الى المشايخ: استفسار حول صحة التأويل الجديد للمثلين المضروبين للمنافقين

إنضم
26/04/2017
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
43
الإقامة
الجزائر
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أود في هذه الرسالة المتواضعة أن أتطرق إلى تأويل المثلين المضروبين للمنافقين في سورة البقرة, خاصة المثل المائي الذي وقع فيه الاختلاف و الإشكال, فأرجو منكم أهل الاختصاص تصويبي ان كنت مخطئا. بعد اطلاعي على عدة تفاسير ( ابن جرير الطبري, ابن كثير, ابن الجوزي, ابن القيم الجوزية, ابن تيمية, ابن عاشور و الرازي, ابن السعدي, ابن العثيمين) و بعد تدبري المتواضع, هداني الله تبارك و تعالى إلى ما يلي :


يقول الله تعالى " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلمّا أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم و تركهم في ظلمات لا يبصرون"
يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين في بقائهم على الضلال و عدم اهتدائهم بالرغم من مجيء الهدى بين أظهرهم بقوم بقوا في الظلمات لا يبصرون شيئا بالرغم من وجود نار مضيئة بين أظهرهم.


هؤلاء القوم لقيهم في سفرهم ليل شديد الظلام, فاستوقدوا نارًا ليهتدوا بها السبيل, فلما أضاءت ماحولهم ( أي انتشرت أشعتها-ضوءها- وانعكست و تشتّتت في محيطهم فتشكّل النور) منع الله النورالحادث من الدخول في أعينهم وذهب به (بنورهم) و صرفه عنها فما هو بداخل فيها فأبقاهم و تركهم في الظلمات لا يبصرون بأعينهم السليمة شيئا (العين لا تبصر إلّا عندما تستقبل أشعة الضوء المنعكسة) بالرغم من بقاء النار مضيئة ما حولهم فما هم بمهتدين بل هم في الظلمات منغمسون غير خارجين منها, ألم تسمع قوله تعالى في سورة الحجر" ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ", فالكافر عند عروجه الى الفضاء يجد ظلمات شديدة لا يبصر شيئا بالرغم من وجود الشمس الموقدة فيحسب انه سكّر بصره, لأنّ ضوء الشمس (أشعتها) لا يتشتّت و لا ينعكس في الفضاء و لا يتشكّل النور كما يحدث في كوكب الأرض و بالتالي لا تستقبل أعينه السليمة نورا و لا تبصر شيئا.


كذلك المنافقون في المدينة كانوا على ضلال و لمّا جاءهم الهدى نبذوه وراء ظهورهم و استحبوا البقاء على الضلال و الكفر كرها و حسدا من عند أنفسهم فعاقبهم الله تبارك و تعالى بأن مدّهم في طغيانهم يعمهون فطبع على قلوبهم وأعمى بصائرهم عن الهدى فما هو بداخل فيها و ما هم بمهتدين بل هم في ظلمات الكفر و الشك و الجهل و الحيرة و الضلال منغمسون غير خارجين منها بالرغم من بقاء الهدى بين أظهرهم.


النار: مصدر مضيء بذاته متكون من حرارة و ضوء. إضاءة النار ما حولهم (تشكل النور) تحدث بفضل انتشار ضوءها و انعكاسه و تشتّته في الهواء (الوسط) الموجود في محيطهم (ما حولهم), هذا الهواء متكون من: جزيئات الأكسجين, جزيئات بخار الماء و حبيبات الغبار المتسبّبة في التقاط أشعة الضوء و تشتيتها و انعكاسها.
قال تبارك و تعالى: " فلمّا أضاءت ما حوله" و لم يقل "فلمّا أضاءت له" (كما ذكر في المثل المائي) فهذا يدل على أنّهم لم ينتفعوا بإضاءتها ولم يبصروا ما حولهم , و قال تبارك و تعالى "ذهب الله بنورهم" ولم يقل لا بنورها و لا بنارهم و لا بأبصارهم (كما قال في المثل المائي:"و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم") و لم يقل كذلك " أطفأها الله "(كما قال تعالى في سورة المائدة " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " ) :
فالله تبارك و تعالى لم يذهب بنارهم (الأصل) ولم يطفئها, فالنار بقيت بحرارتها و ضوئها غير منطفئة, و لم يذهب أيضا بنورها فإضاءتها ما حولهم بقيت مستمرة و لم يذهب بأبصارهم فأعينهم بقيت سليمة لكنها لا تبصر ما حولها لأنها لم تستقبل و لم تدخلها أشعة الضوء المنعكسة و المتشتّتة و الموجودة في محيطها فالله تعالى ذهب بها و صرفها عن أعينهم كأنّ الله جعل على أعينهم غشاوة تمنع دخول النور فيها, كذلك المنافقون يدخل الهدى في صدورهم ويحيط بقلوبهم لكن لا يدخل فيها لان الله طبع على قلوبهم و ختم عليها فجعل بينهما حائلا.


ومن شدّة استحبابهم الضلال و كرههم للهدى الموجود بين أظهرهم, أصمّ المنافقون آذانهم عن سماع الهدى و امتنعوا عن السؤال عليه و النطق به و رفضوا الإبصار إليه بأعينهم, فشبههم الله تبارك و تعالى بالصم البكم العمي و بأصحاب الصيّب.


فقال فيهم " صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيّب من السماء فيه ظلمات و رعد و برق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت و الله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه و إذا أظلم عليهم قاموا و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم انّ الله على كل شيء قدير "


يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين في شدّة امتناعهم عن سماع الهدى و ابصاره و السؤال عنه و التكلم به و في عدم اهتدائهم في ظلمات الكفر و الكذب و الضلال, بالصمّ البكم العمي في شدّة تعطّل و امتناع حواسهم (سمع,بصر,نطق) عن الادراك وعدم اهتدائهم في ظلمات الصمم و العمي, و بأصحاب الصيّب في شدّة امتناعهم عن سماع الرعد الشديد (صوت الصواعق) وابصار البرق السريع و عدم اهثدائهم في ظلمات اليل و السحاب و المطر.


أو: للتخيير بين تشبيههم بالصم البكم العمي أو تشبيههم بأصحاب الصيّب.
وجه الشبه بين المنافقين و أصحاب الصيّب: تعطيل السمع و تعطيل البصر.
و لهذا قال تبارك و تعالى في آخر الآية: " و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم إنّ الله على كل شيء قدير " جزاءًا و عقابا لهم لتعطيلهما و امتناعهم عن الانتفاع بهما.


هنا خرج الكثير من المفسرين عن السياق الذي جاء فيه المثل, فقالوا ضرب مثلا لقلقهم, خوفهم (يناقض حالة المستهزء), حيرتهم, لحالهم مع القرآن, ضرب لصنف آخر من المنافقين.....الخ, فحسب رأيي المتواضع فقد أصابوا جزءا يسيرا من المعنى. و قد وجدت ابن جرير الطبري الأقرب من السياق.
و قالوا كذلك أنّ أو جاءت بين المثل المائي و المثل الناري: جملة كصيّب استئناف لجملة مثلهم كمثل الذي استوقد, عكس الظاهر من الآيات الذي يبيّن أنّ أو جاءت بين جملة الصم البكم العمي و جملة كصيّب من السماء, و لم أجد دليلا صريحا يستندون عليه في قولهم هذا إلّا ابن جرير الذي غيّر ترتيب الآية و قال أنّ جملة الصم البكم تأتي في المعني قبل المثل الناري.


الصمّ: جمع أصم الذي لا يسمع, البكم: جمع أبكم الذي لا يتكلم, عمي:جمع أعمى الذي لا يبصر, فمن كانت فيه هذه الثلاث صفات معا: فإنّه لا يسمع من يرشده و لا يبصر علامات الإرشاد في الطريق و لا يسأل عن الإرشاد و لا ينطق به, فكيف يهتدي؟ فالهدى مستحيل في حقّه , فهو منغمس في ظلمات الصمم و العمي متحيّر متوقّف لا يهتدي السبيل و لا يمشي في الطريق إلاّ بواسطة شخص آخر يسمع و يرى و يتكلم.


أصحاب الصيّب يمتنعون أشد إمتناع عن سماع صوت الرعد الشديد لحرصهم الشديد على الحياة (قال أصابعهم ولم يقل أناملهم) و يمتنعون عن ابصار البرق السريع في السماء لعدم قدرتهم من جهة على النظر في السماء بسبب شدة انصباب المطرعلى رؤوسهم و شدة ضياء البرق و لحرصهم الشديد من جهة أخرى على رؤية الطريق في الأرض و المشي فيه "كلما أضاء لهم مشوا فيه " (مدّة الإضاءة قصيرة جدّا فلو أبصروا البرق في السماء -خط كهربائي متكون من حرارة (شحنة) و ضوء, سريع الظهور و الاختفاء, يصعب أو يستحيل رؤيته بالعين المجردة- لأضاعوا فرصة رؤية الطريق في الأرض و تعطّلوا عن المشي) هم في الظلمات (الليل, السحاب, المطر, الظلمة الحاصلة بعد النور) منغمسون متوقفون, لا يمشون إلاّ بنور البرق (إضاءته) الذي يبيّن لهم الطريق.
تكرر إضاءة البرق (حدوث النور الناتج من تشتت و انعكاس ضوء البرق في السحاب و الأرض) بشكل سريع و متقطع يسبب فقدان البصر, لذا قال "يكاد البرق يخطف أبصارهم"
أصحاب الصيّب لا يسأل بعضهم بعضا عن الطريق بسبب الظلمات الشديدة و لا يتكلمون كذلك فيما بينهم لشدة أصوات الرعد و الصواعق من جهة و بسبب جعل أناملهم في آذانهم من جهة أخرى.

كذلك المنافقون يمتنعون عن سماع الهدى و ابصاره و السؤال عنه,هم في الظلمات (كفر, جهل, شكّ, كذب, ضلال...) منغمسون متوقفون لا يهتدون و لا يمشون في طريق الإسلام إلاّ بالمؤمنين الذين يلاقونهم و يظهرون لهم الإيمان فيبيّنون لهم الدين و يرشدونهم لأنهم يحملون الهدى (النور) في قلوبهم, و إذا فارقوهم عادوا إلى ظلمات جهلهم و ضلالهم و حيرتهم لا يعرفون شيئا, قال عزّوجلّ " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنّا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزؤون" و يقول عزّوجلّ " أو من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زيّن للكافرين ما كانوا يعملون" (الأنعام 122), قال مقاتل" كلما أضاء لهم مشوا فيه و اذا أظلم عليهم قاموا :إضاءته تكلمهم بالإسلام, مشيه فيه إهتدائهم به ",فالمنافقون يتكلمون بالإسلام عند ملاقاة المؤمنين و إهتداؤهم بالإسلام يكون بالإقتداء بالمؤمنين و تقليدهم.


فالمثل الناري يصوّر تعطّل القلب عن تقبّل الهدى, و المثل المائي يصوّر تعطّيل السمع والبصر, و قبل ذكر المنافقين, تكلّم الله عن الكفّار فقال فيهم عزّوجلّ " ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم" فذكر أيضا السمع و البصر.


والله أعلم.
 
السلام عليكم...
رجاءا مشايخي الكرام واخوتي طلبة العلم ردوا بتعليقاتكم حول تأويلي للمثلين؟ بارك الله فيكم
 
المراجع:
كتب التفسير (تفسير ابن جرير الطبري, تفسير ابن كثير)
أمثال القرأن لابن القبم الجوزية.
أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع للشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني.
 
[FONT=&quot]اضافة لما قلت في تأويل المثل المائي:
تفسير ابن كثير لقو[/FONT]
[FONT=&quot]له تعالى : [/FONT][FONT=&quot]( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم )[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]" هذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال [/FONT][FONT=&quot]
قال العوفي ، والضحاك ، وغيرهما ، عن ابن عباس : بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأي المؤمنون النور توجهوا نحوه ، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة ، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم ، فأظلم الله على المنافقين ، فقالوا حينئذ : [/FONT]
[FONT=&quot]( انظرونا نقتبس من نوركم )[/FONT][FONT=&quot] فإنا كنا معكم في الدنيا . قال المؤمنون : [/FONT][FONT=&quot]( ارجعوا )[/FONT][FONT=&quot] من حيث جئتم من الظلمة ، فالتمسوا هنالك النور ." انتهى
فالمنافقون يوم القيامة يريدون ان يستنيروا بنور المؤمنين فيتبعونهم كما كانوا يفعلون في الدنيا يتكلمون بكلام أهل الإيمان و يهتدون بهم.[/FONT]
 
السلام عليكم...
رجاءا مشايخي الكرام واخوتي طلبة العلم ردوا بتعليقاتكم حول تأويل المثلين؟ بارك الله فيكم.
 
السلام عليكم...
رجاءا مشايخي الكرام واخوتي طلبة العلم ردوا بتعليقاتكم حول تأويلي للمثلين؟ بارك الله فيكم
 
السلام عليكم...
رجاءا مشايخي الكرام واخوتي طلبة العلم ردوا بتعليقاتكم حول تأويل المثلين؟ بارك الله فيكم.
 
قال صاحب كتاب المناظر ( الحسن ابن الهيثم):
" و قد تبين...أن كل جسم مضيء بأي ضوء كان, فإن الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء الى كل جهة تقابله, فإذا قابل البصر(العين) مبصرا من المبصرات وكان المبصرمضيئا بأي ضوء كان, فإن الضوء الذي في المبصريرد منه ضوء الى سطح البصر. وقد تبين ايضا أن من خاصية الضوء ان يؤثر في البصر, و أن من طبيعة البصرأن ينفعل بالضوء. فأخلق بأن يكون إحساس البصر بالضوء الذي في المبصر إنما هو من الضوء الذي يرد منه الى البصر"
فالرؤية تكون عندما تصل الأشعة الضوئية المرتدة أو المنبعثة من الأجسام المرئية الى العين.
قال بعض الأساتذة الجامعيين في علم الفيزياء:
" وكيفية رؤية العين للأجسام هي أنه عندما تستقبل هذه الأجسام أشعة ضوئية ساقطة عليها, ترتد هذه الأشعة فتسبب رؤية الأجسام...ونلخص بأن تعريف الضوء: هو الإشعاع الذي يؤثر في العين فيسبب الرؤية".
و عليه أقول:
قوله تعالى "فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم" معناه ان الله تعالى أذهب و منع الأشعة الضوئية المرتدة و المنبعثة ؛ من الأجسام و الأشياء المحيطة بالنار المضية؛ من الورود الى أعينهم, و " تركهم في ظلمات لا يبصرون" لإختفاء الإشعاع الذي يؤثر في العين فيسبب الرؤية.
 
الفاضل سمير
المثل الأول مضروب للكافرين الذين قال الله فيهم في الأول : ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة:7] . جاء في تفسير البغوي (ت:516هـ) : " وقال عطاء و محمد ابن كعب : نزلت في اليهود . وانتظارهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاحهم به على مشركي العرب فلما خرج كفروا به ثم وصفهم الله فقال : {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ }[البقرة:18] " .

والله أعلم وأحكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل
المثل الأول:
مثلهم كمثل استوقد نارا : فهم اتخذوا آلهة من دون الله ليجدوا فيهم الهداية ونور الحقيقة فأنزل الله الحق من عنده وأرسل رسوله فذهبت رسالته بما كان للكافرين هدى ونور فأصبحوا في ظلمات لا يبصرون لأن حجة الله أبطلت حجتهم ونور رسالته اطفأت نارهم.

عندها يأتي دور المثل الثاني فصوت القرآن والدعوة إلى سبيل الله بالنسبة لهم كصوت الرعد يضعون أصابعهم في آذانهم خشية منه ، ونور الهداية عندهم كالبرق الذي لا ينتفعون به فهم بموقفهم هذا من هداية الله صم بكم عمي فهم لا يبصرون.
هذا على عجالة ولذلك المفهوم ما يؤيده في مواضع أخرى من القرآن الكريم ، والله أعلى وأعلم.
 
السلام عليكم أخي عدنان
رجاءا أخي أود تعليقك على التأويل الذي ذكرته في مشاركتي, اود معرفة الخطأ أو التناقض الذي وقعت فيه.
 
الفاضل عبد الكريم
يقول البغوي في تفسيره:
[FONT=&quot]"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ"[/FONT]
[FONT=&quot]( مثلهم ) شبههم وقيل صفتهم . والمثل قول سائر في عرف الناس يعرف به معنى الشيء وهو أحد أقسام القرآن السبعة ( كمثل الذي ) يعني الذين بدليل سياق الآية . ونظيره " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " ( 33 - الزمر ) ( استوقد ) أوقد ( نارا فلما أضاءت ) النار ( ما حوله ) أي حول المستوقد . وأضاء لازم ومتعد يقال أضاء الشيء بنفسه وأضاءه غيره وهو هاهنا متعد ( ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) قال ابن عباس وقتادة ومقاتل والضحاك والسدي نزلت في المنافقين.
وقال كذلك:
"أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ"
{أو كصيب} أي كأصحاب صيب. وهذا مثل آخر ضربه الله تعالى للمنافقين بمعنى آخر إن شئت مثلهم بالمستوقد وإن شئت بأهل الصيب، وقيل:"أو" بمعنى الواو؛ يريد وكصيب كقوله تعالى: {أو يزيدون} بمعنى ويزيدون.
[/FONT]
 
السلام عليكم أخي عدنان
رجاءا أخي أود تعليقك على التأويل الذي ذكرته في مشاركتي, اود معرفة الخطأ أو التناقض الذي وقعت فيه.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحسنت بارك الله فيك ، وسأبين لكم مواطن التناقض والخطأ -برأيي- الذي وقعت فيه أثناء تدبرك لهذين الموضعين فأرجو أن يتسع صدرك لما سأبينه من رأي لا ألزمك به ولا أدعي أنه الحق وسواه باطل ولكننا في معرض التعلم والمدارسة.

يقول الله تعالى "
مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلمّا أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم و تركهم في ظلمات لا يبصرون
"
يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين فيبقائهم علىالضلالو عدم اهتدائهم بالرغم منمجيء الهدىبين أظهرهم بقوم بقوا في الظلمات لا يبصرون شيئا بالرغم من وجود نار مضيئة بين أظهرهم.​

فأنت وفقك الله تربط النار المذكورة في الآية بالهدى الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي كما وصفتها النار المضيئة بين أظهرهم وهذا مخالف لمقتضى الآية :
فالله تعالى يقول : مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً : وهنا فإنهم هُم الذين استوقدوا النار وطلبوها فلو كانت هي الهداية وجب أن يكونون هم من استهدوا الله فأرسل لهم النار المضيئة كناية عن الهدى الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الحقيقة أن الله يبين أن ما لديهم نار تضيء ماحولهم فقط ونار استوقدوها لأنفسهم لا يتعدى نورها محلهم ، وعندما نسقط الآية على حال أولئك القوم نجد أن الله ذهب بنور هذه النار فكيف نقول أن ضوئها ونورها هو نور الهداية والله يذهب به ويتركهم في الظلمات وهو الذي ارسل رسوله بالهدى والنور ؟؟

فالمراد هو أنهم طلبوا العون واستهدوا بمالا يهدي ولا يغني عنهم شيئا فكان نوره محدوداً ضعيفها فلما ارسل الله النور الساطع والضوء اللامع وهو كتابه الكريم مع نبيه الرؤوف الرحيم ذهب نورهم هذا وانطفأ ولكنهم لم يستفيدوا من نور الله شيئا فكانوا كالعمي في نور النهار لا يرون منه شيئا ، وكالصم والبكم ، وقد ذهب الله بنورهم (بما عصف به من نور الهداية فأبطله ولكن حالهم لا زال حال ضلاله وضياع).

ومن شدّة استحبابهم الضلال و كرههم للهدى الموجود بين أظهرهم,أصمّ المنافقون آذانهم عن سماع
الهدى و امتنعوا عن السؤال عليه و النطق به و رفضوا الإبصار إليه بأعينهم, فشبههم الله تبارك و تعالى بالصم البكم العمي و بأصحاب الصيّب.
فقال فيهم
" صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيّب من السماء فيه ظلمات و رعد و برق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت و الله محيط بالكافرين يكاد البرق يخطفأبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه و إذا أظلم عليهم قاموا و لو شاء الله لذهب بسمعهم و أبصارهم انّ الله على كل شيء قدير "

يشبّه الله تبارك و تعالى المنافقين في شدّة امتناعهم عن سماع الهدى و ابصاره و السؤال عنه و التكلم به و في عدم اهتدائهم في ظلمات الكفر و الكذب و الضلال, بالصمّ البكم العمي في شدّة تعطّل و امتناع حواسهم (سمع ,بصر ,نطق) عن الادراك وعدم اهتدائهم في ظلمات الصمم و العمي, و بأصحاب الصيّب في شدّة امتناعهم عن سماع الرعد الشديد (صوت الصواعق) وابصار البرق السريع و عدم اهثدائهم في ظلمات اليل و السحاب و المطر.​

واتفق معك هنا جزئياً فيما ذهبت إليه وأزيد عليه بأن الصيب الذي من السماء هي رسالة الله التي انزلها لعباده من السماء ، والظلمات التي فيه هي ما يرونه هم من اختلاف هذا التنزيل عن اهوائهم فيرونه ظلمات ، والرعد هو صوت التلاوة والتكبير والصلاة والترتيل ، والبرق هو هداية الله التي لا ينالهم منها الا كما ينال البرق من الظلمات في الليل البهيم.

ولو تتبعنا مسألة وضع الأصابع في الاذنين للامتناع عن سماع الحق لوجدنا في سورة نوح قوله تعالى :
{ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } [نوح:7]​
فأهل الإيمان يقبلون على سماع الحق واتباعه ورؤية النور والاستئناس به والاستهداء بنوره ، بينما أهل الضلال يسمعونه في آذانهم كالرعد المزعج فيسدون آذانهم لئلاً يسمعون منه شيئاً ، ويستغشون ثيابهم لئلا يرون منه وميضاً فكانهم صم بكم عمي فهم لا يرجعون ، فمن لا يسمع فهو لن يتحدث بالضرورة لذلك أتبع الله الصمم بالبَكَم لأنه نتيجة فعلية للصمم فكيف لمن لم يسمع أن يحاجك أو يناقش دعواك وهو تجنب سماعها أصلاً ؟

هذا ما تيسر لي فإن أصبت فمن الله تعالى وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله إن الله كان عفواً غفوراً.
 
شكرا اخي عدنان على تعليقك الذي اثلج صدري
اود ان اعقب على كلامك لو سمحت,
فيما يخص المثل الناري:
فهو تمثيل صورة بصورة بينهما وجه الشبه و هو الضلال (البقاء في الظلمات) وهذا التمثيل مركب على شكل وحدة متداخلة تمثل بجملتها حالة المنافق دون اشتراط التقابل الجزئي بين مفردات المثل ومفردات ما ضرب له المثل. انظر كتاب أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع للشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني (اقسام المثل:البسيط و المركب).
وعليه من جهة انا لا اقابل النار مع الهدى, ومن جهة اخرى [FONT=&quot]هؤلاء القوم استوقدوا النار وطلبوها [/FONT]كذلك اليهود الذين نزل فيهم المثل كانوا ينتظرون و يطلبون خروج النبي(الهدى) الخاتم منهم وكانوا يستفتحون على العرب والمشركين, فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وبقوا على ضلالهم.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سأشارك برأيي و ارجو تصوبي ان كنت مخطئا

++++ المنافق يعيش في حالتين متناقضتين

/حالة الهدى. و حالة الضلالة/


قوله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)الاية ١٤

+++++
النور للهداية

قوله تعالى (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الاية 122
المقصود و الله اعلم من الاية (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) القول في تأويل قوله : مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ)الاية ١٧ البقرة


جماعة كان لديها نور يهتدون به و يمشون به في الظلمات و اذا بشخص بعيد عنهم و ليس منهم استوقد نارا و اضاءت ما حوله و لا يتعدى الاضاءة محله ...

مكان إضاءة النار تابت فهي ليست لكي يمشون بها و يهتدون بها فقط للاستئناس و التدفئة بينما نورهم كانوا يمشون به

تلك الجماعة كما العادة رأوا نارا يريدون الاستفاده و الاستئناس بها(الانتقال من حالة الى حالة) و لكن لحظة استيقادها ذلك الشخص ذهب الله بنورهم الذي يهتدون به في الطريق و لا يقدرون الانتقال الى المكان المضئ و لا يقدرون ايضا ان يمشون كما كانوا قبل ان يستوقد ذاك الشخص النار
يرون شيء مضيء و لكن لا يقدرون الذهاب اليه .... ليس لهم نور و لاهم يتواجدون داخل المكان المضيء فلا يقدرون الخروج من الضلمات
قوله تعالى (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الاية 122
و الله اعلم
 
عودة
أعلى