الموضوعية عند المستشرقين

إنضم
06/01/2013
المشاركات
90
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الرياض
بسم1

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، أما بعد:

فإن من أهم شروط البحث العلمي موضوعية الباحث ويقصد بها جانبان مهمان؛ هما: التمكن من مادة البحث، و ترك الانحياز إلى نتائج مسبقة او التعصب لأقوال معينة . و يمكن القول أن هذا هو العدل الذي أمر الله به مع الموافق و المخالف كما قال تعالى: (ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) (المائدة:8).
ويحتفي المستشرقون حفاوةً كبيرة بمصطلح الموضوعية و يعدونه العمود الأساس لكل بحث علمي، و يدعون أن أبحاثهم في الطبقة العليا من الموضوعية بخلاف من سبقهم من علماء المسلمين الذين ينظرون لتراثهم و خصوصا الكتاب و السنة بعين التقديس و بالتالي لا يبحثون فيها و عنها بموضوعية حسب زعم بعض المستشرقين.
و هذه الورقة تناقش مدى التزام المستشرقين بالموضوعية و صحة ادعاءهم إياها، و الله الموفق.


ماهي الموضوعية؟
الموضوعية هي الترجمة العربية لكلمة Objectivity ، و هي : "معيار أساسي من معايير البحث، يقوم على الصِّدق والعلم والأمانة، والبُعد عن الأهواء الشخصية"[SUP]([1]) [/SUP]، و بالتالي فركنا الموضوعية اثنان : أولهما العلم و هي فرع عن سعة اطلاع الباحث على الموضوع المراد بحثه و استحضاره للأقوال المختلفة فيه و تمييز صحيحها من خاطئها من المشوب بالخطأ و الصواب و استيعاب احتمالات صحة النقل و القدرة على تحليل تلك النقول و الاستنباط منها. و إحاطته كذلك بأسرار اللغة التي يكتب عنها أو بها، و إحاطته بأسرار الثقافة التي يكتب عنها أو فيها[SUP]([2])[/SUP]. و ثانيها الصدق والأمانة و البعد عن الأهواء الشخصية و هي أمانة الباحث في نقل ما توصل إليه من نتائج بغض النظر عن أي مؤثرات أخرى كهواه و مصلحته و رضا أحد عنه أو غضبه عليه أو تأثير ما يسمى بالرأي العام، و صدقه في نقل الأقوال التي تؤيده و تعارضه على حد سواء.
وهذا الركنان ذكرها الله عزوجل على لسان ابنة الرجل الصالح واصفة موسى عليه السلام فقالت: (إن خير من استأجرت القوي الأمين) (القصص:26)، وهما كذلك عكس الصفتين اللتين أخبر الله عزوجل أنها منبع الخطأ في بني آدم فقال عزوجل: (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) (الأحزاب:72)، فالظلم ضد للعدل و الأمانة و الصدق، و الجهل ضد للعلم.


من هم المستشرقون؟
الاستشراق مصطلح شاع في القرن التاسع عشر يعرفه ادوارد سعيد بأنه : "أسلوب في التفكير مبني على تميّز متعلق بوجود المعرفة بين الشرق معظم الوقت وبين الغرب ، أو هو : نوع من الإسقاط الغربي على الشرق وإرادة حكم الغرب للشرق"[3].
وللاستشراق مفهومان : عام وهو الذي يعنى فيه الاستشراق بدراسة علوم العالم الشرقي كله الإسلامي و غيره، و المفهوم الثاني خاص وهو الذي يتناول الدراسة الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي، بحيث يكون المستشرق هو من: يدرس الشرق الإسلامي. وهذا هو المعنى الغالب في إطلاق وصف: استشراق و مستشرق في عالمنا العربي و الاسلامي[4].
و يرى الشيخ محمود شاكر أن الاستشراق بدأ متقدما حين بدأت أوروبا ترسل أبناءها ليتعلموا علوم المسلمين التي هي الحضارة القائمة آنذاك، بقصد التغلب العسكري و الاستيلاء على أراضي المسلمين و ثرواتهم و إعادتهم إلى النصرانية ثانية و بهذا يكون الاستشراق و الاستعمار و التبشير نشأت مرتبطة ببعضها البعض، وهم بذلك يجعلون الإسلام عدوهم الأكبر الذي يستخدمون معه كل الأساليب الهمجية التي اعتادوا عليها في القرون الوسطى من الغدر و الكذب و الحقد و الجشع و سفك الدماء وصارت طابعا لهم و عمودا لأخلاقهم. أما عمود الصورة التي رسمها المستشرقون عن الإسلام فيقوم على: أن المسلمين بدو جهلة جياع!، لغتهم ملفقة من اللغات المجاورة لهم! ،قام بينهم رجل يدعي النبوة –وحاشاه صلى الله عليه و سلم- لفق لهم دينا من اليهودية و النصرانية! ، و عاثوا في الأرض فسادا بسيوفهم!، و كونوا حضارة ملفقة من حضارات الامم حولهم كاليونان و الفرس و الهنود!، وكان غير العرب هم أكثر علماء هذه الحضارة! ، و أن العنوان الأبرز للفترة الزمنية التي ساد فيها هؤلاء هو القرون المظلمة ! و يخلص الشيخ شاكر أن كتب المستشرقين كتبت للقارئ الأوروبي لهدف معين و بأسلوب معين في زمان معين و لم يكن هدفهم في الجملة خدمة الحق بل خدمة الاستعمار و التبشير و تذليل طريقهما . [5]
و لا ينكر أن بعض المستشرقين كانوا باحثين عن الحق مذعنين له مهما كانت نتائجه.

ما مدى التزام المستشرقين بالموضوعية؟
في القرن التاسع عشر الميلادي و الذي احتلت فيه الدول الغربية كثيرا من بلاد المسلمين ، تسارعت محاولة اكتشاف هذه الثقافة الغريبة عليهم و تراثها الضخم جدا و علومها المتنوعة. و جاب المستشرقون البلاد الإسلامية لدراسة كل ما يتصل بهذا التراث مستعينين في ذلك بالسلطات السياسية التي تستفيد من أعمالهم البحثية في سبيل تركيع هذه الشعوب لهم و امتصاص ثرواتها و قدراتها. و خرجت أبحاث المستشرقين دراسة لعلوم الإسلام و تحقيقا لمخطوطاتهم، مستفيدين في ذلك من علوم شتى صاعدة كعلم الفيلولوجيا و الأنثربولوجيا و غيرها.
و سبق ذكر أن ركني الموضوعية هما العلم و الاستيعاب لكل ما يتعلق بالبحث و القدرة على تحليل ذلك، و الصدق و الأمانة في وصف مادة البحث و نتائجه، فإن المستشرقين قد أخلوا بهذين الركنين خللا كبيرا، يتبين ذلك مما يلي:
الأول: جانب العلم و القدرة، و معلوم أن اللغة هي عمود ذلك ، ولا يمكن لباحث في علوم المسلمين أن يكون بحثه موضوعيا محيطا بمادة بحثه دون أن يكون محيطا باللغة خفيها و ظاهرها و أسرارها ، وهو مالا نجده عند المستشرقين الذين بالكاد يستطيع أحدهم أن يتعلم اللغة و ينطقها نطقا صحيحا ! فضلا أن يتقنها و يكشف أسرارها ! فضلا أن يغوص في بحار العلوم المكتوبة بها !
و من أمثلة ذلك: ما ترجم به أحد المستشرقين قوله تعالى: ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) (الإسراء: 13 ) ، فزعم أن القرآن يقول إن الكافر يأتي وفي رقبته حمامة يوم القيامة. [6]
وفي قوله تعالى: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) (هود: 69 و 70). مع أن من الواضح عودة الضمير في جملة " لا تَصِلُ إِلَيْهِ " إلى العجل، إلا أن المستشرق سافاري ظن أن الضمير يعود إلى إبراهيم ، فتخيل المشهد بأن إبراهيم مد يده ليصافح الضيوف، ولكنهم حين لم يمدوا أيديهم ليصافحوهُ علِمَ أنهم غرباء فأوجس خيفة منهم. [7]
وهذا الخطأ منشأه من جهل المستشرق بعادات العرب، قال قتادة: " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه [أي: الطعام] نكَرَهم وأوجس منهم خيفة، وكانت العرب إذا نزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم، ظنوا أنه لم يجئ بخير، وأنه يحدِّث نفسه بشرٍّ ".[8]
و من أمثلته كذلك ترجمة قوله تعالى: ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) (البقرة: 138)، ترجمها جاك بيرك فكان معنى ترجمته: " صباغة (تلوين) من الله، لكن من ذا الذي يمكنه أن يصبغ (يلوِّن) أفضل من الله، عندما نعبده؟ ". [9] و المعنى الصحيح لصبغة الله هي دين الله كما ذكره ابن جرير رحمه الله. [10]

الجانب الثاني : الأمانة و الصدق ، وقد وقع المستشرقون في مغالطات كبيرة سببها ضعف الأمانة و قلة الصدق و الحقد الكبير الذي في نفوسهم على الإسلام، منها ما زعمه جولدزيهر و غيره من المستشرقين، بأن ألوف الأحاديث النبوية من صنع علماء الإسلام في الطبقات التالية لعصر الصحابة و التشكيك في أئمة الحديث من علماء القرون المفضلة، و أدنى قارئ لعلوم الحديث يجد الجهد الكبير و الدقة العالية و الأمانة الكبيرة التي لم توجد لدى أمة من الإمم في علم الجرح و التعديل الذي عليه مدار تنقية الحاديث، لكن جولدزيهر و غيره يرنو بطريقة ماكرة إلى إقصاء السنة من التشريع الإسلامي.
يقول جولدزيهر أيضا مشككا في أمانة علماء الإسلام بعد ان شكك في علمهم :" إذا أرادت أن تعمم رأياً، أو تسكت هؤلاء الأتقياء، تذرعت أيضاً ، بالحديث الموافق لوجهات نظرها، فكانت تعمل ما يعمله خصومها، فتضع الحديث أو تدعو إلى وضعه"[11]. و يقول شارحا ذلك: " إن عبدالملك بن مروان منع الناس من الحج أيام فتنة ابن الزبير، وبنى قبة الصخرة في المسجد الأقصى ليحج الناس إليها ويطوفوا حولها بدلاً من الكعبة، ثم أراد أن يحمل الناس على الحج إليها بعقيدة دينية، فوجد الزهري وهو ذائع الصيت في الأمة الإسلامية مستعدًا لأن يضع له أحاديث في ذلك، فوضع أحاديث، منها حديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" ومنها حديث: "الصلاة في المسجد الأقصى تعدل ألف صلاة فيما سواه" وأمثال هذين الحديثين، والدليل على أن الزهري هو واضع هذه الأحاديث، أنه كان صديقًا لعبدالملك وكان يتردد عليه وأن الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزهري فقط"[SUP][SUP][12][/SUP][/SUP].
والزهري لم يلتق بعبدالملك بن مروان في عهد ابن الزبير، وإنما كان أول لقاء بينهما بعد مقتل ابن الزبير، والسنة التي ولد فيها الزهري كانت إحدى وخمسين أو ثمانية وخمسين، وكان مقتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين، فيكون عمر الزهري اثنين وعشرين عامًا أو خمسة عشر عامًا، وغير معقول أن يشتهر الزهري في هذه السن المبكرة ثم تتلقى عنه الأمة بالقبول حديثاً موضوعاً يدعوها فيه للحج إلى قبة الصخرة بدلاً عن المدينة. بل النصوص التاريخية القاطعة أن الزهري وفد إلى عبدالملك أول مرة سنة ثمانين أو ثنتين وثمانين، بعد مقتل ابن الزبير بعدة سنوات.أما كلام جولدزيهر أن حديث "لا تشد الرحال" لم يروه غير الزهري فهذا باطل لا أصل له، فقد رواه غير الزهري ثمانية عشر راوٍ غيره، فبأي منطق أن يُنسب وضع هذا الحديث للزهري وحدة؟[13].
و يرى أستاذ الفلسفة الشهير الدكتور عبدالرحمن بدوي أن دراسة لوودفيجومراش ( 1700 م ) بعنوان عالم النص القرآني، هي نقطة الانطلاق للدراسات الأوربية عن القرآن من بعده رغم أنها مليئة بالأخطاء اللامعقولة، و تكررت هذه الأخطاء في كتب المستشرقين من بعده رغم توفر المخطوطات و تطور المناهج العلمية و أدوات فهم اللغات، و يعزو بدوي ذلك إلى الحقد الشديد الذي يكنه المستشرقون للإسلام.
وقد كتب الدكتور بدوي وهو مؤلف موسوعة المستشرقين و الخبير بهم، و هو خريج الحضارة الغربية و كان منقطعا عن حضارته الإسلامية إلا في آخر سنواته، كتب خمس ملاحظات عامة على منهج المستشرقين كفيلة بأن تبصر القارئ بمدى الموضوعية في منهج المستشرقين، هي:
1- ضعف المستشرقين في اللغة العربية من الناحية الأدبية و الفنية.
2- ضعف رجوعهم للمصادر العربية الأصلية مع أن فيها معلومات تغنيهم عن طرح فرضياتهم الخطيرة و الخاطئة.
3- الحقد الشديد على الإسلام عند بعض المستشرقين مما يفقدهم الموضوعية.
4- ذهب بعض السطحيين منهم إلى الجزم بأن القرآن انتحال و سرقة معتمدين على تشابه موهوم.
5- كان لبعض المستشرقين دوافع أخرى كالتبشير و التعصب المتحفز. [14]

أما الشيخ إبراهيم السكران فيرى أن نقطة النهاية لأبحاث المستشرقين و من قلدهم من العرب و المسلمين تصل إلى أمرين: إما رد العلوم الإسلامية إلى حضارات سابقة على الإسلام كاليونانية و الفارسية و الكتابية و الهيلينية و غيرها، و اعتبارها وافدة على الإسلام، أو ردها إلى حصيلة الصراع السياسي المصلحي لا النظر الموضوعي، وهما ما يمكن أن يسميا تقنية التوفيد و تقنية التسييس. [15] وهذا يعطي دلالة واضحة أن بعض المستشرقين قد وضعوا النتيجة مسبقا و سعوا في بحثهم لإثبات هذه النتيجة متلمسين كل دليل موهم او ساقط، و حسبك بهذا خللا في الموضوعية.

و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه اجمعين.



([1])الموضوعية في العلوم التربوية، عبدالرحمن بن صالح عبدالله، ، ص6 ،دار المنارة، جدة، ط(1)، 1407. نقلا عن: الموضوعية، استبدال مصطلح، وإصلاح مفهوم، د. بليل عبدالكريم،شوهد في 28 محرم 1436، الموضوعية: استبدال مصطلح، وإصلاح مفهوم

([2])انظر: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، محمود محمد شاكر، ص 65 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1، 1997 .

[3] الاستشراق، ادوارد سعيد،ص23

[4] انظر: الاستشراق و الخلفية الفكرية للصراع الحضاري، محمود حمدي زقزوق، دار المعارف، ص 18

[5] انظر: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، محمود شاكر، ص 48 وما بعدها.

[6] اللغة الشاعرة، عباس العقاد، ص 75. نقلا عن و لتستبين سبيل المجرمين، عبدالرحيم الشريف ، http://vb.tafsir.net/tafsir31995/#.VF8WIvnLeFE

[7] انظر: المستشرقون والقرآن، د. إبراهيم عوض، ص19. نقلا عن و لتستبين سبيل المجرمين، عبدالرحيم الشريف ، http://vb.tafsir.net/tafsir31995/#.VF8WIvnLeFE

[8] جامع البيان في تاويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، 7/ 92.

[9] مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم، د. عبدالراضي بن محمد عبدالمحسن، ص17، نقلا عن و لتستبين سبيل المجرمين، عبدالرحيم الشريف ، http://vb.tafsir.net/tafsir31995/#.VF8WIvnLeFE

[10] جامع البيان في تاويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، 3/ 117.

[11] المستشرقون و مصادر التشريع الإسلامي، عجيل جاسم النشمي، ص 95-96

[12] المرجع السابق، ص216.

[13] انظر: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، محمد مصطفى الأعظمي،2/459-460 ، و السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي ، ص 243 -246.

[14] انظر: دفاع عن القرآن ضد منتقديه، عبدالرحمن بدوي، ترجمة كمال جاد الله، الدار العالمية للكتب و النشر،ص 5.

[15] انظر: التأويل الحداثي للتراث، التقنيات و الاستمدادت، إبراهيم السكران، دار الحضارة، 1435 ، ص 35.
 
الموضوعية عند المستشرقين

أهلا وسهلا ،
لقد سبق لى أن انتبهت السيد نادر بن عبد العزيز بعد اتصاله بي على الخاص أنّ هناك حواجز لغوية لا بد من تجاوزها عند دراسة تحليلة حول أعمال المستشرقين في الفترة ما بعد عام ١٩٥٥ تقريبا (أو قبلها طبعا) . عند إعداد الماجستير لم يخرج كاتب هذه المداخلة ، حسب ما قدّمه إلينا أعلاه ، ممّا هو معلوم ومتكرر على لسان الكثيرين منذ عقود . كانت من نصيحتي أن يعتمد السيد نادر بن عبد العزيز على إرشاد مشرفه على الماجستير .
لي تعليق بسيط فقط :
يذكر الكاتب ما يلي :
" إن عبدالملك بن مروان منع الناس من الحج أيام فتنة ابن الزبير، وبنى قبة الصخرة في المسجد الأقصى ليحج الناس إليها ويطوفوا حولها بدلاً من الكعبة، ثم أراد أن يحمل الناس على الحج إليها بعقيدة دينية، فوجد الزهري وهو ذائع الصيت في الأمة الإسلامية مستعدًا لأن يضع له أحاديث في ذلك، فوضع أحاديث، منها حديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى"
ويضيف هذه الفقرة إلى جولدزيهر نفسه ! أما الكلام : وبنى قبة الصخرة في المسجد الأقصى ، فلا معنى له ولا يحتاج هنا إلى تفسير ما . و طبعا لم يأت جولدزيهر بمثل هذا الكلام . ربما اعتمد السيد نادر على ما جاء في كتاب عجيل جاسم النشمي المشار إليه في هذا الموضع . وهنا تظهر المشكلة برمّتها : عدم القدرة على أخذ نصوص الأصل ، بل يبقى تكرير كلام "من قال من قال" ...

وأيضا هذا الكلام : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى" ومنها حديث: "الصلاة في المسجد الأقصى تعدل ألف صلاة فيما سواه" وأمثال هذين الحديثين، والدليل على أن الزهري هو واضع هذه الأحاديث، أنه كان صديقًا لعبدالملك وكان يتردد عليه وأن الأحاديث التي وردت في فضائل بيت المقدس مروية من طريق الزهري فقط"
لم ينبثق هذا من قلم هذا المستشرق من قريب أو بعيد ، بل يعود إلى نفس المصدر . وهذا الأخير ربما يذكر د. محمد مصطفى عزمي الذي تناول هذه القضية على هذا الطريق. أما جولدزيهر فهو يتركز على الزهرى وروايته للحديث المذكور حسب ما جاء عند يعقوبي (لا ذكر له هنا إطلاقا!) ، مع ذكر روايات أخرى ( بالعلم أن حصول على جميع الروايات كان محددا أكثر في أواخر القرن التاسع عشر مما نحن عليه اليوم ).
نرى قلة معرفة المصادر المتعلقة بعمر ابن شهاب الزهري ولقائه بعبد الملك بن مروان بدمشق ـ وهنا أيضا نعثر على آثار د. عزمي من طريق غير مباشر . (أنظر عزمي Studies in Early Hadith , ص ٢٩٠-٢٩١ !) . حول عمر ابن شهاب دراسات وفقا للمصادر الاسلامية مثل تأريخ الإسلام للذهبي ، التمهيد لابن عبد البر ، المقفى للمقرزي وكتب علم الرجال عامة ...
وروى أبو زرعة حول وصول ابن شهاب إلى دمشق كما يلي :
وكان مقدم ابن شهاب دمشق زمن المصعب (بن الزبير) وعبد الملك يومئذ مشغول بشأنه .
ومن هنا روى ابن شهاب الحديث عن سعيد بن المسيب " لا تشدوا الرحال..." بين ٧١ و ٧٢ هـ . وهذ ا يتزامن مع بناء قبة الصخرة بالقدس . قد يجد كاتب هذه المداخلة تسليةً عند قراءة الدراسة حول هذه القضايا المتعلقة بابن شهاب الزهري في المجلة :
Journal of Semitic Studies , London ج ٤١ / السنة ١٩٩٦ .
وقد يكون هذا الأفضل للجميع بدلا من وضعه كلاما على لسان هذا أو ذاك لم يقل فيه . وذلك من طريق "وسيط" ولا اعتمادا على الأصول لا الإسلامية ولا الأصلية الأوروبية .
 
و فيك بارك أخي محمد الأشرف و شكرا لاطلاعك.



أهلا و سهلا،
مداخلة الأستاذ موراني 3 أجزاء، الأول: يفيد أني راسلته على الخاص و أعطاني نصيحتين مهمتين ، لولا أهميتهما لم يصدر بهما مداخلته، وسأعلق على هذا الجزء في النهاية .


الجزء الثاني : التعليق على مقطعين من كلام جولدزيهر بأنه لم يقل هذا.
وكلام جولدتسيهر المنقول يتضمن 5 أمور:
1- أن عبدالملك رحمه الله منع الناس من الحج أيام ابن الزبير رضي الله عنه.
2- أنه بنى قبة الصخرة في "المسجد الأقصى".
3- أن الزهري رحمه الله وضع الأحاديث لترغيب الناس في الأقصى .
4- أنه وضعها استجابة لرغبة عبدالملك رحمهم الله لأنه كان صديقا له و يتردد عليه.
5- أن جميع الأحاديث المروية في فضائل بيت المقدس مروية عن طريق الزهري فقط رحمه الله.

و تعليقي:

أولا: بإمكان الأستاذ موراني أن يحذف جميع الأمثلة الأربعة من هذا المقال الوصفي؛ لأنه لم يقم عليها، بل قام على خلاصة دراسات لثلاثة ممن اطلعوا على أعمال المستشرقين جملة ( و ليس جولدزيهر) و حكموا عليها وهم: عبدالرحمن بدوي صاحب موسوعة المستشرقين، و محمود شاكر رحمها الله، و إبراهيم السكران. و بالتالي فالأمثلة ليست للاستدلال في هذا المقال "الوصفي" بل هي للتمثيل.

ثانيا: لا أعلم هل ينفي الأستاذ موراني نسبة هذه الدعاوى الخمس لجولدزيهر، و يطلب إثباتها من كتبه؟ أم ينفي بعضها ؟ أم ينفي أن تكون هذه حروف كلام جولدزيهر؟
علما أن هذا النص بحروفه عزاه الدكتور مصطفى السباعي إلى محاضرات أستاذه علي حسن عبدالقادر رحمهم الله. وذكر شيئا منها الأستاذ محمد مصطفى الأعظمي (وليس عزمي) و أحال إلى كتاب جولدزيهر و نقل كلامه و نقوله عن اليعقوبي عند مناقشته هذه القضية.

ثالثا: أعتقد ان مناقشة آراء جولدزيهر نفسه لا تبدأ من هنا، فهو يرى أن كثيرا من علماء المسلمين وضعوا الحديث، بل أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كأنس بن مالك قاموا بذلك، وحتى لا يغضب الأستاذ موراني هذا نص كلام جولدزيهر من كتابه العقيدة و الشريعة في الإسلام بالصورة:
attachment.php


بل هو أبعد من ذلك، إذ يعتقد جولدزيهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع القرآن و السنة و لفق دينا من معارف و آراء دينية استقاها من اليهود و النصارى، ثم زعم أنها وحي من عند الله (حاشاه صلى الله عليه وسلم) و أردف ذلك بكلمة (ذات معنى !!) عن الأمراض التي تصيب هذا النوع من البشر!!، و لن أعلق على هذه الحماقات العلمية المتعصبة، بل أترك للأستاذ موراني تقييم موضوعية كلام جولدزيهر إن كان عائقه أن ننقل من المصدر الأصلي مباشرة:

attachment.php
attachment.php


و بالتالي فمناقشة جولدزيهر في إمامة الزهري رحمه اللهو عدالته و صحة ما حدث عبث، إذا كان يرى أن الصحابة أنفسهم يضعون الأحاديث، و إن صدق الصحابة رضي الله عنهم فالأحاديث كله موضوعة و ملفقة من اليهود و النصارى و غيرهم ، بل و القرآن كذلك!!

الجزء الثالث :
كلام يوحي بميل الأستاذ لرأي جولدزيهر بأن الزهري قد وضع الحاديث طبقا لرغبة عبدالملك بمن مروان رحمهم الله، و أرجوا أن يصحح الأستاذ هذا.
و كلام الأستاذ موراني هنا لا يمكن مناقشته لأنه أشبه بالخواطر المتناثرة غير الواضحة، وأرغب لو يرفق لنا نص الدراسة حول هذه القضايا المتعلقة في المجلة :
Journal of Semitic Studies , London ج ٤١ / السنة ١٩٩٦ .
و ختم موراني المداخلة بضرورة الاعتماد على المصادر الأصلية، و أوافقه على هذا.

أما تعليقي على الجزء الأول من مداخلة موراني، فأنا أستغرب كتابته في صدر مداخلته مع أنه ليس له علاقة مباشره بالموضوع و كأنه نشاز ألصق لسبب ما ، في المقابل هل يحق لي ان أشير إلى قصة هشام الصيني و موطأ ابن وهب رحمه الله، فهي الأقرب لموضوعنا من حيث الأمانة العلمية .
وهل يحق لي كذلك أن انقل كلام الأستاذ موراني نفسه: (هنا أخاطبكم جَميعاً : مَنْ يبحث عن هذا الكرمِ وهذا الوفاءِ في المجتمع الغربي فإنه يبحث عنه بلا جدوى!)، و التعجب من الأستاذ موراني لا مني.
 
الموضوعية عند المستشرقين

السيد نادر بن عبد العزيز ،
كما قد يتبين من خلال مشاركتي الأخيرة تعليقا على بعض النقط في عرضكم للموضوع ، لم أكن أنوي التوسيع فيها كما لا أرى بأسا أن أشير إلى رسالتي الخاصة إليك حيث أنها مرتبط بما عرضْتَ على قراء هذا الرابط ، وهو ، كما أرى ، يعتبر جزءً للماجستير .
من النقط الخمسة أعلاه لم يقل جولدزيهر إلا النقطة الأولى بناء على ما ورد عند يعقوبي. أشار إلى أنّ الحديث مروي برواية الزهري حسب المصادر المتفرة في عصره .
على كل حال: الجملة : بنى قبة الصخرة في "المسجد الأقصى". لا معنى لها !! ربما تفكّر في الموضوع .
الجملة : أنه وضعها استجابة لرغبة عبدالملك رحمهم الله لأنه كان صديقا له . لم يقل المستشرق بهذا : أين وردت رغبة عبد الملك هذه ، أين وصْف الزهري "صديقا" للخليفة ؟ لا شيء من هذا صحيح .
الأحاديث حول فضائل بين المقدس كثيرة فلم يقل المستشرق إنّ الزهري هو الوحيد في رواية هذه الأحادث .
فضائل الثلاثة واردة حتى قي الشعر ، في ديوان الفرزدق مثلا :
وبيتان بيت الله نحن ولاتها
وبيتٌ بأعلى إيلياء مشرَّفُ (أي بيت المقدس) .
الدراسة في المجلة التي تريدها غير متوفرة إلا مطبوعا . ربما تتفضل عن بحثها في إحدى المكتبات لديكم ، نظرا إلى أنها مجلة دُولية معروفة .
وأين أنا من هشام الصيني وابن وهب ؟ لا علاقة بين هذا وذاك .
الخلاصة : تبقى المشكلة قائمة ما زال الباحث (حتى لميل الماجستير) عاجزا عن دراسة الكتب الاستشراقية التي يقوم بنقدها باللغاتها الأصلية .
 
لقد توهم الأستاذ موراني مرتين:
الأولى: حين ظن أن هذا المقال له علاقة برسالتي الماجستير ، وهذا غير صحيح.
و الثانية: حين ظن أن هذا المقال يدرس وينقد الكتب الاستشراقية، وهذا غير صحيح أيضا.

و لا أدري ما هو هدف الأستاذ من مداخلاته :
1- هل يريد إثبات موضوعية المستشرقين في الجملة؟
2- أم هل يريد إثبات موضوعية جولدزيهر تحديدا؟
3- أم هل يريد القول أن جولدزيهر كان موضوعيا في كلامه عن الزهري رحمه الله؟
4- أم أن جولدزيهر لم يقل هذا الكلام عن الزهريرحمه الله؟
5- أم يريد ان يقول ان هناك حواجز لغوية تمنع بعض الباحثين من نقد الكتب الاستشراقية؟
6- أم يريد غير ذلك؟

و تعليقي حسب الأرقام أعلاه:
1- أتمنى ان يقوم الأستاذ بذلك فهو سيفتح بابا لنقاش علمي هادف و تقييم لمرحلة علمية مهمة.
2- أتمنى أن يقيم موضوعيا كلام جولدزيهر عن النبي صلى الله عليه وسلم و أنس بن مالك رضي الله عنه في مداخلتي السابقة، قبل الحديث عن رأيه في الزهري.
3- لم يقم الأستاذ بذلك وهي محل اعتراضه و إنما اكتفى بالنفي دون دليل. و السؤال المهم: هل يرى جولدزيهر أن الزهري رحمه الله وضع الحديث أم لا؟ لأن هذا هو لب القضية.
4- الأعظمي نقل عن كتاب جولدزيهر مباشرة أن حديث الزهري موضوع ، والسباعي نقل تفاصيل ذلك عن أستاذه علي حسن عبدالقادر الذي درس في ألمانيا ويعتبر تلميذا مخلصا لآراء جولدزيهر، و أحلت إليهما، و قد يكونا مخطئين لكن لا بد للأستاذ موراني أن ينقل لنا الدليل على خطئهما من نص كلام جولدزيهر بدلا من الاكتفاء بالنفي . و اعتماد جولدزيهر على اليعقوبي لا يعفيه من تهمة ضعف الموضوعية لأنه يعلم مذهب اليعقوبي و يعلم من خالفه من المؤرخين و المحدثين الأثبت و الأوثق في هذه القضية. و إن كان لا يعلم فلا يعفى أيضا .
5- ليس هذا موضع هذه الكلمة التي تسيطر على هاجس الأستاذ موراني فيضعها في غير موضعها أحيانا، لأن المقال كما أسلفت خلاصة دراسات لثلاثة ممن اطلعوا على أعمال المستشرقين جملة (و ليس جولدزيهر فقط) و حكموا عليها. و بالتالي فالأمثلة ليس للاستدلال في هذا المقال "الوصفي" بل هي للتمثيل. فإن كنت اخطات في تلخيص آراء هؤلاء فللأستاذ موراني أن يضع يده على هذا الخطأ و يوضحه بالدليل دون الاكتفاء بالنفي دون دليل، و إن كان هولاء أخطأوا فللأستاذ موراني أن يضع يده على هذا الخطأ و يوضحه أيضا.
6- أرجوا الإفصاح.

ملاحظة أخيرة: فضائل المسجد الأقصى في بيت المقدس واردة في القرآن قبل الفرزدق و غيره من الشعراء: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} و تشمل هذه البركة موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى"!
 
السيد نادر بن عبد العزيز ،
كما قلتُ أعلاه ، لم أكن أنوي التوسيع في هذا الأمر . لقد أخبرتني في رسالتك : لدي رغبة في الاطلاع أكثر عما أبرز مشاريع و أعمال المستشرقين المعاصرين حول الأسلام ( القرآن ، السنة ، التاريخ ... الخ ) في العشرين سنة الأخيرة مثلا .
وعرضتَ أفكارا بعد ذلك ما عرضت منقولا من هنا وهناك . ولا بأس بذلك . والمفتاح لإبراز " مشاريع المستشرقين المعاصرين وأعمالهم " هو اتقان لغاتهم خاصة إن كانوا معاصرين . هذا أمر .
الأمر الثاني في مرحلة الماجستير عدم النقل عن فلان وفلان بغير مراجعة الأصل : هذا من المباديء الأساسية عندنا . لقد قضيتُ أوقاتا مع طلبة العلم وعَرَض الكثير منهم علىّ : وقال فلان ، وفي كتاب فلان كذا وكذا ، وووو . وانتهى الكلام . وهنا كنت أتساءل : حسن ! ولكن : وماذا تقول أنت ؟
لا أريد أن أدخل معك على هذا المستوى ميدانَ المناظرة . بل أذكر الجملة الأخيرة :
و تشمل هذه البركة موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى"!
قبة الصخرة بناء بمنتهى الجمال والعظمة التي أمر ببنائها عبد الملك بن مروان غير أنها ليست في "المسجد الأقصى"
المسجد الأقصى بناء آخر مقابل قبة الصخرة الذي أمر ببنائه الوليد بن عبد الملك (ربما مع والده ) .

حسب وصفك غلبتني بعض الشكوك....
دمت بخير




 
دمت بخير،

من حق الأستاذ موراني ولا شك ألا يتداخل في الموضوع ابتداء، لكنه وقد دخل الآن و كتب حروفا فيلزمه أن يبينها بوضوح حتى أستطيع مناقشتها و أقول رأيي فيها .
لا أقصد المناظرة كما توهم الأستاذ موراني، و إنما حقي الطبيعي في الرد على مداخلة في موضوع مسجل باسمي، و الاستفادة منها إن كانت صوابا أو بيان خطأها. لم آت لمواضيع الأستاذ موراني و أطلب مناظرته ، بل هو من أتى إلي و طرح كلاما غير واضح أحيانا و بلا دليل أحيانا أخرى. حسنا، هل هذا من المبادئ الأساسية ؟!

أؤكد مرة أخرى ان الأستاذ وهم في أن هذا المقال جزء من رسالة الماجستير لسبب بسيط جدا: أني لم اختر موضوع الرسالة بعد !

ينتقد الأستاذ النقل عن فلان و فلان دون مراجعة الأصل، ولكنه وقع فيما هو أشد من ذلك، إذ يريد منا أن نصدقه في نفي كلام جولدزيهر دون أن يثبت ذلك. حسنا هل هذا من المبادئ الأساسية ؟!

أخيرا: لم يقدم الأستاذ موراني دليله على أن قبة الصخرة ليست ضمن المسجد الأقصى؟ بل اكتفى بالنفي. حسنا هل هذا من المبادئ الأساسية ؟!

طبعا نحتاج أن نعرف أولا ما هو المسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن
qos1.png
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
qos2.png
، و هل هو هذا البناء التاريخي فقط أو يشمل ما جاوره؟ و هل في هذا خلاف ؟
كأن الأستاذ موراني يرى أن هذا من البدهيات فلذلك استغرب من خلافها.

فائدة : قيل ان هذه الآية تشير إلى المسجد النبوي، و ذلك أنها ذكرت المسجد الأقصى (بمعنى الأبعد ، صيغة تفضيل) فدل على أن هناك مسجدا قصيا (بعيدا) عن المسجد الحرام لكنه ليس الأبعد، وهو المسجد النبوي.
 
من المبادىء الأساسية عدم المناظرة أو المجادلة معكم .
تقول صراحة : موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى
وللعلم : بين يدينا بناءان : ١) قبة الصخرة ، ٢) المسجد الأقصى تم بناءهما في عصر عبد الملك والوليد . أما القول :
في "المسجد الأقصى" (في!!)
وهو قول لا معنى له مهما تدور وتلفّ .
أما تفسير سورة الإسراء ، الآية ١ وهناك دراسات مفصلة حولها في السنوات الأخيرة ، ربما تضعا في عين الاعتبار في الماجستير .
 
المسجد الأقصى هو كل ما بداخل السور
فتدخل فيه الصخرة والقبة التي عليها
والتعبير عن المسجد القبلي بـ (المسجد الأقصى) خطأ
attachment.php
 
هذا من الأخطاء الشائعة .
كل ما داخل السور وهو "الحرم الشريف" منذ عصر المماليك .
ورد بناء "قبة الصخرة" في كتب التأريخ
كما ورد بناء" المسجد الأقصى" في كتب التأريخ كذلك . وشكرا .
 
الموضوعية عند المستشرقين

شكرا موراني..
ذكر ابن خلدون في تاريخه :" ديوان المبتدأ والخبر.. " 2 / 270 أن الصخرة كانت داخل الحرم سنة 65هـ في زمن عبدالملك بن مروان.

وكان بدهياً عند الناس أن الصخرة جزء من المسجد الأقصى، قال مجير الدين الحنبلي في الأنس الجليل:
" واما الصخرة الشريفة فهي في وسط المسجد على الصحن الكبير المرتفع عن ارض المسجد وعليها بناء في غاية الحسن والاتقان وهي قبة مرتفعة علوها أحد وخمسون ذراعا بذراع العمل الذي تذرع به الابنية وهذا الارتفاع من فوق الصحن واما علو الصحن من ارض المسجد من جهة القبلة عند قبة النحوية فهو سبعة.. ".

نعم، بعض الناس يطلقون على " محراب داود " اسم المسجد الأقصى، لأنه آخر حد المسجد من جهة القبلة، وكان اختيار كعب الأحبار لهذا الموضع حتى لا تكون الصخرة (قبلة يهود) بين الإمام والكعبة (قبلة المسلمين).. وأقره عليه عمر رضي الله عنه.

لقد سقفوا المكان المعد للصلوات الخمس، أما باقي ساحة المسجد غير المسقوفة فهي جزء منه، وتكون معدة للصلاة وقت الذروة كالجمعة والتراويح وليلة القدر.. الخ
 
حسن ، واتفقنا .
في وسط المسجد : معنى "المسجد" : المكان الذي يُصلّى فيه ولا البناء .
أمّا قوله : موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى" فهو قول بغير علم . المسجد الأقصى هو بناء بالذاته مقابل قبة الصخرة . شكرا . بهذا نكتفي .

 
لا أدري لم غضب الأستاذ موراني وقرر بحسم أنه من المبادئ الأساسية عدم المناظرة معي، و هو الذي قبل 3 أيام فقط ، دخل موضوعي راضيا مختارا على أصابع "يديه" و لم يجبره أحد على التعليق، هل خطيئتي أنني طالبته:

1- بتحرير محل النزاع في كلام جولدزيهر.
2- بالدليل على ادعاءاته من كتاب جولدزيهر.
3- بالتوضيح: هل كان جولدزيهر موضوعيا في نقد النبي صلى الله عليه وسلم و أنس بن مالك رضي الله عنه ؟
4- بالتوضيح: هل يرى جولدزيهر أن الزهري رحمه الله وضع أحاديث بيت المقدس؟
5- بتصحيح وهمه حول إقحامه بلا مناسبة القضية التي تشغل باله: الحواجز اللغوية التي تمنع الباحثين من نقد كتب المستشرقين.
6- بالابتعاد عن إقحام أمور شخصية لا علاقة لها بالنقاش حتى كادت تصبح صدر مداخلاته حاشية "لطيفة" على رسالتي اليتيمة له ، و الاكتفاء بالنقاش العلمي لنفيد و نستفيد.
7- بالتثبت من أن قبة الصخرة في "المسجد الأقصى" قبل الجزم بشئ .
8- بأمور أخرى.

و أظن أن كل ما طالبت به الدكتور موراني هو من المنهج العلمي الذي يرضى به كل باحث علمي.
لا زال أمام الدكتور فرصة لنستفيد من هذا النقاش و يطرح رأيه بوضوح حول النقاط (1 و 2 و3 و 4 و 7)، و إن اختار الأستاذ ألا يفعل ذلك فلا أحد يستطيع إجباره، لكنه درس في المنهج العلمي مفيد جدا، و درس آخر في ترك الدخول في نقاشات قبل الاستعداد الجيد و الصبر على النتيجة حتى تتحقق الفائدة الأكبر. و إن اتضح أنني أخطأت في صغير أو كبير فسأشكر للدكتور موراني توضيحه لي لكن لا يظن أني سأقبل منه حرفا بلا دليله.

أخيرا: بالنسبة لقبة الصخرة فغريب جدا أن يجزم الأستاذ أنه متفق مع الدكتور الشريف، و قد وضح له "بالصور" لا باللفظ فقط ( و الصور لا يوجد فيها حواجز لغوية حتى نعذر موراني بذلك!) أن موضع الصخرة التي عليها القبة هي داخل المسجد الأقصى. و الأستاذ موراني يقول أن قبة الصخرة خارج المسجد الأقصى و يتفق مع الدكتور الشريف أيضا، كيف تكون قبة الصخرة داخلة في المسجد الأقصى و خارجة عنه في نفس الوقت، هذا شئ عجيب !

و كنت سأعذر الدكتور موراني مرة أخرى أنه لا يفرق بين المسجد القبلي و المسجد الأقصى، لكن الأستاذ الشريف وضح له ذلك أيضا !
و برر الدكتور موراني رأيه بأن القبة وسط المسجد و ليست وسط البناء (و يظهر أنه يقصد البناء الأموي أو المسجد القبلي)، ويرى أيضا أن "المسجد : المكان الذي يُصلّى فيه ولا البناء" ( لعلها: لا البناء أو و ليس البناء) ، ثم بعد سطر واحد فقط يقول: ا لمسجد الأقصى هو البناء ، فالمسجد الأقصى هو البناء و ليس هو البناء في نفس الوقت، هذا شئ عجيب !

و أنا أعلق بعيدا عن تناقضات الدكتور أعلاه: هل يقول عاقل بأن قبة الصخرة داخل المسجد القبلي (البناء الأموي)؟ وهل يشك أحد في خطأ هذا ؟ و كيف فهم موراني ذلك، ثم هرول يخطأني دون روية و تثبت من لفظي؟ وهل هذه هي طريقة الأستاذ في فهم المكتوب، ربما أستعير الآن من الأستاذ موراني عبارته الشهيرة عن الحواجز اللغوية التي ... الخ ؟!
 
الموضوعية في العلوم الإنسانية الوضعية؟ تلك أزمة الإنسانيات كلها و ليس الاستشراق فقط! أو: كيف إنسان لا يعلم ما هو - أو لا يريد أن يعلم أو يفصل هذا السؤال "ما الإنسان؟" الأساسي و المصيري عن "البحث" - أن يبحث في الإنسان؟ هذا الفصل الركيزة في العلمانية و بناتها الوضعية و المادية و الظواهرية و البرغماتية وو.. في حد ذاته تناقض لا مثيل له في الطبيعة و ما يميز الإنسان عنها إذن تدخل سافر للذات في المعرفة. عليه أسلمة المعرفة أصوب من علمنتها لأن الإسلام يقدم الإجابة و لا يقرر ما يفضي إلى التنافض و لا ينكر دور الذاتية (الميثاق .. الفطرة .. {و في أنفسكم! أفلا تبصرون؟} ..) ثم لأن تكذيب علاقة الذات بالموضوع تنافض! فعلا سؤال ماذا خسر العلم و العالم بأنحطاط المشاركة الإسلامية في قيادة الإنسانية سؤال فعال. فكيف الدفع به في حلبة الصراعات و الحوارات دون مواجهة "الاتهامات" بالأصولية و الإسلاموية و الراديكالية و الإرثدوكسية و التبجيلية و "فوبيا الهوية و الخصوصية" و الظلامية و الرجعية و - مناهضة السامية - .. ؟ الحكماء الثلاثة طه عبد الرحمان و السيد محمد نقيب العطاس و السيد حسين نصر مبجلون و ليسوا فلاسفة فالفلسفة تريد جلد الذات مهما كان الثمن لأن التبعية حتمية عولمية ، و الحداثة الوحيدة قطيعة مع التراث حتى لا يبقى منه إلا شقشقات التراث اليوناني القديم في الجانب الذي بقي حيا عند "أكابرهم" في الوقت الراهن، و حتى لا يبقى منه إلا العرفان و التصوف الإشراقي .. و لنبحث هنا و هناك عن النرجسية و يوطوبيا السلام في زمن تتكلم فيه الآلة الحربية لغة السلام! و لنبحث عن حق إبعاد الحقيقة فلا معنى لمقارنة المعتقدات غير البحث عن القاسم المشترك بين الأديان نستقي منه الديانة الرومانسية التي ترفع عنا عبء الأحكام و الانضباط و الالتزام! أما حكماء الشرق الثلاثة فيتحدثون عن حداثيات ممهدين للقول بحداثة إسلامية ممكنة، و يمررون سموم الإيمان و التقوى و البعث في عسل مصطلحاتهم و يتمسكون مع إخوانهم اللاهوتيين و رجال الدين بالجحود. اجعلوا التجربة الإنسانية و الشرعية الدولية و التقلبات التاريخية و الإبداع الأممي و المعرفة الكونية و معطيات العلوم الإنسانية و البنك الدولي الها واحدا؟ إنه شيء عجاب! بل هم قوم يتطهرون.. ا إيمان و قيمة و حلال و حرام و جنة و نار؟ شعارات مضللة مسكرة منومة مغناطيسيا يا أم عمرو! و علينا التسلح بمعطيات المناهج الحديثة لنستخرج البنى العقلية المنتجة لهذه الشعارات و نقدم التفسير الصحيح للجنة التي اختلفنا حولها اختلاف تنوع بين قائل أنها انخراط و تبعية و مذهب الأرض الموعودة و لعل التأويل الأخير أصوب فسحقا لأعداء السامية!

أين الموضوعية في الإنسانيآت مع تغييب هذا الإنسان؟ موضوعية المستشرق! كلام في الفرع و تجاوز للأصل، فبعدا لأعداء السامية. مع تحية العام سام و نفحاته الإعلامية و مناوراته التسويقية..
 
الموضوعية عند المستشرقين

بعد هذا الكلام الطويل أقول مرة أخرى وهي الأخيرة : بهذا نكتفي
غير أنّ السيد نادر بن عبد العزيز لا يكتفي ، بل يكرر الأسئلة وبتجاهل الأسئلة الاخرى (مثلا: أين ورد في المصادر أن عبد الملك عرّب عن رغبته في وضْع حديث على يد الزهري الذي كان "صديقا" له ؟ وذلك نظرا إلى أنّ هذا السياق غير وارد عند جولدزيهر الذي لم ينظر في كتابه السيد نادر بل اعتمد على من اعتمد... فليكن!
الخلاصة : موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى"
هذه الجملة خطأ ، ويبقى خطأ .
كما يأتي عند مجير الدين:
واما الصخرة الشريفة فهي في وسط المسجد على الصحن الكبير المرتفع عن ارض المسجد وعليها بناء في غاية الحسن والاتقان وهي قبة مرتفعة .
نعم ، في وسط السجد على الصحن.... ولا في وسط المسجد الأقصى !
السيد نادر لا يتميّز بين : قبة الصخرة (وهي بناء) من ناحية ، والمسجد الأقصى (وهو بناء آخر) من ناحية أخرى .
بعد ما تم بناء قبة الصخرة كتب رجاء بن حيوة وهو كان مكلّفا بتنسيق عملية البناء ما يلي :
"قد أتمّ الله ما أمر به أمير المؤمنين من بناء صخرته والمسجد الأقصى ولم يبق لمتكلم فيه كلام..." إلخ .
[أبو بكر الواسطى : فضائل البيت المقدس ، ص ٨٢ ].
مرة أخرى وهي الأخيرة:

١) بناء الصخرة (أي قبة الصخرة) ،
٢) وبناء المسجد الأقصى ( هذا الأخير يضاف أيضا إلى الوليد بن عبد الملك مع اختلاف الروايات الواردة في هذا الأمر ، وهو لا يهم هنا .

الكلام : موضع الصخرة التي عليها القبة في "المسجد الأقصى"
لخبطة .
الساحة الواسعة التي في وسطها تقريبا قبة الصخرة وفي مقابل له المسجد الأقصى ، هذه الساحة داخل السور تسمَّى منذ عهد المماليك (كما قلت) : الحرم الشريف .
ملاحظتي الأخيرة في هذا الرابط :
أنا لا أغضب ، إلا أنه يصعب على المرء أن يناقش مع غيره كتابا وموضوعيةَ البحث فيه لم يقرأه الطرف الآخر للأسباب المعروفة .
 
منحت الأستاذ موراني أكثر من فرصة ليوضح رأيه و يدلل عليه دون الاكتفاء بتكرار الكلام بلا دليل، لكنه اختار أن "يلف و يدور" –حسب تعبيره اللطيف-، بل يأمرني بان أكف عن النقاش، مع انه هو الذي دخل يناقشني! ولله في خلقه شؤون!

أقول مستعينا بالله:

1- وقع الأستاذ في مجموعة من التناقضات، أولها: أنه يطالبني بالرجوع إلى كتاب جولزيهر، فيما لم يرجع هو إلى كتاب السباعي! لأنه لو رجع لكتاب السباعي لما ردد كثيرا أن هذا لا يوجد في كتاب جولدزيهر. وسأوضح اكثر في النقطة رقم 6 .

2- ثانيها، حين يعيب علي الأستاذ أن أعتمد على كلام الأعظمي و السباعي، ثم يعتذر لجولد زيهر بأنه اعتمد على كلام اليعقوبي! مع انه لا يوجد ما يعارض كلامهما ، فيما الروايات تعارض كلام اليعقوبي! فحلال على جولدزيهر و حرام عليّ.

3- قلت للأستاذ أن كتاب جولد زيهر ليس موضوع مقالي ، و بإمكانه أن يحذف مثال جولدزيهر و لا يتأثر المقال لأنه ليس مبنيا عليه، و مع ذلك يصر الأستاذ أن نقاشنا هو حول الكتاب و يجب ان أقرأ الكتاب أولا ثم يبدأ النقاش! و هذا شئ عجيب في منهج الحوار، فالأستاذ دخل بكامل رغبته ليناقشني في مقالي الذي لا يوجد فيه ذكر لكتاب جولدزيهر! و لا أظنه دخل لكي يلقي 4 أوامر عسكرية استعمارية لا تقبل النقاش: بأن موضوعنا هو كتاب جولدزيهر و يجب أن أقرأ الكتاب بلغته ثم أنه من المبادئ الأساسية عدم مناقشتي ثم أن نكتفي!

4- ومع ذلك وضحت له أن النقاش عن موضوعية جولدزيهر يبدأ من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم و انس بن مالك رضي الله عنه، و نقلت -بل صورت- كلام جولدزيهر من كتابه حتى لا تبقى حجة للإعراض، و مع ذلك هرب الأستاذ عن مناقشة ذلك! و رأيي أنه حتى لو أثبتنا لجولدزيهر ( وغيره) ان الزهري لم يضع الحديث فتبقى المشكلة عندهم في منبع الحديث و أصله: انه موضوع ملفق من الآراء اليهودية و النصرانية و غيرها و ليس وحيا يوحى.

5- ثم لما رأيت الأستاذ معرضا عن ذلك، نزلت إلى عتبة سؤال آخر عن موضوعية جولدزيهر مع الزهري وهل يتهمه بالوضع؟ لأن هذا هو لب القضية سواء قال إنه كان صديقا لعبدالملك أو أمره بالوضع أو غيرها من التفاصيل، و مع ذلك أعرض الأستاذ عن مناقشة ذلك إلى التفاصيل مع إلحاحي أن ينقل لنا نص كلام جولدزيهر لأن فيه اتهامات خطيرة للزهري سيرى القراء فيها موضوعية جولدزيهر التي يدافع عنها الدكتور.

6- لو عاد الأستاذ إلى كتاب السباعي لوجد عبارة سهلة الفهم ( لا تعيق عنها الحواجز اللغوية ) تفيد أنه لا ينقل عن كتاب جولدزيهر أصلا، و إنما ينقل عن محاضرات أستاذه علي حسن عبدالقادر، فبالتالي ترديد الأستاذ " أن هذا لا يوجد في كتاب جولدزيهر" لا معنى له إطلاقا، ليته عمل بنصيحة نفسه و رجع إلى كتاب السباعي مباشرة، و لكن الناصح أحيانا يغفل عن نفسه و الله المستعان!

7- كنت ألححت على الأستاذ ان يثبت لنا دليله على دعواه من كتاب جولدزيهر، أولا: من باب المنهج العلمي: إن كنت مدعيا فالدليل، وثانيا: حتى أصل للحكم على نقل السباعي هل هو مقبول أو مردود؟ و ذلك بأن ننظر كلام جولدزيهر هل فيه ما ينفي نقل السباعي او ما يؤيده ( صراحة او بالقرائن )، لأن السباعي ثقة و ممن عني بهذه القضية خصوصا و ينقل من مسودة المحاضرات أمامه لا من ذاكرته، و علي عبدالقادر من المخلصين لآراء جولدزيهر لا من خصومه الذين يفترون عليه، وقد يكون علي عبدالقادر خلط بين كلام جولدزيهر و غيره، لكن لا يمكن أن يجزم الباحث المنصف أن جولدزيهر لم يقل هذا لمجرد أنه لا يوجد في كتاب معين! فمن علم حجة على من لا يعلم، و العقل يقول أن جولدزيهر قال أشد من هذا، فمالمانع ان يقوله؟ الخلاصة أن كلام السباعي مقبول إذا لم يوجد ما يعارضه .

8- يبدو الأستاذ موراني لا يتقبل ان يكون هناك خلاف في مسألة قبة الصخرة، و يصر ان يكون رأيه هو الصحيح دون دليل صريح، و الخلاصة أن ما يسميه الأستاذ الحرم الشريف هو = المسجد الأقصى ، و الصخرة تقع في وسطه ، اما البناء الاموي (= المسجد القبلي)، فهو جزء من المسجد الأقصى و ليس كله. لا ألزم الأستاذ برأيي لكن على أقل تقدير اتمنى أن يكون لديه سعة صدر لتقبل ما يخالفه من الآراء دون إنكار شديد و كأن رأيه من المسلمات، فتقبل الرأي المخالف أكبر علامات الإنصاف و الاعتدال.

أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم و اتوب إليه، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.
 
شيخنا الأستاذ نادر آل عبدالكريم
أتصور أن الأستاذ موراني كان محقا في مطالبتك بنص قولدتسيهر المنسوب إليه من كتابه ..
ومن وجه آخر أرى أن دعوتك للدكتور موراني بإسقاط المثال وأن إسقاطه لا يغير في أصل موضوعك دعوة صحيحة ، لكنها لا تلغي حق الدكتور موراني في التمسك بمطالبته إياك سوق نص قولدتسيهر، ويحل الإشكال أن تسعى لاستخراجه من أصل كلامه وتعرضه أمام الدكتور موراني .
لعل تسلقي منزلة الحكم وتطاولي على أساتذة مثلك ومثل أستاذنا الدكتور موراني لا يزعج أي منكما .
 
حياك الله أخي الفاضل محمد، و شكر الله اقتراحك الكريم ، وليس هناك تطاول أو تسلق فهذه المنتديات العامة انما وجدت لتداول الرأي و صقله و الإفادة و الاستفادة.

لكن أود أن تعود فضلا إلى الفقرة 6 في المداخلة الأخيرة لتجد انني لم أنقل عن كتاب جولدزيهر أصلا وإنما عن السباعي، ولو طالبني الأستاذ بنقل نص كلام السباعي بطوله لنقلته له.

و السباعي أيضا لا ينقل عن كتاب جولدزيهر و إنما عن مسودة محاضرات أستاذه علي عبدالقادر، و بالتالي فمطالبة الأستاذ موراني أن نحضر له هذا النص من كتاب موراني خارج عن المنطق،
هل نقل السباعي صحيح مقبول أم لا؟ قضية أخرى ناقشتها الفقرة 7.

و الأستاذ موراني هو الذي نفى أن يكون جولدزيهر قال هذا، فيجب عليه أن يثبت ذلك من كلام جولدزيهر.

الأمر الأهم ان الأستاذ موراني ترك لب القضية وهو هل كان جولدزيهر موضوعيا مع الإمام الزهري رحمه الله، هل اتهمه بوضع الحديث أم لا؟ لأن الحديث عن تفاصيل ذلك لا يهم كثيرا كما أسلفت في الفقرة رقم 5.
 
في كتاب الدكتور إبراهيم عوض " المستشرقون و القرآن" أمثلة غزيرة على ضعف الموضوعية الشديد لدى المستشرقين بجانبيه: الضعف العلمي، و ضعف الأمانة. فقد درس الدكتور بعض ترجمات المستشرقين الفرنسيين للقرآن الكريم و خلص إلى نتيجة صدر بها الكتاب وهي :
"لم يكن يخطر على بالي أن هؤلاء المستشرقين الذين ينتقدون القرآن ويخطئونه وينفرون الناس منه لا يحسنون فهمه على النحو المخزي الذي تكشف لي بعد ذلك. لقد كنت أظن أن أخطاءهم هي من تلك الأخطاء العادية التي لا ينجو منها جهد بشري، أما هذا الجهل الفادح، وهذا العناد الحرون، وهذا الالتواء في النية الذي سيلمسه قارئ الكتاب بيده، فهو في الحقيقة شيء لم يكن يخطر لي ببال حتى إني بعد أن فرغت من دراستي هذه فكرت أن أسميها: المهزلة الاستشراقية، في المسألة القرآنية."

من الملاحظات التي ذكرها الدكتور وضعهم اسم النبي صلى الله عليه وسلم كمؤلف للقرآن الكريم، مع أن جميع الأصول العربية التي ترجموها لا يوجد فيها ذلك، فهل هذا من الموضوعية؟ طبعا بإمكانهم وضع آرائهم في الحواشي دون المساس بالأصل المترجم.
و من الملاحظات كذلك التدخل في النص المترجم بدعوى تصحيحه، وكان الأولى أن يترجموا النص كما هو، و إن قصر بهم الفهم عن الأصل أن يكتبوا الملاحظات في الحاشية. و قصورهم عن فهمه أمر غير مستغرب لأن القرآن في الذروة من اللغة العربية التي تصعب عليهم مبادئها أحيانا.
و من الملاحظات الضعف الشديد في معرفة معاني بعض الألفاظ العربية و عدم التفريق بين المختلفات فبعضهم يترجم المنافقين و الظالمين و الكافرين و المسرفين بمعنى واحد. و وقع بعضهم في أخطاء مضحكة كما ترجم بعضهم الغرابيب السود بالغراب الأسود. و ترجم آخر (و لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم ) قال المترجم : متعنا به جماعتين منهم. و سورة الحِجْر، كتبها: الحَجْر، و ترجمتها الحَجَر أي الصخرة، و لله في خلقه شؤون.
أما يلعنهم اللاعنون فقال في ترجمة بديعة تنم عن علم وافر بتاريخ الجزيرة و اللغة و أخبار العرب الأوائل، أن اللاعنين هم الذين وظيفتهم اللعن وهم الشعراء يصيب الواحد منهم غيره باللعن باسم الإله.
و أعجب من ذلك كله أنهم يتهمون القرآن بضعف الأسلوب و الصياغة و خطأ الترتيب، كالطفل الأبله يدخل المتحف الثري بأقدم الآثار فيعيب عليهم أن لم يجعلوا ألعابه في كل مكان، بل و يقترح لها ترتيبا معينا و لله المثل الأعلى.
و من الملاحظات عدم معرفتهم لنطق بعض الكلمات العربية بشكل صحيح، وهذا أقل درجات المعرفة باللغة قبل معرفة المعنى.
و من الملاحظات تصرفهم في آي القرآن بمجرد فهمهم الخاطئ لمعاني الآيات، دون النظر في علم يسمى عد آي القرآن كتبت فيه الكثير من المصنفات.

هذا رابط الكتاب و فيه الكثير من الأمثلة مع أنه اقتصر على عينة صغيرة في تتبع أخطاء الترجمات، فجزى الله الدكتور إبراهيم عوض و ذب عن وجهه كل شر كما ذب عن كلامه عز وجل :
المستشرقون والقرآن (PDF)
 
الصورة جميلة جدا !
تظهر عليها قبة الصخرة وقبة السلسلة
المسجد الأقصى على اليسار بعد الأشجار ، ولا يُرى على الصورة .
 
مهما يرى المشارك نادر بن عبد العزيز أو يريد أن يراه
فأمامنا على هذه الصورة : الساحة المسماة بالحرم الشريف بأجزاء من معالمه منها قبة الصخرة وقبة السلسلة ، أمر ببنائهما عبد الملك بن مروان . أما المسجد الأقصى الذي أمر ببنائه الوليد بن عبد الملك فهو لا يظهر على الصورة .
 
مع أن الأستاذ موراني ذكر أنه اكتفى من النقاش أكثر من مرة ، لكنه لا يطيق الصبر ويعود ، في الحقيقة لا أعلم سبب ذلك، لكن في عودته الأخيرة أصبح يدعوني بالمشارك ، بعد أن كنت السيد ولا أعلم ماذا يخفي لي الأستاذ أيضا. يبدو أن الألقاب يوزعها الاستاذ حسب موافقتك لرأيه و سكوتك عن خلطه .

المسجد الأقصى موجود قبل أن يولد الوليد، و إنما بنى جزءا منه ، و الأستاذ لا يتقبل أن يوجد خلاف في هذه المسألة وهذا تحجر و تشدد و رفض لقبول الرأي الآخر و احتمال صحته ، و هو نقص كبير في الموضوعية ألا يتصور الباحث أن يكون هناك خلاف في مسألة تقبل الخلاف، بله أن يكون قوله يحتمل الخطأ. وجميل أن يوجد هذا المثال الحي في هذا الموضوع.
 
أنا أحترم جميع الآراء لها أساس علمي ثابت ، منها أيضا القول :
المسجد الأقصى موجود قبل أن يولد الوليد، و إنما بنى جزءا منه
بالشرط أن يأتي صاحب هذا القول بأدلة تأريخية علمية ، خاصةً أن الوليد "بنى جزءا منه" (أين المصدر لهذا القول < عنوان الكتاب ، ومؤلفه ...إلخ ؛ ومن هنا :مَنْ بنى الباقي قبل عهد الوليد ؟ )
وهذا للتنبيه إلى "الموضوعية" .
 
يقول الله عزوجل في كتابه الذي نزل قبل أن يولد الوليد: ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله ) سورة الأسراء الآية الأولى ، في الصفحة رقم ٢٨٢ من طبعة مجمع الملك فهد.
 
وهذه الرواية من الطبري في أخبار سنة ١٥ للهجرة قبل أن يولد الوليد أيضا، و أرجوا من الأستاذ التأمل في دلالاتها قبل الاستعجال بالرد:
وعن رجاء بْن حيوة، عمن شهد، قال: لما شخص عمر من الجابية إلى إيلياء، فدنا من باب المسجد، قال: ارقبوا لي كعبا، فلما انفرق به الباب، قال: لبيك، اللهم لبيك، بما هو أحب إليك! ثم قصد المحراب، محراب داود ع، وذلك ليلا، فصلى فيه، ولم يلبث أن طلع الفجر، فأمر المؤذن بالإقامة، فتقدم فصلى بالناس، وقرأ بهم ص، وسجد فيها، ثم قام، وقرأ بهم في الثانية صدر بني إسرائيل، ثم ركع ثم انصرف، فقال:
علي بكعب، فأتي به، فقال: أين ترى أن نجعل المصلى؟ فقال: إلى الصخرة، فقال: ضاهيت والله اليهودية يا كعب، وقد رأيتك وخلعك نعليك، فقال: أحببت أن أباشره بقدمي، فقال: قد رأيتك، بل نجعل قبلته صدره، كما جعل رسول الله ص قبله مساجدنا صدورها، اذهب إليك، فإنا لم نؤمر بالصخرة، ولكنا أمرنا بالكعبة، فجعل قبلته صدره ... الخ
 
شكرا! نسخة القرآن دائما على مكتبي بالتناول...
ولم أتجاهل سورة الإسراء .
مرة أخرى :
الوليد "بنى جزءا منه"
مَنْ بنى الباقي قبل عهد الوليد ؟ مَنْ بنى محراب داود ، وأين كان موضعه ؟ أين ذكر البناء وتأسيسه في هذه القصة ؟
ربما تتصفح في كتب التفسير وأيضا في الكتب المطبوعة في فضائل بيت المقدس
 
يقول بإحالة إلى قصة الطبري في تأريخ الرسل والملوك :
"دنا من باب المسجد" ، ثم :
"قصد المحراب"
ثم يتسأءل : وهل يلزم أن يكون الباقي قد بُني ؟

نعم؟ باب بدون بناء ؟
محراب بدون بناء ؟

ربما تتعمق في كتب التراث الاسلامي أكثر . كنا أصلا بصدد الموضوعية . وأنت أبعد منها للأسف وشكرا . والسلام .
 
كنت حذرت الأستاذ موراني من الاستعجال قبل التأمل في دلالات هذا الخبر ، و قد وقع فيما حذرته منه ،
ولا أعلم هل فهم من إنكار عمر رضي الله عنه على كعب أن موضع الصخرة وما دونها من الأقصى أم لا ؟

أضيف لم يفهم الأستاذ سؤالي حين قلت : و هل يلزم أن يكون الباقي قد بني؟ و أجاب أيضا دون أن يفهم جوابه هو ،
فأما الأول فجوابه أن الأقصى ليس محدودا ببناء بني في فترة تاريخية معينة و ظروف معينة ، بل هو أرض سواء بني بعضها أم كلها أم لم يبن منها شئ،
و أما الثاني فالباب يكون في سور بلا بناء و سقف ، و المحراب كذلك ، لا يلزم أن يكون في بناء و سقف .

ومادام الأستاذ مطلعا خبيرا بكتب التراث الإسلامي فليخبرنا عن المسجد الأقصى و البناء فيه قبل الوليد و قبل عمر بن الخطاب ، من بناه ؟ وهل توسع ؟ وهل هدم ؟ و كيف كان ؟
أسئلة لعلها تنير للأستاذ باب معرفة في هذا الأمر راجيا ألا تعيقه الحواجز اللغوية مرة أخرى.
 
سَئمتُ من هذه المناظرة الطوبلة .
ربما كان المشارك نادر مهدسا في الاتصال ، فلا بالبنا ء الإسلامي وتأريخه
وأخيرا : في هذا العمر الذي أنا فيه وبمعرفتي العلمي اليسير لست في حاجة إلي تحذير ما من جوانب الشباب .
 
لم يجبر الأستاذَ أحدٌ على الدخول ، و لن يثنيه آخر عن الخروج، فله كامل الحرية في هذا و ذاك.
لكني أتمنى أن يلتزم بهذا ولا يعود كما عاد من قبل .

من الموضوعية أن يتم التركيز على المعلومات المطروحة في القضية ومناقشتها دون الهرب منها إلى معلومات شخصية.

في تراثنا و ثقافتنا لا نتكبر أن نسمع النصح و التحذير من أي أحد مختلف عنا عمرا أو دينا أو عرقا أو مذهبا ، فالحق ضالة المؤمن ، و رب كلمة ينتفع بها المرء لم يسمعها طول عمره.
 
*المسجد الأقصى هو جميع ما بداخل السور!، والشهرة في المسمى قد تكون شيئاً والحقيقة شيء آخر، ولا أرى دليلاً أكبر من الآية التي في سورة الإسراء.

وبما أنك تقول يادكتور موراني أن هذا منذ عصر المماليك ، فإليك قول هذا العالم الجليل، والذي عاصر المماليك

*يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله في الرسائل الكبرى 2/61 ( فالمسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام ، وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى ، المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب في مقدمته . والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد ، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمة لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلون إليها ، فأمر عمر بإزالة النجاسة عنها ، وقال لكعب : أين ترى أن نبني مصلى للمسلمين ؟ فقال : خلف الصخرة ، فقال : يا ابن اليهودية ! خالطتك اليهودية ، بل أبنيه أمامها فإنّ لنا صدور المساجد )

فجميع ماتسميه " الحرم الشريف " يادكتور
ماهو إلا " المسجد الأقصى " حقيقة !.
وبالأخص أننا في عقيدتنا الإسلامية لا نعتبره حرماً من الناحية الفقهية ، بمعنى الحرم الذي لا يقتل صيده ولا يروع طيره ولا تؤخذ لقيطته، بل هو كسائر المساجد ، أما المساجد المحرمة فهما حرمان اثنان :
مكة التي حرمها الله على لسان إبراهيم عليه السلام ، وطابة الطيبة التي حرمها الله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما يدرج على ألسنة الناس ماهو إلا بسبب عامل الزمن والظروف والبيئة ولكن هذا لا يغير الحقيقة في شيء.

وسأضرب مثالاً : معروف لدى العرب ماهي بلاد الشام ! فهي الدول التي تشمل كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وحزء من شمال السعودية الآن ، لكن في الوقت الحاضر أهل سوريا لا يطلقون اسم اشام إلا على ( دمشق ).
فيقولون هل ستذهب للشام؟ ، أو هل عدت من الشام؟ وهم يريدون دمشق، ولكن هذا لا يغير حقيقة ماهية بلاد الشام، أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت.
 
هل أتت مؤسسات الإستشراق بغير ما جاء به من قبلهم من قساوسة النصارى ؟
إلا أن قساوسة النصارى كانوا مظهري العداوة والطعن في القرآن ورسالة الإسلام ، أما المستشرقون فتدثروا وتستروا بدثار الموضوعية ومنهج البحث العلمي ، وهم ليسوا إلا عالة على من سبقهم من قساوسة النصارى وادعوا أقوالهم -زورا- أنها نتاج بحوثهم العلمية والموضوعية ، هكذا زعموا !
 
عودة
أعلى