القواعد اللغوية الاصولية ،واثرها في التفسير:النص الشرعي
لقي النص الشرعي عامة، أهمية كبيرة وبالغة ، من لدن علماء الإسلام، فهذه العناية أخذت بعدين أساسين :
-1البعد ألتحقيقي التوثيقي
-2البعد التأويلي التفسيري
فقد تمخض عن مركزية النص القرآني في الثقافة العربية الإسلامية ، ومحوريته في هده الثقافة ، أن قامت شبكة متكاملة ، ومتداخلة من العلوم، من فقه وأصول ،وحديث وسنة ،وتفسير ،وقراءات، وغيرها من العلوم الشرعية، بالإضافة إلى علوم الآلة، وهي علوم العربية التي تعرف بعلوم المساعدة، من نحو، وصرف ، وتصريف ومعجم ،وفقه لغة ،وبلاغة، والتي لها حيّز واسع ،وحضور قوي ،وتواجد معلوم،في مباحث العلوم .فما من علم إلا، وكان القرءان الكريم ، هو المحور الذي يتحرك حوله هذا العلم .وهذا الأمر ينطبق على مختلف فروع المعرفة الإنسانية التي ظهرت في الثقافة العربية الإسلامية ، وتطورت في أحضانه ..فمدار العلوم الإسلامية كلها ،كان هو النص المؤسس .وهو القرءان الكريم، مما جعل البحث في أي علم من العلوم الإسلامية يشكل ميدانا فسيحا، و فضاء واسعا ،و محورا متشابكا، ومتداخلا بين عدد من العلوم .وهو مما انعكس أثره على تطور المعرفة في الثقافة العربية الإسلامية . ...
- القواعد اللغوية الاصولية
ليس من السهل ضبط، وتقييد القواعد الأصولية اللغوية المتعلقة بالتفسير، والبيان عند الأصوليين، من حيث العدد. ومن حيث كثرة هذه القواعد،وتوزعها، وتشتتها في المدونات، والكتب الأصولية والفقهية، المدونة في جميع المذاهب..
و يعد ا علماء الأصول من أكثر العلماء،مساهمة في بناء القواعد ،خاصة تلك القواعد ذات الصلة بالتفسير والبيان، والاستمداد . وهو ما تجسده المدونات ، المؤلفات التي تعد من قبيل الأمهات ، مثل:البرهان لإمام الحرمين، والمستصفى للإمام الغزالي ،والعمد للقاصي عبد الجبار، والمعتمد لأبي الحسين البصري والإحكام لابن حزم وإحكام الفصول للباجي ،ونفائس الأصول للقرافي ،والبحر المحيط للإمام الزركشي ، وشرح مختصر الروضة لنجم الدين الطوفي،والموافقات للإمام الشاطبي.....
،ولقد قرر اللغويون وعلماء الأصول، أن سبب الخطأ في العلوم الشرعية ،وعدم إدراك معاني الوحي إنما يعود ويرجع إلى ضعف الاهتمام باللغة العربية والقصور في امتلاك ناصيتها ، وعلومها. يقول ابن جني العالم اللغوي في هذا الموضوع :"وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخلف حلمه ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة"(
[1])...
بل إن مقدمات كتب الأصوليين، جاءت حاملة لكثير من هذه القواعد، التي لها صلة مباشرة بالتفسير، والبيان ،و فقه النص الشرعي.ففي هذه المقدمات ،يذكر الأصوليين الحاجة الماسة إلى هذه إلى القواعد، لمن اختار التفسير، والبيان .بحكم أن هذه القواعد هي في أصلها، قواعد لغوية ، مستمدة من اللغة العربية ،ومن تبعات استقراء لنصوصها ، ولتراكيبها .ويعدون اللغة ،والتقيد بعلومها بأنها:"الآلة لعلم كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم"
[2].
ولقد عملت بعض البحوث، والدراسات الجامعية على تقييد هذه القواعد، وإدراجها في كتب خاصة لتكون عونا، وأداة مساعدة ،ومعينة للباحثين ،وسندا للمشتغلين بالتفسير ،والإفتاء، وهو ما جعلهم يجمعونها ،و يضعونها بين أيدي الباحثين هذه القواعد، و ينصون على ضرورتها ،وأهميتها للمهتمين بالبحث في علم أصول الفقه خاصة في قسم التفسير.
[3].
[1] -الخصائص لابن جني :3/345
[2] -الإحياء للإمام الغزالي :1/17.
[3] -من ذلك:
القواعد الأصولية وتطبيقاتها الفقهية عند ابن قدامة في كتابه المغني ..وكذلك كتاب:
القواعد الأصولية عند الإمام الشاطبي من خلال كتابه الموافقات للدكتور الجيلالي المريني.وكتاب: القواعد الأصولية للإمام القُرافي وتطبيقاته عليها من خلال كتاب الذخيرة: د. لمحمد احمدا لدار التذمرية وكتاب الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي فقد جاءت خاتمته حاملة لكثير من القواعد الأصولية اللغوية:التي لها صلة مباشرة بالتفسير.