الملتقى الدولي الثالث للحركة التنصيرية في المغرب العربي بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة

إنضم
28 مارس 2011
المشاركات
604
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
من الله علي بزيارة الجزائر أخيرا للمشاركة في الملتقى الدولي الثالث : الحركة التنصيرية في المغرب العربي في نصف قرن 1960 / 2010م يومي 13/ 14 جمادى الآخرة 1432هـ الموافق لـ: 16/ 17 ماي 2011م
وفيما يلي برنامج الملتقى على أنني سأعود إلى وصف هذا الملتقى بشيء من التفصيل ريثما أستريح من عناء سفر دام أياما، وأيضا إلى حين توصلي بتقرير مفصل عنه من قبل الأستاذ الدكتور محمد بوروايح سلمه الله، فلقد وعدني بذلك وإني أنتظر إنجاز الوعد...
 
شكرا أيها الشيخ العلامة الحسن محمد ماديك وعسى أن تكون السفرة القادمة إلى موريتانيا التي نتشوق إلى المشي على ثراها والكون بين أهلها الذين هم للفؤاد طبيبا وللخاطرا جبرا وللترح سلوى....
 
كنت نوهت ههنا بالملتقى الدولي للحركة التنصيرية في المغرب العربي لأمرين اثنين: الأول/ أنني أرى أن كل مؤتمر أو لقاء أو تظاهرة علمية يكون محورها ومدارها الإسلام وكشف كيد حاقديه، والدين والدفاع عنه، فهي داخلة في المؤتمرات واللقاءات القرآنية التي أنشئ من أجل التنويه بها هذا الملتقى العلمي المبارك، فإن الحديث عن التنصير في بلاد الإسلام ذبٌ عن القرآن الكريم،وتسفيه لرأي من أراده بكيد من المنصرين والخارجين عن الملة من أبناء المسلمين...
الثاني: أن هذا الملتقى الدولي الثالث بالجزائر قد حوى من الفوائد الزوائد ما يهش له قلب المتابع الأريب، ويطرب له فؤاد الفطن اللبيب وذلك ما سأقصه على مسامع مرتادي هذا الملتقى المبارك قريبا إن شاء الله تعالى...
 
ونحن بانتظاركم أستاذنا الفاضل
كل الشكر لكم.
 
بوركتم دكتور محمد ، والحمد لله على سلامتكم ، ونحن بشوق لأوراق المؤتمر ، ولما طرح فيه من مداخلات.
 
رأيت أن أبادر إلى نشر نص مشاركتي في الملتقى الدولي للحركة التنصيرية في المغرب العربي ديانة وابتغاء مرضاة الله وأداء للنصيحة الواجبة على من شدا طرفا من هذا العلم، بيد أنني أستشير المشرفين على هذا الملتقى المبارك أين يكون النشر هنا أو في الإنتصار للقرآن الكريم
 
تأخر جواب المشرفين نفع الله بهم ورأيت بعد استشارة وروية أن أنشر بحثي الذي شاركت به في ملتقى الجزائر هنا، وهذا أوان الشروع في المقصود بعد دعاء الواحد المعبود.

الإعلامُ الموجَّه لخدمة حركة التَّنصير في المغرب الأقصى

إعداد: أ.د/ محمد بن زين العابدين رستم

أستاذ التعليم العالي جامعة السلطان سليمان كلية الآداب بني ملال شعبة الدراسات الإسلامية المغرب.

بحث مقدَّم إلى الملتقى الدولي الثالث عن الحركة التنصيرية في المغرب العربي في نصف قرن 1960-2010م.

جامعة الأمير عبد القادر قسطنطينة الجزائر.

2011م.



المقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلَّم تسليما كثيرا.
أما بعد: فلقد كانتْ بُلدان المغرب العربي ولا زالتْ محطَّ مطامع الاستعمار الأجنبي، للتحكم في مواردها، والاستيلاء على خيراتها، وتوجيه شعوبها وفق الأهواء الخارجية، والسياسة الأجنية، ولم تعدم قُوى الشر والتبعية العالمية حيلةً في سبيل الوصول إلى مآربها، وتحقيق أهدافها وغايتها، فسخَّرت كلَّ طاقتها، وجنَّدت جميع مقدَّراتها للظَّفر بأمانيها المغرضة، ولنيل آمالها المُهيمِنة .
وكان من بين وسائل هذه القُوى الاستعماريَّة تسخيرُ رجال الدين النصراني، لبثِّ تعاليم النَّصرانية المحرَّفة في صُفوف الشُّعوب المسلمة التي تسكن في المنطقة المغاربية، في محاولةٍ يائسةٍ للنيل من الاستقرار الرُّوحي الذي تنعم به معظم شُعوب المنطقة المُستهدفَة.
ولقد كان المغربُ الأقصى بحكم موقعه الإستراتيجي وقُربه الشديد من أوروبا- محطَّ عناية الإرساليات التنصيرية، والبعثات التبشيرية الموجَّهة لخدمة الاستعمار والاستلاب في العالم الإسلامي، فبُذلت الجهودُ المضنية من أجل جعله معبرا لتعاليم النصرانية إلى إفريقيا وعالم ما وراء الصحراء، وكان عملتْ جيوش الرهبان والقساوسة - التي سُخَّرت من قبل قوى المكر والاستعمار في دول المغرب العربي- ، بكلِّ حيلةٍ من أجل الوُصول إلى أهدافها، وأخذتْ بكل وسيلة لتحقيق غاياتها ، بيْد أن أهمَّ الوسائل الحديثة التي لجأت إليها في العصر الراهن، استغلال التقدم التقني الهائل في وسائل الإعلام والاتصال.
وتحاول هذه المشاركة في هذا الملتقى العلمي المبارك عن التنصير، رصدَ مظاهر الإعلام الموجَّه لخدمة التنصير في المغرب الأقصى في العصر الحديث، في المدة الزمنية التي حدَّدها الملتقى الدولي الثالث عن الحركة التنصيرية في المغرب العربي في شعاره.

ولقد بعثَ على هذه الدراسة جملةُ أسباب منها:
1- انسجام الموضوع المبحوث فيه مع محاور هذا الملتقى الدولي عن التنصير، ودخوله ضمن أهدافه ومراميه، ومساهمته في الوصول إلى غاياته وآماله.
2- كثرة الوسائل الإعلامية التي لجأ إليها المنُصِّرون في بثِّ سُمومهم في المغرب الأقصى، وتنوع هذه الوسائل من إذاعات مسموعة، وقنوات فضائية مرئية، ومواقع إلكترونية مطروقة.
3- خطورةُ الضَّخ الإعلامي التَّنصيري الموجَّه إلى المغرب الأقصى، وعِظم أثره في صفوف جماهير المتلقين، وكِبرُ وقعه بين فئات المجتمع المغربي، واتساع مجال ظهوره في الراديو والتلفاز والموقع الإلكتروني...
4- عدمُ وقوفي مع البحث الشَّديد، والتتبع الزائد على دراسة جامعة في هذا الموضوع، رغم كثرة البُحوث والدراسات التي تناولت الظاهرة التنصيرية في المغرب الأقصى بحثا وتحليلا، وغايةُ الموجود نوعان من الدراسات التي قد تعرض لهذا الموضوع عرَضاً من غير تفصيل ولا إسهاب، فمن النوع الأول: كتبٌ كثيرةٌ اعتنى أصحابها ببيان تاريخ التنصير في المغرب، ودراسة أسباب الظاهرة والوسائل التي لجأ إليها النشاط التنصيري من أجل تحقيق أهدافه ومراميه، ومن النوع الثاني: كتبٌ قليلة معدودة، وقف أصحابها عند دراسة دور الإعلام السمعي والمرئي في الدعاية للنصرانية ونشرها في الوطن العربي عموما، أو في إفريقيا خاصة، ومن هذه الكتب، دراسة د/ أكرم شلبي عن" الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى العرب والمسلمين"،وبحث الأستاذ عبد الله علي صافي عن" الإذاعات التنصيرية في إفريقيا"، وهو عبارة عن مساهمة في ندوة التنصير والتغلل الاستعماري في إفريقيا التي عُقدت في جامعة إفريقيا العالمية سنة 1998م، وبحث الأستاذ عبد المجيد شكري عن:" الإذاعات الدينية والصراع الدعائي الدولي في إفريقيا" المنشور في مجلة بحوث الاتصال في جامعة القاهرة في العدد الثالث لسنة 1990م،ودراسة الأستاذة إنعام بنت محمد بن محسن عقيل عن:" أبرز المواقع التنصيرية عبر شبكة المعلومات العالمية الإنترنيت " المنشورة في الرياض سنة 2007م.
ودون هذه الدراسات بحوثٌ منشورةٌ على عدة مواقع إلكترونية في الإعلام والتنصير، قد يُعرف ناشروها، وقد لا يعرفون، كما أنَّ فيها الغث والسمين، والضعيف والمليح، بيد أنها لا تفيد في الوقوف على مظاهر الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب الأقصى على وجه الخصوص، لأنها تدور عن الإعلام التنصيري في العالم بأجمعه .
ولستُ أنسى ههنا ذكر مقالات د/ محمد السروتي- المتخصص في التنصير- المنشورة على عدة مواقع في الإنترنيت، والتي أفدتُ منها كثيرا كما هو ظاهرٌ من حواشي وهوامش هذه الدراسة، وإن كنتُ لا أعلمُ أنه خصَّ الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب ببحث مفرد.
ولقد رأيتُ أن يكون بحثي في هذا الموضوع من خلال المباحث التالية:
*المبحث التمهيدي: التنصير معناه ووسائله وتاريخه في المغرب وفيه:
المطلب الأول: في معنى التنصير وتاريخ تواجده في المغرب الأقصى.
المطلب الثاني: وسائل التنصير وأساليبه في ممارسة نشاطه في المغرب الأقصى .
* المبحث الأول: الوسائل الإعلامية التنصيرية الموجهة إلى المغرب الأقصى، وفيه:
المطلب الأول: المقصود بالإعلام ووسائله.
المطلب الثاني: أهمية الإعلام أداةً في خدمة التنصير
المطلب الثالث: البث الإعلامي التنصيري الموجه إلى المغرب .
* المبحث الثاني: نظرة تقييمية لوسائل الإعلام التنصيرية الموجهة إلى المغرب وفيه:
المطلب الأول: تفاصيل النظرة التقييمية لوسائل الاختراق التنصيري في المغرب.
المطلب الثاني: الجهود المبذولة في سبيل إيقاف الاختراق التنصيري في الإعلام الموجه إلى المغرب.
* الخاتمة في جملة من المقترحات والتوصيات التي تغني الإضافة العلمية في هذا الموضوع.
ولقد سلكتُ في البحث في هذه الدراسة مسلك قائما على منهج الوقوف على المعلومة في مصدر واحد، ومقارنتها بما في مراجع أخرى، كما كان من معالم هذا المنهج الاعتماد على الإحصاء والتقصي لعدد وسائل الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب، والإفاضة في ذكر أساليب الاتصال التي انتهجها النشاط التبشيري في بثِّ سمومه في أرجاء البلاد.
كما أنني لم أبسط القول في المبحث التمهيدي، لأنه كالتقدمة لما بعده، وصرفتُ عنايتي للإفاضة في المبحث الأول إذ كان لبَّ لباب هذا البحث، وزبدته ومقصوده.
واللهَ أسألُ أن ينفع بهذه الدراسة، وأن يكتب لها الحُظوة والقَبول، وأن يجزل بها الأجر، ويُعظم بها المثوبةَ إنه سميعٌ قريبٌ، وبالإجابة جدير.

المبحث التمهيدي:التنصير معناه ووسائله وتاريخه في المغرب

المطلب الأول: في معنى التنصير وتاريخ تواجده في المغرب الأقصى

أوَّلا: التنصير لغةً : : من التنصُّر، وهو الدخول في النصرانيةونصَّره تنصيرًا جعله نصرانيًّا.
ثانيا: التنصير اصطلاحا: لقد عرِّف التنصير في اصطلاح الباحثين فيه بعدة تعريفات، قد تختلف لفظا، بيد أنها تتفق معنى ومفهوما، ومن بين هذه التعاريف ما ورد في الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان من أنه:" "حركة دينية سياسية استعمارية، تهدف إلى نشر النصرانية بين الأمم المختلفة عامة، وبين المسلمين خاصة".
وعرَّفساسي سالم الحاج التنصير بأنه: " الدعوة إلى اعتناق الديانة النصرانية، ونبذ غيرها من الديانات الأخرى، سواء أكانت سماوية أم غير سماوية، كما أن بعض الديانات الأخرى لا تعرف التنصير، خاصةً اليهودية المنغلقة على نفسها".
ويزعم النصارى أن التبشير بدينهم أمرٌ قد صدر إليهم من المسيح عندما قال مخاطبا المؤمنين:""فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعَمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس".

ثالثا: تاريخ التنصير في المغرب الأقصى:
لسنا نملك أدلة تاريخية قاطعة، ولا شواهد خبرية يقينية عن تاريخ ممارسة الكنيسة لنشاطها التنصيري في المغرب الأقصى،ولذلك اختلف الباحثون في التأريخ لظاهرة التنصير في المغرب قبل الفتح الإسلامي وبعده، فمنهم من يرى أن المغرب- قبل الفتح الإسلامي - " عرف النصرانية عن طريق قرطاجنة، لكن دون استطاعة ضبط متى وكيف دخلت"،وهناك من الباحثين مَن " يرى أن دخول النصرانية إلى المغرب كان في القرن الرابع، وبهذا يفسر وجود بعض الزعماء الأمازيغ النصارى، وهناك رأي لأحد المؤرخين ينفي فيه اعتناق المغاربة للنصرانية باستثناء بعض المناطق الساحلية".
وأما في العصر الإسلامي في المغرب الأقصى، فلقد وردت أخبار في المصادر التاريخية، تفيد وجود أقوام نصارى استُخدموا في دول متعاقبة حكمت المغرب.
بيد أن الذي ينبغي إثباته هنا بصورة تكاد تكون يقينية هو أن التنصير في المغرب الأقصى- إبان القرن التاسع عشر الميلادي - كان يجري في ركاب الاستعمار، فكثيرٌ من المنصرين كـ:"دومنيك باديا"، و"خورخي دي هنين" ، و"شارل دو فوكو"، كانوا من طلائع جيش الاحتلال الغربي في المغرب الأقصى.

رابعا: وسائل التنصير وأساليبه :
لقد سلك التنصير من أجل الوصول إلى غاياته وأهدافه -كل أسلوبٍ مناسب لروح العصر الذي يبث فيه سمومه وتعاليمه، بيد أنه بالنظر إلى هذا الأسلوب،نجده معتمدا على طريقتين:الطريقة الأولى: الأسلوب المباشر، والطريقة الثانية: الأسلوب غير المباشر، وتقوم الطريقة الأولى على أساس " التحدي المباشر للإسلام عن طريق المناظرة لعلماء المسلمين"، بيد أن التنصير لم يمض قُدما في هذه الطريقة، وآثر استعمال الطريقة الثانية، لجدواها وعظم أثرها في جهدهم الكنسي الهادف إلى زعزعة عقائد المسلمين في العالم.
ولقد عُرِّف الأسلوب غير المباشر بأنه:" القوة الصامتة وغير المرئية التي لا تدخل في أي جدال، ولا تقبل أي اعتذار وعلى الرغم من ذلك تنتقل من العقل إلى القلب الضمير لتحدث معجزة التنصير".
ولهذا الأسلوب وسائل وأدوات يُتوسل بها إلى تحقيق الأهداف المنشودة، والغايات المحددة المرصودة، وتتمثل في:" الكراسات الدينية، الصحف، الرسوم الكرتونية المتحركة، الكتيبات والكتب، المجلات، دورات المراسلة، النصوص الإذاعية والتسجيلات، المسرحيات، ومواد القراءة والكتابة، ترجمات الكتاب المقدس، والصور والملصقات، وأي مواد إيضاحية أخرى".
ويمكن أن يُضاف إلى ما سبق من وسائل التَّنصير وأدواته: التطبيب، والتعليم، إذ ارتبط العمل الكنسي في بلاد المسلمين في العالم بتقديم المساعدة الطبية، والمعرفة العلمية عن طريق إنشاء مؤسسات تربوية، وبناء معاهد ومراكز ثقافية.
ونحن هنا لن نفصِّل القولَ في جميع هذه الوسائل والأدوات، بيْد أننا سنُعنى باستغلال التنصير للأعمال الدرامية والفنية من أجل بثِّ الفكر التنصيري في المغرب.
لقد عمد المنِّصرون إلى الترويج لعقيدة الثالوث في عدد من البلاد العربية والإسلامية والمغرب منها، بواسطة الفيلم التلفزيوني :"الابن الضال أو محبة الأب" الذي مُثِّل بالمغرب في ريف مدينة الناظور في الشمال، وعُرض باللهجة المغربية، وموضوعه يقوم على أساس معالجة " البطالة معالجة تنصيرية مستمدة من الإنجيل، حيث تم دمج إحدى قصص العهد الجديد المرويَّة في إنجيل لوقا من أجل إخراج الفيلم".
واستغل المنِّصرون الأغنية الشعبية المغربية للترويج لمعتقداتهم الفاسدة، فعمدوا إلى أغنية مجموعة ناس الغيوان، فغيروا في بعض مقاطعها لتصير أغنية تنصيرية، تصل إلى قطاع واسع من فئات المجتمع المغربي.

المبحث الأول: الوسائل الإعلامية التنصيرية الموجهة إلى المغرب الأقصى

المطلب الأول: المقصود بالإعلام ووسائله

1- المراد بالإعلام: هناك تعريفات كثيرة للإعلام نختار منها مايلي:
أ - "الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع".
ب – " المجال الواسع لتبادل الوقائع و الآراء بين البشر، أو أنه يشمل كافة طرق التعبير التي تصلح للتفاهم المتبادل".
2- المراد من وسائل الإعلام: ويقصد من وسائل الإعلام ، وسائط تداول المعلومات من صحف مطبوعة ومجلات منشورة، ودوريات محررة، ونشرات وملصقات، ويسمى هذا النوع من الوسائل بالوسائل المطبوعة أو المكتوبة، ومن وسائل الإعلام أيضا التلفاز وراديو ( محطات وقنوات فضائية، وإذاعات ) ومواقع إلكترونية ، ويسمى هذا النوع من الوسائل بالوسائل المرئية المسموعة.
المطلب الثاني: أهمية الإعلام أداةً في خدمة التنصير:

"لم نعد بحاجة إلى أن نؤكد على الأهمية البالغة والمكانة الكبيرة التي يحتلها الإعلام في المجتمع المعاصر، وذلك بعد أن أصبح النشاط الاتصالي جزءا رئيسا من الحياة اليومية للأفراد والجماعات المختلفة، وشريان الحياة في المجتمع البشري سواء في الأنظمة الديمقراطية

أو الشمولية...في البيئات الزراعية أو الصناعية، في المجتمعات المتقدمة أو النامية".

"وتتضاعف مكانة الإعلام المعاصر بعد أن حملت لنا الاكتشافات الحديثة والبحوث

المعاصرة معطيات تقنية، ووسائل إلكترونية، وإمكانات إعلامية، لم تتح للأجيال التي سبقتنا".

ولقد أدرك التنصير أهمية سلاح الإعلام في هذا العصر، فوظف جميع الوسائل الداخلة في مسمى الاتصال والمباشرة من أجل تحقيق أهدافه الكنسية، وذلك لأن الإعلام يتميز بعدة خصائص منها:سهولة وصول المعلومات إلى المتلقي، ومشاهدة المعلومة أو الخبر من قبل جمهور عريض عبر العالم، وتوفير الجهد والوقت من أجل الوصول إلى الغاية.

وتقوم الإستراتيجية الإعلامية التنصيرية المعاصرة على أساس المرسوم الذي أصدره المجمع المسكوني الفاتيكاني الذي عقد سنة 1962م، ومن معالم هذا المرسوم:

1- استخدام وسائل التعبير يعد واجبا كنسيا مقدَّسا من أجل نشر رسالة الخلاص بين الناس.

2- من الضروري أن تستخدم الكنيسة وسائل الاتصال الجماهيري، وأن تمتلكها لأنها ضرورية للتربية المسيحية ولكافة الأعمال الدعائية الأخرى.

3- ينبغي إنشاء محطات إذاعية كاثوليكية كلما سنحت الفرصة لذلك، وينبغي أن تكون على مستوى عال من الكفاءة والجودة.

4- الإسراع في إعداد الكهنة والرهبان القادرين، على استخدام هذه الوسائل لتحقيق أهداف الرسالة المقدسة – إعدادا فنيا وعقائديا وأدبيا مناسبا.

5- إنشاء مؤسسات محلية لإنتاج الأقلام السينمائية، وبرامج الراديو والتلفزيون وتدعيمها وتزويدها بكافة الإمكانات.

المطلب الثالث: البث الإعلامي التنصري في المغرب

أولى المنصِّرون عناية بالغة بالمغرب الأقصى من أجل العمل على تنصير أكبر عدد ممكن من أبنائه وساكنيه، فوضعوا الخطط والإستراتيجيات، وجندوا قوافل العاملين في الحقل الكنسي، ونشروا بينهم أنه لا بد من جعل النصرانية الديانة الرسمية الثانية بعد الإسلام في المغرب وذلك باستنبات أقلية مغربية نصرانية، كما أنهم خططوا لتنصير عشرة في المائة من المغاربة في أفق سنة 2020م، وأطلقوا شعار السنة –وهي سنة2002م - الدولية للصلاة من أجل المغرب

.An international year of prayer for morocco

ولقد خدم الإعلام بكل أنواعه نشاط المنصرين في المغرب، وذلك ما سنفصل القول فيه من خلال استعراض وسائل الإعلام الموظفة من قبل دعاة التنصير:

1- وسائل إعلام مطبوعة:

لقد أدرك التنصير دور الكلمة الدعائية المكتوبة في تحقيق الأهداف المبيتة لزعزعة المسلمين عن دينهم، فعملت المؤسسات التنصيرية في مختلف أنحاء العالم على التفنن في نشر النصرانية عبر الكتاب، و النشرة والمجلة والدورية، ويظهر حرص التنصير على توظيف هذه الوسيلة الإعلامية في العمل التبشيري، في قرارات مؤتمر كلورادو التنصيري التي جاء فيها:" إننا بحاجة إلى كتابات جديدة لكل جيل، ومطبوعات مختلفة لكل بلد وشعب، ويجب أن يفيض هذا الأدب بروح الحاضر إذا أردنا أن يجد له آذانا صاغية".

ويقول المنصر ريموند جويس:" إن موضوع وأهمية استخدام المطبوعات ووسائل الإعلام المتخصصة لتنصير المسلمين أمرٌ لا مغالاة فيه، فنحن نثير الاهتمام بالتنصير، ويتوجب علينا أن نطور استراتيجيات ومنهجيات أكثر فعالية، لكننا لا نستطيع أن نتوقع لجهودنا أن تستمر، أو لمكاسبنا أن تنمو بدون مطبوعات ووسائل إعلامية تبليغية واضحة ومقنعة ثقافيا ودينيا..".

ولقد عمل التنصير في المغرب على توظيف هذه الوسائل الإعلامية المطبوعة، ونشرها على نطاق واسع في المدن والقرى المغربية، ويتم ذلك وفق مخطط منهجي مدروس قائم على استعمال اللهجات المحليَّة للمناطق المغربية المستهدفة، وهكذا وُجدت مطبوعات بالأمازيغية والريفيَّة والسوسيَّة، فضلا عن اللَّهجة المغربية المعروفة بالدارجة المحلية.

ويُلاحظ من خلال ما سبق أن التنصير يريد أن يصل بخطابه، إلى أكبر شريحة ممكنة من الشعب المغربي المسلم المستهدف.

وفيما يلي عرضٌ لهذه الوسائل الإعلامية المطبوعة، وبيانٌ للموجود منها في المغرب:

* المطبوعات:يراد بالمطبوعات كتيبات تصدرها المؤسسات التنصيرية تحتوي على مادة تنصيرية سبق إعدادها إعدادا متقنا، وتكتب هذه المطبوعات باللغة العربية أو باللهجة المحلية المغربية، أو باللهجات المختلفة للمناطق المستهدفة في المغرب.

وموضوع هذه المطبوعات التنصيرية يدور حول المسيح هو المخلص الذي طهر البشرية بواسطة الفداء، كما إن من بين موضوعاتها سرد لحياة المسيح، وذكر لمعجزاته، وتفسير لنصوص الإنجيل...

ويلاحظ على هذه المطبوعات أن طابعيها تفننوا في شكلها الخارجي والداخلي، بحيث وُظِّفت جميعُ الإمكانات الفنية المتاحة من ألوان ورسوم وخطوط لإخراج النص إخراجا مثيرا ومعجبا مشوقا.

وهذه نماذج من الكتيبات المرسلة: حقائق أساسية عن المسيح، والثالوث في منطق العقل، والإيمان بالخطيئة، والصليب في منطق العقل، وهل من طريق،و" المسيح من التوراة إلى الإنجيل" وأضواء على حياة المسيح، وعون من الأعالي.

وأهم ما يرسل إلى الشباب المغربي من هذه المطبوعات:

* الكتاب المقدس: وتفننت الجهات التنصيرية الناشرة لهذا الكتاب، في طبعه في مختلف الأشكال والأحجام، مستعملة الخط العربي الإسلامي في كتابة ترانيمه ومقاطعه، إيهاما بأنه يجري مجرى القرآن الكريم، وتدليسا على الأغرار بأن يقبلوا عليه قراءة وتصفحا.

* تفاسير للكتاب المقدس: وهذا النوع من الكتاب المرسلة إلى الفئات المغربية بقصد التنصير، يعرض النصوص الإنجيلية مفسرا لها، وموضحا لمعانيها.

* المجلات: وهذه المجلات ترسل إلى من يود الحصول عليها من المراسلين من فئات المجتمع المغربي، و من بينها:

- مجلة نور الحق: وهي مجلة دورية عربية إنكليزية توزع مجانا، مقرها في أمريكا، ويتضح من خلال زاوية رسائل إلى المحرر منها، أن لها قراءً من المغرب، وللمجلة موقع على الإنترنيت:

وتقدم هذه المجلة التنصيرية موادها تقديما إسلاميا باستعمال مصطلحات إسلامية كمصطلح عيسى، كما تتعرض في صورها إلى استعمال الرموز الإسلامية كالملابس، والإستشهاد بالآيات القرآنية، وتخصص فقرات بعنوان أسماء الله الحسنى...

* كتب متنوعة: والمقصود كتب مؤلفة من قبل منصرين باحثين أكاديميين أو غيرهم من أجل تشكيك المغاربة في دينهم، منها كتاب: حقائق عن العرب في الجاهلية، جذور الشرع في الإسلام، وبوتقة ظهور الإسلام، ومصادر الإسلام، وأسرار عن القرآن، وهذه الكتب تقوم بعض الشركات المسيحية كشركة SERVICE BIBLIQUE AU MAROC المتواجدة في المغرب بتوزيعها على بعض المكتبات الموجودة في الرباط مكتبة خدمة الكتاب ومكتبة كليلة ودمنة ، والدار البيضاء- مكتبة خدمة الكتاب - ، ومكتبة شاطر في مراكش.

2- التنصير عن طريق الوسائل السمعية:

أولا: الراديو:" منذ أكثر من سبعين عاما مضت أدرك الغرب المسيحي أهمية استخدام الإذاعة بالراديو لنشر المسيحية في شتى أنحاء العالم...كان الراديو هو الوسيلة الأمثل للوصول إلى الناس سريعا وفي مناطق بعيدة منهم والمتعلمين على حد سواء، لم تكن الإذاعات الدينية المسيحية تستهدف المسيحيين في المقام الأول....ومن ثم انصب الاهتمام الرئيسي على غير المسيحيين من الذين لا دين لهم، أو الذين يعتنقون ديانات أخرى ويأتي المسلمون في مقدمتهم".

ولما أدرك التنصير أهمية الراديو في الوصول إلى أهدافه وغاياته، عملت المنظمات التبشيرية على تأسيس مئات الهيئات الإذاعية، ومؤسسات الإعلامية، والاتحادات التي تهتم بعقد عشرات المؤتمرات للنظر في سبل تطوير العمل الإذاعي من أجل حسن توظيفه في عملية التنصير، فكان أن قامت جهات إذاعية عالمية كبرى تهتم بقضايا التنصير، وتجعله مدار عملها و تدبيرها، منها: راديو الفاتيكان، وإذاعة حول العالم، وإذاعة صوت الغفران، ونداء الرجاء...

" ومع عدم وجود إحصاء دقيق لعدد المحطات الدينية التنصيرية في العالم، إلا أن أهم ما يلفت النظر في هذا الصدد أن هناك أربع عشرة محطة تنصيرية تبث إرسالها باللغة العربية على مدى 1500 ساعة أسبوعيا، تبت أربعة من قبرص، وأربعة أخرى من موناكو، وتبث واحدة من روما، وثلاثة أخرى من جزيرة سيشل".

ونورد هنا أهم الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المغرب، ونتبع ذلك بالنظر في أساليب بعضها في مباشرة عملية التنصير، ونشر المسيحية.

* راديو الفاتيكان: من روما، وهو يستعمل 34 لغة من بينها العربية في القسم العربي ، الذي توجه برامجه إلى الشرق الأوسط، وإفريقيا الشمالية، وللراديو موقع على الإنترنيت.

* راديو إبراهيم: وهو موجه إلى شمال إفريقيا، وله موقع على الإنترنيت.

* راديو حول العالم:و مقرها موناكو وهي تابعة للهيئة العالمية للتنصير، وجاء في التعريف بها في موقعها على الشبكة العالمية للمعلومات كما يلي:"أهدافنا : تهدفإذاعة حول العالم إلى زيادة الوعي الثقافي والاجتماعي والروحي لكافة شرائح المجتمع المختلفة، بواسطة تقديم المشورة العملية من قبل مختصين في ضوء الكتابي المقدس...نحن نبث بأكثر من 195 لغة ولهجة من 13 موقع إرسال قوي وعبر الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنيت...اللغة العربية هي إحدى اللغات التي تبثها إذاعة حول العالم....مستخدمين عدة لهجات اللهجة العامية المصرية، السودانية، التونسية، المغربية وغيرها."

* إذاعة صوت الغفران: وهي تذاع من ألمانيا، ويغطي بثها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولها مستمعون من المغرب كما يدل على ذلك بريد المستمع في موقعها على الإنترنيت.

* راديو المحبة: ومقرها مالقة بإسبانيا، وجاء في التعريف بها في موقعها على الإنترنيت ما يلي:" بدأت العمل في ربيع 2001، راديو المحبة محطة جديدة تشارك الأخبار السارة عن يسوع عبر المغرب.."، وواضح من هذه الديباجة أن هذه الإذاعة موجهة أساسا إلى المغرب.

* راديو 4 المغرب: له موقع على الانترنيت، وهو راديو لمسيحيي شمال إفريقيا.

ثانيا: أشرطة التسجيل المسموعة: لم يتوان التنصير في المغرب من استعمال كل وسيلة تقربه من غرضه في الوصول إلى بث الشك والريبة في نفوس المسلمين المستهدفين، ومن وسائله المسموعة التي لجأ إليها موظفا، الشريط المسجل، أو الألبوم الممغنط،أو الأسطوانات المدمجة وكان سبيلهم في ذلك توزيع الشريط الدعوي الذي يُرجى منه نشر تعاليم النصرانية، أو المساهمة في إنتاج أشرطة أو ألمبومات لأغاني تمجد المسيح وتتغنى بتعاليم المسيحية فمن الضرب الأول، مجموعة من الأشرطة المسموعة التي وزعها المنصرون في مدينة الناظور الشمالية، شريط حياة المسيح، إذ كان سدنة الكنيسة يوزعونه على المقاهي، وفي المحلات التجارية التي تصادفهم أثناء جولانهم في شوارع المدينة، ومن الضرب الثاني، عدة ألمبومات حديثة باللهجة المغربية منها ألمبوم للفنان الذي سميه الشاب المغربي الموسوم بـ:" حب عظيم"، وألمبوم لفريق المغرب يسبح ، وهو عبارة عن ترانيم مغربية، وألمبوم نغمة لحياتي ، وألمبوم روحي عطشانة، وفيديو أغنية أنا مسيحي مغربي.

* ثالثا: التنصير عن طريق الوسائل السمعية البصرية:

أ - القنوات: يعد التلفزيون الوسيلة الإعلامية الأكثر شعبية وانتشارا بين الناس، إذ قلَّ بيتٌ ليس فيه هذه الوسيلة التواصلية التي لهل أثر كبير في تشكيل الوعي ، وبناء الشخصية، والتحكم في التصرفات، ولقد تفطن التنصير إلى دور هذه الوسيلة الإعلامية الهامة في الوصول إلى غاياته التبشيرية بين الشعوب المستهدفة، فعمل على إنشاء عشرات القنوات الفضائية والأرضية التي تبث بمختلف اللغات واللهجات، وتوظف أفضل الكوادر من شتى التخصصات، وتستعمل أحسن الوسائل الفنية، وأرقى التجهيزات التواصلية، من أجل الظهور في أصفى صورة، وأقوى بثٍّ، وأجمل منظر، لكي تخُلب لب المتلقي، وتسلب إعجابه وانتباهه، وتؤثر في عقيدته وهويته.

وفي الحق يصعب إحصاءُ القنوات الفضائيَّة التي يصل إرسالها إلى المغرب، لأن الأجواء مفتوحة، وعدد المحطات المسموح بها كبير، ولا توجد إحصائيات علمية دقيقة يمكن الاعتماد عليها، والاستهداء بمعطياتها، ولهذا سنذكر من ذلك ما أوقفنا عليه الاجتهادُ الخاص الذي جاء بعد البحث والتنقيب:

1- قناةSAT7 سات 7:" أول قناة عربية مسيحية تستقبل بثها منطقتي شمال إفريقيا والشرق الوسط أيام السبت، الأحد الخميس، الجمعة من مصر وقبرص وباريس تبث برامج متنوعة تجسد الحياة المسيحية في قالب مثالي مراعية في ذلك كل فئات المجتمع، حيث تفتح إرسالها بكلمات من الكتاب المقدس، ثم تتبع ببرامج السنابل المخصص للأطفال. ذا طابع تربوي يركز على تعليم الأطفال العادات والأخلاق المسيحية، إضافة إلى تقديم فقرات ترفيهية كالرسوم المتحركة والقصص والحكايات المتعلقة بحياة المسيح فضلا عن برامج المسابقات الذي يطرح أسئلة حول بعض جوانب حياة المسيح ومبادئ المسيحية التي تم التطرق إليها في البرنامج ويحصل الفائز إضافة إلى الإنجيل على عدة جوائز مغرية، منها صليب ذهبي،مع اختيار الأسئلة البسيطة لتمكن كل طفل تابع البرنامج من المشاركة والفوز، أما الكبار فقد خصصت لهم بقية الفقرات التي تنوعت بين أفلام ومسلسلات تتعرض لحياة الرسل وأخلاق المسيح، ولتكيف المشاهدين مع هذه البرامج رأى المنصرون أن يكون أبطال هذه الأفلام والمسلسلات من الوجوه التلفزيونية والسينمائية المصرية المعروفة الذين اعتاد المتفرج مشاهدتهم في القنوات التلفزيونية العادية ، وقصد تسهيل عملية الاستفسار أو طلب المشورة وضعت القناة أرقام الهواتف وعناوين المراسلة ليتصل به المشاهدون ،وكثيرا ما تتم قراءة رسائل هؤلاء من عدة دول عربية".
وللقناة موقع على الإنترنيت.
2- قناة المعجزة : وهذه القناة التنصيرية المسيحية تبث برامجها على Hotbird 8، ويغطي إرسالها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتواصل مع المشاهدين باللغة العربية، لأن الأمة العربية هي المستهدفة، وللقناة موقع على الإنترنيت ومشاهدون في كل مكان يصل إليه بثها.
3- قناة الكرمة: وهذه القناة مسيحية ناطقة بالعربية، يغطي إرسالها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبعض مناطق العالم من خلال القمر الصناعي النايل سات، وجاء في موقعها على شبكة المعلومات أن القناة تقدم يد العون المادي والمعنوي لكل من يطلبه؟؟؟.

4- قناة الحياة: تعد هذه القناة من أشهر القنوات الفضائية المسيحية في أجواء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوربا وهي تبث على عدة أقمار، وجاء في تقديم القناة لنفسها على موقعها:" إن فضائية قناة الحياة هي محطة تلفزيونية مسيحية تنتمي إلى عائلة أتباع المسيح، وغالبيتنا مؤمنون من خلفية إسلامية بالإضافة إلى مؤمنين من خلفية مسيحية متعددي الطوائف...".

ومن برامجها برنامج كشف القناع الذي يقدمه مغربي اسمه رشيد كان قد تنصر، وبرامج حوارية مع القمص زكريا بطرس، كما أن من بين برامجها الموجهة إلى المغاربة برنامج:" شنو سؤالك" باللهجة المغربية ويذاع في 12 ظهرا بالتوقيت المحلي، ومن بين أحدث برامج هذه القناة البرنامج الأسبوعي "سلام مع الله" بالدارجة المغربية، وهو عبارة عن دراسة مفصلة لرسالة الرسول بولس لأهل رومية.

2- التنصير عبر الأفلام السينمائية:

أدرك التنصير ما للأفلام السينمائية التي تعتمد على الحركة والحيوية من تأثير في الوصول إلى الأهداف المنشودة، فرصدوا الأموال الطائلة لإنتاج أفلام يكون موضوعها نشر تعاليم الكتاب المقدس،: ومن الأفلام التي فيها معطيات مسيحية واضحة، الفيلم الذي يحكي حياة المسيح ، ومن أشهر الأفلام التي أنتجت في هذا الاتجاه، فيلم:" من المهد إلى الصليب"، وفيلم " آلام المسيح" الذي أنتج سنة 2004م، وبعض هذه الأفلام ترجمت إلى العربية وبعض اللهجات المحلية، ونشرت على مواقع الفضائيات التنصيرية، ومواقع نصرانية خاصة بالمنصَّرين، كموقع منتدى المسيحيين المغاربة، ومن هذا القسم أفلام أنتجت متناولة قصص الأنبياء من خلال الكتاب المقدس، مثل الأفلام الخاصة بسيدنا يوسف عليه السلام، وقد تُرجم منها فيلم إلى اللهجة الأمازيغية ليسهل تداوله في الأوساط المغربية الناطقة بهذه اللهجة.

واعتنى التنصير في المغرب، كما هو حاله في بقية دول العالم، بإنتاج أفلام كرتون للأطفال ذات بُعد تبشيري، كالأفلام التي تحكي حياة الأنبياء.

3-التنصير عن طريق الإنترنيت:

استغل التنصير شبكة الإنترنيت التي تتميز بالانتشار الواسع بين الناس، فأنشأوا مواقع لا تحصى لبث سمومهم، ونشر تعاليم الكتاب المقدس، وعمل المنصرون على إنشاء:" اتحاد التنصير عبر الإنترنيت"،الذي يعقد سنويا مؤتمرا عاما يحضره ممثلو الإرساليات التنصيرية والقائمون على الصفحات التنصيرية على الشبكة الدولية، من أجل البحث في أفضل الطرق والمناهج لاستخدام الإنترنيت في الوصول إلى أهداف الدعوات التبشيرية.

ولقد أثمرت هذه الجهود التنصيرية ظهور آلاف المواقع التنصيرية على الشبكة المعلوماتية، إذ الإحصائيات تؤكد أن نسبتها تحتل على الإنترنيت 62 في المائة من المواقع.

ولقد استغل المنصرون الإنترنيت في المغرب من أجل مخاطبة الشباب المغربي لفتنتهم عن دينهم، وذلك عبر رسائل تصلهم من مواقع تنصيرية معروفة بعدائها للإسلام.

ولا يمكن إحصاء المواقع التنصيرية التي يسمح بدخولها إلى الفضاء المغربي، لكثرتها وتنوع أغراض أصحابها، بيد أننا هنا سنولي اهتماما بالمواقع التنصيرية المغربية التي أمكن التعرف عليها من خلال البحث والتنقيب في الشبكة العالمية للمعلومات، فمنها:

موقع أصدقاء: Asdika.org1-

وهذا الموقع المسيحي المغربي اتخذ له شعارا يقول:" صديق قريب في كل حين..."، وتطالعنا في الصفحة الرئيسية منه الخدمات التالية:
التأمل اليومي​
ترانيم مغربية​
برامج إذاعية​
برامج تلفزيونية​
ألبوم الصور​
منتدى أصدقاء​
الإنجيل بالدارجة المغربية​
مواضيع مسموعة​
أسئلة الإيمان الأساسية​
اختبارات وشهادات​
سؤال وجواب​
دراسات كتابية​
مواضيع للقراءة
كتيبات​
دروس بالمراسلة​
خدمات الموقع
إتصل بنا​
مواقع أخرى​
قناة الحياة​

ومن أعجب ما في هذا الموقع ، توفير خدمة الاستماع إلى الإنجيل باللسان الدارجي المغربي، وأن التسجيل والترجمة كانا بترخيص من جمعية الكتاب المقدس المغربية؟؟؟!!!
2- موقع حب المغرب: Love morocco
وهذا الموقع قد زين بمناظر مأخوذة من طبيعة المغرب الخلابة، ولقد جاء في تعريفه على الصفحة الرئيسية:" نحن كنيسة مغربية تحب الله وتصلي من أجل المغرب كي يفيض عليها الله بالبركات، وتخضع للسلطات والملك وتصلي من أجلهم وذلك تطبيقا لما جاء في الكتاب المقدس...".

ومن بين عناصر هذا الموقع نقرأ ما يلي:

قراءة الكتاب المقدس.*

اختيارات المغاربة وهنا بالإمكان الاستماع إلى شهادات مغاربة تنصروا.*

* برنامج من دار لدار: وهذا البرنامج يقدم دروسا أسبوعية من الكتاب المقدس، وهي عبارة عن عدة سلاسل منها سلسلة الأساس الإيماني، سلسلة سماع صوت الله، وسلسلة محبة الله، وسلسلة شخصية المسيح ودمه الكفاري، وسلسلة الروح القدس، وسلسلة عن الشيطان، سلسلة كيف أصبح غنيا، وسلسلة الشفاء النفسي...

كما أن بالموقع إمكانية مشاهدة البث الحي لقنوات فضائية تنصيرية كقناة الشفاء، وقناة سات سبعة، وقناة سات سبعة للأطفال، كما أن بالإمكان الاستماع لعدة محطات إذاعية، منها: راديو لروحك، وراديو صوت الرجاء، وراديو المحبة.

3- منتدى المسيحيين المغاربة:
ويتكون المنتدى من عدة منتديات، نذكر منها ما هو ألصق بهذا البحث:
* منتدى قضايا المغاربة المسيحيين.
* منتدى قضايا مغربية ساخنة.
* منتدى الأخبار المغربية.

4- موقع الكنيسة المغربية: كنسية بلا جدران وبلا حدود:هكذا هو شعار هذا الموقع، الذي يقدم نفسه على أنه:" كنيسة مغربية لا طائفية...هدفنا نشر السلام والمحبة وإعلان مجد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في المغرب وخارج المغرب، يمكنك أن تصبح صديقا للكنيسة المغربية مهما كانت خلفيتك الدينية، إذا كنت مسيحيا مغربيا أو مسيحية مغربية، نشجعكم أن تعرفونا بأنفسكم وتصبحوا أعضاء في الكنسية المغربية على النت".

والموقع يوفر الخدمات التالية: دراسة الكتاب المقدس، تحميل الكتب المقدس، الاستماع للكتاب المقدس، مشاهدة القنوات الفضائية المسيحية....

5- موقع الشاوية: وهو موقع موجه إلى شمال إفريقيا ، ويستعمل عدة لغات ولهجات منها اللهجة الأمازيغية، ومن أغرب ما فيه الإنجيل بالشاوية؟؟؟.

ومما يمكن أن يلحق بتوظيف التنصير للإنترنيت، استغلال الحركات التبشيرية لما توفره الشبكة العالمية للمعلومات من وسائل تواصلية من أجل تلاقي الأفكار وتبادل المعلومات،كخدمة الفايس بوك، وبالتولك ، وغرف الدردشة التي قد تصل سعة الواحدة منها إلى ألف شخص حيث تكلف سنويا ما قيمته 220 ألف درهم مغربي:

: Facebook-1

ومن المواقع المغربية المسيحية موقع تابع للكنيسة المغربية،أو موقع الإنترنيت في خدمة الرب، وهو كما قال منشئوه:" صدى اختيارات وشهادات وأخبار ولقاءات وحقائق وأحداث للمغاربة العابرين من الإسلام إلى المسيحية".

2- غرفة المغاربة يسبحون الله أو المسيح، أو يمجدون المسيح.


المبحث الثاني: نظرة تقييمية لوسائل الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب

رأينا في المبحث السابق كيف وظف الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب جميع الوسائل المتاحة التي تدخل تحت مسمى الإعلام، قصد الوصول إلى غاياته وأهدافه، من تعديل كفة المسلمين الراجحة في هذه البلاد التي سعدت بإشراق نور الإسلام على ربوعها، وهذا المبحث معقودٌ لبيان المستفاد من طريقة توظيف الإعلام التنصيري الدعائي الموجه إلى المغرب، والنظر في سبل التعامل مع خطره الداهم، إيقافا لزحفه، وتقليلا من جدواه وأثره.

المطلب الأول: تفاصيل النظرة التقييمية لوسائل الاختراق التنصيري في المغرب.

إن المتأمل في واقع الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب، يرى أنه لا يكاد يخرج عن التوجه العام الذي يسلكه الإعلام التنصيري الذي يخاطَبُ به العربُ والمسلمونَ في أنحاء مختلفة من العالم، إذ الخطط واحدة، والمنهاج متحد، مع اختلاف يسير يراعي الخصوصية المغربية، كاستعمال اللسان الدارج- اللهجة المغربية - في وسائل الدعوة إلى تعاليم المسيحية المبشر بها.

ويمكن أن نسوق النظرات التقويمية لهذا الخطاب الإعلامي الرامي إلى التبشير بدين جديد في المغرب كما يلي:

1- اعتمدت وسائلُ التنصير الموجه إلى المغرب ، السمعية منها والبصرية على أحدث وسائل الاحتواء والاستهواء المتبعة من أجل الوصول إلى مرحلة الاستلاب والتبعية، فالأساليب التنصيرية المتبعة في البث الإذاعي مثلا، تقوم على أساس مبدإ الاستقطاب الذي يكون مداره على استمالة المستمعين المغاربة المسلمين، وذلك بأن تكون المادة الإعلامية المذاعة أو المشاهدة، ذات محتوى مغربي، ونكهة مغربية، وذلك ملاحظٌ في استغلال الإعلام التنصيري لإيقاعات مغربية من أجل إنتاج ترانيم مسيحية، أو أغاني نصرانية ظهرت في شكل ألمبومات أو تسابيح أو غير ذلك.

ومعلومٌ الأثر الجلي الذي يتركه اتباع مثل هذا الأسلوب في نفس المتلقي الذي يهش للمضمون المأنوس لديه، فينساق وراء ما فيه من أطروحات ونظريات.

ولقد استطاع الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب أن يسير في هذا الاتجاه الإستقطابي، بتأليف جماعة من المغاربة المتنصرين، المغرر بهم، والذين هم في الحقيقة شرذمة من العملاء المأجورين، فسلط عليهم الأضواء، وأبرزهم على أنهم شهداء الحق، وطُلاَّب الحقيقة، والباحثون عن الخلود، وذلك بما أضفى عليهم من صفات البطولة والزعامة والشجاعة، مما بوأهم عنده منزلةً رفيعة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فظهروا في برامج جماهيرية ذاتِ نسبةِ مشاهدةٍ عالية، كبرنامج كشف القناع الذي يقدمه رشيد المغربي المتنصر؟؟

2- ساهم التنصير العالمي ذو الإمكانيات المادية الكبيرة، والقدرات الفنية المتقدمة في العناية بالمتنصرين المغاربة الجدد الذين يسميهم بالعابرين – أي الذين عبروا من الإسلام إلى المسيحية- فأنشأ لهم مواقع على الشبكة العالمية للمعلومات، وأنفق في ذلك ما في وُسعه من قدرات مادية ومعنوية، فكانوا بهذه المواقع الإلكترونية روافد للإعلام التنصيري الأصلي الوافد من الخارج.

3- لم يدخر الإعلام التنصيري الوافد من خارج المغرب وُسعا في إيهام المتلقي للخطاب التنصيري، بأنه بالإمكان أن يكون المغرب بلدا يتعايش فيه المغاربة المسلمون جنبا إلى جنب مع مغاربة مسيحيين، وأن تكون الديانة المسيحية قسيمة الإسلام في أرض لم تعرف غير الإسلام دينا، ولقد توسل الإعلام التنصيري في ذلك بعدة وسائل منها الترويج لفكرة أن نصارى العالم يصلون من أجل المغرب، ويسبحون الله من أجل حصول الهداية للمغاربة ؟؟؟، ومن ذلك أنهم أطلقوا عدة شعارات على بعض وسائلهم الإعلامية الإلكترونية يرى من ظاهرها أنها في مصلحة المغرب، كتسميتهم لموقع مسيحي مغربي، موقع حب المغرب، وإظهارهم في الصفحة الرئيسية منه لمناظر متعددة من مدن وقرى المغرب، وكأنهم يوهمون المتصفح أنه بالإمكان أن تشرق شمس المسيحية على هذه الربوع المسلمة؟؟؟؟

4- سهَّل الإعلامُ التنصيري الموجَّه إلى المغرب سبل الاتصال والتعارف بين الوسائل التي يستعملها وبين المتلقين، وذلك بما أحدث من طرق للاتصال السريع الفعال، عن طريق البريد العادي،أو البريد الإلكتروني، أو الهاتف أو الجوال، أو الرسالة القصيرة أو غير ذلك.

5- أطلق الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب عدة شعارات تلبيسية في الوسائل التي وظفها من أجل التبشير بالمسيحية، منها شعارات أن المتلقي إذا كان يشعر بالضيق فما عليه إلا أن يتصل بإحدى وسائل الإعلام المسيحي، أو أنه إذا كان حائرا فليكتب إليهم شاكيا عارضا مشكلته، فسيجد الحل، لأن الرب قد أمرهم بمساعدة الخلق وتخفيف آلامهم؟؟؟؟؟

وأنشأ الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب هيئة متخصصة بتلقي أسئلة الحيارى والمتشككين في الدين، والجواب عنها.

6- تقوم خطة التنصير الإعلامي الموجَّه إلى المغرب على أساس فتح باب الحوار والنقاش، بين الوسيلة الإعلامية وبين الجمهور المتلقي، كما أنها تقوم أيضا على أساس تلقين مبادئ النصرانية عن طريق المراسلة في دروس مسلسلة على مراحل ومراتب، فيها توجيه وتثقيف، وتلقين وتعليم، ودس ومكر لا يخفى على المطالع لها الأريب، ولقد تفنن الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب في هذه الدروس عبر المراسلة في العرض والصورة والكيفية، إذ يختم الدرس عادة بجملة من الأسئلة التي يطالب المستفيد بالجواب عنها، لكي يُهدى نسخا من الكتاب المقدس، وأشرطة تنصيرية، وهدايا أخرى سخية.

و" هذه الوسيلة التنصيرية تثير فينا أسفا مزدوجا، أوبعبارة أخرى تؤسفنا من ناحيتين: الأولى ما يحصل من جراء الدروس بالمراسلة من التضليل ومحاربة العقيدة الإسلامية، الثانية: عدم استخدام المسلمين لهذا الأسلوب الدعوي الذي يتسابق ويتحمس المنصرون فيه اليوم ويستبشرون بثمراته".

ولقد استهوت هذه المراسلات كثيرا من فئات المجتمع المغربي حتى تحدثت التقارير المختلفة عن وجود 150 ألف مغربي ترسل إليهم الدروس التنصيرية عبر البريد من أوربا ومن مركز التنصير الخاص بالعالم العربي، وليس يبعد أن يكون هذا العدد صحيحا عن الحقيقة، خاصة أننا وقفنا على كثير من شهادات مغاربة تنصروا ، واعترفوا أنهم كانوا يتابعون مثل هذه الدروس عبر المراسلة.

7- موضوعاتُ الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب مختلفة، بيد أن أغلبها يدور حول التشكيك في العقيدة الإسلامية، وبث الريبة في الثوابت، بالترويج للشبهة عن الله في المعتقد الإسلامي، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة والشعائر الدينية، وذلك من خلال البرامج الإذاعية أو التلفزية، أو المواقع الإلكترونية، التي نمثل بواحد منها اشتمل على عدة منتديات منها: منتدى فضائح إسلامية، ومنتدى كذبة الإعجاز القرآني، ومنتدى المرأة في الإسلام، ومنتدى سيرة محمد تحت المجهر، ومنتدى الإرهاب في الشريعة الإسلامية...

8- تهيئ وسائل الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب فرصة الاستماع إلى الكتاب المقدس، بالعربية واللهجة المغربية، وتتفنن هذه الوسائل في إبرازه إذ يكون ذلك بصوت ذي نبرة واضحة، كأنه يحاكي أسلوب تجويد القرآن الكريم، وكل ذلك مبالغة في الاستقطاب والاستدراج، كما أن المواقع الإلكترونية المسيحية المغربية تمنح لمرتاديها فرصة تحميل الكتاب المقدس بأساليب حديثة سهلة ميسورة، أو فرصة قراءته عبر الموقع مصحوبا ذلك بالنص الإنجيلي مكتوبا.

9- بعض الوسائل الإعلامية التنصيرية الموجهة إلى المغرب، يكون دليلا على بعض، فبعض المواقع التنصيرية المغربية تعرض من جملة خدماتها البث المباشر لقنوات فضائية تنصيرية، كموقع الكنيسة المغربية على شبكة المعلومات، الذي يبث شريطا دعائيا فيه عدة قنوات فضائية تنصيرية كقناة المعجزة، وقناة الشفاء، وقناة سات 7...

المطلب الثاني: الجهود المبذولة في سبيل إيقاف الاختراق التنصيري في الإعلام الموجَّه إلى المغرب

لم يعد الحديث عن التنصير في المغرب من قبيل الحديث عن أمر متوهم غير موجود، ذلك لأن واقع الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب قد فرض نفسه، وأعلن برأسه، ولذلك وجب أن تُبذل جهود مضنية، من قِبل الدولة والأفراد لإيقاف الزحف التنصيري الموجَّه إلى هذه الناحية من أرض الإسلام.

ويمكن حصر الجهود المبذولة من قبل الدولة والأفراد لمحاصرة ظاهرة التنصير – والزحف الإعلامي الموجه إلى المغرب منها - في الآتي:

1- لم يتوان المخلصون من أبناء المغرب المسلم من السعي إلى إيقاف الزحف الإعلامي التنصيري الموجه إلى المغرب، وذلك بسلوك كل وسيلة إعلامية تواصلية كان الإعلام المضاد قد سلكها، فظهرت حملات على فايسبوك يشرف عليها شباب غيورون، منها حملة أطلق عليها:" باركا من حملات التبشير...جميعا ضد ترجمة القرآن بالدارجة المغربية"، وشيد بعض الغيورين على البالتورك غرفة تحت شعار:" المغاربة يسبحون الله تعالى" للرد على المسيحيين والمنصرين، كما أنشأ كثير من الباحثين في التنصير في المغرب مدونات شخصية تخدم الخطوات العملية لمحاربة التبشير في قرى ومدن المغرب.

2- دخل التنصير في المغرب ضمن اهتمامات مواقع إلكترونية ترصد التنصير في بلاد العروبة والإسلام، ومن هذه المواقع مدونة راصد التنصير في بلاد المسلمين، وموقع فرسان التوحيد، ففيها رصد لظاهرة التنصير في المغرب من خلال عرض جملة من المقالات والدراسات التي تبحث في هذه الظاهرة تاريخا ووسائل وآثارا.

3- اتخذت الجهات الرسمية عدة إجراءات لمكافحة التنصير، منها ترحيل من ثبت قيامه بأعمال تبشيرية من أفراد الإرساليات التنصيرية المتواجدة في المغرب، وقيام بعض المؤسسات ذات الطابع الرسمي كالمجلس العلمي الأعلى بإصدار بيان بخصوص وجوب التصدي لظاهرة التنصير ، ومكافحته في جميع أشكاله، وإرساله رسالة تأييد إلى السلطات المغربية موقعة من قبل سبعة آلاف عالم من علماء المغرب.

كما أن بعض الهيئات العلمية في المغرب قد تنادت إلى عقد ندوات ولقاءات للنظر في أفضل السبل لمكافحة التنصير.

وارتفعت بعض الأصوات تنادي بوضع إستراتيجية متكاملة طويلة الأمد لمحاربة التنصير بمختلف أشكاله في مدن وقرى المغرب.

وباشر بعض الغيورين على الدين والهوية، الدعوة إلى محاكمة بعض الجهات التنصيرية التي تمارس أعمالا تبشيرية في حق أطفال وناشئة صغار يريدون بها اغتيال دينهم وإطفاء جذوته في نفوسهم.

ويرى كثير من الباحثين في الظاهرة التنصيرية في المغرب، أن الجهود الرسمية لمكافحة التبشير غير كافية، لأنها مرحلية موسمية، ولا تأخذ طبع الاستمرارية والديمومة، بل إن بعض المسؤولين قلَّل من خطر الظاهرة، وأفاد أن للمغاربة مناعة ضد لوثة التنصير؟؟؟.

4- تكاثفت جهود كثير من الباحثين في الظاهرة التنصيرية بالمغرب من أجل كتابة بحوث ودراسات ومقالات تدق ناقوس الخطر، وتنبه الغافل، وتصور واقع التبشير في البلاد، ونشرت هذه البحوث والمقالات في جرائد مغربية سيارة ذات جمهور واسع، ونسبة قراءة عالية.

الخاتمة

كانت هذه الدراسة عن الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب، إطلالة على الأساليب الحديثة التي انتهجها التنصير العالمي في المغرب الأقصى للترويج للمسيحية في أرض إسلامية، ولقد أسفرت هذه الدراسة عن الثمرات الآتية:

* تميزت الخطة الإعلامية التي سلكها التنصير في المغرب باتباع أحدث ما توصل إليه الإعلام من تقنية حديثة، وتكنولوجية معاصرة.

* توسع الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب في استعمال أساليب التواصل مع مختلف فئات الشعب المغربي المستهدف، إذ استغل الراديو والتلفاز والإنترنيت وما جرى مجراها من وسائل الاتصال الحديثة التي انتشر استعمالها من قبل الشباب، ولم يعد الإنسان العربي المعاصر في غُنية عنها.

* استطاع الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب أن يخترق القرى المغربية، والدروب الضيقة، والمسالك الملتوية، لإيصال – كما يزعم- كلمة الرب، وهداية يسوع، وذلك لصبر المنصرين وجلدهم في الدعوة إلى باطلهم، واستماتتهم في نشر معتقداتهم وقناعاتهم.

* لقد مكنت الهجمةُ الإعلاميةُ التي سلكها التنصير لبث سمومه في المغرب الأقصى، من تأليف قلوب فارغة من الإيمان، واستمالة نفوس أشخاص تسعى إلى الكسب المادي، والربح الدنيوي، وهم – وإن كانوا في الأصل مغاربة- ففي الحق إن المغرب أرضا وسماءً يتبرأ منهم، ويود أن لو خرجوا عنه إلى أرض ليس فيها مئذنة ولا منبر، ولا هدى ولا كتاب مبين، إذ بدلوا جلودهم، وغيروا سحناتهم، ومسخوا هويتهم ومعتقدهم؟؟؟.

* لقد كان في اختراق الإعلام التنصيري لأرض وسماء المغرب الأقصى- مع ما في ذلك من بلايا ورزايا – نعمٌ وفوائدُ لاتحصى ، إذ تنادى المخلصون من أبناء هذا البلد المسلم بضرورة مواجهة هذا المد الكاسح، بما يقتضي ذلك من يقظة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ودراسة للأسباب الموضوعية لظاهرة الاختراق الإعلامي التنصيري، ورصد للخطوات العملية التي يسير بها متخفيا في الظلام بين الأودية والجبال، وإعداد لخطط المواجهة، التي تقتضي ما يلي:

أولا: السعي في حجب وسائل الإعلام السمعية والبصرية التنصيرية، التي أفسدت في البلاد طولا وعرضا، وأوقعت بين الناس فتنا وشرورا، وإذا تعذر ذلك- وهو متعذر مع نهج سياسة الانفتاح الإعلامي- فلا مناص من التشويش على هذه الوسائل بضربٍ من الحيلة التقنية التي يعرفها أهل الحذق لهذا المجال.

ثانيا: التشويش على المواقع وغرف الدردشة والمنتديات وغيرها من الصفحات الالكترونية التي تخدم التنصير الموجه إلى المغرب، ومحاولة اختراقها، وتعطيل وجوه الاستفادة منها من قبل المتصفحين والمراجعين.

ثالثا: إنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية متخصصة في رد شبهات التنصير الإعلامي الموجه إلى المغرب، وإمداد هذه الوسائل الإعلامية الإسلامية بكفاءات من دعاة وإعلاميين قد وقع إعدادهم إعدادا متقنا، إذ دربوا على المناظرة العلمية، والحجاج المنطقي، وسُلِّحوا بردود علمية لشبهات النصارى من كتب ودراسات المتخصصين في علم العقيدة ومقارنة الأديان.

رابعا: إنشاء مواقع إلكترونية وغرف للدردشة إسلامية، ومنتديات دعوية،على صفحات الإنترنيت لمواجهة الإعلام المعاكس، ولرصد شبهاته، والرد عليها.

خامسا: دعوة الباحثين في التنصير في المغرب العربي، والعالم الإسلامي، إلى عقد ندوات ولقاءات دورية للبحث في الاختراق الإعلامي الموجه إلى بلاد المسلمين، وإمداد مراكز ومراصد البحث في الظاهرة، بما يستجد من أساليب المكر التنصيري.

سادسا: إصدار مجلات ونشرات وتقارير علمية ترصد ظاهرة الاختراق الإعلامي التنصيري في المغرب، واستكتاب المتخصصين فيها، وتنسيق الجهود بين الهيئات الرسمية للدولة لرفد هذه المنشورات العلمية بالمعلومات الضرورية والإحصائيات الدقيقة، وتوزيع هذه المنشورات على نطاق واسع من المتخصصين والمعتنين، وعامة الناس.

سابعا: لا بد من العمل على تحصين الشباب تحصينا دينيا متينا، وتحسين دور الأسرة في هذا الباب وذلك بترسيخ القيم والثوابت الإسلامية الأصيلة في نفوس الناشئة،حفاظا على الهوية، وإبقاءً على الخصوصية.

وبعد فلا مفرَّ من الاعتراف بأن الاختراق الإعلامي التنصيري في المغرب قد آتى أكله، فلقد تحدثت الأخبار عن 45 ألف متنصر مغربي قد وقع استلابهم واستمالتهم،وذاع في الأوساط الصحفية أن المنصرين ساعون في استنبات أقلية مغربية نصرانية في المغرب، وإنشاء حزب سياسي مسيحي، وأنهم جادون – إن لم يفلحوا في ذلك أن يزعزعوا ثقة المسلمين بما في أيديهم من القرآن والسنة والتراث الإسلامي،وأنهم أنشأوا رابطة للمسيحيين المغاربة، ولذلك وجب أن تتضافر الجهود بين الدولة والأفراد من أجل مكافحة هذه الظاهرة، لكي يسلم الدين، وينجو العرض، وتبقى الهوية، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى أحسن سبيل وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
1- من هذه المقالات المنشورة في موقع الألوكة لأحمد أبو زيد مقالة بعنوان:" التنصير عبر الإذاعات والمراسلات"، وبحث منشور على موقع منتديات ملتقى التوباد الأدبي بعنوان:" دراسة استطلاعية حول إذاعات تنصيرية" من إعداد باحث من اتحاد إذاعات الدول الإسلامية.

2 - رسالة دكتوراه عن :" دراسة ظاهرة التنصير في المغرب حقائق ووثائق" وكانت تحت إشراف د/ محمد بنحمزة، ولم يقدر لي أن أطلع عليها، وأخبرني الدكتور المشار إليه لما لقيته في الملتقى بالجزائر أن رسالته لم تطبع، ولقد نصحته بطبعها قبل تقادم المعلومات الواردة فيها ولعله يفعل وفقه الله لكل خير .


- لسان العرب 14/ مادة نصر ص161.
- القاموس المحيط ص436.
- الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان ص159 الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
- الظاهرة الإستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية 1/55 الطبعة الأولى 1991م.
5 - إنجيل متى الإصحاح 28 الفقرة 20 بواسطة د/ محمد السروتي مفهوم التنصير لغة واصطلاحا مقال منشور على عدة مواقع في الإنترنيت.
1 - تاريخ التنصير في المغرب د/ محمد السروتي مجلة التذكرة الصادرة عن المجلس العلمي المحلي للدار البيضاء بالمغرب- المجلد الثاني العدد السابع 1428هـ ص136.
- المصدر السابق.
- المصدر السابق.
4 - تاريخ التنصير في المغرب د/ محمد السروتي مجلة التذكرة – مجلة المجلس العلمي المحلي للدار البيضاء - المجلد الثاني العدد السابع 1428هـ ص 138و مدخل لتاريخ ظاهرة التنصير في المغرب للدكتور محمد السروتي مقال منشور على عدة مواقع في الإنترنيت، والبعثات التبشيرية الأمريكية في المغرب الأقصى قبيل الحماية الفرنسية للدكتور تركي عجلان الحارثي المجلة التاريخية المغاربية العدد 63-64 السنة 18/ 1991م ص267 وما بعدها، والتبشير والاستعمار الفرنسي في المغرب العربي للأستاذ الحبيب الجنحاني مجلة الفكر الإسلامي العدد الثالث السنة الثامنة ربيع الثاني 1399هـ ص38 وما بعدها.
1- التنصير في إفريقيا الأهداف والوسائل وسبل المواجهة للدكتور مانع بن حماد الجهني مجلة البيان – ملف خاص بعنوان:" التنصير...هل أصاب الهدف"، العدد153 جمادى الأولى 1421هـ .
2- التنصير في المغرب، تجدد وتنوع في الأساليب في ظل صمت مريب د/ محمد السروتي مجلة البيان العدد الخاص بـ:"التنصير ...استراتيجيات وحصاد".
- المصدر السابق.
1- انظر الدور الإختراقي والاستعماري للطبابة الأوربية في المغرب للدكتور أحمد المكاوي منشورات الزمن المغربية 2009 ص73 وما بعدها.
2- التنصير في المغرب، تجدد وتنوع في الأساليب في ظل صمت مريب د/ محمد السروتي، مرجع سابق.
3- التنصير في المغرب، تجدد وتنوع في الأساليب في ظل صمت مريب د/ محمد السروتي، مرجع سابق، والأغنية المستهدفة هي أغنية الصينية وفيها صارت بعض مقاطعها هكذا: ولديا أترجاكم اسمعوا لي شويا أنا راني آمنت بالمسيح، نور حياتي وفي طريقه خذاني، وبدمه فداني وشراني" ، ومن عجب إبقاؤهم على لحنها الأصلي مع التحريف والتحوير؟؟؟
- الإعلام والدعاية عبد اللطيف حمزة دار الفكر العربي ص60.
- الإعلام الإقليمي دراسة نظرية ميدانية، إبراهيم عبد الله السلمي دار العربي للنشر والتوزيع ص19.
1- إشكاليات العمل الإعلامي بين الثوابت والمعطيات العصرية للدكتور محيي الدين عبد الحليم سلسلة كتاب الأمة العدد 64.
2- المصدر السابق.
3- الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى العرب والمسلمين د/ أكرم شلبي ص58 و59 مكتبة التراث الإسلامي القاهرة 1991.
- التبشير والإستشراق للدكتور علي مشاعل ص205.
2 - التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي ص491 الترجمة الكاملة لأعمال المؤتمر التبشيري الذي عقد في أمريكا سنة 1978.
1 - هذا نموذج للكتب التبشيرية التي توزع على المغاربة العائدين إلى أرض الوطن على الحدود انظر:رياح التنصير تهب على المغرب للمنتصر حمادة منشور على موقع جريدة مغرس المغربية على الإنترنيت.
2- ضبطت السلطات المغربية أمريكية منصرة في الرباط توزع هذا الكتاب الأخير على أطفال مغاربة، انظر جريدة الشرق الأوسط العدد 8155 27/03/2001م.
- يوزع هذا الكتاب على الدور والمنازل في أنحاء متعددة من المغرب.
- انظر العدد 1 من السنة 15 من نور الحق، والعدد4 من السنة 16 في زاوية رسائل إلى المحرر.
- جريدة الأسبوع المغربية الجمعة 23 نوفبر 2001م ص 7.
- الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى العرب والمسلمين ص7.
1- التنصير عبر الإذاعات والمراسلات لأحمد أبو زيد على موقع الألوكة.
- الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى العرب والمسلمين ص85.
- الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى العرب والمسلمين ص117.
4 MAROC -
- انظر نموذج للتنصير في مدينتين مغربيتين شرق المغرب على موقع طريق الإيمان.
- هذه الألبومات توجد في موقع أصدقاء المسيحي المغربي.
2- اعتنت الباحثة إنعام عقيل في كتابها:" أبرز المواقع التنصيرية عبر شبكة المعلومات العالمية" المطبوع بالرياض بالتنويه بهذه المواقع.
1- التنصير عبر الإنترنيت لأحمد محمود أبو زيد مجلة الجندي المسلم السعوديةالعدد 118 بتاريخ 1/1/2005م.
2- تنصير الشباب في المغرب..... إلكترونيا انظر موقع نبراس الشباب المغربي WWW.NIBRASCHABAB.COM
1 - اقتبس المنصرون هذا العنوان من عنوان مسلسل مغربي مشهور يعرض الآن على الفضائية المغربية الرسمية، وموضوعه عرض صور لخادمات البيوت .
- مغاربة في مواجهة التنصير عبر البالتولك في موقع حركة التوحيد والإصلاح السبت 01/11/2008م.
- التنصير بالمراسلة أسفٌ مزدوجٌ مقال منشور على موقع مداد.
التنصير عبر الإذاعات والمراسلات أحمد أبو زيد مقال منشور على موقع الألوكة. -
- توجد هذه الشهادات في عدة مواقع مسيحية مغربية سبق التنبيه عليها.
- هذه المنتديات في منتدى المسيحين المغاربة.
1 - طرد المغرب 20 أجنبيا حاولوا تنصير أطفال يتامى في منطقة عين اللوح وسط البلاد وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة إن هؤلاء المنصرين قد تم طردهم بسبب أعمالهم المخالفة للقانون وتصرفاتهم المشينة ضد مشاعر المواطنين والمضرة بالاستقرار الروحي للمملكة، قلت: والعجب من منظمات تنصيرية أجنبية رأت فيما فعله المغرب تطهيرا دينيا؟؟؟؟.
2- انظر بيان المجلس في موقع التنصير في المغرب فوق صفيح ساخن، وجريدة الإتحاد الاشتراكي 12/04/2010.
- عقدت عدة ندوات ولقاءات علمية في مكناس ووجدة وفاس وغيرها من المدن المغربية.
- هذا من تصريحات سعد العثماني من حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي.
3 - من أمثلة ذلك قيام الأستاذ مصطفى الرميد المحامي والنائب البرلماني برفع دعوة ضد أكاديمية جورج واشنطن التي مقرها بالدار البيضاء، لأنها مارست أنشطة تنصيرية في حق من يدرس فيها من الناشئة، انظر الخبر في موقع جريدة مغرس المغربية 15/04/2010م,
4 - انظر تساؤل عن الجهود الرسمية لمواجهة ظاهرة التنصير – المغرب أنموذجا محمد السروتي مقال منشور على موقع الألوكة، و الحركة التنصيرية بين صمت الدوائر المسؤولة وخطر الزحف المتواصل مصطفى عنترة جريدة المستقل العدد 805 16/7/2004
1- جريدة النهار المغربية 2004 العدد 186.
- انظر موقع جريدة هسبريس على الإنترنيت الاثنين 29/12/2008م.
 
كتب إلي الأستاذ الدكتور محمد بوروايح فجر اليوم مفيدا أنه سيرسل التقرير المفصل عن هذا الملتقى الهام خلال ساعات، فاللهم يسر ولا تعسر...
 
وصل إلي تقرير مفصل من الأستاذ الدكتور محمد بوروايح حفظه الله عن الملتقى الدولي الثالث عن التنصير في الملتقى الدولي بالجزائر وانتظر من يحمله وينزله هنا
 
هاهو ذا التقرير الذي أرسله إلي الأستاذ الدكتور المذكور سلمه الله ونفع به:
الحركة التنصيرية في المغرب العربي
في نصف قرن 1960/2010
قسنطينة / الجزائر أيام 16/17/ماي 2011

المغرب العربي في مرمى التنصير

بقلم الأستاذ الدكتور محمد بوالروايح
أستاذ التعليم العالي لمقارنة الأديان
قسنطينة- الجزائر-


إن الفرضية القائلة بأن الحركة التنصيرية في العالم لها امتدادات في كل القارات وعلى كل المستويات فرضية قوية عند بعض المراقبين والمحللين ، وهي عند بعضهم الآخر حقيقة أكبر من الفرضية لوجود كثير من الحقائق والوثائق التي تؤيدها . ولكن للحركة التنصيرية في دائرة امتداداتها أهداف مفضلة وأخرى مؤجلة ، وأهداف قريبة وأخرى بعيدة بحسب سلم الأولويات التي حددتها لنفسها منذ نشأتها. و لا شك أن المغرب العربي واحد من الأهداف المفضلة والقريبة للتنصير في آن واحد ، لأن بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني قد صرح منذ مدة في إحدى ' رسائله الرعوية' أن المغرب العربي يمثل منطقة حيوية للنشاط التنصيري هذا من جهة ، و من جهة أخرى فإن المغرب العربي هو بوابة إفريقيا التي تراهن عليها الكنيسة خاصة الكنيسة الكاثوليكية لاستعادة دورها ومجدها المسيحي في إفريقيا بعد مرحلة طويلة من ' الغزو الإسلامي ' و ' الاستلاب العربي' كما يزعم رجال الكنيسة .
و قد جاء الملتقى الدولي الثالث للحركة التنصيرية في المغرب العربي لنصف قرن ( 1960-2010 ) ، ليدق ناقوس الخطر بشأن تزايد ' الخطر التنصيري' في المغرب العربي ، خاصة أن الحركة التنصيرية اليوم استغلت الأحداث التي يمر بها المغرب العربي لتحول الرهان على مستقبله السياسي الذي لا يخلو من تحولات اجتماعية إلى رهان خاسر لا يصب في مصلحة شعوب المغرب العربي وإقامة اللحمة بين الحاكم والمحكوم والعودة الضرورية إلى القيم الإسلامية ، و لتحوله على العكس من ذلك إلى رهان حقيقي يصب في مصلحة المؤسسة الكنسية الراعية للتنصير ، من خلال محاولة إعطاء تفسير لاهوتي للوضع في المغرب العربي يعمل على تشكيل بوادر قناعة شعبية بأن الابتعاد عن تعاليم الخلاص المسيحي هو السبب الجوهري في كل ما حل ويحل بالمغرب العربي.
و رغم أن هذه المحاولة محاولة بائسة ويائسة، لأنه ثبت أنها لا تفضي إلى شيء و لا يلوي من يتولون كبرها على شيء، إلا أنها استطاعت أن تجد لها آذانا تطرب لكل نغمة نشاز و تتحفز لكل نشوز و نكوص يقلب المعادلة السياسية والاجتماعية و الدينية في المغرب العربي . و لا ريب أن أهم ما يغري المؤسسة الكنسية في هذه المعادلة على الإطلاق ما يتعلق بالجانب الديني الذي تزعم الحركة التنصيرية أنها الوحيدة التي تستطيع تحديد مساره و شرح سياقاته و تصور آلياته ومآلاته .
و مما يلفت النظر في مختلف موضوعات المداخلات التي ألقيت على مدار يومين كاملين ، هو وجود قناعة غالبة لدى أكثر المتدخلين بأن للتنصير ثقلا مركزيا أو نواة مركزية وعلى أطرافها صدى خافت أو رجع صدى لا يقدم و لا يؤخر.تقوم هذه القناعة على التسليم بأن الرقعة المفضلة للتنصير في المغرب العربي هي منطقة القبائل ، وليس هذا اعتباطا أو عفويا ، فللتنصير نظرية قديمة حول منطقة القبائل مفادها أنها كانت بربرية لردح من الزمن ، وأن الغزو العربي و الإسلامي قد نزع عنها صفتها و صبغتها البربرية و جعلها ترتمي في أحضان الحكم العربي أو العروبي أو الإسلامي.
أعتقد أن التسليم بتمركز النشاط التنصيري في منطقة القبائل بالكيفية التي يروج بها من جهات دينية وسياسية وإعلامية لا يساعد على إيجاد وعي حقيقي بالخط البياني الذي يسلكه التنصير في المغرب العربي ، فالتنصير له مواقع مفضلة وهذه قضية مسلمة ، و لكن ليس له مواقع محددة ، فهو ينتشر في كل هذه المواقع انتشار النار في الهشيم ليأتي على كل أخضر ويابس ، من خلال استمالة كل بائس ليصدق سنفونية الخلاص التي يعزفها المنصرون و يرقص على إيقاعها المستلبون.
تحدث الأستاذ محمد السعيد قاصري من جامعة المسيلة عن حركة التنصير في الجزائر( 1960-2010 ) بين الماضي والحاضر ' منطقة القبائل أنموذجا' ، وكانت النتيجة التي انتهى إليها هي أن التنصير لم يغير منظومته الدينية الأساسية على مر الزمان ، ولكنه غير وسائله لكي تتناسب مع الراهن والرهان الذي ينبغي أن يحققه في منطقة القبائل. وعاد بنا الدكتور نصر الجويلي من جامعة الزيتونة بتونس إلى مرحلة التبشير بالمسيحية في تونس في القرن التاسع عشر مستغلا عامل التفوق العلمي والتكنولوجي الذي حققته المدنية الغربية ، وانسحب بعد ذلك على المؤسسة التنصيرية وكان عاملا حاسما لتمرير ثقافة الخلاص المسيحي في تونس. وقرن الدكتور علي الصولي من جامعة الزيتونة بتونس بين التنصير و مسألة التجنيس في البلاد التونسية بين أحداث الجلاز 1911 و المؤتمر الإفخريستي 1930'قراءة في الفتوى المالكية' ، التي مفادها تحريم قبول فكرة التجنيس أي أخذ جنسية أخرى غير الجنسية التونسية العربية ، و قياسا على ذلك يمتد هذا التحريم – حسب الفتوى المالكية- لتحريم كل مظهر من مظاهر التعاون مع الحركة التنصيرية و لو لم تكن نتيجته الردة عن الإسلام. و حاولت الأستاذة مكلي شامة من جامعة تيزي وزو أن تحدد طبيعة عمل الحركة التنصيرية في منطقة القبائل بين جيل ما بعد الثورة و الجيل الحديث ، وأن يكون ذلك من خلال دراسة ميدانية تعتمد على تقصي الحقائق و سبر الآراء ، ومعاينة واقع التنصير في منطقة القبائل عن كثب ، ومدى قوة ردة الفعل تجاه هذه الحركة بالنسبة لجيل ما بعد لثورة و الجيل الحديث. أما الأستاذة صليحة بوالبردعة من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية فأثارت العلاقة التاريخية الجدلية بين االتنصير و الاستعمار ، وهي العلاقة التي أكدتها دراسات سابقة من قبيل ما قام به مصطفى خالدي و عمر فروخ و التي جمعت في كتاب قيم بعنوان ' التبشير والاستعمار في البلاد العربية '. أما الأستاذة مفيدة بلهامل من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية فقد اختارت لمداخلتها شخصية مسيحية مثيرة للجدل ، وهو الكاردينال لا فيجري مؤسس فرقة الآباء البيض في الجزائر و التي قامت بعمل تنصيري كبير مستغلة بعض الأوضاع الاجتماعية المزرية التي عاناها الأهالي في النصف الأخير من القرن الثامن عشر . أما الأستاذ يوسف الكلام من دار الحديث الحسنية بالمغرب فتحدث عن زعزعة عقيدة المغاربة المسلمين بين الواقع و القانون الجنائي المغربي قراءة في الفصل 220 ، وخلاصة ما ذكره أن تجريم التنصير له أدلته في القانون الجنائي المغربي ، لأن زعزعة الشعور الديني لا يقل في نظره عن زعزعة الشعور الوطني ، فالشعور الديني والشعور الوطني على سواء يؤديان وظيفة سيادية اعتبارية في المجتمع وأن أي مساس بهما يعد جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي. أما الأستاذ لونيس إبراهيم من جامعة سيدي بلعباس بالجزائر فقد تحدث عن تنامي حركة التنصير في المغرب العربي و بروز أخطار تطبيق مبدأ التدخل الإنساني ، وكان هدفه من هذه المداخلة ، تفنيد الادعاء التنصيري الذي يستند إلى شعار ' حقوق الإنسان' و ' حرية الإنسان في التدين' ليجد مسوغا مقبولا داخل مجتمعات المغرب العربي. أما الأستاذة شهيناز بلموفق من جامعة الأمير عبد القادر فقد تحدثت عن المعطيات و الأسس الأيديولوجية و الدوغمائية للتنصير ، وركزت على الأخطار التي تنبثق عن ذلك ، ورسمت في المقابل طرقا للمواجهة يجب أن تنطلق من نفس المنطلقات الأيديولوجية و الدوغمائية لدى الطرف الآخر و هو الطرف الإسلامي بما يتماشى مع الموروث الديني ، وهذا هو السجال الحقيقي الذي ينبغي أن يتفطن له من يحملون لواء المواجهة ضد التنصير. أما الأستاذ يوسف العايب من جامعة الأمير عبد القادر فقد تحدث عن المخاطر الدينية و الثقافية للحركة التنصيرية على الشعوب المغاربية ، وهي مخاطر متكررة ومستمرة لا يتحكم فيها عامل الزمان والمكان. أما الأستاذ فاتح حليمي من جامعة الأمير عبد القادر فقد التقى مع سلفه الأستاذ يوسف العايب في الإشارة إلى مخاطر التنصير على الجزائر في المدى المنظور والبعيد ، و لكن ما يميز موضوعه هو كونه دراسة استشرافية تتطلبها في اعتقادي المرحلة المعاصرة من تاريخ المعركة ضد التنصير. و كررت الأستاذة ثريا عزوزي من جامعة الأمير عبد القادر في مداخلتها الحديث عن أخطار التنصير لتؤكد مرة أخرى فرضية خطورة العمل التنصيري للرد على من يهونون منه أو لا يحسبون له حسابا بدعوى الحصانة الدينية والعقدية التي تتمتع بها الشعوب العربية والإسلامية ، وهي الحصانة التي لا أعتقد أنها تصل إلى حد العصمة من أية دعوة ردية أو كفرية أو تشكيكية تمارسها مؤسسات الغزو الغربي ومنها المؤسسة التنصيرية. أما الأستاذ بولمعالي نذير من جامعة المدية فقد تحدث عن رهانات تفكيك شعوب منطقة المغرب العربي بالدفع لإيجاد أقلية دينية فيه ، وهو الموضوع الذي يصب في المسعى التفكيكي الذي تباشره الحركة التنصيرية بالترويج لفكرة حماية الأقليات الدينية الموجودة في المغرب العربي ، ومن خلال هذه الفكرة يجد التنصير ضالته في توفير الحماية للجماعات التي يزعم أنها قبلت دعوته أو رضيت بالعقيدة التي يقوم عليها بديلا لموروثها العقدي. أما الدكتور محمد السروتي من المغرب فقد تحدث عن الصمت الرسمي والزحف التنصيري المستمر مرجحا أن فشلنا في معركة التنصير تتحمله الجهات الشعبية والرسمية و لا تتحملها جهة بعينها. أما الأستاذة زبيدة الطيب من جامعة الأمير عبد القادر فقد تقاطع موضوعها مع موضوع سلفها الأستاذ بولمعالي نذير حيث تحدثت عن التنصير ومشروع صناعة الأقليات في الجزائر ، وكيف يستخدم التنصير ورقة ' الأقليات الدينية' ليبرر عمله الخلاصي!!في المغرب العربي. أما الأستاذ أحمد بن إدريس من جامعة وهران ، فقد تحدث عن صورة الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية ودورها في توسع حركة التنصير بالمغرب العربي منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى اليوم ، وهذه إطلالة إعلامية يحاول الباحث من خلالها أن يبين أن للإعلام المعادي أو المضاد و الإعلام الغربي عموما دورا في تشويه صورة الإسلام و المسلمين ، وبالتالي إعطاء نوع من المصداقية للتنصير على أنه قارب النجاة وعنوان الخلاص الذي تنشده الشعوب العربية و الإسلامية. أما الأستاذة صافية دراجي من جامعة منتوري بقسنطينة فقد تحدثت عن منطقة القبائل من التغريب إلى التنصير ، وهو ما يفهم منه أن التغريب والتنصير وجهان للعمل التغريبي الذي يعد واحدا من الأهداف التي رسمتها المؤسسة التنصيرية في الجزائر وتحديدا في منطقة القبائل. أما الدكتور فوزي المهاجر من تونس فقد اختار الحديث في موضوع ذي صبغة لاهوتية ، في العلاقة بين لاهوت التبشير ولاهوت الحوار في الفكر الكاثوليكي من خلال المجمع الفاتيكاني ( 1962-1965 ). وتلتقي الفكرة مع قناعتنا بأن هناك إيماءات و إشارات لاهوتية لا تنفك عن مشروع الخلاص المسيحي ، هذا على الرغم من أن هناك اتجاها حواريا يظهر لأول وهلة من وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني. أما الأستاذ الدكتور محمد بوالروايح من جامعة الأمير عبد القادر فقد كانت له قراءة في بعض الوثائق حول النشاط التنصيري في المغرب العربي ، وقد أكد الباحث أن استمرار إنكار بعض الجهات الكنسية لأي وجود تنصيري في أية منطقة من العالم ومنها المغرب العربي يستدعي ضرورة الاحتكام -لحسم هذا الجدل- إلى بعض الوثائق الكنسية التي تؤكد حقيقة النشاط التنصيري في المغرب العربي بدءا بوثائق مؤتمر كولورادو عام 1978 إلى الوثائق الحديثة التي يتم ترويجها وتوزيعها بين أبناء المغرب العربي ، كما هو الشأن بالنسبة لوثيقة ' حق الاختيار ' التي توزع على نطاق واسع بين الشباب في المغرب . أما الدكتور عبد القادر سليماني من جامعة وهران فقد عقد مقارنة بين واقع النصرانية والإسلام في شمال إفريقيا ، وهو موضوع مستوحى في الحقيقة من التقرير الكنسي الذي تقدم به كريكوري لفنكستون الأمريكي ضمن أعمال المؤتمر التنصيري الذي عقد في مدينة جلين آيري بولاية كولورادو الأمريكية عام 1978 ، وهو التقرير الذي يقدم دراسة وصفية دقيقة لوضعية النشاط التنصيري في الشمال الإفريقي ومنها الجزائر التي يصفها الكاتب الأمريكي بأنها منطقة مهمة للعمل التنصيري وأن النتائج التنصيرية المحققة فيها لا ترقى إلى الأمل المعقود عليها. أما الأستاذة لمياء دحماني من جامعة عبد الرحمان ميرة ببجاية فقد تحدثت عن آلية الإقناع في الحركة التنصيرية من خلال قراءة في كتاب : الخبر السعيد يجعلك سعيدا ، والحق أن الباحثة تمتلك أداء لغويا و بلاغيا و تأويليا يعبر عن مخيال علمي واسع تجسد في صورة القراءات المتوازنة و الموضوعية ، التي لم تضع معها ثمرة الموضوع بل برزت بشكل لافت للنظر . أما الأستاذ حسين عمروش من جامعة المدية فقد تحدث عن التنصير الإلكتروني وكيف يستغل هذا الأخير الشبكة العنكبوتية العالمية لتطوير وسائله وتحقيق أهدافه و تحيين مناهجه مستفيدا من ثورة المعلوماتية لتطوير بنك المعلومات عن النشاط التنصيري في مختلف أنحاء العالم. أما الأستاذ حكيم رحمون من جامعة تيزي وزو فقد تحدث عن الوسائل الإعلامية في خدمة المسيحية ، وهنا يتجدد التأكيد على فعالية التأثير الإعلامي في ' لعبة التنصير'. أما الأستاذ الدكتور محمد رستم من جامعة السلطان مولى سليمان ببني ملال بالمغرب ، فقد تحدث عن الإعلام الموجه لخدمة الحركة التنصيرية في المغرب ، و الحقيقة أنه قد حشد في مداخلته كثيرا من الشواهد الإعلامية التي تؤكد حقيقة هذا الإعلام الموجه و هي مجموع النشرات والقنوات والفضائيات الإعلامية التي تمثل سندا كبيرا للعملية التنصيرية في المغرب. أما الأستاذ فريد اشكيرو فقد تحدث عن وسائل التنصير في الجزائر بين النظرية والتطبيق من خلال مؤتمر كولورادو ، وهذا الموضوع يحيلنا مرة أخرى إلى التقرير التنصيري الخاص بوضع النصرانية في الجزائر ، الذي يوجه اتهامات للسلطة الحاكمة في الجزائر بأنها تفرض نمطا حكميا و دينيا معينا لا يوفر الفرصة للأنماط والبدائل الأخرى ، ومنها بطبيعة الحال – كما ورد في التقرير- النمط الذي تعرضه المؤسسة الكنسية من خلال بوابة التنصير. أما الأستاذ إبراهيم إيدير من جامعة تيزي وزو فقد تحدث عن أسباب التضليل الحديثة عند المنصرين ' منطقة تيزي وزو أنموذجا ' ، وهذا الموضوع يتقاطع مع الموضوعات السابقة التي تتحدث عن الوسائل الحديثة للتنصير في شكل و سائل إعلامية أو معلوماتية أو غيرها. أما الأستاذة كاهنة زموش من جامعة تيزي وزو فقد تحدثت عن أساليب التنصير الحديثة ' القصة المكتوبة المصورة نموذجا ' ، وهذا الموضوع شبيه بالموضوعات التي سبقته إلا في الجزئية المتعلقة بالقصة المكتوبة المصورة. أما الأستاذ صابر راشدي من المركز الجامعي بالبويرة فقد تحدث عن أساليب التنصير في الجهة الشرقية لولاية البويرة ، وهو ما يمكن تسميته التنصير الجواري أو المحلي ، وهي طريقة لجأت إليها المؤسسة التنصيرية بعد اعترافها بفشل العملية التنصيرية الشمولية . أما الدكتور لمير طيبات من جامعة الأمير عبد القادر فقد ساق شواهد حية عن التنصير في الجزائر ، وهي الطريقة العملية المعايناتية التي نفتقد إليها في معركتنا ضد التنصير ، و لا شك أن هذه الشواهد التي ساقها تمثل رصيدا لا غنى عنه في متابعة و مراقبة النشاط التنصيري في الجزائر و المغرب العربي و البلاد العربية و الإسلامية بصفة عامة. أما الأستاذة مها محمود عيساوي فقد تحدثت عن تجربة شخصية في التعامل مع المراسلات التنصيرية ، وهذا الرصيد من التجارب الشخصية مهم جدا في فضح ألاعيب و أباطيل التنصير ، وكل صور الاستخفاف و الاستدراج التي يمارسها مع مختلف شرائح المجتمعات التي يتخللها و يحاول اختراقها. أما الأستاذة سامية مشتوب من جامعة تيزي وزو فقد تحدثت عن الحركة التنصيرية و آلياتها في الحرم الجامعي الجزائري ' منطقة القبائل نموذجا' ، و هذا الموضوع يعطي فكرة عن التنصير النخبوي الذي يستهدف النخبة الفكرية الجامعية ، وما يفرضه ذلك على هذه النخبة من واجب الدفاع عن القيم الدينية والوطنية ضد محاولات التنصير. أما الأستاذة مخلوف ساجية من جامعة الجزائر الثانية فقد اختارت الحديث عن العوامل النفسية الاجتماعية التي ساعدت على تنصير بعض سكان منطقة القبائل بعد الاستقلال ' دراسة ميدانية في منطقتي تيزي وزو و بجاية ' . أما الأستاذة الدكتورة سعاد سطحي من جامعة الأمير عبد القادر فقد تحدثت عن كيفية مواجهة خطر التنصير وعرضت جملة من الكيفيات ، كلها تحسم المعركة مع التنصير بالصورة التي يرتضيها قطاع كبير من العرب والمسلمين. أما الأستاذ عز الدين روان من جامعة تيزي وزو فقد اختار الحديث عن أساليب ووسائل مواجهة نشاط الحركة التنصيرية. أما الأستاذ عبد الكريم عاشور من جامعة بسكرة فقد كتب عن الآليات السياسية و القانونية لمواجهة ظاهرة التنصير في الجزائر ، وقد خصص حيزا من مداخلته لقانون ممارسة الشعائر الدينية الجزائري ، الذي يهدف إلى تنظيم الممارسة الدينية و ليس منعها أو عرقلتها كما فسرت ذلك الكنيسة المسيحية في الجزائر. أما الأستاذ نبيل زياني من المركز الجامعي بالطارف فقد كتب عن جهود علماء الجزائر في التصدي للتنصير خلال الفترة الاستعمارية ، وهي جهود ينبغي أن تثمن وأن تستمر في العصر الراهن لوجود حاجة ماسة إليها في ظل تنامي السرطان التنصيري في الجزائر. أما الأستاذ محمد بودبان من جامعة الأمير عبد القادر فقد أراد لجهود مواجهة التنصير أن تتجسد من خلال جهود الدكتور تقي الدين الهلالي المغربي في تلقين الناس الحجج في مواجهة التنصير. أما الأستاذ الدكتور صالح نعمان فقد أكد على دور ' الدرس الإعجازي ' في رد شبهات المنصرين، وهي طريقة نحتاج إليها في مواجهة ' التنصير العلمي ' إن صح التعبير . أما الدكتورة نادية الشرقاوي الباحثة بمركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب فقد تكلمت عن المرأة المسلمة المعاصرة ومؤسسة الأسرة في مواجهة خطر التنصير من خلال قراءة نقدية في نصوص مؤتمر كولورادو ، و تأتي أهمية الموضوع من أهمية العمل النسائي في معركة التنصير ، فلطالما حشدت الحركة التنصيرية جيشا من النساء لإنجاح مخططاتها ، و إن منطق المواجهة المثلية يفرض علينا نحن أيضا إعداد هيئة نسائية قادرة على تحمل مسؤولياتها في مواجهة التنصير الذي يستهدف الأسرة العربية والإسلامية. أما الدكتورة مروة محمود حجو خرمة فقد تحدثت عن ضوابط التعايش بين المسلمين والنصارى من منظور إسلامي ، وهو تعايش يمتد في الزمان والمكان . أما الدكتورة زبيدة بن ميسي من المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة فقد تحدثت عن ضرورة الوقاية قبل استفحال داء التنصير ، وهو الهدف الذي لا يتحقق إلا بوضع منظومة علمية و تربوية تقدم قراة علمية دقيقة للنشاط التنصيري.
هذه قراءة مختصرة للموضوعات التي عرضت في الملتقى الدولي الثالث حول الحركة التنصيرية في المغرب العربي أو تلك التي لم تعرض و لكن وردت ملخصاتها إلى اللجنة التنظيمية للملتقى ، فقد أردت أن أعرض هذه وتلك و لا أغادر منها شيئا لإعطاء صورة شاملة عن مختلف الموضوعات التي تتناول ظاهرة التنصير من وجهات نظر مختلفة.
لكن ماذا بعد ؟
إن أهم ما نبهت عليه في أثناء الملتقى كطريقة عملية لمواجهة التنصير يمكن تلخيصه في الخطوات العملية الآتية:
- يجب تفعيل المؤسسات العلمية والدينية والسياسية في المغرب العربي من أجل مواجهة التنصير الذي لا يتوانى في استحداث المؤسسات التي تضمن له حرية الحركة وسرعة الانتشار. إن الهيكل المؤسساتي المدعوم بالكفاءات العلمية خطوة لا محيص عنها لحسم المعركة مع التنصير.
2
- يجب أن ننتقل في معركتنا ضد التنصير من منطق المعاينة إلى منطق المغالبة، فكما أن التنصير يحشد كل جيوشه لترسيخ قدمه في المغرب العربي، فلا بد أن يكون لنا أيضا هذه التعبئة الشاملة.
3
-يجب استخدام المال الوطني والعربي والإسلامي من أجل قطع الطريق أمام التنصير الذي يستغل المشكلات الاجتماعية والضوائق الاقتصادية من أجل فرض عقيدته وتصوراته على ضحايا هذه المشكلات والضوائق.
تم بحمد الله
[FONT=&quot]
[/FONT]
 
سأشرع قريبا إن شاء الله في ذكر جملة من فوائد رحلة الجزائر بعد أن هدأ البال وفرحنا بلقاء الأحباب والكون على ثرى الوطن ذي الشان فاللهم تأييدك...
 
وهذة توصيات الملتقى
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]​
[FONT=&quot]في يوم الثلاثاء 14 جمادى الثانية 1432هـ، الموافق لـ 17 ماي 2011م، اجتمعت لجنة توصيات الملتقى الدولي الثالث حول الحركة التنصيرية في المغرب العربي، والمنعقد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، والمنظم من قبل مخبر البحث في الدراسات العقدية ومقارنة الأديان، التابعة لكلية أصول الدين والشريعة والحضارة الإسلامية.[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد التداول أوصت اللجنة المكونة من الأساتذة الآتية أسماؤهم، بما يلي:[/FONT]​
- [FONT=&quot]د. عمار طسطاس، (رئيس اللجنة)، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة.[/FONT]​
- [FONT=&quot]د.يوسف الكلام، مؤسسة دار الحديث الحسنية، الرباط المغرب.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. د. نصر الحويلي، جامعة الزيتونة، تونس. [/FONT]​
- [FONT=&quot]د. عبد القادر سليماني، جامعة وهران.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. إبراهيم إيدير، جامعة تيزي وزو. [/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. لمياء دحمان، جامعة بجاية.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. سامية مشتوب، جامعة تيزي وزو.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. زبيدة الطيب، جامعة الأمير عبد القادر.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. لحلح الزهرة، جامعة الأمير عبد القادر.[/FONT]​
- [FONT=&quot]أ. آسيا شكيرب، جامعة الأمير عبد القادر.[/FONT]​
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]العمل على تأسيس مركز بحوث مغاربي يهتم بظاهرة التنصير.[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]تفعيل وسائل الإعلام لمواجهة التنصير، بآليات منهجية وفكرية متطورة، (تفعيل قناة القرآن الكريم والأمازيغية في الجزائر). [/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]العمل على عقد ملتقى حول التنصير بصفة دورية.[/FONT]
[FONT=&quot]4. [/FONT][FONT=&quot]العمل على الترقية المعرفية والتكوين العلمي للأئمة والدعاة، للتمكن من مواجهة الظاهرة.[/FONT]
[FONT=&quot]5. [/FONT][FONT=&quot]تجديد وتطوير الخطاب الديني في الزوايا والمساجد. [/FONT]
[FONT=&quot]6. [/FONT][FONT=&quot]توجيه البحث العلمي في مجال التنصير إلى البحث الميداني.[/FONT]
[FONT=&quot]7. [/FONT][FONT=&quot]إشراك جميع المؤسسات و الإطارات والخبرات العلمية بمختلف التخصصات في مواجهة الظاهرة. [/FONT]
[FONT=&quot]8. [/FONT][FONT=&quot]استقطاب أصحاب رؤوس الأموال لدعم الجمعيات المهتمة بمواجهة التنصير.[/FONT]
[FONT=&quot]9. [/FONT][FONT=&quot]بث المداخلات المقدمة في الملتقى عبر قناة القرآن الكريم والمواقع الالكترونية.[/FONT]
[FONT=&quot]10. [/FONT][FONT=&quot]إقامة الملتقى الرابع في مدينة تيزي وزو.[/FONT]
[FONT=&quot]11. [/FONT][FONT=&quot]ترجمة ونشر ملخصات المحاضرات بمختلف اللغات.[/FONT]
[FONT=&quot]12. [/FONT][FONT=&quot]نشر أعمال الملتقى.[/FONT]
 
كانت رحلة الجزائر طافحة بالفوائد والغرائب، وسأذكر ههنا أهمها وأعجبها إلى الفؤاد،وأخلبها للب، وأنفعها للقراء، فمن ذلك:
ذكر رئيس جامعة الأمير عبد القادر أثناء جلسة الإفتتاح طرفة غريبة عن أندونيسي أراد المتربصون من المنصرين أن يخرجوه من إسلامه، لقاء ألف يورو يتقاضاها عن كل يوم أو شخص يأتي به متنصرا، قال الرئيس: قال الأندونيسي: فقلتُ في نفسي لأكيدنهم ولأمكرن بهم مكرا ـ وهم أحق من يمكر بهم، قال فأظهرت أني مسيحي خارج من الملة، وقلبي مطمئن بالإيمان، ونفسي تهفو إلى حج بيت الله الحرام بيْد أن النفقة كثيرة، وما باليد من المال لا يسد الرمق، ولا يشفي من ملق، فقلت مفتيا نفسي بنفسي لأحجن بالمال الذي ساقه الله إلي على يد هؤلاء، ولأستعملنه في الوصول إلى بيت الله الحرام، حيث الكعبةُ والحطيمُ، وزمزم والمسعى، ومعاهد الإسلام في المدينة النبوية، حيث الثرى الذي شرُف بأن مشى عليه أكرمُ الرسل وسيد الخلق، محمد بن عبد الله، ومعه صحبه الأكرمون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة البتول...
قلتُ: أعجبُ ما في هذه الطرفة ثبات الأندونيسي على دينه، وأما هل يجوز قضاء واجب بمال فيه شبهة من حرام، فذاك الذي تكون فيه المباحثة...
 
تميزت جلسات مؤتمر الجزائر ببحوث مميزة ألقاها أصحابها مستعينين بالأفلام الوثائقية القصيرة والشرائح المعبرة ، فساهم ذلك في وصول معاني العروض والمداخلات إلى شريحة واسعة من الحاضرين من السادة الأساتذة الباحثين، أو الطلبة المتابعين،أومن مطلق الناس المعتنين، وكان الذي شدني من ذلك كله عدة أفلام قصيرة مصورة تصويرا رائعا بجودة عالية، وتقنية فنية قد تكون مكلفة، بيد أن ذلك كله كان باعثا على أن يملك صاحبُ العرض القلوبَ، ويُلفت إليه الأنظارَ، ويسرق منهم الإعجابَ، وكانت هذه الأفلام القصيرة والشرائط المعروضة في الغالب بالأمازيغية القبائلية لأن المنطقة عندهم في الجزائر قد تغول فيها التنصير واستأسد، أو كانت تكون باللغة الفرنسية التي نعرفها نحن أبناء المغرب العربي، ذلك لأن من أنتج الفيلم كان فرنسيا أو من قناة فرنسية....
ومن الأفلام الوثائقية الصارخة التي عملت ضجة في القاعة، وأثارني أنا ما فيها، فيلم عرضته الأستاذة مكلي شامة من جامعة تيزي وزو في منطقة القبائل، عن طريقة تعميد الجزائري الذي يريد الدخول في المسيحية، وهو فيلم زلزل مني الأركان وأدمى مني القلب، وكثر منه أسفي، وتكدر منه خاطري، إذ يَظهر فيه جزائريون من القبائل وهو بالعشرات في فيلا كبيرة يرقصون ويغنون ويضربون على الآلات الموسيقية المختلفة، وفي وسط المنظر حوض متوسط الحجم قد ملئ ماء، وله سلم ينزل به إليه، ويقوم شخص بمساعدة من يراد له أن يعمد إذ يغطس في ماء الحوض غطسا، ولفترة وجيزة، حتى إذا بل جسده، وامتلأ رأسه بالماء، رفع من قبل ذاك الشخص إلا خارج الحوض، وكان أن أنهى طقوس التعميد فأصبح نصرانيا...
ولقد اشتد علي أنْ سمعتٌ قائلهم يقول بعد تعميده على هذا النحو: الآن أبصرتُ النور...قلتُ: وأي نور بعد نور الهدى والإيمان، ومفارقة حزب الرحمن، والدخول في حزب الشيطان، وإظلام الفؤاد بعد خروج مسمى الإيمان منه، والتلبس بدين محرف ما أنزل الله به من سلطان....
يتبع إن شاء الله
 
وأقول لكم أستاذنا الفاضل أنّ منطقة القبائل خاصة ولاية بِجَاية مأوى للمنصرين الذين يعيثون فيها فسادا و ما ذاك إلا بأياد غربية نعرفها نحن الجزائريون.والحمد لله أنّ علمائنا فطنوا لذلك و أصبحت تُعقد المؤتمرات في هذه المنطقة حتى يُسد الباب على كلّ منصّر أتانا من الخارج.فقط لو تتظافر الجهود وتتشابك الأيدي لتظل بلد الشهداء بلدا مسلما لا وجود للتنصير فيها.
بارك الله فيكم والجزائر تفرح بكم وتفخر.
 
كانت جلسات ملتقى جامعة الأمير عبد القادر عن التنصير في دول المغرب العربي غنية بالأفلام التسجيلية والوثائقية التي تفضح مخططات المنصرين في الجزائر العربية المسلمة، فمن ذلك شريط فيلم عن أساليب المنصرين في جذب أبناء المسلمين إلى النصرانية، وآخر عن تشويه صورة الإسلام في موقفه تجاه المرأة.
عرض الشريط الأول، لرحلة مدرسية لأطفال صغار من منطقة القبائل إلى رؤوس جبال معجبٌ منظرها، جميل شكلها، وارفة ظلالها، ساحرة أشكالها وألوانها، ورُئي في الشريط أطفال في عمر الزهور، حديثةٌ أسنانهم، فتيةٌ أجسامهم، مرحة أرواحهم، يغنون ويرقصون، ويشْدون ويزمرون، وتتمايل أجسادهم وهم يصدحون بأنشودة بالأمازيغية ترجمت كلماتها إلى الفرنسية، تقول: أنظروا إلينا نحن الصغار وكيف اجتمعنا، إننا نريد السلام، في مملكة الله، أقوالنا سلسة غير جارحة ، لا نريد أن نطعن في الآخرين...
قلت: هكذا يسرق المنصرون براءة هؤلاء الصغار السذج، ويربونهم على محبة الصليب الذي يظهر في الشريط مع صبيان لم يتجاوزا السنتان أو الثلاث أو الأربع..إن التعليم في الصغر كما قال السلف كالنقش على الحجر، ترى لو استفدنا من أساليب أعدائنا في تربية جيل من الشباب يحبون الله ورسوله كيف لا نهزم التنصير في عقر دارنا...
وعرض الشريط الثاني:لوضعية المرأة في الإسلام، إذ صور الشريط المرأة المسلمة على أنها مظلومة تعيش عيشة النكد والضنك، مطلقةً بأولادها، متسولةً على الرصيف تطلب قوت يومها، وأبرز الشريط المرأة النصرانية التي أنقذها السيد المسيح على أنها سعيدة لا تخاف طلاقا ولا تخشى فراقا، فالزواج عقد مؤبد مبني على محبة لا حدود لها، وعلى عشرة لا تنتهي إلا بنهاية رحلة الحياة...
قلت: أي صورة مشوهة عن الزواج في الإسلام تقدم إلى المغرر بهم، أم أن الزواج عندنا معاشر المسلمين مودة ورحمة، وحسن معاشرة وود لا شوبة فيه...
 
لم يعدم التنصير في الجزائر حيلة يتوسل بها إلى القلوب المؤمنة، من أجل أن يستميلها فيغتالها، ويُخرج منها إيمانها وإسلامها، ويذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ولقد تذرع بوسائل متعددة، منها ما يخطر بالبال ومنها ما ليس يخطر بالبال،وكان من ذلك ما يرى في ظاهره السلامة، لكن في باطنه العذاب والسم النقاع، والداء الفتاك والموت الأحمر،ومن ذلك ما قد أحضره بعض الأساتذة المشاركين في الملتقى من يومية صغيرة الحجم، كتبت عليها أسماء الأيام، وأعدادها، ولقد زُين غلافها الخارجي بمنظر أفقي لمنطقة القبائل الجبلية، وتُرى زرقة السماء، مع جمال الجبال، مع منظر بهي لقطيع غنم، يرعاه راع متنصر من أبناء المنطقة، وإذا أنتَ ذهبت تفتح اليومية طالعتك الأيام بتواريخها، في كل صفحة من صفحات اليومية، وقد كتب عليها ترنيم مسيحي، أو عبارات من الإنجيل، أو دعوة إلى تسبيح الرب المجيد...وأفاد الأستاذ الجالبُ لهذه الوسيلة التنصيرية، أن هذة اليومية توزع بأعداد وفيرة، بين الناس في احتفالات رأس السنة الميلادية وفي غيرها.
 
من المسائل الشائكة التي أثيرحولها جدال ونقاش ليس بالطويل في جلسات ملتقى الجزائر عن الحركة التنصيرية في دول المغرب العربي، مسألة إثارة الإرساليات التنصيرية لشبهة أن التاريخ الديني لمنطقة القبائل الأمازيغية قد عرف النصرانية دينا رسميا للقبيلة، فما يصنعه التنصير اليوم مبرر من جهة أنه يرجع بالمنطقة إلى دينها الأصلي، ويعيد المسيحية إلى تيزي وزو جذعةً، ويخرج الدين الوافد الجديد من الأرض التي كانت في يوم من الأيام تتعبد الله بعقيدة التثليث، إن البحث في التاريخ الديني للأمازيغ الساكنين في شمال إفريقيا ليظهر أن القوم كانوا من الوثنيين الذين يعبدون الحجر والشجر، ويعتقدون بتعدد الآلهة وتقاتلها، وبوجوب إفراد كل فرد فرد منها بالعبادة والتقرب، ولقد يقال إن ذلك وإن أثبته التاريخ بإحدى وسائل الإثبات المعروفة، فإن هذا الأمر موغل ٌ في القدم، وليس يصح فيه إثبات دين أو نفيه، قلتُ: إذا كان الأمر كذلك فلمَ يقع ُالتعريج على القبيح في التاريخ الديني للأمازيغ دون الحسن الجميل إن هذا التاريخ الذي أثبت أن البربر في شمال إفريقيا قد ارتدوا عن الإسلام إثنا عشر مرة،وذلك لعمرُ الله يستفاد منه أن الإسلام لم يكره أحدا على الدخول فيه، ما لم تكن القناعة به حاصلة ـ هو التاريخ الذي أثبت أيضا أن البربر لما أسلموا أخيرا، حسن إسلامهم، وثبتوا على دينهم، وقاتلوا دونه، ونشروه ورفعوا أعلامه في الآفاق، وفتحوا به الأندلس بقيادات بربرية: طارق بن زياد فمن هو دونه، وعملوا في الإسلام ما لم يعمله بعضُ العرب الذين كانت فيهم الرسالة، ونزل فيهم الوحي الخاتم، فألفوا كتبا ومجاميع ودواوين خدمت الثقافة الإسلامية في تفسيرها وحديثها وأصولها وفقهها وتاريخها وعلوم حضارتها...
وقد نفرض جدلا أن الأمازيغ كانوا قديما مسيحيين، فما الذي يكون من ذلك...قومٌ كانوا مسيحين أو كانوا وثنيين أسلموا، هل يعتد بماضيهم أو بخواتيم أعمالهم....
 
لم تكن الفرصة متاحة في ملتقى الجزائر عن الحركة التنصيرية في دول المغرب العربي من أجل مناقشة المشاركات المقدمة من قبل السادة الأساتذة، لكثرة هذه المشاركات ولضيق الوقت، وطول مدة العرض، وحصول الإملال، ولذلك لم يعط المناقشون كبير وقت من أجل التعقبات والملاحظات، وكان الذي حصل لي من ذلك أن علَّقتُ على مشاركة أحد الأساتذة الفضلاء، الذي تساءل في أول عرضه قائلا: إذا كنا لا نرى بأسا في نشر ديننا في العالم الغربي، فكيف نمنع غيرنا من نشر دينه في عالمنا؟؟؟ فكنت مما قلتُ للأستاذ الفاضل على عجل: هذه المقارنة ظالمة جائرة بين ما نقوم به نحن إن فعلنا وإلا فإننا لا نفعل، وبين هم الفاعلون المبادرون لأنهم أقوياء ظاهرون، وأليس نحن على الحق المبين وهم في الضلال المبين؟؟؟
أوليس ما بين أيدينا هو الدين الخاتم وما بأيديهم هو الدين المحرف المزور؟؟؟؟
أوليس نعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد، بينما هم يعبدون واحدا في ثلاثة أو ثلاثة في واحد؟؟؟؟
قلت: ومادريتُ بماذا أجاب الأستاذ المتعقَّب لأني لم أحضر جلسة تعقب التعقبات لطارئ ألمَّ.
 
كنت قلت فيما تقدم أن الإخوة الجزائريين من الباحثين المشاركين في الملتقى الثالث عن الحركة التنصيرية في المغرب العربي، قد أحسنوا إحسانا كثيرا في تجلية أمر التنصير في منطقة القبائل بما عرضوا من صور وأفلام وثائقية، حتى رسخ في نفسي أن الوضع في الجزائر خطير، وعظم عندي حال تيزي وزو، حتى أثَّر ذلك فيَّ، فقلتُ سرًّا لرئيس الجلسة التي عرضتُّ فيها مشاركتي:" كنتُ أقول لما كتبتُ عن الإعلام التنصيري الموجَّه إلى المغرب الأقصى ، إن الأمر عندنا خطير، فلما وقفت على جلية التنصير في الجزائر حمدت الله على السلامة"، فما إن طرق كلامي أذن رئيس الجلسة حتى قال لي:" اذكر هذا للحاضرين عندما تتاح لك فرصة إلقاء مشاركتك، فلا باس عليك إن شاء الله من ذكره"،وكذلك كان، فما هو إلا أن وجدت فرصة الحديث حتى ذكرت ما كان دار بيني وبين رئيس الجلسة، فضجت القاعة على اتساعها بالتصفيق، وفهم من ذلك موافقة الجميع على كلامي وتقديري...
وفي الحق فلقد تجمعت عندي دلائل وأمارات على أن وضع التنصير في الجزائر خطير، إذ ذكر لي أستاذ متخصص في الحديث وعلومه ما هالني، قال:" إن الطالبة التي أدرسها في الجامعة مسيحية، وجاري مسيحي، وزميلي في الجامعة مسيحي"؟؟؟
 
من القضايا التي أثيرت في جلسات ملتقى الجزائر عن التنصير في دول المغرب العربي، قضية مصطلحية تتعلق باستعمال لفظ التنصير أو الدعوة إلى الدين الكنسي، أو الدين النصراني، عوض استعمال لفظ التبشير، وقالت من طرحت القضية:إن التبشير يكون في الحق، ولا حق مع الدين المبشر به، ويكون بالخير، ولا خير في الدين الذي يرغبُ الناسُ فيه، قلتُ: هذا الرأي على وجاهته وقوته من جهة اللغة، والعقل والمنطق، إلا أن الذي شاع وذاع بين الباحثين إنْ هم تنزلوا فوصفوا العمل الكنسي الذي يراد به إدخال غير النصارى في النصرانية ـ بالتبشير، فإنهم لا يريدون الحقيقة اللغوية للفظة، بين إنهم يقصدون الحقيقة العرفية لها، فهي تعني عرفا وتداولا، واستعمالا وتوظيفا التنصير، فلا غضاضة على من يستعمل هذه اللفظة قاصدا المتبادر من معنى التنصير، لأن الكلمة أخذت بعدا صليبيا حاقدا على الإسلام والمسلمين.
 
لما كبر علي أمر التنصير في الجزائر الحبيبة اقترحت على بعض الأساتذة سرا أن يؤتى بجزائري مسيحي وتعطاه الحصانة ويوفر له مكان آمن للنقاش والجدال، وإن كان ذلك في مجلس ليس يحضره إلا الأساتذة المشاركون، فلا بأس، ويباحث المسيحي في عدة مسائل وقضايا منها: سبب تركه دينه، ما الذي زهده في الإسلام، هل وجد ضالته في النصرانية، كيف يوفق بين كونه يحمل اسما إسلاميا وبين كونه مسيحيا، كيف يعيش مسيحيا في وسط الغالب عليه الإسلام...
قلت: فما لبى طلبي أحدٌ، فطويته بيني وبين الله عز وجل....
 
قبل أن أنهي الكلام على الملتقى الثالث عن الحركة التنصيرية في دول المغرب العربي بالجزائر بفائدة فوائد هذه الرحلة العلمية الموفقة، رأيتُ أن أفيد القارئ عن المدينة التي عقد في رحاب جامعتها الموسومة بـ:" جامعة الأمير عبد القادر"، وهي مدينة الجسور المعلقة قسنطينة، وهي مدينة ذات هواء نقي صاف، على صخرة أو صخور مرتفعة، يجري وسطها واد أخبرت أنه يصب في سكيكيدة على البحر الأبيض المتوسط، وتمتاز المدينة بكثرة جسورها المعلقة بين جبلين أو صخرتين، وراقني فيها يومَ أن كنت فيها برودة جوها، حتى لقد شبهتها في ذلك بمدينة إفران المغربية في فصل الشتاء...وأغربُ ما فيها تبكير أهلها في الخروج إلى أعمالهم صباحا بُعيد الفجر، وسرعة أوبتهم إلى دورهم مساءً قبل مغرب الشمس، فتجد المحلات التجارية في الأسواق قد غُلقت أبوابها في وقت يخرج فيه الناس عندنا في المغرب للتطواف على المتاجر في العشيات بعد المغرب...وذكرتني المدينة بأزقتها الضيقة بطليطلة الأندلس، وفاس القرويين وتطوان الحمامة البيضاء عندنا في شمال المغرب...وفي الحق فشوارع المدينة نظيفة،و هي مرتبة ترتيبا عجيبا بحيث أينما توجهت بدا لك واد المدينة الذي يخرقها وعليه جسور ذوات عدد للإنتقال بين العدوتين، والوصل بين الجهتين...
وبعد فلقد أوشك القلمُ أن يضع نقطة النهاية، ويكتب سطر الختام،ليصل إلى فائدة الفوائد،وعائدة العوائد، وزائدة الزوائد: قصتي مع نصرانية من الكاميرون أمضيت بالحديث معها طريقي عائدا إلى المغرب في الطائرة....
فارتقب حديثي المشوق مع تلك النصرانية...
 
حانت ساعة الرحيل عن الجزائر فصعدنا الطائرة متأخرين، وكادت تطير بدوننا، فجلست في موضع أُراني فيه وحيدا بعيدا قليلا عن زملائي من أهل المغرب.... فأدرتُ رأسي لأتعرف على مَن بجواري، فألفيتُ الموضع فارغا، فقلت لا جار ولا حديث ولا فائدة، ثم أبعدت في النظر قليلا فإذا فتاة جالسة في المقعد الثالث قرب نافذة الطائرة، فقلت في نفسي وهذه أيضا من البلاء.... أمعنت فيها النظر فإذا بي أمام شابة في مقتبل العمر، سوداء البشرة، قد طال شعرها ودخل بعضه في بعض، في هيئة مثيرة...أطرقت قليلا...ثم قلت في نفسي لابد من محادثتها والتعرف عليها عساها تفيدني بأمر، أو تدلني على عائدة لم تكن عندي...فقلت موجها إليها الخطاب، وبكلامي مستفتحا الباب...بلغة فرنسية قديم عهدي بها، ميتة حروفها على لساني، بيد أني أُفهم وأَفهم، وأبلغ ما في نفسي: أنت ذاهبة إلى المغرب، قالت وقد صعدت في النظر: لا بل إلى الكاميرون، قلت: إلى الكاميرون عن طريق المغرب، فأومأت برأسها أن نعم، قلت وقد ازداد فضولي:" وهل أنت من هناك"، قالت برأسها أن نعم، قلت: وهل أنت مسلمة، قالت/ لا بل أنا مسيحية، قلت/ الذي أعرفه أن 20 في المائة من السكان من المسلمين في الكاميرون قالت: بل هناك مسيحيون كثر في الكاميرون وهناك مسلمون، قلت/ وكيف يعيش الفريقان، قالت/ في أمن وأمان، قلت/ وما مظاهر ذلك، قالت/ يصوم المسيحيون إذا صام المسلمون، ويأكل المسيحيون من أضاحي المسلمين....قلت/ وهل هناك تفاوت بين المسلمين والمسيحيين في الكاميرون، قالت: بصورة مذهلة، فالمسيحيون هم الأغنياءوأصحاب الثروة، بينما المسلمون من الفقراء المغلوبين، والمساكين المقهورين...
يتبع
 
جاء المضيفون بالغذاء في الطائرة فذهبت لآكل فقلت/ بسم الله، ملتفتا إلى النصرانية التي بجانبي، مضيفا/ نحن المسلمين إذا أردنا أن نعمل شيئا ذا بال أو غيره، ذكرنا الله عليه، قالت النصرانية/ أعلم ذلك، قلت: أو تدرين ما الله عز جاره وتقدست أسماؤه، وتعالى في سمائه وأرضه، قالت/ هو الذي خلقنا، قلت/ أو تقرين بذاك، قالت نعم، قلت مستغربا/ أو ليس من دينكم النصراني المحرف، عبادة واحد في ثلاثة وثلاثة في واحد، قالت/ لا ، قلت/ لقدحيرتني أيها الفتاة، أأنت مسلمة أم أنت نصرانية، قالت بل أنا نصرانية، قلت فالنصارى المعاصرون يقولون بالتثليث، ويعبدون الصليب، ويمجدون الرب اليسوع...سكتت الفتاة قليلا، ثم قالت/ انا نصرانية لكنني لا أعتقد ما يعتقده من تتحدث أنت عنهم، قلت/ أيها الفتاة اصدقيني القول ما قصتك، وهل تخفين عني أمرا...غلب الصمت على المكان ومضى وقت غير قليل ريثما أكلنا ما قدم إلينا من الطعام...ورُفع الخوان، وحمدنا الله أن أطعمنا الحلال، وسقى العظام، وبل العروق، وأنعش الروح وأذهب وعثاء السفر...وههنا دخلت الطائرة الأجواء المغربية التي كانت تعرف في تلك الأيام أمطارا وعواصف، وريحا عاتية، فأخبرنا قائد الطائرة أننا دخلنا في عاصفة وأنه يجب علينا الرجوع إلى مقاعدنا والتزام مكاننا لأن الطائرة قد تهتز قليلا، لكن لا بأس علينا ولا خوف...وههنا نظرت إلي النصرانية وفرائصها ترتعد، وقالت/ أنا خائفة، قلت لها: لا خوف عليك فالخطب يسير، ولن يحدث إلا ما أراده الله، قالت مرددة/ الله الله قلت نعم الله فهو القادر على دفع البلاء، وجلب المسرة والرخاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وران صمت غريب، نقصت فيه سرعة الطائرة، ونورت فيه علاماتُ التربص والحذر مرافقَ الطائرة كلها، مع اهتزاز خفيف، ليس يؤثر، لكنه يشعر أن حدثا جللا قد يقع، ومضى ربع ساعة ونحن سكوت إلا من ذكر، وابهتال إلى الله تعالى جده، وتقدست أسماؤه أن يلطف بنا، فما هو إلا أن مضت دقائق معدودة حتى عادت الطائرة إلى سرعتها القصوى، وخرجنا من الوضع الحرج، وأطفئت الأنوار الدالة على احتمال خطر محدق...وتنفس الناس الصعداء، وعادت البشاشة تبدو على محياهم، وخيمت البهجة والسرور على الأجواء، فالتفت إلى النصرانية قائلا/ لقد ذهب المحظور، وانكشفت الغمة...وجاد الحليم المنان سبحانه بالنجاة والحمد لله على السلامة....قالت الفتاة/ الحمد لله الحمد لله...
يتبع
 
قلت للنصرانية جليستي، ما اسمك، قالت/ عائشة، قلت منكرا ما سمعته أذناي، عائشة عائشة، قالت/ إي نعم، عائشة عائشة، قلت/ حدثيني بربك من أنت أمسلمة أنت أم نصرانية، قالت: لقد صدقتك عندما ذكرت لك أنني نصرانية، قلت: وما سر أنك عائشة، قالت: تلك قصة طويلة ، قلت: هلا قصصتها علي، قالت:أنا من أسرة مسلمة نصرانية، كان أبي رحمه الله مسلما من مالي، ولقد ولدت يوم أن ولدت مسلمة، وكبرت مسلمة، ولم أكن أعرف غير الإسلام دينا، وكانت أمي نصرانية، من الكاميرون، فلما توفي أبي وقد بلغت سن الرشد، وازدادت معرفتي بالحياة، اخترت أن أكون نصرانية، قاطعتها قائلا/ أمك أكرهتك على النصرانية، قالت/ كلا، إنها لم تكرهني على شيء من ذلك، إنه مجرد اختيار شخصي، وقرار سيادي لادخل لأحد فيه، قلت متسائلا/ ولم اخترت النصرانية على الإسلام، قالت/ ليس في الإسلام حرية، وفيه كبت للرغبات، وفيه إنغلاق، و...قاطعتها/ وهل تعتقدين ذلك صحيحا، ماذا تعنين بالحرية، قالت/ أن أكون حرة، أن أفعل ما أشاء، أذهب مثلا إلى الديسكو، أصاحب من شئت، وأخاصم من شئت،...لا رقيب ولا حسيب، ولا...ولا..
يتبع
 
قلت/ اتدرين من تكون عائشة عندنا معاشر المسلمين، قالت/ لا، قلت/ إنها أمنا، الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت/ وإذن هو اسم له وزن عندكم، قلت نعم، ولذلك لابد أن يكون من يتسمى به مسلما، بينما أنت نصرانية وعائشة..، هذا والله غريب وفي ميزان العقل منكر وشذوذ، قلت ملتفتا إلى ما كنا بسبيله، الإسلام أيتها الشابة، ليس دين كبت وقهر ومصادرة للحريات كما قد يخيل إليك، بل إنه دين احترم الرغبات ووجهها توجيها إنسانيا حسنا، فإذا رغبت في الجنس الآخر شرع لك الإسلام ذلك لكن بطريقة إنسانية راقية تحفظ فيها الحقوق، وتعرف فيها الأنساب، وتحترم فيها آدمية بني البشر، وذاك بتشريعه للزواج الذي يبني مجتمعا معروف الأصول والفروع، متماسك البنيان، قوي الأركان، وإذا أنت أردت التمتع بمباهج الحياة وزينتها، فالإسلام فيه فسحة مقيدة بضوابط الحياء والحشمة، منضبطة بوقار الإيمان، منسجمة مع مبادئ الإحسان...الإسلام ليس يمنع من زينة الدنيا بشرط أن يكون وازع الدين دائما حاضرا في قلب الملتزم به أينما كان....
إن هؤلاء الذين قالوا من النصارى نحن لا نستمتع بمباهج الحياة، وأغلقوا على أنفسهم كل سبيل موصلة إلى ذلك، أبت عليهم أنفسهم الأمارة بالسوء إلا أن يواقعوا هذه المباهج من طرق حرام، ففسقوا من حيث أنهم قالوا نحن قد ترهبنا، وجاهروا الله بالمعصية المنكرة من حيث أنهم قالوا آمنا...
يتبع
 
ومن توفيق الله تعالى أن كنت أحمل معي مصحفا مترجمة معانيه إلى الإنجليزية، أهدي إلي في الجزائر، ففتحته وأخذت أتلو منه الآية بلسان عربي مبين، وأقرأ معانيها باللغة الإنجليزية التي تحسنها محاورتي، فرأيتها سكنت، وخشعت، وأعجبت بالمتلو، فقلت لها/ هذا كتاب ربنا، وخطاب السماء إلى الأرض، بل آخر ما نزل من السماء إلى الأرض من الوحي...وهو دستور المسلمين، وقانونهم المنظم لحياتهم...
وكانت الطائرة حينئذ قد أوشكت أن تصل، وأخذت في النزول، فقلت لمحدثتي مختتما حواري: أنا هنا لا أدعوك إلى الإسلام فأنت مسلمة اسما ومولدا وفطرة، وأبا ومحتدا، مع ما تقولين من أنك قد صرت بعدُ نصرانية باختيارك، إن ديننا لا إكراه فيه، وهو لا يلزمك بالعودة والرجوع إليه، لكنني أنصحك أن تبحثي عن الحقيقة، بالقراءة عن الإسلام دين آبائك وأجدادك من قبل الأب، وسوف تصلين إلى أنه الدين الذي لن يقبل في هذا العصر من متعبد سواه....هداك الله وأخذ بيدك إليه ...ورحم أباك وبلغك إياه بالموت على دينه وملته...
 
أما بعد
فيمكن أن تستفاد دروس وعبر وعظات من هذا الحوار بين مسلم ونصرانية، فمن ذلك:
1/ على الدعاة إلى الله عز وجل في هذا العصر واجب بالغ الأهمية، وهو المبادرة إلى تحسين صورة الإسلام في أذهان المدعووين من الغربيين وغيرهم ممن يرجى أن يصل إليهم نور الهداية والإيمان.
2/ ليس المراد بتحسين صورة الإسلام السعي في إبرازه دينا جاريا وفق موضة العصر، بمسخه عن مبادئه وثوابته الراسخة، بل المراد نفي باطل المبطلين عنه، ونبذ تحريف الغالين فيه وانتحال الأدعياء الأفاكين، وطرح ما قد شابه من عادات وتقاليد ألصقت به باطلا وعدوانا.
3/ العناية بهذا الجيل الشبابي الجديد من أبناء المسلمين الذين ليسوا في ثقافتهم عربا، وذلك بتقريب المادة الدينية الإسلامية إليهم تقريبا سهلا ميسرا، بلغتهم الأصلية ولسانهم المحلي، وفق عاداتهم وتقاليدهم التي لا تخالف عقيدة ولا هوية إسلامية.
وبعدُ فلن يضير هذا الدينَ الإسلامي المحفوظ، المؤيدَ المنصورَ الظاهرَ، أن يكون بعض أبنائه ينصرفون عنه سواء، بارتداد، أو تغيير جلد، أو استلاب فكر، أو سرقة هوية، أو مسخ ثقافة، لأنه إذا زهد فيه مثل هؤلاء، فلقد وكل الله عز وجل به قوما ليسوا بفضله وقيمته كافرين.
والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على الهادي البشير والسراج المنير، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
تم وبالخير عم.
 
جزى الله خيرا كل من دعاوساهم في عقد هذاالمؤتمر وعمل على انجاحه من بعيدأوقريب وأرجوتفعيل ماتوصل اليه من نتائج
لسد الطريق أمام كل من تحدثه نفسه بنشرالشرك مدثربالتوحيد فالى الأمام وفقكم الله .سلاحكم القرآن والسنة
قال الله جل وعلا:(قل يأهل الكتب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألانعبدالاالله ولانشرك به شيئاولايتخذ بعضنابعضا اربابا
من دون الله.فان تولوافقولوااشهدوابأنا مسلمون)الآية:64من سورة آل عمران
 
لقد أتحفتنا يادكتور محمد بهذه الفوائد العلمية ، واللطائف والملح ، فلله درُّك، فلكأني كنت معكم جالسًا ، وأنتم تتنقلون بي من فكرة إلى فكرة ، ومن ذكر أمر في هذا المؤتمر إلى أمر آخر ، ثم بما ختمتوه بهذه القصة العجيب ( عائشة النصرانية!).
أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء، وأن يردَّ عائشة إلى دينها ، وتكونون سببًا في ذلك ، إنه سميع مجيب.
 
كنت قدرتُ يوم أن دبجت يراعتي هذه النكت عن الملتقى الثالث عن الحركة التنصيرية بدول المغرب العربي، أني لن أكون مقروءا من قبل سادة علماء، ورؤساء فضلاء، ولذلك لم أتبع نفسي هواها في عصر الذاكرة في استرجاع ما قد كان وحصل، فما أتاني من خبر أو موقف، أو طرفة ذكرته من غير ما تكلف أو تعمل، أو تصنع، حتى كان من ذلك هذه الشذرات التي أحسبها قليلة بالنسبة إلى ما حدث، بيد أني لما وقفت على كلمة الأستاذ الدكتور مساعد الطيار حفظه الله وقوله:لكأني كنت معكم جالسًا ، وأنتم تتنقلون بي من فكرة إلى فكرة ، ومن ذكر أمر في هذا المؤتمر إلى أمر آخر ـ أدركتُ أنه كان لي نوع تأثير على سادة رفعاء نظروا شذراتي بعين منصف يقدر الحق ويعرف رجاله، ويدرك الفضل ويدري أهله وأصحابه، فحثني ذلك على أن أعصر الذاكرة كرة أخرى عساني أجد ما قد يستأهل الذكر، فما هو إلا أن فعلتُ حتى انهالت علي نوادر ومواقف أنا ذاكرها ومقتص الحديث عنها فيما يلي..إن شاء الله...
 
كان من جملة ما أثارني وأنا أبحث في الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب الأقصى، ما قد وفقت عليه من أن رشيدا المتنصر المغربي الذي له برامج سيارة باللسان العامي على إحدى قنوات التنصير المعروفة، قام بترجمة القرآن الكريم إلى اللهجة المغربية، فبعث ذلك في نفسي شجونا وأحزانا، وانهالت علي تساؤلات كثيرة ـ وأنا جالس على منصة المداخلات في الملتقى الثالث للحركة التنصيرية في دول المغرب العربي أنتظر دوري من أجل المشاركة بورقتي ـ منها:
لماذا يُقبل مثل هؤلاء الذين باعوا دينهم من أجل عرض من الدنيا زائل، على هذا الفعل الشنيع والعمل القبيح..
هل هناك سر وراء هذه المحاولات اليائسة البائسة من أجل النيل من القرآن الكريم بلاغة وإعجازا، وحكما وتشريعا ومنزلة وسؤددا..
أو يقوم مثل هؤلاء بهذه المحاولات الحمقاء الطائشة التي فيها الويل والثبور ،والبوار والعار،والخسران المبين والعذاب والنار ـ من أجل تقريب المادة القرآنية إلى الجماء الغفير من المؤمنين المصدقين، والمسلمين الملتزمين، ومساعدتهم على الفهم الجيد والإدراك الأمثل للقرآن الكريم....
ثم رجعتُ إلى نفسي متأملا ما سبق، وكأني أجيب عما طرحته قبلُ من أسئلة وإشكالات : إن الذي حمل مثل هؤلاء على النيل من كتاب الله،ليس هو قطعا تقريب مادته إلى الفهم العامي الساذج،بل إن الغرض هو تشويه تلك المحاسن التي تميزت بها لغة القرآن الكريم، واستغلال المفردة القرآنية من أجل الدعاية إلى دين النصرانية.... لقد أدرك التنصير أنه لن يتمكن من القلوب المؤمنة إلا من خلال مداخل دينية أصيلة يقبحها، ومعاني إسلامية راسخة في الفؤاد يشوهها، فعمد إلى هذا الكتاب المبين، والسراج المنير يريد أن يخفت صوته في ضمير هذه الأمة، وأن يميت فاعليته وتأثيره في حسها، فقال ـ خرُس لسانُه وبُح صوتُه ـ لأُذهبن من هذا القرآن خاصية الإعجاز التأثيري الذي فيه، ولأتركنه بعدُ كلاما مثل أي كلام، ونثرا كأي نثر...وكتابا مثل أي كتاب...
يتبع
 
ليس يعزب عن الأذهان ولا يند من الحسبان، أن الإعجاز التأثيري للقرآن إنما يتأتى من لغة البيان التي نزل بها الفرقان، فإذا وقع إبدال لغة بلغة، أو لغة بلهجة، انتفى الإعجاز، وارتفع سر الأسرار، إن هذا البيان معجز بحروفه وأصواتها، وبالمعاني وأحكامها، وبالألفاظ وأجراسها، اختبر ذلك بنفسك ودعك من قول فلان وعلان من أهل التنظير وتشقيق الكلام...
وإني ههنا موردٌ دليلين من واقع الحال: الأول ما شاهدته رأي العين من حال عائشة النصرانية التي جمعتني بها الطائرة أثناء إيابي إلى المغرب من الجزائر، ففي أثناء تلاوتي لشيء من القرآن بلسان عربي مبين، كنت أرمقها من طرف خفي فأجدها تأثرت وهي التي لا تفهم العربية ولا تدري ما المضرية ولا القرشية ولا العجمة ولا البيان؟؟؟ الثاني: أخبرني الثقة الصدوق أنهم كانوا في مسابقة لتجويد القرآن الكريم، وكانت جلساتها تنعقد في المغرب في فاس في قاعة كبيرة في فندق،قال: فكان السائحون من الأجانب الموجودين في الفندق، الذين يعجبهم معرفة كل شيء والسؤال عن كل شيء، يحضرون هاتيك الجلسات، قال فلعل عيناي تقع على بعضهم وهو يستمع إلى القرآن مجودا بصوت ندي، وأداء رائع خلاب، قد غلبته عبرة، أو خنقته دمعة وأجزم أنه لا يفهم من الكلام العربي حرفا ولا يدري منه رسما...
يتبع
 
بوركتم يا دكتور محمد على هذه الشذرات، وأنا والله مستمتع بحديثكم ، وشغوف بقراءته، وأفرحتني لما كان تعليقي سببًا في مواصلتكم.
فكم من فكرة علمية تطرحها في حديثكم الماتع؟!
وكم من فائدة تُجتنى من خلاله؟!
ولقد فتَّحت الذهن إلى موضوع حساس ، وفيه غرابة لا تخفى على من يطلع على أوراق هذا المؤتمر وما يصاحبها من لقاءات، ومن ذلك يما ذكرتموه من تأثير التنصير في الجزائر، والله المستعان.
 
جزاك الله ياشيخ مساعد، فوالذي برأ النسمة وفلق الحبة لقد كان نضب ما عندي لولا كلمتكم التي أحييت في روح النشاط، وأوقدت مني جذوة المثابرة، وبعثتني من جديد على كتابة هذه الشذرات، فحياكم الله وبارك في علمكم وعمركم وعجل في شفاء والدتكم ورزقكم برها ومتعكم بأيامها ورضاها...
 
من نوادر بعض جلسات ملتقى الجزائر ما قد ذكر لي الأستاذ صابر راشدي بعد عرضه عن:" أساليب التنصير في الجهة الشرقية لولاية البويرة" ـ وكنت سألته قائلا:" أبلغ التنصير في هذه المنطقة إلى حد صار للمنصرين جولة وصولة"، قال:" نعم، فالمنصرون جادون في عملهم ولقد صوروا لأبناء هذه المنطقة أن تاريخهم الديني القديم مرتبط بالنصرانية، وأن الإسلام دين حادث طارئ غريب"، قلت: وإذن هناك نصارى مسيحيون جزائريون، قال لا شك في ذلك ولا ريب، قلت طانزا ـ والطنز السخرية والتهكم ـ: وأين يدفن هؤلاء إذا ماتوا؟ قال/ في مقابر المسلمين، قلت مستغربا ومن جواب الأستاذ متعجبا:" ولماذا لا يدفنون في مقابر خاصة بهم كما تفعل بعض الأقليات عندنا في بلاد العروبة والإسلام، قال/ إنهم لا يتجاسرون على فعل ذلك، قلت/ ما هذا الدين الذي لا أموت عليه مطمئنا إلى أنه الحق الذي لا معدل عنه، والصدق الذي لا صدق فوقه...دين لا أمارسه حيا و ميتا لا خير فيه...أفلا يعقل هؤلاء لو كانوا يتفكرون، قلت: وهل يذهب هؤلاء إلى الكنيسة جهارا نهارا؟ قال/ أما هذه فلا يتسترون في فعلها، قلت/ ومتى يذهبون ؟ قال متبسما وكأنه أدرك أني سأتعجب من جوابه: يوم الجمعة، قلتُ وقد أخذني العجبُ وملكني الإستغرابُ، وطاش عقلي فكأني لا أفهم ما يقال لي: الجمعة... الجمعة... أيُعظم هؤلاء يوم الجمعة...فأنى يُصرفون عن دين الآباء والأجداد؟؟؟ قال: أوتدري لم يفعلون ذلك؟؟ قلتُ/: ولمه ؟؟؟ قال/ حتى تُصرف وجوههم عن المساجد يوم الجمعة، ولأنهم درجوا على تعظيم هذا اليوم، فلما كان ذلك شيئا مركوزا في طباعهم خُلي بينهم وبين ما قد عظموه، وإن كان يناقض دينهم ولا يتماشى معه...قلت/ أوَ يعرف الجناب البابوي ذلك؟؟؟قال/ بلى، ويُزكيه ويُقره ويُصدر الفتاوى فيه...؟؟؟
 
كنت قلت في سياق مقترحاتي في بحثي عن:" الإعلام التنصيري الموجه إلى المغرب الأقصى" أنه لا بأس من سلوك سبيل التشويش على القنوات الفضائية التنصيرية وعلى المواقع الإلكترونية التي تدور في فلك التنصير، ومضيتُ على ذلك مطمئنا إليه، جازما أن لا اعتراض ولا تعقب، حتى إذا كنتُ في جولة في رحاب جامعة الأمير عبد القادر الحسنة البناء، الجميلة المعمار، الواسعة الأرجاء، المرتبة المرافق، برفقة معشر طيب يهديني سبل الجامعة الواضحة، ويُرشدني إلى الطريق الصحيح في التجوال، إذْ لقيني رجل جزائري ـ عرفتُ من بعد أنه إعلامي مشهور له برامج دينية على الفضائية الجزائرية، فسلم ورحب وقال:" لقد تابعتك يادكتور في عرضك، وشدني إليه مقترحك بخصوص التشويش على الفضائيات التنصيرية والمواقع الكنسية التي تمارس التبشير بدين يسوع، وأرى أن ذلك ليس يجدي، فمحاربة هذا العمل الكنسي ليست تكون إلا بالحوار، ففكرٌ ضد فكر، وتيارٌ ضد تيار، ومد تجاه مد، ونحن في عصر الإنفتاح الإعلامي ...و....و...قلت للشاب الإعلامي الوسيم مقاطعا لأن حماسة الشباب مدتْ له من الإسترسال في الحديث مدا:" الحوار عندي ليس يكون بين ضعيف وقوي، بين من يملك ميزانيات ضخمة من أجل تنصير المسلمين، وبين من لا يسد حاجة المسلمين في العالم من المصحف الشريف، أين نحن منهم، هم طبعوا كتابهم المزور بالملايين وبأشكال مختلفة ووزعوه في العالم، ونحن لانستطيع تحقيق شعار:" مصحف شخصي لكل مسلم في العالم"، ياسيدي: لقد سئمنا من دعوات الحوار والتقريب بين المسلمين والنصارى، التي يحضرها المسلمون بقلب مفتوح، ويحضرها الآخر بقلب قد انطوى على المكر والخديعة، فما هو إلا أن تنتهي تلك الجلسات ويعود كل واحد من الفريقين إلى بلده، حتى يُقصف المسلمون بوابل من الشبهات والدعوات التي تُخرج أهل الإسلام من دينهم...ياسيدي أوليس الحرب خدعة كما نطق بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فاجعل هذا التشويش ـ إن وجدنا إلى ذلك سبيلا وإلا فالقوم أحجى من أن يؤثر فيهم كيدنا ـ من الخدعة المأمور بها شرعا وعقلا؟؟؟
 
كنت نبهت سابقا إلى أن المنصرين أوتوا من الصبر والجلد على نشر باطلهم ما لم يؤته أهل الحق والإيمان، ولقد حدثني متحدث في ملتقى الجزائر أن هناك من المنصرين من يقف على أبواب المطارات يوزع كتيبات صغيرة الحجم، قليلة الجرم، فيها دعوة صارخة بلسان دارجي أو بلغة عربية فصيحة، إلى دين الرب يسوع أو المخلص....قال محدثي مستغربا:" أو لم توزع عليكم كتب أثناء كونكم في المطار"، قلت اللهم لا، قال: ربما كانت هيئتكم توحي بأنكم من أهل العلم والديانة، فلذلك ظن المتربص أن دعوته لن تفلح معكم...فلذلك أحجم من أحجم عن منحكم الهدية....قلتٌ: وهل تلك هدية؟؟؟؟ ألا ساءت الهدية هديتهم، وساءت العطية عطيتهم؟؟؟ هدية سوء تمنحك كتابا يسلبك دينا؟؟؟وعطية قبيحة تُحْذيك ظاهرا أوراقا تهز ثقتك بعقيدتك؟؟؟
 
لما ألقيت عصا التسيار في المغرب بعد رحلة الجزائر، كان درسي الجامعي في مادة الفكر الإسلامي: التنصير في أنحاء العالم الإسلامي: الجزائر نموذجا..وكان الدرس موجها إلى طلبة الفصل الثاني تخصص الدراسات الإسلامية، ولقد اعتمت فيه على مشاركة الأستاذة مكلي شامة من جامعة تيزي وزو ، وكانت الأستاذة المذكورة قد تنزلت فتفضلت بإرسال نص المشاركة مع ثلاثة أفلام قصيرة عن التنصير في منطقة القبائل الجزائرية،فكانت المحاضرة حافلة، حضرها حشد من الطلبة المذكورين، مع عناية شديدة واهتمام منقطع النظير لمحل وجود الأفلام التي عرضتها عرضا مؤثرا، اشرأبت له الأعناق، والتفتت له الأعين، وأسفت له القلوب، وكان مما ذكرته الأستاذة الفاضلة في نص مشاركتها من وسائل معتمدة من قبل التنصير في القبائل المراسلة، فعلقتُ قائلا/ إن المراسلة سلاح فتاك استخدمه التبشير لتنصير آلاف المسلمين عبر العالم، وهي أسهل طريق للوصول إلى القلب، والإستحواذ على الفكر، وتوجيه السلوك، ولقد تفنن التنصير في توجيه ملايين الرسائل المكتوبة إلى آلاف المسلمين في أنحاء مختلفة من المعمورة، وحملها دروسا في النصرانية وشرح عقيدة الثالوث، مع إجراء امتحانات للترقي في الدرجة، ورصد مكافآت أو هدايا ترسل بسخاء إلى من يجيب فيحسن في الجواب...وهذا أمر معروف لا يُتستر منه...ولقد قصت الأستاذة مها محمود عيساوي تجربتها الشخصية في التعامل مع المراسلات التنصيرية في إحدى جلسات الملتقى وأظهرت من ذلك العجب...والذي قد يخشى منه المسلم الذي يغامر في ركوب تجربة مراسلة المنصرين، أن يطرق هؤلاء بابه ويكسروا صمت داره...ويُلزموه ـ وهو الذي كان يستهزئ بهم لأنه ثابت الفؤاد ليس يوفك عن عقيدته ـ بما ألزم به نفسه من الإيمان بالسيد المسيح إلها للكون...وإني لأخبر ههنا عن صديق لي خلطته بنفسي مخالطة شديدة، فكان سميرَ الروح، وصديقَ العمر، وأنيسَ الوحدة....قال لي ذات يوم يفشي لي سرا إنه خاض تجربة مراسلة منصرين من مرسيليا، وأنه لبث على ذلك ردحا من الدهر، وأنه كان يساير القوم ، ويجاريهم لكي يعرف مكرهم، ويفضحهم إن هو كتب عنهم في يوم من الأيام...وهو في كل ذلك ثابت العقيدة، صحيح الإيمان، تتزعزع الجبالُ ولا يزعزع ما عنده من الإيمان...قال فلبثت على ذلك أراسلهم ويراسلونني حتى ملأوا داري كتبا مسيحية فيها منكرات وأباطيل عن الإسلام...وذات يوم جميل رن جرس باب الدار، قلت: من الطارق قال المجيب: صديقك من مرسيليا...قال وكنتُ يومئذ شابا عزبا لم أتزوج بعدُ ساكنا مع أبوي...فخشيتُ أن يُفتضح أمري...ويُكشف الغطاء....فخرجتُ مبادرا الرجلَ الزائر...وأبعدته عن الدار بضرب من الحيلة حتى لا يفطن إليه من في الدار، وجلست معه في مكان عام بعيدا عن أنظار الرقباء...وكاشفته بأني باق على عقيدتي وأني لم أقتنع بما عُرض علي...في المراسلات الكثيرة...وأن الخطوة القادمة ستكون حاسمة إن هم غيروا الأسلوب وحاولوا معي كرة أخرى....وتسللتُ وما كدت أنجو وسلم الله...وراسلوني بعدُ سالكين منهجا جديدا ...فما راسلتهم ...فلما يئس القوم مني حلفتُ أن لا أخوض التجربة كرة أخرى...وحمدت الله على السلامة...ووالله لَزوالُ الدنيا خيرٌ من زوال الدين...
 
من أوراق ملتقى الجزائر التي راقني عرضُها، وأعجبني مضمونُها،ورقةٌ بعنوان:" التنصير الإلكتروني... الشبكة العالمية للتنصير" للأستاذ الحسين عمروش، وهو باحثٌ في عمر الزهور، ساعدته يفاعةُ الشباب، وقوته وجلده وعطاؤه على أن يكون بحثه كله معروضا على شكل شرائح تفنن الشاب في إبرازها، وتأنق في إظهارها، حتى مكن له في قلوب السامعين تمكينا، فَسرق إعجابهم وأخذ بمجامع قلوبهم وأفئدتهم، وفي الحق فعَرْضُ الشاب رائع، ومن أجل ذلك رغبتُ إليه أن يتحفني بنسخة إلكترونية منه، فلبى الرغبة من غير ما تلكؤ ولا تباطؤ كما قد حصل من غيره ممن توسمنا فيه الخيرَ فكان شرا، والبذلَ فكان بخلا، والتعاونَ على الحق فكان تسويفا وصدا...وسأقف مع الباحث الكريم في محطات...أرى لزاما على القارئ المطلع أن يعرفها...
وبعد فليس يفهمن واقفٌ على كلامي أن وقفاتي مع الباحث الشاب وقفات تعقب ونقد، بل هي وقفات استفادة وتعلم واستزادة من معرفة واطلاع...
يتبع
 
أول ما استوقفني في عرض الأستاذ الشاب، أن صاحبه متخصص في القانون فهو أستاذ مساعد في كلية الحقوق جامعة د/ يحيى فارس المدية، ولقد سرني أن يكون متخصص في القانون ملما بلون من ألوان الثقافة الإسلامية، ولمَ لا... ودعونا من قولهم يجب احترامُ التخصص، ولا يقولن في التفسير إلا من تخصص فيه، ولا يدلين برأي في الحديث إلا من حفظ الجوامع والمصنفات وأضاف إلى ذلك جملة صالحة من المسانيد، وإذا كان عنده سنن البيهقي ومعاجم الطبراني الثلاثة فذاك أفضل؟؟؟؟.قلت: إذا كان ذلك مرعيا على خلاف فيه في الزمن الماضي، فإنه صعب التحقق في هذا العصر...فالمفسر في هذا الزمان إذا أوقف نظره وبحثه واجتهاده على التفسير لم يعْدُه إلى غيره من العلوم والفنون تجاوزه زمانُه، ورمى به أوانُه، ولفظَه عصُره وأناسه...ولم يعْدُ أن يكون نسخةً من كتاب أضيف إلى رف كتب بالية لا حياة فيها ولاحراك؟؟؟ فأنى يستفاد منه؟؟؟
إن التخصص مطلوب، مرغوب فيه، بيْد أنه إذا لم يكن له من بقية العلوم ما يُسنده، كان مكسور الجناح قاصر الرؤية، متخلف النظر...ولقد جربنا ـ في تدريس مواد إسلامية لطلبة خارج التخصص كتخصص الأدب أو التاريخ ـ أن نقصر دروسنا الجامعية على لون من ألوان العلم لا نتجاوزه، فلم نجد لعلمنا طالبا ولا فيه راغبا...وفي اليوم الذي أقبلنا على ثقافة العصر بحسناتها وسيئاتها، وحداثتها وما بعد حداثتها ، وخلطنا ذلك بكثير من العلم الشرعي الذي تخصصنا فيه من أجل تصحيح المفاهيم وترشيد المعاني، وتوجيه المباني، وأسْلمة العلوم الحادثة الطارئة...ألفينا التجاوبَ حاصلا، والغرضَ المتوخى مبرما مَقضيا...
يتبع
 
لابد من أن أعود إلى موضوع التخصص في العلم والمشاركة في بقية العلوم، ذلك لأني أخشى أن أُفهم غلطا فيقول قارئ عجلان وهل المطلوب أن يتكلم في التفسير ومسائله غير المتخصص، أو في الفقه وقضاياه من لم يعرف مختصر الطحاوي ولا مختصر خليل، ولا مختصر أبي شجاع ولا مختصر الخرقي...قلت:بل المقصود أن من كان من أهل التخصص في العلم الشرعي في فن منه، فتكلم في غير تخصصه من غير أن يكون رأيه في قضية دقيقة ليس يقوم لها إلا من أفنى عمره في دراسة الفن الذي تدخل تلك القضية فيه...قد يكون الأمر محتملا لأنه في الحقيقة ليس يخرج عن تخصصه، فهو في ميدانه يجري، وفي ساحته يجول، ...وأما غير المتخصص في العلم الشرعي كمتأدب أفنى عمره في الأدب وفنونه والنقد ومذاهبه، يذهب يقول في قضية شرعية دقيقة بقول ليس يمكن أن يدلي فيها إلا من حفظ القرآن وعلم حديث ولد عنان صلى الله عليه وسلم، وعرف أصول الفقه والتفسير والفقه ومذاهبه...وأما أن يقول في جانب من جوانب الفكر الإسلامي، أو ما يسمى في المشرق بالثقافة الإسلامية...فقد يشبه أن يكون لقوله وجاهة ما لم يخالف مجمعا عليه عند أهل التخصص الدقيق من أصحاب العلم الشرعي، فإذا تكلم قانوني في التنصير مثلا سُمع منه، وأُخذ من كلامه ورُد وعومل في ذلك كما يعامل المتخصص في التنصير المفني عمره فيه..
يتبع
 
استوقفتني في عرض الباحث الشاب جملة أمور منها:
ـ التنصير الإلكتروني يهدف إلى اختراق المسلمين لكي يفتنهم عن دينهم ويذرهم لا هوية لهم، ولاعقيدة ولا دين.
ـ ليس يهدف التنصير الإلكتروني تمسيح المسلمين لأنه كما يزعم لا يريد الخير لهم لأن المسيحية خير ليس يمنح للمسلمين؟؟؟
ـ من خصائص التنصير الإلكتروني:
1/ أنه ذو حصانة ، فهو فوق كل مساءلة قانونية.
2/ أن عنصر المواجهة في الحوار غائب.
3/ تركيز المنصر الإلكتروني على فئة الشباب ممن ليست لهم خلفية إسلامية ثابتة.

 
أخبر الإخوة المتابعين أن هذه الشذرات سيتواصل إمدادها بما جاد به الخاطر المكدود، وسمح به القلم، بعد أيام من الآن لسفر عارض، زودنا التقوى وغفر لنا ذنوبنا وهيأ لنا من أمرنا يسرا..
 
من فوائد مشاركة الأستاذ عمروش عن التنصير الإلكتروني:
مرتكزات التنصير الإلكتروني: أولى التنصير الإلكتروني العلاقات الإجتماعية أهمية كبرى فعدها مدخلا إلى بث سمومه وذلك عن طريق:
علاقات بين الجنسين بدعوى الصداقة.
تبادل الأفكار والتجارب والمعلومات.
غرف المحادثة.
خبراء وعلماء نفسانيين ومحاروين أكفاء .
وللتنصير الإلكتروني أهداف مسطرة، وغايات محددة، منها:
1/ نشر المسيحية وتوهين القيم الإسلامية.
2/ بسط الهيمنة الكنسية على العالم.
3/ الحيلولة دون إقبال النصارى على الإسلام، وتشويه صورته في أعينهم وذلك عن طريق:
أ/ ادعاء أن الإسلام هو المسؤول عن تخلف المسلمين.
ب/ ادعاء أن الحضارة الإسلامية لم يكن لها دور تاريخي في تطور الإنسان عبر التاريخ.
ت/ نشر تقارير مغلوطة عن جمعيات العمل الخيري المعاصرة ونسبتها إلى العمل الإرهابي المحرم دوليا.
يتبع
 
استوقفتني في مشاركة الشاب الباحث عن االتنصير الإلكتروني كلمةٌ لأحد المنصرين المسمى روبرت ماكس قال فيها:" لن تتوقف جهودنا وسعينا في تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكة، ويقام قداس الأحد في المدينة".
قلتُ: إن القوم جادون في نشر دينهم المحرف بمقدار تقاعسنا نحن المسلمين في نشر ديننا الحق، فملايين الدولارات التي تصرف على التنصير في العالم، تقابلها ملايين الدولارات التي تذهب في حفلة غنائية واحدة تقام في بلد عربي أو مسلم على شرف مغن أو مغنية يتراقص شباب الأمة على كلماتها وحركاتها و تمايلها وتسكعها...وذا عجبٌ ...جد خصومنا في دعوتهم إلى باطلهم، وتولينا عن نشر الحق الذي بين أيدينا...بل وإقبالنا على ضروب التبذير للمال الكثير الذي يذهب مع الريح حيثما هبت أو عصفت....لقد سمعتُ قديما أنه ما من دقيقة تمضي إلا وطائرة تقلع محملة بتعاليم الكنيسة...تجوب العالم الفسيح لنشر عقيدة يسوع المحرفة...ولايملك في مقابل ذلك داعية حصيف من أبناء الإسلام ثمن تذكرة طائرة تقله حيث يدعو الناس إلى الإسلام....وقلبت النظر كرة أخرى في كلمة ذاك المنصر الموتور فألفيتُ الحقد الدفين يقطر منها، إذ كيف يتمنى الرجل ـ فل الله حده، ولا بلغه سؤلَه فنكس سعيَه ـ أن يُرفع الصليب في مكة...ومتى كان الصليبُ مرفوعا في يوم من الأيام في مكة...ومن رفعه وآمن به وصدقه... هو رجل أو رجلان في الجاهلية...أو قُلْ ثلاثة فأما إلى العشرة فممكن...وأما المدينة النبوية، ومهاجَر الحبيب المصطفى، ومدفنه الكريم صلى الله عليه وسلم فالنصراينة لم تكن لها دينا، ولا عقيدة، ولامذهبا في يوم من الأيام...ولا عرفت طيبة الطيبة الصليب ولا القداس في تاريخها البعيد...ولو عرفت فذاك على جهة القلة والندرة...وسيبقى الحرمان الأكرمان موئل الإيمان والإسلام، ومأرز الإحسان والعرفان شاء ذلك من شاء وأباه من أبى...
 
وبعد فهذا ما علق بالفكر من أمر الملتقى الثالث عن الحركة التنصيرية في دول المغرب العربي بالجزائر...ولقد سعدت بالتعرف على طائفة من الأساتذة الجزائريين صارت بيني وبينهم مراسلات ومكاتبات مد الله في عمرها ووثق جل وعز عراها وأجزل فوائدها وعوائدها...وفي مقابل ذلك عرف الصديق الوامق من الخل البائر الذي كشفه السفر، وخبره التجوال...وفتنته الغربة، فخرج غير وامق، ولا صادق، بل وضح بهرجه، واشرأب النفاق منه برأسه...والله المستعان...وبقيت كلمة أخيرة من وحي هذه الرحلة وصيد هذه الوجهة...ذلك أنني لمست محبة أهل الجزائر العظيمة لأهل المغرب، وكأن شيئا مما فات لم يكن...وحق له أن لم يكن ...ذلك أننا شعب واحد، وأمة واحدة، ودين واحد وهوية واحدة....فهل يأتي يوم نكون فيه على قلب رجل واحد نغيظ العدو باجتماعنا، ونكيده با لتحامنا، ونقضي عليه بكلمة واحدة تصدر منا....
اللهم لا تقبضنا إليك إلا وقد غفرت لنا وأقررت أعيننا بذاك اليوم الذي يتحقق فيه اجتماعنا وتشرق فيه شمس وحدتنا...
 
عودة
أعلى