مُتَّبِعَة
New member
هناك تساؤلات كثيرا ما تدور في ذهني لكثرة الوارد حتى أسررتُ لنفسي : ترى هل ستكثر هذه العناصر في مجتمعنا حتى تصير ظاهرة لا قدَّرَ الله ؟؟!
المشهد الأول : طالبة جامعية ابنة شيخ دين على مستوى الأمة منقبة تزوجت ابن شيخ دين آخر وعلى مستوى الأمة ، ثم أكملت الماجستير في إحدى التخصصات الشرعية ، ثم ماذا كان ؟
1- خلعت النقاب ولبست البنطال وأفتت بجواز قراءة القرآن على أنغام الموسيقى ، ثم صارت تقيم المسامرات الثقافية في الحدائق العامة !
2- صارت مدرِّبة معتمدة بشهادات خارجية تعطي دورات ومحاضرات في التربية والتعليم والدين والصحة والنفس و ... إلخ !
المشهد الثاني : طالبة جامعية من أسرة صالحة تلبس السواد من رأسها وحتى أخمص قدميها ، أكملت الماجستير في إحدى التخصصات الشرعية ، ثم صارت مقرئة ، وبقيت في لباسها هذا ما شاء الله لها أن تبقى من السنوات الطوال ، ثم ماذا كان ؟
1- تخففت من بعض السواد فنزعت القفازين والجوربين وأماطت اللثام عن العينين والحاجبين ولبست ما يشف عن جيدها وشعرها سُنَيَّات قليلة ، ثم خلعت النقاب مؤخراً !
2- صارت مدَرِّبة معتمدة بشهادات خارجية تعطي دورات صحية وتثقيفية ونفسية ، وتدعو إلى نشر السلام والتنوير !!!!
أكتفي بهذين المشهدين ليعبرا عن مضمون ومغزى المقال ، وأتساءل :
- لماذا ممن صارت مدربة معتمدة في مجال نفسي تخلع النقاب أو تميل إلى خلعه وتدعو إلى ما مؤداه التحرر دون أن تدري مصاحبةً معها شواذ الفتاوى ومناكير الفكر ؟!
الذي أفكر فيه ليس من باب الحل والحرمة ، ولكنه من باب محاولة فهم ما يدور في مجتمعي ! هل يا ترى بروز المرأة في كل مكان ولو كان للدعوة إلى الله هل هو طريقٌ مستنزفٌ للحياء مع طول السُّرى فيه ؟
هل الدورات النفسية ودورات فن الإدارة ودورات فن التعامل مع البشر ودورات فن تعزيز الثقة بالنفس هل لهذه الدورات يد خفية فيما يحدث ؟
كلما لحظتُ تخففًا في لباس إحداهن وتحرراً في فكرها إذا بي أجدها في المقابل قد نالت شهادة في إحدى تلك الدورات !
هل الخلل : في الدورات التي صارت موضة العصر أم أن الخلل في تلك المتدرِّبة ؟
إن لهذه الفئة من الداعيات إلى التحرر دون قصد منهن هداهن الله سمتان مشتركتان – بحسب ما لاحظتُه خلال زمالتي معهن في الجامعة ثم في ملتقيات العمل – مع اختلاف بيئاتهن ومشاربهن :
1- لا يستفدن من النقد الموجِّه ولا من النصح الذكي ، فيرين الناقد حاسداً والناصح متخلفاً رجعياً .
2- سرعة الغضب والتملص من الحوار قبل أن يبدأ ، وهذه السمة بالذات تستوقفني طويلا !! يا ترى كيف يقمن دورات في الإيجابية وإدارة الحوار والثقة بالنفس وهن لا يمتلكن أدواتها ؟
وهذا السؤال يجعلني أستحضر موقفين مَرَّا بي قبل سنوات : أحدهما كان لمُدَرِّبة معتمدة من جهة خارجية حضرتُ لها ورشة عمل ضمن فعاليات مؤتمر دولي ، وبعد أن أنهت الورشة مرت بي فسلمتُ عليها وشكرتُ عملها ، فسَعِدَتْ وسألتْني عما إذا كان هناك ملحوظات ، فما إن نطقتُ بأولى جُمَلي – ولما يكتمل ركناها بعد – حتى استحال وجهها بهلوانا زائغ العينين فأشاحت به وانبرت داخلة ضمن الزحام الخارج ! والموقف الآخر كان في إحدى الملتقيات الدعوية العامة كان لي ركنا أدير فيه النشاط الخاص بمدرستي آنذاك – لما كنتُ مدرسة علوم شرعية في وزارة الأوقاف – ، وصادف حضوري حضور إحدى المُدَرِّبات المعتمدات ، فجلستُ أتأمل أسلوبها ومعطياتها ، كانت تتحرك بيديها ورجليها كثيرًا فتدور وتغني وتصفق وتشجع وغير ذلك – كان الحضور طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية – ، ولما أنهت محاضرتها الساذجة جئن إليها طالبات ينشدن سؤالها وإذا بها تنزل عتبات المسرح مهرولة لا تلوي على أحد وتخرج سريعا وكأنما العبارات التي حفظتها مع كثرة التكرار قد نفدت وما عاد لديها ما يسد الرمق !
وبعد ما أسلفتُ أضع أسئلتي للفضلاء والفضليات في هذا الملتقى :
1- هل ما كتبتُ نوع من التهويل لِلا شيء أصلا ؟ فهو لا يعدو سوى ممارسات شخصية فردية غير محسوبة ينبغي ألا يؤبه لها ؟
2- لو تكاثرت هذه السلوكيات الفردية في مجتمعاتنا – وما أنا إلا شاهدة عيان على تكاثرها – فما هي الحلول المقترحة إزاءها ؟
على الهامش :
تغريدة موفقة قرأتها مؤخرًا بعد ما كتبته أعلاه : يقول إيريك هوفر : إن نموذج تطوير الذات الذي تطرحه الحضارة الغربية أمام الشعوب المتخلفة يأتي ومعه وباﺀ الإحباط الفردي , كل ما يجلبه الغرب من مزايا لا يعادل شعور الطمأنينة الذي كان الفرد يشعر به وهو في أحضان بيئة مترابطة .
وأقول : إيريك هوفر يعزو الإحباط الفردي إلى شعور القلق الناتج عن التصدع الاجتماعي في بيئة المحبَط ، وأتساءل بدوري : أي نوع من القلق هذا الذي يصيب عدداً من أبناء وبنات الأسر الصالحة ؟ أهو الثراء ؟ أهو الطغيان المادي ؟ أهو الأنثروبولوجية المتوارثة التي لما تُمَكِّن لنزعة التدين فيها من الغَلَبَة ؟ أهو مرض عصري لمّا يُكتشف ؟
؟
الأربعاء : 18 جمادي الآخرة 1433هـ
9 مايو 2012م