الهمزة والحطمة والفيل! ما العلاقة؟!

إنضم
24/05/2006
المشاركات
128
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
www.amrallah.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
نتناول اليوم بإذن الله وعونه سورة الهمزة, لنبين بإذن الله وعونه بعض أوجه الجمال والكمال في السورة الكريمة: بسم الرب الأكرم

سورة الهمزة من السور المكية والتي تعني بتثبيت مسائل الإيمان, واحتوت هذه السورة وعيدا شديدا للمخالفين وفصلت فيه تفصيلا عجيبا, وننظر لنر:
تبدأ السورة بقوله تعالى: "ويل لكل همزة لمزة" , وقبل أن نبدأ في تحليل هذه الألفاظ نُذكّر بما قلناه سابقا وهو وجود علاقة بين سور القرآن, فنقول:
كانت السورة الماضية تدور في خسران عامة الإنسان إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات, وأتوا بصنف من الأعمال الصالحة اللسانية وهو التواصي بالحق والتواصي بالصبر. ثم تبدأ السورة بتابع للسورة الماضية كلها ومعكوس خاتمتها. فتبدأ بقوله تعالى "ويل لكل همزة لمزة" فهؤلاء بداهة من الإنسان الخاسر على مر العصور, لأنه لم يدخل في الصنف المستثنى في آخر السورة, ولأنهم أتوا بمذموم من أقوال اللسان وهو الهمز واللمز بدلا من التواصي بالحق والتواصي بالصبر!

أول ما نلاحظه في هذه السورة هو قوله تعالى "ويل لكل" أي أن الويل شامل وعام لكل الأفراد الذين يدخلون تحت هذا التوصيف, فلا يتجاوز عن بعضهم, لأنه لا مبرر للفعل ولما في هذا الفعل من الضرر الشديد على الفرد والمجتمع. والويل معروف وهو لفظ يستعمل في التهديد, فنحن نسمعها دوما ولا نزال نقولها: الويل لك, أو كما نقولها بالعامية " يا ويلك مني".
وهو لفظ يدل على الذم والكرب والهلاك, وورد في بعض الروايات الضعيفة أن الويل واد أو جبل في جهنم, وهذه الروايات مما لا يعتد به! ونلاحظ أن الله تعالى نكر هنا فقال: "ويل" ولم يقل: "الويل" كأنه أراد بذلك فتح مجال التصور والتخيل عند المتلقي بشأن ذلك الويل الذي أعده الله عزوجل للعاصين والذي يتناسب مع عزة الله وقدرته.
والناظر يجد أن الله تعالى يقول: "ويل لكل همزة لمزة" وفي هذا دليل على أن الآية عامة في كل همزة لمزة, لذا فيمكننا الجزم بأنها غير مختصة بأناس محددين مثل أمية بن خلف أو الأخنس بن شريق, وإنما هي عامة في كل من يصدق فيه الوصف!
ونتوقف في هذه الآية مع الوصفين الواردين فيها وهما قوله تعالى: " همزة لمزة", لنوضح الفرق بين الإثنين:
أول ما ننبه عليه هو وجود اشتراك في المعنى بين الكلمتين لاشتراكهما وتشابههما في المبنى, لذا فإنا ننتظر أن يكون المعنى متفقا في الجزء الأكبر ومخالفا في الجزء الأصغر:
إذا نحن نظرنا في مقاييس اللغة وجدنا ابن فارس يقول:
"الهاء والميم والزاء كلمةٌ تدلُّ على ضَغْطٍ وعَصْر. وهمَزْت الشَّيءَ في كفِّي.
ومنه الهَمز في الكلام، كأنَّه يَضْغَط الحرف. ويقولون: همزَ بِهِ الأرض.وقوسٌ هَمْزَى: شديدةُ الدَّفعِ للسَّهم. والهمَّاز: العَيَّاب، وكذا الهُمَزَة. قال:
تُدْلِي بوُدِّيَ إذْ لاقَيتَنِي كذِباً وإنْ أُغيَّبْ فأنت الهامزُ اللُّمَزَهْوَهمْزُالشَّيطان كالمُوتَة تَغلِبُ على قَلْب الإنسان تَذهب به." اهـ
وإذا نظرنا في اللسان وجدنا ابن منظور يقول:
" والمِهْمازُ: ما هُمِزَتْ به؛ قال الشماخ: أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها، كما قَوَّمتْ ضِغْنَ الشَّموسِ المَهامِزُ أَراد المهاميز، فحذف الياء ضرورة. قال ابن سيده: وقد يكون جمع مِهْمَزٍ. قال الأَزهري: وهَمَزَ القَناةَ ضَغَطها بالمَهامِز إِذا ثُقِّفَتْ، قال شمر: والمَهامِزُ عِصِيٌّ، واحدتها مِهْمَزَة، وهي عصاً في رأْسها حديدة يُنخس بها الحمار؛ قال الأَخطل: رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ في الخُطُوبِ أَذِلَّةٌ، دُنْسُ الثِّيابِ قَناتُهُمْ لم تُضْرَسِ بالهَمْزِ من طُولِ الثِّقافِ، وجارُهُمْ يُعْطِي الظُّلامَةَ في الخُطوبِ الحُوَّسِ أَبو الهيثم: المهامز مقارع النَّخَّاسِين التي يَهْمِزُون بها الدواب لتُسْرِعَ، واحدتها مِهْمَزة، وهي المِقْرَعَةُ. والمِهْمَزُ والمِهْمازُ: حديدة تكون في مؤخر خُف الرائض.
والهَمْزُ مثل الغَمْزِ والضَّغْطِ، ومنه الهَمْزُ في الكلام لأَنه يُضْغَط." اهـ

فإذا نظرنا في أقوال المفسرين –الإمام الفخر الرازي نموذجا- وجدنا اختلافا كبيرا في تحديد معنى الهمز واللمز, فنجدهم يقولون:
" المسألة الثانية : الهمز الكسر قال تعالى : { هَمَّازٍ مَّشَّاء } [ القلم : 11 ] واللمز الطعن والمراد الكسر من أعراض الناس والغض منهم والطعن فيهم ، قال تعالى : { وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ } [ الحجرات : 11 ] وبناء فعله يدل على أن ذلك عادة منه قد ضري بها ونحوهما اللعنة والضحكة ، وقرىء : { وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } بسكون الميم وهي المسخرة التي تأتي بالأوابد والأضاحيك فيضحك منه ويشتم وللمفسرين ألفاظاً أحدها : قال ابن عباس : الهمزة المغتاب ، واللمزة العياب وثانيها : قال أبو زيد : الهمزة باليد واللمزة باللسان وثالثها : قال أبو العالية : الهمزة بالمواجهة واللمزة بظهر الغيب ورابعها : الهمزة جهراً واللمزة سراً بالحاجب والعين وخامسها : الهمزة واللمزة الذي يلقب الناس بما يكرهون وكان الوليد بن المغيرة يفعل ذلك ، لكنه لا يليق بمنصب الرياسة إنما ذلك من عادة السقاط ويدخل فيه من يحاكي الناس بأقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا" اهـ
 
إذا وكما رأينا فهناك اختلاف كبير في تحديد مدلول كل كلمة منهما, فإذا رجعنا إلى اللغة وحكمناها وجدنا أن الهمز كلمة تدل على الضغط ورأينا استعمالها في المجسمات, وعلى أساسه يمكننا تحديد معناها في المعنويات, فنقول أن الهمز قريب من استعمالنا لكلمة الطعن في لغتنا المعاصرة, أي ويل لمن يطعنون الناس ويذمونهم بألسنتهم فتكون كلماتهم كالسهام أو الرماح التي تخترق جسم الإنسان. فإذا نظرنا في كتاب الله تعالى وجدناه يستعمل هذه الكلمة في أشكال مختلفة مثل قوله تعالى: " َوقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [المؤمنون : 97], أي أعوذ بك مما يوسوسون به من أفكار وظنون, وقوله: " هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ [القلم : 11]"
فهؤلاء يضرون الناس بكلامهم الذي يحمل سهام العيب.

فإذا نظرنا في اللمزة وجدنا أن المعنى قريب, فابن فارس يقول في المقاييس:
" اللام والميم والزاء كلمةٌ واحدة، وهي اللَّمْز، وهو العَيب. يقال لَمَزَ يَلمِزُ لَمْزاً. قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ [التوبة 58]. ورجل لَمَّازٌ ولُمَزَة، أي عَيَّاب." اهـ

وكما رأينا فإن ابن فارس يرى أن اللمز بمعنى العيب, ويذكر قوله تعالى " وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة : 58] نموذجا, ولكنا نرى أن الفرق بين الهمز واللمز هو أن الهمز الطعن والذم والعيب صريحا كان أو إيحاءا, أما اللمز فهو العيب بالنقص والحط والتقليل من القدر, وأخذنا هذا التحديد من معكوس المعنى, فالزمل يدل على الحمل والتغطية والتعادل, ومن ذلك المزمل أي الذي يغطي نفسه بكثير من الملابس, ومنه المزاملة أي المعادلة على البعير. فإذا نحن عكسنا هذا المعنى وجدنا أن اللفظ يكون بمعنى الحط والتقليل من الشأن, أي أن أحط من قدر الإنسان ومن فعله كأنه لا يساوي شيئا!
ونلاحظ أن الله تعالى استعمل صيغة "فعلة" والتي تفيد المبالغة ليدل على أن هذا الفعل ملازم لهم لا ينفصل عنهم, فليس الوعيد لمن همز مرة أو لمز أخرى وإنما الوعيد لمن صار هذا حاله وديدنه, فبدلا من أن يكون لسان عون يوصي الناس بالحق وبالصبر وبالمرحمة أصبح لسان سلق يعيب هذا ويقلل من شأن ذاك, ويعرض بفعل ونية الآخرين, وفي هذا الخطر العظيم على الفرد والمجتمع, فالإنسان يحتاج لمن يشكر له فعله, فإذا حدث ووجد العكس وهو الهمز واللمز بدلا من المدح أو حتى السكوت, فإن هذا يحبط الإنسان ويدفعه إلى ترك العمل والانزواء والإعراض, أما إذا حدث ووجد التواصي بالحق وبالصبر وبالثبات على المواقف فإن هذا يشجعه على الاستمرار والدوام ويقوي عزيمته!

إذا فالله تعالى يتوعد كل همزة لمزة بالويل, ثم يزيده الله تعالى تحديدا فيقول: الذي جمع مالا وعدده! وكما نكّر الله عزوجل عند الحديث عن الويل, نكر هنا عند الحديث عن المال, فقال: جمع مالا! ولم يقل: المال, ليدخل تحته أي وكل ما يتمول به, أي ليس المراد منه المال النقدي فقط! ولقد جمع هذا الهمزة اللمزة المال وعدده, والتعديد معروف, لذا نجد أن الإمام الفخر الرازي يقول في تفسيره:
"أما قوله : { وَعَدَّدَهُ } ففيه وجوه أحدها أنه مأخوذ من العدة وهي الذخيرة يقال : أعددت الشيء لكذا وعددته إذا أمسكته له وجعلته عدة وذخيرة لحوادث الدهر وثانيها : عدده أي أحصاه وجاء التشديد لكثرة المعدود كما يقال : فلان يعدد فضائل فلان ، ولهذا قال السدي : وعدده أي أحصاه يقول : هذا لي وهذا لي يلهيه ماله بالنهار فإذا جاء الليل كان يخفيه وثالثها : عدده أي كثره يقال : في بني فلان عدد أي كثرة ، وهذان القولان الأخيران راجعان إلى معنى العدد ، والقول الثالث إلى معنى العدة " اهـ
والذي نراه أن التعديد يكون بمعنى التكثير والتنويع, أي أنه لم يقتصر على صنف واحد من أصناف المال وإنما جمع منها الكثير, فجمع المال والعقار والأنعام والذهب والفضة و كثير من أصناف المتمولات! ولقد عظم عند هذا الإنسان مقدار ماله وغناه لدرجة أنه: "يحسب أن ماله أخلده", أي أنه يظن أن ماله قد ضمن له الخلود, وفي هذا يقول الإمام الفخر الرازي:
"واعلم أن أخلده وخلده بمعنى واحد, ثم في التفسير وجوه أحدها : يحتمل أن يكون المعنى طول المال أمله ، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله ، يحسب أن ماله تركه خالداً في الدنيا لا يموت وإنما قال : { أَخْلَدَهُ } ولم يقل : يخلده لأن المراد يحسب هذا الإنسان أن المال ضمن له الخلود وأعطاه الأمان من الموت وكأنه حكم قد فرغ منه ، ولذلك ذكره على الماضي . قال الحسن : ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت وثانيها : يعمل الأعمال المحكمة كتشييد البنيان بالآجر والجص ، عمل من يظن أنه يبقى حياً أو لأجل أن يذكر بسببه بعد الموت وثالثها : أحب المال حباً شديداً حتى اعتقد أنه إن انتقص مالي أموت ، فلذلك يحفظه من النقصان ليبقى حياً ، وهذا غير بعيد من اعتقاد البخيل ورابعها : أن هذا تعريض بالعمل الصالح وأنه هو الذي يخلد صاحبه في الدنيا بالذكر الجميل وفي الآخر في النعيم المقيم ." اهـ
والذي أراه واستشعره من هذه الآية منذ صغري أن هذه الآية خبرية على سبيل الإنكار والتعجب! ونلاحظ في الآية أن الله تعالى قال: أخلده ولم يقل: يخلده
وذلك لكي يشير الله تعالى إلى أن هذا الإنسان لا يظن أن المال سيحقق له هذا وإنما حققه له فعلا! فهو في حياته من الخالدين الذين لا يموتون! والله تعالى يشير بهذه الآية إلى جزء هام في نفسية أباطرة المال, وهي نسيانهم التام للموت وظنهم الخاطر أنهم سيموتون, فهم وإن كانوا يعلمون أنهم سيصدق عليهم الموت لا محالة, ولكنهم ينسون هذا ويتصرفون على أساس أنهم مخلدون أبدا, ونلاحظ نفس هذه الحالة النفسية عندهم في سورة البلد حيث يظنون أيضا أن لن يقدر عليهم أحد لأنهم أهلكوا مالا لبدا! فهم يحسبون أنهم وإن ماتوا جسدا فلقد خلدهم الموت في ذاكرة الناس, ولا يزالون يذكرونهم دوما بعظيم أفعالهم, فبذلك هم من الخالدين الذين لا ينسون, وينسون أن الخلود الحقيقي هو في العمل الصالح وفي الشهادة, وبهما ينال الإنسان الحياة الحقيقية عند الله ويحصل على الثناء الخالص والذكر الدائم من الناس.
 
لذا يرد الله تعالى على هؤلاء الواهمين بقوله: "كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة", أي أن هذا الإنسان الذي ظن في نفسه الخلود بالذكر والشهرة سينبذ في الحطمة, والنبذ معروف وهو بمعنى الترك مع الإهمال, أي أن هؤلاء الهمزة سينبذون في الحطمة! ولكن ما هي الحطمة؟
ليس هناك شيء محدد معروف بهذا الاسم, لذلك قال الله تعالى "وما أدراك ما الحطمة" وهذا التعبير يرد في القرآن دوما للإشارة إلى عظم وخطورة المتحدث عنه. ثم أتبع الله عزوجل الآية بما يكشف الأمر للرسول ولكل مخاطب فقال: "نار الله الموقدة" أي أن الحطمة هي النار, ونسبها الله عزوجل إلى نفسه "نار الله" ليشير بهذا إلى عظمتها فهي نار خلقها الله وعظمة خلق الله على قدر عظمته! فكيف هذه النار العظيم الموقدة والتي لا تنطفأ؟!
والحطمة كلمة غريبة الاستعمال بالنسبة للنار, لأنه من المعروف أن الحطم يدل على التكسير, فكيف تكسر النار, فالمفترض فيها أن تحرق أو تأكل؟!
لننظر أولا في أقوال المفسرين ثم في معاجم اللغة لنشاهد ما قالوا في الحطم:
ذكر الإمام الرازي في تفسيره:
"وأما : { الحطمة } فقال المبرد : إنها النار التي تحطم كل من وقع فيها ورجل حطمة أي شديد الأكل يأتي على زاد القوم، وأصل الحطم في اللغة الكسر، ويقال : شر الرعاء الحطمة ، يقال : راع حطمة وحطم بغير هاء كأنه يحطم الماشية أي يكسرها عند سوقها لعنفه، قال المفسرون : الحطمة اسم من أسماء النار وهي الدركة الثانية من دركات النار، وقال مقاتل : هي تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن الملك ليأخذ الكافر فيكسره على صلبه كما توضع الخشبة على الركبة فتكسر ثم يرمي به في النار »
واعلم أن الفائدة في ذكر جهنم بهذا الاسم ههنا وجوه : أحدها : الاتحاد في الصورة كأنه تعالى يقول : إن كنت همزة لمزة فوراءك الحطمة. والثاني : أن الهامز بكسر عين ليضع قدره فيلقيه في الحضيض فيقول تعالى : وراءك الحطمة ، وفي الحطم كسر فالحطمة تكسرك وتلقيك في حضيض جهنم لكن الهمزة ليس إلا الكسر بالحاجب ، أما الحطمة فإنها تكسر كسراً لا تبقي ولا تذر الثالث : أن الهماز اللماز يأكل لحم الناس والحطمة أيضاً اسم للنار من حيث إنها تأكل الجلد واللحم " اهـ
وكما رأينا فإن الإمام الفخر الرازي –وعامة المفسرين كذلك- لم يوضح لنا العلاقة بين النار والحطم وإنما اكتفى بذكر الأقوال التي تدور حول النار والحطم بدون ذكر الرابط.
فإذا نحن نظرنا في اللسان بحثا عن معنى الحطم, وجدنا ابن منظور يقول:
"الحَطْمُ: الكسر في أي وجه كان، وقيل: هو كسر الشيء اليابس خاصَّةً كالعَظْم ونحوه. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أي كسره، وحَطَّمَهُ فانْحَطَم وتَحَطَّم.
والحطْمَةُ والحُطامُ: ما تَحَطَّمَ من ذلك. الأَزهري: الحُطامُ ما تَكّسّرَ من اليَبيس، والتَّحْطيمُ التكسير....... الحَطْمَةُ والحُطْمَةُ والحاطوم: السنة الشديدة لأنها تَحْطِمُ كل شيء، وقيل: لا تسمى حاطوماً إلا في الجَدْب المتوالي.
وأصابتهم حَطْمَةٌ أي سنة وجَدْبٌ: قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ: من حَطْمَةٍ أقْبَلَتْ حَتَّتْ لنا وَرَقاً نُمارِسُ العُودَ، حتى يَنْبُت الوَرَقُ وفي حديث جعفر: كنا نخرج سنة الحُطْمةِ؛ هي الشديدة الجَدْبِ. الجوهري: وحَطْمَةُ السيل مثل طَحْمَتِه، وهي دُفعَتُهُ. والحَطِمُ المتكسر في نفسه." اهـ

وقبل أن نذكر العلاقة بين النار والحطم لا بد أن نركز على الفارق بين الحطم والكسر, فالكسر معروف وهو مثل قولنا: كسرت المائدة, أما التحطيم فهو التكسير إلى قطع صغيرة وذلك مثل قولنا: حطمت الزجاج أو الخبز الجاف, وتصور الفارق بين الهيئتين في المائدة والزجاج تعرف الفارق بين المعنيين.
إذا فالنار حطمة, ولكن كيف؟
كما لاحظت عزيزي القارئ فلقد ذكر الله تعالى في أول السورة قوله "همزة لمزة", وقلنا أنهما على وزن فعلة, والذي يفيد الشدة والمبالغة في التوصيف, وهنا استعمل الله عزوجل نفس الوصف مع النار, أي أنها تكسر تكسيرا شديدا, فيتحول من هذا التحطيم الكفار إلى فتات!
وكون النار حطمة شيء منطقي, فالمواد إذا وضعت في النار إما أن تنصهر-مثل الزجاج- أو تتيبس مثل الفخار! ونحن إذا وضعنا في النار أي مادة قابلة للتيبس في النار, مثل الطين فإنها من شدة الحرارة تتحجر, ومع ازدياد الحرارة فإنها لا تتوقف عند هذا التحجر وإنما يصل الأمر إلى مرحلة التفتت والتحول إلى تراب حار مرة أخرى.
وهذا ما سيحدث مع هذا الصنف من الكفار, فهؤلاء ستوقد عليهم النار في أماكن مخصوصة حتى تصل أجسادهم إلى درجة عظيمة من التيبس, ومع استمرار الإيقاد, فإن أجسادهم اليابسة لا بد أن تتفتت "تتحطم".
 
وبعد أن ذكر الصفة الرئيسة لهذه النار وهي الحطم ذكر وصفا ضروريا لها وهو قوله تعالى: "التي تتطلع على الأفئدة", وهذه الآية مثل سابقتها بها دعوة إلى التفكر, فكيف تتطلع النار على الأفئدة؟
إذا نحن نظرنا في القرآن وجدناه استعمل "اطلع" متعديا بنفسه وبحرف, فقال: " َأاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً [مريم : 78]" , وقال: "فبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة : 13]"
والاطلاع على الشيء معروف ولا نزال نستعمله في أيامنا هذه بنفس المعنى, وهو في الأساس بمعنى العلو على الشيء, أي أن الإنسان يكشف الشيء المطلع عليه عن طريق علوه عليه.
والفؤاد معروف ومشتهر, ولكن الذي لا يعرفه كثير من العرب أن الفأد أساسا بمعنى الشي والتوقد, -وهذا مناسب بداهة للمشهد العام الذي تقدمه السورة- وفي هذا يقول ابن منظور في اللسان:
" فأَد الخبزة في المَلَّة يَفْأَدُها فَأْداً: شواها. وفي التهذيب: فأَدْتُ الخُبْزَةَ إِذا مَلَلْتَها وخَبَزْتَها في المَلَّةِ. والفَئِيدُ: ما شُوِيَ وخِبِزَ على النار.وإِذا شوي اللحمُ فوق الجمْرِ، فهو مُفْأَدٌ وفئيد. والأُفؤُودُ: الموضع الذي تُفْأَدُ فيه. وفَأَدَ اللحمَ في النار يَفْأَدُه فَأْداً وافْتَأَدَه فيه: شواه. والمِفْأَدَةُ: السَّفُّودُ، وهو من فأَدت اللحم وافتأَدته إِذا شويته. ولحم فَئِيدٌ أَي مشويٌّ. والفِئد: الخبز المفؤُود واللحم المَفْؤُود. قال مرضاوي يخاطب خويلة: أَجارَتَنا، سِرُّ النساءِ مُحَرَّمٌ عليَّ، وتَشْهادُ النَّدامَى مع الخمرِ كذاكَ وأَفْلاذُ الفَئيدِ، وما ارتمتْ به بين جالَيْها الوَئِيَّةُ مِلْوَذْرِ ( قوله «ملوذر» أراد من الوذر).
والمِفْأَدُ: ما يُخْتَبَزُ ويُشْتَوَى به؛ قال الشاعر: يَظَلُّ الغُرابُ الأَعْوَرُ العَينِ رافِعاً مع الذئْبِ، يَعْتَسَّانِ ناري ومِفْأَدي ويقال له المِفْآدُ على مِفْعالٍ.
ويقال: فَحَصْت للخُبزَةِ في الأَرض وفَأَدْتُ لها أَفْأَدُ فَأْداً، والاسم أُفْحُوصٌ وأُفْو ودٌ، على أُفْعُول، والجمع أَفاحيصُ وأَفائِيدُ.
ويقال: ففَأَدْتُ الخُبزَةَ إِذا جعلت لها موضعاً في الرماد والنار لتضعها فيه.
والخشبة التي يحرَّك بها التنور مِفْأَدٌ، والجمع مفائِدُ ( قوله «والجمع مفائد» في القاموس والجمع مفائيد.) وافْتَأَدُوا: أَوقدوا ناراً.
والفئِيدُ: النارُ نفسُها؛ قال لبيد: وجَدْتُ أَبي رَبيعاً لليَتَامَى، وللضِّيفانِ إِذْ حُبَّ الفَئِيدُ والمُفْتَأَدُ: موضع الوَقُود؛ قال النابغة: سَفُّود شَرْبٍ نَسُوهُ عند مُفّتَأَدِ والتَّفَؤُّدُ: التَّوَقُّد. والفؤاد القلبُ لِتَفَوُّدِه وتوقُّدِه، مذكر لا غير؛" اهـ

واختلف المفسرون في المراد من الاطلاع على الأفئدة, فقال بعضهم أنها تأكل الجسد حتى إذا وصلت إلى الفؤاد توقفت! وقال بعضهم أن المراد من ذلك أنها تدخل الجوف حتى تمس الفؤاد. ولكنا نرى أن السادة المفسرين قد أبعدوا النجعة إذ استعملوا الفؤاد بمعنى القلب! فالقلب عضو في جسد الإنسان أما الفؤاد فهو دور هذا العضو, كما أن السمع هو دور الأذن والبصر هو دور العين, ولننظر في القرآن لنر كيف فرق القرآن بينهما:
"و اللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل : 78]"
"وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ [المؤمنون : 78]"
"وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء : 36]"
"وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص : 10]"
فنلاحظ أن الله تعالى يذكر الناس بنعمه عليهم وكيف أنه منحهم السمع والبصر والأفئدة, فيفهم من هذا بداهة أن الفؤاد ليس عضوا وإنما هو وظيفة القلب ودوره, أي أن القلب خلق ليتفئد, كما كانت الأذن للسمع. ويظهر الفرق الكبير بين الإثنين في آية القصص.

فعلى هذا الفهم لا بد أن يختلف تصورنا لهذه الآية, فالمفسرون فهموا أن المراد من الأفئدة القلوب, وقالوا أنها خصت بالذكر لأنها موطن العقائد, أما نحن فنقول أن الفؤاد أساسا ليس مادة وإنما هو مجرد, فكيف تتطلع النار على الأفئدة؟
قلنا مسبقا –في تناولنا لهذه السورة- أن الله تعالى ذكر وصفا ضروريا للنار وهو قوله "تتطلع على الأفئدة", فلم قلنا أن هذا الوصف ضروريا؟
إذا نحن نظرنا في كتاب الله تعالى عند وصفه للنار, وجدناه يقول: "إنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء : 56] "
ففي هذه الآية نص على أن جلود الكافرين تنضج وكلما نضجت تغير حتى يذوقوا العذاب, فكيف يذكر هنا أن النار سيحطم؟ فهل ستحرق أم ستحطم؟
من أجل هذا كان الوصف بالإطلاع على الأفئدة ضروريا, فهذا النار تكشف ما في قلوب من فيها, وتعرف سبب عقوبة من فيها, فهذا عوقب من أجل كفره, وذلك من أجل نفاقه وهذا من أجل همزه ولمزه, فيكون لكل منهم صنف من العذاب. إذا فالتحطيم خاص بهذا الصنف من الناس لا يتعداهم إلى غيرهم من الذين يعذبون بالحرق فقط! ومسألة اطلاع النار على القلوب ليس غريبا, فالله تعالى ينسب إلى النار صفات العاقل, فيقول: " تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [الملك : 8]" , " يوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ [قـ : 30] والكفار يعرضون على النار لا أنها هي التي تعرض عليهم! وغير ذلك من الصفات التي تشير إلى كونها تعقل, وهنا يضيف الله تعالى لها وصفا جديدا وهي أنها تكشف ما في قلوب المعذبين فيها, فينال كل منهم ما يستحق حسب ما أضمر في فؤاده!
 
ثم يوضح الله عزوجل مقدار الضيق والعذاب الذي يكون فيه هؤلاء فيقول: "إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة" أي أن هذه النار مؤصدة عليهم فليس هناك مخرج لهم منها, وإنما يعانون ويقاسون حرها, ثم تختم السورة بآية سببت للمفسرين كثيرا من الحيرة وهي قوله تعالى : " في عمد ممددة", والعمد معروفة وهي جمع عمود وهو كما جاء في المقاييس:
"العين والميم والدال أصلٌ كبير، فروعه كثيرة ترجع إلى معنىً، وهو الاستقامة في الشيء، منتصباً أو ممتدّاً، وكذلك في الرّأي وإرادةِ الشيء.من ذلك عَمَدْتُ فلاناً وأنا أعْمِدُه عَمْداً، إذا قَصدتَ إليه.
والعَمْد نقيض الخطأ في القتل وغيره، وإنّما سمي ذلك عمداً لاستواءِ إرادتك إيَّاه. قال الخليل: والعَمْد: أنْ تعمِد الشّيءَ بِعمادٍ يُمسكه ويَعتمِد عليه. قال ابن دُريد: عَمَدْت الشّيء: أسندتُه.
والشَّيء الذي يسند إليه عِماد، وجمع العِماد عُمُد. ...... فأمّا قوله تعالى: في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [الهمزة 9]، أي في شِبْه أخبيةٍ من نار ممدودة." اهـ
ولقد احتار المفسرون في كيفية كون الأعمدة ممددة؟
فقال الإمام الفخر الرازي عند تناوله لهذه الآية:
"المسألة الثانية : العمود كل مستطيل من خشب أو حديد ، وهو أصل للبناء ، يقال : عمود البيت للذي يقوم به البيت .
المسألة الثالثة : في تفسير الآية وجهان الأول : أنها عمد أغلقت بها تلك الأبواب كنحو ما تغلق به الدروب ، وفي بمعنى الباء أي أنها عليهم مؤصدة بعمد مدت عليها ، ولم يقل : بعمد لأنها لكثرتها صارت كأن الباب فيها والقول الثاني : أن يكون المعنى : إنها عليهم مؤصدة حال كونهم موثقين : فى عمد ممدة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص" اهـ

والذي نراه أن المراد من كون الأعمدة ممددة مدلولان: أولهما هو أن هذه الأعمدة ممدودة أي أنها غير منصوبة, فمن الشائع أن يكون العمود منصوبا وعليه يستند شيء, أما هذه الأعمدة فممدودة.
وأما المدلول الثاني والمأخوذ من التضعيف في الكلمة فهو أن هذه الأعمدة تتمدد, فهذه الأعمدة لتعرضها للنار الشديدة تتمدد بفعل الحرارة. وبهذا يظهر أمامنا شكل آخر لتأثير النار فيما هو فيها, فهذه الأعمدة تتمدد ومن فيها ييبسون حتى يتفتتون! وبهذه الآية يمكننا أن نفهم شكل العذاب الرهيب الذي سيكون فيه هؤلاء الهمزة اللممزة, فهم محبوسون أو محاطون بالنار داخل عمد ممددة, تتمدد بفعل النار, والنار المؤصدة مؤصدة بالعمد فلا مخرج لها فتنصب عليهم وتتركز فلا تنفيس وإنما إيقاد حتى التفتت, وإذا كانت الأعمدة تتمدد بفعل النار فما بالنا بمن داخلها!
وقانا الله وإياكم شر هذه النار وعصمنا من أن نكون من أهلها!


وقبل أن نختم هذه السورة لا بد أن نذكر العلاقة بينها وبين السورة التالية لها وهي سورة الفيل: سورة الفيل هي تأكيد واقعي من القرآن على الغيبيات التي ذكرها في سورة الهمزة, فمن عادة القرآن أنه إذا ذكر غيبا أن يذكر نموذجا مبسطا مصغرا له في الدنيا, يُعرف القارئ أنه قد رأى وعرف عينة منه في الدنيا فما باله بما في الآخرة!
والحق يقال أني كنت أقرأ سورة الفيل فأجدها تبدأ بقوله تعالى "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل" فأسأل نفسي: هذا السؤال مرتبط بأمر ما؟ السورة كلها مرتبطة بأمر يريد الله عزوجل أن يقدمه للإنسان, فما هو هذا الأمر؟
فلما نظرت في سورة الهمزة ظهر لنا العلاقة بين السورتين, فالله تعالى ذكر الحطم الذي سيتعرض له الهمزة اللمزة ولما كان حطم النار غريبا على الأذن, قال الله تعالى للرسول ولكل إنسان: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل .... فجعلهم كعصف مأكول! فقدم بذلك المثال من الدنيا على الحطم, فهؤلاء أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل, فجعلتهم هذه الحجارة الملتهبة المنصبة المتتابعة كعصف مأكول, والعصف معروف وهو ما تعصفه الريح سواء كان تبنا أو بواقي أوراق الشجر, المهم أنه فتات صغير تذروه الرياح, وهنا خص الله تعالى من العصف المأكول, أي أنه صيرهم إلى فتات صغير وهذا التصيير هو بداهة نوع من الحطم! فإذا كانت حجارة السجيل قد فعلت هذا في أصحاب الفيل, ألا تفعل النار الكبرى أشد من هذا في من فيها؟

وقانا الله وإياكم حرها وشرها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
 
عودة
أعلى