بابٌ : في الزلازل .

إنضم
24/05/2008
المشاركات
145
مستوى التفاعل
0
النقاط
16


الحمد لله وحده الذي جعل الأرض مهادًا، وجعل الجبال لها أوتادًا، وذللها لتكون للإنسان أفضل موطن، وأهنأ مسكن .

وبعدُ :



فهذا بابٌ أكتبه لنثر ماييسره الله تعالى من كلامه وكلام رسوله، وكلام أئمتنا -جزاهم الله خيرًا- ، حول الزلازل، وذلك لما تشهده قرى المدينة المنورة من الهزات المتتالية .


وعسى أن يكون هذا الباب عبرة لمن أراد الاعتبار، وذكرى لمن أراد التذكر، وعلى الله قصدُ السبيل .

 

قال تعالى : "وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا" [الرعد 3].
وقال : "والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون" [الحجر 19].
وقال : "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارًا وسبلا لعلكم تهتدون" [النحل 15].
وقال : "وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجلعنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون" [الأنبياء 31].
وقال :" أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءِله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون" [النمل 61].
وقال : "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم" [لقمان 10].
وقال : "الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء" [غافر 64].
وقال :" وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها" [فصلت 10].
وقال :" والأرض مددنها وألقينا فيها رواسي" [ق 7].
وقال : "ألم نجعل الأرض مهادا* والجبال أوتادا" [النبأ 6،7].
وقال :" والجبال أرساها" [النازعات 32].
 

قال تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا)" أي: قارة ساكنة ثابتة، لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة، بل جعلها من فضله ورحمته مهادًا بساطًا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك، كما قال في الآية الأخرى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [غافر: 64]." تفسير ابن كثير (6/203).
 
قال ابن القيم رحمه الله : " فصل :
ثم تأمل خلق الأرض على ما هي عليه حين خلقت واقفة ساكنة؛ لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم، والنوم لهدوهم، والتمكن من أعمالهم، ولو كان رجراجة منكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارا، ولا هدوءًا، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة، ولا تجارة، ولا حراثة، ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها كيف تصيرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها
"[مفتاح دار السعادة (2/81)].

 
وما نرسل بالآيات إلا تخويفا

وما نرسل بالآيات إلا تخويفا

إن انتشار المعاصي على اختلاف أنواعها ... لم يكن يوما إلا سببا من أسباب عقاب الله تعالى ، والعاقل هو الذي إذا رأى تلك الآيات جأر إلى الله تعالى بالاستغفار والدعاء وذلك كفيل برفع العذاب بإذن الله تعالى كما حصل لقوم يونس ، أما أن يتمادى مع ما يرى من حبس المطر وانتشار الزلازل ، وقلة البركة في المال ، وتسلط الأعداء ، وغير ذلك ؛ ثم يبدأ يفسر تلك الأمور تفسيرا طبيعيا ويحللها على أساس أنها كتل صخرية بدأت تتحرك ، وكذا وكذا من الكلام الفاضي ، فذلك أمر عجيب ، وأذكر هنا بتفسير العلماء لهذه الايات ، وأنقل لكم هنا قول الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى "قل إن الله قادر على أن ينزل آية"
قال رحمه الله تعالى : ( قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ، ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله، وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [6/37]، وبين في موضع آخر أن حكمة عدم إنزالها أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها، لنزل بهم العذاب العاجل كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء، وبراء، جوفاء، من صخرة صماء، فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته، فعقروها: {وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [7/77]، فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال، وذلك في قوله: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً} [17/59]، وبين في مواضع أخر أنه لا داعي إلى ما اقترحوا من الآيات، لأنه أنزل عليهم آية أعظم من جميع الآيات التي اقترحوها وغيرها، وتلك الآية هي في هذا القرآن العظيم. وذلك في قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [29/51]، فإنكاره جل وعلا عليهم عدم الاكتفاء بهذا الكتاب عن الآيات المقترحة يدل على أنه أعظم وأفخم من كل آية، وهو كذلك ألا ترى أنه آية واضحة، ومعجزة باهرة، أعجزت جميع أهل الأرض، وهي باقية تتردد في آذان الخلق غضة طرية حتى يأتي أمر الله. بخلاف غيره من معجزات الرسل صلوات الله عليهم وسلامه فإنها كلها مضت وانقضت).أضواء البيان - (1 / 477)
 
الزلازل والبراكين من آيات الله التي يخوف الله بها عباده :(ومانرسل بالآيات إلا تخوبفا).
فالرحيم نصّ على الحكمة من ابتلاء الناس بالبأساء والضراء في كتابه الكريم فقال سبحانه :(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلكم فأخذناهم بالبأساء والضراء ) ما الحكمة في ذلك وماذا يريد من عباده (لعلهم يتضرعون ) يتذللون له ويقلعوا عما هم فيه من العصيان .
ثم يرشد الله سبحانه عباده إلى التضرع عند نزول البلايا والرزايا (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا)ومن التضرع إليه سبحانه ترك الذنوب والمعاصي ولزوم الاستغفار والطاعة :ثم بيّن تعالى أن عدم الرجوع إليه في البلايا سببه قسوة القلب وتزيين الشيطان المعاصي لهم (ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون )
وعندما ظهرت النار في المدينة في القرن السابع، ذكر ابن كثير رحمه الله حال الناس وأنهم لجأوا إلى التوبة والاستغفار ودخلوا المسجد النبوي النساء والأطفال والصغار والكبار حتى انجلت الغمة.
فالأسباب الكونية للزلازل والخسوف وغيرها تحت الأسباب الشرعية فإنه لما خسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال :(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده).
إذا كنت في نعمة فارعها ........فإن المعاصي تزيل النعم.
 
مشاركة الأخ علي الفضلي من ملتقى أهل الحديث :

[align=center]----[/align]

بارك الله فيكم.

فائدة:
في شرح المنهاج للأسنوي: في الصلاة في الأوقات المكروهة : إن الزلازل كالاستسقاء من ذوات السبب المقارن ، فيجوز في أوقات الكراهة الصلاة لها.

فائدة:
قال السيوطي :
(الجاري على قواعد مذهبنا فواتها بسكون الزلزلة كفوات صلاة الكسوف بالانجلاء ، لكن تقدم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- خلافه ، وأنه صلاها من الغد بعدما زلزلت ليلا ، فلعل قاعدته أن ذوات السبب تُقضى كما هو مذهب جمع من العلماء)اهـ.

فائدة:
هل تكون الزلزلة عذرا في ترك الجماعة والجمعة قياسا على الظلمة ، والريح العاصف بالليل ، أوْ لا كالكسوف ؟
لم أر في كلام أحد التعرض لذلك ، وفيه للبحث مجال.

فائدة:
رأيت في فتاوى قاضيخان من الحنفية ما نصه:
الرجل إذا كان في بيت ، فأخذته الزلزلة ، لا يكره له أن ينتقل إلى الفضاء ، ويفر خلافا لما قاله بعض الناس ، ويستحب الفرار لما روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مرَّ على هدف مائل ، فأسرع المشي ، قيل له : أتفر من قضاء الله ؟! فقال : فراري من قضاء الله أيضا(1) ، هذا لفظه ......
______________________
(1) هذه الفوائد للعلامة السيوطي من كتابه ( كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة ).
و أشار السيوطي إلى ضعف هذا الحديث.

[align=center]---[/align]

 
«يحزنك أن بعض المتحدثين في الإعلام يسعى لتهوين أمر الزلازل بربطه بعوامل جيلوجية وأسباب مادية، في تهميش غريب للسبب الشرعي الذي دل عليه قول مرسل هذه الآيات : (ومانرسل بالآيات إلا تخويفا).
إنها آية لم يشهد بلدنا [بلاد الحرمين] مثلها، حيث بلغت الهزة 5.7 درجات، وأوقفت الدراسة في عدد من المدارس، ومؤشرات عن ثوران بركان جبل أبو نار، فمتى نعتبر؟
».
جوال تدبر .
 
قال تعالى : (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجلعنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون) [الأنبياء 31].

«فيقرر أن هذه الجبال الرواسي تحفظ توازن الأرض فلا تميد بهم ولا تضطرب، وحفظ التوازن يتحقق في صور شتى : فقد يكون توازناً بين الضغط الخارجي على الأرض والضغط الداخلي في جوفها، وهو يختلف من بقعة إلى بقعة، وقد يكون بروز الجبال في موضع معادلاً لانخفاض الأرض في موضع آخر، وعلى أية حال فهذا النص يثبت أن للجبال علاقة بتوازن الأرض واستقرارها». [في ظلال القرآن (5/156)].
 
روى البخاري من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض» (1036).
 
«وروي عن عمر بن عبدالعزيز ، أنه كتب إلى أهل الأمصار : إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به العباد ، وقد كنت كتبت إلى أهل بلد كذا وكذاأن يخرجوا يوم كذا وكذا، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل ؛ فإن الله يقول : (قد أفلح من تزكى)، وقولوا كما قال أبوكم آدم : (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم غفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)،وقولوا كما قال نوح : (إلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين )، وقولوا كما قال موسى : (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي)، وقولوا كما قال ذو النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) » [فتح الباري لابن رجب (9/251)].
 
تسلسل العقاب

تسلسل العقاب

إن من سنن الله عز وجل في هذا الكون أن لا يعاقب عند أول خطأ ، بل يملي للظام ويتركه ويمهله ولكنه سبحانه وتعالى لا يهمل ؛ فإذا أخذ الظالم لم يفلته ..
وإن من السنن المعروفة أن الذنوب والمعاصي تبدأ - عادة - في العوام والرعاع ، ثم تتسلسل حتى تصل في نهاية المطاف "للطبقة العليا" من الناحية الدنيوية طبعا ، ثم تتكاثر المعاصي حتى تصل "للعلماء" أو من يدعون أو يدعى لهم العلم ؛ فإذا وصلت لهذه المرحلة ؛ يرسل سبحانه وتعالى آياته ليخوف الطبقة العليا في العلم ؛ ومن المفروض أن تتنبه وتنبه البقية حتى لا تغرق السفينة ..
ولكن ما بالكم إذا كان كثير من "علماء الأمة" يبررون ويدافعون عن كثير من المعاصي الخطيرة ، ويجدون لها من الشبه "الشرعية" والعقلية ما يجعل طالب العلم في حيرة من أمره ناهيك بالعامي الذي لا يفقه شيئا ..
لا شك أن العلماء هم صمام الأمان للأمة وهم حراسها ؛ فمن الواجب عليهم أن يجهروا بكلمة الحق ، وأن لا يخافوا في الله لومة لائم ، فإن عجزوا لخوف ونحوه فالواجب هو السكوت والعزلة ، وليس تبرير الباطل والتفاني في الدفاع عنه.
نسأل الله تعالى أن يهدي علماء الأمة وجميع أفرادها إلى التوبة.
 
وقال : "ألم نجعل الأرض مهادا* والجبال أوتادا" [النبأ 6،7].
وذكر في عرض حديثه ان ما يقوم به البشر الآن من نسف للجبال لتسوية الأراضي في أماكن معينة .. وبناء ناطحات السحاب في أماكن أخرى يؤثر سلبا على هذا التكوين .. فسبحان الله
الإعجاز في قوله تعالى "والجبال أوتاداً"
 
قال تعالى : ((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَـاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ(65) وكذّب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل (66) لكل نبأ مستقر .....)) الأنعام
لعل من فوائد الآيات الكريمة : أنّ الزلازل ستكثر ، وكذلك الخسف والعياذ بالله .
 
عودة
أعلى