المتواتر قطعا والمتواتر احتمالاً

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
27/04/2006
المشاركات
751
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مكة المكرمة
المتواتر هو ما رواه جمع عن جمع يحيل العقل تواطؤهم على الكذب أو اتفاقهم على الوهم مثلما يحصل لآحاد الأفراد والقليل من الناس، ولذلك يكون الخبر المتواتِر قطعيَّ الثبوت مثل عدد الصلوات فهي لم تحدد في القرآن بخمس ومثل عدد ركعاتها فهي لم تُحدد في القرآن بثنتين وأربع وأربع وثلاث ثم أربع. فهذا متواتر المعنى، ولا يجوز استخدام تعريف اتُّفق عليه لغير معناه لان استخدامه لغير معناه يحيل العلم ويغرر بالناس وهو حرام وجهل بما هو معروف من العلم بالضرورة.
والقرآن هو كلام الله تعالى المحفوظ بين دفتي المصحف ، المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته. فخرج بقيد المتعبد بتلاوته الحديث القدسي وما صح من كتب الله السابقة فهي من كلام الله المروي بمعناه واختُص القرآن العظيم بكونه متعبّدا بتلاوته فلتاليه بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ، ترغيبا من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة بتعهد تلاوته. وخرج بقيد المحفوظ بين دفتي المصحف ما لم يتضمنه المصحف مما نسخت تلاوته فبقي الذي أجمع الصحابة على قبوله والاعتراف به وهو مصحف زيد ،
وليس عندنا غير القرآن ما نحتاج إلى تواتره لفظا ومعنى لأنا نكتفي في الأخبار الأخرى القطعية أن يتواتر معناها أما لفظها فغير محتاج إليه لأنها غير متعبَّد بتلاوتها، فالقرآن العظيم هو النص الوحيد الذي احتاجت الأمة أن يتواتر لفظه ومعناه معاً. لكن ما ينبغي توضيحه بالتعريف أن لدينا مصحفاً بمعنيين أحدهما مكتوب والآخر مقروء، والمكتوب أقل قليلا من المقروء لأن الكلمة الواحدة ربما قرئت بطريقتين او بأكثر من طريقة، ولم يكن من الممكن أن تُكتب جميع وجوه قراءتها بل اقتضى الأمر أن يمرّ قرنان لكي يشرع العلماء بتأليف الكتب في وجوه القراءات في كتب مستقلة عن المصحف مختصة بقراءات حروفه. فتعدد القراءات المقبولة للكلمة الواحدة يجعل المصحف مقروءا أكبر حجما من المصحف مكتوباً، وكان سبب تنوع القراءات ما يلي:
1. نزول القرآن المجيد نفسه على سبعة أحرف حيث قرأ عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم سورة الفرقان بقراءتين مثلا أقرهما النبي عليهما.
2. لكن الكتابة المصحفية قد تضمنت فقط ما احتمله رسمها من الاحرف السبعة التي لم تتمكن الأمة من حفظها كلها وإن كانت قد حفظت قسطا كبيرا منها انتشر في روايات القراءات.
3. وكان الخط في عمره الزمني ايام الخلفاء الراشدين لا يقوى على حفظ النص لأنه لما تُضَف إليه التمييزات بالنقط والحروف الصائتة القصيرة(الحركات والشدة والسكون) بعد. فأثر ضعف الخط في اختيار القراء من وجوه التلاوة التي بين أيديهم. والدليل أن المصاحف حين تختلف بينها يختلف معها القراء ، ولو كان معتمدهم الرواية حسب لما تابعوا المصاحف في اختلافها، فكان في هذا دليل أن للكتابة وقلة رموز الخط قبل ضبطه بالشكل وإعجامه وإتقان الناس له دوراً أو تأثيراً قليلا في اختيار القراء من بين ما لديهم من وجوه مروية.
4. فالمتواتر هو المصحف مكتوبا دون نقط أو شكل وأما المصحف المقروء فمنه ما هو متواتر قطعا ومنه ما هو متواتر احتمالاً. فالمتواتر منه قطعا هو ما اتفق القراء على تلاوته وهو أكثره وأما ما اختلفوا فيه من حروفه فالمتواتر هو إحدى القراءات دون تعيين أو كلتاهما دون جزم بالموقع، فلا يجوز قراءة حرف لم يتواتر قطعًا أو احتمالا، وما تواتر قطعا هو ما اتفق جميع القراء على القراءة به من الحروف وما تواتر احتمالا هو الاختيار مما اختلفوا فيه في فرش الحروف، فما لم يروه أئمة القراءة لا تجوز التلاوة به . ولكن يجوز الترجيح بين ما اختلفوا في قراءته في ضوء المعنى والسياق واستعمال القرآن واختيار الجمهور.
وما يخطئ فيه كثير من الناس اليوم هو الخلط بين المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا فيعدُّون جميع ما في القراءات السبع ثم العشر متواترا قطعا ولذلك يبسطون ألسنتهم بالنكير على ابن جرير والزمخشري وهذا لم يقل به عالم من أهل هذا الشأن كما بينت ذلك في دفاعي عن موقف أبي جعفر ابن جرير [ينشر قريبا في الملتقى] الذي كان يرجح بين ما هو متواتر احتمالا ويقبل دون مناقشة ما هو متواتر قطعاً.
فشكل الكلمة فتثبتوا بدون نقاط متواتر قطعا ولكن كونها فتبينوا أم فتثبتوا كلا القراءتين من المتواتر احتمالا، وإن كانت كلتاهما صحيحة، لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع مثلما نجزم أن النبي قرأ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ التي هي متواترة قطعا، وهكذا الحال في كل القرآن. ونحن نجزم باحتمال أن تكون كلا القراءتين من الأحرف السبعة لكن لما كنا لا نملك ما نقطع به لكل وجوه القراءات حرفا حرفا أنها من الأحرف السبعة إذ يحتاج مثل هذا القطع تواتر الخبر وما إلى ذلك سبيل قلنا بأن الترجيح وارد وأن كلتا القراءتين أو كل القراءات المقبولة للحرف الواحد هي من المتواتر احتمالا.
فالقرآن العظيم كله متواتر قطعا إلا زهاء ألف ومئتي كلمة اختلف القراء في تلاوتها هي من المتواتر احتمالا، وذلك أنا نقطع أن الحق والصواب لا يخرج عن اختياراتهم وما قرأوا به لكن لما كنا لا نملك ما نقطع به ونحكم به لقراءة دون قراءة إلا قرائن الترجيح بمثل ما فعله ابن جرير احتجنا إلى وضع مصطلح يميزهذه المجموعة من حروف القرآن عن سائر حروفه التي اتُّفِق على القراءة بها فقلنا إن ما اختلفوا فيه هو متواتر احتمالا وما اتفقوا عليه هو متواتر قطعاً.
فإن قال قائل إن وسم التواتر بكونه احتمالا يُضعف كونَه تواترا قلنا إن كون الحق لا يخرج عن إحدى القراءات المقبولة يعني وجود التواتر لأن خط الكلمة من المتواتر قطعا ، فلا يكون للوصف باحتمالا تأثير كبير على سوغ إطلاق صفة التواتر على ما اختلفوا فيه من فرش الحروف بل هو تمييز له فقط عن التواتر قطعا ، وهو ما اتفق سائر القراء على القراءة به.
ورب متسائل يسأل عن أصول القراءات لا فرشها فيقال له إن الأمر في هذا ذو سعة، فالأصول قواعد صوتية لا علاقة لها كبيرة بالتواتر من عدمه فهي أشبه بقواعد اللغة العربية التي هي جزء ضمني متمم للخط من قراءة كل نص عربي، وأصول القراءات قواعد إضافية لا يُحتاج فيها إلى مثل ما يحتاج إليه في الفرش لأن الأصول من علم الأصوات أما الفرش فمن علم الدلالة وهو يؤثر في المعنى والحكم الشرعي واختلاف الفقهاء وفي تشكيل الفكر الإسلامي القائم على فهم معاني كتاب الله أولا. والدليل أن الأصول قواعد مطردة أمثلة كثيرة، أبو عمرو لم يدغم القاف في الكاف في كلمة بورقكم لأنه اختار قراءتها بسكون الراء فلم يمكن ولم يحتج إلى الجمع بين ساكنين ولو قرأها بكسر الراء كما فعل عاصم لأدغمها ولا ريب لانتفاء مانع الإدغام، ولذلك أدغمها ابن محيصن الذي من أصوله الإدغام ومن اختياره كسر الراء في هذا الحرف. ولم يشدد البزّي عن ابن كثير التاء في قوله تعالى (فأنت له تصدى) لأنه قرأها بتشديد الصاد فلو قرأها بصاد خفيفة كما فعل حفص عن عاصم لقرأها بتشديد التاء على أصوله في كل مضارع حذفت إحدى تائيه تخفيفاً.

ولا نعبأ كثيرا باختلافهم في الأصول وإن كان ثم مرجحات مثل قول النحاة إن قريشا كانت لا تهمز، ولذلك روي عن الشافعي أن السنة قراءة نافع واختار ابن حنبل قراءة أهل المدينة.
وقال علماء القراءات إن لغة قريش ظاهرة في رواية ورش عن نافع وأبي عمرو إذا أدرج أي ما عرف فيما بعد برواية أبي شعيب السوسي عن اليزيدي عنه. ولا يشتغل مصطلح المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا على أصول القراء ولكنه وضع للتمييز بين ما اتفقوا على قرائته وما اختلفوا في روايته من فرش الحروف.
والله من وراء القصد
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم​

جزاكم الله خيراً على هذه الملاحظة ، وأريد أن أبدي رأيي في المسألة فأقول وبالله التوفيق : إنّ استعمال اصطلاح التواتر المحتمل في نظري قد يفضي إلى الالتباس والتناقض والخروج عن نظرة المتقدّمين إلى التواتر.
فالقرءان الكريم متواتر ، والتواتر في حدّ ذاته يفيد القطع واليقين ، وإطلاق لفظ التواتر المحتمل على جانب من بنية القرءان الكريم يُفقده هذه القطعية لا سيما إن كان الأمرُ متعلّقاً بالنطق ، إذ القرءان الكريم المرسوم لا تقوم له قائمة إلا بالنطق به إذ بذلك نتعبّد الله تعالى بتلاوته وتدبّره وفهم ما تضمنّه من أخبار وتشريع ، حيث إذا انفكّ الرسم عن النطق لما تحقّق كلّ ذلك ، إذ كلّ متوقّف على التلازم بينهما لذا فلا ينبغي التفريق بينهما بإخراج النطق عن هذه القطعيّة. والقرءان نزل منطوقاً به أوّلاً إذ تلقّاه النبيّ عليه الصلاة والسلام عن جبريل وكان عليه الصلاة والسلام أمّياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ثمّ تلقّاه الصحابة عنه عليه الصلاة والسلام ودوّنوه بأمره صلى الله عليه وسلم.
واتّفق العلماء على أنّ النطق توقيفيٌ خلافاً للرسم ، لذا فحصول القطع والتواتر في النطق أولى من حصوله في الرسم إذ الرسم جاء متأخّراً عن النطق ، بل إنّ النطق هو مصدر الرسم كما هو معلوم فكيف نستعمل اصطلاح الاحتمال على النطق وهو المصدر؟​
فالقراءات المتواترة المقروء بها اليوم تتفّق في الرسم وتختلف في النطق وهي متواترة في الجملة صحيحة مستفاضة متلقّاة بالقبول والقطع حاصل بذلك كما قال ابن الجزريّ في منجد المقرئين. ففرق بين الاتفاق والتواتر ، فالاتفاق غير حاصل بين الرسم والنطق ولكنّ القطع حاصل بهما جميعاً.
وأمّا تفريقكم بين الأصول والفرش من حيث التواتر فللمتقدّمين كلام في المسألة ويكفي في ذلك أنّ ابن الجزري اشترط في كتابه النشر شروطا وهي اتصال السند مع عدالة الرواة وشهرة القراءة ولم يفرّق بين الأصول والفرش بل ضعّف الكثير من الأوجه الأدائيّة في نشره وهي تتعلّق بالأصول لأنّها لم تتوفّر فيها الشروط.
أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين.​
 
فالقرآن العظيم كله متواتر قطعا إلا زهاء ألف ومئتي كلمة اختلف القراء في تلاوتها هي من المتواتر احتمالا، وذلك أنا نقطع أن الحق والصواب لا يخرج عن اختياراتهم وما قرأوا به لكن لما كنا لا نملك ما نقطع به ونحكم به لقراءة دون قراءة إلا قرائن الترجيح بمثل ما فعله ابن جرير احتجنا إلى وضع مصطلح يميزهذه المجموعة من حروف القرآن عن سائر حروفه التي اتُّفِق على القراءة بها فقلنا إن ما اختلفوا فيه هو متواتر احتمالا وما اتفقوا عليه هو متواتر قطعاً.
السلام عليكم
تأييدا لما قاله الشيخ الكريم محمد يحيي شريف ـ حفظه الله ـ أقول :
القراءة الواحدة في ذاتها متواترة تواترا قطعيا ،وتنطبق عليها شروط التواتر الواجب قبوله حرفا حرفا، فكيف إذا قارنا قراءة بأخري ادعينا أنها متواترة احتمالا ومن ثَمّ يجوز القيل والقال فيها ؟
مثال : كلمة " القدس"بإسكان الدال لابن كثير مثلا ،متواترة في قراءة ابن كثير وتنطبق عليها شروط التواتر ونحكم له بقطعيتها ، فكيف إذا قارناها بغيرها من القراءات حكمنا عليها بأن تواترة تنزل لرتبة التواتر المحتمل ؟
وقال السخاوي في هذا الصدد :
قال السخاوي في كتابه " فتح الوصيد في شرح القصيد " والقراءة سنة لارأي وهي كلها وإن كانت عن السبعة مروية متواترها لا يقدح في تواترها نقلها عنهم ، لأن المتواتر إذا أسند من طريق الآحاد لا يقدح ذلك في تواتره .
كما لوقلت : أخبرني فلان عن فلان مدينة سمرقند ، وقد علم وجودها بطريق التواتر لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم منها ، ونحن نقول : إن قراءات السبعة كلها متواترة ، وقد وقع الوفاق أن المكتوبة في مصاحف الأئمة متواتر الكلمت والحروف .

فإذا نازعنا أحد بعد ذلك في قراءة التواترة المنسوبة للسبع فرضنا الكلام في بعض السور فقلنا : ما تقول في قراءة ابن كثير في سورة التوبة " تجري من تحتها " بزيادة "من" وقراءة غيره " تجري تحتها " وفي قوله تعالي " يقص الحق " و" يقض الحق " أهما متواترتان ؟؟

فإن قال : نعم فهو الغرض ، وإن نفي تواترهما خرج الإجماع المنعقد علي ثبوتهما وباهت فيما هو معلوم منهما ، وإن قال: بتواتر بعض دون بعض تحكم فيما ليس له ، لأن ثبوتهما علي سواء فلزم التواتر في قراءة السبعة ، فأما ما عداها غير ثابت تواترا ولا تجوز القراءة به في الصلاة ، ولا في غيرها ولا يكفر جاحده وإن جاء من طريق موثوق به إلتحق بسائر الأحاديث المروية عن الرسول صلي الله عليه وسلم فإن تضمن حكما ثابتا لزم العمل به وإلا فلا وربما كان مما نسخ لفظه لا تجوز القراءة به مع أن الاجتراء علي جحده غير جائز لأن علمه موكول إلي الله عز وجل إذ قد أسند طريق العلم ولا يجوز أن نثبت ما لم يعلم صحته بكونه من عند الله قرأنا لعل ذلك تقول علي الله تعالي وكذب في قوله تعالي :" ويقولون علي الكذب وهم يعلمون " ...)) صـ 279/280

أما مسألة اعتراض بعض المفسرين والنحاة وتبعهم بعض القراء في تواتر الفرش دون الأصول قال الزرقاني :: ........
الخامس : أن القراءات توقيفية وليست اختيارية خلافا لجماعة منهم الزمخشرى حيث ظنوا أنها اختيارية تدور مع اختيار الفصحاء واجتهاد البلغاء ورد على حمزة قراءة ( والأرحام ) بالخفض ومثل ما حكى عن أبى زيد والأصمعى ويعقوب الحضرمى أن خطئوا حمزة فى قراءته ( وما أنتم بمصرخي) بكسر الياء المشددة وكذا أنكروا على أبى عمرو إدغامه الراء عند اللام فى < يغفر لكم >
وقال الزجاج إنه خطأ فاحش ولا تدغم الراء فى اللام إذا قلت : مر لى بكذا لأن الراء حرف مكرر ولا يدغم الزائد فى الناقص للإخلال به فأما اللام فيجوز إدغامه فى الراء ولو أدغمت اللام فى الراء لزم التكرير من الراء وهذا إجماع النحويين .انتهى

وهذا تحامل وقد انعقد الإجماع على صحة قراءة هؤلاء الأئمة وأنها سنة متبعة ولا مجال للاجتهاد فيها ولهذا قال سيبويه فى كتابه فى قوله تعالى ( ما هذا بشرا ) وبنو تميم يرفعونه إلا من درى كيف هى فى المصحف
وإنما كان كذلك لأن القراءة سنة مروية عن النبى ? ولا تكون القراءة بغير ما روى عنه قال ابن مجاهد إذا شك القارىء فى حرف هل هو ممدود أو مقصور فليقرأ بالقصر وإن شك فى حرف هل هو مفتوح أو مكسور فليقرأ بالفتح لأن الأول غير لحن فى بعض.

قال نافع: قرأت على سبعين من التابعين فما اجتمع عليه اثنان أخذته، وما شك به واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة. وقرأ الكسائي على حمزة وغيره، فاختار من قراءة غيره نحوا من ثلاثمائة حرف، وكذا أبو عمرو على ابن كثير، وخالفه في نحو ثلاثة آلاف حرف اختارها من قراءة غيره."ا.هـ
وطعن ابن جرير قد حذر منه الأئمة قديما حتى قال السخاوي : قال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي : " إياك وطعن الطبري على ابن عامر" والله أعلم .
والسلام عليكم

 
أشكر الأخوين الكريمين والشيخين الفاضلين الشيخ محمد يحيى شريف والشيخ عبدالحكيم عبدالرازق على مرورهما وإبداء رأيهما في الموضوع ، وقد أنتجت ردودهما هذه السطور من الحوار
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم


جزاكم الله خيراً على هذه الملاحظة ،

,وجزاكم الله خيرا على مروركم الكريم وإبداء رأيكم السديد
وأريد أن أبدي رأيي في المسألة فأقول وبالله التوفيق : إنّ استعمال اصطلاح التواتر المحتمل في نظري قد يفضي إلى الالتباس والتناقض والخروج عن نظرة المتقدّمين إلى التواتر.
قالوا قديما لا مشاحة في الاصطلاح
ولكن لما كان التواتر صفة للخبر كان إطلاقه على نوع خاص من الأخبار هو ما رواه جمع عن جمع وعلِمه جمع عن جمع إلى منتهاه، وهذه الصفة متحققة في المصحف كله إلا ما اختلف فيه القراء من فرش الحروف.
ولأننا لا نملك مصطلح (متواتر احتمالا) أو ما شابهه ـ إذ لا مشاحة في الاصطلاح ـ زعم بعض الناس أن القراءات آحاد لا متواترة، وهو محق مبطل في الوقت عينه، ذلك أن في حروف القراءات نوعا من التواتر وإن كان لا يرقى إلى درجة ما أجمعوا على تلاوته من القرآن، ولما كانت (الحاجة أم الاختراع) رأيت أننا بحاجة إلى إطلاق صفة المتواتر احتمالا لما اختلفوا فيه من حروف حيث أنا نجزم بما يأتي
  • أن إحدى قراءات الحرف المختلف في تلاوته أو ثنتين منها أو كلها من الأحرف السبعة ولا نقطع بتعيين أي منها إلا أننا نرجّح.
  • أن فيها من أوصاف الأخبار ما تمتاز به على الآحاد التي في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من المجاميع ذلك أنها تواترت عن القراء وإن لم تتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم بل تواتر الرسم الذي يحتملها وصحّت التلاوة بها، فهي دون مرتبة المجمع على تلاوته قطعا وفوق صحيح الأخبار بلا مقارنة قطعا، ولكننا بحاجة إلى مصطلح ينقل وعينا بأن درجة صحتها وثبوتها وكونها من الأحرف السبعة تعيينا هي دون ما أجمعوا عليه من حروف وإن كانت فوق ما سوى القرآن من أخبار صحةً
فالقرءان الكريم متواتر ، والتواتر في حدّ ذاته يفيد القطع واليقين ، وإطلاق لفظ التواتر المحتمل على جانب من بنية القرءان الكريم يُفقده هذه القطعية لا سيما إن كان الأمرُ متعلّقاً بالنطق ، إذ القرءان الكريم المرسوم لا تقوم له قائمة إلا بالنطق به إذ بذلك نتعبّد الله تعالى بتلاوته وتدبّره وفهم ما تضمنّه من أخبار وتشريع ، حيث إذا انفكّ الرسم عن النطق لما تحقّق كلّ ذلك ، إذ كلّ متوقّف على التلازم بينهما لذا فلا ينبغي التفريق بينهما بإخراج النطق عن هذه القطعيّة. والقرءان نزل منطوقاً به أوّلاً إذ تلقّاه النبيّ عليه الصلاة والسلام عن جبريل وكان عليه الصلاة والسلام أمّياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ثمّ تلقّاه الصحابة عنه عليه الصلاة والسلام ودوّنوه بأمره صلى الله عليه وسلم.

واتّفق العلماء على أنّ النطق توقيفيٌ خلافاً للرسم ، لذا فحصول القطع والتواتر في النطق أولى من حصوله في الرسم إذ الرسم جاء متأخّراً عن النطق ، بل إنّ النطق هو مصدر الرسم كما هو معلوم فكيف نستعمل اصطلاح الاحتمال على النطق وهو المصدر؟
برغم أن النطق سابق عن الرسم في حياة النبي وعصر الصحابة إلا أنه بعد تدوين المصحف وإجماع الصحابة والأمة عليه أصبح المصحف شرطا في قبول النطق ، فمن بين نطوقات [إن صحّ أن نجمع نطقا على نطوق] كثيرة كان لدى علماء القراءات معيار أن كل نطق لا يحتمله رسم المصحف يفقد ركنا ركينا من حجيته، فصار الخط حكما على مجرد النطق، ونحن هنا نتناقش في النطوقات التي قبلت واشتهرت واستفاضت وسبعت وعشرت لموافقتها مرسوم الخط ولو احتمالاً.
هذا ما سوغ لنا استعمال اصطلاح المتواتر احتمالا لأنه ليس كالمتواتر قطعا بل متواتر الشكل في المصحف صحيح النطق آحادا أو دون التواتر رتبةً.
فالقراءات المتواترة المقروء بها اليوم تتفّق في الرسم وتختلف في النطق وهي متواترة في الجملة صحيحة مستفاضة متلقّاة بالقبول والقطع حاصل بذلك كما قال ابن الجزريّ في منجد المقرئين. ففرق بين الاتفاق والتواتر ، فالاتفاق غير حاصل بين الرسم والنطق ولكنّ القطع حاصل بهما جميعاً.
فضيلتكم نحن لا نتكلم عن صحة ولا عن قبول ولا عن حكم فهذا ما لا مراء فيه.
نستفيد من مصطلحنا الجديد ما يلي
  1. لا يقبل كثير من الناس إطلاق صفة التواتر على القراءات لا السبع ولا العشر، وذلك بسبب من ترجيح فطاحل العلماء كابن جرير وغيره بينها، قالوا فلو كانت متواترة لما كان للترجيح بينها وجه.
  2. بسط الناس ألسنتهم بالنكير على مثل ابن جرير في علو قدره بسبب توهمهم أن القراءات متواترة بنفس الدرجة من اليقين في الخبر.
  3. تفريقنا فقط في الدرجة بين ما أجمعوا على قراءته من المصحف وما اختلفوا فيه ، وقولنا إن إحدى القراءات المختارة في الحرف هي المتواترة قطعا دون جزم بأي منها، وباحتمال أن تكون اكثر من قراءة متواترة للحرف الواحد لوجود حديث الأحرف السبعة يمنحنا القدرة على عدة أمور:
  • قبول إطلاق صفة التواتر على القراءات على أن يكون منها ما هو متواتر قطعا ومنا ما هو متواتر احتمالا
  • الرد على من قال إنها آحاد صحيحة فقط وهذا يرد حتى عند محققي القراءات في أنها في الواقع أكثر موثوقية وحجية من مجرد الآحاد لأن رسمها متواتر ولأن احتمال قبول تعددها وارد في حديث الأحرف السبعة،
  • إلا أننا لا نملك خبرا متواترا يقطع لنا بأن كل القراءات في الحرف المعين على نفس الدرجة من اليقين أو أنها كلها من الأحرف السبعة، وهكذا بدا لي ـ أنا العبد لله وأنا أقل الخلق علماً أو من أقلهم ـ أننا نحتاج إلى هذا المصطلح، المتواتر احتمالا ليشمل اختلافهم في فرش الحروف كله.
وأمّا تفريقكم بين الأصول والفرش من حيث التواتر فللمتقدّمين كلام في المسألة ويكفي في ذلك أنّ ابن الجزري اشترط في كتابه النشر شروطا وهي اتصال السند مع عدالة الرواة وشهرة القراءة ولم يفرّق بين الأصول والفرش بل ضعّف الكثير من الأوجه الأدائيّة في نشره وهي تتعلّق بالأصول لأنّها لم تتوفّر فيها الشروط.
إنما فرقت إجرائيا فقط للأسباب الآتية:
  1. أن الفرش أهم من الأصول في هذا الباب لأنه متعلق بالمعنى لا بمجرد الأداء
  2. أن الكلام على الأصول هاهنا يقتضي توسعا لا أطيقه وبسطا لست مهيئا له وأيضا خوضا في سجال لا جراءة لي عليه.
  3. لذلك اجتهدت في صوغ هذا المصطلح لعله يفيد في توضيح فكرة جوهرية في علم القراءات، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض

السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تأييدا لما قاله الشيخ الكريم محمد يحيي شريف ـ حفظه الله ـ أقول :
القراءة الواحدة في ذاتها متواترة تواترا قطعيا ،وتنطبق عليها شروط التواتر الواجب قبوله حرفا حرفا، فكيف إذا قارنا قراءة بأخري ادعينا أنها متواترة احتمالا ومن ثَمّ يجوز القيل والقال فيها ؟
مثال : كلمة " القدس"بإسكان الدال لابن كثير مثلا ،متواترة في قراءة ابن كثير وتنطبق عليها شروط التواتر ونحكم له بقطعيتها ، فكيف إذا قارناها بغيرها من القراءات حكمنا عليها بأن تواترة تنزل لرتبة التواتر المحتمل ؟

الناس أحرار أن يطلقوا ما شاءوا من مصطلحات تجوزا على ما يشاءون من وقائع، الشيخ عبدالحكيم حرّ والشيخ السخاوي حرّ والشيخ ابن الجزري حرّ ولكن استخدام المصطلح الدقيق مطلوب ولا سيما أننا جئنا في عصر دقيق يفرز فيه الناس كل يوم مصطلحاتهم لتعبّر عن فهم جديد أو لتضيئ جنبات فهم قديم.

فأن نعطي القراءات أو أي خبر حديثا كان أو أثرا أو أي خبر صفة التواتر نعني به الصحة أو اليقين فنحن أحرار، ولكن المصطلحات تُحدَّد معانيها أولا وهي أخصُّ من معاني اللغة ، فهي اتفاق بين أهل صنعة ما على تحديد معنى كلمة ما لتعني معنى محددا يبنون عليه ويتفاهمون به، ومصطلح متواتر كغيره من المصطلحات اتفق عليه الإخباريون من محدثين وغيرهم ليعني أمورا أو وقائع حصلت في الماضي ووصل نبؤها اليقين إلى الأجيال اللاحقة بما لا شك فيه.
فلا يجوز استعمال متواتر لما هو صحيح فقط
لأن الصحيح دون المتواتر في القطع بحصوله.
ومن الوقائع التي نقلها جمع عن جمع يحيل العقل تواطؤهم على الكذب والاختلاق والتوهم كتاب الله تعالى ، لكن لما كانت كتابته قد حصلت إبان كون الخط العربي لما يزل طفلا لم يبلغ رشده كانت الكتابة مساعدة للحفظ والذاكرة فقط، لكنها مساعدة ضرورية أثرت وساعدت في وصول هذه الواقعة النصية التاريخية إلى الأجيال.
ومن بين نطوقات كثيرة للحروف اتفق العلماء على اختيار نطوقات كان يقرأ بها ويقرئ بها أئمة الأمصار وهي متفقة ومجمعة على المصحف بأصول صوتية متعددة تحمل بصمات لهجات القبائل العربية، لكنهم لم يجمعوا على نحو من 1200 كلمة هي فرش الحروف.
وهذا الذي اختلفوا فيه ليس غير متواتر بمعنى أنه ليس مجرد خبر آحاد صحيح يرويه عدل ضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علةكما حُكم على صحيح البخاري مثلاً، بل أصله المكتوب المرسوم المحتمل له موجود متواتر قطعا وهو قراءة لنص كثير ترتادده متعبد بتلاوته وأيضا توجد حجة شرعية هي حديث الأحرف السبعة لقبول التعدد في قراءاته، لكن ومع ذلك فهو دون ما أجمعوا عليه حجية لأن كل فعل بشري قابل للنقد والتمحيص والترجيح والمسلمون والقراء بشر ولهذا كان ابن جرير وغيره يرجِّح ويرد ويضعف، ولو كان كل نطق مختار بنفس القدر من التواتر واليقين الذي عليه ما أجمعوا عليه كان رادُّه غيرَ سويّ، أو متحامل متعمد وهذا ما لم يكن عليه لا ابن جرير ولا كل قائل بعدم التواتر.
من هنا ارتأيت ـ أنا العبدَ لله وأنا أقل الناس بضاعة أو من أقلهم ـ حاجتنا إلى مصطلح المتواتر قطعا لما أجمعوا عليه ، والمتواتر احتمالا لما اختلفوا فيه من الفرش.

هذا وليس حديثنا عن الصحة ولا عن القبول بل عن التفريق بين حالين من الأخبار

ودمتم بودّ


 
ولأننا لا نملك مصطلح (متواتر احتمالا) أو ما شابهه ـ إذ لا مشاحة في الاصطلاح ـ زعم بعض الناس أن القراءات آحاد لا متواترة، وهو محق مبطل في الوقت عينه، ذلك أن في حروف القراءات نوعا من التواتر وإن كان لا يرقى إلى درجة ما أجمعوا على تلاوته من القرآن، ولما كانت (الحاجة أم الاختراع) رأيت أننا بحاجة إلى إطلاق صفة المتواتر احتمالا لما اختلفوا فيه من حروف حيث أنا نجزم بما يأتي
أخي الشيخ : إنّ الإجماع على تلاوة واحدة منتفيٌ ومستحيل منذ نزول القرءان لأنّه أصلاً أنزل على سبعة أحرف ، وقراءة الصحابة اختلفت على نحو اختلاف هذه الأحرف التي نزل بها القرءان إذ كان كلّ واحد منهم يقرأ بما علّم. وحتّى في السنّة قلّ ما تجد إجماعاً على لفظ معيّن لجواز رواية الحديث بالمعنى. فكأنّكم تعتبرون أنّ التواتر القطعيّ منوط بالإجماع وهذا لم يقل به أحد من العلماء. تمعّن شيخنا في قولكم : ذلك أن في حروف القراءات نوعا من التواتر وإن كان لا يرقى إلى درجة ما أجمعوا على تلاوته من القرآن.فقولكم : نوعاً من التواتر ليس مجرّد اصطلاح بل قد يُفهم منه المساس بهذا التواتر. وهل التواتر من شرطه الإجماع ، وهل يلزم من التواتر أن يكون مجمعاً عليه ليكون مقطوعاً به وإلاّ كان محتملاً.
إنّ أهل الأداء أجمعوا على حذف البسملة في أوّل براءة فيكون اللفظ متواتراً بالقطع قبل أن يخرق السخاويّ هذا الإجماع ليصير التواتر محتملاً بعد أن كان قطعياً. أيقال في هذه الحالة أنّ النطق كان متواتراً بالقطع ثمّ صار محتملاًُ بعد أن خُرق هذا الإجماع ؟
لو كان التواتر منوطاً بالإجماع لما تواتر القرءان أصلاً لنزوله بأكثر من حرف.

ولكم منّي كلّ الاحترام والتقدير.

والعلم عند الله تعالى.
 
السلام عليكم
الناس أحرار أن يطلقوا ما شاءوا من مصطلحات تجوزا على ما يشاءون من وقائع، الشيخ عبدالحكيم حرّ والشيخ السخاوي حرّ والشيخ ابن الجزري حرّ ولكن استخدام المصطلح الدقيق مطلوب ولا سيما أننا جئنا في عصر دقيق يفرز فيه الناس كل يوم مصطلحاتهم لتعبّر عن فهم جديد أو لتضيئ جنبات فهم قديم.
شيخنا الكريم كلامكم صواب وكما قيل " لامشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق " ؛إلا أن المسألة هنا تختلف .
فضيلتكم تجعلون المتواتر احتمالا يجوز فيه الرد والاعتراض وإبداء الرأي بخلاف المتواتر القطعي ، ومن هنا جاء الاعتراض علي المصطلح ؛لأنه يترتب عليه أمور أخري .
فلا يجوز استعمال متواتر لما هو صحيح فقط . لأن الصحيح دون المتواتر في القطع بحصوله.
شيخنا لكريم من قال بالصحة دون التواتر اشترط الشهرة والاستفاضة وهما معنيان للتواتر أيضا كما قال الشيخ عبد الفتاح القاضي في تقريبه لمسألة التواتر والصحة .. وطريقة القراء بخلاف طريقة المحدثين في تطبيق المصطلحات عمليا .
شيخنا الكريم إن اعتراض أمثال ابن جريررحمه الله والزمخشري رحمه الله وغيرهما إنما كان من قبيل المعتقد بأن هذه القراءات اختيارية أي الاعتراض علي الفرد أولا .
والمصطلح الجديد الذي وضعتموه يحدد للناس الخوض فيما اختلف فيه القراء من الفرش دون غيره .
أما الخوض الآن في شئ من هذا لايصح بعدما استقر أمر القراء علي أن القراءة الموجودة الآن متواتر تواترا قطعيا لايمكن الخوض فيه . والله أعلم
والسلام عليكم
 
(المتواتر قطعا والمتواتر احتمالاً) يعني: أن التواتر نوعان: تواترٌ قطعيُّ وتواترٌ مُحتَمَـلٌ !

لم أتجاوز في الاستشكالِ عُنوانَ الموضوعِ , وذلك لأنني بكل بساطةٍ
أجدُ في ذهني البسيط نفرةً شديدةً جداً بين وصف التواتر بالاحتمال أو نسبته إليه , فالتواتر ثبوتٌ , والاحتمالُ تردد , والتواتر قطعٌ , والاحتمالُ ظنٌّ , والتواتر قرارٌ والاحتمالُ تنقلٌ وارتحال.
ونحنُ نجدُ – ضرورةً - في لفظ الاحتمال تردداً ذهنياً بين أمرينِ لعدمِ المُرَجِّحِ لأحدهما على الآخَر.

وهذان (التواتران) مهما حاول طارحُ الموضوع الكريمُ مشكوراً أن يُـقرِّبَ بينهما ويُطمئنَ القارئَ إلى أنْ لا غضاضةَ من وصف التواتر بالاحتمال , إلا أنَّ أدنَى مشَاكل هذا التقسيمِ هي أنَّ القدرَ المزعومَ ثبوتهُ بالتواترِ المُحتَمَل مجهولُ الكمِّ والعينِ مما يجعلُ البحثَ فيهِ محدودَ النفعِ أو معدومَهُ , وكذلك تقسيمُ القرآنِ - ثبوتاً – إلى قسمينِ من حيثُ اليقينُ (التواتر القطعي) وغلبةُ الظنِّ (التواترُ المُحتَمَل) , وكذلك الإشعارُ أو الإقرارُ بتفاوت رتبةِ بعضِ أوجهِ القراءاتِ المتواترةِ عن بعضِها مما يمتنعُ معهُ القطعُ بثبوتِ كثيرٍ من أوجه القرآن , وامتناعٌ ذلك نفيٌّ للقرآنيةِ لأنَّ القرآنَ لا يثبتُ بغير القطعِ كما عليهِ عامَّـةُ العلماء , ولعل هذا التقسيم أثمنُ هديَّـةٍ لمريدي الطعن في القرآنِ ونقَلَـتِهِ ومن ثمَّ ثبوت حجية كثيرٍ من آيهِ وأحكامه وأخبارهِ وإن لم يخطر ذلك ببال المُهدي .

وهذا أمرٌ مشكِلٌ جداً من الناحية العمَلية لأنَّـهُ نزولٌ (من غير دليل قطعي أو حتى محتملٍ) ببعض القراءات من مدارك اليقين إلى مسالك الظنونِ – وإن رَجحت - , ومشكلٌ من الناحية العلميةِ لأنَّ أئمَّـةَ القراءاتِ نقلوا لنا بما لا يدعُ مجالاً للبحثِ أنَّ القراءاتِ المتواترةَ لم يشُبها غلَطٌ أو يدخُلْها شكٌّ أو يرجِّحْهَا على غَيرهِ اختيارٌ إعرابيٌّ أو بيانيٌّ , ونقلت لنا أسانيدهم أنَّ قراءاتهم لم تُتَـلَقَّ أو تُدَرَّسْ بشكلٍ فرديٍّ , وإنَّما استجازوا بها جماعاتٍ وأجازوا جماعاتٍ كذلكَ وهذا هو التواترُ على خلقتهِ الأصلية القطعيةِ المُكتسَبةِ بالرواية الإجماعية.
ولي إلى الموضوع عودةٌ بعد التفرغ لهُ إن شاء الله , وشكراً وفيراً لطارحه
 
السلام عليكم

شيخنا الكريم كلامكم صواب وكما قيل " لامشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق " ؛إلا أن المسألة هنا تختلف .
فضيلتكم تجعلون المتواتر احتمالا يجوز فيه الرد والاعتراض وإبداء الرأي بخلاف المتواتر القطعي ، ومن هنا جاء الاعتراض علي المصطلح ؛لأنه يترتب عليه أمور أخري .

شيخنا لكريم من قال بالصحة دون التواتر اشترط الشهرة والاستفاضة وهما معنيان للتواتر أيضا كما قال الشيخ عبد الفتاح القاضي في تقريبه لمسألة التواتر والصحة .. وطريقة القراء بخلاف طريقة المحدثين في تطبيق المصطلحات عمليا .
شيخنا الكريم إن اعتراض أمثال ابن جريررحمه الله والزمخشري رحمه الله وغيرهما إنما كان من قبيل المعتقد بأن هذه القراءات اختيارية أي الاعتراض علي الفرد أولا .
والمصطلح الجديد الذي وضعتموه يحدد للناس الخوض فيما اختلف فيه القراء من الفرش دون غيره .
أما الخوض الآن في شئ من هذا لايصح بعدما استقر أمر القراء علي أن القراءة الموجودة الآن متواتر تواترا قطعيا لايمكن الخوض فيه . والله أعلم
والسلام عليكم

شكرا لمرورك ومشاركتك أخي عبدالحكيم ولكن المقاربة العلمية للمسألة من وجهة نظري المتواضعة تكون بالإجابة على الأسئلة الآتية.
ما معنى التواتر حرفا حرفا؟، ولماذا لم يقل به أحد من أهل العلم.؟، ومن أول من استخدم مصطلح متواتر مع القراءات؟ فالقراءات عند العلماء مشهورات، وقد استخدم متأخرون احتججت أنت ببعض أسمائهم أن المتواتر والمشهور بمعنى!!!.
أما مقالي والمصطلح الجديد الذي جاء به، فهو يرفع من قدر القراءات وحجيتها لأنه بسبب عدم وجود مصطلح (متواتر احتمالا الذي ابتدعته) اضطُر بعض العلماء إلى القول إن القراءات المختلف فيها آحاد صحيحة[لأنهم لا يجدون في ذاكرتهم مصطلحا لما هو بين المتواتر وبين الآحاد الصحيحة درجةً] ، وهي في واقعها فوق الآحاد للتواتر القطعي للرسم الذي يحتملها مما لا يوجد في كل أخبار الآحاد الصحيحة سواها، وعليه يكون هذا المصطلح حجة للقراءات لا عليها، فاطمئن وهدئ من روعك.

فالقضية التي أثرتُها هنا وأثريتموها أنت والشيخ محمد يحيى شريف عبارة عن مصطلح رأيته ضرورة وهو حقا ضرورة للتفريق بين درجتين من درجات الأخبار وللوفاق بين مقاربات العلماء الكبار كالطبري ومكي والمهدوي في المسألة.

أما مشاركة الأخ محمود الشنقيطي فلم أفهم منها شيئا وكأني به قد رأى العنوان فهز شاعريته فقال فيه مقالا أشبه بالشعر منه بالتحليل الموضوعي، وقد وعد أن يعود وعسى أن يعود بتعليق بعد قراءة المقال لا بمجرد الاكتفاء بالعنوان، وله وللشيخين الكريمين محمد يحيى شريف وعبدالحكيم عبدالرازق كل مودة وتقدير.
 
أما مشاركة الأخ محمود الشنقيطي فلم أفهم منها شيئا وكأني به قد رأى العنوان فهز شاعريته فقال فيه مقالا أشبه بالشعر منه بالتحليل الموضوعي،

لي وقفة مع ما تفضّلتم به أعلاه ، ولست أقصد شيخنا الشنقيطي لا من قريب ولا من بعيد

الذي لاحظته من خلال مطالعتي لما يُكتب على المنتديات ، العناية بالشكليات أكثر من الغاية التي حملت المتقدّمين على التدوين ، والتي تهدف إلى نقل ما وصلهم من الروايات على أحسن وجه بعد دراستها وتنقيحها من كلّ دخيل عليها واستبعاد الأوجه التي لم تتوفَر فيها شروط قبول الرواية الصحيحة ، فكان همّهم الحرص على صيانة الأداء بالاعتماد على النصوص وشروط القبول وغيرها من أدوات النقد المستعملة عندهم في تحقيق المسائل الأدائية ، إذ الأداء بمفرده لم يكن حجّة بذاته عند المحققين كابن الجزري وأبي عمرو الداني وغيرهما. وهذا ما حمل النبيّ عليه الصلاة والسلام على تدوين القرءان في حضرته وبعد سماعه لما كُتب بين يديه عليه عليه الصلاة والسلام قبل أن يُخرج به إلى الناس ، فهي أدوات كانت مستعمل لتوثيق النصّ القرءان هي عهده صلّى الله عليه وسلّم. ومادام الأداء ينقل إلى اليوم عن طريق عباد غير معصومين من الخطأ لزم صيانته صيانة مستمرّة بنفس الأدوات التي استعملها أئمّتنا لأنّها التي كانت السبب المباشر في حفظ الأداء من التغيير وهي الكفيلة في حفظه الآن كما كان بالأمس.

أمّا الأكادميّون اليوم من الدكاترة والأساتذة من غير تعميم، فقد أعرضوا عن دراسة هذه الأدوات واهتمّوا بالشكليات والوسائل حتّى صارت غايات في حدّ ذاتها بعد ما كانت مجرّد وسائل ، فأهملوا الغاية واهتمّوا بالوسيلة ، وبقوا يدورون فيها حتّى ظنّوا أنّه هو العلم.

من هذه الوسائل :
- الاعتناء بالأسلوب الراقي في البحوث
- اتّباع المناهج الأكادمية في البحوث وصرف كلّ الجهود نحوها
- الاعتناء بتحقيق التراث وصرف الجهود في توثيق النصّ
- الاعتماد في نقد البحوث على هذه الوسائل.

وأمّا الاستفادة من مضمون التراث ودراسته دراسة علمية ومقارنته بالأداء المأخوذ عن الشيوخ باستعمال نفس أدوات النقد فهذا مما نخشى أن ينعدم.
نتسائل الآن : هل كان أئمّتنا معتمدين على هذه الوسائل ؟ هلّ قصّروا في نقل القرءان نقلاً صحيحاً ؟ وهل بهذه الوسائل الحديثة سنصل إلى نفس النتيجة ؟

قال شيخنا عبد الرحمن الشهري مشرف على هذا المنتدى المبارك :
أتفق مع أخي محمد يحيى شريف في أن يشمل النقدالعلمي هذا وهذا ، وبمثل هذا الشمول في النقد العلمي المنضبط تنشط العلوم وتحققالمسائل ، وليس الثناء على جانب يدل على إهمال الآخر . ولكن أين من يقوم بالنقدبحقه ؟ نسأل الله أن يقيظ للعلم من المخلصين من يقومون بحقه من الرعاية والحفظ.


كلامه حقّ ولكنّه خطير وسببه هو الاهتمام بالوسيلة دون الغاية. أقول : إن كان الأكادميّون في الجملة عاجزين عن التحقيق العلميّ للمسائل فمن يستطيع فعل ذلك إذن.
 


أما مشاركة الأخ محمود الشنقيطي فلم أفهم منها شيئا وكأني به قد رأى العنوان فهز شاعريته فقال فيه مقالا أشبه بالشعر منه بالتحليل الموضوعي، وقد وعد أن يعود وعسى أن يعود بتعليق بعد قراءة المقال لا بمجرد الاكتفاء بالعنوان، وله وللشيخين الكريمين محمد يحيى شريف وعبدالحكيم عبدالرازق كل مودة وتقدير.

أخي الدكتور/ عبد الرحمن
وعليكَ المودَّةُ والتَّقديرُ والرحمةُ والبركاتُ

لم يكُن العُنوانُ مثيراً للشاعريَّـة (عندي) بقدر تسبُّبه في التماسٍ ذهنيٍّ امتنع عليَّ معهُ استيعابُ الوصفِ للشيءِ بالنَّقيضِ لأنَ الصفةَ في استعمال العرب إبانةٌ عن الشيءِ بما فيهِ أو بعضِه , ولعلَّ فهمَك لإثارةِ الموضوعِ الشاعريَّةَ يكونُ تراجعاً عن نفيكَ فهم شيءٍ ممَّا كتبتُ.
وأنا جازمٌ أنَّهُ لا يخفى على شريف علمِكَ تمعُّض بعضِ عُلماء العربية وإنكارَهُ استعمالَ العربِ الدَّلالةَ للشيء ونقيضهِ , أو إقرارهم به مع التأكيدِ على نُدرةِ استعمالِ العرب اللفظَ الواحدَ للشيء ونقيضِهِ (الأضداد) فكيفَ بوصفِهِ بهِ لو سمِعوهُ منَّا اليومَ.؟

فالعنوانُ الذي تخيَّرتَـهُ يقول (المتواتر قطعا والمتواتر احتمالاً) وقبل أن تتحرَّك الشاعريَّةُ مرةً أخرى فإني لا أزالُ أحسِبُ أنَّ من المُهمِّ جداً في أطروحاتنا استصحابُ الأساسِ المعرفيِّ لدلالة المُصطَلحَات العلميَّة لئلاَّ نُكوِّن لبساً جديداً عند التلفيقِ بين هذه الدَّلالاتِ كما هو الحالُ في وصفنا للتواتر بالاحتمال , إلاَّ إذا كانَت منهجيتُنا ابتكاريَّـةً صِرفةً لا نُحاولُ فيها عقدَ الصُّلحِ بين المُختَلفينَ ممَّن سلفَ فذاكَ شأنٌ آخرُ.

ومِن هُنا استفصلتُ يا دُكتور لأعرفَ هل استعمالُك في العنوان لمدلول التواتر والاحتِمال هو الاستعمالُ القِرائيُّ الأصوليُّ المشهودُ.؟ أم هو استِعمالٌ لدُنِّـيٌّ حادثٌ.؟
فإن يكن الثاني فالأمرُ إليكَ , وإن يكُن الأوَّلَ فلي معَ وصفِ التواتر بالاحتمَال استشكالٌ ألخصهُ فيما يلي باختِصارٍ:

الاحتِمالُ في اللغةِ يدُلُّ على الترحُّل والانتقالِ , وفي استِعمالِ الأصوليينَ قبولُ الدَّلالةِ اللفظيَّةِ التردُّد الذِّهنيَّ بينَ طرَفينِ عندَ عدَمِ دليلِ التَّرْجيحِ , أو كما يقولُ الجرجانيُّ وتابعُوهُ: (ما لا يكون تصور طرفيه كافياً بل يتردد الذهن في النسبة بينهما، ويراد به الإمكان الذهني).
وأقلُّ ما في هذا التعريفِ - فيما أفهمُ - هو أن يكونُ التواترُ (الجديدُ ) المُحلَّى بالاحتِمالِ يتردَّدُ في الذِّهنِ بينَ طرفَين لعدَم المُرجِّحِ فلا يحِلُّ أن نجعلَ الاحتِمال طريقاً لإثبات القرآنِ فيخرُجَ عن كونهِ يقينياً إلى كونهِ ظنِّياً , والقُرآنُ لا يُصارُ في إثباتهِ إلى الظَّـنِّ.
وأئمَّـةُ الدينِ والإقراء لا يختَلِفُونَ في أنَّ مبنَى ثبوتِ وإعجازِ القُرآنِ على النَّقلِ المُتواترِ من غير وصفٍ للتواترِ إذ لا يُفيدُ في هذا الباب عندَهم غيرَ القَطعِ الذي صارَ بسببهِ مُفيداً للعلمِ بنفسِه , كما هو مفهوم قول الصفاقسيِّ (مَذهَبُ الأصوليينَ وفقهاءُ المذاهب الأربعة والمحدِّثينَ والقُراءِ أنَّ التَّواتُرَ شرطٌ في صحَّة القِراءةِ , ولا تثبُت بالسَّند الصحيح غيرِ المُتواتر).
وأنتم تقولون حفظكم الله (وما تواتر احتمالا هو الاختيار مما اختلفوا فيه في فرش الحروف ، فما لم يروه أئمة القراءة لا تجوز التلاوة به . ولكن يجوز الترجيح بين ما اختلفوا في قراءته في ضوء المعنى والسياق واستعمال القرآن واختيار الجمهور) فهل أفهَمُ وفقَ ما تقرَّر في دلالة الاحتِمالِ أنَّ انفرادات القراءِ الفرشيةَ ظنِّـيةٌ لا قطعيَّـةٌ (إن كانَ المُرادُ باحتِمالها ما اصطلحَ عليه العُلماءُ) ومُتردِّدةٌ في الذِّهنِ لعدَمِ المُرجِّح أم ماذا أنتُم تقرِّرون.؟
 
في الحقيقة كلام الدكتور عبد الرحمن مشوش بالنسبة لي
لا أدري كيف يجتمع التواتر والاحتمال ؟
 
شكر الله تعالى للإخوة الكرام محاولتهم تقريب الفكرة وإيجاد مسارات لها لا تصطدم معها بأمر قطعي.

(المتواتر قطعا والمتواتر احتمالاً) يعني: أن التواتر نوعان: تواترٌ قطعيُّ وتواترٌ مُحتَمَـلٌ !
لم أتجاوز في الاستشكالِ عُنوانَ الموضوعِ , وذلك لأنني بكل بساطةٍ أجدُ في ذهني البسيط نفرةً شديدةً جداً بين وصف التواتر بالاحتمال أو نسبته إليه , فالتواتر ثبوتٌ , والاحتمالُ تردد , والتواتر قطعٌ , والاحتمالُ ظنٌّ , والتواتر قرارٌ والاحتمالُ تنقلٌ وارتحال.
ونحنُ نجدُ – ضرورةً - في لفظ الاحتمال تردداً ذهنياً بين أمرينِ لعدمِ المُرَجِّحِ لأحدهما على الآخَر.
وهذان (التواتران) مهما حاول طارحُ الموضوع الكريمُ مشكوراً أن يُـقرِّبَ بينهما ويُطمئنَ القارئَ إلى أنْ لا غضاضةَ من وصف التواتر بالاحتمال , إلا أنَّ أدنَى مشَاكل هذا التقسيمِ هي أنَّ القدرَ المزعومَ ثبوتهُ بالتواترِ المُحتَمَل مجهولُ الكمِّ والعينِ مما يجعلُ البحثَ فيهِ محدودَ النفعِ أو معدومَهُ , وكذلك تقسيمُ القرآنِ - ثبوتاً – إلى قسمينِ من حيثُ اليقينُ (التواتر القطعي) وغلبةُ الظنِّ (التواترُ المُحتَمَل) , وكذلك الإشعارُ أو الإقرارُ بتفاوت رتبةِ بعضِ أوجهِ القراءاتِ المتواترةِ عن بعضِها مما يمتنعُ معهُ القطعُ بثبوتِ كثيرٍ من أوجه القرآن , وامتناعٌ ذلك نفيٌّ للقرآنيةِ لأنَّ القرآنَ لا يثبتُ بغير القطعِ كما عليهِ عامَّـةُ العلماء , ولعل هذا التقسيم أثمنُ هديَّـةٍ لمريدي الطعن في القرآنِ ونقَلَـتِهِ ومن ثمَّ ثبوت حجية كثيرٍ من آيهِ وأحكامه وأخبارهِ وإن لم يخطر ذلك ببال المُهدي .
ما حدا بي إلى إفراد مشاركة الأخ محمود نفع الله به أنه تكلم على عموميات كان المقال قد فصلها ولم يتركها دون تبيين
من مثل: ( أنَّ القدرَ المزعومَ ثبوتهُ بالتواترِ المُحتَمَل مجهولُ الكمِّ والعينِ ) فهو في الواقع معلوم الكم والعين فهو من حيث الكم زهاء ألف ومئتي كلمة اختلف فيها القراء ، والسبب في صعوبة عد الفرش هو احتواؤه على ما حقه أن يسمى بـ(أصول الفرش)، إذ للقراء أصول للفرش مثل أن من أصول فرش أبي عمرو أن يسكن العين من فُعُل إذا اتصل بها ضمير من حرفين فأكثر، مثل سبْلنا، رسلنا، وكذلك أصول القراء في الفرش في قراءة يحسِب أو يحسَب في كل القرآن، وكسر الأول من عيون وبيوت وغير ذلك . فأصول الفرش تؤثر على عد الفرش وحقها أن تفرد بباب وحدها. وهو بعد ليس مجهول العين فهو كل الفرش.
وهذا أمرٌ مشكِلٌ جداً من الناحية العمَلية لأنَّـهُ نزولٌ (من غير دليل قطعي أو حتى محتملٍ) ببعض القراءات من مدارك اليقين إلى مسالك الظنونِ – وإن رَجحت - , ومشكلٌ من الناحية العلميةِ لأنَّ أئمَّـةَ القراءاتِ نقلوا لنا بما لا يدعُ مجالاً للبحثِ أنَّ القراءاتِ المتواترةَ لم يشُبها غلَطٌ أو يدخُلْها شكٌّ أو يرجِّحْهَا على غَيرهِ اختيارٌ إعرابيٌّ أو بيانيٌّ , ونقلت لنا أسانيدهم أنَّ قراءاتهم لم تُتَـلَقَّ أو تُدَرَّسْ بشكلٍ فرديٍّ , وإنَّما استجازوا بها جماعاتٍ وأجازوا جماعاتٍ كذلكَ وهذا هو التواترُ على خلقتهِ الأصلية القطعيةِ المُكتسَبةِ بالرواية الإجماعية.
ولي إلى الموضوع عودةٌ بعد التفرغ لهُ إن شاء الله , وشكراً وفيراً لطارحه
ينطلق إذن الأخ محمود حفظه الله وبدا لي أن كثيرا من الإخوة يذهبون مذهبه إلى أن القراءات متواترة أي أنه توجد قراءة واحدة أو أكثر متواترة من أولها إلى آخرها(!) بمعنى أنها متساوية الدرجة مع ما أجمع القراء عليه من المصحف، وأنه لا فرق بين كل حروفها من حيث التواتر وهذا أمر على من يقول به أن يذكر لنا سلفا له يحيل إليه في كتابه الفلاني. فالعلماء الكبار بالقراءات كابن جرير وابن مجاهد ومكي وأبي عمرو والمهدوي لم يقولوا بتواتر أي قراءة من أولها إلى آخرها .
فيبدو لي أن وعي الناس اليوم من التالين للقراءات قد خالف مذاهب أهل العلم المعوّل عليهم في المسألة.
وإن كانوا يعتقدون بما نقله الأخ عبدالحكيم عن الضباع وغيره من أن الشهرة والاستفاضة لهما نفس معنى التواتر، فهذا تقوّل ممن قال به وزعم مردود على التحقيق.
فيجوز من حيث العلم مخالفة ابن جريررحمه الله في ترجيح قراءة {فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ} على قراءة ابن كثير وأبي حيوة وسلاّم[كما في كامل الهذلي 483] وابن محيصن[كما في مفردته للأهوازي وإن لم يذكره الهذلي في النسخة المطبوعة فلعل اسم ابن محيصن سقط أثناء الطباعة أو النسخ أو سها عنه الهذلي] فتلقى آدم َبالنصب من ربه كلمات ٌبالرفع ، قال فغير جائز عندي في القراءة إلا رفعُ آدم على أنه المتلقي الكلماتِ لإجماع الحجة من القراء وأهل التأويل من علماء السلف والخلف على توجيه التلقي لآدم دون الكلمات وغير جائز الاعتراض عليها فيما كانت عليه مجمعة بقول من يجوز عليه السهو والخطأ. فهنا صرح الطبري بأن الاختلاف في القراءات [أو في بعضها] إنما هو ترجيح من المختارين للقراءة من بين اختيارات أخرى كانت أمامهم لقرائن بدت لهم صرّحوا بأقلها وسكت التاريخ عن أكثرها[القرائن في الاختيارات ليست التوجيهات النحوية فهذه جزء من علم اللغة والنحو ظهرت فيما بعد وجعلت من البحث عن الحجج النحوية للاختيارات موضوعاً لها، أما القرائن فهي أوسع من ذلك واستقرى العلماء أهمها وهي الثلاثة الشروط للقراءة المقبولة بين المشهور]. ولذلك خالف شبل [الكامل 483] في اختياره [لا بوصفه راويا عن ]المكيَّ إلى موافقة قراءة الناس ، فيجوز عليهم السهو والغلط وهذا ما لا نشك فيه. وهذا عينُه هو الفرق بين الموقف العلمي الذي عليه ابن جرير والموقف العاطفي الذي عليه أهل القراءات، فهم لا يخالفون ابن جرير في قبول الخبرين معا بل يظنون أن موقفه متجنٍّ ومبعد للنجعة على حين أن العكس هو الصواب، فمخالفة ابن جرير في الترجيح لا بأس بها ولكن مخالفته في الموقف كله لا تبدو لي من العلم في شيء.
ولكن المقال لم يخض في هذه الأمور التي هي مجال للشد والجذب والنقاش الكثير وقد تنوقش فيها على الزمان ولن يزال فيها نقاش ما بقي في الناس علم ونزوع إلى الفهم، بل غرض المقال ببساطة أننا بحاجة إلى مصطلح يحفظ للقراءات مكانتها دون ظلم للعلم أو بخس له.فالقراءات متواترة قطعا فيما أجمعوا عليه ومتواترة احتمالا فيما اختلفوا فيه. فهي فوق الآحاد الصحيحة لأن الرسم المحتمل لها متواتر قطعا، فصارت هي دون ما أجمعوا عليه من حيث القطع وفوق كل ما سوى ذلك ، فوق كل الأخبار الصحيحة مهما علت درجتها من الصحة لأن الأخبار الصحيحة انتقلت من مجرد الشفاهية إلى الكتابية أما القراءات فلها رسم متواتر يحتملها.
أفيغضب بعض الناس أن يكون الفرش أدنى رتبة من باقي المصحف من حيث القطع به؟ ولنوافقهم على ذلك أفنساوي بين اختيار الجمهور وانفراد أحد السبعة بحرف من حيث القطع واليقين والتواتر؟ حتى مع القطع أنه أصح من جميع الأخبار الآحاد من سنن وغيرها؟ لا دخل للعواطف كثيرا في هذا الأمر ولكن بلا شك أن ما أجمعوا على تلاوته بصورة واحدة أعلى درجة يقين مما اختلفوا فيه وهل يرتاب في ذلك عاقل؟ وإذا ظن بعض الناس أن عدم مساواة جميع حروف القرآن بجميع حروفه يعني نوعا من التشكيك بثبوت حرف من الحروف فهذا مجرد ظن منهم ، بل يؤدي فقط إلى أن اختيارات القراء من بين قراءات رويت للحرف الواحد يجوز الترجيح بينها
وحتى إذا كنا مستصحبين لحال الأداء وعرف القراء منذ ما حصل مع ابن مجاهد ثم منذ ابن الجزري لهذا العهد فالوعي التاريخي بحال القراءات لا يعني التمرد على استصحاب الحال ولا الابتداع فيها، ولكنه يقرب وعي الناس مما كان عليه العلماء المحققون في المسألة، وتناول القراءات بوصفها أخبارا باب من أبواب العلم ولا ريب. والله من وراء القصد، ودمتم بودّ
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
ينطلق إذن الأخ محمود حفظه الله وبدا لي أن كثيرا من الإخوة يذهبون مذهبه إلى أن القراءات متواترة أي أنه توجد قراءة واحدة أو أكثر متواترة من أولها إلى آخرها(!) بمعنى أنها متساوية الدرجة مع ما أجمع القراء عليه من المصحف، وأنه لا فرق بين كل حروفها من حيث التواتر وهذا أمر على من يقول به أن يذكر لنا سلفا له يحيل إليه في كتابه الفلاني. فالعلماء الكبار بالقراءات كابن جرير وابن مجاهد ومكي وأبي عمرو والمهدوي لم يقولوا بتواتر أي قراءة من أولها إلى آخرها .

أخي الدكتور/ عبد الرحمن , أشكُر لكَ سعةَ الصَّدر , وأرجو ألا تستعجِلَ إصدارَ النَّتائج من كَلامٍ قلت إنَّـهُ غيرُ مفهومٍ , وهو كذلك.
فلا يلزَمُ يا أستاذنا الكريم ما ألزمتَ بهِ من أنَّ القول بتواتر كل القراءاتِ العشرةِ يُصادِمُ مذا هب إليه العُلماءُ الكِبارُ كابن جرير وابن مجاهد ومكي وأبي عمرو والمهدوي , أو يعني أيضاً يعني تساويها في الوصفِ والرُّتبَةِ لأنَّ هذا ممتنعٌ عقلاً وأثَراً , فما انفَردَ به أحدُهم لا يمكِنُ أن يتسَاوى وما أجمَعوا عليهِ , ولكنَّ هذا التفاوتَ بينَ المُجمَع عليه بينهم والمُختلف فيه وما انفرَد بهِ أحدُهم لا يعني خُروجَ الانفرادات والاتِّفَاقات عن كونِها مُتسَاويةً من حيثُ التواتر الباقي (على خلقته الأصلية) والقاضي بإثبات قرآنيَّتها قطعاً , قال ابنُ الجزري رحمه الله في نفي النتيجة التي بناها الدكتور عبد الرحمن على القطع بتواتر كل القرءات العشر (وإِذَا اشْتَرطْنَا التَّواتُرَ في كُلِّ حَرفٍ مِنْ حرُوفِ الخِلاَفِ انتَفَى كثِيرٌ منْ أحْرُفِ الخِلاَف الثَّابتِ عَن هؤُلاءِ السَّبعةِ وغيْرهِمْ ) , وقال رحمه الله إنَّ انتِفاء تساوي هذه القراءات لا يَلزَمُ منهُ استحداثُ أوصاف جديدة للتواتر من أجل التفريق بينها, بل هي متوواترةٌ كلُّها سواءٌ المُتَّفقُ عليه منها والمُختَلفُ فيه فعقد لذلك فصلاً في المُنجد سمَّاهُ (الفصل الثاني في أن القراءات العشر متواترة فرشا وأصولا حال اجتماعهم وافتراقهم) فليُتأمَّل.
وإشكالُنا يا دكتور هو في انشِطـارِ مفهُوم التواتر عندكم إلى قطعٍ واحتِمالٍ , وهذا أمرٌ على من يقول به أن يذكر لنا سلفا له يحيل إليه في كتابه الفلاني.


وإن كانوا يعتقدون بما نقله الأخ عبدالحكيم عن الضباع وغيره من أن الشهرة والاستفاضة لهما نفس معنى التواتر، فهذا تقوّل ممن قال به وزعم مردود على التحقيق.
أستاذنا الكريم عبد الرحمن: الشَّـيخُ الضبَّـاعُ رحمه الله أهـدَى سبيلاً من أن يتقوَّلَ لغةً أو اصطِلاحاً , لأنَّ ترادفَ التواتر مع الشهرةِ والاستفَاضة واقعٌ وقولٌ معهودٌ والتفريقُ بينهما كذلك , واشتَهر ذلك قبل أن يبرأ الله الضبَّاع بقرون , ولا ينبَني على التفريق بينهُما أثرٌ في الواقعِ القِرائيِّ فيما أحسبُ.
فالتواتر والاستفاضةُ وإن فرَّق بينهما بعضُ الأئمَّـة لكونِ الاستفاضةِ أعمَّ ولا تُراعَى فيها عدالَةُ النَّقَلةِ , لكنَّ القائلينَ بهذا التفريقِ لا ينفُـونَ النتيجةَ القاضِيةَ بأنَّ الشكَّ مُنتَفٍ في نتيجَتهما والعلمَ القطعيَّ واقعٌ بهِما.

فيجوز من حيث العلم مخالفة ابن جرير رحمه الله في ترجيح قراءة {فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ} على قراءة ابن كثير وأبي حيوة وسلاّم[كما في كامل الهذلي 483] ....... قال فغير جائز عندي في القراءة إلا رفعُ آدم على أنه المتلقي الكلماتِ لإجماع الحجة من القراء وأهل التأويل من علماء السلف والخلف على توجيه التلقي لآدم دون الكلمات وغير جائز الاعتراض عليها فيما كانت عليه مجمعة بقول من يجوز عليه السهو والخطأ.
فهنا صرح الطبري بأن الاختلاف في القراءات [أو في بعضها] إنما هو ترجيح من المختارين للقراءة من بين اختيارات أخرى كانت أمامهم لقرائن بدت لهم صرّحوا بأقلها وسكت التاريخ عن أكثرها

دكتورنا الكريم:
الإمامُ الحجَّـةُ الطبري رضي الله عنهُ صاحِبُ مدرَسَةٍ ومُصطَلحٍ واختِيَار خاصٍّ , وقد سبَق كُلُّ ذلكَ منهُ انضِبَاطَ القراءاتِ واستقرارَ الاصطِلاح على أنواعِها , وكان للرَّجُل مدلولٌ خاصٌّ لمُصطَلَح عدمِ الجوازِ (الشذوذ) الذي تفضَّلت بالتمثيل عليهِ.
فمِن أنواع الشذوذ عند الطَّبريِّ انفرادُ القارئِ عن الجَماعة بحرفٍ لا يشتركُ معهُ بعضُهم في أدائهِ (المتواتر احتملاً عندكَ), وهذا ما جعلَ بعضَنا يستشكلُ تشذيذهُ لعشرات الأحرف والقراءات المتواترة ولو تأمَّلناها لوجدنا الانفرادَ عن الجماعة قاسمَها المُشتَرك , وكان رحمهُ الله يزيدُ على مثالكَ الذي سُقتَهُ فيُشذِّذُ قراءاتٍ لا مطعنَ فيها من حيث الاحتجاج اللغوي ولا التفسيري , ولكن لانفراد القارئ بها كما هو جليٌّ في تفسيره للآية 112 من سورة الأنبياء.
ونخلص من ذلك إلى أنَّ تشذيذ الطبري ومنعهُ جواز القراءة ببعضِ ما هُو متواترٌ عندنا اليومَ لا يجوزُ (منهجياً) الاستدلالُ بهِ , لأنَّ الأمرَ اليومَ بعد استقرار القراءات ليس كما كان عليه عند الطبري , وقبل الطبري كان بعضُ القراء العشرة نافع وأبو عمرو البصري يحكُمان على بعضِ القراءات بالشذوذ وهي عندنا اليوم معدودةٌ في جملة المتواتر.


[القرائن في الاختيارات ليست التوجيهات النحوية فهذه جزء من علم اللغة والنحو ظهرت فيما بعد وجعلت من البحث عن الحجج النحوية للاختيارات موضوعاً لها، أما القرائن فهي أوسع من ذلك واستقرى العلماء أهمها وهي الثلاثة الشروط للقراءة المقبولة بين المشهور]. ولذلك خالف شبل [الكامل 483] في اختياره [لا بوصفه راويا عن ]المكيَّ إلى موافقة قراءة الناس ، فيجوز عليهم السهو والغلط وهذا ما لا نشك فيه. وهذا عينُه هو الفرق بين الموقف العلمي الذي عليه ابن جرير والموقف العاطفي الذي عليه أهل القراءات، فهم لا يخالفون ابن جرير في قبول الخبرين معا بل يظنون أن موقفه متجنٍّ ومبعد للنجعة على حين أن العكس هو الصواب، فمخالفة ابن جرير في الترجيح لا بأس بها ولكن مخالفته في الموقف كله لا تبدو لي من العلم في شيء.
أستاذَنا الكريم: ما دامَ كلامُكُم عرَّج على الاختِيَار وعلى ابن جريرٍ تحديداً فابنُ جرير الطبري فيما نقلهُ عنه مكي رحمهما الله يقولُ كما في الإبانة ( كُلُّ مَا صحَّ عندَنَا منَ القِراءاتِ أنَّهُ علَّمهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأمَّتهِ مِن الأحرُفِ السَّبعةِ التي أذِنَ اللهُ لهُ ولهم أن يقرؤوا بها القُرآنَ فليسَ لنَا أن نُخَطِّئَ مَن قرأَ بهِ إذّا كّانَ مُوافِقاً لخَطِّ المُصحَفِ ) وعَلى هذا مَشَى ابنُ جرير في التشذيذ رادًّا كُلَّ قراءةٍ خالفتِ الرسمَ أو تفرَّد ناقلُها , واختيارهُ في كتابه المفقودِ (القِراءةُ) لم يخرُج عن مشهور القُراء السبعة وهذا دليلٌ على أنَّ الاستفاضَةَ (التواتر) وموافقة المرسوم هي شروط الصحةِ , لكنَّ مَن بعدهُ ازدادَ علماً لم يتحصَّل له, وهذا يُعطِينا تصوُّراً دقيقاً لمَنهَجيَّةِ الطَّبَريِّ في الردِّ والإسقَاطِ وأنَّ مَبنَاهاَ الأساسَ عدمُ الصحَّـةِ عندَهُ وليسَت تَفاوُتَ الصِّحَّـةِ التي قرَّرها الدُّكتورُ وبينَ هذا وذاكَ بونٌ شاسعٌ , بمَعنى أنَّ القراءةَ إمَّا أن تتواترَ وتُوافقَ المرسومَ عندهُ فتصحَّ وإمَّا أن لا فتشذَّ , ولا برزخَ عند الطَّبريِّ ولا غَيرهِ بين التواتر والشذوذ نُسمِّيهِ احتِمالاً.
وعَلى هذا المنهَجِ مشَى القرأَةُ اليومَ وأمسِ من غَير عاطِفةٍ , وهم لابن جريرٍ مُتَّبِعونَ , والفارقُ كما أسلفتُ هو أنَّـهُ جاءهم من العلمِ ما لم يأتِهِ.
وأنا لا أعتقِدُ أنَّ تاريخ المُباحثَة في الأحرف والقراءاتِ احتَوى بالتصريح أو الإشارةِ قولاً بعصمة الأئمة القراء من السهو والخلط والغَلَط فالقولُ بجواز السهو والغلط عليهم تحصيلُ حاصلٍ , إنَّما المعصومُ هو ما استُحفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداءَ وأمنَاءَ.


بل غرض المقال ببساطة أننا بحاجة إلى مصطلح يحفظ للقراءات مكانتها دون ظلم للعلم أو بخس له.فالقراءات متواترة قطعا فيما أجمعوا عليه ومتواترة احتمالا فيما اختلفوا فيه.
فهي فوق الآحاد الصحيحة لأن الرسم المحتمل لها متواتر قطعا، فصارت هي دون ما أجمعوا عليه من حيث القطع وفوق كل ما سوى ذلك ، فوق كل الأخبار الصحيحة مهما علت درجتها من الصحة لأن الأخبار الصحيحة انتقلت من مجرد الشفاهية إلى الكتابية أما القراءات فلها رسم متواتر يحتملها.
لو استغنيتم بهذا القَدر لأغنيتُم عن كثيرٍ مما كانَ , ولكنَّ الإشكالَ مع وضوح فكرتكم أنَّ الحاجَةَ الآنيَّةَ للمُصطَلحِ (عند التَّسليمِ بها) لا تُبرِّرُ وضعهُ من غَير أخذِ دلالتهِ ومُحترزاتهِ في الاعتبار.
وهُنا – فقط – يمكنني أن أؤكِّـدَ أنَّ مُشاحَّـةً في الاصطِلاحِ , وذلكَ لوصفِ الشيءِ بنقيضِهِ في قولِنا (المتواترُ احتمالاً).
وقد لا يعني لي ولكَ ما تُوحي بهِ دلالةُ الاحتِمالِ من تردُّدٍ لتسليمنا المُطلقِ بقُرآنيَّة القرءات العشر المُتواترة كلها , ولكن كيفَ بِنا إذا اتَّخَذَها المُشوِّشونَ مطعَناً وألزَمونا بما اجتمعت عليه الألسنُ واللغات من إيحاء (الاحتِمال) بوجود مانعٍ عائقٍ من الجَزم بقُرآنيَّـةِ كثيرٍ من كلام الله تعالى.؟
وإذا أردنا أن نعرِفَ حجمَ ضرر الارتجالِ في وضع المصطلحاتِ فلنتامَّل العِراكَ الثقافيَّ بين الغربِ والمُسلِمينَ الناتجَ عن المُشاحَّـةِ في الاصطِلاحِ.
 
ما هذه الجملة ؟!

ما هذه الجملة ؟!

فشكل الكلمة فتثبتوا بدون نقاط متواتر قطعا ولكن كونها فتبينوا أم فتثبتوا كلا القراءتين من المتواتر احتمالا، وإن كانت كلتاهما صحيحة، لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع مثلما نجزم أن النبي قرأ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ التي هي متواترة قطعا، وهكذا الحال في كل القرآن..

السلام عليكم
اخواني الكرام
سجلت بالموقع خصيصا من أجل هذه الفقرة
وبالتحديد هذه الجملة ( لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع ) !!!
إخواني الكرام أرجو من من يستطيع ايضاح هذه الجملة التي -بعلمي الضئيل- أقول انها خطيرة !
كيف لا نجزم أن قراءة فتثبتوا أو قراءة فتبينوا إنها لم يثبتا عن الرسول صلى الله عليه وسلم !!
أليس كلتا القراءتين صحيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
1- فقراءة فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]. لنافع وابن كثير وأبي عمر وابن عامر وعاصم وأبي جعفر ويعقوب الحضرمي.
2- وقراءة فتثبتوا لحمزة والكسائي وخلف العاشر.
؟
أم هناك قول غير ذلك ؟!
الإخوة المشرفين وأيضا المختصين أرجو من سماحتكم توضيح هذه القضية
وأتمنى أن لا أرد خائبا
وجزاكم الله خيرا
 
(
لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع ) !!

إن قصد كاتب هذه العبارة أنّ الكلمتين {فتثبتوا} و{فتبيّنوا} ليستا من قراءة النبيّ عليه الصلاة والسلام قطعاً ويقينا ، فهذا يقتضي أنّ الكلمتين ليستا من الأحرف السبعة التي نزل بها القرءان قطعاً ، وهذا تشكيك في قرءانية الكلمتين وتشكيك في كلّ ما ثبت فيه الخلاف عن القراء السبعة أو العشرة وبالتالي فهو تشكيك في القرءان الكريم.
كلام خطير خطير إن كان مراد الكاتب كذلك.
أنا شخصياً أحسن الظنّ بالأخ الذي قال هذه المقولة. ولكن ينبغي أن يشرح لنا جيّداً ما مراده من هذه العبارة.
 
الموضوع من خاص العلم

الموضوع من خاص العلم

السلام عليكم
اخواني الكرام
سجلت بالموقع خصيصا من أجل هذه الفقرة
وبالتحديد هذه الجملة ( لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع ) !!!
إخواني الكرام أرجو من من يستطيع ايضاح هذه الجملة التي -بعلمي الضئيل- أقول انها خطيرة !
كيف لا نجزم أن قراءة فتثبتوا أو قراءة فتبينوا إنها لم يثبتا عن الرسول صلى الله عليه وسلم !!
أليس كلتا القراءتين صحيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
1- فقراءة فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]. لنافع وابن كثير وأبي عمر وابن عامر وعاصم وأبي جعفر ويعقوب الحضرمي.
2- وقراءة فتثبتوا لحمزة والكسائي وخلف العاشر.
؟
أم هناك قول غير ذلك ؟!
الإخوة المشرفين وأيضا المختصين أرجو من سماحتكم توضيح هذه القضية
وأتمنى أن لا أرد خائبا
وجزاكم الله خيرا

أشكر الأخ محمد خالد يوسف على إعادته الحوار في موضوع قديم، ومرحبا به في حلبة أهل التفسير واستيضاحه عن العبارة أعلاه . كما أشكر الشيخ الجليل الأستاذ القارئ محمد يحيى شريف على حسن ظنه بالعبد الضعيف.
وأقول للأخ السائل لو لم يكن لهذه العبارة إلا أنها جاءت بك إلى الملتقى لرضيت بها واستغفرت الله تعالى من تبعاتها/ هذا أولا وثانياً بما أنك قد اقتطعت الجملة من سياقها ووصفتها بأنها خطيرة واستصرخت لها أولي النهى والألباب فقد وجب أن نرد على مشاركتك ردا علميا قد يبدو ثقيلا على أول مشاركة كنا نود أن يشغلنا الترحيب بكاتبها عن معمعة النقاش،[كما أعتذر مقدما عن جهلي بسنه الذي سأفترضه بسني ] ولكنه خياره، وأعني بثقيلاً أن عليه أن يغتفر محاولة هذه السطور استشفاف مستواه من وراء سطوره وحدس الأسباب التي حملته على تساؤله[وما في ذلك من مظنة التعالي التي لا محيص من الدخول تحتها، رغم أني أنفيها نفيا قاطعا، ولكن كم هو صعب أن تحاور أو ترد على إنسان تجهل عمره وسنه وعلمه وميوله في موضوع شائك!]، وتساؤله تساؤل مشروع يشاركه فيه كثيرون، وعسى أن تكون هذه السطور موفقة في نقل وعيه إلى إشكالية المسألة وتلازماتها العلمية فيستطيع أن يشارك مستقبلا في تغيير وعينا عن الموضوع، وما ذلك على الله بعزيز. [قلت مستقبلا لأنه استشكل ]

أبدأ بالقول أني اطلب ممن يريد الجواب أن يعيد قراءة الموضوع مع الردود والمناقشات قبل أن يكمل هذا الرد -من فضله- لأنها كلها جزء من التوضيح، ولم أعتد الرد على من يقتطع عبارة من سياقها ولكن بدا لي أن الأخ المتسائل صادق النية وأن العبارة نفسها مشكلة بصيغتها كما أوردها هو فهي جملة تبتدئ بلام التعليل أي أنها جزء من كلام كثير قبلها غفل عنه السائل [أرجو أن لا يستاء الأخ السائل من افتراضي أنه لم يطلع على أدبيات الموضوع وعلى مواقف أعداء القراءات منها ، ونحن لا نستطيع أن نحصر البحث فيما هو موجه لعامة الناس فقط بل يوجد ما هو من خاص العلم الذي لا يحظره أن يسيء كثير من الناس فهمه، أقول ذلك مُرَحِّبًا به ومتشرفا بمناقشته]، وأحسب أن غفلته عن الكلام المحيط بالجملة هي التي جعلته يقتطع الكلمة من سياقها فيورد جملةً (تبتدئ بلام التعليل). فالأمر لم يستوقف الإخوة المتخصصين لأن الموضوع كل لا يتجزأ لديهم [وهذا الفرق بين من كتب الموضوع من أجلهم وبين غيرهم] ولأن فهمهم للسياق أغناهم عن التوقف عندها ،،[أدعوه أن يتأمل مشاركة الأخ محمود الشنقيطي الأخيرة التي أضاف فيها أنه استقرى ردود ابن جرير على بعض القراءات وأنها كانت مما انفرد بها أحد القراء أو رواتهم] . ولكن يبدو أنها صدمت بعض يقينياته التي شكلها شيوع مفهوم "تواتر" واستخدامه في غير محله (في الثقافة الشعبية على الأقل) ففعل الشيء الصواب بالتسجيل بالملتقى والسؤال عنها، ونحن لا نلومه على ماصنع لأن العلم ابن المذاكرة ولأن الملتقى مفتوح لمناقشة أي فكرة متعلقة بعلوم القرآن الكريم وهذا الموضوع من أهمها، "وإنما شفاء العيّ السؤال"، فقعدت لكتابة رد سريع بناء على طلب الشيخ ولأن من مسؤوليتي توضيح عبارتي وأسأل الله أن يكون موضحا للفكرة، وأستغفره من الزلل والخطل.
وهذا الموضوع من خاص العلم بحيث أننا مستعدون لتغيير قناعاتنا في أي جزئية منه إن تبين لنا ما هو أصوب أو أقرب إلى الواقع أو حتى أحسن تعبيرا عن الفكرة.وهو يتناول تواتر القراءات والجديد فيه أنه يحاول رفع القيمة الثبوتية للقراءات بين الأكاديميين المتخصصين في تاريخها، لأن الناس مختلفون بين عدها (آحادا صحيحة وافقت الرسم ولو احتمالا والعربية ولو بوجه ضعيف)[تعبير ابن الجزري عن الفكرة] وبين عدها (متواترة مقطوعا بها على حالها) فذهب المقال إلى أنها أعلى مما اختاره ابن الجزري من حيث الثبوت والقطع ولكنها مع ذلك دون ما أجمعوا عليه تواترا. وهذه المرتبة لها هي بحكم وضعها. وحين نضعها بين مرتبتين من يقينية الخبر لا يعني عدم القطع بقرآنيتها مطلقا. وكيف وموقفنا منها أنها أكثر موثوقية من مذهب ابن الجزري فيها ولكن مع ذلك فمن استعادة تصفح المقال وردود الإخوة الفضلاء تبين أنها قد وردت في سياق التفريق بين الكلمة القرآنية(الحرف) الذي أجمع القراء على قراءته وبين الكلمة القرآنية (الحرف) الذي اختلفوا فيه، وبيان أن القراء كلهم اختاروا قراءاتهم [للحرف المعين] من بين خيارات أخرى أمامهم فنحن نحسب أن نافعا مثلا كان يعرف كل القراءت التي نعزوها اليوم لسواه ولكن قراءته اختيار من عدد من الخيارات التي رواها وهو يحسنها.
وهنا أرى أن إيراد الجملة في سياق أوسع أمام ناظري القارئ أفضل :
4. فالمتواتر هو المصحف مكتوبا دون نقط أو شكل وأما المصحف المقروء فمنه ما هو متواتر قطعا ومنه ما هو متواتر احتمالاً. فالمتواتر منه قطعا هو ما اتفق القراء على تلاوته وهو أكثره وأما ما اختلفوا فيه من حروفه فالمتواتر هو إحدى القراءات دون تعيين أو كلتاهما دون جزم بالموقع، فلا يجوز قراءة حرف لم يتواتر قطعًا أو احتمالا، وما تواتر قطعا هو ما اتفق جميع القراء على القراءة به من الحروف وما تواتر احتمالا هو الاختيار مما اختلفوا فيه في فرش الحروف، فما لم يروه أئمة القراءة لا تجوز التلاوة به . ولكن يجوز الترجيح بين ما اختلفوا في قراءته في ضوء المعنى والسياق واستعمال القرآن واختيار الجمهور.
وما يخطئ فيه كثير من الناس اليوم هو الخلط بين المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا فيعدُّون جميع ما في القراءات السبع ثم العشر متواترا قطعا ولذلك يبسطون ألسنتهم بالنكير على ابن جرير والزمخشري وهذا لم يقل به عالم من أهل هذا الشأن كما بينت ذلك في دفاعي عن موقف أبي جعفر ابن جرير [ينشر قريبا في الملتقى] الذي كان يرجح بين ما هو متواتر احتمالا ويقبل دون مناقشة ما هو متواتر قطعاً.
فشكل الكلمة فتثبتوا بدون نقاط متواتر قطعا ولكن كونها فتبينوا أم فتثبتوا كلا القراءتين من المتواتر احتمالا، وإن كانت كلتاهما صحيحة، لأنا لا نستطيع أن نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع مثلما نجزم أن النبي قرأ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ التي هي متواترة قطعا، وهكذا الحال في كل القرآن. ونحن نجزم باحتمال أن تكون كلا القراءتين من الأحرف السبعة لكن لما كنا لا نملك ما نقطع به لكل وجوه القراءات حرفا حرفا أنها من الأحرف السبعة إذ يحتاج مثل هذا القطع تواتر الخبر وما إلى ذلك سبيل قلنا بأن الترجيح وارد وأن كلتا القراءتين أو كل القراءات المقبولة للحرف الواحد هي من المتواتر احتمالا.
والله من وراء القصد



والموضوع يستعيد كل مناقشاتنا في موضوع تواتر القراءت ومحاولة عدد من أعضاء الملتقى الفضلاء فض النزاع أو التفهم والانتصار لموقف علماء القراءات على موقف مؤرخي القرآن من المستشرقين على الروابط الآتية:
نقد لمقدمة آرثر جفري لكتاب المصاحف لابن أبي داود
وهاهنا سؤال عن الحرف بعينه:
هنا

وفي الموضوع الأول قال هذا العبد الضعيف ما يلي وهو ما أحسبه يثري الموضوع :
أشكر الإخوة أصحاب الفكرة ...
وتعليقي على الحلقة رقم واحد من الرد وهي هذه لأن الأولى يمكن أن نعطيها الرقم صفر فهي مجرد تعريف بجفري أما هذه فسوف أعطيها الرقم واحد لأنها أول رد .
من البداية وضح سبب الخلاف بين الأخ هشام ومعه المسلمون وبين السيد جفري.
إنه خلاف بين ما أصفه بالمتطرفين شفاهيا والمتطرفين كتابيا، انطلاقا من أن الخلاف علمي بحت وأنه لا توجد نية سوء لدى أي من الطرفين.
فالمسلمون والناطق باسم موقفهم هنا الأخ هشام متطرفون شفاهيا أي مبالغون في قدرة الذاكرة على الحفظ فلا يوجد لديهم احتمال ولو واحد بالمئة أن الخلاف بين قراءة أهل المدينة يقض الحق وبين قراءة عاصم يقص الحق سببه نقطة بسبب انعدام التنقيط إبان كتابة المصحف. وليس لديهم احتمال ولو واحد بالمئة أن قراءة أبي عمرو وغيره حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِّبوا بالتشديد كانت هروبا من نسبة الرسل الى الكذب رغم ان قراءة كُذِبوا تعني أخلفوا ما وعدوا
.
سبب تبنيهم لهذا الموقف اخذهم لمعنى((( إنا نحن نزلنا الذكر إنا له لحافظون))) على معنى الحفظ في الدنيا لا على المعنى الذي ذهب إليه مجاهد وابن جريج أي الحفظ عندنا، أي عند الله تعالى
ويوجد فرق بين الفهمين يتأسس عليه الموقف.
فنحن لا نملك دليلا تاريخيا يفضل اختيار ابي عمرو على عاصم او بالعكس
وفي نفس الوقت لا نستطيع الترجيح بينهما بأن نرد أحداهما عزوا لها الى سبب ضعف الخط
وإن كان الموقف العلمي من وجهة نظري المتواضعة الذي أفضله على موقف علماء القراءات الحالي هو موقف ابن جرير الطبري فهو يرجح ويرد قراءات ويفاضل بينها من حيث السياق والثبوت لأنه سلِم من التطرف شفاهيا الذي يسير عليه الإخوة القراء في الملتقى وسار عليه علماء كبار في الرواية والتطبيق كابن الجزري.

أما قول الدكتور هشام
(وقبل أن نستطرد يجب توضيح أن ما يقصده جيفري بتطور القراءات ليس هو نفسه ما يتبادر إلى ذهن الباحث أو العالم المسلم من كونه ربما يشير إلى ائتلاف وجوه القراءة المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءات سبعة أو عشرة أو أربعة عشر على أيدي القرّاء الكبار ؛ بل ما يقصده هو ما وقع من تطور في قراءات كتب اليهود والنصارى بسبب التحريف في النسخ على مر العصور ، فهو يسمي هذا التحريف والتغيير والتبديل تطورًا ، ثم يزعم أن في القرآن مثله وأنه ينبغي علينا إبرازه وبيانه !!)

فيبدو لي مبالغا فيه، وموضع المبالغة فيه ليس أنهم نعم يتجاوزون علم القراءات الى ما و أوسع منها فهذا حق ، لكن موضع المبالغة في عبارة الدكتور هشام هو أنهم يريدون أو حتى يظنون أن النتائج ستكون مقاربة لنقد الكتاب المقدس!
فالمستشرقون الذين قابلتهم في مؤتمر الاستشراق الحادي والثلاثين ولا سيما العلماء بالقراءات وغيرهم كجوزيف فان اس وغيره يعلمون ويصرحون بأن الدراسة التاريخية لن تضيف كبير فتح على تاريخ القرآن لأن القرآن قد حصل له قرار سياسي بتعميم النسخة الموثوقة نسخة زيد.
لكن البحث التاريخي سيرجح شيوع اختيار حرف على اخر .
والمستشرقون والباحثون الأوربيون عموما متطرفون كتابيا ويلحقهم قصور في دور التداول الشفاهي الجماعي على سلامة وصول النص تاريخيا.
ولا شك أن الكتابة كان لها دور في اختيار القراء مهما كان هذا الدور ضئيلا وهذا معنى قول ابن الجزري وهي كذلك في مصاحف اهل الشام فهو يبرر اختيار القراءة لا على الرواية بل على الكتابة.

خلاصة تعليقي أنا لا نجرؤ حاليا حتى على اتخاذ موقف ابن جرير أمام المتطرفين شفاهيا والفاهمين لمعنى (((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون))) على خلاف فهم مجاهد وابن جريج.
وأنني شخصيا أميل إلى موقف ابن جرير من قضية اختلاف الروايات والقراءات. لأن وعيي في هذه اللحظة التاريخية أقل تطرفا شفاهيا وإن كنت لا أتطرف كتابيا.


وإن سبب عدم تعاون الباحثين المسلمين والمؤرخين المستشرقين في البحث التاريخي المشترك والاتفاق على إمكانية وجود قاعدة علمية مشتركة للاقتناع بالنتائج مهما كانت ضآلتها هو شيئان
  • سبب معرفي عقلي هو التطرف كتابيا لدى المستشرقين والتطرف شفاهيا أي المبالغة في قدرة الذاكرة الشفاهية على التوثيق لدى المسلمين
  • وسبب ديني وهو فهم (((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )))على أن الله تعالى قد قرر أن يحفظ كتابه لنا
وبداهة أنه إذا كان الله تعالى قد قضى حفظ كتابه أن تضيق مساحة البحث التاريخي.
وقد قدمت في هذا الملتقى المبارك قبل سنة أني أقول بتواتر المصحف لا القراءات
فالمصحف لا يشك مؤرخ بتواتره أما تواتر القراءات فيمكن قبول فكرة أنها متواترة عن القراء بعد شيوعها عنهم وتأليف الكتب فيها وقيام مدارس لقراءاتهم. أما تواترها عن النبي قراءات كاملة فهذا ما لا مقنع فيه.

وأعتذر أني سأغيب عن الملتقى أسبوعا لانشغالي في أمور شخصية رغم أهمية الموضوع
وتحيتي وتقديري للإخوة الفضلاء

ولعل في مناقشاة الإخوة الفضلاء أعلاه ما يزيد في علم الأخ السائل عن المسألة التي هي من خاص العلم، ولعل من الإخوة الذين يستوقفهم الموضوع ما يزيدنا شرفا وعلماً بمشاركتهم فيه

بقيت مسألة لا أحب أن أدعها قبل الراحة وهي أن خطورة القضية التي استشعرها الأخ السائل آتية من ظن أوجده توهم تواتر القراءات ومطابقتها لواقع القراءة على عهد النبي، وكل هذا النوع من الوعي قد وجد عند المسلمين بسبب خفوت للقول في التفسير الذي أوردته أعلاه عن ابن جريج وغيره، وهو قول يدعمه أن عمر رضي الله عنه لم يحتج على أبي بكر رضي الله عنه بالآية مما يدل أنهما كانا يفهمانها كالفهم الذي نقل عن ابن جريج وغيره.
خلاصة ما عندي يا أخ محمد هي:
لا نقطع بحرف أنه قراءة النبي لا يعني أنا لا نقطع بأنه من القرآن/ إن فهمت هذه العبارة فقد فهمت الموضوع وإن لم تفهمها فأرجو أن تدعو لنا بظهر الغيب أن يجعلنا الله عز وجل وإياك من خدام كتابه ومن الذابين عنه والتالين له والمشاركين في تبليغ رسالته إنه سميع مجيب

ولأنك جديد على الملتقى ونحن لا نعرف عنك شيئا بعد، فإنه بشأن ردودك المستقبلية فإني سأرد عليها بإذن الله لأني لا أتجاهل إلا ما بدا لي مكتوبا لغيري أو مدفوعا بغير توخي الحقيقة، وأرجو أن نكون جميعا من طلابها "والعلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك"
والله الموفق
 
وجهة نظر د . عبد الرحمن تستحق التأمل

وجهة نظر د . عبد الرحمن تستحق التأمل

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ..
بادئ ذي بدء أود أن أحيي جميع المشاركين في هذا النقاش العلمي المتميز كما لا يفوتني أن أحيي القائمين على هذا الملتقى المتميز فعلا بدون مجاملة .. صحيح أني ذو اشتراك حديث في الملتقى ولأني ذو علم ضحل وثقافة متدنية فكنت أخجل من المشاركة في هذه المواضيع المتقدمة فكريا .. ولكن الفكرة التي اختمرت في رأسي وحفزها نقاشكم الرائع لذا وجدتني أكتب هذه الأسطر ولكم ان ترفضوا ما يأتي بها وحتى حذفها من الملتقى إن أردتم .
أؤيد د. عبدالرحمن في ما ذهب إليه من وجود التواتر القطعي والتواتر الاحتمالي
وأن هذا لا يغير شيئا في كون كتاب الله هو محفوظ من عند الله ومجمع على صحته وتواتره
مثلا
لما يقرأ الإمام ورش نهايات آيات سورة الأعلى :
الاعلى - فسوى - فهدى - المرعى بالتقليل - وعندما يقرأها خلف العاشر بالإمالة - وعندما يقرأها حفص بالفتح
فلم تتغير بنية الكلمة نفسها التي هي من المتواتر القطعي - بل تغيرت أصوات قراءتها التي هي من المتواتر الاحتمالي
وهكذا في مواضع كثيرة من المواضع التي اختلف فيها القراء .
أرجو أن أكون قد وفّقت في طرح فكرتي ..
صوبوني إن أخطأت ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
 


أشكر الأخ محمد خالد يوسف على إعادته الحوار في موضوع قديم، ومرحبا به في حلبة أهل التفسير واستيضاحه عن العبارة أعلاه . كما أشكر الشيخ الجليل الأستاذ القارئ محمد يحيى شريف على حسن ظنه بالعبد الضعيف.
وأقول للأخ السائل لو لم يكن لهذه العبارة إلا أنها جاءت بك إلى الملتقى لرضيت بها واستغفرت الله تعالى من تبعاتها/ هذا أولا وثانياً بما أنك قد اقتطعت الجملة من سياقها ووصفتها بأنها خطيرة واستصرخت لها أولي النهى والألباب فقد وجب أن نرد على مشاركتك ردا علميا قد يبدو ثقيلا على أول مشاركة كنا نود أن يشغلنا الترحيب بكاتبها عن معمعة النقاش،[كما أعتذر مقدما عن جهلي بسنه الذي سأفترضه بسني ] ولكنه خياره، وأعني بثقيلاً أن عليه أن يغتفر محاولة هذه السطور استشفاف مستواه من وراء سطوره وحدس الأسباب التي حملته على تساؤله[وما في ذلك من مظنة التعالي التي لا محيص من الدخول تحتها، رغم أني أنفيها نفيا قاطعا، ولكن كم هو صعب أن تحاور أو ترد على إنسان تجهل عمره وسنه وعلمه وميوله في موضوع شائك!]، وتساؤله تساؤل مشروع يشاركه فيه كثيرون، وعسى أن تكون هذه السطور موفقة في نقل وعيه إلى إشكالية المسألة وتلازماتها العلمية فيستطيع أن يشارك مستقبلا في تغيير وعينا عن الموضوع، وما ذلك على الله بعزيز. [قلت مستقبلا لأنه استشكل ]

أبدأ بالقول أني اطلب ممن يريد الجواب أن يعيد قراءة الموضوع مع الردود والمناقشات قبل أن يكمل هذا الرد -من فضله- لأنها كلها جزء من التوضيح، ولم أعتد الرد على من يقتطع عبارة من سياقها ولكن بدا لي أن الأخ المتسائل صادق النية وأن العبارة نفسها مشكلة بصيغتها كما أوردها هو فهي جملة تبتدئ بلام التعليل أي أنها جزء من كلام كثير قبلها غفل عنه السائل [أرجو أن لا يستاء الأخ السائل من افتراضي أنه لم يطلع على أدبيات الموضوع وعلى مواقف أعداء القراءات منها ، ونحن لا نستطيع أن نحصر البحث فيما هو موجه لعامة الناس فقط بل يوجد ما هو من خاص العلم الذي لا يحظره أن يسيء كثير من الناس فهمه، أقول ذلك مُرَحِّبًا به ومتشرفا بمناقشته]، وأحسب أن غفلته عن الكلام المحيط بالجملة هي التي جعلته يقتطع الكلمة من سياقها فيورد جملةً (تبتدئ بلام التعليل). فالأمر لم يستوقف الإخوة المتخصصين لأن الموضوع كل لا يتجزأ لديهم [وهذا الفرق بين من كتب الموضوع من أجلهم وبين غيرهم] ولأن فهمهم للسياق أغناهم عن التوقف عندها ،،[أدعوه أن يتأمل مشاركة الأخ محمود الشنقيطي الأخيرة التي أضاف فيها أنه استقرى ردود ابن جرير على بعض القراءات وأنها كانت مما انفرد بها أحد القراء أو رواتهم] . ولكن يبدو أنها صدمت بعض يقينياته التي شكلها شيوع مفهوم "تواتر" واستخدامه في غير محله (في الثقافة الشعبية على الأقل) ففعل الشيء الصواب بالتسجيل بالملتقى والسؤال عنها، ونحن لا نلومه على ماصنع لأن العلم ابن المذاكرة ولأن الملتقى مفتوح لمناقشة أي فكرة متعلقة بعلوم القرآن الكريم وهذا الموضوع من أهمها، "وإنما شفاء العيّ السؤال"، فقعدت لكتابة رد سريع بناء على طلب الشيخ ولأن من مسؤوليتي توضيح عبارتي وأسأل الله أن يكون موضحا للفكرة، وأستغفره من الزلل والخطل.
وهذا الموضوع من خاص العلم بحيث أننا مستعدون لتغيير قناعاتنا في أي جزئية منه إن تبين لنا ما هو أصوب أو أقرب إلى الواقع أو حتى أحسن تعبيرا عن الفكرة.وهو يتناول تواتر القراءات والجديد فيه أنه يحاول رفع القيمة الثبوتية للقراءات بين الأكاديميين المتخصصين في تاريخها، لأن الناس مختلفون بين عدها (آحادا صحيحة وافقت الرسم ولو احتمالا والعربية ولو بوجه ضعيف)[تعبير ابن الجزري عن الفكرة] وبين عدها (متواترة مقطوعا بها على حالها) فذهب المقال إلى أنها أعلى مما اختاره ابن الجزري من حيث الثبوت والقطع ولكنها مع ذلك دون ما أجمعوا عليه تواترا. وهذه المرتبة لها هي بحكم وضعها. وحين نضعها بين مرتبتين من يقينية الخبر لا يعني عدم القطع بقرآنيتها مطلقا. وكيف وموقفنا منها أنها أكثر موثوقية من مذهب ابن الجزري فيها ولكن مع ذلك فمن استعادة تصفح المقال وردود الإخوة الفضلاء تبين أنها قد وردت في سياق التفريق بين الكلمة القرآنية(الحرف) الذي أجمع القراء على قراءته وبين الكلمة القرآنية (الحرف) الذي اختلفوا فيه، وبيان أن القراء كلهم اختاروا قراءاتهم [للحرف المعين] من بين خيارات أخرى أمامهم فنحن نحسب أن نافعا مثلا كان يعرف كل القراءت التي نعزوها اليوم لسواه ولكن قراءته اختيار من عدد من الخيارات التي رواها وهو يحسنها.
وهنا أرى أن إيراد الجملة في سياق أوسع أمام ناظري القارئ أفضل :




والموضوع يستعيد كل مناقشاتنا في موضوع تواتر القراءت ومحاولة عدد من أعضاء الملتقى الفضلاء فض النزاع أو التفهم والانتصار لموقف علماء القراءات على موقف مؤرخي القرآن من المستشرقين على الروابط الآتية:
نقد لمقدمة آرثر جفري لكتاب المصاحف لابن أبي داود
وهاهنا سؤال عن الحرف بعينه:
هنا

وفي الموضوع الأول قال هذا العبد الضعيف ما يلي وهو ما أحسبه يثري الموضوع :


ولعل في مناقشاة الإخوة الفضلاء أعلاه ما يزيد في علم الأخ السائل عن المسألة التي هي من خاص العلم، ولعل من الإخوة الذين يستوقفهم الموضوع ما يزيدنا شرفا وعلماً بمشاركتهم فيه

بقيت مسألة لا أحب أن أدعها قبل الراحة وهي أن خطورة القضية التي استشعرها الأخ السائل آتية من ظن أوجده توهم تواتر القراءات ومطابقتها لواقع القراءة على عهد النبي، وكل هذا النوع من الوعي قد وجد عند المسلمين بسبب خفوت للقول في التفسير الذي أوردته أعلاه عن ابن جريج وغيره، وهو قول يدعمه أن عمر رضي الله عنه لم يحتج على أبي بكر رضي الله عنه بالآية مما يدل أنهما كانا يفهمانها كالفهم الذي نقل عن ابن جريج وغيره.
خلاصة ما عندي يا أخ محمد هي:
لا نقطع بحرف أنه قراءة النبي لا يعني أنا لا نقطع بأنه من القرآن/ إن فهمت هذه العبارة فقد فهمت الموضوع وإن لم تفهمها فأرجو أن تدعو لنا بظهر الغيب أن يجعلنا الله عز وجل وإياك من خدام كتابه ومن الذابين عنه والتالين له والمشاركين في تبليغ رسالته إنه سميع مجيب

ولأنك جديد على الملتقى ونحن لا نعرف عنك شيئا بعد، فإنه بشأن ردودك المستقبلية فإني سأرد عليها بإذن الله لأني لا أتجاهل إلا ما بدا لي مكتوبا لغيري أو مدفوعا بغير توخي الحقيقة، وأرجو أن نكون جميعا من طلابها "والعلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك"
والله الموفق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الدكتور عبد الرحمن صالح ، حياك الله أخي الدكتور
أشكر الله سبحانه وتعالى أنك تتابع هذا الملتقى الخيّر وتتواجد فيه فقد كنت أحاول أن أبحث عن طريقة استطيع التواصل معكم
فالحمد لله على وجودك هنا لمحاولة ايصال الكم العلمي الذي تقدمت به في هذه المشاركة .
شيخي الكريم ..
أحتاج منكم أن تساعدوني وتساعدوا الإخوة ايضا في محاولة استيعاب ما كنت تقصده في جملك السابقة التي تمتلئ بالكم العلمي
لذا فأنا أريد طرح عدة أسئلة أحاول عن طريقها معرفة مقصدك من تلك الكلمات التي أتحفتنا بها
فأرجو أن تتكرموا علينا بالجواب عليها ، والمضي خطوة خطوة في هذا الأمر الخاص من العلم كما كنتم قد وصفتموه
أكاد أجزم أن كل من يقرأ تلك الجملة سيصطدم بها والصدمة الأكبر هي محاولة اثباتها !
أرجو ان تلتمس لي العذر في كلماتي وفيما ذكرت ان الجملة هذه خطيرة
ساطرح هذه الاسئلة
وارجو أن يكون الرد عليها بجمل بسيطة جدا حتى لا يتشعب هذا الموضوع الهام
أولا
أنت تقول بالتواتر قطعا والتواتر احتمالا وما استنتجته من كلامك
ان التواتر قطعا هو المصحف العثماني رسما .
في الكلمات التي وافقت المصحف العثماني رسما واتفق جميع القراء على قراءتها يكون هو ايضا تواتر قطعا .
والتواتر احتمالا في الكلمات التي وافقت الرسم في المصحف العثماني لكن اختلف القراء في قرائتها مثل : فتبينوا وفتثبتوا .
ان التواتر احتمالا قد ظهر بسبب ان المصحف العثماني لم يكن منقطا .
هذا ما استنتجته في قضية التواتر قطعا واحتمالا ، هل استنتاجي صحيح ؟

السؤال الثاني :
الآن هذه الجملة التي حاولت أن أفهمها ولم أفلح بذلك ، وهي "لا نقطع بحرف أنه قراءة النبي لا يعني أنا لا نقطع بأنه من القرآن"
أرجو ان توضحها بشكل جيد
ولنأخذ مثالا في توضيح هذه الجملة وهي كلمة تثبتوا وتبينوا ، هل تقطع بأن الكلمتين من القرآن ؟

والسؤال الثالث :
وأرجو أن تسامحني بسبب هذا السؤال
هل قال أحد من علماء الامة في القراءات بوجود تواتر قطعا وتواتر احتمالا؟
وهل هناك من العلماء من يشكك في أن كلمة فتثبتوا أو كلمة فتبينوا يشكك أنها قد ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

شيخي الدكتور عبد الرحمن بإعتقادي أن هذا الأمر من الامور الهامة جدا ، وأتمنى منكم متابعة الموضوع في هذه القضية
فأي شخص عامي أو عالم بهذه القضية يصدم من هذه الكلمات ويظن منها أنها تشكيك في حفظ القرآن !!

الان أريد منك جوابا على تلك الاسئلة البسيطة باختصار شديد وحاول أخي رعاكم الله في اختصار الاسطر قدر المستطاع حتى نستطيع أنا وغيري الوصول الى المطلوب .
ثم ان احتجنا لتفصيل تتكرم علينا بهذا التفصيل ، فهذا الأمر الشائك كما ترى هو أمر لم يوافقك عليه الكثير من رواد الملتقى المبارك .

إن أخطأت بكلمة فالتمس لي العذر ، فإني بإذن الله لا أكون قد قصدتها وجزاك الله خيرا
( بانتظار ردودكم إنتظار المشتاق )
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ..
بادئ ذي بدء أود أن أحيي جميع المشاركين في هذا النقاش العلمي المتميز كما لا يفوتني أن أحيي القائمين على هذا الملتقى المتميز فعلا بدون مجاملة .. صحيح أني ذو اشتراك حديث في الملتقى ولأني ذو علم ضحل وثقافة متدنية فكنت أخجل من المشاركة في هذه المواضيع المتقدمة فكريا .. ولكن الفكرة التي اختمرت في رأسي وحفزها نقاشكم الرائع لذا وجدتني أكتب هذه الأسطر ولكم ان ترفضوا ما يأتي بها وحتى حذفها من الملتقى إن أردتم .
أؤيد د. عبدالرحمن في ما ذهب إليه من وجود التواتر القطعي والتواتر الاحتمالي
وأن هذا لا يغير شيئا في كون كتاب الله هو محفوظ من عند الله ومجمع على صحته وتواتره
مثلا
لما يقرأ الإمام ورش نهايات آيات سورة الأعلى :
الاعلى - فسوى - فهدى - المرعى بالتقليل - وعندما يقرأها خلف العاشر بالإمالة - وعندما يقرأها حفص بالفتح
فلم تتغير بنية الكلمة نفسها التي هي من المتواتر القطعي - بل تغيرت أصوات قراءتها التي هي من المتواتر الاحتمالي
وهكذا في مواضع كثيرة من المواضع التي اختلف فيها القراء .
أرجو أن أكون قد وفّقت في طرح فكرتي ..
صوبوني إن أخطأت ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

حياكم الله أخي قاسم ، وأشكرك كل الشكر على هذه المشاركة
لكن عندي ملاحظة وهي أن القضية التي تحدث عنها الشيخ الدكتور عبد الرحمن صالح هي أعظم من ذلك
فالقضية ليست قضية كيفية قراءة الحرف ترقيق وتفخيم للحرف وتقليل وإمالة ، بل أكبر من ذلك هي قضية اختلاف في الكلمات ! مثل تبينوا وتثبتوا
هذا ما أشكل علينا أنا والإخوة
أم أنك أيضا توافق على الاختلاف في الكلمات وأننا لا نستطيع ان نجزم أن إحداهما قراءة النبي على القطع ؟!
أنا على حد علمي - ولم أتصور يوما غير ذلك- أنه نحن نجزم أن القراءتين هما قرائتي النبي صلى الله عليه وسلم .
جزاكم الله خيرا وأتمنى منكم المتابعة
 
(

إن قصد كاتب هذه العبارة أنّ الكلمتين {فتثبتوا} و{فتبيّنوا} ليستا من قراءة النبيّ عليه الصلاة والسلام قطعاً ويقينا ، فهذا يقتضي أنّ الكلمتين ليستا من الأحرف السبعة التي نزل بها القرءان قطعاً ، وهذا تشكيك في قرءانية الكلمتين وتشكيك في كلّ ما ثبت فيه الخلاف عن القراء السبعة أو العشرة وبالتالي فهو تشكيك في القرءان الكريم.
كلام خطير خطير إن كان مراد الكاتب كذلك.
أنا شخصياً أحسن الظنّ بالأخ الذي قال هذه المقولة. ولكن ينبغي أن يشرح لنا جيّداً ما مراده من هذه العبارة.

وهذا ما أحارني ، الشيخ عبد الرحمن سيتابع الموضوع بإذن الله وسيوضح لنا مقصده بإذنه تعالى
 
خلاصة ما عندي يا أخ محمد هي: لا نقطع بحرف أنه قراءة النبي لا يعني أنا لا نقطع بأنه من القرآن/ إن فهمت هذه العبارة فقد فهمت الموضوع

والله يا شيخنا عبد الرحمن لقد عقدتم الأمور أكثر بهذه العبارة ، بالله عليك ، كيف تقطع بقرءانية كلمة ولا تقطع بأنّها من قراءة النبيّ عليه الصلاة والسلام. أهناك قرءان لم يقرأه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
إذا قطعنا بأنّ الكلمة المختلف فيها بين القراء من القرآن فإنّ ذلك يستلزم بالضرورة أنّ ما اختلف فيه بالتواتر هو من قراءة النبيّ عليه الصلاة السلام.
أتتصورون خطورة هذا الكلام ؟
أعتقد أن شيخنا حفظه الله ما استطاع توضيح فكرته ، فنحن في انتظار رجوعه بعد أسبوع ليوضح لنا فكرته أكثر.
والأخ : محمد خالد يوسف لا لوم عليه في هذا التدخل إذ كل له الحقّ في الاستفسار.
 
قال ابن الجزري: وَبَقِيَ مَا اتَّحَدَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ مِمَّا يَتَنَوَّعُ صِفَةُ النُّطْقِ بِهِ كَالْمَدَّاتِ وَتَخْفِيفِ الْهَمَزَاتِ وَالْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ وَالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ وَتَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِ اللَّامَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْقُرَّاءُ بِالْأُصُولِ، فَهَذَا عِنْدَنَا لَيْسَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يَتَنَوَّعُ فِيهِ اللَّفْظُ، أَوِ الْمَعْنَى; لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُتَنَوِّعَةَ فِي أَدَائِهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا وَاحِدًا وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: وَالسَّبْعَةُ مُتَوَاتِرَةٌ فِيمَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ: كَالْمَدِّ، وَالْإِمَالَةِ، وَتَخْفِيفِ الْهَمْزِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ وَإِنْ أَصَابَ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ الْخِلَافَيْنِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَهُوَ وَاهِمٌ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ نَقْلِهِ وَقَطْعِهِ بِتَوَاتُرِ الِاخْتِلَافِ اللَّفْظِيِّ دُونَ الْأَدَائِيِّ، بَلْ هُمَا فِي نَقْلِهِمَا وَاحِدٌ وَإِذَا ثَبَتَ تَوَاتُرُ ذَلِكَ كَانَ تَوَاتُرُ هَذَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى، إِذِ اللَّفْظُ لَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ، أَوْ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِوُجُودِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى تَوَاتُرِ ذَلِكَ كُلِّهِ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي كِتَابَهِ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ.
 
الإخوة الفضلاء الأخ محمد خالد يوسف شرفني حوارك وإثراؤك للموضوع
والأخ قاسم الغالبي والأخ سمير عمر شرفني مروركم ومناقشتكم للموضوع
والشيخ محمد يحيى شريف زاده الله شرفاً مثال في تواضعه وإخلاصه للمعرفة
ولولا النقاش لما عرفنا مؤدى كلماتنا فَرُبَّ عبارة نمنا عنها نحسبها معبرة عن الفكرة واتضح من النقاش أنها ملبسة وتحتاج إعادة صياغة، وهذه من بركات سهولة العلم والتعلم التي امتن الله تعالى علينا بها في عصرنا.
سافرت أربعة أيام وفوجئت أني منقطع عن النت ولم أطلع على حواركم إلا أول من أمس،

وسوف أجيب على عجالة رجاء أن يجرنا الحوار إلى مزيد تفصيل إن نسأ الله تعالى في الأجل.
سأكتفي الآن بما يسمح به الوقت ويستلزمه الحال وهو بيان الإشكال في أهم نقطة في الموضوع وأما الأمور التفصيلية الأخرى فسوف أعود إليها بإذن الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الدكتور عبد الرحمن صالح ، حياك الله أخي الدكتور
أشكر الله سبحانه وتعالى أنك تتابع هذا الملتقى الخيّر وتتواجد فيه فقد كنت أحاول أن أبحث عن طريقة استطيع التواصل معكم
فالحمد لله على وجودك هنا لمحاولة ايصال الكم العلمي الذي تقدمت به في هذه المشاركة .
شيخي الكريم ..
أحتاج منكم أن تساعدوني وتساعدوا الإخوة ايضا في محاولة استيعاب ما كنت تقصده في جملك السابقة التي تمتلئ بالكم العلمي
لذا فأنا أريد طرح عدة أسئلة أحاول عن طريقها معرفة مقصدك من تلك الكلمات التي أتحفتنا بها
فأرجو أن تتكرموا علينا بالجواب عليها ، والمضي خطوة خطوة في هذا الأمر الخاص من العلم كما كنتم قد وصفتموه
أكاد أجزم أن كل من يقرأ تلك الجملة سيصطدم بها والصدمة الأكبر هي محاولة اثباتها !
أرجو ان تلتمس لي العذر في كلماتي وفيما ذكرت ان الجملة هذه خطيرة
ساطرح هذه الاسئلة
وارجو أن يكون الرد عليها بجمل بسيطة جدا حتى لا يتشعب هذا الموضوع الهام
أولا
أنت تقول بالتواتر قطعا والتواتر احتمالا وما استنتجته من كلامك
ان التواتر قطعا هو المصحف العثماني رسما .[نعم/ عبدالرحمن]
في الكلمات التي وافقت المصحف العثماني رسما واتفق جميع القراء على قراءتها يكون هو ايضا تواتر قطعا .[نعم/ عبدالرحمن]
والتواتر احتمالا في الكلمات التي وافقت الرسم في المصحف العثماني لكن اختلف القراء في قرائتها مثل : فتبينوا وفتثبتوا .
ان التواتر احتمالا قد ظهر بسبب ان المصحف العثماني لم يكن منقطا .[ليس كذلك/ عبدالرحمن]
هذا ما استنتجته في قضية التواتر قطعا واحتمالا ، هل استنتاجي صحيح ؟[صحيح باستثناء النقطة الأخيرة(ومعيار الصحة هنا مقصد المتكلم )/ عبدالرحمن]


الان أريد منك جوابا على تلك الاسئلة البسيطة باختصار شديد وحاول أخي رعاكم الله في اختصار الاسطر قدر المستطاع حتى نستطيع أنا وغيري الوصول الى المطلوب .
ثم ان احتجنا لتفصيل تتكرم علينا بهذا التفصيل ، فهذا الأمر الشائك كما ترى هو أمر لم يوافقك عليه الكثير من رواد الملتقى المبارك .

إن أخطأت بكلمة فالتمس لي العذر ، فإني بإذن الله لا أكون قد قصدتها وجزاك الله خيرا
( بانتظار ردودكم إنتظار المشتاق )


أشكر لك أخي محمد حسن خلقك أولا وأنت جدير بمجالسة العلماء ومحاورتهم جعلنا الله وإياك من خدامهم.
كما ترى مما كتبته بالأحمر أن النقطة الأخيرة فقط لم أقرّ لك استنتاجها من النصوص أعلاه ويبدو لي أنها أهم ما يحتاج توضيحا في الموضوع ولا يعلم إلا الله تعالى ضيق وقتي الساعة ولكن في التأخر في الرد بعد العلم بالموضوع ، فيه من الجفوة ما نستميح صبركم العذر .
ليس الخلاف في الفرش مرده إلى ضعف الخط وتأخر النقط والضبط بل مرده إلى أن القرآن نزل على سبعة أحرف وأن أكثر القراءات الصحيحة هي مما يحتمل أن تكون من الأحرف السبعة التي ورد الإذن بالقراءة بها، ولكن هل من القراءات الصحيحة المقبولة ما للاجتهاد في أدائها دور؟ وهل تأثر هذا الاجتهاد بضعف الخط وقرائن أخرى. نعتقد أن هذا من الممكن ولكن كيف نقول بذلك مع جزمنا أنها من القرآن الذي تجوز به الصلاة؟ الجواب أن الإذن قد ورد في الخبر الصحيح بجواز ذلك ثم اتصل الإجماع فيما بعد على قبولها ونحن نتبع الإجماع ولا نخالفه.
ولكنا نرد على أعداء القراءات بمن زعم أنها آحاد فقط بالقول إنها قطعا فوق الآحاد ثبوتا وصحة وإن كانت دون ما أجمعت الكتابة والرواية عليه،.
ويبدو لي أننا بحاجة إلى التفريق بين قدرتنا على التمييز بين درجات يقينية الخبر وبين قبولنا لكونها من القرآن دون أن نقع تحت ذبذبة التشكك.
وسوف نعرج على كل ما أثرتموه عما قريب بإذن الله
 
الدكتور عبد الرحمن الصالح، سلمكم الله، وبعد،،،،
فقد قرأت تعقيبكم على مشاركة الأستاذ آيت عمران عن مذكرات الدكتور محمود محمد الطناحي ذكرتم فيه أنه لفت انتباهكم نقطتان، إحديهما مسألة {فتبينوا} و{فتثبتوا}.
لأنكم أحلتم هناك على موضوعكم الذي كتبتموه بتاريخ Sun 17/03/1432 - 20/02/2011 06:04 PM هنا
اي منذ سنتين إلا يسيرا، وددت أكتب هنا بدلا من هناك ليتم متابعة الموضوع بصورة أفضل.
قرأت موضوعكم "المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا" فور نشره في الملتقى ومنعني من الرد أني لم أفهم جيدا غرضكم ولم أتبين مذهبكم، ولم أستطع المقارنة بين ما ذهب إليه الطبري رحمه الله وما تذهبون إليه الآن حفظكم الله. بل أعدت قراءة كتاب الدكتور لبيب السعيد في دفاعه عن الطبري ولم أستطع التوفيق بين منطلقات ومآلات الطبري وبين منطلقات ومآلات رأيكم.
وانتهى أمري إلى التبين والتثبت من مذهبكم هذا عن طريق النقاش المفتوح في هذا الملتقى المبارك، هل تشرفونني بالحوار ؟ شكرا لكم مسبقا.
 
الأستاذ محمد الحسن بوصو المحترم
بالتأكيد وإنه لشرف للموضوع ولصاحبه أن ينال كل منهما شرف مناقشتكم
وإنّي إذ أعتذر عن أي غموض في الطرح فإنكم خير من يعلم أن اقتحام التفكير في موضوع شائك وحساس أقض مضاجع المسلمين بدءاً بأبي بن كعب رضي الله عنه وإلى اليوم، ولاسيما مع شحة معلوماتنا عن الفترة التي تشكلت فيها القراءات، (أن اقتحام التفكير فيه) أمر ليس بهين وليس بمنأى عن المزالق وعن أن يكون عرضة إساءات الفهوم.
لكن ولكيلا نشتت الموضوع وأعلم أنكم ممن يريدون توضيح القضايا ناصعة والتفكير فيها بوضوح وإخلاص للعلم والمعرفة، أودّ أن أمارس ما لي من صلاحية فأقول إن كل ما لديّ من بضاعة مزجاة في الموضوع قد طرحتها أعلاه، ولم يبق لديّ فيما أحسب جديدا اللهم إلا أن يثير النقاش مع مشيختكم [عوض "سيادتكم"] شيئا ما يدعوني إلى أن أعصر عكة ذاكرتي.
ويطيب لي القول أن هذا المقال "المتواتر قطعا والموتواتر احتمالا" هو شيء لا جديد فيه من الناحية العلمية اللهم إلا أن تكون صياغته وقد حفزني على ابتداعه- إن صح أنه مبتدع -أني اطلعت على ما كتبه مرجع الشيعة الإمامية الراحل أبو القاسم الخوئي ونحسبه من أثقفهم وأوعاهم وأكثرهم اطلاعا على كتب التراث ينكر فيه تواتر القراءات. ولما كان العلماء منذ القرن الرابع على الأقل قد قرروا أن القراءة الصحيحة (نستصحب حال ارتضائهم لمتطلبات الأداء وإقرارهم بل واختيارهم على اختيار ابن مجاهد ) فقالوا إن كل قراءة جمعت صحة السند وموافقة أحد المصاحف ولو احتمالا ووافقت العربية فهي مقبولة وهذا مذهب سديد، لكن تطرف بعض المتأخرين وتساهل في استخدام مصطلح تواتر لما لا يمكن ادعاء تواتره إذا سلمنا بأن التواتر صفة للخبر لا تتوفر بسهولة ولا يمكن ادعاؤها إلا تجوزاً. وجدت أن أحسن طريقة للرد على من زعم أن القراءات غير متواترة وزعم أنها مجرد أخبار آحاد [وربما مارس منطقه القاصر فأضاف أن الآحاد لا يثبت به قرآن!] ، قلت إن أحسن طريقة للرد عليه هو تقسيم القراءات إلى (/على) هذين القسمين"المتواتر قطعا والمتواتر احتمالاً".
فقمت بكتابة ما قرأتموه وقرأه الإخوة الفضلاء من الأعضاء والزوار وأعيد التفكير فيه من جديد حين استل أحد الإخوة الكرام الجدد على الملتقى عبارة من سياقها في المقال ورأى أنها بما هي عليه تشكك أو تبتدع في الموقف من القراءات.
وها أنتم أولاء تثلجون صدورنا بتشريفنا بالحوار فيه. وإن أنس لا أنس شكر الإخوة الفضلاء الذين ناقشوه واستفدت من مداخلاتهم القيمة وإثراءهم لوعي كاتب الموضوع بله الموضوع نفسه كالشيخ محمد يحيى شريف والأخ محمود الشنقيطي والأخ عبدالحكيم عبدالرازق وسائر الإخوة،
وأتمنى عليكم وأنتم أعلم مني وأحلم أن تأخذوا دواعي كتابته وأهدافه في الحسبان لأنه إنما كتب لغرض بينتُه وليس عندي ما أخفيه أو أجامل من أجله.
المعتز بأخوّتكم: عبدالرحمن​
 
وجهة نظر

وجهة نظر

كنت - ولا زلت - أرى أن تردد بعض العلماء في إطلاق التواتر (القطعي) على القراءات العشر إنما سببه النظر إلى أسانيدها، والصواب - في رأيي - النظر إلى ما احتف بتلك القراءات من قرائن أكسبتها درجة التواتر، وأهمها: الشهرة وكون كل منها قراءة أهل بلد بكامله.. فالقراء العشرة، وإن كانوا فرادى، إلا أنهم كانوا يقرأون بقراءة الجم الغفير من أهل بلدهم، ومثل ذلك يقال في شيوخهم فما علا.
فكون الإمام ابن كثير إمام أهل مكة في القراءة والصلاة، مع توافر أهل العلم وكثرة اعتناء ناس ذلك الزمان بالقرآن الكريم، يكسب قراءته تواترا أعلى من تواتر أهل الحديث بمراتب.
وقل مثل ذلك في قراءة أهل الشام، وقراءة أهل المدينة وسائر القراءات.
والمشاهدة دليل ما أقول، فلو أتيت في زماننا هذا - على علات أهله - إلى مسجد من مساجد فاس المغربية، وقرأت كلمة فرشية بقراءة غير قراءة نافع لوجدت من المنكرين عليك الكثير من العامة، بله حفاظ الكتاب.
 
أشكركم، سيدي عبد الرحمن الصالح، على تشريفي بقبول محاورتي، وأفيدكم أن مشاركتكم الأخيرة وقعت مني موقعا حسنا لما احتوت على لطيف القول وجميل الاعتذار وحسن ذكر المشايخ الذي حاوروكم فيما سبق. وعلمت منها أيضا أن لمقدمة الخوئي في الجزء الأول من تفسيره البيان دورا في تكوين رأيكم هذا الذي نتحاور حوله الآن، وأفيدكم بأن الجزء الأول الذي تضمن المقدمة في حوزتي منذ أكثر من عشر سنين، وقد قرأتها مرارا وأعدت قراءة بعضها عند ذكركم للخوئي مساء اليوم، وخاصة تراجم القراء التي تذرع بذكرها للقدح في القراء والرواة وبالتالي الطعن في مصداقية القراءات والروايات.
ونضرب عن الخوئي لما نعلم من موقف الشيعة الاثني عشرية تجاه القراءات والروايات.
في حظيرة أهل السنة والجماعة تعتبر القراءة المسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم متساوية في الثبوت أصولا وفرشا، لأن الصحابة رضوان الله عليهم لم يفرقوا بين أصول وفرش مما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما لم يفرقوا بين أصول وفرش فيما نقلوه إلى التابعين، ومثل الصحابة التابعون إلى من بعدهم. وليس التفريق بين الأصول والفرش من باب الاختلاف في الرواية بل هو منهجيةٌ الغرض من انتهاجها الاختصار.
على الأقل في بعض الآية التي قلتم بانه لا خلاف بين القراء فيه بناء على تفريقكم بين الأصول والفرش، وهو:{يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} سبعمائة وثمانية وستون احتمالا (أربعة المنفصل الأول × في ثلاثة البدل × في أربعة المنفصل الثاني × وجهي جاء × أربعة المتصل × في وجهي الميم) ولم يثبت منها غير اثني عشر وجها.
ولا ينبغي إخراج بعض الآية هذا من قاعدة "المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا" لأن اختلافهم بين {فتثبتوا} و{فتبينوا}، من حيث الرواية، مثل اختلافهم فيما قبلها من الآية سواء بسواء.
أما ما يخص {فتبينوا}{فتثبتوا} فقد ذكرتم بأن المتواتر هو رسم الكلمة، أما الوجهان فأحدهما [متواتر قطعا والثاني متواتر احتمالا].
سبق أن قلتُ بأنه لم يتبين لي ما تريدون أن تقولوه بهذا الكلام، لأني فهمت من كلامكم أنه يمكن أن يكون وجه {فتبينوا} قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وممكن أن لا يكون، وممكن أن يكون وجه {فتثبتوا} قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أن لا يكون، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بأحد الوجهين فقط فانضاف الوجه الثاني بسبب خلوّ خط الصحابة من النقط. ومثل هذا تقولون في باقي خلافات القراء المتعلقة بالمعنى. والذي حيرني أكثر أنكم قلتم بأن كلا الوجهين صحيح - بل متواتر - أيضا مع تصريحكم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ بأحدهما قطعا.
معنى ذلك أنه على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {فتثبتوا} من، الثبت، فقد نسب نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قراءة لم يقرأ بها. أقول مع سيادتكم: حاشاهم !
وعلى فرض أنه قرأ {فتبينوا}، من البيان، فقد نسب حمزة والكسائي وخلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قراءة لم يقرأ بها. أقول مع سيادتكم: حاشاهم !
وما دمنا في باب الاحتمال فلا بد أن أحد الفريقين أخطأ في القراءة بسبب إهمال النقط، ونسب خطأه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا صح أن نافعا وابن كثير وأبا عمرو وابن عامر وعاصما وأبا جعفر ويعقوب فعلوا ذلك فقد بطلت كل رواياتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وسقطت لانتفاء العدالة والضبط. أقول مع سيادتكم: حاشاهم !
وإذا صح أن حمزة والكسائي وخلفا فعلوا ذلك فقد بطلت كل روايتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم لانتفاء العدالة والضبط. أقول مع سيادتكم: حاشاهم !
وما دام احتمال الخطإ - على النحو الذي نناقشه - واردا فيهم جميعا فقد سقطت رواياتهم كلها. أقول مع سيادتكم: حاشاهم !
الاحتمال يجتث الثبوت !
الحق الذي لا يقبل النقل ولا يقبل العقل سواه هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ{فتبينوا} وقرأ {فتثبتوا}، وأن كلا من الوجهين ثابت ومتساو في الثبوت عنه صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأصول والفرش سواء في الثبوت عنه صلى الله عليه وسلم.
 
شيخنا محمد الحسن بوصو حفظكم الله ورعاكم :
البحث هو في التواتر وليس في الثبوت ، فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه المتواتر وفيه وغيره ، ولا يمكن لمسلم أن ينكر أن قراءة ذكرها الإمام البخاري في صحيحه - وهي مما نسميه اليوم شاذة - هي قراءة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن يقال إنها " متواترة " .
ادعاء التواتر في كل جزئية من أجزاء القراءات ، قول " أباه وعاتنا " كابن الجزري وغيره ، ولا يمكن ولا يصح لمن تأثر بأقوال المحررين المبالغين أن يقول بتواترشيء لم تجمع الأمة عليه ، ومن طالع كتب ابن الجزري فسيجد تصريحه وتفريقه بين المتواتر والصحيح والمشهور، إذ كيف يصح القول بأن القراءات الثلاث الزائدة على السبعة متواترة بإجماع ، وهي ليست كذلك إلا عند أهل القراءات ؟ وآمل أن لا يجاب بأن أهل كل علم أولى وأعرف بعلمهم !!
لأن هذا الجواب هو هروب من الجواب وليس جواباً ، فالنزاع ليس في المعرفة فيها ، بل في الحكم عليها هل هي متواترة أم لا ؟ فأهل القراءات عملهم هو أن يبينوا هل هذه قراءة أم لا ؟ وهل يقرأ بكذا أم لا ؟ أما التواتر وعدمه فهو ليس من علمهم ألبتة ، ومعلوم أن التواتر ليس من مصطلحات أهل القراءات ، فهم قديماً وإلى الآن لم يخرجوا لنا معنى له أو تعريفاً ، غير تعريف المحدّثين والأصوليين ، فما دام أنهم يعرّفون التواتر بمصطلحات الآخرين ، فعليهم إنزاله كإنزالهم ، لا أنهم يطبقونه كما يحلو لهم .
والله أعلم .
 
ليس هناك إشكال فيما طرحه شيخنا الجكني حفظه الله ، إذ لا يمكن القطع بأنّ جميع ما يُقرأ به اليوم من المتواتر قطعاً ،وقد صرّح بذلك ابن الجزري في منجد المقرئين بأنّ المقروء به على ضربين : متواتر ، وصحيح مستفاض متلقّى بالقبول والقطع حاصل بهما. وهذا لا إشكال فيه كما قُلتُ.
إلاّ أنّ الإشكال هو فيما طرحه شيخنا عبد الرحمن الصالح أسأل الله تعالى أن يجعله من الصالحين ، وهو أشارته إلى الاحتمال في كون النبيّ عليه الصلاة والسلام هل قرأ بالقراءتين {فتبيّنوا} و {فتثبّتوا} ، فإن أقررنا بهذا الاحتمال ، يعني ذلك أنّ إحدى القراءتين ليست قرءاناً وأنّها ليست من الأحرف السبعة ، ولا ندري من هي منهما ، وبالتالي فإنّ هذه الفلسفة تؤدّى إلى التشكيك في قرءانية ما نقرأه اليوم في مصاحفنا لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، والله المستعان.
ولا أدري ما دخل المحررين في هذه المسألة ما دام صنيعهم لا يخرج عن النشر ، لعلّ شيخنا الجكني له حساسية اتجاههم لكونهم قاموا بالعملية الإرهابية في أمريكا في 11 سبتمبر.
(بسمة)
 
الكلام في تحرير تواتر القراءات ضروري من جهة، وشائك من جهة أخرى، ولا يصلح في ميزان البحث العلمي، وفي المناقشات العلمية بين المتخصّصين أن يُقال: القراءات متواترة وانتهى الموضوع، فالخلاف في المسألة قديم جدًا، ولا يمكن أن يُشطَب عليه بالقلم الأحمر، وبعض القائلين به من جهابذة هذا العلم، الجامعين بين الرِّواية والدِّراية، ولسنا -والله- بأعلمَ ولا أَوْرعَ منهم، رحمة الله عليهم أجمعين.
وغنيٌّ عن البيان أن خلاف العلماء في هذا المسألة لا يعني الطعن في صحة نقل القرآن العظيم.
والله أعلم.
 
الكلام في تحرير تواتر القراءات ضروري من جهة، وشائك من جهة أخرى، ولا يصلح في ميزان البحث العلمي، وفي المناقشات العلمية بين المتخصّصين أن يُقال: القراءات متواترة وانتهى الموضوع، فالخلاف في المسألة قديم جدًا، ولا يمكن أن يُشطَب عليه بالقلم الأحمر، وبعض القائلين به من جهابذة هذا العلم، الجامعين بين الرِّواية والدِّراية، ولسنا -والله- بأعلمَ ولا أَوْرعَ منهم، رحمة الله عليهم أجمعين.
وغنيٌّ عن البيان أن خلاف العلماء في هذا المسألة لا يعني الطعن في صحة نقل القرآن العظيم.
والله أعلم.

لايشك أحدنا أنّ الخلاف في تواتر القراءات خلاف قديم وأنّ ذلك لا يؤدّي إلى الطعن في القراءات وفي نقل القرءان.
ولكن لا بدّ من التفريق بين الخلاف في قطعيّة التواتر ، وهذا خلاف مقبول لا غبار عليه. وبين القطعيّة التي تختصّ بقرءانية المنقول مما ورد فيه الخلاف بين القراء العشرة ، بأن يُقال أنّ قراءة النبيّ للكلمات المختلف فيها بين القراء محتملة أو غير مقطوع بها.
فلا ينبغي أن نتشدّد فيما كان الخلاف فيه معتبراً ولا أن نتساهل فيما يؤدّي إلى الطعن في القرءان والقراءات المتواترة.
والمصيبة تكمن في عدم التفريق بين الأمرين.

والعلم عند الله تعالى.


 
لايشك أحدنا أنّ الخلاف في تواتر القراءات خلاف قديم وأنّ ذلك لا يؤدّي إلى الطعن في القراءات وفي نقل القرءان.​


ولكن لا بدّ من التفريق بين الخلاف في قطعيّة التواتر ، وهذا خلاف مقبول لا غبار عليه. وبين القطعيّة التي تختصّ بقرءانية المنقول مما ورد فيه الخلاف بين القراء العشرة ، بأن يُقال أنّ قراءة النبيّ للكلمات المختلف فيها بين القراء محتملة أو غير مقطوع بها.


فلا ينبغي أن نتشدّد فيما كان الخلاف فيه معتبراً ولا أن نتساهل فيما يؤدّي إلى الطعن في القرءان والقراءات المتواترة.


والمصيبة تكمن في عدم التفريق بين الأمرين.



والعلم عند الله تعالى.
أنا متفق معك في هذا يا شيخ محمد.
 
الآن حمي الوطيس

الآن حمي الوطيس

الأخ محمد آيت شكرا لمشاركتنا التفكير في الموضوع
الأخ محمد الحسن بوصو شكرا على ما سطرته أناملكم وما جلبته من خير
الأخ السالم الجكني أنت -قطعا- أولى من المتنبي بقوله
وإن قلتُ لم أتركْ مقالاً لعالمِ​
الأخ محمد يحيى شريف واكبتم الموضوع منذ ظهوره قبل عامين وواصلتم نقده نقدا علميا
الأخ ضيف الله الشمراني أوجزتم فأحسنتم
في الواقع فإن علم القراءات النظري مجال رحب للتفكير ولكنه معاق في جانبه النظري بما أسماه العبد
الضعيف ذات مساء "بالتطرف كتابيا والتطرف شفاهيا" وقد ردّ مصطلح "المتواتر قطعا والمتواتر احتمالا"
على كلا الفريقين كلا في نسبته، كما رد على أعداء القراءات ممن زعم انها مجرد أخبار آحاد وحاصل كلامه
أنه غير علمي إذ يقتضي القول به أن وجوه القراءة كلها لا حجة فيها؟ وكيف يكون ذلك؟
وبشأن الاستشكالات التي ذكرها الإخوة الزوار وأعادها الأخ محمد يحيى شريف وهي التي خالفني فيها الأخ
محمد الحسن وتبدو وجهة نظري فيها تحتاج توضيحا:
فهي حسبما أستطيع تلخيصها الآن
- المصحف المكتوب متواتر قطعا بجميع حروفه
-المصحف المقروء قسمان: قسم متواتر قطعا وهو ما أجمعوا على قراءته
وقسم ينقسم على أقسام أهمها:
- القسم الصحيح المقبول بين جماعة القراء واتصل قبوله إلى أيامنا وتجوز به الصلاة وهو ما تضمنه النشر في القراءات العشر
ونعني هنا ما اختلفوا فيه من فرش الحروف حصراً، فهذا القسم صحيح كله ثابت النقل عن القراء لا نشك فيه ونقبله ونصلي به بل نعتقد أن حروفا صحيحة لا تقل عنه لم يحالفها الحظ لم يعد يقرأ بها الناس ولم يعودوا يجيزونها في الصلاة، مثل قراءة ابن محيصن {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يعنيه} بالعين المهملة فهذا حرف صحيح لا يقل عن كثير من الحروف التي يقرأ بها الناس في الصلاة، ونحن بحاجة إلى جمعية تقوم بحصر مثل هذا الحرف الذي لم يحالفه الحظ بسبب منهج كان به قصور وهو ترك القراءة كلها لأنها خالفت الرسم في تسعة مواضع كقراءة ابن محيصن وكان الحق أن تترك المواضع التسعة وحدها لكن الجانب العملي في الإقراء لم يمكنهم أن يفعلوا ما نراه اليوم صواباً.وكل هذا القسم الصحيح المقبول يحتمل ما يأتي:
- أن تكون كلتا القراءتين مما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه بالوجهين أو بالأوجه كلها لأصحابه وهذا ما جعل بعض العلماء يقرر أنهما آيتان نزلتا بآية واحدة، وهو قول فيه نظر كما ترى.
- أن تكون إحدى القراءتين قراءة النبي صلى الله عليه وسلم والأخرى مما أجاز القراءة به أو بمثله كما ورد في الخبر لكن أي القراءتين
هي التي قرأ بها وأيها تعود إلى مجموعة ما أجازه؟
- أن يكون أحد القراء اجتهد في قراءة حرف منه مما يجوز شرعا وعقلاً وواقعاً ومثل هذا ما رده أبو جعفر ابن جرير الطبري في تعليقه
على قراءة ابن كثير (فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ)، واليوم يخالفه جميع القراء والإخوة في الملتقى وما أراه إلا على مثل ما أظن.
أما القسم الآخر فهو وجوه القراءات التي لم تنل قبولا متصلا على التاريخ إلى أيامنا بل قبلت مليا ثم شاء الله تعالى أن لا تستمر.
وقسم هو مما لم يستفض ولم يشع منذ البداية من الحروف المستبعدة التي لم يروها أهل العلم بل رواها النحاة لنكت ما.
والسبب في تبني القراء وجهة النظر التي تنتصر لكل اختيارات القراء العشر هو الأمور الآتية:
- سبب ديني هو شيوع تفسير قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) على وجه واحد. وظن الناس أن مقتضيات الحفظ تعني علمهم هم أي الوجهين كان قراءة النبي وأيها أجازه ، وأنه إن قيل إن احتمال أن يكون أحد القراء أو شيوخهم اجتهد في قراءة حرف ما وأنا لم نعد نعلم أيتهما أقرب أن تكون ما قرأه النبي لا مجرد ما ارتضاه ولا مجرد ما يجوز، ظنوا أن هذا القول يخالف الحفظ المتضمن في الآية وهم مخطئون متوهمون من وجوه.
الأول أنه يجوز أن يكون حفظ الله تعالى للمصحف هو على الهيئة التي تضمنت هذه الاحتمالات الثلاثة أعلاه.
الثاني وجه التأويل الذي قال به مجاهد وابن جريج وهو (لحافظون عندنا) أي عند الله تعالى وينتصر لهذا الوجه[ المرجوح تفسيريا منذ القرن الرابع على الأقل إذ نجد كتب الرد على الفرق كأبي محمد بن حزم ينتصر للوجه الآخر،] وينتصر لهذا الوجه الذي أذكره هنا أعني وجه قول مجاهد وابن جريج أن أبا بكر رضي الله عنه لم يحتج على عمر رضي الله عنه بالآية التي يحتج بها الناس اليوم بل بالقول "كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا الوجه لا يكون القرآن غير محفوظ لأنا مستيقنون أن الله تعالى قد شرح صدر الشيخين رضي الله عنهما لتكليف زيد بتتبع المصحف وجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال في عملية بحث تاريخي علمي لا تخيس شعيرة، وشرح صدر أمير المؤمنين عثمان بحدود سنة 29-30هـ لتشكيل لجنة برئاسة زيد من جديد وتعميم نسخة زيد الأولى على الأمة.
وهذا حفظ من الله تعالى متيقن، والله تعالى كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه يفهم منه أنه عز وجل أيضا لا يغرسه غرسا مباشرا بل بشرح صدور الصالحين لتعلمه وتعليمه.
والخلاصة أن في القول أن ما اختلف فيه السادة القراء من فرش الحروف هو من المتواتر احتمالا لا خطورة فيه ولا قدح في كون القرآن الكريم أصح كتب الأنبياء وأن الله تعالى قد امتن على هذه الأمة بأن حفظ كتابها كأكمل وأتم ما يمكن في التاريخ، وبذلك قال أحد المستشرقين [نسيت اسمه وروى قوله الدكتور إسماعيل الفاروقي في أطلس الحضارة الإسلامية] قال:"نحن متأكدون أن هذا القرآن هو نفسه الذي كان على عهد محمد بنفس القدر الذي يعتقد به المسلم أنه كلام الله" أي أننا متفقان على تاريخيته ووثوقيته وإن اختلفنا في الإيمان به وهذا جانب شخصي.
فالقول إنها متواترة احتمالا هو توصيف لوضعها بما هي عليه يضعها فوق جميع الأخبار الصحيحة من حيث الثبوت والقطع وإن كانت دون ما أجمعوا عليه.

أقول ذلك وأستغفر الله تعالى من الخطأ والزلل.
 
تحقيق محل النزاع

تحقيق محل النزاع

نحن، سيدي عبد الرحمن، نخالفكم في ثلاث نقاط:
الأولى: قولكم بأن بعض فرش القراءات العشر التي تضمنها نشر ابن الجزري قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضه لم يقرأ به. والذي لم يقرأ به نوعان: نوع أجاز القراءة به في عموم "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وبعضه اجتهاد من القراء، لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجز القراءة به. هذا مع قولكم بأن الثلاثة - التي قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي لم يقرأ بها ولكنه أجاز القراءة بها، والتي لم يقرأ بها ولم يجز القراءة بها - صحيح متواتر.
ونحن نقول: القراءات العشر الموصوفة أعلاه كلها، المتفق عليها والمختلف فيها، أصولها وفرشها، من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم. ولم نجد دليلا واحدا ولا أمارة واحدة على أن القراء أو من قبلهم اجتهد في القراءة، بل وجدنا أنهم نسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبلها منهم عصريوهم فأنى لنا الشك، نحن الغائبين، في ما صدقه العدول الحاضرون ؟
الثانية: قولكم بأن المتواتر شكل الرسم في مثل {فتبينوا} أما الوجهان فمحتملان مع قطعكم بقراءته صلى الله عليه وسلم بأحدهما فقط.
ونحن نسأل سعادتكم كيف تسندون التواتر إلى المصحف وهو موجود بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أم تريدون أن تقولوا بأن الصحابة فرغوا النسخة الصوتية في المصحف ثم لخلوه من النقط تخبط القراء في قراءته ؟
الثالثة: تقولون بأن الدافع إلى هذا القول هو الدفاع عن القراءات، وجلبتم نصوصا من المستشرقين.
ونحن نقول: إن الدفاع عن القرآن والذب عنه وإلجام أعدائه لا يبرر القول غير الصحيح في تصنيف القراءات.
وختاما أرجو من حضرتكم ان تشرحوا لي كيف يمكن أن يكون الشيء الذي لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا صحيحا ؟ وقد ذكرتم ذلك مرات.
 
من الحوار يتبين المقصد ونتعلم إن كانت عباراتنا معبرة فعلا عما نقصده أم أن التعبير قد خاننا فيه وسأبدأ بالرد على ملاحظات الأخ محمد واحدة واحدة لأني لا أقر له بأنه يخالفني في كل ماذكر لأني لا أخالفه إلا خلافا طفيفا في بعض ما ذكر وسأبدأ أولا بما هو ثانوي أصلا وهو النقطة الثالثة حيث قال:
"الثالثة: تقولون بأن الدافع إلى هذا القول هو الدفاع عن القراءات، وجلبتم نصوصا من المستشرقين.
ونحن نقول: إن الدفاع عن القرآن والذب عنه وإلجام أعدائه لا يبرر القول غير الصحيح في تصنيف القراءات."
وهذه نقطة تحتاج تشريحا لا شرحا، حيث أني أوردت كلاما لمستشرق نقلا عن الدكتور الفاروقي رحمه الله من باب أن "الفضل ما شهدت به الأعداء" فكل مؤرخي العالم المعتد بهم يقولون بأن النص الذي بين أيدينا هو النص الذي كان بين يدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه نعمة ومنة لله عز وجل علينا.
قال وهذا لا يبرر القول غير الصحيح في تصنيف القراءات، وقوله صواب لا غبار عليه إذا أقررت له أنه غير صحيح . فهذا وعيي وتصوري عن المسألة وقد قضيت في تكوينه ثلاثين سنة ولا أزعم له إطلاق الصحة والسداد بل هو وعي لمسألة تاريخية قابل للتغير والتصحيح والاسترشاد مثل أي وعي بأي مسألة تاريخية.
أما المسائل التي هي في صميم موضوعنا فهما:
قال إنه يخالفني في :
الأولى: قولكم بأن بعض فرش القراءات العشر التي تضمنها نشر ابن الجزري قرأ به النبي ، وبعضه لم يقرأ به. والذي لم يقرأ به نوعان: نوع أجاز القراءة به في عموم "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وبعضه اجتهاد من القراء، لم يقرأ به النبي ولم يجز القراءة به. هذا مع قولكم بأن الثلاثة - التي قرأ بها النبي ، والتي لم يقرأ بها ولكنه أجاز القراءة بها، والتي لم يقرأ بها ولم يجز القراءة بها - صحيح متواتر
أما أولا فإني أدين الله تعالى بما يعتقد به المسلمون وما قاله الحافظ أبو عمرو الداني في (فصل فيما يجب اعتقاده في القرآن) وأن القراءات التي يقرأ بها المسلمون في صلاتهم كلها صحيحة وكلها من القرآن وأن الحروف التي اختلفوا فيها هي إما من الأحرف السبعة التي أقرأها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أو مما أجاز مثله وأن فيها من اجتهاد القراء مما تلقته الأمة بالقبول. ومن المواضع التي اجتهد فيها القراء بعض القواعد التي لا نقطع بأنها قرئت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه من مثل الوقف على مرسوم الخط وأن اللجنة الموقرة التي كتبت المصحف كتبت مواضع كثيرة بنية الوصل مثل {يوم يدع الداع إلى} فالوقف على يدع بدون واو هو من اجتهاد القراء قطعاً. ومن المواضع التي اجتهد فيها القراء بعض من فرش الحروف أيضاً وهذا ما لم يمكنهم سواه. وهذا القول الذي أعلم يقينا أن قليلا من أهل القراءات من يوافقني فيه هو مذهب ابن جرير رحمه الله ولا أجدني أجد لسواه قبولا في هذه الساعة.
ثم قال الشيخ محمد الحسن:
ونحن نقول: القراءات العشر الموصوفة أعلاه كلها، المتفق عليها والمختلف فيها، أصولها وفرشها، من قراءة النبي . ولم نجد دليلا واحدا ولا أمارة واحدة على أن القراء أو من قبلهم اجتهد في القراءة، بل وجدنا أنهم نسبوها إلى النبي وقبلها منهم عصريوهم فأنى لنا الشك، نحن الغائبين، في ما صدقه العدول الحاضرون ؟
والواقع أنهم لم يفعلوا ما يتخيله - بحسن نية - الأخ محمد ألبته، فهم لم ينسبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل نسبوها إلى أسماء الأشخاص الذين اشتُهروا بقراءتها على الوجه الذي امتازوا به وعرفوا به. وماذا صدّق العدول الحاضرون؟
لا أستطيع أن أوافق الأخ محمد فيما ذهب إليه فهذا مذهب من يريد أن يؤمن بما يظن أنه الصواب في المسألة. رغم أني أدين الله تعالى بقبول كل ما قبلت الأمة من القراءات وتعليمها والصلاة بها لكن لا أزعم ما يزعمه الأخ محمد الحسن أبدا ولا أجرؤ عليه.

وأخيرا وهو مهم أيضا قال الأخ محمد الحسن:

الثانية: قولكم بأن المتواتر شكل الرسم في مثل فتبينوا أما الوجهان فمحتملان مع قطعكم بقراءته بأحدهما فقط.
ونحن نسأل سعادتكم كيف تسندون التواتر إلى المصحف وهو موجود بعد النبي ؟ أم تريدون أن تقولوا بأن الصحابة فرغوا النسخة الصوتية في المصحف ثم لخلوه من النقط تخبط القراء في قراءته ؟
لم أقل إني أقطع أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بأحدهما فقط بل يجوز أن يكون الحرفان من الأحرف السبعة التي علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إياها، ويجوز أن يكون أحدهما مما أجازه وقبله ويجوز أن تكون إحداهما اجتهادا من القراء يجوز فيه الترجيح أحيانا بالضبط مثلما فعل ابن جرير وهو المؤرخ والفقيه والمفسر وعالم القراءات الكبير ولا شك أن وعيه بتاريخ القراءات يفوق أضعافا مضاعفة وعينا القاصر وبضاعتنا المزجاة.
وأما قولكم كيف تسندون التواتر إلى المصحف وهو موجود بعد النبي فكلام صحيح .
نحن موقنون أن المصحف قد كتب ورتب بهيئته التي عليها هو بعد النبي أي في عصر أبي بكر الصديق. ولكنه متواتر عن إجماع الصحابة عليه وعلى قبوله، وليس في الإمكان أبدع مما كان. فهل نشترط أن يصل إلينا مصحف مكتوب بخط النبي صلى الله عليه وسلم أو بإملائه المباشر لنقول بتواتر المصحف المكتوب؟

ولم أقل ألبتة أنه لخلوه من النقط "تخبط" القراء في قراءته.
بل قلت إن الخط العربي في ذلك العهد كان ضعيفا أو ما يزال طفلا في عمره الزمني وأنه كان أعجز من أن ينقل نصا طويلا بحجم القرآن العظيم. هذا واقعه فهل نطالبه فوق طاقته؟ وهل نكلف التاريخ فوق قدرته؟ وما لا تريدون موافقتنا عليه قولنا إنه قد كان لضعف الخط نسبة تقل وتكبر في اجتهاد القراء، ودليلنا أنهم حين يختلف الخط يختلفون معه فيقرأون بما يوافق مصاحفهم، ونظن ظنا راجحا لدينا على الأقل أنهم حين يضعف الخط يجتهدون.

وما يمكن عده جديدا في طرحنا له ههنا ومناقشتنا للإخوة الذين نذروا حياتهم لخدمة كتاب الله عز وجل في هذا المجال فرفعهم الله به في الدنيا، وفي الآخرة بمنه وكرمه، هو أن التفكير في تقريب الوعي بهذه المسألة من الواقع ليس حكرا على سيئي النية وحسنيها من المؤرخين الغرباء عن علم القراءات بل إن لنا نحن معاشر محبيها والمجلّين لها والداعين إلى تعلمها وتعليمها الواجدين في حنين المساجد بها لذة تفوق عندنا الربيع وأزهاره والعود وأوتاره قدرة بحمد الله تعالى على التفكير بوعي متطور قابل لنقد ذاته في كلّ جزئية، وهذا لا يعني أن تفكيرنا ونقاشنا في وعينا بالمسألة ورد بعضنا على بعض، لا يعني أننا بمأمن من الخطأ والزلل في التصور.
ولكن فيه دليل يطيب لي ذكره هو أن الإيمان لا يزعزعه شيء وأنه شجاع لا يجبن ولا يخشى أن يستنير على بصيرة إذا رأى أن واقع تاريخ العلم كان يسير على هذا الطريق لا على سواه.
 
وأن فيها من اجتهاد القراء مما تلقته الأمة بالقبول. ومن المواضع التي اجتهد فيها القراء بعض القواعد التي لا نقطع بأنها قرئت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه من مثل الوقف على مرسوم الخط وأن اللجنة الموقرة التي كتبت المصحف كتبت مواضع كثيرة بنية الوصل مثل {يوم يدع الداع إلى} فالوقف على يدع بدون واو هو من اجتهاد القراء قطعاً. ومن المواضع التي اجتهد فيها القراء بعض من فرش الحروف أيضاً وهذا ما لم يمكنهم سواه
هل أفهم من هذا الكلام أن في القراءات ما لم يقرأ به الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هو اجتهاد من القراء عريٌّ من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
إذا كان فهمي صحيحا فما دليلكم على هذا القول ؟
 
ثمة نقطتان أولاهما أن قولي "القراء" لا أعني به السبعة ولا العشرة ولا الأربعة عشر ولا خمسين الكامل فهؤلاء كلهم كان اجتهادهم مقصورا على الاختيار فقد مارسوا الاجتهاد في اختيار وجوه من القراءات عزيت فيما بعد إليهم واختيارهم هذا كان من بين خيارات أخرى يعرفونها ونحسب أن أكثرهم كان يعرف أكثر الخيارات التي اختار الإقراء بها سواهم. ولكنهم رجحوها على غيرها لقرائن يمكننا حدس بعضها ونجهل كثيرا منها، وصرح متأخروهم ببعض تلك القرائن. فالاختيار مما هو متاح اجتهاد أيضا يتحرى "الصحة" و"الدقة".
فمن نعني إذن بالقراء؟
نعني شيوخ هؤلاء من تلاميذ قرأة الصحابة من المشتهرين بالإقراء.
أم تراك تحسب أن الاختيار بين {والليل اذ ادبر}وبين {والليل اذا دبر} لم يكن سببه اجتهاد القراء في طبقة ما قبل شيوع القراءة واستفاضتها وشهرتها بله تسبيعها وتعشيرها، وأن لا دخل للظن بأين تكون الألف هل هي مع "إذ" أم مع "دبر" في القراءة وأنك تقطع علما لا عادة ولا رغبة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أقرأ بهما معا؟ ولا تنس أنا نجيز أن يكون كلاهما من الأحرف السبعة ولكنا فقط نجيز ما لا ترى له مساغا وهو احمالية أن يكون الاجتهاد قد داخل بعض الحروف.
فالفرق بين موقفي وموقفك أن هذا الحرف عندي يجوز أن يكون من الأحرف السبعة التي أقرأ بهما النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم، ويجوز أن يكون مما أقرّه وأجازه، ويجوز أن يكون قد كان ثم اجتهاد في مرحلة ما من مراحل الإقراء القريبة من عصر النبي دون أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على هذا الاجتهاد في قراءة أحد الوجهين، وعليه فيجوز تفضيل قراءة على قراءة بقرائن يعرفها العلماء الكبار كنحاة المئة الثانية وكالمفسرين الكبار. الخلاف بيننا فقط في أنه يجوز أن يكون مثل هذا الاجتهاد قد حصل وما الذي يمنع منه غير مسلمات نابعة من رغبة؟
باختصار غير مخل نقول إن حديث الأحرف السبعة صحيح واقع وإن القراءات قد أذن بها النبي وعلمها للمسلمين ولكن لا دليل عندنا أن كل القراءات التي بين أيدينا، حتى بعد أن غربلناها ووضعنا شروطا صارمة وسجنا ابن شنَبوذ واستتبنا ابن مِقْسَم وسبّعنا وعشّرنا، لا دليل لدينا على أن كل الحروف التي قبلناها هي من الأحرف السبعة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ولا نلغي ما يمكن عقلا وقوعه بمجرد الهوى والرغبة وحب إضفاء مزيد من الوثوقية على علم تكفينا وثوقيته بما هو فيه بطبعه أن نطمئن إلى منة الله تعالى علينا ونعمه التي لا نحصيها ومنها ما هيأ لنا من سلف صالح حفظ لنا كتاب الله تعالى على ما هو عليه.
والنقطة الثانية أظن أنها قد دخلت في شرح الأولى لأني لا أجد ما أقوله فيها الساعة.
 
فالفرق بين موقفي وموقفك أن هذا الحرف عندي يجوز أن يكون من الأحرف السبعة التي أقرأ بهما النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم، ويجوز أن يكون مما أقرّه وأجازه، ويجوز أن يكون قد كان ثم اجتهاد في مرحلة ما من مراحل الإقراء القريبة من عصر النبي دون أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على هذا الاجتهاد في قراءة أحد الوجهين،
.
شكرا سيدي عبد الرحمن على الصبر علي.
ليتضح الأمر أكثر من دون توسيع الهوة نقول: اتفقنا على اختلافنا حول القراءات.
أنتم تقولون: في فرشها ما لا يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
نحن نقول. دقيق القراءات وجليلها مأخوذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل سعادتكم الأسئلة التالية:
- أخذ الإمام نافع عن الإمام عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وهو عن أبي هريرة وهو عن أبي بن كعب وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم. فأي هؤلاء اجتهد ؟ وما دليلكم على ذلك ؟ وما الذي دعاه إلى الاجتهاد ؟.
- أخذ عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي وهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم
- وأخذ عاصم، عن زر بن حبيش، وهو عن ابن مسعود، رضي الله عنهم، وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم
فأي هؤلاء اجتهد ؟ وما الدليل على ذلك ؟ وما الذي دعاه إلى الاجتهاد ؟
 
فالفرق بين موقفي وموقفك أن هذا الحرف عندي يجوز أن يكون من الأحرف السبعة التي أقرأ بهما النبي أصحابه ، ويجوز أن يكون مما أقرّه وأجازه، ويجوز أن يكون قد كان ثم اجتهاد في مرحلة ما من مراحل الإقراء القريبة من عصر النبي دون أن يكون النبي اطلع على هذا الاجتهاد في قراءة أحد الوجهين، وعليه فيجوز تفضيل قراءة على قراءة بقرائن يعرفها العلماء الكبار كنحاة المئة الثانية وكالمفسرين الكبار. الخلاف بيننا فقط في أنه يجوز أن يكون مثل هذا الاجتهاد قد حصل وما الذي يمنع منه غير مسلمات نابعة من رغبة؟
أريد أن أطرح عليكم سؤالاً وهو :
كيف يجيز النبيّ عليه الصلاة والسلام قراءة لم تنزل عليه ، لأنّه عليه الصلاة والسلام تلقى القرءان عن جبريل عليه السلام. فيستحيل أن يُقرَّ قراءة لم تنزل عليه ، أو أن يجيز قراءة ليست من الأحرف السبعة لأنّها أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام : إنّ هذا القرءان أنزل على سبعة أحرف.
وبالتالي فإقراره بما لم ينزل عليه تقوّل على الله ، قال الله تعالى {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين}
أرجو الإجابة على هذا السؤال قبل الانتقال إلى سؤال آخر.
 
أريد أن أطرح عليكم سؤالاً وهو :
كيف يجيز النبيّ عليه الصلاة والسلام قراءة لم تنزل عليه ، لأنّه عليه الصلاة والسلام تلقى القرءان عن جبريل عليه السلام. فيستحيل أن يُقرَّ قراءة لم تنزل عليه ، أو أن يجيز قراءة ليست من الأحرف السبعة لأنّها أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام : إنّ هذا القرءان أنزل على سبعة أحرف.
وبالتالي فإقراره بما لم ينزل عليه تقوّل على الله ، قال الله تعالى {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين}
أرجو الإجابة على هذا السؤال قبل الانتقال إلى سؤال آخر.
ههنا إذن اعتراض على فصل ما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم من قراءات عن تصنيفه ضمن الأحرف السبعة؟ لم أقصد هذا الفصل بل قصدت فقط أن من الحروف التي احتوتها القراءات العشر ما أقرأه النبي لأصحابه على أنه من الأحرف السبعة ومنها ما أجاز مثله لهم فيكون أيضا معدودا في الأحرف السبعة [لأن القول بأن سبعة تعني التكثير غير مراد بها حقيقة العدد وهو وقول]. فكل ما تلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم أداء أو عرضا أو إقرارا فهو من الأحرف السبعة قطعا ولكن ما نذهب إليه هو أنه (يجوز) عقلا ولا يوجد ما يمنع منه شرعا أن يكون لاجتهاد القراء وتحريهم قراءة حرف ما (يجوز) أن يكون لاجتهادهم دور في تعدد قراءة حرف ما من القرآن. هاهنا الخلاف في جواز ذلك أن يكون حصل ، من عدمه
 
شكرا سيدي عبد الرحمن على الصبر علي.
ليتضح الأمر أكثر من دون توسيع الهوة نقول: اتفقنا على اختلافنا حول القراءات.
أنتم تقولون: في فرشها ما لا يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
نحن نقول. دقيق القراءات وجليلها مأخوذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل سعادتكم الأسئلة التالية:
- أخذ الإمام نافع عن الإمام عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وهو عن أبي هريرة وهو عن أبي بن كعب وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم. فأي هؤلاء اجتهد ؟ وما دليلكم على ذلك ؟ وما الذي دعاه إلى الاجتهاد ؟.
- أخذ عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي وهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم
- وأخذ عاصم، عن زر بن حبيش، وهو عن ابن مسعود، رضي الله عنهم، وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم
فأي هؤلاء اجتهد ؟ وما الدليل على ذلك ؟ وما الذي دعاه إلى الاجتهاد ؟
الدليل الذي قدمته لكم لم تقتنعوا به وهو أنا قد وجدنا القراء يختلفون حين تختلف المصاحف، إن نقصت كلمة "من" نقص أهل مكة "من" اتباعا لمصحفهم ولم يصروا على ما كان يقرئ به الصحابة في المدينة. وإن نقصت واوا نقص أهل الشام واوا، وإن زادت ألفا في "وصى" قرأها أهل المدينة "أوصى" ، فها هم أولاء يتبعون الخط فكذلك إذا عجز الخط عن البيان بسبب عمره الزمني وتأخر إعجامه وضبطه كان من المتوقع أن يجتهدوا فيما لا يتضح لهم. ولا بد أن يحصل اجتهاد واختلاف في نص طويل يتجاوز السبعين ألف كلمة.
ثم إنهم اختلفوا في أقل من ألفين إذا عددنا الخمسين قارئا في أوعب كتاب لخلافهم.
وأما السند الذي أوردته فلا حجة فيه لأن نافعا اختار قراءته من قراءة سبعين من التابعين ونحسبه كان يعلم خلاف الناس في الحروف ولذلك فإنه كان يقرئ اختياره لمن سأله قراءته به كما رووا عنه. وعليه فلا أرى تحديد الشخص الذي اجتهد في قراءة حرف ما أعني تحديد أول شخص لا أرى ذلك ممكنا لأنه لا بيانات ممكنة عن تلك الفترة تسعف المتفكر في المسألة بهذه الدقة.
 
وعليه فلا أرى تحديد الشخص الذي اجتهد في قراءة حرف ما أعني تحديد أول شخص لا أرى ذلك ممكنا لأنه لا بيانات ممكنة عن تلك الفترة تسعف المتفكر في المسألة بهذه الدقة.
الشيخ عبد الرحمن أنتم لا تملكون بيانات عن هذا الاجتهاد، ولا تستطيعون تحديد من قام به، ولا تعرفون متى حدث ذلك، ولا أين حدث ذلك، ولا كيف حدث ، ولا لماذا حدث، وتقولون بأنه حَدَثَ اجتهاد. متى كان المنهج العلمي والتفكير المتجرد والتحرر العقلي هو التشكيك بدون دليل ؟
أما ما ذكرتم من اختلافهم في {إذا دبر} و{إذ أدبر} فهي الأحرف السبعة التي رووها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أوردتموها دليلا معكوس الاتجاه.
 
كل ما تلقي عن النبي أداء أو عرضا أو إقرارا فهو من الأحرف السبعة قطعا
لا يا أخي ، هذه الأحرف السبعة نزل بها القرءان على النبيّ عليه الصلاة والسلام عن طريق جبريل عليه السلام. فتلقى القرءان بها جميعاً ، وأقرأ أمته بها جميعاً ، والدليل على ذلك الحديث المعروف الذي لا يحضرني لفظه وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ولا يزال جبريل يستزيدني حتّى بلغت سبعة أحرف.
وأذكركم بالحديث المعروف الذي أشار إلى النزاع بين عمر ابن الخطاب وهشام بن حكيم في القرءان حينما احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام عمر بالقراءة فقال له : كذلك أُنزلت ، وأمر هشاماً فقرأ فقال له عليه الصلاة والسلام : كذلك أنزلت ثمّ قال عليه الصلاة والسلام : إنّ هذا القرءان أنزل على سبعة أحرف.
هذا نصّوص صريحة تدلّ على أنّ الأحرف السبعة نزلت على النبيّ عليه الصلاة والسلام عن طريق جبريل عليه السلام ، وأنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أقرأ أمّته بما تلقاه عن جبريل وليس بما أقرّه رسول الله عليه الصلاة والسلام أو أجازه أو اجتهد فيه وغيره.
هذه القضية تشبه القضية التي حوكم امن أجلها بن شنبوذ عليه رحمة الله ، لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
 

الشيخ عبد الرحمن أنتم لا تملكون بيانات عن هذا الاجتهاد
ولا تستطيعون تحديد من قام به،
أي منطق يشترط للحديث عن ظاهرة أو تعليل ظهورها أن تتوفر بيانات عمن قام بها عيناً. يجوز علما الحديث عن ظواهر نجهل من قام بها بعينه
ولا تعرفون متى حدث ذلك،
نعرف ذلك في القرن الأول للهجرة
ولا أين حدث ذلك،
نعرف ذلك في أمصار المسلمين ومدارس إقرائهم

ولا كيف حدث

حديثنا كله وموضوعنا هذا كله هو عن توقع كيف حدث
ولا لماذا حدث
حدث بصورة طبيعية ، واختلط على الناس ما هو من الأحرف السبعة بما هو محض اجتهاد بسبب ضعف الخط، وهاهنا أمر لم نقل به من قبل ولكن قد جر إليه الحوار فنقوله الساعة إنه يجوز أن يكون اجتهاد القارئ في قراءته هو من الأحرف السبعة لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها وقد بذل القراء من لدن الصحابة إلى اليوم ل وسعهم، فيجوز والله أعلم أن يكون اجتهادهم - حتى ولو كان بسبب ضعف الخط- هو من الأحرف السبعة والله أعلم
وتقولون بأنه حَدَثَ اجتهاد. متى كان المنهج العلمي والتفكير المتجرد والتحرر العقلي هو التشكيك بدون دليل ؟
نحن لا نشكك في شيء بل نرد الزعم بمجرد الرغبة أن لم يكن لضعف الخط أي دور في اختلاف القراء
هذا زعم خلاف طبيعة الأشياء.
فالتشكيك في قوة أدلة خيار رأيكم لا في علم القراءات ولا في تاريخ القرآن.
أما ما ذكرتم من اختلافهم في {إذا دبر} و{إذ أدبر} فهي الأحرف السبعة التي رووها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أوردتموها دليلا معكوس الاتجاه.
ما قلنا إنها ليست من الأحرف السبعة قلنا فقط أنه يجوز أن تكون مما اجتهد فيه بعض المقرئين وشاع اختياره(اجتهاده) مثلما يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأ بهما. خلافنا فقط في يجوز ولا يجوز.
واستغربنا أنكم حتى لا تجوزون ذلك
 
الشيخ محمد يحيى شريف حفظكم الله تعالى
نعم الأحرف السبعة حق واختلاف المسلمين في القراءات هو من الأحرف السبعة وما نتناقش فيه هو هل هذه القراءات التي بين أيدينا كلها من الأحرف السبعة أم أن منها - مهما قل- ما هو من اجتهاد القراء في مرحلة معينة من مراحل القراءة والإقراء؟ العبد لله أرى أنه لا بد أن يكون له دور وأن من الحروف في قراءاتنا اليوم ما هو من هذا القبيل والشيخ بوصو وكثير من الإخوة لا يرون هذا القول ممكنا ولا جائزا، في حين يرى أخوكم الفقير إليه تعالى أن هذا هو الأمر الطبيعي وأنه لا يشكك في ثبوت القراءات ولا في حفظ الكتاب بل يزيد من وعينا بتاريخيته فقط.
وقد تكلمنا كثيرا وأنا أستغفر الله تعالى من الزلل وما أردت إلا الخير وتقريب وعينا باختلاف القراءات من واقعها التاريخي بحسب ما أحدسه وأفكر فيه. ونسأله تعالى أن يهدينا لأصح الأقوال وأن يرزقنا اتباع أحسنها
 
قلنا فقط أنه يجوز أن تكون مما اجتهد فيه بعض المقرئين وشاع اختياره(اجتهاده) مثلما يجوز أن يكون النبي قد أقرأ بهما. خلافنا فقط في يجوز ولا يجوز.
واستغربنا أنكم حتى لا تجوزون ذلك
يُفهم من كلامكم هذا أنّ في مصاحفنا ما ليس بقرءان أي بمعنى أن بعضه لم ينزل من عند الله وأنّه مجرّد اجتهاد.
فإن كان هذا اعتقادكم. فاتق الله ، وتب إليه ، وارجع إلى رشدك.
 

ما قلنا إنها ليست من الأحرف السبعة قلنا فقط أنه يجوز أن تكون مما اجتهد فيه بعض المقرئين وشاع اختياره(اجتهاده) مثلما يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأ بهما. خلافنا فقط في يجوز ولا يجوز.
واستغربنا أنكم حتى لا تجوزون ذلك
حسنا ! ذكرتم من قبل ما يلي: "ويجوز أن يكون قد كان ثم اجتهاد في مرحلة ما من مراحل الإقراء القريبة من عصر النبي دون أن يكون النبي اطلع على هذا الاجتهاد في قراءة أحد الوجهين،" وما دمتم تعرفون عن كيف، ولماذا، ومتى، وأين، ومن قام بالاجتهاد، فعينوا لنا الوجوه أو بعض الوجوه التي وقع الاجتهاد فيها في القراءات، وجزاكم الله خيرا !
 
يُفهم من كلامكم هذا أنّ في مصاحفنا ما ليس بقرءان أي بمعنى أن بعضه لم ينزل من عند الله وأنّه مجرّد اجتهاد.
فإن كان هذا اعتقادكم. فاتق الله ، وتب إليه ، وارجع إلى رشدك.

يا أخي قلنا إن المصحف متواتر كله وأنه موثوق على أتم وجه وأحسنه وهذا يشهد له به أعداؤه قبل المؤمنين به.
أما القراءات التي بين أيدينا فيجوز الترجيح بينها في بعض الحروف حين تختلف فيما بينها. ولا يقال في مثل هذا الترجيح مثلما تقولون.
فهل تقولون إن كل قراءة من القراءات العشر من أولها إلى آخرها حتى فيما انفرد به راويها عن غيره من القراء لم يشبها شيء من اجتهاد؟
نن نتحدث عن القراءات لا عن القرآن (بجميع قراءات الحرف) ولا عن المصاحف. أرجو عدم الخلط أو أتمناه
 
حسنا ! ذكرتم من قبل ما يلي: "ويجوز أن يكون قد كان ثم اجتهاد في مرحلة ما من مراحل الإقراء القريبة من عصر النبي دون أن يكون النبي اطلع على هذا الاجتهاد في قراءة أحد الوجهين،" وما دمتم تعرفون عن كيف ولماذا ومتى ومن قام بالاجتهاد فعينوا لنا الوجوه التي وقع الاجتهاد فيها في القرآن أو بعضها، وجزاكم الله خيرا !
تذكرون سيادتكم أني قلت للأخ محمد يوسف إن هذا من خاص العلم
وقد أعطيت نفسي من الحق في التفكير بتاريخ كتاب ربنا عز وجل ما يسمح به المقام وزيادة
أما ما هو فوق ذلك فإني أقول للأخ محمد الحسن حفظه الله إن من العلم ما لا نقوله في الملتقيات أيضاً
لا خوفا من اتهام جاهل ولا من نقد متعالم ولا من تفنيد عالم ولكن سدا لبعض الذرائع
ومما يسمح يسمح به المقام ما صرحت لكم به في سالف المشاركات من مثل وقفهم على مرسوم الخط فهو اجتهاد
ومن هذه المواضع العينية ما سأذكره لكم لو جمعتنا الظروف فإني أرجح قراءة على قراءة وأضعف حروفا في بعض القراءات
وهذا تعرفون هو مجرد انتصار لوجه على وجه ولكني أكره تعيينه في المنتديات لما فيه من مظنة إساءة الفهم أو خيانة التعبير عن الفكرة
لذلك أطلب إلى كرمكم ان نتجنب التعيين لأنه لا يسوغ ولكني أستطيع ان أقول مثلاً:
إن قراء من قرأ "كُذبوا" بالتخفيف أصح وأليق بالسياق وأدعى أن تكون هي قراءة النبي من قراءة "كُذبوا" بالتشديد
والله أعلم
 
يا أخي قلنا إن المصحف متواتر كله وأنه موثوق على أتم وجه وأحسنه وهذا يشهد له به أعداؤه قبل المؤمنين به.
أما القراءات التي بين أيدينا فيجوز الترجيح بينها في بعض الحروف حين تختلف فيما بينها. ولا يقال في مثل هذا الترجيح مثلما تقولون.
فهل تقولون إن كل قراءة من القراءات العشر من أولها إلى آخرها حتى فيما انفرد به راويها عن غيره من القراء لم يشبها شيء من اجتهاد؟
نن نتحدث عن القراءات لا عن القرآن (بجميع قراءات الحرف) ولا عن المصاحف. أرجو عدم الخلط أو أتمناه

دكتور أرجوك
لنأخذ مثالا
((فتبينوا)) و ((فتثبتوا))
أنت تقول أن القرآن هو رسم الكلمة ( الكلمة بدون نقاط )
والقراءات هم الكلمتين مع التنقيط

اليس كذلك ؟
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى