أخي الحبيب أحمد المطيري وفقه الله
اشكرك على مشاركتك معنا ، وأسأل الله للجميع العون والتوفق. وأحب أن أشير هنا إلى أمور:
الأول : أن ما ذكرته من التفسير المطبوع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، متوفر كذلك على موقع الشيخ المتميز على هذا العنوان.موقع الشيخ محمد بن عثيمين - المكتبة المقروءة
الثاني : أن أخي الكريم الشيخ أحمد البريدي أحد المشرفين على ملتقى أهل التفسير ، يكتب أطروحة لنيل درجة الدكتوراه قريباً إن شاء الله حول جهود الشيخ محمد بن عثيمين في التفسير ومنهجه فيه. وأسأل الله أن يوفقه وأن يعينه في ذلك.
الثالث : أنه بعد وفاة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أصدرت مجلة البيان عددها رقم 160 و كانت أغلب المشاركات فيه حول الشيخ ابن عثيمين ، وكان منها منهجه في التفسير للشيخ عبدالرحمن الصالح الدهش.
ولعلي أضعه في مشاركة لاحقة إن شاء الله.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، ورحم الله الشيخ ابن عثيمين رحمة واسعة.
كتبه الشيخ /عبد الرحمن الصالح الدهش المحاضر في قسم القرآن وعلومه ، جامعة الإمام ، فرع القصيم ، ومن خواص تلاميذ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
المصدر / مجلة البيان - العدد رقم 160
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن الحديث عن منهج إمام من أئمة الدين في علم كان من اهتماماته ، وأمضى فيه جزءاً من عمره ، وخصَّه بنصيب وافر من دروسه ، وكثيراً ما وجَّه طلابه للعناية به ، بل والبداءة به حديث لا يمكن أن تستوعبه مقالةٌ كهذه ، ولذا سيكون الحديث فيها منصبّاً على بعض منهجه في تفسيره . وقبل الحديث عن منهجه أشير إلى موضوعين متعلقين بتفسيره : الأول : دروسه في التفسير حيث كان تفسيره القرآنَ لطلابه[1] على ثلاثة طرق :
1 - الطريق الأول : التفسير العام ؛ حيث لم يرتبط الشيخ بكتاب تفسير ينطلق منه ، وهذا يشمل الدرس الخاص بالطلبة ، وابتدأ الشيخ التفسير فيه من أوَّل القرآن وانتهى فيه إلى سورة الأنعام ، ولم يتمَّها . ويشمل تفسيره في اللقاءات العامة حيث فسَّر الشيخ خلالها كثيراً من المفصَّل ، ومواضع متفرقة من القرآن .
2 - الطريق الثاني : التفسير الذي ارتبط فيه الشيخ بتفسير الجلالين ، فكان منطلقاً له ، ولم يقتصر عليه ، وبلغ فيه سورة الزخرف ، ولم يتمها أيضاً.
3 - الطريق الثالث : التفسير المفرَّق ويتمثل في تفسير الشيخ للآيات التي تمر في أثناء شرحه لكتابٍ ما ، وهي كثيرة ، وربما أسهب الشيخ في تعليقه عليها ، ورجَّح فيها[2].
ومع تعدد الطرق التي تناول الشيخ التفسير من خلالها إلا أن منهجه فيها متقارب ، حيث اتفقت في كثير من المعالم .
الثاني : مصادره في تفسيره :
الغالب في طريقة الشيخ رحمه الله تعالى ألا يذكر مصادره التي نقل منها ، ولا أسماء العلماء الذين يذكرُ أقوالهم ، بل تراه يبهمُ أسماءهم ، ويذكرُ الأقوال منسوبة إلى بعض أهل العلم ، أو بعض المفسرين دون تحديدهم ، إلا أنه قد ينصُّ في بعض الأحيان على بعضهم ، ومنهم على سبيل المثال : ابن حزم ( البقرة : 222 ، 228 ) ، الزمخشري ( آل عمران : 1 ) ، ابن تيمية ، ابن القيم ( البقرة : 1 ، 228 ) ، ابن اللبان صاحب الاختيارات الفقهية(البقرة :
228)،محمد رشيد رضا (البقرة:219)،وشيخه عبد الرحمن السعدي (البقرة : 229) ،وغيرهم .
المنهج العام للشيخ في التفسير :
لقد كان الشيخ رحمه الله تعالى موسوعيَّ المعرفة ، درس علوم الشريعة وتفقه فيها ، وكان لها الأثر الواضح في تفسيره .
وقد عمد الشيخ إلى تقريب التفسير لعامة الناس فضلاً عن طلابه والمستفيدين منه ؛ فالسهولة في العبارة والبعد عن غامض التراكيب واضحٌ في العرض ، ولذا خلا تفسير الشيخ من الأقوال الكثيرة ، والتفريعات البعيدة التي قد تجدها في بعض التفاسير ، وكذا التعقيدات البلاغية ، أو الأعاريب المطولة .
ومع هذا تجد في تفسير الشيخ ما تجده عند غيره من الاعتماد على بيان القرآن بالقرآن ، وجمع نظائر الآية ، وبيان القرآن بالسنة ، وذكر للقراءات ، وتوجيهها معنى أو إعراباً ، وبيان المشكل ، وأسباب النزول تحت المنهج العام للشيخ ، وكذا الشعر ، وهو قليلٌ نسبياً ، وفي غالبه شاهد لغوي ، أو ضابط نحوي أو نحو ذلك .
ويجد القارئ والسامع في أثناء ذلك الترجيح المبني على قاعدة ، أو التنبيه على خطأ في فهم آية.
ففي تفسير قوله تعالى :(وتخرج الحي من الميت ) ( آل عمران : 27 ) ، يرجح الشيخ أن الآية عامة في الحياة الحسية ، كإخراج الإنسان من النطفة ، والمعنوية كإخراج الكافر من المؤمن .
ويعلل الشيخ لهذا الترجيح بقوله :(إذا صلح اللفظ للمعنيين بدون تنافٍ بينهما فالواجب حمله عليهما).
وعند قوله تعالى في وصف يحيى عليه السلام :(وسيداً وحصورا). ( آل عمران : 39 ) . قال الشيخ : ( أي : حاصراً نفسه عن أراذل الأخلاق ، وأما من قال من المفسرين إن (الحصور) الممنوع عن إتيان النساء ، فإن في هذا نظراً واضحاً ؛ لأن عدم قدرة الإنسان على النساء ليس كمالاً ، ولكنه عيب ، وفيها قول آخر أنه لا يأتي من النساء من لا تحل له فيكون وصفاً له بكمال العفة ، لكن ما قلناه أشمل من هذا القول ، فهو مقدم على المعنى الأقل).
وعند قوله تعالى :(كلما دخل عليها زكريا المحراب) ( آل عمران : 37 ) . ينبه الشيخ على خطأ من كتب الآية على طاق القبلة ، يظن أنه هو المحراب المراد بالآية ، وإنما هو مكان العبادة .
والشيخ حريص كل الحرص على عدم الوقوع فيما وقع فيه كثير من المفسرين من حشد الإسرائيليات والاعتماد عليها ؛ فعند قوله تعالى :(إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة)( البقرة : 67 ) ، قال الشيخ :( وقد ذكر المفسرون هنا إسرائيليات كثيرة حول هذا الموضوع ولكن لا يعنينا أن نُعيِّن مَن هذا القاتل ؟ ومَن هذا المقتول ؟ وإنما المقصود أنه قتلت نفس فادارؤوا فيها ، أي : تخاصموا).
ثم هو يشكك فيما قيل عن مريم عند قوله تعالى :(وأنبتها نباتاً حسناً) (آل عمران : 37 ) . إنها تنمو في العام ما ينمو غيرها في عامين . قال الشيخ : (ولعلها من الإسرائيليات ... فالله أعلم).
وعند قوله تعالى :(وجد عندها رزقاً) ( آل عمران : 37 ) .
قال الشيخ :( قال بعض المفسرين وهو من الإسرائيليات يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء).
[المعالم الأساسية في منهجه رحمه الله]
وبعد هذه المعالم العامة نجدنا مضطرين إلى إبراز معالم أساسية في منهج الشيخ في تفسيره وهي: أولاً : التفصيل في أحكام القرآن ، وبيان الراجح منها بدليله ، دون تعصب لمذهب معين :
وهذا أشهر من أن يُذكر فيه مثالٌ ؛ لأن الشيخ رحمه الله تعالى كان فقيهاً مجتهداً ، وكان لا يمرُّ بآيةٍ من آيات الأحكام إلا فصَّل في ذلك الحكم وبينه .
ثانياً : ذكر القضايا الفقهية المعاصرة المرتبطة بالآية ، وبيان الحكم فيها :
ومن ذلك ما قاله في تفسير قوله تعالى :(يسألونك عن الخمر والميسر) ( البقرة : 219 ) ، قال :(فلو تقامرا على شيء من المال بأي صفة من الصفات ؛ فإن ذلك يعتبر مَيْسراً ، ومن ذلك ما يسمى بالحظ والنصيب ، فإنه ميسر ، ومن ذلك التأمين على الأموال أو على السيارات أو على البيوت أو على النفوس أو ما أشبه ذلك).
ثالثاً : تنزيلُ الآيات على الواقع المعاصر ، وربطها به :
ففي قوله تعالى :(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) ( البقرة : 221 ) ، قال :(إن في الآية رداً واضحاً على الذين أطلقوا أن دين الإسلام دين مساواة ؛ لأن التفضيل ينافي المساواة .
والعجيب أنه لم يأت في الكتاب ولا في السنة لفظ المساواة أبداً ؛ لأن الله ما أمر بها ، ولا رغب فيها ؛ لأنها ليست صحيحة ، فإذا قلت بالمساواة دخل الفاسق والكافر والمؤمن والذكر والأنثى ، وهذا هو الذي يريده أعداء الإسلام من المسلمين ، لكن جاء الإسلام بكلمة هي خير من تلك الكلمة ، وليس فيها احتمالٌ أبداً ، وهي :
(إن الله يأمر بالعدل) ( النحل : 90 ) ، فكلمة العدل تقتضي أن نسوِّي بين الاثنين حيث اتفقا في الصفات المقتضية للتسوية ، وأن نفرق بينهما حيث اختلفا في الصفات المقتضية للتفريق).
وانظر أيضاً حديثه في هذه الآية عن التنبيه على الدعوة التنصيرية التي يقوم بها النصارى في هذا العصر.
وانظر ذكره فائدة في قوله تعالى :(نساؤكم حرث لكم) ( البقرة : 223 ) ، فقد ذكر الدعوة إلى تحديد النسل ، وردَّ عليها . وغيرها كثيرٌ من القضايا المعاصرة التي تطرَّق إليها الشيخ أثناء تفسيره .
رابعاً : الاهتمام بالجانب التربوي الذي تشير إليه الآيات ، ويظهر ذلك في جانبين :
الأول : الجانب الوعظي :
ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى :(واعلموا أنكم ملاقوه)( البقرة : 223 ) ، قال :(والله لو كانت قلوبنا حيَّةً لكان لهذه الكلمة وقع في نفوسنا ؛ لأنها من كلام الله عز وجل مصدَّرة بـ ( اعلموا ) ، لكن ، واللهِ القلوبُ ميتة ، والشكوى إلى الله عز وجل). الثاني : جانبُ الإرشادات والتوجيهات لطالب العلم :
ومن ذلك تعليقه على قوله تعالى :(ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) (البقرة : 221 ) ، قال :(وأنت إذا آمنت بهذه الجملة ، وهي قوله :(ويبين آياته للناس)( البقرة : 221 ) ، فإنه قد يعرض لك مسألة لا تجدها في كلام الفقهاء ولا في كلام المحدثين ، وعندما تتأمل القرآن تجدها واضحة صريحة ، أو عندما تتأمل السنة تجدها واضحة مبينة فيها ، وهذا شيء معلوم .
ولهذا أحثكم أنتم طلبة العلم على أن يكون دأبكم في الوصول إلى غائص المسائل الرجوع إلى الكتاب والسنة ، ولا حرج أن نستعين بكلام أهل العلم ؛ لأن اعتماد الإنسان على نفسه في فهم الكتاب والسنة قد يحصل فيه خلل كثير ؛ فلا بد أن يعرف القواعد التي قعَّدها السلف من الصحابة والتابعين ، مستنبطين لها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم).
وعند قوله تعالى :(والراسخون في العلم يقولون آمنا به) ( آل عمران : 7 ).
قال الشيخ :(ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يكون راسخاً في العلم لا جامعاً كثيراً منه ؛ لأن العبرة بالرسوخ في العلم ؛ فإن الإنسان إذا كان عنده رسوخ في العلم صار عنده ملكه يستطيع أن يُقرِّب العلم بعضه من بعض ، ويقيس ما لم يُنَصَّ عليه على ما نُصَّ عليه ، ويكون العلم لديه كالطبيعة الراسخة).
خامساً : النواحي اللغوية :
كان الشيخ رحمه الله يولي عناية واضحة بالنواحي اللغوية ، فيبرز معنى الآية من خلال وقفات إعرابية ، أو صرفية ، أو بلاغية ، والشيخ رحمه الله من خلال وقفاته تلك يهدف فيما يهدف إلى الناحية التطبيقية لطلابه ، ولا أدل على ذلك من إعرابه بعض الآيات واضحة الإعراب إعراباً تفصيلياً[3].
ومثله استطراداته الكثيرة في قضايا نحوية بحتة فعند قوله تعالى :(ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) (آل عمران : 19).
استطرد الشيخ في بيان سبب ارتباط جملة جواب الشرط بالفاء ، بطريقته الحوارية في الدرس مع الطلبة ، وذكر ما ذكره النحاة في ضابط ذلك.
اسمية طلبية وبجامد***وبما وقد وبلن وبالتنفيس
وقريبٌ منه استطراده حول الاسم الممنوع من الصرف عند كلامه على قوله تعالى :(أن الله يبشرك بيحيى) ( آل عمران : 39 ) ، حيث أشار إلى الخلاف في عربية اسم (يحيى) استطرد من خلاله إلى موانع الاسم من الصرف بطريقته السابقة.
وأمَّا وقفات الشيخ الصرفية فهي قريبة في منهجها من وقفاته النحوية ، فيذكر وزنَ بعضَ الكلماتِ واشتقاق بعضها ليصلَ إلى معنى الكلمة القرآنية.
فعند قوله تعالى :(نزل عليك الكتاب)( آل عمران : 3 ) . قال الشيخ :
(هو هذا القرآن ، وهو ( فِعال ) بمعنى : ( مفعول ) ؛ لأنَّه مكتوبٌ فهو كتابٌ مكتوبٌ في اللوح المحفوظ ، كما قال تعالى :(إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون)(الواقعة : 77-7).
وفي تفسير قوله تعالى :(ذرية بعضها من بعض) (آل عمران : 34) . قال الشيخ :(والذرية مأخوذة من ( ذرأ ) بمعنى ( خلق ) ؛ لقوله تعالى :(يذرؤكم فيه) (الشورى : 11 ) ، يذرؤكم فيه : أي : يخلقكم.
وقيل : من ( وذر ) ، بمعنى ( ترك ) ، فعلى الأول تكون الذرية شاملة للأصول والفروع ، لأن الأصول مخلوقون ، والفروع كذلك مخلوقون ، أما إذا جعلناها من ( وذر ) بمعنى ( ترك ) ، فهي للفروع فقط ، وهذا هو المعروف عند عامة الناس أن الذرية هم الفروع .
ثم يتساءل الشيخ رحمه الله : هل في القرآن ما يدلُّ على أن الذرية تطلق على الأصول ؟
فيجيب بقوله تعالى :(وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون) ( يس: 41 ) .
فإن الذين حُمِلوا من الذرية هم الذين آمنوا مع نوح وهم سابقون ، أي أصول).
والشيخ رحمه الله بإيجازه هذا غير المخل ، وتساؤله الذي جاء عرضاً قد أجاب عن إشكال استوقف كثيراً من المفسرين ، ومن آخرهم شيخه عبد الرحمن السعدي ( ت : 1376هـ ) ؛ حيث قال في تفسيره عند هذه الآية :(وهذه الآية من أشكل المواضع عليَّ في التفسير)[4].
وأما اللفتات البلاغية فلم يخلُ تفسير الشيخ رحمه الله من وقفات عندها ، ومن ذلك عند تفسيره قول الله تعالى :(زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين) ( آل عمران : 14 )
أشار الشيخ إلى قوة التعبير القرآني ؛ حيث سلط الحب على الشهوات لا على هذه الأشياء ؛ ( لأن هذه الأشياء حبُّها قد يكون محموداً) إذا لم يكن سبباً لصده عن دين الله .
وفي قوله تعالى:(وأزواج مطهرة)( آل عمران : 15 ) ، يشير الشيخ إلى نكتة العموم في إطلاق ( مطهرة ) لتشمل التطهير الحسيَّ والمعنويَّ معتمداً على قاعدة : أن حذف المعمول يُؤْذن بعموم العامل . قال الشيخ :(ولهذا أمثلة كثيرة مثلاً قوله تعالى:(ألم يجدك يتيماً فآوى * ووجدك يتيماً فآوى* ووجدك ضآلاً فهدى* ووجدك عائلاً فأغنى)( الضحى : 6-8 ) ، فالرسول صلى الله عليه وسلم وجده ربُّه يتيماً فآواه ، وآوى به حتى جعله فئة لكل مؤمن ، ضالاً فهداه وهدى به ، عائلاً فأغناه وأغنى به).
سادساً : استنباط الفوائد :
تُشكِّل الفوائد في درس التفسير جزءاً لا يغفل في منهج الشيخ ، وتأتي أهمية الفوائد من حيث إفرادها في الكلام بمبحث الفوائد عقب آية أو آيات يتم الشيخ تفسيرها والكلام عليها ، ومن ناحية أخرى توسُّع الشيخ فيما يذكره تحت هذا المبحث ؛ فهو لا يقتصر على الفوائد المباشرة في الآية ؛ إذ يذكر الفائدة ثم يتبعها بما قد يتفرع أو يُشْكل عليها ويجيب عنه .
فعند قوله تعالى :(وترزق من تشاء بغير حساب) ( آل عمران : 27 ) يقول الشيخ رحمه الله :(ومن فوائد الآية الكريمة أن الرزق بيد الله لقوله تعالى :(وترزق من تشاء) ( آل عمران : 27 ) ويترتب على هذا أنه ينبغي للعاقل فضلاً عن المؤمن أن لا يطلب الرزق من أيدي الناس ، وإنما يطلبه من الله عز وجل ، ولهذا جاءت النصوص بفضيلة العفة).
وعند قوله تعالى عن امرأة عمران :(وإني سميتها مريم) ( آل عمران : 36 ) . يذكر الشيخ رحمه الله من فوائد الآية تسمية المولود حين يولد ، ثم يقول:(وهذا هو السنة : أن يُسَمَّى الإنسان حين يولد إلا إذا لم يتهيأ الاسم فإنه يسمى في اليوم السابع ، وبهذا تجتمع الأدلة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما وُلِد إبراهيم ، قال : ( وُلِد لي الليلة غلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم )[5] وفي حديث العقيقة قال : ( تذبح يوم سابعه ، ويحلق ويسمى .. ))[6].
والفوائد مجال رحب عند الشيخ رحمه الله لتقرير العقيدة السليمة ، وتصحيح الأخطاء العقدية بشيء من الاستطراد والبسط ؛ فعند قوله تعالى :(لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات) ( آل عمران : 24 ) .
يقول الشيخ رحمه الله :(ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن هؤلاء يؤمنون بالبعث ؛ لقولهم :(لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات)( آل عمران : 24 ) ، ويتفرع على هذا أنه لا يكفي في الإيمان أن يؤمن الإنسان بالله وباليوم الآخر دون أن يستلزم هذا الإيمان قبولاً ، وإذعاناً ؛ فإن مجرد التصديق لا يعتبر إيماناً ؛ إذ لا بد من القبول والإذعان ، ولهذا أدلة).
وفي تفسير قوله تعالى:(والله سميع عليم) ( آل عمران : 34 ) . يقول الشيخ رحمه الله :(ومن فوائد الآية الكريمة إثبات اسمين من أسماء الله ، وهما ( السميع والعليم ) ، فالسميع يتعلقُ بالأصوات ، والعليمُ يتعلق بكل شيء بالأصوات ، والأحوال ، والأعيان). ثم يستطرد الشيخ في تقسيم أسماء الله إلى متعدية ولازمة ، وما يتضمنه كل نوع من الدلالة ، ثم يستطرد مرة ثانية إلى الفرق بين دلالة التضمن والاستلزام وتطبيق ذلك على اسم ( الخالق ، والرحمن ، والحي ) .
وفي مجال تصحيح الأخطاء العقدية يذكرُ الشيخ رحمه الله عند كلامه على آيات عموم القدرة في أكثر من موضع يذكر مقالة السيوطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى :(لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير).(المائدة : 120) ، حين قال :(وخصَّ العقل ذاته فليس عليها بقادر)[7] ، ثم يتعقبها ففي تفسيره لقوله تعالى :(قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير) ( آل عمران : 29 ) ، يقول الشيخ رحمه الله بعد ذكره مقالة السيوطي السابقة :(فإن هذه كلمة باطلة ، هو أراد معنى والله أعلم لكن التعبير بهذا خطأ ، نقول : إن الله تعالى قادرٌ على كل شيء يتعلقُ بفعله ، أو بفعل عباده ، كل شيء يفعله الله فهو بقدرته سبحانه وتعالى ، كل شيء يفعله العبادُ فهو بقدرته ، وهذا الاستثناء أو هذا التخصيص غير صحيح ، بل العقل يشهد لله تعالى بكمال أو بعموم القدرة ، وأنه على كل شيء قدير).
وفي مسألة التفاضل بين الملائكة وصالحي البشر ، وهي مسألة أطال فيها بعضُ العلماء النَّفَسَ ، وحُشدت لأجلها الأدلة يوردها الشيخ رحمه الله من فوائد قوله تعالى :(إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (آل عمران : 33 ) ، يوردها بقوله :(من فوائد الآية الكريمة ما ذكره بعض أهل العلم من أن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة ، ثم يقول : وعندي أن البحث في هذه المسألة من فضول العلم ؛ لأنه أي فائدة لنا إذا قلنا : إن فلاناً أفضل من جبريل ، أو جبريل أفضل من فلان .. ؟)، وبعد إشارته لشيء من أدلة الفريقين ، يقول :(وجمع شيخ الإسلام رحمه الله بين هذين القولين ، فقال : إن الملائكة أفضل باعتبار البداية ، وصالحي البشر أفضل باعتبار النهاية). ثم ينهي الشيخ رحمه الله عرضه للمسألة بقوله :(ومع ذلك فإني أرى أن الإمساك عن هذا أوْلى ... وأمَّا أيهم أفضل فهذا أمر لم نكلف به).
والحق أن الجانب العقدي في تفسير الشيخ سواء ما يتعلق منه بتوحيد الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات ، أو غيرها من مباحث العقيدة يستحق أن يفرد بدراسة استقرائية وافية يُبرز من خلالها منهج الشيخ في ذلك .
سابعاً : كثرة القواعد العلمية التي يذكرها ويذكر تطبيقها في الآية ، وهي قواعد متنوعة من لغوية ونحوية وأصولية وغيرها ، ومنها :
* الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً .
* الأصل أن الوصف متحقق في الموصوف حتى يتبين خروجه عن ذلك .
* من تأمل الشريعة وجد أنها تعتني بالمعنى أكثر من الاعتناء باللفظ .
* لا ينبغي الإطلاق في موضع يخشى فيه من التعميم .
* العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
* عند التنازع نرد المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله .
* العام لا يدل على جميع أفراده دلالة قطعية ، بل دلالته ظنية .
ولو جُمعت هذه القواعد العلمية العامة مع تطبيقاتها ، لشكلت كتاباًَ نافعاً لطلبة العلم .
وبعد ، فما ذُكر في هذه المقالة غيضٌ من فيض ، وقليل من كثير ، وعسى الله أن يُقيض من يقوم بدراسة منهج الشيخ في عموم العلوم التي برع فيها ، فيُبرز فيها ما يفيد طلبة العلم من تراث الشيخ المبارك . ولا نملك في الختام إلا أن ندعو له بالمغفرة والرحمة ، ونسأل الله أن يبلغه الفردوس الأعلى جزاء ما قدم ، إنه سميع قدير ، وبالإجابة جدير .
________________________
الحواشي :
(1) يخرج بهذا ما كتبه الشيخ رحمه الله من تأليف في التفسير .
(2) من ذلك شرحه للآيات في كتاب التوحيد ، والواسطية ، ومقدمة التفسير وغيرها .
(3) انظر إعرابه لقوله تعالى : [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ] (آل عمران : 4) .
(4) تيسير الكريم الرحمن ، ص 696 ، تحقيق : اللويحق .
(5) أخرجه مسلم ، ح/ 2315 ، أبو داود في الجنائز ، ح/ 2719 .
(6) رواه أبو داود ، ح/ 2455 .
(7) تفسير الجلالين ، 1/547 بحاشية الجمل .
للفائدة فإن ما طبع للشيخ رحمه الله من التفسير وما سيطبع وإن هو حمل اسماً واحدا فطريقة الشيخ فيها مختلفة والسبب في ذلك المنطلق الذي انطلق منه الشيخ .أثناء التدريس والذي هو أصل هذه الكتب .
إتماماً لهذه الفائدة إليكم مجالاتُ عنايةِ الشيخِ بالتفسير :
لقد تنوعت مجالاتُ عنايتهِ بهِ ؛ إذْ بلغ مجموعها سبع مجالات هي :
المجال الأول : التدريس وهو على قسمين :
القسم الأول : التدريسُ النظاميُّ : حيث درَّسَ الشيخُ مادّةَ التفسير في كلية الشريعة أَوَّلَ ما انتقل إليها مِن المعهد العلميّ ، وهي أولُ مادّةٍ درّسَهَا الشيخُ في الكليـةِ قبلَ أنْ ينتقـلَ إلى تدريسِ مادّةِ العقيدة .
القسم الثاني : التدريسُ في المسجدِ ، وللشيخِ فيه طريقتان :
الطريقة الأولى : التفسيرُ مِن المصحفِ مباشرةً .
وقد ابتدأه بسورة الفاتحة عام ( 1407 هـ ) ومات رحمه الله عند الآية ( 52 ) مِن سورة الأنعام عامَ ( 1421 هـ ) ، وهو أوسعُ تفسيرٍ للشيخِ رحمه الله .
طريقته في التفسير تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : يبدأ أولاً بتفسير الآية تفسيراً تحليلياً ويشتمـلُ غالباً على معاني الكلمـاتِ العربية ، واشتقاقها ثم يقوم بإعراب ما يحتاج إلى إعراب، وذكر القراءات الواردة في الآية مع توجيهها ، وخلاف المفسرين.
القسم الثاني : الفوائدُ المستنبطة مِن الآيةِ ،ويستطردُ فيها كثيراً وفيها أشياء دقيقة تدلُّ على فَهْمِ الشيخِ وسَعَةِ عِلْمِهِ وتَضَلُّعِهِ في التفسيرِ وفيها أشياء واضحة جداً ويكرر هذهِ الفوائد عند وجودها في آية أخرى وقد صرّح الشيخُ بذلك في مَعْرض ردِّه على الجبرية بقوله :" ولْيُعْلم أن هذا الدليل في الردِّ على الجبْرية كثيرٌ في القرآن وإنما نذكره عند كل آية لينتفع بذلك من أراد إحصاء الأدلة على هؤلاء ، وإلا فالدليل الواحد كافٍ لمن أراد الحق ".
الطريقة الثانية : التعليق على تفسير الجلالين .
-وهو أشْبَهُ مَا يكونُ بحاشيةٍ على تفسيرِ الجلالين ، وحسب علمي أنه بدأ بسورة النور وانتهى بسورة الزخرف فيكون مجموع ما فسره يزيد على سبعة أجزاء قليلا
وطريقته كطريقة ما قبله من ذكر التفسير والفوائد بيد أنه هنا ارتبط بكتاب ولذا ظهر إضافة جديدة الاستدراكُ على المؤلِّفِ ، ولهذا الاستدراك صور منها :
أ – أنْ يَحْصُرَ المؤلِّفُ اللفظَ العامَّ بشيءٍ مخصوصٍ بينما يرى الشيخُ عُمُومَه وهذا كثيراً ما ينبه عليه الشيخ رحمه الله ، وإن كانَ يظهرُ أنّ كثيراً مما نازعَ الشيخُ المؤلِّفَ فيه ، أنّه مِن بابِ التمثيلِ وليسَ الحصْر، والتفسيرُ بالمثالِ أحدُ أنواعِ التفسير عندَ السلفِ
التنبيهُ على الأخطاء العقدية التي وقعَ فيها المؤلِّف :مثاله :
عند تفسيرِ المؤلِّفِ لقوله تعالى { وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ }(الزمر: من الآية67)
قالَ : " بقدرته " وتعقّبه الشيخُ بقوله :" وهذا تحريفٌ على مذهبِ مَن لا يُؤمِنُونَ بصفاتِ الله تعالى الخبرية ، والصوابُ أنّ المرادَ باليمينِ : اليدُ اليُمْنى
-الردُّ على المؤلِّف في تعيين مُبهماتِ القرآنِ بلا دليل
-مخالفةُ المؤلِّفِ في تقديرِ المحذوفِ
-مخالفةُ المؤلِّفِ فيما ذهبَ إليه في إعرابِ الآية
-الاستدراكُ على المؤلِّفِ في تفسيرِ الآيةِ ومَعناها
-الاستدراكُ على المؤلِّفِ فيما أوردهُ مِن الإسرائيلياتِ في تفسيره
المجال الثاني : التفسير في اللقاءات العامة
وهو على نوعين :
أ – اللقاء المفتوح : حيثُ درجَ الشيخُ على افتتاحِ لقاءهِ المفتوح -وكان يعقده كل خميس- بتفسير آياتٍ مِن القرآن الكريم ؛ وبما أنه ليس لقاءً خاصاً بطلبة العلم فقد بدأ الشيخ بتفسير سورة الفاتحة والجزء الثلاثين ( جزء عمّ ) لأن الناس محتاجون إلى معرفة تفسيرها لكثرة قراءة هذا الجزء ، قال الشيخ :" اخترنا هذا الجزء لأنه يُقرأ كثيراً في الصلوات ، فيحسن أن يُعرف معاني هذا الجزء .
وأتمّ الشيخ هذا الجزء في شهر جمادى الثاني من عام ستة عشر وأربعمائة وألف ، ثم بدأ الشيخُ مِن سورة الحجرات حتّى بلغَ الآيةَ السادسة عشرة مِن سورة المجادلة
يذكرُ المعنى العام للآية بأسلوبٍ ميسّر مناسبٍ للمخاطَبين ، حيث كانَ الشيخُ يُلقِيهِ على عامّةِ الناسِ في اللقاء المشهور: البابُ المفتوح ، وهو لقاءٌ لم يكنْ خاصاً بطلبةِ العلم كما قدّمتُ ، قالَ الشيخُ في تفسير سورة العاديات :" هذا هو التفسير اليسير لهذهِ السورة العظيمة ومَن أرادَ البَسْطَ فعليهِ بكتب التفاسير التي تَبْسُطُ القولَ في هذا ، ونحنُ إنما نشير إلى المعاني إشارةً مُوجَزة ".
وهو في هذا الجُزْء أَشْبَهَ طريقةَ شيخهِ عبد الرحمن السعدي في تفسيره , كما أنه لم يتعرّض الشيخُ لإعرابِ الآيات واستنباطِ الفوائدِ مِنها على عادتهِ في التفسير ؛ إلاّ في القليلِ النَّادِر .
ب – دروسُ الحرمِ المكيِّ في رمضان : حيث يختارُ آياتٍ ممّا قرأ الإمامُ في صلاةِ العشاء أو صلاة التراويح ثم يقوم بتفسيرها
المجال الثالث : التفسير في وسائل الإعلام
كانَ للشيخِ رحمه الله برنامجٌ إذاعيٌّ في إذاعة القرآن الكريم بعنوان : أحكامٌ مِن القرآنِ الكريم ،ابتدأهُ في عام ( 1408هـ ) بسورة الفاتحة ؛ وتوفي رحمه الله وهو في أوائلِ سورة آل عمران عند الآية الحادية والثلاثين ، وكان يذاعُ البرنامج يوم السبتِ بعد الساعة السادسة والنصف صباحاً في بدايته ، ثم زِيدَ حلقةً ثانية يومَ الثلاثاء في نفس الموعد.
أنّه ليس خاصًّا في آياتِ الأحكامِ كما قدْ يُفْهمُ مِن عنوانه ، وإنما فَسَّرَ رحمه الله جميعَ الآياتِ ، ولذا قالَ في مقدمته :" وأحكامُ القرآنِ العظيم هي ما تتضمنهُ الآياتُ الكريمةُ مِن الفوائدِ الدينيةِ والدنيويةِ والفرديةِ والاجتماعيةِ ".
2 - طريقته فيه : يذكرُ معنى الآيةِ إجمالاً ثم يَتوسَّعُ بذكرِ الفوائدِ المستنبطةِ مِنها .
قالَ رحمه الله :" ونحنُ في هذا الكتابِ لن نتكلم كثيراً عن تفسيرِ الآياتِ وبيانِ وجوهها اللغويةِ مِن البلاغةِ والإعرابِ وغير ذلكَ ؛ لأنّ هذا – والحمد لله – موجودٌ في كتب كثير مِن المفسِّرينَ ، ولكن يُهِمُّنِي أنْ أُبَيِّن الفوائدَ التي تُستنبط مِن هذهِ الآياتِ وأُبّيِّنَ وجهَ ذلكَ غالباً فيما يحتاجُ إلى بيانٍ وفيما خَفِيَتْ دلالته ".
وبناءً على مَنهجهِ فقد خلامِن الإعرابِ وخلافِ المفسِّرينَ وذِكْر القراءاتِ وتوجيهها في الغالبِ ، وهذا هو الفرقُ بينه وبينَ تفسيرهِ المسمَّى : تفسير القرآن الكريم .
المجال الرابع : التأليف
أ – لقد أُسْندَ إلى الشيخِ رحمه الله تأليف مادّة التفسير في المعاهد العلمية لمرحلتيه المتوسطة والثانوية ، فقام بتأليفها عدا السنة الثالثة الثانوي ؛ كما سيأتي بيانه ، وكان خاصًّا في تفسير آيات الأحكام وسماه : الإلمام ببعض آيات الإحكام تفسيراً واستنباطاً ، وهو المؤَلَّفُ الوحيد في التفسيرِ الذي كتبهُ الشيخُ تأليفاً .
وهو عبارةٌ عن مقرر المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مرحلتيها المتوسطـة والثانويـة وِفْقَ المنهجِ المقَرِّ مِن مَجلس الجامعةِ عامَ ( 1397 / 1398 هـ ) للمرحلة المتوسطة ، وعامَ ( 1401/1402 هـ ) للمرحلة الثانوية، وقد أُسْنِدَ إلى الشيخِ ابن عثيمين رحمه الله القيامُ بتأليفه ، فَأَلَّفَهُ ، فهو أول كتـابٍ ألَّفهُ في التفسير ، كما أنّه الوحيدُ مِن كُتُبِهِ في التفسيرِ التي ألَّفَهَا ابتداءً ، وهذه التسميةُ – الإلمام ببعض آيات الأحكام – مِن تسميةِ الشيخ رحمه الله .
وأبرز ملامح هذا المؤلَّفِ ما يلي :
1 - الكتابُ في آياتِ الأحكامِ ، وقد رُتِّبَ على أبوابِ الفقه ولم يُرتَّبْ علـى ترتيبِ المصحفِ ، فبدأ بالطهارةِ وختم بالوصية والأصل أن يختم بآيات الإقرار كما هو مذكور في الخطة المعتمدة لمنهج المرحلة الثانوية للمعاهد العلمية صـ ( 57 ) إلا أن الشيخ رحمه الله لم يؤلف منهج الصف الثالث الثانوي .
فيقول : آياتُ الطهارةِ ، ويذكر ما تحتها مِن الأنواعِ ، وهي بمثابةِ الأبوابِ
ب – لَمْ يكتب الشيخ في التفسير ابتداءً سوى ما تقدّم ، ولكن نظراً للتطور في العَصْـر الحديث ، فقد سُجِّلَ كلام الشيخ أثناء دروسه في التفسير ، ومن ثم عمد الطلاب إلى تفريغها من الأشرطة
المجال الخامس : تفسيرُ الآياتِ التي تَرِدُ في المتونِ العلمية التي يقومُ بشرحها
ومن أمثلته :
أ – القول المفيد على كتاب التوحيد وبلغ عدد الآيات المفسرة مائة آية .
ب – شرح العقيدة الواسطية وبلغ عدد الآيات المفسرة آيتين ومائة آية .
المجال السادس : تفسير سور وآيات خلال خُطَبِ الجمعة أو في الدورات العلمية والمحاضرات
وهو يمثل القسم الثالث من القسم الثاني من كتابه : الضياء اللامع من الخطب الجوامع ( ) وقد اشتمل على خمس خطب :
الخطبة الأولى : في تفسير آيات من سورة ق .
الخطبة الثانية : في تفسير بعض الآيات من سورة الطور .
الخطبة الثالثة : في تفسير آيات من سورة الواقعة .
الخطبة الرابعة : في تفسير سورة العصر .
أما في الدورات فكان تفسير سورة الكهف
قام الشيخ رحمه الله بعقدِ دَوْرَةٍ صَيفيّة مسائيّة لتفسيرِ هَذهِ السورةِ ، وذلك عـامَ ( 1419 هـ ) ابتدأها في يومِ الجمعةِ ليلة السبت ( 3 / 3 / 1419 هـ ) وخَتَمَهَا يومَ الخميسِ ليلة الجمعة الموافق( 9 / 3 / 1419 هـ ) ، فيكون مجموع المجالسِ التي عقدها سبعة مجالس ؛ ولذا يَتَّضِحُ أنّه تفسيرٌ مختصَر لم يتوسّع الشيخُ فيه ، ، وقد راجعَ الشيخُ مِنها ستّة دروسٍ وبقيَ درْسٌ واحد ، وبالنظرِ إلى التفسيرِ نرى أنّ الشيخَ لَمْ يتّبعْ طريقته والتي كانت تَتمثَّلُ غالبًا باستخراجِ فوائد الآيات ؛ وإنّما كانَ يُفسِّرُ الآياتِ تفْسيرًا عامًّا ، وهو يُشبه إلى حَدٍّ كبير طريقتهُ فيما فسَّرهُ مِن المفصَّلِ
أما المحاضرات فكان منها :
تفسير آية الكرسي
جُزْءٌ صغير طُبع في سبع وثلاثين صفحة،طبعته دار ابن الجوزي ، وتُرْجمَ إلى عدَّةِ لغات.
وأهمُّ ملامح هذا الكتاب ما يلي :
1- الكتابُ ليسَ مَأخوذًا مِن تفسيرِ سورة البقرة المتقدّم ، وإنما هو مُستقِلٌّ نظراً لبعضِ الزياداتِ فيه ، وإنْ كانَ تفسيرهُ لهما متقاربًا ؛ إلاّ أنّ هناكَ اختلافًا في بعض اختياراتهِ ، ومِن أمثلته :
في الرسالةِ ذكرَ أنّ ابنَ عباسٍ قيلَ إنه يأخذُ عن الإسرائيلياتِ ؛ بينما في التفسير قالَ :" ومَـا قِيلَ مِن أنّ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما يأخذُ عن بني إسرائيلَ فلا صِحَّةَ لَهُ ، بلْ الذي صَحَّ عنه في البخاري أنّه كانَ يَنْهى عن الأخذِ عن بني إسرائيل "
-مجموع ما ذكره من الفوائد بلغت ( 40 ) فائدة .
تفسير آيةِ الطهارةِ مِن سورة المائدة
وهي رسالة صغيرة تقع في ( 49 ) صفحة ، وليست مَأخوذة مِن تفسير سورة المائدة ، وإنما هي محاضرة ألقاها الشيخ فنُسخَت وطُبعَت في رسالةٍ مستقلة
تفسير آيات الوصايا العشر من سورة الأنعام ثلاثُ آياتٍ هي : الآية (151) والآية (152) والآية (153) مِن سـورة الأنعام التي قالَ عنها ابن مسعود :" مَن سرَّه أنْ يَنْظُرَ إلى الصحيفةِ التي عليها خاتم محمد فليقرأ هذهِ الآيات{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } الآية ،إلى قوله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}".
ونظراً لأهميتها فقد قامَ الشيخُ بتفسيرها في محاضرة ألقاها وطبعت فيما بعد ضِمْنَ مجموع فتاوى ورسائلِ الشيخ ،وتقع في ( 28 )صفحة ، مع العلم أنّ الشيخَ قد شَرَحَهَا أيضاً في كتابهِ : القولُ المفيد
تفسير قوله تعالى : {يَا نِسَاءَ النَّبِيّ}(الأحزاب: من الآية32)
وهي رسالةٌ لطيفة قيّمةٌ في شرْحِ الآيةِ ، نُقلَتْ مِن شريطٍ للشيخ ؛ ثمّ عُرضت عليه وأضافَ عليها بعضَ الفوائدِ والتصْحيحات ؛ ثمّ طُبعتْ في كُتيِّبٍ صغير ، وقد فسَّرَهَا أيضًا في تفسيرهِ لسورة الأحزاب .