الوقوفُ المُـتَـكلَّفَـةُ في كتب الأقدمين.

إنضم
20/01/2006
المشاركات
1,245
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المدينة المنورة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واستن بهديه إلى يوم الدين , وبعد:

فقد مرَّ بي اليوم في أحد التفاسير نقلٌ لوقفٍ متكلفٍ من كتاب الهذلي رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى , وهو الوقف على قول الله تعالى « أَمْ لَمْ تُنْذِرْ » والابتداء بقوله « هُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ » على أنها جملة مكونةٌ من مبتدأ وخبر.

فأثار ذلك عندي رغبةً في معرفة أسباب وجود مثل هذه الوقوف في كتب الأوائل , هل هو الاجتهادُ المعتمدُ على استحداث كل ما يستقيمُ به اللفظُ والإعراب , ولو كان بوجهٍ غيره أولى منهُ.؟

وهل هذه الوقوف كثيرةٌ في كتبهم حتى وإن كان إيرادهم لها على وجه التضعيف والنكارة؟

وهل ما نسمعهُ اليوم من وقوف تعسفيةٍ لبعض القراء مستقى من هذه المصادر , ولذلك تم به التسليم؟
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واستن بهديه إلى يوم الدين , وبعد:

فقد مرَّ بي اليوم في أحد التفاسير نقلٌ لوقفٍ متكلفٍ من كتاب الهذلي رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى , وهو الوقف على قول الله تعالى « أَمْ لَمْ تُنْذِرْ » والابتداء بقوله « هُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ » على أنها جملة مكونةٌ من مبتدأ وخبر.

فأثار ذلك عندي رغبةً في معرفة أسباب وجود مثل هذه الوقوف في كتب الأوائل , هل هو الاجتهادُ المعتمدُ على استحداث كل ما يستقيمُ به اللفظُ والإعراب , ولو كان بوجهٍ غيره أولى منهُ.؟

وهل هذه الوقوف كثيرةٌ في كتبهم حتى وإن كان إيرادهم لها على وجه التضعيف والنكارة؟

وهل ما نسمعهُ اليوم من وقوف تعسفيةٍ لبعض القراء مستقى من هذه المصادر , ولذلك تم به التسليم؟

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) سورة البقرة(6)

تساؤلي حول هذه المشاركة الطيبة:
هل رسم المصحف يحتمل فصل الضمير عن الفعل؟
ثم لو قلنا إنه يحتمل هل يتغير المعنى؟
 
الوقوف المتكلفة والمتعسفة موجودة في كتب المتقدمين ، وعند بعض المعاصرين ، ويقع ذلك باستملاح يلوح ظاهره للمرء دون أن ينظر في بواطنه ليتبين له صحته وصوابه ، لذا فإن من الحسن تقعيد أصول للوقف يُعرف بها الوقف الصواب من غيره .
وحقيقة الوقف أنه ينتج عن فهم المعنى ، فهو أثر من آثاره ، وفرع عنه ، لكن ليس كل وقف صحَّ معناه في ذاته يكون مقبولاً ؛ لأننا نعلم أن الوقف الحسن ـ مثلاً ـ يصح الوقف عليه ، لكن لا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به من جهة اللفظ ، وما تعلق من جهة اللفظ ( الإعراب ) كان من لوازمه تعلقه من جهة المعنى .
ومن تمام هذا الأمر أن يكون الوقف موافقًا لفهم المفسرين من السلف ، فإن كان مناقضًا فهذا دليل على خطئه ، وإن كان مغايرًا ، وليس فيه نقص من جهة أخرى جاز الوقف عليه .
ومن الأمور التي يُعرف بها صحة الوقف صحة النظم وسلامة الإعراب ، ويظهر ذلك في الوقف على كلمة ثم البدء بها ، ومثاله :
الوقف على ( ذو العرش المجيد ) ـ على قراءة الضم ـ ثم البدء هكذا : ( المجيد فعال لما يريد ) ، وهذا مما يستملحه بعض القراء المعاصرين ، وقد سمعت إمامًا متقنًا للقراءات يفعله ، ولعله لم ينتبه إلى ما في هذا العمل من خلل من جهتين :
الأولى : أن البدء بالمجيد يقطع نظم القرآن القائم على الإعراب ،فتكون جملة ( ذو العرش ) مقطوعة بناءً على هذا البدء ، ومعلومٌ أن ( المجيد ) مرتبط إعرابًا ب(ذو) .
الثانية : أن جملة ( فعال لما يريد) استئنافيه ، وكلمة ( فعال ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو . وعلى هذا البدء يكون ( المجيد) مبتدأ ، خبره ( فعال ... ) ، وهذا مخالف لنظم القرآن وإعرابه .
وأقول : لو جُمعت الأصول التي يقوم عليها الوقف ، والأصول التي يُعرف بها خطأ الوقف لكان حسنًا ، ولأظهر لنا ما يقع من تعسُّف وتكلفٍ في الوقوف ، والله الموفق .
 

جزاك الله خيرا أخانا عمار وشكر لك.

ذكر أخونا القارئ المليجي أنه إذا صحت الراوية بالقراءة فإنه يتسامح في قضية الانفصال والاتصال وهذا لا إشكال فيه ولله الحمد.

لكن إذا لم تصح الرواية ولم يغير الفصل في المعنى فالتكلف هنا واضح ولا داعي لها.

لكن لو لم تصح الرواية وكان في الفصل معنى أخر صحيح فهل يجوز مثل هذا الفعل؟
 
جزاك الله خيرا أخانا عمار وشكر لك.

وأطال الله في الخير بقاءك ، ونفعنا بك.


قلتم - حفظكم الله - : " لكن لو لم تصح الرواية وكان في الفصل معنى أخر صحيح فهل يجوز مثل هذا الفعل؟ "

اعلم - وفقك الله - أنه يجب على قارئ القرآن مراعاة أصول الوقف وضوابطه ، من غير تكلف أو تَعَسُّف ، يقول ابن الجزري - رحمه الله - في ( النشر 1 / 231 - 232 ) :
( ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين ، أو يتكلفه بعض القراء ، أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفا أو ابتداء ينبغي ان يُتَعَمَّدَ الوقف عليه ، بل ينبغي تحري المعنى الأتم ، والوقف الأوجه ، وذلك نحو الوقف على: " وارحمنا أنت " ، والابتداء " مولانا فانصرنا " على معنى النداء...فإن ذلك وما أشبهه تمحّلٌ وتحريف للكلم عن مواضعه يُعْرَفُ أكثره بالسباق والسياق ).

ويقول الشيخ المرصفي - رحمه الله - في ( هداية القاري 2 / 415 ) :
( يجب اتباع الرسم في كل من المقطوع والموصول فيوقف على كل من الكلمة الأولى والثانية في المقطوع ولا يوقف إلا على الكلمة الثانية في الموصول وجوبا للاتصال الرسمي ولا يجوز فيه الفصل إلا برواية صحيحة ).

فيجب على قارئ القرآن معرفة المقطوع والموصول من الكلمات القرآنية ليقف عليها كرسمها في المصحف ، ولا يفصل القارئ ما كان موصولا إلا برواية صحيحة.

والله أعلم.
 
أشكـرُ كل من أفادَ من الأحبة , وأخص شيخي الكريم أبا عبد الملك بالشكر والسؤال التالي:

قلتم سلمكم الله:

الوقوف المتكلفة والمتعسفة موجودة في كتب المتقدمين ، وعند بعض المعاصرين ، ويقع ذلك باستملاح يلوح ظاهره للمرء دون أن ينظر في بواطنه ليتبين له صحته وصوابه ، لذا فإن من الحسن تقعيد أصول للوقف يُعرف بها الوقف الصواب من غيره .

بما أنَّ لكم سابقةً مشرفةً في دراسة هذا العلم من علوم القرآن:

هل ترون أنَّ مجموعَ هذه الوقوف المتكلفة في كتب الأوائل التي اطلعتم عليها- بغض النظر عن سبب إيرادها إقراراً أو إنكاراً - يمكنُ أن يشكل مادةً علميةً يجمعها باحثٌ ويدرسـها متأملاً القواسم المشتركة بينها من حيثُ مخالفة الأولى والأصح من الأعاريب والمعاني , المبالغة في إضافة ما لا فائدة فيه من المعاني مما هو معلوم ضرورة , والاحتـيـاج إلى التقديرات البعيدة لاستخراج معاني هذه التكلفات ,ومخالفة ما عليه كلُّ أو جلُّ المفسرين عند إعمال الوقوف الناتجة عن هذه الوقوف , وغير ذلك.

ومن أراد التقعيد لأصول الوقف , فبم تنصحونهُ في جمع هذه القواعد واستقرائها.؟
 
العجيبُ أني وجدتُّ الإمام أبا جعفر النَّـحَّـاس يردُّ في كتابه على أقوام صنفوا مصنفاتٍ في الوقف والابتداء في عصره رحمه الله ومما ذكرهُ عن أحد أولئك أنه قال بالوقف على قول الله (ألم يأتكم نذيرٌ قالوا بـلى) ثم يبتدئ (قد جاءنا نذير فكذبنا..).

وذكر رحمه الله أن هذا لا ينبغي أن يبتدئ به القارئ.
 
أعجبني ما طرح الأخوة ، جزاهم الله خيرًا .
وأحب أن أعلق على ما قال الدكتور مساعد ، وأرجو أن يصحح ما يحتاج إلى تصحيح وأقول : مارأيك أن تحمل كلمة (المجيد) بالرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو ، فتصبح الجملة مستأتفة ، أو أنها خبر لهو المذكور في الآية قبلها (وهو الغفور الودود) عند من يقول بجواز تعدد الخبر .
فالأخبار في هذه الآيات هي : الغفور ، الودود ، ذو... ، المجيد ، فعال ... ، وهي إما للمبتدأ (هو) ، أو نفذر مبتدأ لكل منها ..
ولكم شكري وتقديري ..
 
ومن الأمور التي يُعرف بها صحة الوقف صحة النظم وسلامة الإعراب ، ويظهر ذلك في الوقف على كلمة ثم البدء بها ، ومثاله :
الوقف على ( ذو العرش المجيد ) ـ على قراءة الضم ـ ثم البدء هكذا : ( المجيد فعال لما يريد ) ، وهذا مما يستملحه بعض القراء المعاصرين ، وقد سمعت إمامًا متقنًا للقراءات يفعله ، ولعله لم ينتبه إلى ما في هذا العمل من خلل من جهتين :
الأولى : أن البدء بالمجيد يقطع نظم القرآن القائم على الإعراب ،فتكون جملة ( ذو العرش ) مقطوعة بناءً على هذا البدء ، ومعلومٌ أن ( المجيد ) مرتبط إعرابًا ب(ذو) .
الثانية : أن جملة ( فعال لما يريد) استئنافيه ، وكلمة ( فعال ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو . وعلى هذا البدء يكون ( المجيد) مبتدأ ، خبره ( فعال ... ) ، وهذا مخالف لنظم القرآن وإعرابه .وأقول : لو جُمعت الأصول التي يقوم عليها الوقف ، والأصول التي يُعرف بها خطأ الوقف لكان حسنًا ، ولأظهر لنا ما يقع من تعسُّف وتكلفٍ في الوقوف ، والله الموفق .

لا أظن بأن هذا مخالف لإعراب القرآن ، فليست كلمة ( المجيد ) على الرفع تكون مبتدأ ، ومن جعلها مبتدأ يتجه عليه قولك بأن هذا خلل ، لكن من يجعلها خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو فلا أظن بأنه يتجه عليه قولك ، لأن القاعدة النحوية تقول : ( إن جاء في لسان العرب أكثر من خبر لمعاني مختلفة من غير عطف والمبتدأ الموجود واحد فإنه يُقدّر مبتدأ لكل خبر )
ومنه قول الشاعر : ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي *** بأخرى المنايا فهو يقظان نائمُ .

فـ ( نائم ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو .

وأرجو تصحيحي إن كنتُ مخطئاً .
 
عودة
أعلى