يقارب 170 بليون مجرة كل مجرة تحوى ما يقارب مائة تريليون نجم وشمسنا احدى هذه النجوم الموجودة في مجرتنا درب التبانة وكل هذا الذي نراه أو بالاحرى ما وصلنا خبره بواسطة الضوء المنطلق من مجراته ما هو الا جزء يسير من السماء الدنيا أي والله اعلم ان السماء الثانية والثالثة الى السابعة هي اكوان اخرى والعلم الحديث يؤيد ذلك (Parallel universes) أي الاكوان المتعددة أو العوالم الموازية فسبحان الله رب العالمين ولمن يريد ان يستزيد يرجع لبحثنا بعنوان: (السموات السبع والاراضين السبع), والذي يحتوي اثباتات دامغة عن تعريف السماء وعن وجود اراضين وما تحويه من خلق مكلف غير البشر). إِذاً لنعود الى رحلة ذي القرنين الذي سار في اسباب السماء أو السموات بتمكين من رب العزة حتى وصل الى مجموعة شمسية تحوي كرة ارضية مثل ارضنا هذه وقد نزل على بقعة معينة من تلك الارض وكان وقت وصوله غروب الشمس, أي انه جاء من خارج ذلك النظام الشمسي ومن خارج زمنه الذي يحوي تلك الارض ليجد شمسهم في تلك البقعة تغرب في العين الحمئة, والعين الحمئة قد تكون اشارة الى عين ماء تحوي الطين, ثم ارجو ان لا يفهم البعض انني اعني ان الشمس تغيب داخل هذه العين, كلا مطلقا بل الامر كما يقول اهل الساحل ان الشمس تغيب في البحر أي اختفائها عن الانظار خلف البحر ليس الا. وقد تكون العين الحمئة شيئا اخر لم يتضح امره بعد والله علام الغيوب, ثم لنتأمل قوله تعالى : (وَجَدَهَا تَغْرُبُ), وجدها وليس رأها فلماذا يا ترى؟ نقول والله اعلم ان ذا القرنين لم يرى قرص الشمس وهو يتدلى للمغيب بل ان لحظة وصوله وقد افلت الشمس ولكن ما زالت حمرة الشفق الدالة على موضع مغيبها واضحة أي انها افلت قليلا قبل نزوله على سطح تلك الكرة الارضية في تلك البقعة فعلم ان الشمس تغرب في هذا الموضع ولكن ما الذي نستفيده من هذا التحليل؟ نستفيد انه لو كان ذو القرنين يسير على ارضنا هذه متجها في رحلته جهة الغرب والشمس طبعا تتحرك للغرب لرأها وهي تغيب ولقيل بدل وجدها رأها تغرب في عين حمئة والواقع انه جاء ليجدها أي انه لم يكن على تلك الارض ليواكب حركة الشمس بل جاء من عمق الفضاء الى ذلك النظام الشمسي بشمسه وارضه وكواكبه وحط في توقيت معين في بقعة معينة ووجد ما وجد والله اعلم وهذا يتوافق مع قوله عز وجل: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ), فكما قلنا الامر متعلق بظرف زمان أي زمن الغروب وليس ثم مكان على ارضنا نقول انه مكان غروب الشمس, وجملة حتى بلغ هو أي ذو القرنين: والمعتاد استعمال حتى ادركه غروب الشمس وليس هو يدرك الغروب هذا كله اذا كان يتحرك على ارضنا هذه ولكن ولان رحلته الى مجموعات شمسية مختلفة نزولا على اراضيها فهنا نستطيع فهم التعبير القرآني الدقيق انه بالفعل بلغ, بعد ما قطع من سفر عبر الزمن في السبب السماوي بلغ هذا التوقيت أي غروب شمس تلك الارض في تلك البقعة, لنتأمل قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الاسراء), وقال تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) النور), نقول بلغ الرجل الكبر وبلغ الغلام الحلم, أي ان كل منهما يسير عبر الزمن في سفر ليبلغ موضع معين أو نقطة معينة من الزمن أي الكبر أو الحلم أي انها رحلة للوصول الى زمن معين وليس رحلة مكان وهذا يقودنا الى ما هو السبب الذي سافر فيه ذو القرنين؟ قبل ان نجيب على السؤال لنتعرف قليلا على اتساع الكون الذي نعيش فيه والذي يقدر العلماء بواسطة احدث الوسائل ان قطر الجزء المنظور منه ( الكون المنظور) يبلغ 13,5 مليار سنة ضوئية والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وسرعة الضوء تقارب 300000 كم في الثانية الواحدة أي ان السنة الضوئية تساوي عشرة تريليون كيلومتر ( تريليون = مليون ضرب مليون) ولذلك لو افترضت اننا نسافر منطلقين من ارضنا هذه بواسطة سفينة فضائية تسير بسرعة الضوء سنحتاج لخمس ساعات ونصف الساعة لنخرج تماما من نظامنا الشمسي ثم لنتجه عبر الفضاء السحيق نحو اقرب نجم لمجموعتنا الشمسية ويسمى (الفا سنتورى) فسنصله بعد اربع سنوات ونصف السنة ونحن نسير بسرعة الضوء ولكي نخرج من مجرتنا درب التبانة وننظر الى اذرعها الملتوية سنحتاج الى مائة الف سنة سفر بسرعة الضوء ولكن لنجتاز مليارات المجرات نحتاج لمليارات السنين الضوئية وكل هذا والله اعلم السماء الدنيا لانها وحسب التعريف القرآني مزينة بالنجوم والكواكب. لكن وحسب المعادلات الاولية لنظرية النسبية لاينشتين لا يمكن لاحد السفر بسرعة الضوء لان كتلته ستزداد الى ملا نهاية ولكن وبعد التدقيق في المعادلات وجدوا معضلة في حلها حتى سنة 1935 حين وجدوا الحل حيث وجد اينشتين بمساعدة نتان روزن ان ممرا داخل الكون الواحد أو بين الاكوان يسمح بالسفر فيه بسرعة تفوق سرعة الضوء بمراحل وهذا الممر اطلق عليه اسم الثقب الدودي ( wormhole ) ويفترض نظريا انه يمكن السفر فيه عبر المجرة أو المجرات بسرعة تفوق سرعة الضوء بمراحل ولو افترضنا ان احدهم استطاع اختراع وسيلة للسفر عبر هذا الممر بسرعة تفوق سرعة الضوء ما الذي سيجري لبصره اذا كان يسبق الضوء؟ إِذاً لن يستطيع الرؤية لان الضوء هو الذي ينعكس على الاشياء فتراه العين فيبصر الانسان, إِذاً هذا الشخص سوف يسكر بصره والله اعلم, فهل هذا يفسر قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر), لاحظ سكرت ابصارهم, وقد فسر بعض علمائنا المعاصرين مثل الدكتور زغلول النجار هذه الآية على ان ضوء الشمس لا يرى الا على سطح الارض واذا خرج الانسان الى خارج نطاق الغلاف الجوي فسيسود الظلام, هذا جيد ولكن رغم ذلك يستطيع الانسان الابصار وخاصة انه يرى قرص الشمس لونه اخضر ويستطيع رؤية ضوء النجوم بل ان العلماء الذين هبطوا على سطح القمر قالوا انهم رأوا النجوم بصورة اوضح منها على الارض ولكن في الثقب الدودي وحيث السفر باسرع من الضوء فلن يتسنى ذلك والله اعلم.
إِذاً مجرد تساؤل لا غير: هل الثقب الدودي هو السبب الذي سافر فيه ذو القرنين عبر الزمن؟ وهل هو معراج من معارج السماء اوالسموات؟ حقا وما أوتينا من العلم الا قليلا . ثم انه وجد عند العين الحمئة قوما, وقوم تطلق على الانس والجن, قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)الاحقاف), فهل كانوا انسا ام جنا وقد يقول البعض كيف يحكم ذو القرنين الجن وهذا لسليمان عليه السلام فقط؟ نقول الامر متعلق هل ذو القرنين كان قبل سليمان ام بعده؟ فاذا كان بعد سليمان عليه السلام فيستبعد ذلك لان سليمان عليه السلام طلب من الله جل وعلا ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ولكن لم يقل من قبلي, على أي حال جرى ما جرى من امر ذي القرنين مع هؤلاء القوم ولكن قد يعن سؤال كيف استطاع اذا كان بمفرده حكمهم وتعذيب الظالم؟ (قال تعالى: قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً (88) الكهف), ردا على السؤال نقول ربما كان بمعيته جيشه وربما اتخذ من المحسنين منهم جيشا وربما مما مكنه ربه ان لديه من الاسلحة ما يستطيع التحكم بهم حتى لو كان منفردا ( تخيل احدهم يمتلك طائرة اباتشي مزودة بكل المعدات ضد قبيله من قبائل العرب قبل الف عام). ثم بعد ان كان معه ما كان مع اؤلائك القوم, لنتأمل: قال تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91) الكهف), ثم : تفيد التراخي, اتبع سببا : أي سار في سبب من اسباب السماء أو السموات منتقلا من تلك المجموعة الشمسية حتى بلغ ارض اخرى في نظام شمسي آخر وكان منه ما كان ثم: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94) الكهف), كما قلنا من قبل ثم تفيد التراخي أي انه مكث ما مكث على ارض القوم الذين وصلهم في رحلته الفضائية الثانية والذين لم يجعل الله جل وعلا لهم من الشمس سترا ثم انطلق متبعا سببا من اسباب السماء حتى بلوغه كرة ارضية اخرى في مجموعة شمسية اخرى وفي موضع معين نزل هناك ليجد قوما من دون سدين أي قريب منهما وهم لا يكادون يفقهون قولا فقالوا له : يا ذا القرنين ان ياجوج وماجوج مفسدون في الارض : وسنتوقف عند قولهم هذا بالتحليل والله نسأل التوفيق والسداد, قالوا عن ياجوج وماجوج انهم مفسدون في الارض, ولم يقولوا مفسدون في ارضنا أو بلادنا بل في الارض وهذا يدلل على ان افساد ياجوج وماجوج قد طال الارض أو بالاحرى الكرة الارضية قاطبة وهذا ليس بعجيب ولا غريب على خليقتين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح انهم يغشون الارض وفي لفظ يعمون الارض ويشربون الانهار فيجففونها ويشربون بحيرة طبرية حتى لا يبقى فيها ماء فيمر اخرهم ليقول كان هنا ماء وبعد ان يميتهم الله عز وجل لا يجد نبي الله عيسى واصحابه من المؤمنين موضع قدم لهم في الارض من جثثهم فيتوسلوا الى الله جل وعلا فيرسل طيرا اعناقها كاعناق الابل فتحملهم فتطرحهم حيث يشاء الله, فهل مثل هذه الطيور موجودة على ارضنا؟؟ ومما يدل على كثرتهم ان المسلمين يوقدون من قسيهم ونبالهم وتروسهم سبع سنين فتصور كم يكون عددهم؟ ان كل هذا يؤكد لنا ان ياجوج وماجوج ليسوا على كرتنا الارضية هذه والا لماذا لم يشتكي منهم القوم الذين مر بهم ذو القرنين عند العين الحمئة حين بلوغه مغرب الشمس؟ أو اؤلئك الذين مر بهم عندما بلغ مطلع الشمس؟ لماذا اقتصر فسادهم على بقعة معينة؟ لماذا لم يعرفونهم الاقوام والامم السابقة كعاد وثمود والفراعنة وغيرهم ممن سكن الارض ويسجلوا عن معاركهم معهم علما انه لا يدان لاحد بقتالهم كما جاء بالحديث الصحيح ام هم أي ياجوج وماجوج قد ظهروا طفرة وفجأة؟ اليسوا خلقا من مئات الاف السنين ان لم يكن ملايين السنين؟ لهذا كله وغيره من الاثباتات نقول يستحيل ان يكونوا على كرتنا الارضية هذه وليسوا على نفس الكرة الارضية التي زارها ذو القرنين اولا ووجد فيها العين الحمئة وليسوا على الكرة الارضية التي تحوى القوم الذين وجدهم عند بلوغه مطلع الشمس والاصح انهم هم أي ياجوج وماجوج موجودون مع القوم الذين يكادون لا يفقهون قولا على كرة ارضية واحدة وبينهم وبينهم صولات وجولات ويحدثون الفساد في ارضهم وربما على هذا الحال ردحا من الدهر لا يعلمه الا الله جل وعلا الى حين ساق الله لهم ذي القرنين ليهبط على ارضهم فيشتكون له من هذا العدو اللدود وتوضح لنا الايات الكريمة ان اؤلائك القوم قد طلبوا من ذي القرنين بناء سد يحول بينهم وبين ياجوج وماجوج مقابل خرج وهنا نتوقف لنحلل الموقف: هؤلاء القوم يعرفون نقطة ضعف عدوهم كما يخبرون نقطة قوته فهم لم يطلبوا من ذي القرنين قتال ياجوج وماجوج واخضاعهم بل طلبوا فقط سدا أي انهم يعلمون ان هذا السد سيحل المشكلة وكذلك هم يريدون ان يعطوه خرجا ما يدل على انهم ليسوا فقراء والشيء المهم انهم قالوا ( ان تجعل بيننا وبينهم سدا) فهذا يدل على ان ياجوج وماجوج ليسوا تحت الارض كما يحلوا للبعض تخيل ذلك والا لما قالوا هذه المقوله ولقالوا نجعل لك خرجا على ان تجعل عليهم سدا أو ردما اليس كذلك؟ اما كونهم يقولون تجعل بيننا وبينهم سدا يدل على ان ياجوج وماجوج على الجهة الاخرى من السد فوق سطح الارض والله اعلم. وكونهم طلبوا اليه بناء هذا السد قد يفيدنا انهم حاولوا مرارا بناء مثل هذا السد ولكن كانت سدودهم تنهار امام عنفوان عدوهم لانها كانت سدود تفتقر للقوة المتوفرة في السد الذي بناه ذو القرنين والله اعلم. قال تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً (97) الكهف), ردا على عرضهم باخراج خرج له مقابل بناء السد قال لهم: ما مكنني فيه ربي خير أي خيرا من خراجكم وطلب منهم امداده بالقوة لعمل ردم بينهم وبين ياجوج وماجوج وليس ردما على ياجوج وماجوج وهذا كما قلنا يدل على ان ياجوج وماجوج ليسوا في باطن الارض وربما يكون هذا الردم هو ما استخرج من تراب لحفر اساس للسد الحديدي فوضع الردم المستخرج من الارض بين الصدفين بمحاذاة اساس السد ثم طلب منهم احضار زبر الحديد حتى ساوى بين الصدفين, ولو ان ياجوج وماجوج موجودون تحت الارض والسد كان ليغطي فوهة الحفرة لما استعملت كلمة الصدفين فاي حفرة لها صدفين؟؟ ان فوهة الحفرة دائرية اما الصدفين فتعني وجود قسمين منفصلين تماما حيث ساوى بينهما بالحديد كما هو النص القرأني, ولكن لنتوقف عند ( زبر الحديد) الذي طلب منهم احضارها له لعمل السد فماذا تعنى زبر الحديد؟ قيل في كتب التفسير قطع الحديد, ولكن هل الحديد موجود في الطبيعة على شكل قطع؟ الحديد موجود بصورة اكاسيد الحديد واذا ما تركت قطعة من الحديد معرضة للهواء والرطوبة فستتأكسد بسرعة وتتحول للصدأ وهو اكسيد الحديد الذي ينتشر في التربة ومعظم الحديد يوجد في الطبيعة على شكل اكسيد الحديد وهو يعطي للتربة لونها الاحمر كما هو الحال في بعض المناطق في الولايات المتحدة ونظرا لاحتواء سطح المريخ على نسبة عالية جدا من اكسيد الحديد فلذلك يبدو لونه احمر ولذلك سمي بالمريخ كما يقال ثور امرخ أي احمر اللون. ومع ذلك يوجد نسبة قليلة من الحديد على شكل حديد مخلوط بالنيكل ويسمى الحديد النيزكي لانه يسقط مع النيازك فهل قطع الحديد التي وجدها ذو القرنين عند القوم هي من الحديد النيزكي ام كان لديهم وسائل متقدمة كما نحن اليوم لاستخراج اكسيد الحديد من التربة ومعالجته بالافران اللافحة أو وسائل اخرى للحصول على الحديد؟ ولو سلمنا بان لديهم قطع حديد فهل اشعال النار عليها بكل بساطة سيصهر الحديد؟ الذي سيجيبك على هذا السؤال هو الحداد الذي ما انفك طوال حياته يشعل النار وينفخ بالكير على قطعة الحديد وكل ما حصل عليه هو انها تحمر ليسهل طرقها وتشكيلها لا صهرها فصهر الحديد يتطلب درجة حرارة عالية تفوق الالف درجة مئوية فما هي الطاقة الهائلة التي استعملها ذو القرنين لصهر كم هائل من لحديد؟ نقول والله اعلم ان ذو القرنين والممكن من لدن الله القوي العزيز قد استعمل تفاعلا كميائيا معروف لدينا ويعرف بتفاعل الثيرمايت (thermite reaction) وهو تفاعل بين اكسيد الحديد مع الالومنيوم حيث يقوم الالومنيوم بانتزاع الاكسجين من اكسيد الحديد واطلاق كم هائل من الحرارة تتراوح بين 3000 الى 5000 درجة مئوية تكفي لصهر الحديد والتفاعل بسيط جدا فقط خلط نسبة معينة من صدأ الحديد مع مسحوق من الالمونيوم واشعال الخليط والابتعاد عنه لتفادي الحرارة الكبيرة فهل هذا ما قام به فعلا ذو القرنين حيث حصل من التربة على اكسيد الحديد ويعرف بالهيماتيد وقد يوجد على شكل صخور واما الالومنيوم وهو ثالث عنصر من حيث الوفرة في الطبيعة فقد يوجد في بعض المناطق المعزوله عن الهواء بصورة نقية وقام باعداد النسب المناسبة واشعل النار في نقاط معينة من السد وطلب اليهم النفخ لاحداث التفاعل الذي اطلق كم هائل من الحرارة صهرت الحديد وشكلت السد وقد يكون الردم هو بمثابة داعم للقلب الحديدي قبل ان يجمد وربما تشيركلمة الصدفين الى صدفي الردم الذين شكلا محتوا لاحتواء الحديد المنصهر بينهما واما القطر اذا ما كان هو النحاس فعلا فهو يصهر بنفس كيفية صهر الحديد حيث ان تفاعل الثيرمايت يمكن احداثه باستعمال العديد من الاكاسيد اذا ما تفاعلت مع الالومنيوم مثل اكسيد الحديد أو اكسيد النحاس أو اكسيد الماغنسيوم, فلربما يكون ذو القرنين قد حصل على النحاس المنصهر بواسطة نفس التفاعل وقام بأفراغه على قلب السد الحديدي المنصهر لاكسابه القوة والمتانة والله اعلم. ملاحظة: كما قلنا من قبل انه يحتمل استعمال قطع من الحديد النيزكي ولكن عملية صهر الحديد تتطلب درجة حرارة كبيرة وقد يكون اسستعمل فيها تفاعل الثيرمايت حيث وضع كم منه تحت القطع وتم اشعاله لصهر الحديد وهناك الكثير الكثير من التساؤلات التي تدور حول بناء هذا السد العجيب وطريقة بنائه وما هو القطرعلى وجه التحديد علما ان الله جل وعلا قد منح عينه المسالة لسليمان عليه السلام وما هو دوره في منع صدأ الحديد والحفاظ على السد بقدرة الله جل وعلا مقاوما لعوامل التعرية.
قال تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً), هذا أيضا اثبات اخر على ان ياجوج وماجوج ليسوا كما يظن البعض تحت الارض ومن ثم ليسوا على كرتنا الارضية فمن الملاحظ هنا انهم يقومون بمحاولتين مختلفتين للتغلب على السد والله جل وعلا يخبرنا في كتابه الكريم عن فشلهم في تلك المحاولتين الى ان يحين الاجل الذي اجله سبحانه وتعالى لهم للخروج, (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أي انهم لم يتمكنوا من اعتلاء السد وتسلقه للمرور من فوقه (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً) أي انهم كذلك لم يتمكنوا من نقبه ومن هنا نقول ان استعمال فعلين مختلفين في وصف محاولات ياجوج وماجوج للتغلب على السد انما يدل على ان السد هو سد منتصب فوق سطح الارض يفصل بين فئتين كلتيهما تعيشان على سطح الارض وليس في ذلك أي اشارة الى ان ياجوج وماجوج في باطن الارض والسد يغلق الفوهة التي يودون الخروج منها والا لما استعمل الفعلان ولكان استعمل فعل النقب فقط لانه الطريق الوحيد لاعتلاء السد والظهور على سطح الارض في هذه الحالة . لاحظ كذلك استعمال فعل الاستطاعة بطريقتين مختلفتين ففي الحديث عن محاولة تسلق السد استعمل الفعل بدون التاء (اسطاعوا) وفي الحديث عن محاولة نقب السد استعمل الفعل ( استطاعوا) بالتاء فما الفرق؟ الأصل في اسطاع استطاع، وحذفت التاء للتخفيف، وفتحت همزة الوصل وقطعت وهو قول الفراء. والعرب تقول: إن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، قال ابن كثير رحمه الله: ( ذلك تأويل مالم تستطع عليه صبرا) أي هذا تفسير ما ضقت به ذرعا، ولم تصبر حتى أخبرك به ابتداء، ولما أن فسره له وبينه ووضحه وأزال المشكل قال ( تسطع ) وقبل ذلك كان الإشكال قويا ثقيلا، فقال ( سأنبئك بتأويل مالم تستطع عليه صبرا ), فقابل الأثقل بالأثقل والأخف بالأخف، كما قال تعالى: ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) وهو الصعود إلى أعلاه ( وما استطاعوا له نقبا ) وهو أشق من ذلك ، فقابل كلا بما يناسبه لفظا ومعنى، والله أعلم ( تفسير ابن كثير). اذا مما سبق علمنا ان اسطاع بدون التاء تفيد التخفيف وان الامر اسهل وايسر من استطاع والذي يفيد المشقة والصعوبة ولكن في حال ياجوج وماجوج ومن تتبع الاحاديث الصحيحة الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم علمنا ان ياجوج وماجوج في نهاية الامر ينقبون السد وهو العمل الاصعب ولم يستطيعوا فعل الاسهل وهو تسلقه فماذا نفهم من ذلك؟ الله اعلم ان هذا يشير الى نقطة الضعف التي اودعها الله جل وعلا في هذا العدو الشرس وهي عدم القدرة على التسلق ولذلك لم يستطيعوا فعل الاسهل وهو تسلق السد فعمدوا الى نقبه وقلنا ان هذا قد يفسر كيف ان القوم الذين استغاثوا بذي القرنين قد عاشوا ردحا من الزمن مع ياجوج وماجوج قبل ان ياتيهم ذو القرنين ويحجز عنهم خطر هؤلاء الاشرار, فهم ربما كانوا يعمدوا الى المناطق المرتفعة كالجبال لاتقاء شر ياجوج وماجوج ولكن وبعد انتهاء غارات ياجوج وماجوج عليهم يعودون للارض السهلة لممارسة زراعتهم وعيشهم وهذا يفسر أيضا تحصن المسلمين بمعية عيسى ابن مريم عليه السلام فوق الجبل وعدم استطاعة ياجوج وماجوج بقدرة الله الوصول لهم.
وليس من المتوقع ان ياجوج وماجوج محصورين في نطاق ضيق من الارض لانهم خلق كثير والله سبحانه وتعالى متكفل برزقهم شأنهم شأن كل دواب الارض, قال تعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود), ولذلك فكرة انهم محصورون في مكان ضيق دون سبل عيش عوضا عن القول بأنهم في جوف الارض هو امر مستبعد والمرجح والله اعلم انهم يعيشون في نطاق واسع من تلك الكرة الارضية وربما ان تلك الكرة الارضية اكبر من كرتنا الارضية بمراحل وتحوي الخيرات الوفيرة والمياة الكثيرة وقد يكون القوم الذين استعانوا بذي القرنين هم انفسهم من يعيش في بقعة معينة من الارض وطلبوا اليه تحصين ارضهم من افساد ياجوج وماجوج المستشرى في كل الارض هذا والله اعلا واعلم.
ياجوج وماجوج ليسوا على هذه الكرة الارضية
1. قال صلى الله عليه وسلم: (ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهِمْ ونُشَّابهم وجِعابِهِمْ (وفي لفظ: وأَترِسَتِهمْ) سبع سنين): سؤال: اذا كانوا تحت الارض مغلق عليهم كيف تسنى لهم اعداد مثل هذه الاسلحة والتي تتطلب موارد هائلة من نباتات واخشاب وحديد لصنع التروس وما يدل على الكم الهائل من هذه الاسلحة ان المسلمين سيوقدون منها لمدة سبع سنين فاي عاقل يصدق انهم تحت باطن الارض؟ بلا شك انهم موجودون على سطح الارض في بيئة تحوى الاشجار والموارد اللازمة لصنع مثل هذه الاسلحة.
2. قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً): من يقول انهم في باطن الارض مغلق عليهم بالسد ويستدل على ذلك بانهم لا يرون شعاع الشمس فليتفضل ويوضح لنا كيف يستطيعون معرفة الايام وتحديد الوقت دون الرجوع للوسائل التي خلقها الله سبحانه وتعالى لنا لمعرفة حساب الايام وعدد السنين واقصد بذلك الشمس والقمر؟ هم كما هو واضح في حديث المصطفى يحفرون كل يوم حتى نهاية اليوم حين يامرهم الذي عليهم بالتوقف عن الحفر لمواصلته غدا, اذا هم يعرفون ويحددون الايام اليس كذلك؟ اذا لابد انهم يروا الشمس والقمر. وسنفند الان حجة من يحتج بوشوك رؤيتهم لشعاع الشمس في نهاية الحفر كل يوم على انها دليل على انهم في باطن الارض وليس على ظهرها: نقول وبالله الاستعانة هل شعاع الشمس يعنى ضوء الشمس؟ ان من علامات ليلة القدر شروق الشمس بدون شعاع فهل يدل ذلك على انها ليس لها ضوء؟ لو تخيلت نفسك في ساعة متأخرة من وقت العصر قبيل مغيب الشمس تقف خلف حائط مرتفع يحول بينك وبين رؤية الشمس في ذاك الوقت أي انك تقف شرق الحائط بينما تتدلى الشمس للمغيب وترسل اشعتها الحمراء والذهبية ولكن الحائط يحول بينك وبين رؤية تلك الاشعة رغم انك ترى ضوء النهار في السماء وعند هذه اللحظة امسكت بالمعول وشرعت في فتح ثقب في الحائط وبعد ان تصببت عرقا تمكنت اخيرا من احداث ثقب في الحائط فسينهال عليك شعاع الشمس وتستبشر بانجاز المهمة, ان هذا هو واقع ياجوج وماجوج والسد فالسد فوق سطح الارض يحول بينهم وبين القوم والله اعلم انهم في الجهة الشرقية منه ويقومون كل يوم من مشرق الشمس بالحفر حتى نهاية اليوم حين يقرر زعيمهم بالرجوع للديار لمواصلة الحفر غدا وهم بالتاكيد لا يعلمون انهم على وشك ان يحدثوا فتحة فيه تمكنهم من رؤية اشعة الشمس التي توشك على المغيب والا لما توقفوا عن الحفر ولكن هذه ارادة الله لانه لم يحن وقت خروجهم والله اعلم. لاحظ دقة لفظ حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحيا يوحى : (حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس) ولم يقل ضوء الشمس فهم يرون ضوء الشمس الذي يملا الدنيا ولكن في توقيت نهاية يومهم وبعد حفر من الصباح في السد كادوا ان يروا شعاع الشمس المباشر منها ومن هنا نستشف ان الشمس وفي اخر كل يوم ترسل اشعتها مباشرة على الجهة من السد التي بأتجاة القوم وعكس اتجاه ياجوج وماجوج دون ان يحول بينها وبين السد أي حائل والله اعلم.
3. قال صلى الله عليه وسلم: (حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم، وأرادَ اللهُ عز وجل أنْ يبعثَهم على الناس، حَفَروا حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمسِ، قالَ الذي عَليهِمْ: اِرْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غداً إن شاء الله تعالى! وَاسْتَثْنَوْا، فيعودونَ إليهِ وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ، إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور. ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)، ويتحصَّنُ (وفي لفظ: ويَفِرُّ) الناس منهم في حصونهم، وينحاز منهم المسلمون، حتى تصير بقيةُ المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويَضُمُّونَ إليهم مواشِيَهم، ويَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأرضِ؛ حَتىَّ إِنَّهمْ لَيَمُرُّونَ بِالنّهرِ فيَشْرَبُونَهُ، حَتىَّ مَا يَذَرونَ فِيهِ شَيئاً، حتّى إنّ بعضَهم لَيَمُرُّ بِذلكَ النَّهرِ، حتى يتركوه يَبساً حتى إن مَنْ بَعدَهُمْ ليَمُرُّ به فَيقولُ: قَد كانَ هَهُنَا مَاءٌ مرّةً!، فيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ على بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء): حين بلوغ مدتهم يحفرون السد ويفتحونه بمشيئة الله سبحانه وتعالى ويخرجون على الناس انذاك يوحي الله الى نبيه وعبده عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام انه جل وعلا قد اخرج وفي رواية ابن حجر قد انزل عبادا له لا يدان لاحد بقتالهم, ونتوقف هنا عند لفظة (قد انزلت) وفيها دليل على ان يأجوج وماجوج ليسوا على ارضنا هذه بل على ارض من ارض الله الواسعة والتي لا يعلم حدودها الا الله تعالى وذلك انهم سينزلون من عل على كرتنا الارضية هذه ولكن وقبل نزولهم لكرتنا الارضية فستكون لهم جولات مع القوم الذين من دون السدين لانهم هم اول من سيخرجون عليهم قبل ان يبعثهم أي يرسلهم وينزلهم الله على كرتنا الارضية لاحظ قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج ) والبعث هو الارسال ثم لاحظ قوله صلى الله عليه وسلم: (ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)): بعد ان يبعث الله ياجوج وماجوج فهم يخرجون, وقد ذكر صلى الله عليه وسلم هنا قول المولى عز وجل عن صفة خروجهم (كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ) ما معنى حدب؟ ذكر اخواننا المفسرون انه ما غلظ وعلا من الارض وينسلون أي يخرجون مسرعين قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) يس) وقال تعالى : (خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) القمر), ولكن لنتسأل هنا لما يخرج ياجوج وماجوج مما علا وغلظ من الارض بعد ان خرجوا من السد؟ وكذلك نرى في الحديث انهم بعد انسلالهم وخروجهم من الاحداب يعمون الارض وفي رواية يغشون الارض أي ان انسلالهم وخروجهم من الاحداب يكون قبل غشوهم الارض وكل الارض لانهم يشربون انهارها ومياهها وياكلون خيراتها ومن الملفت ان تحصن الناس في حصونهم يوفر نوع من الحماية لهم من هجمات ياجوج وماجوج ولكن الملفت للنظر اكثر هو تحصن المسلمين بمعية عيسى صلى الله عليه وسلم برأس الجبل ليعصمهم من شر هؤلاء الاشرار فلماذا يا ترى؟ ان هذا ما لمسناه من نقطة ضعف لدى ياجوج وماجوج فهم والله اعلم بطبيعة خلقهم لا يستطيعون تسلق المرتفعات ولذلك لم يتمكنوا من ظهور السد بل سيستطيعون اخر المطاف نقبه فقط ولهذا كان وجود المسلمين فوق الجبل بقدرة الله عز وجل وفر لهم ملاذا امنا لعدم قدرة ياجوج وماجوج على تسلق الجبل بل اكتفوا بحصارهم , واذا عدنا للوراء وتأملنا ما كان اصلا قبل وصول ذو القرنين للقوم الذين من دون السد والذين كانوا يتعرضون لغارات ياجوج وماجوج وفسادهم وتسألنا: كيف كانوا يفرون بارواحهم ومواشيهم من خطر ياجوج وماجوج والذين لابد انهم كانوا يعيشون معهم ردحا من الزمن قبل بناء السد؟ كيف لم يتمكن ياجوج وماجوج من القضاء عليهم نهائيا وهم بهذه القوة؟ نقول والله اعلم انه كما لهؤلاء الاشرار من قوة الا ان الله جل وعلا اودع فيهم نقطة ضعف وهي والله اعلم عدم تمكنهم من التسلق ولهذا ربما كانت المرتفعات الجبلية توفر للقوم الذين من دونهم ملاذا امنا للفرار بحياتهم ولكن وبسبب ان لديهم معايش وزراعة في الارض السهلة فلا يستطيعون الالتصاق طوال الوقت بالمرتفعات ولذلك يعودون بين فينة واخرى لممارسة حياتهم على الارض السهلة ولكن ياجوج وماجوج يباغتونهم بالغارات بين حين واخر ويقتلون من يقتلون منهم وياكلون محاصيلهم ومواشيهم ويفر من يفر الى اعالى الجبال لينجو بروحه. ومن المؤكد ان هؤلاء القوم يخبرون نقطة ضعف عدوهم أي ياجوج وماجوج ولذلك طلبوا من ذي القرنين بناء سد يحول بينهم وبين ياجوج وماجوج وربما انهم حاولوا مرارا بناء مثل هذا السد سابقا ولكن كانوا أي ياجوج وماجوج ينقبون سدودهم بسهولة لافتقارها للقوة المتوفرة في سد الحديد والنحاس الذي بناه لهم ذو القرنين الممكن من لدن الله القوي العزيز. ونعود الان للأحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج وهل هي ما علا وغلظ من الارض؟ لماذا بعد خروجهم من السد يخرجون مما علا من الارض؟ اليسوا يغشون الارض جميعا كما جاء في الحديث؟ لماذا يعمدون للمرتفعات ويتركون الارض السهلة علما انهم كانت مشكلتهم السد وهو مرتفع؟ لماذا لم يصلوا للمسلمين إِذاً وهم باعلا الجبل اذا كان لديهم القدرة على تسلق المرتفعات؟ اليس الجبل هو من احداب الارض كما فسرها المفسرون؟ لم يذكر صلوات الله وسلامه عليه حين وصل الى نقطة انسلالهم من الاحداب بانها تعني الخروج من اكام الارض وما علا منها بل اكتفى بتلاوة الآية قائلا : (فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُون ), لاحظ أيضا ان من كل حدب تدل على كثرة الاحداب المنسل منها ياجوج وماجوج. ولماذا يقتصر وصف انسلالهم على مرتفعات الارض لماذا لم تذكر الارض السهلة والوديان؟ ان ما نراه والله اعلم وفي ضوء ما فهمناه من كتاب الله جل وعلا وحديث المصطفى ان الاحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج هي والله اعلم وسيلة نقلهم من الارض التي كانوا فيها في السماء الى كرتنا الارضية ولذلك جاء في الحديث (إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي) ولعل هذه الاحداب هي والله اعلم الاطباق الطائرة والتي شوهدت الاف المرات من قبل كثير من الناس منهم طيارون امريكيون وكان الاجماع على انها محدبة الشكل كالعدسة المحدبة أو كتحدب الصحن أو الطبق ومن ذلك جاءت تسميتها بالاطباق الطائرة أو الصحون الطائرة. لكن السؤال كيف حصلوا عليها؟ ربما انهم استولوا عليها من اؤلائك القوم الذين استعانوا بذي القرنين لبناء السد ولربما ان هؤلاء القوم قد استمدوا من ذي القرنين مما علمه الله ومكنه فيه لصناعة مثل هذه الاطباق وليس غريب انهم تقدموا بمرور الزمن ولكن ورغم تقدمهم لم يكن لهم طاقة بقتال ياجوج وماجوج وربما نقطة قوة ياجوج وماجوج هي التكاثر السريع فقد ذكر ان احدهم لا يموت حتى يولد له الف, جاء في الحديث: (الرجلَ منهم لا يموتُ حتى يُولدَ له ألفُ ذكرٍ), الراوي: عمر بن الخطاب رضى الله عنه, المحدث: ابن جرير الطبري, المصدر: مسند ابن عباس ( حديث صحيح), أي انه مهما قتل منهم فسيتم تعويضة بسرعة ولذلك لو تاملت طريقة القضاء عليهم ان الله عز وجل يرسل عليهم النغف فياتيهم في رقابهم ومناخيرهم فيموتون موتة رجل واحد نعم موتة رجل واحد فلو بقي منهم القليل سيتكاثرون بسرعة وساضرب لك مثل على ضعف الانسان حتى امام مخلوقات اقل شأنا من ياجوج وماجوج, الذباب مثلا, فهو العدو اللدود للانسان منذ بدء الخليقة فلا احد يرغب في وجوده فهل استطاع الانسان القضاء عليه رغم ما وصلنا اليه من تقدم ورقي؟ كلا بل ان العجيب في الامر ان دراسة امريكية خلصت الى ان الافراط في مكافحة الذباب يؤدي الى انه يستشعر انقراض نسله فيتكاثر بصورة كبيرة على غير عادته فربما ان ياجوج وماجوج كان لديهم هذه النقطة من القوة التي جعلت القوم الذين امامهم لا يستطعون القضاء عليهم حتى ولو وصلوا لما وصلوا من تقدم ورقي والله اعلم وسنوضح ذلك الامر لاحقا ان شاء الله.
4. قال صلى الله عليه وسلم: (وفي حديث النواس: ثم يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ، فلا يجدونَ في الأرضِ موضع شِبْرٍ (وفي لفظ: بيتا) إلا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم ودماؤُهم، فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل) نتوقف هنا عند نقطتين: اولا: ان ليأجوج وماجوج بعد موتهم نتن وزهم أي رائحة كريهة من نتاج التعفن, وهذا يشير الى انهم مخلوقون من مادة عضوية يتولد عن تعفنها غاز كبريتيد الهيدروجين وكذلك كون مواشي المسلمين تشكر أي تسمن من اكل لحومهم يؤيد ان اجسادهم تحتوي مواد عضوية من التربة, والله اعلم, إِذاً هم خلق من تراب وليس من نار أي انهم والله اعلم انس وليسوا من الجن فقد ورد في الحديث: (الإنس عشرة أجزاء تسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وسائر الناس جزء واحد), الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: ابن الملقن, المصدر: شرح البخاري لابن الملقن, ولكنهم ليسوا من البشر أي ليسوا من ابناء آدم عليه السلام فآدم وفي الحديث المتفق عليه هو ابو البشر وليس ابو الانس فلم يرد مطلقا لا في القرآن ولا في السنة ان آدم ابو الانس جميعا لان هناك فرق بين الانس والبشر فكل البشر من الانس ولكن ليس كل الانس بشر والله اعلم وهذا تجده في بحثنا الانس والبشر والاثباتات الدامغة من القرآن والسنة في هذا الصدد. واما من ذهب الى ان ياجوج وماجوج من البشر أي بني آدم فسنورد له هنا حديثين صحيحين يثبتان انهم ليسوا من ذرية آدم عليه السلام : الحديث الأول رواه البخاري (6529) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ ، فَيُقَالُ : هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ . فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ . فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، كَمْ أُخْرِجُ ؟ فَيَقُولُ : أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا ؟ قَالَ : إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ .
الحديث الثاني رواه البخاري (3348) ومسلم (222) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ . قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ ؟ قَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا . ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا , فَقَالَ : أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا, فَقَالَ : أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا , فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ .
من الملاحظ انه في الحديث الاول حين يطلب الله عز وجل من آدم عليه السلام اخراج بعث جهنم من ذريته لا ذكر ليأجوج وماجوج والنسبة تختلف حيث من كل مائة تسعة وتسعون واما في الحديث الثاني فالفظ الذي ورد فيه اخراج بعث النار ولم تذكر ذرية آدم فقط , وهل بني آدم وحدهم في ارض المحشر؟ كل الخلائق جنها وانسها ستكون محشورة, قال تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) الانعام), ولذا نقول ان ياجوج وماجوج ليسوا من ذرية آدم والله اعلم بل هم خلق من الانس لهم طبيعة مختلفة. وكذلك تامل الحديث التالي والذي يوضح فهمه ان ياجوج وماجوج ليسوا من بني آدم: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه ، وقد فاوت السير بأصحابه ، إذ نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم قال : فحثوا المطي ، حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هل تدرون أي يوم ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك يوم ينادى آدم ، يناديه ربه : ابعث بعث النار ، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ! قال : فأبلس القوم ، فما وضح منهم ضاحك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا اعملوا وأبشروا ، فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلا كثرتاه ، فمن هلك من بني آدم ، ومن هلك من بني إبليس ، ويأجوج ومأجوج ، قال : أبشروا ، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير ، أو كالرقمة في جناح الدابة
الراوي: عمران بن حصين المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تفسير الطبري - الصفحة أو الرقم: 10/1/144 خلاصة حكم المحدث: صحيح), لاحظ لو ان ياجوج وماجوج من بني آدم لما ذكروا هنا ولأكتفي بذكر من هلك من ابناء آدم فقط والله اعلم.
دعونا نعود الان الى كيف يخلص الله جل وعلا المسلمون ونبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم من جثث ياجوج وماجوج, قال صلى الله عليه وسلم : (فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل), إِذاً يرسل الله سبحانه وتعالى طيرا كاعناق الابل فتحملهم وتطرحهم حيث يشاء الله, كاعناق البخت أي كاعناق الابل: اليس العرب هم الأخبر بالصحراء وبالطيور واسمائها لماذا لم يسمي الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تلك الطيور ذات الاعناق الكبيرة؟ واين ستذهب بهم اذا كانوا اصلا قد ملأوا كل الارض؟ الله اعلم ان هذه الطيور أيضا ليست من طيور ارضنا بل تأتي من السماء من ارض من السماء لتحمل الاشرار وهم فرسى وتطرحهم في ارض بعيدة ليست كرتنا الارضية هذه وانني لاتسأل هل هذه الطيور هي طيور العنقاء والتي وكما يقول المثل الصيني: ( حين تاتي العنقاء من السماء يحل السلام), فهل لهذا القول اصل وحقيقة وكان لمن قبلنا من الأمم الغابرة تواصل بالمخلوقات الفضائية وعلى علم بما سيحدث في اخر الزمان اليس كان فيهم رسل كما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وربما مع الوقت حولوا ما ذكره لهم المرسلين من حقائق الى خرافات ولذلك قالوا المستحيلات ثلاث وسموا الغول والعنقاء وتهكما اضاف الشاعر الخل الوفي, وهل الغول المذكور في الاساطير والخرفات (أو التنين في الخرافات الصينية) هو عينه ياجوج وماجوج وجاء اسم الغول من يغيل أي يختفي ومنها اشتق اسم الكحول أي الغول لانها تغيل بالعقل أي تغيبه وربما سر التسمية لان الاوائل سمعوا بيأجوج وماجوج ولم يروهم لاحظ ان كلمة ياجوج من اجيج النار علما ان التنين ينفث من فمه الناروكل هذا هو فقط اجتهادات مني ومجرد تساؤلات فقط لاغير والله وحده اعلا واعلم.
5. ومن الادلة القاطعة والتي تثبت ان ياجوج وماجوج ليسوا في باطن الارض كما يحلوا للبعض تخيل ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) فاطر), وكذلك قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل), لاحظ ان الايتان الكريمتان تشيران الى ان الدواب وخاصة المكلفة منها تعيش على ظهر الارض لا في بطنها ولو ان ياجوج وماجوج وهم طبعا من الدواب العاقلة المكلفة يعيشون في بطن الارض لما اقتصرت الايات على هلاك الدواب التي على ظهر الارض بل والتي في بطنها اليس كذلك؟ وحتى ان كان هناك بعض الدواب تسكن تحت الثرى (ليس في عمق بطن الارض) الا ان عيشها يستدعي خروجها لتقتات من على ظهر الارض, والواضح والله اعلم ان الدابة المذكورة في الايتان السابقتان 45 فاطر و61 النحل انها الدابة العاقلة من انس وجن ومنها ياجوج وماجوج, راجع بحثنا عن (السموات السبع والاراضين السبع), لذلك نقول ان الأدعاء بان ياجوج وماجوج موجودون في بطن ارضنا هذه هو ادعاء يناقظ الايات القرآنية والسنة ولا يقره العقل السليم مطلقا.
6. ونقول كذلك لمن يقول انهم أي ياجوج وماجوج في باطن ارضنا هذه لماذا لم يشربوا مياهنا الجوفية اذا كانوا بهذه القدرة على شرب انهار الارض وبحيراتها, لاحظ انهم يشربون المياة العذبة؟.
كيف سيصل ياجوج وماجوج الى كرتنا الارضية:
كما تبين لنا مما سبق ان ياجوج وماجوج ليسوا على كرتنا الارضية بل على كرة ارضية اخرى في نظام شمسي اخر بعيدا عنا ومن المؤكد انهم في اخر الزمان وبعد حدوث الاحداث الجسام واكبرها فتنة المسيح الدجال نعوذ بالله من شر فتنته وما ان ينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فيقتل الدجال وتحصل المعركة الكبرى مع اتباعه اليهود والتي ينطق فيها الحجر وجذم الحائط ليفصح عن من تخبأ خلفه من اليهود نقول ما ان تزول هذه الفتنة العظيمة حتى يأتي عيسى ابن مريم اناسا قد عصمهم الله من فتنة الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة وبينما هم كذلك يوحى الله سبحانه وتعالى لعيسى عليه السلام انه جل وعلا قد ارسل وفي لفظ ابن حجر قد انزل عبادا له جل وعلا لا يدان لاحد بقتالهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً، فيُعِيدُه اللهُ (وفي رواية: فيرجعون وهو) أشد ما كان (وفي رواية: كأمثل ما كان)، حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم، وأرادَ اللهُ عز وجل أنْ يبعثَهم على الناس، حَفَروا حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمسِ، قالَ الذي عَليهِمْ: اِرْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غداً إن شاء الله تعالى! وَاسْتَثْنَوْا، فيعودونَ إليهِ وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ، إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور. ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)، ويتحصَّنُ (وفي لفظ: ويَفِرُّ) الناس منهم في حصونهم، وينحاز منهم المسلمون، حتى تصير بقيةُ المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويَضُمُّونَ إليهم مواشِيَهم، ويَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأرضِ؛ حَتىَّ إِنَّهمْ لَيَمُرُّونَ بِالنّهرِ فيَشْرَبُونَهُ، حَتىَّ مَا يَذَرونَ فِيهِ شَيئاً، حتّى إنّ بعضَهم لَيَمُرُّ بِذلكَ النَّهرِ، حتى يتركوه يَبساً حتى إن مَنْ بَعدَهُمْ ليَمُرُّ به فَيقولُ: قَد كانَ هَهُنَا مَاءٌ مرّةً!، فيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ على بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويظهرون على الأرض، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخَمَرِ، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلمّ فلنقتُلْ من في السماء (وفي حديث أبي سعيد: حتى إذا لم يبقَ من الناس أحد إلا في حِصْنٍ أو مدينة؛ فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغناَ منهم، ولَنُنَازِلَنَّ أهل السماء) فيرمون بسهامِهمْ (وفي رواية: بنشوبهم) ، (وفي حديث أبي سعيد: حتى إنَّ أحدهم لَيَهُزُّ حَربَتَهُ) إلى السماء، فترجع عليها كهيئةِ الدم الذي اجْفَظَّ، للبلاء والفتنة، فيردّ الله عليه نشابهم مخضوبة دما، فيقولون: قَهَرْناَ أهلَ الأرضِ، وعَلَوْنا أهلَ السَّمَاءِ -قسوة وعلواًّ- (وفي حديث أبي سعيد: قد قتلنا أهلَ السماء)، ويُحصَرُ (وفي لفظ: ويَحضر) نبيُّ الله عِيسىَ وأصحابُه، حتى يكون رأسُ الثور لأحدِهم خيراً من مائة دينار لأحدِكمُ اليومَ. فيرغَبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابه إلى الله)، فيبعث الله نَغَفاً في أقفائِهم، (وفي حديث النواس: فيُرسِلُ الله علهيم النَّغَفَ في رقابِهم) (وفي حديث ابن مسعود: فتلجُ في أَسماعِهم ومَنَاخِرِهم) ، فيقتلهم بها، (وفي حديث النواس: فيصبحون فَرْسَى، كموت نَفْسٍ واحدةٍ) (وفي حديث أبي سعيد: فبينما هم كذلك، إذْ بَعَثَ اللهُ دوابَّ كنَغَفِ الجرادِ، فتأخذ بأعناقهم فيموتون موت الجراد،(وفي لفظ: يبعث الله عز وجل دودا في أعناقهم، كنغَفِ الجراد (وفي لفظ: الجرار) الّذي يخرج في أعناقها، فيصبحون موتى)
يركب بعضهم بعضاً، فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حِساًّ، فيقولون: مَنْ رجلٌ يَشري نفسَهُ، وينظُرُ ما فَعَلوا؟! (وفي لفظ: ما فعل هؤلاء العدو؟) فينزِلُ منهم رجل قد وطَّنَ نفسَهُ على أنْ يقتلوه. فيجدُهم موتى بعضهم على بعض، فيناديهمْ: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا؛ فإنَّ اللهَ قد كفاكم عدوَّكم ، فيخرج الناس مِنْ مَدَائِنِهِمْ وحُصُونِهِمْ وَيخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ (وفي لفظ: فَيَسْرَحون مَوَاشِيَهِم)، فما يكون لها رَعْيٌ إلا لحومهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والّذي نفسي بيدِهِ! إنّ دوابَّ الأرضِ لتسمَنُ وتَبْطَرُ وَتَشْكَرُ شَكَراً من لحومهم ودمائِهم" ، (وفي حديث أبي سعيد: فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكَرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أصابتهُ قَطُّ). (وفي حديث النواس: ثم يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ، فلا يجدونَ في الأرضِ موضع شِبْرٍ (وفي لفظ: بيتا) إلا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم ودماؤُهم، فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل، ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهِمْ ونُشَّابهم وجِعابِهِمْ (وفي لفظ: وأَترِسَتِهمْ) سبع سنين، ثم يرسل الله عليهم مطراً لا يَكُنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ أربعين يوماً، فيَغْسِلُ الأرضَ منهم حتى يتركها كالزَّلَفَةِ (أو قال:كالزلَقة) ثم يقال للأرض: أنبتي ثمَرَتَكِ ورُدِّي بركَتَكِ. فيومئِذٍ تأكلُ العصابةُ (وفي لفظ: النفر) مِنَ الرُّمّانةِ فتُشبِعُهم ويستظِلُّونَ بقِحْفِها، ويُبَارِكُ اللهُ في الرِّسلِ حتى أن اللَّقحةَ منَ الإِبلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ منَ النَّاس،ِ واللَّقحة من البقر لتكفي القبيلةَ من الناس، واللَّقحة من الغنمِ لتكفي الفخْذَ من الناس (وعند أحمد: واللقحة من البقر تكفي الفخذ من الناس، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت )، ولَيُحَجَّنَّ البيتَ وليُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَاجوجَ وماجوجَ.
فبينما هم كذلك إذ بَعَثَ الله عز وجل عليهم ريحاً طيبةً فتأخذهم تحت آباطِهم فتقبضُ روحَ كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شِرارُ الناسِ يَتَهَارَجُون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعةُ.
شرح الألفاظ الغريبة:
-قوله: (قال الّذي عليهم)؛ أي الّذي هو أمير عليهم.
-قوله: (حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم)؛ أي المدة الّتي قدرت لهم.
- قوله (لا يدان) بكسر النون تثنية يد أي: لا قدرة ولا طاقة، يقال: مالي بهذا الأمر يد، ومالي به يدان؛ لأنّ المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكأن يديه معدومتان بعجزه عن دفعه.
-قوله: (فَحَرِّزْ)؛ أي ضمهم واجعله لهم حِرزا.
-قوله: (فَحَوِّزْ)؛ أي نحّهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور، وروي (حزب) بحاء وزاي وباء أي: اجمعهم.
-قوله: (كل حدَبٍ)؛ المكان المرتفع من الأرض؟
-قوله: (يَنسِلُونَ)؛ يمشون مسرعين.
-قوله: (الخَمَر)؛ الشجر الملتف الّذي يستر من فيه.
-قوله: (اجْفَظَّ)؛ أي ملأها.
-قوله: (وعَلَوْنا أهلَ السَّمَاءِ -قسوة وعلواًّ - )؛ أي يقولون هذا القول غلظة وفظاظة وتكبراً.
-قوله: (نَغَفاً)؛ دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
-قوله: (فيصبحون فَرْسَى)؛ أي قتلى؛ وزنا ومعنى، واحدهم فريس.
-قوله: (وتَبْطَرُ)؛ من البَطَر: النشاط والأشر.
-قوله: (وَتَشْكَرُ شَكَراً)؛ يقال: شكرت الناقة: امتلأ ضرعها لبنا، والدابة: سمنت.
-قوله: (زَهَمُهم ونَتْنُهم)؛ أي دسمهم ورائحتهم الكريهة.
-قوله: (كأعناق البُخت)؛ نوع من الإبل، أي طيرا أعناقهم في الطول والكبر كأعناق البُخت.
-قوله: (بالمهبل)؛ الهوة الذاهبة في الأرض. و في مسند الإمام أحمد: قال ابن جابر: فقلت يا أبا يزيد!: وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.
-قوله: (قِسِيِّهِمْ)؛ جمع قوس.
-قوله: (نُشَّابهم)؛ أي من سهامهم.
-قوله: (جِعابِهِمْ)؛ جمع جَعْبة وهي ظرف النشاب.
-قوله: (أَترِسَتِهمْ)؛ جمع تِرس.
-قوله: (مطراً لا يَكُنُّ منه)؛ من كنيت الشيء أي سترته وصنته عن الشمس.
-قوله: (بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ)؛ أي لا يمنع من نزول الماء البيت المدر؛ وهو الطين الصلب، ولا وبر؛ وهو الشعر والصوف، والمراد تعميم بيوت أهل البدو والحضر.
-قوله: (كالزَّلَفَةِ أو قال:كالزلَقة)؛ قيل: كالمرآة، وقيل: الصحفة، وقيل: كالروضة، وقيل غير ذلك، والمراد أن الماء يعم جميع الأرض فينظفها حتى تصير بحيث يرى الرائي وجهه فيها. اهـ الفتح
-قوله: (العصابةُ)؛ الجماعة.
-قوله: (بقِحْفِها)؛ هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الّذي فوق الدماغ.
-قوله: (الرِّسلِ)؛ هو اللبن.
-قوله: (اللَّقحةَ)؛ هي القريبة العهد بالولادة.
-قوله: (الفِئَامَ)؛ الجماعة الكبيرة.
-قوله: (الفخْذَ)؛ الجماعة من الأقارب.
-قوله (ولَيُحَجَّنَّ البيتَ وليُعْتَمَرَنَّ): قال ابن حجر: زاد عبد بن حميد: ويغرسون النخل. اهـ الفتح
-قوله (يَتَهَارَجُون فيها تهارج الحمر): وفي رواية: الحمير، أي يجامع الرجل النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك، والهرج الجماع.
وسنتناول الان حديث المصطفى بالتحليل والله نسأل ان يلهمنا الصواب والسداد:
• إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً: أي انهم يعرفون توالى الايام , أي انهم يرون الشمس والقمر وهما ادوات الحساب أي انهم فوق سطح كرة ارضية اخرى غير كرتنا هذه واما شعاع الشمس فهي الاشعة المنبعثة من الشمس مباشرة ويختلف عن ضوء الشمس بدليل ان الشمس يمكن ان تشرق بدون شعاع فهل ليس لها ضوء؟
• فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ: أي ان خروجهم يكون بحفر ونقب السد بعد ان يقدموا مشيئة الله سبحانه وتعالى.
• إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور: ونتوقف هنا عند لفظ ابن حجر قول الله لعيسى عليه السلام (إني قد أنزلت عباداً لي من عبادي) ومعلوم ان النزول من علو فهذا يدل على انهم يأتون من ارض غير كرتنا الارضية ونزولا لها وفي هذا اللفظ تأكيد على انهم ليسوا في باطن الارض وقد يكون اختيار الجبل كملاذ آمن يرتبط بنقطة ضعف ياجوج وماجوج وهي عدم القدرة على التسلق.
ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ: يبعث أي يرسل وفي هذا اشارة الى انهم مرسلون من مكان بعيد ليصلوا الى ارضنا هذه, فيخرجون: الفاء تفيد التعقيب والسرعة أي انه بعد ارسالهم وبعثهم يخرجون بسرعة وهذا يدل على انه ليس المقصود بخروجهم هنا الخروج من السد لان الخروج هنا يحدث بعد ان يبعثهم ويرسلهم الله جل وعلا, وبعثهم يحدث بعد خروجهم من السد بعد نقبه, فمما يخرجون؟ قال صلى الله عليه وسلم: فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ: إِذاً هنا اكتفى صلى الله عليه وسلم في وصف كيفية خروجهم بتلاوة قول الله تعالى: (وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ) فما هو الحدب؟ قال المفسرون انه ما غلظ وعلا من الارض أي مرتفعات الارض من جبال وهضاب وكثبان واكام ولكن كيف نفهم ان ياجوج وماجوج المحصورون خلف السد وبعد ان ينقبوه ويخرجون منه يتحولون للخروج من المرتفعات والجبال والكثبان؟ لاحظ كلمة من كل حدب: تفيد من كل المرتفعات والكثبان والهضاب فلماذا فقط المرتفعات أليسوا يغشون الارض كلها لماذا يكون خروجهم وانسلالهم من الهضاب والمرتفعات وحتى حرف الجر من يفيد خروجهم من هذه الاحداب أو كما قال المفسرون الهضاب والجبال وما علا من الارض في حين انه يجب ان يقال من فوق كل مرتفع ينسلون مثلا لو كان المقصود هو بالفعل مرتفعات الارض وما علا منها ثم كيف يستطيعون تسلق هذه المرتفعات وهم لم يفلحوا في عمل الاسهل وهو تسلق السد فعمدوا الى نقبه وحفره وهو الاصعب ( اسطاعوا واستطاعوا) والشيء المهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتطرق لتفسير خروجهم في الحديث ولم يشير الى ان خروجهم هو من جبال الارض وهضابها بل اكتفى بذكر ما جاء في القرآن الكريم عن صفة خروجهم وذاك قوله تعالى: (وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ), وهنا قد يقول البعض ان العرب هم اهل اللغة ويعرفون ان الحدب هو مرتفع الارض فنقول لماذا إِذاً فسرها ابن عباس رضي الله عنهما كما جاء في تفسير الطبري: (وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل, ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } يقول: من كلّ شرف يُقْبِلون( تفسير الطبري), اذا كانت من المسلمات ولا تحتاج لتفسير؟ ان كلمة حدب ان كانت تشير الى مرتفعات الارض وهضابها وكثبانها ليست شائعة الاستعمال في اللغة, لهذا كله نقول ان الاحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج ليست هي الجبال والهضاب وما علا من الارض بل هي وسائل النقل التي ستقلهم الى كرتنا الارضية من كرتهم الارضية التى كانوا يعيشون عليها ولعل هذه الاحداب الطائرة ما هي الا الاطباق الطائرة والتي شوهدت الاف المرات من قبل كثير من الناس منهم طيارون امريكيون وكان الاجماع على انها محدبة الشكل كالعدسة المحدبة أو كتحدب الصحن أو الطبق ومن ذلك جاءت تسميتها بالاطباق الطائرة أو الصحون الطائرة. لكن كيف سيحصل عليها قوم ياجوج وماجوج كي يصلوا بها الى ارضنا هذه وهم كانوا خلف سد وبدائيون ؟ نقول والله اعلم انهم سيحصلون عليها من القوم الذين سيخرجون عليهم ويجتاحوهم اولا وهم الذين دون السدين والذين استعان اجدادهم ا بذي القرنين لسد ياجوج وماجوج عن ارضهم فربما انهم اكتسبوا أو سيكتسبون من المعرفة والتقدم ما يجعلهم يصلون الى تصنيع مثل هذه الوسائل المتقدمة والتي لم نصل لتصنيع مثلها الى وقتنا الراهن, وقد يكون حال القوم الان شيء وحالهم عندما تفتح ياجوج وماجوج شيء اخر اقصد من ناحية التقدم الصناعي, وقد يكونوا قد تلقوا معرفة في تصنيعها من ذو القرنين والذي يرجح انه سافر بواسطتها عبر اسباب السموات. وقد يستغلون بعضهم قصرا لتوجيه هذه الوسائل الى ارضنا هذه والله اعلم. وهم من كل حدب ينسلون: لاحظ دقة اللفظ القرآني أي ان انسلال ياجوج وماجوج مقتصر على الاحداب فاذا كانت الاحداب تعني هضاب الارض وكثبانها وجبالها فلما يقتصرون على ذلك ويتركون السهول والوديان ولماذا لم ينسلون من الجبل الذي عليه المسلمين بمعية عيسى ابن مريم عليه السلام؟ ولا ننسى هنا ان نذكر ان الله جل وعلا قد تكفل بانزالهم الى ارضنا هذه ليقضي امرا كان مفعولا فقد جاء في الحديث: (إني قد أنزلت عباداً لي من عبادي).
• كيف تكون نهاية ياجوج وماجوج؟
بعد انسلال ياجوج وماجوج من الاحداب والتي رجحنا انها الاطباق الطائرة فأنهم يغشون الارض ويشربون الانهار فيجففونها فيمر اخرهم على النهر فيقول قد كان هاهنا مرة ماء وهذا يدل على كثرتهم وكذلك سيشربون بحيرة طبرية فيجففونها وشربهم لانهار الارض يوضح لنا انهم يغشون كل الارض وليس بقعة بعينها ويحصرون المسلمين بقيادة عيسى ابن مريم فوق الجبل ويتضرع عيسى عليه السلام الى الله فيرسل عليهم النغف فيصيبهم في اعناقهم فيموتون موتة رجل واحد, والنغف قد يكون نوع من الدود الصغير أو قد يكون نوع من الجراثيم أو البكتيريا سريعة العدوى الملفت في الامر هو طريقة موتهم, كموتة رجل واحد, ونعتقد ان هذا يوضح لنا سر قوة ياجوج وماجوج والتي تقهر عدوهم فلعلها التكاثر السريع والذي يجعل مقاومتهم ضرب من المستحيل فمهما قتل منهم فهم يعوضونه بسرعة التكاثر وقد ورد في الحديث ان احدهم لا يموت حتى يولد له الف ولد وليس اكثر شبه لحالهم هذا من الذباب أو قوارض الارض فهما العدو اللدود للانسان منذ بدء الخليقة والى يومنا هذا لم نستطع القضاء على الذباب بسبب تكاثره السريع ولكن نظريا ما هي الطريقة المثلى للقضاء عليه نهائيا؟ بالتأكيد هي قتل كل الذباب مرة واحدة وهذا ما سيحدث لياجوج وماجوج الموت مرة واحدة كموتة رجل واحد.
§ماذا سيحدث بعد موت ياجوج وماجوج؟
بعد ان يهلك الله سبحانه وتعالى ياجوج وماجوج ينزل عيسى عليه السلام بمعية المسلمين فلا يجدوا لهم موضع قدم على الارض من جثث ياجوج وماجوج وكذلك تملأ رائحة تحلل جثثهم النتنة المكان فيتضرعون الى الله ليخلصهم من ذلك فيرسل الله طيرا اعناقها كاعناق الابل أي انها طيور ضخمة جدا ذوات اعناق طويلة فتحملهم وتطرحهم حيث يشاء الله ولكن وحيث انهم يملأون وجه كرتنا الارضية فهل ستطرحهم تلك الطيور في مكان خارج نطاق كرتنا الارضية؟ وقد ورد في الحديث انها أي الطيور تطرحهم في المهبل وهي هوه عميقة فلا نعلم هل هي على ارضنا ام المرجح انها على ارض اخرى لاسيما ان مثل هذه الطيور ذات الاعناق الطويلة لاتوجد على ارضنا هذه والعرب يعرفون انواع الطيور فلو انها مثلا النسور أو غيرها لكان قد ذكر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم اسم هذه الطيور.
§ مجرد تساؤلات فقط لا غير:
§ الطيور ذات الاعناق التي يرسلها الله جل وعلا كي تخلص ارضنا من جثث ياجوج وماجوج لربما انها طيور العنقاء والتي يتداول ذكرها في كل الحضارات مثل الصينية والهندية والاوروبية والفرعونية والعربية على انها خرافة ولكن من يعلم ربما ان لهذه الخرافة اصل من الحقيقة وان القرون الاولى قد رأت بالفعل مثل هذه الطيور أو علمت بها من انبيائها ورسلها كحقيقة ولكن وحيث انهم كذبوا رسلهم فحولوا كل الحقائق الى خرافات. والحفريات على كرتنا الارضية هذه تثبت وجود اشباه تلك الطيور في الواقع وهي التي واكبت حقبة الديناصورات المنقرضة على كرتنا الارضية هذه من ملايين السنين ولكن هذا لا ينفي وجود مثل هذه الطيور وحتى الديناصورات على كرات ارضية اخرى ولم تحل بها كارثة لتنقرض كما التي حلت بديناصورات ارضنا هذه. من الملاحظ انه بعد ان يقضي الله على ياجوج وماجوج وكما ورد في الحديث الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تضع الحرب اوزارها وينزع الله الشحناء ويحل السلام في الارض حتى ان الطفل يلعب بالحية فلا تلدغه ويضع الرجل يده في فيه السبع فلا يؤذيه ويبقى الناس على ذلك سبع سنين (الخلافة ) والارض في خير وفير وسلام عام حتى تاتي الريح الطيبة وتنزع من في قلبه ذرة ايمان فلا يبقى الا شرار الناس عليهم تقوم الساعة. وقد تطرق الرسول صلى الله عليه وسلم الى هذا الامر حين خطب ذات مرة وهو عاصب اصبعه من لدغة عقرب فقال: انكم تقولون لا عدو ولا تزالون تقاتلوا عدوا حتى تلقوا ياجوج وماجوج صغار العيون شهب الشعاف كأن وجوههم المجان المطرقة, وهنا يشير صلى الله عليه وسلم الى ان المسلمين سيبقون في لقاء الاعداء الى ان يأتي اخر عدو وليس بعده عدو وهم ياجوج وماجوج ومن الحديث نفهم ان بعض هوام الارض هي عدو كذلك فالحديث له علاقة بلدغة العقرب التي اصابته عليه الصلاة والسلام ومن الحديث نفهم ان السلام الحقيقى بكل معناه وحتى السلام من شر هوام الارض والحيوانات الضارية والتي هي عدو أيضا للانسان هذا السلام لن يحل حتى ينتهي امر اخر عدو وهو ياجوج وماجوج وعند ذلك يحل السلام. ومن الغريب ان المثل الصيني يقول حين تأتي العنقاء من السماء يحل السلام فهل لهذا القول من اصل من الحقيقة؟ من يدري ربما ان الرسل والانبياء الذين ارسلوا للأمم السابقة قد اخبروا عن الفتن التي ستحل اخر الزمان ولاسيما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اخبر انه ما من نبي ولا رسول الا حذر امته من الدجال وهو كائن اخر الزمان.
§ والشيء بالشيء بذكر فعند ذكر العنقاء لابد ان نذكر الغول وهو الكائن المعروف لكل الحضارات كخرافة وهو الذي يفترس الناس ويشرب المياة الكثيرة وعند الصينيون يرمز له بالتنين حيث يخرج من فمه نار وكلمة غول في اللغة من غال أي اختفى وجن ومنها اصل تسمية الكحول أي الغول بالعربية لانها تغيل بالعقل وسمي الغول بهذا الاسم لانه مختفي ولا يعرف مكانه فهل الغول هو ياجوج وماجوج وهذه الخرافة كذلك لها اصل قديم ويكون الأوائل لديهم علم ربما عن طريق رسلهم بوجود مثل هؤلاء المتوحشين والذين سيهاجمون الارض ويقتلون ويفترسون الناس يشربون المياة ولكن مع تكذيب تلك الأمم لرسلهم حولوا الاخبار الحقيقية المستقاه من الرسل لمجرد خرافات وسخرية وتهكم وهو نفس ما نراه اليوم من الملحدين في عصرنا هذا حين تخبرهم عن ياجوج وماجوج وانهم سيفعلون كذا وكذا فما ردهم؟ ان ردهم هو السخرية والتهكم والقول اننا لا نرى شيئا من ذلك على الارض وكل هذا خرافة وهو نفس قول اشياعهم من قبل وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون.
§ اثباتات ان سد ياجوج وماجوج ليس على ارضنا:
• اذا كان السد الذي انشاه ذو القرنين موجود بالفعل على ارضنا هذه فلماذا لم يخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم اليهود الذين سألوه عن ذي القرنين عن مكان السد على الارض ويقول لهم مثلا اذهبوا الى اذربيجان أو الى كذا وستجدون السد ومن خلفه ياجوج وماجوج وتتحققوا ويكون ذلك بمثابة اية يؤكد لهم بها صدق رسالته؟ الجواب لانه صلى الله عليه وسلم يعلم ان السد ليس على ارضنا هذه والله اعلم.
§ اين يكمن سوء فهم هذا التفسير؟
من خلال استقصائي لردود فعل الكثير من الناس على هذا التفسير لمكان وجود ياجوج وماجوج اتضح لي ان السبب الرئيس الذي يحول بينهم وبين فهم هذا التفسير هو عدم تصديقهم لوجود اراضين اخر غير الكرة الارضية التي نعيش عليها رغم ان القرآن الكريم يحوي الكثير من الايات التي تثبت بصورة جلية وجود اراضين وعليها خلق مكلف من انس وجن, ولذلك سنورد الان باذن الله تعالى بعض من هذه الاثباتات الراسخة على وجود اراضين غير ارضنا هذه ولمن يريد المزيد من الاثباتات فعليه الاطلاع على بحثنا المفصل ( السموات السبع والاراضين السبع):
• قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) الشورى), واضح من الآية الكريمة ان هناك دابة قد بثها الله سبحانه وتعالى في السموات كما التي بثها في الارض وكلمة السموات تعني ان الدابة ليست في سماء بعينها بل في السموات ولكن ما هي طبيعة هذه الدابة التي قد بثها الله سبحانه وتعالى في السموات؟ الجواب نجده في قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة), وكذلك في قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) لقمان), يتبين لنا بجلاء من تأمل الأيتين الكريمتين 164 البقرة و10 لقمان ان الله سبحانه وتعالى قد بث جميع اصناف الدواب في الارض فمثلا حينما اقول قد ذهبت الى السوق ووجدت فيه من كل فاكهة فهذا قطعا يعني ان جميع اصناف الفاكهة كانت موجودة في السوق, إِذاً في ضوء فهمنا للأيتين السابقتين من سورة البقرة ولقمان يتبين لنا بكل وضوح ان الدابة المبثوثة في السموات هي حتما من صنف الدواب التي تدب على الارض, أي انه حتما توجد ارض في تلك السموات كي تدب عليها هذه الدابة. كذلك تأمل قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود), أي ان كل الدواب على الله رزقها لانه جل وعلا خالقها ولكن الآية اشارت للدواب التي في الارض فماذا عن الدواب التي هي مبثوثة في السموات كما تقدم في 29 الشورى؟ مما لا شك فيه ان الآية 6 هود تقصد أيضا الدواب المبثوثة في السموات والمذكورة في 29 الشورى لانها بكل بساطة مبثوثة على ارض في تلك السموات ولو لم يكن ذلك التفسير صحيح لاشارت الآية 6 هود الى ان الدابة التي في السموات أيضا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وهذا اثبات اخر مهم ان السموات الاخر تحوى اراضين غير ارضنا هذه وعليها خلق فسبحان الله الذي علم القرآن وخلق الانسان وعلمه البيان. وقد ورد في كتاب الله العزيز ما يشير الى وجود تلك الارض في السموات بل تلك الاراضين, قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق), اذا هناك سبع اراضين لسبع سموات, وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما لبعض من سألوه عن تفسير هذه الآية : لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم عدم تصديقكم , وقال لرجل اخر حين سأله عن تفسيرها : ما يؤمنك لو حدثتك بتفسيرها ان تكفر, هذا والله اعلم.
ما كان من صواب في هذا البحث فمن الله وما كان من خطأ فمن الشيطان ومني والله اسأل التوبة والمغفرة واخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين.
دكتور: احمد منصور
الحمد لله الذي علم القرآن وخلق الانسان وعلمه البيان والشمس والقمر بحسبان وله النجم والشجر يسجدان ورفع السماء ووضع الميزان والصلاة والسلام على خير الانام محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة وازكى السلام, اما بعد:
ياجوج وماجوج ورحلة ذي القرنين حقائق قرآنية ثابتة لا جدال في صحتها وقد حدث الصادق المصدوق عنها وبالنسبة لنا كمسلمين نؤمن بما جاء عنها في القرآن وما صح روايته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. لكن السؤال الذي ما انفك يسأل من القدم : أين ياجوج وماجوج؟ وكيف كانت رحلة ذي القرنين؟ وقد اتخذ الملحدون والمشككون في صدق الكتاب من ذلك مادة للطعن في الدين واضلال الناس بغير علم ولا يزال يتصدر جدالهم السؤال التالي: اذا كان قرآنكم صحيح فأين ياجوج وماجوج؟ وليس من اجابة مسكتة لهم الى الان.
هذا البحث قام باعداده بتوفيق من الله العلي العظيم العبد الفقير لرحمة ربه : الدكتور احمد منصور وهو فريد من نوعه وفيه دلائل من القرآن والسنة يجب التمعن فيها جيدا قبل الحكم المتسرع على البحث, ولنتذكر ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم, والله نسأل التوفيق والسداد والحفظ من كل مكروه فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين.
رحلة ذي القرنين وبناء السد
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) الكهف).
• قل سأتلو عليكم منه ذكرا: أي بعض خبره فالجدل حول من هو؟ وهل هو الاسكندر المقدوني أو كورش الفارسي أو الحميري أو اخناتون المصري هو جدل في غير موضعه ويجب أن نركز على تدبر الآيات التي تخص سيرته لنطلع على ما فيها من بديع قدرة الله وعظم كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحميد, لابد أن نقف ونتدبر قول الله تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً), فلا شك أن الله جل وعلا قد مكن لذي القرنيين في الأرض واتاه من كل شيء سببا ولا تعجب حين يقال أن الله جل وعلا قد مكنه في الفيزياء والرياضيات والكيمياءوالطب والصناعة والطيران وغيره بل وأكثر مما نحن فيه من تمكين,( فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) الكهف). ما هو السبب؟ انه في اللغة الذي يوصل بين شيئين وقد فسرت هذه الآية على أن ذي القرنيين قد اتبع طريق في الأرض, لنبحث عن كلمة سبب في قاموس القرآن وهو القرآن نفسه, فأذا أشكل عليك فهم كلمة في القرآن ارجع وابحث في القرآن عن أين وردت, إِذاً اين ذكرت كلمة سبب أو اسباب في القرآن الكريم؟ : قال تعالى (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) الحـج). تأمل: سبب الى السماء وقال تعالى : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ (10) ص). الله سبحانه وتعالى يتحدى الكفار إذا كان لهم ملك السموات والأرض, فأذا كان لهم ذلك فلم يقل ليسيروا في الأرض بل تحداهم في الشيء الأصعب ليثبتوا أنهم يملكون السموات, تحداهم أن يرتقوا .. أين؟ في أسباب السموات والارتقاء هو التحرك لأعلى وقال تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ (37) غافر).
من تدبر وإمعان العقل في الآيات الواردة في الكهف والحج و ص وغافر يتضح لنا أن السبب إنما هو الطريق في السماء بينما السبيل قد يأتي بمعنى الطريق في الأرض قال تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (29) العنكبوت), وكذلك قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً (20) نوح), لاحظ ان المسالك في الارض هي السبل جمع سبيل ولم يرد في القرآن الكريم أي اشارة الى ان الاسباب جمع سبب هي طرق في الارض بل طرق في السماء اوالسموات والله اعلم. إِذاً مما سبق نفهم ان رحله ذي القرنين هي رحلة فضائية أو سماوية متبعا سببا وهو طريق في السماء ولا نعرف على وجه التحديد الوسيلة التي تحرك بها متبعا السبب أو الممر والطريق السماوي وما اذا كان طبقا طائرا أو غيره وهل كان بمفرده ام بمعية جيشه فالله جل وعلا مكنه في كل الوسائل. قال تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) الكهف), حتى اذا بلغ مغرب الشمس: أين هو مغرب الشمس على وجه التحديد على كرتنا الارضية هذه؟ ان كل بقعة تصلح ان تكون مغربا للشمس كما تكون مشرقا لها نظرا لكروية الارض, إِذاً ليس ثم مكانا يسمى بعينه مغرب الشمس ولكن المرجح ان يكون ذلك ظرف زمان أي وقت غروب الشمس, ولكن لنفرض ان احدهم يسير ممتطيا صهوة جواد متجها من القاهرة الى الاسكندرية غربا وبينما هو يسير في الطريق تدلت الشمس للمغيب وهو في طنطا منتصف الطريق بين القاهرة والاسكندرية فهل نقول انه بلغ مغرب الشمس في طنطا ام نقول انه بلغه او ادركه غروب الشمس في طنطا وهذا الأصح لانه لم يبلغ الغروب بل الشمس هي التي ادركته وغربت ولكن كيف نفسرإِذاً ان ذا القرنين قد بلغ مغرب الشمس حيث وجدها ولم يراها, نعم وجدها وهذا أيضا يؤكد ما سنطرحه لكم الان وبالله الاستعانة: ان ذا القرنين الممكن من لدن الله القوي العزيز قد سار عبر الفضاء متبعا طريقا في السماء (سبب ) منطلقا من الكرة الارضية التي كان عليها وتاركا النظام الشمسي الذي يحتوى تلك الارض ومسافرا في عمق السماء ربما في نفس المجرة أو ترك المجرة الى مجرة اخرى أو لربما غادر كل سمائنا الدنيا هذه الى السماء الثانية ( ملاحظة: يظن البعض ان السموات السبع هي غلافنا الجوي والبعض الاخر يقول الكواكب السيارة في مجموعتنا الشمسية نقول لهم مخطئون كل الخطأ فلو تأملتم ما ادرك العلم الحديث من كون حولنا لوجدتم ان كرتنا الارضية لا تكاد ترى في مجموعتنا الشمسية وهى بالفعل لا ترى في مجرتنا درب التبانة فما بالنا لو نظرنا لصفحة سماؤنا الدنيا والتي بتعريف القرآن مرصعة ومزينة بالنجوم والكواكب حيث يقدر العلماء ان الكون المنظور واكرر الكون المنظور لنا ( observable universe) يحوي ما يقارب 170 بليون مجرة كل مجرة تحوى ما يقارب مائة تريليون نجم وشمسنا احدى هذه النجوم الموجودة في مجرتنا درب التبانة وكل هذا الذي نراه أو بالاحرى ما وصلنا خبره بواسطة الضوء المنطلق من مجراته ما هو الا جزء يسير من السماء الدنيا أي والله اعلم ان السماء الثانية والثالثة الى السابعة هي اكوان اخرى والعلم الحديث يؤيد ذلك (Parallel universes) أي الاكوان المتعددة أو العوالم الموازية فسبحان الله رب العالمين ولمن يريد ان يستزيد يرجع لبحثنا بعنوان: (السموات السبع والاراضين السبع), والذي يحتوي اثباتات دامغة عن تعريف السماء وعن وجود اراضين وما تحويه من خلق مكلف غير البشر). إِذاً لنعود الى رحلة ذي القرنين الذي سار في اسباب السماء أو السموات بتمكين من رب العزة حتى وصل الى مجموعة شمسية تحوي كرة ارضية مثل ارضنا هذه وقد نزل على بقعة معينة من تلك الارض وكان وقت وصوله غروب الشمس, أي انه جاء من خارج ذلك النظام الشمسي ومن خارج زمنه الذي يحوي تلك الارض ليجد شمسهم في تلك البقعة تغرب في العين الحمئة, والعين الحمئة قد تكون اشارة الى عين ماء تحوي الطين, ثم ارجو ان لا يفهم البعض انني اعني ان الشمس تغيب داخل هذه العين, كلا مطلقا بل الامر كما يقول اهل الساحل ان الشمس تغيب في البحر أي اختفائها عن الانظار خلف البحر ليس الا. وقد تكون العين الحمئة شيئا اخر لم يتضح امره بعد والله علام الغيوب, ثم لنتأمل قوله تعالى : (وَجَدَهَا تَغْرُبُ), وجدها وليس رأها فلماذا يا ترى؟ نقول والله اعلم ان ذا القرنين لم يرى قرص الشمس وهو يتدلى للمغيب بل ان لحظة وصوله وقد افلت الشمس ولكن ما زالت حمرة الشفق الدالة على موضع مغيبها واضحة أي انها افلت قليلا قبل نزوله على سطح تلك الكرة الارضية في تلك البقعة فعلم ان الشمس تغرب في هذا الموضع ولكن ما الذي نستفيده من هذا التحليل؟ نستفيد انه لو كان ذو القرنين يسير على ارضنا هذه متجها في رحلته جهة الغرب والشمس طبعا تتحرك للغرب لرأها وهي تغيب ولقيل بدل وجدها رأها تغرب في عين حمئة والواقع انه جاء ليجدها أي انه لم يكن على تلك الارض ليواكب حركة الشمس بل جاء من عمق الفضاء الى ذلك النظام الشمسي بشمسه وارضه وكواكبه وحط في توقيت معين في بقعة معينة ووجد ما وجد والله اعلم وهذا يتوافق مع قوله عز وجل: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ), فكما قلنا الامر متعلق بظرف زمان أي زمن الغروب وليس ثم مكان على ارضنا نقول انه مكان غروب الشمس, وجملة حتى بلغ هو أي ذو القرنين: والمعتاد استعمال حتى ادركه غروب الشمس وليس هو يدرك الغروب هذا كله اذا كان يتحرك على ارضنا هذه ولكن ولان رحلته الى مجموعات شمسية مختلفة نزولا على اراضيها فهنا نستطيع فهم التعبير القرآني الدقيق انه بالفعل بلغ, بعد ما قطع من سفر عبر الزمن في السبب السماوي بلغ هذا التوقيت أي غروب شمس تلك الارض في تلك البقعة, لنتأمل قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الاسراء), وقال تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) النور), نقول بلغ الرجل الكبر وبلغ الغلام الحلم, أي ان كل منهما يسير عبر الزمن في سفر ليبلغ موضع معين أو نقطة معينة من الزمن أي الكبر أو الحلم أي انها رحلة للوصول الى زمن معين وليس رحلة مكان وهذا يقودنا الى ما هو السبب الذي سافر فيه ذو القرنين؟ قبل ان نجيب على السؤال لنتعرف قليلا على اتساع الكون الذي نعيش فيه والذي يقدر العلماء بواسطة احدث الوسائل ان قطر الجزء المنظور منه ( الكون المنظور) يبلغ 13,5 مليار سنة ضوئية والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وسرعة الضوء تقارب 300000 كم في الثانية الواحدة أي ان السنة الضوئية تساوي عشرة تريليون كيلومتر ( تريليون = مليون ضرب مليون) ولذلك لو افترضت اننا نسافر منطلقين من ارضنا هذه بواسطة سفينة فضائية تسير بسرعة الضوء سنحتاج لخمس ساعات ونصف الساعة لنخرج تماما من نظامنا الشمسي ثم لنتجه عبر الفضاء السحيق نحو اقرب نجم لمجموعتنا الشمسية ويسمى (الفا سنتورى) فسنصله بعد اربع سنوات ونصف السنة ونحن نسير بسرعة الضوء ولكي نخرج من مجرتنا درب التبانة وننظر الى اذرعها الملتوية سنحتاج الى مائة الف سنة سفر بسرعة الضوء ولكن لنجتاز مليارات المجرات نحتاج لمليارات السنين الضوئية وكل هذا والله اعلم السماء الدنيا لانها وحسب التعريف القرآني مزينة بالنجوم والكواكب. لكن وحسب المعادلات الاولية لنظرية النسبية لاينشتين لا يمكن لاحد السفر بسرعة الضوء لان كتلته ستزداد الى ملا نهاية ولكن وبعد التدقيق في المعادلات وجدوا معضلة في حلها حتى سنة 1935 حين وجدوا الحل حيث وجد اينشتين بمساعدة نتان روزن ان ممرا داخل الكون الواحد أو بين الاكوان يسمح بالسفر فيه بسرعة تفوق سرعة الضوء بمراحل وهذا الممر اطلق عليه اسم الثقب الدودي ( wormhole ) ويفترض نظريا انه يمكن السفر فيه عبر المجرة أو المجرات بسرعة تفوق سرعة الضوء بمراحل ولو افترضنا ان احدهم استطاع اختراع وسيلة للسفر عبر هذا الممر بسرعة تفوق سرعة الضوء ما الذي سيجري لبصره اذا كان يسبق الضوء؟ إِذاً لن يستطيع الرؤية لان الضوء هو الذي ينعكس على الاشياء فتراه العين فيبصر الانسان, إِذاً هذا الشخص سوف يسكر بصره والله اعلم, فهل هذا يفسر قوله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر), لاحظ سكرت ابصارهم, وقد فسر بعض علمائنا المعاصرين مثل الدكتور زغلول النجار هذه الآية على ان ضوء الشمس لا يرى الا على سطح الارض واذا خرج الانسان الى خارج نطاق الغلاف الجوي فسيسود الظلام, هذا جيد ولكن رغم ذلك يستطيع الانسان الابصار وخاصة انه يرى قرص الشمس لونه اخضر ويستطيع رؤية ضوء النجوم بل ان العلماء الذين هبطوا على سطح القمر قالوا انهم رأوا النجوم بصورة اوضح منها على الارض ولكن في الثقب الدودي وحيث السفر باسرع من الضوء فلن يتسنى ذلك والله اعلم.
إِذاً مجرد تساؤل لا غير: هل الثقب الدودي هو السبب الذي سافر فيه ذو القرنين عبر الزمن؟ وهل هو معراج من معارج السماء اوالسموات؟ حقا وما أوتينا من العلم الا قليلا . ثم انه وجد عند العين الحمئة قوما, وقوم تطلق على الانس والجن, قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)الاحقاف), فهل كانوا انسا ام جنا وقد يقول البعض كيف يحكم ذو القرنين الجن وهذا لسليمان عليه السلام فقط؟ نقول الامر متعلق هل ذو القرنين كان قبل سليمان ام بعده؟ فاذا كان بعد سليمان عليه السلام فيستبعد ذلك لان سليمان عليه السلام طلب من الله جل وعلا ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ولكن لم يقل من قبلي, على أي حال جرى ما جرى من امر ذي القرنين مع هؤلاء القوم ولكن قد يعن سؤال كيف استطاع اذا كان بمفرده حكمهم وتعذيب الظالم؟ (قال تعالى: قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً (88) الكهف), ردا على السؤال نقول ربما كان بمعيته جيشه وربما اتخذ من المحسنين منهم جيشا وربما مما مكنه ربه ان لديه من الاسلحة ما يستطيع التحكم بهم حتى لو كان منفردا ( تخيل احدهم يمتلك طائرة اباتشي مزودة بكل المعدات ضد قبيله من قبائل العرب قبل الف عام). ثم بعد ان كان معه ما كان مع اؤلائك القوم, لنتأمل: قال تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91) الكهف), ثم : تفيد التراخي, اتبع سببا : أي سار في سبب من اسباب السماء أو السموات منتقلا من تلك المجموعة الشمسية حتى بلغ ارض اخرى في نظام شمسي آخر وكان منه ما كان ثم: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94) الكهف), كما قلنا من قبل ثم تفيد التراخي أي انه مكث ما مكث على ارض القوم الذين وصلهم في رحلته الفضائية الثانية والذين لم يجعل الله جل وعلا لهم من الشمس سترا ثم انطلق متبعا سببا من اسباب السماء حتى بلوغه كرة ارضية اخرى في مجموعة شمسية اخرى وفي موضع معين نزل هناك ليجد قوما من دون سدين أي قريب منهما وهم لا يكادون يفقهون قولا فقالوا له : يا ذا القرنين ان ياجوج وماجوج مفسدون في الارض : وسنتوقف عند قولهم هذا بالتحليل والله نسأل التوفيق والسداد, قالوا عن ياجوج وماجوج انهم مفسدون في الارض, ولم يقولوا مفسدون في ارضنا أو بلادنا بل في الارض وهذا يدلل على ان افساد ياجوج وماجوج قد طال الارض أو بالاحرى الكرة الارضية قاطبة وهذا ليس بعجيب ولا غريب على خليقتين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح انهم يغشون الارض وفي لفظ يعمون الارض ويشربون الانهار فيجففونها ويشربون بحيرة طبرية حتى لا يبقى فيها ماء فيمر اخرهم ليقول كان هنا ماء وبعد ان يميتهم الله عز وجل لا يجد نبي الله عيسى واصحابه من المؤمنين موضع قدم لهم في الارض من جثثهم فيتوسلوا الى الله جل وعلا فيرسل طيرا اعناقها كاعناق الابل فتحملهم فتطرحهم حيث يشاء الله, فهل مثل هذه الطيور موجودة على ارضنا؟؟ ومما يدل على كثرتهم ان المسلمين يوقدون من قسيهم ونبالهم وتروسهم سبع سنين فتصور كم يكون عددهم؟ ان كل هذا يؤكد لنا ان ياجوج وماجوج ليسوا على كرتنا الارضية هذه والا لماذا لم يشتكي منهم القوم الذين مر بهم ذو القرنين عند العين الحمئة حين بلوغه مغرب الشمس؟ أو اؤلئك الذين مر بهم عندما بلغ مطلع الشمس؟ لماذا اقتصر فسادهم على بقعة معينة؟ لماذا لم يعرفونهم الاقوام والامم السابقة كعاد وثمود والفراعنة وغيرهم ممن سكن الارض ويسجلوا عن معاركهم معهم علما انه لا يدان لاحد بقتالهم كما جاء بالحديث الصحيح ام هم أي ياجوج وماجوج قد ظهروا طفرة وفجأة؟ اليسوا خلقا من مئات الاف السنين ان لم يكن ملايين السنين؟ لهذا كله وغيره من الاثباتات نقول يستحيل ان يكونوا على كرتنا الارضية هذه وليسوا على نفس الكرة الارضية التي زارها ذو القرنين اولا ووجد فيها العين الحمئة وليسوا على الكرة الارضية التي تحوى القوم الذين وجدهم عند بلوغه مطلع الشمس والاصح انهم هم أي ياجوج وماجوج موجودون مع القوم الذين يكادون لا يفقهون قولا على كرة ارضية واحدة وبينهم وبينهم صولات وجولات ويحدثون الفساد في ارضهم وربما على هذا الحال ردحا من الدهر لا يعلمه الا الله جل وعلا الى حين ساق الله لهم ذي القرنين ليهبط على ارضهم فيشتكون له من هذا العدو اللدود وتوضح لنا الايات الكريمة ان اؤلائك القوم قد طلبوا من ذي القرنين بناء سد يحول بينهم وبين ياجوج وماجوج مقابل خرج وهنا نتوقف لنحلل الموقف: هؤلاء القوم يعرفون نقطة ضعف عدوهم كما يخبرون نقطة قوته فهم لم يطلبوا من ذي القرنين قتال ياجوج وماجوج واخضاعهم بل طلبوا فقط سدا أي انهم يعلمون ان هذا السد سيحل المشكلة وكذلك هم يريدون ان يعطوه خرجا ما يدل على انهم ليسوا فقراء والشيء المهم انهم قالوا ( ان تجعل بيننا وبينهم سدا) فهذا يدل على ان ياجوج وماجوج ليسوا تحت الارض كما يحلوا للبعض تخيل ذلك والا لما قالوا هذه المقوله ولقالوا نجعل لك خرجا على ان تجعل عليهم سدا أو ردما اليس كذلك؟ اما كونهم يقولون تجعل بيننا وبينهم سدا يدل على ان ياجوج وماجوج على الجهة الاخرى من السد فوق سطح الارض والله اعلم. وكونهم طلبوا اليه بناء هذا السد قد يفيدنا انهم حاولوا مرارا بناء مثل هذا السد ولكن كانت سدودهم تنهار امام عنفوان عدوهم لانها كانت سدود تفتقر للقوة المتوفرة في السد الذي بناه ذو القرنين والله اعلم. قال تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً (97) الكهف), ردا على عرضهم باخراج خرج له مقابل بناء السد قال لهم: ما مكنني فيه ربي خير أي خيرا من خراجكم وطلب منهم امداده بالقوة لعمل ردم بينهم وبين ياجوج وماجوج وليس ردما على ياجوج وماجوج وهذا كما قلنا يدل على ان ياجوج وماجوج ليسوا في باطن الارض وربما يكون هذا الردم هو ما استخرج من تراب لحفر اساس للسد الحديدي فوضع الردم المستخرج من الارض بين الصدفين بمحاذاة اساس السد ثم طلب منهم احضار زبر الحديد حتى ساوى بين الصدفين, ولو ان ياجوج وماجوج موجودون تحت الارض والسد كان ليغطي فوهة الحفرة لما استعملت كلمة الصدفين فاي حفرة لها صدفين؟؟ ان فوهة الحفرة دائرية اما الصدفين فتعني وجود قسمين منفصلين تماما حيث ساوى بينهما بالحديد كما هو النص القرأني, ولكن لنتوقف عند ( زبر الحديد) الذي طلب منهم احضارها له لعمل السد فماذا تعنى زبر الحديد؟ قيل في كتب التفسير قطع الحديد, ولكن هل الحديد موجود في الطبيعة على شكل قطع؟ الحديد موجود بصورة اكاسيد الحديد واذا ما تركت قطعة من الحديد معرضة للهواء والرطوبة فستتأكسد بسرعة وتتحول للصدأ وهو اكسيد الحديد الذي ينتشر في التربة ومعظم الحديد يوجد في الطبيعة على شكل اكسيد الحديد وهو يعطي للتربة لونها الاحمر كما هو الحال في بعض المناطق في الولايات المتحدة ونظرا لاحتواء سطح المريخ على نسبة عالية جدا من اكسيد الحديد فلذلك يبدو لونه احمر ولذلك سمي بالمريخ كما يقال ثور امرخ أي احمر اللون. ومع ذلك يوجد نسبة قليلة من الحديد على شكل حديد مخلوط بالنيكل ويسمى الحديد النيزكي لانه يسقط مع النيازك فهل قطع الحديد التي وجدها ذو القرنين عند القوم هي من الحديد النيزكي ام كان لديهم وسائل متقدمة كما نحن اليوم لاستخراج اكسيد الحديد من التربة ومعالجته بالافران اللافحة أو وسائل اخرى للحصول على الحديد؟ ولو سلمنا بان لديهم قطع حديد فهل اشعال النار عليها بكل بساطة سيصهر الحديد؟ الذي سيجيبك على هذا السؤال هو الحداد الذي ما انفك طوال حياته يشعل النار وينفخ بالكير على قطعة الحديد وكل ما حصل عليه هو انها تحمر ليسهل طرقها وتشكيلها لا صهرها فصهر الحديد يتطلب درجة حرارة عالية تفوق الالف درجة مئوية فما هي الطاقة الهائلة التي استعملها ذو القرنين لصهر كم هائل من لحديد؟ نقول والله اعلم ان ذو القرنين والممكن من لدن الله القوي العزيز قد استعمل تفاعلا كميائيا معروف لدينا ويعرف بتفاعل الثيرمايت (thermite reaction) وهو تفاعل بين اكسيد الحديد مع الالومنيوم حيث يقوم الالومنيوم بانتزاع الاكسجين من اكسيد الحديد واطلاق كم هائل من الحرارة تتراوح بين 3000 الى 5000 درجة مئوية تكفي لصهر الحديد والتفاعل بسيط جدا فقط خلط نسبة معينة من صدأ الحديد مع مسحوق من الالمونيوم واشعال الخليط والابتعاد عنه لتفادي الحرارة الكبيرة فهل هذا ما قام به فعلا ذو القرنين حيث حصل من التربة على اكسيد الحديد ويعرف بالهيماتيد وقد يوجد على شكل صخور واما الالومنيوم وهو ثالث عنصر من حيث الوفرة في الطبيعة فقد يوجد في بعض المناطق المعزوله عن الهواء بصورة نقية وقام باعداد النسب المناسبة واشعل النار في نقاط معينة من السد وطلب اليهم النفخ لاحداث التفاعل الذي اطلق كم هائل من الحرارة صهرت الحديد وشكلت السد وقد يكون الردم هو بمثابة داعم للقلب الحديدي قبل ان يجمد وربما تشيركلمة الصدفين الى صدفي الردم الذين شكلا محتوا لاحتواء الحديد المنصهر بينهما واما القطر اذا ما كان هو النحاس فعلا فهو يصهر بنفس كيفية صهر الحديد حيث ان تفاعل الثيرمايت يمكن احداثه باستعمال العديد من الاكاسيد اذا ما تفاعلت مع الالومنيوم مثل اكسيد الحديد أو اكسيد النحاس أو اكسيد الماغنسيوم, فلربما يكون ذو القرنين قد حصل على النحاس المنصهر بواسطة نفس التفاعل وقام بأفراغه على قلب السد الحديدي المنصهر لاكسابه القوة والمتانة والله اعلم. ملاحظة: كما قلنا من قبل انه يحتمل استعمال قطع من الحديد النيزكي ولكن عملية صهر الحديد تتطلب درجة حرارة كبيرة وقد يكون اسستعمل فيها تفاعل الثيرمايت حيث وضع كم منه تحت القطع وتم اشعاله لصهر الحديد وهناك الكثير الكثير من التساؤلات التي تدور حول بناء هذا السد العجيب وطريقة بنائه وما هو القطرعلى وجه التحديد علما ان الله جل وعلا قد منح عينه المسالة لسليمان عليه السلام وما هو دوره في منع صدأ الحديد والحفاظ على السد بقدرة الله جل وعلا مقاوما لعوامل التعرية.
قال تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً), هذا أيضا اثبات اخر على ان ياجوج وماجوج ليسوا كما يظن البعض تحت الارض ومن ثم ليسوا على كرتنا الارضية فمن الملاحظ هنا انهم يقومون بمحاولتين مختلفتين للتغلب على السد والله جل وعلا يخبرنا في كتابه الكريم عن فشلهم في تلك المحاولتين الى ان يحين الاجل الذي اجله سبحانه وتعالى لهم للخروج, (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أي انهم لم يتمكنوا من اعتلاء السد وتسلقه للمرور من فوقه (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً) أي انهم كذلك لم يتمكنوا من نقبه ومن هنا نقول ان استعمال فعلين مختلفين في وصف محاولات ياجوج وماجوج للتغلب على السد انما يدل على ان السد هو سد منتصب فوق سطح الارض يفصل بين فئتين كلتيهما تعيشان على سطح الارض وليس في ذلك أي اشارة الى ان ياجوج وماجوج في باطن الارض والسد يغلق الفوهة التي يودون الخروج منها والا لما استعمل الفعلان ولكان استعمل فعل النقب فقط لانه الطريق الوحيد لاعتلاء السد والظهور على سطح الارض في هذه الحالة . لاحظ كذلك استعمال فعل الاستطاعة بطريقتين مختلفتين ففي الحديث عن محاولة تسلق السد استعمل الفعل بدون التاء (اسطاعوا) وفي الحديث عن محاولة نقب السد استعمل الفعل ( استطاعوا) بالتاء فما الفرق؟ الأصل في اسطاع استطاع، وحذفت التاء للتخفيف، وفتحت همزة الوصل وقطعت وهو قول الفراء. والعرب تقول: إن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، قال ابن كثير رحمه الله: ( ذلك تأويل مالم تستطع عليه صبرا) أي هذا تفسير ما ضقت به ذرعا، ولم تصبر حتى أخبرك به ابتداء، ولما أن فسره له وبينه ووضحه وأزال المشكل قال ( تسطع ) وقبل ذلك كان الإشكال قويا ثقيلا، فقال ( سأنبئك بتأويل مالم تستطع عليه صبرا ), فقابل الأثقل بالأثقل والأخف بالأخف، كما قال تعالى: ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) وهو الصعود إلى أعلاه ( وما استطاعوا له نقبا ) وهو أشق من ذلك ، فقابل كلا بما يناسبه لفظا ومعنى، والله أعلم ( تفسير ابن كثير). اذا مما سبق علمنا ان اسطاع بدون التاء تفيد التخفيف وان الامر اسهل وايسر من استطاع والذي يفيد المشقة والصعوبة ولكن في حال ياجوج وماجوج ومن تتبع الاحاديث الصحيحة الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم علمنا ان ياجوج وماجوج في نهاية الامر ينقبون السد وهو العمل الاصعب ولم يستطيعوا فعل الاسهل وهو تسلقه فماذا نفهم من ذلك؟ الله اعلم ان هذا يشير الى نقطة الضعف التي اودعها الله جل وعلا في هذا العدو الشرس وهي عدم القدرة على التسلق ولذلك لم يستطيعوا فعل الاسهل وهو تسلق السد فعمدوا الى نقبه وقلنا ان هذا قد يفسر كيف ان القوم الذين استغاثوا بذي القرنين قد عاشوا ردحا من الزمن مع ياجوج وماجوج قبل ان ياتيهم ذو القرنين ويحجز عنهم خطر هؤلاء الاشرار, فهم ربما كانوا يعمدوا الى المناطق المرتفعة كالجبال لاتقاء شر ياجوج وماجوج ولكن وبعد انتهاء غارات ياجوج وماجوج عليهم يعودون للارض السهلة لممارسة زراعتهم وعيشهم وهذا يفسر أيضا تحصن المسلمين بمعية عيسى ابن مريم عليه السلام فوق الجبل وعدم استطاعة ياجوج وماجوج بقدرة الله الوصول لهم.
وليس من المتوقع ان ياجوج وماجوج محصورين في نطاق ضيق من الارض لانهم خلق كثير والله سبحانه وتعالى متكفل برزقهم شأنهم شأن كل دواب الارض, قال تعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود), ولذلك فكرة انهم محصورون في مكان ضيق دون سبل عيش عوضا عن القول بأنهم في جوف الارض هو امر مستبعد والمرجح والله اعلم انهم يعيشون في نطاق واسع من تلك الكرة الارضية وربما ان تلك الكرة الارضية اكبر من كرتنا الارضية بمراحل وتحوي الخيرات الوفيرة والمياة الكثيرة وقد يكون القوم الذين استعانوا بذي القرنين هم انفسهم من يعيش في بقعة معينة من الارض وطلبوا اليه تحصين ارضهم من افساد ياجوج وماجوج المستشرى في كل الارض هذا والله اعلا واعلم.
ياجوج وماجوج ليسوا على هذه الكرة الارضية
1. قال صلى الله عليه وسلم: (ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهِمْ ونُشَّابهم وجِعابِهِمْ (وفي لفظ: وأَترِسَتِهمْ) سبع سنين): سؤال: اذا كانوا تحت الارض مغلق عليهم كيف تسنى لهم اعداد مثل هذه الاسلحة والتي تتطلب موارد هائلة من نباتات واخشاب وحديد لصنع التروس وما يدل على الكم الهائل من هذه الاسلحة ان المسلمين سيوقدون منها لمدة سبع سنين فاي عاقل يصدق انهم تحت باطن الارض؟ بلا شك انهم موجودون على سطح الارض في بيئة تحوى الاشجار والموارد اللازمة لصنع مثل هذه الاسلحة.
2. قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً): من يقول انهم في باطن الارض مغلق عليهم بالسد ويستدل على ذلك بانهم لا يرون شعاع الشمس فليتفضل ويوضح لنا كيف يستطيعون معرفة الايام وتحديد الوقت دون الرجوع للوسائل التي خلقها الله سبحانه وتعالى لنا لمعرفة حساب الايام وعدد السنين واقصد بذلك الشمس والقمر؟ هم كما هو واضح في حديث المصطفى يحفرون كل يوم حتى نهاية اليوم حين يامرهم الذي عليهم بالتوقف عن الحفر لمواصلته غدا, اذا هم يعرفون ويحددون الايام اليس كذلك؟ اذا لابد انهم يروا الشمس والقمر. وسنفند الان حجة من يحتج بوشوك رؤيتهم لشعاع الشمس في نهاية الحفر كل يوم على انها دليل على انهم في باطن الارض وليس على ظهرها: نقول وبالله الاستعانة هل شعاع الشمس يعنى ضوء الشمس؟ ان من علامات ليلة القدر شروق الشمس بدون شعاع فهل يدل ذلك على انها ليس لها ضوء؟ لو تخيلت نفسك في ساعة متأخرة من وقت العصر قبيل مغيب الشمس تقف خلف حائط مرتفع يحول بينك وبين رؤية الشمس في ذاك الوقت أي انك تقف شرق الحائط بينما تتدلى الشمس للمغيب وترسل اشعتها الحمراء والذهبية ولكن الحائط يحول بينك وبين رؤية تلك الاشعة رغم انك ترى ضوء النهار في السماء وعند هذه اللحظة امسكت بالمعول وشرعت في فتح ثقب في الحائط وبعد ان تصببت عرقا تمكنت اخيرا من احداث ثقب في الحائط فسينهال عليك شعاع الشمس وتستبشر بانجاز المهمة, ان هذا هو واقع ياجوج وماجوج والسد فالسد فوق سطح الارض يحول بينهم وبين القوم والله اعلم انهم في الجهة الشرقية منه ويقومون كل يوم من مشرق الشمس بالحفر حتى نهاية اليوم حين يقرر زعيمهم بالرجوع للديار لمواصلة الحفر غدا وهم بالتاكيد لا يعلمون انهم على وشك ان يحدثوا فتحة فيه تمكنهم من رؤية اشعة الشمس التي توشك على المغيب والا لما توقفوا عن الحفر ولكن هذه ارادة الله لانه لم يحن وقت خروجهم والله اعلم. لاحظ دقة لفظ حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحيا يوحى : (حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس) ولم يقل ضوء الشمس فهم يرون ضوء الشمس الذي يملا الدنيا ولكن في توقيت نهاية يومهم وبعد حفر من الصباح في السد كادوا ان يروا شعاع الشمس المباشر منها ومن هنا نستشف ان الشمس وفي اخر كل يوم ترسل اشعتها مباشرة على الجهة من السد التي بأتجاة القوم وعكس اتجاه ياجوج وماجوج دون ان يحول بينها وبين السد أي حائل والله اعلم.
3. قال صلى الله عليه وسلم: (حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم، وأرادَ اللهُ عز وجل أنْ يبعثَهم على الناس، حَفَروا حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمسِ، قالَ الذي عَليهِمْ: اِرْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غداً إن شاء الله تعالى! وَاسْتَثْنَوْا، فيعودونَ إليهِ وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ، إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور. ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)، ويتحصَّنُ (وفي لفظ: ويَفِرُّ) الناس منهم في حصونهم، وينحاز منهم المسلمون، حتى تصير بقيةُ المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويَضُمُّونَ إليهم مواشِيَهم، ويَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأرضِ؛ حَتىَّ إِنَّهمْ لَيَمُرُّونَ بِالنّهرِ فيَشْرَبُونَهُ، حَتىَّ مَا يَذَرونَ فِيهِ شَيئاً، حتّى إنّ بعضَهم لَيَمُرُّ بِذلكَ النَّهرِ، حتى يتركوه يَبساً حتى إن مَنْ بَعدَهُمْ ليَمُرُّ به فَيقولُ: قَد كانَ هَهُنَا مَاءٌ مرّةً!، فيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ على بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء): حين بلوغ مدتهم يحفرون السد ويفتحونه بمشيئة الله سبحانه وتعالى ويخرجون على الناس انذاك يوحي الله الى نبيه وعبده عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام انه جل وعلا قد اخرج وفي رواية ابن حجر قد انزل عبادا له لا يدان لاحد بقتالهم, ونتوقف هنا عند لفظة (قد انزلت) وفيها دليل على ان يأجوج وماجوج ليسوا على ارضنا هذه بل على ارض من ارض الله الواسعة والتي لا يعلم حدودها الا الله تعالى وذلك انهم سينزلون من عل على كرتنا الارضية هذه ولكن وقبل نزولهم لكرتنا الارضية فستكون لهم جولات مع القوم الذين من دون السدين لانهم هم اول من سيخرجون عليهم قبل ان يبعثهم أي يرسلهم وينزلهم الله على كرتنا الارضية لاحظ قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج ) والبعث هو الارسال ثم لاحظ قوله صلى الله عليه وسلم: (ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)): بعد ان يبعث الله ياجوج وماجوج فهم يخرجون, وقد ذكر صلى الله عليه وسلم هنا قول المولى عز وجل عن صفة خروجهم (كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ) ما معنى حدب؟ ذكر اخواننا المفسرون انه ما غلظ وعلا من الارض وينسلون أي يخرجون مسرعين قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) يس) وقال تعالى : (خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) القمر), ولكن لنتسأل هنا لما يخرج ياجوج وماجوج مما علا وغلظ من الارض بعد ان خرجوا من السد؟ وكذلك نرى في الحديث انهم بعد انسلالهم وخروجهم من الاحداب يعمون الارض وفي رواية يغشون الارض أي ان انسلالهم وخروجهم من الاحداب يكون قبل غشوهم الارض وكل الارض لانهم يشربون انهارها ومياهها وياكلون خيراتها ومن الملفت ان تحصن الناس في حصونهم يوفر نوع من الحماية لهم من هجمات ياجوج وماجوج ولكن الملفت للنظر اكثر هو تحصن المسلمين بمعية عيسى صلى الله عليه وسلم برأس الجبل ليعصمهم من شر هؤلاء الاشرار فلماذا يا ترى؟ ان هذا ما لمسناه من نقطة ضعف لدى ياجوج وماجوج فهم والله اعلم بطبيعة خلقهم لا يستطيعون تسلق المرتفعات ولذلك لم يتمكنوا من ظهور السد بل سيستطيعون اخر المطاف نقبه فقط ولهذا كان وجود المسلمين فوق الجبل بقدرة الله عز وجل وفر لهم ملاذا امنا لعدم قدرة ياجوج وماجوج على تسلق الجبل بل اكتفوا بحصارهم , واذا عدنا للوراء وتأملنا ما كان اصلا قبل وصول ذو القرنين للقوم الذين من دون السد والذين كانوا يتعرضون لغارات ياجوج وماجوج وفسادهم وتسألنا: كيف كانوا يفرون بارواحهم ومواشيهم من خطر ياجوج وماجوج والذين لابد انهم كانوا يعيشون معهم ردحا من الزمن قبل بناء السد؟ كيف لم يتمكن ياجوج وماجوج من القضاء عليهم نهائيا وهم بهذه القوة؟ نقول والله اعلم انه كما لهؤلاء الاشرار من قوة الا ان الله جل وعلا اودع فيهم نقطة ضعف وهي والله اعلم عدم تمكنهم من التسلق ولهذا ربما كانت المرتفعات الجبلية توفر للقوم الذين من دونهم ملاذا امنا للفرار بحياتهم ولكن وبسبب ان لديهم معايش وزراعة في الارض السهلة فلا يستطيعون الالتصاق طوال الوقت بالمرتفعات ولذلك يعودون بين فينة واخرى لممارسة حياتهم على الارض السهلة ولكن ياجوج وماجوج يباغتونهم بالغارات بين حين واخر ويقتلون من يقتلون منهم وياكلون محاصيلهم ومواشيهم ويفر من يفر الى اعالى الجبال لينجو بروحه. ومن المؤكد ان هؤلاء القوم يخبرون نقطة ضعف عدوهم أي ياجوج وماجوج ولذلك طلبوا من ذي القرنين بناء سد يحول بينهم وبين ياجوج وماجوج وربما انهم حاولوا مرارا بناء مثل هذا السد سابقا ولكن كانوا أي ياجوج وماجوج ينقبون سدودهم بسهولة لافتقارها للقوة المتوفرة في سد الحديد والنحاس الذي بناه لهم ذو القرنين الممكن من لدن الله القوي العزيز. ونعود الان للأحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج وهل هي ما علا وغلظ من الارض؟ لماذا بعد خروجهم من السد يخرجون مما علا من الارض؟ اليسوا يغشون الارض جميعا كما جاء في الحديث؟ لماذا يعمدون للمرتفعات ويتركون الارض السهلة علما انهم كانت مشكلتهم السد وهو مرتفع؟ لماذا لم يصلوا للمسلمين إِذاً وهم باعلا الجبل اذا كان لديهم القدرة على تسلق المرتفعات؟ اليس الجبل هو من احداب الارض كما فسرها المفسرون؟ لم يذكر صلوات الله وسلامه عليه حين وصل الى نقطة انسلالهم من الاحداب بانها تعني الخروج من اكام الارض وما علا منها بل اكتفى بتلاوة الآية قائلا : (فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُون ), لاحظ أيضا ان من كل حدب تدل على كثرة الاحداب المنسل منها ياجوج وماجوج. ولماذا يقتصر وصف انسلالهم على مرتفعات الارض لماذا لم تذكر الارض السهلة والوديان؟ ان ما نراه والله اعلم وفي ضوء ما فهمناه من كتاب الله جل وعلا وحديث المصطفى ان الاحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج هي والله اعلم وسيلة نقلهم من الارض التي كانوا فيها في السماء الى كرتنا الارضية ولذلك جاء في الحديث (إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي) ولعل هذه الاحداب هي والله اعلم الاطباق الطائرة والتي شوهدت الاف المرات من قبل كثير من الناس منهم طيارون امريكيون وكان الاجماع على انها محدبة الشكل كالعدسة المحدبة أو كتحدب الصحن أو الطبق ومن ذلك جاءت تسميتها بالاطباق الطائرة أو الصحون الطائرة. لكن السؤال كيف حصلوا عليها؟ ربما انهم استولوا عليها من اؤلائك القوم الذين استعانوا بذي القرنين لبناء السد ولربما ان هؤلاء القوم قد استمدوا من ذي القرنين مما علمه الله ومكنه فيه لصناعة مثل هذه الاطباق وليس غريب انهم تقدموا بمرور الزمن ولكن ورغم تقدمهم لم يكن لهم طاقة بقتال ياجوج وماجوج وربما نقطة قوة ياجوج وماجوج هي التكاثر السريع فقد ذكر ان احدهم لا يموت حتى يولد له الف, جاء في الحديث: (الرجلَ منهم لا يموتُ حتى يُولدَ له ألفُ ذكرٍ), الراوي: عمر بن الخطاب رضى الله عنه, المحدث: ابن جرير الطبري, المصدر: مسند ابن عباس ( حديث صحيح), أي انه مهما قتل منهم فسيتم تعويضة بسرعة ولذلك لو تاملت طريقة القضاء عليهم ان الله عز وجل يرسل عليهم النغف فياتيهم في رقابهم ومناخيرهم فيموتون موتة رجل واحد نعم موتة رجل واحد فلو بقي منهم القليل سيتكاثرون بسرعة وساضرب لك مثل على ضعف الانسان حتى امام مخلوقات اقل شأنا من ياجوج وماجوج, الذباب مثلا, فهو العدو اللدود للانسان منذ بدء الخليقة فلا احد يرغب في وجوده فهل استطاع الانسان القضاء عليه رغم ما وصلنا اليه من تقدم ورقي؟ كلا بل ان العجيب في الامر ان دراسة امريكية خلصت الى ان الافراط في مكافحة الذباب يؤدي الى انه يستشعر انقراض نسله فيتكاثر بصورة كبيرة على غير عادته فربما ان ياجوج وماجوج كان لديهم هذه النقطة من القوة التي جعلت القوم الذين امامهم لا يستطعون القضاء عليهم حتى ولو وصلوا لما وصلوا من تقدم ورقي والله اعلم وسنوضح ذلك الامر لاحقا ان شاء الله.
4. قال صلى الله عليه وسلم: (وفي حديث النواس: ثم يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ، فلا يجدونَ في الأرضِ موضع شِبْرٍ (وفي لفظ: بيتا) إلا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم ودماؤُهم، فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل) نتوقف هنا عند نقطتين: اولا: ان ليأجوج وماجوج بعد موتهم نتن وزهم أي رائحة كريهة من نتاج التعفن, وهذا يشير الى انهم مخلوقون من مادة عضوية يتولد عن تعفنها غاز كبريتيد الهيدروجين وكذلك كون مواشي المسلمين تشكر أي تسمن من اكل لحومهم يؤيد ان اجسادهم تحتوي مواد عضوية من التربة, والله اعلم, إِذاً هم خلق من تراب وليس من نار أي انهم والله اعلم انس وليسوا من الجن فقد ورد في الحديث: (الإنس عشرة أجزاء تسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وسائر الناس جزء واحد), الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: ابن الملقن, المصدر: شرح البخاري لابن الملقن, ولكنهم ليسوا من البشر أي ليسوا من ابناء آدم عليه السلام فآدم وفي الحديث المتفق عليه هو ابو البشر وليس ابو الانس فلم يرد مطلقا لا في القرآن ولا في السنة ان آدم ابو الانس جميعا لان هناك فرق بين الانس والبشر فكل البشر من الانس ولكن ليس كل الانس بشر والله اعلم وهذا تجده في بحثنا الانس والبشر والاثباتات الدامغة من القرآن والسنة في هذا الصدد. واما من ذهب الى ان ياجوج وماجوج من البشر أي بني آدم فسنورد له هنا حديثين صحيحين يثبتان انهم ليسوا من ذرية آدم عليه السلام : الحديث الأول رواه البخاري (6529) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ ، فَيُقَالُ : هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ . فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ . فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، كَمْ أُخْرِجُ ؟ فَيَقُولُ : أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا ؟ قَالَ : إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ .
الحديث الثاني رواه البخاري (3348) ومسلم (222) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ . قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ ؟ قَالَ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا . ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا , فَقَالَ : أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا, فَقَالَ : أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا , فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ .
من الملاحظ انه في الحديث الاول حين يطلب الله عز وجل من آدم عليه السلام اخراج بعث جهنم من ذريته لا ذكر ليأجوج وماجوج والنسبة تختلف حيث من كل مائة تسعة وتسعون واما في الحديث الثاني فالفظ الذي ورد فيه اخراج بعث النار ولم تذكر ذرية آدم فقط , وهل بني آدم وحدهم في ارض المحشر؟ كل الخلائق جنها وانسها ستكون محشورة, قال تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) الانعام), ولذا نقول ان ياجوج وماجوج ليسوا من ذرية آدم والله اعلم بل هم خلق من الانس لهم طبيعة مختلفة. وكذلك تامل الحديث التالي والذي يوضح فهمه ان ياجوج وماجوج ليسوا من بني آدم: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه ، وقد فاوت السير بأصحابه ، إذ نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم قال : فحثوا المطي ، حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هل تدرون أي يوم ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذلك يوم ينادى آدم ، يناديه ربه : ابعث بعث النار ، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار ! قال : فأبلس القوم ، فما وضح منهم ضاحك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا اعملوا وأبشروا ، فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلا كثرتاه ، فمن هلك من بني آدم ، ومن هلك من بني إبليس ، ويأجوج ومأجوج ، قال : أبشروا ، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير ، أو كالرقمة في جناح الدابة
الراوي: عمران بن حصين المحدث: ابن جرير الطبري - المصدر: تفسير الطبري - الصفحة أو الرقم: 10/1/144 خلاصة حكم المحدث: صحيح), لاحظ لو ان ياجوج وماجوج من بني آدم لما ذكروا هنا ولأكتفي بذكر من هلك من ابناء آدم فقط والله اعلم.
دعونا نعود الان الى كيف يخلص الله جل وعلا المسلمون ونبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم من جثث ياجوج وماجوج, قال صلى الله عليه وسلم : (فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل), إِذاً يرسل الله سبحانه وتعالى طيرا كاعناق الابل فتحملهم وتطرحهم حيث يشاء الله, كاعناق البخت أي كاعناق الابل: اليس العرب هم الأخبر بالصحراء وبالطيور واسمائها لماذا لم يسمي الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تلك الطيور ذات الاعناق الكبيرة؟ واين ستذهب بهم اذا كانوا اصلا قد ملأوا كل الارض؟ الله اعلم ان هذه الطيور أيضا ليست من طيور ارضنا بل تأتي من السماء من ارض من السماء لتحمل الاشرار وهم فرسى وتطرحهم في ارض بعيدة ليست كرتنا الارضية هذه وانني لاتسأل هل هذه الطيور هي طيور العنقاء والتي وكما يقول المثل الصيني: ( حين تاتي العنقاء من السماء يحل السلام), فهل لهذا القول اصل وحقيقة وكان لمن قبلنا من الأمم الغابرة تواصل بالمخلوقات الفضائية وعلى علم بما سيحدث في اخر الزمان اليس كان فيهم رسل كما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وربما مع الوقت حولوا ما ذكره لهم المرسلين من حقائق الى خرافات ولذلك قالوا المستحيلات ثلاث وسموا الغول والعنقاء وتهكما اضاف الشاعر الخل الوفي, وهل الغول المذكور في الاساطير والخرفات (أو التنين في الخرافات الصينية) هو عينه ياجوج وماجوج وجاء اسم الغول من يغيل أي يختفي ومنها اشتق اسم الكحول أي الغول لانها تغيل بالعقل أي تغيبه وربما سر التسمية لان الاوائل سمعوا بيأجوج وماجوج ولم يروهم لاحظ ان كلمة ياجوج من اجيج النار علما ان التنين ينفث من فمه الناروكل هذا هو فقط اجتهادات مني ومجرد تساؤلات فقط لاغير والله وحده اعلا واعلم.
5. ومن الادلة القاطعة والتي تثبت ان ياجوج وماجوج ليسوا في باطن الارض كما يحلوا للبعض تخيل ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) فاطر), وكذلك قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل), لاحظ ان الايتان الكريمتان تشيران الى ان الدواب وخاصة المكلفة منها تعيش على ظهر الارض لا في بطنها ولو ان ياجوج وماجوج وهم طبعا من الدواب العاقلة المكلفة يعيشون في بطن الارض لما اقتصرت الايات على هلاك الدواب التي على ظهر الارض بل والتي في بطنها اليس كذلك؟ وحتى ان كان هناك بعض الدواب تسكن تحت الثرى (ليس في عمق بطن الارض) الا ان عيشها يستدعي خروجها لتقتات من على ظهر الارض, والواضح والله اعلم ان الدابة المذكورة في الايتان السابقتان 45 فاطر و61 النحل انها الدابة العاقلة من انس وجن ومنها ياجوج وماجوج, راجع بحثنا عن (السموات السبع والاراضين السبع), لذلك نقول ان الأدعاء بان ياجوج وماجوج موجودون في بطن ارضنا هذه هو ادعاء يناقظ الايات القرآنية والسنة ولا يقره العقل السليم مطلقا.
6. ونقول كذلك لمن يقول انهم أي ياجوج وماجوج في باطن ارضنا هذه لماذا لم يشربوا مياهنا الجوفية اذا كانوا بهذه القدرة على شرب انهار الارض وبحيراتها, لاحظ انهم يشربون المياة العذبة؟.
كيف سيصل ياجوج وماجوج الى كرتنا الارضية:
كما تبين لنا مما سبق ان ياجوج وماجوج ليسوا على كرتنا الارضية بل على كرة ارضية اخرى في نظام شمسي اخر بعيدا عنا ومن المؤكد انهم في اخر الزمان وبعد حدوث الاحداث الجسام واكبرها فتنة المسيح الدجال نعوذ بالله من شر فتنته وما ان ينزل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فيقتل الدجال وتحصل المعركة الكبرى مع اتباعه اليهود والتي ينطق فيها الحجر وجذم الحائط ليفصح عن من تخبأ خلفه من اليهود نقول ما ان تزول هذه الفتنة العظيمة حتى يأتي عيسى ابن مريم اناسا قد عصمهم الله من فتنة الدجال فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة وبينما هم كذلك يوحى الله سبحانه وتعالى لعيسى عليه السلام انه جل وعلا قد ارسل وفي لفظ ابن حجر قد انزل عبادا له جل وعلا لا يدان لاحد بقتالهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً، فيُعِيدُه اللهُ (وفي رواية: فيرجعون وهو) أشد ما كان (وفي رواية: كأمثل ما كان)، حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم، وأرادَ اللهُ عز وجل أنْ يبعثَهم على الناس، حَفَروا حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمسِ، قالَ الذي عَليهِمْ: اِرْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غداً إن شاء الله تعالى! وَاسْتَثْنَوْا، فيعودونَ إليهِ وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ، إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور. ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ فيَنْشِفُونَ الماءَ (وفي لفظ: فيستقون المياه)، ويتحصَّنُ (وفي لفظ: ويَفِرُّ) الناس منهم في حصونهم، وينحاز منهم المسلمون، حتى تصير بقيةُ المسلمين في مدائنهم وحصونهم، ويَضُمُّونَ إليهم مواشِيَهم، ويَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأرضِ؛ حَتىَّ إِنَّهمْ لَيَمُرُّونَ بِالنّهرِ فيَشْرَبُونَهُ، حَتىَّ مَا يَذَرونَ فِيهِ شَيئاً، حتّى إنّ بعضَهم لَيَمُرُّ بِذلكَ النَّهرِ، حتى يتركوه يَبساً حتى إن مَنْ بَعدَهُمْ ليَمُرُّ به فَيقولُ: قَد كانَ هَهُنَا مَاءٌ مرّةً!، فيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ على بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويظهرون على الأرض، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخَمَرِ، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلمّ فلنقتُلْ من في السماء (وفي حديث أبي سعيد: حتى إذا لم يبقَ من الناس أحد إلا في حِصْنٍ أو مدينة؛ فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغناَ منهم، ولَنُنَازِلَنَّ أهل السماء) فيرمون بسهامِهمْ (وفي رواية: بنشوبهم) ، (وفي حديث أبي سعيد: حتى إنَّ أحدهم لَيَهُزُّ حَربَتَهُ) إلى السماء، فترجع عليها كهيئةِ الدم الذي اجْفَظَّ، للبلاء والفتنة، فيردّ الله عليه نشابهم مخضوبة دما، فيقولون: قَهَرْناَ أهلَ الأرضِ، وعَلَوْنا أهلَ السَّمَاءِ -قسوة وعلواًّ- (وفي حديث أبي سعيد: قد قتلنا أهلَ السماء)، ويُحصَرُ (وفي لفظ: ويَحضر) نبيُّ الله عِيسىَ وأصحابُه، حتى يكون رأسُ الثور لأحدِهم خيراً من مائة دينار لأحدِكمُ اليومَ. فيرغَبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابه إلى الله)، فيبعث الله نَغَفاً في أقفائِهم، (وفي حديث النواس: فيُرسِلُ الله علهيم النَّغَفَ في رقابِهم) (وفي حديث ابن مسعود: فتلجُ في أَسماعِهم ومَنَاخِرِهم) ، فيقتلهم بها، (وفي حديث النواس: فيصبحون فَرْسَى، كموت نَفْسٍ واحدةٍ) (وفي حديث أبي سعيد: فبينما هم كذلك، إذْ بَعَثَ اللهُ دوابَّ كنَغَفِ الجرادِ، فتأخذ بأعناقهم فيموتون موت الجراد،(وفي لفظ: يبعث الله عز وجل دودا في أعناقهم، كنغَفِ الجراد (وفي لفظ: الجرار) الّذي يخرج في أعناقها، فيصبحون موتى)
يركب بعضهم بعضاً، فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حِساًّ، فيقولون: مَنْ رجلٌ يَشري نفسَهُ، وينظُرُ ما فَعَلوا؟! (وفي لفظ: ما فعل هؤلاء العدو؟) فينزِلُ منهم رجل قد وطَّنَ نفسَهُ على أنْ يقتلوه. فيجدُهم موتى بعضهم على بعض، فيناديهمْ: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا؛ فإنَّ اللهَ قد كفاكم عدوَّكم ، فيخرج الناس مِنْ مَدَائِنِهِمْ وحُصُونِهِمْ وَيخْلُونَ سَبِيلَ مَوَاشِيهِمْ (وفي لفظ: فَيَسْرَحون مَوَاشِيَهِم)، فما يكون لها رَعْيٌ إلا لحومهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والّذي نفسي بيدِهِ! إنّ دوابَّ الأرضِ لتسمَنُ وتَبْطَرُ وَتَشْكَرُ شَكَراً من لحومهم ودمائِهم" ، (وفي حديث أبي سعيد: فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكَرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أصابتهُ قَطُّ). (وفي حديث النواس: ثم يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ، فلا يجدونَ في الأرضِ موضع شِبْرٍ (وفي لفظ: بيتا) إلا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم ودماؤُهم، فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل، ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهِمْ ونُشَّابهم وجِعابِهِمْ (وفي لفظ: وأَترِسَتِهمْ) سبع سنين، ثم يرسل الله عليهم مطراً لا يَكُنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ أربعين يوماً، فيَغْسِلُ الأرضَ منهم حتى يتركها كالزَّلَفَةِ (أو قال:كالزلَقة) ثم يقال للأرض: أنبتي ثمَرَتَكِ ورُدِّي بركَتَكِ. فيومئِذٍ تأكلُ العصابةُ (وفي لفظ: النفر) مِنَ الرُّمّانةِ فتُشبِعُهم ويستظِلُّونَ بقِحْفِها، ويُبَارِكُ اللهُ في الرِّسلِ حتى أن اللَّقحةَ منَ الإِبلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ منَ النَّاس،ِ واللَّقحة من البقر لتكفي القبيلةَ من الناس، واللَّقحة من الغنمِ لتكفي الفخْذَ من الناس (وعند أحمد: واللقحة من البقر تكفي الفخذ من الناس، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت )، ولَيُحَجَّنَّ البيتَ وليُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَاجوجَ وماجوجَ.
فبينما هم كذلك إذ بَعَثَ الله عز وجل عليهم ريحاً طيبةً فتأخذهم تحت آباطِهم فتقبضُ روحَ كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شِرارُ الناسِ يَتَهَارَجُون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعةُ.
شرح الألفاظ الغريبة:
-قوله: (قال الّذي عليهم)؛ أي الّذي هو أمير عليهم.
-قوله: (حتى إذا بَلَغَتْ مدتهم)؛ أي المدة الّتي قدرت لهم.
- قوله (لا يدان) بكسر النون تثنية يد أي: لا قدرة ولا طاقة، يقال: مالي بهذا الأمر يد، ومالي به يدان؛ لأنّ المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكأن يديه معدومتان بعجزه عن دفعه.
-قوله: (فَحَرِّزْ)؛ أي ضمهم واجعله لهم حِرزا.
-قوله: (فَحَوِّزْ)؛ أي نحّهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور، وروي (حزب) بحاء وزاي وباء أي: اجمعهم.
-قوله: (كل حدَبٍ)؛ المكان المرتفع من الأرض؟
-قوله: (يَنسِلُونَ)؛ يمشون مسرعين.
-قوله: (الخَمَر)؛ الشجر الملتف الّذي يستر من فيه.
-قوله: (اجْفَظَّ)؛ أي ملأها.
-قوله: (وعَلَوْنا أهلَ السَّمَاءِ -قسوة وعلواًّ - )؛ أي يقولون هذا القول غلظة وفظاظة وتكبراً.
-قوله: (نَغَفاً)؛ دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
-قوله: (فيصبحون فَرْسَى)؛ أي قتلى؛ وزنا ومعنى، واحدهم فريس.
-قوله: (وتَبْطَرُ)؛ من البَطَر: النشاط والأشر.
-قوله: (وَتَشْكَرُ شَكَراً)؛ يقال: شكرت الناقة: امتلأ ضرعها لبنا، والدابة: سمنت.
-قوله: (زَهَمُهم ونَتْنُهم)؛ أي دسمهم ورائحتهم الكريهة.
-قوله: (كأعناق البُخت)؛ نوع من الإبل، أي طيرا أعناقهم في الطول والكبر كأعناق البُخت.
-قوله: (بالمهبل)؛ الهوة الذاهبة في الأرض. و في مسند الإمام أحمد: قال ابن جابر: فقلت يا أبا يزيد!: وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.
-قوله: (قِسِيِّهِمْ)؛ جمع قوس.
-قوله: (نُشَّابهم)؛ أي من سهامهم.
-قوله: (جِعابِهِمْ)؛ جمع جَعْبة وهي ظرف النشاب.
-قوله: (أَترِسَتِهمْ)؛ جمع تِرس.
-قوله: (مطراً لا يَكُنُّ منه)؛ من كنيت الشيء أي سترته وصنته عن الشمس.
-قوله: (بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ)؛ أي لا يمنع من نزول الماء البيت المدر؛ وهو الطين الصلب، ولا وبر؛ وهو الشعر والصوف، والمراد تعميم بيوت أهل البدو والحضر.
-قوله: (كالزَّلَفَةِ أو قال:كالزلَقة)؛ قيل: كالمرآة، وقيل: الصحفة، وقيل: كالروضة، وقيل غير ذلك، والمراد أن الماء يعم جميع الأرض فينظفها حتى تصير بحيث يرى الرائي وجهه فيها. اهـ الفتح
-قوله: (العصابةُ)؛ الجماعة.
-قوله: (بقِحْفِها)؛ هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الّذي فوق الدماغ.
-قوله: (الرِّسلِ)؛ هو اللبن.
-قوله: (اللَّقحةَ)؛ هي القريبة العهد بالولادة.
-قوله: (الفِئَامَ)؛ الجماعة الكبيرة.
-قوله: (الفخْذَ)؛ الجماعة من الأقارب.
-قوله (ولَيُحَجَّنَّ البيتَ وليُعْتَمَرَنَّ): قال ابن حجر: زاد عبد بن حميد: ويغرسون النخل. اهـ الفتح
-قوله (يَتَهَارَجُون فيها تهارج الحمر): وفي رواية: الحمير، أي يجامع الرجل النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك، والهرج الجماع.
وسنتناول الان حديث المصطفى بالتحليل والله نسأل ان يلهمنا الصواب والسداد:
• إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونَ (وفي لفظ: ليحفرُنَّ السّدَّ) في كل يوم حتى إذا كادوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشمس، قال الّذي عليهم: ارجعوا فسنَحْفِرُهُ (وفي لفظ: فستحفرونه) غداً: أي انهم يعرفون توالى الايام , أي انهم يرون الشمس والقمر وهما ادوات الحساب أي انهم فوق سطح كرة ارضية اخرى غير كرتنا هذه واما شعاع الشمس فهي الاشعة المنبعثة من الشمس مباشرة ويختلف عن ضوء الشمس بدليل ان الشمس يمكن ان تشرق بدون شعاع فهل ليس لها ضوء؟
• فيحفرونه، ويخرجون على الناسِ: أي ان خروجهم يكون بحفر ونقب السد بعد ان يقدموا مشيئة الله سبحانه وتعالى.
• إذ أَوحىَ الُله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: إني قد أخرجتُ (وفي لفظ: أنزلت) عباداً لي من عبادي لا يَدانِ لأحدٍ بِقِتَالهم، فَحَرِّزْ (وفي لفظ: فَحَوِّزْ) عبادي إلى الطور: ونتوقف هنا عند لفظ ابن حجر قول الله لعيسى عليه السلام (إني قد أنزلت عباداً لي من عبادي) ومعلوم ان النزول من علو فهذا يدل على انهم يأتون من ارض غير كرتنا الارضية ونزولا لها وفي هذا اللفظ تأكيد على انهم ليسوا في باطن الارض وقد يكون اختيار الجبل كملاذ آمن يرتبط بنقطة ضعف ياجوج وماجوج وهي عدم القدرة على التسلق.
ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ: يبعث أي يرسل وفي هذا اشارة الى انهم مرسلون من مكان بعيد ليصلوا الى ارضنا هذه, فيخرجون: الفاء تفيد التعقيب والسرعة أي انه بعد ارسالهم وبعثهم يخرجون بسرعة وهذا يدل على انه ليس المقصود بخروجهم هنا الخروج من السد لان الخروج هنا يحدث بعد ان يبعثهم ويرسلهم الله جل وعلا, وبعثهم يحدث بعد خروجهم من السد بعد نقبه, فمما يخرجون؟ قال صلى الله عليه وسلم: فيخرجون كما قال الله تعالى: وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ، فَيَعُمُّونَ (وفي لفظ: فيغشون) الأرضَ: إِذاً هنا اكتفى صلى الله عليه وسلم في وصف كيفية خروجهم بتلاوة قول الله تعالى: (وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ) فما هو الحدب؟ قال المفسرون انه ما غلظ وعلا من الارض أي مرتفعات الارض من جبال وهضاب وكثبان واكام ولكن كيف نفهم ان ياجوج وماجوج المحصورون خلف السد وبعد ان ينقبوه ويخرجون منه يتحولون للخروج من المرتفعات والجبال والكثبان؟ لاحظ كلمة من كل حدب: تفيد من كل المرتفعات والكثبان والهضاب فلماذا فقط المرتفعات أليسوا يغشون الارض كلها لماذا يكون خروجهم وانسلالهم من الهضاب والمرتفعات وحتى حرف الجر من يفيد خروجهم من هذه الاحداب أو كما قال المفسرون الهضاب والجبال وما علا من الارض في حين انه يجب ان يقال من فوق كل مرتفع ينسلون مثلا لو كان المقصود هو بالفعل مرتفعات الارض وما علا منها ثم كيف يستطيعون تسلق هذه المرتفعات وهم لم يفلحوا في عمل الاسهل وهو تسلق السد فعمدوا الى نقبه وحفره وهو الاصعب ( اسطاعوا واستطاعوا) والشيء المهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتطرق لتفسير خروجهم في الحديث ولم يشير الى ان خروجهم هو من جبال الارض وهضابها بل اكتفى بذكر ما جاء في القرآن الكريم عن صفة خروجهم وذاك قوله تعالى: (وهم من كل حدَبٍ يَنسِلُونَ), وهنا قد يقول البعض ان العرب هم اهل اللغة ويعرفون ان الحدب هو مرتفع الارض فنقول لماذا إِذاً فسرها ابن عباس رضي الله عنهما كما جاء في تفسير الطبري: (وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل, ذكر من قال ذلك: حدثنـي علـيّ، قال: ثنا عبد الله، قال ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } يقول: من كلّ شرف يُقْبِلون( تفسير الطبري), اذا كانت من المسلمات ولا تحتاج لتفسير؟ ان كلمة حدب ان كانت تشير الى مرتفعات الارض وهضابها وكثبانها ليست شائعة الاستعمال في اللغة, لهذا كله نقول ان الاحداب التي ينسل منها ياجوج وماجوج ليست هي الجبال والهضاب وما علا من الارض بل هي وسائل النقل التي ستقلهم الى كرتنا الارضية من كرتهم الارضية التى كانوا يعيشون عليها ولعل هذه الاحداب الطائرة ما هي الا الاطباق الطائرة والتي شوهدت الاف المرات من قبل كثير من الناس منهم طيارون امريكيون وكان الاجماع على انها محدبة الشكل كالعدسة المحدبة أو كتحدب الصحن أو الطبق ومن ذلك جاءت تسميتها بالاطباق الطائرة أو الصحون الطائرة. لكن كيف سيحصل عليها قوم ياجوج وماجوج كي يصلوا بها الى ارضنا هذه وهم كانوا خلف سد وبدائيون ؟ نقول والله اعلم انهم سيحصلون عليها من القوم الذين سيخرجون عليهم ويجتاحوهم اولا وهم الذين دون السدين والذين استعان اجدادهم ا بذي القرنين لسد ياجوج وماجوج عن ارضهم فربما انهم اكتسبوا أو سيكتسبون من المعرفة والتقدم ما يجعلهم يصلون الى تصنيع مثل هذه الوسائل المتقدمة والتي لم نصل لتصنيع مثلها الى وقتنا الراهن, وقد يكون حال القوم الان شيء وحالهم عندما تفتح ياجوج وماجوج شيء اخر اقصد من ناحية التقدم الصناعي, وقد يكونوا قد تلقوا معرفة في تصنيعها من ذو القرنين والذي يرجح انه سافر بواسطتها عبر اسباب السموات. وقد يستغلون بعضهم قصرا لتوجيه هذه الوسائل الى ارضنا هذه والله اعلم. وهم من كل حدب ينسلون: لاحظ دقة اللفظ القرآني أي ان انسلال ياجوج وماجوج مقتصر على الاحداب فاذا كانت الاحداب تعني هضاب الارض وكثبانها وجبالها فلما يقتصرون على ذلك ويتركون السهول والوديان ولماذا لم ينسلون من الجبل الذي عليه المسلمين بمعية عيسى ابن مريم عليه السلام؟ ولا ننسى هنا ان نذكر ان الله جل وعلا قد تكفل بانزالهم الى ارضنا هذه ليقضي امرا كان مفعولا فقد جاء في الحديث: (إني قد أنزلت عباداً لي من عبادي).
• كيف تكون نهاية ياجوج وماجوج؟
بعد انسلال ياجوج وماجوج من الاحداب والتي رجحنا انها الاطباق الطائرة فأنهم يغشون الارض ويشربون الانهار فيجففونها فيمر اخرهم على النهر فيقول قد كان هاهنا مرة ماء وهذا يدل على كثرتهم وكذلك سيشربون بحيرة طبرية فيجففونها وشربهم لانهار الارض يوضح لنا انهم يغشون كل الارض وليس بقعة بعينها ويحصرون المسلمين بقيادة عيسى ابن مريم فوق الجبل ويتضرع عيسى عليه السلام الى الله فيرسل عليهم النغف فيصيبهم في اعناقهم فيموتون موتة رجل واحد, والنغف قد يكون نوع من الدود الصغير أو قد يكون نوع من الجراثيم أو البكتيريا سريعة العدوى الملفت في الامر هو طريقة موتهم, كموتة رجل واحد, ونعتقد ان هذا يوضح لنا سر قوة ياجوج وماجوج والتي تقهر عدوهم فلعلها التكاثر السريع والذي يجعل مقاومتهم ضرب من المستحيل فمهما قتل منهم فهم يعوضونه بسرعة التكاثر وقد ورد في الحديث ان احدهم لا يموت حتى يولد له الف ولد وليس اكثر شبه لحالهم هذا من الذباب أو قوارض الارض فهما العدو اللدود للانسان منذ بدء الخليقة والى يومنا هذا لم نستطع القضاء على الذباب بسبب تكاثره السريع ولكن نظريا ما هي الطريقة المثلى للقضاء عليه نهائيا؟ بالتأكيد هي قتل كل الذباب مرة واحدة وهذا ما سيحدث لياجوج وماجوج الموت مرة واحدة كموتة رجل واحد.
§ماذا سيحدث بعد موت ياجوج وماجوج؟
بعد ان يهلك الله سبحانه وتعالى ياجوج وماجوج ينزل عيسى عليه السلام بمعية المسلمين فلا يجدوا لهم موضع قدم على الارض من جثث ياجوج وماجوج وكذلك تملأ رائحة تحلل جثثهم النتنة المكان فيتضرعون الى الله ليخلصهم من ذلك فيرسل الله طيرا اعناقها كاعناق الابل أي انها طيور ضخمة جدا ذوات اعناق طويلة فتحملهم وتطرحهم حيث يشاء الله ولكن وحيث انهم يملأون وجه كرتنا الارضية فهل ستطرحهم تلك الطيور في مكان خارج نطاق كرتنا الارضية؟ وقد ورد في الحديث انها أي الطيور تطرحهم في المهبل وهي هوه عميقة فلا نعلم هل هي على ارضنا ام المرجح انها على ارض اخرى لاسيما ان مثل هذه الطيور ذات الاعناق الطويلة لاتوجد على ارضنا هذه والعرب يعرفون انواع الطيور فلو انها مثلا النسور أو غيرها لكان قد ذكر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم اسم هذه الطيور.
§ مجرد تساؤلات فقط لا غير:
§ الطيور ذات الاعناق التي يرسلها الله جل وعلا كي تخلص ارضنا من جثث ياجوج وماجوج لربما انها طيور العنقاء والتي يتداول ذكرها في كل الحضارات مثل الصينية والهندية والاوروبية والفرعونية والعربية على انها خرافة ولكن من يعلم ربما ان لهذه الخرافة اصل من الحقيقة وان القرون الاولى قد رأت بالفعل مثل هذه الطيور أو علمت بها من انبيائها ورسلها كحقيقة ولكن وحيث انهم كذبوا رسلهم فحولوا كل الحقائق الى خرافات. والحفريات على كرتنا الارضية هذه تثبت وجود اشباه تلك الطيور في الواقع وهي التي واكبت حقبة الديناصورات المنقرضة على كرتنا الارضية هذه من ملايين السنين ولكن هذا لا ينفي وجود مثل هذه الطيور وحتى الديناصورات على كرات ارضية اخرى ولم تحل بها كارثة لتنقرض كما التي حلت بديناصورات ارضنا هذه. من الملاحظ انه بعد ان يقضي الله على ياجوج وماجوج وكما ورد في الحديث الصحيح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم تضع الحرب اوزارها وينزع الله الشحناء ويحل السلام في الارض حتى ان الطفل يلعب بالحية فلا تلدغه ويضع الرجل يده في فيه السبع فلا يؤذيه ويبقى الناس على ذلك سبع سنين (الخلافة ) والارض في خير وفير وسلام عام حتى تاتي الريح الطيبة وتنزع من في قلبه ذرة ايمان فلا يبقى الا شرار الناس عليهم تقوم الساعة. وقد تطرق الرسول صلى الله عليه وسلم الى هذا الامر حين خطب ذات مرة وهو عاصب اصبعه من لدغة عقرب فقال: انكم تقولون لا عدو ولا تزالون تقاتلوا عدوا حتى تلقوا ياجوج وماجوج صغار العيون شهب الشعاف كأن وجوههم المجان المطرقة, وهنا يشير صلى الله عليه وسلم الى ان المسلمين سيبقون في لقاء الاعداء الى ان يأتي اخر عدو وليس بعده عدو وهم ياجوج وماجوج ومن الحديث نفهم ان بعض هوام الارض هي عدو كذلك فالحديث له علاقة بلدغة العقرب التي اصابته عليه الصلاة والسلام ومن الحديث نفهم ان السلام الحقيقى بكل معناه وحتى السلام من شر هوام الارض والحيوانات الضارية والتي هي عدو أيضا للانسان هذا السلام لن يحل حتى ينتهي امر اخر عدو وهو ياجوج وماجوج وعند ذلك يحل السلام. ومن الغريب ان المثل الصيني يقول حين تأتي العنقاء من السماء يحل السلام فهل لهذا القول من اصل من الحقيقة؟ من يدري ربما ان الرسل والانبياء الذين ارسلوا للأمم السابقة قد اخبروا عن الفتن التي ستحل اخر الزمان ولاسيما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اخبر انه ما من نبي ولا رسول الا حذر امته من الدجال وهو كائن اخر الزمان.
§ والشيء بالشيء بذكر فعند ذكر العنقاء لابد ان نذكر الغول وهو الكائن المعروف لكل الحضارات كخرافة وهو الذي يفترس الناس ويشرب المياة الكثيرة وعند الصينيون يرمز له بالتنين حيث يخرج من فمه نار وكلمة غول في اللغة من غال أي اختفى وجن ومنها اصل تسمية الكحول أي الغول بالعربية لانها تغيل بالعقل وسمي الغول بهذا الاسم لانه مختفي ولا يعرف مكانه فهل الغول هو ياجوج وماجوج وهذه الخرافة كذلك لها اصل قديم ويكون الأوائل لديهم علم ربما عن طريق رسلهم بوجود مثل هؤلاء المتوحشين والذين سيهاجمون الارض ويقتلون ويفترسون الناس يشربون المياة ولكن مع تكذيب تلك الأمم لرسلهم حولوا الاخبار الحقيقية المستقاه من الرسل لمجرد خرافات وسخرية وتهكم وهو نفس ما نراه اليوم من الملحدين في عصرنا هذا حين تخبرهم عن ياجوج وماجوج وانهم سيفعلون كذا وكذا فما ردهم؟ ان ردهم هو السخرية والتهكم والقول اننا لا نرى شيئا من ذلك على الارض وكل هذا خرافة وهو نفس قول اشياعهم من قبل وسيعلم الذين كفروا أي منقلب ينقلبون.
§ اثباتات ان سد ياجوج وماجوج ليس على ارضنا:
• اذا كان السد الذي انشاه ذو القرنين موجود بالفعل على ارضنا هذه فلماذا لم يخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم اليهود الذين سألوه عن ذي القرنين عن مكان السد على الارض ويقول لهم مثلا اذهبوا الى اذربيجان أو الى كذا وستجدون السد ومن خلفه ياجوج وماجوج وتتحققوا ويكون ذلك بمثابة اية يؤكد لهم بها صدق رسالته؟ الجواب لانه صلى الله عليه وسلم يعلم ان السد ليس على ارضنا هذه والله اعلم.
§ اين يكمن سوء فهم هذا التفسير؟
من خلال استقصائي لردود فعل الكثير من الناس على هذا التفسير لمكان وجود ياجوج وماجوج اتضح لي ان السبب الرئيس الذي يحول بينهم وبين فهم هذا التفسير هو عدم تصديقهم لوجود اراضين اخر غير الكرة الارضية التي نعيش عليها رغم ان القرآن الكريم يحوي الكثير من الايات التي تثبت بصورة جلية وجود اراضين وعليها خلق مكلف من انس وجن, ولذلك سنورد الان باذن الله تعالى بعض من هذه الاثباتات الراسخة على وجود اراضين غير ارضنا هذه ولمن يريد المزيد من الاثباتات فعليه الاطلاع على بحثنا المفصل ( السموات السبع والاراضين السبع):
• قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) الشورى), واضح من الآية الكريمة ان هناك دابة قد بثها الله سبحانه وتعالى في السموات كما التي بثها في الارض وكلمة السموات تعني ان الدابة ليست في سماء بعينها بل في السموات ولكن ما هي طبيعة هذه الدابة التي قد بثها الله سبحانه وتعالى في السموات؟ الجواب نجده في قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة), وكذلك في قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) لقمان), يتبين لنا بجلاء من تأمل الأيتين الكريمتين 164 البقرة و10 لقمان ان الله سبحانه وتعالى قد بث جميع اصناف الدواب في الارض فمثلا حينما اقول قد ذهبت الى السوق ووجدت فيه من كل فاكهة فهذا قطعا يعني ان جميع اصناف الفاكهة كانت موجودة في السوق, إِذاً في ضوء فهمنا للأيتين السابقتين من سورة البقرة ولقمان يتبين لنا بكل وضوح ان الدابة المبثوثة في السموات هي حتما من صنف الدواب التي تدب على الارض, أي انه حتما توجد ارض في تلك السموات كي تدب عليها هذه الدابة. كذلك تأمل قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود), أي ان كل الدواب على الله رزقها لانه جل وعلا خالقها ولكن الآية اشارت للدواب التي في الارض فماذا عن الدواب التي هي مبثوثة في السموات كما تقدم في 29 الشورى؟ مما لا شك فيه ان الآية 6 هود تقصد أيضا الدواب المبثوثة في السموات والمذكورة في 29 الشورى لانها بكل بساطة مبثوثة على ارض في تلك السموات ولو لم يكن ذلك التفسير صحيح لاشارت الآية 6 هود الى ان الدابة التي في السموات أيضا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وهذا اثبات اخر مهم ان السموات الاخر تحوى اراضين غير ارضنا هذه وعليها خلق فسبحان الله الذي علم القرآن وخلق الانسان وعلمه البيان. وقد ورد في كتاب الله العزيز ما يشير الى وجود تلك الارض في السموات بل تلك الاراضين, قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق), اذا هناك سبع اراضين لسبع سموات, وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما لبعض من سألوه عن تفسير هذه الآية : لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم عدم تصديقكم , وقال لرجل اخر حين سأله عن تفسيرها : ما يؤمنك لو حدثتك بتفسيرها ان تكفر, هذا والله اعلم.
ما كان من صواب في هذا البحث فمن الله وما كان من خطأ فمن الشيطان ومني والله اسأل التوبة والمغفرة واخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين.
دكتور: احمد منصور