(المهمات في علوم القرآن) الحلقة السابعة: الناسخ والمنسوخ

إنضم
3 أبريل 2003
المشاركات
34
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد:
فهذه هي الحلقة السابعة من المهمات في علوم القرآن لفضيلة شيخنا خالد السبت وفقه الله لكل خير وهي في موضوع غاية في لأهمية ألا وهو موضوع


الموضوع السادس :
الناسخ والمنسوخ[/align]

وهذا الموضوع يعد من أهم الموضوعات التي يحتاجها المفسر و الفقيه، ولا يجوز لأحد أن يتكلم في الفقه والأحكام، أو في معاني القرآن وهو لا يعرف الناسخ و المنسوخ، وقد كثر كلام السلف رضي الله تعالى عنهم في بيان هذا المعنى، فيقولون: إن من لا علم له بالناسخ والمنسوخ، فلا يجوز له أن يفسر القرآن، ويقصدون بذلك معنى أعم من معنى النسخ الذي نتحدث عنه، وهو: .رفع الحكم الشرعي إلى آخره ـ كما سيأتي بل يوسعون المعنى حتى يدخل فيه تقييد المطلق ، وتخصيص العام ورفع الحكم الذي هو النسخ بالمعنى المتأخر، و بيان المجمل.. وهكذا، كل ما يعرض للنص العام أو المطلق يسمونه نسخا.

معنى النسخ :
النسخ في اللغة:
النسخ في لغة العرب يطلق على معنيين:
الأول : النقل أو ما يشبهه: مثل ما يقال تناسخ الأرواح ؛ أي : تنتقل الروح من هذا إلى هذا في اعتقاد هؤلاء المنحرفين،وأما قولنا : أو ما يشبه النقل، فإنما عبرنا بما يشبه النقل لأن هذا أدق، فأنت حينما تنسخ الكتاب هل تكون نقلت نفس الحروف المنقوشة من الكتاب الأول إلى الكتاب الثاني؟ أم أنك نقلت صورة هي نظير ما في الأصل؟ الثاني هو الواقع، فلم ينتقل الذي في الأصل برمته وإنما أوجدنا نسخة أخرى منه، فهذا يشبه النقل.

إذاً فالمعنى الأول للنسخ في كلام العرب هو: النقل أو ما يشبهه.
المعنى الثاني: الإزالة و الرفع ، وهذه الإزالة على وجهين:
أ‌- ما كان على سبيل الانعدام ، أي إزالة على سبيل الانعدام:
مثل: نسخت الريح الأثر ، فهل يحل شيء آخر مكان الأثر الذي زال ؟ الجواب : لا . فهذه إزالة على سبيل الانعدام .

ب‌- ما كان على جهة الانتقال :
مثاله : نسخ الشيب السواد . أو نسخ الشيب الشباب . يعني أن الشيب حل محل قوة الشباب ونضارته ، فهنا حصل انعدام لشيء لكن حلّ مكانه شيء آخر
فانعدم الشعر الأسود إلى بدل وهو (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً )(مريم: من الآية4)وهكذا حينما تقول نسخت الشمس الظل .فهذا إلى بدل ،حيث زال الظل وجاء مكانه الشمس.
هذا ما كان على جهة الانتقال .

معنى النسخ عند السلف ؟!
النسخ عند السلف يأتي بمعنى البيان؛ فيشمل تخصيص العام، وتقييد المطلق، وبيان المجمل، ورفع الحكم من أصله، وهو النسخ بالمعنى الذي نذكره الآن..
حتى أن السلف رضي الله عنهم، يسمون الاستثناء والشرط، وكذلك الصفة نسخا؛ لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ في لسانهم : هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه مطلقاً، فكل ما يعرض عندهم للنص العام، أو المطلق أو المجمل يسمونه نسخاً، بالإضافة إلى الرفع الذي نتحدث عنه .
ومن نظر في كثير مما ينقل عنهم من الروايات في التفسير، وفي كتب الناسخ والمنسوخ، مما يقولون فيه هذه الآية نسخت هذه الآية، أو هذه الآية منسوخة بكذا، وهو كثير ولربما يكون بالمئات، فيظن من لا علم له بمنى النسخ عند السلف، أن مرادهم بها النسخ بمعناه الخاص الذي نتحدث عنه، وهذا ـ كما سيأتي ـ هو أحد أهم الأمور التي كثرت دعاوى النسخ في بعض كتب الناسخ والمنسوخ بسببها ، بينما الواقع أن الآيات المنسوخة حقيقة هي آيات قليلة جداً ، وأشهر الآيات التي وقع فيها الكلام هي إحدى وعشرون آية ، نظمها السيوطي، وشرحها شرحا مختصراً الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في ملحق في آخر أضواء البيان، وهذه الآيات لا يثبت نسخها جميعاً، بل بعضها يثبت وبعضها لا يثبت .

معنى النسخ عند المتأخرين :
وأما عند المتأخرين ــ وهو المعنى الذي عقد من أجله هذا الدرس ــ فهو :
رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه .
أو يمكن أن نقول على سبيل الاختصار هو : رفع الحكم الشرعي بخطاب متراخ
فهذا التعريف اشتمل على جملة من القيود أذكرها مضمنةً بعض الفوائد:
الأول: أن النسخ رفع لأصل الحكم وجملته، بحيث يبقى الحكم بمنزلة ما لم يشرع البتة، و ليس تقييداً، أو استثناءً، أو تخصيصا،.. فهذا من قبيل البيان.
الثاني: تبين من خلال التعريف، أن النسخ رفع للحكم الشرعي الثابت بخطاب متقدم، وليس رفعاً لحكم البراءة الأصلية الثابت بدليل العقل؛ فلابد أن يكون رفع حكماً شرعياً،
فإيجاب الصلاة ـ مثلاً ـ رافع للبراءة الأصلية، فلا يسمى نسخاً.
الثالث: أن النسخ رفع للحكم الشرعي بخطاب شرعي آخر، وهذا احتراز عما رفع بغير خطاب،كمن جن أ و وصل إلى حالة الهرم التي لا يعقل معها،فهنا نقول: ارتفع عنه التكليف ، ولكنه ارتفع لزوال الأهلية ، فليس هذا من قبيل النسخ، إذا لابد في النسخ من أن يكون الرفع بخطاب ، فالجنون والموت وإن ارتفع بها عن الإنسان التكليف، إذ إن من شروط التكليف الحياة والعقل ، لا يسميان نسخاً.
الرابع: تبين من خلال التعريف، أن النسخ يكون بخطاب شرعي ثانٍ متراخ عن الخطاب الأول،أما لو اتصل به ، فإنه لا يسمى نسخاً ، بل يقال له تخصيص، فلابد من مهلة بعد مدة.
فمثلاً في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(آل عمران: من الآية97) بدل بعض من كل ، خرج به من لم يستطع،فهل هذا يقال له نسخ ؟! لا .. لكن يقال له تخصيص، أما على مفهوم السلف وتعبيرهم ، فإنك ترى ابن عباس رضي لله تعالى عنه وأرضاه يقول: نسختها التي بعدها، يعني (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)نسخ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) يعني: أنها خصصتها، لأنهم يسمعون التخصيص نسخاً .
أما على التعريف عند المتأخرين؛ فلابد من شرط التراخي .
فهذه القيود الأربعة إذا وجدت وجدت حقيقة النسخ في معناه الاصطلاحي وتحقق ،وأما إذا اختل شيء منها فإن حقيقة النسخ لا تكون موجودة.


شروط النسخ:
يشترط لتحقق النسخ عدة أمور:

أولاً: وجود حقيقة النسخ، وإنما توجد بالأمور التي ذكرتها آنفا فتراجع.
الثاني: أن يكون النسخ وحيا من كتاب أو سنة، فالله عز وجل يقول: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)(يونس: من الآية15) ، فالناسخ لابد أن يكون وحياً، و بذلك نعلم أن النسخ بمجرد الإجماع لا يجوز ، وأما ما يذكره العلماء كثيراً ، من أن هذه الآية نسخت بالإجماع ؛ فإنهم يقصدون مستند الإجماع، لأن الإجماع هو: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور، أو على أمر شرعي . فالإجماع لا بد أن يكون له مستند و إن خفي علينا، و مستنده دليل إما من الكتاب أو من السنة، فحينما يقولون هذه الآية أو هذا الحديث نسخه الإجماع ، فإنما يعنون أن الذي نسخه هو مستند الإجماع .

ومن خلال الشرط السابق نعلم أيضاً أن النسخ لا يجوز أن يكون بالقياس، لأن القياس ليس بدليل نقلي، وإنما هو دليل مركب على الدليل النقلي، وللعقل فيه شائبة، وهو نوع اجتهاد في الواقع. على تفاوت في مراتبه ووضوحه .
ونعرف أيضا أنه لا يجوز النسخ بأدلة العقل، لأن أدلة العقل منها ما لا يجوز أن يأتي الشرع بخلافه أصلاً، فلا يتصور نسخ الشرع به ، ومنها ما يجوز أن يرد الشرع بخلافه، وهو البقاء على حكم الأصل، فهذا يجب العمل به عند عدم النقل، وهو الذي يسمى الاستصحاب .

ولا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ، فيمكن أن تنسخ السنة القرآن، والآحاد ينسخ المتواتر ولا إشكال في ذلك، فيكفي الصحة والثبوت.
الشرط الثالث: لا بد أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ

ولمعرفة التأخر عدة طرق: منها :-
الإجماع : كأن يجمع العلماء على أن هذه بعد هذه، وإجماع الأمة حجة.
أو تجمع الأمة على خلاف ما ورد من أحد الخبرين فنقول : ما دام أجمعت الأمة على خلاف مقتضاه فما كان ذلك إلا بنسخ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة.
ويعرف أيضا التأخر والتقدم:
بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وبفعله، كأن يقول: " كنت نهيتكم عن كذا .. وكذا " أو قول الراوي؛ كأن يقول : رخص في كذا ثم نهي عنه، فعرفنا المتقدم والمتأخر، مثل : " نهينا عن زيارة القبور .. "
ويعرف التأخر أيضاً بالتواريخ، كأن يكون هذا الأمر وقع في أول الهجرة، والآخر وقع في غزوة في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة أو نحو ذلك.

والخلاصة :
أن الناسخ المنسوخ إنما يعرف بالنقل ولا يعرف بمجرد دليل العقل ولا القياس، ولا مدخل للعقل ولا القياس في الحكم بالنسخ، فهذه قضية يجب أن تعلم.
الشرط رابع: أن يتعارض دليلان بحيث يمتنع الجمع بأن يكونا متنافيين من كل وجه، و قد تواردا على محل واحد، فإذا علمنا المتقدم من المتأخر لجأنا إلى النسخ إذا لم يمكن الجمع.

الشرط الخامس: أن يكون المنسوخ حكماً لا خبراً ، لأن الأخبار لا يدخلها النسخ كأخبار ما كان وما يكون.
و أخبار الجنة والنار، و ما ورد من أسماء الله عز وجل وصفاته، وأما نسخ لفظ الخبر فقط، فهذا لا إشكال فيه بالإجماع، أي بإجماع من يقررون النسخ ويقولون به، كأن تنزل الآية مخبرة عن شيء ثم تنسخ تلاوتها فقط، مثاله: " لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " كان هذا من القرآن، ومعناه ثابت، لكنه نسخ لفظه وهذا خبر، فنسخ لفظ الخبر ممكن ولا إشكال فيه ، أما مضمونه فلا يمكن أن ينسخ.
أو أن تكون الآية بلفظ الخبر لكنها في معنى الإنشاء، والمقصود بالإنشاء: كالأمر و النهي ،ومثاله: قوله تعالى : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ )(البقرة: من الآية233) فهذا ظاهره الخبر لكنه بمعنى الإنشاء فإن فيه معنى الأمر ، فهو أمر بالإرضاع، فهذا يمكن أن ينسخ .


مسألة أخرى:
النسخ جائز وواقع بين الشرائع، فالشرائع ينسخ بعضها بعضاً، فهذه الشريعة جاءت مهيمنة على سائر الشرائع، وناسخة لها، أما هذه الشريعة فلا يجوز إطلاقاً أن تنسخ بكاملها فالنبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء،وشريعته خاتمة الشرائع، و هذه عقيدة يجب على كل مسلم أن يعتقدها، و أما النسخ في داخل هذه الشريعة يعني في بعض جزئياتها وفي بعض أحكامها فهذا أمر ثابت بإجماع من يعتد به من علماء المسلمين، فالله يقول (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39) ويقول (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: من الآية106) ويكفي وقوع ذلك ليكون شاهداً على ثبوته .

الحكمة من وقوع النسخ :
هناك حكم كثيرة منها :

1 / الرحمة بالمكلفين ، و هذا إذا كان النسخ إلى أخف، فالله عز وجل يقول(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ)(النساء: من الآية28) فإذا كان النسخ إلى ما هو أخف فيكون ذلك جلياً واضحاً.
مثاله: أنه كان يجب على المجاهد في أول الأمر أن يصابر عشرة في القتال، ثم خفف ذلك، ففي أول الأمر، قال الله تعالى : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)(لأنفال: من الآية65) ثم قال بعد ذلك (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ )(لأنفال: من الآية66) فصار الحكم المستقر إلى اليوم، أن الواحد يجب أن يثبت أمام اثنين، بينما في السابق كان الواحد لا يجوز له أن يفر أمام عشرة، فهذا تخفيف من الله .

2/ تكثير الأجر للمؤمنين، فالله يعظم الأجور للصابرين، وهذه الحكمة تتضح في النسخ إلى الأثقل.
مثاله : الصيام: ففي أول الأمر؛ كان الواجب صيام عاشوراء، ثم نسخ وجوبه، وصار الفرض صيام شهر رمضان، ثم لما فرض شهر رمضان كان على التخيير من أراد أن يصوم ومن أراد أن يطعم، فنسخ ذلك إلى الأثقل وهو الإلزام بالصوم لكل مستطيع .

3 / أن يكون النسخ مستلزماً لحكمة خارجة عن ذاته، و هذا فيما إذا كان الناسخ فيه، نظيراً للمنسوخ مماثلاً له ليس أثقل ولا أخف .
مثاله : استقبال بيت المقدس، حيث كان المشركون يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون أنت تدعي أنك على ملة إبراهيم، ثم خالفته في القبلة، و اليهود يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم، يقولون تستقبل قبلتنا ثم تذمنا وتخالفنا في أشياء كثيرة، وتكفرنا، فحول الله عز وجل القبلة إلى الكعبة، لئلا يكون للناس على هذه الأمة، أو على النبي صلى الله عليه وسلم حجة.

4 / ومن الحكم أيضاً أن يتميز قوي الإيمان من ضعيف الإيمان كما قال تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ)(البقرة: من الآية143) فهذا امتحان بكمال الانقياد، والابتلاء بالمبادرة إلى الامتثال.

و حاصل القول في حكمة النسخ أن يقال: إن الله عز وجل ينقل الناس من خير، إلى ما هو أنفع لهم وأعظم وأكثر خيرية كما قال الله عز وجل : (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا )(البقرة: من الآية106) فالناسخ خير، سواء كان إلى أخف، أو إلى أثقل، أو إلى مساوٍ، وينبغي أن نعلم أن أحكام الله عز وجل مشتملة على الحكم العظيمة، فإذا شرع لنا شرعاً ثم غيره إلى شرع آخر في قضية من القضايا فإن ذلك لحكمة قد تبدوا لنا وقد تخفى علينا .


بعض الفوائد والقواعد في النسخ :
1 / فمنها : انه إذا تعارض دليلان ولم يمكن الجمع بينهما، ففي هذه الحالة لابد أن يقال: إن احدهما ناسخ، والآخر منسوخ ، وذلك إذا علم التاريخ ، فكيف يتم العلم بالمتقدم والمتأخر ؟
.قد يعرف ذلك من خلال النص، كما قال الله عز وجل في آية المجادلة (أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )(المجادلة: من الآية13) فهذا واضح .
و قد ينعقد الإجماع في تعيين المتقدم والمتأخر .
أو يأتي من طريق صحيح عن أحد الصحابة يعين فيه المتقدم أو المتأخر .
أما إذا قال الصحابي هذه الآية ناسخة للآية الفلانية، فهذا لا يكون حجة ملزمة، لأنه قد يقوله باجتهاده، وقد يخالفه غيره فليس ذلك بحجة ملزمة.

2 / و من الأمور المهمة التي ينبغي أن تعرف في هذا الباب أيضا؛ أن النسخ لا يثبت بالاحتمال؛ وهذا أصل مهم، لأن كثيرا من دعاوى النسخ هي بمجرد الاحتمال، ولذلك كثرة دعاوى النسخ جداً، وألفت فيه مجلدات، ولربما تجد كتابا واحدا في الناسخ والمنسوخ يقع في ثلاثة مجلدات، ومن أسباب ذلك هو أنهم يبنون في كثير من الأحيان على الاحتمال، فالنسخ لابد فيه من دليل يدل عليه، سواء من الآية نفسها، أو بواسطة النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة بشرطه، أو إجماع الأمة، أو عن طريق وقوع التعارض الحقيقي مع معرفة التاريخ، لأن ذلك يدل على النسخ، وأما كون الصحابي هذا أسلم متأخرا، أو أنه كان صغيرا مثلاً، أو نحو ذلك، فهذا لا يعرف به المتقدم من المتأخر ولا يبنى عليه الحكم بالنسخ .لأنه قد يكون حدث عن صحابي آخر وإن لم يكن حاضراً القصة ..

3 / ومن الفوائد واللطائف، أنه لا يوجد بالقرآن آية منسوخة إلا والناسخة بعدها إلا في موضعين اثنين من القرآن ــ على القول بأن النسخ واقع فيهما ــ الموضع الأول: عدة المتوفى عنها زوجها، في قول الله عز وجل في سورة البقرة في آية 234 (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: من الآية234) في الآية 240 (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: من الآية240) فالآية الأولى هي الناسخة للثانية،وكون الترتيب في المصحف هذه فيه متقدمة وهذه فيه متأخرة لا يعنى أن المنسوخة نزلت بعد الناسخة ،وإنما نزلت قبلها ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرشدهم إلى موضعها من السورة .. فالترتيب في الآيات في السورة المعينة ليس على ترتيب نزول الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم،فهذا الموضع الأول، والراجح أن هذه الآية فعلا ناسخة للآية الثانية، وإن كان بعض أهل العلم يقولون خلاف ذلك، كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقول بقاءها مدة الحول مستحب وليس بمنسوخ، وإنما ذكر المدة المستحبة والمدة الواجبة .

الموضع الثاني: هو قوله تبارك و تعالى في سورة الأحزاب في الآية رقم (50 ) (ا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ )(الأحزاب: من الآية50) إلى آخر الآية. وفي آية رقم 52 يقول (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ )(الأحزاب: من الآية52) كثير من أهل العلم يقولون أن الآية الأولى ناسخة للآية الثانية، فعلى هذا القول تكون هاتان الآيتان الناسخ فيها قبل المنسوخ في ترتيب المصحف، مع أن الراجح في هذه الآية هو أنها ليست بمنسوخة بل المراد لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ )(الأحزاب: من الآية52) يعني من بعد الموصوفات؛ بنات عمك، وبنات خالك إلى آخره ..

ومن الفوائد أن بعض الآيات يوجد دليل النسخ في نفس الآية :
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ )(لأنفال: من الآية66)، وكذلك قوله تعالى: )َعلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ)(البقرة: من الآية187)، وكذلك قوله تعالى: ( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا... ) إلى آخرالآية.



ومن المسائل المهمة في موضوع النسخ:
1 / أن الأصل عدم النسخ، فالأصل الإحكام وليس النسخ،و بالتالي فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل يوجب ذلك، وهذا يؤيد ما ذكرنا من قبل أن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

2/ ومن الأمور المفيدة أيضاً،ومن ملح هذا الباب: أنه لم يوجد مثال في النسخ المعروف الذي بلغ المكلفين، تكرر في شيء واحد بعينه مرتين و أكثر، وإنما قد ينسخ الشيء ثم يأمر بغيره، أما أنه ينسخ مرتين، فهذا لا يوجد له مثال في ما نعلم والله تعالى أعلم، ولا يرد على ذلك ما جاء في نسخ الصلاة مرة بعد مرة في ليلة المعراج، لأن ذلك ينازع كثير من العلماء فيه هل هو نسخ أم لا؟ لأنه لم يبلغ المكلفين ولم يتمكنوا من فعله، وهذه مسألة يحتاج إليها عند الجواب والرد على بعض من ادعى النسخ في بعض الصور، وقد استعمل ذلك مثل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حيث زعم بعضهم أن القبلة كانت بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تحول إلى بيت المقدس ثم نسخ ذلك إلى الكعبة هذا ضعّفه الحافظ وقال: ويلزم منه دعوى النسخ مرتين..ذكره في الفتح.

3/ ومن المسائل المفيدة في هذا الباب: أن كل ما وجب امتثاله في وقت مّا لِعلّة تقتضي ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقالها إلى حكم آخر؛ فليس بنسخ، يعني: أن كل حكم ربط بعلّة ثم ينتقل بانتقالها؛ فليس من قبيل النسخ، لأنه ليس برفع للحكم بخطاب شرعي متراخ عنه، وإنما هذا أمر به لسبب ، ثم زال هذا السبب فارتفع الحكم بزوال سببه، وهذا بخلاف ما حكم به الشارع مطلقا..
مثاله:
كثير من الآيات التي تأمر بالصبر وتحمّل أذى المشركين والصفح والإعراض والعفو وما أشبه ذلك، حتى إن الله عز وجل قال: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين:8) ، فمثل هذه الأدلة الكثيرة في العفو والصفح، قال بعض العلماء نسختها جميعا آية واحدة، وهي الآية الخامسة من سورة براءة: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)(التوبة: من الآية5) الآية – فلا مجال للصفح ولا مجال للإعراض ولا مجال للعفو ولا مجال لتركهم، فليس لهم إلا السيف، قالوا نسختها جميعاً آية السيف، فقالوا: إن آية السيف نسخت (124) آية، وهذا غير صحيح ، صحيح إن آخر ما نزل سورة براءة، ومنه هذه الآية(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ )(التوبة: من الآية5)لكن آيات الصفح و الإعراض التي يحتج بها المنهزمون، الذين يقولون إن الإسلام دين صفح وإعراض ومسامحة ودين تسامح، وليس بدين قتال، هؤلاء يكذبون على الله ويكذبون على الناس، ويزيفون حقائق الإسلام ، لكن العدل في هذا الباب أن يقال: إنه لم ينسخ لكن ذلك يستعمل في أحوال ضعف الأمة حين تعجز عن المواجهة، فعند ذلك يكون حق التعامل مع الكفار، الصفح والإعراض والمسامحة والتجاوز والصبر، و أما في حال التمكّن والقوة فليس لهم إلا السيف، فهذه هي حقيقة دين الإسلام، فهو دين القوة ودين الجهاد، فالأصل المصارمة، والأصل )َاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)(لأنفال: من الآية12)) و (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)(التوبة: من الآية5)هذا هو الأصل وهذا هو الكمال،لكن في حال العجز يلجأ إلى الصفح والإعراض، لكن لا يجعل الصفح والإعراض هو دين الإسلام، لا تجعل الرخصة في حال العجز والضعف هي الأصل و يقال هذا هو دين الإسلام، فليس هذا دين الضعف إنما دين القوة، هذا مع المشركين طبعا ،أما مع المسلمين فـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35) 2/ ومن المسائل المهمة: أن كل حكم ورد بخطاب مشعر بالتوقيت، أو ربط بغاية مجهولة، ثم انقضى بانقضائها فليس بنسخ.

مثاله:
الله عز وجل يقول (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (النساء:15) فكان حد الزاني الإمساك للنساء في البيوت حتى تموت ولا تخرج، أو يجعل الله لهن سبيلا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمدة لما نزل عليه حدّ هذه الفاحشة قال: ( خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائه وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم) فهذا ليس من قبيل النسخ ، لأنه غيي بغاية، فبلغ هذه الغاية(أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). فجعل الله لهن سبيلا فتغير هذا الحكم .

أقسام النسخ :
النسخ ينقسم باعتبارات عدة إلى أقسام مختلفة:
فينقسم باعتبار باعتبار التكليف المنتقل إليه من خفة وثقل إلى ثلاثة أقسام:
نسخ إلى الأخف: مثل: مصابرة الواحد للعشرة،فنسخ بمصابرة اثنين في القتال.
النسخ إلى الأثقل: مثل : صيام رمضان، فإنه كان على التخيير، ثم صار لازماً لكل مستطيع ،فهذا نسخ إلى الأثقلز
والثالث: النسخ إلى المساوي.ـ أي : من ناحية المشقة ــ ومثاله: نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام..

وينقسم بالنظر إلى وقته إلى:
نسخ قبل التمكن من الامتثال والفعل، وإلى نسخ بعد التمكن. وهذه مسألة مشهورة من مسائل الناسخ والمنسوخ، وإن كان كل صور النسخ كانت بعد التمكن من الامتثال،إلا مثال واحد هو الذي يمثلون به على النسخ قبل التمكن، وهو ذبح إبراهيم لابنه عليهم الصلاة والسلام حين أمره الله بالذبح ثم نسخ ذلك قبل أن يحصل هذا الذبح، فهذا نسخ قبل التمكن.
مثال آخر: لكن فيه خلاف، وهو نسخ الصلوات، لكن هذا قبل بلوغ المكلفين، لكن بعدما بلغ المكلف ثم نسخ قبل أن يفعل،فلا يذكر إلا مثال إبراهيم عليه السلام .. والله تعالى أعلم .

وينقسم باعتبار النظر إلى كونه إلى بدل أو إلى غير بدل إلى قسمين على الأشهر :
نسخ إلى بدل: وهذا مثاله: عامة صور النسخ والله يقول: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: من الآية106) فالنسخ إلى بدل هو الغالب ، وأما النسخ إلى غير بدل فهو نادر، وأشهر مثال له وفيه نزاع مشهور: هو قوله تبارك وتعالى في الصدقة بين يدي النجوى (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)(المجادلة: من الآية13)فنسخت الصدقة بين يدي النجوى إلى لا شيء، والمخالفون يعترضون عليه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقولون: النسخ إلى بدل موجود،فالصدقة بقيت مستحبة لم ترفع بالكلية، وبه يقول ابن القيم رحمه الله، فشيخ الإسلام وابن القيم وطائفة يقولون: لا يمكن أن يكون نسخ إلى غير بدل لأن الله وعد فقال نأت بخير منها أو مثلها، ويبقى الخلاف صورياً ـ والله تعالى أعلم ــ لأن حقيقة الخلاف بين هؤلاء هو في تسمية هذا الشيء. فالذين يقولون أن النسخ يكون إلى غير بدل مثلاً يقولون: إن الله عز و وجل نقلهم إلى التخفيف، ولم يتركهم هملاً،بل نقلهم إلى كون ذلك مباحاً من غير أيجاب شيء آخر معه، فمناجاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعت إلى الحكم الأصلي قبل وجوب الصدقة بين يدي النجوى فكان ذلك مباحاً من غير اشتراط فرجع الحكم إلى ما كان عليه ولم يبق المكلفون هملاً، فاستووا بهذه الطريقة مع من يقولون لا بد من البدل. فظهر أن الخلاف لا يترتب عليه عمل ــ والله تعالى أعلم ــ فهو خلاف لفظي...

وينقسم أيضاً باعتبار القدر الذي يقع عليه النسخ إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: نسخ تلاوة فقط مع بقاء الحكم مثل آية الرجم: ( والشيخ والشيخة ـ يعني الثيب ـ إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) كانت آية تقرأ فنسخ لفظها وبقى الحكم ثابتاً لم ينسخ فهذا نسخ اللفظ فقط.
القسم الثاني : نسخ الحكم فقط مع بقاء اللفظ مثل آية المصابرة (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ )(لأنفال: من الآية65) فهذه نسخ حكمها وبقى لفظها.
القسم الثالث : وهو ما نسخ حكمه ولفظه: كما في حديث عائشة: ( كان مما أنزل من القرآن أن عشر رضعات يحرمن ثم نسخ بخمس رضعات ) فهذه العشر كانت آية من القرآن تدل عليها فنسخ اللفظ ونسخ الحكم .
وينقسم بالنظر إلى دليلة إلى أقسام متعددة يمكن أن نجملها بقسمين كبيرين:
قسم متفق على جوازه، وقسم مختلف فيه:
فمن القسم المتفق عليه: نسخ القرآن بالقرآن. هذا بالاتفاق مثل: نسخ مصابرة الواحد للعشرة بمصابرته لاثنين.
ومن القسم المتفق عليه : نسخ السنة المتواترة والأحادية بمتواتر السنة ـ هذا متفق عليه ـ .
ومن القسم المتفق عليه : نسخ الآحاد من السنة بالآحاد متفق على جوازه . ولا أحتاج لذكر أمثلة لأن موضوعنا النسخ في القرآن.
أما المختلف فيه فنسخ القرآن بالسنة،فهذا فيه خلاف مشهور، والأقرب أنه لا مانع منه، وهل وقع نسخ القرآن بالسنة؟
لا أعرف مثالاً سالماً من معارضة قوية، لكن من الأمثلة التي يوردها من يقولون به نسخ عشر رضعات حيث كانت من القرآن ثم نسخ بالسنة، وهي أن الأمر بقي على خمس، فرفع ذلك.
فيقال: إن حقيقة الأمر أنه نسخ بقرآن، ثم نسخ هذا القرآن ،لأن الآية التي فيها ذكر عشر رضعات يحرمن، نسخت بآية :( أن خمس رضعات يحرمن ) ، ثم نسخ لفظ الآية التي فيها أن خمس رضعات يحرمن مع بقاء حكمها فالواقع أنه نسخ للقرآن بالقرآن.
ومن أمثلته المشهورة التي يمثلون بها ؛ آية الوصية يقول الله عز وجـل:
(كتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)(البقرة: من الآية180) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا وصية لوارث ) فبعض العلماء يقولون: الآية ليست منسوخة، لأن هذا في الوالدين والأقربين الذين قام بهم مانع من موانع الإرث، كالأب القاتل، فالابن إذا ضرب أباه ضربة قاتلة في مقتل، ثم أوصى قبل أن يموت لأبيه، فإنه ينفذ فيما لا يزيد على الثلث، أو يكون الأب على غير دين الولد فهو لا يرث لأنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، فالأب إذا كان كافراً والولد مسلماً، فللابن أن يوصي لأبيه، لأنه لا يرثه، فبعض العلماء يقولون: الآية ليست منسوخة، والذين يقولون إنها منسوخة يقولون: نسخها حديث (لا وصية لوارث)، وبعضهم يقول: ما نسخها الحديث، وإنما نسخها آيات المواريث (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(النساء: من الآية11)فالمحصلة من الناحية العملية واحدة – وهو أنه لا يجوز أن يوصي لوارث سواءٌ قلنا إن الآية التي نسختها أو الحديث الذي نسخها، لكن فقط بقي الخلاف في تعيين الذي نسخها، فهذا من نماذج نسخ القرآن بالسنة وهو جائز عند الجمهور.
ومن الصور المختلف فيها أيضاً: نسخ السنة بالقرآن، لأن السنة موضحّة للقرآن،فكيف ينسخها وهـي موضحة له؟
فيقال: لا مانع من ذلك وإن خالف بعض أهل العلم في وقوعه:
فيقال: نعم وقع ومن أمثلته : نسخ التوجه إلى بيت المقدس،فإنه نسخ بالقرآن، وهم أمروا بالتوجه لبيت المقدس بالسنة، ثم جاء الناسخ ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)(البقرة: من الآية144)فصار القرآن ناسخاً للسنة.

ومن المسائل التي يختلفون فيهـا أيضاً هل الآحاد ينسخ المتواتر أم لا؟
فالراجح أنه ينسخ المتواتر، والعبرة بالصحة والثبوت، وأما الاستدلال لهذا فلا مجال له هنا.
ومن أقسام النسخ أقسامه بالنظر إلى الحكم التكليفي :
فالحكم التكليفي خمسة أقسام (الواجب والمندوب والمباح و المستحب هو المندوب والمكروه و المحرم ) فهذه خمسة أقسام، وبعضهم يجعلها أربعة، ويجعلون المباح تكملة للقسمة، لأنه مستوي الطرفين،لأنه لا مأمور بـه، ولا منهي عنه، فخطاب الشارع يكون إما بطلب الفعل، أو طلب الترك وطلب الفعل إما لزوماً، وهو الواجب، وإما أن يكون من غير إلزام وهو المستحب، وطلب الترك يكون إما إلزاماً وهو الحرام، وإما من غير إلزام فهو الكراهة، فهذه أربعة أقسام، بقي مستوي الطرفين وهو المباح، فبعضهم يلحقهم به تكملة للقسمة، والأحسن أن يفرق في هذا ويقال الإباحة على قسمين:
إباحة شرعية، وإباحة أصلية، فالإباحة الشرعية داخله في أقسام الحكم التكليفي، والإباحة الأصلية خارجة عنه،هذه مقدمة لا شأن لها بموضوع النسخ ، لكن إذا علم أن خطاب الشارع إما أن يكون أمراً أو نهياً، وكل منهما على قسمين:
أمرٌ لازم، وأمرٌ غير لازم، ونـهي لازم ونـهي غير لازم، فالأمر الذي على سبيل الإلزام، يمكن أن ينسخ على ثلاث صور:
1/ فيمكن :أن يتحول من الوجوب إلى التحريم مثل: استقبال بيت المقدس فإنه كان واجباً،فلو صلى أحد إلى بيت المقدس لكان فعله حراماً،فانتقل الحكم من الوجوب إلى التحريم، فهذا الوجه الأول.
2/ الوجه الثاني : أن ينقل إلى الاستحباب مثل الوضوء لكل صلاة، كان واجباً ثم نسخ ذلك ، فصار مستحباً.
3/الوجه الثالث: أن ينسخ من الوجوب إلى الإباحة ، مثاله: أنه كان يجب أن يتوضأ الإنسان إذا أكل شيئاً مسّته النار، ثم نسخ بعد ذلك فصار مباحاً، ولا يقال أنه يستحب للإنسان إن أكل شيئاً مما مسّت النار أن يتوضأ بخلاف الوضوء لكل صلاة.
أما ما أمر به الشارع أمراً غير لازم ــ وهو المستحب ــ فهذا أيضاً يكون نسخه على ثلاثة أوجه :
1/الوجه الأول : إلى الوجوب،ومثاله : صوم رمضان كان مستحباً لمن لا يريد، ويريد إخراج الفدية ( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ )(البقرة: من الآية184)) (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)(البقرة: من الآية184)فكان الإنسان مخيراً، والأفضل له أن يصوم ، فنسخ من الاستحباب إلى الوجوب ، فصار واجباً لكل مستطيع .
2/ الوجه الثاني : قد ينسخ من الاستحباب إلى التحريم: ويمكن أن يمثل له: بآيات الصفح والعفو ـ على القول بنسخها ـ ، فيقال كان في السابق يستحب العفو عن المشركين والصفح والمسامحة، ثم صار ذلك حراماً لأنه نسخ فصار الواجب هو قتالهم، وقد سبق بيان الراجح في هذه المسألة.
3/ الوجه الثالث : أن ينسخ من الاستحباب إلى الإباحة: وهذا يذكرون له أمثلة فيها إشكال.

مسألة : هل المباح يدخله النسخ ؟
نعم ،فينسخ إلـى التحريم،كما في لحوم الحمر الأهلية فإنها كانت مباحة، ثم حرمت عام خيبر لكن إباحتها كانت إباحة أصلية، وهي البقاء على حكم الأصل فلم يتعرض لها الشارع، وأما الإباحة الشرعية فتكون بإذن الشارع بخصوصها مثل إباحةالضب ،فإنه أكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم و سئل أحرام هو؟ فقال : لا " فإباحة الضب إباحة شرعية، والحاصل أن المباح يتصور نسخه إلى التحريم.

وأما المنهي فهو إما أن يكون على سبيل الإلزام يعني المحرم، فيمكن أن ينسخ إلى الإباحة،كما كان في أول ما فرض الصيام، يحرم المباشرة للنساء ليلة الصيام ثم أبيح ذلك: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)(البقرة: من الآية187)، كذلك الأكل والشرب، كان في أول فرض الصوم ، للصائم أن يأكل ويشرب إلى الفجر بشرط ألا ينام، فإذا نام بعد غياب الشمس ـ حتى لو لم يفطر ـ فليس له أن يأكل أو يشرب إلا بعد غياب الشمس من اليوم الثاني،ثم نسخ ذلك (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: من الآية187) فصار الأكل والشرب بعد أن كان حراماً صار مباحاً .
و قد ينسخ من التحريم إلى الكراهة .

مسألة مهمة ينبغي التنبه لها :
وهي أن النسخ قد يلتبس مع التخصيص، فالتخصيص: هو إخراج بعض أفراد العام بدليل، فحينما يقول الله عز وجل مثلاً )وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ )(البقرة: من الآية228)فهذا عام كل مطلقة، ثم يقول في موضع آخر )وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)(الطلاق: من الآية4)فالحامل لا تتربص ثلاثة قروء، و إنما عدتها وضع الحمل، فهذا من قبيل التخصيص .
وهكذا في قوله تعالى : )وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)(الطلاق: من الآية4) فالصغيرة التي لم تحض إذا طلقت و الآيسة ـ وهي المرأة الكبيرة التي انقطع حيضها وطلقها زوجها خرجت من عموم قوله تعالى : )وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(البقرة: من الآية228)فهذا إخراج لبعض العام، فصار التخصيص ملتبساً مع النسخ، فكيف نفرق بينهما ؟
يمكن أن يفرق بينهما بما يلي :
1/ أن يقال : إن النسخ رفع للحكم الشرعي بدليل شرعي، وأما التخصيص فهو ليس برفع إنما هو بيان، أي : بيان أن هذه الأفراد غير داخلة أصلاً في العموم ، فحقيقة التخصيص أنه قصر للعام على بعض أفراده، وليس برفع العام، فالأفراد التي خرجت من العام ليست مرادةً للمتكلم أصلاً ،ً و أما ما خرج بالنسخ فهو مراد، ثم رفع بعد ذلك.
2 / ومن الفروق أيضاً : أن التخصيص لا يرد على الأمر لمأمور واحد ، مثاله : لو أنه قال: أعتق رقبة، وأكرم زيداً فهذا مأمور لأمر واحد، فلا يمكن أن يخصص، فتقول أكرم زيداً إلا زيداً ، أو أكرم زيداً إلا بعضه . لكن يمكن أن ينسخ هذا: فتقول أكرم زيداً ، ثم تقول بعد ذلك : لا تكرم زيداً . فالتخصيص لا يرد في مثل هذه الصورة.
3/ ومن الفروق كذلك : أن النسخ يبطل حجية المنسوخ ، وأما التخصيص فيكون النص العام حجة لباقي الأفراد التي لم تخرج بالتخصيص .
4/ ومن الفروق أيضاً : على القول : بأن الآحاد لا ينسخ المتواتر، أو السنة لا تنسخ القرآن، أو القرآن لا ينسخ السنة، فهذا كله غير وارد في التخصيص، لأنه بيان وهو أسهل، وأما النسخ فهو رفع. ويحتاج إلى شروط ثقيلة، هذا عند من يمنعون في ذلك في النسخ .
5 / ومن الفروق : أن التخصيص لا يشترط فيه التراخي ، كما في قوله تعالى : )وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(النور:4) )إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا )(النور: من الآية5)فهذا تخصيص بالاستثناء جاء متصلاً بالنص، ومثله قوله تعالى : )وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(آل عمران: من الآية97) فصار على المستطيعين فخصهم لذلك وأخرج غير المستطيعين .
لكن النسخ لا بد فيه من التراخي .
6/ ومن الفروق : أن النسخ لا يدخل الأخبار المحضة ، بينما التخصيص يدخلها ، كما لو جاء مخبر فقال : هلك آل فلان، ثم بعد مدة قال: فلان نجى من الموت بأعجوبة ، فهذا تخصيص للعام السابق فالخبر يمكن أن يخصص لكن النسخ لا يرد على الأخبار المحضة.
7 / ومن الفروق : أن المنسوخ قبل ورود النسخ يعمل به فإذا جاء النسخ رفعه، أما التخصيص إذا عمل المكلفون بالعام ثم جاء التخصيص بعد ذلك فالواقع أنه نسخ .. فقضية العمل في باب تخصيص العموم غير وارده قبل ورود المخصص في وقت نزول التشريع فإذا عمل به المكلفين ثم جاء دليل يخصص فهذه مسألة رفع جزء العبارة أو بعض العبارة التي تركت الكلام عليها .. عرفتم الفرق.
فهذه ثمانية فروق بين النسخ والتخصيص فلا يلتبس بعد ذلك.
وأختم الكلام بالتنبيه على الأسباب التي من أجلها كثرت دعاوى النسخ :
و يمكن أن نجملها في ستة أسباب :
أولها: توهم أن ما شرع لسبب ثم زال السبب أن هذا من قبيل النسخ، كما سبق في آية ( الصفح والعفو مع آية السيف.
والثاني: الظن بأن أبطال الإسلام لما كان عليه الأمر أولاً، أن هذا من قبيل النسخ، بينما هي أحكام شرعت ابتداءً ، فليس هذا من قبيل النسخ.
والثالث : الاشتباه بين التخصيص والنسخ.
والرابع : الاشتباه بين البيان والنسخ , كتقييد المطلق ، وبيان المجمل، وسبق أن السلف يعبرون كثيرا عن هذه الأشياء بالنسخ.
الخامس : توهم وجود تعارض بين نصين لا يمكن الجمع بينهما، والواقع أنه يمكن الجمع بينهما كما في كثير من الحالات . ولهذا كان ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ يقول لا تأتيني بنص في كتاب أو سنة تدعي فيه التعارض إلا جمعت بينهما, فأحيانا العالم يستشكل الجمع بين نصين فيحكم أن هذه الحالة هي من قبيل النسخ وليس الأمر كذلك.
السادس: وهو حمل ألفاظ السلف على غير وجهها في هذا الباب .
أهم المؤلفات في الناسخ والمنسوخ :
أذكر أربعة من أهم الكتب في نسخ القرآن: وهي :
1 / الناسخ والمنسوخ ، لأبي عبيد القاسم لابن سلاّم.
2/ الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه، لمكي بن أبـي طالب .
3/ نواسخ القرآن ، لابن الجوزي .
4 / الناسخ والمنسوخ لأبـي جعفر النحاس . فهذه الأربعة كتب هي أجلّ الكتب في باب الناسخ والمنسوخ ـ على حسب ما أعلم ـ والكتب كثيرة جداً ،لكن هذه أجمعها وأعظمها.
والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 
جزاك الله خيرا ..
لكني أسألك وأنا من ساكنات الدمام عن موعد هذا الدرس لفضيلة الشيخ هل هي في الدمام ؟ وأين ومتى تقام ؟
 
جزى الله فضيلة الشيخ الدكتور / خالد السبت خير الجزاء على هذه المهمات

وحيث أن أولى هذه المهمات كانت قبل خمسة أعوام, ولتفرق هذه المهمات في الملتقى
أحببت أن أضع روابط هذه المهمات تسهيلا للمهتمين بهذه المهمات
الحلقة الأولى: المعتى والنشأة
الحلقة الثانية: في موضوع الوحي
الحلقة الثالثة: تنزلات القرآن
الحلقة الرابعة: أسباب النزول
الحلقة الخامسة: مكان النزول
الحلقة السادسة: أول مانزل وآخر ما نزل
 
[frame="2 50"][align=center]جزيت خيراً ـ أبا عبد الرحمن ـ على جمعك لهذه الحلقات هنا
وأنبه الأخت التواقة أن هذه الدورة عقدت منذ وقت طويل في الدمام وهي موجودة في تسجيلات ابن الجوزي الإسلامية وغيرها[/align]
[/frame]
 
((وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ))
لو تأملنا في الآية الكريمة لوجدنا أنّها لم تقل : يئسن من الحيض ، وإنما : (يئسن من المحيض) وبينهما فرق .
فالمحيض يطلق على وقت نزول الحيض .
فمن ارتابت في محيضها -لاستحاضة أو لاضطرابٍ فيه- ، فلم تعلم وقته ويئست من معرفة ذلك فعدتها ثلاثة أشهر .
 
عودة
أعلى