صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (15)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "إبراهيم": (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ)
معنى (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ) أي: جعلوا أيديهم على أفواههم.
القول الأقرب أن المعنى أنهم وضعوا أيديهم على أفواههم ضحكاً واستهزاء.
أو تعجباً من قول الرسل.
أو لأجل أن يصوتوا ويصرخوا بالكفر وتكذيب الرسل.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) على أقوال كثيرة جداً بعضها بعيد وبعضها بعيد جداً, وأقربها أربعة أقوال, وقوتها على حسب ترتيبها:
القول الأول: أنهم وضعوا أيديهم على أفواههم ضحكاً واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه. (ذكره الزمخشري*, والرازي*) (وقواه ابن عاشور* واقتصر عليه)
أو وضعوها على أفواههم تعجباً (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
قال ابن عاشور: "فالكلام تمثيل للحالة المعتادة وليس المراد حقيقته، لأن وقوعه خبراً عن الأمم مع اختلاف عوائدهم وإشاراتهم واختلاف الأفراد في حركاتهم قرينة على أنه ما أريد به إلا بيان عربي".
القول الثاني: أن المراد أنهم ردوا أيدهم في أفواههم يصوتون ويجهرون بالتكذيب ويستهزئون بصوت مرتفع. (ذكره الماتريدي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
قال الماتريدي: "يصوتون ويستهزئون بهم وبأتباعهم".
وقال صاحب الضلال: "أن المراد ردوا أيديهم في أفواههم كما يفعل من يريد تمويج الصوت ليسمع عن بعد، بتحريك كفه أمام فمه وهو يرفع صوته ذهاباً وإياباً فيتموج الصوت ويسمع.
يرسم السياق هذه الحركة التي تدل على جهرهم بالتكذيب والشك، وإفحاشهم في هذا الجهر، وإتيانهم بهذه الحركة الغليظة التي لا أدب فيها ولا ذوق، إمعاناً منهم في الجهر بالكفر".
القول الثالث: أن المراد أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم: (إنا كفرنا بما أرسلتم به) أي: هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، إقناطاً لهم من التصديق, ولهذا قال: (فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به) (قواه الزمخشري*, وابن كثير) (وضعفه الشنقيطي) (وذكره الرازي*)
القول الرابع: أن المراد أنهم عضوا أيديهم غيظاً وحنقاً وضجراً مما جاءت به الرسل، كقوله: (عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والرازي*, والشنقيطي*)
أما بقية الأقوال فهي بعيدة كما أشرت.
(كالقول) بأن المراد وضعوها على أفواههم (أفواه أنفسهم) يسكتون الأنبياء.
(أو) وضعوا أيديهم على أفواه الأنبياء يسكتونهم.
(أو) أخذوا أيدي الرسل فجعلوها على أفواه الرسل.
(أو) المراد سكوتهم عن جواب الرسل.
(أو) المراد بالأيدي النعم التي جاء بها الأنبياء من الوحي والوعظ فلم يقبلوها فردوها في أفواههم أي: رجعوها إلى حيث جاءت.
(أو) المراد أنهم عرضوا نعم الله للإزالة فردوها بأفواههم أي: بالكلمات التي صدرت عن أفواههم.
(أو) المراد بالأيدي المدافعة لأن الأيدي هي موضع المدافعة, والمعنى: ردوا جميع مدافعتهم في أفواههم أي بأقوالهم, فلم يجدوا ما يدفعون به كلام الرسل سوى التكذيب.
(أو) المراد أن الرسل لما أيسوا منهم سكتوا ووضعوا أيدي أنفسهم على أفواه أنفسهم فلم يعودوا إلى كلامهم.
(أو) أنهم أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل استهزاء وتكذيباً لهم.
(أو) كذبوا الرسل وردوا ما جاؤوا به، يقال: رددت قول فلان في فيه أي كذبته.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "إبراهيم": (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ)
معنى (فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ) أي: جعلوا أيديهم على أفواههم.
القول الأقرب أن المعنى أنهم وضعوا أيديهم على أفواههم ضحكاً واستهزاء.
أو تعجباً من قول الرسل.
أو لأجل أن يصوتوا ويصرخوا بالكفر وتكذيب الرسل.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (فردوا أيديهم في أفواههم) على أقوال كثيرة جداً بعضها بعيد وبعضها بعيد جداً, وأقربها أربعة أقوال, وقوتها على حسب ترتيبها:
القول الأول: أنهم وضعوا أيديهم على أفواههم ضحكاً واستهزاء كمن غلبه الضحك فوضع يده على فيه. (ذكره الزمخشري*, والرازي*) (وقواه ابن عاشور* واقتصر عليه)
أو وضعوها على أفواههم تعجباً (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
قال ابن عاشور: "فالكلام تمثيل للحالة المعتادة وليس المراد حقيقته، لأن وقوعه خبراً عن الأمم مع اختلاف عوائدهم وإشاراتهم واختلاف الأفراد في حركاتهم قرينة على أنه ما أريد به إلا بيان عربي".
القول الثاني: أن المراد أنهم ردوا أيدهم في أفواههم يصوتون ويجهرون بالتكذيب ويستهزئون بصوت مرتفع. (ذكره الماتريدي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
قال الماتريدي: "يصوتون ويستهزئون بهم وبأتباعهم".
وقال صاحب الضلال: "أن المراد ردوا أيديهم في أفواههم كما يفعل من يريد تمويج الصوت ليسمع عن بعد، بتحريك كفه أمام فمه وهو يرفع صوته ذهاباً وإياباً فيتموج الصوت ويسمع.
يرسم السياق هذه الحركة التي تدل على جهرهم بالتكذيب والشك، وإفحاشهم في هذا الجهر، وإتيانهم بهذه الحركة الغليظة التي لا أدب فيها ولا ذوق، إمعاناً منهم في الجهر بالكفر".
القول الثالث: أن المراد أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم: (إنا كفرنا بما أرسلتم به) أي: هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، إقناطاً لهم من التصديق, ولهذا قال: (فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به) (قواه الزمخشري*, وابن كثير) (وضعفه الشنقيطي) (وذكره الرازي*)
القول الرابع: أن المراد أنهم عضوا أيديهم غيظاً وحنقاً وضجراً مما جاءت به الرسل، كقوله: (عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والرازي*, والشنقيطي*)
أما بقية الأقوال فهي بعيدة كما أشرت.
(كالقول) بأن المراد وضعوها على أفواههم (أفواه أنفسهم) يسكتون الأنبياء.
(أو) وضعوا أيديهم على أفواه الأنبياء يسكتونهم.
(أو) أخذوا أيدي الرسل فجعلوها على أفواه الرسل.
(أو) المراد سكوتهم عن جواب الرسل.
(أو) المراد بالأيدي النعم التي جاء بها الأنبياء من الوحي والوعظ فلم يقبلوها فردوها في أفواههم أي: رجعوها إلى حيث جاءت.
(أو) المراد أنهم عرضوا نعم الله للإزالة فردوها بأفواههم أي: بالكلمات التي صدرت عن أفواههم.
(أو) المراد بالأيدي المدافعة لأن الأيدي هي موضع المدافعة, والمعنى: ردوا جميع مدافعتهم في أفواههم أي بأقوالهم, فلم يجدوا ما يدفعون به كلام الرسل سوى التكذيب.
(أو) المراد أن الرسل لما أيسوا منهم سكتوا ووضعوا أيدي أنفسهم على أفواه أنفسهم فلم يعودوا إلى كلامهم.
(أو) أنهم أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل استهزاء وتكذيباً لهم.
(أو) كذبوا الرسل وردوا ما جاؤوا به، يقال: رددت قول فلان في فيه أي كذبته.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/