مبارك القحطاني
New member
القضية الثالثة: رجوع ابن عباس عن معنى العاديات من الخيل إلى الإبل:
الحلقة الأولى:
ذكر المؤلف([1]) قصة اختلاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع عبدالله بن عباس رضي الله عنه في معنى العاديات, فذهب علي رضي الله عنه إلى أنَّها الإبل, وذهب ابن عباس رضي الله عنه إلى أنَّها الخيل, ثم رجع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله إلى قول علي رضي الله عنه.
واضطرب المؤلف في موقفه من صحة هذا النقل, فعند التخريج حكم عليها بالحسن, وذكر بعض الشواهد التي ليس فيها ذكر رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله لقول علي رضي الله عنه, وبعد عرضه للاستدراك وتحليله استشكل إثبات رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله؛ لأنَّه مخالف لما اشتهر عنه في معنى العاديات, فتردَّدَ في توجيه ذلك, فحمله على ضعف الرواية بدون دراسة لها أو أنَّها كانت في أول الأمر ثم اختار غير ذلك.
والواقع بأنَّ الحكم على رواية الاستدراك ينبني عليه إثبات الاستدراك في المسألة, فإذا قيل: بصحة الرواية؛ فالاستدراك صحيح, وإذا قيل: بضعفها؛ فلا يوجد في المسألة استدراك أصلاً, فحقها الحذف من الكتاب كاملاً, وتكون هذه المسألة من باب اختلاف الصحابة في معاني كتاب الله.
ولهذا السبب كان موقف المؤلف مضطرباً في حكمه على رواية الاستدراك, فكانت هناك حاجة للوقوف مع أسانيدها, والنظر في الروايات الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنه, والخروج بنتيجة علمية صحيحة, ينبني عليها إثبات الاستدراك أو حذفه.
نص الرواية:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحِجْرِ جَالِسٌ، أَتَانِي رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنِ {الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}؟ [العاديات: 1] فَقُلْتُ لَهُ: «الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى اللَّيْلِ، فَيَصْنَعُونَ طَعَامَهُمْ، وَيُوقِدُونَ نَارَهُمْ»، فَانْفَتَلَ عَنِّي فَذَهَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ تَحْتَ سِقَايَةِ زَمْزَمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَادِيَاتِ؟ فَقَالَ: هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا أَحَدًا قَبْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: هِيَ الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ". قَالَ: فَاذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ بِلَا عِلْمٍ لَكَ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ لَبَدْرٌ، وَمَا كَانَ مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ، وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا؟!" إِنَّمَا{الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1] مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَمِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] حِينَ تَطَؤُهَا بِأَخْفَافِهَا وَحَوَافِرِهَا", قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَزَعْتُ عَنْ قُولِي، وَرَجَعْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيٌّ.
التخريج:
أخرجه ابن وهب([2])-ومن طريقه: الطبري([3]) وابن أبي حاتم([4]) وابن الأنباري([5]) والحاكم([6]) وابن مردويه([7]) والثعلبي([8])- قال: أخبرنا أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير به.
وتابع أبا صخر عبدُ الله بن عياش؛ كما عند ابن وهب([9]) وحده.
وفي إسناد الثعلبي:"أبي لهيعة البجلي" وهو تصحيف.
وقال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ», فَقَدِ احْتَجَّا بِأَبِي صَخْرٍ وَهُوَ: حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْخَرَّاطُ الْمِصْرِيُّ, وَبِأَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ وَهُوَ وَالِدُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الدُّهْنِيِّ الْكُوفِيِّ "
وتعقَّبَه الذهبي([10]) بقوله:"لا والله, ولا ذكر لأبي معاوية في الكتب الستة, ولا احتج البخاري بأبي صخر, والخبر منكر".
رجال الإسناد:
1. أبو صخر, حميد بن زياد, بن أبي المخارق الخراط, قال عنه أحمد: ليس به بأس, وقال ابن معين: ضعيف, وقال مرة: ليس به بأس, وقال النسائي: ضعيف, وقال ابن عدي: هو عندي صالح, وقال الدراقطني: ثقة([11]).
وقال الذهبي([12]):"مختلف فيه".
وقال ابن حجر([13]):"صدوق يهم".
وروى له البخاري في الأدب المفرد, ولم يرو عنه في صحيحه شيئاً.
2. عبدالله بن عيَّاش بن عباس القتباني، أبو حفص المِصْرِي, قال أَبُو حاتم: لَيْسَ بالمتين، صدوق، يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لَهِيعَة, وَقَال أَبُو دَاوُدَ والنَّسَائي: ضعيف([14]).
وَقَال ابن حجر([15]): "صدوق يغلط".
3. أبو معاوية البجلي, والد عمَّار الدهني الكوفي, روى عن أبي الصهباء البكري وسعيد بن جابر الرعيني وسعيد بن جبير, وروى عنه أبو صخر حميد بن زياد المدني وأبو مودود المدني([16]).
قال الذهبي ([17]):"فيه جهالة".
وقال ابن حجر([18]):"مجهول الحال".
سعيد بن جبير الأسدي, ثقة ثبت([19]).
([1])استدراكات السلف(ص149).
([2])في تفسيره(2/70).
([3])جامع البيان(24/559).
([4])في تفسيره, كما في المجموع من تفسيره(10/3457) وكما ذكره ابن كثير في تفسيره(8/466).
([5])الأضداد(364) وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى المصاحف لابن الأنباري.
([6])المستدرك(2/115).
([7])كما في فتح الباري لابن حجر(8/599) والدر المنثور للسيوطي(8/548)
([8])الكشف والبيان(10/269).
([9])في تفسيره(2/70).
([10])التلخيص مع المستدرك(2/115).
([11])تهذيب التهذيب(3/41).
([12])الكاشف(1/256).
([13])التقريب(1/202).
([14])تهذيب الكمال(15/411).
([15])التقريب(1/439).
([16])تهذيب التهذيب(12/240).
([17])ميزان الاعتدال(4/575)واللسان(9/483).
([18])التقريب(2/474).
([19])التقريب(1/234).
الحلقة الأولى:
ذكر المؤلف([1]) قصة اختلاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع عبدالله بن عباس رضي الله عنه في معنى العاديات, فذهب علي رضي الله عنه إلى أنَّها الإبل, وذهب ابن عباس رضي الله عنه إلى أنَّها الخيل, ثم رجع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله إلى قول علي رضي الله عنه.
واضطرب المؤلف في موقفه من صحة هذا النقل, فعند التخريج حكم عليها بالحسن, وذكر بعض الشواهد التي ليس فيها ذكر رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله لقول علي رضي الله عنه, وبعد عرضه للاستدراك وتحليله استشكل إثبات رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن قوله؛ لأنَّه مخالف لما اشتهر عنه في معنى العاديات, فتردَّدَ في توجيه ذلك, فحمله على ضعف الرواية بدون دراسة لها أو أنَّها كانت في أول الأمر ثم اختار غير ذلك.
والواقع بأنَّ الحكم على رواية الاستدراك ينبني عليه إثبات الاستدراك في المسألة, فإذا قيل: بصحة الرواية؛ فالاستدراك صحيح, وإذا قيل: بضعفها؛ فلا يوجد في المسألة استدراك أصلاً, فحقها الحذف من الكتاب كاملاً, وتكون هذه المسألة من باب اختلاف الصحابة في معاني كتاب الله.
ولهذا السبب كان موقف المؤلف مضطرباً في حكمه على رواية الاستدراك, فكانت هناك حاجة للوقوف مع أسانيدها, والنظر في الروايات الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنه, والخروج بنتيجة علمية صحيحة, ينبني عليها إثبات الاستدراك أو حذفه.
نص الرواية:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحِجْرِ جَالِسٌ، أَتَانِي رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنِ {الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}؟ [العاديات: 1] فَقُلْتُ لَهُ: «الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى اللَّيْلِ، فَيَصْنَعُونَ طَعَامَهُمْ، وَيُوقِدُونَ نَارَهُمْ»، فَانْفَتَلَ عَنِّي فَذَهَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ تَحْتَ سِقَايَةِ زَمْزَمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَادِيَاتِ؟ فَقَالَ: هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا أَحَدًا قَبْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: هِيَ الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ". قَالَ: فَاذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ بِلَا عِلْمٍ لَكَ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ لَبَدْرٌ، وَمَا كَانَ مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ، وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا؟!" إِنَّمَا{الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1] مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَمِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] حِينَ تَطَؤُهَا بِأَخْفَافِهَا وَحَوَافِرِهَا", قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَزَعْتُ عَنْ قُولِي، وَرَجَعْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيٌّ.
التخريج:
أخرجه ابن وهب([2])-ومن طريقه: الطبري([3]) وابن أبي حاتم([4]) وابن الأنباري([5]) والحاكم([6]) وابن مردويه([7]) والثعلبي([8])- قال: أخبرنا أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير به.
وتابع أبا صخر عبدُ الله بن عياش؛ كما عند ابن وهب([9]) وحده.
وفي إسناد الثعلبي:"أبي لهيعة البجلي" وهو تصحيف.
وقال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ», فَقَدِ احْتَجَّا بِأَبِي صَخْرٍ وَهُوَ: حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْخَرَّاطُ الْمِصْرِيُّ, وَبِأَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ وَهُوَ وَالِدُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الدُّهْنِيِّ الْكُوفِيِّ "
وتعقَّبَه الذهبي([10]) بقوله:"لا والله, ولا ذكر لأبي معاوية في الكتب الستة, ولا احتج البخاري بأبي صخر, والخبر منكر".
رجال الإسناد:
1. أبو صخر, حميد بن زياد, بن أبي المخارق الخراط, قال عنه أحمد: ليس به بأس, وقال ابن معين: ضعيف, وقال مرة: ليس به بأس, وقال النسائي: ضعيف, وقال ابن عدي: هو عندي صالح, وقال الدراقطني: ثقة([11]).
وقال الذهبي([12]):"مختلف فيه".
وقال ابن حجر([13]):"صدوق يهم".
وروى له البخاري في الأدب المفرد, ولم يرو عنه في صحيحه شيئاً.
2. عبدالله بن عيَّاش بن عباس القتباني، أبو حفص المِصْرِي, قال أَبُو حاتم: لَيْسَ بالمتين، صدوق، يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لَهِيعَة, وَقَال أَبُو دَاوُدَ والنَّسَائي: ضعيف([14]).
وَقَال ابن حجر([15]): "صدوق يغلط".
3. أبو معاوية البجلي, والد عمَّار الدهني الكوفي, روى عن أبي الصهباء البكري وسعيد بن جابر الرعيني وسعيد بن جبير, وروى عنه أبو صخر حميد بن زياد المدني وأبو مودود المدني([16]).
قال الذهبي ([17]):"فيه جهالة".
وقال ابن حجر([18]):"مجهول الحال".
سعيد بن جبير الأسدي, ثقة ثبت([19]).
([1])استدراكات السلف(ص149).
([2])في تفسيره(2/70).
([3])جامع البيان(24/559).
([4])في تفسيره, كما في المجموع من تفسيره(10/3457) وكما ذكره ابن كثير في تفسيره(8/466).
([5])الأضداد(364) وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى المصاحف لابن الأنباري.
([6])المستدرك(2/115).
([7])كما في فتح الباري لابن حجر(8/599) والدر المنثور للسيوطي(8/548)
([8])الكشف والبيان(10/269).
([9])في تفسيره(2/70).
([10])التلخيص مع المستدرك(2/115).
([11])تهذيب التهذيب(3/41).
([12])الكاشف(1/256).
([13])التقريب(1/202).
([14])تهذيب الكمال(15/411).
([15])التقريب(1/439).
([16])تهذيب التهذيب(12/240).
([17])ميزان الاعتدال(4/575)واللسان(9/483).
([18])التقريب(2/474).
([19])التقريب(1/234).